الوسيط في المذهب

= كتاب الْإِجَارَة=

(4/151)


= كتاب الْإِجَارَة =
وَالْإِجَارَة صنف من الْبيُوع موردها الْمَنْفَعَة
وصحتها مجمع عَلَيْهَا وَلَا مبالاة بِخِلَاف ابْن كيسَان والقاساني
وَيدل على صِحَّتهَا قصَّة شُعَيْب واستئجاره مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام وَقَوله تبَارك تَعَالَى {فَإِن أرضعن لكم فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ} وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أعْطوا الْأَجِير أجره قبل أَن يجِف عرقه وَقَوله
حِكَايَة عَن ربه تبَارك وَتَعَالَى ثَلَاثَة أَنا خصمهم وَمن كنت خَصمه فقد خصمته رجل بَاعَ حرا فَأكل ثمنه وَرجل اسْتَأْجر أَجِيرا فاستوفى منفعَته وَلم يؤد أجره وَرجل أَعْطَانِي صَفْقَة يَمِينه ثمَّ غدر
ومقصود الْكتاب تحصره ثَلَاثَة أَبْوَاب

(4/153)


- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَاب الأول فِي أَرْكَان الْإِجَارَة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
وهى ثَلَاثَة الصِّيغَة وَالْأُجْرَة وَالْمَنْفَعَة
أما العاقدان فَلَا يخفى أَمرهمَا
الرُّكْن الأول الصِّيغَة

وَهِي ثَلَاثَة
إِحْدَاهَا الْإِجَارَة وَالْإِكْرَاه فَإِذا قَالَ أجرتك الدَّار أَو أكريتكها فَقَالَ قبلت صَحَّ وَشَرطهَا الْإِضَافَة إِلَى عين الدَّار لَا إِلَى الْمَنْفَعَة
الثَّانِيَة لفظ التَّمْلِيك فَإِذا قَالَ مَلكتك مَنَافِع الدَّار شهرا صَحَّ وَشَرطهَا الْإِضَافَة إِلَى الْمَنْفَعَة لَا إِلَى الدَّار
الثَّالِثَة لفظ البيع فَإِن قَالَ بِعْتُك الدَّار شهرا فَهُوَ بيع مُؤَقّت فَاسد وَإِن قَالَ بِعْتُك مَنْفَعَة الدَّار فَوَجْهَانِ
أَحدهمَا الْجَوَاز كَلَفْظِ التَّمْلِيك وَهُوَ اخْتِيَار ابْن سُرَيج
الثَّانِي الْمَنْع وَهُوَ الْأَظْهر لِأَن البيع مَخْصُوص بالأعيان عرفا
الرُّكْن الثَّانِي الْأُجْرَة

وَحكمهَا إِن كَانَت فِي الذِّمَّة حكم الثّمن وَإِن كَانَت مُعينَة حكم البيع وَقد سبق شرائطهما وننبه الْآن على ثَلَاثَة أُمُور

(4/154)


الأول أَن الْإِعْلَام شَرط فَلَو أجر الدَّار بعمارتها لم يجز فَإِن الْعِمَارَة مَجْهُولَة وَلَو أجر بِدَرَاهِم مَعْلُومَة ليصرفها إِلَى الْعِمَارَة لم يَصح لِأَن الْعَمَل فِي الصّرْف إِلَى الْعِمَارَة مَجْهُول فَتَصِير الْأُجْرَة مَجْهُولَة
وَلَو أَشَارَ إِلَى جبره من الدَّرَاهِم أَو من الْحِنْطَة جزَافا وَجعلهَا أُجْرَة مِنْهُم من ألحق بِالْمَبِيعِ فجوز وَمِنْهُم من ألحق بِرَأْس المَال فِي السّلم لِأَنَّهُ عقد غرر فَخرج على الْقَوْلَيْنِ
الثَّانِي إِذا اسْتَأْجر السلاخ بِالْجلدِ بعد السلخ وحمال الجيفة بجلد الجيفة والطحان بالنخالة فَهُوَ فَاسد لنَهْيه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَن قفيز الطَّحَّان
وَلِأَنَّهُ بَاعَ جُزْءا مُتَّصِلا بِعَين الْمَبِيع قبل الْفَصْل فَهُوَ كَبيع نصف من الْفَصْل
وَلَو اسْتَأْجر الْمُرضعَة بِجُزْء من المرتضع الرَّقِيق بعد الْفِطَام ومجتني الثِّمَار بِجُزْء من الثِّمَار بعد القطاف فَهُوَ أَيْضا فَاسد لما سبق
أما إِذا جعل الْأُجْرَة جُزْءا من الرَّقِيق فِي الْحَال وجزءا من الثِّمَار قبل القطاف فقد أطلق الْأَصْحَاب إفساده تخريجا على مَا سبق

(4/155)


وَزَادُوا فَقَالُوا المرتضع الْمُشْتَرك بَين امْرَأَة مُرْضِعَة وَرجل لَا يجوز للرجل استئجارها على الرَّضَاع لِأَن عَملهَا لَا يُصَادف خَاص ملك الْمُسْتَأْجر
وَهَذَا فِيهِ نظر وَاحْتِمَال إِذْ قطعُوا فِي كتاب الْمُسَاقَاة بِأَن أحد الشَّرِيكَيْنِ لَو ساقى صَاحبه وَشرط لَهُ جزاءا من الثِّمَار جَازَ وَهُوَ عمل على مُشْتَرك
وَلَكِن قبل مَا يخص الْمُسْتَأْجر يسْتَحق بِهِ الْأُجْرَة فَهُوَ مُحْتَمل هَاهُنَا أَيْضا
الثَّالِث الْأُجْرَة إِن أجلت تأجلت وَإِن أطلقت تعجلت عندنَا خلافًا لأبي حنيفَة رَحمَه الله
ثمَّ إِذا أجلت وَتغَير النَّقْد عِنْد الْأَجَل فَالْعِبْرَة بِحَالَة العقد وَلَو تغير النَّقْد فِي الْجعَالَة عِنْد الْعَمَل فَوَجْهَانِ الْأَظْهر أَنَّهَا كلا إِجَارَة
الرُّكْن الثَّالِث فِي الْمَنْفَعَة

وَلها شَرَائِط

(4/156)


الأول أَن تكون مُتَقَومَة فَلَو اسْتَأْجر تقاحة للشم أَو طَعَاما لتزيين الْحَانُوت لم يَصح إِذْ الْقيمَة لهَذِهِ الْمَنْفَعَة
وَكَذَا إِذا اسْتَأْجر بياعا على كلمة لَا تَعب فِيهَا لترويج سلْعَته فَإِن ذَلِك أَخذ مَال على الحشمة لَا على الْعَمَل
وَاخْتلفُوا فِي مَسْأَلَتَيْنِ
إِحْدَاهمَا اسْتِئْجَار الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير للتزيين وَكَذَا اسْتِئْجَار الْأَشْجَار لتجفيف الثِّيَاب عَلَيْهَا أَو للسكون فِي ظلها وَكَذَا استعارتها وَفِيه ثَلَاثَة أوجه
أَحدهَا الْجَوَاز لِأَن هَذَا قد يقْصد
وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ لَا يقْصد بِعقد
وَالثَّالِث أَنه يَصح الْإِعَارَة دون الْإِجَارَة لِأَنَّهُ لَا يقْصد بِمَال ويقصد بالمسامحة
الثَّانِيَة اسْتِئْجَار الْكَلْب وَفِيه وَجْهَان وَوجه الْمَنْع أَن إِبَاحَته لضَرُورَة فَهُوَ كالميتة
الشَّرْط الثَّانِي أَن لَا يتَضَمَّن اسْتِيفَاء عين قصدا

(4/157)


وَفِيه ثَلَاث مسَائِل
الأولى لَا يَصح اسْتِئْجَار الْأَشْجَار لثمارها وَلَا الْمَوَاشِي للبن وَالصُّوف والنتاج لِأَنَّهَا أَعْيَان بِيعَتْ قبل الْوُجُود
الثَّانِيَة اسْتِئْجَار امْرَأَة للحضانة والإرضاع جَائِز وَاللَّبن تَابع وَهُوَ كَالْمَاءِ فِي إِجَارَة الأَرْض
وَلَو اسْتَأْجر على مُجَرّد الْإِرْضَاع دون الْحَضَانَة فَوَجْهَانِ
أَحدهمَا لَا كاستئجار الشَّاة بلبنها لإرضاع السخلة
وَالثَّانِي يجوز لِأَن لبن الْآدَمِيَّة لَا يقْصد مُنْفَصِلا فَهُوَ فِي معنى الْمَنْفَعَة وَالْحَاجة تمس إِلَيْهِ
الثَّالِثَة اسْتِئْجَار الْفَحْل للضراب فِيهِ وَجْهَان وَالأَصَح الْمَنْع لِأَنَّهُ نهي عَن ثمن عسب الْفَحْل وَلِأَنَّهُ غرر لَا يقدر عَلَيْهِ
الشَّرْط الثَّالِث أَن تكون الْمَنْفَعَة مَقْدُورًا على تَسْلِيمهَا حسا وَشرعا

(4/158)


وَفِيه أَربع مسَائِل
الأولى إِذا اسْتَأْجر أخرس على التَّعْلِيم أَو أعمى على الْحِفْظ فسد وَكَذَا لَو اسْتَأْجر من لَا يحسن الْقُرْآن على التَّعْلِيم إِلَّا إِذا وسع عَلَيْهِ وقتا يقدر فِيهِ على التَّعَلُّم أَولا ثمَّ على التَّعْلِيم فَفِيهِ وَجْهَان
أَحدهمَا لَا لِأَن الْعَجز مُحَقّق والتعلم قد لَا يتَّفق
وَالثَّانِي نعم وَكَأَنَّهُ يضاهي سلم الْمُفلس
الثَّانِيَة اسْتَأْجر قِطْعَة أَرض لَا مَاء لَهَا فِي الْحَال نظر
فَإِن لم يتَوَقَّع لَهَا مَاء أصلا فَإِن اسْتَأْجر للزِّرَاعَة فسد وَإِن اسْتَأْجر للسكون جَازَ
وَإِن أطلق فَكَانَ على قلَّة جبل لَا يطْمع فِي الزِّرَاعَة ينزل على السّكُون
وَإِن كَانَ يطْمع فِي الزِّرَاعَة فمطلقة للزِّرَاعَة فَيفْسد إِلَّا إِذا صرح بِنَفْي المَاء
وَهل يقوم علم الْمُسْتَأْجر بِعَدَمِ المَاء مقَام صَرِيح النَّفْي حَتَّى يَصح عِنْد الْإِطْلَاق فِيهِ وَجْهَان
وَوجه الْمَنْع أَن مَفْهُوم اللَّفْظ مُطلقًا فِي مثل هَذِه الأَرْض للزِّرَاعَة مَا لم

(4/159)


يُصَرح بِنَفْي المَاء
أما إِذا كَانَ يتَوَقَّع إِن كَانَ نَادرا فَالْعقد فِي الْحَال للزِّرَاعَة فَاسد وَهُوَ كَبيع الْآبِق لتوقع عوده
وَإِن كَانَ يغلب وَفَاء الْمَطَر والسيل بِمَا يحصل الْمَقْصُود ويتوهم خلَافَة فَظَاهر كَلَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ اخْتِيَار الْقفال فَسَاده لِأَن الْعَدَم فِي الْحَال مَعْلُوم والوجود موهوم من بعد بِخِلَاف مَا لَو كَانَ للْأَرْض مَاء غَد وَشرب مَعْلُوم فَإِن الِانْقِطَاع موهوم وَلَكِن الْوُجُود مستصحب
وَقَالَ القَاضِي يجوز لِأَن المَاء الْمَوْجُود فِي النَّهر لَا يبْقى بِعَيْنِه إِلَى وَقت الزِّرَاعَة وَلَكِن يغلب تجدّد مثله فَكَذَلِك هَاهُنَا يغلب وَفَاء الْمَطَر والسيل فَلَا فرق
أما إِذا اسْتَأْجر قِطْعَة أَرض على شط دجلة وَالْمَاء زَائِد وَقد استولى عَلَيْهَا وانحساره عَنْهَا موهوم فَالْعقد بَاطِل
وَإِن كَانَ نَاقِصا وَالزِّيَادَة موهومة فَالْعقد فِي الْحَال صَحِيح
وَإِن كَانَت الزِّيَادَة متيقنة فَلَا
وَإِن كَانَ المَاء مستويا عَلَيْهَا وَلَكِن الانحسار مَعْلُوم قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ العقد صَحِيح

(4/160)


فَإِن قيل فالأرض غير مرئية
قُلْنَا لَعَلَّه فرع على قَول صِحَة شِرَاء الْغَائِب أَو فرض فِيمَا إِذا تقدّمت الرُّؤْيَة أَو كَانَ المَاء صافيا لَا يمْنَع الرُّؤْيَة
فَإِن فرض خلاف ذَلِك كُله لم يَصح
فَإِن قيل وَإِن تقدّمت الرُّؤْيَة فَفِي الْحَال لَا يُمكن الِانْتِفَاع بهَا
قُلْنَا هُوَ كاستئجار دَار مشحونة بالأقمشة واستئجار أَرض فِي الشتَاء فَإِنَّهُ فِي الْحَال لَا يزرع وَلَكِن يتسلط عَلَيْهَا الْمُسْتَأْجر بِالْإِجَارَة وَالتَّصَرُّف الْمُمكن
وَذكر الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد وَجها فِي إِجَارَة الدَّار المشغولة بالأمتعة بِخِلَاف بيعهَا لِأَن الْمَنْفَعَة تتراخى فَيصير كإجارة السّنة الْقَابِلَة
الثَّالِثَة إِجَارَة الدَّار للسّنة الْقَابِلَة فَاسِدَة خلافًا لأبي حنيفَة رَحمَه

(4/161)


الله لَان التشاغل بِالِاسْتِيفَاءِ فِي الْحَال غير مُمكن فيتراخى التسليط على العقد الْوَارِد على مَنْفَعَة عين
فرعان

أَحدهمَا لَو أجره شهرا ثمَّ أجر الشَّهْر الثَّانِي مِنْهُ لَا من غَيره فَوَجْهَانِ
أصَحهمَا الْمَنْع لِأَن العقد الأول قد يَنْفَسِخ بِسَبَب فَشرط العقد الثَّانِي لَا يتَحَقَّق بِالْأولِ
وَالثَّانِي الْجَوَاز لتواصل الِاتِّصَال فَهُوَ كَمَا لَو أجر شَهْرَيْن فِي صَفْقَة وَاحِدَة
الثَّانِي إِذا قَالَ اسْتَأْجَرت هَذِه الدَّابَّة لأركبها نصف الطَّرِيق وأترك إِلَيْك النّصْف
قَالَ الْمُزنِيّ هُوَ فَاسد إِذْ لَا يتَعَيَّن لَهُ النّصْف الأول فَيَنْقَطِع بِحكم المناوبة وَيصير كَالْإِجَارَةِ للزمان الْقَابِل
وَمن الْأَصْحَاب من صحّح وَنزل على اسْتِئْجَار نصف الدَّابَّة وأحال التقطع على مُوجب الْمُهَايَأَة وَالْقِسْمَة لَا على العقد

(4/162)


وَلَو صرح باستئجار نصف الدَّابَّة فَالظَّاهِر صِحَّته فَهُوَ كَمَا لَو اسْتَأْجر نصف دَار وَفِيه وَجه آخر أَنه يفْسد لِأَن الْجمع غير مُمكن فَيُؤَدِّي إِلَى التقطع بِخِلَاف الدَّار الْوَاحِدَة ومحمل الدَّابَّة إِذْ يحْتَمل عَلَيْهِ الشريكان فَلَا يَنْقَطِع
الرَّابِعَة الْعَجز الشَّرْعِيّ كالعجز الْحسي فِي الْإِبْطَال
فَلَو اسْتَأْجر على قلع سنّ سليمَة أَو قطع يَد سليمَة أَو الْحَائِض على كنس الْمَسْجِد أَو الْمُسلم على تَعْلِيم الْقُرْآن لذِمِّيّ لَا يُرْجَى رغبته فِي الْإِسْلَام أَو على تعلم السحر أَو الْفُحْش والخنا أَو تعلم التَّوْرَاة والكتب المنسوخة فَكل ذَلِك حرَام وَالْعقد عَلَيْهِ فَاسد لِأَنَّهُ معجوز شرعا عَن تَسْلِيمه

(4/163)


أما إِذا كَانَت السن وجعة أَو الْيَد متآكلة فَالْأَصَحّ جَوَاز الْقلع وَالْقطع وَصِحَّة الِاسْتِئْجَار
فرع إِذا اسْتَأْجر مَنْكُوحَة الْغَيْر على عمل دون رضَا الزَّوْج فسد فَإِنَّهَا مُسْتَحقَّة التعطيل لحق الزَّوْج وبإذنه يَصح
وَلَو اسْتَأْجرهَا الزَّوْج لإرضاع وَلَده جَازَ وَذكر الْعِرَاقِيُّونَ وَجها أَنه مَمْنُوع لِأَنَّهُ مُسْتَحقّ لَهُ وَهُوَ ضَعِيف
أما إِذا التزمت عملا فِي الذِّمَّة صحت الْإِجَارَة دون إِذن الزَّوْج ثمَّ إِن وجدت فرْصَة وعملت بِنَفسِهَا اسْتحقَّت الْأُجْرَة
وَفِي إِجَارَة الْحَائِض لكنس الْمَسْجِد احْتِمَال مأخذه صِحَة الصَّلَاة فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة وَلَكِن الْمَنْقُول مَا ذَكرْنَاهُ
الشَّرْط الرَّابِع حُصُول الْمَنْفَعَة للْمُسْتَأْجر
وَفِيه مسَائِل
الأولى لَا يَصح اسْتِئْجَار دَابَّة ليرْكبَهَا المكرى فَإِن الْعِوَضَيْنِ يَجْتَمِعَانِ لَهُ
وَكَذَا لَا يجوز استئجاره على الْعِبَادَات الَّتِى لَا تجْرِي النِّيَابَة فِيهَا فَإِنَّهَا تحصل لَهُ بِخِلَاف الْحَج وَغسل الْمَيِّت وحفر الْقُبُور وَدفن الْمَوْتَى وَحمل الْجَنَائِز فَإِن الِاسْتِئْجَار على جَمِيع ذَلِك يجوز لدُخُول النِّيَابَة
أما الْجِهَاد فَلَا يجوز اسْتِئْجَار الْمُسلم عَلَيْهِ لِأَنَّهُ دَاخل تَحت الْخطاب فَيَقَع عَنهُ

(4/164)


وَيجوز للْإِمَام اسْتِئْجَار أهل الذِّمَّة على الْجِهَاد لأَنهم لم يدخلُوا تَحت خطاب الْجِهَاد
وَكَذَلِكَ لَا يجوز الِاسْتِئْجَار على الْإِمَامَة فِي فَرَائض الصَّلَوَات
أما الِاسْتِئْجَار على الْأَذَان فَثَلَاثَة أوجه
أَحدهَا لَا كالجهاد فَإِنَّهُ من الشعائر
وَالثَّانِي نعم لِأَن فَائِدَته تحصل للنَّاس فِي طلب وَقت الصَّلَاة
وَالثَّالِث يجوز للْقَاضِي وَالْإِمَام وَلَا يجوز لآحاد النَّاس
وَفِي الِاسْتِئْجَار على إِمَامَة التَّرَاوِيح خلاف وَالأَصَح الْمَنْع إِذْ لَا يتَمَيَّز الْمُسْتَأْجر بفائدة مَقْصُودَة عَن الْأَجِير
أما الِاسْتِئْجَار على التدريس فِي جنسه وَكَذَا اسْتِئْجَار الْمُقْرِئ على هَذَا الْوَجْه مُتَرَدّد بَين الْجِهَاد لِأَنَّهُ من فروض الكفايات وَبَين الْأَذَان لِأَن فَائِدَته تخْتَص بالآحاد
أما الِاسْتِئْجَار على تَعْلِيم مَسْأَلَة مُعينَة من شخص معِين فَلَا خلاف فِي جَوَازه فَلَا يتَعَيَّن كامرأة أسلمت ولزمها تعلم الْفَاتِحَة فنكحها رجل على التَّعْلِيم وَلم يحضر سوى ذَلِك الرجل فَفِيهِ خلاف وَالأَصَح الصِّحَّة إِذْ لَيْسَ يتَعَيَّن عَلَيْهِ التَّعَب مجَّانا بل يجب ببذل كَمَا فِي بذل المَال فِي صُورَة المخمصة
وعَلى الْجُمْلَة فَكل عمل مَعْلُوم مُبَاح يلْحق الْعَامِل فِيهِ كلفة ويتطوع بِهِ الْغَيْر عَن

(4/165)


الْغَيْر فَيجوز الِاسْتِئْجَار عَلَيْهِ وَيجوز جعله صَدَاقا
الشَّرْط الْخَامِس كَون الْمَنْفَعَة مَعْلُومَة
وتفصيلها بِبَيَان أَقسَام الْإِجَارَة وَهِي ثَلَاثَة أَقسَام
الأول استصناع الْآدَمِيّ
وَذَلِكَ يعرف إِمَّا بِالزَّمَانِ أَو بِمحل الْعَمَل كَمَا إِذا اسْتَأْجر على الْخياطَة فيعين الثَّوْب أَو يَقُول استأجرتك يَوْمًا للخياطة وَلَو جمع بَينهمَا وَقَالَ استأجرتك لتخيط هَذَا الثَّوْب فِي هَذَا الْيَوْم فِيهِ وَجْهَان
أصَحهمَا الْمَنْع لِأَن تَفْرِيع الْجَوَاز يُفْضِي إِلَى خبط إِن تمّ الْعَمَل قبل مُضِيّ الْيَوْم أَو على الْعَكْس
وَلَو اسْتَأْجر على تَعْلِيم الْقُرْآن إِمَّا أَن يعرف بِالزَّمَانِ أَو بِمِقْدَار السُّور وتعينها وَلَا يشْتَرط أَن يجْبر فهم المتعلم وَلَا فَائِدَة أَيْضا فِي شَرط رُؤْيَته
وَلَو اسْتَأْجر على قدر عشر آيَات وَلم يعين السُّورَة فَوَجْهَانِ
وَوجه الْمَنْع تضادتها أَيْضا فِي عسر الْحِفْظ ويسره
وَوجه الْجَوَاز أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ زوجتكها بِمَا مَعَك من الْقُرْآن

(4/166)


وَلم يعين السُّورَة وَقيل إِنَّه كَانَ عشر آيَات من أول الْبَقَرَة
والاستئجار على الرَّضَاع يعرف فِيهِ الْمدَّة وَالصَّبِيّ لِأَن الْغَرَض يخْتَلف بِهِ اخْتِلَافا ظَاهرا والموضع الذى فِيهِ الرَّضَاع
وَلَا يبالى بِمَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ من جَهَالَة بِسَبَب تعرض الصَّبِي للأمراض وَزِيَادَة حَاجته ونقصانها وَهَذَا يدل على نوع من التساهل فِي الْإِجَارَة للْحَاجة
الْقسم الثَّانِي فِي اسْتِئْجَار الْأَرَاضِي

وَفِيه صور
الأولى أَن يسْتَأْجر للسكون فَيشْتَرط أَن يعرف من الدَّار والحانوت وَالْحمام كل مَا تخْتَلف بِهِ الْمَنْفَعَة فَيرى فِي الْحمام الْبيُوت وبئر المَاء وَالْقدر ومطرح الرماد ومبسط القماش وَمَوْضِع الْوقُود والأتون وَمجمع فضلات المَاء كَمَا يرَاهُ المُشْتَرِي وَيعرف قدر الْمَنْفَعَة بالمدة

(4/167)


فَإِن اسْتَأْجر سنة فَذَاك وَإِن زَاد فَثَلَاثَة أَقْوَال
وَالأَصَح أَنه لَا يتَقَدَّر بِمدَّة بل يتبع التَّرَاضِي إِذْ لَا تَوْقِيف فِي التَّقْدِير
وَالثَّانِي أَنه لَا يزِيد على سنة فَإِنَّهُ أثبت للْحَاجة
وَالثَّالِث أَنه يَنْتَهِي إِلَى ثَلَاثِينَ سنة وَلَا يُزَاد عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يصير فِي معنى البيع
التَّفْرِيع

إِذا جَوَّزنَا الزِّيَادَة وَهُوَ الصَّحِيح فَلَو أجر سِنِين فَهَل يشْتَرط بَيَان حِصَّة كل سنة فِي الْأُجْرَة فَوَجْهَانِ
أَحدهمَا لَا كبيان الْأَشْهر فِي سنة وَاحِدَة
وَالثَّانِي نعم إِذا يغلب تفَاوت أُجْرَة الْمثل وَرُبمَا تمس الْحَاجة إِلَى مَعْرفَته فِي التفاسخ إِن اتّفق
فرع

لَو قَالَ أجرتك سنة فَالْأَظْهر أَنه يَصح وَينزل على السّنة الأولى بِالْعرْفِ

(4/168)


وَقيل إِنَّه فَاسد لِأَنَّهُ لم يُصَرح بِالتَّعْيِينِ
وَلَو قَالَ أجرتك كل شهر بِدِينَار وَلم يقدر عدد الْأَشْهر فَهُوَ فَاسد إِذْ لَا مرد لَهُ
وَقَالَ ابْن سُرَيج يَصح فِي الشَّهْر الأول لِأَنَّهُ مَعْلُوم وَالْبَاقِي يبطل فِيهِ وَهُوَ ضَعِيف لِأَن نَظِيره من الصُّبْرَة قَوْله بِعْتُك كل صَاع بدرهم وَلم يقل بِعْتُك الصُّبْرَة
الثَّانِيَة إِذا اسْتَأْجر الأَرْض للزِّرَاعَة فَلَو قَالَ أكريتك لتنتفع كَيفَ شِئْت صَحَّ وَجَاز الْبناء وَالْغِرَاس والزراعة وكل مَا أمكن من الْمَنْفَعَة
وَلَو اقْتصر على قَوْله أكريتك فسد لِأَنَّهُ لم يعين مَنْفَعَة وَلَا فوض إِلَى مَشِيئَته
وَلَو قَالَ أكريتك للزِّرَاعَة وَلم يعين جنس الزَّرْع فَوَجْهَانِ
أَحدهمَا لَا لِأَن الذّرة أضرّ من الْقَمْح
وَالثَّانِي نعم وَيحمل الْإِطْلَاق بعد التَّعَرُّض لجنس الزَّرْع على مَا يَشَاء
الثَّالِثَة إِذا قَالَ أكريتك إِن شِئْت فازرعها وَإِن شِئْت فاغرسها فَالظَّاهِر الصِّحَّة كَمَا إِذا قَالَ انْتفع كَيفَ شِئْت وَقيل إِنَّه فَاسد كَمَا لَو قَالَ بِعْتُك بِأَلف إِن شِئْت مكسرة وَإِن شِئْت صَحِيحَة
أما إِذا قَالَ أكريتك فازرعها واغرسها وَلم يبين قدر مَا يزرع فِيهِ اخْتِيَار

(4/169)


الْمُزنِيّ وَابْن سُرَيج بُطْلَانه لجَهَالَة الْقدر
وَقَالَ أَبُو الطّيب بن سَلمَة يَصح وَينزل على النّصْف
الرَّابِعَة إِذا أكرى الأَرْض للْبِنَاء وَجب بَيَان عرض الْبناء وَفِي التَّعَرُّض للارتفاع وَالْقدر خلاف وَالْأَظْهَر أَنه لَا يشْتَرط
الْقسم الثَّالِث اسْتِئْجَار الدَّوَابّ

وَهِي تستأجر لأَرْبَع جِهَات
الأولى الرّكُوب فَيشْتَرط أَن يعرف الْمُسْتَأْجر الدَّابَّة بِأَن يَرَاهَا وَإِلَّا فَهُوَ إِجَارَة غَائِب
وَالْآخر يعرف قدر الرَّاكِب بِرُؤْيَتِهِ أَو بِسَمَاع وَصفه فِي الطول والضخامة حَتَّى يعرف وَزنه تخمينا وَلَا يشْتَرط التَّحْقِيق بِالْوَزْنِ
وَيعرف الْمحمل بِالصّفةِ فِي السعَة والضيق وبالوزن فَإِن ذكر الْوَزْن دون الصّفة أَو الصّفة دون الْوَزْن فَوَجْهَانِ
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الْمروزِي إِن كَانَت محامل بَغْدَاد فالإطلاق يكفى لِأَنَّهَا مُتَقَارِبَة وتنزل منزلَة السرج والإكاف فَإِنَّهَا لَا تُوصَف لتساويها

(4/170)


وَيذكر تَفْصِيل المعاليق فَإِن ذكرت من غير تَفْصِيل قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ الْقيَاس أَنه فَاسد للتفاوت قَالَ وَمن النَّاس من ينزله على وسط مقتصد
فَمن الْأَصْحَاب من جعل هَذَا أَيْضا قولا لَهُ
وَأما تَقْدِير الطَّعَام فِي السفرة فَفِيهِ وَجْهَان مرتبان وَأولى بِوُجُوب التَّعْرِيف بل الصَّحِيح وُجُوبه لِأَنَّهُ يتَفَاوَت تَفَاوتا لَا يَنْضَبِط وَيجب ذكر تَفْصِيل السّير أَو السرى وَمِقْدَار الْمنَازل إِن لم يكن مضبوطا بِالْعَادَةِ وَإِن انضبط بِالْعَادَةِ نزل عَلَيْهِمَا
هَذَا إِذا كَانَت الْإِجَارَة على عين الدَّابَّة فَإِن أورد على الذِّمَّة فَيشْتَرط وصف الدَّابَّة أَفرس أم بغل أم جمل وَهل يشْتَرط التَّعَرُّض لكيفية السّير مثل كَونه مهملجا أَو بحرا أَو قطوفا فِيهِ وَجْهَان
وَيدخل التَّأْجِيل فِيهِ فَيَقُول فِي الْمحرم ألزمتك أَن تركبني غرَّة الْمحرم لِأَنَّهُ فِي الذِّمَّة فَأشبه السّلم وَلَفظ الْإِجَارَة فِي الذِّمَّة أَن تَقول ألزمت ذِمَّتك إركابي كَذَا فرسخا أَو ألزمت ذِمَّتك تَسْلِيم مركوب إِلَيّ أركبه كَذَا فرسخا فَيَقُول التزمت

(4/171)


الْجِهَة الثَّانِيَة اسْتِئْجَار الدَّابَّة للْحَمْل
وَحكمه حكم الرّكُوب إِلَّا فِي أَمريْن
أَحدهمَا أَن معرفَة وزن الْمَحْمُول تَحْقِيقا شَرط إِن كَانَ غَائِبا بِخِلَاف تَحْقِيق وزن الرَّاكِب
وَإِن كَانَ الْحمل حَاضرا فشاله بِالْيَدِ وَعرف قدره تخمينا كفى
وَالثَّانِي أَنه إِن كَانَ فِي الذِّمَّة لَا يشْتَرط ذكر جنس الدَّابَّة أبغل أم فرس إِلَّا إِذا اسْتَأْجر لحمل زجاج فقد يخْتَلف الْغَرَض بِهِ
الْجِهَة الثَّالِثَة الاستقاء
وَهُوَ كالحمل فَيعرف قدر المَاء وَيُرِيد أَنه يتَكَرَّر فَيعرف قدر كل كرة وَيعرف عمق الْبِئْر أَو الدولاب وَقد تحْتَاج فِيهِ إِلَى التَّعْيِين إِذا كَانَ لَا يَنْضَبِط بِالْوَصْفِ
الْجِهَة الرَّابِعَة الحراثة
فَإِن قدر بِالزَّمَانِ لم يجب تَعْرِيف الدَّابَّة ورؤيتها وَإِن ضبط بِقدر الأَرْض وَجب معرفَة الدَّابَّة على الْمُكْتَرِي وَمَعْرِفَة الأَرْض على الْمكْرِي أَهِي سهلية أم جبلية فَإِن كَانَت مستورة بِالتُّرَابِ فَلَا يَكْفِي النّظر إِلَى وجهتها مَا لم يعرف جِنْسهَا هَذَا تَفْصِيل الْعلم وَالْعرض إِنَّمَا يتَفَاوَت الْمَقْصُود بِهِ تَفَاوتا لَا يتَسَامَح بِمثلِهِ فِي الْمُعَامَلَة وَجب بيتنه هَذَا جملَته وتفصيله فليعتبر بِمَا ذكرنَا مَا لم نذْكر قِيَاسا عَلَيْهِ

(4/172)


- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَاب الثَّانِي فِي بَيَان حكم الْإِجَارَة الصَّحِيحَة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِيه فصلان
الْفَصْل الأول فِي مُوجب الْأَلْفَاظ الْمُطلقَة لُغَة وَعرفا

ويرتبط النّظر فِيهِ بأقسام الْإِجَارَة وَهِي ثَلَاثَة
الْقسم الأول فِي الاستصناع وَفِيه مَسْأَلَتَانِ
إِحْدَاهمَا الاستتباع واستئجار الأَرْض للزِّرَاعَة يستتبع اسْتِحْقَاق الشّرْب قطعا وَإِن لم يذكر للْعُرْف
واستئجار الْخياط لَا يُوجب عَلَيْهِ الْخَيط إِذْ الْعرف لَا يَقْتَضِيهِ
واستئجار الحاضنة للحضانة هَل يستتبع الْإِرْضَاع وَكَذَا الِاسْتِئْجَار للإرضاع هَل يستتبع الْحَضَانَة فِيهِ ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا لَا إِذْ كل وَاحِد يُمكن إِفْرَاده بِنَفسِهِ على ظَاهر الْمَذْهَب كَمَا سبق فإفراد أَحدهمَا بِالذكر يدل على تَخْصِيصه وعَلى هَذَا لَيْسَ على الْمُرضعَة إِلَّا وضع الثدي فِي فَم الصَّبِي وَبَاقِي الْأَعْمَال فِي تعهد الصَّبِي على الحاضنة وَالثَّانِي أَن كل وَاحِد يتبع صَاحبه لِأَن الْعرف قَاض بِأَن ذَلِك لَا يَتَوَلَّاهُ شخصان بل يتلازمان وَالثَّالِث وَهُوَ اخْتِيَار القَاضِي أَنه إِن استؤجرت للإرضاع استتبع

(4/173)


الْحَضَانَة كي لَا تبقى الْإِجَارَة فِي مُقَابلَة مُجَرّد الْعين فَإِن الأَصْل فِي الْإِجَارَة الْمَنْفَعَة وَإِن استؤجرت للحضانة لم يستتبع الْإِرْضَاع
وَأما الحبر فِي حق الْوراق والصبغ فِي حق الصّباغ فِيهِ طَرِيقَانِ
مِنْهُم من قَالَ هُوَ كاللبن فِي حق الحاضنة فَيخرج عل الْخلاف فِي اتِّبَاعه وَإِن لم نحكم بالتبعية فَإِن شَرط فِيهِ وَهُوَ مَجْهُول جَازَ كَمَا فِي اللَّبن
وَمِنْهُم من قطع بِأَن الحبر والصبغ مُسْتَقل وَهُوَ مستتبع لَا تبيع فَإِن شَرط فَلَا بُد وَأَن يذكر وَيعرف ثمَّ يكون جمعا بَين بيع وَإِجَارَة بِخِلَاف اللَّبن فَإِنَّهُ لَا يفرد اعتيادا
فرع لَو انْقَطع لبن الْمُرضعَة فَفِيهِ ثَلَاثَة أوجه
أَحدهَا أَنه يَنْفَسِخ لِأَن اللَّبن كل الْمَقْصُود وَالْبَاقِي تَابع
وَالثَّانِي يثبت الْخِيَار لِأَن الأَصْل عمل الْحَضَانَة وَهَذَا عيب
وَالثَّالِث أَن كل وَاحِد مَقْصُود فَهُوَ كَمَا لَو اسْتَأْجر عَبْدَيْنِ فَتلف أَحدهمَا
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة إِذا نسي المتعلم مَا حفظ
قيل إِن كَانَ مَا دون سُورَة يجب على الْمعلم إِعَادَته
وَقيل مَا كَانَ دون آيَة وَهُوَ تحكم
وَلَعَلَّ الْأَصَح أَنا مَا نسي فِي مجْلِس التَّعَلُّم يجب إِعَادَته وَكَأَنَّهُ لم يثبت فِي

(4/174)


نَفسه بعد وَمَا نسي بعد مجْلِس التَّعَلُّم فَهُوَ من تَقْصِير الصَّبِي
الْقسم الثَّانِي فِي اسْتِئْجَار الْأَرَاضِي والدور
أما الدّور فَفِيهَا مَسْأَلَتَانِ
إِحْدَاهمَا إِقَامَة جِدَار مائل وَإِصْلَاح جذع منكسر وَمَا يجْرِي مجْرَاه من مرمة لَا يحْتَاج فِيهَا إِلَى تَجْدِيد عين يجب على الْمكْرِي إدامته لتوفير الْمَنْفَعَة
فَإِن افْتقر إِلَى إِعَادَة جِدَار مائل أَو جذع فَإِن فعل استمرت الْإِجَارَة وَلَا خِيَار وَإِن أَبى فللمكتري الْخِيَار وَهل لَهُ إِجْبَاره على إِعَادَته
قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ لَا وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة رَحمَه الله لِأَنَّهُ إِلْزَام عين جَدِيدَة لم يَتَنَاوَلهَا العقد
وَقَالَ القَاضِي وَالشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد يجْبر عَلَيْهِ وَفَاء بتوفير الْمَنْفَعَة
وَكَذَا الْخلاف إِذا غصبت الدَّار وَقدر الْمكْرِي على انتزاعها هَل يلْزمه وَكَذَا الْخلاف إِذا ضَاعَ الْمِفْتَاح هَل يجب عَلَيْهِ إِبْدَاله

(4/175)


وَلَا خلاف فِي أَن تَسْلِيم الْمِفْتَاح وَاجِب وَلَو ضَاعَ فِي يَد الْمُكْتَرِي فَهُوَ أَمَانَة وَلَيْسَ على الْمكْرِي إِبْدَاله
والدعامة الَّتِى تمنع من الانهدام إِذا احْتِيجَ إِلَيْهَا فِي معنى جذع جَدِيد أَو فِي معنى إِقَامَة مائل فِيهِ تردد
فرع لَو أجر دَارا لَيْسَ لَهَا بَاب ومرزاب لم يلْزمه إحداثه قطعا إِذْ لم يلتزمه أصلا
نعم إِن جَهله المكترى فَلهُ الْخِيَار
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة تَطْهِير الدَّار عَن الكناسة والأتون عَن الرماد وعرصة الْموضع عَن الثَّلج الْخَفِيف على الْمُكْتَرِي
وتطهير السطوح على الثَّلج لَيْسَ على الْمُكْتَرِي بل إِن فعله الْمُكْتَرِي فَذَاك وَإِن تَركه فَهُوَ المستضر بِهِ فَإِن انْهَدَمت بِهِ الدَّار فللمكتري الْخِيَار
وَأما تنقية البالوعة والحش فَفِيهِ وَجْهَان
أَحدهمَا أَنه على الْمُكْتَرِي ككنس الْعَرَصَة

(4/176)


وَالثَّانِي على الْمكْرِي إِذْ بِهِ يتهيأ للِانْتِفَاع
وَلَا خلاف فِي أَنه إِذا انْقَضتْ الْمدَّة لَا يُطَالب الْمُكْتَرِي بالتنقية عِنْد الْخُرُوج من الدَّار وَيُطَالب بتنقية الْعَرَصَة من الكناسات
وَقَوْلنَا فِي دوَام الْمدَّة عَلَيْهِ أردنَا بِهِ إِن أَرَادَ الِانْتِفَاع لنَفسِهِ
فرع لَو طرح فِي الْبَيْت مَا يتسارع إِلَيْهِ الْفساد هَل يمْنَع مِنْهُ فِيهِ وَجْهَان وَالصَّحِيح أَنه لَا يمْنَع فَإِنَّهُ مُعْتَاد فِي الدّور
أما الْأَرَاضِي فَفِيهَا ثَلَاث مسَائِل
الأولى إِذا اسْتَأْجر أَرضًا للزِّرَاعَة وَلها شرب اتبع مُوجب الشَّرْط فِي الشّرْب وَإِن لم يكن شَرط فالعرف فَإِن لم يكن عرف فاستؤجرت للزِّرَاعَة فَوَجْهَانِ
أَحدهمَا الِاتِّبَاع لِأَن لفظ الزِّرَاعَة كالشرط للشُّرْب إِذْ لَا يسْتَغْنى عَنهُ
وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيح أَنه لَا اتِّبَاع إِذْ مُوجب اللَّفْظ يُزَاد عَلَيْهِ بعرف غير مُضْطَرب فَإِذا اضْطربَ اقْتصر على مُوجب اللَّفْظ
وَمِنْهُم من قَالَ تفْسد هَذِه الْإِجَارَة لِأَن الْمَقْصُود صَار مَجْهُولا بتعارض

(4/177)


هذَيْن الْوَجْهَيْنِ
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة إِذا مَضَت مُدَّة الْإِجَارَة وَالزَّرْع بَاقٍ نظر
فَإِن كَانَ السَّبَب تَقْصِير الْمُكْتَرِي وتأخيره فللمكري قلعه مجَّانا وَله إبقاؤه بِأُجْرَة
وَإِن كَانَ السَّبَب برد الْهَوَاء وإفراطه فَلَمَّا يقلعه مجَّانا بل يتْركهُ بِأُجْرَة لِأَنَّهُ غير مقصر
وَفِيه وَجه أَنه يقْلع مجَّانا كالتقصير
وَإِن كَانَ السَّبَب كَثْرَة الأمطار الْمَانِعَة من الْمُبَادرَة إِلَى الزِّرَاعَة فَهَذَا مُتَرَدّد بَين التَّأْخِير وَبَين برد الْهَوَاء
وَإِن كَانَ السَّبَب قصر الْمدَّة الْمَشْرُوطَة كَمَا إِذا اسْتَأْجر الأَرْض لزراعة الْقَمْح شَهْرَيْن فَإِن شَرط الْقلع مجَّانا فَلهُ ذَلِك فَلَعَلَّهُ لَيْسَ يَبْغِي إِلَّا القصيل
وَإِن شَرط الْإِبْقَاء فَالْإِجَارَة فَاسِدَة لتناقض التَّأْقِيت وَشرط الْإِبْقَاء
وَإِن سكت قَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد ينزل على شَرط الْإِبْقَاء فَيفْسد لِأَن الزَّرْع يقْصد ليبقى فِي الْعَادة فَهُوَ كَمَا إِذا اسْتَأْجر دَابَّة يَوْمًا ليسافر بهَا إِلَى مَكَّة من بَغْدَاد وَإِلَيْهِ يُشِير نَص الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ
وَمِنْهُم من قَالَ إِنَّه يَصح لِأَن الْمدَّة مَعْلُومَة وَقد يقْصد القصيل
ثمَّ فِي جَوَاز الْقلع وَجْهَان
أَحدهمَا لَا يقْلع مجَّانا كالإعارة المؤقتة
وَالثَّانِي يقْلع لِأَن فَائِدَة تأقيت الْإِعَارَة طلب الْأُجْرَة بعد الْمدَّة وَهَاهُنَا

(4/178)


الْأُجْرَة فِي الْمدَّة لَازِمَة فَلَا تظهر فَائِدَة سوى الْقلع
وعَلى الْجُمْلَة نقل وَجه من هَاهُنَا إِلَى تأقيت الْإِعَارَة مُتَّجه وَكَذَلِكَ فِي إِجَارَة الأَرْض للْبِنَاء وَالْغِرَاس فِي جَوَاز الْقلع بعد الْمدَّة هَذِه الْخلاف مَعَ الْقطع فِي الْعَارِية المؤقتة بِأَنَّهُ لَا يجوز الْقلع بعد الْمدَّة والتسوية متجهة
ثمَّ إِذا فرعنا على أَن الْإِجَارَة المؤقتة كالعارية المؤقتة وَأَن الْقلع مجَّانا بعده لَا يجوز فَيتَخَيَّر بَين الْقلع بِأَرْش أَو الْإِبْقَاء بِأُجْرَة أَو التَّمَلُّك بعوض كَمَا فِي الْعَارِية
فَإِن اخْتَار الْقلع فمباشرة الْقلع أَو بدل مُؤْنَته على من
فِي كَلَام الْأَصْحَاب فِيهِ تردد يحْتَمل أَن يُقَال على الْمُكْتَرِي فَإِنَّهُ تَفْرِيغ الْملك وَهُوَ الذى شغله وَإِنَّمَا على الْمَالِك أرش النُّقْصَان
وَيحْتَمل أَن يُقَال إِن أَرَادَ الْمَالِك الْقلع فليباشره وعَلى هَذَا لَو أَبى الْمُكْتَرِي الْقلع أَو التَّمْكِين مِنْهُ ذكرنَا فِي الْعَارِية أَنه يقْلع مجَّانا وَذكر هَاهُنَا وَجه يطرد أَيْضا فِي الْعَارِية أَنه يقْلع وَيغرم لَهُ كالمالك إِذا منع الْمُضْطَر الطَّعَام لَا يبطل حَقه لَكِن يُؤْخَذ قهرا بعوض

(4/179)


الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة لَو استلجرها للقمح فَلَيْسَ لَهُ زراعة الذّرة
وَلَو اسْتَأْجر للذرة فَلهُ زراعة الْقَمْح لِأَن ضَرَره دونه
وَلَو شَرط الْمَالِك الْمَنْع عَن الْقَمْح فَثَلَاثَة أوجه
أَحدهَا أَنه يتبع الشَّرْط فَهُوَ الْمَالِك
وَالثَّانِي يفْسد الشَّرْط فَهُوَ كَقَوْلِه أجرت بِشَرْط أَن لَا تلبس إِلَّا الْحَرِير
وَالثَّالِث أَن العقد يفْسد كَمَا لَو شَرط أَن لَا يُؤَاجر الأَرْض الْمُسْتَأْجرَة
وَلَو نفى الذّرة فزرعها فللمكري الْمُبَادرَة إِلَى الْقلع فِي الْحَال
وَلَو زرع مَا ضَرَره دون ضَرَر الْمَشْرُوط وَلَكِن يطول بَقَاؤُهُ فَهَل لَهُ فِي الْحَال قلعه وَجْهَان
أَحدهمَا لَا إِذْ لَا ضَرَر فِي الْحَال
وَالثَّانِي نعم لِأَنَّهُ مُضر فِي جنسه بطول الْبَقَاء

فرع لَو شَرط الْقَمْح فزرع الذّرة فَلم يقْلع حَتَّى مَضَت الْمدَّة
قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ يتَخَيَّر بَين أَن يُطَالب بِأُجْرَة الْمثل أَو يُطَالب بِالْمُسَمّى وَأرش نُقْصَان الأَرْض

(4/180)


قَالَ الْمُزنِيّ الأولى بقوله الْمُسَمّى وَأرش النَّقْص
فَمن الْأَصْحَاب من قَالَ هَذَا يدل على اضْطِرَاب قَول وَحَاصِل مَا فِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال
أَحدهَا أَنه يتَعَيَّن الْمُسَمّى وَأرش النَّقْص إِذْ صحت الْإِجَارَة وَلم يعدل عَن جنس الزِّرَاعَة فَهُوَ كَمَا لَو اسْتَأْجر دَابَّة لحمل خمسين فَحمل مائَة يثبت الْمُسَمّى وَزِيَادَة
وَالثَّانِي تتَعَيَّن أُجْرَة الْمثل إِذْ ترك الْمَعْقُود عَلَيْهِ فَصَارَ كَمَا لَو اسْتَأْجر للزِّرَاعَة فَبنى
وَالثَّالِث أَنه ليتخير كَمَا قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ لِأَن الذّرة يضاهي الْقَمْح من وَجه وَيُخَالِفهُ من وَجه فَالْخِيَار للْمَالِك
وَمن الْأَصْحَاب من طرد الْأَقْوَال فِي الْعُدُول عَن الزَّرْع إِلَى الْبناء وَالْغِرَاس
الْقسم الثَّالِث فِي اسْتِئْجَار الدَّوَابّ

وَفِيه سبع مسَائِل
الأولى يجب على مكري الدَّابَّة تَسْلِيم الحزام والثغر والإكاف وَفِي الْإِبِل الْبرة والخطام والبرذعة

(4/181)


وَفِي السرج خلاف فِي إكراء الْفرس والمتبع فِي كل ذَلِك الْعرف
أما الْمحمل والمظلة والغطاء وَالْحَبل الذى يشد بِهِ أحد المحملين إِلَى الآخر على الْمُكْتَرِي
أما آلَات النَّقْل كالوعاء فعلى الْمُكْتَرِي إِن وَردت الْإِجَارَة على عين الدَّابَّة وَإِن الْتزم فِي الذِّمَّة نقل مَتَاعه فعلى الْمكْرِي
والدلو والرشأ فِي الاستقاء كالوعاء والمتبع فِي كل ذَلِك الْعرف
الثَّانِيَة إِذا اسْتَأْجر للرُّكُوب وَلم يتَعَرَّض للمعاليق فِي اقتضائه تَعْلِيق المعاليق وَجْهَان
أَحدهمَا يَقْتَضِيهِ للْعَادَة
وَالثَّانِي لَا إِذْ رب رَاكب لَا معلاق لَهُ
فَإِن قُلْنَا إِنَّه يَقْتَضِيهِ فَهُوَ كَمَا لَو ذكر المعلاق وَلم يفصله وَقد ذكرنَا خلافًا فِي أَنه مَجْهُول أم يحكم فِيهِ الْعرف

فرع
الصَّحِيح أَن الطَّعَام يجب تَقْدِيره فَلَو قدر عشْرين منا فَإِذا فني هَل يجوز إِبْدَاله فِيهِ ثَلَاثَة أوجه
أَحدهَا نعم كَسَائِر المحمولات
وَالثَّانِي لَا لِأَن الْعَادة فِي الطَّعَام أَن تنزفه الدَّابَّة إِذْ لم يبْق

(4/182)


وَالثَّالِث أَنه يُبدل إِن فني الْكل وَإِن فني شئ مِنْهُ فَلَا يُبدل كل سَاعَة
الثَّالِثَة كَيْفيَّة السّير والسرى ينزل فِيهِ على الْعَادة أَو الشَّرْط وَكَذَا النُّزُول على العقبات يَقْتَضِيهِ مُطلق الْإِجَارَة
فَلَو تنَازعا فِي الْمنزل فَإِن كَانَ فِي صيف فالصحراء وَإِن كَانَ فِي شتاء فَفِي الْقرى وَقد يخْتَلف بالأمن وَالْخَوْف فَينزل فِي وَقت الْخَوْف فِي الْقرى وَفِي الْأَمْن فِي الصَّحرَاء
فَإِن لم يكن عرف فَسدتْ الْإِجَارَة إِن لم يشْتَرط
وَالنُّزُول عَن الدَّابَّة وَالْمَشْي رواحا مُعْتَاد فَإِن أَبى فَهَل يجْبر عَلَيْهِ
فِيهِ وَجْهَان وَوجه الْمَنْع أَن الْعَادة التَّبَرُّع بِهِ لمن أَرَادَ لَا كالنزول على الْعقبَة
الرَّابِعَة يجب على الْمكْرِي إِعَانَة الرَّاكِب فِي النُّزُول وَالرُّكُوب إِن كَانَ الرَّاكِب مَرِيضا أَو شَيخا أَو امْرَأَة
هَذَا إِذا الْتزم بتبليغ الرَّاكِب الْمنزل فِي الذِّمَّة
فَإِن أورد على عين الدَّابَّة وَسلم فَفِيهِ خلاف وَلَعَلَّه يخْتَلف باخْتلَاف أَحْوَال

(4/183)


الْمُكْتَرِي فِي الْعَادة
أما الْإِعَانَة على الْحمل فَالصَّحِيح أَنه يجب إِذْ الْعرف فِيهِ غير مُخْتَلف والاستقلال بِالْحملِ غير مُمكن بِخِلَاف الرّكُوب
وَرفع الْمحمل وحطه أَيْضا على الْمكْرِي كالإعانة على الْحمل
وَشد أحد المحملين إِلَى الآخر فِي الِابْتِدَاء على من فِيهِ وَجْهَان من حَيْثُ إِنَّه مردد بَين تنضيد الأقمشة وَهُوَ على الْمكْرِي وَبَين الْخط وَالرَّفْع
ثمَّ قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِن تنَازعا فِي كَيْفيَّة الرّكُوب فِي الْمحمل جلس لَا مكبوتا وَلَا مُسْتَلْقِيا أَي مستويا غير مخفوض أحد الْجَانِبَيْنِ من أَسْفَل أَو من قُدَّام
الْخَامِسَة إِذا اسْتَأْجر للْحَمْل مُطلقًا فَلهُ أَن يحمل مَا شَاءَ
وَالْأَظْهَر أَن اخْتِلَاف الْحَدِيد والقطن وَالشعِير كاختلاف الْقَمْح والذرة حَتَّى يشْتَرط التَّعَرُّض لَهُ فِي وَجه ثمَّ إِن شَرط الشّعير حمل الْحِنْطَة إِذْ لَا فرق وَلَا يحمل الْحَدِيد وَلَو شَرط الْحَدِيد حمل الرصاص والنحاس للتقارب وَلَا يحمل الْقطن وَكَذَا إِذا شَرط الْقطن لَا يحمل الْحَدِيد لاخْتِلَاف جنس الضَّرَر

(4/184)


وَأما الْوِعَاء هَل يحْتَسب إِن قَالَ التزمت حمل مائَة منا من الْحِنْطَة فالوعاء وَرَاءه فَإِن تماثلت الغراير فِي الْعرف حمل عَلَيْهِ وَإِلَّا شَرط ذكر وزند الظّرْف
فَإِن قَالَ احْمِلْ مائَة من فَالظَّاهِر أَنه مَعَ الظّرْف وَفِيه وَجه أَنه كالصورة الأولى
وَلَو قَالَ أحمل عشرَة آصَع بدرهم وَمَا زَاد فبحسابه فَهُوَ فِي عشرَة آصَع صَحِيح وَفِي الْبَاقِي فَاسد لِأَنَّهُ لَا مرد لَهُ
السَّادِسَة إِذا تلفت الدَّابَّة الْمعينَة انْفَسَخت الْإِجَارَة وَإِن وَردت على الذِّمَّة وسلمت الدَّابَّة فَتلفت جَازَ للمكري إبدالها وَلم تَنْفَسِخ وَكَذَا إِذا وجد بهَا عَيْبا لم يكن لَهُ الْفَسْخ كَمَا إِذا وجد بِالْمُسلمِ فِيهِ عَيْبا نعم يُفِيد الْقَبْض فِي الدَّابَّة وَإِن لم يعين فِي العقد تسلط الْمُسْتَأْجر على إِجَارَتهَا والاختصاص بهَا إِن أفلس الْمكْرِي حَتَّى يقدم على الْغُرَمَاء بمنافعها
وَلَو أَرَادَ الْمَالِك إبدالها فِي الطَّرِيق دون رِضَاهُ فِيهِ تردد
وَالأَصَح أَنه إِن قَالَ أجرتك دَابَّة من صفتهَا كَذَا وَكَذَا ثمَّ عين لم بجز لَهُ الْإِبْدَال وَإِن قَالَ التزمت إركابك إِلَى الْبَلَد الْفُلَانِيّ جَازَ الْإِبْدَال
السَّابِعَة فِي إِبْدَال متعلقات الْإِجَارَة

(4/185)


أما المستوفي وَهُوَ الرَّاكِب فَيجوز إِبْدَاله بِمثلِهِ
وَأما الْمُسْتَوْفى مِنْهُ وَهُوَ الْأَجِير وَالدَّابَّة وَالدَّار فَلَا يجوز الْإِبْدَال بعد وُرُود الْإِجَارَة على الْعين
وَأما الْمُسْتَوْفى فِيهِ وَهُوَ الثَّوْب فِي الْخياطَة وَالصَّبِيّ فِي التَّعْلِيم والمسافة فِي الْبِلَاد والطرق فَفِيهِ ثَلَاثَة أوجه
أَحدهَا الْجَوَاز لِأَن الْإِجَارَة لَا تتَعَلَّق بِهَذِهِ الْأَشْيَاء كالمستوفي
وَالثَّانِي لَا كالمستوفى مِنْهُ
وَالثَّالِث أَنه لَا إِجْبَار فِيهِ وَلَكِن بِالتَّرَاضِي يجوز من غير تَصْرِيح بمعاوضة وَشَرطهَا
فرع

إِذا اسْتَأْجر ثوبا للبس فَلَا يبيت فِيهِ لَيْلًا وَكَذَا فِي وَقت القيلولة وَفِي وَقت القيلولة وَجه وَلَيْسَ لَهُ الاتزار بِهِ لِأَن ضَرَره فَوق اللّبْس
وَفِي الارتداء بِهِ وَجْهَان لِأَن ضَرَر جنس آخر

(4/186)


الْفَصْل الثَّانِي فِي الضَّمَان

وَالنَّظَر فِي الْمُسْتَأْجر والأجير
أما الْمُسْتَأْجر فيده يَد أَمَانَة فِي مُدَّة الِانْتِفَاع وَلَو انْهَدَمت الدَّار الْمُسْتَأْجرَة أَو تلف الثَّوْب الْمُسْتَأْجر للبس أَو الدَّابَّة المتسأجرة للرُّكُوب بِغَيْر عدوان فَلَا ضَمَان لِأَن توفيه الْمَنْفَعَة وَاجِبَة على الْآجر وَلَا يتَوَصَّل إِلَيْهِ إِلَّا بِإِثْبَات يَد الْمُسْتَأْجر فَكَأَنَّهُ يمسِكهُ لغَرَض الْآجر
أما إِذا تعدى بِضَرْب الدَّابَّة من غير حَاجَة أَو سَبَب آخر فَتلف ضمن ضَمَان الْعدوان
أما إِذا انْقَضتْ الْمدَّة قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَلَو حَبسه بعد الْمدَّة فَتلف ضمن
وَاخْتلف الْأَصْحَاب فَمنهمْ من قطع بِأَن يَده يَد أَمَانَة بعد الْمدَّة كَمَا فِي الْمدَّة وَأَنه لَا يلْزمه مُؤنَة الرَّد وَإِذا تلف فَلَا ضَمَان وَأَرَادَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ مَا إِذا حبس بعد الْمُطَالبَة
وَمِنْهُم من قَالَ يَده بعد الْمدَّة كيد الْمُسْتَعِير فَعَلَيهِ مؤونة الرَّد وَالضَّمان
فَأَما قبل الِانْتِفَاع إِذا سلم إِلَيْهِ الدَّابَّة فربطها فِي الإصطبل فَمَاتَتْ فَلَا ضَمَان قبل مُضِيّ مُدَّة الِانْتِفَاع

(4/187)


فَإِن انْهَدم عَلَيْهَا والإصطبل قَالَ الْأَصْحَاب يجب الضَّمَان إِذْ لَو ركب فِي الطَّرِيق لَكَانَ آمنا من هَذِه الآفة
أما الْأَجِير على الدَّابَّة للرياضة وعَلى الثَّوْب للخياطة وعَلى الْخبز للخبز فضامن إِن تلف المَال بتقصيره فِي الْعَمَل
وَإِن لم يقصر وَتلف بِآفَة نظر إِن كَانَ فِي دَار الْمَالِك وَفِي حُضُوره والشئ فِي يَد الْمَالِك فَلَا ضَمَان
وَإِن كَانَ فِي يَد الْأَجِير ودكانه فَفِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال
الْأَصَح أَنه لَا ضَمَان
قَالَ الرّبيع اعْتقد الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ أَن لَا ضَمَان على الْأَجِير وَأَن القَاضِي يقْضِي بِعِلْمِهِ وَلَكِن كَانَ لَا يبوح بِهِ خيفة الْقُضَاة السوء والآجر السوء
ويتأيد ذَلِك بِأَن الرَّاعِي إِذا نلفت الأغنام تَحت يَده بِالْمَوْتِ بِآفَة سَمَاوِيَّة لَا يضمن إِجْمَاعًا وعامل الْقَرَاض لَا يضمن إِجْمَاعًا وَالْمُسْتَأْجر لَا يضمن إِجْمَاعًا
وَالثَّانِي أَنه يضمن

(4/188)


ويتأيد ذَلِك بآثار من الصَّحَابَة وَفِيه مصلحَة للنَّاس صِيَانة لِلْمَالِ من الأجراء السوء وَلِأَن الْعَمَل وَجب عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ مستعير للثوب لغَرَض نَفسه حَتَّى يُوفي عمله بواسطته بِخِلَاف المتسأجر
وَالثَّالِث أَن الْأَجِير الْمُشْتَرك الذى يقدر على أَن يحصله بِنَفسِهِ وَغَيره يضمن
وَالْمُنْفَرد الْمعِين شخصه للْعَمَل لَا يضمن وَالْفرق ضَعِيف
فروع أَرْبَعَة

الأول إِذا غسل ثوب غَيره أَو حلق رَأسه أَو دلكه من غير جَرَيَان لفظ فِي الْإِجَارَة فَظَاهر نَص الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ أَنه لَا يسْتَحق شَيْئا وَهُوَ قِيَاس مذْهبه لِأَن الْأُجْرَة تجب بِعقد وَمُجَرَّد الْقَرِينَة عِنْد الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ لَا تقوم مقَام العقد ولأجله لم تكن المعاطاة بيعا أَو تجب بِالْإِتْلَافِ والغسال والدلال والحلاق هم الَّذين أتلفوا مَنَافِع أنفسهم وَلم يجر مِنْهُ إِلَّا سكُوت أَو إِذن

(4/189)


وَلَو أتلف ملك غَيره بِإِذْنِهِ لم يضمن فَكيف إِذا أتلف الْمَالِك مَنْفَعَة نَفسه
وَاخْتَارَ الْمُزنِيّ أَنه يضمن لَهُ إِذا كَانَ مثله يعْمل بِأُجْرَة وَيكون بِالْإِذْنِ مُسْتَوْفيا للمنفعة وَفعله لَا يدل على الْمُسَامحَة فَيبقى مَضْمُونا كَمَا أَن من دخل الْحمام جعل مُسْتَوْفيا للمنفعة ضَامِنا
وَمن أَصْحَابنَا من قَالَ إِن كَانَ الالتماس من صَاحب الثَّوْب ضمن وَإِن كَانَ من الغسال لم يسْتَحق
فَإِن قيل وَمَا يسْتَحقّهُ الحمامي عوض مَاذَا
قُلْنَا من أَصْحَابنَا من قَالَ هُوَ ثمن المَاء وَإِلَّا فَهُوَ مُتَبَرّع بالسطل والإزار إِعَارَة لَهُ ومتبرع بِحِفْظ الثِّيَاب وَهُوَ ضَعِيف لِأَن المَاء تَابع فِي مَقْصُود الاستحمام وَلَو كَانَ مَقْصُودا لَكَانَ يضمن بِالْمثلِ إِن كَانَ مُتَقَوّما
بل مَا يسْتَحقّهُ أجره مَنْفَعَة السطل والإزار وَالْحمام وَحفظ الثِّيَاب فَهُوَ فِي حق الثَّوْب كأجير مُشْتَرك حَتَّى يخرج ضَمَانه على الْقَوْلَيْنِ
والداخل لَا يضمن السطل والإزار ضَمَان الْمُسْتَعِير بل هُوَ كالمستأجر
الْفَرْع الثَّانِي إِذا قصر الثَّوْب فَتلف بعد القصارة
إِن كَانَ يغسل فِي يَد الْمَالِك وداره فَيسْتَحق الْأُجْرَة وَلَا ضَمَان
وَإِن كَانَ فِي يَد الغسال فَفِي الضَّمَان الْقَوْلَانِ وَفِي الْأُجْرَة قَولَانِ مأخذهما أَن القصارة عين أَو أثر
وَفَائِدَته أَن الْقصار هَل لَهُ حق الْحَبْس كَمَا للصباغ
فَإِن قُلْنَا لَهُ حق الْحَبْس فقد تلف قبل التَّسْلِيم فَلَا أُجْرَة لَهُ

(4/190)


وَإِن قُلْنَا أثر وَلَا حبس فقد صَار بِمُجَرَّد الْفَرَاغ مُسلما فَلهُ الْأُجْرَة
وَالصَّحِيح أَنه لَا أُجْرَة لَهُ وَلَا ضَمَان
وَفِي طَريقَة الْعرَاق أَنا إِن ضمناه فَلهُ الْأُجْرَة وَإِن جَعَلْنَاهُ أَمينا فَلَا أُجْرَة لَهُ
وقدمناه من الْبناء أظهر
الْفَرْع الثَّالِث إِذا اسْتَأْجر دَابَّة ليحملها عشرَة آصَع فَأخذ الدَّابَّة وَحملهَا أحد عشر صَاعا وَتلف تَحت يَده ضمن كلهَا لِأَنَّهُ غَاصِب
وَلَو أسلم أحد عشر صَاعا إِلَى الْمكْرِي وَلَيْسَ عَلَيْهِ فَظن أَنه عشرَة فحملها فَتلفت الدَّابَّة بِآفَة أُخْرَى فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أُجْرَة الْمثل للزِّيَادَة وَإِن تلفت بثقل الْحمل فَالْأَظْهر أَن الْغَار يُطَالب بِالضَّمَانِ وَإِن كَانَ مُبَاشرَة الْحمل من مَالك الدَّابَّة
وَفِي قدر الضَّمَان قَولَانِ
أَحدهمَا النّصْف لِأَنَّهُ تلف بمضمون وَغير مَضْمُون فَهُوَ كالجراحات
وَالثَّانِي يوزع على قدر الْحمل فَيلْزمهُ جُزْء من أحد عشر جُزْءا من الضَّمَان بِخِلَاف الْجِرَاحَات فَإِن آثارها لَا يَنْضَبِط
وَمثل هَذَا الْخلاف جَار فِي الجلاد إِذْ زَاد على الْحَد وَاحِدَة أَنه يوزع على الْعدَد أَو ينصف
وَلَو اسْتَأْجر رجلَانِ ظهرا فارتدفهما ثَالِث بِغَيْر إذنهما وَهَلَكت الدَّابَّة

(4/191)


فَفِيمَا على الرديف ثَلَاثَة أوجه
أَحدهَا النّصْف إِذْ هلك بمضمون وَغير مَضْمُون
وَالثَّانِي أَنهم يوزنون ويقسط الضَّمَان على وَزنه بِحِصَّتِهِ
وَالثَّالِث أَن عَلَيْهِ الثُّلُث فَإِن وزن الرِّجَال بعيد
الْفَرْع الرَّابِع سلم ثوبا إِلَى خياط فخاطه قبَاء فَقَالَ الْمَالِك مَا أَذِنت لَك إِلَّا فِي خياطته قَمِيصًا وتنازعا
قَالَ ابْن أبي ليلى القَوْل قَول الْخياط لِأَن الْإِذْن فِي أَصله مُتَّفق عَلَيْهِ وَهُوَ أَمِين فَالْقَوْل قَوْله فِي التَّفْصِيل وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله القَوْل قَول الْمَالِك لِأَنَّهُ الْآذِن فَيرجع إِلَه ف تَفْصِيل إِذْنه
قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَقَول أبي حنيفَة رَحمَه الله أولى
ثمَّ ذكر قولا ثَالِثا وَهُوَ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ إِذْ الْمَالِك يَدعِي عَلَيْهِ خِيَانَة وَهُوَ ينكرها والخياط يَدعِي على الْمَالِك إِذْنا فِي خياطَة القباء وَهُوَ يُنكره

(4/192)


فَمن الْأَصْحَاب من قَالَ للشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنهُ ثَلَاثَة أَقْوَال إِذْ لَا يرجح فَاسد على فَاسد فَدلَّ على أَنه رأى مَذْهَبهمَا رَأيا
وَمِنْهُم من قَالَ مذْهبه التَّحَالُف وَذَاكَ حِكَايَة عَن مَذْهَب الْغَيْر وَهُوَ الْأَصَح
التَّفْرِيع إِن قُلْنَا يحلف الْأَجِير فَحلف سقط عَنهُ الْأَرْش
وَهل يسْتَحق الْأُجْرَة وَجْهَان
أَحدهمَا وَهُوَ قَول أبي إِسْحَاق الْمروزِي لَا لِأَن يَمِينه نَافِيَة فَلَا تصلح للإثبات
وَالثَّانِي أَنه يسْتَحق لأَنا نحلفه على أَنه أذن لَهُ فِي خياطته قبَاء لَا قَمِيصًا فليستفد بِيَمِينِهِ اسْتِحْقَاق الْأُجْرَة
فَإِن قُلْنَا يسْتَحق فأجرة الْمثل أَو الْمُسَمّى فِيهِ وَجْهَان
أَحدهمَا الْمُسَمّى تَصْدِيقًا لَهُ كَمَا قَالَ فَإِن كَانَ من إِشْكَال فَهُوَ من ضعف هَذَا القَوْل ولزومه عَلَيْهِ

(4/193)


وَالثَّانِي أُجْرَة الْمثل إِذْ رُبمَا يكثر الْمُسَمّى وَيبعد إثْبَاته بِيَمِين النَّفْي
فَإِن قُلْنَا لَا يسْتَحق فيدعي على الْمَالِك الْأُجْرَة فَإِن حلف سقط وَإِن نكل فَهَل تجدّد الْيَمين عَلَيْهِ
قَالَ القَاضِي حُسَيْن رَحمَه الله لَا إِذْ لَا فَائِدَة فِي التكرير فَكَأَن يَمِينه السَّابِقَة كَانَت مَوْقُوفَة على النّكُول لتصير حجَّة
وَالثَّانِي أَنه يُكَرر الْيَمين إِذْ لَا عهد بِتَقْدِيم الْيَمين على النّكُول فِي الْإِثْبَات
وَإِن فرعنا على أَن القَوْل قَول الْمَالِك فَيحلف لَهُ أَنه أذن لَهُ فِي الْقَمِيص لَا فِي القباء وَتسقط عَنهُ الْأُجْرَة وَيسْتَحق الضَّمَان لِأَنَّهُ إِذا انْتَفَى الْإِذْن فَالْأَصْل الضَّمَان
وَفِي قدر الضَّمَان قَولَانِ
أَحدهمَا التَّفَاوُت بَين الْمَقْطُوع وَغير الْمَقْطُوع
وَالثَّانِي التَّفَاوُت بَين الْمَقْطُوع قَمِيصًا وقباء لِأَن هَذَا الْقدر مَأْذُون فِيهِ
وَهَذَا يلْتَفت على أَن الْوَكِيل إِذا ضمن فِي البيع هَل يحط عَنهُ مَا يتَغَابَن النَّاس بِهِ فَإِنَّهُ كالمأذون فِيهِ لَو تمّ البيع ثمَّ مهما لم يَأْخُذ الْأَجِير الْأُجْرَة فَلهُ نزع الْخَيط إِذا كَانَ

(4/194)


ملكا لَهُ
وَإِن فرعنا على التخالف فَإِذا تحَالفا سَقَطت الْأُجْرَة وَهل يسْقط الضَّمَان قَولَانِ
أَحدهمَا لَا إِذْ فَائِدَة التَّحَالُف رفع العقد وَالرُّجُوع إِلَى مَا قبله
وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَصَح أَنه يسْقط لِأَنَّهُ حلف على نفي الْعدوان أَعنِي الْخياطَة وَلَو نكل لَكَانَ لَا يلْزمه إِلَّا الضَّمَان فَلْيَكُن ليمينه فَائِدَة

(4/195)


- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَاب الثَّالِث فِي الطوارئ الْمُوجبَة للْفَسْخ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ ثَلَاثَة أَقسَام
الأول مَا ينقص الْمَنْفَعَة من الْعُيُوب فَهِيَ سَبَب للخيار قبل الْقَبْض وَبعد الْقَبْض لِأَنَّهُ وَإِن قبض الدَّار وَالدَّابَّة فالمنافع غير مَقْبُوضَة بعد
نعم أقيم قبض مَحل الْمَنَافِع مقَام قبض الْمَبِيع فِي التسليط على الْإِجَارَة وَفِي لُزُوم تَسْلِيم الْبضْع إِن كَانَت الْمَنْفَعَة صَدَاقا وَحُصُول الْعتْق إِن كَانَت الْمَنْفَعَة نُجُوم كِتَابَة وَذَلِكَ لأجل الضَّرُورَة وَلَا ضَرُورَة فِي نفي خِيَار الْعَيْب
وَالْعَيْب كل مَا يُؤثر فِي الْمَنْفَعَة تَأْثِيرا يظْهر بِهِ تفَاوت الْأُجْرَة مَا لَا يظْهر بِهِ تفَاوت قيمَة الرَّقَبَة فَإِن مورد العقد الْمَنْفَعَة
فروع أَرْبَعَة

أَحدهَا أَن عذر الْمُسْتَأْجر فِي نَفسه لَا يُسَلط على الْفَسْخ كَمَا إِذا اسْتَأْجر دَابَّة لسفر فَمَرض أَو حَماما فَتعذر عَلَيْهِ الْوقُود أَو حانوتا فاحترف بحرفة أُخْرَى فَإِنَّهُ لَا خلل فِي الْمَعْقُود عَلَيْهِ
وَقَالَ أَبُو حنيفَة يثبت الْفَسْخ بِهَذِهِ المعاذير

(4/196)


الثَّانِي لَو استرم الْجِدَار فَهُوَ عيب
فَلَو بَادر الْمكْرِي إِلَى الْإِصْلَاح لم يثبت الْفَسْخ وَإِنَّمَا الْخِيَار إِذا امْتنع عَن الْعِمَارَة أَو افْتقر إِلَى تَعْطِيل مُدَّة فَإِن رَضِي الْمُكْتَرِي دون الْإِصْلَاح فَالصَّحِيح أَنه يلْزمه تَمام الْأُجْرَة
الثَّالِث إِذا أكرى أَرضًا للزِّرَاعَة ففسد الزَّرْع يحائحة من برد أَو صَاعِقَة لم يثبت بِالْفَسْخِ وَلَا ينقص شئ من الْأُجْرَة لِأَن الأَرْض لم تتعيب وَإِنَّمَا النَّازِلَة نزلت بِملكه
وَإِن أفسدت الْجَائِحَة الأَرْض وأبطلت فِيهَا قُوَّة الإنبات ثمَّ فسد الزَّرْع بعده فَيفْسخ العقد فِيمَا بَقِي من الزَّمَان
وَالظَّاهِر أَنه يسْتَردّ أُجْرَة مَا سبق إِذْ كَانَ مَوْقُوفا على الْآجر فَإِن أول الزِّرَاعَة غير مَقْصُود وَلم يسلم لَهُ الْآجر
وَإِن أفسد الأَرْض بعد إِفْسَاد الزَّرْع فَالظَّاهِر أَنه لَا يسْتَردّ شَيْئا لِأَنَّهُ لَو بقيت صَلَاحِية الأَرْض وقوتها لم يكن للْمُسْتَأْجر فِيهَا فَائِدَة بعد فَوَات زرعه
الرَّابِع مهما أثبتنا لَهُ الْخِيَار فَإِن رَضِي فَالصَّحِيح أَنه مَأْخُوذ بِتمَام الْأُجْرَة
وَإِن فسخ فَالصَّحِيح أَنه لَا يَنْفَسِخ فِيمَا مضى وتوزع الْأُجْرَة الْمُسَمَّاة

(4/197)


على قدر أُجْرَة الْمثل فِي المدتين لَا على الْمدَّة
الْقسم الثَّانِي فَوَات الْمَنْفَعَة الْكُلية

فموت الدَّابَّة الْمعينَة وَالْعَبْد الْمعِين للْعَمَل يُوجب انْفِسَاخ الْإِجَارَة إِن وَقع عقب العقد
وَإِن مَضَت مُدَّة انْفَسَخ بِالْإِضَافَة إِلَى الْبَاقِي
وبالإضافة إِلَى الْمَاضِي يخرج على نَظِيره فِي تَفْرِيق الصَّفْقَة
فروع

الأول إِذا انْهَدَمت الدَّار نَص الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ أَن الْإِجَارَة تَنْفَسِخ وَإِذا انْقَطع شرب الأَرْض الْمُسْتَأْجرَة للزِّرَاعَة نَص أَن يثبت الْخِيَار
فَقَالَ الْأَصْحَاب فِيهِ قَولَانِ بِالنَّقْلِ والتخريج
أَحدهمَا الِانْفِسَاخ إِذْ فَاتَت الْمَنْفَعَة الْمَقْصُودَة
وَالثَّانِي ثُبُوت الْخِيَار إِذْ الأَرْض على الْجُمْلَة تبقى مُنْتَفعا بهَا بِوَجْه مَا وَمِنْهُم من قرر النصين وَفرق بِأَن الدَّار لم تبْق دَارا بعد الانهدام وَالْأَرْض بقيت أَرضًا

(4/198)


فَإِن قُلْنَا لَهُ الْخِيَار فَأجَاز فَهَل يُجِيز بِكُل الْأُجْرَة أم يحط قسط لأجل الشّرْب فِيهِ وَجْهَان
وَهَذَا أَيْضا يضاهي التَّرَدُّد فِي أَن اللَّبن مَقْصُود مَعَ الْحَضَانَة أَو هُوَ تَابع
وَلَو كَانَ عود المَاء متوقعا فَلم يفْسخ ثمَّ بعد ذَلِك أَرَادَ الْفَسْخ إِذا لم يعد فَلهُ ذَلِك وَهُوَ كَالْمَرْأَةِ إِذا أخرت الْفَسْخ بعد ثُبُوت إعسار الزَّوْج ومضي مُدَّة الْإِيلَاء
الثَّانِي إِذا مَاتَ الصَّبِي الذى اُسْتُؤْجِرَ على إرضاعه أَو العَبْد الذى اُسْتُؤْجِرَ على تَعْلِيمه أَو تلف الثَّوْب الذى اُسْتُؤْجِرَ على خياطته فَفِي الِانْفِسَاخ وَجْهَان ذكرناهما

(4/199)


أَحدهمَا أَنه لَا يَنْفَسِخ لِأَنَّهُ كالمستوفي فَأشبه موت الْعَاقِدين فَإِنَّهُ لَا يُوجب الْفَسْخ عندنَا
وَالثَّانِي نعم بل هُوَ كموت الْأَجِير لِأَن الْغَرَض يخْتَلف بِهِ
وَقد نَص الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ على أَنه لَو أصدقهَا خياطَة ثوب فَتلف الثَّوْب رجعت إِلَى مهر الْمثل وَهُوَ حكم بالانفساخ
وَفِيه وَجه ثَالِث وَهُوَ الأعدل وَهُوَ أَنَّهُمَا إِن لم يتشاحا فِي الْإِبْدَال اسْتمرّ العقد وَإِلَّا ثَبت الْفَسْخ
الثَّالِث إِذا غصبت الدَّار الْمُسْتَأْجرَة حَتَّى مَضَت مُدَّة الْإِجَارَة قَالَ المراوزة يَنْفَسِخ العقد
وَذكر الْعِرَاقِيُّونَ قَوْلَيْنِ أَحدهمَا أَنه يَنْفَسِخ وَالثَّانِي للْمُسْتَأْجر الْخِيَار
فَإِن أجَاز طَالب الْغَاصِب بِالْأُجْرَةِ كَالْبيع إِذا أتْلفه أَجْنَبِي قبل الْقَبْض
وَهَذَا بِخِلَاف الْمَنْكُوحَة إِذا وطِئت بِشُبْهَة فَإِن الْبَدَل لَا يصرف إِلَى

(4/200)


الزَّوْج لِأَن النِّكَاح لَا يُوجب حَقًا فِي المَال بِخِلَاف مَنْفَعَة الْإِجَارَة هَذَا إِذا مَضَت الْمدَّة
وَأما فِي ابْتِدَاء الْغَصْب فَكَمَا جرى يثبت الْخِيَار للمكتري لِأَنَّهُ تَأَخّر حَقه بعد التَّعْيِين
وَلَو ادّعى الْغَاصِب ملك الرَّقَبَة لنَفسِهِ فاللمكري حق الْمُخَاصمَة
قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَلَيْسَ للمكتري حق الْمُخَاصمَة لِأَنَّهُ لَو أقرّ مَا كنت أقبل إِقْرَاره
وَذكر المراوزة وَجها منقاسا أَنه يُخَاصم لطلب الْمَنْفَعَة وَإِن كَانَ لَا يقبل إِقْرَاره فِي الرَّقَبَة
فَلَو أقرّ الْمكْرِي بِالدَّار للْغَاصِب فَإِن قُلْنَا يَصح بَيْعه نفذ إِقْرَاره
وَإِن قُلْنَا لَا يَصح بَيْعه فَفِي إِقْرَاره من الْخلاف مَا فِي إِقْرَار الرَّاهِن
فَإِن قبلنَا إِقْرَاره فَفِي سُقُوط اسْتِحْقَاق الْمُسْتَأْجر من الْمَنْفَعَة ثَلَاثَة أوجه
أَحدهَا يسْقط تَابعا للرقبة
وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ الْتزم حَقه فِي الْمَنْفَعَة فَلَا يقدر على إِبْطَاله
وَالثَّالِث إِن كَانَت الدَّار فِي يَد الْمُكْتَرِي لَا تزايل يَده إِلَى مُضِيّ الْمدَّة وَإِن

(4/201)


كَانَت فِي يَد الْمقر لَهُ فَلَا تنْزع من يَده أَيْضا
الرَّابِع إِذا هرب الْجمال بجماله فقد تَعَذَّرَتْ الْمَنْفَعَة
فَإِن ورد العقد على الْعين فَلهُ الْفَسْخ وَإِذا مَضَت الْمدَّة انْفَسَخ
وَإِن ورد على الذِّمَّة فللقاضي أَن يسْتَأْجر عَلَيْهِ استقراضا إِلَى أَن يرجع وَإِن كَانَ لَهُ مَال بَاعَ فِيهِ
وَإِن ترك جماله استوفيت مَنْفَعَتهَا وَالْقَاضِي ينْفق عَلَيْهَا
فَإِن انفق الْمُكْتَرِي بِنَفسِهِ فَفِي رُجُوعه عِنْد الْعَجز عَن القَاضِي خلاف ذَكرْنَاهُ فِي الْمُسَاقَاة
وَحَيْثُ قضينا بالانفساخ فِي موت الدَّابَّة وَالْعَبْد وَالْغَصْب أردنَا بِهِ مَا إِذا وَردت الْإِجَارَة على الْعين
فَإِن وَردت على الذِّمَّة فَلَا تَنْفَسِخ وَلَكِن يُطَالب بالتوفية من عين أُخْرَى
الْخَامِس إِذا حبس الْمُكْتَرِي الدَّابَّة الَّتِى اسْتَأْجرهَا اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ الْأُجْرَة وَإِن لم يستعملها مهما مَضَت الْمدَّة فِي حَبسه سَوَاء كَانَت الْإِجَارَة وَردت على عين الدَّابَّة أَو على الذِّمَّة وسلمت الدَّابَّة
فَأَما الْمكْرِي إِذا حبس وَلم يسلم انْفَسَخت الْإِجَارَة إِن كَانَ قد عين مُدَّة وَإِن لم تكن الْمدَّة مُعينَة فَوَجْهَانِ

(4/202)


أَحدهمَا نعم يَنْفَسِخ كَمَا تَسْتَقِر بِهِ الْأُجْرَة فِي حبس الْمُكْتَرِي
وَالثَّانِي لَا يَنْفَسِخ بل يُقَال تَأَخّر حَقه فَلهُ الْخِيَار إِن شَاءَ لِأَن الْوَقْت غير مُتَعَيّن
السَّادِس التّلف الْمُوجب للانفساخ أَو للخيار مُوجب حكمه وَإِن صدر من الْمُكْتَرِي وَلكنه ضَامِن
وَهُوَ كَمَا لَو جبت الْمَرْأَة زَوجهَا ضمنت وَثَبت لَهَا فسخ النِّكَاح
الْقسم الثَّالِث مَا يمْنَع من اسْتِيفَاء الْمَنْفَعَة شرعا

فَهُوَ أَيْضا مُوجب للانفساخ كَمَا لَو اسْتَأْجر على قلع سنّ فسكن الْأَلَم أَو قطع يَد فَسلمت الْيَد أَو ليقطع يَد من عَلَيْهِ الْقصاص فَعَفَا انْفَسَخت الْإِجَارَة فِي الْكل لِأَن الْفَوات شرعا كالفوات حسا إِلَّا عِنْد من يرى الْإِبْدَال فِي مثل هَذِه الْأُمُور وتيسر الْإِبْدَال
فروع أَرْبَعَة

الأول إِذا أجر الْوَقْف الْمُرَتّب على الْبُطُون وَمَات فَفِي انْفِسَاخ الْإِجَارَة وَجْهَان
أَحدهمَا لَا لِأَنَّهُ عَاقد وَالْإِجَارَة لَا تَنْفَسِخ بِمَوْت الْعَاقِد فعلى هَذَا الْبَطن

(4/203)


الثَّانِي يرجع فِي تركته بِأُجْرَة الْمدَّة الْبَاقِيَة
وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَظْهر أَنه يَنْفَسِخ إِذْ بَان أَن بإجارته تنَاول مَا لَا حق فِيهِ
وَفِي إِلْزَام إِجَارَته على من بعده من الْبُطُون ضَرَر ظَاهر بِخِلَاف الْوَارِث
فَإِنَّهُ يلْزمه تَسْلِيم الدَّار المكراة لِأَنَّهُ يَأْخُذ الْملك من الْمُورث وَلم يملك إِلَّا دَارا لَا مَنْفَعَة لَهَا
الثَّانِي إِذا آجر الصَّبِي أَو مَاله على وفْق الْغِبْطَة مُدَّة تزيد على مُدَّة الصبى فَهُوَ بَاطِل فِي الْقدر الْفَاضِل وَفِي الْقدر الْبَاقِي يَنْبَنِي على تَفْرِيق الصَّفْقَة وَإِن كَانَ متقاصرا عَن سنّ بُلُوغه صحت الْإِجَارَة
فَإِن بلغ قبل السن بالاحتلام فَفِي انْفِسَاخ الْإِجَارَة وَجْهَان
الْأَظْهر أَنه لَا يَنْفَسِخ لِأَنَّهُ وليه وَقد نظر لَهُ وَالْأُجْرَة قد سلمت لَهُ
وَالثَّانِي أَنه يَنْفَسِخ إِذْ بَان أَنه تنَاول يعقدة مَا خرج عَن مَحل ولَايَته
الثَّالِث إِذا آجر عبدا ثمَّ أعْتقهُ قبل مُضِيّ الْمدَّة صَحَّ الْعتْق كَمَا لَو زوج جَارِيَة ثمَّ أعْتقهَا إِذْ لَا يُنَاقض الْإِجَارَة الْعتْق

(4/204)


وَالْمذهب الْمَقْطُوع بِهِ أَنه لَا تَنْفَسِخ الْإِجَارَة
وَفِيه وَجه ذكره صَاحب التَّقْرِيب أَنه يَنْفَسِخ كموت الْبَطن الأول
نعم اخْتلفُوا فِيمَا للْعَبد فَمنهمْ من قَالَ لَهُ الْخِيَار وَهُوَ أَيْضا بعيد فِي الْمَذْهَب بل الصَّحِيح اسْتِمْرَار الْإِجَارَة على اللُّزُوم
وَفِي رُجُوع العَبْد بِأُجْرَة مثله على السَّيِّد وَجْهَان
أَحدهمَا نعم لِأَنَّهُ فَوته بعد الْحُرِّيَّة وَالْمَنْفَعَة حدثت على ملك العَبْد
وَالثَّانِي لَا وَكَأَنَّهُ كالمستوفى فِي حَالَة الرّقّ
فَإِن قُلْنَا لَا يرجع بِالْأُجْرَةِ فَفِي نَفَقَته وَجْهَان
أَحدهمَا على السَّيِّد وَكَأَنَّهُ استبقى حَبسه مَعَ الْعتْق
وَالثَّانِي على بَيت المَال فَإِن الْملك قد زَالَ وَهُوَ فَقير فِي نَفسه
الرَّابِع إِذا بَاعَ الدَّار الْمُسْتَأْجرَة من أَجْنَبِي قبل مُضِيّ مُدَّة الْإِجَارَة فَفِيهِ قَولَانِ أظهرهمَا الصِّحَّة وَكَأن الْمَنَافِع مُسْتَثْنَاة
وَلَو اسْتثْنى الْمَنَافِع لنَفسِهِ مُدَّة فَهُوَ على هَذَا الْخلاف وَيشْهد لجَوَاز الِاسْتِثْنَاء حَدِيث ورد فِيهِ وَإِن كَانَ الْقيَاس يَقْتَضِي الْبطلَان
وَلَو انْفَسَخت الْإِجَارَة بِعُذْر فِي بَقِيَّة الْمدَّة فالمنفعة الْبَاقِيَة للْمُشْتَرِي أَو للْبَائِع فِيهِ وَجْهَان

(4/205)


أَحدهمَا للْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يحدث على ملكه بعد انْفِسَاخ الْإِجَارَة
وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ كَانَ للْمُسْتَأْجر فَيَعُود بفسخه إِلَى الْعَاقِد للإجارة لَا غير أما إِذا بَاعهَا من الْمُسْتَأْجر فَالظَّاهِر الصِّحَّة وتستوفى الْمَنْفَعَة فِي بَقِيَّة الْمدَّة بِحكم الْإِجَارَة
وَفِيه وَجه آخر أَنه تَنْفَسِخ الْإِجَارَة كَمَا لَو اشْترى زَوجته فَإِن ملك الْعين أقوى فِي إِفَادَة الْمَنْفَعَة من الْإِجَارَة فَيدْفَع الأضعف
أما إِذا أجر الْمُسْتَأْجر الدَّار الْمُسْتَأْجرَة من الْمَالِك صَحَّ على الظَّاهِر
وعَلى قَوْلنَا ملك الْعين وَالْإِجَارَة لَا يَجْتَمِعَانِ لَا يَصح أصلا

(4/206)