الوسيط في المذهب

= كتاب صَلَاة الخسوف=

(2/337)


وَهِي سنة فِي سَائِر الْأَوْقَات لِأَن لَهَا سَببا خلافًا لأبي حنيفَة
وَلما مَاتَ إِبْرَاهِيم ولد النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كسفت الشَّمْس فَقَالَ بعض النَّاس إِنَّهَا كسفت لمَوْته فَخَطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ إِن الشَّمْس وَالْقَمَر لآيتان من آيَات الله لَا يخسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فافزعوا إِلَى ذكر الله وَالصَّلَاة

(2/339)


ثمَّ أقل هَذِه الصَّلَاة رَكْعَتَانِ يَنْوِي فِيهَا صَلَاة الخسوف ثمَّ يقْرَأ الْفَاتِحَة ثمَّ يرْكَع ثمَّ يعتدل فَيقْرَأ الْفَاتِحَة ثمَّ يرْكَع على تَرْتِيب سَائِر الصَّلَوَات وَكَذَلِكَ يفعل فِي الثَّانِيَة وَفِي كل رَكْعَة قيامان وركوعان فَلَو تَمَادى الخسوف جَازَ أَن يزِيد ثَالِثا ورابعا على أحد الْوَجْهَيْنِ إِذْ روى أَحْمد بن حَنْبَل أَن الرُّكُوع فِي كل رَكْعَة ثَلَاث فليحمل على صُورَة التَّمَادِي
وَالْقِيَاس الْمَنْع إِن لم يَصح الْخَبَر

(2/340)


وَكَذَا الْوَجْهَانِ فِي أَنه بعد الْفَرَاغ هَل يسْتَأْنف صَلَاة أُخْرَى عِنْد التَّمَادِي وَكَذَا الْوَجْهَانِ فِي أَنه هَل يقْتَصر على رُكُوع وَاحِد إِن أسْرع الانجلاء
فَأَما الْأَكْمَل فَهُوَ أَن يقْرَأ فِي القومة الأولى بعد دُعَاء الاستفتاح سُورَة الْفَاتِحَة وَالْبَقَرَة وَفِي الثَّانِيَة الْفَاتِحَة وَآل عمرَان وَفِي الثَّالِثَة الْفَاتِحَة وَالنِّسَاء وَفِي الرَّابِعَة الْمَائِدَة أَو مقدارها من الْقُرْآن وَذَلِكَ بعد الْفَاتِحَة فِي كل قومة

(2/341)


فَأَما الرُّكُوع فيسبح فِي الأول مِقْدَار مائَة آيَة وَفِي الثَّانِي بِقدر ثَمَانِينَ وَفِي الثَّالِث بِقدر سبعين وَفِي الرَّابِع بِقدر خمسين
وَأما السجدات فَلَا يطولها وَنقل الْبُوَيْطِيّ عَنهُ أَنَّهَا على قدر الرُّكُوع الَّذِي قبله وَلَا خلاف أَن الْقعدَة بَين السَّجْدَتَيْنِ لَا تطول

(2/342)


ثمَّ إِذا فرغ من الصَّلَاة يسْتَحبّ أَن يخْطب خطبتين كَمَا فِي الْعِيد إِلَّا أَنه لَا يجْهر فِي الْكُسُوف بِالْقُرْآنِ لِأَنَّهُ نهاري

(2/343)


ويجهر بالخسوف لِأَنَّهُ بِاللَّيْلِ
وَالْجَمَاعَة فِيهَا مسنونة غير وَاجِبَة
فروع ثَلَاثَة

الأول الْمَسْبُوق إِذا أدْرك الرُّكُوع الثَّانِي نقل الْبُوَيْطِيّ أَنه لَا يكون مدْركا لِأَن الأَصْل هُوَ الأول وَقَالَ صَاحب التَّقْرِيب يصير مدْركا للقومة الَّتِي قبلهَا فَبَقيَ عَلَيْهِ قيام وَاحِد وركوع وَاحِد وَالْأول أصح

(2/344)


الثَّانِي تفوت صَلَاة الْكُسُوف بالانجلاء وبغروب الشَّمْس كاسفة وتفوت صَلَاة الخسوف بالانجلاء وبطلوع قرص الشَّمْس وَلَا تفوت غرُوب الْقَمَر فِي جنح اللَّيْل خاسفا لِأَن اللَّيْل بَاقٍ وسلطان الْقَمَر فِي جَمِيعه
وَهل تفوت بِطُلُوع الصُّبْح فِيهِ قَولَانِ الْجَدِيد أَنه لَا تفوت لبَقَاء سلطنة الْقَمَر بدوام الظلمَة
الثَّالِث إِذا اجْتمع عيد وخسوف وَخيف الْفَوات فالعيد أولى وَإِن اتَّسع الْوَقْت فَقَوْلَانِ
أَحدهمَا الخسوف أولى لِأَنَّهُ على عرض الْفَوات بالانجلاء وَالثَّانِي الْعِيد أولى

(2/345)


لِأَنَّهُ سنة مُؤَكدَة رُبمَا يعوض عَنْهَا عائق وَلَو أنكر منجم وجود الْكُسُوف يَوْم الْعِيد لم نرده على قَوْلنَا إِن الله على كل شَيْء قدير
وَلَو اجْتمع كسوف وجمعة قدمنَا الْجُمُعَة إِن خفنا فَوَاتهَا وَإِلَّا فَقَوْلَانِ كَمَا فِي الْعِيد ثمَّ قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ يخْطب للْجُمُعَة والكسوف خطْبَة وَاحِدَة يتَعَرَّض فِيهَا للكسوف وللجمعة حَتَّى لَا يطول الْوَقْت وَلَا بَأْس بِوُقُوع الْخطْبَة قبل صَلَاة

(2/346)


الْكُسُوف لِأَنَّهَا لَيست من شرائطها وَكَذَا يفعل عِنْد اجْتِمَاع الْعِيد والكسوف
وَلَو اجْتمع جَنَازَة مَعَ هَذِه الصَّلَوَات فَهِيَ مُقَدّمَة إِلَّا مَعَ الْجُمُعَة عِنْد ضيق الْوَقْت فَفِيهِ خلاف وَالأَصَح تَقْدِيم الْجُمُعَة
وَوجه تَقْدِيم الْجِنَازَة أَن الْجُمُعَة لَهَا بدل
ثمَّ قَالَ الشَّافِعِي وَلَا يبرز بِالنَّاسِ لِأَنَّهُ رُبمَا يفوت بالبروز وَلَا يصلى لغير الخسوفين من الْآيَات كالزلازل وَغَيرهَا

(2/347)