اللباب في الفقه الشافعي

ص -383-     كتاب الحدود
الحدود ثلاثة1: قتل، وقطع، وضرب.
فالقتل أربعة2: الرّدّة، والزنا، وقطّاع الطريق، وترك الصلاة.
ولا يقتل في الزنا إلا أن يكون محصنا3، وشرائط الإحصان أربعة4: الحرية، والبلوغ، والعقل، والإصابة في النكاح الصحيح.
والقطع اثنان5: السرقة، وقطع الطريق.
والضرب ثلاثة6: الشرب أربعون سوطا، والقذف ثمانون سوطا، والزنا قبل الإحصان مائة سوط.
والعبد في ذلك ومن نصفه حر ونصفه عبد على النصف من الحر7، فإن مات من ذلك هُدِر دمه8.
ولا يقام الحد على حامل حتى تضع الحمل، ولا مغمًى عليه حتى يفيق، ولا سكران حتى يفيق، ولا في البرد المفرط، ولا في حال المرض،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تحرير التنقيح 115.
2 التذكرة 56، 150، 152، فتح المنان 410، 411، 418.
3 الأم 6/144، شرح السنة 10/276.
4 التنبيه 241، الروضة 10/86.
5 كفاية الأخيار 2/116، 119.
6 الإقناع للماوردي 168، 169، 170.
7 الأحكام السلطانية 224، غاية البيان 299.
8 مغني المحتاج 4/155.

 

ص -384-     إلا أن يخاف موته فيأخذ ضغثا1 بيده بعدد الضربات فيضربه بحيث يصيبه كله2.
والنفي ثلاثة3:
أحدها: نفي المخنثين4.
والثاني: نفي قطاع الطريق.
والثالث: البكر إذا زنا5.
وفي نفي العبد ثلاثة أقوال6:
أحدها: ينفى سنة.
والثاني: نصف سنة.
والثالث: لا ينفى شيئا7.
وفي اللواط وإتيان البهيمة ثلاثة أقاويل8:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الضغِث: قبضة حشيش – اليابس من العشب – مختلط رطبها بيابسها، ويقال: ملء الكف من قضبان أو حشيش أو شماريخ. وقيل غير ذلك.
وانظر: اللسان 2/163 (ضغث)، المصباح المنير 362.
2 الأم 6/147، 148، عمدة السالك 181، نهاية المحتاج 7/434، 435.
3 تحفة الطلاب 2/431، القلائد 2/333، مغني المحتاج 4/192.
4 المخنَّث: من خُلُقه خُلُق النساء في حركاته وهيئته وكلامه ونحو ذلك. وانظر: تهذيب الأسماء 3/1/100.
5 (زنا): أسقطت من (ب).
6 المذهب منهما الثاني. المنهاج 132، كفاية الأخيار 2/111، فتح الوهاب 2/158.
7 (شيئا) زيادة من (أ).
8 الأظهر في اللواط الأول، وفي إتيان البهيمة الثالث.
وانظر: الحلية 8/16، 17، الروضة 10/90، 92، مغني المحتاج 4/144، 145.

 

ص -385-     أحدها: حكمها كحكم الزنا.
والثاني: تضرب رقبته.
والثالث: يعزَّر.
باب السرقة وقطاع الطريق1
ولا قطع في السرقة إلا بثلاثة شرائط2:
أحدها:
أن يسرق من حرز مثله.
والثاني: أن تبلغ قيمته ربع دينار.
والثالث: أن لا يكون فيه شبهة، والشبهة ثلاثة3: شبهة مِلك، وشبهة شركة، وشبهة ولادة.
وهل يُقطع أحد الزوجين في مال صاحبه؟ على قولين4.
ويُبدَأ بيده اليمنى، ثم5 برجله اليسرى، ثم بيده اليسرى، ثم برجله اليمنى6.
وإن قطع اليمنى بدل اليسرى، أو اليسرى بدل اليمنى، أو اليد بدل الرجل، أو الرجل بدل اليد سقط عنه حدّ السرقة7.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في (أ) (كتاب السرقة).
2 الأم 6/159، 160، الإقناع للماوردي 171، عمدة السالك 182.
3 المهذب 2/281، 282، كفاية الأخيار 2/117، 118.
4 إن سرق أحد الزوجين ما لم يكن مُحَرَّزا عنه فلا قطع، وإن كان مُحَرَّزا فالصحيح أن فيه ثلاثة أقوال: أظهرها: يقطع، والثاني: لا يقطع، والثالث: ُيقطَع الزوج دون الزوجة. وانظر الحلية 8/64، 65، الروضة 10/120، المنهاج 133.
5 إن سرق مرة أخرى.
6 مختصر المزني 371، الأحكام السلطانية 226.
7 تحفة الطلاب 2/436، فتح المنان 417.

 

ص -386-     وترد العين المسروقة إن كانت باقية1، وقيمتها إن كانت تالفة2.
وقطّاع الطريق أربعة3:
أحدها: من يهيِّب ولا يقتل ولا يأخذ المال فإنه يُعزّر4.
والثاني: من يقتل ولا يأخذ المال فإنه يُقتل.
والثالث: من يأخذ ولا يقتل فإنه تقطع يده ورجله من خلاف.
والرابع: من يقتل ويأخذ المال فإنه يُصلب.
قاله ابن عباس رضي الله عنهما5.
ومن أوجبنا عليه القتل فتاب قبل الظَّفَر به سقط عنه انحتام القتل، وصار الخيار إلى الولي بين العفو، والقود، والدية6.
باب ضمان البهائم وصَوْل الفحل7
وضمان البهائم على أربعة أوجه8:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في (أ) (قائمة).
2 الإقناع لابن المنذر 1/332، مغني المحتاج 4/177.
3 الأم 6/164، أحكام القرآن للشافعي 1/313، 314، مختصر المزني 372، أحكام القرآن للهراسي 3/130، الإقناع للماوردي 173، شرح السنة 10/261.
4 بالحبس أو النفي.
5 قول ابن عباس رضي الله عنهما في: المصادر السابقة، والسنن الكبرى 8/283.
6 الحاوي 13/371، التنبيه 247، الغاية القصوى 2/934، كفاية الأخيار 2/120.
7 أي: ما أتلفته البهائم. وهذا التبويب من (ب).
8 مختصر المزني 375، الوجيز 2/186، المهذب 2/194، شرح السنة 6/58، شرح صحيح مسلم 11/225، الغاية القصوى 2/941.

 

ص -387-     أحدها: ما تفسد بالنهار من زرع وثمر فإن ضمانه على أربابه /1.
والثاني: ما تتلفه بالليل فإن ضمانه على أرباب المواشي، وهذا إذا كان ببلدة لم يكن لبساتينها حيطان، فإن كان لها حيطان لم يضمن ربّ الماشية شيئا.
والثالث: ما تتلفه بيدها، أو رجلها، أو فمها وكان صاحبها معها، فإنه يضمن ذلك سواء كان قائدها، أو سائقها، أو راكبها، أو كان في قطار أو قطيعة2 أو غيره.
والرابع: أن تُوقف على طريق ليس له إيقافها فيه، فما أتلفت ضمن صاحبها.
وأما صوْل الفحل3: فإذا صال عليه، أو على ماله، أو على أهله إنسان أو فحل فلم يقدر على دفعه إلا بقتله فقتَلَه لم يغرم4، وكذلك لو دخل بيته فأمره بالخروج فلن يخرج فله ضربه وإن أتى ذلك على نفسه، أو عضّ عضوا من أعضائه فانتزعه من فيه فانتثرت أضراسه لم يضمن5، وكذلك لو اطّلع على بيت فطعن عينه بعود، أو رماه بحصاة فذهبت عينه لم يضمن6.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 نهاية لـ (66) من (أ).
2 المراد بالقطار – هنا – مجموعة الإبل تسير على نسق واحد خلف بعضها البعض، والقطيعة: المنفردة أو المتفرقة.
وانظر: اللسان 5/107، 8/281، المصباح 507، 509.
3 الصَّول، والصِّيال: الوثب والسطو، والفحل: الذكر من كل حيوان.
4 الأم 6/34، 35، مختصر المزني 375، الإقناع للماوردي 173، كفاية الأخيار 2/120.
5 المصادر السابقة، المهذب 2/225، 226، الروضة 10/188.
6 شرح السنة 10/254، شرح صحيح مسلم 14/138، نهاية المحتاج 8/29.

 

ص -388-     باب الجدار المائل
وإذا مال الجدار: فإن مال إلى ملك صاحبه وسقط فيه فأتلف مالا أو نفسا لم يضمن1، وإن مال إلى ملك غيره من طريق وغيرها، فقدر على دفعه فلم يفعل حتى سقط فأتلف نفسا، أو مالا، أو صيدا في الحرم لزمه الغرامة2 3، وكذلك إن أدخل ملكه سَبُعًا أو حية فقتل إنسانا لم يضمن4.
فإن أتلف صيدا في الحرم ضمن الجزاء5، وكذلك لو حفر بئرا في ملكه فسقط فيها حيوان لم يضمن6، وإن سقط فيها صيد وكان في الحرم ضمن الجزاء7.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مختصر المزني 356.
2 الحاوي 4/282، 12/378.
3 في (أ) (غرم).
4 الروضة 10/200، تحفة الطلاب 2/448.
5 الوجيز 1/127، انتهاز الفرص 227.
6 المهذب 2/193.
7 في الأصح. فتح العزيز 7/491، مغني المحتاج 4/83.