الوسيط في المذهب

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَاب الثَّانِي فى الِاسْتِنْجَاء - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِيه أَرْبَعَة فُصُول
الْفَصْل الأول فى آدَاب قَضَاء الْحَاجة

وَهِي سَبْعَة عشر
أَن يبعد عَن أعين النظارين فِي الصَّحرَاء

(1/293)


وَأَن يسْتَتر بِشَيْء إِن وجد
وَأَن لَا يكْشف عَوْرَته قبل الإنتهاء إِلَى مَوضِع الْجُلُوس
وَأَن لَا يسْتَقْبل الشَّمْس وَالْقَمَر

(1/294)


وَأَن لَا يسْتَقْبل الْقبْلَة وَلَا يستدبرها وَهُوَ وَاجِب إِلَّا إِذا كَانَ فِي بِنَاء

(1/295)


وَإِن استتر فِي الصَّحرَاء براحلته جَازَ وَكَذَا بذيله على أحد الْوَجْهَيْنِ
وَأَن يَتَّقِي الْجُلُوس فِي متحدث النَّاس

(1/296)


وَأَن لَا يَبُول فِي المَاء الراكد وَلَا تَحت الْأَشْجَار المثمرة وَلَا فى الجحرة وفيهَا أَخْبَار

(1/297)


وَأَن يَتَّقِي الْمحل الصلب ومهاب الرِّيَاح فى الْبَوْل استنزاها من رشاشه
وَأَن يتكئ فى جُلُوسه على الرجل الْيُسْرَى
وَإِن كَانَ فى بُنيان يقدم الرجل الْيُسْرَى فى الدُّخُول واليمنى فى الْخُرُوج
وَأَن لَا يستصحب شَيْئا عَلَيْهِ اسْم الله عز وَجل وَرَسُوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
وَلَا يدْخل ذَلِك الْبَيْت حاسر الرَّأْس

(1/298)


وَأَن يَقُول عِنْد الدُّخُول بِسم الله أغوذ بِاللَّه من الْخَبيث المخبث الشَّيْطَان الرَّجِيم

(1/299)


وَعند الْخُرُوج الْحَمد لله الَّذِي أذهب عني مَا يُؤْذِينِي وَأبقى على مَا يَنْفَعنِي
وَأَن يعد النبل قبل الْجُلُوس

(1/300)


وَأَن لَا يستنجي بِالْمَاءِ فِي مَوضِع قَضَاء الْحَاجة
وَأَن يستبرئ عَن الْبَوْل بالتنحنح والنتر وإمرار الْيَد على أَسْفَل الْقَضِيب

(1/301)


الْفَصْل الثَّانِي فِيمَا يستنجى عَنهُ

وهى كل نَجَاسَة ملوثة خَارِجَة عَن الْمخْرج الْمُعْتَاد نَادرا كَانَ أَو مُعْتَادا
جَازَ الِاقْتِصَار فِيهِ على الْحجر إِذا لم ينتشر إِلَّا مَا ينتشر من الْعَامَّة وَيَسْتَوِي فِيهِ الْبَوْل وَالْغَائِط وَالرجل وَالْمَرْأَة
وَنقل الرّبيع أَنه إِن كَانَ فى جَوف مقعدته بواسير أَنه لم يجز الِاسْتِنْجَاء إِلَّا بِالْمَاءِ

(1/302)


فَمن الْأَصْحَاب من جعل هَذَا قولا وَعلل الْقَوْلَيْنِ بِأَن الِاعْتِبَار بالخارج أَو الْمخْرج
وَمن الْأَصْحَاب من أول مَا نَقله الرّبيع وَقطع بِمَا نَقله الْمُزنِيّ فَإِن الْبَحْث عَن النَّجَاسَات مَعَ أَن الْمخْرج مُعْتَاد فِيهِ عسر
وَاخْتَارَ الْقفال فِيمَا حَكَاهُ الفوراني أَنه إِن خرج غير الْمُعْتَاد خَالِصا لم يكف الْحجر
وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ لَا يَكْفِي الْحجر فى دم الْحيض الْمُوجب للْغسْل وعدوا الْمَذْي من النَّجَاسَات النادرة

(1/303)


وَنقل الْمُزنِيّ أَنه يستنجي مَا لم يعد الْمخْرج وَنقل الرّبيع أَنه يستنجي مَا لم يخرج إِلَى ظَاهر الأليتين
فَمنهمْ من جعل النصين قَوْلَيْنِ آخَرين وَمِنْهُم من قطع بِمَا ذَكرْنَاهُ وَهُوَ الْمَنْصُوص فى الْقَدِيم وَأول هَذِه النُّصُوص
فرع

لَو خرجت حَصَاة جافة أَو دودة غير ملوثة فَفِي وجوب الِاسْتِنْجَاء وَجْهَان وَوجه إِيجَابه أَنه لَا يَنْفَكّ عَن لوث وَإِن قل

(1/304)


الْفَصْل الثَّالِث فِيمَا يستنجى بِهِ

فَإِن استنجى بِالْمَاءِ فَلْيَكُن طهُورا وَإِن اقْتصر على الْحجر فَلْيَكُن طَاهِرا منشفا غير مُحْتَرم وَلَا يخْتَص بِالْحجرِ لِأَن مَا عداهُ فِي مَعْنَاهُ
احترزنا بالطاهر عَن الروث وَالْعين النَّجِسَة فَإِنَّهَا تزيد الْمحل نَجَاسَة أَجْنَبِيَّة فَيتَعَيَّن حِينَئِذٍ المَاء بعد اسْتِعْمَالهَا
وبقولنا منشف عَن الزّجاج الأملس لِأَنَّهُ يبسط النَّجَاسَة فَإِن نقلهَا عَن محلهَا تعين المَاء

(1/305)


وفى التُّرَاب والحممة اخْتِلَاف نَص وَالْوَجْه الْقطع بِالْجَوَازِ فِيمَا لَا يتفتت بِالِاسْتِعْمَالِ وَالْمَنْع فِي الرخو تَنْزِيلا بالنصن على اخْتِلَاف حَالين
وبقولنا غير مُحْتَرم عَن المطعومات وَمَا كتب عَلَيْهِ شَيْء مُحْتَرم والعصفورة الْحَيَّة والاستنجاء بيد الْغَيْر كل ذَلِك محرم فِي وجوب عَادَة الِاسْتِنْجَاء

(1/306)


وَجْهَان وَوجه الْوُجُوب أَن الرُّخص لَا تستفاد بِالْمَعَاصِي والعظم من المطعومات وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه طَعَام إخْوَانكُمْ من الْجِنّ
أما الْجلد فقد نقل حَرْمَلَة منع الِاسْتِنْجَاء بِهِ وَنقل الْبُوَيْطِيّ جَوَازه وَنقل الرّبيع مَنعه قبل الدّباغ دون مَا بعده فَقيل إِنَّه أَقْوَال وَالصَّحِيح الْجَوَاز وَحمل الْمَنْع على جلد الدسم قبل الدّباغ الَّذِي لَا يقْلع النَّجَاسَة كَمَا نَقله الرّبيع
فرع

الْحجر الْمُسْتَعْمل لَا يسْتَعْمل ثَانِيًا وَإِن غسل إِلَّا بعد الْجَفَاف لِأَن تِلْكَ الرُّطُوبَة تصير نَجَاسَة فَتكون كنجاسة أَجْنَبِيَّة

(1/307)


الْفَصْل الرَّابِع فِي كَيْفيَّة الِاسْتِنْجَاء

وَفِيه مسَائِل أَرْبَعَة

الأولى أَن الْعدَد شَرط لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فليستنج بِثَلَاثَة أَحْجَار فَإِن لم يحصل الإنقاء فليستعمل رَابِعَة فَإِن حصل أوتر بخامسة لِأَن الإيتار مُسْتَحبّ
وَقَالَ مَالك يَكْفِي وَلَو بِوَاحِدَة إِذا حصل الإنقاء
وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا حَاجَة إِلَى الْحجر وَلَا إِلَى المَاء بل يُعْفَى عَن هَذِه النَّجَاسَة
ثمَّ يتَأَدَّى الْعدَد بِأَن يستنجي بِحجر لَهُ ثَلَاثَة أحرف بِثَلَاث مسحات متفاصلة

(1/308)


الثَّانِيَة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقبل بِوَاحِد وَيُدبر بِوَاحِد ويحلق بالثالث وَقَالَ فى حَدِيث آخر خجر للصفحة وَحجر الْيُمْنَى للصفحة الْيُسْرَى وَحجر للوسط فَاخْتلف الْأَصْحَاب
مِنْهُم من أَخذ بِالْحَدِيثِ الأول وَاجِب اسْتِعْمَال كل حجر فى جَمِيع الْمحل إِذْ بِهِ يتَحَقَّق الْعدَد وَأول الثَّانِي بِأَن الْبِدَايَة بالصفحة الْيُمْنَى
وَمِنْهُم من أَخذ بالرواية الثَّانِيَة لِأَنَّهَا مصرحة بالتخصيص وَإِنَّمَا مُرَاعَاة الْعدَد بِالْإِضَافَة إِلَى جملَة الْمحل لَا إِلَى كل جُزْء
ثمَّ الْأَصَح أَن هَذَا خلاف فى الأحب وَقيل إِنَّه خلاف فِي الْوُجُوب

(1/309)


الثَّالِثَة يَنْبَغِي أَن يضع الْحجر على مَوضِع طَاهِر ويدير فَإِن أَمر وَنقل النَّجَاسَة تعين المَاء وَإِن لم ينْقل فَوَجْهَانِ الصَّحِيح جَوَازه لِأَن تَكْلِيف الإدارة يضيق بَاب الرُّخْصَة وَلَا يخلوا كل استنجاء عَن نقل يسير فيتسامح بِهِ
الرَّابِعَة الْأَفْضَل أَن يجمع بَين المَاء وَالْحجر وَفِيه نزل قَوْله تَعَالَى {رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا} وَأَن يستنجي باليسار فَإِن أَخذ الْقَضِيب بيد وَالْحجر بِأُخْرَى فليحرك الْيَد الْيُسْرَى فالاستنجاء بالمتحرك وَالله أعلم بِالصَّوَابِ

(1/310)