المجموع شرح المهذب ط دار الفكر

قال المصنف رحمه الله تعالى:

باب الجد والأخوة

إذا اجتمع الجد أو أبو الجد وإن علا مع ولد الاب والام أو ولد الاب، ولم تنقصه المقاسمة من الثلث، قاسمهم وعصب إناثهم، وقال المزني: يسقطهم، ووجهه أن له ولادة وتعصيبا بالرحم، فأسقط ولد الاب والام كالاب، وهذا خطأ لان ولد الاب يدلى بالاب فلم يسقطه الجد كأم الاب، ويخالف الاب، فإن الاخ يدلى به، ومن أدلى بعصبة لم يرث معه كابن الاخ مع الاخ، وأم الاب مع الاب، والجد والاخ بدليان بالاب فلم يسقط أحدهما الاخر، كالاخوين من الاب وأم الاب مع الجد، ولان الاب يحجب الام من الثلث إلى ثلث الباقي مع الزوجين، والجد لا يحجبها.

(فصل)
وإن اجتمع مع الجد ولد الاب والام وولد الاب عاد ولد الاب والام الجد بولد الاب، لان من حجب بولد الاب والام وولد الاب إذا انفرد حجب بهما إذا اجتمعا كالام، فان كان له جد وأخ من أب وأم، وأخ من أب، قسم المال على ثلاثة أسهم، للجد سهم، ولكل واحد من الاخوين سهم، ثم يرد الاخ من الاب سهمه على الاخ من الاب والام، لانه لا يرث معه فلم يشاركه فيما حجبا عنه، كما لا يشارك الاخ من الاب، الاخ من الاب والام فيما حجبا عنه الام، وتعرف هذه المسألة بالمعاذة لان الاخ من الاب والام عاد الجد بالاخ من الاب، ثم أخذ منه ما حصل له، وان اجتمع مع الجد أخ من الاب وأخت من الاب والام قسم المال على خمسة أسهم، للجد سهمان وللاخ سهمان وللاخت سهم، ثم يرد الاخ على الاخت تمام النصف وهو سهم ونصف، ويأخذ
ما بقى وهو نصف سهم، لان الاخ من الاب إنما يرث مع الاخت من الاب والام ما يبقى بعد استكمال الاخت النصف، وتصح من عشرة وتسمى عشرية زيد رضى الله عنه، وإن اجتمع مع أختين من الاب وأختين من الاب والام قسم المال بينهم على ستة أسهم للجد سهمان، ولكل أخت سهم، ثم ترد الاختان

(16/115)


من الاب جميع ما حصل لهما على الاختين من الاب والام، لانهما لا يرثان قبل أن تستكمل الاختان من الاب والام الثلثين.
(الشرح) الجد أبو الأب وان علا وارث بلا خلاف بين أهل العلم، وروى عن عمر رضى الله عنه أنه سأل الصحابة هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل في الجد شيئا؟ فقال معقل بن يسار المزني: نعم شهدت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورثه السدس فقال له عمر: مع من؟ قال: لا أدرى فقال: لا دريت إذن، رواه أبو القاسم بن منده.
فإن اجتمع الجد مع الاخوة أو الاخوات للام أسقطهم بالاجماع، وقد مضى بيان ذلك، وان اجتمع مع الاخوة والاخوات للاب والام أو للاب فقد كانت الصحابة رضوان الله عليهم يتحرجون من الكلام فيه لما روى سعيد بن المسيب إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أجرؤكم على الجد أجرؤكم على النار، وروى عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: من أراد أن يقتحم جراثيم جهنم فليقض بين الجد والاخوة، وروى عن ابن مسعود أنه قال: سلونا عن كل شئ ودعونا من الجد لا حياه الله ولا بياه.
إذا ثبت هذا: فقد اختلف الناس في الجد إذا اجتمع مع الاخوة والاخوات للاب والام أو للاب: فذهب الشافعي رضى الله عنه إلى أن الجد لا يسقطهم، وروى ذلك عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت، وبه قال مالك
والا وزاعى وأبو يوسف ومحمد وأحمد بن حنبل، وذهبت طائفة إلى أن الجد يسقطهم، وروى ذلك عن أبى بكر وابن عباس وعائشة وأبى الدرداء، وبه قال أبو حنيفة وعثمان البتى وابن جرير الطبري وداود وإسحاق، واخباره المزني.
قال المسعودي: واليه ذهب ابن سريج.
دليلنا قوله تعالى: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والاقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والاقربون، فجعل للرجال والنساء الاقارب نصيبا، والاخوة والاخوات للاب إذا اجتمعوا مع الجد وهم من الاقارب، فمن قال: لا نصيب لهم فقد ترك ظاهر القرآن، وأن الاخ تعصيب أخيه فلم يسقطه الجد

(16/116)


كالابن، لان الاخت تأخذ النصف بالفرض فلم يسقطها الجد كالبنت، ولان الجد والاخ على منزلة واحدة من الميت لان الجد أبو أبيه والاخ ابن أبيه، والجد له تعصيب ورحم، والاخ له تعصيب من غير رحم فلم يسقطه الجد كالابن والبنت إذا اجتمعا.
إذا ثبت هذا: فإن الجد كالاب في عامة أحكامه، فيرث بالتعصيب إذا انفرد كالاب ويرث بالفرض مع الابن وابن الابن ويرث بالفرض والتعصيب مع البنت وبنت الابن إلا أن الجد يخالف الاب في أربع مسائل: منها أن الاب يحجب الاخوة للاب والام، أو للاب، والجد لا يحجبهم، والثانية والثالثة: أن الاب يحجب الام عن كمال الثلث إلى ثلث ما يبقى في زوج وأبوين أو زوجه وأبوين فإن الجد لا يحجبها، بل يكون لها ثلث جميع المال مع الجد فيها.
الرابعة: أن الاب يحجب أم نفسه، والجد لا يحجب أم الاب، لانها تساويه في الدرجة إلى الميت، وتدلى بالاب فلم ترث معه.
(فرع)
إذا اجتمع الجد والاخوة أو الاخوات للاب والام أو للاب وليس
معهم من له فرض فللجد الاحظ من المقاسمة، أو ثلث جميع المال، فإن كان معه أخ واحد فالا حظ له ههنا المقاسمه، لانه يأخذ نصف المال، وان كان معه أخوان استوت له المقاسمة والثلث، وان كان معه ثلاثة اخوة فما زاد فالا حظ له ههنا أن يفرد بثلث جميع المال، هذا مذهبنا، وبه قال زيد بن ثابت وابن مسعود.
وروى عن علي رضى الله عنه روايتان.
احداهما: وهى المشهورة أن له الا حظ من المقاسمة أو سدس جميع المال، فإذا كان معه اربعة اخوة فالمقاسمة احظ له، وان كانوا خمسة استوت المقاسمة والسدس، وان كانوا ستة فالسدس احظ له.
والثانية: ان له الا حظ من المقاسمة أو سبع جميع المال، وروى عن عمران ابن الحصين وابى موسى الاشعري انهما قالا: له الا حظ من المقاسمة أو نصف سدس جميع المال، فإذا كان معه عشرة اخوة فالمقاسمة خير له، وان كانوا أحد عشر استوت المقاسمة ونصف السدس.

(16/117)


ودليلنا عليهم: أن البنين أقوى حالا من الاخوة، بدليل أن الاخوة يسقطون بالبنين ثم ثبت أن البنين لا يسقطون.
وأما الدليل على ما قلناه فلان حجب الاخوة للجد لا يقع بواحد، وينحصر بعدد، فوجب أن يكون غاية ذلك اثنين قياسا على حجب الاخوة للام عن الثلث، وحجب البنات لبنات الابن، وحجب الاخوات للاب والام للاخوات للاب.
وأما إذا اجتمع مع الجد الاخوات للاب والام أو للاب منفردا فمذهبنا أن حكمهن حكم الاخوة مع الجد فيقاسمهن ويكون المال بينه وبينهن للذكر مثل حظ الانثيين ما لم تنقصه المقاسمة عن الثلث، فإذا نقصته عن الثلث أفرد بثلث جميع المال، وبه قال زيد بن ثابت.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ: يفرض للاخوات فرضهن، ويكون الباقي للجد، ودليلنا أنها فريضة جمعت أبا أب وولد أب فوجب أن لا يأخذ ولد الاب بالفرض كما لو كان مع الجد إخوة واخوات لاب وأم أو للاب، فإن الجد يقاسمهم للذكر مثل حظ الانثيين ما لم تنقصه المقاسمة عن الثلث، فإذا انقصته عن ذلك فرض له الثلث كما ذكرنا والله اعلم.
قال المصنف رحمه الله:
(فصل)
وإن كانت المقاسمة تنقص الجد من الثلث بأن زاد الاخوة على اثنين والاخوات على اربع فرض للجد الثلث وقسم الباقي بين الاخوة والاخوات لانا قد دللنا على انه يقاسم الواحد، ولا خلاف انهم لا يقاسمونه ابدا فكان التقدير بالاثنين اشبه بالاصول، فإن الحجب إذا اختلف فيه الواحد والجماعة وجب التقدير فيه بالاثنين كحجب الام من الثلث، وحجب البنات لبنات الابن وحجب الاخوات للاب والام للاخوات للاب، ولا يعاد ولد الاب والام الجد بولد الاب في هذا الفصل، لان المعاذة تحجب الجد ولا سبيل إلى حجبه عن الثلث.

(فصل)
وان اجتمع مع الجد والاخوة من له فرض اخذ صاحب الفرض فرضه وجعل للجد أوفر الامرين من المقاسمة أو ثلث الباقي ما لم ينقص عن سدس

(16/118)


جميع المال لان الفرض كالمستحق من المال فيصير الباقي كأنه جميع المال، وقد بينا أن حكمه في جميع المال أن يجعل له أوفر الامرين من المقاسمة أو ثلث المال فكذلك فيما بقى بعد الفرض، فإن نقصته المقاسمة أو ثلث الباقي عن السدس فرض له السدس لان ولد الاب والام ليس بأكثر من ولد الصلب، ولو اجتمع الجد مع ولد الصلب لم ينقص حقه من السدس، فلان لا ينقص مع ولد الاب
والام أولى.
وإن مات رجل وخلف بنتا وجدا وأختا فللبنت النصف والباقى بين الجد والاخت، للذكر مثل حظ الانثيين، وهى من مربعات عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فإنه قال: للبنت النصف والباقى بين الجد والاخت نصفان، وتصح من أربعة، وإن ماتت امرأة وخلفت زوجا وأما وجدا فللزوج النصف وللام الثلث والباقى للجد وهو السدس، وهى من مربعات عبد الله رضى الله عنه لانه يروى عنه أنه قال: للزوج النصف والباقى بين الجد والام نصفان.
وتصح من أربعة.
هذا خطأ.
لان الجد أبعد من الام فلم يجز أن يحجبها كجد الاب مع أم الاب.
وإن مات رجل وخلف زوجة وأما وأخا وجدا فللزوجة الربع وللام الثلث والباقى بين الجد والاخ نصفان، وتصح من أربعة وعشرين، للزوجة ستة أسهم وللام ثمانية والباقى بين الجد والاخ لكل واحد منهما خمسه، وهى من مربعات عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فانه روى عنه أنه جعل للزوجة الربع وللام ثلث ما بقى والباقى بين الجد والاخ نصفان وتصح من أربعة، للزوجة سهم وللام سهم وللاخ سهم وللجد سهم وإن مات رجل وخلف امرأة وجدا وأختا، فللمرأة الربع والباقى بين الجد والاخت للذكر مثل حظ الانثيين وتعرف بالمربعة، لان مذهب زيد ما ذكرناه ومذهب أبى بكر وابن عباس رضى الله عنهما: للمرأة الربع، والباقى للجد.
ومذهب علي وعبد الله رضى الله عنهما: للمرأة الربع وللاخت النصف والباقى للجد واختلفوا فيها على ثلاثة مذاهب واتفقوا على القسمة من أربعة.
وإن مات رجل وخلف أما وأختا وجدا، فللام الثلث، والباقى بين الجد والاخت للذكر مثل

(16/119)


حظ الانثيين، وتسمى الخرقاء لكثرة اختلاف الصحابة فيها، فان زيدا ذهب إلى ما قلناه وذهب أبو بكر وابن عباس رضى الله عنهما إلى أن للام الثلث والباقى للجد.
وذهب عمر إلى أن للاخت النصف وللام ثلث الباقي وهو السدس والباقى للجد وذهب عثمان رضى الله عنه إلى أن للام الثلث والباقى بين الجد والاخت نصفان وتصح من ثلاثة.
وذهب علي عليه السلام إلى أن للاخت النصف وللام الثلث والباقى للجد، وعن ابن مسعود روايتان: إحداهما مثل قول عمر رضى الله عنه، والثانية للاخت النصف والباقى بين الام والجد نصفان، وتصح من أربعة وتعرف بمثلثة عثمان ومربعة عبد الله رضى الله عن الجميع
(فصل)
ولا يفرض للاخت مع الجد الا في مسألة واحدة وهى: إذا ماتت امرأة وخلفت زوجا وأما وأختا وجدا، فللزوج النصب وللام الثلث وللاخت النصف وللجد السدس.
وأصلها من ستة وتعول إلى تسعه، ويجمع نصف الاخت وسدس الجد فيقسم بينهما للذكر مثل حظ الانثيين، وتصح من سبعة وعشرين، للزوج تسعة وللام ستة وللجد ثمانية وللاخت أربعة، لانه لا بد من أن يعطى الزوج النصف لانه ليس ههنا من يحجبه، ولا بد من أن تعطى الام الثلث لانه ليس ههنا من يحجبها، ولا بد من أن يعطى الجد السدس لان أقل حقه السدس، ولا يمكن اسقاط الاخت لانه ليس ههنا من يسقطها ولا يمكن أن تعطى النصف كاملا، لانه لا يمكن تفضيلها عن الجد، فوجب أن يقسم مالهما بينهما للذكر مثل حظ الانثيين، وتعرف هذه المسألة بالاكدرية لان عبد الملك بن مروان سأل عنها رجلا اسمه الاكدر فنسبت إليه وقيل سميت أكدرية لانها كدرت على زيد أصله لانه لا يعيل مسائل الجد وقد أعال ولا يفرض للاخت مع الجد وقد فرض، فان كان مكان الاخت في الاكدرية أخ لم يرث لان للزوج النصف وللام الثلث وللجد السدس، ولا
يجوز أن يشارك الجد في السدس لان الجد يأخذ السدس بالفرض، والاخ لا يرث بالفرض وانما يرث بالتعصيب ولم يبق ما يرثه بالتعصيب فسقط.
وبالله التوفيق.

(16/120)


(الشرح) الاحكام: إذا اجتمع مع الجد والاخوة من له فرض وهم ستة: البنت وبنت الابن والزوج والزوجة والام والجدة فان صاحب الفرض يعطى فرضه ويكون للجد أوفى ثلاثة أشياء: المقاسمة.
أو ثلث ما يبقى أو سدس جميع المال، وإن كان الفرض أقل من نصف جميع المال فثلث ما يبقى خير له من السدس فيكون له الاحظ من المقاسمة أو ثلث ما يبقى، وإن كان الفرض النصف فثلث ما يبقى والسدس واحد، وإن كان الفرض أكثر من النصف فالسدس أكثر من ثلث ما يبقى فيكون للجد الاحظ من المقاسمة أو السدس إذا ثب هذا فمات الرجل وخلف بنتا وأختا لاب وأم وجدا فللبنت النصف والباقى بين الجد والاخت للذكر مثل حظ الانثيين.
والمقاسمة ههنا خير للجد هذا مذهبنا، وبه قال زيد بن ثابت وقال علي بن أبي طالب: للبنت النصف وللجد السدس والباقى للاخت دليلنا: أنه فريضة جمعت أبا أب وولد أب فاشتركا في الفاضل من فرض ذوى السهام كما لو كان بدل الاخت أخا مع البنت والجد (فرع)
زوج وجد وأم فالتركة من ستة: للزوج ثلاثة وللام الثلث سهمان وللجد سهم وبه قال زيد بن ثابت.
فان كان بدل الزوج زوجة كان لها الربع وللام الثلث الباقي للجد وروى عن عمر روايتان (إحداهما) أن للزوج النصف وللام ثلث ما بقى والباقى للجد (والثانية) للزوج النصف وللام السدس والباقى للجد.
ويفيد اختلاف الروايتين إذا كان مكان الزوج زوجة، فعلى
إحدى الروايتين يكون للزوجة الربع وللام الثلث مما بقى للجد وروى عن ابن مسعود ثلاث روايات، روايتان كروايتي عمر، والثالثة للزوج النصف والباقى بين الجد والام، فيكون على هذه الرواية من مربعات ابن مسعود.
وإن مات رجل وخلف زوجة وأما وأخا وجدا كان أصلها من إثنى عشر: للزوجة ثلاثة وللام أربعة وللاخ وللجد ما بقى وهى خمسة.
وتصح من أربعة وعشرين وهى من مربعات ابن مسعود فانه قال: للزوجة الربع وللام ثلث ما بقى وللاخ سهمان.
وإن خلف رجل زوجه وأختا وجدا كان للزوجة الربع سهم من أربعه

(16/121)


والباقى بين الجد والاخت للذكر مثل حظ الانثيين، ويصح من أربعه، وبه قال زيد بن ثابت.
وقال أبو بكر وابن عباس: للزوجه الربع والباقى للجد.
وقال عمر وابن مسعود: للزوجه الربع سهم من أربعه، وللاخت النصف سهمان وللجد ما بقى وهو سهم وتعرف هذه المسألة بالمربعة، فانهم اختلفوا في قدر ما يرث كل واحد من الجد والاخت واتفقوا على أن أصلها من أربعه.
(فرع)
وإن مات رجل وخلف أما وأختا وجدا فهذه تسمى الخرقاء لتخرق أقاويل الصحابة فيها.
قال ابن بطال (لعلها مأخوذة من الخرق، وهى الارض الواسعه) وأن فيها سبعة أقاويل فأبو بكر وابن عباس وعائشة وهم من قالوا إن الجد مسقط للاخوة، فللام الثلث والباقى للجد ويسقط الاخت.
وعن عمر فيها روايتان (إحداهما) للاخت النصف وللام السدس والباقى للجد (والثانيه) أن للاخت النصف وللام ثلث ما يبقى والباقى بين الجد والاخت نصفا.
وعن ابن مسعود فيها ثلاث روايات، روايتان مثل روايتي عمر والثالثه
للاخت النصف والباقى بين الجد والام نصفان، فيكون على هذه الرواية من مربعته.
وعن عثمان يقسم المال كله على ثلاثة للام سهم وللاخت سهم وللجد سهم.
وقال على للام الثلث وللاخت النصف وللجد السدس، وقال زيد بن ثابت للام الثلث والباقى بين الجد والاخت للذكر مثل حظ الانثيين.
وتصح من تسعه، وبه قال الشافعي وأصحابه.
(فرع)
قال الشافعي رضى الله عنه، وليس يقال لاحد من الاخوة والاخوات مع الجد الا في الاكدريه، وهو زوج وأم وأخت لاب وأم أو لاب وجد، وقد اختلف الصحابة رضى الله عنهم فيها، فذهب أبو بكر وابن عباس أن للزوج النصف وللام الثلث والباقى للجد، وتسقط الاخت.
وقال عمر وابن مسعود للزوج النصف وللاخت النصف وللجد السدس فيعول إلى تسعه، فتأخذ الاخت ثلاثه.
وقال زيد بن ثابت تعول إلى تسعه كما قال على، ولكن يجمع الثلاثه التى للاخت والسهم الذى للجد فتصير أربعة، فيقسمان للذكر مثل حظ الانثيين.
وتصح من سبعه وعشرين للزوج وللام سته وللجد

(16/122)


ثمانية وللاخت أربعة، وبهذا قال الشافعي وأصحابه، وإنما كان كذلك لانه ليس ههنا من يحجب الزوج عن النصف ولا من يحجب الام عن الثلث، ولا يمكن أن ينتقص الجد عن السدس لان الابن لا يسقط عنه فهؤلاء أولى، وقد استكملت الفريضة ولا سبيل إلى إسقاط الاخت لانه ليس ههنا من يسقطها ففرض لها النصف، ولا يمكن أن يأخذ جميعه لانه لا يجوز تفضيلها على الجد فوجب أن يجتمع نصيبها ويقسماه للذكر مثل حظ الانثيين، كما قلنا في غير هذا الموضع.
وإختلف الناس لاى معنى سميت أكدرية، فروى عن الاعمش أنه قال إنما سميت أكدرية لان عبد الملك بن مروان سأل عنها رجلا يقال له أكدر فذكر
له اختلاف الصحابة فيها فنسبت إليه.
وقيل سميت أكدرية لانها كدرت على زيد أصله، لانه لا يفرض للاخوات مع الجد وقد فرض لها ههنا، ولا يعيل مسائل الجد وقد أعال ههنا.
وقال ابن بطال يقال إنه اسم المرأة في المسألة فنسبت إليها، وإن كان بدل الاخت أخا فإن للزوج النصف وللام الثلث وللجد السدس، ويسقط الاخ لان الاخ له تعصيب محض ولا يمكن أن يفرض له.
ولم يبق في الفريضة شئ فسقط وإن كان هناك زوج وأم وأختان وجد فليست بأكدرية، بل للزوج النصف وللام السدس والباقى بين الجد والاختين للذكر مثل حظ الانثيين، فيصح من إثنى عشر، فإن كان هناك زوج وأم وبنت وأخت وجد كان أصلها من إثنى عشر للزوج ثلاثة وللبنت سته، وللام سهمان وللجد سهمان ولا شئ للاخت لان المسألة قد عالت ولا يفرض لها لانها انما تأخذ مع البنت بالتعصيب ولا تعصيب ههنا (مسألة) قال الشافعي رضى الله عنه والاخوة للاب والام معادون الجد بالاخوة والاخوات للاب.
وجملة ذلك أنه إذا اجتمع جد وأخ لاب وأم وأخ لاب فان الاخ للاب والام يعاد الجد بالاخ للاب فيقسم المال بينهم على ثلاثة لكل واحد سهم ثم يرجع الاخ للاب والام فيأخذ سهم الذى بيد الاخ للاب، وبه قال زيد بن ثابت ومالك بن أنس.
وذهب على وابن مسعود إلى أن الاخ للاب يسقط ويكون المال بين الجد والاخ للاب والام نصفين

(16/123)


دليلنا أن الجد إذا حجب بأخوين وارثين جاز أن يحجب بأخوين أحدهما وارث والآخر غير وارث، كالام تحجب بالاخوين أحدهما لاب والآخر لاب وأم، فإن كان هناك أخ لاب وأم وأخت لاب وجد عاد الاخ للاب والام الجد بالاخت للاب فيقسم المال على خمسة، للجد سهمان وللاخ للاب والام سهمان
وللاخت سهم، ثم يرجع الاخ فيأخذ سهم الاخت، وان كان هناك أخوات لاب وأم وأخ لاب وجد ولا حاجة ههنا إلى المعادة لان الجد لا يجوز أن ينقص عن الثلث.
(فرع)
وان اجتمع أخت لاب وأم وأخت لاب وجد كان المال بينهم على أربعة أسهم، للجد سهمان ولكل أخت سهم ثم تأخذ الاخت للاب والام السهم الذى بيد الاخت للاب وقد حصل معها نصف المال، وان كان هناك أخت لام وأب وأخ لاب وجد كان المال بينهم على خمسة، للجد سهمان وللاخت سهم وللاخ سهمان ثم تأخذ الاخت من الاخ تمام النصف وهو سهم ونصف: لانه لا يجوز أن ترث أكثر من نصف المال.
فبضرب الخمسة في اثنين فتصبح من عشرة للجد اثنان في اثنين فذلك أربعة وللاخت سهمان ونصف في اثنين فذلك خمسة وللاخ النصف في اثنين فذلك سهم، وتعرف هذه المسألة بعشرية زيد، لانه يبقى للاختين سهم من عشرة فتضرب في العشرة اثنين فذلك عشرون، وتعرف بالعشرينيه.
وان اجتمع مع الجد والاخوة للاب والام والاخوة للاب من له فرض كان الحكم فيه حكم ما لو كان للجد والاخوة للاب والام من له فرض في أن يجعل للجد الاوفر من المقاسمه بعد الفرض أو ثلث ما يبقى أو سدس جميع المال ويعاد الاخوة للاب والام الجد بالاخوة للاب على ما ذكرنا.
والله تعالى أعلم بالصواب وهو حسبنا ونعم الوكيل

(16/124)