تحفة المحتاج بشرح المنهاج ط العلمية

ج / 2 ص -408-      كتاب الشفعة
بإسكان الفاء وحكي ضمها وهي لغة من الشفع ضد الوتر فكأن الشفيع يجعل نفسه أو نصيبه شفعا بضم نصيب شريكه إليه أو من الشفاعة؛ لأن الأخذ جاهلية كان بها أو من الزيادة والتقوية ويرجعان لما قبلهما وشرعا حق تملك قهري يثبت للشريك القديم على الحادث فيما ملك بعوض لدفع الضرر أي ضرر مؤنة القسمة واستحداث المرافق وغيرها كالمصعد والمنور والبالوعة في الحصة الصائرة إليه وقيل ضرر سوء المشاركة ولكونها تؤخذ قهرا جعلت أثر الغصب إشارة إلى استثنائها منه والأصل فيها الإجماع إلا من شذ والأخبار كخبر البخاري قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة. وقوله لم يقسم ظاهر في أنه يقبل القسمة؛ لأن الأصل في النفي بلم أن يكون في الممكن بخلافه بلا واستعمال أحدهما محل الآخر تجوز أو إجمال قاله ابن دقيق العيد والعفو عنها أفضل إلا أن يكون المشتري نادما أو مغبونا وأركانها ثلاثة آخذ ومأخوذ منه ومأخوذ، والصيغة إنما تجب في التملك كما يأتي.
"لا تثبت في منقول" ابتداء، وإن بيع مع أرض للخبر المذكور ولأنه لا يدوم بخلاف العقار فيتأبد فيه ضرر المشاركة وخرج بابتداء تهدم الدار بعد ثبوت الشفعة فإن نقضها وإن نقل عنها يؤخذ بها كذا قيل ولا يصح؛ لأن التبعية هنا في التملك لا في الثبوت الذي الكلام فيه "بل" إنما تثبت "في أرض وما فيها من بناء" وما يتبعه من باب ورف سمر ومفتاح غلق مثبت وكل منفصل توقف عليه نفع متصل على ما مر في البيع "وشجر" رطب وأصل يجز مرارا "تبعا" للأرض لخبر مسلم:
"قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شرك لم يقسم ربعة". أي تأنيث ربع وهو الدار ومطلق الأرض أو حائط أي بستان لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه الحديث أي لا يحل له ذلك حلا مستوي الطرفين إذ لا إثم في عدم استئذان الشريك وخرج بتبعا بيع بناء وشجر في أرض محتكرة؛ لأنه كالمنقول وشرط التبعية أن يباعا مع ما حولهما من الأرض فلو باع شقصا من جدار وأسه لا غير أو من أشجار ومغارسها لا غير فلا شفعة؛ لأن الأرض هنا تابعة. وصرح السبكي بأنه لا بد هنا من رؤية الأس والمغرس وفرق بينه وبين ما مر في بعتك الجدار وأساسه بأنه ثم يدخل مع السكوت عنه بخلافه هنا فإنه عين منفصلة لا تدخل في المبيع عند الإطلاق فاشترطت رؤيتها وبحث أيضا أنه لو عرض الجدار بحيث لو كانت أرضه هي المقصودة ثبتت الشفعة؛ لأن الأرض هي المتبوعة حينئذ "وكذا ثمر" موجود عند البيع "لم يؤبر" حينئذ ولم يشرط دخوله فيه "في الأصح"، وإن تأبر عند الأخذ لتأخره لعذر وذلك؛ لأنه يتبع الأصل في البيع فكذا في الأخذ هنا ولا نظر لطرو تأبره لتقدم حقه وزيادته كزيادة الشجر بل قال الماوردي يأخذه وإن قطع إما مؤبر عند البيع وما شرط دخوله فيه فلا يؤخذ كشجر

 

ج / 2 ص -409-      غير رطب شرط دخوله وإما حادث بعد البيع فلا يأخذه إن لم يؤبر عند الأخذ وإنما تؤخذ الأرض والنخل بحصتهما من الثمن. "ولا شفعة في حجرة" مشتركة باع أحدهما نصيبه منها وقد "بنيت على سقف غير مشترك" لكونه لثالث أو لأحدهما إذ لا قرار لها فهي كالمنقول "وكذا مشترك في الأصح"؛ لأن السقف الذي هو أرضها لا ثبات له فما عليه كذلك، ولو اشتركا في سفل واختص أحدهما بعلوه فباع صاحب العلو علوه مع نصيبه من السفل أخذ الشريك هذا فقط؛ لأن العلو لا شركة فيه ويجري ذلك في أرض مشتركة فيها شجر لأحدهما. "وكل ما لو قسم بطلت منفعته المقصودة" منه بأن لا ينتفع به بعد القسمة من الوجه الذي كان ينتفع به قبلها "كحمام ورحى" صغيرين لا يمكن تعددهما "لا شفعة فيه في الأصح" بخلاف الكبيرين؛ لأن علة ثبوتها في المقسم كما مر دفع ضرر مؤنة القسمة والحاجة إلى إفراد الحصة الصائرة إلى الشريك بالمرافق وهذا الضرر حاصل قبل البيع ومن حق الراغب فيه من الشريكين أن يخلص صاحبه منه بالبيع له فلما باعه لغيره سلطه الشرع على أخذه منه فعلم ثبوتها لكل شريك يجبر على القسمة كمالك عشر دار صغيرة باع شريكه بقيتها فتثبت له بخلاف عكسه؛ لأن الأول يجبر على القسمة دون الثاني كما يأتي في بابها وعبر أصله بطاحونة فعدل عنه للرحى مع ترادفهما؛ لأنه أخص قيل العرف إطلاق الطاحونة على المكان والرحى على الحجر وهو غير مراد هنا؛ لأنه منقول، وهو إنما يؤخذ تبعا للمكان فالمراد المحل المعد للطحن وحينئذ فتعبير المحرر أولى. ا هـ وليس بسديد؛ لأن هذا إن سلم عرف طارئ والذي تقرر ترادفهما لغة فلا إيراد.
"ولا شفعة إلا لشريك" في العقار المأخوذ، ولو ذميا ومكاتبا مع سيده وغير آدمي كمسجد له شقص لم يوقف فباع شريكه يشفع له ناظره فلا تثبت لغير الشريك كأن مات عن دار يشركه فيها وارثه فبيعت حصته في دينه فلا يشفع الوارث؛ لأن الدين لا يمنع الإرث وكالجار لخبر البخاري السابق وهو صريح لا يقبل تأويلا بخلاف أحاديث إثباتها للجار فإنه يمكن حمله على الشريك فتعين جمعا بين الأحاديث ولا ينقض حكم الحنفي بها، ولو لشافعي بل يحل له الأخذ بها باطنا على ما يأتي في القضاء وليس لنحو شافعي سماع الدعوى بها كما يأتي أوائل الدعاوى إلا إن قال المشتري هذا يعارضني فيما اشتريته وهو كذا بغير حق فتسمع دعواه ويمنع الجار من معارضته وحينئذ ليس للحنفي الحكم له بها ولا لموقوف عليه بناء على إطلاق امتناع قسمة الملك على الوقف وسيأتي آخر القسمة ما فيه وموصى له بالمنفعة، ولو أبدا وليست أراضي الشام موقوفة كما قطع به الجرجاني قال جمع بخلاف أراضي مصر؛ لأنها فتحت عنوة وقفت، وأخذ السبكي من وصية الشافعي أنه كان له بها أرض ترجيح أنها ملك وفيه تأييد للقائلين بأنها فتحت صلحا وسيأتي ما في ذلك في السير مبسوطا وقد لا تثبت للشريك لكن لعارض كولي غير أصل شريك لموليه باع شقص محجوره فلا يشفع؛ لأنه متهم بالمحاباة في الثمن وفارق ما لو وكل شريكه فباع فإنه يشفع بأن الموكل متأهل للاعتراض عليه لو قصر.
تنبيه: قد يشفع غير الشريك كأن يكون بينهما عرصة شركة فيدعي أجنبي نصيب

 

ج / 2 ص -410-      أحدهما ويشهد له الآخر فترد شهادته ثم يبيع المشهود عليه نصيبه لآخر فللشاهد أن يشفعه ثم يلزمه رده للمشهود له باعترافه هذا هو المسوغ لأخذه بها مع زعمه بطلان البيع.
"ولو باع دارا وله شريك في ممرها" فقط كدرب غير نافذ "فلا شفعة فيها" لانتفاء الشركة فيها "والصحيح ثبوتها في الممر" بحصته من الثمن "إن كان للمشتري طريق آخر إلى الدار أو أمكن" من غير مؤنة لها وقع "فتح باب إلى شارع" ونحوه أو إلى ملكه لإمكان الوصول إليها من غير ضرر "وإلا" يمكن شيء من ذلك "فلا" لما فيه من الإضرار بالمشتري والشفعة تثبت لدفع الضرر فلا يزال الضرر بالضرر ومجرى النهر كالممر فيما ذكر، ولو اشترى ذو دار لا ممر لها نصيبا في ممر ثبتت مطلقا على الأوجه؛ لأن الممر ليس من حقوق الدار هنا قبل البيع بخلافه ثم "وإنما تثبت فيما ملك بمعاوضة" محضة وغيرها نصا في البيع وقياسا في غيره بجامع الاشتراك في المعاوضة مع لحوق الضرر فخرج مملوك بغير معاوضة كإرث وهبة بلا ثواب ووصية "ملكا لازما متأخرا" سببه "عن" سبب "ملك الشفيع" وسيذكر محترزات ذلك فالمملوك بمحضه "كمبيع و" بغيرها نحو "مهر وعوض خلع و" عوض "صلح دم" في قتل عمد "و" عوض صلح عن "نجوم و" من المملوك بمحضه أيضا نحو "أجرة ورأس مال سلم" وصلح عن مال كما مر في بابه ويصح عطف نجوم على مبيع وما قيل يتعين فيه التقدير الأول؛ لأن عقد الكتابة بالشقص لا يمكن؛ لأنه لا يتصور ثبوته في الذمة والمعين لا بملكه لعبد ممنوع بل بتسليمه يمكن عطفه على خلع أي وعوض نجوم بأن يملك شقصا ويعوضه السيد عن النجوم ثم ما ذكر فيها هنا مبني على صحة الاعتياض عنها وهو منصوص وصححه جمع لكن الذي جزما به في بابها المنع؛ لأنها غير مستقرة.
"ولو شرط" أو ثبت بلا شرط كخيار المجلس "في البيع الخيار لهما" أو لأجنبي عنهما "أو للبائع" أو لأجنبي عنه "لم يؤخذ بالشفعة حتى ينقطع الخيار"؛ لأن المشتري لم يملك فيهما إذ هو في الأولى موقوف وفي الثانية ملك البائع وهذا محترز ملك كما احترز به أيضا عما جرى سبب ملكه كالجعل قبل الفراغ من العمل وعلى الضعيف أن المشتري ملك هو محترز لازما "وإن شرط للمشتري وحده" أو لأجنبي عنه "فالأظهر أنه يؤخذ" بالشفعة "إن قلنا الملك للمشتري" وهو الأصح؛ لأنه لا حق فيه لغيره ولا يرد هذا على لازما؛ لأنه لكونه يؤول إلى اللزوم مع إفادته الملك للمشتري كاللازم أو؛ لأنه لازم من جهة البائع فاندفع ما قيل تقييده باللزوم قيد مضر ولا يقال فيما إذا كان لهما أو للبائع أنه آيل للزوم لخروجهما بقوله ملك إذ لا ملك للمشتري فيهما على أنه قيد لا بد منه في غرضه وهو ذكر المتفق عليه أولا ثم المختلف فيه.
وبحث الزركشي انتقال الخيار الثابت للمشتري إلى الشفيع فيأخذ الملك بصفته؛ لأنه قائم مقامه كما في الوارث مع المورث، وفيه نظر والفرق بين الوارث والشفيع ظاهر

 

ج / 2 ص -411-      "وإلا" أي وإن قلنا بالضعيف أن الملك للبائع أو موقوف "فلا" يؤخذ لبقاء ملك البائع أو انتظار عوده.
"ولو وجد المشتري بالشقص عيبا وأراد رده بالعيب وأراد الشفيع أخذه ويرضى بالعيب فالأظهر إجابة الشفيع" لسبق حقه لثبوته بالبيع على حق المشتري لثبوته بالاطلاع، ولو رده المشتري قبل طلب الشفيع فله رد الرد ويشفع ولا يتبين بطلانه كما صححه السبكي فالزوائد من الرد إلى رده للمشتري وكالرد بالعيب رده بالإقالة. "ولو اشترى اثنان" معا "دارا أو بعضها فلا شفعة لأحدهما على الآخر" لاستوائهما في وقت حصول الملك وهذا محترز متأخر إلى آخره وحاصله كما أشرت إليه في محله أنه لا بد من تأخر سبب ملك المأخوذ منه عن سبب ملك الآخذ فلو باع أحد شريكين نصيبه بشرط الخيار له فباع الآخر نصيبه في زمن الخيار بيع بت فالشفعة للمشتري الأول إن لم يشفع بائعه لتقدم سبب ملكه على سبب ملك الثاني، ولا شفعة للثاني، وإن تأخر عن ملكه ملك الأول لتأخر سبب ملكه عن سبب ملك الثاني، وكذا لو باعا مرتبا بشرط الخيار لهما دون المشتري سواء أجازا معا أم أحدهما قبل الآخر. "ولو كان للمشتري شرك" بكسر الشين "في الأرض" كأن كانت بين ثلاثة أثلاثا فباع أحدهم نصيبه لأحد شريكيه "فالأصح أن الشريك لا يأخذ كل المبيع بل حصته" وهي السدس في هذا المثال كما لو كان المشتري أجنبيا لاستوائهما في الشركة ولا نقول: إن المشتري استحقها على نفسه بل دفع الشريك عن أخذ حصته فلو ترك المشتري حقه لم يلزم الشفيع أخذه وقيل يأخذ الكل أو يدع الكل. "ولا يشترط في" استحقاق "التملك بالشفعة حكم حاكم" لثبوته بالنص "ولا إحضار الثمن"؛ لأنه تملك بعوض كالبيع ولا ذكره "ولا حضور المشتري" ولا رضاه كما في الرد بالعيب وبتقدير الاستحقاق يندفع ما أورد أن ما هنا ينافيه ما بعده أنه لا بد من أحد هذه الأمور أو ما يلزم منه أحدها ووجه اندفاعه أن ما هنا في ثبوت التملك بالشفعة واستحقاقه وما يأتي إنما هو في حصول الملك بعد ذلك الاستحقاق وتقرره فلا اتحاد ولا منافاة وهذا أوضح بل أصوب من الجواب بأن المراد هنا أن كل واحد بخصوصه على انفراده لا يشترط، وثم أنه لا بد من وجود واحد مما يأتي على أن لنا أن لا نقدر الاستحقاق، ونقول لا منافاة؛ لأن التملك وهو ما هنا غير حصول الملك وهو ما يأتي إذ لا يلزم من التملك حصول الملك عقبه كالبيع بشرط الخيار. ثم رأيت الفتى أجاب بنحو ذلك لكنه فسر التملك بأخذ الشفعة فورا أي بطلبها فورا ثم السعي في واحد من الثلاث الآتية فهذا هو التملك لا مجرد طلبها فورا خلاف ما يقتضيه كلامه ثم رأيت ما يصرح بذلك وهو قول بعض تلامذته وأما الجواب عن قول الشيخين ولا يكفي أن يقول لي حق الشفعة وأنا مطالب بها وقولهما في صفة الطلب أنا مطالب بها فهو بناء على الفرق بين الطلب والتملك فكلامهما أولا في حقيقة التملك وثانيا في مجرد طلب الشفعة. ا هـ وقول جمع الواجب فورا هو الطلب لا نفس التملك فعلمنا تغايرهما، لكن قولهم لا نفس التملك في إطلاقه نظر والمعتمد الذي دل عليه كلام الرافعي وصرح به البلقيني في اللعان أنه لا بد من الفور في التملك عقب الفور في الأخذ أي في سببه نعم في الروضة وأصلها وإذا لم يكن الثمن حاضرا وقت

 

ج / 2 ص -412-      التملك أمهل ثلاثة أيام فإن انقضت ولم يحضره فسخ الحاكم تملكه هكذا حكاه ابن سريج وساعده المعظم. ا هـ ويوجه بأن غيبة الثمن عذر فأمهل لأجله مدة قريبة يتسامح بها غالبا وبه يندفع زعم بنائه على ضعيف وللشفيع إجبار المشتري على قبض الشقص حتى يأخذه منه؛ لأن أخذه من يد البائع يفضي إلى سقوط الشفعة؛ لأن به يفوت التسليم المستحق للمشتري فيبطل البيع وتسقط الشفعة.
"ويشترط" في حصول الملك بالشفعة "لفظ" أو نحوه كإشارة الأخرس وكالكتابة "من الشفيع كتملكت أو أخذت بالشفعة" ونحوهما كاخترت الأخذ بها بخلاف أنا مطالب بها، وإن سلم الثمن؛ لأنه رغبة في التملك والملك لا يحصل بذلك "ويشترط مع ذلك" اللفظ أو نحوه كون الثمن معلوما للشفيع كما يعلم من قوله الآتي، ولو اشترى بجزاف نعم لا يشترط علمه في الطلب ورؤية شفيع الشقص كما يذكره الآن واحد الثلاثة "أما تسليم العوض إلى المشتري فإذا تسلمه أو ألزمه القاضي" لامتناعه من أخذ العوض "التسلم" بضم اللام "ملك الشفيع الشقص"؛ لأن المشتري وصل لحقه أو مقصر ومن ثم كفى وضعه بين يديه بحيث يتمكن من قبضه سواء الثمن المعين والذي في الذمة وقبض الحاكم عن المشتري كاف "وأما رضا المشتري بكون العوض في ذمته" أي الشفيع إلا لمانع كأن باع دارا فيها ذهب يتحصل منه شيء بفضة أو عكسه فلا بد من التقابض الحقيقي كما علم من كلامه في الربا. "وأما قضاء القاضي له بالشفعة" أي بثبوتها لا بالملك كما قاله ابن الرفعة و القمولي وغيرهما وهو المفهوم من كلام الرافعي وغيره وقال صاحب الكافي إنما يحكم بالملك؛ لأنها ثابتة بالنص "إذا حضر مجلسه وأثبت حقه" فيها وطلبه "فيملكه به في الأصح" لتأكد اختيار التملك بحكم الحاكم ولا يقوم مقامه الإشهاد على الطلب واختيار الشفعة كما أفهمه المتن وبحث ابن الرفعة أن محله عند وجود الحاكم وإلا قام كما في هرب الجمال ونظائره، وإنما يتجه إن غاب المشتري أو امتنع من أخذ الثمن وإذا ملك الشقص بغير تسليم العوض لم يتسلمه حتى يؤديه فإن لم يؤده أمهل ثلاثة أيام فإن مضت ولم يحضره فسخ الحاكم ملكه. "ولا يتملك شقصا لم يره الشفيع" تنازعه الفعلان "على المذهب" بناء على الأظهر أن بيع الغائب باطل وليس للمشتري منع الشفيع من الرؤية.
فرع: في الأنوار شرط دعوى الشفعة تحديد الشفيع الشقص وتقدير الثمن وطلبها واعتمده الغزي وأطال فيه غافلا عما قاله هنا عن ابن الصلاح من أنه لا يلزمه بيان مقدار سهمه كذا قاله بعضهم موهما التناقض وليس كذلك بل الأول في تحديد الشقص المأخوذ فلا بد منه؛ لأنه المدعى به والثاني في حصة الشفيع فلا يحتاج لتحديدها؛ لأنه غير المدعى به، وإن توقف الأخذ على العلم به في بعض الصور وحاصل عبارة الغزي أنه يدعي بحضرة المشتري أني أستحق أخذ ما اشتراه هذا وهو كذا من أرض كذا بثمن كذا حالا من فلان قبضه منه وأني حال علمي بذلك أشهد على أني طالب للشفعة فيه وبادرت للمشتري وطلبت منه تسليم الشقص وقبض الثمن فإن صدقه المشتري أو أنكر الشراء فأثبته وثمنه الشفيع سلم الثمن له وتسلم منه الشقص، وإن أنكر شركة الشفيع

 

ج / 2 ص -413-      حلف أنه لا يعلمها وعلى الشفيع إثباتها، وإن ادعى جهل الثمن ولم يثبت علمه، ولو ببينة سقطت شفعته وتنظير الغزي فيه بأنه بمنزلة الداخل مردود بأن إقامة الداخل لها لإثبات الملك وهو ثابت فلم يحتج إليها وهنا للدفع وهو محتاج إليه.

فصل في بيان بدل الشقص الذي يؤخذ به والاختلاف في قدر الثمن وكيفية أخذ الشركاء إذا تعددوا أو تعدد الشقص وغير ذلك
"إن اشترى بمثلي أخذه الشفيع بمثله"؛ لأنه أقرب إلى حقه فإن قدر بالوزن كقنطار حنطة أخذه بوزنه فإن انقطع المثل وقت الأخذ أخذ بقيمته حينئذ، ولو كان دنانير أخذ بدنانير مثلها فإن تراضيا عنها بدراهم كان شراء مستجدا تبطل به الشفعة كما في الحاوي قال الزركشي وهي غريبة. ا هـ والذي يتجه أنه يأتي هنا ما مر من التفصيل فيما لو صالح بمال عن الرد بالعيب بجامع أنه فوت الفورية المشترطة بإيجاد عقد آخر غير الأول فهو كما لو قال الشفيع للمشتري بعني الشقص فتسقط به شفعته إن علم به؛ لأن عدوله عن أخذه القهري إلى تملك اختياري تقصير مفوت للفورية أي تقصير فكذا هنا عدوله عن الأخذ بالدنانير التي هي الواجب قهرا على المشتري إلى غيرها تقصير أي تقصير فوجب الفرق بين علمه وجهله "أو" ملكه "بمتقوم فبقيمته" يأخذ لا بقيمة الشقص؛ لأن ما يبذله الشفيع في مقابلة ما بذله المشتري لا في مقابلة الشقص ولو ملك الشفيع الثمن بعينه ثم اطلع تعين الأخذ به، ولو مثليا كما بحثه في المطلب واعتمده الأذرعي وغيره، ولو حط عن المشتري بعض الثمن قبل اللزوم انحط عن الشفيع أو كله فلا شفعة إذ لا بيع ويؤخذ من قوله ويؤخذ الممهور إلى آخره أن المراد بالقيمة هنا غيرها السابق في الغصب فحينئذ لا يرد عليه خلافا لمن زعمه ما لو صالح عن دم العمد على شقص فإنه يأخذه بقيمة الدم وهو الدية فيأخذه بقيمتها يوم الجناية وتعتبر قيمة المتقدم في غير هذا "يوم البيع" أي وقته؛ لأنه وقت إثبات العوض واستحقاق الشفعة ويصدق المشتري بيمينه في قدرها حينئذ كما في البحر لما يأتي أنه أعلم بما باشره "وقيل يوم استقراره بانقطاع الخيار" كما أن المعتبر في الثمن حالة اللزوم بناء على الأصح من لحوق الحط والزيادة في زمن الخيار ولما كان ما سبق شاملا للدين وغيره وكان الدين يشمل الحال والمؤجل بين أن المراد الحال بقوله "أو" اشترى "بمؤجل فالأظهر أنه مخير" وإن حل الثمن بموت المشتري أو كان منجما بأوقات مختلفة "بين أن يعجل" الثمن "ويأخذ في الحال" ومحله أخذا من كلام الأذرعي وغيره ما لم يكن على المشتري ضرر في قبوله لنحو نهب، وإلا لم يجب الشفيع "أو" عطف بها في حيز بين لما يأتي "يصبر إلى المحل" بكسر الحاء أي حلول الكل في المنجم وليس له كلما حل نجم أن يعطيه ويأخذ بقدره لما فيه من تفريق الصفقة على المشتري "ويأخذ" دفعا للضرر من الجانبين؛ لأن الأخذ بالمؤجل يضر بالمشتري لاختلاف الذمم وبالحال يضر بالشفيع؛ لأن الأجل يقابله قسط من الثمن نعم لو رضي المشتري بذمة الشفيع تعين عليه الأخذ حالا، وإلا سقط حقه وإذا خير لم يلزمه إعلام المشتري

 

ج / 2 ص -414-      بالطلب على ما في الشرحين وصحح في أصل الروضة اللزوم قيل وهو سبق قلم. "ولو بيع شقص وغيره" مما لا شفعة فيه كسيف "أخذه" أي الشقص لوجود سبب الأخذ فيه دون غيره ولا يتخير المشتري بتفريق الصفقة عليه؛ لأنه المورط لنفسه وهذا أولى من التعليل بأنه دخل فيها عالما بالحال؛ لأن قضيته أن الجاهل يتخير وهو خلاف إطلاقهم ومدركهم وبكل من التعليلين فارق هذا ما مر من امتناع إفراد المعيب بالرد "بحصته" أي بقدرها "من" الثمن باعتبار "القيمة" بأن يوزع الثمن عليهما باعتبار قيمتهما وقت البيع ويأخذ الشقص بحصته من الثمن فإذا ساوى مائتين، والسيف مائة والثمن خمسة عشر أخذه بثلثي الثمن وما قررت به كلامه هو مراده كما هو ظاهر وبه يندفع ما قيل: إن ذكر القيمة سبق قلم. "ويؤخذ" الشقص "الممهور بمهر مثلها" يوم النكاح "وكذا" شقص هو "عوض خلع" فيؤخذ بمهر مثلها يوم الخلع سواء أنقص عن قيمة الشقص أم لا؛ لأن البضع متقوم أو قيمته مهر المثل، ولو أمهرها شقصا مجهولا وجب لها مهر المثل ولا شفعة؛ لأن الشقص باق على ملك الزوج ويجب في المتعة متعة مثلها لا مهر مثلها؛ لأنها الواجبة بالفراق والشقص عوض عنها، ولو اعتاض عن النجوم شقصا أخذ الشفيع بمثل النجوم أو بقيمتها بناء على ما مر. "ولو اشترى بجزاف وتلف" أو غاب وتعذر إحضاره أو بمتقوم كقص وتعذر العلم بقيمته أو اختلط بغيره "امتنع الأخذ" لتعذر الأخذ بالمجهول وهذا من الحيل المسقطة للشفعة وهي مكروهة كذا أطلقاه كغيرهما وقيده بعضهم بما قبل البيع قال أما بعده فهي حرام وفيه نظر بل كلامهما صريح في أنه لا فرق فإنهما ذكرا من جملة الحيل كثيرا مما هو بعد البيع أما إذا بقي فيكال مثلا ويؤخذ بقدره نعم لا يلزم البائع إحضاره ولا الإخبار به وفارق ما مر فيما لم يره بأنه لا حق له على البائع بخلاف المشتري. "فإن عين الشفيع قدرا" بأن قال اشتريته بمائة "وقال المشتري" بمائتين حلف كما يأتي بناء على ما ادعاه وألزم الشفيع الأخذ به، وإن قال "لم يكن معلوم القدر حلف على نفي العلم" بما عينه الشفيع؛ لأن الأصل عدم علمه به وحينئذ تسقط الشفعة كما اقتضاه المتن وجرى عليه في نكته ونص عليه وقال القاضي عن النص يوقف إلى أن يتضح الحال واعتمده السبكي وليس له الحلف أنه اشتراه بثمن مجهول؛ لأنه قد يعلمه بعد الشراء فإن نكل حلف الشفيع على ما عينه وأخذ به "وإن ادعى علمه" بقدر وطالبه ببيانه "ولم يعين قدرا" في دعواه "لم تسمع دعواه في الأصح"؛ لأنها غير ملزمة وله أن يدعي قدرا ويحلفه ثم آخر ويحلفه وهكذا حتى يقر أو ينكل فيستدل بنكوله على أنه الثمن ويحلف عليه ويأخذ به لما يأتي أنه يجوز الحلف بالظن المؤكد. "وإذا ظهر" بعد الأخذ بالشفعة "الثمن" المبذول في الشقص النقد أو غيره "مستحقا" ببينة أو تصادق من البائع والمشتري والشفيع "فإن كان معينا" بأن وقع الشراء بعينه "بطل البيع"؛ لأنه بغير ثمن "والشفعة" لترتبها على البيع، ولو خرج بعضه بطلا فيه فقط وخروج النقد نحاسا كخروجه مستحقا فإن خرج رديئا تخير البائع بين الرضا به والاستبدال فإن رضي به لم يلزم المشتري الرضا بمثله بل يأخذ من الشفيع الجيد قاله البغوي ونظر فيه المصنف ورده البلقيني بأنه جار على قوله في عبد ثمن

 

ج / 2 ص -415-      للشقص ظهر معيبا ورضي به البائع أن على الشفيع قيمته سليما؛ لأنه الذي اقتضاه العقد وقد غلطه فيه الإمام قال وإنما عليه قيمته معيبا فالتغليط بالمثلي أولى. قال والصواب في كلتا المسألتين ذكر وجهين والأصح منهما اعتبار ما ظهر وبه جزم ابن المقري في المعيب فإن قلت قياس ما قالوه في حط بعض الثمن من الفرق بين ما قبل اللزوم وبعده أن يقال بنظيره هنا من أن البائع إن رضي برديء أو معيب قبل اللزوم لزم المشتري الرضا بهما من الشفيع أو بعده فلا قلت القياس محتمل؛ لأن منة البائع ومسامحته موجودة فيهما إلا أن يفرق بأن الرديء والمعيب غير ما وقع به العقد بالكلية بخلاف الثمن فإنه وقع به العقد فسرى ما وقع فيه إلى الشفيع.
"وإلا" يعين في العقد بأن كان في الذمة "أبدل وبقيا" أي البيع والشفعة؛ لأن العقد لم ينعقد به "وإن دفع الشفيع مستحقا" أو نحو نحاس "لم تبطل شفعته إن جهل" لعذره "وكذا إن علم في الأصح"؛ لأنه لم يقصر في الطلب والشفعة لا تستحق بمال معين حتى تبطل باستحقاقه، وكذا لو لم يأخذها بمعين كتملكت بعشرة دنانير ثم نقد المستحق لم تبطل قطعا وإذا بقي حقه فهل يتبين أنه لم يملك فيحتاج لتملك جديد أو ملك، والثمن دين عليه فالفوائد له وجهان رجح الرافعي الأول وغيره الثاني واستظهر والذي يتجه أن الأخذ إن كان بالعين تعين الأول أو في الذمة تعين الثاني.
"وتصرف المشتري في الشقص كبيع ووقف"، ولو مسجدا "وإجارة صحيح"؛ لأنه واقع في ملكه، وإن لم يلزم فكان كتصرف الولد فيما وهب له أبوه "وللشفيع نقض ما لا شفعة فيه" ابتداء "كالوقف" والهبة والإجارة قال الماوردي وإذا أمضى الإجارة فالأجرة للمشتري "وأخذه" لسبق حقه والمراد بالنقض الأخذ لا أنه يحتاج للفظ فقوله وأخذه عطف تفسير "ويتخير فيما فيه شفعة كبيع بين أن يأخذ بالبيع الثاني أو ينقض ويأخذ بالأول"؛ لأن كلا منهما صحيح وربما كان أحدهما ثمنه أقل أو جنسه أيسر عليه وأو هنا بمعنى الواو الواجبة في حيز بين لكن الفقهاء كثيرا ما يتسامحون في ذلك "ولو اختلف المشتري والشفيع في قدر الثمن" ولا بينة أو أقاما بينتين وتعارضتا "صدق المشتري" بيمينه؛ لأنه أعلم بما باشره من الشفيع فإن نكل حلف الشفيع وأخذ بما حلف عليه وبحث الزركشي أنه لو كذبه الحس كأن ادعى أن الثمن ألف دينار وهو يساوي دينارا لم يصدق وفيه نظر مأخذه ما مر من أنه لا خيار في شراء زجاجة بألف وهي تساوي درهما وبه يعلم أن الحس لا يكذب ذلك؛ لأن الغبن بذلك قد يقع "وكذا لو أنكر المشتري" في زعم الشفيع "الشراء"، وإن كان الشقص في يده "أو" أنكر "كون الطالب شريكا" فيصدق بيمينه؛ لأن الأصل عدمهما ويحلف في الأولى أنه ما اشتراه وفي الثانية على نفي العلم بشركته فإن نكل حلف الطالب بتا وأخذ. "فإن اعترف الشريك" القديم "بالبيع فالأصح ثبوت الشفعة" عملا بإقراره، وإن حضر المشتري وكذبه سواء اعترف البائع بقبض الثمن أم لا إذ الفرض أن الشقص بيده أو يد المشتري وقال إنه وديعة منه أو عارية مثلا أما لو كان في يد المشتري فادعى ملكه وأنكر الشراء فلا يصدق البائع عليه؛ لأن إقرار غير ذي اليد لا يسري

 

ج / 2 ص -416-      على ذيها "ويسلم الثمن إلى البائع إن لم يعترف بقبضه"؛ لأنه تلقى الملك عنه فكأنه المشتري منه "وإن اعترف" البائع بقبضه "فهل يترك في يد الشفيع" إن كان معينا وذمته إن كان غير معين فالاعتراض عليه بأنه كان ينبغي التعبير بذمة الشفيع غير صحيح "أم" قيل صوابه أو؛ لأن أم تكون بعد الهمزة وأو بعد هل. ا هـ وهذا أغلبي لا كلي كما يأتي تحريره في الوصايا فالتعبير بالصواب غير صواب "يأخذه القاضي ويحفظه" فإنه مال ضائع "فيه خلاف سبق في" أوائل "الإقرار نظيره" والأصح منه الأول وذكر هنا المقابل دون التصحيح عكس ما ذكر ثم اكتفاء عن كل بنظيره واغتفر للشفيع التصرف في الشقص مع بقاء الثمن في ذمته لعذره بعدم مستحق معين له وبه يفرق بين هذا وما مر مما يعلم منه توقف تصرفه على أداء الثمن ثم رأيت شارحا فرق بأن المشتري هناك معترف بالشراء وهنا بخلافه وهو يئول لما فرقت به.
"ولو استحق الشفعة جمع" كدار مشتركة بين جمع بنحو شراء أو إرث باع أحدهم نصيبه واختلف قدر أملاكهم "أخذو" ها "على قدر الحصص"؛ لأنه حق مستحق بالملك فقسط على قدره كالأجرة وكسب القن "وفي قول على الرؤوس"؛ لأن سبب الشفعة أصل الشركة وهم مستوون فيها بدليل أن الواحد يأخذ الجميع، وإن قل نصيبه وأطال جمع في الانتصار له ورد الأول مع أن عليه الأكثرين ورددته عليهم في شرح الإرشاد الكبير في الصوم وتفريق الصفقة وهنا. "ولو باع أحد شريكين نصف حصته" أو ربعها مثلا "لرجل ثم باقيها لآخر" قبل أخذ الشريك القديم ما بيع أولا "فالشفعة في النصف الأول للشريك القديم"؛ لأنه ليس معه حال البيع شريك غير البائع وهو لا يشفع فيما باعه "والأصح أنه إن عفا" الشريك القديم "عن النصف الأول" بعد البيع الثاني "شاركه المشتري الأول في النصف الثاني"؛ لأن ملكه سبق البيع الثاني واستقر بعفو الشريك القديم عنه فشاركه "وإلا" يعف عنه بل أخذه منه "فلا يشارك" هـ لزوال ملكه أما لو عفا عنه قبل البيع الثاني فيشاركه جزما وخرج بثم ما لو وقعا معا فالشفعة فيهما معا للأول وحده. "والأصح أنه لو عفا أحد شفيعين" عن حقه أو بعضه "سقط حقه" كسائر الحقوق المالية "وتخير الآخر بين أخذ الجميع وتركه" كالمنفرد "وليس له الاقتصار على حصته" لئلا تتبعض الصفقة على المشتري "و" الأصح "أن الواحد إذا أسقط بعض حقه سقط" حقه "كله" كالقود. "ولو حضر أحد شفيعين فله أخذ الجميع في الحال" لا البعض لتيقن استحقاقه ورغبته والشك فيهما بالنسبة للغائب فإن قال لا آخذ إلا قدر حصتي بطل حقه مطلقا لتقصيره، ولو رضي المشتري بأخذه من حصته فقط لم يجز كما اعتمده السبكي كابن الرفعة كما لو أراد الشفيع الواحد أن يأخذ بعض حقه وإذا أخذ الكل استمر الملك والفوائد له ما لم يحضر الغائب ويأخذ "فإذا حضر الغائب شاركه" لثبوت حقه فإذا كانوا ثلاثة فحضر واحد وأخذ الكل ثم حضر الآخر أخذ منه النصف بنصف الثمن فإذا حضر الثالث أخذ من كل أو من أحدهما ثلث ما بيده ولا يشاركه الغائب في ريع حدث قبل تملكه "والأصح أن له تأخير الأخذ إلى قدوم الغائب" لظهور غرضه في تركه أخذ ما يؤخذ منه ولا يلزمه الإعلام بالطلب على ما مر. "ولو اشتريا شقصا فللشفيع أخذ نصيبهما" وهو ظاهر "ونصيب أحدهما"؛ لأنه لم يفرق عليه ملكه "ولو اشترى واحد من

 

ج / 2 ص -417-      اثنين" أو وكيلهما المتحد إذ العبرة في التعدد وعدمه هنا بالمعقود له لا العاقد كما حررته في شرح الإرشاد "فله أخذ حصة أحد البائعين في الأصح"؛ لأن الصفقة تعددت بتعدد البائعين ولوجود التفريق هنا جرى الخلاف دون ما قبله وبهذا فارق ما مر في البيع من عكس ذلك وهو تعددها بتعدد البائع قطعا والمشتري على الأصح وتتعدد هنا بتعدد المحل أيضا فلو باع شقصين من دارين صفقة وشفيعهما واحد فله أخذ أحدهما فقط. "والأظهر أن الشفعة" أي طلبها "على الفور" وإن تأخر التملك لخبر ضعيف فيه وكأنه اعتضد عندهم بما صيره حسنا بغيره ولأنه خيار ثبت بنفسه لدفع الضرر فكان كخيار الرد بالعيب وقد لا يجب في صور علم أكثرها من كلامه كالبيع بمؤجل أو وأحد الشريكين غائب وكأن أخبر بنحو زيادة فترك، ثم بان خلافه وكالتأخير لانتظار إدراك زرع وحصاده أو ليعلم قدر الثمن أو ليخلص نصيبه المغصوب كما نص عليه أو لجهله بأن له الشفعة أو بأنها على الفور وهو ممن يخفى عليه ذلك وكمدة خيار شرط لغير مشتر وكتأخير الولي أو عفوه فإنه لا يسقط حق المولى "فإذا علم الشفيع بالبيع فليبادر" عقب علمه من غير فاصل "على العادة" فلا يكلف البدار بعدو أو نحوه مما يعد العرف تركه تقصيرا وتوانيا وضابط ما هنا كما مر في الرد بالعيب وذكر كغيره بعض ذلك ثم وبعضه هنا ليعلم اتحاد البابين كما تقرر أي غالبا لما يأتي أما إذا لم يعلم فهو على شفعته، وإن مضى سنون نعم يأتي في خيار أمة عتقت أنه لا يقبل دعواها الجهل به إذا كذبتها العادة بأن كانت معه في داره وشاع عتقها فيظهر أن يقال بمثله هنا "فإن كان مريضا" أو محبوسا ظلما أو بحق وعجز عن الطلب بنفسه "أو غائبا عن بلد المشتري" بحيث تعد غيبته حائلة بينه وبين مباشرة الطلب كما جزم به السبكي كابن الصلاح "أو خائفا من عدو" أو إفراط حر أو برد "فليوكل" في الطلب "إن قدر"؛ لأنه الممكن "وإلا" يقدر "فليشهد" رجلين أو رجلا وامرأتين بل أو واحدا ليحلف معه كما مر في البيع "على الطلب"، ولو قال أشهدت فلانا وفلانا فأنكرا لم يسقط حقه "فإن ترك المقدور عليه منهما" أي التوكيل والإشهاد المذكورين "بطل حقه في الأظهر" لتقصيره المشعر بالرضا نعم الغائب يخير بين التوكيل والرفع للحاكم كما أخذه السبكي من كلام البغوي. قال وكذا إذا حضر الشفيع وغاب المشتري وللقادر أيضا أن يوكل ففرضهم التوكيل عند العجز إنما هو لتعينه حينئذ طريقا، ولو سار بنفسه عقب العلم أو وكل لم يلزمه الإشهاد حينئذ على الطلب بخلاف ما مر في نظيره من الرد بالعيب؛ لأن تسلط الشفيع على الأخذ بالشفعة أقوى من تسلط المشتري على الرد بالعيب إذ له نقض تصرف المشتري وليس لذاك ذلك ولأن الإشهاد ثم على المقصود وهو الفسخ وهنا على الطلب وهو وسيلة وهي يغتفر فيها ما لا يغتفر في المقصود وإذا كان الفور بالعادة "فإذا كان في صلاة أو حمام أو طعام فله الإتمام" كالعادة ولا يلزمه الاقتصار على أقل مجزئ بل له الأكمل بحيث لا يعد متوانيا ويؤخذ منه أن له ذلك في النافلة المطلقة بهذا القيد وكذا إن دخل الوقت، وإن لم يشرع فله الشروع وله التأخير ليلا حتى يصبح ما لم يأمن في الذهاب إليه ليلا، ولو ادعى تأخير العذر فإن علم قيام أصل العذر به صدق، وإلا صدق

 

ج / 2 ص -418-      المشتري. "ولو أخر الطلب وقال لم أصدق المخبر لم يعذر إن أخبره عدلان" أو رجل وامرأتان بصفة العدالة؛ لأنه كان من حقه أن يعتمد ذلك نعم الأوجه تصديقه في الجهل بعدالتهما إن أمكن خفاء ذلك عليه، ولو كانا عدلين عنده لا عند الحاكم عذر على ما قاله السبكي لكن نظر فيه غيره، ولو أخبره مستوران عذر كما بحثه شارح "كذا ثقة في الأصح"، ولو أمة؛ لأنه إخبار "ويعذر إن أخبره من لا يقبل خبره" لعذره بخلاف من يقبل كعدد التواتر ولو كفارا؛ لأنهم أولى من العدلين لإفادة خبرهم العلم هذا كله ظاهرا أما باطنا فالعبرة في غير العدل عنده بمن يقع في نفسه صدقه وكذبه. "ولو أخبر بالبيع بألف" أو جنس أو نوع أو وصف أو أن المبيع قدره كذا أو أن البيع من فلان أو أن البائع اثنان أو واحد "فترك" الأخذ "فبان بخمسمائة" أو بغير الجنس أو النوع أو الوصف أو القدر الذي أخبر به أو أن البيع من غير فلان أو أن البائع أكثر أو أقل مما أخبر به "بقي حقه"؛ لأنه إنما تركه لغرض بان خلافه ولم يتركه رغبة عنه "وإن بان بأكثر" من ألف "بطل" حقه؛ لأنه إذا لم يرغب فيه بالأقل فبالأكثر أولى وكذا لو أخبر بمؤجل فعفا فبان حالا؛ لأن عفوه يدل على عدم رغبته لما مر أن له التأخير إلى الحلول. "ولو لقي المشتري فسلم عليه أو" هي بمعنى الواو إذ لا يضر الجمع بينهما "قال" له "بارك الله في صفقتك لم يبطل" حقه أو شفعته؛ لأن السلام قبل الكلام سنة أي أصالة فلا يرد كونه لا يسن السلام عليه لنحو فسقه وبدعته ولأن له غرضا صحيحا في الدعاء بذلك ليأخذ صفقة مباركة "وفي الدعاء وجه" أن الشفعة تبطل به لإشعاره بتقرير الشقص في يده ومحل هذا الوجه إن زاد لك كما قاله الإسنوي. "ولو باع الشفيع حصته" كلها "جاهلا بالشفعة فالأصح بطلانها" لزوال سببها بخلاف بيع البعض أما إذا علم فتبطل جزما، وإن كان إنما باع بعض حصته كما لو عفا عن البعض، وكذا لو باع بشرط الخيار حيث انتقل الملك عنه؛ لأن ملكه العائد متأخر عن ملك المشتري.