المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية

ص -166-      باب: صلاة المسافر
يجوز للمسافر سفرًا طويلا مباحًا قصر الظهر والعصر والعشاء ركعتين ركعتين أداء وقضاء، لا فائتة الحضر والمشكوك أنها فائتة سفر أو حضر، والطويل يومان معتدلان بسير الأثقال والإتمام أفضل إلا في ثلاث مراحل، ولمن وجد في نفسه كراهة القصر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقرر "إلا إذا" غاب الراتب أول الوقت و"خشي" بالبناء للمفعول "فوات فضيلة أول الوقت ولم يخش فتنة" ولا يتأذى الراتب لو تقدم غيره فيسن حينئذ لواحد، وكونه الأحب للإمام أولى أن يؤم بالقوم، فإن خشي فتنة أو تأذى به صلوا فرادى، ويسن لهم الإعادة معه، فإن لم يبق من الوقت إلا ما يسع تلك الصلاة جمعوا وإن خافوا الفتنة هذا كله في غير المطروق كما تقرر، أما المطروق فلا بأس أن يصلوا أول الوقت جماعة. "ويندب أن يجهر الإمام بالتكبير وبقوله: سمع الله لمن حمده والسلام" للاتباع فإن كبر المسجد سن مبلغ يجهر بذلك، "ويوافقه" أي الإمام "المسبوق في الأذكار" والأقوال الواجبة والمندوبة أي يندب له ذلك وإن لم يحسب له، ومن ذلك أنه يكبر معه فيما يتابعه فيه، فلو أدركه في الاعتدال كبر للهوي ولما بعده من سائر الانتقالات، وفي نحو السجود لم يكبر للهوي إليه؛ لأنه لم يتابعه فيه ولا هو محسوب له، وخرج بذلك الأفعال فيجب عليه موافقته فيما أدركه معه منها وإن لم يحسب له, وإذا قام بعد سلام الإمام ليأتي بما عليه، فإن كان جلوسه في محل تشهده كالأول من الرباعية أو الثلاثية قام مكبرًا ندبًا ولا يلزمه القيام فورًا، وإن لم يكن محل تشهده قام فورًا وجوبًا بلا تكبير ندبًا، وما أدركه مع الإمام فهو أول صلاته، وما أتى به بعده آخرها فيقرأ فيه السورة ندبًا إن لم يكن قرأها في أولييه ولا يجهر بقراءته في الأخيرتين ولو أدركه في ثانية الصبح أو العيد قنت معه وكبر معه خمسًا وقنت في ثانيته وكبر فيها خمسًا لا سبعًا.
باب: كيفية "صلاة المسافر" قصرًا وجمعًا ويتبعه جمع المقيم بالمطر
"يجوز للمسافر سفرًا طويلا مباحًا" يعني جائزًا وإن كره كسفر الواحد أو الاثنين "قصر الظهر والعصر والعشاء ركعتين ركعتين" دون الصبح والمغرب والمنذورة والنافلة؛ لأنه لم يرد "أداء" لو بأن سافر وقد بقي من الوقت قدر ركعة "و" كذا "قضاء" عما فات في سفر قصر يقينًا وقضى فيه أو في سفر قصر آخر "لا فائتة الحضر" لأنها لزمته تامة. "و" لا "المشكوك" فيها "أنها فائتة سفر أو حضر" لأن الأصل الإتمام، وخرج بالطويل القصير وبالجائز الحرام بأن يقصد محلا لفعل محرم وهذا هو العاصي بالسفر، بخلاف من عرضت له معصية وهو مسافر فارتكبها وهذا هو العاصي في السفر، فلا يقصر ذو السفر القصير إذ لا مشقة عليه، ولا العاصي بسفره لأن السفر سبب الرخصة فلا تناط بالمعصية، ومن ثم امتنع رخص السفر حتى أكل الميتة عند الاضطرار لتمكنه من دفع الهلاك بالتوبة، ومنه من يسافر لمجرد رؤية البلاد ومن يتعب نفسه

 

ص -167-      فصل: "فيما يتحقق به السفر"
وأول السفر الخروج من السور في المسورة، ومن العمران مع ركوب السفينة فيما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو دابته بالركض بلا غرض شرعي. "و" السفر "الطويل يومان" أو ليلتان أو يوم وليلة "معتدلان" أي مسيرهما ذهابًا مع المعتاد من النزول والاستراحة والأكل ونحوها وذلك مرحلتان "بسير الأثقال" ودبيب الأقدام وهي بالبرد أربعة وبالفراسخ ستة عشر وبالأميال ثمانية وأربعون ميلا والميل ستة آلاف ذراع والذراع أربعة وعشرون أصبعًا والأصبع ست شعيرات معتدلات معترضات والشعيرة ست شعرات من شعر البرذون، والمسافة في البحر كالبر ولو قطعها فيه أو في البر في لحظة ترخص، ولو شك في طول سفره اجتهد فإن ظهر له أن القدر المعتبر قطع ترخص وإلا فلا. "والإتمام" للصلاة في مرحلتين أو أكثر "أفضل" من القصر "إلا في ثلاث مراحل" فالقصر أفضل خروجًا من قول أبي حنيفة رضي الله عنه: وجوب الإتمام في الأول والقصر في الثاني، نعم الأولى لملاح وهو من له دخل في تسيير السفينة إذا كان معه أهله فيها ولمن لم يزل مسافرًا بلا وطن الإتمام مطلقًا لأن أحمد رضي الله عنه يوجبه عليه. "و" إلا "لمن" يقتدي به أو "وجد في نفسه كراهة القصر" لا رغبة عن السنة؛ لأنه كفر بل لإيثاره الأصل وهو الإتمام فالأولى له القصر بل يكره تركه، وكالقصر في ذلك كل رخصة، وكالكاره لذلك الشاك في جوازه أي لظن فاسد تخيله فيؤمر به قهرًا لنفسه عن الخوض في مثل ذلك.
فصل: فيما يتحقق به السفر
"وأول السفر" الطويل هنا والقصير فيما مر بالنسبة للمتنفل على الدابة أو ماشيًا "الخروج من السور في" البلدة "المسورة" أو من بعضه في المسور بعضها وهو صوب سفره وإن تهدم أو تعدد أو كان ظهره ملصقًا به أو كان وراءه عمارة أو احتوى على خراب ومزارع؛ لأن ما كان خارجه لا يعد من البلد بخلاف ما كان داخله ولو من الخراب والمزارع ومثله الخندق ومحل ذلك إن اختص وإلا بأن جمع بلدتين أو قريتين لم يشترط مجاورته بل لكل حكمه. "و" أوله فيما لا سور له الخروج "من العمران" وإن تخلله خراب أو نهر أو ميدان ليفارق محل الإقامة، وأفهم كلامه أنه لا يشترط مجاوزة الخراب الذي وراءه ولا المزارع والبساتين المتصلة بالبلد وإن كانت محوطة أو كان فيها دور تسكن في بعض فصول السنة وهو المعتمد فيهما والقريتان المتصلتان كالقرية فإن انفصلتا ولو يسيرًا فلكل حكمها، ويعتبر في سفر البحر المتصل ساحله بالبلد الخروج منها "مع ركوب السفينة" وجريها أو جري الزورق إليها قاله البغوي1 وأقره

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تقدم التعريف به. راجع الحاشية 1 صفحة 156.

 

ص -168-      لا سور له، ومجاوزة الحلة، وينتهي سفره بوصوله سور وطنه أو عمرانه إن كان غير مسور، وبنية الرجوع إلى وطنه، وبوصول موضع نوى الإقامة فيه مطلقًا أو أربعة أيام صحيحة، أو لحاجة لا تنقضي إلا في المدة المذكورة، وإن كان يتوقع قضاءها كل وقت ترخص إلى ثمانية عشر يومًا، ولا يقصر هائم وطالب غريم أو آبق لا يعرف موضعه، ولا زوجة وعبد لا يعرفان المقصد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ابن الرفعة1 وغيره، وظاهر قول المصنف "فيما لا سور له" أن خاص بما لا سور له وهو متجه. "و" أوله لساكن الخيام "مجاوزة الحلة" بكسر الحاء وهي بيوت مجتمعة وإن تفرقت، ولا بد أيضًا من مفارقته مرافقها كمعاطن2 الإبل ومطرح الرماد وملعب الصبيان والنادي ونحوها كالماء والمحتطب إلا أن يتسعا بحيث لا يختصان بالنازلين لأن ذلك كله من جملة موضع الإقامة، فاعتبرت مفارقته واتحاد الحلة باتحاد ما يسمرون3 فيه واستعارة بعضهم من بعض، وإلا فكالقريتين فيما مر. "وينتهي سفره" المجوز لترخصه بالقصر وغيره "بوصوله" ما مر مما يشترط مجاوزته في ابتداء السفر وإن لم يدخله وذلك بأن يصل "سور وطنه" إن كان مسورًا "أو عمرانه" أي عمران وطنه "إن كان" وطنه "غير مسور" وإن لم ينو الإقامة به. "و" ينتهي أيضًا "بنية الرجوع" وبالتردد فيه من مستقل ماكث ولو بمحل لا يصلح للإقامة كمفازة قبل وصوله مسافة القصر "إلى وطنه" سواء أقصد مع ذلك ترك السفر أو أخذ شيء منه فلا يترخص في إقامته ولا رجوعه إلا أن يفارق وطنه تغليبًا للوطن وخرج به4 غيره، وإن كان له فيه أهل أو عشيرة فيترخص، وإن دخله كسائر المنازل وبنية الرجوع ما لو رجع إليه ضالا عن الطريق وبالمستقل من هو تحت حجر غيره وقهره كالزوجة والعبد فلا أثر لنيتهم، وبالماكث السائر فلا أثر لنيته حتى يصل إلى المحل الذي نوى الإقامة ويقيم به لأن فعله وهو السير يخالف نيته، فألغيت ما دام فعله موجودًا، ويقبل وصوله ما ذكر ما لو رجع أو نوى الرجوع من بعيد لحاجة فيترخص إلى أن ينتهي سفره. "و" ينتهي أيضًا "بوصول موضع نوى" المستقل "الإقامة فيه مطلقًا" من غير تقيد بزمن وإن لم يصلح للإقامة "أو" نوى أن يقيم فيه "أربعة أيام" بلياليها "صحيحة" أي غير يومي الدخول والخروج لأن من الأول الحط وفي الثاني الرحيل وهما من أشغال السفر. "أو" أن يقيم فيه "لحاجة لا تنقضي إلا في المدة المذكورة" لأنه صلى الله عليه وسلم رخص للمهاجرين في إقامة الثلاثة بين أظهر الكفار5, وكانت الإقامة عندهم محرمة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تقدم التعريف به. راجع الحاشية 1 صفحة 87.
2 معاطن الإبل وأعطانها: جمع عطن ومعطن، وهو مبرك الإبل ومربض الغنم عند الماء "المعجم الوسيط: ص609".
3 يسمرون: يتحدثون ليلا "المعجم الوسيط: ص448".
4 أي بالوطن.
5 روى مسلم في الحج "حديث 442" عن العلاء بن الحضرمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثًا". وفي لفظ "حديث 443": "ثلاث ليال يمكثهن المهاجر بمكة بعد الصدر". وفي لفظ "حديث 444": "مكث المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثًا". ورواه أيضًا الترمذي في الحج باب 103، والنسائي في التقصير باب 4, والدارمي في الصلاة باب 180، وأحمد في المسند "4/ 339، 5/ 52".

 

ص -169-      فصل: "في بقية شروط القصر ونحوه"
وشروط القصر: العلم بجوازه، وأن لا يقتدي بمتم، ولا بمشكوك السفر، وأن ينوي القصر في الإحرام، وأن يدوم سفره من أول الصلاة إلى آخرها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والترخيص فيها يدل على بقاء حكم السفر فيها وفي معناها ما فوقها ودون الأربعة، وألحق بإقامتها نية إقامتها "وإن كان" نوى الإقامة لحاجة كريح لمن حبس لأجله في البحر "يتوقع قضاءها كل وقت" أي قبل مضي أربعة أيام صحاح "ترخص" بالقصر وغيره سواء المقاتل والتاجر وغيرهما "إلى ثمانية عشر يومًا" غير يومي الخروج والدخول للاتباع1. "ولا" يجوز الترخص بالقصر وغيره إلا لمن قصد مكانًا معينًا "يقصر هائم" وهو من لا يدري أين يتوجه وإن طال تردده لأن سفره معصية إذ إتعاب النفس بالسفر لغير غرض حرام. "و" لا يقصر "طالب غريم أو آبق لا يعرف موضعه" ومتى وجده رجع وإن طال سفره كالهائم إذ شرط القصر أن يعزم على قطع مسافة القصر، فإن علم أنه لا يجده قبل مرحلتين أو قصد الهائم سفرهما قصر فيهما لا فيما زاد عليهما إذ ليس له بعدهما مقصد معلوم. "ولا" يقصر قبل قطع مسافة القصر "زوجة وعبد لا يعرفان المقصد" إلا بعد مرحلتين للزوج أو السيد لانتفاء شرط الترخص وهو تحقق السفر الطويل، بخلاف ما إذا جاوزهما فإنهما يقصران وإن لم يقصر المتبوع لتبين طول سفره.
فصل: في بقية شروط القصر ونحوه
"وشروط القصر" ونحوه غير ما مر أربعة: الأول: "العلم بجوازه" فلو قصر أو جمع جاهلًا بجواز ذلك لم يصح لتلاعبه. "و" الثاني: "أن لا يقتدي" في جزء من صلاته "بمتم" ولو مسافرًا مثله وإن ظنه مسافرًا أو أحدث عقب اقتدائه كأن اقتدى مصلي الظهر مثلًا به في جزء من الصبح أو الجمعة أو المغرب أو النافلة لأنها تامة في نفسها. "ولا بمشكوك السفر" لأنه لم يجزم حينئذ بنية القصر والجزم بها شرط كما يأتي، وصح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل: ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد وأربعًا إذا ائتم بمقيم؟ فقال: تلك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 روى أبو داود في صلاة السفر باب 10 "حديث 1229" عن عمران بن حصين قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهدت مع الفتح، فأقام بمكة ثماني عشرة ليلة لا يصلي إلا ركعتين، يقول:
"يا أهل البلد صلوا أربعًا فإنا قوم سفر".

 

ص -170-      فصل: "في الجمع بالسفر والمطر"
يجوز الجمع بين العصرين والعشاءين تقديمًا وتأخيرًا وتركه أفضل إلا لمن وجد في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السنة. "و" الثالث: "أن ينوي القصر في الإحرام" أي عنده بأن يقرنها به يقينًا ويستديم الجزم بها لأن لا يأتي بما ينافيها إلى السلام لأن الأصل الإتمام فاحتيج في الخروج منه إلى قصد جازم، فإن لم يجزم بها أو عرض ما ينافيها كأن تردد هل يقطعها أو شك هل نوى القصر أو لا؟ أتم وإن تذكر حالا لأنه الأصل، وبه فارق الشك في أصل النية إذا تذكر حالا، نعم لا يضر تعليقها بنية إمامه بأن ظن سفره ولم يعلم قصره فقال: إن قصر قصرت وإن أتم أتممت لأن الظاهرة من حال المسافر القصر، وإنما لم يضر التعليق لأن الحكم معلق بصلاة إمامه وإن جزم. "و" الرابع: "أن يدوم سفره من أول الصلاة إلى آخرها" فإن انتهت به سفينته إلى محل إقامته أو سارت به منها أن نوى الإقامة أو شك هل نواها أو هل هذه البلدة التي انتهى إليها هي بلده أو لا وهو في أثناء الصلاة في الجميع أتم لزوال الرخصة أو الشك في زواله.
فصل: في الجمع بالسفر والمطر
"يجوز" في السفر الذي يجوز فيه القصر "الجمع بين العصرين" أي الظهر والعصر وغلبت لشرفها لأنها الوسطى. "و" بين "العشاءين" أي المغرب والعشاء وغلبت لأنها أفضل، وعبر غيره بالمغربين كأنه توهم أن في هذه تسمية المغرب عشاء وهو مكروه وليس كذلك، فلا اعتراض على المصنف "تقديمًا وتأخيرًا" ويكون كل أداء لأن وقتيهما صارا كالوقت الواحد، نعم يمتنع جمع التقديم للمتحيرة وفاقد الطهورين وكل من لم تسقط صلاته؛ لأن شرطه كما يأتي وقوع الأولى معتدًا بها وما يجب إعاته لا اعتداد به لأنها إنما فعلت لحرمة الوقت، أما الصبح مع غيرها والعصر مع المغرب فلا جمع فيهما لأنه لم يرد بخلاف ما ذكره، فقد صح "أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا ارتحل قبل الزوال أخر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما فإن زالت قبل ارتحاله صلاهما ثم ركب، وأنه كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء"1 أي في وقت العشاء. "وتركه" أي الجمع "أفضل" لا رعاية لخلاف من منعه لأنه عارض السنة الصحيحة الدالة على الجواز كما تقرر، بل أن فيه إخلاء أحد الوقتين عن وظيفته، وبه فارق ندب القصر فيما مر2 "إلا لمن وجد في نفسه كراهة الجمع أو شك في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه أبو داود في صلاة السفر باب 5 "حديث رقم 1206" من حديث معاذ بن جبل، و"حديث رقم 1218" من حديث أنس بن مالك. ورواه أيضًا الترمذي في الجمعة باب 42، والنسائي في المواقيت باب 45 و46.
2 راجع قوله في المتن: "... والإتمام أفضل إلا في ثلاث مراحل ولمن وجد في نفسه كراهة القصر" في باب كيفية صلاة المسافر قبل صفحات.

 

ص -171-      نفسه كراهة الجمع أو شك في جوازه، أو يصلي منفردًا لو ترك الجمع، وشروط التقديم أربعة: البداءة بالأولى، ونية الجمع ولو مع السلام، والموالاة بينهما، ودوام السفر إلى الإحرام بالثانية، ويشترط في التأخير نيته قبل خروج وقت الأولى ولو بقدر ركعة ودوام السفر إلى تمامها وإلا صارت الظهر قضاء، ويجوز الجمع بالمطر تقديمًا لمن صلى جماعة في مكان بعيد وتأذى بالمطر في طريقه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جوازه" أو كان ممن يقتدى به فيسن له الجمع نظير ما مر في القصر. "أو" كان "يصلي منفردًا لو ترك الجمع" وفي جماعة لو جمع فالأفضل الجمع أيضًا لاشتماله على فضيلة لم يشتمل عليها ترك الجمع، ومثل الجماعة في ذلك سائر الفضائل المتعلقة بالصلاة، فمتى اقترنت صلاته في الجمع بكماله ولو ترك الجمع فات ذلك الكمال كان الجمع أفضل، والأفضل للمسافر الحاج جمع العصرين تقديمًا بمسجد نمرة1، وجمع العشاءين تأخيرًا بمزدلفة إن كان يصليهما قبل مضي وقت الاختيار للعشاء للاتباع فيهما وفي ذلك صور كثيرة.
"وشروط" جمع "التقديم أربعة" الأول: "البداءة بالأولى" للاتباع ولأن الثانية تابعة فلا تتقدم على متبوعها، ولو قدم الأولى وبان فسادها فسدت الثانية. "و" الثاني: "نية الجمع" فيها "ولو مع السلام" منها أو بعد نية الترك بأن نواه ثم نوى تركه ثم نواه تمييزًا للتقديم المشروع عن التقديم سهوًا أو عبثًا وفارق القصر بأنه يلزم من تأخر نيته عن الإحرام تأدي جزء على التمام. "و" الثالث: "الموالاة بينهما" في الفعل للاتباع في الجمع بنمرة وقياسًا عليه في غير ذلك، ولأن الجمع يجعلهما كصلاة واحدة فوجبت الموالاة كركعات الصلاة، ولا يضر الفصل بزمن يسير عرفًا ولو بغير شغل، بخلاف الطويل عرفًا ولو بعذر كسهو وإغماء ومنه صلاة ركعتين. "و" الرابع: "دوام السفر" من حين الإحرام بالأولى "إلى" تمام "الإحرام بالثانية" فالإقامة قبل الإحرام بها مبطلة للجمع لزوال العذر. ولا يشترط في جمع التأخير شيء من الشروط الثلاثة الأول لكنها سنة فيه. "و" إنما "يشترط في" جمع "التأخير" شيئان: الأول شرط لجواز التأخير وكون الأولى أداء وهو "نيته قبل خروج وقت الأولى" ويجزئ بالنسبة إلى الأداء تأخير النية إلى زمن. "ولو" كان "بقدر ركعة" وأما الجواز فشرطه أن ينوي وقد بقي من وقت الأولى ما يسعها أو أكثرها وإلا عصى وإن كانت أداء، وعلى الأول تحمل عبارة الروضة وأصلها، وعلى الثاني تحمل عبارة المجموع وغيره، فلا تنافي بين العبارات خلافًا لمن ظنه."و" الثاني شرط لكون الأولى أداء وهو "دوام السفر إلى تمامها" أي الثانية "وإلا" يدم إلى ذلك بأن أقام ولو في أثنائها "صارت" الأولى وهي "الظهر" أو المغرب "قضاء" لأنها تابعة للثانية في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في معجم البلدان لياقوت: نمرة، ناحية بعرفة نزل بها النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: الحرم من طريق الطائف على طرف عرفة من نمرة على أحد عشر ميلا، وقيل: نمرة الجبل الذي عليه أصاب الحرم عن يمينك إذا خرجت من المأزمين تريد الموقف، قال الأزرقي: حيث ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع؛ ونمرة أيضًا: موضع بقديد.