اللباب في الفقه الشافعي

ص -318-     كتاب الصَّداق
المهر ضربان1: مسمّى، ومهر المثل.
فأما المسمّى فإنه يستقر بالموت أو الوطء، ويتنصّف بالطلاق قبل الدخول2.
وأما مهر المثل فإنه يُعتبَر بنساء عصباتها3، ثم بنساء أهل بلدها، وبمن هي في مثل حالها من قُبحها وجمالها4.
والمهر يجب في ستة مواضع5: في النكاح، والوطء، والخُلع، والرجوع عن الشهادة، والرّضاع، وإذا جاءت امرأة من دار الحرب مسلمة في أيام الهدنة.
فأما النكاح فإنه يجب في تسعة مواضع6:
أحدها: إذا تزوّجها بلا مهر، ووطئها أو مات عنها في أحد القولين.
والثاني: إذا كان المسمّى حراما.
والثالث: إذا كان ملك الغير.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تحرير التنقيح 88.
2 الأم 5/65، المهذب 2/57، 58.
3 ثم – بعد العصبات – نساء الأرحام كالجدات والخالات.
فتح الوهاب 2/58، مغني المحتاج 3/232.
4 مختصر المزني 283، الغاية القصوى 2/757.
5 سيأتي الكلام عن كل منها بعد قليل.
6 الأم 5/76، 78، الإقناع للماوردي 141، الحاوي 9/394، الإشراف 4/51، 52، التنبيه 167، الروضة 7/264، 266، 288، القلائد 2/136، 137، فتح المنان 352.

 

ص -319-     والرابع: إذا كان مجهولا.
والخامس: إذا مات قبل التسليم.
والسادس: في الغرور.
والسابع: إذا اشترط في الصداق شرطا فاسدا.
والثامن: إذا تزوّج جماعةً1 على مهر واحد في أحد القولين2.
والتاسع: إذا تزوّج امرأة على ثوب على أنه هَرَوي فإذا هو مَروي3، أو على عبد على أنه تركي فإذا هو عَرْوي4.
وأما بالوطء، فإنه يجب للوطء بالشبهة، وهو في خمسة مواضع5: أن يكون في نكاح فاسد، أو يطأها على أنها امرأته، أو على أنها أمَته، أو يطأ جارية ابنه، أو يطأ الجارية المشتركة بينه وبين غيره /6، ومثله وطء المكاتبة.
وأما في الخلع، فإنه يجب فيه مثل ما يجب في النكاح7.
وأما في الرضاع8، فهو إذا أرضعت الكبيرة الصغيرة9.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: عددا من النسوة.
2 وهو أظهرهما، الوضة 7/269، مغني المحتاج 3/227.
3 هرويّ نسبة إلى مدينة (هراة)، ومرْوي نسبة إلى مدينة (مَرْو).
4 كذا في (ب) نسبة إلى مكان، وفي (أ) (عَوَرِيّ) مشكولة هكذا.
5 الروضة 7/288، الغاية القصوى 2/757، عمدة السالك 158، القلائد 2/140، 141.
6 نهاية لـ (51) من (أ).
7 كفاية الأخيار 2/41، تحرير التنقيح 88.
8 في (ب): جاء هذا بعد (الرجوع عن الشهادة) في الترتيب.
9 الأم 5/34، الحاوي 11/384، 385.

 

ص -320-     وأما في الرجوع عن الشهادة، فهو إذا شهد في الطلاق ثم رجعا1، وفيه قول آخر2: أنه يجب المسمّى /3.
وأما إذا رجعت في أيام الهدنة فإنه يلزم الإمام أن يُسلّم مهر مثلها إلى زوجها بثلاثة شرائط4:
أحدها: أن يكون المسمّى مثل المهر المثل أو أكثر.
والثاني: أن يكون أعطاها مثل ذلك أو أكثر، فإن كان المسمّى أقل أو أعطاها5 أقل لزم الإمام أقلُّ الأمرين.
والثالث: أن تكون المرأة في ذلك الوقت حيّة.
ومتى وهبت مهرها من زوجها برئ الزوج، فإن طلّقها قبل الدخول رجع عليها بنصف المهر في أحد القولين6.
وإن وهب أب البكر الصغيرة صداقها من زوجها قبل الدخول أو بعده لم يجز7، وفيما قبل الدخول قول آخر قاله في القديم8.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: شهد رجلان بطلاق بائن أو رجعي ولم يراجع ثم رجعا.
2 الحاوي 11/382، المهذب 2/158، 159، الروضة 9/22.
3 نهاية لـ (21) من (ب).
4 الأظهر – هنا – أ، الإمام لا يلزمه ذلك؛ لأن البضع ليس بمال حتى يشمله الأمان. وانظر: الأشباه والنظائر لابن السبكي 1/387، المنثور 3/236، التنقيح 191/ أ، حاشية الشرقاوي 2/274.
5 من قوله: (مثل ذلك... أو أعطاها): أسقط من (ب).
6 وهو أصحهما.
وانظر: مختصر المزني 285، النهذب 2/59، الحلية 6/480.
7 هذا قوله الجديد. الأم 5/80، الحلية 6/486، الروضة 7/316.
8 وهو الجواز. انظر: المصادر السابقة.

 

ص -321-     باب المتعة1
لكل مطلّقة متعة إلا التي فُرض لها وطلّقها قبل الدخول وجب بها نصف المهر2.
وفيه قول آخر3: لها متعة.
فإن صدر الفراق من جهتها فلا نصف مهر ولا متعة4.
وفراق اللعان من جهته، وفراق العَنّة من جهتها5.
باب الوليمة6
روى أنس بن مالك – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال لعبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنه -: "
أَوْلِم ولو بشاة"7.
والوليمة سنّة، والإجابة واجبة8.
فإن كان في ذلك البيت معصية من مُسْكر، وملاهٍ، وصور ذات أرواح

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في (أ) (كتاب المتعة).
2 مختصر المزني 286، فتح المنان 353.
3 الروضة 7/321.
4 المهذب 2/63، كفاية الأخيار 2/42.
5 الحاوي 9/551، مغني المحتاج 3/241.
6 في (أ) (كتاب الوليمة).
7 أخرجه البخاري في صحيحه / كتاب النكاح / 3/254، ومسلم / كتاب النكاح 2/1042، رقم (79) (1427).
8 شرح صحيح مسلم 9/217، مغني المحتاج 3/245.

 

ص -322-     منصوبة نهاهم عن ذلك، فإن انتهوا، وإلا لم يدخل عليها، فإن كانت الصور مطروحة أو كانت أشجارا جاز1.
وقال في النّثير2: "تركُه أحبّ إليّ"3.
باب القَسْم والنُّشوز
القَسم ضربان4:
أحدهما: قسْم الخصوص.
والثاني: قَسم العموم.
فأما قسم الخصوص فثمانية:
أحدها: إذا تزوّج بكرا أقام عندها سبعا، ولم يزد على ذلك إلا برضا الباقيات5.
والثاني: إذا تزوج ثيبا أقام عندها ثلاثا، فإذا زاد إلى السبع جاز بشرط قضائها للباقيات، ولا يزيد على السبع إلا برضاهن6.
والثالث: إذا سافر بامرأة بالقرعة أقام عندها مدّة السفر ولم يقض للباقيات7.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مختصر المزني 286.
2 النَّثْر: ويقال: النِّثار: ما ينثر ويُرمى على رأس العروس من النقود والحلوى.
تهذيب الأسماء 3/2/160، المصباح 592، معجم لغة الفقهاء 475.
3 القائل هو الإمام الشافعي، وقوله في: مختصر المزني 286.
4 تحرير التنقيح 86.
5 الإقناع للماوردي 145، الغاية القصوى 2/769.
6 الأم 5/119، مغني المحتاج 3/256.
7 الأم 5/119، 120، كفاية الأخيار 2/46.

 

ص -323-     والرابع: إذا كان تحته حرّة وأمة، كان للأمة ليلة، والحرة ليلتان، تختصّ الحرة1 بليلة زائدة2.
والخامس: أن تنشز3 إحدى زوجتيه4، أقام عند الأخرى جميع الليالي ولا قضاء للناشزة5.
والسادس: أن تسافر المرأة بإذنه وبغير إذنه، أقام عند الباقيات ولا يقضي للمسافرة6.
والسابع: أن تكون تحته أمة فمنعها سيدها، أقام عند الباقيات ولا يقضي لها7.
والثامن: أن يلزم منزلا يأتينه، فأيتهن امتنعت أقام عند الباقيات ولا قضاء لها8.
وأما قَسم العموم:
فهو: أن يقسم لكل واحدة ليلة أو ليلتين أو أكثر، ومتى قلنا لزمه المقام لم يلزمه الوطء؛ لأنه تلذّذ، ومتى خرج من عند واحدة اختيارا، أو أخرجه السلطان قهرا قضى مقدار ما فوّت عليها9 /10.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 (الحرة) زيادة من (ب).
2 الأم 5/118، المهذب 2/67.
3 أي: تعصي زوجها وتمتنع من طاعته.
4 في (ب) (امرأتيه).
5 الأم 5/120، الروضة 7/346.
6 مختصر المزني 287، الغاية القصوى 2/767.
7 الأم 5/118.
8 الحاوي 9/579.
9 التنبيه 169، جواهر العقود 2/50، تحفة الطلاب 2/284، نهاية المحتاج 6/379.
10 نهاية لـ (52) من (أ).

 

ص -324-     باب الحكمين1
قال الله تعالى:
{ فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا}2.
فإذا نشزت المرأة عاتبها زوجها، ووعظها، ثم هجرها، ثم ضربها3.
فإذا اشتبه حالهما بعث الإمام حكمين مأمونين برضا الزوجين وتوكيلهما إياهما، فإن رأيا أن يجمعا فعلا، وإن رأيا أن يفرّقا فعلا4.
وقال في كتاب الطلاق5: "ولو قال قائل نجبرهما على الحكمين6 كان ذلك مذهبا".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في (أ) (كتاب الحكمين).
2 من الآية (35) من سورة النساء.
3 الأم 5/120، أحكام القرآن للشافعي 1/208، 209، عمدة السالك 160، السراج الوهاج 400.
4 الأم 5/124، 208، مختصر المزني 288، النهذب 2/70، أحكام القرآن للهراسي 2/368، معالم التنزيل للبغوي 2/209.
5 الأم 5/125، مختصر المزني 289، والقائل هو الإمام الشافعي رحمه الله.
6 في (أ) (الحكمين على الطلاق).