المجموع شرح المهذب ط دار الفكر

كتاب المكاتب

الكتابة جائرة لقوله تعالى (والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) ولا تجوز الكتابة إلا من جائز التصرف في المال لانه عقد على المال فلم يجز إلا من جائز التصرف في المال كالبيع، ولا يجوز أن يكاتب عبد اجيرا لان الكتابة تقتضي التمكين من التصرف والاجارة تمنع من ذلك، ولا يجوز أن يكاتب عبدا مرهونا لان الرهن يقتضى البيع والكتابة تمنع البيع، وتجوز كتابة المدبر وأم الولد لانه عتق بصفة يجوز ان تتقدم على الموت فجاز في المدبر وأم الولد كالعتق المعلق على دخول الدار، فإن كتب مدبرا صار مكاتبا ومدبرا، وقد بينا حكمه في المدبر، وان كاتب أم ولد صارت مكاتبة وأم ولد فان أرت المال قبل موت السيد عتقت بالكتابة، وان مات السيد قبل الاداء عتقت بالاستيلاد وبطلت الكتابة.

(فصل)
وتجوز كتابة بعض العبد إذا كان باقيه حرا لانه كتابة على جميع ما فيه من الرق فأشبه كتابة العبد في جميعه، وإن كان عبد بين اثنين فكاتبه احدهما في نصيبه بغير إذن شريكه لم يصح لانه لا يعطى من الصدقات ولا يمكنه الشريك من الاكتساب بالاسفار، وان كاتبه باذن شريكه ففيه قولان.

(أحدهما)
لا يصح لما ذكرناه من نقصان كسبه.

(والثانى)
يصح لان المنع لحق الشريك فزال بالاذن، وان كان لرجل عبد
فكاتبه في بعضه فالمنصوص انه لا يصح، واختلف أصحابنا فيه فذهب أكثرهم إلى أنه لا يصح قولا واحدا كما لا يصح أن يبعض العتق فيه، ومنهم من قال: إذا قلنا انه يصح أن يكاتب نصيبه في العبد المشترك باذن الشريك صح ههنا لان اتفاقهما على كتابة البعض كاتفاق الشريكين، فإن وصى رجل بكتابة عبد وعجز الثلث عن جميعه فالمنصوص أنه يكاتب القدر الذى يحتمله الثلث، فمن أصحابنا من جعل في الجميع قولين ومنهم من قال: يصح في الوصيه، وقد فرق بينه وبين العبد المشترك بأن

(16/20)


الكتابة في العبد المشترك غير مستحقة في جميعه والكتابة في الوصية استحقت في جميعه فإذا تعذرت في البعض لم تسقط في الباقي.

(فصل)
وان طلب العبد الكتابة نظرت فإن كان له كسب وأمانة استحب أن يكاتب لقوله عز وجل (والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) وقد فسر الخبر بالكسب والامانة، ولان المقصود بالكتابة العتق على مال، وبالكسب والامانة يتوصل إليه، ولا يجب ذلك لانه عتق فلا يجب بطلب العبد كالعتق في غير الكتابة.
وإن لم يكن له كسب ولا أمانه أو له كسب بلا أمانه لم تستحب لانه لا يحصل المقصود بكتابته ولا تكره لانه سبب للعتق من غير اضرار فلم تكره.
وان كان له امانة بلا كسب ففيه وجهان.
(احدهما) انه لا تستحب لان مع عدم الكسب يتعذر الاداء فلا يحصل المقصود
(والثانى)
تستحب لان الامين يعان ويعطى من الصدقات، وان طلب السيد الكتابة فكره العبد لم يجبر عليه، لانه عتق على مال فلا يجبر العبد عليه كالعتق على مال في غير الكتابة.

(فصل)
ولا يجوز الا بعوض مؤجل لانه إذا كاتبه على عوض حال لم
يقدر على أدائه فينفسخ العقد ويبطل المقصود، ولا يجوز على أقل من نجمين، لما روى عن أمير المؤمنين عثمان رضى الله عنه أنه غضب على عبد له وقال: لاعاقبنك ولاكتبنك على نجمين، فدل على أنه لا يجوز على أقل من ذلك.
وعن على كرم الله وجهه أنه قال: الكتابة على نجمين والايتاء من الثاني، ولا يجوز الا على نجمين معلومين، وأن يكون ما يؤدى في كل نجم معلوما لانه عوض منجم في عقد، فوجب العلم بمقدار النجم ومقدار ما يؤديه فيه كالسلم إلى أجلين.

(فصل)
ولا يجوز الا على عوض معلوم الصفه، لانه عوض في الذمه فوجب العلم بصفته كالمسلم فيه.

(فصل)
وتجوز الكتابة على المنافع، لانه يجوز أن تثبت في الذمة بالعقد

(16/21)


فجاز الكتابة عليها كالمال فان كاتبه على عملين في الذمة في نجمين جاز كما يجوز على مالين في نجمين، وان كاتبه على خدمة شهرين لم يجز لان ذلك نجم واحد، وان كاتبه على خدمة شهر ثم على خدمة شهر بعده لم يجز لان العقد في الشهر الثاني على منفعة معينة في زمان مستقبل فلم يجز كما لو استأجره للخدمة في شهر مستقبل.
وان كاتبه على دينار وخدمة شهر بعده لم يجز لانه لا يقدر على تسليم الدينار في الحال، وان كاتبه على خدمة شهر ودينار في نجم بعده جاز لانه يقدر على تسليم الخدمه فهو مع الدينار كالمالين في نجمين، وإن كاتبه على خدمة شهر ودينار بعد انقضاء الشهر فقد اختلف أصحابنا فيه فقال أبو إسحاق لا يجوز لانه إذا لم يفصل بينهما صارا نجما واحدا.
ومنهم من قال يجوز لانه يستحق الدينار في غير الوقت الذى يستحق فيه الخدمه وانما يتصل استيفاؤهما.
فعلى هذا لو كاتبه على خدمة شهر ودينار في نصف الشهر جاز لانه يستحق الدينار في غير الوقت الذى
يستحق فيه الخدمه.

(فصل)
وان كاتب رجلان عبدا بينهما على مال بينهما على قدر الملكين وعلى نجوم واحدة جاز، وان تفاضلا في المال مع تساوى الملكين أو تساويا في المال مع تفاضل الملكين، أو على أن نجوم أحدهما أكثر من نجوم الآخر أو على أن نجم أحدهما اطول من نجم الآخر ففيه طريقان، من أصحابنا من قال يبنى على القولين فيمن كاتب نصيبه من العبد بإذن شريكه، فإن قلنا يجوز جاز، وان قلنا لا يجوز لم يجز لان اتفاقهما على الكتابة، ككتابة أحدهما في نصيبه بإذن الآخر.
وعلى هذا يدل قول الشافعي رحمه الله تعالى فانه قال في الام: ولو أجزت لاجزت أن ينفرد أحدهما بكتابة نصيبه، فدل على أنه إذا جاز ذلك هذا، وان لم يجز ذلك لم يجز هذا.
ومنهم من قال لا يصح قولا واحدا لانه يؤدى إلى أن ينتفع أحدهما بحق شريكه من الكسب لانه يأخد أكثر مما يستحق وربما عجز المكاتب فيرجع على شريكه بالفاضل بعدما انتفع به.

(فصل)
ولا يصح على شرط فاسد لانه معاوضة يلحقها الفسخ فبطلت

(16/22)


بالشرط الفاسد كالبيع، ولا يجوز تعليقها على شرط مستقبل، لانه عقد يبطل بالجهالة فلم يجز تعليقه على شرط مستقبل كالبيع.

(فصل)
وإذا انعقد العقد لم يملك المولى فسخه قبل العجز لانه أسقط حقه منه بالعوض فلم يملك فسخه قبل العجز عن العوض كالبيع، ويجوز للعبد أن يمتنع من أداء المال لان ما لا يلزمه إذا لم يجعل شرطا في عتقه لم يلزمه إذا جعل شرطا في عتقه كالنوافل، وهل يملك أن يفسخ، فيه وجهان من أصحابنا من قال لا يملك لانه لا ضرر عليه في البقاء على العقد ولا فائدة له في الفسخ فلم يملكه،
ومنهم من قال له أن يفسخ لانه عقد لحظه فملك أن ينفرد بالفسخ كالمرتهن، فان مات المولى لم يبطل العقد لانه لازم من جهته فلم يبطل بالموت كالبيع، وينتقل المكاتب إلى الوارث لانه مملوك لا يبطل رقه بموت الموالى فانتقل إلى وارثه كالعبد القن وان مات العبد بطل العقد لانه فات المعقود عليه قبل التسليم فبطل العقد كالمبيع إذا تلف قبل القبض ولا يجوز شرط الخيار فيه، لان الخيار لدفع الغبن عن المال والسيد يعلم أنه مغبون من جهة المملوك لانه يبيع ماله بماله والعبد مخير بين أن يدفع المال وبين أن لا يدفع فلا معنى لشرط الخيار، فان اتفقا على الفسخ جاز، لانه عقد يلحقه الفسخ بالعجز عن المال، فجاز فسخه بالتراضى كالبيع.
(باب ما يملكه المكاتب وما لا يمكله) ويملك المكاتب بالعقد اكتساب المال بالبيع والاجارة والصدقه والهبه والاخذ بالشفعة والاحتشاش والاصطياد وأخذ المباحات، وهو مع المولى كالأجنبي مع الأجنبي في ضمان المال وبذل المنافع وأرش الاطراف لانه صار بما بذله له من العوض عن رقبته كالخارج عن ملكه ويملك التصرف في المال بما يعود إلى مصلحته ومصلحة ماله، فيجوز أن ينفق على نفسه لان ذلك من أهم المصالح وله أن يفدى في حياته نفسه أو رقيقه لان له فيه مصلحة، وله أن يختن غلامه يؤدبه لانه اصلاح للمال.
وأما الحد فالمنصوص أنه لا يملك اقامته لان طريقه الولاية والمكاتب ليس من أهل الولاية

(16/23)


ومن أصحابنا من قال: له أن يقيم الحد كما يملك الحر في عبده وله أن يقتص في الجناية عليه وعلى رقيقه.
وذكر الربيع قولا آخر أنه لا يقتص من غير اذن المولى ووجهه أنه ربما عجز فيصير ذلك السيد فيكون قد أتلف الارش الذى كان
للسيد أن يأخذه لو لم يقتص منه.
قال أصحابنا: هذا القول من تخريج الربيع، والمذهب أنه يجوز أن يقتص لان فيه مصلحة له.

(فصل)
وان كان المكاتب جارية فوطئها المولى وجب عليه المهر ولها أن تطالب به لتستعين به على الكتابة لانه يجرى مجرى الكسب وان أذهب بكارتها لزمه الارش لانه اتلاف جزء لا يستحقه فضمن بدله كقطع الطرف وإن أتت منه بولد صارت مكاتبة وأم ولد، وقد بينا حكمهما في أول الباب، وان كانت مكاتبة بين اثنين فأولدها أحدهما نظرت، فإن كان معسرا صار نصيبه أم ولد، وفي الولد وجهان
(أحدهما)
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أن الولد ينعقد جميعه حرا ويثبت للشريك في ذمة الوطئ نصف قيمته لانه يستحيل أن ينعقد نصف الولد حرا ونصفه عبدا.

(والثانى)
وهو قول أبى إسحاق: ان نصفه حر ونصفه مملوك، وهو الصحيح اعتبارا بقدر ما يملك منها ولا يمتنع أن ينعقد نصفه حرا ونصفه عبدا كالمرأة إذا كان نصفها حرا ونصفها مملوكا فأتت بولد فان نصفه حرا ونصفه عبد، وان كان موسرا فالولد حر وصار نصيبه من الجارية أم ولد، ويقوم على الواطئ نصيب شريكه وهل يقوم في الحال فِيهِ طَرِيقَانِ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ قَالَ: فِيهِ قولان.

(أحدهما)
يقوم في الحال، فإذا قوم انفسخت الكتابة وصار جميعها أم ولد للواطئ ونصفها مكاتبا له فإن أدت المال عتق نصفها وسرى إلى باقيها.
(والقول الثاني) أنه يؤخر التقويم إلى العجز، فإن أدت ما عليها عتقت عليها بالكتابة، وإن عجزت قوم على الواطئ نصيب شريكه وصار الجميع أم ولد وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: لَا يقوم في الاستيلاد نصيب الشريك في الحال قولا واحدا، بل يؤخر إلى أن تعجز لان العتق فيه حظ للعبد لانه يتعجل له
الحريه في الباقي ولا حظ لها في التقويم في الاستيلاد بل الحظ في التأخير لانه

(16/24)


إذا أخر ربما أدت المال فعتقت وإذا قوم في الحال صارت أم الولد ولا تعتق إلا بالموت، والصحيح هو الاول وأنه على قولين كالعتق لان الاستيلاد كالعتق بل هو أقوى لانه يصح من المجنون والعتق لا يصح منه فإذا كان في التقويم في العتق قولان وجب أن يكون في الاستيلاد مثلاه.

(فصل)
وان أتت المكاتبة بولد من نكاح أو زنا ففيه قولان
(أحدهما)
أنه موقوف، فان رقت الام رق، وإن عتقت عتق لان الكتابة سبب يستحق به العتق فيتبع الولد الام فيه كالاستيلاد
(والثانى)
أنه مملوك يتصرف فيه لانه عقد يلحقه الفسخ فلم يسر إلى الولد كالرهن.
(فإن قلنا) انه للمولى كان حكمه حكم العبد القن في الجناية والكسب والنفقة والوطئ (وان قلنا) انه موقوف فقتل ففى قيمته قولان.
أحدهما: أنها لامه تستعين بها في الكتابة لان القصد بالكتابة طلب حظها والثانى: أنها للمولى لانه تابع للام وقيمة الام للمولى فكذلك قيمة ولدها، فان كسب الولد مالا ففيه قولان.

(أحدهما)
أنه للام لانه تابع لها في حكمها فكسبها لها فكذلك كسب ولدها
(والثانى)
أنه موقوف لان الكسب نماء الذات وذاته موقوفة فكذلك كسبه فعلى هذا يجمع الكسب، فإن عتق ملك الكسب كما تملك الام كسبها إذا عتقت وان رق بعجز الام صار الكسب للمولى، فمن أصحابنا من خرج فيه قولا ثالثا أنه للمولى كما قلنا في قيمته في أحد القولين، وان أشرفت الام على العجز وكان في كسب الولد وفاء بمال الكتابة ففيه قولان.

(أحدهما)
أنه ليس للام أن تستعين به على الاداء لانه موقوف على السيد
أو الولد فلم يكن للام فيه حق.

(والثانى)
أن لها أن تأخذه وتؤديه لانها إذا أدت عتقت وعتق الولد فكان ذلك أحظ للولد من أن ترق ويأخذه المولى، فإن احتاج الولد إلى النفقة ولم يكن في كسبه ما يفى.
فإن قلنا: ان الكسب للمولى فالنفقة عليه، وان قلنا: انه للام فالنفقة عليها وإن قلنا: انه موقوف ففى النفقة وجهان
(أحدهما)
انها على المولى لانه مرصد

(16/25)


لملكه
(والثانى)
أنها في بيت المال لان المولى لا يملكه فلم يبق إلا بيت المال، وان كان الولد جارية فوطئها المولى، فإن قلنا: إن كسبه له لم يجب عليه المهر لانه لو وجب لكان له، وإن قلنا: انه للام فالمهر لها، وإن قلنا: انه موقوف وقف المهر، وإن أحبلها صارت أم ولد له بشبهة الملك ولا تلزمه قيمتها، لان القيمة تجب لمن يملكها والام لا تملك رقبتها وإنما هي موقوفة عليها.

(فصل)
وإن حبس السيد المكاتب مدة ففيه قولان
(أحدهما)
يلزمه تخليته في مثل تلك المدة لانه دخل في العقد على التمكين من التصرف في المدة فلزمه الوفاء به
(والثانى)
تلزمه أجرة المثل للمدة التى حبسه فيها وهو الصحيح لان المنافع لا تضمن بالمثل، وإنما تضمن بالاجرة، وإن قهر أهل الحرب المكاتب على نفسه مدة ثم أفلت من أيديهم ففيه قولان.

(أحدهما)
لا تجب تخليته في مثل المدة لانه لم يكن الحبس من جهته.

(والثانى)
تجب لانه فات ما استحقه بالعقد، ولا فرق بين أن يكون بتفريط أو غير تفريط كالبيع إذا هلك في يد البائع، ولا يجئ ههنا ايجاب الاجرة على المولى لانه لم يكن الحبس من جهته فلا تلزمه أجرته.

(فصل)
ولا يملك المكاتب التصرف الا على وجه النظر والاحتياط لان
حق المولى يتعلق باكتسابه، فإن أراد أن يسافر فقد قال في الام: يجوز.
وقال في الامالى: لا يجوز بغير اذن المولى، فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: فِيهِ قَوْلَانِ
(أَحَدُهُمَا)
لَا يجوز لان فيه تغريرا
(والثانى)
يجوز لانه من أسباب الكسب، ومنهم من قال: ان كان السفر طويلا لم يجز، وان كان قصيرا جاز، وحمل القولين على هذين الحالين، والصحيح هو الطريق الاول.

(فصل)
ولا يجوز أن يبيع نسيئة، وان كان بأضعاف الثمن ولا على أن يأخذ بالثمن رهنا أو ضمينا لانه يخرج المال من يده من غير عوض والرهن قد يتلف والضمين قد يفلس وان باع ما يساوى مائه بمائة نقدا وعشرين نسيئة جاز لانه لا ضرر فيه، ولا يجوز أن يقرض ولا يضارب ولا يرهن لانه اخراج مال بغير عوض.

(16/26)


(فصل)
ولا يجوز أن يشترى من يعتق عليه لانه يخرج ما لا يملك التصرف فيه بمال لا يملك التصرف فيه، وفي ذلك اضرار، وان وصى له بمن يعتق عليه، فان لم يكن له كسب لم يجز قبوله لانه يحتاج أن ينفق عليه وفي ذلك إضرار، وإن كان له كسب جاز قبوله لانه لا ضرر فيه، فان قبله ثم صار زمنا لا كسب له فله أن ينفق عليه لان فيه إصلاحا لماله.

(فصل)
ولا يعتق ولا يكاتب ولا يهب ولا يحابى ولا يبرئ من الدين ولا يكفر بالمال ولا ينفق على أقاربه الاحرار ولا يسرف في نفقة نفسه، وإن كان له أمة مزوجة لم تبذل العوض في الخلع لان ذلك كله استهلاك للمال، وإن كان عليه دين مؤجل لم يملك تعجيله لانه يقطع التصرف فيما يعجله من المال من غير حاجة، وإن كان مكاتبا بين نفسين لم يجز ان يقدم حق احدهما لان ما يقدمه من ذلك يتعلق به حقهما فلا يجوز أن يخص به أحدهما، وإن أقر بجناية خطا،
ففيه قولان.
أحدهما: يقبل لانه اقرار بالمال فقبل كما لو أقر بدين معاملة.
والثانى: لا يقبل لانه يخرج به الكسب من غير عوض فبطل كالهبة، وان جنى هو أو عبد له يملك بيعه على أجنبي لم يجز أن يفديه بأكثر من قيمته لان الفداء كالابتياع فلا يجوز بأكثر من القيمة، وان كان عبدا لا يملك بيعه كالاب والابن لم يجز ان يفديه بشئ قل أو كثر لانه يخرج ما يملك التصرف فيه لاستبقاء ما لا يملك التصرف فيه.

(فصل)
وان فعل ذلك كله باذن المولى ففيه قولان، أحدهما: لا يصح لان المولى لا يملك ما في يده والمكاتب لا يملك ذلك بنفسه فلا يصح باجتماعهما كالاخ إذا زوج أخته الصغيرة باذنها، والثانى: أنه يصح وهو الصحيح لان المال موقوف عليهما، ولا يخرج منهما فصح باجتماعهما كالشريكين في المال المشترك والراهن والمرتهن في الرهن، وان وهب للمولى أو حاباه أو أقرضه أو ضاربه أو عجل له ما تأجل من ديونه أو فدى جنايته عليه بأكثر من قيمته، فإن قلنا يصح للاجنبي بإذن المولى صح، وان قلنا: لا يصح في حق الأجنبي بإذنه لم يصح لان قبوله كالاذن فان وهب أو أقرض وقلنا أنه لا يصح فله أن يسترجع فإن لم يسترجع

(16/27)


حتى عتق لم يسترجع على ظاهر النص، لانه إنما لم يصح لنقصانه وقد زال ذلك.
ومن أصحابنا من قال له أن يسترجع لانه قد وقع فاسدا فثبت له الاسترجاع.

(فصل)
ولا يتزوج المكاتب إلا بإذن المولى لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أيما عبد تزوج بغير اذن مولاه فهو عاهر، ولانه يلزمه المهر والنفقة في كسبه، وفي ذلك اضرار بالمولى فلم يجز بغير اذنه، فان أذن له المولى جاز قولا واحدا للخير، ولان الحاجة تدعو إليه بخلاف الهبة

(فصل)
ولا يتسرى بجارية من غير إذن المولى، لانه ربما أحبلها فتلفت بالولادة، فان أذن له المولى وقلنا إن العبد يملك ففيه طريقان، من أصحابنا من قال على قولين كالهبة، ومنهم من قال يجوز قولا واحدا، لانه ربما دعت الحاجة إليه فجاز كالنكاح، فان أولدها فالولد ابنه ومملوكه لانه ولد جاريته وتلزمه نفقته لانه مملوكه بخلاف ولد الحرة ولا يعتق عليه لنقصان ملكه، فان أدى المال عتق معه لانه كمل ملكه وان رق رق معه
(فصل)
ويجب على المولى الايتاء، وهو أن يضع عنه جزأ من المال أو يدفع إليه جزء من المال، لقوله عز وجل " آتوهم من مال الله الذى آتاكم " وعن عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ في هذه الآية: يحط عنه ربع الكتابة، والوضع أولى من الدفع، لانه يتحقق الانتفاع به في الكتابة.
واختلف أصحابنا في القدر الواجب، فمنهم من قال ما يقع عليه الاسم من قليل وكثير، وهو المذهب، لان اسم الايتاء يقع عليه وقال أبو إسحاق: يختلف باختلاف قلة المال وكثرته، فان اختلفا قدره الحاكم باجتهاده كما قلنا في المتعة، فان اختار الدفع جاز بعد العقد للآية، وفي وقت الوجوب وجهان، أحدهما يجب بعد العتق كما تجب المتعة بعد الطلاق، والثانى أنه يجب قبل العتق لانه ايتاء وجب للمكاتب فوجب قبل العتق كالايتاء في الزكاة، ولا يجوز الدفع من غير جنس مال الكتابة لقوله تعالى " وآتوهم من مال الله الذى آتاكم " فان دفع إليه من جنسه من غير ما أداه إليه فَفِيهِ وَجْهَانِ
(أَحَدُهُمَا)
يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ فِي الزكاة أن يدفع من غير المال الذى وجب فيه

(16/28)


الزكاة
(والثانى)
لا يجوز وهو الصحيح للآية، وان سبق المكاتب وأدى المال لزم المولى أن يدفع إليه لانه مال وجب للآدمي فلم يسقط من غير أداء ولا ابراء
كسائر الديون.
وان مات المولى وعليه دين خاص المكاتب أصحاب الديون.
ومن أصحابنا من قال يحاص أصحاب الوصايا لانه دين ضعيف غير مقدر فسوى بينه وبين الوصايا، والصحيح هو الاول لانه دين واجب فحاص به الغرماء كسائر الديون وبالله التوفيق.
(باب الاداء والعجز) ولا يعتق المكاتب ولا شئ منه وقد بقى عليه شئ من المال، لما روى عمرو ابن شعيب رضى الله عنه عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: المكاتب عبد ما بقى عليه من كتابته درهم.
ولانه علق عتقه على دفع مال فلا يعتق شئ منه مع بقاء جزء منه، كما لو قال لعبده: ان دفعت إلى ألفا فأنت حر، فان كاتب رجلان عبدا بينهما ثم أعتق أحدهما نصيبه أو أبرأه مما عليه من مال الكتابة عتق نصيبه لانه برئ من جميع ماله عليه فعتق، كما لو كاتب عبدا فأبرأه، فان كان المعتق موسرا فقد قال أصحابنا يقوم عليه نصيب شريكه كما لو أعتق شركا له في عبد، وعندي أنه يجب أن يكون على قولين
(أحدهما)
يقوم عليه
(والثانى)
لا يقوم، كما قلنا في شريكين دبرا عبدا ثم أعتق أحدهما نصيبه أنه على قولين
(أحدهما)
يقوم
(والثانى)
لا يقوم، فإذا قلنا انه يقوم عليه ففى وقت التقويم قولان
(أحدهما)
يقوم في الحال، كما نقول فيمن أعتق شركا له في عبده
(والثانى)
يؤخر التقويم إلى أن يعجز، لانه قد ثبت للشريك حق العتق والولاء في نصيبه فلا يجوز ابطاله عليه وان كاتب عنده ومات وخلف اثنين فأبرأه أحدهما عن حصته عتق نصيبه لانه أبرأه من جميع ماله عليه، فان كان الذى أبرأه موسرا فهل يقوم عليه نصيب شريكه، فيه قولان

(أحدهما)
لا يقوم لان سبب العتق وجد من الاب ولهذا يثبت الولاء له

(16/29)


(والثانى)
يقوم عليه وهو الصحيح لان العتق تعجل بفعله، فعلى هذا هل يتعجل التقويم والسراية، فيه قولان
(أحدهما)
يتعجل لانه عتق يوجب السراية فتعجلت به، كما لو أعتق شركا له في عبد
(والثانى)
يؤخر إلى أن يعجز، لان حق الاب في عتقه وولائه أسبق فلم يجز إبطاله.
وإن كاتب رجلان عبدا بما يجوز وأذن أحدهما للآخر في تعجيل حق شريكه من المال وقلنا إنه يصح الاذن عتق نصيبه، وهل يقوم عليه نصيب شريكه، فيه قولان
(أحدهما)
لا يقوم لتقدم سببه الذى اشركا فيه
(والثانى)
يقوم لانه عتق نصيبه بسبب منه ومتى يقوم؟ فيه قولان
(أحدهما)
يقوم في الحال لانه تعجل عتقه
(والثانى)
يؤخر إلى أن يعجز لانه قد ثبت لشريكه عقد يستحق به العتق والولاء فلم يجز أن يقوم عليه ذلك، فعلى هذا إن أدى عتق باقيه، وإن عجز قوم على المعتق.
وإن مات قبل الاداء والعجز مات ونصفه حر ونصفه مكاتب
(فصل)
وإن حل عليه نجم وعجز عن أداء المال جاز للمولى أن يفسخ العقد لانه اسقط حقه بعوض، فإذا تعذر العوض ووجد عين ماله جاز له أن يفسخ ويرجع إلى عين ماله، كما لو باع سلعة فأفلس المشترى بالثمن ووجد البائع عين ماله، وإن كان معه ما يؤديه فامتنع من أدائه جاز له الفسخ لان تعذر العوض بالامتناع كتعذره بالعجز لانه لا يمكن إجباره على أدائه، وإن عجز عن بعضه أو امتنع من أداء بعضه جاز له أن يفسخ لانا بينا أن العتق في الكتابة لا يتبعض فكان تعذر البعض كتعذر الجميع، ويجوز الفسخ من غير حاكم لانه مجمع عليه فلم يفتقر إلى الحاكم كفسخ البيع بالعيب.

(فصل)
وإن حل عليه نجم ومعه متاع فاستنطر لبيع المتاع وجب إنظاره لا نه قادر على أخذ المال من غير إضرار ولا يلزمه أن ينظر أكثر من ثلاثة أيام لان الثلاثة قليل فلا ضرر عليه في الانتظار وما زاد كثير وفي الانتظار اضرار، وان طلب الانظار لمال غائب، فإن كان على مال غائب، فان كان على مسافة لا تقصر فيها الصلاة وجب انظاره لانه قريب لا ضرر في انظاره، وان كان على مسافة تقصر فيها الصلاة لم يجب لآنه طويل وفي الانتظار اضرار.

(16/30)


وان طلب الانظار لاقتضاء دين فان كان حالا على ملئ وجب انظاره لانه كالعين في يد المودع ولهذا تجب فيه الزكاة، وان كان مؤجلا أو على معسر لم يجب الانظار لان عليه أضرارا في الانظار، فان حل عليه المال وهو غائب ففيه وجهان: أحدهما له أن يفسخ لانه تعذر المال فجاز له الفسخ.
والثانى ليس له أن يفسخ، بل يرجع إلى الحاكم ليكتب إلى حاكم البلد الذى فيه المكاتب ليطالبه، فان عجز أو امتنع فسخ لانه لا يتعذر الاداء الا بذلك فلا يفسخ قبله.
وان حل عليه النجم وهو مجنون، فان كان معه مال يسلم إلى المولى عتق لانه قبض ما يستحقه فبرئت به ذمته، وان لم يكن معه شئ فعجزه المولى وفسخ ثم ظهر له مال نقض الحكم بالفسخ لانا حكمنا بالعجز في الظاهر وقد بان خلافه فنقض، كما لو حكم الحاكم ثم وجد النص بخلافه وان كان قد أنفق عليه بعد الفسخ رجع بما أنفق لانه لم يتبرع بل أنفق على أنه عبده، فان أفاق بعد الفسخ وأقام البينة أنه كان قد أدى المال نقض الحكم بالفسخ ولا يرجع المولى بما أنفق عليه بعد الفسخ، لانه تبرع، لانه أنفق وهو يعلم أنه حر.
وان حل النجم فأحضر المال وادعى السيد أنه حرام ولم تكن له بينة فالقول
قول المكاتب مع يمينه لانه في يده والظاهر أنه له، فان حلف خير المولى بين أن يأخذه وبين أن يبرئه منه، فإن لم يفعل قبض عنه السلطان لانه حق يدخله النيابة فإذا امتنع منه قام السلطان مقامه
(فصل)
وان قبض المال وعتق ثم وجد به عيبا فله أن يرد ويطالب بالبدل، فان رضى به استقر العتق لانه برئت ذمة العبد.
وان رده ارتفع العتق لانه يستقر باستقرار الاداء وقد ارتفع الاداء بالرد فارتفع العتق.
وان وجد به العيب وقد حدث به عنده عيب ثبت له الارش، فان دفع الارش استقر العتق وان لم يدفع ارتفع العتق لانه لم يتم براءة الذمة من المال

(16/31)


وان كاتبه على خدمة شهر ودينار ثم مرض بطلت الكتابة في قدر الخدمة، وفي الباقي طريقان
(أحدهما)
أنه على قولين
(والثانى)
أنه يبطل قولا واحدا بناء على الطريقين فيمن ابتاع عينين ثم تلفت احداهما قبل القبض.

(فصل)
فإن أدى المال وعتق ثم خرج المال مستحقا بطل الحكم بعتقه لان العتق يقع بالاداء، وقد بان أنه لم يؤد، وإن كان الاستحقاق بعد موت المكاتب كان ما ترك للمولى دون الورثة لانا قد حكمنا بأنه مات رقيقا.

(فصل)
فان باع المولى ما في ذمة المكاتب، وقلنا انه لا يصح فقبضه المشترى فقد قال في موضع يعتق، وقال في موضع لا يعتق، واختلف أصحابنا فيه، فقال أبو العباس فيه قولان.

(أحدهما)
يعتق لانه قبضه بإذنه فأشبه إذا دفعه إلى وكيله.

(والثانى)
وهو الصحيح أنه لا يعتق لانه لم يقبضه للمولى وإنما قبضه لنفسه ولم يصح قبضه لنفسه لانه لم يستحقه فصار كما لو لم يؤخذ، وقال أبو إسحاق: هي على اختلاف حالين فالذي قال يعتق إذا أمره المكاتب بالدفع إليه لانه قبضه بإذنه
والذى قال لا يعتق إذا لم يأمره بالدفع إليه لانه لم يأخذه بإذنه وإنما أخذه بما تضمنه البيع من الاذن والبيع باطل فبطل ما تضمنه.

(فصل)
إذا اجتماع على المكاتب دين الكتابة ودين المعاملة وأرش الجناية وضاق ما في يده عن الجميع قدم دين المعاملة لانه يختص بما في يده والسيد والمجني عليه يرجعان إلى الرقبة، فان فضل عن الدين شئ قدم حق المجني عليه لان حقه يقدم على حق المالك في العبد القن فكذلك في المكاتب، وان لم يكن له شئ فأراد صاحب الدين تعجيزه لم يكن له ذلك لان حقه في الذمة فلا فائدة في تعجيزه بل تركه على الكتابة أنفع له لانه ربما كسب ما يعطيه وإذا عجزه بقى حقه في الذمة إلى أن يعتق فان أراد المولى أو المجني عليه تعجيزه كان له ذلك لان المولى يرجع بالتعجيز إلى رقبته، والمجني عليه يبيعه في الجناية، فان عجزه المولى انفسخت الكتابة وسقط دينه وهو بالخيار بين أن يسلمه للبيع في الجناية وبين أن يفديه

(16/32)


فان عجزه المجني عليه نظرت، فإن كان الارش يحيط بالثمن بيع وقضى حقه، وان كان دون الثمن بيع منه ما يقضى منه الارش وبقى الباقي على الكتابة، وان أدى كتابة باقية عتق وهل يقوم الباقي عليه ان كان موسرا فيه وجهان.
أحدهما لا يقوم لانه وجد سبب العتق قبل التبعيض.
والثانى: يقوم عليه لان اختياره للانظار كابتداء العتق.
(باب الكتابة الفاسدة) إذا كاتب على عوض محرم أو شرط باطل فللسيد أن يرجع فيها لانه دخل على أن يسلم له ما شرط ولم يسلم فثبت له الرجوع وله أن يفسخ بنفسه لانه مجمع عليه، وان مات المولى أو جن أو حجر عليه بطل العقد لانه غير لازم من جهته فبطل بهذه الاشياء كالعقود الجائزة، فإن مات العبد بطل لانه لا يلحقه العتق
بعد الموت، وان جن لم تبطل لانه لازم من جهة العبد فلم تبطل بجنونه كالعتق المعلق على دخول الدار.

(فصل)
وان أدى ما كاتبه عليه قبل الفسخ عتق لان الكتابة تشتمل على معاوضه وهو قوله كاتبتك على كذا وعلى صفه، وهو قوله فإذا أديت فأنت حر فإذا بطلت المعاوضة بقيت الصفة فعتق بها، وان أداه إلى غير من كاتبه لم يعتق لانه لم توجد الصفه، فإذا عتق تبعه ما فضل في يده من الكسب، وان كانت جارية تبعها الولد لانه جعل كالكناية الصحيحة في العتق فكانت كالصحيحة في الكسب والولد.

(فصل)
ويرجع السيد عليه بقيمته لانه أزال ملكه عنه بشرط ولم يسلم له الشرط وتعذر الرجوع إليه فرجع ببدله كما لو باع سلعة بشرط فاسد فتلفت في يد المشترى ويرجع العبد على المولى بما أداه إليه لانه دفعه عما عليه فإذا لم يقع عما عليه ثبت له الرجوع، فان كان ما دفع من جنس القيمة وعلى صفتها كالاثمان وغيرها من ذوات الامثال ففيه أربعة أقوال.
(أحدها) انها يتقاصان فسقط أحدهما بالآخر لانه لا فائدة في أخذه ورده

(16/33)


(والثانى)
انه ان رضى أحدهما تقاصا، وإن لم يرض واحد منهما لم يتقاصا لانه إذا رضى أحدهما فقد اختار الراضي منهما قضاء ما عليه بالذى له على الآخر ومن عليه حق يجوز أن يقضيه من أي جهة شاء.
(والثالث) انهما ان تراضيا تقاصا، وان لم يتراضيا لم يتقاصا لانه إسقاط حق بحق فلم يجز إلا بالتراضى كالحوالة.
(والرابع) انهما لا يتقاصان بحال لانه بيع دين بدين، وان أخذ من سهم الرقاب في الزكاة، فان لم يكن فيه وفاء استرجع منه، وان كان فيه وفاء فقد قال
في الام: يسترجع ولا يعتق لانه بالفساد خرج عن أن يكون من الرقاب، ومن أصحابنا من قال: لا يسترجع لانه كالكتابة الصحيحة في العتق والكسب.

(فصل)
فإن كاتب عبدا صغيرا أو مجنونا فأدى ما كاتبه عليه عتق بوجود الصفة وهل يكون حكمها حكم الكتابة الفاسدة مع البالغ في ملك ما فضل في يده من الكسب وفي التراجع، فِيهِ وَجْهَانِ
(أَحَدُهُمَا)
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ: انه لا يملك ما فضل ف ي يده من الكسب ولا يثبت التراجع وهو رواية المزني في المجنون لانه العقد مع الصبى ليس بعقد ولهذا لو ابتاع شيئا وقبضه وتلف في يده لم يلزمه الضمان بخلاف البالغ، فان عقده عقد يقتضى الضمان، ولهذا لو اشترى شيئا ببيع فاسد وتلف عنده لزمه الضمان
(والثانى)
وهو قول أبى العباس أنه يملك ما فضل من الكسب ويثبت بينهما التراجع، وهو رواية الربيع في المجنون لانه كتابة فاسدة فأشبهت كتابة البالغ بشرط فاسد.

(فصل)
وإن كاتب بعض عبده، وقلنا انه لا يصح فلم يفسخ حتى أدى المال عتق لوجود الصفة وتراجعا وسرى العتق إلى باقيه لانه عتق بسبب منه، فان كاتب شركا له في عبد من غير إذن شريكه نظرت، فإن جمع كسبه ودفع نصفه إلى الشريك ونصفه إلى الذى كاتبه عتق لوجود الصفة فان جمع الكسب كله وأداه ففيه وجهان.

(أحدهما)
لا يعتق لان الاداء يقتضى أداء ما يملك التصرف فيه وما أداه من مال الشريك لا يملك التصرف فيه.

(16/34)


(والثانى)
يعتق لان الصفة قد وجدت، فإن كاتبه بإذن شريكه، فان قلنا: انه باطل فالحكم فيه كالحكم فيه إذا كاتبه بغير اذنه، وان قلنا: انه صحيح ودفع
نصف الكسب إلى الشريك ونصفه إلى الذى كاتبه عتق، فان جمع الكسب كله ودفعه إلى الذى كاتبه فقد قال بعض أصحابنا فيه وجهان كالقسم قبله، والمذهب انه لا يعتق لان الكتابة صحيحة والمغلب فيها حكم المعاوضة، فإذا دفع فيها ما لا يملكه صار كما لو لم يؤد بخلاف القسم قبله فانها كتابة فاسدة والمغلب فيها الصفه وإذا حكمنا بالعتق في هذه المسائل في نصيبه، فان كان المعتق موسرا سرى إلى نصيب الشريك وقوم عليه لانه عتق بسبب منه، ولا يلزم العبد ضمان السراية لانه لم يلتزم ضمان ما سرى إليه.

(فصل)
وان كاتب عبيدا على مال واحد، وقلنا ان الكتابة صحيحة فأدى بعضهم عتق لانه برئ مما عليه، وان قلنا: ان الكتابة فاسدة فأدى بعضهم، فالمنصوص انه يعتق لان الكتابة الفاسدة محمولة على الكتابة الصحيحة في الاحكام فكلذلك في العتق بالاداء.
ومن أصحابنا من قال: لا يعتق، وهو الاظهر لان العتق في الكتابة الفاسدة بالصفة وذلك لم يوجد باداء بعضهم.
(باب اختلاف المولى والمكاتب) إذا اختلفا فقال السيد: كاتبتك وأنا مغلوب على عقلي أو محجور على فأنكر العبد، فان كان قد عرف له جنون أو حجر فالقول قوله مع يمينه لان الاصل بقاؤه على الجنون أو الحجر، وان لم يعرف له ذلك فالقول قول العبد، لان الظاهر عدم الجنون والحجر.
وان اختلفا في قدر المال أو في نجومه تحالفا قياسا على المتبايعين إذا اختلفا في قدر الثمن أو في الاجل، فان كان ذلك قبل العتق فهل تنفسخ بنفس التحالف أو يفتقر إلى الفسخ فيه وجهان كما ذكرناه في المتبايعين وان كان التحالف بعد العتق لم يرتفع العتق ويرجع المولى بقيمته ويرجع المكاتب بالفصل كما نقول في البيع الفاسد.

(فصل)
وان وضع شيئا عنه من مال الكتابة، ثم اختلفا فقال السيد:

(16/35)


وضعت النجم الاخير، وقال المكاتب بل الاول فالقول قول السيد، وان كاتبه على ألف درهم فوضع عنه خمسين دينارا لم يصح لانه أبرأه مما لا يملكه، فان قال أردت ألف درهم بقيمة خمسين دينارا صح، وان اختلفا فيما عنى فادعى المكاتب أنه عنى ألف درهم بقيمة خمسين دينارا وأنكر السيد ذلك فالقول قول السيد لان الظاهر معه ولانه أعرف بما عنى، وان أدى المكاتب ما عليه فقال له المولى أنت حر، وخرج المال مستحقا فادعى العبدان عتقه بقوله: أنت حر، وقال المولى: أردت أنك حر بما أديت، وقد بان أنه مستحق فالقول قول السيد لانه يحتمل الوجهين وهو أعرف بقصده، وان قال السيد استوفيت أو قال العبد أليس أوفيتك فقال بلى، فادعى المكاتب انه وفاه الجميع، وقال المولى: بل وفانى البعض فالقول قول السيد لان الاستيفاء لا يقتضى الجميع.

(فصل)
وان كان المكاتب جارية وأتت بولد فاختلفا في ولدها، وقلنا ان الولد يتبعها، فقالت الجارية ولدته بعد الكتابة فهو موقوف معى، وقال المولى بل ولدته قبل الكتابة فهو لى فالقول قول السيد لان هذا اختلاف في وقت العقد والسيد يقول العقد بعد الولادة والمكاتبة تقول قبل الولادة، والاصل عدم العقد، وان كاتب عبدا ثم زوجه أمة له ثم اشترى المكاتب زوجته وأتت بولد فقال السيد: أتت به قبل الشراء فهو لى، وقال العبد: بل أتت به بعد ما اشتريتها فهو لى فالقول قول العبد لان هذا الاختلاف في الملك، والظاهر مع العبد لانه في يده بخلاف المسألة قبلها، فان هناك لم يختلفا في الملك، وإنما اختلفا في وقت العقد.

(فصل)
وإن كاتب عبدين فأقر انه استوفى ما على أحدهما أو أبرأ أحدهما، واختلف العبدان فادعى كل واحد منهما انه هو الذى استوفى منه أو أبرأه رجع
إلى المولى، فان أخبر أنه أحدهما قبل منه لانه أعرف بمن استوفى منه أو أبرأه، فان طلب الآخر يمينه حلف له، وان ادعى المولى أنه أشكل عليه لم يقرع بينهما لانه قد يتذكر، فان ادعيا أنه يعلم حلف لكل واحد منهما وبقيا على الكتابة، ومن أصحابنا من قال: ترد الدعوى عليهما، فان حلفا أو نكلا بقيا

(16/36)


على الكتابة، وإن حلف أحدهما ونكل الآخر عتق الحالف وبقى الاخر على الكتابة.
وإن مات المولى قبل أن يعين ففيه قولان.
أحدهما يقرع بينهما لان الحرية تعينت لاحدهما ولا يمكن التعيين بغير القرعة فوجب تمييزها بالقرعة، كما لو قال لعبدين أحدكما حر، والثانى أنه لا يقرع لان الحرية تعينت في أحدهما فإذا أقرع لم يؤمن أن تخرج القرعة على غيره، فعلى هذا يرجع إلى الوارث، فان قال لا أعلم حلف لكل واحد منهما وبقيا على الكتابة على ما ذكرناه في المولى.

(فصل)
وإن كاتب ثلاثة أعبد في عقود أو في عقد على مائه وقلنا إنه يصح وقيمة أحدهم مائة وقيمة كل واحد من الاخرين خمسون فأدوا مالا من أيديهم ثم اختلفوا، فقال من كثرت قيمته النصف لى ولكل واحد منكما الربع.
وقال الآخران بل المال بيننا أثلاثا ويبقى عليك تمام النصف ويفضل لكل واحد منا ما زاد على الربع فقد قال في موضع القول قول من كثرت قيمته.
وقال في موضع القول قول من قلت قيمته، فمن أصحابنا من قال هي على قولين.
أحدهما أن القول قول من قلت قيمته وان المؤدى بينهم أثلاثا، لان يد كل واحد منهم على ثلث المال.
والثانى أن القول قول من كثرت قيمته لان الظاهر معه، فان العادة أن الانسان لا يؤدى أكثر مما عليه.
ومنهم من قال هي على اختلاف حالين، فالذي قال القول قول من كثرت قيمته إذا وقع العتق بالاداء لان الظاهر أنه لا يؤدي أكثر مما عليه.
والذى قال
ان القول قول من قلت قيمته إذا لم يقع العتق بالاداء فيؤدى من قلت قيمته أكثر مما عليه ليكون الفاضل له من النجم الثاني.
والدليل عليه انه قال في الام: إذا كاتبهم على مائة فأدوا ستين، فإذا قلنا انه بينهم على العدد أثلاثا فأراد العبدان أن يرجعا بما فضل لهما لم يجز لان الظاهر أنهما تطوعا بالتعجيل فلا يرجعان به ويحتسب لهما من النجم الثاني.

(فصل)
وان كاتب رجلان عبدا بينهما فادعى المكاتب أنه أدعى اليهما مال الكتابة فأقر أحدهما وأنكر الاخر عتق حصة المقر والقول قول المنكر مع يمينه فإذا حلف بقيت حصته على الكتابة فله أن يطالب المقر بنصف ما أقر بقبضه

(16/37)


وهو الربع لحصول حقه في يده ويطالب المكاتب بالباقي، وله أن يطالب المكاتب بالجميع وهو النصف، فإن قبض حقه منهما أو من أحدهما عتق المكاتب، وليس لاحد من المقر والمكاتب أن يرجع على صاحبه بما أخذه منه لان كل واحد منهما يدعى أن الذى ظلمه هو المنكر فلا يرجع على غيره وإن وجد المكاتب عاجزا فعجزه أحدهما رق نصفه.
قال الشافعي رحمه الله: ولا يقوم على المقر، لان التقويم لحق العبد وهو يقول أنا حر مسترق ظلما فلا يقوم ولا تقبل شهادة المصدق على المكذب لانه يدفع بها ضررا من استرجاع نصف ما في يده، فإن ادعى المكاتب انه دفع جميع المال إلى أحدهما ليأخذ منه النصف ويدفع إلى شريكه النصف نظرت فإن قال المدعى عليه دفعت إلى كل واحد منا النصف وأنكره الاخر عتق حصة المدعى عليه بإقراره وبقيت حصة المنكر على الكتابة من غير يمين، لانه لا يدعى عليه واحد منهما تسليم المال إليه، وله أن يطالب المكاتب بجميع حقه، وله أن يطالب المقر بنصفه والمكاتب بنصفه ولا يرجع واحد منهما بما يؤخد منه على الاخر لان
كل واحد منهما يدعى أن الذى ظلمه هو المنكر فلا يرجع على غيره، فإن استوفى المنكر حقه منهما أو من المكاتب عتقت حصته وصار المكاتب حرا.
وان عجز المكاتب فاسترقه فقد قال الشافعي رحمه الله إنه يقوم على المقر، ووجهه انه عتق نصيبه بسبب من جهته.
وقال في المسألة قبلها لا يقوم، فمن أصحابنا من نقل جوابه في كل واحدة منهما إلى الاخرى فجعلهما على قولين، ومنهم من قال يقوم ههنا ولا يقوم في المسألة قبلها على ما نص عليه، لان في المسألة قبلها يقول المكاتب أنا حر فلا أستحق التقويم على أحد، وههنا يقول صفى مملوك فأستحق التقويم وإن قال المدعى عليه قبضت المال وسلمت نصفه إلى شريكي وأمسكت النصف لنفسي وأنكر الشريك القبض عتق حصة المدعى عليه والقول قول المنكر مع يمينه لان المقر يدعى التسليم إليه، فإذا حلف بقيت حصته على الكتابة وله أن يطالب المكاتب بجميع حقه بالعقد، وله أن يطالب المقر بإقراره بالقبض فان رجع على المقر لم يرجع المقر على المكاتب لانه يقول إن شريكي ظلمنى.
وان رجع على المكاتب رجع المكاتب على المقر صدقه على الدفع أو كذبه لانه فرط

(16/38)


في ترك الاشهاد فإن حصل للمنكر ماله من أحدهما عتق المكاتب، وإن عجز المكاتب عن أداء حصة المنكر كان للمنكر أن يستقرق نصيبه، فإذا رق قوم على المقر لانه عتق بسبب كانه منه وهو الكتابة ويرجع المنكر على المقر بنصف ما أقر بقبضه، لانه بالتعجيز استحق نصف كسبه، وإن حصل المال من جهة المكاتب عتق باقيه ورجع المكاتب على المقر ما أقر بقبضه لانه كسبه.
(كتاب عتق أمهات الاولاد) إذا علقت الامة بولد حر في ملك الواطئ صارت أم ولد له فلا يملك بيعها ولا هبتها ولا الوصية بها لما ذكرناه في البيوع، فان مات السيد عتقت لما روى
ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: من ولدت منه أمته فهى حرة من بعد موته وتعتق من رأس المال، لانه إتلاف حصل بالاستمتاع فاعتبر من رأس المال كالاتلاف بأكل الطيب ولبس الناعم، وإن علقت بولد مملوك في غير ملك من زوج أو زنا لم تصر أم ولد له لان حرمة الاستيلاد إنما تثبت للام بحرية الولد.
والدليل عليه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكرت له مارية القبطية فقال أعتقها ولدها، والولد ههنا مملوك فلا يجوز أن تعتق الام بسببه، وإن علقت بولد حر بشبهة من غير ملك لم تصر أم ولد في الحال، فإذا ملكها ففيه قولان.

(أحدهما)
لا تصير أم ولد لانها علقت منه في غير ملكه فأشبه إذا علقت منه في نكاح فاسد أو زنا.

(والثانى)
إنها تصير أم ولد لانها علقت منه بحر، فأشبه إذا علقت منه في ملكه، وان علقت بولد مملوك في ملك ناقص وهى جارية المكاتب إذا علت من مولاها ففيه قولان
(أحدهما)
أنها لا تصير أم ولد لانها علقت منه بمملوك
(والثانى)
انها تصير أم ولد لانه قد ثبت لهذا الولد حق الحريه، ولهذا لا يجوز بيعه فثبت هذا الحق لامه
(فصل)
وإن وطئ أمته فأسقطت جنينا ميتا كان حكمه حكم الولد الحى في الاستيلاد لانه ولد.
وإن أسقطت جزءا من الادمى كالعين والظفر أو مضغة

(16/39)


فشهد أربع نسوة من أهل المعرفة والعدالة انه تخطط وتصور ثبت له حكم الولد لانه قد علم انه ولد، وان ألقت مضغه لم تتصور ولم تتخطط وشهد أربع من أهل العدالة والمعرفة انه مبتدأ خلق الادمى، ولو بقى لكان آدميا، فقد قال ههنا ما يدل على أنها لا تصير أم ولد، وقال في العدد تنقضي به العدة، فمن أصحابنا من
نقل جواب كل واحدة منهما إلى الاخرى وجعلها على قولين، أحدهما لا يثبت له حكم الولد في الاستيلاد ولا في انقضاء العدة لانه ليس بولد، والثانى يثبت له حكم الولد في الجميع لانه خلق بشر فأشبه إذا تخطط، ومنهم من قال: لا يثبت له حكم الولد في الاستيلاد وتنقضي به العدة، لان حرمة الاستيلاد تتعلق بوجود الولد، ولم يوجد الولد، والعدة تراد لبراءة الرحم، وبراءة الرحم تحصل بذلك.

(فصل)
ويملك استخدام أم الولد وإجارتها ويملك وطأها لانها باقية على ملكه، وانما ثبت لها حق الحرية بعد الموت، وهذه التصرفات لا تمنع العتق فبقيت على ملكه، وهل يملك تزويجها؟ فيه ثلاثة أقوال (أحدها) يملك لانه يملك رقبتها ومنفعتها فملك تزويجها كالامة القنة
(والثانى)
يملك تزويجها برضاها ولا يملك من غير رضاها لانها تستحق الحرية بسبب لا يملك المولى ابطاله فملك تزويجها برضاها ولا ملك بغير رضاها كالمكاتبة (والثالث) لا يملك تزويجها بحال لانها ناقصة في نفسها وولاية المولى عليها ناقصة فلم يملك تزويجها كالاخ في تزويج أخته الصغيرة، فعلى هذا هل يجوز للحاكم تزويجها باذنهما، فيه وجهان
(أحدهما)
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أنه لا يملك لانه قائم مقامهما ويعقد باذنهما، فإذا لم يملك العقد باجتماعهما لم يملك مع من قوم مقامهما
(والثانى)
وهو قول أبى سعيد الاصطخرى انه يملك تزويجها لانه يملك بالحكم مالا يملك بالولاية وهو تزويج الكافرة.

(فصل)
وإن أتت أم الولد بولد من نكاح أو زنا تبعها في حقها من العتق بموت السيد لان الاستيلاد كالعتق المنجز ثم الولد يتبع الام في العتق فكذلك في

(16/40)


الاستيلاد، فإن ماتت الام قبل موت السيد لم يبطل الحكم في ولدها لانه حق استقر له في حياة الام فلم يسقط بموتها.

(فصل)
وإن جنت أم الولد لزم المولى أن يفيدها لانه منع من بيعها بالاحبال ولم يبلغ بها إلى حال يتعلق الارش بذمتها فلزمه ضمنا جنايتها كالعبد القن إذا جنى وامتنع المولى من بيعه ويفديها بأقل الامرين من قيمتها أو أرش الجناية قولا واحدا، لان في العبد القن إنما فداه بأرش الجناية بالغا ما بلغ في أحد القولين، لانه يمكن بيعه فربما رغب فيه من يشتريه بأكثر من قيمته وأم الولد لا يمكن بيعها فلا يلزمه أن يفديها بأكثر من قيمتها.
وإن جنت ففداها بجميع القيمة ثم جنت ففيه قولان
(أحدهما)
يلزمه أن يفديها لانه إنما لزمه أن يفديها في الجناية الاولى لانه منع من بيعها ولم يبلغ بها حالة يتعلق الارش بذمتها.
وهذا موجود في الجناية الثانية فوجب أن تفدى كالعبد القن إذا جنى وامتنع من بيعه ثم جنى وامتنع من بيعه والقول الثاني وهو الصحيح إنه لا يلزمه أن يفديها بل يقسم القيمة التى فدى بها الجناية الاولى بين الجنايتين على قدر أرشهما، لانه بالاحبال صار كالمتلف لرقبتها فلم يضمن أكثر من قيمتها، وتخالف العبد القن فإنه فاده لانه امتنع من بيعه والامتناع يتكرر فتكرر الفداء، وههنا لزمه الفداء للاتلاف بالاحبال.
وذلك لا يتكرر فلم يتكرر الفداء وإن جنت ففداها ببعض قيمتها ثم جنت، فإن بقى من قدر قيمتها ما يفدى به الجناية الثانية لزمه أن يفديها، وإن بقى ما يفدى به بعض الجناية الثانية فعلى القولين، وإن قلنا يلزمه أن يفدى الجناية الثانية لزمه أن يفديها.
وان قلنا يشارك الثاني الاول في القيمة ضمن ما بقى من قيمتها إلى ما فدى به الجناية الاولى ثم يقسم الجميع بين الجنايتين على قدر أرشهما.

(فصل)
وإن أسلمت أم ولد نصراني تركت على يد أمرأة ثقة وأخذ المولى بنفقتها إلى
أن تموت فتعتق، لانه لا يمكن بيعها لما فيه من إبطال حقها من العتق المستحق

(16/41)


بالاستيلاد ولا يمكن إعتاقها لما فيه من إبطال حق المولى، ولا يمكن إقرارها في يده لما فيه من الصغار على الاسلام فلم يبق إلا ما ذكرناه.
وإن كاتب كافر عبدا كافرا ثم أسلم العبد بقى على الكتابة لانه أسلم في حال لا يمكن مطالبة المالك ببيعه أو اعتاقه وهو خارج عن يده وتصرفه فبقى على حالته، فإن عجز ورق أمر ببيعه.

باب الولاء

إذا عتق الحر مملوكا ثبت له عليه الولاء لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ اشتريت بريرة واشترط أهلها ولاءها، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتق فانما الولاء لمن أعتق وإن عتق عليه بتدبير أو كتابة أو استيلاد أو قرابة، أو أعتق عنه غيره ثبت له عليه الولاء لانه عتق عليه فثبت له الولاء، كما لو باشر عتقه.
وإن باع الرجل عبده من نفسه ففيه وجهان:
(أحدهما)
إنه يثبت له عليه الولاء، لانه لم يثبت عليه رق غيره
(والثانى)
لا ولاء عليه لاحد، لانه لم يعتق عليه في ملكه ولا يملك العبد الولاء على نفسه فلم يكن عليه ولاء
(فصل)
وإن أعتق المكاتب عبدا بإذن المولى وصححنا عتقه ففى ولائه قولان: أحدهما أنه للسيد لان العتق لا ينفك من الولاء والمكاتب ليس من أهله فوجب أن يكون للسيد.

(والثانى)
انه موقوف فإن عتق فهو له فان عجز فهو للسيد لان المعتق هو المكاتب فوقف الولاء عليه، فان مات العبد المعتق قبل عجز المكاتب أو عتقه
ففى ماله قولان:
(أحدهما)
أنه موقوف على ما يكون من أمر المكاتب كالولاء
(والثانى)
إنه للسيد لان الولاء يجوز أن ينتقل فجاز أن يقف والارث لا يجوز أن ينتقل فلم يجز أن يقف.

(16/42)


(فصل)
وإن أعتق مسلم نصرانيا أو أعتق نصراني مسلما ثبت له الولاء، لان الولاء كالنسب، والنسب يثبت مع اختلاف الدين فكذلك الولاء، وان أعتق المسلم نصرانيا فلحق بدار الحرب فسبى لم يجز استرقاقه لان عليه ولاء المسلم فلا يجوز إبطاله وان أعتق ذمى عبده فلحق بدار الحرب وسبى ففيه وجهان
(أحدهما)
لا يجوز أن يسترق لانه لا يلزمنا حفظ ماله فلم يجز إبطال ولائه بالاسترقاق كالمسلم.

(والثانى)
يجوز لان معتقه لو لحق بدار الحرب جاز استرقاقه فكذلك عتيقه وإن أعتق حربى عبدا حربيا ثبت له عليه الولاء، فإن سبى العبد المعتق أو سبى مولاه واسترق بطل ولاؤه لانه لا حرمة له في نفسه ولا ماله، وان أعتق ذمى عبدا ثم لحق بدار الحرب فملكه عبده وأعتقه صار كل واحد منهما مولى للآخر لان كل واحد منهما أعتق الآخر.

(فصل)
وان اشترك اثنان في عتق عبد اشتركا في الولاء لاشتراكهما في العتق، وإن كاتب رجل عبدا ومات وخلف اثنين فأعتق أحدهما نصيبه أو أبراه مما له عليه، فإن قلنا: لا يقوم عليه فأدى ما عليه للآخر كان ولاؤه للاثنين لانه عتق بالكتابة على الاب، وقد ثبت له الولاء فانتقل اليهما، وان عجز عما عليه للآخر فرق نصيبه ففى ولاء النصف المعتق وجهان.

(أحدهما)
انه بينهما لانه عتق بحكم الكتابة فثبت الولاء للاب وانتقل اليهما

(والثانى)
أنه للمعتق خاصة لانه هو الذى أعتقه ووقف الاخر عن العتق، وان قلنا انه يقوم في الحال فقوم عليه ثبت الولاء للمقوم عليه في المقوم لان بالتقويم انفسخت الكتابة فيه وعتق عليه، وأما النصف الآخر فانه عتق بالكتابة وفى ولائه وجهان
(أحدهما)
أنه بينهما
(والثانى)
أنه للمعتق خاصة، وان قلنا يؤخر التقويم، فإن أدى عتق بالكتابة وكان الولاء لهما، وان عجز ورق قوم على المعتق وثبت له الولاء على النصف المقوم لانه عتق عليه، والنصف الاخر عتق بالكتابة وفى ولائه وجهان.

(فصل)
ولا يثبت الولاء لغير المعتق، فإن أسلم رجل على يد رجل

(16/43)


أو التقط لقيطا لم يثبت له عليه الولاء لحديث عائشة رضى الله عنها، فانما الولاء لمن أعتق، وإنما في اللغة موضوع لاثبات المذكور ونفى ما عداه فدل على اثبات الولاء للمعتق ونفيه عمن عداه ولان الولاء ثبت بالشرع ولم يرد الشرع في الولاء الا لمن أعتق وهذا المعنى لا يوجد في غيره فلا يلحق به.

(فصل)
ولا يجوز بيع الولاء ولا هبته لما روى ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بيع الولاء وعن هبته ولان الولاء كالنسب وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الولاء لحمة كلحمة النسب والنسب لا يصح بيعه وهبته فكذلك الولاء، وان أعتق عبدا سائبة على ان لا ولاء عليه عتق وثبت له الولاء لقوله عز وجل (مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ ولا وصيلة ولا حام) ولان هذا في معنى الهبة وقد بينا أنه لا يصح هبته.

(فصل)
وإن مات العبد المعتق وله مال ولا وارث له ورثه المولى لما روى يونس عن الحسن أن رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل وقال: اشتريته وأعتقته فقال هو مولاك ان شكرك فهو خير له، وان كفرك فهو شر له وخير
لك فقال فما أمر ميراثه فقال: ان ترك عصبة فالعصبة أحق وإلا فالولاء، وان كان له عصبة لم يرث للخبر ولان الولاء فرع للنسب فلا يورث به مع وجوده، وإن كان له من يرث الفرض، فان كان ممن يستغرق المال بالفرض لم يرثه لانه إذا لم ترث العصبات مع من يستغرق المال بالفرض فلان لا يرث المولى أولى، وان كان ممن لا يستغرق المال ورث ما فضل عن أهل الفرض، لما روى عبد الله ابن شداد قال: أعتقت ابنة حمزة مولى لها فمات وترك ابنته وابنة حمزة فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم ابنة حمزة النصف وابنته النصف.

(فصل)
وإن مات العبد والمولى ميت كان الولاء لعصبات المولى دون سائر الورثة، لان الولاء كالنسب لما ذكرناه من الخبر، والنسب إلى العصبات دون غيرهم ويقدم الاقرب فالاقرب، لما روى سعيد بن المسيب رحمة الله عَلَيْهِ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: المولى أخ في الدين ونعمة يرثه أولى الناس بالمعتق ولان في عصبات الميت يقدم الاقرب فالاقرب وكذلك في عصبات المولى

(16/44)


فإن كان للمولى ابن وابنة كان الميراث للابن دون البنت لانا بينا أنه لا يرث الولاء غير العصبات والبنت ليست من العصبات ولان الولاء كالنسب ثم المرأة لا ترث بالقرابة من الميت إذا تباعد نسبها منه وهى بنت الاخ العمه فلان لا ترث بنت المولى وهو مؤخر عن النسب أولى، وإن كان له أب وابن أو أب وابن ابن فالميراث للابن لان تعصيب الابن أقوى لانه يسقط تعصيب الاب، فان لم يكن بنون فالولاء للاب دون الجد والاخ لانه أقرب منهما، وان ترك جدا وأخا، ففيه قولان.

(أحدهما)
انهما يشتركان كما يشتركان في ارث النسب.

(والثانى)
بقدم الاخ لان تعصيبه كتعصيب الابن وتعصيب الجد كتعصيب
الاب، وإنما لم قدم في ارث النسب للاجمع وليس في الولاء إجماع فوجب ان يقدم فان ترك جدا وابن أخ فهو على القولين، ان قلنا ان الجد والاخ يشتركان قدم الجد، وإن قلنا: ان الاخ يقدم قدم ابنه، وان ترك أبا الجد والعم، فعلى القولين، ان قلنا ان الجد والاخ يشتركان قدم أبو الجد، وان قلنا ان الاخ يقدم قدم العم، وان اجتمع الاخ من الاب والام والاخ من الاب قدم الاخ من الاب والام كما يقدم في الارث بالنسب.
وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: فِيهِ قَوْلَانِ:
(أَحَدُهُمَا)
يقدم لما قلناه.

(والثانى)
انهما سواء لان الام لا ترث بالولاء فلا يرجح بها من يدلى بها فان لم يكن للمولى عصبة وله مولى فالولاء لمولاه لان المولى كالعصبة، فان لم يكن له مولى فلعصبة مولاه، فان لم يكن له مولى ولا عصبة مولى، وهناك مولى لعصبة المولى نظرت، فإن كان مولى أخيه أو مولى ولده لم يرث، لان انعامه على أخيه لا يتعدى إليه، وإن كان مولى أبيه أو جده ورث، لان انعامه عليه انعامه على نسله.

(فصل)
فان أعتق عبدا ثم مات وخلف اثنين ثم مات أحدهما وترك ابنا ثم مات العبد وله مال ورثه الكبر من عصبة المولى وهو الابن دون ابن الابن

(16/45)


لما روى الشعبى قال: قضى عمر وعلي وزيد رضى الله عنهم ان الولاء للكبر ولان الولاء يورث به ولا يورث.
والدليل عليه ما رَوَى جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب ولا يورث، فإذا ثبت أنه لا يورث ثبت أنه انما يورث بما ثبت للمولى من الولاء فوجب أن يكون للكبر لانه أقرب
إلى المولى، وان مات المولى وخلف ثلاثة بنين ثم مات أحدهم وخلف ابنا ومات الثاني وخلف أربعة ومات الثالث وخلف خمسة ثم مات العبد المعتق كان ماله بين العشرة بالسوية لتساويهم في القرب، ولو ظهر للمولى مال كان بينهم اثلاثا لابن الابن الثلث وللاربعة الثلث وللخمسة الثلث، لان المال انتقل إلى أولاده اثلاثا ثم انتقل ما ورث كل واحد منهم إلى أولاده والولاء لم ينتقل إلى أولاده، وإنما ورثوا مال العبد لقربهم من المولى الذى ثبت له الولاء وهم في القرب منه سواء فتساووا في الميراث.

(فصل)
إذا تزوج عبد لرجل بمعتقة لرجل فأتت منه بولد ثبت المولى الام الولاء على الولد لانه عتق باعتقا الام فكان ولاؤه لمولاها، فان أعتق بعد ذلك مولى العبد عبده انجر ولاء الولد من موالى الام إلى موالى العبد.
والدليل عليه ما روى هشام بن عروة عن أبيه قال: مر الزبير بموال لرافع ابن خديج فأعجبوه فقال لمن هؤلاء، فقالوا هؤلاء موال لرافع بن خديج أمهم لرافع بن خديج وأبوهم عبد لفلان فاشترى الزبير أباهم فأعتقه ثم قال أنتم موالى فاختصم الزبير ورافع إلى عثمان رضى الله عنه فقضى عثمان للزبير.
قال هشام: فلما كان معاوية خاصمونا فيهم أيضا فقضى لنا معاوية، ولان الولاء فرع للنسب والنسب معتبر بالارث، وإنما ثبت لمولى الام لعدم الولاء من جهة الاب كولد الملاعنة نسب إلى الام لعدم النسب من جهة الاب، فإذا ثبت الولاء على الاب عاد الولاء إلى موضعه كولد الملاعنة إذا اعترف به الزوج وان أعتق جد الولد دون الاب ففى ولائه ثلاثة أوجه.

(16/46)


(أحدها) ينجر الولاء إلى معتقه لانه كالاب في الانتساب إليه والولاية، فكان كالاب في جز الولاء إلى معتقه.

(والثانى)
لا ينجر، لان بينه وبين الولد الاب فلا ينجر الولاء إلى معتقه كالاخ (والثالث) ان كان الاب حيا لم ينجر الولاء إلى معتقه، وان كان ميتا انجر لان مع موته ليس غيره أحق ومع حياته من هو أحق، فإن قلنا: انه ينجر الولاء إلى معتقه فانجر ثم أعتق الاب انجر من مولى الجد إلى مولى الاب لانه أقوى من الجد في النسب وأحكامه.

(فصل)
وان تزوج عبد رجل بأمة آخر فأتت منه بولد ثم أعتق السيد الامة وولدها ثبت له عليها الولاء، فان أعتق العبد بعد ذلك لم ينجر ولاء الولد إلى مولى العبد والفرضيون يعبرون عن علة ذلك أنه ولد مسه الرق ثم ناله العتق والعلة في ذلك ان المعتق أنعم على الولد بالعتق فكان أحق بولائه ممن أنعم على أبيه وتخالف ما قبلها، فان أحدهما أنعم على الام،، والاخر أنعم على الاب فقدم المنعم على الاب لان النسب إليه والولاء فرع للنسب، وههنا أحدهما أنعم على الولد نفسه والآخر أنعم على أبيه فقدم المنعم عليه على المنعم على أبيه، وان تزوج عبد لرجل بجارية آخر فحبلت منه ثم أعتقت الجارية وهى حامل ثبت الولاء على الجارية وحملها، فان أعتق العبد بعد ذلك لم ينجر الولاء إلى مولاه لما ذكرناه من العلة، وان تزوج حر لا ولاء عليه بمعتقة رجل فأتت منه بولد لم يثبت عليه الولاء لمولى الام لان الاستدامة في الاصول أقوى من الابتداء ثم ابتداء الحرية في الاب تسقط استدامه الولاء لمولى الام فلان تمنع استدامة الحرية في الاب ابتداء الولاء لمولى الام أولى، وان تزوج عبد لرجل بمعتقة لاخر وأولدها ولدا ثبت الولاء على الولد لموالى الام، فان اشترى الولد اباه عتق عليه وثبت له الولاء عليه وهل ينجر ولاء نفسه بعتق الاب فيه وجهان.
أحدهما: لا ينجر، لانه لا يملك ولاء نفسه، فعلى هذا يكون ولاؤه باقيا لموالى الام.
والثانى: أنه ينجر ولاء نفسه بعتق أبيه ولا يملكه على نفسه ولكن يزبل به الولاء
عن نفسه ويصير حرا لا ولاء عليه لان عتق الاب يزيل الولاء عن معتق الام.

(16/47)


(فصل)
إذا مات رجل وخلف اثنين وعبدا فادعى العبد أن المولى كاتبه فصدقه أحدهما وكذبه الآخر، فأدى إلى المصدق كتابته عتق نصفه، وفى ولائه وجهان:
(أحدهما)
أن الولاء بينهما لانه عتق بسبب كان من أبيهما فكان الولاء بينهما
(والثانى)
أن الولاء للمصدق لان المكذب أسقط حقه بالتكذيب فصار كما لو حلف أحد الاخوين على دين لابيهما فأخذ نصفه فإن الآخر لا يشارك في نصفه وإن تزوج المكاتب بحرة فأولدها، فإن كان على الحرة ولاء لمعتق كان له ولاء الولد، فإن عتق الاب بالاداء جر ولاء ولده من معتق الام إلى معتقه، فإن اختلف مولاه ومولى الام، فقال مولى المكاتب قد عتق المكاتب بالاداء وجر إلى ولاء الولد.
وقال مولى الام لم يعتق وولاء الولد لى نظرت فإن كان المكاتب حيا عتق بإقرار سيده وانجر الولاء إلى معتقه ولا يمين عليه ولا على السيد، وإن كان قد مات واختلف السيد ومولى الام، فإن كان للسيد المكاتب بينة شاهدان، أو شاهد وامرأتان، أو شاهد ويمين قضى له لانها بينة على المال وإن لم تكن له بينة فالقول قول مولى الام مع يمينه لانا تيقنا رق المكاتب وثبوت الولاء لمعتق الام فلا ينتقل عنه من غير بينة وبالله التوفيق

(16/48)