تحفة المحتاج بشرح المنهاج ط العلمية

ج / 2 ص -419-      كتاب القراض
من القرض أي القطع؛ لأن المالك قطع له قطعة من ماله ليتصرف فيها ومن الربح والأصل فيه الإجماع وروى أبو نعيم وغيره  أنه صلى الله عليه وسلم ضارب لخديجة رضي الله عنها قبل أن يتزوجها بنحو شهرين وسنه إذ ذاك نحو خمس وعشرين سنة بمالها إلى بصرى الشام وأنفذت معه عبدها ميسرة وهو قبل النبوة،  فكان وجه الدليل فيه أنه صلى الله عليه وسلم حكاه مقررا له بعدها وهو قياس المساقاة بجامع أن في كل العمل في شيء ببعض نمائه مع جهالة العوض ولذا اتحدا في أكثر الأحكام وكان قضية ذلك تقديمها عليه وكان عكسهم لذلك إنما هو؛ لأنه أكثر وأشهر وأيضا فهي تشبه الإجارة أيضا في اللزوم والتأقيت فتوسطت بينهما إشعارا بما فيها من الشبهين وهو رخصة لخروجه عن قياس الإجارات كما أنها كذلك لخروجها عن بيع ما لم يخلق.
"القراض" وهو لغة أهل الحجاز "والمضاربة" وهو لغة أهل العراق؛ لأن كلا يضرب بسهم من الربح ولأن فيه سفرا وهو يسمى ضربا أي موضوعهما الشرعي هو العقد المشتمل على توكيل المالك الآخر وعلى "أن يدفع إليه مالا ليتجر فيه والربح مشترك" بينهما فخرج ليدفع مقارضته على دين عليه أو على غيره وقوله بع هذا وقارضتك على ثمنه واشتر شبكة واصطد بها فلا يصح نعم يصح البيع وله أجرة المثل، وكذا العمل إن عمل والصيد في الأخيرة للعامل وعليه أجرة الشبكة التي لم يملكها كالمغصوبة ويذكر الربح الوكيل والعبد المأذون وأركانه ستة عاقدان وعمل وربح ومال وصيغة وستعلم كلها كأكثر شروطها من كلامه. "ويشترط لصحته كون المال دراهم أو" هي مانعة خلو لا جمع "دنانير خالصة" بإجماع الصحابة ولأنه عقد غرر لعدم انضباط العمل والوثوق بالربح جوز للحاجة فاختص بما يروج غالبا وهو النقد المضروب؛ لأنه ثمن الأشياء ويجوز عليه، وإن أبطله السلطان كما بحثه ابن الرفعة ونظر فيه الأذرعي إذا عز وجوده أو خيف عزته عند المعاملة ويجاب بأن الغالب مع ذلك تيسر الاستبدال به "فلا يجوز على تبر" وهو ذهب أو فضة لم يضرب سواء القراضة وغيرها وتسمية الفضة تبرا تغليب "وحلي" وسبائك لاختلاف قيمتها "ومغشوش"، وإن راج وعلم قدر غشه واستهلك وجاز التعامل به وقيل يجوز عليه إن استهلك غشه وجزم به الجرجاني وقيل: إن راج واقتضى كلامهما في الشركة تصحيحه واختاره السبكي وغيره "وعروض" مثلية أو متقومة لما مر. "و" كونه "معلوما" قدره وجنسه وصفته فلا يجوز على نقد مجهول القدر، وإن أمكن علمه حالا ولا على ألف، ولو علم جنسه أو قدره أو صفته في المجلس ولو قارضه على ألف من نقد كذا ثم عينها في المجلس صح فإذا قلت ظاهر قولهم عن الشرح الصغير وغيره لو قارضه على دراهم غير معينة ثم عينها في المجلس صح خلافا للبغوي أنه لا يحتاج لقوله من نقد كذا قلت: بل

 

ج / 2 ص -420-      لا بد منه بدليل تعليلهم للصحة بالقياس على ما في الصرف والسلم والذي فيهما أن الألف معلومة القدر والصفة، ولو قارضه على صرة معينة بالوصف غائبة عن المجلس صح على ما رجحه السبكي أنه لا يشترط هنا الرؤية؛ لأنه توكيل وهو متجه. وإطلاق الماوردي منعه في الغائب يحمل على غائب مجهول بعض صفاته على أن مما يضعفه أنه جعل ذلك علة للمنع في الدين وقد صرحوا بصحته في الدين على العامل كما يأتي "معينا" فيمتنع على منفعة ودين له في ذمة الغير وعلى إحدى الصرتين نعم لو قارضه على ألف درهم مثلا في ذمته ثم عينها في المجلس وقبضها المالك جاز خلافا لجمع كالصرف والسلم بخلاف ما في ذمة الغير فإنه لا يصح مطلقا كما هو ظاهر كلامهم؛ لأنه غير قادر عليه حالة العقد فوقعت الصيغة باطلة من أصلها ولم ينظر لتعيينه في المجلس ولا ينافيه قول شيخنا يصح القراض مع غير الوديع والغاصب بشرطه كما هو ظاهر. ا هـ؛ لأن القدرة على العين أقوى منها على الدين ولو خلط ألفين له بألف لغيره ثم قال له قارضتك على أحدهما وشاركتك في الآخر جاز، وإن لم تتعين ألف القراض وينفرد العامل بالتصرف فيه ويشتركان في التصرف في الباقي، ولو قارضه على ألفين على أن له من أحدهما نصف الربح ومن الآخر ثلثه صح إن عين كلا منهما، وإلا فلا وفي الجواهر في ذلك كلام كالمتناقض فليحمل على هذا التفصيل قيل هنا لو أعطاه ألفا وقال اضمم إليه ألفا من عندك والربح بيننا سواء صح. ا هـ وظاهره صحة ذلك قراضا وليس مرادا بل إذا خلطه بألفه صار مشتركا فيأتي فيه أحكام الشركة كما هو واضح "وقيل يجوز على إحدى الصرتين" إن علم ما فيهما وتساويا جنسا وقدرا وصفة فيتصرف العامل في أيهما شاء فيتعين للقراض، والأصح المنع لعدم التعيين كالبيع نعم إن عين إحداهما في المجلس صح بشرط علم عين ما فيها كما هو ظاهر ويفرق بين هذا وما مر في العلم بنحو القدر في المجلس بأن الإبهام هنا أخف لتعيين الصرتين وإنما الإبهام في المرادة منهما بخلافه فيما مر وقضية ما ذكر في تعيين إحدى الصرتين صحته فيما لو أعطاه ألفين وقال قارضتك على أحدهما ثم عينه في المجلس وهو ما اعتمده ابن المقري في بعض كتبه ومال شيخنا في شرح الروض إلى فساده قال لفساد الصيغة ويرده ما في نسخ شرح المنهج المعتمدة أنه لو علم في المجلس عين إحدى الصرتين صح ولا فرق بين أحد الألفين وإحدى الصرتين فالأوجه ما قاله ابن المقري وضبط بخطه الصرتين بتشديد الراء. "و" كونه "مسلما إلى العامل" بحيث يستقل باليد عليه وليس المراد تسليمه حالة العقد ولا في المجلس بل أن لا يشترط عدم تسليمه كما أفاده قوله "فلا يجوز بشرط كون المال في يد المالك" ولا غيره؛ لأنه قد لا يجده عند الحاجة. "و" يشترط أيضا استقلال العامل بالتصرف فحينئذ "لا" يجوز شرط "عمله" أي المالك ومثله غيره "معه"؛ لأنه ينافي مقتضاه من استقلال العامل بالعمل "ويجوز شرط عمل غلام المالك" أي قنه أو المملوكة منفعته له المعلوم بالمشاهدة أو الوصف "معه" سواء أكان الشارط العامل أم المالك ولم يجعل له يدا ولا تصرفا "على الصحيح" كالمساقاة؛ لأنها من جملة ماله فجاز استتباع بقية

 

ج / 2 ص -421-      المال لعلمه ومن ثم لو شرط عليه الحجر للغلام أو كون بعض المال في يده فسد قطعا ويجوز شرط نفقته عليه ولا يشترط تقديرها اكتفاء بالعرف في ذلك أخذا مما ذكروه في عامل المساقاة. "ووظيفة العامل التجارة" وهي هنا الاسترباح بالبيع والشراء لا بالحرفة كالطحن والخبز فإن فاعلها يسمى محترفا لا تاجرا وفي الجواهر عن الروياني في خذ هذه الدراهم وابتع بها والربح بيننا نصفين أنه لا يصح بخلاف خذها واعمل فيها لاقتضاء العمل البيع ولا عكس. ا هـ واعترض بما فيها أيضا أنه لو تعرض في الإيجاب للشراء دون البيع صح وهو ظاهر "وتوابعها كنشر الثياب وطيها" وذرعها وجعلها في الوعاء ووزن الخفيف وقبض الثمن وحمله لقضاء العرف بذلك "فلو قارضه ليشتري حنطة فيطحن ويخبز أو غزلا ينسجه ويبيعه" أي كلا منها "فسد القراض"؛ لأنه شرع رخصة للحاجة وهذه مضبوطة بتيسر الاستئجار عليها فلم تشملها الرخصة نعم بحث ابن الرفعة جواز شرط أن يستأجر العامل من يفعل ذلك من مال القراض ويكون حظه التصرف فقط ونازع فيه الأذرعي بقول القاضي لو قارضه على أن يشتري الحنطة ويخزنها إلى ارتفاع السعر فيبيعها لم يصح؛ لأن الربح ليس حاصلا من جهة التصرف. "ولا يجوز أن يشرط عليه شراء متاع معين" كهذه السلعة "أو نوع يندر وجوده" كالياقوت الأحمر "أو معاملة شخص" كالبيع من زيد والشراء منه؛ لأن في ذلك تضييقا لمظان الربح ويظهر في الأشخاص المعينين أنهم إن كانوا بحيث تقضي العادة بالربح معهم لم يضر، وإلا ضر وفي الحاوي يضر تعيين حانوت كعرض معين لا سوق كنوع عام ولا يضر تعيين غير نادر لم يدم كفاكهة رطبة. "ولا يشترط بيان" نوع هنا وفارق ما مر في الوكيل بأن للعامل حظا يحمله على بذل الجهد بخلاف الوكيل ولا بيان "مدة القراض"؛ لأن الربح ليس له وقت معلوم وبه فارق وجوب تعيينها في المساقاة "فلو ذكر" له "مدة" على جهة تأقيته بها كسنة فسد مطلقا سواء أسكت أم منعه التصرف بعدها أم البيع أم الشراء؛ لأن تلك المدة قد لا يروج فيها شيء، وإن ذكرها لا على جهة التأقيت "ومنعه التصرف بعدها" كقوله قارضتك على كذا ولا تتصرف بعد سنة "فسد" لأنه قد لا يجد فها راغبا في شراء ما عنده من العرض "وإن منعه الشراء بعدها" دون البيع بأن صرح له بجوازه "فلا" يفسد "في الأصح" لحصول الاسترباح بالبيع الذي له فعله بعدها بخلاف المنع من البيع ويشترط اتساع تلك المدة لشراء مربح عادة لا كساعة أما إذا سكت عن البيع فقضية كلام الروضة وأصلها الجزم بالفساد وجرى عليه في الكفاية لكن اختار في المطلب الصحة وهي مفهوم المتن وأصله وغيرهما والذي يتجه الأول؛ لأن تعيين المدة يقتضي منع البيع بعدها فاحتاج للنص على فعله، ولم يكتف في ذلك بأن المفهوم من منع الشراء عدم المنع من البيع وكما لا يجوز تأقيته لا يجوز تعليقه ولا تنجيزه وتعليق التصرف لمنافاته غرض الربح وبه فارق نظيره في الوكالة. "ويشترط اختصاصهما بالربح" فيمتنع شرط بعضه لثالث إلا أن يشرط عليه العمل معه فيكون قراضا بين اثنين نعم شرطه لقن أحدهما كشرطه لسيده "واشتراكهما فيه" ليأخذ المالك بملكه والعامل بعمله قيل لا حاجة لهذا؛ لأنه يلزم من اختصاصهما به ا هـ ويرد

 

ج / 2 ص -422-      بمنع اللزوم لاحتمال أن يراد باختصاصهما به أن لا يخرج عنهما، وإن استأثر به أحدهما فتعين ذكر الاشتراك لزوال ذلك الإيهام. "فلو قال قارضتك على أن كل الربح لك فقراض فاسد"؛ لأنه خلاف مقتضى العقد وله أجرة المثل؛ لأنه عمل طامعا ومن ثم اتجه أنه لو علم الفساد وأن لا شيء له لم يستحق شيئا؛ لأنه غير طامع حينئذ "وقيل" هو "قراض صحيح" نظرا للمعنى "وإن قال كله لي فقراض فاسد" لما ذكر ولا أجرة له، وإن علم الفساد أي وأنه لا أجرة له فيما يظهر؛ لأنه لم يطمع في شيء "وقيل" هو "إبضاع" نظرا للمعنى أيضا والإبضاع بعث المال مع من يتجر له به تبرعا والبضاعة المال المبعوث وعلم من إثباتهم أجرة المثل تارة ونفيها أخرى صحة تصرفه وهو نظير ما مر في الوكالة الفاسدة لعموم الإذن "وكونه معلوما بالجزئية فلو" لم يعلم أصلا كأن "قال" قارضتك "على أن لك فيه شركة أو نصيبا فسد" لما فيه من الغرر "أو" على أن الربح "بيننا فالأصح الصحة ويكون نصفين" كما لو قال هذا بيني وبين فلان إذ المتبادر من ذلك عرفا المناصفة "ولو قال لي النصف" وسكت عما للعامل "فسد في الأصح" لانصراف الربح للمالك أصالة؛ لأنه نماء ماله دون العامل فصار كله مختصا بالمالك "وإن قال لك النصف" وسكت عن جانبه "صح على الصحيح" لانصراف ما لم يشرط للمالك بمقتضى الأصل المذكور وإسناد كل ما ذكر للمالك مثال فلو صدر من العامل شرط مشتمل على شيء مما ذكر فكذلك كما هو ظاهر "ولو" علم لكن لا بالجزئية كأن "شرط لأحدهما عشرة" بفتح أوليه "أو ربح صنف" كالرقيق أو ربح نصف المال أو ربح أحد الألفين تميز أم لا "فسد" القرض سواء أجعل الباقي للآخر أم بينهما؛ لأن الربح قد ينحصر في العشرة أو ذلك الصنف مثلا فيختص به أحدهما وهو مفسد.

فصل في بيان الصيغة وما يشترط في العاقدين وذكر بعض أحكام القراض
"يشترط" لصحة القراض أيضا "إيجاب" كقارضتك وضاربتك وعاملتك وخذ هذه الدراهم واتجر فيها أو بع واشتر على أن الربح بيننا فإن اقتصر على بع أو اشتر فسد ولا شيء له لأنه لم يذكر له مطمعا "وقبول" بلفظ متصل كالبيع وأراد بالشرط ما لا بد منه؛ لأن هذين ركنان "وقيل يكفي" في صيغة الأمر كخذ هذه واتجر فيها "القبول بالفعل" كما في الوكالة والجعالة، ورد بأنه عقد معاوضة يختص بمعين فلا يشبه ذينك "وشرطهما" أي المالك والعامل "كوكيل وموكل"؛ لأن المالك كالموكل والعامل كالوكيل فلا يصح إذا كان أحدهما محجورا أو عبدا أذن له في التجارة أو المالك مفلسا أو العامل أعمى ويصح من ولي في مال محجور لمن يجوز إيداعه عنده وله أن يشرط له أكثر من أجرة المثل إن لم يجد كافيا غيره.
"ولو قارض العامل آخر بإذن المالك ليشاركه في العمل والربح لم يجز" أي لم يحل ولم يصح "في الأصح"؛ لأنه خلاف موضوع القراض الخارج عن القياس؛ لأن أحدهما مالك لا عمل له والآخر عامل لا مال له فلا يعدل إلى أن يعقده عاملان أي ولا نظر إلى أن العامل الأول وكيل عن المالك فهو العاقد حقيقة؛ لأن ذلك لا يتم مع بقاء

 

ج / 2 ص -423-      ولاية العامل، غاية الأمر أن الثاني يصير كالنائب عنهما وهو خلاف موضوع العقد كما تقرر بل مع خروجه من البين لتمحض فعله حينئذ لوقوعه عن جهة الوكالة ومن ثم احترزوا بيشاركه عما إذا أذن له في ذلك لينسخ من البين ويكون وكيلا فيه فيصح. قال ابن الرفعة: بشرط أن يكون المال نقدا خالصا حينئذ أي؛ لأنه ابتداء قراض وإذن المالك له في ذلك يتضمن عزله، وإن لم يفعل ما أذن له فيه على الأوجه "و" مقارضته آخر "بغير إذنه" أي المالك تصرف "فاسد" لما فيه من الافتيات وعبر ثم بلم يجز وهنا بفاسد تفننا ولا يؤثر فيه إفادة الأول حكمين الحرمة والفساد والثاني الثاني فقط لما هو مشهور أن تعاطي العقد الفاسد حرام ولا تميز الفساد ثم بحكاية الخلاف فيه؛ لأن هذا أمر خارج عن اللفظ الذي هو محل التفنن لا غير فاستويا حينئذ "فإن تصرف الثاني" في المسألة الأولى صح تصرفه مطلقا فيما يظهر لعموم الإذن والفاسد إنما هو خصوصه فهو نظير ما مر في الوكالة الفاسدة ولا شيء له في الربح بل إن طمعه المالك لزمه أجرة مثله، وإلا فلا ولا شيء له على العامل فيما يظهر أيضا أو في المسألة الثانية "فتصرف غاصب"؛ لأن الإذن صدر ممن ليس بمالك ولا وكيل "فإن اشترى في الذمة" للأول ونقد الثمن من مال القراض وربح "وقلنا بالجديد" المقرر في المذهب الظاهر عند من له أدنى إلمام به وهو أن الربح لغاصب اشترى في الذمة ونقد من المغصوب لصحة شرائه وإنما الفاسد تسليمه فيضمن ما سلمه وبما قررته اندفع ما قيل لم يتقدم لهذا الجديد ذكر في الكتاب فلا تحسن الإحالة عليه "فالربح" كله "للعامل الأول في الأصح"؛ لأن الثاني تصرف له بإذنه فأشبه الوكيل "وعليه للثاني أجرته"؛ لأنه لم يعمل مجانا. "وقيل هو للثاني" جميعه واختير؛ لأنه لم يتصرف بإذن المالك فأشبه الغاصب أما لو اشترى في الذمة لنفسه فيقع لنفسه "وإن اشترى بعين مال القراض فباطل" شراؤه؛ لأنه شراء فضولي. "ويجوز أن يقارض" المالك "الواحد اثنين متفاضلا" حظهما من الربح ويجب تعيين أكثرهما "ومتساويا"؛ لأن عقده معهما كعقدين، وإن شرط على كل مراجعة الآخر لم يضر خلافا فلما أطال به البلقيني؛ لأنهما بمثابة عامل واحد فلم يناف ما مر من اشتراط استقلال العامل ولا قولهم لو شرط عليه مشرفا لم يصح. "و" يجوز أن يقارض "الاثنان واحدا"؛ لأنه كعقدين ويشترط فيما إذا تفاوتا فيما شرط له أن يعين من له الأكثر "والربح بعد نصيب العامل بينهما بحسب المال"، وإلا فسد لما فيه من شرط بعض الربح لمن ليس بمالك ولا عامل. "وإذا فسد القراض" وبقي الإذن لنحو فوات شرط ككونه غير نقد والمقارض مالك "نفذ تصرف العامل" نظرا لبقاء الإذن كما في الوكالة الفاسدة أما إذا فسد لعدم أهلية العاقد أو والمقارض ولي أو وكيل فلا ينفذ تصرفه "والربح" كله "للمالك"؛ لأنه نماء ملكه وعليه الخسران أيضا "وعليه للعامل أجرة مثل عمله"، وإن لم يحصل ربح؛ لأنه عمل طامعا في المسمى ولم يسلم له نعم إن علم الفساد وأنه لا أجرة له فلا شيء له كما هو ظاهر نظير ما مر، وكذا إذا اشترى في الذمة ونوى نفسه؛ لأن الربح يقع له فلم يستحق على المالك شيئا "إلا إذا قال قارضتك وجميع الربح لي فلا شيء له في الأصح"؛ لأنه لم يطمع في شيء نعم إن جهل ذلك بأن ظن أن

 

ج / 2 ص -424-      هذا لا يقطع حقه من الربح أو الأجرة وشهد حاله بجهله بذلك استحق أجرة المثل فيما يظهر "ويتصرف العامل محتاطا لا بغبن" فاحش في نحو بيع أو شراء "ولا نسيئة في" ذلك للغرر ولأنه قد يتلف رأس المال فتبقى العهدة متعلقة بالمالك "بلا إذن" بخلاف ما إذا أذن كالوكيل ومن ثم جرى هنا في قدر النسيئة وإطلاقها في البيع ما مر ثم نعم منع الماوردي البيع والشراء سلما؛ لأنه أكثر غررا قال فإن أذن له في الشراء سلما جاز أو البيع سلما لم يجز؛ لأن الشراء أحظ. ا هـ وفيه نظر ظاهر ويجب الإشهاد، وإلا ضمن بخلاف الحال؛ لأنه يحبس المبيع إلى استيفاء الثمن ومتى أذن في التسليم قبل قبض الثمن لم يجب إشهاد. والمراد بالإشهاد الواجب كما رجحه ابن الرفعة أن لا يسلم المبيع حتى يشهد شاهدين على إقراره بالعقد قال الإسنوي أو واحدا ثقة. ا هـ وقضية كلام ابن الرفعة أنه لا يلزمه الإشهاد على العقد وقد يوجه بأنه قد يتيسر له البيع بربح بدون شاهدين، ولو أخر إليهما فات ذلك فجاز له العقد بدونهما ولزمه الإشهاد عند التسليم.
"وله البيع"، وكذا الشراء كما قال جمع متقدمون "بعرض"، ولو بلا إذن؛ لأن الغرض الربح وقد يكون فيه وبه فارق الوكيل وقضيته أن له البيع بنقد غير نقد البلد لكن منعه العراقيون وبه جزما في الشركة وفرق السبكي بأن نقد غير البلد لا يروج فيها بخلاف العرض. "وله" قال الإسنوي بل عليه "الرد بعيب" حال كون الرد بناء على مذهب سيبويه وليس ضعيفا خلافا لمن زعمه ويصح كونه حالا من ضمير الظرف وزعم أنه إذا تقدم لا يتحمل ضميرا - مردود "تقتضيه" ويصح كونه صفة للرد إذ تعريفه للجنس وهو كالنكرة نحو
{وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} [يّس: 37] "مصلحة"، وإن رضي به المالك؛ لأن له حقا في المال بخلاف الوكيل "فإن اقتضت" المصلحة "الإمساك فلا" يرده "في الأصح" لإخلاله بمقصود العقد فإن استويا جاز له الرد قطعا "وللمالك الرد" حيث يجوز للعامل وأولى؛ لأنه مالك الأصل ثم إن كان الشراء بالعين رده على البائع ونقض البيع أو في الذمة صرفه للعامل وفي وقوعه له التفصيل السابق في الوكيل بين أن يسميه في العقد ويصدقه البائع وأن لا "فإن اختلفا" أي المالك والعامل في الرد والإمساك أي لاختلافهما في المصلحة "عمل" من جهة الحاكم أو المحكم "بالمصلحة" الثابتة عنده؛ لأن كلا منهما له حق فإن استوى الإمساك والرد فيها رجع لاختيار العامل كما بحثه ابن الرفعة لتمكنه من شراء المعيب بقيمته أي فكان جانبه هنا أقوى. "ولا يعامل المالك" بمال القراض أي لا يبيعه إياه؛ لأنه يؤدي إلى بيع ماله بماله بخلاف شرائه له منه بعين أو دين فإنه لا محذور فيه لتضمنه فسخ القراض ومن ثم لو اشتراه منه بشرط بقاء القراض بطل خلافا لمن أوهم الصحة مطلقا، ولو كان له عاملان مستقلان فهل لأحدهما معاملة الآخر وجهان وقضية المتن الجواز لكن رجح بعضهم عدمه ووجهه ظاهر. "ولا يشتري للقراض" بغير جنس رأس ماله فإن كان ذهبا ووجد سلعة تباع بدراهم باع الذهب بدراهم ثم اشترى بها السلعة ولا ثمن المثل ما لا يرجو ربحه أي أبدا أو مدة طويلة عرفا بحيث يشق بقاؤه إليها فيما يظهر ولا "بأكثر من رأس المال" والربح بغير إذن المال إذ ظاهر المتن عود بغير إذنه

 

ج / 2 ص -425-      إلى هذه أيضا وهو متجه، وإن قال الأذرعي: لم أره نصا وذلك؛ لأن المالك لم يرض به فإن فعل فسيأتي "ولا من يعتق على المالك" لكونه بعضه أو أقر أو شهد ولم يقبل بحريته أو مستولدته وبيعت لنحو رهن "بغير إذنه"؛ لأن القصد الربح وهذا خسران فإن أذن صح ثم إن لم يكن في المال ربح عتق على المال، وكذا إن كان في ربح فيعتق على المالك ويغرم نصيب العامل من الربح، ولو أعتق المالك عبدا من مال القراض فكذلك "وكذا زوجه" أي المالك الذكر أو الأنثى لا يشتريه بغير إذنه "في الأصح" لإضرار المالك بانفساخ نكاحه أما لو اشترى العامل من يعتق عليه وزوجه فإن كان بالعين ولا ربح لم يعتق عليه ولم ينفسخ النكاح، وكذا إن كان في الذمة واشترى للقراض "ولو فعل" ما منع منه من نحو الشراء بأكثر من رأس المال وشراء نحو بعض المالك وزوجه "لم يقع للمالك ويقع للعامل إن اشترى في الذمة" وإن صرح بالسفارة لما مر في الوكالة أما إذا اشترى بالعين فيبطل التصرف من أصله. "ولا يسافر بالمال بلا إذن" وإن قرب السفر وانتفى الخوف والمؤنة؛ لأن السفر مظنة الخطر فيضمن به ويأثم ومع ذلك القراض باق بحاله سواء أسافر بعين المال أو العروض التي اشتراها به خلافا للماوردي وقد قال الإمام لو خلط مال القراض بماله ضمن ولم ينعزل ثم إذا باع فيما سافر إليه وهو أكثر قيمة مما سافر منه أو استويا صح البيع للقراض أو أقل قيمة بما لا يتغابن به لم يصح أما بالإذن فيجوز نعم لا يستفيد ركوب البحر إلا بالنص عليه أو الإذن في بلد لا يسلك إليها إلا فيه وألحق به الأذرعي الأنهار إذا زاد خطرها على خطر البر ثم إن عين له بلدا فلذاك، وإلا تعين ما اعتاد أهل بلد القراض السفر إليه منه. "ولا ينفق" العامل وأراد بالنفقة ما يعم سائر المؤن "منه" أي من مال القراض "على نفسه حضرا" عملا بالعرف فإن شرط ذلك في العقد فسد "وكذا سفرا" في الأظهر؛ لأن النفقة قد تستغرق الربح وزيادة "وعليه فعل ما يعتاد" عند التجار فعل التاجر له بنفسه "كطي الثوب ووزن الخفيف"، وإن لم يعتد فرفعه متعين "كذهب ومسك" لقضاء العرف به "لا الأمتعة الثقيلة" فليس عليه وزنها "ونحوه" بالرفع بضبطه أي نحو وزنها كنقلها من الخان إلى الدكان لتعارف الاستئجار لذلك ويصح جر ما بعد " لا " عطفا على الخفيف وعلى هذا رفع نحوه أولى أيضا، وإلا أوهم عطفه على الأمتعة الثقيلة وهو فاسد إذ لا نحو لها. "وما لا يلزمه" من العمل "له الاستئجار عليه" من مال القراض؛ لأنه من تتمة التجارة ومصالحها، ولو تولاه بنفسه فلا أجرة له وما يلزمه عمله إن استؤجر عليه تكون الأجرة من ماله وما يأخذه الرصدي والمكاس يحسب من مال القراض كما قاله الماوردي.
تنبيه: قد يقال في كلامه تكرار فإن ما أفاده قوله وعليه إلخ يفيده قوله السابق وتوابعها كنشر الثياب وطيها وقد يجاب بأنه ذكره هنا للتصريح باللزوم ولبيان أنه لا يستأجر عليه من مال القراض المعلوم منه أنه لا أجرة له في مقابلته وهذا لا يستفاد من ذاك لجواز أخذ الأجرة في مقابلة الواجب، وإن تعين كتعليم الفاتحة وأيضا بين بهذا أن التوابع منها ما يعتاد وغيره وأن كليهما إذا خف عليه ففيه فائدة لا تعرف من ذاك لإيهامه أن التوابع هي المعتادة فقط.

 

ج / 2 ص -426-      "والأظهر أن العامل يملك حصته من الربح بالقسمة لا بالظهور" إذ لو ملك به لشارك في المال فيكون النقص الحادث بعد ذلك محسوبا عليهما وليس كذلك بل الربح وقاية لرأس المال وبه فارق ملك عامل المساقاة حصته من الثمر بالظهور لتعينه خارجا فلم ينجبر به نقص النخل وعلى الأول له بالظهور فيه حق مؤكد فيورث عنه ويتقدم به على الغرماء ويصح إعراضه عنه ويغرمه المالك بإتلافه للمال أو استرداده ومع ملكه بالقسمة لا يستقر ملكه إلا إذا وقعت بعد الفسخ والنضوض الآتي وإلا جبر به خسران حدث بعدها ويستقر نصيبه أيضا بنضوض المال مع ارتفاع العقد من غير قسمة ولا ترد هذه على المتن خلافا لمن زعمه؛ لأن كلامه في مجرد الملك الذي وقع الخلاف في حصوله بماذا ومر آخر زكاة التجارة حكم زكاة مال القراض. "وثمار الشجر والنتاج وكسب الرقيق والمهر" على من وطئ أمة للقراض بشبهة منها ولو العامل وسائر الزوائد العينية "الحاصلة" بالرفع "من مال القراض" بغير تصرف العامل "يفوز بها المالك"؛ لأنها ليست من فوائد التجارة وخرج بالحاصلة من ذلك الظاهر في حدوثها منه ما لو اشترى حيوانا حاملا أو شجرا عليه ثمر لم يؤبر فإن الأوجه أن الثمرة والولد مال قراض "وقيل" كل ما حصل من هذه الفوائد "مال قراض"؛ لأنها بسبب شراء العامل لأصلها ولا يؤيده ما مر في زكاة التجارة أن الثمرة والنتاج مال تجارة؛ لأن المعتبر فيما يزكى كونه من عين النصاب وهذان كذلك وهنا كونه بحذق العامل وهذان ونحوهما ليست كذلك. "والنقص الحاصل بالرخص" أو بعيب كمرض حادث "محسوب من الربح ما أمكن ومجبور به"؛ لأنه المتعارف "وكذا لو تلف بعضه بآفة" سماوية "أو غصب أو سرقة" وتعذر أخذ بدله "بعد تصرف العامل في الأصح"؛ لأنه نقص حصل فأشبه نقص العيب والمرض أما لو أخذ بدل المغصوب أو المسروق فيستمر القراض فيه وله المخاصمة فيه إن ظهر في المال ربح وخرج ببعضه نحو تلف كله فإن القراض يرتفع ما لم يتلفه أجنبي ويؤخذ بدله أو العامل ويقبض المالك منه بدله ثم يرده إليه كما بحثاه وسبقهما إليه المتولي وقال الإمام يرتفع مطلقا وعليه ففارق الأجنبي بأن للعامل الفسخ فجعل إتلافه فسخا كالمالك بخلاف الأجنبي وفيما إذا أتلفه المالك ينفسخ مطلقا ويستقر عليه نصيب العامل "وإن تلف" بعض المال "قبل تصرفه" فيه "فـ" يحسب "من رأس المال في الأصح" ولا يجبر به؛ لأن العقد لم يتأكد بالعمل.

فصل في بيان أن القراض جائز من الطرفين والاستيفاء والاسترداد وحكم اختلافهما وما يقبل فيه قول العامل
"لكل" من المالك والعامل "فسخه" متى شاء، ولو في غيبة الآخر؛ لأنه وكالة ابتداء وشركة وجعالة انتهاء ويحصل بقول المالك فسخته أو لا تتصرف أي حيث لا غرض فيما يظهر أخذا مما يأتي في الإنكار وباسترجاعه المال فإن استرجع بعضه ففيما استرجعه وبإنكاره له حيث لا غرض، وإلا فلا كالوكالة، وعليه يحمل تخالف الروضة وأصلها "ولو مات أحدهما أو جن أو أغمي عليه انفسخ" نظير ما مر في الشركة وللعامل البيع والاستيفاء

 

ج / 2 ص -427-      بعد موت المالك من غير إذن وارثه وليسا لوارث عامل مات إلا بإذن المالك وكان الفرق أن بيع العامل واستيفاءه من لوازم عقده فلم يمنعهما موت المالك بخلاف وارثه نعم يظهر تقييد جواز بيعه بما إذا رجي فيه ظهور ربح أخذا مما يأتي. "ويلزم العامل"، وإن لم يكن ربح "الاستيفاء" لديون التجارة أي لرأس المال منها فقط كما اعتمده الإسنوي وغيره لتصريحهم في العروض بأنه لا يلزمه إلا تنضيض رأس المال فقط مع قياسهم مسألة الدين عليها لكن اعتمد ابن الرفعة ما اقتضاه المتن كالروضة وأصلها أنه يلزمه استيفاء الربح أيضا وتبعه السبكي وفرق بين هذا والتنضيض بأن القراض مستلزم لشراء العروض والمالية فيه محققة لكونه حاصلا بيده فاكتفى بتنضيض قدر رأس المال فقط "إذا فسخ أحدهما" أو انفسخ؛ لأن الدين ناقص وقد أخذ منه ملكا تاما فليرد كما أخذ "وتنضيض رأس المال إن كان" ما بيده عند الفسخ "عرضا" أو نقدا غير صفة رأس المال أي بيعه بالناض وهو نقد البلد الموافق لرأس المال وإن أبطله السلطان، وإلا باع بالأغبط منه ومن جنس رأس المال فإن باع بغير جنسه حصل به جنسه وإنما يلزمه استيفاء ما ذكر وتنضيضه إن طلبه المالك أو كان لمحجور عليه وحظه في ذلك ولا يمتنع بمنع المالك إن توقع ربحا بظهور راغب ما لم يقل له نقتسم بتقويم عدلين أو أعطيك نصيبك من الربح ناضا ولم يزد راغب وخرج برأس المال الربح؛ لأنه مشترك بينهما فلا يكلف أحدهما بيعه نعم إن توقف تنضيض رأس المال عليه بأن كان بيع بعضه ينقص قيمته كعبد وجب بيع الكل كما بحثه في المطلب "وقيل لا يلزمه التنضيض إن لم يكن ربح"؛ لأنه لا يحسن تكليفه العمل إلا لفائدة له ويرد بأنه وطن نفسه على ذلك مطلقا. "ولو استرد المالك بعضه" أي مال القراض "قبل ظهور ربح وخسران رجع رأس المال إلى الباقي"؛ لأنه لم يترك في يده غيره "وإن استرد" المالك بعضه بغير رضا العامل أو برضاه وصرحا بالإشاعة أو أطلقا "بعد الربح فالمسترد شائع ربحا ورأس مال" على النسبة الحاصلة من مجموع الربح والأصل؛ لأنه غير متميز ويستقر ملك العامل على ما خصه من الربح فلا ينفذ تصرف المالك فيه ولا يسقط بخسر وقع بعده "مثاله رأس المال مائة والربح عشرون واسترد عشرين فالربح سدس المال" وهو مشترك بينهما "فيكون المسترد سدسه من الربح" وهو ثلاثة وثلث "فيستقر للعامل المشروط" له "منه" وهو واحد وثلثان إن شرط له نصف الربح "وباقيه من رأس المال" فلو عاد ما في يده إلى ثمانين لم يسقط نصيب العامل بل يأخذ منها واحدا وثلثين ويرد الباقي. واستشكل الإسنوي كابن الرفعة استقلاله بأخذ ذلك بأنه يلزم من شيوع المسترد بقاء نصيبه فيه إن بقي وإلا ففي ذمة المالك فلا يتعلق بالمال إلا بنحو رهن ولم يوجد حتى لو أفلس المالك لم يتقدم به العامل بل يضارب وقد يجاب بأن المالك لما تسلط باسترداد ما علم للعامل فيه جزء مكن العامل من الاستقلال بأخذ مثله ليتكافآ على أن ما في يده لما كان في تصرفه كان له به نوع تعلق يشبه الرهن فتمكن من أخذه حقه منه وخرج بقولي بغير رضا العامل إلى آخره ما لو استرد برضاه فإن قصد الأخذ من رأس المال اختص به أو من الربح اختص به وحينئذ يملك العامل مما في يده قدر حصته على

 

ج / 2 ص -428-      الإشاعة فإن لم يقصد أحد ذينك حمل على الإشاعة كما علم مما مر ورجح في المطلب أن نصيب العامل حينئذ قرض للمالك لا هبة "وإن استرد بعد الخسران فالخسران موزع على المسترد والباقي فلا يلزم جبر حصة المسترد لو ربح بعد ذلك، مثاله المال مائة والخسران عشرون ثم استرد عشرين فربع العشرين حصة المسترد ويعود رأس المال إلى خمسة وسبعين"؛ لأن الخسران إذا وزع على الثمانين خص كل عشرين خمسة فالعشرون المستردة حصتها خمسة فيبقى ما ذكر فلو ربح بعد قسم بينهما على ما شرطاه. "ويصدق العامل بيمينه في قوله لم أربح" شيئا أصلا "أو لم أربح إلا كذا" عملا بالأصل فيهما، ولو قال ربحت كذا ثم قال غلطت في الحساب أو كذبت لم يقبل؛ لأنه أقر بحق لغيره فلم يقبل رجوعه عنه نعم له تحليف المالك، وإن لم يذكر شبهة ويقبل قوله بعد خسرت إن احتمل كأن عرض كساد "أو اشتريت هذا للقراض أو لي" والعقد في الذمة؛ لأنه أعلم بقصده أما لو كان الشراء بعين مال القراض فإنه يقع للقراض، وإن نوى نفسه كما قاله الإمام وجزم به في المطلب، وعليه فتسمع بينة المالك أنه اشتراه بمال القراض لما تقرر أنه مع الشراء بالعين لا ينظر إلى قصده وهو أحد وجهين في الرافعي من غير ترجيح ورجح جمع متقدمون مقابله؛ لأنه قد يشتري به لنفسه متعديا فلا يصح البيع، وقد يجمع بحمل ما قاله الإمام على ما إذا نوى نفسه ولم ينفسخ القراض ومقابله على ما إذا فسخ وحينئذ فالذي يتجه سماع بينة المالك ثم يسأل العامل فإن قال فسخت حكم بفساد الشراء، وإلا فلا "أو لم تنهني عن شراء كذا" سواء أطلق الإذن له ثم ادعى النهي مطلقا أو عن شيء مخصوص أم أذن له في شيء معين ثم ادعى أنه نهاه عنه وتصويره بالثاني قاصر بل ظاهر كلامهم أنهما لو اختلفا في عقد القراض هل اشتمل على النهي عن كذا مما لا يفسد شرطه صدق العامل أيضا ويشهد له تعليلهم بأن الأصل عدم النهي.
"و" يصدق العامل بيمينه أيضا "في" جنس أو "قدر رأس المال"، وإن كان هناك ربح؛ لأن الأصل عدم دفع زيادة إليه "و" في "دعوى التلف" على التفصيل الآتي في الوديع؛ لأنه أمين مثله ومن ثم ضمن بما يضمن به كأن خلط مال القراض بما لا يتميز به ومع ضمانه لا ينعزل كما مر فيقسم الربح على قدر المالين نعم نص في البويطي واعتمده جمع متقدمون أنه لو أخذ مالا يمكنه القيام به فتلف بعضه ضمنه؛ لأنه فرط بأخذه وطرد في الوكيل والوديع والوصي ولو ادعى المالك بعد التلف أنه قرض والعامل أنه قراض حلف العامل كما أفتى به ابن الصلاح كالبغوي؛ لأن الأصل عدم الضمان وخالفهما الزركشي فرجح تصديق المالك وتبعه غير واحد وجمع بعضهم بحمل الأول على ما إذا كان التلف قبل التصرف؛ لأنهما حينئذ اتفقا على الإذن واختلفا في شغل الذمة والأصل براءتها وحمل الثاني على ما إذا كان بعد التصرف؛ لأن الأصل في التصرف في مال الغير أنه يضمن ما لم يتحقق خلافه والأصل عدمه أما قبل التلف فيصدق المالك؛ لأن العامل يدعي عليه الإذن في التصرف وحصته من الربح والأصل عدمهما ولا ينافي ما هنا ما مر آخر العارية من تصديق المالك في الإجارة دون الآخذ في العارية لاتفاقهما ثم على بقاء