اللباب في الفقه الشافعي

ص -298-     كتاب النكاح
النكاح على ثلاثة أضرب1: حرام، ومكروه، وحلال.
فأما الحرام فعلى أربعة أنواع2:
أحدها: حرام بسبب العين.
والثاني: حرام /3 بسبب الجمع.
والثالث: حرام بسبب الإشكال.
والرابع: حرام بسبب العقد.
فأما ما هو حرام بسبب العين فعلى ثلاثة أنواع4:
أحدها: النسب.
والثاني:
المصاهرة.
والثالث: الرضاع.
وأما ما هو حرام بسبب النسب فسبعة5، قال الله - عز وجل -:
{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ}6.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سيأتي الكلام عنها مفصلا بعد قليل إن شاء الله.
2 سيأتي الكلام عنها مفصلا بعد قليل إن شاء الله.
3 نهاية لـ (46) من (أ).
4 كفاية الأخيار 2/35.
5 الأم 5/159، النكت والعيون للماوردي 1/469، أحكام القرآن للهراسي 2/230، 231، معالم التنزيل للبغوي 2/188-190.
6 من الآية (23) من سورة النساء.

 

ص -299-     وأما الحرام1 بالمصاهرة فأربعة2: امرأة الابن، وامرأة الأب، وزوج الابنة، وزوج الأم.
وأما الحرام بالرضاع3: فيحرم من الرضاع4 ما يحرم من النسب.
وأما تحريم الجمع فتسعة5: بين المرأة وأمها6، وأختها، عمتها، وخالتها، وبين الأمتين للحر، وبين أمة وحرة في عقد واحد للحر7، وبين أكثر من أربع زوجات للحر، وبين أكثر من زوجتين للعبد، وبين زوجين للمرأة.
وأما الحرام بسبب الإشكال8، فهو: أن تختلط أمّه، أو أخته، أو امرأة لا تحل بنساء محصورات فإنه لا يحل نكاح واحدة منهن حتى يرتفع الإشكال.
وأما الحرام بسبب العقد فتسعة أنواع9: نكاح10 الشِّغار، والمتعة، والمُحرم، وإذا أنكح الوليان، ونكاح المعتدّة، والمستَبرأة، والكافرة، وملك اليمين،


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في (أ) (المحرمة).
2 تحرير التنقيح 80، مغني المحتاج 3/177، 178.
3 أحكام القرآن للشافعي 1/256، عمدة السالك 155.
4 في (أ) (بالرضاع) ، (بالسبب).
5 مختصر المزني 268، 269، معالم السنن 3/189، المهذب 2/43، معالم التنزيل للبغوي 2/191، كفاية الأخيار 2/36، فتح الوهاب 2/43، حاشية الشرقاوي 2/216.
6 في (أ) (وأمها وابنتها).
7 هذا في أحد القولين، والقول الثاني – وهو أصحهما -: يصح العقد في الحرة ويبطل في الأمة.  التنبيه 161، المنهاج 98.
8 الغاية القصوى 2/734، جواهر العقود 2/21.
9 أفرد المصنّف كلاّ من هذه الأنواع بباب خاص فيما بعد.
10 (نكاح) زيادة من (ب).

 

ص -300-     والمرتابة.
وأما المكروه من النكاح فثلاثة1: أن يخطب على خطبة أخيه، ونكاح المحلل، والغُرور.
وأما الحلال من النكاح فسائر الأنكحة الصحيحة. وهو على ضربين:
 أحدهما: نكاح النبي صلى الله عليه وسلم.
والثاني: نكاح غيره.
فأما نكاح النبي – صلى الله عليه وسلم – فإنه كان مخصوصا بستة عشر حكما2: كان ينكح بلفظ الهبة، ودون الولي، ودون الشهود، وبلا مهر، وكان يزوِّج من نفسه، وبغير إذن المرأة، وبغير إذن3 وليها، وينكح وهو مُحرِم4، ويجعل عتقها صداقها، ولا يتزوج أمة، ولا مشركة، وكان يتزوج أكثر من أربع، وأبيح له النكاح بتزويج الله عز وجل، وكان طلاقه غير محصور5، وأُمر بتخيير نسائه، وتحرم نساؤه على من بعده.
وأما نكاح غيره فلا يصحّ إلا بحضور أربعة: الشهود اثنان، والزوج، والولي6، إلا في مسألتين7:ض


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أفرد المصنّف كلاّ من هذه الأنواع بباب خاص فيما بعد.
2 الأم 5/150-152، مختصر المزني 263، الوجيز 2/2، غاية السول في خصائص الرسول 188-222، التذكرة 118-119، جواهر العقود 2/22، تحرير التنقيح 88.
3 في (أ) (أمْر).
4 انظر: الروضة 7/9-10، القرى 212، غاية السول 204.
5 انظر: الحاوي 9/24-25.
6 الأم 5/13، 23، الإقناع للشربيني 2/71.
7 الروضة 7/70،72، والمهذب 2/38، المجموع المذهب 2/667، 668، مغني المحتاج 3/163.

 

 

ص -301-     إحداهما: أن يزوّج أمته من عبده.
والثانية: أن يزوّج الجد ابنة ابنه من ابن ابنه.
وفيهما وجه آخر1.
فإن وكّل رجل رجلا أن يزوّجه فلانة، ووكّلته فلانة أن يزوجها منه، فزوجها الوكيل منه لم يجز2.
ولا يجوز النكاح دون رضا المرأة3 إلا في ثلاث مسائل4:
أحدها: الأمة إذا زوّجها سيدها.
والثانية: البكر إذا زوجها أبوها أو جدّها، سواء كانت صغيرة أو كبيرة.
والثالثة: المجنونة التي أُيِس من عقلها صغيرة كانت أو كبيرة يزوّجها أبوها أو جدّها.
ولا يُزوَّج رجل دون رضاه إلا في مسألتين: العبد5 في أصح القولين6، والابن الصغير إلا اثنين7: المجبوب8، والمجنون.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المصادر السابقة.
2 هذا الصحيح من المذهب.
الروضة 7/72، عمدة السالك 153.
3 الأم 5/23، كفاية الأخيار 2/33، 34، منهج الطلاب 81.
4 المصادر السابقة، والمهذب 2/37، التذكرة 123، 124، غاية البيان 251.
5 (العبد) أسقطت من (أ).
6 الأصح أنه ليس للسيد إجباره على النكاح. وانظر الروضة 7/102.
7 تحرير التنقيح 81، فتح المنان 347.
8 المجبوب: مقطوع الذَّكَر.

 

ص -302-     باب /1 الأولياء
والأولياء2 على أربعة أضرب3:
أحدها: رجال العصبات الأقرب فالأقرب إلا الابن بالبنوّة4.
والثاني: السيد، وابن السيد، وأبو السيد، وجدّه.
والثالث: وليّ السيدة.
والرابع: السلطان.
ولا يكون وليّا في النكاح حتى يجتمع فيه أربعة شرائط5: الحرية، والبلوغ، والعقل، والرشد. فإن عضل الوليّ الأقرب، أو سافر؛ زوجها السلطان6، فإن اجتمعوا وهو في درجة واحدة قُدِّم أحدهم بالقرعة7.
باب الشهود
ويعتبر في الشهود سبعة شرائط8: الحرية، والإسلام، والبلوغ، والعقل، والرشد، والذكورية، والعدد وهو اثنان، فإن كان الشاهدان ابني


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 نهاية لـ (47) من (أ).
2 في (أ) (والأولياء أربعة).
3 الإقناع للماوردي 134، 135، المنهاج 96، تحفة الطلاب 2/226، 227.
4 فلا يكون وليا لأمه في النكاح.
5 الأم 5/21، التنبيه 158.
6 جواهر العقود 2/7، 8، القلائد 2/103.
7 الأم 5/17.
8 الأم 5/23، 24، الروضة 7/45، عمدة السالك 152.

 

ص -303-     الرجل والمرأة أو أبويهما فعلى قولين1.
وشرائط الكفاءة خمسة2 أشياء3: التساوي في النسب، والحرية، والصناعة، والدين، والسلامة من العيوب الخمسة4باب اللفظ الذي ينعقد به النكاح
ولا ينعقد النكاح إلا بلفظ النكاح أو التزويج، فيقول: "زوّجتك، أو أنكحتك5"، فيقول الزوج: "قبلت نكاحها"، وإن قال: "زوّجني ابنتك"، فقال: "زوجتك" كان نكاحا صحيحا6.
باب نكاح الشِّغار
ونكاح الشِّغار7 أن يقول: "زوّجني ابنتك على أن أزوّجك ابنتي"، على أن يكون مهر كل واحدة منهما بضع الأخرى، فالنكاح فاسد.
ولو سمى لهما إو لإحداهما صداقا فليس بشغار، ويكون المهر فاسدا8.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أصحهما: انعقاده. الحاوي 9/61، مغني المحتاج 3/144.
2 (خمسة أشياء): أسقطت من (ب).
3 الوجيز 2/8، التذكرة 123.
4 انظر الكلام على العيوب. ص (313) من هذا الكتاب.
5 (أو أنكحتُك): أسقطت من (ب).
6 الأم 5/40، الإقناع للماوردي 135، المنهاج 95، 96.
7 الأم 5/187، الزاهر 338، المهذب 2/46، شرح صحيح مسلم 9/200، نهاية المحتاج 6/215.
8 ولكل منهما مهر مثلها. المصادر السابقة، ومختصر المزني 276، الإشراف 4/58.

 

ص -304-     باب نكاح المتعة
ونكاح المتعة: أن يتزوج الرجل بامرأة إلى مدّة1، فهو حرام إلى يوم القيامة2، حرّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم3.
باب نكاح المُحرم
ولا يجوز نكاح المُحرم بحج كان أو عمرة، سواء تزوّج أو زوّج، وكيلاً كان أو وليّا، وسواء كان الولي أبا أو سيدا أو سلطانا4، إلا الإمام الأعظم5.
فأما الرجعة والشهادة فجائزة6.
وهل يجوز النكاح بين الإحلالين؟ على قولين7.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مغني المحتاج 3/142، المصباح 562.
2 الأم 5/85-86، معالم السنن 3/190، جواهر العقود 2/28.
3 ورد ذلك من حديث سَبْرة بن معبد الجهني – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – نهى عن نكاح المتعة.
رواه مسلم في الصحيح / كتاب النكاح / باب نكاح المتعة 2/1026، رقم (24) (1406).
4 الأم 5/84، الحاوي 4/126، 9/336، مناسك النووي 194، 195، القرى 212، هداية السالك 2/623، 624.
5 وصحّح النووي المنع. الروضة 7/67.
6 مختصر المزني 277.
7 أصحهما: المنع. وانظر: الأم 5/84، الحاوي 9/335.

 

ص -305-     باب إذا أنكح الوليّان1
وإذا أنكح الوليّان امرأة فلا تخلو من أربعة أحوال2:
أحدها: أن يكون نكاحهما وقعا معا فهما فاسدان.
والثاني: أن يتقدّم أحدُهما الآخر، فالنكاح الأول صحيح والثاني فاسد.
والثالث: أن يتقدّم أحدُهما الآخر، ولا يُدرى المتقدّم منهما فإنهما جميعا يُفسخان.
والرابع: أن يُشكِل الأمر، فلا يُدرى هل تقدّم3 أحدهما الآخر4 أو وقعا معا، فإنهما يُفسخان، فإن دخل بها أحدهما فلها مهر مثلها.
باب نكاح المعتدّة5
وإذا تزوّجت المعتدّة، فإن كان نكاحها بالزوج الذي تعتدّ منه وكان قد بقي من الطلقات شيء جاز ذلك، وإن كان من غيره لم يجز، فإن دخل بها لزمه الحدّ إلا أن يدّعي الرجل الجهالة6.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هذا التبويب من (أ)، وفي (ب) (فصل).
2 الأم 5/192، الروضة 7/88، 89، جواهر العقود 912، مغني المحتاج 3/161.
3 في (أ) (يتقدم).
4 في (أ) (الأخرى).
5 هذا التبويب من (أ)، وفي (ب) (فصل).
6 التنبيه 161، عمدة السالك 155، تحرير التنقيح 82.

 

ص -306-     باب نكاح المُستَبرأة1
والحكم في نكاح المستبرأة مثل حكم نكاح المعتدّة سواء2.
باب /3 نكاح المرتابة
والمرتابة4 نوعان5:
أحدهما: من تشك في انقضاء عدّتها فإن نكاحها لا يجوز.
والثانية: هي المرأة التي انقضت عدّتها، وترتاب في الحمل بنفسها ولم يظهر لها ذلك، فإن نكاحها مكروه ويجوز، فإن تزوّج بها ثم تبين أن6 بها حمل، أو تزوّجها وعنده أنها حامل، ثم تبيّن أنه لم يكن بها حمل فالنكاح فاسد7.
وكذلك إن تزوّج امرأة وعنده أنها معتدة، أو مستبرأة، أو مُحرِمة، أو ذات مَحرم منه ثم تبيّن خلافه؛ كان النكاح باطلا إلا أن يعقد عقدا جديدا8.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الاستبراء: تربُّص الأمة مدّة بسبب ملك اليمين حدوثا أو زوالا لمعرفة براءة الرحم، أو للتعبد. تحرير ألفاظ التنبيه 287، تهذيب الأسماء 3/1/23، مغني المحتاج 3/408.
2 الأم 5/233، القلائد 2/279، حاشية الشرقاوي 2/236، 237.
3 نهاية لـ (48) من (أ).
4 هي الشاكة في حملها.
5 الحاوي 11/201، التنبيه 161، المنثور 2/268.
6 في (أ) (أنه كان).
7 الأم 5/235، 236، تحفة الطلاب 2/237.
8 الأم، الصفحتان السابقتان، وتحرير التنقيح 83.

 

ص -307-     باب نكاح الكافر
ولا يجوز لكافر أن يتزوّج بمسلمة1.
فأما نكاح المسلم للكافرة فعلى خمسة أضرب:
الأول: أن تكون المرأة مرتدّة فلا يحلّ نكاحها لمسلم ولا لكافر2.
والثاني: أن تكون وثنية فلا يحل نكاحها لمسلم وتحلّ لكافر3.
والثالث: أن تكون مجوسيّة فالجواب كذلك4.
والرابع: أن يكون أحد أبويها مجوسيّا أو وثنيّا، والثاني كتابيا لم يجز أيضا نكاحها بمسلم5.
والخامس /6: أن تكون كتابية، وهي أربعة: اليهود، والنصارى، والصابئون7، والسّامرة8، فيجوز نكاحها للمسلم9 إلا في ثلاث مسائل10:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الحاوي 9/255.
2 جواهر العقود 2/30، فتح الوهاب 2/46.
3 التذكرة 124، زاد المحتاج 3/232.
4 الأم 5/186، التنبيه 160.
5 عمدة السالك 155، مغني المحتاج 3/189.
6 نهاية لـ (20) من (ب).
7 الصابئون: طائفة تُعدّ من النصارى، وقيل: من اليهود.
8 السامرة: طائفة تُعدّ من اليهود.
9 الصابئون والسامرة إن كانوا يخالفون اليهود والنصارى في أصل دينهم، ولا يتأولون نص كتابهم؛ لم يُناكحوا مثل المجوس، وإن خالفوهم في الفروع دون الأصول وتأولوا نصوص كتابهم؛ جازت مناكحتهم. هذا هو المذهب. وانظر: الإقناع للماوردي 137، 138، الروضة 7/139، المنهاج 99، جواهر العقود 2/30.
10 الروضة 7/137، 138، تحفة الطلاب 2/238، 240، فتح الوهاب 2/45، مغني المحتاج 3/187.

 

ص -308-     أحدها: أن تكون من غير بني إسرائيل.
والثانية: أن تكون قد اعتقدت ذلك الدين بعد التبديل.
والثالثة: أن تكون قد اعتقدت بعد مبعث النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن اتقلت من يهودية إلى نصرانية أو من نصرانية إلى يهودية ففيه ثلاثة أقاويل1:
أحدها: لا يُقبل2 منها إلا الإسلام أو السّيف.
والثاني: تُقرّ على دينها.
والثالث: إما أن تسلم أو ترجع إلى دينها.
فإن ارتدّ أحد الزوجين فإن كان قبل الدخول بطل النكاح3، وإن كان بعد الدخول توقّف على أمور ثلاثة4: انقضاء العدّة، أو الإسلام، أو الموت.
فإن مات الزوج والمرتدّة بعد في العدّة ثم أسلمت لم ترث5.
باب نكاح ملك اليمين6
ولا يجتمع النكاح وملك اليمين في شخص واحد7، ولا يتزوّج الحر بأمَته ولا الحرّة بعبدها8.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر: الحاوي 9/299، الحلية 6/435، المهذب 2/54، الروضة 7/140.
2 في (ب) (لا يُرْضى).
3 الإقناع للماوردي 138، الحاوي 9/295، جواهر العقود 2/30-31.
4 المصادر السابقة.
5 التنقيح /189/ ب، مغني المحتاج 3/190.
6 هذا التبويب من (أ)، وفي (ب) (فصل).
7 الأم 5/4، الحاوي 9/211.
8 التنبيه 161، جواهر العقود 2/23.

 

ص -309-     فإن اشترى زوجته أو اشترت زوجها بطل النكاح، إلا أن تشتريه قبل الدخول بمهرها، فإن فعلت لم يصحّ الشراء، وكان النكاح صحيحا1.
فإن ورثت امرأة مُكاتبا، أو ملك مُكاتب زوجته؛ بطل النكاح فيما بينهما2.
باب النهي عن الخِطبة على الخِطبة3
نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أن يخطب الرجل على خطبة أخيه4، لا تعريضا ولا تصريحا5، ويجوز التعريض بالخِطبة في العدّة ولا يجوز التّصريح6، وبعد العدّة يجوز التعريض والتصريح7.
باب نكاح المحلِّل8
ويُكرَه أن يتزوّج بامرأة على أن يحلّلها للزوج

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر: الأم 5/46، الروضة 7/228، 229، تحفة الطلاب 2/243، مغني المحتاج 3/183.
2 انظر: المنثور 3/196، نهاية المحتاج 6/328.
3 كذا في (أ)، وفي (ب) (فصل). بلا عنوان.
4 ورد هذا من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: "لا يخطب الرجل على خطبة أخيه...".
رواه البخاري / كتاب النكاح / باب لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع 3/251، ومسلم / كتاب النكاح 2/1029، رقم (38) (1408) واللفظ له.
5 الأم 5/174، طرح التثريب 6/90.
6 الأم 5/39، معالم السنن 3/195.
7 الروضة 7/30.
8 هذا التبويب من (أ)، وفي (ب) (فصل).

 

ص -310-     الأول1، فإن تزوّجها لا على ذلك الوجه ثم طلّقها لم يُكرَه له ذلك2، وحلّت لزوجها الأول في الحالين3.
باب نكاح الغرور
والغرور نوعان4:
أحدهما: في الحريّة
والثاني: في النّسب.
فاما في الحريّة: فأن يتزوّج /5 بامرأة على أنها حرّة فكانت أمة، فإن كان6 بحيث لا يحلّ له نكاح الإماء كان النكاح باطلا7، وإن كان بحيث يحلّ له نكاح8 الإماء ففيه قولان9:
أحدهما: النكاح باطل.
والثاني: صحيح وله الخيار ولا مهر عليه ولا متعة، فإن دخل بها ثم تبيّن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأصح – في المذهب – بطلان النكاح.
وانظر: الأم 5/86، الحاوي 9/333، الحلية 6/399، جواهر العقود 2/29.
2 المصادر السابقة، والإشراف 4/200.
3 المصادر السابقة.
4 تحرير التنقيح 84.
5 نهاية لـ (49) من (أ).
6 في (ب) (كانت).
7 الحاوي 9/143.
8 (نكاح) زيادة من (ب).
9 أصحهما: الثاني، الروضة 7/183، جواهر العقود 2/36.

 

ص -311-     أنها أمَة فاختار فراقها فلها مهر مثلها، وقيمة الأولاد يوم سقطوا، ويرجع على الذي غرّه بالذي غرَمَه1.
وإن كان الزوج عبدا فكذلك الحكم إلا أنه لا مهر عليه حتى يعتق2.
وحكم الغرور في النسب مثل الغرور بالحرية إلا أنه لا يلزمه قيمة الأولاد، وإن كان هو الغارَّ فلها الخيار قبل  الدخول ولا مهر لها ولا متعة، ولها بعد الدخول الخيار ومهر المثل3.
باب نكاح العبد
وينكح العبد امرأتين4، ويطلّق تطليقتين، سواء كانت المرأة حرّة أو أمَة5، ولا يتزوّج إلا بإذن سيده6.
ثم في المهر قولان7:
أحدهما: في رقبته.
والثاني: في ذمّته، متى أعتق أتبع به.
وإن تزوّج بغير إذن السيد فالنكاح فاسد، وعليه مهر مثلها إذا عتق8.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الإشراف 4/78، 79، الروضة 7/187، 188.
2 الوجيز 2/19، الروضة 7/188.
3 الحاوي 9/141، 142، تحفة الطلاب 2/248، مغني المحتاج 3/209.
4 في (ب) (أمتين).
5 الحاوي 9/193.
6 الأم 5/44.
7 أصحهما: الثاني. الروضة 7/226، جواهر العقود 2/38.
8 مختصر المزني 269.

 

ص -312-     باب نكاح الأمَة1
ويحلّ للعبد أن يتزوّج بأمتين معا أو مفترقتين، وأن يتزوّج أمة على حرّة2.
ولا يجوز للحر أن يتزوّج بأمَتين، ولا بأمة واحدةإلا بأربعة شرائط3:
أحدها: عدم الطَّول4.
والثاني: خوف العَنَت5.
والثالث: إسلام الأمة.
والرابع: أن لا يكون تحته حرّة.
فإن قدر على نكاح كافرة، أو على الشراء، فهل يجوز له نكاح الأمة؟ على وجهين6.
باب الزنا
لا يحرِّم الحرام الحلال، وإذا زنا بامرأة ثم أراد أن يتزوّج بها، أو بابنتها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في (ب) (فصل) بدون عنوان.
2 الأم 5/46، الحاوي 9/193.
3 الوجيز 2/12، عمدة السالك 156، مغني المحتاج 3/183.
4 الطَّول: الغنى والسَّعة الموصل إلى نكاح الحرة. انظر: النكت والعيون للماوردي 1/472.
5 العَنَت: الزنا.
6 أصحهما: له نكاح الأمة. الروضة 7/129.

 

ص -313-     كان له1 ذلك، سواء قالت المرأة: هذه الابنة من مائك أو من ماء غيرك2.
باب العيوب في النكاح
العيوب التي يُردّ بها النكاح أحد عشر شيئا، خمسة منها تُثبت الخيار لكل واحد من الزوجين، وهي: الجنون، والجذام، والبَرص3، والرِّق، وأن يكون خنثى مشكل4.
وأربعة تُثبت لها5 الخيار: الجَبُّ، والعِنَّة، والخصاء على أحد الوجهين6، وقطع الحشفة، وفيه قول آخر7.
واثنان منها تُثبت له الخيار8: القَرَن، والرَّتَق9.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 (له): أسقطت من (أ).
2 الحاوي 9/214، 215، فتح الوهاب 2/42، مغني المحتاج 3/178.
3 كفاية الأخيار 2/37.
4 الأظهر أنه لا خيار له برقِّها، ولا بخنوثة أحدهما، فإن كان الخنثى مشكلا فالنكاح من أصله باطل. الحلية 6/404، مغني المحتاج 3/203.
5 التنبيه 162.
6 أصحهما: لا خيار لها. الحلية 6/404، فتح المنان 351.
7 الحاوي 9/371.
8 الوجيز 2/18.
9 القَرَن: لحمة تكون في فرج المرأة كالغدة تمنع ولوج الذّكر، والرَّتَق: التحام فرج المرأة بحيث لا يمكن ولوج الذّكر.
وانظر: تحرير ألفاظ التنبيه 255، تهذيب الأسماء 3/2/91، المصباح 218، 501.

 

ص -314-     وهذه الخيارات تثبت في الحال1، إلا العنّة فإنه يؤجّل سنة من يوم ترافعا، فإن قال: وطئتُ، فالقول قوله إلا أن تكون بكرا فتحلّف مع الشهود2.
باب الإسلام على النكاح
الإسلام على النكاح لا يخلو من أربعة أحوال3:
أحدهما: أن تسلم المرأة أولا.
والثاني: أن يسلم الرجل أولا.
وفي هاتين الحالتين: إن كان قبل الدخول بطل النكاح4، وإن كان بعد الدخول توقف على ثلاثة أشياء5: إسلام الثاني، أو انقضاء العدّة، أو الموت.
ولها نصف المهر إذا أسلم الزوج قبل الدخول، وإن أسلمت هي فلا شيء لها6.
والحالة الثالثة: أن يسلما معا فهما على النكاح7.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 عمدة السالك 156.
2 مختصر المزني 279، 280، جواهر العقود 2/35.
3 (أحوال): أسقطت من (أ).
4 الحاوي 9/258، المنهاج 99.
5 الأم 5/48، الإقناع للماوردي 138.
6 مغني المحتاج 3/194، 195، فتح المنان 350.
7 جواهر العقود 2/31.

 

ص -315-     والحالة الرابعة: أن يسلما معا ولا يُدرى هل أسلما معا أو متفرّقا: فإن كان بعد الدخول وجمعهما الإسلام في العدة فهما على النكاح، وإن كان قبل الدخول فإن تصادقا على شيء فهما على ما تصادقا /1 عليه2.
وإن اختلفا: فإن قال الزوج: "أسلمنا متفرقين" فالقول قوله، وإن قال: "أسلمنا معا" ففيه قولان3.
وهذا كله إذا كانت المرأة مجوسية أو وثنية4، فإن كانت كتابية كان له استدامة نكاحها5.
فإن أسلم عن أختين أو أكثر من أربع نسوة، أو أسلم العبد عن أكثر من امرأتين، أو عن امرأة وعمتها، أو خالتها؛ اختار إحداهما، أو أربعا وفارق الباقيات6.
فإن كان تحته إماء انفسخ نكاحهن، إلا أن يكون تحته حرة، ووجد شرائط نكاح الأمة7.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 نهاية لـ (50) من (أ).
2 تحفة الطلاب 2/259.
3 الأول: القول قول الزوجة مع يمينها، وهو المذهب، والثاني: أن القول قول الزوج مع يمينه، واختاره المزني. مختصر المزني 273، الحاوي 9/291، الحلية 6/435، 436، المهذب 2/54، 55.
4 المصادر السابقة.
5 فتح الوهاب 2/48.
6 الأم 5/48، الإقناع للماوردي 138، التنبيه 164، الروضة 7/163، فتح الوهاب 2/48.
7 مختصر المزني 272، الحاوي 9/265، مغني المحتاج 3/198.

 

ص -316-     وإن أسلم عن أمّ وابنتها ولم يدخل بهما؛ اختار أيتهما شاء1، وفيه قول آخر2: أنه يختار الابنة.
وإن دخل بإحداهما؛ اختار المدخول بها3، وإن دخل بهما فارقهما4، ومتى خيّرناه فامتنع من الاختيار حُبِس، وأُنفِق عليهن من ماله حتى يختار5.
باب خيار المعتِقة6
فإذا أعتقت المرأة تحت عبد فلها الخيار7، وهل هو على الفور أو على التراخي؟ على قولين8.
فإن أعتق العبد قبل اختيارها، فهل يبطل خيارها؟ على قولين9.
ولا خيار لها إذا أُعتقت في مرض الموت، والثلث لا يحتمل ردّ المهر مع قيمتها؛ لأن خيارها يُسقط مهرها10.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هذا أصح القولين. المهذب 2/53، الحلية 6/431، 432، السراج الوهاج 380.
2 اختاره المزني. وانظر: المصادر السابقة، ومختصر المزني 272.
3 فإن كان قد دخل بالبنت فقط ثبت نكاحها، وحرمت الأم أبدا، وإن دخل بالأم فقط حرمت البنت أبدا.
الروضة 7/158، مغني المحتاج 3/197.
4 منهج الطلاب 83، نهاية المحتاج 6/303.
5 الروضة 7/169، الغاية القصوى 2/740.
6 كذا في (أ)، وفي (ب) (فصل).
7 الأم 5/131، الإجماع 77، الإشراف 4/80.
8 أظهرهما: الأول، الروضة 7/194، جواهر العقود 2/37.
9 الحاوي 9/367، الحلية 6/421.
10 مغني المحتاج 3/210.

 

ص -317-     باب إتيان الحائض
وإتيان الحائض على ضربين1:
أحدهما: تحت الإزار ودون الفرج.
والثاني: في الفرج.
وكلاهما لا يجوز2.
فإن فعل استغفر الله – تعالى – ولم يعد، وأحبّ أن يتصدق في إقبال الدم3 بدينار، وفي إدباره4 بنصف دينار5.
وفي الوطء تحت الإزار ودون الفرج قول آخر6.
باب الوطء في الدُّبُر7
ولا يحلّ الوطء في الدّبر بحال فإن فعل استغفر الله – تعالى – ولم يعد8.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأم 5/101، معالم السنن 3/228، الإشراف 4/157.
2 المصادر السابقة.
3 أي: زمن قوته واشتداده.
4 أي: وقت ضعفه وقربه من الانقطاع.
5 هذا القول الجديد، وقال في القديم: تجب الكفارة المذكورة.
وانظر: المجموع 2/359، كفاية الأخيار 1/49، مغني المحتاج 1/110.
6 في المسألة ثلاثة أوجه: أصحها: التحريم، والوجه الثاني: الإباحة، والوجه الثالث: إن وثق المباشر تحت الإزار بضبط نفسه عن الفرج لضعف شهوة أو شدة ورع جاز، وإلا فلا.
وانظر: الحلية 1/275، 276، المجموع 2/363، 364، فتح الوهاب 1/26.
7 هذا التبويب زيادة من (أ).
8 أحكام القرآن للشافعي 1/193، 194، الأم 5/101، الحاوي 9/317.