اللباب في الفقه الشافعي

ص -349-     كتاب الجنايات1
جامع ما يجب فيه القصاص ثلاثة أشياء2: النفس، والطّرف، والجراح والكفاءة معتبرة في جميعها3.
فأما الكفاءة في النفس فشيئان4: الإسلام، والحرية.
وأما الكفاءة في الطرف فأربعة أشياء5: الحرية، والإسلام، والاسم الأخصّ6، وسلامة الخلقة، وهو شيئان: المنفعة، والجمال.
وأما الكفاءة في الجراح فخمسة أشياء7: الإسلام، والحرية، وسلامة الخلقة، والاسم الأخصّ، والمساحة.
باب أنواع القتل.
القتل أربعة أنواع8: واجب، ومباح، ومحظور، وقتل في معنى المباح.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في (أ) (الجراحات).
2 الروضة 9/122.
3 الأم 6/10، الغاية القصوى 2/887، التذكرة 143.
4 المصادر السابقة.
5 عمدة السالك 173، كفاية الأخيار 2/98، 100، تحفة الطلاب 2/355، 356، فتح المنان 398.
6 أي: اليمنى باليمنى، واليسرى باليسرى، والخنصر بالخنصر، والإبهام بالإبهام وهكذا.
7 المصادر السابقة، ومغني المحتاج 4/25.
8 انظر هذه الأنواع وما فرّعه المصنّف في: مختصر قواعد العلائي 2/547، 548، تحرير التنقيح 101، الإقناع للشربيني 2/153، مغني المحتاج 4/3، حاشية القليوبي 4/95، حاشية الشبراملسي 7/254، حاشية الجمل 5/3.

 

ص -350-     فأما الواجب فخمسة: قتل الحربي، والمرتد، وقاطع الطريق، والزاني المحصن، وتارك الصلاة.
وأما المباح فهو: قتل القصاص.
وأما المحظور فهو: قتل المسلم، والمعاهَد، والمستأمن بلا علّة.
وأما الذي هو في معنى المباح: فالرجل تقطع يده في السرقة، أو في القصاص فيموت.
باب أنواع القتل المحظور
القتل المحظور ثلاثة1: عمد، وشبه عمد، وخطأ.
فأما الخطأ وشبه العمد، فلا قصاص فيه2.
وأما العمد ففيه القصاص3 إلا في سبع عشرة مسألة:
أحدها:
قتل الوالد والوالدة، والجد والجدة الولَدَ4 وولَدَ الولدِ وإن سفلوا5.
والثانية: قتل السيد مملوكه6.
والثالثة: قتل السيد أمَّ ولدِه7.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المنهاج 122.
2 فتح الوهاب 2/126.
3 غاية البيان 287.
4 في (أ) (والولد).
5 الحاوي 12/22.
6 مغني المحتاج 4/17.
7 المصدر السابق.

 

ص -351-     والرابعة: قتل السيد مكاتبه1.
والخامسة: أن يقتل الحربي إنسانا فأسلم2.
والسادسة: قتل المسلم الكافر إلا في ثلاث مواضع3:
أحدها: أن يقتله في قطع الطريق على أحد القولين.
والثاني: أو قتل كافرٌ كافرًا ثم أسلم القاتل.
والثالث: أو قتل مرتد ذميا ثم أسلم القاتل، وفيه قول آخر.
والسابعة: قتل الحر العبدَ إلا في ثلاث مسائل4:
الأولى: أن يقتله في قطع الطريق.
والثانية: أن يقتل عبد عبدا ثم يعتق القاتل.
والثالثة: إذا قتل مجهول النسب عبدا ثم أقرّ بالرّق /5 لإنسان.
والثامنة: أن يقتل مرتدا6.
والتاسعة: أن يقتل زانيا محصنا7.
والعاشرة: أن يقتل تارك الصلاة8.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المصدر السابق.
2 نهاية المحتاج 7/268.
3 الحلية 7/449، 450، الروضة 9/150، كفاية الأخيار 2/99، تحفة الطلاب 2/359.
4 الأم 6/26، تحفة الطلاب 2/359.
5 نهاية لـ (58) من (أ).
6 الوجيز 2/125.
7 على الأصح، وقيل: يجب القصاص. وانظر: الأم 6/32، الغاية القصوى 2/885.
8 الروضة 9/148.

 

ص -352-     والحادية عشرة: أن يقتل قاطع الطريق1.
والثانية عشرة: أن يرى مسلما بين الكفار على زيّهم2 فيقتله على أنه كافر3.
والثالثة عشرة: إذا ضرب ملفوفا فقدّه4 نصفين، وعنده أنه ليس هناك إنسان5، وفيه قول آخر6.
والرابعة عشرة: إذا قتل المسلم مخلًى7 بعد الارتداد ولم يعلم بإسلامه على أحد القولين8.
والخامسة عشرة: إذا قتل من نصفه حرّ ونصغه عبد9.
والسادسة عشرة: أن يقتل إنسانا ويكون وليّ المقتول ولد القاتل، أو ولد ولده10.
والسابعة عشرة: إذا ورث بعض دم المقتول11، مثل: أن يقتل أحدُ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تحفة الطلاب 2/359.
2 الزّي: الهيئة.
3 نهاية المحتاج 7/264.
4 أي: شقّه وقطعه.
5 هذا أظهر القولين، لكن القول قول الولي بيمينه لتلزم الدية.
وانظر: الروضة 9/209، خبايا الزوايا 405، 406، مغني المحتاج 4/38.
6 المصادر السابقة، والمجموع المذهب 1/313.
7 أي: مطلقا من حبسه.
8 المهذب 2/173، 174.
9 هذا أصح القولين، وقيل: يقتص منه. وانظر: الحلية 7/451، الأشباه لابن الوكيل 1/336.
10 الروضة 9/152.
11 انظر: الروضة 9/153، 154، الغاية القصوى 2/889، تحفة الطلاب 2/358، مغني المحتاج 4/19.

 

ص -353-     الأخوين أباهما، والثاني قتل أمَّهما، قتل قاتل الأم دون قاتل الأب، ويسقط القصاص على قاتل الأب؛ لأنه قتل أولا وعلى قاتل الأم القود.
باب موجب القتل
القتل أربعة1:
أحدها: لا يوجب شيئا، مثل: قتل الواجب والمباح.
والثاني: يوجب الكفارة ولا يوجب شيئا آخر، مثل: قتل الرجل نفسَه2، أو عبده، أو قتْل المسلمِ المسلمَ في دار الحرب على تقدير أنه كافر.
والثالث: قتل يوجب القصاص أو الدية – وهل الدية أصل أو بدل؟ على قولين3 – وهو القتل المحظور عمدا.
والرابع: قتل يوجب الدية4، وهو قتل الخطأ أو شبه العمد5.
وكلّ من له حق في القصاص فهو مخيَّر بين العفو والقصاص والمال6 إلا في أربع مسائل7:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الروضة 9/380، 381، مختصر قواعد العلائي 2/548، 549، 550، الأشباه للسيوطي 483، نهاية المحتاج 7/385، 386، حاشية الجمل 5/102.
2 على الأصح، فتخرج من تركته. انظر: المصادر السابقة.
3 أصحهما: الثاني. كفاية الأخيار 2/109، مغني المحتاج 4/108.
4 والكفارة.
5 في (أ) (أو شبه الخطأ).
6 الأم 6/11، 12، الإقناع لابن المنذر 1/355.
7 الأشباه لابن السبكي 1/387، 388، الأشباه للسيوطي 486، تحفة الطلاب 2/362، 363.

 

ص -354-     أحدها: لأن يقطع الوليّ يدي القاتل ولم يمت القاتل، فهو بالخيار بين العفو والقصاص دون المال.
والثاني: إذا جنى على عبد ثم أعتق ومات وأرش الجناية مثل الدية أو أكثر، فإن الوليّ بالخيار بين العفو أو القصاص أو المال، فإن اختار المال كان المال للسيد.
والثالث: العبد المرهون إذا قُتِل فإن للسيد القصاص؛ فإن اختار المال لم يُدفع إليه المال بل يجعل رهنا مكانه1.
والرابع: أن يقتل عبدُه عبدَه فله الخيار إن شاء عفا وإن شاء قتل، فإن اختار المال لم يكن له ذلك2 /3.
باب من يلزمه القصاص ولم يباشر القتل
ومن يلزمه القصاص من غير مباشرة القتل اثنان:
أحدهما: المُكرِه على القتل4، وفي المُكرَه قولان5.
والثاني: شاهد الزور إذا قتل بشهادته ثم رجع6.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 على الأصح. الأم 6/28، الأشباه لابن الوكيل 2/388.
2 الأشباه لابن السبكي 1/388.
3 نهاية لـ (24) من (ب).
4 فتح الوهاب 2/127، مغني المحتاج 4/9.
5 أصحهما: وجوب القصاص. الروضة 9/135، المنثور 1/188.
6 التنبيه 214، جواهر العقود 2/257.

 

ص -355-     باب الجناية على العبيد
والجناية على العبد مثل الجناية على الحرّ إلا في سبع مسائل1:
أحدها: أن لا يُقتل به الحر.
والثانية: لا يُقتل به من فيه حريّة.
والثالثة: تجب فيه القيمة.
والرابعة: تُعتبر أوصافه في ضمان نفسه.
والخامسة: لا يختلف بين الذكر والأنثى.
والسادسة: يجب في جنايته نقد البلد.
والسابعة: لا تجب فيه القسامة2.
باب الشركة في القتل
والشركة في القتل تتفرع على ثلاثة أوجه:
أحدها: شركة لا تُسقط القصاص عن أحد من الشركاء فهو /3 حرام، وهو القتل عمدا بلا شبهة4.
والثاني: يسقط القصاص عنهما، وهو: ان يكون أحدهما قتل خطأً أو شبه خطأ5.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 نقلها العلائي والسيوطي عن المصنّف، وانظر: المجموع المذهب 98، الأشباه للسيوطي 229.
2 الأصح جريان القسامة في العبد. وانظر المصدرين السابقين.
3 نهاية لـ (59) من (أ).
4 الحاوي 12/127، مغني المحتاج 4/12.
5 الأم 6/24.

 

ص -356-     والثالث: يسقط القصاص عن أحدهما دون الآخر، وهو على ضربين1:
أحدهما: أن يكون سقوط القصاص عنه لاستحالة وجوب القصاص عليه.
والثاني: أن يكون لمعنًى في القاتل.
فأما ما يسقط القصاص لاستحالة وجوب القصاص عليه، فهو: أن يشاركه سبعٌ، أو حية، أو المقتول نفسه.
وأما الذي هو لمعنًى في القاتل، فهو مثل: أن يكون أحد الشريكين أب المقتول، أو جدّه، أو أمه، أو جدّته وإن علا، أو يكون صبيا أو مجنونا. وفي الصبي والمجنون قول آخر2.
وفي مسألة الحية والسبع ترتيب طويل3، ذكرناه في موضع آخر4.
باب الجنايات على ما دون النفس
والجناية5 على ما دون النفس ضربان6:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأم 6/41، 42، الحاوي 12/128، 129، الروضة 9/161، 162، نهاية المحتاج 7/275، 276.
2 الحاوي 12/130، الحلية 7/457، 458، مغني المحتاج 4/21.
3 انظر: المصادر السابقة في الحاشيتين السابقتين.
4 يشير بذلك إلى ذكرها في موضع آخر من مصنّفاته الأخرى غير هذا.
5 في (ب) (وهو على ضربين).
6 مختصر المزني 348، المهذب 2/178.

 

ص -357-     أحدهما: طرف يُقطع وفيه القصاص.
والثاني: جرح يُشقّ، وهو على ضربين1:
أحدهما: فيه القصاص، مثل الموضحة2 في الرأس والوجه، وهل الموضحة في سائر الأعضاء مثل الموضحة في الرأس والوجه؟ على وجهين3.
والثاني: ما سوى ذلك من الجراحات فلا قصاص فيه.
باب كيفية القصاص
والقصاص إلى الرجال من الورثة4، يقتلون كما قُتِل صاحبهم إذا عرفوا كيفيّته5 إلا أن يكون قتل بالوطء فإنه تُدسّ فيه خشبة حتى يموت6.
فإن قتله بالجائفة7 ففيه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الحاوي 12/148، التنبيه 215، كفاية الأخيار 2/100، 101، جواهر العقود 2/252، القلائد 2/312، 313.
2 الموضحة: هي الشّجة تكون في الرأس تشقّه حتى توضِّح العظم وتكشفه.
وانظر: المغني لابن باطيش 1/584، المصباح المنير 662.
3 أصحهما: أنها كالموضحة في الرأس والوجه. وانظر: الحلية 7/473، المنهاج 124.
4 الصحيح ثبوته لجميع الورثة. الحلية 7/486، الروضة 9/214.
5 الأم 6/66، الحاوي 12/139، 140، الغاية القصوى 2/895، فتح المنان 396.
6 هذا أحد وجهين، والوجه الثاني – وهو الصحيح – أنه يقتل بالسيف.
7 الجائفة: الجرح في حدود الصدر والظهر والبطن إذا اخترقت القفص الصدري أو جدار البطن. وانظر: المغني لابن باطيش 2/584، المصباح 115، معجم لغة الفقهاء 157.

 

ص -358-     وجهان1:
أحدهما: يُقاد بمثلها.
والثاني: تُضرب رقبته.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رجّح النووي – رحمه الله – في الروضة الأول، وذكر أنه الأظهر عند الأكثرين، وصحح في المنهاج الثاني. والله أعلم.
وانظر: الحلية 6/497، الروضة 9/231، المنهاج 125.