تحفة المحتاج بشرح المنهاج ط العلمية

ج / 4 ص -282-        كتاب المسابقة
على نحو الخيل ويسمى الرهان وقد تعم ما بعدها بل ظاهر كلام الأزهري أنها موضوعة لهما فعليه العطف الآتي عطف خاص على عام من السبق بالسكون أي التقدم وأما بالتحريك فهو المال الذي يوضع بين السباق كالقبض بالتحريك ما يقبض من المال "والمناضلة" على نحو السهام من نضل بمعنى غلب والأصل فيهما قبل الإجماع قوله تعالى:
{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] صح أنه صلى الله عليه وسلم فسرها بالرمي وأنه سابق بين الخيل الجيدة إلى خمسة أميال وغيرها إلى ميل.
"هما" أي كل منهما بقصد التأهب للجهاد "سنة" للرجال المسلمين لما ذكر دون النساء والخناثى لعدم تأهلهما لهما أي تحرم بمال لا بغيره على الأوجه لما يأتي في سباق عائشة ويكره كراهة شديدة لمن عرف الرمي وتركه لخبر
مسلم "من تعلم الرمي ثم تركه فليس منا أو قد عصى" والمناضلة آكد للآية ولخبر السنن "ارموا أو اركبوا وأن ترموا خير لكم من أن تركبوا"، ولأنه ينفع في المضيق والسعة قال الزركشي وينبغي أن يكونا فرضي كفاية لأنهما وسيلتان له ا هـ. ويجاب بأنهما ليسا وسيلتين لأصله الذي هو الفرض بل لإحسان الإقدام والإصابة الذي هو كمال فاتجه ما قالوه إما بقصد مباح فمباحان أو حرام كقطع طريق فحرامان، "ويحل أخذ عوض عليهما" لأخبار فيه ويأتي بيانه وشرط باذله لا قابله إطلاق التصرف فيمتنع على الولي صرف شيء من مال موليه فيه لأنه ليس مظنة للتعلم بخلاف تعلم صنعة أو نحو قرآن وصح خبر لا سبق أي بالفتح وقد تسكن "إلا في خف أو حافر أو نصل"، "وتصح المناضلة على سهام" عربية وهي النبل وعجمية وهي النشاب وعلى جميع أنواع القسي والمسلات والإبر "وكذا مزاريق" وهي رماح قصار "ورماح" عطف عام على خاص "ورمي بأحجار" بيد أو مقلاع "ومنجنيق" بفتح الميم والجيم على الأشهر عطف خاص على عام "وكل نافع في الحرب" غير ما ذكر كالتردد بالسيوف والرماح "على المذهب"، لأن كل نافع فيه في معنى السهم المنصوص عليه فحل بعوض وغيره وإنما يحل الرمي إلى غير الرامي أما رمي كل لصاحبه فحرام قطعا لأنه يؤذي كثيرا ومحله إن لم يكن عندهما حذق يغلب على ظنهما سلامتهما وإلا حل أخذا من قول المصنف في فتاويه في البيع وإذا اصطاد الحاوي الحية ليرغب الناس في اعتماد معرفته وهو حاذق في صنعته ويسلم منها في ظنه ولسعته لم يأثم ويؤخذ من كلامه هذا أيضا حل أنواع اللعب الخطرة من الحذاق بها الذين تغلب سلامتهم منها ويحل التفرج عليهم حينئذ ويؤيده قول بعض أئمتنا في الحديث الصحيح "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" وفي رواية: "فإنه كانت فيهم أعاجيب" هذا دال على حل سماع تلك الأعاجيب للفرجة لا للحجة ا هـ ومنه يؤخذ حل سماع الأعاجيب والغرائب من كل ما لا يتيقن كذبه

 

ج / 4 ص -283-        بقصد الفرجة بل وما يتيقن كذبه لكن قصد به ضرب الأمثال والمواعظ وتعليم نحو الشجاعة على ألسنة آدميين أو حيوانات وتردد الأذرعي في إلحاق الثقاف بالنافع المذكور، لأن كلا يحرص على إصابة صاحبه ثم رجح جوازه لأنه ينفع في الحرب ومحله حيث لم يكن فيه الخصام المعروف عند أهله لحرمته اتفاقا وخرج برميه إشالته باليد ويسمى العلاج ومراماته والأكثرون على حرمته بمال "لا" مسابقة بمال "على كرة صولجان" أي محجن وهو خشبة محنية الرأس "وبندق" أي رمي به بيد أو قوس "وسباحة" وغطس بماء اعتيد الاستعانة به في الحرب وكان وجه هذا التقييد في هذا فقط أنه يتولد منه الضرر بل الموت بخلاف نحو السباحة "وشطرنج" بكسر أو فتح أوله المعجم أو المهمل "وخاتم ووقوف على رجل" وكذا شباك على الأوجه "ومعرفة ما بيده" من زوج أو فرد وكذا سائر أنواع اللعب كمسابقة بسفن أو إقدام لعدم نفع كل ذلك في الحرب أي نفعا له وقع يقصد فيه أما بغير مال فيباح كل ذلك وقد صرح الصيمري بجواز اللعب بالخاتم وصح أنه صلى الله عليه وسلم سابق عائشة فمرة سبقته ومرة سبقها لما حملت اللحم وقال: "هذه بتلك"، "وتصح المسابقة" بعوض "على خيل" وإبل تصلح لذلك وإن لم تكن مما يسهم لها "وكذا فيل وبغل وحمار في الأظهر" لعموم الخف والحافر في الخبر لكل ذلك أما بغير عوض فيصح قطعا "لا" على بقر أي بعوض وبه يعلم جواز ركوب البقر ولا على نحو مهارشة ديكة ومناطحة كباش ولو بلا عوض اتفاقا لأنه سفه ومن فعل قوم لوط ولا على "طير وصراع" بكسر أوله وقد يضم بعوض فيهما "في الأصح" لعدم نفعهما في الحرب ومصارعته صلى الله عليه وسلم ركانة على شياه المروية في مراسيل أبي داود إنما كانت ليريه عجزه فإنه كان لا يصرع حتى يسلم ومن ثم لما صرعه فأسلم رد عليه غنمه أما بلا عوض فيصح جزما، "والأظهر أن عقدهما" المشتمل على إيجاب وقبول أي المسابقة والمناضلة بعوض منهما أو من أحدهما أو من غيرهما "لازم" كالإجارة لكن من جهة ملتزم العوض فقط ووقع في الأنوار أن الصحيح هنا مضمون دون الفاسد ورد بأن المرجح وجوب أجرة المثل في الفاسدة "لا جائز" من جهته بخلاف غيره ك المحلل الآتي أما بلا عوض فجائز جزما وعلى لزومه "فليس لأحدهما" الذي هو ملتزمه ولا للأجنبي الملتزم أيضا "فسخه" إلا إذا ظهر عيب في عوض معين وقد التزم كل منهما كما في الأجرة نعم لا يجب التسليم هنا قبل المسابقة لخطر شأنها بخلاف الإجارة كذا فرق شارح وليس بالواضح وأوضح منه إن ثم عوضا يقبضه حالا فلزمه الإقباض قبل الاستيفاء ولا كذلك هنا أما هما فلهما الفسخ مطلقا وكأنهم إنما لم ينظروا للمحلل فيما إذا اتفق الملتزمان على الفسخ لأنه إلى الآن لم يثبت له حق ولا التزام منه "ولا ترك العمل قبل شروع وبعده" من منضول مطلقا وناضل أمكن أن يدرك ويسبق وإلا جاز له لأنه ترك حق نفسه "ولا زيادة ونقص فيه" أي العمل "ولا في مال" ملتزم بالعقد وإن وافقه الآخر إلا أن يفسخاه ويستأنفا عقدا.
"وشرط المسابقة" من اثنين مثلا "علم" المسافة بالذرع أو المشاهدة و "الموقف" الذي يجريان منه "والغاية" التي يجريان إليها هذا إن لم يغلب عرف وإلا لم يشترط شيء فما

 

ج / 4 ص -284-        غلب فيه العرف وعرفه المتعاقدان يحمل المطلق عليه كما يأتي في نظيره "وتساويهما فيهما" فلو شرط تقدم أحدهما فيهما أو في أحدهما امتنع لأن القصد معرفة الأسبق وهو لا يحصل مع ذلك ويجوز أن يعينا غاية إن أتفق سبق عندها وإلا فغاية أخرى عيناها بعدها إلا أن يتفقا على أنه إن وقع سبق في نحو وسط الميدان وقفا عن الغاية لأن السابق قد يسبق ولا أن المال لمن سبق بلا غاية "وتعيين" الراكبين كالراميين بإشارة لا وصف و "الفرسين" مثلا بإشارة أو وصف سلم، لأن القصد امتحان سيرهما "و" لهذا "يتعينان" إن عينا بالعين وكذا الراكبان والراميان كما يأتي فيمتنع إبدال أحدهما فإن مات أو عمي أو قطعت يده مثلا أبدل الموصوف وانفسخ في المعين نعم في موت الراكب يقوم وارثه ولو بنائبه مقامه فإن أبى استأجر عليه الحاكم وظاهر أن محله إن كان مورثه لا يجوز له الفسخ لكونه ملتزما ويفرق بين الراكب والرامي بأن القصد جودة هذا فلم يقم غيره مقامه ومركوب ذاك فقام غيره مقامه وعند نحو مرض أحدهما ينتظر إن رجي أي وإلا جاز الفسخ إلا في الراكب فيبدل فيما يظهر "وإمكان" قطعهما المسافة و "سبق كل واحد" منهما لا على ندور وكذا في الراميين فإن ضعف أحدهما بحيث يقطع بتخلفه أو يندر سبقه لم يجز لأنه عبث لكن نقلا عن الإمام فيه تفصيلا واستحسناه وهو الجواز إن أخرجه من يقطع بتخلفه أو سبقه لأنه حينئذ مسابقة بلا مال فإن أخرجاه معا ولا محلل وأحدهما يقطع بسبقه فالسابق كالمحلل لأنه لا يغرم شيئا وشرط المال من جهته لغو وعلم من هذا اشتراط اتحاد الجنس لا النوع وإن تباعد النوعان إن وجد الإمكان المذكور نعم يجوز بين بغل وحمار لتقاربهما ومنه يؤخذ أن الكلام في بغل أحد أبويه حمار "والعلم بالمال المشروط" برؤية المعين ووصف الملتزم في الذمة كما مر في الثمن فإن جهل فسد واستحق السابق أجرة المثل وركوبهما لهما فلو شرطا جريهما بأنفسهما فسد واجتناب شرط مفسد كإطعام السبق لأصحابه أو إن سبقه لا يسابقه إلى شهر وإسلامهما كما بحثه البلقيني، لأن مبيحه غرض الجهاد وإطلاق التصرف في مخرج المال فقط كما مر، لأن الآخر إما آخذ أو غير غارم، "ويجوز شرط المال من غيرهما بأن يقول الإمام أو أحد الرعية من سبق منكما فله في بيت المال" كذا هذا خاص بالإمام "أو" فله "علي كذا" هذا عام فيهما خلافا لمن زعم تخصيص هذا بغير الإمام لما في ذلك من الحث على الفروسية وبذل مال في قربة ومنه يؤخذ ندب ذلك "و" يجوز شرطه من أحدهما ف "يقول إن سبقتني فلك علي كذا أو سبقتك فلا شيء" لي "عليك" إذ لا قمار، "فإن شرط أن من سبق منهما فله على الآخر كذا لم يصح" لتردد كل بين أن يغنم أو يغرم وهو القمار المحرم "إلا بمحلل" يكافئهما في المركوب وغيره و "فرسه" مثلا المعين "كفء" بتثليث أوله أي مساو "لفرسهما" إن سبق أخذ مالهما وإن سبق لم يغرم شيئا وكأنه حذف هذا من أصله للعلم به من لفظ المحلل فحينئذ يصح للخبر الصحيح "من أدخل فرسا بين فرسين وهو لا يؤمن أن يسبق فليس بقمار ومن أدخل فرسا بين فرسين وقد أمن أن يسبق فهو قمار"، فإذا كان قمارا عند الأمن من سبق فرس المحلل فعند عدم المحلل أولى وقوله فيه بين فرسين للغالب، فيجوز كونه

 

ج / 4 ص -285-        بجنب أحدهما إن رضيا وإلا تعين التوسط ويكفي محلل واحد بين أكثر من فرسين فالتثنية في المتن على طبق الخبر وسمي محللا لأنه أحل العوض منها أما إذا لم يكافئ فرسه فرسيهما فلا يصح نظير ما مر "فإن سبقهما أخذ المالين" سواء أجاءا معا أو مرتبا "وإن سبقاه وجاءا معا" ولم يسبق أحد "فلا شيء لأحد وإن جاء مع أحدهما" وتأخر الآخر "فمال هذا" الذي جاء معه "لنفسه" لأنه لم يسبق "ومال المتأخر للمحلل والذي معه" لأنهما سبقاه "وقيل للمحلل فقط" بناء على أنه محلل لنفسه فقط والأصح أنه محلل لنفسه وغيره "وإن جاء أحدهما ثم المحلل ثم الآخر" أو سبقاه وجاءا مرتبين أو سبقه أحدهما وجاء مع المتأخر "فمال الآخر للأول في الأصح" لسبقه لهما فعلم من كلامه حكم جميع الصور الثمانية التي ذكروها أن يسبقهما وهما معا أو مرتبا أو يسبقاه وهما معا أو مرتبا أو يتوسطهما أو يصاحب أولهما أو ثانيهما أو يأتي الثلاثة معا، "وإن تسابق ثلاثة فصاعدا وشرط" من رابع "للثاني" عليه "مثل الأول فسد" العقد، لأن كلا لا يجتهد في السبق لوثوقه بالمال سبق أو سبق والأصح في الروضة كالشرحين الصحة لأن كلا يجتهد أن يكون أولا أو ثانيا ليفوز بالعوض ومن ثم لو كانا اثنين فقط وشرط للثاني مثل الأول أو ثلاثة وشرط للثاني أكثر من الأول فسد واعتمد البلقيني الأول "و" إذا شرط للثاني "دونه" أي الأول "يجوز في الأصح"، لأن كلا يجتهد أن يكون أولا ليفوز بالأكثر ولو كانوا عشرة وشرط لكل واحد سوى الأخير مثل أو دون من قبله جاز على ما في الروضة، "وسبق إبل" وكل ذي خف كفيل عند إطلاق العقد "بكتف" أو بعضه عند الغاية عبارة الروضة كالشافعي والجمهور بكتف وهو بفتح الفوقية أشهر من كسرها مجمع الكتفين بين أصل الظهر والعنق ويسمى بالكاهل قيل مآل العبارتين واحد وآثر المتن الكتف لأنه أشهر وذلك لأنها ترفع أعناقها في العدو والفيل لا عنق له فتعذر اعتباره "وخيل" وكل ذي حافر "بعنق" أو بعضه عند الغاية لأنها لا ترفعه ومن ثم لو رفعته اعتبر فيها الكتف كما بحثه البلقيني وصرح به جمع متقدمون ولو اختلف طول عنقهما فسبق الأطول أو الأقصر بتقدمه بأكثر من قدر الزائد وهذا في سبق الأطول واضح وأما في سبق" الأقصر فهو محتمل والذي يتجه أنه يكفي أن يجاوز عنقه بعض زيادة الأطول لا كلها "وقيل" السبق "بالقوائم فيهما" أي الإبل والخيل، لأن العدو بها والعبرة بالسبق عند الغاية لا قبلها ولو عثر أو ساخت قوائمه بالأرض أو وقف لمرض فتقدم الآخر لم يكن سابقا، "ويشترط للمناضلة" أي فيها "بيان أن الرمي مبادرة وهي أن يبدر" بضم الدال أي يسبق "أحدهما بإصابة" الواحد أو "العدد المشروط" إصابته من عدد معلوم كعشرين من كل مع استوائهما في العدد المرمي أو اليأس من استوائهما في الإصابة فلو شرط أن من سبق لخمسة من عشرين فله كذا فرمى كل عشرين أو عشرة تميز أحدهما بإصابة الخمسة فهو الناضل وإلا فلا فإن أصاب أحدهما خمسة من عشرين والآخر أربعة من تسعة عشر تممها لجواز أن يصيب في الباقي أو ثلاثة فلا ليأسه من الاستواء في الإصابة مع استوائهما في رمي عشرين "أو محاطة" بتشديد الطاء "وهي أن تقابل إصاباتهما" من عدد معلوم كعشرين من كل "ويطرح المشترك" بينهما من

 

ج / 4 ص -286-        الإصابات "فمن زاد" منهما بواحد أو "بعدد كذا" كخمس "فناضل" للآخر والمعتمد في أصل الروضة والشرح الصغير أنه لا يشترط لصحة العقد بيان ما ذكر بل يكفي إطلاقه ويحمل على المبادرة وإن جهلاها لأنها الغالب ويفرق بين هذا وما يأتي قريبا بأن الجهل بهذا نادر جدا فلم يلتفت إليه، "و" يشترط للمناضلة بناء على خلاف المعتمد المذكور "بيان عدد ثوب الرمي" في كل من المحاطة والمبادرة لينضبط العمل إذ هذا وما بعده هنا كالميدان في المسابقة وذلك كأربع نوب كل نوبة خمسة أسهم وكسهم سهم أو اثنين اثنين ويجوز شرط تقدم واحد بجميع سهامه فإن أطلقا حمل على سهم سهم كما قالاه وبه يعلم ضعف ما في المتن كما تقرر أما بيان عدد ما يرميه كل فهو شرط مطلقا "و" بيان عدد "الإصابة" كخمسة من عشرين، لأن الاستحقاق بها وبها يتبين حذق الرامي وقضية المتن أنهما لو قالا نرمي عشرة فمن أصاب أكثر من صاحبه فناضل لم يصح لكن جزم الأذرعي بخلافه فعليه لا يشترط بيان هذا كالذي قبله ويشترط إمكانها فإن ندر كعشرة أو تسعة من عشرة وكشدة صغر الغرض أو بعده فوق مائتين وخمسين ذراعا أي بذراع اليد المعتدلة كما هو ظاهر من قياس نظائره ثم رأيت شارحا صرح به لم يصح والتحديد بذلك إنما يأتي على عرف السلف وأما الآن فقد أتقنت القسي حتى صار الحاذق يرمي أضعاف ذلك العدد فلا يبعد التقدير لكل قوم بما هو الغالب في عرفهم أو تيقن كواحد من مائة لحاذق فكذلك على الأوجه لأنها عبث ويشترط اتحاد جنس ما يرمى به لا كسهم مع مزراق والعلم بما شرط وتقارب المتناضلين في الحذق وتعيينها كالموقف والاستواء فيه "و" بيان علم الموقف والغاية و "مسافة الرمي" بالذرع أو المشاهدة حيث لا عادة وقصدا غرضا وإلا لم يحتج لبيان ذلك وينزل على عادة الرماة الغالبة ثم إن عرفاها وإلا اشترط بيانها ويصح رجوع قوله الآتي إلا أن يعقد إلى آخره لهذا أيضا فحينئذ لا اعتراض عليه ولو تناضلا على أن يكون السبق لا بعدهما رميا ولم يقصدا غرضا صح إن استوى السهمان خفة ورزانة والقوسان شدة ولينا "وقدر الغرض" المرمي إليه من نحو خشب أو قرطاس أو دائرة "طولا وعرضا" وسمكا وارتفاعا من الأرض لاختلاف الغرض بذلك "إلا أن يعقد بموضع فيه غرض معلوم فيحمل" العقد "المطلق" عن بيان غرض "عليه" أي الغرض المعتاد نظير ما مر في المسافة ويبينان أيضا موضع الإصابة أهو الهدف أم الغرض المنصوب فيه أم الدارة في الشن أم الخاتم في الدارة إن قلنا بصحة شرطه "وليبينا" ندبا "صفة الرمي" المعلق بإصابة الغرض "من قرع" بسكون الراء "وهو إصابة الشن" المعلق وهو بفتح أوله المعجم الجلد البالي والمراد هنا مطلق الغرض "بلا خدش" له أي أنه يكفي فيه ذلك لا إن ما بعده يضر وكذا في الباقي "أو خزق" بفتح فسكون للمعجمتين "وهو أن يثقبه ولا يثبت فيه أو خسق" بفتح للمعجمة فسكون للمهملة فقاف "وهو أن يثبت" فيه أو في بعض طرفه ويسمى جزما وإن سقط بعد وقد يطلق الخسق على المرق وجريا عليه في موضع "أو مرق" بالراء "وهو أن ينفذ" بالمعجمة منه ويخرج من الجانب الآخر والحوابي من حبا الصبي وهو أن يقع السهم بين يدي الغرض ثم يثبت إليه ولا يتعين ما عيناه من هذه مطلقا،

 

ج / 4 ص -287-        بل كل يغني عنها ما بعدها كما مر فالقرع يغني عنه الخزق وما بعده والخزق يغني عنه الخسق وما بعده وهكذا والعبرة بإصابة النصل كما يأتي "فإن أطلقا" العقد عن ذكر واحد من هذه "اقتضى القرع" لأنه المتعارف وبه يعلم أن الأمر في قوله وليبينا للندب كما مر دون الوجوب وإلا لم يصح مع الإطلاق، "ويجوز عوض المناضلة من حيث يجوز عوض المسابقة بشرطه" فيجوز من غيرهما ومن أحدهما وكذا منهما بمحلل كفء لهما فإن كانا حزبين فكل حزب كشخص "ولا يشترط تعيين قوس وسهم" بعينه ولا نوعه، لأن الاعتماد على الرامي بخلاف الفرس فإن أطلقا واتفقا على شيء وإلا فسخ العقد "فإن عين" قوس أو سهم بعينه "لغا" تعيينه "وجاز إبداله بمثله" من ذلك النوع وإن لم يحدث فيه خلل بخلاف الفرس أما بغير نوعه فلا يجوز إلا بالرضا "فإن شرط منع إبداله فسد العقد" لأنه يخالف مقتضاه إذ قد يعرض للرامي أمر خفي يحوجه إليه ففي منعه منه تضييق، "والأظهر اشتراط بيان البادئ بالرمي" مطبقا وإن أطال البلقيني في خلافه لاشتراط الترتيب بينهما فيه لئلا يشتبه المصيب بالمخطئ لو رميا معا، "ولو حضر جمع للمناضلة فانتصب" منهم برضاهم "زعيمان" فلا يكفي واحد "يختاران" قبل العقد "أصحابا" أي هذا واحدا ثم هذا واحدا وهكذا لئلا يستوعب أحدهما الحذاق ويبدأ بالتعيين من رضياه وإلا فالقرعة ثم يتوكل كل عن حزبه في العقد ثم يعقدان "جاز" إذ لا محذور فيه وفي البخاري ما يدل له وكل حزب إصابة وخطأ كشخص واحد في جميع ما مر فيه فمن ذلك أنه يشترط حزب ثالث محلل كفء لكل منهما عددا ورميا إن بذلا مالا وتساويهما في عدد الإرشاق والإصابات وانقسام المجموع عليهم صحيحا فإن تحزبوا ثلاثة وثلاثة أو أربعة وأربعة اشترط أن يكون للعدد ثلث أو ربع صحيح كالثلاثين والأربعين "ولا يجوز شرط تعيينهما" الأصحاب "بقرعة" لأنها قد تجمع الحذاق في جانب فيفوت المقصود نعم إن ضم حاذق إلى غيره وفي كل جانب وأقرع فلا بأس قاله الإمام وهو ظاهر لانتفاء المحذور المذكور "فإن اختار" أحد الزعيمين "غريبا ظنه راميا فبان خلافة" أي غير محسن لأصل الرمي "بطل العقد فيه وسقط من الحزب الآخر واحد" في مقابلته ليتساويا وهو كما قاله جمع متقدمون واعتمده البلقيني وغيره ما اختاره زعيمه في مقابلته لما مر أن كل زعيم يختار واحدا ثم الآخر في مقابلته واحدا وهكذا ويرد بأنه لو كان الأمر كما قاله هؤلاء لم يتأت قولهم الآتي وتنازعوا فيمن يسقط بدله فتأمله أما لو بان ضعيفه فلا فسخ لحزبه أو فوق ما ظنوه فلا فسخ للحزب الآخر "وفي بطلان" العقد في "الباقي قولا" تفريق "الصفقة" وأصحهما الصحة فيصح هنا "فإن صححنا فلهم جميعا الخيار" بين الفسخ والإجازة للتبعيض "فإن أجازوا وتنازعوا فيمن يسقط بدله فسخ العقد" لتعذر إمضائه، "وإذا نضل حزب قسم المال" بينهم "بحسب الإصابة" لأنهم استحقوا بها "وقيل" وهو الأصح في أصل الروضة والأشبه في الشرحين بل قال الإسنوي إن ترجيح الأول سبق قلم يقسم بينهم "بالتسوية" لأنهم كشخص واحد كما أن المنضولين يغرمون بالسوية ويمكن حمل الأول لولا مقابله المذكور على ما إذا شرط المال بحسب الإصابة فإنه يتبع، "ويشترط في الإصابة المشروطة أن

 

ج / 4 ص -288-        تحصل بالنصل" الذي في السهم دون فوقه وعرضه بالضم لأنه المتعارف نعم إن قارن ابتداء رمية ريح عاصفة لم يحسبه له إن أصاب ولا عليه إن أخطأ لقوة تأثيرها "فلو تلف وتر أو قوس" ولو مع خروجه بلا تقصيره ولا سوء رمية كأن حدثت ريح عاصفة أو علة بيده "أو عرض شيء" كبهيمة "انصدم به السهم وأصاب" الغرض في كل ذلك "حسب له"، لأن الإصابة مع ذلك تدل على جودة الرمي وقوة الساعد "وإلا" يصبه "لم يحسب عليه" لعذره فيعيد رمية إما بتقصيره أو سوء رميه فيحسب عليه، "ولو نقلت ريح الغرض" عن محله "فأصاب موضعه حسب له" إذ لو كان فيه لأصابه "وإلا" يصب موضعه "فلا يحسب عليه" إحالة على السبب العارض وهذا في بعض نسخ أصله قال الأذرعي وهو سبق قلم والذي في أكثرها الاقتصار على قوله فلا أي فلا يحسب له كما هو قضية السياق وهذان يخالفان قول الروضة وغيرها حسب عليه لا له وإن أصابه في المحل المنتقل إليه فإن قلت هل يمكن فرض عبارة الروضة في غير صورة المنهاج لتصح كأن تحمل الأولى على انتقاله قبل الرمي والثانية على انتقاله بعده كطروء الريح بعده والفرق أنه في الأول مقصر بخلافه في الثاني قلت نعم يمكن ذلك ثم رأيت بعضهم صرح به وقال معنى قول الشارح ولا ترد على عبارة المنهاج أن عبارته ليست شاملة لها وظن كثيرون اتحاد صورتي الروضة والمنهاج فأطالوا في الاعتراض عليه، "ولو شرط خسق فثقب" السهم الغرض "وثبت" فيه "ثم سقط أو لقي صلابة" منعته من ثقبه "فسقط حسب له" لعذره ويسن جعل شاهدين عند الغرض ليشهدا على ما يريانه من إصابة وغيرها وليس لهما ولا لغيرهما مدح أو ذم أحدهما مطلقا لأنه يخل بالنشاط.