تحفة المحتاج بشرح المنهاج ط العلمية

ج / 3 ص -133-        كتاب قسم الفيء والغنيمة
"قسم" بفتح القاف مصدر بمعنى القسمة, وهو بكسرها النصيب "الفيء" مصدر فاء يفيء إذا رجع سمي به المال الآتي لرجوعه إلينا من استعمال المصدر في اسم الفاعل; لأنه راجع, أو المفعول; لأنه مردود سمي بذلك; لأن الله تعالى خلق الدنيا وما فيها للمؤمنين للاستعانة على طاعته فمن خالفه فقد عصاه وسبيله الرد إلى من يطيعه "والغنيمة" فعيلة بمعنى مفعولة من الغنم أي الربح والمشهور تغايرهما كما دل عليه العطف وقيل اسم الفيء يشملها; لأنها راجعة إلينا أيضا ولا عكس فهي أخص وقيل هما كالفقير والمسكين ولم يحلا لغيرنا بل كانت تأتيهم نار من السماء تحرق ما جمعوه وكانت في صدر الإسلام له صلى الله عليه وسلم خاصة; لأن النصرة ليست إلا به ثم نسخ ذلك واستقر الأمر على ما يأتي قيل بعضهم ذكر هذا الباب بعد السير, وهو الأنسب وقد يقال بل هذا أنسب; لأنه قد علم أن ما تحت أيدي الكفار من الأموال ليست لهم بطريق الحقيقة فهم كوديع تحت يده مال لغيره سبيله رده إليه فلذا ذكر عقب الوديعة لمناسبته لها وهذه مناسبة دقيقة لا تستفاد إلا من هذا الصنيع فكان أولى فإن قلت بل هم كالغاصب فكان الأنسب ذكره عقب الغصب قلت التشبيه بالغاصب, وإن صح من وجه لكن فيه تكلف وإنما الأظهر التشبيه بالوديع من حيث إنه مع جواز تصرفهم فيه مستحق الرد لغيرهم.
"الفيء مال" ذكره; لأنه الأغلب, وإن قيل حذف المال أولى ليشمل الاختصاص "حصل" لنا "من كفار" حربيين, أو غيرهم لما يأتي في الأمثلة فتقييد شيخنا بالحربيين موهم, وإن أمكن توجيهه على بعد بأنه باعتبار أنهم الأصل لا لإخراج غيرهم نعم يشترط كونه ملكهم ليخرج ما استولوا عليه لنحو مسلم فإنه يجب رده إليه كما يأتي قريبا وخرج به نحو صيد دارهم الذي لم يستولوا عليه فإنه مباح فيملكه آخذه كما في أرضنا "بلا قتال وإيجاف" أي إسراع نحو "خيل وركاب" أي إبل وبلا مؤنة أي لها وقع كما هو ظاهر "كجزية" وخراج ضرب على حكمها كذا قيده شارح والوجه أنه لا فرق بينه وبين غيره مما هو في حكم الأجرة حتى لا يسقط بإسلامهم ويؤخذ من مال من لا جزية عليه; لأنه, وإن كان أجرة يصدق عليه حد الفيء ومنه نحو صبي دخل دارنا فأخذه مسلم وضالة حربي ببلادنا بخلاف كامل داخل دارنا فأخذ; لأن أخذه يحتاج لمؤنة أي غالبا "وعشر تجارة" يعني ما أخذه من أهلها ساوى العشر, أو لا وما صولح عليه أهل بلد من غير نحو قتال "وما جلوا" أي هربوا "عنه خوفا" ولو من غيرنا فيما يظهر ثم رأيت الأذرعي بحثه أيضا ورد تقييدا لبعض الشراح بالمسلمين أخذا من عبارة الشيخين قيل الأولى حذفه ليشمل ما جلوا عنه لنحو صر أصابهم ويرد بأنه يدخل فيه لما تقرر أنه شامل لخوفهم منا ومن غيرنا نعم لو فرض أنهم تركوا مالا لا لمعنى, أو لنحو عجز دوابهم عن حمله فهو فيء أيضا كما هو ظاهر وقد

 

ج / 3 ص -134-        يرد هذا عليه إلا أن يجاب بأن التقييد بالخوف للغالب وما جلوا عنه بعد تقابل الجيشين غنيمة لكنه لما حصل التقابل كان بمنزلة حصول القتال فلم يرد "ومال" واختصاص "مرتد قتل, أو مات" على الردة "و" مال واختصاص "ذمي", أو معاهد, أو مستأمن "مات بلا وارث" مستغرق بأن لم يترك وارثا أصلا, أو ترك وارثا غير جائز فجميع ماله في الأول وما فضل عن وارثه في الثاني لبيت المال كما بينه السبكي وألف فيه ردا على كثيرين أخطئوا في ذلك فإن خلف مستغرقين لميراثه بمقتضى شرعنا ولم يترافعوا إلينا لم نتعرض لهم في قسمته واعترض الحد بشموله لما أهداه كافر في غير حرب فإنه ليس بفيء كما أنه ليس بغنيمة مع صدق تعريف الفيء عليه ولما أخذ بسرقة من دار الحرب مع أنه غنيمة مخمسة وكذا ما أهداه والحرب قائمة مع أنه كذلك وبأن ما في حيز لا لا بد من انتفاء جميعه والعبارة تحتمل انتفاء مجموعه فكان ينبغي إعادة لا ويجاب بأن قرينة نفي القتال والإيجاف تدل على أن الكلام في حصول بغير عقد ونحوه مما لا منة فيه للمأخوذ منه وهذا حاصل بذلك فمن ثم اتجه حكمهم عليه بأنه ليس بفيء ولا غنيمة واتجه أنه لا يرد على حد الفيء وبأن السارق لما خاطر كان في معنى القاتل على أنه سيذكر حكمه في السير كالملتقط الأظهر إيرادا من السارق لولا ذكره ثم ما يفيد أنه غنيمة; لأن فيه مخاطرة أيضا إذ قد يتهمونه بأنه سرقها على أن الأذرعي بحث أن أخذ مالهم بدارنا بلا أمان كهو في دارهم ويوجه بأن فيه مخاطرة أيضا بخلاف أخذ الضالة السابق وبأن الحرب لما كانت قائمة كانت في معنى القتال وبأن الأصل فيما في حيز النفي انتفاء جميعه لا مجموعه كما أشاروا إليه في تفسير ولا الضالين وسيأتي قبيل التفويض ما له تعلق بذلك فاندفع جواب السبكي بأن الواو قبل ركاب بمعنى, أو وقبل إيجاف تحتمل ذلك وبقاءها على حقيقتها من الجمع على أنه مردود بأن كونها بمعنى أو إنما هو في جانب الإثبات في حد الغنيمة لا النفي في حد الفيء بل هي على بابها إذ المراد انتفاء كل على انفراده "فخمس" جميع الفيء خمسة أسهم متساوية وقال الأئمة الثلاثة: يصرف جميعه لمصالح المسلمين لنا القياس على الغنيمة المخمسة بالنص بجامع أن كلا راجع إلينا من الكفار واختلاف السبب بالقتال وعدمه لا يؤثر وزعم أن هذا من باب حمل المطلق على المقيد بعيدا لما عرف مما تقرر ويأتي أن الفيء والغنيمة حقيقتان متغايرتان شرعا فلم يتصور هنا مطلق ومقيد "وخمسة لخمسة" متساوية "أحدها مصالح المسلمين كالثغور", وهي محال الخوف من أطراف بلادنا فتشحن بالعدة والعدد "والقضاة" أي: قضاة البلاد لا العسكر وهم الذين يحكمون لأهل الفيء في مغزاهم فيرزقون من الأخماس الأربعة لا من خمس الخمس كأئمتهم ومؤذنيهم "والعلماء" يعني المشتغلين بعلوم الشرع وآلاتها ولو مبتدئين والأئمة والمؤذنين ولو أغنياء وسائر من يشتغل عن نحو كسبه بمصالح المسلمين لعموم نفعهم وألحق بهم العاجزون عن الكسب والعطاء إلى رأي الإمام معتبرا سعة المال وضيقه وهذا السهم كان له صلى الله عليه وسلم ينفق منه على نفسه وعياله ويدخر منه مؤنة سنة ويصرف الباقي في المصالح كذا قاله الأكثرون وقالوا وكان له الأربعة الأخماس الآتية فجملة ما كان يأخذه إحدى وعشرين من خمسة وعشرين قال الروياني

 

ج / 3 ص -135-        وكان يصرف العشرين التي له للمصالح قيل وجوبا وندبا وقال الغزالي وغيره بل كان الفيء كله له في حياته وإنما خمس بعد موته ويؤيد حصره قولنا لنا القياس إلخ إذ لو خمس في حياته لم يحتج للقياس وقال الماوردي وغيره: كان له في أول حياته ثم نسخ في آخرها ويؤيد الأول الخبر الصحيح {ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس مردود عليكم} ولم يرد عليهم إلا بعد وفاته.
"تنبيه" وقع للرافعي هنا أنه صلى الله عليه وسلم مع تصرفه في الخمس المذكور لم يكن يملكه ولا ينتقل منه إلى غيره إرثا وسبقه لذلك جمع متقدمون ورد بأن الصواب المنصوص أنه كان يملكه وقد غلط الشيخ أبو حامد من قال لم يكن صلى الله عليه وسلم يملك شيئا وإنما أبيح له ما يحتاج إليه وقد يؤول كلام الرافعي بأنه لم ينف الملك المطلق بل الملك المقتضي للإرث عنه ويؤيد ذلك اقتضاء كلامه في الخصائص أنه يملك وإنما لم يورث كالأنبياء إما لئلا يتمنى وارثهم موتهم فيهلك; لأن ذلك كفر كما قاله المحاملي قال الزركشي وقريب منه ما ذكر أن حكمة عدم شيبه صلى الله عليه وسلم أن النساء يكرهنه وكراهته منه كفر وإما لئلا يظن فيهم الرغبة في الدنيا بجمعها لورثتهم.
"فائدة" منع السلطان المستحقين حقوقهم من بيت المال ففي الإحياء قيل لا يجوز لأحدهم أخذ شيء منه أصلا; لأنه مشترك ولا يدري حصته منه وهذا غلو وقيل يأخذ كفاية يوم بيوم وقيل كفاية سنة وقيل ما يعطى إذا كان قدر حقه والباقون مظلومون وهذا هو القياس; لأن المال ليس مشتركا بين المسلمين ومن ثم من مات وله فيه حق لا يستحقه وارثه ا هـ وخالفه ابن عبد السلام فمنع الظفر في الأموال العامة لأهل الإسلام ومال المجانين والأيتام وأفتى المصنف بأن من غصب أموالا لأشخاص وخلطها ثم فرقها عليهم بقدر حقوقهم جاز لكل أخذ قدر حقه, أو على بعضهم لزم من وصل له شيء قسمته عليه وعلى الباقين بنسبة أموالهم وما ذكره الغزالي أوجه مما ذكره ابن عبد السلام إذ كلامهم الآتي في الظفر يرده ولا يعارضه هذا الإفتاء; لأن أعيان الأموال يحتاط لها ما لا يحتاط لمجرد تعلق الحقوق.
"يقدم الأهم فالأهم" وجوبا وأهمها سد الثغور.
"والثاني بنو هاشم و" بنو "المطلب" المسلمون; لأنه صلى الله عليه وسلم وضع سهم ذوي القربى الذي في الآية فيهم دون بني أخيهما شقيقهما عبد شمس ومن ذريته عثمان وأخيهما لأبيهما نوفل مجيبا عن ذلك بقوله "نحن وبنو المطلب شيء واحد وشبك بين أصابعه" رواه البخاري أي لم يفارقوا بني هاشم في نصرته صلى الله عليه وسلم جاهلية ولا إسلاما والعبرة بالانتساب للآباء دون الأمهات; لأنه صلى الله عليه وسلم لم يعط الزبير وعثمان رضي الله عنهما شيئا مع أن أميهما هاشميتان ولا يرد عليه أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن أولاد بناته ينسبون إليه في الكفاءة وغيرها كابن بنته رقية من عثمان وأمامة بنت بنته زينب من أبي العاص; لأن هذين ماتا صغيرين فلا فائدة لذكرهما وإنما أعقب أولاد فاطمة من علي رضي الله عنهم وهم هاشميون أبا

 

ج / 3 ص -136-        والكلام في الإعطاء من الفيء أما أصل شرف النسبة إليه صلى الله عليه وسلم والسيادة فظاهر أنه يعم أولاد البنات مطلقا نظير ما مر في آله أنهم هنا من ذكر وفي مقام نحو الدعاء كل مؤمن تقي كما في خبر ضعيف "يشترك" فيه "الغني والفقير" لإطلاق الآية لإعطائه صلى الله عليه وسلم العباس وكان غنيا وقيده الإمام بسعة المال وإلا قدم الأحوج "والنساء"; لأن فاطمة وصفية عمة أبيها رضي الله عنهما كانا يأخذان منه "ويفضل الذكر كالإرث" بجامع أنه استحقاق بقرابة الأب فله مثل حظي الأنثى بخلاف الوصية فإن قلت ينافي ذلك أخذ الجد مع الأب وابن الابن مع الابن واستواء مدل بجهتين ومدل بجهة قلت لا ينافيه; لأن التشبيه بالإرث من حيث الجملة لا بالنسبة لكل على انفراده فاندفع ترجيح جمع القول بالاستواء نظرا لذلك وبحث الأذرعي أن الخنثى يعطى كالأنثى ولا يوافق له شيء وقد يوجه بأن الوقف إنما يتأتى فيما فيه ملك حقيقي كالإرث والوصية وما هنا ليس كذلك لأخذه شبها من كل كما تقرر فلم يناسبه الوقف وأفهم التشبيه استواء الصغير والعالم وضدهما, وأنهم لو أعرضوا لم يسقط وسيذكره في السير.
"والثالث اليتامى" الآية "وهو" أي اليتيم "صغير" لم يبلغ بسن, أو احتلام لخبر "لا يتم بعد احتلام حسنه" المصنف وضعفه غيره "لا أب له" وإن كان له جد ولو لم يكن من أولاد المرتزقة ويدخل فيه ولد الزنا والمنفي لا اللقيط على الأوجه; لأنا لم نتحقق فقد أبيه على أنه غني بنفقته في بيت المال مثلا أما فاقد الأم فيقال له منقطع ويتيم البهائم فاقد أمه والطيور فاقدهما "ويشترط" إسلامه و "فقره", أو مسكنته "على المشهور"; لأن لفظ اليتم يشعر بالحاجة وفائدة ذكرهم هنا مع شمول المساكين لهم عدم حرمانهم وإفرادهم بخمس كامل ولا بد في ثبوت اليتم والإسلام والفقر هنا من البينة وكذا في الهاشمي والمطلبي نعم ذكر جمع أنه لا بد معها فيهما من استفاضة لنسبه ويوجه بأن هذا النسب أشرف الأنساب ويغلب ظهوره في أهله لتوفر الدواعي على إظهار أحوالهم فاحتيط له دون غيره لذلك ولسهولة وجود الاستفاضة به غالبا وهل يلحق أهل الخمس الأول بمن يليهم في اشتراط البينة, أو بمن يأتي في الاكتفاء بقولهم محل نظر والأقرب الأول لسهولة الاطلاع على حالهم غالبا.
"والرابع والخامس المساكين وابن السبيل" ولو بقولهم بلا يمين, وإن اتهموا نعم يظهر في مدعي تلف مال له عرف أو عيال أنه يكلف بينة نظير ما يأتي في الباب الآتي وذلك للآية ويأتي بيانهما والمساكين يشملون الفقراء ولهما مال ثان, وهو الكفارة وثالث, وهو الزكاة ويشترط الإسلام في الكل والفقر في ابن السبيل أيضا ولو اجتمع وصفان في واحد أعطي بأحدهما إلا الغزو مع نحو القرابة فيعطى بهما وإلا من اجتمع فيه يتم ومسكنة فيعطى باليتم فقط; لأنه وصف لازم والمسكنة منفكة كذا قاله الماوردي وجزم به غيره وفيه نظر كيف والمسكنة شرط لليتيم فلا يتصور اجتماعهما مستقلين حتى يقال يعطى باليتم فقط ثم رأيت الأذرعي قال عقبه, وهو فرع ساقط; لأن اليتيم لا بد له من فقر, أو مسكنة, وهو صريح فيما ذكرته وبتسليمه فارق أخذ غاز هاشمي مثلا بهما هنا بأن الأخذ بالغزو لحاجتنا وبالمسكنة لحاجة صاحبها ومنه يؤخذ أن نحو العلم كالغزو

 

ج / 3 ص -137-        "ويعم" الإمام, أو نائبه "الأصناف الأربعة" وجميع آحادهم "المتأخرة" بالعطاء غائبهم عن محل الفيء وحاضرهم وجوبا لظاهر الآية نعم يجوز التفاوت بين آحاد الصنف غير ذوي القربى لاتحاد القرابة وتفاوت الحاجة المعتبرة في غيرهم لا بين الأصناف ولو قل الحاصل بحيث لو عم لم يسد مسدا خص به الأحوج للضرورة "وقيل يخص بالحاصل في كل ناحية من فيها منهم" كالزكاة ولمشقة النقل ويرده أن النقل لإقليم لا شيء فيه, أو فيه ما لا يفي بساكنيه إذا وزع عليهم بقدر ما يحتاج إليه في التسوية بين المنقول إليهم وغيرهم إنما هو لموافقة الآية المقتضية لوجوب تعميم جميعهم في جميع الأقاليم ويفرق بينه وبين الزكاة بأن التشوف لها إنما يكون في محلها فقط; لأن الغالب أنه لا يفرقها إلا الملاك بخلاف الفيء; لأن المفرق له الإمام, أو نائبه, وهو لسعة نظره ويتشوف كل من في حكمه لوصول شيء من الفيء إليه مع أنه لا مشقة عليه في النقل ومن فقد من الأصناف الأربعة صرف نصيبه للباقين منهم.
"وأما الأخماس الأربعة" التي كانت هي خمس الخمس للنبي صلى الله عليه وسلم على ما مر "فالأظهر أنها للمرتزقة" وقضاتهم وأئمتهم ومؤذنيهم وعمالهم ما لم يوجد متبرع "وهم الأجناد المرصدون" في الديوان "للجهاد" لحصول النصرة بهم بعده صلى الله عليه وسلم سموا بذلك; لأنهم أرصدوا نفوسهم للذب عن الدين وطلبوا الرزق من مال الله تعالى وخرج بهم المتطوعة بالغزو وإذا نشطوا فيعطون من الزكاة دون الفيء عكس المرتزقة أي ما لم يعجز سهمهم عن كفايتهم فيكمل لهم الإمام من سهم سبيل الله أخذا من كلام الإمام الذي قال الأذرعي عقبه إنه حسن صحيح غريب وحاصله أنه إذا عدم مال الفيء من يد الإمام والمرتزقة مفقود فيهم شرط استحقاق سهم سبيل الله لم يجز صرفه إليهم فإن لم يفقد فيهم ولو لم يكفهم لضاعوا ورأى صرفه إليهم, وأن انتهاضهم للقتال أقرب من انتهاض المتطوعة لم يعترض عليه ا هـ وزيف أعني الإمام قول الصيدلاني إذا لم يكن للمرتزقة شيء صرف إليهم من سهم سبيل الله إذا قاتلوا مانعي الزكاة ا هـ وكان وجه التزييف أن اشتراط مقاتلتهم لمانعي الزكاة إنما يناسب الأخذ من سهم المؤلفة وقول الغزالي إذا قاتلوا مانعي الزكاة لم يبعد أن يعطوا من سهم الغارمين بعيد جدا "فيضع" وجوبا عند جمع وادعوا أنه ظاهر كلام الروضة وندبا عند آخرين, وهو الأوجه; لأن القصد الضبط, وهو لا ينحصر في ذلك "الإمام ديوانا" أي دفترا اقتداء بعمر رضي الله عنه فإنه أول من وضعه لما كثر المسلمون, وهو فارسي معرب وقيل عربي ويطلق على الكتاب لحذقهم; لأنه بالفارسية اسم للشيطان وعلى محلهم. "وينصب" ندبا "لكل قبيلة, أو جماعة عريفا" يعرفه بأحوالهم ويجمعهم عند الحاجة وروى أبو داود وغيره "خبر العرافة حق ولا بد للناس منها ولكن العرفاء في النار" أي; لأن الغالب عليهم الجور فيما تولوا عليه "ويبحث" الإمام وجوبا بنفسه, أو نائبه الثقة "عن حال كل واحد" من المرتزقة "وعياله" وهم من تلزمه نفقتهم "وما يكفيهم فيعطيه" ولو غنيا "كفايتهم" من نفقة وكسوة وسائر مؤنهم مراعيا الزمن والغلاء والرخص وعادة المحل

 

ج / 3 ص -138-        والمروءة وغيرها لا نحو علم ونسب ليتفرغ للجهاد ويزيد من زاد له عيال ولو زوجة رابعة ويعطي لأمهات أولاده, وإن كثرن كما اقتضاه إطلاقهم خلافا لابن الرفعة هنا; لأن حملهن ليس باختياره وللأذرعي في الزوجات لانحصارهن ولعبيد خدمته الذين يحتاجهم لا لما زاد على حاجته إلا إن كان لحاجة الجهاد ويظهر إلحاق إمائه الموطوآت بعبيد الخدمة فلا يعطي إلا لمن يحتاجهن لعفة أو دفع ضرر ثم يدفع إليه لزوجته وولده أي وأصوله وسائر فروعه على الأوجه الملك فيه لهم حاصل من الفيء وقيل يملكه هو ويصير إليهم من جهته. وقضية الأول أن الزوجة ونحو الأب الكاملين تدفع حصتهما لهما وغيرهما لوليهما والظاهر أن ذلك ليس مرادا; لأن الملك, وإن كان لهما إلا أنه بسببه ليصرفه في مقابلة مؤنتهما عليه فهو ملك مقيد لا مطلق فتقيد به وحده فإن قلت ما فائدة الخلاف حينئذ قلت فائدته في الحلف والتعليق ظاهرة وأما في غيرهما فخفية إذ لو أعطى لمدة ماضية فماتت عقب الإعطاء فهل يورث عنها أو طلقت حينئذ فهل تأخذه والظاهر لا لما تقرر أنه في مقابلة مؤنها عليه أو مستقبلة فهل هو كذلك أو يسترد منه حصتها كل محتمل وما ذكر من أن الأول أصح هو ما وقع لشيخنا في شرح منهجه تبعا لغيره والذي في الجواهر وغيرها أن الأصح الثاني, وهو الذي يتجه عندي وعبارتهم أنه يعطى كفاية ممونه أي فيتصرف فيها كيف شاء صريحة فيه وعبارتها أعني الجواهر هل نقول ملكه ثم صرف إليهم من جهته, أو لا بل الملك يحصل لهم أي ابتداء فيتولى الإمام أو منصوبه صرفه إليهم قولان أشبههما الأول وبه قطع بعضهم ويؤخذ من قوله فيتولى الإمام أو منصوبه صرفه, الجواب عن بعض ما ذكرته من الترديد فتأمله وبتفريعه على الثاني أن الصرف يكون للممون المخالف لصريح المتن وغيره يتضح ضعف الثاني ويتبين بعض ما ترددنا فيه عليه مما تقرر فتأمله. "ويقدم" ندبا "في إثبات الاسم" في الديوان "والإعطاء" "قريشا" لخبر الشافعي وغيره "قدموا قريشا ولا تقدموها" وظاهر كلامهم أن مواليهم ليسوا مثلهم هنا, وهو ظاهر لما يأتي قبيل فصل من طلب زكاة "وهم ولد النضر بن كنانة" بن خزيمة وقيل ولد فهر بن مالك بن النضر ونقل عن أكثر أهل العلم وقيل غير ذلك سموا بذلك لتقرشهم أي تجمعهم, أو شدتهم "ويقدم منهم بني هاشم" لشرفهم بكونه صلى الله عليه وسلم منهم "و" بني "المطلب"; لأنه صلى الله عليه وسلم قرنهم بهم كما مر وأفادت الواو أنه لا ترتيب بينهم كذا قيل والذي يتجه خلافه; لأن الكلام في الأولوية وظاهر أن تقديم بني هاشم أولى وسيعلم من كلامه أنه يقدم منهم الأقرب فالأقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم "ثم" بني "عبد شمس"; لأنه شقيق هاشم "ثم" بني "نوفل"; لأنه أخوه لأبيه "ثم" بني "عبد العزى"; لأن خديجة منهم "ثم سائر البطون" من قريش "الأقرب فالأقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم" فبعد بني عبد العزى بني عبد الدار ثم بني زهرة بن كلاب أخوال النبي صلى الله عليه وسلم ثم بني تميم; لأن أبا بكر وعائشة منهم وهكذا "ثم" بعد قريش يقدم "الأنصار" لآثارهم الحميدة في الإسلام وبحث تقديم الأوس منهم; لأن منهم أخوال عبد المطلب جده صلى الله عليه وسلم. "ثم سائر العرب" ظاهره تقديم الأنصار على من عدا قريشا, وإن كان أقرب له صلى الله عليه وسلم واستواء جميع العرب لكن خالف السرخسي في الأول والماوردي

 

ج / 3 ص -139-        في الثاني "ثم العجم" معتبرا فيهم النسب كالعرب فإن لم يجتمعوا على نسب اعتبر ما يرونه أشرف فإن استوى هنا اثنان فكما يأتي وذلك; لأن العرب أقرب منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشرف ومتى استوى اثنان قربا قدم أسنهما فإن استويا سنا فأسبقهما إسلاما ثم هجرة كذا ذكره الرافعي والمعتمد ما في الروضة أنه يقدم بالسبق للإسلام ثم بالدين ثم بالسن ثم بالهجرة ثم بالشجاعة ثم يتخير الإمام واستشكل تقديم النسب على السن هنا عكس الراجح في إمامة الصلاة ويجاب بأن المدار هنا على ما به الافتخار بين القبائل وثم على ما يزيد به الخشوع ونحوه والسن أدخل في ذلك من النسب; لأن الغالب أن السن كلما زاد كثر الخير ونقص الشر قيل على أن المذكور هنا غيره ثم; لأن فرض ذاك في اجتماع أسن غير نسيب مع نسيب وهنا في نسيبين أحدهما أسن والآخر أقرب ا هـ وفيه نظر بل الأسن في هذه الصورة أيضا مقدم ثم لا هنا والفرق ما ذكرته وفرق الزركشي بأن الأقربية ملحوظة هنا كالإرث ولهذا فضل الذكر, وهي لا تختلف بالسن بخلافها ثم, وهو يرجع لما ذكرته بل ما ذكرته أوضح فتأمله. "ولا يثبت" وجوبا كما يصرح به كلام الروضة وغيرها وكان وجهه أنه قد يترتب على إثباته مفسدة كادعائه أن مانعه إنما حدث بعد آخر تفرقة للفيء عليهم بدليل إثبات اسمه قبل "في الديوان" مع المرتزقة "أعمى ولا زمنا ولا من لا يصلح للغزو" لنحو جبن, أو فقد يد, أو جهل بالقتال وصفة الإقدام لعجزهم ومحله في مرتزق كذلك أما عيال مرتزق بهم ذلك فيثبتون تبعا له كما بحثه الجلال البلقيني وأفهم من لا يصلح الأعم مما قبله جواز إثبات أخرس وأصم وكذا أعرج يقاتل فارسا وقضية التعبير في هؤلاء بالجواز وفي أولئك بالحرمة وجوب إثبات الصالح للغزو الكامل, وهو الرجل المسلم المكلف الحر البصير الذي ليس به مانع لأصل الغزو ولا لكماله, وهو محتمل "ولو مرض بعضهم, أو جن ورجي زواله" ولو بعد مدة طويلة "أعطي" وبقي اسمه في الديوان لئلا يرغب الناس عن الجهاد "فإن لم يرج فالأظهر أنه يعطى" أيضا لذلك لكن يمحى اسمه من الديوان أي وجوبا بناء على ما تقرر والذي يعطاه كفاية ممونه اللائقة به الآن وظاهر كلام ابن الرفعة تفريعا على المعتمد أنه لا يشترط مسكنته. وجرى عليه السبكي وقال إن النص يقتضيه "وكذا" يعطى ممون المرتزق ما يليق بذلك الممون, وهو "زوجته", وإن تعددت ومستولداته "وأولاده", وإن سفلوا وأصوله الذين تلزمه مؤنتهم في حياته بشرط إسلامهم كما بحثه الأذرعي واعترض بأن ظاهر إطلاقهم أنه لا فرق ويوجه بأنه يغتفر في التابع المحض ما لا يغتفر في المتبوع "إذا مات". وإن لم يرج كونهم من المرتزقة بعد لئلا يعرضوا عن الجهاد إلى الكسب لإغناء عيالهم واستنبط السبكي من هذا أن الفقيه أو المعيد, أو المدرس إذا مات يعطى ممونه مما كان يأخذه ما يقوم به ترغيبا في العلم فإن فضل شيء صرف لمن يقوم بالوظيفة ولا نظر لاختلال الشرط فيهم; لأنهم تبع لأبيهم المتصف به مدة فمدتهم مغتفرة في جنب ما مضى كزمن البطالة والممتنع إنما هو تقرير من لا يصلح ابتداء ا هـ وفرق غيره بين هذا والمرتزق بأن العلم محبوب للنفوس لا يصد الناس عنه شيء فيوكل الناس فيه إلى ميلهم إليه والجهاد مكروه للنفوس فيحتاج الناس في إرصاد أنفسهم

 

ج / 3 ص -140-        إليه إلى تألف وبأن الإعطاء من الأموال العامة, وهي ما هنا أقرب من الخاصة كالأوقاف فلا يلزم من التوسع في تلك التوسع في هذه; لأنه مال معين متقيد بتحصيل مصلحة نشر العلم في ذلك المحل فكيف يصرف مع انتفاء الشرط وقضية هذا أن ممون العالم يعطون من مال المصالح إلى الاستغناء, وهو متجه ثم رأيت بعضهم رجحه أيضا, وأن الكلام في غير أوقاف الأتراك; لأنها من بيت المال فساوت ما هنا ولعل هذا مراد السبكي ويؤيده قول بعض المحققين إنما توسع السبكي ومعاصروه ومن قبلهم في الأوقاف نظرا لما في أزمنتهم من أوقاف الترك إذ هي من بيت المال فمن له فيه شيء يأخذه منها, وإن لم يوجد فيه شروط واقفيها ومن لا فلا. وإن وجدت فيه "فتعطى" المستولدة "والزوجة حتى تنكح" أو تستغني بكسب, أو غيره فإن لم تنكح فإلى الموت, وإن رغب فيها على ما اقتضاه إطلاقهم "والأولاد" الذكور والإناث "حتى يستقلوا" أي يستغنوا ولو قبل البلوغ بكسب, أو نحو وصية, أو وقف, أو نكاح للأنثى, أو جهاد للذكر وكذا بقدرته على الكسب إذا بلغ كما هو ظاهر; لأنه بالبلوغ صلح للجهاد فإذا تركه وله قدرة على الكسب لم يعطى ثم الخيرة في وقت العطاء إلى الإمام كجنس المعطى نعم لا يفرق الفلوس, وإن راجت وله إسقاط بعضهم لكن بسبب ويجيب من طلب إثبات اسمه إن رآه أهلا وفي المال سعة ولبعضهم إخراج نفسه لعذر مطلقا ولغيره إلا إن احتجنا إليه ويظهر أن المراد بالعذر المقدم على حاجتنا إليه ما يترتب عليه ضرر لنا, أو له أعظم مما يترتب على ترك حاجتنا إليه. "فإن فضلت" ضبط بالتشديد وكأنه لوقوعه في خطه وإلا فلا وجه لتعيينه "الأخماس الأربعة عن حاجات المرتزقة" وقلنا بالأظهر إنها لهم خاصة ويظهر أن المراد بحاجاتهم فيما ذكر ما يحتاجونه في المدة المضروبة للتفرقة عليهم من نحو شهر, أو سنة ويؤيده بل يصرح به قولهم الآتي ومن مات وقول المحشي قوله: ولو قيل إلخ الذي في نسخ الشرح التي بأيدينا خلافه ا هـ من هامش من المرتزقة إلخ "وزع" الفاضل "عليهم" أي المرتزقة الرجال دون غيرهم على ما نقله الإمام عن فحوى كلامهم "على قدر مؤنتهم"; لأنه حقهم وقيل على رءوسهم بالسوية "والأصح أنه يجوز" له "أن يصرف بعضه" أي الفاضل لا كله "في إصلاح الثغور و" في "السلاح والكراع", وهو الخيل; لأنه معونة لهم وصريح كلامه أنه لا يدخر من الفيء في بيت المال شيئا ما وجد له مصرفا ولو نحو بناء رباطات ومساجد اقتضاها رأيه, وإن خاف نازلة, وهو ما نقله الإمام عن النص تأسيا بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فإن نزلت فعلى أغنياء المسلمين القيام بها ثم نقل عن المحققين أن له الادخار ولا خلاف في جواز صرفه للمرتزقة عن السنة القابلة وله صرف مال الفيء في غير مصرفه وتعويض المرتزقة إذا رآه مصلحة. "هذا حكم منقول الفيء فأما عقاره" من بناء, أو أرض "فالمذهب أنه" لا يصير وقفا بنفس الحصول, وإن نقله البلقيني عن الإمام عن الأئمة واعتمده بل الإمام مخير بين أنه "يجعل وقفا وتقسم غلته" في كل سنة مثلا "كذلك" أي على المرتزقة بحسب حاجاتهم; لأنه أنفع لهم, أو تقسم أعيانه عليهم, أو يباع ويقسم ثمنه بينهم واعتمد الأذرعي المتن وحمل التخيير المذكور وفاقا للروضة وأصلها على أنه لو رآه إمام مجتهد جاز وأما

 

ج / 3 ص -141-        عمومه فهو وجه والأخماس الأربعة من الخمس الخامس حكمها ما مر بخلاف الخمس الخامس الذي للمصالح فإنه لا يقسم بل يباع, أو يوقف, وهو أولى ويصرف ثمنه, أو غلته فيها ومن مات من المرتزقة بعد جمع المال وتمام الحول أي المدة المضروبة للتفرقة وعبروا بالحول; لأنه الأغلب ثم رأيتهما صرحا بذلك فقالا وذكر الحول مثال فمثله الشهر ونحوه فنصيبه لوارثه أو قبل تمام الحول كان لورثته قسط المدة, أو بعد الحول وقبل الجمع فلا شيء لوارثه ولو ضاق المال عنهم بأن لم يسد بالتوزيع مسدا بدئ بالأحوج وإلا وزع عليهم بنسبة ما كان لهم ويصير الفاضل دينا لهم إن قلنا إن مال الفيء للمصالح فإن قلنا إنه للجيش سقط قاله الماوردي لكن أطلق في الروضة أن من عجز بيت المال عن إعطائه بقي دينا عليه لا عن ناظره.

فصل في الغنيمة وما يتبعها
"الغنيمة مال" ذكر للغالب فالاختصاص كذلك ولا ينافيه ما يأتي فيما يفعل فيه في الجهاد; لأنه مع كونه غنيمة اختص بحكم مغاير للمال في أخذه وقسمته لتعذر إتيان أحكام المال فيه فزعم شارح أن نحو الكلاب وجلد الميتة غير غنيمة ليس إطلاقه في محله "حصل من" مالكين له "كفار" أصليين حربيين "بقتال وإيجاف" لنحو خيل, أو إبل منا لا من ذميين فإنه لهم ولا يخمس والواو بمعنى, أو فلا يرد المأخوذ بقتاله الرجالة وفي السفن فإنه غنيمة ولا إيجاف فيه أما ما أخذوه من مسلم قهرا فيجب رده لمالكه كفداء الأسير يرد إليه كذا أطلقوه ويظهر أن محله إن كان من ماله وإلا رد لمالكه ويحتمل أنه لا فرق; لأن إعطاءه عنه يتضمن تقدير دخوله في ملكه نظير ما يأتي فيمن أمهر عن زوج طلق قبل وطء هل يرجع الشطر للزوج أو المصدق ويرد بأنا إنما احتجنا للتقدير ثم لضرورة سقوط المهر عن ذمة الزوج ولا كذلك هنا; لأنه لا شيء في ذمة الأسير فلا تقدير فتعين الرد هنا للمالك جزما. وأما ما حصل من مرتدين ففيء كما مر ومن ذميين يرد إليهم وكذا ممن لم تبلغه الدعوة أصلا أو بالنسبة لنبينا صلى الله عليه وسلم إن تمسك بدين حق وإلا فهو كحربي على ما قاله الأذرعي ويرده ما يأتي في الديات من وجوب دية مجوسي في قتله, وهو صريح في عصمته فالوجه أنه كالذمي ولا يرد على التعريف خلافا لمن زعمه ما هربوا عنه عند الالتقاء وقبل شهر السلاح وما صالحونا به, أو أهدوه لنا عند القتال فإن القتال لما قرب وصار كالمتحقق الموجود صار كأنه موجود هنا بطريق القوة المنزلة منزلة الفعل بخلاف ما تركوه بسبب حصول نحو خيلنا في دارهم فإنه فيء; لأنه لما لم يقع تلاق لم تقو شائبة القتال فيه ويجاب عن كون البلاد المفتوحة صلحا غير غنيمة بأن خروجهم عن المال لنا بالكلية صيره في حوزتنا لا شائبة لهم فيه بوجه بخلاف البلاد فإن يدهم باقية عليها ولو بغير الوجه الذي كان قبل الصلح فلم يتحقق معنى الغنيمة فيها ومر في تعريف الفيء عما له تعلق بذلك "فيقدم منه" أي من أصل المال "السلب" بفتح اللام "للقاتل" المسلم ولو نحو صبي وقن, وإن لم يشترط له, وإن كان المقتول نحو قريبه, وإن لم يقاتل كما اقتضاه إطلاقهم, أو نحو

 

ج / 3 ص -142-        امرأة, أو صبي إن قاتلا ولو أعرض عنه للخبر المتفق عليه "من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه" نعم القاتل المسلم القن لذمي لا يستحقه, وإن خرج بإذن الإمام وكذا نحو مخذل وعين.
"تنبيه" قوله صلى الله عليه وسلم "من قتل قتيلا مشكل" إذ القتيل كيف يقتل فهو من مجاز الأول, وهو ظاهر قيل ويصح كونه حقيقة باعتبار أنه قتيل بهذا القتل لا بقتل سابق ونظيره جواب المتكلمين عن المغالطة المشهورة أن إيجاد المعدوم محال; لأن الإيجاد إن كان حال العدم فهو جمع بين النقيضين, أو حال الوجود فهو تحصيل الحاصل بأنا نختار الثاني والإيجاد للموجود إنما هو بوجود مقارن لا متقدم فليس فيه تحصيل للحاصل.
"وهو ثياب القتيل" التي عليه "والخف والران", وهو خف طويل لا قدم له يلبس للساق "وآلات الحرب كدرع", وهو المسمى بالزردية واللامة "وسلاح" قضيته أن الدرع غير سلاح, وهو كذلك وقد يطلق عليه وقيد الإمام السلاح بما لم يزد على العادة, وهو محتمل "ومركوب" ولو بالقوة كأن قاتل راجلا وعنانه بيده مثلا وظاهر كلامهم هنا أنه لا يكفي إمساك غلامه له حينئذ, وإن نزل لحاجة وعليه يفرق بينه وبين ما قاله في الجنيبة بأنها تابعة لمركوبه فاكتفي بإقادة غيره ولا كذلك هذا "وسرج ولجام" ومقود ومهماز ولثبوت يده على ذلك لأجل القتال حسا "وكذا سوار ومنطقة" وهميان بما فيه وطوق "وخاتم ونفقة معه وجنيبة" فرس, أو غيره ولو من غير جنس مركوبه كراكب فرس معه نحو ناقة, أو بغل جنيب فيما يظهر لا أكثر من واحدة ولا ولد مركوبة والخيرة في واحد من الجنائب للمستحق "تقاد", وإن لم يقدها هو على المعتمد "معه" أمامه أو خلفه, أو بجنبه فقولهما في المحرر والروضة وأصلها بين يديه مثال ويلحق بها على الأوجه سلاح مع غلامه يحمله له ويفرق بينه وبين ما مر في المركوب الذي مع غلامه بأن ذاك يستغنى عنه كثيرا بخلاف سلاحه, وإن تعدد فكأنه لم يفارقه "في الأظهر" لاتصال هذه الأشياء به مع احتياجه للجنيبة "لا حقيبة مشدودة على الفرس" وما فيها من نقد ومتاع "على المذهب" لانفصالها وعن فرسه مع عدم الاحتياج إليها, وإن أطال جمع في الانتصار لدخولها نعم لو جعلها وقاية لظهره اتجه دخولها. "وإنما يستحق" القاتل السلب "بركوب غرر يكفي به" أي الركوب, أو الغرر المسلمين "شر كافر" أصلي مقبل على القتال "في حال الحرب" كأن أغرى به كلبا, أو أعجميا يعتقد وجوب طاعته ووقف في مقابلته حتى قتله بمغراه; لأنه خاطر بروحه حيث صبر في مقابلته حتى عقره الكلب قاله القاضي, وهو صريح في رد إلحاق ابن الرفعة إغراءه له, وهو في نحو حصن; لأنه هنا لم يخاطر بشيء أصلا وفي أن المراد أنه وقف قريبا من الكلب حتى قتله وحينئذ فمقابلته تصح بالموحدة نظرا لقربه المذكور وبالفوقية نظرا لمقاتلته الكلب الذي هو آلة للكافر فتعيين الأذرعي الثاني بعيد "فلو رمي من حصن أو من الصف, أو قتل نائما", أو غافلا, أو مشغولا, أو نحو شيخ هرم "أو أسيرا" لغيره وإلا فسيأتي "أو قتله وقد انهزم الكفار" بالكلية بخلاف ما إذا تحيزوا, أو قصدوا نحو خديعة لبقاء القتال ويظهر فيما لو انهزم واحد فتبعه حتى قتله مرتكبا الغرر فيه أن له سلبه, وإن بعد

 

ج / 3 ص -143-        عن الجيش وانقطعت نسبته عنه بخلاف المنهزم بانهزام جيشه لاندفاع شره ثم رأيت الماوردي قال إن قتله وقد ولى عن الحرب تاركا لها فلا سلب له إلا إن فر; لأن الحرب كر وفر والإمام. قال المنهزم من فارق المعترك مصرا لا من تردد بين الميسرة والميمنة "فلا سلب" لعدم التغرير بالنفس الذي جعل له السلب في مقابلته ولو أثخنه واحد وقتله آخر فهو للمثخن لما يأتي فإن لم يثخنه فللثاني, أو أمسكه واحد ولم يمنعه الهرب فقتله آخر فلهما فإن منعه فهو الآسر ولو كان أحدهما لا سلب له كمخذل كان ما يثبت له لولا المانع غنيمة وعبارة أصله من وراء الصف فحذف وراء لإيهامها وفهم صورتها مما ذكره بالأولى وقول السبكي إن هذا حسن لمن لم يلتزم في الاختصار الإتيان بمعنى الأصل من غير تغيير وإلا لم يجز عجيب إذ من شأن المختصر تغيير ما أوهم سيما إن كان فيما أتى به زيادة مسألة على أن المصنف التزم التغيير في خطبته فما قاله السبكي لا يلاقي صنيعه أصلا "وكفاية شره أن يزيل امتناعه بأن يفقأ" يعني يزيل ضوء "عينيه" أو العين الباقية له "أو يقطع يديه ورجليه"; لأنه صلى الله عليه وسلم أعطى سلب أبي جهل لعنه الله لمثخنيه ابني عفراء دون قاتله ابن مسعود رضي الله عنهم "وكذا لو أسره" فقتله الإمام, أو من عليه, أو أرقه, أو فداه نعم لا حق له في رقبته وفدائه; لأن اسم السلب لا يقع عليهما "أو قطع يديه, أو رجليه", أو قطع يدا أو رجلا "في الأظهر"; لأنه أزال أعظم امتناعه وفرض بقائه مع هذا, أو ما قبله نادر.
"ولا يخمس السلب على المشهور" للاتباع صححه ابن حبان "وبعد السلب يخرج" من رأس مال الغنيمة حيث لا متطوع "مؤنة الحفظ والنقل وغيرهما" من المؤن اللازمة للحاجة إليها ولا يجوز له إخراجها وثم متطوع ولا بأكثر من أجرة المثل; لأنه كولي اليتيم "ثم يخمس الباقي", وإن شرط عليهم عدم تخميسه فيجعل خمسة أقسام متساوية ويكتب على رقعة لله أو للمصالح وعلى أربعة للغانمين وتدرج في بنادق ويقرع فما خرج لله جعل خمسه للخمسة السابقين في الفيء كما قال "فخمسه لأهل خمس الفيء يقسم كما سبق" والأربعة الباقية للغانمين وتقدم قسمتها بينهم لحضورهم ويكره تأخيرها لدارنا بل يحرم إن طلبوا تعجيلها ولو بلسان الحال كما بحثه الأذرعي وأفهم المتن أنه لا يصح شرط الإمام من غنم شيئا فهو له وفي قول يصح وعليه الأئمة الثلاثة. "والأصح أن النفل" بفتح الفاء وإسكانها "يكون من خمس الخمس المرصد للمصالح"; لأنه المأثور كما جاء عن ابن المسيب وإنما يجري هذا الخلاف "; إن نفل" بالتخفيف معدى لواحد, وهو ما أثر عن حطه والتشديد معدى لاثنين أي جعل النفل بأن شرط الثلث مثلا "مما سيغنم في هذا القتال" وغيره ويغتفر الجهل للحاجة وأفهمت السين امتناع التنفيل مع الجهل بالقدر مما غنم, وهو كذلك بخلاف ما إذا علم كما قال "ويجوز أن ينفل من مال المصالح الحاصل عنده" في بيت المال ويجب تعيين قدره إذ لا حاجة لاغتفار الجهل حينئذ وما اقتضاه كلام المتن من تخييره بين الخمس ومال المصالح يحمل على ما إذا لم يظهر له أن أحدهما أصلح وإلا لزمه فعله.
"والنفل زيادة" على سهم الغنيمة "يشرطها الإمام أو الأمير" عند الحاجة لا مطلقا

 

ج / 3 ص -144-        "لمن يفعل" ولو غير معين "ما فيه نكاية في الكفار" زائدة على نكاية الجيش كدلالة على قلعة وتجسس وحفظ مكمن سواء استحق سلبا أم لا وللنفل قسم آخر, وهو أن يزيد الإمام من صدر منه أثر محمود في الحرب كبراز وحسن إقدام, وهو سهم المصالح الذي عنده, أو من هذه الغنيمة "ويجتهد" الإمام, أو الأمير "في قدره" بحسب قلة العمل وخطره وضدهما. "والأخماس الأربعة" أي الباقي منها بعد السلب والمؤن "عقارها ومنقولها للغانمين" للآية وفعله صلى الله عليه وسلم "وهم من حضر الوقعة" يعني قبل الفتح ولو بعد الإشراف عليه "بنية القتال" ممن يسهم له كما قيد به شارح, وهو غير محتاج إليه; لأن من يرضخ له من جملة الغانمين كما يعلم مما يأتي ثم رأيت السبكي صرح بذلك والمخذل والمرجف لا نية لهما صحيحة في القتال فلا يردان خلافا لبعضهم "وإن لم يقاتل", أو قاتل, وإن حضر بنية أخرى لقول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما إنما الغنيمة لمن شهد الوقعة ولا مخالف لهما من الصحابة; ولأن القصد تهيؤه للجهاد; ولأن الغالب أن الحضور يجر إليه; ولأن فيه تكثير سواد للمسلمين فعلم أنه لو هرب أسير من كفار فحضر بنية خلاص نفسه دون القتال لم يستحق إلا إن قاتل لكن إن كان من غير هذا الجيش وإلا استحق على الأوجه ولو انهزم حاضر غير متحرف ولا متحيز لقريبة لم يستحق شيئا مما غنم في غيبته ولا يرد خلافا لمن زعمه; لأن انهزامه أبطل نية القتال فإن عاد, أو حضر شخص الوقعة في الأثناء لم يستحق إلا مما غنم بعد حضوره ويصدق متحرف لقتال أو متحيز لفئة قريبة بيمينه إن عاد قبل انقضاء الحرب فيشارك في الجميع والسرايا المبعوثة من دار الحرب لكون الباعث بها شركاء فيما غنمه كل الجيش, وإن اختلفت الجهة وفحش البعد بينهم أما المبعوثة من دارنا فلا يشاركون إلا إن تعاونوا واتحد أميرهم والجهة إذ لا يكونون كجيش واحد إلا فيما ذكروا ويلحق بكل جاسوسها وحارسها وكمينها ولا يرد واحد من هؤلاء على كلامه خلافا لمن زعمه أيضا; لأنهم في حكم الحاضرين.
"ولا شيء لمن حضر بعد انقضاء القتال" لما مر "وفيما" لو حضر "قبل حيازة المال" جميعه وبعد انقضاء الوقعة "وجه" أنه يعطى; لأنه لحق قبل تمام الاستيلاء والأصح المنع; لأنه لم يشهد شيئا من الوقعة "ولو مات بعضهم بعد انقضائه والحيازة فحقه" أي حق تملكه لما سيذكر أن الغنيمة لا تملك إلا بالقسمة أو اختيار التملك "لوارثه" كسائر الحقوق "وكذا" لو مات بعضهم "بعد الانقضاء" للقتال "وقبل الحيازة في الأصح" لوجود المقتضي للتملك, وهو انقضاء القتال "ولو مات في" أثناء "القتال" قبل حيازة شيء "فالمذهب أنه لا شيء له" فلا حق لوارثه في شيء, أو بعد حيازة شيء فله حصته منه وفارق استحقاقه لسهم فرسه الذي مات, أو خرج عن ملكه في الأثناء ولو قبل الحيازة بأنه أصل والفرس تابع فجاز بقاء سهمه للمتبوع ومرضه وجرحه في الأثناء لا يمنع استحقاقه, وإن لم يرج برأه والجنون والإغماء كالموت."والأظهر أن الأجير" إجارة عين "لسياسة الدواب وحفظ الأمتعة والتاجر والمحترف" كالخياط "يسهم لهم إذا قاتلوا"; لأنهم أولى ممن حضر بنية القتال ولم يقاتل أما أجير الذمة فيستحق جزما إن قاتل, أو نوى القتال كتاجر نوى القتال وأجير الجهاد

 

ج / 3 ص -145-        المسلم لا سهم له ولا رضخ ولا أجرة لبطلان الإجارة له مع إعراضه عن القتال بالإجارة المنافية له وبهذا يفرق بينه وبين نحو التجارة; لأنها لا تنافيه ومن ثم أثرت نية القتال معها كما تقرر. "وللراجل سهم وللفارس" وإن غصب الفرس لكن من غير حاضر وإلا فلذيه كما لو ضاع فرسه في الحرب فوجده آخر فقاتل عليه فيسهم لمالكه "ثلاثة" واحد له واثنان لفرسه للاتباع رواه الشيخان, وإن لم يقاتل عليه بأن كان معه, أو بقربه متهيئا لذلك ولكنه قاتل راجلا, أو في سفينة بقرب الساحل واحتمل أن يخرج ويركب; لأنه قد يحتاج إليها ولو حضرا بفرس مشترك أعطيا سهمه شركة بينهما فإن ركباها وكان فيها قوة الكر والفر بهما أعطيا أربعة أسهم سهمان لهما وسهمان للفرس وإلا فسهمان لهما فقط نعم ينبغي أن لها الرضخ كما لا غناء فيه ولو غزا نحو صبيان وعبيد ونساء قسم بينهم ما عدا الخمس بحسب ما يقتضيه الرأي من تساو وتفضيل ما لم يحضر معهم كامل وإلا فلهم الرضخ وله الباقي وقضية ما تقرر أن الذميين لو حضروا مع مسلم كان لهم بعد الخمس الرضخ والباقي للمسلم وبه يصرح قول الروضة. وأما إذا كان مع أهل الرضخ واحد من أهل الكمال فتعبيره بأهل الرضخ هنا يفيد أن ذكره قبله العبيد والنساء والصبيان للتمثيل لا للتقييد وبهذا تبين أن الأصح من وجهين في النهاية لم يرجح ابن الرفعة وغيره منهما شيئا فيما غنمه مسلم وذمي كاملان أنه يخمس الكل ثم للذمي الرضخ لا غير ويوجه بأن كونه تابعا للمسلم أولى من كونه مساويا له "ولا يعطى" من معه أكثر من فرس "إلا لفرس واحد" للاتباع "عربيا كان, أو غيره" كبرذون, وهو ما أبواه أعجميان وهجين, وهو ما أبوه عربي فقط ويطلق أيضا على اللئيم وعربي أمه أمة ومقرف, وهو عكسه ويطلق على غير الفرس أيضا ففي القاموس المقرف كمحسن ما يداني الهجنة أي أمه عربية لا أبوه; لأن الإقراف من قبل الفحل والهجنة من قبل الأم وذلك لصلاح الكل للكر والفر وتفاوتها فيه كتفاوت الرجال "لا لبعير وغيره" كفيل وبغل إذ لا تصلح صلاحية الخيل نعم يرضخ لها ولا يبلغ بها سهم فرس ويفاوت بينها وأعلاها الفيل فالبعير قيل إلا الهجين فيقدم على الفيل وفيه نظر فالبغل فالحمار على الأوجه "ولا يعطى لفرس" لا نفع فيه كصغير, وهو ما لم يبلغ سنة و "أعجف" أي مهزول وألحق به الأذرعي الحرون والجموح "وما لا غناء" بفتح المعجمة والمد أي نفع "فيه" لنحو كبر وهرم لعدم فائدته "وفي قول يعطي إن لم يعلم نهي الأمير عن إحضاره" كالشيخ الهرم وفرق الأول بأن هذا ينتفع برأيه ودعائه والكلام في السهم أما الرضخ فيعطى له أي ما لم يعلم النهي عن إحضاره فيما يظهر إذ لا يدخل الأمير دار الحرب إلا فرسا كاملا ولا يؤثر طرو عجفه ومرضه وجرحه أثناء القتال كما علم بالأولى مما مر في موته. "والعبد والصبي" والمجنون ولو غير مميزين "والمرأة" ومثلها الخنثى ما لم تبن ذكورته والأعمى والزمن وفاقد الأطراف والتاجر والمحترف إذا لم يقاتلا ولا نويا القتال وقد يشكل الزمن بالشيخ الهرم إلا أن يفرق بأن من شأن الزمن نقص رأيه بخلاف الهرم الكامل العقل "والذمي" وألحق به معاهد ومستأمن وحربي بشرطهم الآتي "إذا حضروا" ولو بغير إذن سيد وزوج وولي "فلهم" إن كان فيهم نفع ولم يكن للمسلم منهم

 

ج / 3 ص -146-        سلب "الرضخ" وجوبا للاتباع في ذلك وما للقن لسيده وترددوا في المبعض ورجح الأذرعي وغيره أنه كالقن والدميري وغيره أنه إن كانت مهايأة وحضر في نوبته أسهم له وإلا رضخ; لأن الغنيمة من باب الاكتساب والزركشي أنه إن كانت صرف له في نوبته وإلا قسم له بقدر حريته وأرضخ لسيده بقدر رقه والذي يتجه فيه أنه كالقن لنقصه فيكون الرضخ بينه وبين سيده ما لم تكن مهايأة ويحضر في نوبته فيكون الرضخ له وكون الغنيمة اكتسابا لا يقتضي إلحاقه بالأحرار في أنه يسهم له; لأن السهم إنما يكون للكاملين, وهو ليس كذلك "وهو دون سهم يجتهد الإمام في قدره"; لأنه لم يرد فيه تحديد ويفاوت بين مستحقيه بحسب تفاوت نفعهم ولا يبلغ برضخ راجل أو فارس سهم راجل ويظهر في رضخ الفرس أنه لا يبلغ به سهمي الفرس الكامل, وإن بلغ سهم الفارس اعتبار الكل بجنسه "ومحله الأخماس الأربعة في الأظهر"; لأنه سهم من الغنيمة بسبب استحقاقه حضور الوقعة "قلت إنما يرضخ لذمي" ومن ألحق به "حضر بلا أجرة" ولو بجعالة وإلا فلا شيء له غيرها جزما, وإن زادت على سهم راجل وجازت الاستعانة به "وبإذن الإمام" أو الأمير "على الصحيح" وإلا فلا شيء له بل يعزره إن رأى ذلك لتعديه "والله أعلم" وباختياره وإلا فإن أكرهه الإمام, أو الأمير على الحضور فله أجرة مثله ولو زال نقص ذي الرضخ بنحو إسلام وعتق وبلوغ أثناء القتال أسهم لهم ولو مما حيز قبل زوال نقصه فيما يظهر, أو بعده فلا ولو قبل الحيازة فيما يظهر ثم رأيت كلام الروضة مصرحا بذلك.