اللباب في الفقه الشافعي

ص -394-     كتاب الصيد والذبائح
الصيود أربعة أنواع1:
أحدها: أن يأخذ بيده صيدا كالطيور والصغار من الصيود فذكاته في الحلق واللَّبَّة2.
والثاني: أن يأخذه بالسلاح كالرمي والسهم، فإن خرجت روحه قبل أن يقدر على ذبحه حلّ له.
والثالث: أن يأخذه بالشبكة فذكاته أيضا في الحلق واللَّبِّة.
والرابع: أن يأخذه بجوارح الطيور والسباع، فإن قدر على ذبحه فذكاته في الحلق واللَّبَّة، وإن لم يقدر على ذبحه حتى خرجت روحه حلّ أكله بستة شرائط3:
الأول: أن تكون الجارحة معلّمة، وعلامة التعليم خمسة أشياء4: أن يستشلي إذا استشلى5، وينزجر إذا انزجر، ويجيب إذا دعي، لا يأكل إذا أخذ، ويتكرر ذلك منه مرة بعد أخرى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأم 2/262، اٌناع للماوردي 181، الروضة 3/237، 240، 241، الغاية القصوى 2/974، تحفة الطلاب 2/459-460.
2 اللّبّة: المَنْحَر. المصباح المنير 547.
3 الحاوي 15/6-7، الروضة 3/246، تحرير التنقيح 119، 120، انتهاز الفرص 216، 219، 220، فتح المنان 437.
4 الأم 2/248، 249، كفاية اتلأخيار 2/138، 139، روض الطالب 1/556، انتهاز الفرص 216.
5 الاستشلاء: الإغراء، والاستدعاء. تحرير ألفاظ التنبيه 165، المصباح 322.

 

ص -395-     والثاني: أن يكون قد أدماه على أحد القولين1، وفي الرمي قول واحد لا يجوز إلا أن يكون قد أدماه.
والثالث: أن لا يكون قد غاب عن بصره، إلا أن يكون ضربه ضربة2 بحيث يعلم أنه لا تبقى الروح معها.
والرابع: أن لا يتردى – بعد ذلك – من علو، ولا يقع في نار ولا ماء إلا أن يكون قد ضربه ضربة لا يعيش معها.
والخامس: أن يكون الذي أرسل المعلَّم من يحل أكل ذبيحته، وكذلك الحكم في إرسال الصيد أن يكون أرسله على صيد أو شخص، فإن أرسله على غير شيء فأخذ وقتل لم يحل أكله، ومثله في الرمي3.
والسادس: أن يكون هو الذي أرسل الجارحة فإن ذهب بنفسه وقتل لم يحل أكله إلا أن يكون قد زجره فانزجر، ثم أشلاه فاستشلى، ولو قدّه نصفين أكلهما جميعا4.
ويحل السمك كله طافيه وغير طافيه، ودواب الماء إلا الضفدع، والحيّات، وذوات السموم وما يستقذره الإنسان، وموتها كقتلها إلا ما يعيش في غير الماء5.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المصادر الفقهية السابقة، والتنبيه 82، الحلية 3/370.
2 المراد: ضربة الجارحة للصيد.
3 وقع في النسختين تقديم وتأخير لبعض هذه الشروط على بعض مع تغيير في بعض الألفاظ إلا أنها متفقة في المعنى.
4 الأم 2/251، المنهاج 141.
5 الإقناع للماوردي 182، عمدة السالك 11، كفاية الأخيار 2/144، تحفة الطلاب 2/461-462.

 

ص -396-     فصل: العقيقة1
العقيقة سنَّة2، للغلام3 شاتان /4، وللجارية شاة5، ولا يكسِر العظم6 بل يفصِّل الأعضاء ويطبخها ويُطعِمها7.
باب الأضحية8
الدماء ضربان9: واجب، وسنَّة.
فأما الواجب فهو شيئان10:
أحدهما: الأضحية المنذورة، فإن عيّنها لم يجز بيعها11.
والثاني: الدماء التي ذكرناها في الحج12.
والضرب الثاني من الدماء ما هو سنَّة، وهو ثلاثة13: الوليمة، والعقيقة، والأضحية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في (أ) كتاب العقيقة).
2 شرح السنة 11/263.
3 في (أ) (في الغلام).
4 نهاية لـ (68) من (أ).
5 المصدر السابق، وعمدة السالك 109.
6 استحبابا.
7 الروضة 3/231، أسنى المطالب 1/548.
8 في (أ) (كتاب الأضحية).
9 تحرير التنقيح 120، حاشة الشرقاوي 2/463، 464.
10 المصدران السابقان.
11 الأم 2/245، الأشباه لابن السبكي 1/237، وانظر ص 215.
12 ص 187.
13 تحرير التنقيح 120، حاشية الشرقاوي 2/463، 464.

 

ص -397-     فأما الأضحية فإنه يذبح الجذع من الضأن، والثنية من كل شيء1، والشاة تجزئ عن واحد، والبقر والإبل عن سبعة2، ولا يجوز فيها العوراء البيِّن عورها، ولا العرجاء البيِّن عرجها، ولا المريضة البيِّن مرضها، ولا العفجاء3 التي لا تنقي، ولا الجرباء البيِّن جربها، وتجوز4 مكسورة القرن5.
ويستحب في الأضحية عشرة أشياء6: استسمانها؛ لقوله تعالى:
{وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ}7 قيل8: استسمانها، وقيل: استحسانها، وأن لا تكون مكسورة القرن، وأن لا يذبحها إلا بعد صلاة الإمام فإن ذبح قبلها وقد حلّت صلاة العيد ومضى من الوقت قدر ركعتين خفيفتين وخطبتين جاز9، وأن لا يذبحها إلا مسلم، فإن ذبحا كتابي جاز، وذبح الحائض والصبي والمجنون أولى من ذبح الكافر، وأن يذبح نهارا فإن ذبح ليلا جاز، وأن يرتاد لها موضعا ليِّنا، وأن لا يأخذ من بدنه وشعره شيئا في العشر، وأن يوجه الذبح إلى القبلة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في (أ) (من المعز)، وقوله: (من كل شيء) أعم فيشمل الإبل والبقر والمعز.
2 الأم 2/244، 245، التنبيه 81.
3 العجفاء: الهزيلة.
4 في (أ) (ولا تجوز).
5 الأم 2/245، الروضة 3/196.
6 مختصر المزني 392، معالم السنن 2/227، الوجيز 2/211، المنهاج 142، عمدة السالك 108، 109، أسنى المطالب 1/537، 538، فتح المنان 440-441.
7 من الآية (32) من سورة الحج.
8 أحكام القرآن للشافعي 2/82، النكت والعيون للماوردي 4/23، معالم التنزيل للبغوي 5/384.
9 الأم 2/245، والإقناع لابن المنذر 1/376.

 

ص -398-     وأن يقول: "بسم الله"، فإن صلى على النبي – صلى الله عليه وسلم – أو قال: "اللهم منك وإليك فتقبل مني كما تقبلت من إبراهيم – عليه الصلاة والسلام –" فلا بأس، وأن لا يُبين رأسها، فإن ذبحها من قفاها وتحركت بعد قطع رأسها أكل منها، وإلا لم تؤكل1.
وآخر وقت الأضحية مغيب الشمس آخر أيام التشريق2.
ولو أن رجلين ذبح كل واحد منهما أضحية صاحبه ضمن كل واحد منهما ما بين القيمتين وتجزئ عن الأضحية3.
وينحر الإبل والبقر، ويذبح الغنم، فإن نحر كلها أو ذبح كلها جاز4.
وموضع النحر في السنَّة والاختيار: اللَّبَّة، وموضع الذبح: أسفل مجامع اللَّحْيين، وكمال الذبح بقطع الحلقوم5، والمرئ6، والوَدَجين7، وأقل ما يجزئ من الذكاة أن يبيِّن الحلقوم والمرئ8.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأم 2/262، 263، مختصر المزني 392، الروضة 3/204، 207، انتهاز الفرص 198، 200.
2 مغني المحتاج 4/287.
3 الحاوي 15/112.
4 المجموع 9/85، 90، انتهاز الفرص 194.
5 الحلقوم: مجرى النفس. تحرير ألفاظ التنبيه 164.
6 المرئ: مجرى الطعام والشراب، وهو تحت الحلقوم. انظر المصدر السابق، نفس الصفحة.
7 الوَدَجان: عرقان محيطان بالحلقوم. وانظر: المصدر السابق، نفس الصفحة.
8 الأم 2/259، 260، 262، الإقناع للماوردي 181، كفاية الأخيار 2/137، 138، انتهاز الفرص 194.

 

ص -399-     باب البحيرة والسائبة1
البحيرة: الناقة التي تنتج بطونها، قيل: خمسة أبطن، وقيل: كلها إناثا، يشق مالكها أذنها، ويخلي سبيلها، ويحلب لبنها في البطحاء، ولا يستجيز الانتفاع بلبنها.
والسائبة ضربان:
أحدهما: العبد يعتقه الرجل عند الحادثة2 فيقول: "قد أعتقتك سائبة"، يعني سيِّبتُك فلا أنتفع بك ولا بولائك.
والثاني: البعير ينجح3 عليه صاحبه الحاجة فيسبيه ولا يكون عليه سبيل.
والوصيلة ضربان:
أحدهما: أن تنتج الشاة الأبطن التي يوقت لها فإذا نتجت بعد ذلك واحدة قالوا: أوصلت أخاها.
والثاني: أن تنتج الناقة الخمسة الأبطن عناقين في كل بطن، فيقال: هذه وصيلة تصل كل ذي بطن بأخ له معه.
وقيل: إنهم كانوا /4 يوصلونها في ثلاثة أبطن، وقيل5: خمسة، وقيل سبعة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في (أ) (كتاب). وانظر: في معاني هذا الباب: الأم 6/198، أحكام القرآن للشافعي 1/142-145، السنن الكبرى 6/163، النكت والعيون للماوردي 2/73-74، معالم التنزيل 3/107، 108، الإرشاد 1/675-676.
2 في (ب) (الحاجة) وما أثبته موافق لما في الأم.
3 في (أ) (يحج). وما أثبته موافق لما في الأم.
4 نهاية لـ (69) من (أ).
5 (وقيل) هذه والتي بعدها زيادة من (ب).

 

ص -400-     والحام: الفحل يضرب في إبل الرجل1 عشر سنين فيخلّي سبيله، ويقال: قد حمى ظهره، ولا ينتفعون من ظهره بشيء.
ومنهم من قال: أن يكون له من صلبه، أو مما يخرج من صلبه عشرة من الإبل.
والعرب كانت تتقرب إلى الله – تعالى – بهذه المعاني، فأبطلها الله – تعالى – بقوله تعالى:
{مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ...}2 الآية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في (ب) (يضرب الرجل عشر عشر سنسن).
2 من الآية (103) من سورة المائدة.