تحفة المحتاج بشرح المنهاج ط العلمية

ج / 4 ص -494-        كتاب التدبير
هو لغة: النظر: في عواقب الأمور وشرعا: تعليق عتق بالموت وحده، أو مع شيء قبله من الدبر؛ لأن الموت دبر الحياة ولا يرد عليه العتق من رأس المال في إذا مت فأنت حر قبل موتي بشهر، أو يوم مثلا فمات فجأة؛ لأنه ليس تعليقا بالموت وإنما يتبين به أنه عتق قبله فعلم أنه متى علقه بوقت قبل الموت، أو بعده كان محض تعليق لا تدبير فلا يرجع فيه بالقول قطعا ويعتق من رأس المال إن خلا الوقت عن مرض الموت، أو زاد على مدته كما يأتي وأصله قبل الإجماع تقريره صلى الله عليه وسلم لمن دبر غلاما لا يملك غيره عليه. وأركانه: مالك وشرطه: تكليف إلا في السكران واختيار، ومحل، وشرط كونه قنا غير أم ولد كما يعلمان من كلامه، وصيغة وشرطها: الإشعار به لفظا كانت، أو كتابة، أو إشارة وهي صريح أو كناية و "صريحه" ألفاظ: منها "أنت حر بعد موتي، أو إذا مت، أو متى مت فأنت حر"، أو عتيق "أو أعتقتك"، أو حررتك "بعد موتي" ونحو ذلك من كل ما لا يحتمل غيره. ونازع البلقيني في إذا مت أعتقتك، أو حررتك بأنه وعد نحو إن أعطيتني ألف درهم طلقتك ويجاب بأن ما بعد الموت لا يحتمل الوعد، بخلاف ما في الحياة على أن ما أطلقه في طلقتك مر فيه ما يرده "وكذا دبرتك، أو أنت مدبر على المذهب"؛ لأن التدبير معروف في الجاهلية وقرره الشرع واشتهر في معناه فلا يستعمل في غيره وبه فارق ما يأتي في كاتبتك أنه لا بد أن يضم له فإذا أديت فأنت حر، أو نحوه. ويصح تدبير نحو نصفه، أو بعضه فيعينه وارثه ولا يسري لا نحو يده كما اقتضاه كلام الرافعي واعتمده الزركشي وغيره ويفرق بينه وبين العتق بأنه أقوى فأثر التعبير فيه بالبعض عن الجملة، بخلاف التدبير، ومن ثم لو قال: إن مت فيدك حرة فمات عتق كله؛ لأن هذا يشبه العتق المنجز من حيث لزومه بالموت، بخلاف دبرتها، "ويصح بكناية عتق" وهي ما يحتمل التدبير وغيره "مع نية كخليت سبيلك بعد موتي" أو إذا مت فأنت حرام، أو مسيب ونحو ذلك؛ لأنه نوع من العتق فدخلته كنايته، ومن الكناية هنا صريح الوقف كحبستك بعد موتي، فإن قلت: هذا صريح في الوصية بالوقف من الثلث بعد الموت كما مر وما كان صريحا في بابه ووجد نفاذا في موضوعه لا يكون كناية في غيره قلت: الوصية، والتدبير متحدان، أو قريبان من الاتحاد كما يعلم مما يأتي فصحت نية التدبير بصريح الوصية القريبة لذلك، "ويجوز" التدبير "مقيدا" بصفة "كإن مت في هذا الشهر، أو" هذا "المرض فأنت حر" فإن وجدت الصفة المذكورة ومات عتق وإلا فلا. ونبه بقوله: في هذا الشهر على أنه لا بد من إمكان حياته المدة المعينة عادة فنحو إن مت بعد ألف سنة فأنت حر باطل "ومعلقا" على شرط آخر غير الموت "كإن دخلت" الدار "فأنت حر بعد موتي"؛ لأنه إما وصية، أو تعليق عتق بصفة وكل منهما يقبل التعليق "فإن وجدت الصفة ومات عتق وإلا" توجد "فلا" يعتق. "ويشترط الدخول قبل موت السيد" كما هو صريح لفظه فإن

 

ج / 4 ص -495-        مات قبل الدخول بطل التعليق فعلم أنه لا يصير مدبرا إلا بعد الدخول "فإن قال: إن"، أو إذا "مت ثم دخلت فأنت حر" كان تعليق عتق بصفة و "اشترط دخول بعد الموت" عملا بقضية ثم، ومن ثم لو أتى بالواو وأطلق أجزأ الدخول قبل الموت، ومن جعلها كثم جرى على الضعيف أنها للترتيب كما أفاده كلامهما في الطلاق "وهو" أي: الدخول بعد الموت "على التراخي" بمعنى أنه لا يشترط فيه الفور لا أنه يشترط التراخي، وإن كان قضية ثم. ويوجه بأن خصوص التراخي لا غرض فيه يظهر غالبا فألغوا النظر إليه، بخلاف الفور في الفاء؛ إذ لو عبر بها اشترط اتصال الدخول بالموت، ومن التدبير المقيد لا المعلق خلافا لبعضهم أن يقول: إذا مت، أو متى، أو إن مت فأنت حر وإن، أو إذا، أو متى دخلت، أو شئت مثلا فإن نوى شيئا عمل به وإلا حمل على الدخول، أو المشيئة عقب الموت؛ لأنه السابق إلى الفهم هنا من تأخير المشيئة عن ذكره وهنا في شرح الإرشاد الكبير ما يتعين الوقوف عليه. وأخذت من اعتبارهم السابق إلى الفهم هنا ما أفتيت به فيمن قال في مرض موته: عبدي مدبر على، والدتي فإن السابق إلى الفهم منه أنه علق عتقه على خدمتها بعد موته إلى أن تموت فيعتق حينئذ. "وليس للوارث بيعه" ونحوه من كل مزيل للملك "قبل الدخول" وعرضه عليه؛ إذ ليس له إبطال تعليق الميت، وإن كان للميت أن يبطله، نعم له تنجيز عتقه كما صوبه شارح؛ لأن القصد عتقه كيف كان وفيه نظر إذا كان يخرج كله من الثلث لما يلزم عليه من إبطال الولاء للميت وهذا مقصود أي مقصود فالذي يتجه حينئذ أنه لا ينفذ منه، فإن قلت: لو استغرق ونوى بالعتق تنفيذ وصية الميت فلم لم ينفذ لبقاء الولاء على حاله للميت حينئذ ؟ قلت: لا يتصور وقوع العتق للميت إلا إن عتق بما علق عليه وعتق الوارث وإن نوى به ذلك أجنبي عما علق عليه بكل تقدير فلغا ثم رأيت البغوي أطلق أنه ليس له إعتاقه ثم قال: ويمكن أن يقال: يعتق عن الميت ويمكن بناؤه على أن إجارة الوارث تنفيذ فيجوز ويكون عتقه عن الميت أو تمليك فلا يجوز كما لا يجوز بيعه. ا هـ. وهو صريح في أن الأصحاب على منع إعتاق الوارث وأن ما ذكره عقبه بحث له وفيه نظر ظاهر كما علم مما قررته؛ لأنه إن كان يخرج من الثلث كما هو الغرض فليس هنا إجازة حتى يقال ببنائه على أنها تنفيذ، أو تمليك، وإن لم يخرج منه لم يصح على ما قاله أيضا لما تقرر أن العتق إنما يقع عن الميت إن عتق بالصفة التي علق عليها، وأما لو علقه بصفة فنجزه الوارث فهذا عتق مبتدأ فلا يجري فيه خلاف التنفيذ، والتمليك بل يكون لغوا لما مر أنه لو صح لم يمكن وقوعه للميت وأنه يلزم عليه إبطال حقه من الولاء الذي قصده. فإن قلت: سلمنا ضعف كلام البغوي بل وأنه لا وجه له، لكن ما المانع أن تنجيز الوارث هنا كتنجيزه عتق المكاتب فإنه لا يمنع العتق عن الكتابة بل يكون الولاء للسيد كما سيعلم مما يأتي آخر الكتابة فيما لو مات عن ابنين وعبد ؟ قلت: الفرق بين الصورتين واضح؛ لأن التعليق بصفة لا يمنع التصرف في رقبة القن لجواز رفعه من أصله بنحو البيع، بخلاف المكاتب؛ لأن الكتابة لازمة فيه كالاستيلاد وحينئذ يكون تنجيز العتق فيها موافقا للزومها فوقع تنجيز الوارث مؤكدا لها لا رافعا كتنجيز المورث، بخلاف المعلق عتقه فإن سبب عتقه ضعيف لجواز رفعه كما تقرر فلم يقع تنجيز الوارث مؤكدا بل رافعا

 

ج / 4 ص -496-        ويلزم من كونه رافعا كونه إنشاء مبتدأ، وقد تقرر امتناع رفعه لاستلزامه رفع ولاء الميت الذي قصده بتعليقه لعتقه. ولو خرج بعضه فقط من الثلث فظاهر أنه يصح التنجيز منه فيما لم يخرج منه ولزمه قيمته، ولا يسري عليه لما يلزم عليه من إبطال حق الولاء للميت في البعض، أما ما لا يزيل الملك كإيجار فله ذلك، وأما لو عرض عليه الدخول فامتنع فله ما لم يرجع بيعه لا سيما إذا كان عاجزا لا منفعة فيه فيصير كلا عليه.
"ولو قال: إذا مت ومضى شهر" أي: بعد موتي "فأنت حر" فهو تعليق عتق بصفة أيضا "فللوارث استخدامه" وكسبه "في الشهر" كما له ذلك فيما مر قبل الدخول لبقائه على ملكه "لا بيعه" ونحوه لما مر وسبق ما يعلم منه أن الصورتين ليستا تدبيرا؛ لأن المعلق عليه ليس هو الموت وحده بل مع ما بعده، "ولو قال: إن" أو إذا "شئت"، أو أردت مثلا "فأنت" حر إذا مت، أو فأنت "مدبر، أو أنت" مدبر إن، أو إذا شئت، أو أنت "حر بعد موتي إن شئت اشترطت المشيئة" أي: وقوعها في حياة السيد "متصلة" بلفظه في غير الأخيرة وقد أطلق بأن يأتي بها في مجلس التواجب قبل موت السيد نظير ما مر في الخلع لاقتضاء الخطاب ذلك؛ إذ هو تمليك كالبيع، والهبة، ومن ثم لو انتفى ذكر المشيئة كأن ذكر بدلها نحو دخول، أو انتفى الخطاب كإن شاء عبدي فلان فهو مدبر لم يشترط فور، وإن كان جالسا معه لأنه مجرد تعليق، أما لو صرح بوقوعها بعد الموت، أو نواه فيشترط وقوعها بعده بلا فور وبالموت في الأخيرة ما لم يرد قبله لما مر في نظيرها آنفا في نحو: إن مت فأنت حر إن شئت؛ لأنها مثلها في التبادر السابق وفي نحو أنت مدبر إن دخلت إن مت لا بد من تقدم الموت كما هو المقرر في اعتراض الشرط على الشرط. وحمل المتن على ما قررته متعين كما يتضح بمراجعة شرحي للإرشاد الكبير، وإن لم أر أحدا من شراحه تعرض لذلك "فإن قال: متى"، أو مهما مثلا "شئت فللتراخي"؛ لأن نحو متى موضوع له، لكن بشرط وقوع المشيئة قبل موت السيد ما لم يصرح بما مر، أو ينوه، "ولو قالا" أي: قال كل من شريكين "لعبدهما إذا متنا فأنت حر لم يعتق حتى يموتا" لتوجد الصفتان ثم إن ماتا معا كان تعليق عتق بصفة لا تدبيرا؛ لأنه تعليق بموتين، أو مرتبا صار نصيب آخرهما موتا بموت أولهما مدبرا؛ لأنه حينئذ معلق بالموت وحده، بخلاف نصيب أولهما "فإن مات أحدهما فليس لوارثه بيع نصيبه" ونحوه من كل مزيل للملك؛ لأنه صار مستحق العتق بموت الشريك وله نحو استخدامه وكسبه وفارق ما لو أوصى بإعتاق عبد فإن الكسب بعد الموت له؛ لأنه يجب إعتاقه فورا فكان مستحقه حال الاكتساب، "ولا يصح تدبير" مكره و "مجنون" حال جنونه "وصبي لا مميز وكذا مميز في الأظهر"؛ لأن عبارتهم لغو لرفع القلم عنهم "ويصح من" مفلس و "سفيه"، وإن حجر عليهما كما مر الثاني في بابه؛ إذ لا ضرر فيه مع صحة عبارتهما، ومن سكران "وكافر أصلي" ولو حربيا كما يصح استيلاده وتعليقه العتق بصفة لصحة عبارته وملكه. "وتدبير المرتد مبني على أقوال ملكه" كما مر في بابه فعلى الأصح إن أسلم بانت صحته وإلا فلا، "ولو دبر" قنا "ثم ارتد" السيد "لم يبطل" تدبيره "على المذهب" فإذا مات مرتدا عتق العبد؛ لأن الردة لا تؤثر فيما سبقها مع الصيانة لحقه عن الضياع، وعتقه من ثلثه،

 

ج / 4 ص -497-        وإن كان ماله فيئا لا إرثا؛ لأن الشرط بقاء الثلثين لمستحقيهما، وإن لم يكونوا ورثة "ولو ارتد المدبر لم يبطل" تدبيره؛ لأن إهداره لا يمنع كونه مملوكا ولو حارب مدبر لمسلم أو ذمي فسبي لم يجز استرقاقه؛ لأن فيه إبطالا لحق السيد، "ولحربي حمل مدبره" الكافر الأصلي من دارنا "إلى دارهم"، وإن دبره عندنا وأبى الرجوع معه؛ لأن أحكام الرق جميعها باقية فيه، بخلاف المكاتب لا يحمله إلا برضاه لاستقلاله، أما المسلم، والمرتد فيمنع من حملهما كما لا يجوز له شراؤهما، "ولو كان لكافر عبد مسلم فدبره" بعد إسلامه ولم يزل ملكه عنه "نقض" تدبيره "وبيع عليه" لما في بقاء ملكه عليه من الإذلال وهذا عطف بيان للمراد بالنقض بين به حصوله بمجرد البيع عليه من غير توقفه على لفظه، "ولو دبر كافر كافرا فأسلم" العبد "ولم يرجع السيد" في التدبير بأن لم يزل ملكه عنه "نزع من سيده" واستكسب له في يد عدل دفعا للذل عنه، ولا يباع لتوقع حريته "وصرف كسبه إليه" أي: السيد كما لو أسلمت مستولدته "وفي قول يباع"؛ لئلا يبقى في ملك كافر "وله" أي: السيد غير السفيه ولوليه "بيع المدبر" وكل تصرف يزيل الملك؛ لأنه صلى الله عليه وسلم باع مدبر أنصاري في دين عليه رواه الشيخان وروى مالك في الموطأ، والشافعي، والحاكم وصححه عن عائشة أنها باعت مدبرة لها سحرتها ولم ينكر عليها، ولا خالفها أحد من الصحابة واحتمال البيع في الأول للدين ردوه بأنه لو كان كذلك لتوقف على طلب الغرماء ولم يثبت، فإن قلت: كيف يصح هذا مع قول الراوي في دين عليه ؟ قلت: مجرد كون البيع فيه لا يفيد أنه لأجله فحسب لتوقفه حينئذ على الحجر عليه وسؤال الغرماء في بيعه ولم يثبت واحد منهما على أن قضية عائشة كافية في الحجية، "والتدبير تعليق عتق بصفة"؛ لأن صيغته صيغة تعليق "وفي قول وصية" للعبد بالعتق نظرا إلى أن إعتاقه من الثلث "فلو باعه" مثلا السيد "ثم ملكه لم يعد التدبير على المذهب"؛ لأن كلا من التعليق، والوصية يبطله زوال الملك وكما لا يعود الحنث في اليمين "ولو رجع عنه بقول" ومثله إشارة أخرس مفهمة وكتابة "كأبطلته فسخته نقضته رجعت فيه صح" الرجوع "إن قلنا" بالضعف أنه "وصية" لما مر في الرجوع عنها "وإلا" نقل وصية بل تعليق عتق بصفة كما هو الأصح "فلا" يصح بالقول كسائر التعليقات، "ولو علق مدبر، أو مكاتب" أي: عتق أحدهما "بصفة صح" كما يصح تدبير وكتابة المعلق عتقه بصفة، والتدبير، والكتابة بحالهما "و" من ثم "عتق بالأسبق من" الوصفين "الموت"، أو أداء النجوم "والصفة" تعجيلا للعتق فإن سبقت الصفة المعلق بها عتق بها، أو الموت فبه عن التدبير، أو الأداء فيه عن الكتابة، "وله وطء مدبرة" لبقاء ملكه فيها كالمستولدة مع أنه لم يتعلق بها حق لازم "ولا يكون" وطؤه لها "رجوعا" عن التدبير؛ لأنه قد يؤدي إلى العلوق المحصل لمقصود التدبير، وهو عتقها، بخلاف نحو البيع "فإن أولدها بطل تدبيره"؛ لأن الاستيلاد أقوى منه؛ إذ لا يعتبر من الثلث، ولا يمنع منه الدين فرفعه كما يرتفع النكاح بملك اليمين، "ولا يصح تدبير أم ولد" لما تقرر أن الإيلاد أقوى، والأضعف لا يدخل على الأقوى "ويصح تدبير مكاتب" كما يصح تعليق عتقه بصفة "وكتابة مدبر" لموافقتها لمقصود التدبير فيكون كل منهما مدبرا مكاتبا ويعتق بالأسبق من الوصفين موت السيد أو

 

ج / 4 ص -498-        أداء النجوم ويبطل الآخر إلا إن كان هو الكتابة فلا تبطل أحكامها بل يتبع العتيق كسبه وولده كما قاله ابن الصباغ في الأولى مخالفا فيه أبا حامد وغيره. وقيس بها الثانية وفرق بعضهم واعتمده ابن المقري ويوجه بأن طروها أوجب ضعفها فبطلت أحكامها أيضا وسيعلم مما يأتي قريبا أنه إذا كان الأسبق الموت لم يعتق كله إلا إن وسعه الثلث وإلا فقدر ما يسعه فقط.

فصل في حكم حمل المدبرة، والمعلق عتقها بصفة وجناية المدبر وعتقه
إذا "ولدت مدبرة" ولدا "من نكاح، أو زنا لا يثبت للولد حكم التدبير في الأظهر"؛ لأنه عقد يقبل الرفع فلا يسري للولد الحادث بعده كالرهن، بخلاف الاستيلاد. وخرج بولدت ما لو كانت حاملا عند موت السيد فيتبعها جزما، "ولو دبر حاملا" يملكها وحملها ولم يستثنه "ثبت له" أي: الحمل وإن انفصل في حياة السيد "حكم التدبير على المذهب"؛ لأنه كبعض أعضائها "فإن ماتت" الأم في حياة السيد بعد انفصاله، أو قبله ثم انفصل حيا "أو رجع في تدبيرها" بالفعل إن تصور، أو "بالقول" على القول به "دام تدبيره"، وإن اتصل "وقيل: إن رجع، وهو متصل فلا" يدوم تدبيره بل يتبعها في الرجوع كما يتبعها في التدبير. وفرق الأول بقوة العتق وما يئول إليه ولو خصص الرجوع بها دام قطعا أما إذا استثناه فلا يتبعها ويفرق بينه وبين ما مر في العتق بقوته كما تقرر ومحل ذلك إن ولدته قبل الموت وإلا تبعها؛ لأن الحرة لا تلد إلا حرا أي: غالبا ويعرف كونها حاملا حال التدبير بما مر أول الوصايا، "ولو دبر حملا" وحده "صح" تدبيره كما يصح إعتاقه دونها، ولا يتعدى إليها؛ لأنه تابع "فإن مات" السيد "عتق" الحمل "دون الأم" لما تقرر أنه تابع ", وإن باعها" مثلا حاملا "صح" البيع "وكان رجوعا عنه" أي: عن تدبيره كما لو باع المدبر ناسيا لتدبيره، "ولو ولدت المعلق عتقها" بصفة ولدا من نكاح، أو زنا "لم يعتق الولد"؛ لأنه عقد يلحقه الفسخ فلم يتعد له كالرهن، والوصية "وفي قول إن عتقت بالصفة عتق" كولد أم الولد وجوابه ما تقرر أن هذا قابل للفسخ. وتعميم جريان الخلاف هو ما صرح به المصنف في تصحيح التنبيه، وهو قياس ما مر في ولد المدبرة، ومن ثم يأتي هنا على المعتمد نظير تفصيله السابق ثم خلافا لقطع ابن الرفعة بالتبعية فيما إذا اتصل عند التعليق وقطع غيره بها أيضا إذا اتصل بوجود الصفة، وقد عتقت بها وإن حدث بعد التعليق، ومحل ما ذكر في المتصل بالتعليق ما إذا بقي، أو بطل بموتها قبل الانفصال أو بغيره بعده، بخلاف ما لو بطل بغيره قبله فلا تبعية ولم يبين المصنف هذا التفصيل على المعتمد للعلم به مما قدمه في ولد المدبرة كما تقرر فلا اعتراض عليه، "ولا يتبع" عبدا "مدبرا ولده" قطعا وفارق الأم بأنه يتبعها دونه رقا وحرية فكذا في سبب الحرية "وجنايته" أي: المدبر "كجناية قن" فيما مر فيها من قتله، أو بيعه ويبطل التدبير، أو فداء السيد له ويبقى التدبير، والجناية عليه كهي على قن، ولا يلزم سيده أن يشتري بما أخذه من قيمته من يدبره "ويعتق" المدبر "بالموت" أي: موت السيد محسوبا "من الثلث كله، أو بعضه بعد الدين" غير المستغرق لخبر فيه الأصح وقفه على

 

ج / 4 ص -499-        راويه ابن عمر رضي الله عنهما ولأنه تبرع يلزم بالموت كالوصية، أما إذا كان مستغرقا فلا يعتق منه شيء. وحيلة عتق كله أنت حر قبل مرض موتي بيوم، وإن مت فجأة فقبل موتي بيوم فإذا مات بعد التعليقين بأكثر من يوم عتق من رأس المال، وإن لم يكن له غيره ولو كان عليه دين مستغرق؛ لأن عتقه وقع في الصحة، "ولو علق" في صحته "عتقا على صفة تختص بالمرض كأن دخلت" الدار "في مرض موتي فأنت حر عتق" عند وجود الصفة "من الثلث" كما لو نجز عتقه حينئذ "وإن احتملت" الصفة "الصحة" أي: الوقوع فيها كالمرض بأن لم يقيد الصفة به كأن دخلت فأنت حر بعد موتي "فوجدت في المرض فمن رأس المال" يعتق "في الأظهر" نظرا لحالة التعليق؛ لأنه عنده لم يتهم بإبطال حق الورثة هذا إن وجدت الصفة بغير اختياره أي: السيد كطلوع الشمس وإلا فمن الثلث قطعا لاختياره العتق في المرض ولو علقه كاملا فوجدت، وهو محجور عليه بفلس فكما ذكر، أو مجنون، أو سفيه عتق قطعا وفارقا ذينك بأن الحجر فيهما لحق الغير، بخلاف هذين، "ولو ادعى عبده التدبير فأنكره فليس برجوع"، وإن جوزنا الرجوع بالقول كما أن جحود الردة، والطلاق ليس إسلاما ورجعة. وقالا في موضع آخر: إنه رجوع، والمعتمد ما هنا "بل يحلف" السيد أنه ما دبره لاحتمال أنه يقر، فإن نكل حلف العبد وثبت تدبيره وله رفع اليمين بإزالة ملكه عنه، "ولو وجد مع مدبر مال"، أو اختصاص "فقال: كسبته بعد موت السيد وقال الوارث": بل "قبله صدق المدبر بيمينه"؛ لأن اليد له، ومن ثم لو قالت عن ولدها: ولدته بعد موت السيد فهو حر وقال الوارث: بل قبله صدق؛ لأنها بدعواها حريته نفت أن يكون لها عليه يد؛ لأن الحر لا يدخل تحت اليد وإنما سمعت دعواها لمصلحة الولد. "وإن أقاما بينتين" بما قالاه "قدمت بينته" لاعتضادها باليد ولو شهدت بينة الوارث أن ما بيده كان بها في حياة السيد وقال المدبر: كان بيدي لفلان صدق المدبر.