جواهر العقود ومعين القضاة والموقعين والشهود

كتاب الشّركَة

وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام
الأَصْل فِي جَوَاز الشّركَة: الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع
أما الْكتاب: فَقَوله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل} فَجعل الْخمس مُشْتَركا بَين أهل الْخمس
وَجعل أَرْبَعَة أَخْمَاس الْغَنِيمَة مُشْتَركا بَين الْغَانِمين
وَقَوله تَعَالَى: {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} فَجعل الْمِيرَاث مُشْتَركا بَين الْأَوْلَاد
وَقَوله تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين والعاملين عَلَيْهَا والمؤلفة قُلُوبهم وَفِي الرّقاب والغارمين وَفِي سَبِيل الله وَابْن السَّبِيل}
فَجعل الصَّدَقَة مُشْتَركَة بَين هَذِه الْأَصْنَاف الثَّمَانِية
وَقَوله تَعَالَى: {وَإِن كثيرا من الخلطاء ليبغي بَعضهم على بعض} والخلطاء: هم الشُّرَكَاء
وَأما السّنة: فَمَا روى جَابر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (من كَانَ لَهُ شريك فِي ربع أَو حَائِط فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يُؤذن شَرِيكه) وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (يَد الله مَعَ الشَّرِيكَيْنِ مَا لم يتخاونا)
وَفِي رِوَايَة (يَقُول الله: أَنا ثَالِث الشَّرِيكَيْنِ مَا لم يخن أَحدهمَا صَاحبه
فَإِذا خَان أَحدهمَا صَاحبه خرجت من بَينهمَا) يَعْنِي الْبركَة
وروى السَّائِب قَالَ: (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَرِيكي
فَلَمَّا كَانَ بعد المبعث أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله كنت شَرِيكي
فَكنت خير شريك
لَا تُدَارِي وَلَا تُمَارِي) يَعْنِي لَا تخَالف وَلَا

(1/150)


تنَازع من قَوْله تَعَالَى: {فادارأتم فِيهَا} يَعْنِي: اختلفتم وتنازعتم
وَأما الْإِجْمَاع: فَإِن أحدا من الْعلمَاء لم يُخَالف فِي جَوَازهَا
وَالشَّرِكَة: تَنْقَسِم على سِتَّة أَقسَام: شركَة فِي الْأَعْيَان وَالْمَنَافِع وَشركَة فِي الْأَعْيَان دون الْمَنَافِع وَشركَة فِي الْمَنَافِع دون الْأَعْيَان وَشركَة فِي الْمَنَافِع الْمُبَاحَة وَشركَة فِي حق الْأَبدَان وَشركَة فِي حُقُوق الْأَمْوَال
فَأَما الأول: فَهُوَ أَن يكون بَين الرجلَيْن أَو بَين الْجَمَاعَة أَرض أَو عبيد أَو بهائم ملكوها بِالْبيعِ أَو بِالْإِرْثِ أَو بِالْهبةِ مشَاعا
وَأما الثَّانِي: فَمثل أَن يُوصي رجل لرجل بِمَنْفَعَة عَبده أَو دَاره
فَيَمُوت وَيحلف جمَاعَة ورثته
فَإِن رَقَبَة العَبْد وَالدَّار تكون موروثة للْوَرَثَة دون الْمَنْفَعَة
وَأما الثَّالِث: فَمثل أَن يُوصي بِمَنْفَعَة عَبده لجَماعَة أَو يسْتَأْجر جمَاعَة عبدا فينتفعون بِهِ على وَجه الِاشْتِرَاك فِي الْمَنْفَعَة
تَنْبِيه: الْوَاقِف على الْجَمَاعَة إِن قُلْنَا: إِن ملك الرَّقَبَة ينْتَقل إِلَى الله تَعَالَى كَانَت الشّركَة بَين الْمَوْقُوف عَلَيْهِم فِي الْمَنَافِع دون الْأَعْيَان
وَإِن قُلْنَا: ينْتَقل الْملك إِلَيْهِم كَانَت الشّركَة بَينهم فِي الْمَنَافِع والأعيان
انْتهى
وَأما الرَّابِع: فَمثل أَن يَمُوت رجل وَله وَرَثَة جمَاعَة ويخلف كلب صيد أَو زرع أَو مَاشِيَة
فَإِن الْمَنْفَعَة مُشْتَركَة بَينهم
وَأما الْخَامِس: فَهُوَ أَن يَرث جمَاعَة قصاصا أَو حد قذف
وَأما السَّادِس: فَهُوَ أَن يَرث جمَاعَة الشُّفْعَة أَو الرَّد بِالْعَيْبِ أَو خِيَار الشَّرْط أَو حُقُوق الرَّهْن ومرافق الطَّرِيق
تَنْبِيه: يكره للْمُسلمِ أَن يُشَارك الْكَافِر سَوَاء كَانَ الْمُسلم هُوَ الْمُتَصَرف أَو الْكَافِر أَو هما
وَقَالَ الْحسن: إِن كَانَ الْمُسلم هُوَ الْمُتَصَرف لم يكره
وَإِن كَانَ الْكَافِر هُوَ الْمُتَصَرف أَو هما كره
انْتهى
وعمدة الشّركَة: ذكر الشَّرِيكَيْنِ بأسمائهما وأنسابهما
وَذكر صِحَة الْعقل وَالْبدن وَجَوَاز الْأَمر وَذكر مبلغ المَال الَّذِي اشْتَركَا فِيهِ
وَمَا لكل وَاحِد مِنْهُمَا مِنْهُ ونقده
وَذكر اخْتِلَاط الْمَالَيْنِ حَتَّى لَا يتَمَيَّز أَحدهمَا عَن الآخر
وَذكر اشتراكهما فِي الْعَمَل على مَا يَصح وَيجوز
وَالْإِذْن من كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه فِي ذَلِك
وَيكون ذَلِك فِي الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير
وَمَعْرِفَة الشُّهُود بهَا
وَذكر التَّارِيخ يَوْم اشتراكهما

(1/151)


- وَالشَّرِكَة أَنْوَاع: مِنْهَا: شركَة الْأَبدَان
وَهِي شركَة الحمالين والدلالين ليَكُون كسبهما بَينهمَا مُتَسَاوِيا مَعَ اتِّفَاق الصَّنْعَة أَو اختلافها
وَمِنْهَا: شركَة الْمُفَاوضَة وَهِي أَن يشْتَرك اثْنَان ليَكُون بَينهمَا مَا يكسبان ويربحان ويلتزمان من غرم وينالان من غنم
وَمِنْهَا: شركَة الْوُجُوه وَهِي أَن يشْتَرك الوجيهان ليبتاع كل وَاحِد مِنْهُمَا بِثمن مُؤَجل
على أَن يكون مَا ابتاعاه بَينهمَا
فَإِذا باعاه بَينهمَا ووفيا الْأَثْمَان كَانَ الْفَاضِل بَينهمَا
وَمِنْهَا: شركَة الْعَنَان وَلَا بُد فِيهَا من لفظ يدل على إِذن فِي التَّصَرُّف
وَيشْتَرط فِي الشَّرِيكَيْنِ أَهْلِيَّة التَّوْكِيل والتوكل
وَعقد الشّركَة: هُوَ تسليط كل وَاحِد من الشَّرِيكَيْنِ على التَّصَرُّف على سَبِيل الْغِبْطَة والمصلحة

الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب
: اعْلَم أَن شركَة الْعَنَان جَائِزَة بالِاتِّفَاقِ
وَشركَة الْمُفَاوضَة جَائِزَة عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك إِلَّا أَن أَبَا حنيفَة يُخَالف مَالِكًا فِي صورتهَا
فَيَقُول: الْمُفَاوضَة أَن يشْتَرك الرّجلَانِ فِي جَمِيع مَا يملكانه من ذهب وورق وَلَا يبْقى لوَاحِد مِنْهُمَا شَيْء من هذَيْن الجنسين إِلَّا مثل مَا لصَاحبه
فَإِذا زَاد مَال أَحدهمَا على مَال الآخر لم يَصح حَتَّى لَو ورث أَحدهمَا مَالا بطلت الشّركَة
لِأَن مَاله زَاد على مَال صَاحبه
وكل مَا ربحه أَحدهمَا كَانَ شركَة بَينهمَا وكل مَا ضمن أَحدهمَا من غصب وَغَيره
ضمنه الآخر
وَمَالك يَقُول: يجوز أَن يزِيد مَاله على مَال صَاحبه
وَيكون الرِّبْح على قدر الْمَالَيْنِ
وَمَا ضمنه أَحدهمَا مِمَّا هُوَ للتِّجَارَة فبينهما
وَأما الْغَصْب وَنَحْوه فَلَا
وَلَا فرق عِنْد مَالك بَين أَن يكون رَأس مَالهمَا عرُوضا أَو دَرَاهِم
وَلَا بَين أَن يَكُونَا شَرِيكَيْنِ فِي كل مَا يملكانه ويجعلانه للتِّجَارَة أَو بعض مَالهمَا
وَسَوَاء عِنْده اخْتَلَط مَالهمَا حَتَّى لَا يتَمَيَّز أَحدهمَا عَن الآخر أَو كَانَ متميزا بعد أَن يجمعاه وَتصير أَيْدِيهِمَا جَمِيعًا عَلَيْهِ فِي الشّركَة
وَأَبُو حنيفَة قَالَ: تصح الشّركَة وَإِن كَانَ مَال كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي يَده وَإِن لم يجمعاه
وَمذهب الشَّافِعِي وَأحمد: أَن هَذِه الشّركَة بَاطِلَة

فصل: وَشركَة الْوُجُوه جَائِزَة عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد

وَصورتهَا: أَن لَا يكون لَهما رَأس مَال
وَيَقُول أَحدهمَا للْآخر: اشتركنا على أَن مَا اشْترى كل وَاحِد منا فِي الذِّمَّة كَانَ شركَة
وَالرِّبْح بَيْننَا
وَمذهب الشَّافِعِي وَمَالك: أَنَّهَا بَاطِلَة
وَلَا يَصح عِنْد الشَّافِعِي إِلَّا شركَة الْعَنَان بِشَرْط أَن يكون رَأس مَالهمَا نوعا وَاحِدًا ويخلط حَتَّى لَا يتَمَيَّز عين أَحدهمَا من عين الآخر وَلَا يعرف
وَلَا يشْتَرط تَسَاوِي قدر الْمَالَيْنِ

(1/152)


وَإِذا كَانَ رَأس مَالهمَا مُتَسَاوِيا وَاشْترط أَحدهمَا أَن يكون لَهُ من الرِّبْح أَكثر مِمَّا لصَاحبه
فالشركة فَاسِدَة عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يَصح ذل وَإِذا كَانَ الْمُشْتَرط لذَلِك أحذق فِي التِّجَارَة وَأكْثر عملا
انْتهى
وَلكُل وَاحِد مِنْهُمَا فسخ الشّركَة مَتى شَاءَ وتنفسخ بِمَوْت أَحدهمَا أَو جُنُونه أَو إغمائه
وَيكون الرِّبْح والخسران على قدر الْمَالَيْنِ تَسَاويا فِي الْعَمَل أَو تَفَاوتا وَيَد كل وَاحِد مِنْهُمَا يَد أَمَانَة
فَيقبل قَوْله فِي دَعْوَى الرَّد والتلف والخسران
فَإِذا ادّعى التّلف بِسَبَب ظَاهر طُولِبَ بِالْبَيِّنَةِ على ذَلِك السَّبَب ثمَّ يقبل قَوْله فِي الْهَلَاك بِهِ
وَلَو قَالَ من فِي يَده المَال: هَذَا المَال لي
وَقَالَ الآخر: بل من مَال الشّركَة
فَالْقَوْل قَول صَاحب الْيَد
وَلَو قَالَ: انقسمنا وَصَارَ هَذَا المَال لي
وَأنكر الآخر فَالْقَوْل قَول الْمُنكر

المصطلح: وصوره تشْتَمل على أَنْوَاع
مِنْهَا: صُورَة شركَة الْعَنَان: هَذَا مَا اشْترك عَلَيْهِ فلَان وَفُلَان أَو حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَفُلَان وأشهدا عَلَيْهِمَا: أَنَّهُمَا أخرجَا من مَالهمَا وصلب حَالهمَا مَا مبلغه من الذَّهَب كَذَا أَو الْفضة كَذَا
وخلطا ذَلِك حَتَّى صَار مَالا وَاحِدًا لَا يتَمَيَّز بعضه من بعض
وَأذن كل مِنْهُمَا للْآخر أَن يبْتَاع من عرض ذَلِك مَا شَاءَ من أَصْنَاف المتاجر ويبيعه بالحانوت الْجَارِي فِي إيجارهما الْكَائِن بسوق كَذَا بِالنَّقْدِ والنسيئة
وَمهما أطلع الله فِي ذَلِك من ربح ويسره من فَائِدَة كَانَ مقسوما بَينهمَا نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ أَو على قدر ماليهما
وَذَلِكَ بعد إِخْرَاج الْمُؤَن والكلف وَالْأَجْر وَحقّ الله تَعَالَى إِن وَجب شركَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة
اتفقَا عَلَيْهَا وتراضيا بهَا وَقبلهَا كل مِنْهُمَا من الآخر قبولا شَرْعِيًّا
وعَلى كل مِنْهُمَا أَدَاء الْأَمَانَة وتجنب الْخِيَانَة
وَالْعَمَل فِي ذَلِك كُله بتقوى الله وطاعته وخشيته ومراقبته فِي سره وعلانيته
وَصُورَة شركَة الْأَبدَان: حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَفُلَان وأشهدا عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا اشْتَركَا على أَن يحملا للنَّاس أثقالهم إِلَى أسواقهم وَبُيُوتهمْ وَمحل طلباتهم بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيّ نَهَارا دون اللَّيْل خلا أَوْقَات الصَّلَوَات وَمهما رزق الله تَعَالَى من أُجْرَة كَانَت بَينهمَا نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ شركَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة اتفقَا عَلَيْهَا وتراضيا بهَا
وتقبلاها قبولا شَرْعِيًّا
ونصبا أَنفسهمَا لذَلِك بِحكم الِاشْتِرَاك الْوَاقِع بَينهمَا على ذَلِك على مَذْهَب من يرى ذَلِك من السَّادة الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ
ويكمل
وَهَذِه صَحِيحَة عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد
وَيجوز عِنْدهم على اخْتِلَاف الصّفة بَين الشَّرِيكَيْنِ وعَلى تفَاوت الْقِسْمَة بَينهمَا فِي الْأُجْرَة
وَصُورَة شركَة الْمُفَاوضَة على

(1/153)


الشَّرَائِط الَّتِي اشترطها أَبُو حنيفَة: حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَفُلَان
وأشهدا عَلَيْهِمَا فِي حَال كَونهمَا مُسلمين بالغين عاقلين جائزي الْأَمر شرعا: أَنَّهُمَا اشْتَركَا على أَن وضع كل وَاحِد مِنْهُمَا من مَاله وصلب حَاله مَا مبلغه كَذَا وَكَذَا
وخلطا ذَلِك حَتَّى صَار مَالا وَاحِدًا جملَته كَذَا
وَأذن كل وَاحِد مِنْهُمَا للْآخر فِي الشِّرَاء بالمبلغ الْمَذْكُور مَا شَاءَ من أَصْنَاف البضائع
وأنواع المتاجر على اختلافها بِالنَّقْدِ والنسيئة وَيبِيع ذَلِك بِنَقْد أَو نَسِيئَة
وَعَلَيْهِمَا الْمُسَاوَاة فِي الْعَمَل وَأَن لَا يبقيا شَيْئا من جنس مَال الشّركَة إِلَّا ويدخلاه فِي مَال الشّركَة
وكل وَاحِد مِنْهُمَا ضَامِن مَا ضمنه صَاحبه وَلَزِمَه بِعقد ضَمَان أَو غصب أَو شِرَاء فَاسد
وَمهما اشْتَرَاهُ كل وَاحِد مِنْهُمَا يكون على الشّركَة خلا طَعَام أهل كل وَاحِد مِنْهُمَا وكسوتهم
وعقدا هَذِه الشّركَة على أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا كَفِيل لصَاحبه ووكيل عَنهُ فِي جَمِيع تعلقات هَذِه الشّركَة شركَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة على أَن مهما رزق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي ذَلِك من ربح ويسره من فَائِدَة كَانَ بَينهمَا نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ
لَا مزية لأَحَدهمَا على الآخر
وَذَلِكَ بعد إِخْرَاج رَأس المَال وَمَا لَا بُد من إِخْرَاجه شرعا وَعرفا
وَحقّ الله تَعَالَى إِن وَجب
قبل كل مِنْهُمَا ذَلِك من الآخر قبولا شَرْعِيًّا حَسْبَمَا اتفقَا وتراضيا عَلَيْهِ
وَصُورَة الشّركَة فِي الاحتشاش والاصطياد والاحتطاب وَمَا يُوجد من الْمَعَادِن وَيجمع من الْمُبَاحَات على مَذْهَب مَالك وَأحمد: حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَفُلَان
وأشهدا عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا اشْتَركَا على أَن يحتشا الْحَشِيش ويبيعاه ويصطادا من جَمِيع مَا يصطادا من الْبر وَالْبَحْر وَأَن يقطعا الْحَطب من الْجَبَل والحرج والشعاب والجزائر وَغَيرهَا وَأَن يجمعا مَا جرت الْعَادة بجمعه من الأعشاب وَالْعُرُوق وَجَمِيع الأزهار والرياحين من الْأَنْهَار والمروج مثل النرجس وزهر اللينوفر وَغير ذَلِك من الْمُبَاحَات ويبيعا مَا يتَّفق لَهما جمعه من ذَلِك
وَمهما رزق الله تَعَالَى فِي ذَلِك كَانَ بَينهمَا نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ شركَة شَرْعِيَّة
اتفقَا عَلَيْهَا وتراضيا بهَا
وَقبلهَا كل مِنْهُمَا من الآخر قبولا شَرْعِيًّا
ويكمل
وَصُورَة شركَة الْوُجُوه على مَذْهَب أبي حنيفَة وَأحمد رَضِي الله عَنْهُمَا: حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَفُلَان وأشهدا عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا اشْتَركَا على أَن يبتاعا فِي ذمتهما مَا شاءا من أَنْوَاع الْحُبُوب وأصناف البضائع وأنواع المتاجر
ويبيعا ذَلِك بِالنَّقْدِ والنسيئة وَمَا لزم أَحدهمَا من ضَمَان فَهُوَ عَلَيْهِمَا
وَمهما رزق الله تَعَالَى فِي ذَلِك من كسب كَانَ بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ شركَة شَرْعِيَّة ويكمل على نَحْو مَا سبق
وَصُورَة الشّركَة وَالْمَال من جِنْسَيْنِ أَو أَكثر على مَذْهَب الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة خلافًا للشَّافِعِيّ وَمَعَ كَون قسْمَة

(1/154)


الرّيع مُتَفَاوِتَة حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَفُلَان
وأشهدا عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا أخرجَا من مَالهمَا وصلب حَالهمَا مَا مبلغه كَذَا
فَمن ذَلِك: مَا أخرجه الأول من مَاله من الذَّهَب كَذَا
وَمن الدَّرَاهِم الْفضة كَذَا
وَمَا أخرجه الثَّانِي من الدَّرَاهِم الْفضة كَذَا
فَكَانَت قيمَة مَا أخرجه الشَّرِيك الأول كَذَا وَكَذَا درهما وَجُمْلَة مَا أخرجه الثَّانِي كَذَا وَكَذَا درهما
واشتركا فِي ذَلِك
وَأذن كل وَاحِد مِنْهُمَا للْآخر فِي البيع وَالشِّرَاء وَالْعَمَل بِسَائِر أَنْوَاع التِّجَارَات بِالنَّقْدِ والنسيئة
وَمهما رزق الله فِي ذَلِك كَانَ بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ أَو متفاوتا على مَا يتفقان مَعَ كَون أَن المَال بَينهمَا غير متساو وَلَا بِصفة وَاحِدَة شركَة شَرْعِيَّة
عقداها واتفقا عَلَيْهَا ورضيا بهَا وقبلاها قبولا شَرْعِيًّا
صُورَة فسخ الشَّرِيكَيْنِ الشّركَة وَقبض كل مِنْهُمَا من الآخر لمَاله قَبضه: سبق فِي الْإِقْرَار

(1/155)