اللباب في الفقه الشافعي

ص -413-     كتاب الدعاوى والبينات1
الدعاوى ضربان2: فاسد، وصحيح.
فالفاسد ثلاثة أنواع3:
أحدها: أن يدّعي مُحالاً، مثل: أن يدّعي مثل جبل أحد ذهبا أو فضة أو ما شابههما4.
والثاني: أن يدّعي دعوى أبطلها الشرع، مثل: أن يدّعي ثمن خمر، أو خنزير، أو حرّ وما شابههما.
والثالث: أن يدّعي من لا قول له؛ كالصبي، والمجنون /5 ومن في معناهما؛ كالمحجور عليه بالسفه.
والدعوى الصحيحة مسموعة، فإن أقرّ المدّعى عليه وإلا حلف إن لم تكن عليه بيّنة إلا في خمس مسائل6:
أحدها: أن يدّعي على صبي أنه بالغ فأنكر.
والثانية: أن يدّعي على إنسان مالاً فقال: "هو لولدي الطفل".
وفيه قول آخر: أنه يحلف.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في (ب) (باب)، وفي (أ) (والبينة).
2 الحاوي 17/292.
3 جواهر العقود 2/496.
4 في (ب) (ونحوها).
5 نهاية لـ (72) من (أ).
6 أدب القاضي لابن القاص 1/243، 244، الروضة 12/38، 39، جواهر العقود 2/497، الأشباه للسيوطي 509، مغني المحتاج 4/476.

 

ص -414-     والثالثة: أن يدّعي عليه عقدين في عين واحدة من نكاح وخلع، أو بيع وإجارة أو غيرهما1، فأقر لأحدهما وأنكر الآخر، وفيه قول ثان: أن يحلف للآخر.
والرابعة: أن يدّعي على حاكم أنه جائر في حكمه.
والخامسة: أن يدّعي /2 على شاهدين أنهما شهدا بالزور، فأتلف ما أوجبت شهادتهما، فعليه الغرامة3.
ولا يمين في شيء من الحدود إلا في موضعين4: اللعان، وحدّ القذف.
والأيمان ضربان5:
أحدهما: على البتِّ، وهو: أن يحلف على أمر يرجع إلى ذاته.
والثاني: يرجع على العلم، وهو في ثلاث مسائل6:
أحدها: أن يدّعي على أمر علمه مثل نكاح الوليين وغيره.
والثانية: أن تكون الدعوى على ميت فيحلف الوارث على علمه.
والثالثة: أن يبيع الحيوان على البراءة فوجد به عيبا، يحلف على العلم7.
فإن منعه إنسان حقّه ولا يتوصل إلى أخذه، ثم قدر على مال من أمواله كان له أخذه عن حقّه سواء كان من جنسه أو من غير جنسه8.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في (أ) (من نكاح وبيع وإجارة)، وفي (ب) (من نكاح أو إجارة أو غيرهما) وما أثبته من الجواهر 2/497.
2 نهاية لـ (29) من (ب).
3 في النسختين (فأتلف ما أوجب الغرامة) وما أثبته من المصدر السابق.
4 تحرير التنقيح 129.
5 الإقناع للماوردي 199، الأشباه للسيوطي 505.
6 جواهر العقود 2/497، التنقيح 203/ ب.
7 أي البائع.
8 المصدر السابق.

 

ص -415-     باب النكول1
ولا يحكم بالنكول في شيء من الأحكام إلا في خمس مسائل يشبه الحكم فيها بالنكول، وليس ذلك حكم بالنكول2:
أحدها: إذا قال رب المال للساعي: "أديت مال زكاتي في بلد آخر" فإن اتهم يحلف، وإن نكل حكم عليه بالزكاة للوجوب السابق.
والثانية: أن يكون بدل الزكاة جزية.
والثالثة: أن يكون بدل الجزية خراجا.
والرابعة: أن يدّعي رب الحائط خطأ الخارص، فإن حلف وإلا حكمنا عليه بخرصه.
والخامسة: لو طلب سهم المقاتِلة وقال: "أنا بالغ"، فإن اتهم حلف، وإن نكل لم يعط شيئا.
ومن أصحابنا من زاد فيها مسألة سادسة3، فقال: لو وجد4 في دار الحرب من قد أنبت، فقال: "مسحتُ به دواءً حتى نبتَ"؛ قُبل قوله مع يمينه، فإن أبى أن يحلف قُتل.
وهذا خطأ؛ لأن إحلافنا إياه حكم عليه بالبلوغ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في (أ) (كتاب النكول)، والنكول: الامتناع عن اليمين. وانظر: المغني لابن باطيش 1/688، المصباح 625.
2 أدب القاضي لابن القاص 1/276، 277، الروضة 12/47، 49، الأشباه لابن الوكيل 2/281، 283، الأشباه لابن السبكي 1/437، جواهر العقود 2/498، مغني المحتاج 4/479.
3 جواهر العقود 2/498.
4 في الجواهر. الصفحة السابقة: لو وَجَدَ الإمامُ في دار الحرب.