جواهر العقود ومعين القضاة والموقعين والشهود

كتاب الْعَارِية

وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام
الْعَارِية: إِبَاحَة الِانْتِفَاع بِعَين من الْأَعْيَان وَهِي مُشْتَقَّة من عَار الشَّيْء إِذا ذهب وَمِنْه قيل للغلام البطال: عيار
وَالْأَصْل فِي ثُبُوتهَا: الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس
أما الْكتاب: فَقَوله تَعَالَى: {وتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى} وَفِي الْعَارِية إِعَانَة
وَقَوله تَعَالَى: {فويل للمصلين الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون الَّذين هم يراؤون وَيمْنَعُونَ الماعون} قَالَ ابْن مَسْعُود (الماعون: إِعَارَة الدَّلْو وَالْقدر وَالْمِيزَان) وَقَالَ بعض الْمُفَسّرين: هُوَ مَا يستعيره الْجِيرَان بَعضهم من بعض
وَرُوِيَ عَن عَليّ وَابْن عمر (أَن الماعون الزَّكَاة)
وَأما السّنة: فروى أَبُو أُمَامَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (إِن الله تَعَالَى قد أعْطى كل ذِي حق حَقه فَلَا وَصِيَّة لوَارث وَالْعَارِية مُؤَدَّاة) الحَدِيث
وروى أَبُو هُرَيْرَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (مَا من صَاحب إبل وَلَا بقر لم يؤد حَقّهَا إِلَّا بطح لَهَا يَوْم الْقِيَامَة بقاع قرقر) وَرُوِيَ: (قرق تطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها كلما فني أولاها عَاد عَلَيْهِ أخراها)
فَقيل: يَا رَسُول الله مَا حَقّهَا قَالَ: (عَارِية دلوها ومنحة لَبنهَا يَوْم ولادها) والقرق: المستوى
قَالَ الشَّاعِر: كَأَن أَيْدِيهنَّ بالقاع القرق أَيدي جوَار يتعاطين الْوَرق

(1/169)


والقرقر: مثله
وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتعَار من صَفْوَان بن أُميَّة يَوْم حنين دروعا فَقَالَ: أغصبا يَا مُحَمَّد فَقَالَ: (بل عَارِية مَضْمُونَة)
وَأما الْإِجْمَاع: فقد أجمع الْمُسلمُونَ على جَوَاز الْعَارِية
وَأما الْقيَاس: فَلِأَنَّهُ لما جَازَ هبة الْأَعْيَان جَازَ هبة مَنَافِعهَا
وَيشْتَرط فِي الْمُعير أَن يكون مَالِكًا للمنفعة أَهلا للتبرع
فَيجوز للْمُسْتَأْجر أَن يعير وَلَا يجوز للْمُسْتَعِير أَن يعير الْعَارِية
لَكِن لَهُ أَن يَسْتَنِيب عَنهُ من يَسْتَوْفِي الْمَنْفَعَة لَهُ
وَيشْتَرط فِي الْمُسْتَعَار: أَن يكون مُنْتَفعا بِهِ مَعَ بَقَاء عينه
وَلَا يجوز إِعَارَة الْأَطْعِمَة الَّتِي مَنْفَعَتهَا فِي الِاسْتِهْلَاك
وَيجوز إِعَارَة الْجَوَارِي للْخدمَة إِن أعَار من امْرَأَة أَو محرم
وَيكرهُ إِعَارَة العَبْد الْمُسلم من الْكَافِر
وَلَا بُد فِي الْإِعَارَة من لفظ: إِمَّا من جِهَة الْمُعير
كأعرتك هَذَا أَو خُذ هَذَا لتنتفع بِهِ أَو من جِهَة الْمُسْتَعِير بِأَن يَقُول: أعرني هَذَا
وَإِذا وجد اللَّفْظ من أَحدهمَا وَالْفِعْل من الآخر: كفى
وَلَو قَالَ: أعرتك حماري لتعلفه أَو دَاري لتطين سطحها أَو أعرتك حماري لتعيرني فرسك
فَهَذِهِ إِجَارَة فَاسِدَة توجب أُجْرَة الْمثل غير مَضْمُونَة
وَمؤنَة الرَّد على الْمُسْتَعِير
وَإِذا تلفت الْعَارِية بِالِاسْتِعْمَالِ فَعَلَيهِ الضَّمَان
وَإِن لم يكن مِنْهُ تَقْصِير
وَأظْهر الْوَجْهَيْنِ للشَّافِعِيّ: أَنه لَا ضَمَان إِذا تلفت الْعَارِية بِالِاسْتِعْمَالِ

الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب
: اتّفق الْأَئِمَّة على أَن الْعَارِية قربَة مَنْدُوب إِلَيْهَا
ومثاب عَلَيْهَا
وَاخْتلفُوا فِي ضَمَانهَا
فمذهب الشَّافِعِي وَأحمد: أَن الْعَارِية مَضْمُونَة على الْمُسْتَعِير مُطلقًا تعدى أَو لم يَتَعَدَّ
وَمذهب أبي حنيفَة وَأَصْحَابه: أَنَّهَا أَمَانَة على كل وَجه لَا تضمن إِلَّا بتعد
وَيقبل قَوْله فِي تلفهَا
وَهُوَ قَول الْحسن الْبَصْرِيّ وَالنَّخَعِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري
وَمذهب مَالك: أَنه إِذا ثَبت هَلَاك الْعَارِية لَا يضمنهَا الْمُسْتَعِير سَوَاء كَانَ حَيَوَانا أَو حليا أَو ثيابًا مِمَّا يظْهر أَو يخفى إِلَّا أَن يتَعَدَّى فِيهِ
هَذِه أظهر الرِّوَايَات
وَذهب قَتَادَة وَغَيره إِلَى أَنه إِذا شَرط الْمُعير على الْمُسْتَعِير الضَّمَان صَارَت مَضْمُونَة عَلَيْهِ بِالشّرطِ
وَإِن لم يشْتَرط لم تكن مَضْمُونَة

(1/170)


وَإِذا اسْتعَار شَيْئا فَهَل لَهُ أَن يعيره لغيره قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: لَهُ ذَلِك وَإِن لم يَأْذَن لَهُ الْمَالِك إِذا كَانَ لَا يخْتَلف باخْتلَاف الْمُسْتَعْمل
وَقَالَ أَحْمد: لَا يجوز إِلَّا بِإِذن الْمَالِك
وَلَيْسَ للشَّافِعِيّ فِيهَا نَص ولأصحابه وَجْهَان
أصَحهمَا: عدم الْجَوَاز
وَاخْتلفُوا: هَل للْمُعِير أَن يرجع فِيمَا أَعَارَهُ فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: للْمُعِير أَن يرجع فِي الْعَارِية مَتى شَاءَ وَلَو بعد الْقَبْض وَإِن لم ينْتَفع بهَا الْمُسْتَعِير وَقَالَ مَالك: إِن كَانَ إِلَى أجل لم يكن للْمُعِير الرُّجُوع فِيهَا إِلَى انْقِضَاء الْأَجَل
وَلَا يُمكن الْمُعير استعادة الْعَارِية قبل انْتِفَاع الْمُسْتَعِير بهَا
وَإِذا أعَار أَرضًا لبِنَاء أَو غراس
قَالَ مَالك: لَيْسَ لَهُ أَن يرجع فِيهَا إِذا بنى أَو غرس بل للْمُعِير أَن يُعْطِيهِ قيمَة ذَلِك مقلوعا أَو يَأْمُرهُ بقلعه إِن كَانَ ينْتَفع بمقلوعه
فَإِن كَانَ لَهُ مُدَّة فَلَيْسَ لَهُ أَن يرجع قبل انْقِضَائِهَا
فَإِذا انْقَضتْ فَالْخِيَار للْمُعِير
كَمَا تقدم
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن وَقت لَهُ وقتا فَلهُ أَن يجْبرهُ على الْقلع
وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ الْإِجْبَار قبل انْقِضَائِهَا
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: إِن شَرط عَلَيْهِ الْقلع فَلهُ أَن يجْبرهُ عَلَيْهِ أَي وَقت اخْتَار
وَإِن لم يشرط فَإِن اخْتَار الْمُسْتَعِير الْقلع
قلع وَإِن لم يخْتَر فللمعير الْخِيَار بَين أَن يَتَمَلَّكهُ بِقِيمَتِه أَو يقْلع وَيضمن أرش النَّقْص
فَإِن لم يخْتَر الْمُعير لم يقْلع إِن بذل الْمُسْتَعِير الْأُجْرَة
فَائِدَة: الرَّد المبرىء من ضَمَان الْعَارِية: تَسْلِيمهَا إِلَى الْمَالِك أَو وَكيله
فَلهُ رد الْبَهِيمَة إِلَى الإصطبل وَالثَّوْب إِلَى الْبَيْت الَّذِي أَخذه مِنْهُ
وَإِذا لم يجد الْمُعير
فَسلم الدَّابَّة إِلَى زَوجته أَو وَلَده فَأرْسلت إِلَى المرعي فَضَاعَت فالمعير بِالْخِيَارِ بَين أَن يغرم الْمُسْتَعِير أَو الزَّوْجَة أَو الْوَلَد

المصطلح: وصوره تشْتَمل على أَنْوَاع مِنْهَا: صُورَة عَارِية الرجل ابْنَته أَو ابْنة جَارِيَته موطوءته للْخدمَة: أعَار فلَان وَلَده لصلبه فلَانا أَو ابْنَته لصلبه فُلَانَة جَمِيع الْجَارِيَة الحبشية أَو السَّوْدَاء التكرورية الْجِنْس أَو النوبية أَو الزنجية
الْمَرْأَة الْكَامِلَة المدعوة فُلَانَة المعترفة للْمُعِير الْمَذْكُور بِالرّقِّ والعبودية الَّتِي هِيَ مفترشة الْمُعير الْمَذْكُور أَو أم وَلَده لتقوم بِخِدْمَة المستعيرة أَو الْمُسْتَعِير الْمَذْكُور خدمَة مثلهَا لمثلهَا أَو لمثله مُدَّة كَذَا وَكَذَا من تَارِيخه عَارِية شَرْعِيَّة مُعْتَبرَة مرعية وجد فِيهَا شُرُوط صِحَّتهَا من الْإِعَارَة بِاللَّفْظِ بالصيغة الْمُعْتَبرَة وَوُجُود الِاسْتِعْمَال من المستعيرة
وَسلم إِلَيْهَا الْعَارِية الْمعينَة أَعْلَاهُ بالمقتضى المشروح أَعْلَاهُ
فتسلمتها مِنْهُ التسلم الشَّرْعِيّ
وَصَارَت فِي يَدهَا

(1/171)


وحوزها
وَوَجَب لَهَا الِاسْتِخْدَام الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ وجوبا شَرْعِيًّا
ويكمل
وَصُورَة عَارِية الوالدة لابنتها حليا وقماشا تتزين بِهِ: أعارت فُلَانَة ابْنَتهَا لبطنها فُلَانَة مَا ذكرت المعيرة الْمَذْكُورَة: أَنه لَهَا وبيدها وملكها وَتَحْت تصرفها إِلَى حَالَة الْعَارِية الْمَذْكُورَة
وصدقتها المستعيرة الْمَذْكُورَة على ذَلِك
وَذَلِكَ جَمِيع الْعِصَابَة الْمُشْتَملَة على لُؤْلُؤ ويصفه بعدته وَيذكر الْوَزْن بالمثاقيل وَجَمِيع كَذَا وَجَمِيع كَذَا وَجَمِيع كَذَا ويصف كل شَيْء مِنْهَا بِحَسبِهِ من الْحلِيّ والقماش واللباس والفرش
وَغير ذَلِك وَصفا تَاما يُخرجهُ عَن الْجَهَالَة ثمَّ يَقُول: عَارِية صَحِيحَة شَرْعِيَّة جرت بَينهمَا بِاللَّفْظِ الْمُعْتَبر فِي ذَلِك شرعا لتنتفع بذلك انْتِفَاع مثلهَا بِالْمَعْرُوفِ باللبس والتزين والتجمل بِهِ وفرش مَا يفرش مِنْهُ وَاسْتِعْمَال مَا يسْتَعْمل مِنْهُ من الْأَوَانِي الصيني والنحاس مُدَّة كَذَا وَكَذَا سنة من تَارِيخه بمنزلها الْكَائِن بالموضع الْفُلَانِيّ وسلمت إِلَى ابْنَتهَا المستعيرة الْمَذْكُورَة جَمِيع الْعَارِية الموصوفة أَعْلَاهُ
فتسلمتها مِنْهَا تسلما شَرْعِيًّا
وَصَارَت فِي يَدهَا وحوزها وَوَجَب لَهَا الِانْتِفَاع بهَا الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ
قبلت ذَلِك مِنْهَا قبولا شَرْعِيًّا
هَذَا إِذا كَانَت المستعيرة بَالِغَة عَاقِلَة رَشِيدَة
وَإِن كَانَت بَاقِيَة تَحت حجر والدها
فَيَقَع التَّصْدِيق وَالتَّسْلِيم وَالْقَبُول مِنْهُ لمحجورته المستمرة تَحت حجره وَولَايَة نظره
ويكمل
وَصُورَة عَارِية الْوَالِد لابنته الشورة وَهِي الجهاز للتجمل بِهِ: أعَار فلَان لابنته لصلبه فُلَانَة الْبكر الْبَالِغ الَّتِي اعْترف برشدها عِنْد شُهُوده مَا ذكر أَنه لَهُ وَبِيَدِهِ وَملكه وتصرفه
وَذَلِكَ جَمِيع الشورة الْمُشْتَملَة على كَذَا وَكَذَا ويصف اشتمالاتها كلهَا
وَيذكر الْوَزْن وَالْقيمَة وَإِن كَانَ ملكا أَو دَارا وصفهَا وحددها ثمَّ يَقُول: إِعَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة مَقْبُولَة مسلمة مَقْبُوضَة بيد المستعيرة من الْمُعير بِإِذْنِهِ لَهَا فِي ذَلِك وَذَلِكَ بعد النّظر والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة والتشخيص الشَّرْعِيّ
وعَلى المستعيرة الْمَذْكُورَة حفظ ذَلِك وصونه وَالِانْتِفَاع بِهِ فِي منزلهَا بِموضع كَذَا
والتجمل بِهِ على الْعَادة فِي مثله بِحَيْثُ لَا يخرج ذَلِك وَلَا شَيْئا مِنْهُ عَن يَدهَا إِلَى أَن تعيده إِلَى الْمُعير على الصّفة المشروحة أَعْلَاهُ
وَاعْتَرَفت بِمَعْرِِفَة مِقْدَار الْعَارِية
وَمَا يلْزمهَا فِيهِ
وصدقت على ذَلِك كُله تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا
ويكمل
وَصُورَة عَارِية الدَّار للسُّكْنَى: أعَار فلَان فلَانا مَا ذكر الْمُعير الْمَذْكُور أَنه لَهُ وَبِيَدِهِ وَملكه وَتَحْت تصرفه إِلَى حِين هَذِه الْعَارِية
وَإِن كَانَت إِبَاحَة بِغَيْر أُجْرَة يَقُول: أَبَاحَ فلَان فلَانا جَمِيع الدَّار وَجَمِيع الْحصَّة الشائعة وقدرها كَذَا وَكَذَا من أصل كَذَا وَكَذَا من جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة ويصفها ويحددها عَارِية صَحِيحَة شَرْعِيَّة مُشْتَمِلَة على الْإِيجَاب وَالْقَبُول الشرعيين أَو إِبَاحَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة مُشْتَمِلَة على الْإِيجَاب وَالْقَبُول لمُدَّة

(1/172)


كَذَا وَكَذَا سنة يسكنهَا الْمُسْتَعِير الْمَذْكُور أَو الْمُبَاح لَهُ الْمَذْكُور بِنَفسِهِ وَأَهله ومتاعه وخدمه لطول الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ بِغَيْر أُجْرَة تلْزمهُ عَن ذَلِك وَسلم الْمُعير الْمَذْكُور إِلَى الْمُسْتَعِير الْمَذْكُور أَو وَسلم الْمَبِيع الْمَذْكُور للمباح لَهُ الْمَذْكُور جَمِيع الدَّار أَو جَمِيع الْحصَّة من جَمِيع الدَّار الْمَذْكُورَة
فتسلمها مِنْهُ على الحكم المشروح أَعْلَاهُ تسلما شَرْعِيًّا
وَصَارَت بِيَدِهِ وحوزه ثمَّ تفَرقا بالأبدان عَن ترَاض ثمَّ بعد تَمام ذَلِك ولزومه شرعا: قَامَ فلَان الْمُبِيح الْمَذْكُور فِي فسخ الْإِبَاحَة وَتمسك الْمُبَاح لَهُ بهَا
وَذكر أَنَّهَا من الْعُقُود الْجَائِزَة للمدة الْمَذْكُورَة على مَذْهَب من يرى ذَلِك من السَّادة الْعلمَاء
وتصادقا على أَنَّهُمَا ترافعا بِسَبَب ذَلِك إِلَى حَاكم من حكام الْمُسلمين جَائِز الحكم وَالْقَضَاء ماضيهما
وَتقدم فلَان الْمُبِيح فِي فسخ هَذِه الْإِبَاحَة
وَامْتنع الْمُبَاح لَهُ من فَسخهَا وَتمسك بِالْعقدِ فِيهَا
وَسَأَلَ الحكم لَهُ بِمَا يُوجِبهُ الشَّرْع الشريف فِي ذَلِك وَأَنه حكم بِصِحَّة هَذِه الْإِبَاحَة الْمدَّة الْمَذْكُورَة
وَقطع بإجازتها وإمضائها حكما شَرْعِيًّا بعد أَن ثَبت عِنْده صُدُور الْإِبَاحَة بَينهمَا فِي ذَلِك على الحكم المشروح أَعْلَاهُ ثبوتا شَرْعِيًّا مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ
ويكمل
وَصُورَة إِبَاحَة الزَّوْجَة السكن لزَوجهَا فِي الدَّار الْجَارِيَة فِي ملكهَا: أشهدت عَلَيْهَا فُلَانَة شُهُوده إشهادا شَرْعِيًّا: أَنَّهَا فِي يَوْم تَارِيخه أَبَاحَتْ زَوجهَا فلَان الَّتِي هِيَ فِي عصمته وَعقد نِكَاحه السكن بهَا فِي جَمِيع الْمنزل الْفُلَانِيّ أَو الْبَيْت الْفُلَانِيّ الَّذِي هُوَ من حُقُوق الدَّار الْفُلَانِيَّة الكائنة بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ وتوصف وتحدد الَّتِي ذكرت المبيحة الْمَذْكُورَة أَنَّهَا لَهَا وَفِي ملكهَا وَتَحْت تصرفها بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ إِبَاحَة صَحِيحَة مَاضِيَة قَاطِعَة جَائِزَة نَافِذَة بِغَيْر أُجْرَة تلتمسها مِنْهُ وَلَا عوض وَلَا مُقَابل وَلَا مُكَافَأَة إِلَّا بِحسن الصُّحْبَة وَجَمِيل المعاشرة
وَأَن يسكن فِيهَا بهَا مَا دَامَت فِي عصمته وَعقد نِكَاحه
وسلمت إِلَيْهِ مَا وَقع عَلَيْهِ عقد هَذِه الْإِبَاحَة
فتسلمه مِنْهَا وَصَارَ بِيَدِهِ
وَوَجَب لَهُ الِانْتِفَاع بِهِ وجوبا شَرْعِيًّا
وضمنت لَهُ الدَّرك فِي ذَلِك على أَنه مَتى نقلهَا من هَذَا الْمنزل الْمُخْتَص بهَا فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا طلب أجرته وَلَا غَيره بِوَجْه من الْوُجُوه وَلَا بِسَبَب من الْأَسْبَاب
قبل مِنْهَا الْمُبَاح لَهُ الْمَذْكُور أَعْلَاهُ جَمِيع ذَلِك قبولا شَرْعِيًّا
واعترف كل مِنْهُمَا بِمَعْرِِفَة معنى ذَلِك
وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ شرعا
وَصُورَة عَارِية الدَّابَّة لرجل يركبهَا إِلَى مَكَان معِين: أعَار فلَان فلَانا مَا ذكر أَنه لَهُ
وَبِيَدِهِ
وَتَحْت تصرفه
وَذَلِكَ جَمِيع الْبَغْل أَو البغلة أَو الْحمار أَو الحصان أَو الْفرس أَو غير ذَلِك مِمَّا يركب وَيذكر شيته على أَن يركب هَذِه الدَّابَّة الْمَذْكُورَة من الْموضع الْفُلَانِيّ إِلَى الْموضع الْفُلَانِيّ ركُوب مثله لمثلهَا فِي الطَّرِيق الْمَأْمُون الْمَعْرُوف

(1/173)


بسلوك عابري السَّبِيل من التُّجَّار والمسافرين وَغَيرهم ثمَّ يعود عَلَيْهَا إِلَى الْموضع الْفُلَانِيّ
عَارِية صَحِيحَة جَائِزَة مَضْمُونَة مَرْدُودَة مُؤَدَّاة وَسلم فلَان الْمُعير لفُلَان الْمُسْتَعِير الدَّابَّة الْمَذْكُورَة فتسلمها مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَصَارَت بِيَدِهِ على الحكم المشروح أَعْلَاهُ
قبل كل مِنْهُمَا ذَلِك من الآخر قبولا شَرْعِيًّا
ويكمل
وَصُورَة عَارِية الأَرْض للغراس وَالْبناء: أعَار فلَان فلَانا جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الْكَشْف الْبيَاض الخالية من الْعِمَارَة وَالْغِرَاس ويصفها ويحددها وَإِن ذكر ذرعها فَهُوَ أَجود عَارِية صَحِيحَة شَرْعِيَّة ليبني الْمُسْتَعِير فِيهَا مَا شَاءَ من الْبناء على الصّفة الَّتِي يختارها أَو ليغرس بهَا مَا شَاءَ من أَنْوَاع الْغِرَاس الْمُخْتَلف الثِّمَار مُدَّة ثَلَاثِينَ سنة أَو أَكثر أَو أقل من تَارِيخه
وَأذن لَهُ فِي ذَلِك كُله إِذْنا شَرْعِيًّا وَسلم إِلَيْهِ الْعَارِية الْمَذْكُورَة فتسلمها مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا
وَوَجَب للْمُسْتَعِير الْمَذْكُور الْبناء وَالْغِرَاس بِالْأَرْضِ المستعارة وَالِانْتِفَاع بهَا
وَبِمَا يستجده فِيهَا من الْعِمَارَة وَالْغِرَاس لطول الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ
وجوبا شَرْعِيًّا
ويكمل
وَصُورَة عَارِية الْجِدَار لوضع الْجُذُوع: أعَار فلَان فلَانا جَمِيع الْحَائِط المستطيل الماد قبْلَة وَشمَالًا الْمَبْنِيّ بِالْحجرِ النحيت أَو المكسور أَو الْآجر أَو الطين أَو الجير الَّذِي ارتفاعه من الأَرْض كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا وَطوله قبْلَة وَشمَالًا كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا وَعرضه كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا بِذِرَاع الْعَمَل وَهُوَ الْفَاصِل بَين دَار الْمُعير الْمَذْكُور الْقَدِيمَة الْبناء على الدَّار الَّتِي أَنْشَأَهَا الْمُسْتَعِير الْمَذْكُور عَارِية صَحِيحَة شَرْعِيَّة ليضع الْمُسْتَعِير الْمَذْكُور عَلَيْهَا كَذَا وَكَذَا جذعا من الْخشب رواقا وَاحِدًا بداره الْمَذْكُورَة لمُدَّة كَذَا وَكَذَا سنة أَو سنتَيْن أَو أقل أَو أَكثر من تَارِيخه
وَسلم الْمُعير الْمَذْكُور إِلَى الْمُسْتَعِير الْمَذْكُور الْحَائِط الْمَذْكُور
وَأذن لَهُ فِي وضع الْجُذُوع الْمَذْكُورَة عَلَيْهِ إِذْنا شَرْعِيًّا
فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا
وَصَارَ فِي يَده
وَوَجَب لَهُ وضع الْجُذُوع عَلَيْهِ الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ وجوبا شَرْعِيًّا
ويكمل
وَصُورَة عَارِية الأَرْض لدفن الْمَيِّت: أعَار فلَان فلَانا جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الْكَشْف الْبيَاض الَّتِي هِيَ بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ
وذرعها قبْلَة وَشمَالًا كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا
وشرقا وغربا كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا بِذِرَاع الْعَمَل وتحدد عَارِية صَحِيحَة شَرْعِيَّة ليدفن فِيهَا الْمُسْتَعِير الْمَذْكُور موتاه وَيجْعَل لنَفسِهِ بهَا أزجا بِالْحِجَارَةِ مجوفا مقببا برسم دَفنه بِهِ وَيَبْنِي حول ذَلِك عمَارَة ويغرس بباقي الأَرْض الْمَذْكُورَة غراسا مُخْتَلفا ألوانه وأنواعه مُدَّة ثَلَاثِينَ سنة من تَارِيخه لم يرجع فِي الأَرْض الَّتِي بهَا الدّفن مَا لم يبل الْمَيِّت وَيرجع فِي الْبَاقِي عِنْد فرَاغ الْمدَّة أَعْلَاهُ
وانقضائها على الْوَجْه الشَّرْعِيّ
وَسلم الْمُعير الْمَذْكُور إِلَى الْمُسْتَعِير الْمَذْكُور الأَرْض المستعارة المذروعة المحدودة بأعاليه
فتسلمها مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا
وَوَجَب لَهُ الِانْتِفَاع بهَا الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ على الحكم المشروح أَعْلَاهُ
وجوبا شَرْعِيًّا
ويكمل
وَالله أعلم

(1/174)