الوسيط في المذهب

= كتاب صَلَاة الاسْتِسْقَاء=

(2/349)


وَهِي سنة عرفت من فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ أَبُو حنيفَة بِدعَة
وسببها أَن يَنْقَطِع مَاء السَّمَاء أَو الْعُيُون فتستحب عِنْده صَلَاة الاسْتِسْقَاء وَلَو أخبرنَا أَن طَائِفَة من الْمُسلمين ابتلوا بِهِ فَيسنّ لنا أَن نستسقي لَهُم لِأَن الْمُسلمين كَنَفس وَاحِدَة
ثمَّ إِن سقوا يَوْم الْخُرُوج فَذَاك وَإِن تَمَادى كررنا ثَانِيًا وثالثا كَمَا يرَاهُ الإِمَام فَإِن سقوا

(2/351)


قبل الاسْتِسْقَاء خَرجُوا للشكر وَالْمَوْعِظَة وَفِي أَدَاء الصَّلَاة للشكر وَجْهَان وَكَذَا فِي أَدَائِهَا للاستزادة فِي النِّعْمَة
ثمَّ أقل هَذِه الصَّلَاة كأقل صَلَاة الْعِيد ووقتها وَقتهَا
وأكملها أَن يَأْمر الإِمَام النَّاس بِالتَّوْبَةِ وَالْخُرُوج من الْمَظَالِم وَأَن يسْتَحل بَعضهم بَعْضًا

(2/352)


وَيَأْمُرهُمْ بِالصَّوْمِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ يخرجُون فِي الرَّابِع فِي ثِيَاب بذلة وتخشع بِخِلَاف الْعِيد
وَيسْتَحب إِخْرَاج الصّبيان وَفِي إِخْرَاج الْبَهَائِم قصدا تردد وَلَا بَأْس بِخُرُوج أهل الذِّمَّة ويحازون إِلَى جَانب
وَمن أَصْحَابنَا من قَالَ هِيَ كَصَلَاة الْعِيد إِلَّا أَنه يُبدل

(2/353)


السُّورَة فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ فَيقْرَأ {إِنَّا أرسلنَا نوحًا} لاشتمالها على قَوْله تَعَالَى {يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدرارا}
ثمَّ يخْطب الإِمَام بعد الْفَرَاغ خطبتين كَمَا فِي الْعِيد لَكِن يُبدل التَّكْبِيرَات بالاستغفار ثمَّ يلْحقهُ بِالدُّعَاءِ فِي الْخطْبَة الثَّانِيَة وَيسْتَقْبل الْقبْلَة فيهمَا ويستدبر النَّاس ثمَّ يحول رِدَاءَهُ تفاؤلا بتحويل الْحَال وتأسيا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيقلب الْأَعْلَى إِلَى الْأَسْفَل وَالْيَمِين إِلَى الْيَسَار وَالظَّاهِر إِلَى الْبَاطِن

(2/354)


وَكَانَ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خميصة فَتعذر عَلَيْهِ لما حاول قَلبهَا من الْأَعْلَى إِلَى الْأَسْفَل فَترك
فَرَأى الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي الْجَدِيد الْإِتْيَان بِمَا هم بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أولى

(2/356)


وَيسْتَحب أَن يَدْعُو فِي الْخطْبَة الأولى وَيَقُول اللَّهُمَّ اسقنا غيثا مغيثا هَنِيئًا مريئا مريعا غدقا مجللا طبقًا سَحا دَائِما اللَّهُمَّ اسقنا الْغَيْث وَلَا تجعلنا من القانطين اللَّهُمَّ إِن بالعباد والبلاد من اللأواء والضنك والجهد مَا لَا نشكو إِلَّا إِلَيْك اللَّهُمَّ أنبت لنا الزَّرْع وأدر لنا الضَّرع واسقنا من بَرَكَات السَّمَاء اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْجهد والجوع والعري واكشف عَنَّا مَا لَا يكشفه غَيْرك اللَّهُمَّ إِنَّا نستغفرك إِنَّك كنت غفارًا فَأرْسل السَّمَاء علينا مدرارا وَالله أعلم

(2/357)