تحفة المحتاج بشرح المنهاج ط العلمية

ج / 3 ص -420-        كتاب الرجعة
هي بفتح الراء ويجوز كسرها قيل بل هو الأكثر لغة المرة من الرجوع وشرعا رد مطلقة لم تبن إلى النكاح بالشروط الآتية والأصل فيها الكتاب والسنة وإجماع الأمة وأركانها محل وصيغة ومرتجع.
"شرط المرتجع أهلية النكاح"; لأنها كإنشائه فلا تصح من مكره للحديث السابق ومرتد; لأن مقصودها الحل والردة تنافيه "بنفسه" فلا تصح من صبي ومجنون لنقصهما وتصح من سكران وسفيه وعبد ولو بغير إذن ولي وسيد تغليبا لكونها استدامة وذكر الصبي وقع في الدقائق واستشكل بأنه لا يتصور وقوع طلاق عليه ويجاب بما إذا حكم حنبلي بصحة طلاقه على أنه لا يلزم من نفي الشيء بلا إمكانه كما مر أوائل الشفعة فالاستشكال غفلة عن ذلك, وإنما صحت رجعة محرم ومطلق أمة معه حرة; لأن كلا أهل للنكاح بنفسه في الجملة, وإنما منع منه مانع عرض له, ولم تصح كما يأتي رجعة مطلق إحدى زوجتيه مبهما ومثله على أحد وجهين ما لو كانت معينة ثم نسيها مع أهليته للنكاح لوجود مانع لذلك هو الإبهام وأثر هنا دون وقوع الطلاق; لأنه مبني على الغلبة والسراية بخلاف الرجعة نعم لو شك في طلاق فراجع احتياطا فبان وقوعه أجزأته تلك الرجعة اعتبارا بما في نفس الأمر كما يأتي "ولو طلق" الزوج "فجن فللولي الرجعة على الصحيح حيث له ابتداء النكاح" بأن احتاجه كما مر; لأن الأصح صحة التوكيل في الرجعة واعترضت حكايته للخلاف بأن هذا بحث للرافعي ويرد بأن من حفظ حجة على من لم يحفظ. "وتحصل" الرجعة بالصريح والكناية ولو بغير العربية مع القدرة عليها فمن الصريح أن يأتي "براجعتك ورجعتك وارتجعتك" أي بواحد منها لشيوعها وورودها, وكذا ما اشتق منها كأنت مراجعة أو مرتجعة كما في التتمة, ولا يشترط إضافتها إليه بنحو إلي أو إلى نكاحي لكنه مندوب بل إليها كفلانة أو لضميرها كما ذكره أو بالإشارة كهذه فمجرد راجعت لغو "والأصح أن الرد والإمساك" وما اشتق منهما "صريحان" لورودهما في القرآن والأول في السنة أيضا, ومن ثم كان أشهر من الإمساك بل صوب الإسنوي أنه كناية كما نص عليه وتنحصر صرائحها فيما ذكر "وأن التزويج والنكاح كنايتان" لعدم شهرتهما في الرجعة سواء أتى بأحدهما وحده كتزوجتك أو مع قبول بصورة العقد "وليقل رددتها إلي أو إلى نكاحي" حتى يكون صريحا; لأن الرد وحده المتبادر منه إلى الفهم ضد القبول فقد يفهم منه الرد إلى أهلها بسبب الفراق فاشترط ذلك في صراحته خلافا لجمع لينتفي ذلك الاحتمال وبه فارق عدم الاشتراط في رجعتك مثلا وقضية كلام الروضة وأصلها أن الإمساك كذلك لكن جزم البغوي كما نقلاه بعد عنه وأقراه بندب ذلك فيه. "والجديد أنه لا يشترط" لصحة الرجعة "الإشهاد" عليها بناء على الأصح أنها في حكم الاستدامة, ومن ثم لم تحتج لولي, ولا لرضاها بل يندب لقوله تعالى
{فَإِذَا

 

ج / 3 ص -421-        بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [البقرة: 234] أي قاربن بلوغه {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وصرفه عن الوجوب إجماعهم على عدمه عند الطلاق فكذا الإمساك ويسن الإشهاد أيضا على الإقرار بها في العدة على الأوجه خوف الإنكار وإذا لم يجب الإشهاد عليها "فتصح بكناية" مع النية كاخترت رجعتك; لأنه يستقل بها كالطلاق وزعم الأذرعي وغيره أن المذهب عدم صحتها بها مطلقا ويظهر أن منها أنت رجعة كأنت طلاق "ولا تقبل تعليقا" كراجعتك إن شئت ولو بفتح إن من غير نحوي, وإن قلنا إنها استدامة كاختيار من أسلم على أكثر من أربع, ولا توقيتا كراجعتك شهرا واستفيد من المتن عدم صحة رجعة مبهمة كما لو طلق إحدى زوجتيه ثم قال راجعت المطلقة; لأن ما لا يقبل التعليق لا يقبل الإبهام "ولا تحصل بفعل كوطء", وإن قصد به الرجعة; لأن ابتداء النكاح لا يحصل بالفعل وبه فارق حصول الإجازة والفسخ به في زمن الخيار; لأن الملك يحصل به كالسبي قيل يرد عليه إشارة الأخرس المفهمة والكتابة فإنها تحصل بهما مع كونهما فعلا ويرد بأنهما ألحقا بالقول في كونهما كنايتين أو الأولى صريحة, وكذا وطء أو تمتع كافر اعتقدوه رجعة وترافعوا إلينا أو أسلموا فنقرهم عليه كما نقرهم في العقد الفاسد بل أولى. "وتختص الرجعة بموطوءة" ولو في الدبر ومثلها مستدخلة ماءه المحترم على المعتمد إذ لا عدة على غيرها والرجعة شرطها العدة, ولا يشترط على المعتمد تحقق وقوع الطلاق عند الرجعة فلو شك فيه فراجع ثم بان وقوعه صحت كما لو زوج أمة أبيه ظانا حياته فبان ميتا "طلقت" بخلاف المفسوخة; لأنها إنما أنيطت في القرآن بالطلاق ولأن الفسخ لدفع الضرر فلا يليق به ثبوت الرجعة والطلاق المقر به أو الثابت بالبينة يحمل على الرجعي ما لم يعلم خلافه "بلا عوض" بخلاف المطلقة بعوض; لأنها ملكت نفسها بما بذلته "لم يستوف عدد طلاقها" فإن استوفى لم تحل إلا بمحلل "باقية في العدة" فتمتنع بعدها ويتردد النظر فيما لو قارنت الرجعة انقضاء العدة وصريح قولهم: لو قال لها أنت طالق مع انقضاء عدتك لم يقع عدم صحة الرجعة حينئذ ثم رأيته مصرحا به وذلك لقوله تعالى {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] فلو بقيت الرجعة بعد العدة لما أبيح النكاح والمراد عدة الطلاق فلو وطئها فيها لم يراجع إلا فيما بقي منها كما يذكره ويلحق بها ما قبلها فلو وطئت بشبهة فحملت ثم طلقها حلت له الرجعة في عدة الحمل السابقة على عدة الطلاق كما رجحه البلقيني لا ما بعد مضي صورتها فيما إذا خالطها فإنه بعد ذلك تمتنع رجعتها, وإن لم تنقض عدتها حقيقة, ومن ثم لحقها الطلاق "محل لحل" أي قابلة لأن تحل للمراجع, وهذا لكونه أعم يغني عن لم يستوف عدد طلاقها فذكره إيضاح "لا" مطلقة أسلمت فراجعها في كفره, وإن أسلم بعد, ولا "مرتدة" أسلمت بعد; لأن مقصود الرجعة الحل وتخلف الزوج أو ردتها تنافيه وصحت رجعة المحرمة لإفادتها نوعا من الحل كالنظر والخلوة. "وإذا ادعت انقضاء عدة أشهر" لكونها آيسة أو لم تحض أصلا "وأنكر صدق بيمينه" لرجوع اختلافهما إلى وقت الطلاق, وهو يقبل قوله في أصله فكذا في وقته إذ من قبل في شيء قبل في صفته, وإنما صدقت بيمينها في العكس كطلقتك في رمضان فقالت

 

ج / 3 ص -422-        بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [البقرة: 234] أي قاربن بلوغه {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وصرفه عن الوجوب إجماعهم على عدمه عند الطلاق فكذا الإمساك ويسن الإشهاد أيضا على الإقرار بها في العدة على الأوجه خوف الإنكار وإذا لم يجب الإشهاد عليها "فتصح بكناية" مع النية كاخترت رجعتك; لأنه يستقل بها كالطلاق وزعم الأذرعي وغيره أن المذهب عدم صحتها بها مطلقا ويظهر أن منها أنت رجعة كأنت طلاق "ولا تقبل تعليقا" كراجعتك إن شئت ولو بفتح إن من غير نحوي, وإن قلنا إنها استدامة كاختيار من أسلم على أكثر من أربع, ولا توقيتا كراجعتك شهرا واستفيد من المتن عدم صحة رجعة مبهمة كما لو طلق إحدى زوجتيه ثم قال راجعت المطلقة; لأن ما لا يقبل التعليق لا يقبل الإبهام "ولا تحصل بفعل كوطء", وإن قصد به الرجعة; لأن ابتداء النكاح لا يحصل بالفعل وبه فارق حصول الإجازة والفسخ به في زمن الخيار; لأن الملك يحصل به كالسبي قيل يرد عليه إشارة الأخرس المفهمة والكتابة فإنها تحصل بهما مع كونهما فعلا ويرد بأنهما ألحقا بالقول في كونهما كنايتين أو الأولى صريحة, وكذا وطء أو تمتع كافر اعتقدوه رجعة وترافعوا إلينا أو أسلموا فنقرهم عليه كما نقرهم في العقد الفاسد بل أولى. "وتختص الرجعة بموطوءة" ولو في الدبر ومثلها مستدخلة ماءه المحترم على المعتمد إذ لا عدة على غيرها والرجعة شرطها العدة, ولا يشترط على المعتمد تحقق وقوع الطلاق عند الرجعة فلو شك فيه فراجع ثم بان وقوعه صحت كما لو زوج أمة أبيه ظانا حياته فبان ميتا "طلقت" بخلاف المفسوخة; لأنها إنما أنيطت في القرآن بالطلاق ولأن الفسخ لدفع الضرر فلا يليق به ثبوت الرجعة والطلاق المقر به أو الثابت بالبينة يحمل على الرجعي ما لم يعلم خلافه "بلا عوض" بخلاف المطلقة بعوض; لأنها ملكت نفسها بما بذلته "لم يستوف عدد طلاقها" فإن استوفى لم تحل إلا بمحلل "باقية في العدة" فتمتنع بعدها ويتردد النظر فيما لو قارنت الرجعة انقضاء العدة وصريح قولهم: لو قال لها أنت طالق مع انقضاء عدتك لم يقع عدم صحة الرجعة حينئذ ثم رأيته مصرحا به وذلك لقوله تعالى {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] فلو بقيت الرجعة بعد العدة لما أبيح النكاح والمراد عدة الطلاق فلو وطئها فيها لم يراجع إلا فيما بقي منها كما يذكره ويلحق بها ما قبلها فلو وطئت بشبهة فحملت ثم طلقها حلت له الرجعة في عدة الحمل السابقة على عدة الطلاق كما رجحه البلقيني لا ما بعد مضي صورتها فيما إذا خالطها فإنه بعد ذلك تمتنع رجعتها, وإن لم تنقض عدتها حقيقة, ومن ثم لحقها الطلاق "محل لحل" أي قابلة لأن تحل للمراجع, وهذا لكونه أعم يغني عن لم يستوف عدد طلاقها فذكره إيضاح "لا" مطلقة أسلمت فراجعها في كفره, وإن أسلم بعد, ولا "مرتدة" أسلمت بعد; لأن مقصود الرجعة الحل وتخلف الزوج أو ردتها تنافيه وصحت رجعة المحرمة لإفادتها نوعا من الحل كالنظر والخلوة. "وإذا ادعت انقضاء عدة أشهر" لكونها آيسة أو لم تحض أصلا "وأنكر صدق بيمينه" لرجوع اختلافهما إلى وقت الطلاق, وهو يقبل قوله في أصله فكذا في وقته إذ من قبل في شيء قبل في صفته, وإنما صدقت بيمينها في العكس كطلقتك في رمضان فقالت

 

ج / 3 ص -423-        إذا طلقت ثم ابتدأها الحيض فلا تحسب; لأن القرء الطهر المحتوش بدمين فأقل الإمكان في حقها ثمانية وأربعون يوما ولحظة; لأنه يزاد على ذلك قدر أقل الحيض والطهر الأولين وتسقط اللحظة الأولى "أو" طلقت "في حيض" أو نفاس "فسبعة وأربعون يوما ولحظة" بأن تطلق آخر حيضها أو نفاسها ثم تطهر وتحيض أقلهما ثم تطهر وتحيض كذلك ثم تطهر الأقل ثم تطعن في الحيض كما مر, ولا يحتاج هنا للحظة الأولى; لأنها ليست من العدة "أو" كانت "أمة" أي فيها رق, وإن قل "وطلقت في طهر فستة عشر يوما ولحظتان" بأن تطلق قبيل آخر طهرها فهذا قرء ثم تحيض وتطهر أقله فهذا ثان ثم تطعن كما مر هذا في غير مبتدأة أما مبتدأة فأقله اثنان وثلاثون يوما ثم لحظة لما مر "أو" طلقت "في حيض" أو نفاس "فأحد وثلاثون" يوما "ولحظة" بأن تطلق آخر حيضها أو نفاسها ثم تطهر وتحيض الأقل ثم تطهر الأقل ثم تطعن في الحيض ولو لم يعلم هل طلقت في الحيض أو الطهر حمل على الحيض كما صوبه الزركشي خلافا للماوردي; لأنه الأحوط ولأن الأصل بقاء العدة "وتصدق" الحرة والأمة في حيضها "إن" أمكن, وفي عدمه لتجب نفقتها وسكناها, وإن تمادت لسن اليأس إن "لم تخالف" فيما ادعته "عادة" لها "دائرة", وهو ظاهر "وكذا إن خالفت" ها "في الأصح"; لأن العادة قد تتغير, وهي مؤتمنة وتحلف إن كذبها فإن نكلت حلف وراجعها وأطال جمع في الانتصار لمقابل الأصح نقلا وتوجيها ونقلا عن الروياني وأقراه أنها لو قالت انقضت عدتي وجب سؤالها عن كيفية طهرها وحيضها وتحليفها عند التهمة لكثرة الفساد ولو ادعت لدون الإمكان ردت ثم تصدق عند الإمكان, وإن استمرت على دعواها الأولى. "ولو وطئ" الزوج "رجعيته" بالهاء كما في خطه, وهي غير حامل ولو مع تعمده وعلمه "واستأنفت الأقراء" أو الأشهر وآثر الأقراء لغلبتها "من وقت" الفراغ من "الوطء" كما هو الواجب عليها "راجع فيما كأن بقي" فإن وطئ بعد قرء أو شهر فله الرجعة في قرأين أو شهرين دون ما زاد ولو حملت من وطئه دخل فيه ما بقي من عدة الطلاق وانقضت عدتها بالوضع, وله الرجعة إليه كما سيذكره في العدد فلا يرد عليه هنا على أنه لا استئناف فهي خارجة بقوله واستأنفت أما وطء الحامل منه فلا استئناف فيه.
"تنبيه" الظاهر أن المراد بفراغ الوطء هنا تمام النزع ويفرق بينه وبين ما مر في مقارنة ابتداء النزع لطلوع الفجر فإنه لا يضر بأن المدار ثم على ما يسمى جماعا وحالة النزع لا تسماه وهنا على مظنة العلوق وما دام من الحشفة شيء في الفرج المظنة باقية فاشترط تمام نزعها.
"ويحرم الاستمتاع بها" أي الرجعية ولو بمجرد النظر; لأن النكاح يبيحه فيحرمه الطلاق; لأنه ضده وتسميته بعلا في الآية لا تستلزمه; لأن نحو المظاهر وزوج الحائض والمعتدة عن شبهة بعل, ولا تحل له "فإن وطئ فلا حد", وإن اعتقد حرمته للخلاف الشهير في إباحته وحصول الرجعة به "ولا يعزر" على الوطء وغيره حتى النظر "إلا معتقد تحريمه" بخلاف معتقد حله والجاهل بتحريمه وذلك لإقدامه على معصية عنده وقول الزركشي لا ينكر إلا مجمع عليه سهو بل ينكر أيضا ما اعتقد الفاعل تحريمه كما صرحوا به نعم فيه إشكال من

 

ج / 3 ص -424-        جهة أخرى; لأنهم صرحوا بأن العبرة بعقيدة الحاكم لا الخصم فحينئذ الحنفي لا يعزر الشافعي فيه, وإن اعتقد تحريمه; لأن الحنفي يرى حله والشافعي يعزر الحنفي إذا رفع له, وإن اعتقد حله عملا بالقاعدة فكيف مع ذلك يصح المتن بإطلاقه فليقيد بما إذا رفع لمعتقد تحريمه أيضا "ويجب" عليه لها بوطئه "مهر مثل إن لم يراجع" للشبهة, ولا يتكرر بتكرر الوطء كما علم مما مر قبيل التشطير لاتحاد الشبهة "وكذا" يجب لها "إن راجع على المذهب"; لأن الرجعة لا ترفع أثر الطلاق وبه فارق ما لو أسلم أحدهما ثم وطئها ثم أسلم المتخلف; لأن الإسلام يرفع أثر التخلف لا يقال الرجعية زوجة فإيجاب مهر ثان يستلزم إيجاب عقد النكاح لمهرين وأنه محال; لأنا نقول ليست زوجة من كل وجه لتزلزل العقد بالطلاق فكان موجبه الشبهة لا العقد. "ويصح إيلاء وظهار" منها "وطلاق" لها ولو بمال فلو قال وله مطلقة رجعية وغير مطلقة كل زوجة لي طالق طلقت الرجعية, وكذا لو قال كل امرأة في عصمتي كما قدمته أخذا من إطلاقهم أن الرجعية زوجة في لحوق الطلاق لها, وأما قول بعضهم في إن وضعت وأنت على عصمتي فلم تضع إلا, وهي رجعية أنها لا تطلق; لأنها ليست على عصمته فلا ينافي ما قلناه لانقضاء عدتها بوضعها فإن أراد أنها لا تطلق, وإن وضعت ما لا تنقضي به عدتها فبعيد من كلامهم إلا أن يحمل على أنه أراد العصمة الحقيقية, ولا أثر لما يتبادر إلى الأفهام في ذلك; لأن المتبادر إليها أنها ليست بزوجة ولم ينظروا لذلك فكذا في مسألتنا "ولعان" منها "ويتوارثان" أي الزوج والرجعية كما قدمه; لأن الرجعية زوجة في هذه الأحكام الخمسة بنص القرآن كما مر عن الشافعي وسيأتي أنه لا يثبت حكم الظهار والإيلاء إلا بعد بالرجعة. "وإذا ادعى والعدة منقضية" جملة حالية "رجعة فيها فأنكرت فإن اتفقا على وقت الانقضاء كيوم الجمعة وقال راجعتك يوم الخميس" مثلا "فقالت بل السبت" مثلا "صدقت بيمينها" أنها لا تعلم أنه راجعها فيه لاتفاقهما على وقت الانقضاء والأصل عدم الرجعة قبله "أو" اتفقا "على وقت الرجعة" كيوم الجمعة "وقالت انقضت الخميس وقال بل" انقضت "السبت صدق بيمينه" أنها ما انقضت يوم الخميس لاتفاقهما على وقت الرجعة والأصل عدم انقضاء العدة قبله "فإن تنازعا في السبق بلا اتفاق" على أحد ذينك "فالأصح ترجيح سبق الدعوى" لاستقرار الحكم بقول السابق "فإن ادعت الانقضاء" أولا "ثم ادعى رجعة قبله صدقت بيمينها" أن عدتها انقضت قبل الرجعة; لأنها لما سبقت بادعائه وجب أن تصدق لقبول قولها فيه من حيث هو فوقع قوله لغوا "أو ادعاها قبل انقضاء" للعدة "فقالت" بتراخ عنه بل إنما راجعت "بعده صدق" بيمينه أنه راجعها قبل انقضائها; لأنه لما سبق بادعائها وجب تصديقه; لأنه يملكها فصحت ظاهرا فوقع قولها بعد ذلك لغوا ومثل ذلك ما لو علم الترتيب دون السابق منهما فيحلف هو أيضا; لأن الأصل بقاء العدة قال ابن عجيل والمراد سبق الدعوى عند الحاكم وقال إسماعيل الحضرمي يظهر من كلامهم أنهم لا يريدونه ورجحه الزركشي فقال الظاهر أن مرادهم أعم من ذلك وتبعه أبو زرعة وغيره هذا كله إذا لم تنكح, وإلا فإن أقام بينة بالرجعة قبل الانقضاء فهي زوجته, وإن وطئها الثاني ولها عليه بوطئه مهر مثل فإن لم يقمها فله تحليفها, وإن لم يقبل

 

ج / 3 ص -425-        إقرارها له على الثاني, ولا تسمع دعواه عليه على الأوجه; لأن الزوجة من حيث هي زوجة ولو أمة لا تدخل تحت اليد, وفيما إذا أقرت أو نكلت فحلف تغرم له مهر المثل; لأنها أحالت بإذنها في نكاح الثاني أو بتمكينها له بين الأول وبين حقه ولو ادعى على مزوجة أنها زوجته فقالت كنت زوجتك فطلقتني جعلت زوجة له لإقرارها له كذا أطلقاه وأطال الأذرعي في رده نقلا وتوجيها ثم حمله على ما إذا لم تعترف للثاني, ولا مكنته, ولا أذنت في نكاحه. "قلت: فإن ادعيا معا" بأن قالت انقضت عدتي مع قوله راجعتك أو قالته عقب قوله كما نقله الرافعي عن جمع وأقرهم "صدقت" بيمينها "والله أعلم"; لأن الانقضاء يتعسر الإشهاد عليه بخلاف الرجعة ولو قالا لا نعلم سبقا, ولا معية فالأصل بقاء العدة وولاية الرجعة, ولا يشكل ما مر بقولهم فيما لو ولدت وطلقها واختلفا في السابق أنهما إن اتفقا على وقت أحدهما فالعكس مما مر فإذا اتفقا على وقت الولادة صدق أو الطلاق صدقت وذلك لاتحاد الحكمين بالعمل بالأصل فيهما, وإن كان المصدق في أحدهما غيره في الآخر, وإن لم يتفقا حلف الزوج لاتفاقهما هنا على انحلال العصمة قبل انقضاء العدة وثم لم يتفقا عليه قبل الولادة فقوي جانب الزوج "ومتى ادعاها والعدة باقية" جملة حالية أيضا "صدق" لقدرته على إنشائها أما بعد العدة, وقد أنكرتها من أصلها فهي المصدقة إجماعا وظاهر المتن أنه لا يمين عليه مطلقا لكن قال الماوردي إن تعلق به حق لها كأن وطئها قبل إقراره بالرجعة لا بد من يمينه وأطلق غيره أنه لا بد من حلفه والذي يتجه بناء حلفه على أن إقراره هل يجعل إنشاء للرجعة, وهو ما صوبه الإسنوي ونقله عن نص الأم أو لا بل يبقى على حقيقته, وهو ما صرح به الإمام واعتمد الأذرعي وأطال فيه فعلى الأول لا وجه لحلفه وعلى الثاني لا بد منه. "ومتى أنكرتها وصدقت ثم اعترفت" بها له قبل أن تنكح "قبل اعترافها"; لأنها جحدت حقا له ثم اعترفت به وفارق ما لو ادعت أنها بنت زيد أو أخته من رضاع ثم رجعت وكذبت نفسها لا يقبل منها بادعائها هنا تأبيد الحرمة فكان أقوى وبأن الرضاع يتعلق بها فالظاهر أنها لا تقر به إلا عن تثبت وتحقق بخلاف الرجعة فإنها قد لا تشعر بها ثم تشعر وبأن النفي قد يستصحب فيه العدم الأصلي بخلاف الإثبات لا يصدر إلا عن تثبت وبصيرة غالبا فامتنع الرجوع عنه كسائر الأقارير قاله الإمام وبنى عليه أنها لو ادعت أنه طلقها فأنكر ونكل عن اليمين فحلفت ثم كذبت نفسها لم تقبل, وإن أمكن لاستناد قولها الأول إلى إثبات ولتأكد الأمر بالدعوى عند الحاكم ولو طلق فقال واحدة وقالت ثلاث ثم صدقته قبلت كما نص عليه وجزم به في الأنوار ورجحه السبكي كما يأتي عن ولده فترثه; لأنها لا يثبت الطلاق بقولها فقبل رجوعها ولأنها لا تبطل به حقا لغيرها وبهذا مع ما يأتي ومع اتفاقهم على أنها لو ادعت انقضاء عدتها قبل أن يراجعها ثم رجعت قبلت يتضح رد قول الأنوار لو ادعت الطلاق فأنكر وحلف ثم أكذبت نفسها لم تقبل. قال البلقيني ولو ادعت أن زوجها طلقها ثلاثا ثم رجعت فقل من ذكرها والأرجح قبول رجوعها; لأن المرأة قد تنسب ذلك لزوجها من غير تحقق انتهى ويؤيده ما مر ويأتي عن السبكي ويفرق بين هذا وعدم قبول رجوعها فيما مر عن الإمام يتأكد الحكم فيه بالدعوى

 

ج / 3 ص -426-        والحلف, وعن رضاع أقرت به بأنه يحتاط للتحريم المؤبد ما لا يحتاط لغيره وبأنها قد تنسب ذلك لزوجها من غير تحقق بخلاف الرضاع لا تقر به إلا عن تحقق أو ظن قوي فاندفع ما قيل القياس منع قبولها على أن بعضهم بحث أنها لو أقرت برضاع ثم ادعت أنه دون الخمس أو بعد الحولين وقالت ظننته محرما قبلت وأفتى ولده الجلال في رجل تزوج امرأة بولاية أبيها وشاهدين بإذنها له فأنكرت الإذن فأثبت القاضي النكاح وأمرها بالتمكين فامتنعت ثم مات الزوج فرجعت بأن لها بعد الرجوع المطالبة بالمهر والإرث, وفي قواعد التاج السبكي عن النص أنه لو أقر بطلاق رجعي وادعت أنه ثلاث ثم صدقته وأكذبت نفسها قبلت فإذا مات ورثته كما قاله أبي في فتاويه, ولا نظر لاعترافها بالثلاث; لأن الشارع ألغاه بل قال أبي في فتاويه أيضا لو خالعها فادعت أنها ثالثة ثم رجعت وزوجت منه بغير محلل فالأقرب ثبوت الزوجية والإرث انتهى. ويوافقه قول أبي زرعة في فتاويه ذكرت أنه طلقها ثلاثا فأنكر ثم أبانها لم يجز إذ نها في العود إليه بلا محلل إلا إن أكذبت نفسها قبل الإذن كما لو ادعت التحليل فكذبها ثم أراد العقد عليها لا بد أن يصدقها ا هـ ويظهر أنه لا يحتاج للتلفظ بالتكذيب ثم والتصديق هنا بل يكتفى في الظاهر بالإذن ثم والعقد هنا لتضمنهما للتكذيب والتصديق ومر في النكاح أنه لو قال هذه زوجتي فأنكرت ثم مات فرجعت ورثته.
"وإذا طلق دون ثلاث وقال وطئت فلي الرجعة وأنكرت" وطأه "صدقت بيمين" أنه ما وطئها, ولا رجعة له, ولا نفقة لها, ولا سكنى; لأن الأصل عدم الوطء, وإنما قبل دعوى عنين ومولى له لثبوت النكاح, وهي تريد تزيله بدعواها والأصل عدم مزيله وهنا قد تحقق الطلاق, وهو يدعي مثبت الرجعة قبل الطلاق والأصل عدمه وبه فارق ما مر قبيل فصل قال: أنت طالق وأشار بإصبعين وليس له نكاح أختها, ولا أربع سواها مؤاخذة له بإقراره "وهو مقر لها بالمهر فإن قبضته فلا رجوع له"; لأنه مقر باستحقاقها لجميعه "وإلا" تكن قبضته "فلا تطالبه إلا بنصف" لإقرارها أنها لا تستحق غيره فلو أخذته ثم أقرت بوطئه لم تأخذ النصف الآخر إلا بإقرار ثان منه هذا في صداق دين أما عين امتنع من قبول نصفها فيلزم بقبوله أو إبرائها منه أي تمليكه لها بطريقه بأن يتلطف القاضي به نظير ما مر في الوكالة فإن صمم فيظهر أن القاضي يقسمها فيعطيها نصفها ويوقف النصف الآخر تحت يده إلى الصلح أو البيان.