جواهر العقود ومعين القضاة والموقعين والشهود

كتاب النِّكَاح

وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام النِّكَاح جَائِز

وَالْأَصْل فِي جَوَازه الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع
أما الْكتاب فَقَوله تَعَالَى {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع} وَقَوله تَعَالَى {وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم وَالصَّالِحِينَ من عبادكُمْ وَإِمَائِكُمْ}
وَأما السّنة فَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تناكحوا تَنَاسَلُوا
فَإِنِّي أباهي بكم الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى بِالسقطِ وَفِي السقط ثَلَاث لُغَات بِفَتْح السِّين وَضمّهَا وَكسرهَا وَهَذَا يدل على الْجَوَاز
وأجمعت الْأمة على جَوَاز النِّكَاح
وَرُوِيَ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت كَانَت مناكح الْجَاهِلِيَّة على أَرْبَعَة أَقسَام أَحدهَا
تناكح الرَّايَات وَهُوَ أَن الْمَرْأَة كَانَت تنصب على بَابهَا راية فَيعرف أَنَّهَا عاهر
فيأتيها النَّاس
وَالثَّانِي أَن الرَّهْط من الْقَبِيلَة والناحية كَانُوا يَجْتَمعُونَ على وَطْء امْرَأَة لَا يخالطهم غَيرهم
فَإِذا جَاءَت بِولد ألحق بأشبههم
وَالثَّالِث نِكَاح الِاسْتِحْبَاب وَهُوَ أَن الْمَرْأَة كَانَت إِذا أَرَادَت أَن يكون وَلَدهَا كَرِيمًا بذلت نَفسهَا لعدة من فحول الْقَبَائِل ليَكُون وَلَدهَا كأحدهم
وَالرَّابِع النِّكَاح الصَّحِيح وَهُوَ الَّذِي قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولدت من نِكَاح لَا من سفاحوتزوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَدِيجَة بنت خويلد قبل النُّبُوَّة من ابْن عَمها ورقة بن نَوْفَل
وَكَانَ الَّذِي خطبهَا لَهُ عَمه أَبُو طَالب فَخَطب وَقَالَ الحمدلله الَّذِي جعل بَلَدا حَرَامًا وبيتا محجوجا وَجَعَلنَا سدنته وَهَذَا مُحَمَّد قد علمْتُم مَكَانَهُ من الْعقل والنبل وَإِن كَانَ المَال قل إِلَّا أَن المَال ظلّ

(2/3)


زائل وعارية مستردة وَمَا أردتم من المَال فعلي وَله فِي خَدِيجَة بنت خويلد رَغْبَة وَلها فِيهِ مثل ذَلِك
فَزَوجهَا مِنْهُ ابْن عَمها
وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوج بنساء كثير
وَمَات عَن تسع
وَسَأَلَ رجل عمر عَن النِّكَاح فَقَالَ كَانَ خيرنا أكثرنا نِكَاحا يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَالنِّكَاح فِي اللُّغَة الضَّم وَالْجمع
يُقَال تناكحت الْأَشْجَار إِذا انْضَمَّ بَعْضهَا إِلَى بعض
وَيُطلق على الْوَطْء لاشْتِمَاله على الضَّم
وَفِي الشَّرْع عبارَة عَن اسْتِبَاحَة الْوَطْء بِإِيجَاب وَقبُول وشاهدي عدل
وَيسْتَحب النِّكَاح لمن يحْتَاج إِلَيْهِ إِذا وجد أهبته وَإِن لم يجدهَا
فَالْأولى أَن لَا ينْكح وَيكسر شَهْوَته بِالصَّوْمِ
وَيكرهُ النِّكَاح لمن لَا يحْتَاج إِلَيْهِ إِن لم يجد أهبته
وَإِن وجدهَا فَلَا يكره لَهُ لَكِن الِاشْتِغَال بِالْعبَادَة أفضل
والأحب نِكَاح الْبكر النسيبة وَالَّتِي لَيست لَهَا قرَابَة قريبَة
وَتَكون من ذَوَات الدّين
وَإِذا رغب الرجل فِي نِكَاح امْرَأَة اسْتحبَّ لَهُ النّظر إِلَيْهَا قبل الْخطْبَة أَذِنت أَو لم تَأذن
وَله تَكْرِير النّظر إِلَيْهَا
وَلَا ينظر إِلَّا إِلَى الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ ظهرا وبطنا
وَيحرم نظر الْفَحْل الْبَالِغ إِلَى الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ من الْحرَّة الْكَبِيرَة الْأَجْنَبِيَّة عِنْد خوف الْفِتْنَة وَكَذَا عِنْد الْأَمْن فِي أولى الْوَجْهَيْنِ
وَلَا خلاف فِي تَحْرِيم النّظر إِلَى مَا هُوَ عَورَة مِنْهَا
وللرجل أَن ينظر من الْمحرم إِلَى مَا يَبْدُو عِنْد المهنة وَلَا ينظر إِلَى مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة
وَفِيمَا بَينهمَا وَجْهَان
أظهرهمَا الْحل
وَالْأَظْهَر حل النّظر إِلَى الْأمة إِلَّا مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة
وَإِلَى الصَّغِيرَة إِلَّا الْفرج
وَإِن نظر العَبْد إِلَى سيدته فَلهُ ذَلِك
وَنظر الْمَمْسُوح كالنظر إِلَى الْمَحَارِم
وَنظر الْمُرَاهق كنظر الْبَالِغ لَا كنظر الطِّفْل الَّذِي لَا يظْهر على العورات
وَأما نظر الرجل إِلَى الرجل فَهُوَ جَائِز فِي جَمِيع الْبدن إِلَّا مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة وَيحرم النّظر إِلَى الْأَمْرَد بالشهوة

(2/4)


وَنظر الْمَرْأَة إِلَى الْمَرْأَة كنظر الرجل إِلَى الرجل إِلَّا أَن فِي نظر الذِّمِّيَّة إِلَى الْمسلمَة وَجْهَان
أحوطهما الْمَنْع
وَالأَصَح أَن للْمَرْأَة النّظر إِلَى بدن الرجل الْأَجْنَبِيّ سوى مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة إِلَّا عِنْد خوف الْفِتْنَة
ونظرها إِلَى الرِّجَال الْمَحَارِم كنظر الرِّجَال إِلَى نسَاء الْمَحَارِم
وحيثما يحرم النّظر يحرم الْمس
ويباحان للفصد والحجامة والمعالجة
وَللزَّوْج أَن ينظر إِلَى مَا شَاءَ من بدن زَوجته
ويخطب الخلية عَن النِّكَاح وَالْعدة
وَيحرم التَّصْرِيح بِخطْبَة الْمُعْتَدَّة
وَكَذَا التَّعْرِيض إِن كَانَت رَجْعِيَّة
وَلَا يحرم فِي الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا
وَفِي البائنة قَولَانِ
أصَحهمَا الْجَوَاز
وَتحرم الْخطْبَة للْغَيْر بعد صَرِيح الْإِجَابَة إِلَّا أَن يَأْذَن المجاب للْغَيْر
وَالظَّاهِر أَنه لَا تحرم الْخطْبَة إِذا لم تُوجد إِجَابَة وَلَا رد
وَمن استشير فِي حَال الْخَاطِب فَلهُ أَن يصدق فِي ذكر مساويه
وَيسْتَحب تَقْدِيم الْخطْبَة على الْخطْبَة وعَلى العقد
وَالأَصَح أَنه إِذا قَالَ الْوَلِيّ الْحَمد لله وَالصَّلَاة على رَسُول الله
زوجت مِنْك فَقَالَ الزَّوْج الْحَمد لله وَالصَّلَاة على رَسُول الله
قبلت يَصح النِّكَاح بل يسْتَحبّ ذَلِك
وَالْخلاف فِيمَا إِذا لم يطلّ الذّكر بَين الْإِيجَاب وَالْقَبُول
وَإِن طَال لم يَصح
وَلَا يَصح النِّكَاح إِلَّا بِإِيجَاب أَو بقول الْوَلِيّ زَوجتك أَو أنكحتك وَالْقَبُول بِأَن يَقُول الزَّوْج تزوجت أَو نكحت أَو قبلت نِكَاحهَا أَو تَزْوِيجهَا وَيجوز أَن يتَقَدَّم لفظ الزَّوْج على لفظ الْوَلِيّ
وَغير الْإِنْكَاح وَالتَّزْوِيج من الْأَلْفَاظ كَالْبيع وَالْهِبَة وَالتَّمْلِيك لَا يقوم مقامهما
وَلَا يَصح انْعِقَاد النِّكَاح بِمَعْنى اللَّفْظَيْنِ بِسَائِر اللُّغَات
وَلَا ينْعَقد النِّكَاح بالكنايات
وَفِي مَعْنَاهَا إِذا قَالَ زوجتكها فَقَالَ قبلت وَاقْتصر عَلَيْهِ على الْأَصَح
وَإِذا قَالَ زَوجنِي فَقَالَ زَوجتك صَحَّ النِّكَاح
وَكَذَا لَو قَالَ الْوَلِيّ تَزَوَّجتهَا فَقَالَ تزوجت
وَلَا يَصح النِّكَاح إِلَّا بِحُضُور شَاهِدين
وَيعْتَبر فيهمَا الْإِسْلَام والتكليف وَالْحريَّة

(2/5)


وَالْعَدَالَة والذكورة والسمع
فَلَا ينْعَقد بِحُضُور الْأَصَم
وَكَذَا الْأَعْمَى فِي أصح الْوَجْهَيْنِ
وَفِي الِانْعِقَاد بِحُضُور ابْني الزَّوْجَيْنِ وعدويهما خلاف رجح مِنْهُمَا الِانْعِقَاد
وَينْعَقد بِحُضُور مستوري الْعَدَالَة دون مستوري الْإِسْلَام وَالْحريَّة
وَلَو بَان كَون الشَّاهِد فَاسِقًا عِنْد العقد فَالْأَصَحّ أَنه يتَبَيَّن بطلَان النِّكَاح
وَطَرِيق التبين قيام الْبَيِّنَة أَو إِقْرَار الزَّوْجَيْنِ
وَالِاعْتِبَار بقول الشَّاهِدين كُنَّا فاسقين يَوْمئِذٍ
وَلَو اعْترف بِهِ الزَّوْج وَأنْكرت الْمَرْأَة فرق بَينهمَا
وَلَا يقبل قَوْله عَلَيْهَا فِي الْمهْر بل يجب نصفه إِن لم يدْخل بهَا وَتَمَامه إِن كَانَ بعد الدُّخُول
وَيسْتَحب الْإِشْهَاد على رضى الْمَرْأَة حَيْثُ يعْتَبر رِضَاهَا وَلَا يشْتَرط
وَالْمَرْأَة لَا تزوج نَفسهَا بِإِذن الْوَلِيّ ودونه وَلَا غَيرهَا بوكالة وَلَا ولَايَة
وَلَا تقبل النِّكَاح لأحد
وَالْوَطْء فِي النِّكَاح بِلَا ولي يُوجب مهر الْمثل وَلَا يُوجب الْحَد
وَيقبل إِقْرَار الْوَلِيّ بِالنِّكَاحِ إِن كَانَ مُسْتقِلّا بالإنشاء وَإِن لم يكن لم يقبل إِقْرَاره عَلَيْهَا
وَيقبل إِقْرَار الْبَالِغَة الْعَاقِلَة بِالنِّكَاحِ على الْجَدِيد
وَللْأَب تَزْوِيج ابْنَته الْبكر صَغِيرَة كَانَت أَو كَبِيرَة
وَلَا يعْتَبر إِذْنهَا ومراجعتها
وَيسْتَحب أَن يُرَاجِعهَا
وَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيج الثّيّب إِلَّا بِإِذْنِهَا وَإِن كَانَت صَغِيرَة لم تزوج حَتَّى تبلغ
وَالْجد كَالْأَبِ عِنْد عَدمه
وَلَا فرق بَين أَن تَزُول الْبكارَة بِالْوَطْءِ الْحَلَال أَو غَيره وَلَا أثر لزوالها بعد الْوَطْء
وَمن على حَاشِيَة النّسَب كالأخ وَالْعم لَا يزوجون الصَّغِيرَة بِحَال
ويزوجون الثّيّب الْبَالِغَة بِصَرِيح الْإِذْن
وَالْحكم فِي الْبكر كَذَلِك أَو بِالسُّكُوتِ بعد الْمُرَاجَعَة
وَيقدم من الْأَوْلِيَاء الْأَب ثمَّ الْجد ثمَّ أَبوهُ ثمَّ الْأَخ من الْأَبَوَيْنِ أَو من الْأَب ثمَّ ابْنه وَإِن سفل ثمَّ الْعم ثمَّ سَائِر الْعَصَبَات على ترتيبهم فِي الْمِيرَاث
وَالْأَخ من الْأَبَوَيْنِ يقدم على الْأَخ من الْأَب فِي أصح الْقَوْلَيْنِ
وَلَا ولَايَة للِابْن بالبنوة
فَإِذا كَانَ ابْن ابْن عَم أَو معتقا أَو قَاضِيا لم تَمنعهُ الْبُنُوَّة من التَّزْوِيج
وَإِذا لم يُوجد أحد من الْأَقَارِب
فالولاية للْمُعْتق ثمَّ لعصباته على تَرْتِيب الْمِيرَاث
ويزوج عتيقة الْمَرْأَة من يُزَوّج الْمُعتقَة مَا دَامَت حَيَّة
وَإِذا مَاتَت فالتزويج لمن لَهُ

(2/6)


الْوَلَاء
وَأَصَح الْوَجْهَيْنِ أَنه لَا حَاجَة إِلَى رضَا الْمُعتقَة إِن كَانَ التَّزْوِيج فِي حَيَاتهَا
وَإِذا لم يُوجد للْمُعْتق عصبات فالولاية للسُّلْطَان
وَكَذَلِكَ يُزَوّج السُّلْطَان إِذا عضل الْقَرِيب أَو الْمُعْتق
وَإِنَّمَا يحصل لعضل إِذا طلبت الْعَاقِلَة الْبَالِغَة تَزْوِيجهَا من كُفْء فَامْتنعَ
وَلَو عينت كفئا وَأَرَادَ الْأَب تَزْوِيجهَا من غَيره فَلهُ ذَلِك فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ
وَلَا يتَعَيَّن من عينته
وَلَا ولَايَة للرقيق وَلَا الصَّبِي وَلَا الْمَجْنُون ومختل النّظر بالهرم أَو الخبل
وَكَذَا السَّفِيه الْمَحْجُور عَلَيْهِ على الْأَظْهر
وَمهما كَانَ الْأَقْرَب بِبَعْض هَذِه الصِّفَات فالولاية للأبعد
وَالْإِغْمَاء إِن كَانَ مِمَّا لَا يَدُوم غَالِبا كالنوم تنْتَظر إِفَاقَته
وَإِن كَانَ مِمَّا يَدُوم أَيَّامًا
فأقرب الْوَجْهَيْنِ أَن الحكم كَذَلِك
وَالثَّانِي أَنه تنْتَقل الْولَايَة إِلَى الْأَبْعَد
وَلَا يقْدَح الْعَمى فِي أصح الْوَجْهَيْنِ
وَالظَّاهِر من أصل الْمَذْهَب أَنه لَا ولَايَة لِلْفَاسِقِ
وَالْكَافِر يَلِي نِكَاح ابْنَته الْكَافِرَة
وإحرام الْمَرْأَة يمْنَع صِحَة النِّكَاح لَكِن لَا تنسلب بِهِ الْولَايَة فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ
ويزوج السُّلْطَان عِنْد إِحْرَام الْوَلِيّ لَا الْأَبْعَد
وَإِذا غَابَ الْأَقْرَب إِلَى مَسَافَة الْقصر زَوجهَا السُّلْطَان
وَإِن كَانَت الْغَيْبَة إِلَى دونهَا
فأظهر الْوَجْهَيْنِ أَنَّهَا لَا تزوج حَتَّى يرجع الْوَلِيّ فيحضر أَو يُوكل
وللولي الْمُجبر التَّوْكِيل بِالتَّزْوِيجِ من غير إِذن الْمَرْأَة
وَأَصَح الْقَوْلَيْنِ أَنه لَا يشْتَرط تعْيين الزَّوْج
وَالْوَكِيل يحْتَاط
فَلَا يُزَوّج من غير كُفْء
وَأما غير الْمُجبر فَإِن نهته عَن التَّوْكِيل لم يُوكل
وَإِن أَذِنت لَهُ وكل
وَإِن قَالَت لَهُ زَوجنِي فَهَل لَهُ التَّوْكِيل فِيهِ وَجْهَان
أصَحهمَا نعم
وَلَا يجوز لَهُ التَّوْكِيل من غير استئذانها فِي النِّكَاح فِي أصح الْوَجْهَيْنِ
وَيَقُول وَكيل الْوَلِيّ زوجت بنت فلَان مِنْك وَيَقُول الْوَلِيّ لوكيل الْخَاطِب زوجت بِنْتي من فلَان فَيَقُول وَكيله قبلت نِكَاحهَا لَهُ
وَيجب على الْمُجبر تَزْوِيج الْمَجْنُونَة الْبَالِغَة وتزويج الْمَجْنُون عِنْد ظُهُور الْحَاجة وَلَا يجب عَلَيْهِ تَزْوِيج الْبِنْت الصَّغِيرَة وَلَا التَّزْوِيج للصَّغِير
وَعَلِيهِ وعَلى غير الْمُجبر إِن

(2/7)


كَانَ مُتَعَيّنا الْإِجَابَة إِذا التمست الْمَرْأَة التَّزْوِيج وَإِن لم يكن مُتَعَيّنا كإخوة وأعمام والتمست التَّزْوِيج من بَعضهم
فَكَذَلِك تجب الْإِجَابَة فِي أظهر الْقَوْلَيْنِ
وَالْأولَى إِذا اجْتمع الْأَوْلِيَاء فِي دَرَجَة وَاحِدَة أَن يُزَوّجهَا أفقههم وأقرؤهم وأسنهم بِرِضا الآخرين
وَإِن تزاحموا أَقرع بَينهم
وَمَعَ ذَلِك فَلَو زوج غير من خرجت لَهُ الْقرعَة وَقد أَذِنت لكل وَاحِد مِنْهُم
فأصح الْوَجْهَيْنِ صِحَّته
وَإِذا زَوجهَا وَاحِد من زيد وَآخر من عَمْرو وَلم يعرف السَّابِق
فهما باطلان
وَلَو عرف سبق وَاحِد على التَّعْيِين ثمَّ الْتبس وَجب التَّوَقُّف إِلَى أَن يتَبَيَّن الْحَال
فَإِن ادّعى كل وَاحِد من الزَّوْجَيْنِ على الْمَرْأَة أَنَّهَا تعلم سبق نِكَاحه سَمِعت دَعْوَاهَا بِنَاء على الصَّحِيح
وَهُوَ قبُول إِقْرَارهَا بِالنِّكَاحِ
وَحِينَئِذٍ فَإِن أنْكرت حَلَفت
وَإِن أقرَّت لأَحَدهمَا ثَبت لَهُ النِّكَاح
وَهل تسمع دَعْوَى الثَّانِي عَلَيْهَا وَهل لَهُ تحليفها يَنْبَنِي على الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إِذا قَالَ هَذِه الدَّار لزيد لَا بل لعَمْرو
وللجد أَن يتَوَلَّى طرفِي العقد فِي تَزْوِيج بنت ابْنه من ابْن ابْن آخر
وَابْن الْعم لَا يُزَوّج من نَفسه وَلَكِن يُزَوّجهَا ابْن عَم فِي دَرَجَته
فَإِن لم يكن فِي دَرَجَته زَوجهَا القَاضِي
وَإِن كَانَ الرَّاغِب القَاضِي زَوجهَا من فَوْقه من الْوُلَاة أَو خَلِيفَته
وكما لَا يجوز للْوَاحِد تولى الطَّرفَيْنِ لَا يجوز أَن يُوكل وَكيلا بِأحد الطَّرفَيْنِ أَو وكيلين بالطرفين فِي أصح الْوَجْهَيْنِ
وَإِذا زوج الْوَلِيّ موليته من غير كُفْء بِرِضَاهَا أَو بعض الْأَوْلِيَاء المستوين بِرِضَاهَا ورضا البَاقِينَ
صَحَّ النِّكَاح
وَلَو زَوجهَا الْأَقْرَب مِنْهُ بِرِضَاهَا لم يكن للأبعد اعْتِرَاض
وَلَو زَوجهَا أحد الْأَوْلِيَاء بِرِضَاهَا دون رضى الآخرين
فَهَل يبطل النِّكَاح أَو يَصح وَلَهُم الِاعْتِرَاض بِالْفَسْخِ فِيهِ قَولَانِ
أصَحهمَا الأول
وَيجْرِي الْقَوْلَانِ فِي تَزْوِيج الْبكر الصَّغِيرَة والبالغة من غير كُفْء بِغَيْر رِضَاهَا
فَيبْطل فِي أصَحهمَا وَيصِح فِي الآخر
وللبالغة الْخِيَار
وللصغيرة إِذا بلغت فِي القَوْل الثَّانِي
وَالَّتِي يَلِي أمرهَا السُّلْطَان إِذا التمست تَزْوِيجهَا من غير كُفْء فأظهر الْوَجْهَيْنِ أَنه لَا يجيبها إِلَيْهِ

(2/8)


وخصال الْكَفَاءَة هِيَ السَّلامَة من الْعُيُوب الَّتِي يثبت بهَا الْخِيَار
فَمن بِهِ بَعْضهَا لَا يكون كفئا للسليمة مِنْهَا
وَالْحريَّة
فالرقيق لَيْسَ بكفء لحرة أَصْلِيَّة كَانَت أَو عتيقة
والعتيق لَيْسَ كفئا للْحرَّة الْأَصْلِيَّة
وَالنّسب فالعجمي لَيْسَ كفئا للعربية وَغير الْقرشِي لَيْسَ كفئا للقرشية وَغير الْهَاشِمِي لَيْسَ كفئا للهاشمية والمطلبي للهاشمية والمطلبية
وَالظَّاهِر اعْتِبَار النّسَب فِي الْعَجم كَمَا يعْتَبر فِي الْعَرَب
والعفة
فالفاسق لَيْسَ كفئا للعفيفة
والحرفة
فأصحاب الحرفة الدنيئة لَيْسُوا بأكفاء للأشراف وَسَائِر المحترفة
والكناس والحجام وقيم الْحمام والحارس لَا يكافئون ابْنة الْخياط
والخياط لَا يكافىء ابْنة التَّاجِر وَالْبَزَّاز
وهما لَا يكافئان ابْنة الْعَالم وَالْقَاضِي
وَأظْهر الْوَجْهَيْنِ أَن الْيَسَار لَا يعْتَبر فِي خِصَال الْكَفَاءَة
فَإِن بعض الْخِصَال لَا يُقَابل بِبَعْض
وَلَا يجوز للْأَب أَن يقبل لِابْنِهِ الصَّغِير نِكَاح الْأمة
وَالْأَظْهَر أَنه لَا يقبل نِكَاح المعيبة أَيْضا وَأَنه لَا يجوز أَن يقبل نِكَاح من لَا تكافئه من سَائِر الْوُجُوه
وَالْمَجْنُون الصَّغِير لَا يُزَوّج أَلْبَتَّة
وَكَذَا الْكَبِير إِلَّا أَن تَدْعُو الْحَاجة إِلَى التَّزْوِيج مِنْهُ
وَإِذا جَازَ التَّزْوِيج مِنْهُ فَلَا يُزَاد على وَاحِدَة
وَيجوز أَن يُزَوّج من الصَّغِير الْعَاقِل أَكثر من وَاحِدَة
والمجنونة يُزَوّجهَا الْأَب وَالْجد صَغِيرَة كَانَت أَو كَبِيرَة بكرا أَو ثَيِّبًا
وَيَكْفِي فِي تَزْوِيجهَا ظُهُور الْمصلحَة
وَلَا تشْتَرط الْحَاجة
وَالَّتِي لَا أَب لَهَا وَلَا جد لَا تزوج إِن كَانَت صَغِيرَة
وَإِن كَانَت بَالِغَة
فَالْأَظْهر أَنه لَا يُزَوّجهَا إِلَّا السُّلْطَان
وَإِنَّمَا يُزَوّجهَا للْحَاجة دون الْمصلحَة فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ
والمحجور عَلَيْهِ بالسفه لَا يسْتَقلّ بِالنِّكَاحِ بل يتَزَوَّج بِإِذن الْوَلِيّ أَو يقبل لَهُ الْوَلِيّ النِّكَاح
فَإِذا أذن لَهُ وَعين امْرَأَة لم ينْكح غَيرهَا
وينكحها بِمهْر الْمثل أَو بِمَا دونه فَإِن زَاد صَحَّ النِّكَاح على الْأَصَح ورد إِلَى مهر الْمثل
وَلَو قَالَ انكح بِأَلف وَلم يعين امْرَأَة بِالذَّاتِ وَلَا بالنوع
نكح امْرَأَة بِأَقَلّ الْأَمريْنِ من مهر الْمثل

(2/9)


وَلَو أطلق الْإِذْن فَالْأَصَحّ صِحَّته
وينكح بِمهْر الْمثل من تلِيق بِهِ وَلَو قبل الْوَلِيّ النِّكَاح لَهُ
فَيحْتَاج إِلَى اسْتِئْذَانه فِي أصح الْقَوْلَيْنِ وَيقبل بِمهْر الْمثل أَو بِمَا دونه
فَإِن زَاد بَطل فِي أحد الْقَوْلَيْنِ
وَصَحَّ بِمهْر الْمثل فِي أصَحهمَا
وَإِن نكح السَّفِيه بِغَيْر إِذن الْوَلِيّ فَالنِّكَاح بَاطِل
وَإِذا دخل بهَا فَيجب مهر الْمثل أَو أقل مَا يتمول أَو لَا يجب شَيْء فِيهِ وُجُوه
رجح مِنْهَا الثَّالِث
والمحجور عَلَيْهِ بالفلس لَهُ أَن ينْكح لَكِن لَا يصرف مَا فِي يَده إِلَى مُؤَن النِّكَاح بل يتَعَلَّق بِكَسْبِهِ
وَنِكَاح العَبْد بِغَيْر إِذن السَّيِّد بَاطِل وبإذنه صَحِيح
وَيجوز أَن يُطلق الْإِذْن وَأَن يُقيد بِامْرَأَة بِعَينهَا أَو بِوَاحِدَة من الْقَبِيلَة أَو الْبَلدة
وَلَا يعدل العَبْد عَمَّا أذن لَهُ فِيهِ
وَلَيْسَ للسَّيِّد إِجْبَار العَبْد على النِّكَاح فِي أصح الْقَوْلَيْنِ
وَلَا تلْزمهُ الْإِجَابَة إِذا طلب العَبْد النِّكَاح فِي أصح الْوَجْهَيْنِ
وَله إِجْبَار أمته على النِّكَاح صَغِيرَة كَانَت أَو كَبِيرَة بكرا كَانَت أَو ثَيِّبًا
وَلَا يلْزمه التَّزْوِيج إِذا طلبته إِن كَانَت مِمَّن تحل لَهُ
وَكَذَا إِن لم تكن فِي أصح الْوَجْهَيْنِ
وَإِذا زوج السَّيِّد أمته فيزوجها بِالْملكِ أَو بِالْولَايَةِ فِيهِ وَجْهَان
أظهرهمَا الأول حَتَّى يُزَوّج الْفَاسِق أمته
وَلَو سلبناه الْولَايَة بِالْفِسْقِ
ويزوج الْمُسلم أمته الْكِتَابِيَّة ويزوج الْمكَاتب أمته
فَائِدَة يُقَال زوج للرجل وَالْمَرْأَة
وَأما زَوْجَة فقليل
وَنقل الْفراء أَنَّهَا لُغَة تَمِيم
وَأنْشد قَول الفرزدق وَإِن الَّذِي يسْعَى ليفسد زَوْجَتي كساع إِلَى أَسد الشرى يستميلها وَفِي الحَدِيث عَن عمار بن يَاسر فِي حق عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَالله إِنِّي لأعْلم أَنَّهَا زَوجته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ذكره البُخَارِيّ
وَاخْتَارَهُ الْكسَائي
فرع يجوز للْمُسلمِ أَن يُزَوّج الْكَافِر كَافِرَة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع إِذا لم يكن لَهَا ولي من النّسَب يُزَوّجهَا الْحَاكِم
وَإِذا كَانَ لمُسلم أمة كارة يُزَوّجهَا وَليهَا الْمُسلم من كَافِر
لغز امْرَأَة يُزَوّجهَا الْحَاكِم مَعَ حُضُور الْأَخ الرشيد وَهُوَ غير عاضل وَلَا محرم
وَهِي الْمَجْنُونَة الْبَالِغَة
مَسْأَلَة رجل زوج أمه وَهِي بكر بِولَايَة صَحِيحَة
مَا صورته

(2/10)


الْجَواب هَذَا صَغِير لَهُ أُخْت بَالِغَة نزل لَهَا لبن
فرضع مِنْهُ أَخُوهَا
فَلَمَّا كبر الابْن زوج أُخْته

الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب
الْإِجْمَاع مُنْعَقد على أَن النِّكَاح من الْعُقُود الشَّرْعِيَّة المنسوبة بِأَصْل الشَّرْع
وَاتفقَ الْأَئِمَّة على أَن من تاقت نَفسه إِلَيْهِ وَخَافَ الْعَنَت وَهُوَ الزِّنَا فَإِنَّهُ يتَأَكَّد فِي حَقه وَيكون أفضل لَهُ من الْجِهَاد وَالْحج وَصَلَاة التَّطَوُّع وَصَوْم التَّطَوُّع
وَالنِّكَاح مُسْتَحبّ لمحتاج إِلَيْهِ يجد أهبته عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك
وَقَالَ أَحْمد مَتى تاقت نَفسه إِلَيْهِ وخشي الْعَنَت وَجب
وَقَالَ أَبُو حنيفَة باستحبابه مُطلقًا بِكُل حَال
وَهُوَ عِنْده أفضل من الِانْقِطَاع لِلْعِبَادَةِ
وَقَالَ دَاوُد بِوُجُوب النِّكَاح على الرجل وَالْمَرْأَة مرّة فِي الْعُمر مُطلقًا
وَإِذا قصد نِكَاح امْرَأَة سنّ نظره إِلَى وَجههَا وكفيها بالِاتِّفَاقِ
وَقَالَ دَاوُد بِجَوَازِهِ إِلَى سَائِر جَسدهَا سوى السوأتين
وَالأَصَح من مَذْهَب الشَّافِعِي جَوَاز النّظر إِلَى فرج الزَّوْجَة وَالْأمة وَعَكسه
وَبِذَلِك قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد
ومملوك الْمَرْأَة نَص الشَّافِعِي على أَنه محرم عَلَيْهَا
فَيجوز نظره إِلَيْهَا
وَهَذَا هُوَ الْأَصَح عِنْد جُمْهُور أَصْحَابه
وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد الصَّحِيح عِنْد أَصْحَابنَا أَن العَبْد لَا يكون محرما لسيدته
وَقَالَ النَّوَوِيّ هَذَا هُوَ الصَّوَاب بل يَنْبَغِي أَن لَا يجْرِي فِيهِ خلاف بل يقطع بِتَحْرِيمِهِ
وَالْقَوْل بِأَنَّهُ محرم لَهَا لَيْسَ لَهُ دَلِيل ظَاهر
فَإِن الصَّوَاب فِي الْآيَة أَنَّهَا فِي الْإِمَاء
وَلَا يَصح النِّكَاح إِلَّا من جَائِز التَّصَرُّف
عِنْد عَامَّة الْفُقَهَاء
وَقَالَ أَبُو حنيفَة يَصح نِكَاح الصَّبِي وَالسَّفِيه مَوْقُوفا على إجَازَة الْوَلِيّ
وَيجوز للْوَلِيّ غير الْأَب أَن يُزَوّج الْيَتِيم قبل بُلُوغه إِذا كَانَ مُضْطَرّا لَهُ كَالْأَبِ عِنْد الثَّلَاثَة
وَمنع الشَّافِعِي من هَذَا

(2/11)


وَلَا يَصح نِكَاح العَبْد بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد
وَقَالَ مَالك يَصح وللولي فَسخه عَلَيْهِ
وَقَالَ أَبُو حنيفَة يَصح مَوْقُوفا على إجَازَة الْوَلِيّ
وَقَالَ أَبُو حنيفَة يَصح مَوْقُوفا على إجَازَة الْوَلِيّ

فصل وَلَا يَصح النِّكَاح عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد إِلَّا بولِي
ذكر
فَإِن عقدت الْمَرْأَة النِّكَاح لَا يَصح
وَقَالَ أَبُو حنيفَة للْمَرْأَة أَن تتَزَوَّج بِنَفسِهَا وَأَن تُؤْكَل فِي نِكَاحهَا إِذا كَانَت من أهل التَّصَرُّف فِي مَالهَا وَلَا اعْتِرَاض عَلَيْهَا إِلَّا أَن تضع نَفسهَا فِي غير كُفْء فيعترض الْوَلِيّ عَلَيْهَا
وَقَالَ مَالك إِن كَانَت ذَات شرف وجمال يرغب فِي مثلهَا لم يَصح نِكَاحهَا إِلَّا بولِي
وَإِن كَانَت بِخِلَاف ذَلِك
جَازَ أَن يتَوَلَّى نِكَاحهَا أَجْنَبِي بِرِضَاهَا
وَقَالَ دَاوُد إِن كَانَت بكرا لم يَصح نِكَاحهَا بِغَيْر ولي
وَإِن كَانَت ثَيِّبًا صَحَّ
وَقَالَ أَبُو ثَوْر وَأَبُو يُوسُف يَصح إِن تزوجت بِإِذن وَليهَا وَإِن تزوجت بِنَفسِهَا أَو ترافعا إِلَى حَاكم حَنَفِيّ حكم بِصِحَّتِهِ نفذ
وَلَيْسَ للشَّافِعِيّ نقضه إِلَّا عِنْد أبي سعيد الأصطخري
فَإِن وَطئهَا قبل الحكم فَلَا حد عَلَيْهِ
إِلَّا عِنْد أبي بكر الصَّيْرَفِي إِن اعْتقد تَحْرِيمه
وَإِن طَلقهَا قبل الحكم لم يَقع إِلَّا عِنْد أبي إِسْحَاق الْمروزِي احْتِيَاطًا
فَإِن كَانَت الْمَرْأَة فِي مَوضِع لَيْسَ فِيهِ حَاكم وَلَا ولي
فَوَجْهَانِ
أَحدهمَا تزوج نَفسهَا
وَالثَّانِي ترد أمرهَا إِلَى رجل من الْمُسلمين يُزَوّجهَا
وَقَالَ المستظهري وَهَذَا لَا يَجِيء على أصلنَا
وَكَانَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق يخْتَار فِي مثل هَذَا أَن يحكم فَقِيها من أهل الِاجْتِهَاد فِي ذَلِك بِنَاء على التَّحْكِيم فِي النِّكَاح

فصل وَتَصِح الْوَصِيَّة بِالنِّكَاحِ عِنْد
مَالك وَيكون الْوَصِيّ أولى من الْوَلِيّ بذلك
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن القَاضِي يُزَوّج
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا ولَايَة لوصي مَعَ ولي لِأَن عارها لَا يلْحقهُ
وَقَالَ القَاضِي عبد الْوَهَّاب الْمَالِكِي وَهَذَا الْإِطْلَاق فِي الْقَلِيل فَاسد
فالحاكم إِذا زوج الْمَرْأَة لَا يلْحقهُ مَا قَالَه

فصل وَتجوز الْوكَالَة فِي النِّكَاح

وَقَالَ أَبُو ثَوْر لَا تدخل الْوكَالَة فِيهِ
وَالْجد أولى من الْأَخ
وَقَالَ مَالك الْأَخ أولى من الْأَب وَالأُم أولى من الْأَخ للْأَب عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي أصح قوليه
وَقَالَ مَالك هما سَوَاء
وَلَا ولَايَة للِابْن على أمه بالبنوة

(2/12)


عِنْد الشَّافِعِي
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد تثبت لَهُ الْولَايَة
وَقدمه مَالك وَأَبُو يُوسُف على الْأَب
وَقَالَ أَحْمد الْأَب أولى
وَفِي الْجد عَنهُ رِوَايَتَانِ
وَهُوَ قَول أبي حنيفَة

فصل وَلَا ولَايَة لِلْفَاسِقِ
عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد
وَمن أَصْحَابه من قَالَ إِن كَانَ الْوَلِيّ أَبَا أَو جدا فَلَا ولَايَة لَهُ مَعَ الْفسق وَإِن كَانَ غَيرهمَا من الْعَصَبَات تثبت لَهُ الْولَايَة مَعَ الْفسق
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد إِن كَانَت الْعصبَة مُنْقَطِعَة انْتَقَلت الْولَايَة إِلَى الْأَبْعَد
وَإِن كَانَت غير مُنْقَطِعَة لم تنْتَقل
والمنقطع عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد هُوَ الْغَيْبَة فِي مَكَان لَا تصل إِلَيْهِ الْقَافِلَة فِي السّنة إِلَّا مرّة وَاحِدَة
وَإِذا غَابَ الْوَلِيّ عَن الْبكر وخفي خَبره وَلم يعلم لَهُ مَكَان
قَالَ مَالك يُزَوّجهَا أَخُوهَا بِإِذْنِهَا
وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه خلافًا للشَّافِعِيّ

فصل وَللْأَب وَالْجد تَزْوِيج الْبكر
بِغَيْر رِضَاهَا صَغِيرَة كَانَت أَو كَبِيرَة
وَبِه قَالَ مَالك فِي الْأَب
وَهُوَ أشهر الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد وَالْجد
وَقَالَ أَبُو حنيفَة تَزْوِيج الْبكر الْبَالِغَة الْعَاقِلَة بِغَيْر رِضَاهَا
لَا يجوز لأحد بِحَال
وَقَالَ مَالك وَأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لَا يثبت للْجدّ ولَايَة الْإِجْبَار
وَلَا يجوز لغير الْأَب تَزْوِيج الصَّغِيرَة حَتَّى تبلغ وتأذن
وَقَالَ أَبُو حنيفَة يجوز لسَائِر الْعَصَبَات تَزْوِيجهَا غير أَنه لَا يلْزم العقد فِي حَقّهَا
فَيثبت لَهَا الْخِيَار إِذا بلغت
وَقَالَ أَبُو يُوسُف يلْزمهَا عقدهم

فصل وَالْبكْر إِذا ذهبت بَكَارَتهَا بِوَطْء
وَلَو حَرَامًا لم يجز تَزْوِيجهَا إِلَّا بِإِذْنِهَا إِن كَانَت بَالِغَة
وَإِن كَانَت صَغِيرَة فَمَتَى تبلغ وتأذن
فعلى هَذَا إِذا زَالَت الْبكارَة قبل بُلُوغهَا لم تتَزَوَّج عِنْد الشَّافِعِي حَتَّى تبلغ سَوَاء كَانَ المزوج أَبَا أَو غَيره
وَقَالَ أَحْمد إِذا بلغت تسع سِنِين صَحَّ إِذْنهَا فِي النِّكَاح وَغَيره
وَالرجل إِذا كَانَ هُوَ الْوَلِيّ للْمَرْأَة إِمَّا بِنسَب أَو وَلَاء أَو حكم
كَانَ لَهُ أَن يُزَوّج نَفسه مِنْهَا عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك على الْإِطْلَاق
وَقَالَ أَحْمد يُوكل غَيره كَيْلا يكون مُوجبا قَابلا
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز لَهُ الْقبُول بِنَفسِهِ وَلَا يُوكل غَيره
بل يُزَوجهُ حَاكم غَيره وَلَو خَلِيفَته
وَعَن بعض أَصْحَابه الْجَوَاز
وَبِه عمل أَبُو يحيى الْبَلْخِي قَاضِي دمشق
فَإِنَّهُ تزوج امْرَأَة ولي أمرهَا من نَفسه
وَكَذَلِكَ من أعتق أمته ثمَّ أَذِنت لَهُ فِي نِكَاحهَا من نَفسه جَازَ لَهُ عِنْد أبي حنيفَة

(2/13)


وَمَالك أَن يَلِي نِكَاحهَا من نَفسه
وَكَذَلِكَ من لَهُ بنت صَغِيرَة يجوز لَهُ أَن يُوكل من خطبهَا مِنْهُ فِي تَزْوِيجهَا من نَفسه عِنْد مَالك وَأبي حنيفَة وصاحبيه

فصل وَإِذا اتّفق الْأَوْلِيَاء
وَالْمَرْأَة على نِكَاح غير الْكُفْء صَحَّ العقد عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَحْمد لَا يَصح
وَإِذا زَوجهَا أحد الْأَوْلِيَاء بِرِضَاهَا من غير كُفْء لم يَصح عِنْد الشَّافِعِي
وَقَالَ مَالك اتِّفَاق الْأَوْلِيَاء وَاخْتِلَافهمْ سَوَاء
وَإِذا أَذِنت فِي تَزْوِيجهَا الْمُسلم
فَلَيْسَ لوَاحِد من الْأَوْلِيَاء الِاعْتِرَاض على ذَلِك
وَقَالَ أَبُو حنيفَة يلْزم النِّكَاح

فصل والكفاءة عِنْد الشَّافِعِي
فِي خَمْسَة الدّين وَالنّسب والصنعة وَالْحريَّة والخلو من الْعَيْب
وَشرط بعض أَصْحَابه الْيَسَار
وَقَول أَبُو حنيفَة كَقَوْل الشَّافِعِي لكنه لم يعْتَبر الْخُلُو من الْعَيْب
وَلم يعْتَبر مُحَمَّد بن الْحسن الدّيانَة فِي الْكَفَاءَة إِلَّا أَن يكون يسكر وَيخرج فيسخر مِنْهُ الصّبيان
وَعند مَالك أَنه قَالَ الْكَفَاءَة فِي الدّين لَا غير
قَالَ ابْن أبي ليلى الْكَفَاءَة فِي الدّين وَالنّسب وَالْمَال
وَهِي رِوَايَة عَن أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف والمكسب
وَهِي رِوَايَة عَن أبي حنيفَة
وَعَن أَحْمد رِوَايَة كمذهب الشَّافِعِي
وَأُخْرَى أَنه يعْتَبر الدّين والصنعة
ولأصحاب الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي السن وَجْهَان
كالشيخ مَعَ الشَّابَّة
وأصحهما أَنه لَا يعْتَبر
وَهل فقد الْكَفَاءَة يُؤثر فِي بطلَان النِّكَاح أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة يُوجب للأولياء حق الِاعْتِرَاض
وَقَالَ مَالك يبطل النِّكَاح
وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ
أصَحهمَا الْبطلَان إِلَّا إِذا حصل مَعَه رضى الزَّوْجَة والأولياء
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ
أظهرهمَا الْبطلَان
وَإِذا طلبت الْمَرْأَة التَّزْوِيج من كُفْء بِدُونِ مهر مثلهَا لزم الْوَلِيّ إجابتها عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد
وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يلْزمه ذَلِك
وَنِكَاح من لَيْسَ بكفء فِي النّسَب غير محرم بالِاتِّفَاقِ
وَإِذا زوج الْأَب وَالْجد الصَّغِيرَة بِدُونِ مهر مثلهَا بلغ بِهِ مهر الْمثل عِنْد الشَّافِعِي
وَقَالَ قع أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد يلْزم مَا سَمَّاهُ

(2/14)


وَإِذا كَانَ الْأَقْرَب من أهل الْولَايَة مَوْجُودا فَزَوجهَا الْأَبْعَد لم يَصح عِنْد الثَّلَاثَة
وَقَالَ مَالك يَصح إِلَّا فِي الْأَب فِي حق الْبكر وَالْوَصِيّ
فَإِنَّهُ يجوز عِنْد الْأَرْبَعَة التَّزْوِيج
وَإِذا زوج الْمَرْأَة وليان بِإِذْنِهَا من رجلَيْنِ وَعلم السَّابِق
فَالثَّانِي بَاطِل عِنْد الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة وَأحمد
وَقَالَ مَالك إِن دخل بهَا الثَّانِي مَعَ الْجَهْل بِحَال الأول
بَطل الأول
وَصَحَّ الثَّانِي
وَإِن لم يعلم السَّابِق بطلا
وَإِذا قَالَ رجل فُلَانَة زَوْجَتي وصدقته ثَبت النِّكَاح باتفاقهما عِنْد الثَّلَاثَة
وَقَالَ مَالك لَا يثبت النِّكَاح حَتَّى يرى دَاخِلا وخارجا من عِنْدهَا إِلَّا أَن يكون فِي سفر

فصل وَلَا يَصح النِّكَاح إِلَّا
بِشَهَادَة عِنْد الثَّلَاثَة
وَقَالَ مَالك يَصح من غير شَهَادَة إِلَّا أَنه اعْتبر الإشاعة وَترك التواصي على الكتمان حَتَّى لَو عقد فِي السِّرّ وَاشْترط كتمان النِّكَاح فسخ عِنْد مَالك
وَعند أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يضر كتمانهم مَعَ حُضُور الشَّاهِدين وَلَا يثبت النِّكَاح عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد إِلَّا بِشَاهِدين عَدْلَيْنِ ذكرين
وَقَالَ أَبُو حنيفَة ينْعَقد بِرَجُل وَامْرَأَتَيْنِ وبشهادة فاسقين
وَإِذا تزوج مُسلم ذِمِّيَّة لم ينْعَقد النِّكَاح إِلَّا بِشَهَادَة مُسلمين عِنْد الثَّلَاثَة
وَقَالَ أَبُو حنيفَة ينْعَقد بذميين
وَالْخطْبَة فِي النِّكَاح لَيست بِشَرْط عِنْد جَمِيع الْفُقَهَاء إِلَّا دَاوُد
فَإِنَّهُ قَالَ بِاشْتِرَاط الْخطْبَة عِنْد العقد مستدلا بِفعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

فصل وَلَا يَصح النِّكَاح عِنْد
الشَّافِعِي وَأحمد إِلَّا بِلَفْظ التَّزْوِيج والإنكاح
وَقَالَ أَبُو حنيفَة ينْعَقد بِكُل لفظ يَقْتَضِي التَّمْلِيك على التأييد فِي حَال الْحَيَاة وَقد رُوِيَ عَنهُ فِي لفظ الْإِجَارَة رِوَايَتَانِ
وَقَالَ مَالك ينْعَقد بذلك مَعَ ذكر الْمهْر
وَإِذا قَالَ زوجت بِنْتي من فلَان فَبَلغهُ
فَقَالَ قبلت النِّكَاح لم يَصح عِنْد عَامَّة الْفُقَهَاء
وَقَالَ أَبُو يُوسُف يَصح وَيكون قَوْله زوجت فلَانا جَمِيع العقد
وَلَو قَالَ زَوجتك بِنْتي فَقَالَ قبلت فللشافعي قَولَانِ
أصَحهمَا أَنه لَا يَصح حَتَّى يَقُول قبلت نِكَاحهَا
وَالثَّانِي يَصح
وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأحمد

(2/15)


وَلَا يجوز للْمُسلمِ أَن يتَزَوَّج كِتَابِيَّة بِولَايَة كتابي عِنْد أَحْمد
وَأَجَازَهُ الثَّلَاثَة

فصل وَللسَّيِّد إِجْبَار عَبده الْكَبِير على النِّكَاح
عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وعَلى الْقَدِيم من قولي الشَّافِعِي
وَلَا يملك ذَلِك عِنْد أَحْمد وعَلى الْجَدِيد من قولي الشَّافِعِي وَيجْبر السَّيِّد على بيع العَبْد أَو إنكاحه إِذا طلب مِنْهُ الْإِنْكَاح فَامْتنعَ عِنْد أَحْمد
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك لَا يجْبر
وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ كالمذهبين أصَحهمَا لَا يجْبر
وَلَا يلْزم الابْن إعفاف أَبِيه وَهُوَ إنكاحه إِذا طلب النِّكَاح عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك
وَأظْهر الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد أَنه يلْزمه
وَهُوَ نَص الشَّافِعِي
قَالَ محققو أَصْحَابه بِشَرْط حريَّة الْأَب
وَكَذَلِكَ عِنْده يلْزم إعفاف الْأَحْرَار من جِهَة الْأَب وَكَذَا من جِهَة الْأُم

فصل وَيجوز للْوَلِيّ أَن يُزَوّج أم وَلَده
بِغَيْر رِضَاهَا عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد
وَللشَّافِعِيّ فِي ذَلِك أَقْوَال
أَصَحهَا كمذهب أبي حنيفَة وَلأَحْمَد رِوَايَتَانِ وَلَو قَالَ أعتقت أمتِي وَجعلت عتقهَا صَدَاقهَا بِحَضْرَة شَاهِدين
فَعِنْدَ أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ النِّكَاح غير مُنْعَقد
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ
إِحْدَاهمَا كمذهب الْجَمَاعَة
وَالثَّانيَِة الِانْعِقَاد
وَثُبُوت الْعتْق صَحِيح بِالْإِجْمَاع
وَلَو قَالَت الْأمة لسَيِّدهَا أعتقني على أَن أتزوجك وَيكون عتقي صَدَاقي فَأعْتقهَا
قَالَ الْأَرْبَعَة يَصح الْعتْق
وَأما النِّكَاح فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ هِيَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَت تزوجته وَإِن شَاءَت لم تتزوجه
وَيكون لَهَا إِن اخْتَارَتْ صدَاق مُسْتَأْنف
فَإِن كرهته فَلَا شَيْء عَلَيْهَا عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك
وَقَالَ الشَّافِعِي لَهُ قيمَة نَفسهَا
وَقَالَ أَحْمد تصير حرَّة
ويلزمها قيمَة نَفسهَا
وَإِن تَرَاضيا بِالْعقدِ كَانَ الْعتْق مهْرا وَلَا شَيْء لَهَا سَوَاء
انْتهى

بَاب مَا يحرم من النِّكَاح
يحرم نِكَاح الْأُمَّهَات
وكل أُنْثَى وَلدتك أَو ولدت من وَلدتك فَهِيَ أمك
وَيحرم نِكَاح الْبَنَات
وكل أُنْثَى ولدتها أَو ولدت من وَلَدهَا فَهِيَ بنتك إِلَّا الْبِنْت المخلوقة من مَاء الزِّنَا
وَإِذا ولدت من الزِّنَا لم يحل لَهَا نِكَاح وَلَدهَا
وَنِكَاح الْأَخَوَات وَبَنَات الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات وَنِكَاح العمات
وكل أُنْثَى هِيَ أُخْت ذكر

(2/16)


ولدك فَهِيَ عَمَّتك
وَنِكَاح الخالات
وكل أُنْثَى هِيَ أُخْت أُنْثَى وَلدتك
فَهِيَ خالتك
وَهَؤُلَاء السَّبع يحرمن من الرَّضَاع كَمَا يحرمن من النّسَب
وكل امْرَأَة أَرْضَعتك أَو أرضعت من أَرْضَعتك أَو من ولدك أَو ولدت مرضعتك أَو من لَبنهَا مِنْهُ فَهِيَ أم من الرَّضَاع
وعَلى هَذَا قِيَاس سَائِر الْأَصْنَاف
وَإِذا أرضعت أَجْنَبِيَّة أَخَاك لم تحرم عَلَيْك
وَإِن حرمت أم الْأَخ فِي النّسَب وَكَذَلِكَ إِذا أرضعت أَجْنَبِيَّة ولدك لم تحرم أمهَا وَلَا بنتهَا عَلَيْك
وَإِن كَانَت تحرم جدة الْوَلَد وَأُخْته فِي النّسَب
وَلَا تحرم أُخْت الْأَخ فِي النّسَب وَلَا فِي الرَّضَاع
وَصورتهَا أَن ترضعك امْرَأَة وترضع صَغِيرَة أَجْنَبِيَّة مِنْك يجوز لأخيك نِكَاحهَا
وَيحرم من جِهَة الْمُصَاهَرَة بِالنِّكَاحِ الصَّحِيح أُمَّهَات الزَّوْجَة من الرَّضَاع وَالنّسب
وَالْوَطْء فِي ملك الْيَمين يحرم الْمَوْطُوءَة على ابْن الواطىء وَأَبِيهِ وَأمّهَا وبنتها على الواطىء
وَكَذَلِكَ الحكم فِي الْوَطْء بِالشُّبْهَةِ إِذا شملت الشُّبْهَة الرجل وَالْمَرْأَة
وَإِن اخْتصّت بِأَحَدِهِمَا فَكَذَلِك فِي أحد الْوَجْهَيْنِ
وَالِاعْتِبَار بِالرجلِ فِي أصَحهمَا حَتَّى يثبت التَّحْرِيم إِذا اشْتبهَ الْحَال عَلَيْهِ
وَالزِّنَا لَا يثبت حُرْمَة الْمُصَاهَرَة
وَلَا يلْحق سَائِر المباشرات بِالْوَطْءِ على الْأَصَح
وَإِذا اخْتلطت محرم بأجنبيات معدودات لم ينْكح وَاحِدَة مِنْهُنَّ
وَإِذا اخْتلطت بنساء بَلْدَة أَو قَرْيَة كَبِيرَة لم يحرم عَلَيْهِ النِّكَاح مِنْهُنَّ
وَمَا يثبت التَّحْرِيم المؤبد إِذا طَرَأَ على النِّكَاح قطعه
وَذَلِكَ كَمَا إِذا وطىء مَنْكُوحَة الرجل ابْنه أَو أَبوهُ بِالشُّبْهَةِ
وَالْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ من النّسَب وَالرّضَاع حرَام
فَإِذا نكح أُخْتَيْنِ مَعًا فالنكاحان باطلان
وَإِن نكحهما على التَّرْتِيب فَالثَّانِي بَاطِل
وَكَذَلِكَ يحرم الْجمع بَين الْمَرْأَة وعمتها وَبَينهَا وَبَين خَالَتهَا من النّسَب وَالرّضَاع
وكل امْرَأتَيْنِ يحرم الْجمع بَينهمَا فِي النِّكَاح يحرم الْجمع بَينهمَا فِي الْوَطْء بِملك الْيَمين
وَلَا يحرم الْجمع فِي الْملك
وَإِذا ملك أُخْتَيْنِ فوطىء إِحْدَاهمَا حرمت الْأُخْرَى إِلَّا أَن يحرم الأولى إِمَّا بِإِزَالَة الْملك بِالْبيعِ أَو غَيره أَو إِزَالَة الْحل بِالتَّزْوِيجِ وَالْكِتَابَة
وَلَو عرض الْحيض أَو الْإِحْرَام لم

(2/17)


يكف
وَكَذَا الرَّهْن فِي أصح الْوَجْهَيْنِ
وَإِذا ملك إِحْدَى الْأُخْتَيْنِ ثمَّ نكح الْأُخْرَى صَحَّ النِّكَاح
وحلت الْمَنْكُوحَة وَحرمت الأولى
وَلَو كَانَ فِي نِكَاحه إِحْدَاهمَا ثمَّ ملك الْأُخْرَى فَهِيَ حرَام عَلَيْهِ
والمنكوحة حَلَال كَمَا كَانَت
وَلَا يجمع الْحر فِي النِّكَاح بَين أَكثر من أَربع نسْوَة وَلَا العَبْد بَين أَكثر من اثْنَتَيْنِ
فَلَو نكح الْحر خمْسا مَعًا بَطل نِكَاح الْحر أَو نكحهن على التَّرْتِيب بَطل نِكَاح الْخَامِسَة
إِذا طلقهن أَو بَعضهنَّ طَلَاقا بَائِنا
وَلَا يجوز إِذا كَانَ رَجْعِيًا حَتَّى تبين
وَكَذَا نِكَاح الْأُخْت فِي عدَّة الْأُخْت
4 - فرع لما خص الله تَعَالَى رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بوحيه
وَأَبَان بَينه وَبَين خلقه بِمَا فرض عَلَيْهِم من طَاعَته افْترض عَلَيْهِ أَشْيَاء خففها على خلقه ليزيده بهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى قربَة
وأباح لَهُ أَشْيَاء حظرها على غَيره زِيَادَة فِي كرامته وتبيينا لفضله
وَقد صَحَّ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خص بِأَحْكَام فِي النِّكَاح وَغَيره لم يُشَارِكهُ غَيره فِيهَا
مِنْهَا أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُبِيح لَهُ أَن ينْكح من النِّسَاء أَي عدد شَاءَ
وَحكى الطَّبَرِيّ فِي الْعدة وَجها آخر أَنه لم يبح لَهُ أَن يجمع بَين أَكثر من تسع
وَالْأول هُوَ الْمَشْهُور
وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نكح ثَمَان عشرَة امْرَأَة
وَقيل بل خمس عشرَة وَجمع بَين أَربع عشرَة
وَقيل بَين إِحْدَى عشرَة
وَمَات عَن تسع عَن عَائِشَة بنت أبي بكر وَحَفْصَة بنت عمر وَأم سَلمَة بنت أبي أُميَّة وَأم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان ومَيْمُونَة بنت الْحَارِث وَجُوَيْرِية بنت الْحَارِث وَصفِيَّة بنت حييّ بن أَخطب وَزَيْنَب بنت جحش الْكَلْبِيَّة
فَهَؤُلَاءِ ثَمَان نسْوَة
وَكَانَ يقسم لَهُنَّ إِلَى أَن مَاتَ
والتاسعة سَوْدَة بنت زَمعَة
كَانَت وهبت لَيْلَتهَا لعَائِشَة
وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رغب فِي نِكَاح امْرَأَة مُزَوّجَة
وَعلم زَوجهَا بذلك وَجب عَلَيْهِ أَن يطلقهَا
كامرأة زيد بن حَارِثَة
انْتهى
وَإِذا طلق الْحر زَوجته ثَلَاثًا قبل الدُّخُول أَو بعده لم يحل لَهُ نِكَاحهَا حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَيدخل بهَا وتنقضي عدتهَا مِنْهُ بعد أَن يفارقها
والطلقتان من العَبْد كالثلاث من الْحر
وَيشْتَرط للْحلّ أَن يُصِيب مِنْهَا الثَّانِي فِي نِكَاح صَحِيح فِي أصح الْقَوْلَيْنِ

(2/18)


وَفِي الثَّانِي يحصل الْحل بالإصابة فِي الْفَاسِد أَيْضا
وَالْمُعْتَبر تغييب الْحَشَفَة أَو مقدارها من مَقْطُوع الْحَشَفَة
وَأَصَح الْوَجْهَيْنِ أَنه يشْتَرط انتشار الْآلَة
فَلَا يَكْفِي إِصَابَة الطِّفْل
فَلَو نَكَحَهَا الزَّوْج الثَّانِي بِشَرْط أَن لَا نِكَاح بَينهمَا وَإِذا أَصَابَهَا بَانَتْ مِنْهُ
فَالنِّكَاح بَاطِل
وَكَذَا إِذا نَكَحَهَا على شَرط أَن يطلقهَا حِينَئِذٍ فِي أصح الْوَجْهَيْنِ
وَلَا ينْكح الرجل الَّتِي يملكهَا كلهَا أَو بَعْضهَا
وَلَو ملك زَوجته أَو بَعْضهَا انْفَسَخ النِّكَاح
وَكَذَلِكَ لَا تنْكح الْمَرْأَة من تملك كُله أَو بعضه
وَلَا ينْكح مَمْلُوكَة الْغَيْر إِلَّا بِشُرُوط
أَحدهَا أَن لَا يكون تَحْتَهُ حرَّة
والأحوط الْمَنْع
وَإِن كَانَت لَا تصلح للاستمتاع
وَالثَّانِي أَن لَا يقدر على نِكَاح حرَّة إِمَّا لِأَنَّهُ لَا يجد صَدَاقهَا أَو لِأَنَّهُ لَا يجد امْرَأَة ينْكِحهَا
وَلَو قدر على نِكَاح حرَّة غَائِبَة
فَلهُ نِكَاح الْأمة إِن كَانَت تلْحقهُ مشقة ظَاهِرَة بِالْخرُوجِ إِلَيْهَا أَو كَانَ لَا يَأْمَن من الْوُقُوع فِي الزِّنَا فِي مُدَّة قطع الْمسَافَة وَإِلَّا لم ينْكِحهَا
وَلَو قدر على نِكَاح حرَّة رتقاء أَو صَغِيرَة فعلى الْخلاف الْمَذْكُور فِيمَا إِذا كَانَت تَحْتَهُ حرَّة لَا تصلح للاستمتاع
وَالأَصَح أَنه لَا يملك نِكَاح الْأمة إِن وجد حرَّة ترْضى بِمهْر مُؤَجل
وَالثَّالِث أَن يخَاف الْوُقُوع فِي الزِّنَا
فَإِن قدر على شِرَاء جَارِيَة يتسراها لم ينْكح الْأمة فِي أصح الْوَجْهَيْنِ
وَالرَّابِع أَن تكون الْأمة الَّتِي ينْكِحهَا مسلمة
وَلَا يحل لَهُ نِكَاح الْأمة الْكِتَابِيَّة
وَالأَصَح أَنه يجوز أَن ينْكح الْحر وَالْعَبْد الكتابيان الْأمة الْكِتَابِيَّة
وَأَن العَبْد الْمُسلم لَا ينْكِحهَا
وَالَّتِي تبعض فِيهَا الرّقّ وَالْحريَّة فَهِيَ كالرقيقة حَتَّى لَا ينْكِحهَا الْحر إِلَّا بالشرائط الْمَذْكُورَة
وَلَو نكح الْحر الْأمة ثمَّ أيسر أَو نكح حرَّة لم يَنْفَسِخ نِكَاح الْأمة
وَلَو جمع من لَا يحل لَهُ نِكَاح الْأمة بَين حرَّة وَأمة فِي عقد وَاحِد بَطل نِكَاح الْأمة
وَأَصَح الْقَوْلَيْنِ صِحَة نِكَاح الْحرَّة

(2/19)


وَقَالَ صَاحب التَّتِمَّة إِذا طلق زَوجته الْأمة ثَلَاثًا ثمَّ اشْتَرَاهَا
هَل تحل لَهُ بِملك الْيَمين أم لَا فِيهِ وَجْهَان
أصَحهمَا أَنه لَا يحل لَهُ وَطْؤُهَا لِأَن الله تَعَالَى قَالَ {فَإِن طَلقهَا فَلَا تحل لَهُ من بعد حَتَّى تنْكح زوجا غَيره فَإِن طَلقهَا فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا أَن يتراجعا إِن ظنا أَن يُقِيمَا حُدُود الله وَتلك حُدُود الله يبينها لقوم يعلمُونَ} وَذَلِكَ اقْتضى التَّحْرِيم على الْإِطْلَاق
وَرُوِيَ عَن زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ فِي الرجل يُطلق الْأمة ثَلَاثًا ثمَّ يَشْتَرِيهَا إِنَّهَا لَا تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره
وَالثَّانِي يحل
لِأَن حكم ملك الْيَمين أوسع من حكم النِّكَاح
وَلِهَذَا لم ينْحَصر الْعدَد فِي ملك الْيَمين
وَلِهَذَا قُلْنَا إِن الْأمة الْكِتَابِيَّة لَا تحل بِالنِّكَاحِ وَتحل بِملك الْيَمين
وَالْأمة مَحْمُولَة على الاستباحة بِحكم النِّكَاح
فَائِدَة من تَحْرِير التَّنْبِيه
قَالَ الواحدي أَكثر اسْتِعْمَال الْعَرَب فِي الآدميات الْأُمَّهَات وَفِي غَيْرهنَّ من الْحَيَوَانَات الأمات بِحَذْف الْهَاء
وَجَاء فِي الآدميات الأمات بحذفها
وَفِي غَيْرهنَّ إِثْبَاتهَا
وَيُقَال فِي الْأُم أمة وَالْهَاء فِي أمة وَأُمَّهَات زَائِدَة عِنْد الْجُمْهُور
وَقيل أَصْلِيَّة
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي الأَصْل أم ثمَّ يُقَال فِي الندا يَا أُمَّاهُ
فَيدْخلُونَ هَاء السكت عَلَيْهَا
وَبَعض الْعَرَب يسْقط الْألف
ويشبهون هَاء السكت بتاء التَّأْنِيث
فَيَقُولُونَ يَا أمة
كَمَا قَالُوا يَا أَبَت
وَمِنْه أَيْضا السّريَّة بِضَم السِّين
قَالَ الْأَزْهَرِي وَغَيره هِيَ فعلية من السِّرّ
وَهُوَ الْجِمَاع
سمي سرا لِأَنَّهُ يفعل سرا
وَقَالُوا سَرِيَّة بِالضَّمِّ وَلم يقولوها بِالْكَسْرِ ليفرقوا بَين الزَّوْجَة وَالْأمة
كَمَا قَالُوا للشَّيْخ الَّذِي أَتَت عَلَيْهِ دهور دهري بِالضَّمِّ
وللملحد دهري بِالْفَتْح
وَكِلَاهُمَا نِسْبَة إِلَى الدَّهْر
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم هِيَ مُشْتَقَّة من السِّرّ وَهُوَ السرُور
لِأَن صَاحبهَا يسر بهَا
قَالَ الْأَزْهَرِي هَذَا القَوْل أحسن
قَالَ وَالْأول أَكثر
وَقَالَ الْجَوْهَرِي هِيَ مُشْتَقَّة من السِّرّ وَهُوَ الْجِمَاع
وَمن السِّرّ وَهُوَ الْإخْفَاء
لِأَنَّهُ يخفيها عَن زَوجته
ويسترها أَيْضا من ابتذال غَيرهَا من الْإِمَاء
قَالَ وَيُقَال تسررت جَارِيَة وتسريت
كَمَا قَالُوا تظننت وتظنيت من الظَّن

الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب
أم الْمَرْأَة تحرم على التَّأْبِيد بِمُجَرَّد العقد على الْبِنْت بالِاتِّفَاقِ
وَحكي عَن عَليّ

(2/20)


وَزيد بن ثَابت رَضِي الله عَنْهُمَا إِن طَلقهَا قبل الدُّخُول كَانَ لَهُ أَن يتَزَوَّج بأمها
وَإِن مَاتَت قبل الدُّخُول لم يجز لَهُ تزوج أمهَا
فَجعل الْمَوْت كالدخول
وَتحرم الربيبة بِالدُّخُولِ بِالْأُمِّ بالِاتِّفَاقِ وَإِن لم تكن فِي حجر زوج أمهَا
وَقَالَ دَاوُد يشْتَرط أَن تكون الربيبة فِي كفَالَته
وَتَحْرِيم الْمُصَاهَرَة يتَعَلَّق بِالْوَطْءِ فِي ملك
فَأَما الْمُبَاشرَة فِيمَا دون الْفرج بِشَهْوَة فَهَل يتَعَلَّق بهَا التَّحْرِيم قَالَ أَبُو حنيفَة يتَعَلَّق بِالتَّحْرِيمِ بذلك حَتَّى قَالَ إِن النّظر إِلَى الْفرج كالمباشرة فِي تَحْرِيم الْمُصَاهَرَة

فصل والزانية يحل نِكَاحهَا
عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَحْمد يحرم نِكَاحهَا حَتَّى تتوب
وَمن زنى بِامْرَأَة لم يحرم عَلَيْهِ نِكَاحهَا وَلَا نِكَاح أمهَا وبنتها عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ
وَقَالَ أَبُو حنيفَة يتَعَلَّق تَحْرِيم الْمُصَاهَرَة بِالزِّنَا
وَزَاد عَلَيْهِ أَحْمد فَقَالَ إِذا تلوط بِغُلَام حرمت عَلَيْهِ أمه وبنته
وَلَو زنت امْرَأَة لم يَنْفَسِخ نِكَاحهَا بالِاتِّفَاقِ
وَرُوِيَ عَن عَليّ وَالْحسن الْبَصْرِيّ أَنه يَنْفَسِخ
وَلَو زنت امْرَأَة ثمَّ تزوجت حل للزَّوْج وَطْؤُهَا عِنْد الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة من غير عدَّة لَكِن يكره وَطْء الْحَامِل حَتَّى تضع
وَقَالَ مَالك وَأحمد يجب عَلَيْهَا الْعدة
وَيحرم على الزَّوْج وَطْؤُهَا حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا
وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا كَانَت حَامِلا حرم نِكَاحهَا حَتَّى تضع
وَإِن كَانَت حَائِلا لم تحرم وَلم تَعْتَد
وَهل يحل نِكَاح المتولدة من زنا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد لَا تحل
وَقَالَ الشَّافِعِي تحل مَعَ الْكَرَاهَة
وَعَن مَالك رِوَايَتَيْنِ كالمذهبين

فصل وَالْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ
فِي النِّكَاح حرَام
وَكَذَا بَين الْمَرْأَة وعمتها أَو خَالَتهَا وَكَذَا يحرم الْوَطْء بِملك الْيَمين
وَقَالَ دَاوُد لَا يحرم الْجمع بَين الأمتين فِي الْوَطْء بِملك الْيَمين وَهُوَ رِوَايَة عَن أَحْمد
وَقَالَ أَبُو حنيفَة يَصح نِكَاح الْأُخْت غير أَنه لَا يحل لَهُ وَطْء الْمَنْكُوحَة حَتَّى يحرم الْمَوْطُوءَة على نَفسه

فصل إِنَّمَا يجوز للْحرّ نِكَاح
الْأمة بِشَرْطَيْنِ خوف الْعَنَت وَعدم الطول لنكاح حرَّة

(2/21)


وَقَالَ أَبُو حنيفَة يجوز ذَلِك مَعَ عدم الشَّرْطَيْنِ
وَإِنَّمَا الْمَانِع من ذَلِك عِنْده أَن يكون تَحْتَهُ زَوْجَة حرَّة أَو مُعْتَدَّة مِنْهُ
وَلَا يحل للْمُسلمِ نِكَاح الْكِتَابِيَّة عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد
وَقَالَ أَبُو حنيفَة يحل
وَلَا يجوز لمن لَا يحل لَهُ نِكَاح الْكفَّار وَطْء إمَائِهِمْ بِملك الْيَمين بالِاتِّفَاقِ
وَقَالَ أَبُو ثَوْر إِنَّه يحل وَطْء جَمِيع الْإِمَاء بِملك الْيَمين على أَي دين كن
وَلَا يجوز للْحرّ أَن يزِيد فِي نِكَاح الْإِمَاء على أمة وَاحِدَة عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك يجوز لَهُ أَن يتَزَوَّج من الْإِمَاء أَرْبعا كَمَا يتَزَوَّج من الْحَرَائِر أَرْبعا
وَالْعَبْد يجوز لَهُ أَن يجمع بَين زَوْجَتَيْنِ فَقَط عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد
وَقَالَ مَالك هُوَ كَالْحرِّ فِي جَوَاز جمع الْأَرْبَع
وَيجوز للرجل عِنْد الشَّافِعِي أَن يتَزَوَّج بِامْرَأَة زنى بهَا
وَيجوز لَهُ وَطْؤُهَا من غير اسْتِبْرَاء
وَكَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَلَكِن لَا يجوز وَطْؤُهَا لَهُ حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة أَو بِوَضْع الْحمل إِن كَانَت حَامِلا
وَكره مَالك التَّزَوُّج بالزانية مُطلقًا
وَقَالَ أَحْمد لَا يجوز أَن يَتَزَوَّجهَا إِلَّا بِشَرْطَيْنِ وجوب التَّوْبَة مِنْهَا
واستبراؤها بِوَضْع الْحمل أَو بِالْأَقْرَاءِ أَو بالشهور
وَأَجْمعُوا على أَن نِكَاح الْمُتْعَة بَاطِل لَا خلاف بَينهم فِي ذَلِك
وَصفته أَن يتَزَوَّج امْرَأَة إِلَى مُدَّة
فَيَقُول تَزَوَّجتك إِلَى شهر أَو سنة
وَنَحْو ذَلِك
وَهُوَ بَاطِل مَنْسُوخ بِإِجْمَاع الْعلمَاء بأسرهم قَدِيما وحديثا
وَورد جَوَاز ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس
وَالصَّحِيح عَنهُ القَوْل بِبُطْلَانِهِ
وَلَكِن حكى زفر عَن الْحَنَفِيَّة أَن الشَّرْط يسْقط وَيصِح النِّكَاح على التَّأْبِيد إِذا كَانَ بِلَفْظ التَّزْوِيج
وَإِن كَانَ بِلَفْظ الْمُتْعَة فَهُوَ مُوَافق للْجَمَاعَة
وَنِكَاح الشّغَار بَاطِل عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد
وَقَالَ أَبُو حنيفَة العقد صَحِيح وَالْمهْر فَاسد
وَصفته أَن يَقُول أحد الْمُتَعَاقدين للْآخر زَوجتك أُخْتِي على أَن تزَوجنِي ابْنَتك بِغَيْر صدَاق أَو زَوجتك مولاتي على أَن تزَوجنِي مولاتي بِغَيْر صدَاق
وَهُوَ بَاطِل عِنْد الشَّافِعِي إِلَّا أَنه لَا يكون شغارا عِنْده حَتَّى يَقُول وبضع كل وَاحِدَة مهر الْأُخْرَى

(2/22)


وَإِذا تزوج امْرَأَة على أَن يحلهَا لمطلقها ثَلَاثًا وَشرط أَنه إِذا وَطئهَا فَهِيَ طَالِق أَو فَلَا نِكَاح بَينهمَا
فَعِنْدَ أبي حنيفَة يَصح النِّكَاح دون الشَّرْط
وَفِي حلهَا للْأولِ عِنْده رِوَايَتَانِ
وَعند مَالك لَا تحل للْأولِ إِلَّا بعد حُصُول نِكَاح صَحِيح يصدر عَن رَغْبَة من غير قصد التَّحْلِيل ويطؤها حَلَالا وَهِي طَاهِرَة غير حَائِض
فَإِن شَرط التَّحْلِيل أَو نَوَاه فسد العقد وَلَا تحل للثَّانِي
وَللشَّافِعِيّ فِي الْمَسْأَلَة قَولَانِ
أصَحهمَا أَنه لَا يَصح
وَقَالَ أَحْمد لَا يَصح مُطلقًا
فَإِن تزَوجهَا وَلم يشرط ذَلِك إِلَّا أَنه كَانَ فِي عزمه
صَحَّ النِّكَاح عِنْد أبي حنيفَة وَعند الشَّافِعِي مَعَ الْكَرَاهَة
وَقَالَ مَالك وَأحمد لَا يَصح
وَلَو تزوج امْرَأَة وَشرط على نَفسه أَن لَا يتَزَوَّج عَلَيْهَا أَو لَا يتسرى عَلَيْهَا أَو لَا ينقلها من بَلَدهَا أَو دارها أَو لَا يُسَافر بهَا
فَعِنْدَ أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ أَن العقد صَحِيح
وَلَا يلْزم هَذَا الشَّرْط وَلها مهر الْمثل
لِأَن هَذَا شَرط يحرم الْحَلَال
وَكَانَ كَمَا لَو شَرط أَن لَا تسلمه نَفسهَا
وَعند أَحْمد هُوَ صَحِيح يلْزم الْوَفَاء بِهِ
وَمَتى خَالف شَيْئا من ذَلِك فلهَا الْخِيَار فِي الْفَسْخ
انْتهى

بَاب نِكَاح الْمُشرك
مناكحة الْكفَّار لَا تحل
وهم الَّذين لَا كتاب لَهُم وَلَا شُبْهَة كتاب كعبدة الْأَوْثَان وَالشَّمْس والزنادقة
وَكَذَا مناكحة الْمَجُوس
وَيحل مناكحة أهل الْكتاب سَوَاء كَانَت الْكِتَابِيَّة حربية أَو ذِمِّيَّة لَكِن يكره نِكَاح الحربية
وَكَذَا نِكَاح الذِّمِّيَّة على الْأَظْهر

(2/23)


ونعني بِأَهْل الْكتاب الْيَهُود وَالنَّصَارَى دون الَّذين يتمسكون بالزبور وَغَيره
ثمَّ الْكِتَابِيَّة إِن كَانَت إسرائيلية فَذَاك
وَإِلَّا فأصح الْقَوْلَيْنِ جَوَاز نِكَاحهَا أَيْضا إِن كَانَت من قوم يعلم دُخُولهمْ بعد التحريف والنسخ فَلَا ينْكح
وَكَذَا إِن دخلُوا فِيهِ بعد التحريف وَقبل النّسخ على الْأَظْهر وَإِن لم يعلم مَتى دخلُوا فِيهِ فَكَذَلِك لَا تنْكح
والكتابية إِذا نكحت فَهِيَ كالمسلمة فِي النَّفَقَة وَالْقسم وَالطَّلَاق
وَللزَّوْج إجبارها على الْغسْل من الْجَنَابَة ومنعها من أكل لحم الْخِنْزِير
وَلَا خلاف فِي أَنه إِذا تنجس عُضْو من أعضائها أجبرها على غسله وَكَذَلِكَ فِي الْمسلمَة
وَالأَصَح أَنه لَا يحل لَهُ مناكحة من أحد أَبَوَيْهِ كتابي وَالْآخر وَثني
والسامرة من الْيَهُود والصائبون من النَّصَارَى إِن كَانُوا يخالفونهم فِي أصُول الدّين لم يناكحوا وَإِن كَانُوا يخالفونهم فِي الْفُرُوع فَلَا بَأْس بمناكحتهم
وَإِذا تنصر يَهُودِيّ أَو تهود نَصْرَانِيّ
فأصح الْقَوْلَيْنِ أَنه لَا يقر عَلَيْهِ بالجزية
وَلَو كَانَ هَذَا الِانْتِقَال من امْرَأَة لم ينْكِحهَا الْمُسلم
وَلَو كَانَت المنتقلة مَنْكُوحَة مُسلم كَانَ كَمَا لَو ارْتَدَّت الْمسلمَة
وَأَن لَا يقبل مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَام فِيمَا رجح من الْقَوْلَيْنِ
وَفِي الثَّانِي أَنه لَو عَاد لما كَانَ عَلَيْهِ
قبل مِنْهُ
وَلَو توثن يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ لم يقر
وفيهَا يقبل مِنْهُ الْقَوْلَانِ
وَلَو ارْتَدَّ مُسلم فَلَا يخفى أَنه لَا يقبل مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَام
وَلَا يجوز نِكَاح الْمُرْتَدَّة للْمُسلمين وَلَا للْكفَّار
وَلَو ارْتَدَّ فِي دوَام نِكَاح أحد الزَّوْجَيْنِ
أَو كِلَاهُمَا مَعًا
فَإِن كَانَ قبل الدُّخُول تنجزت الْفرْقَة
وَإِن كَانَ بعده توقف النِّكَاح
فَإِن جَمعهمَا الْإِسْلَام قبل انْقِضَاء مُدَّة الْعدة اسْتمرّ النِّكَاح وَإِلَّا تبين الْفِرَاق من وَقت الرِّدَّة
وَلَا يجوز الوط فِي مُدَّة التَّوَقُّف
وَلَا يجب الْحَد لَو جرى الْوَطْء
وَلَو أسلم كَافِر كتابي أَو غير كتابي وَتَحْته كِتَابِيَّة
اسْتمرّ النِّكَاح
وَإِن كَانَ تَحْتَهُ وثنية أَو مَجُوسِيَّة وَتَخَلَّفت عَن الْإِسْلَام فَإِن كَانَ ذَلِك قبل الدُّخُول تنجزت الْفرْقَة
وَإِن كَانَ بعده فَإِن أسلمت قبل انْقِضَاء مُدَّة الْعدة اسْتمرّ النِّكَاح وَإِلَّا بَانَتْ الْفرْقَة من وَقت إِسْلَام الزَّوْج
وَلَو أسلمت الْمَرْأَة وأصر الزَّوْج على الْكفْر أَي كفر كَانَ فَهُوَ كَمَا لَو أسلم الزَّوْج

(2/24)


وأصرت هِيَ على التوثن
وَلَو أسلم الزَّوْجَانِ مَعًا اسْتمرّ النِّكَاح بَينهمَا
وَالِاعْتِبَار فِي التَّرْتِيب والمعية بآخر كلمة الْإِسْلَام لَا بأولها
وَحَيْثُ يحكم باستمرار النِّكَاح لم يضر اقتران مَا يفْسد النِّكَاح بِالْعقدِ الْجَارِي فِي الْكفْر إِذا كَانَ ذَلِك الْمسند زائلا عِنْد الْإِسْلَام
وَكَانَت بِحَيْثُ يجوز لَهُ أَن ينْكِحهَا حِينَئِذٍ
وَإِن كَانَ الْمسند بَاقِيا وَقت الْإِسْلَام انْدفع النِّكَاح
فَيقر على النِّكَاح الْجَارِي فِي الْكفْر بِلَا ولي وَلَا شُهُود وَفِي عدَّة الْغَيْر إِن كَانَت منقضية عِنْد الْإِسْلَام
وَإِن كَانَت بَاقِيَة فَلَا يقرونَ على نِكَاح الْمَحَارِم
ويقرون على النِّكَاح الْمُؤَقت إِن اعتقدوه مُؤَبَّدًا وَإِن اعتقدوه مؤقتا لم يقرُّوا عَلَيْهِ
وَلَو كَانَت وَقت الْإِسْلَام مُعْتَدَّة عَن الشُّبْهَة فَالظَّاهِر اسْتِمْرَار النِّكَاح
وَكَذَلِكَ لَو أسلم الرجل وَأحرم ثمَّ أسلمت الْمَرْأَة وَهُوَ محرم فَلهُ إِِمْسَاكهَا
وَلَو نكح فِي الْكفْر حرَّة وَأمة ثمَّ أسلم وأسلمتا مَعَه
فَظَاهر الْمَذْهَب أَن الْحرَّة تتَعَيَّن للنِّكَاح ويندفع نِكَاح الْأمة
وَأما الْأَنْكِحَة الْجَارِيَة فِي الْكفْر هَل هِيَ صَحِيحَة أَو فَاسِدَة أَولا نحكم فِيهَا بِصِحَّة وَلَا فَسَاد فِيمَا يَتَقَرَّر تبين صِحَّته وَمَا لَا يتَبَيَّن فَسَاده فِيهِ ثَلَاثَة أوجه أَو ثَلَاثَة أَقْوَال
أَصَحهَا الأول
حَتَّى إِذا طلق الْكَافِر زَوجته ثَلَاثًا ثمَّ أسلما لم تحل لَهُ إِلَّا بِمُحَلل
وَالَّتِي يُقرر نِكَاحهَا بعد الْإِسْلَام فتستحق الْمهْر الْمُسَمّى إِن كَانَ صَحِيحا
وَإِن كَانَ فَاسِدا كخمر أَو خِنْزِير فَإِن أسلما بعد قَبضه فَلَا شَيْء لَهَا وَإِن أسلما قبله فلهَا مهر الْمثل
وَإِن كَانَت قد قبضت بعضه دون بعض اسْتحقَّت من مهر الْمثل بقسط مَا لم تقبض
وَالَّتِي ينْدَفع نِكَاحهَا بِالْإِسْلَامِ إِن كَانَت مَدْخُولا بهَا وصححنا أنكحتهم
فَإِن كَانَ الاندفاع بِإِسْلَام الزَّوْج وَجب نصف الْمُسَمّى إِن كَانَ صَحِيحا وَنصف مهر الْمثل إِن كَانَ فَاسِدا وَإِن كَانَ الاندفاع بإسلامها لم يكن لَهَا شَيْء
وَإِذا ترافع إِلَيْنَا أهل الذِّمَّة فنقرهم على مَا نقرهم عَلَيْهِ لَو أَسْلمُوا أَو نبطل مَا نبطله لَو أَسْلمُوا
وَيجب الحكم إِذا ترافع إِلَيْنَا ذميان على أظهر الْقَوْلَيْنِ
وَإِن كَانَ أحد الْخَصْمَيْنِ مُسلما فَلَا خلاف فِي وجوب الحكم
وَإِذا أسلم وَتَحْت أَكثر من أَربع نسْوَة وأسلمن مَعَه أَو تخلفن وَهن كتابيات اخْتَار

(2/25)


أَرْبعا مِنْهُنَّ واندفع نِكَاح الْبَاقِيَات
وَكَذَا الحكم لَو تخلفن وَهن مجوسيات مَدْخُول بِهن ثمَّ أسلمن قبل انْقِضَاء عدتهن من وَقت إِسْلَامه
وَلَو أسلمت أَربع مَعَه أَو كَانَ قد دخل بِهن وَاجْتمعَ إِسْلَام أَربع مِنْهُنَّ لَا غير مَعَ إِسْلَام الزَّوْج فِي العقد بِعَين النِّكَاح
وَلَو أسلم وَتَحْته أم وبنتها وأسلمتا مَعَه أَو لم تسلما وهما كتابيات فَإِن كَانَ قد دخل بهما فهما محرمتان على التَّأْبِيد
وَإِن لم يدْخل بِوَاحِدَة مِنْهُمَا
فأوجه الْقَوْلَيْنِ أَن الْبِنْت تتَعَيَّن ويندفع نِكَاح الْأُم
وَالثَّانِي أَنه مُخَيّر بَينهمَا فَيمسك من شَاءَ مِنْهُمَا
فَإِن كَانَ قد دخل بالبنت دون الْأُم فَيقر نِكَاح الْبِنْت وَتحرم الْأُم على التَّأْبِيد
وَكَذَا الْأُم على الْأَظْهر
وَلَو أسلم وَتَحْته أمة وَأسْلمت مَعَه فَلهُ إِِمْسَاكهَا إِن كَانَ مِمَّن يحل لَهُ نِكَاح الْإِمَاء وَإِلَّا فَلَا يمْسِكهَا
وَكَذَا لَو تخلفت وَهِي مَدْخُول بهَا ثمَّ أسلمت فِي الْعدة
وَإِن لم يكن مَدْخُولا بهَا تنجزت الْفرْقَة
وَلَو أسلم وَتَحْته إِمَاء وأسلمن مَعَه أَو كَانَ قد دخل بِهن وجمعت الْعدة إِسْلَامه وإسلامهن
فَلهُ أَن يخْتَار وَاحِدَة مِنْهُنَّ إِن كَانَ مِمَّن يحل لَهُ نِكَاح الْإِمَاء
وَلَو أسلمت الْحرَّة مَعَه أَو كَانَت مَدْخُولا بهَا فَأسْلمت فِي الْعدة
تعيّنت واندفعت الْإِمَاء
وَلَو لم تسلم الْحرَّة إِلَى انْقِضَاء عدتهَا فيختار وَاحِدَة مِنْهُنَّ وَيجْعَل كَأَن الْحرَّة لم تكن
وَلَو أسلمت الْحرَّة وعتقت الْإِمَاء ثمَّ أسلمن فِي الْعدة كَانَ كَمَا لَو أسلم على حرائر
فيختار أَرْبعا مِنْهُنَّ
وَالِاخْتِيَار فِي النِّكَاح بِأَن يَقُول اخْتَرْتُك أَو قررت نكاحك أَو أمسكتك أَو ثبتك
وَمن طَلقهَا فقد عينهَا للنِّكَاح
وَأما الظِّهَار وَالْإِيلَاء فَلَيْسَ تعيينا فِي أصح الْوَجْهَيْنِ
وَلَو علق الِاخْتِيَار للنِّكَاح أَو الْفِرَاق بِدُخُول الدَّار وَنَحْوه
لم يَصح
وَلَو حصر المختارات فِي خمس أَو سِتّ زَالَ بعض الْإِبْهَام
فيندفع نِكَاح غَيْرهنَّ
وَيُؤمر بِالتَّعْيِينِ مِنْهُنَّ
وَيجب عَلَيْهِ نفقتهن جَمِيعًا إِلَى أَن يخْتَار
وَإِذا امْتنع من الِاخْتِيَار عزّر بِالْحَبْسِ
وَلَو مَاتَ قبل التَّعْيِين اعْتدت الْحَامِل بِوَضْع الْحمل وَغير الْمَدْخُول بهَا بأَرْبعَة أشهر وَعشر
وَكَذَا الْمَدْخُول بهَا من ذَوَات الْأَشْهر والأقراء بأقصى الْأَجَليْنِ من أَرْبَعَة أشهر وَعشر أَو ثَلَاثَة أَقراء
وَيُوقف لَهُنَّ نصيب الزَّوْجَات إِلَى أَن يصطلحن

(2/26)


وَإِذا أسلم الزَّوْجَانِ مَعًا استمرت النَّفَقَة باستمرار النِّكَاح
وَإِن أسلم الزَّوْج أَولا وَهِي غير كِتَابِيَّة
فَإِن أصرت إِلَى انْقِضَاء الْعدة فَلَا نَفَقَة لَهَا
وَإِن أسلمت فِي الْعدة فلهَا النَّفَقَة من وَقت الْإِسْلَام
والجديد أَنَّهَا لَا نَفَقَة لَهَا للزمان المتخلف
وَإِن أسلمت الزَّوْجَة أَولا نظر
إِن أسلم الزَّوْج قبل انْقِضَاء مُدَّة الْعدة
فلهَا النَّفَقَة مُدَّة تخلفه وَمَا بعْدهَا
وَفِي مُدَّة التَّخَلُّف وَجه
إِن أصر حَتَّى انْقَضتْ عدتهَا اسْتحقَّت نَفَقَة مُدَّة الْعدة على الْوَجْه الرَّاجِح
وَإِن ارْتَدَّت الْمَرْأَة فَلَا نَفَقَة لَهَا فِي مُدَّة الرِّدَّة
وَإِن عَادَتْ إِلَى الْإِسْلَام فِي مُدَّة الْعدة
وَإِن ارْتَدَّ الزَّوْج لَزِمته النَّفَقَة لمُدَّة الْعدة
فَائِدَة من سيره مغلطاي لما أسلم أَبُو الْعَاصِ بن الرّبيع زوج زَيْنَب بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت زَيْنَب هَاجَرت قبله وَتركته على شركه وردهَا عَلَيْهِ السَّلَام لَهُ بِالنِّكَاحِ الأول بعد سنتَيْن
وَقيل بعد سِتّ سِنِين
وَقيل قبل انْقِضَاء الْعدة فِيمَا ذكره ابْن عقبَة
وَفِي حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده ردهَا بِنِكَاح جَدِيد سنة سبع
وَذكر عَن مغلطاي أَنَّهَا لما هَاجَرت لم يَنْقَطِع النِّكَاح وَلم يكن مَوْقُوفا على انْقِضَاء الْعدة
لِأَن ذَلِك الحكم لم يكن شرع حَتَّى نزلت آيَة تَحْرِيم المسلمات على الْمُشْركين بعد صلح الْحُدَيْبِيَة
فَلَمَّا نزلت الْآيَة توقف نِكَاحهَا على انْقِضَاء عدتهَا
وَلم تلبث إِلَّا يَسِيرا حَتَّى جَاءَ أَبُو الْعَاصِ وَأظْهر إِسْلَامه
فَلم يكن بَين توقف نِكَاحهَا على انْقِضَاء الْعدة إِلَّا الْيَسِير
وَكَانَ بَين ذَلِك وهجرتها سِتّ سِنِين
وَهُوَ الصَّوَاب
الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اخْتلفُوا فِيمَن أسلم وَتَحْته أَكثر من أَربع نسْوَة
فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يخْتَار مِنْهُنَّ أَرْبعا وَمن الْأُخْتَيْنِ وَاحِدَة
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن كَانَ العقد وَقع عَلَيْهِنَّ فِي حَالَة وَاحِدَة فَهُوَ بَاطِل
وَإِن كَانَ فِي عُقُود صَحَّ النِّكَاح فِي الْأَرْبَعَة الْأَوَائِل وَكَذَلِكَ الْأُخْتَيْنِ
وَلَو ارْتَدَّ أحد الزَّوْجَيْنِ
قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك يتعجل الْفرْقَة مُطلقًا سَوَاء كَانَ الارتداد قبل الدُّخُول أَو بعده
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد إِن كَانَ الارتداد قبل الدُّخُول تعجلت الْفرْقَة
وَإِن كَانَ بعده وقفت على انْقِضَاء الْعدة
وَلَو ارْتَدَّ الزَّوْجَانِ المسلمان مَعًا فَهُوَ بِمَنْزِلَة ارتداد أَحدهمَا
وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا تصح فرقة

(2/27)


وأنكحة الْكفَّار صَحِيحَة تتَعَلَّق بهَا الْأَحْكَام الْمُتَعَلّقَة بأنكحة الْمُسلمين عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد
وَقَالَ مَالك هِيَ فَاسِدَة
انْتهى

بَاب الْخِيَار والإعفاف وَنِكَاح العَبْد
إِذا وجد أحد الزَّوْجَيْنِ بِالْآخرِ جنونا أَو جذاما أَو برصا فَلهُ الْخِيَار فِي فسخ النِّكَاح وَكَذَا لَو وجدت الْمَرْأَة الزَّوْج مجبوبا أَو عنينا أَو وجد الزَّوْج الزَّوْجَة رتقاء أَو قرناء وَالأَصَح أَنه لَا خِيَار إِذا وجد أَحدهمَا الآخر خُنْثَى وَأَنه لَا فرق بَين أَن يكون الْفَسْخ مثل يفْسخ بِهِ أَو لَا يكون
وَلَو وجدت بعض هَذِه الْعُيُوب بِالزَّوْجِ قبل الدُّخُول ثَبت لَهَا الْخِيَار وَكَذَا بعده إِلَّا أَن تحدث الْعنَّة
وَإِن وجدت بِالزَّوْجَةِ فالجديد أَن لَهُ الْخِيَار
وَلَا خِيَار للأولياء بالعيوب الْحَادِثَة بِالزَّوْجِ وَلَا فِي الْمُقَارنَة بالجب والعنة
وَتثبت بالجنون
وَكَذَا بالجذام والبرص فِي أشبه الْوَجْهَيْنِ
وَهَذَا الْخِيَار على الْفَوْر
وَإِذا اتّفق الْفَسْخ قبل الدُّخُول فَلَا شَيْء لَهَا من الْمهْر
وَإِن اتّفق بعده
فَالْأَصَحّ أَنه كَانَ الْفَسْخ بِعَيْب مُقَارن فَالْوَاجِب مهر الْمثل دون الْمُسَمّى وَإِن كَانَ بِعَيْب حَادث بعد العقد
وَإِن حدث قبل الدُّخُول ثمَّ دخل بهَا وَهُوَ غير عَالم بِالْحَال
وَإِن وجدت بعد الدُّخُول فَالْوَاجِب الْمُسَمّى وَلَا يرجع الزَّوْج بِالْمهْرِ
والمغرور عِنْد الْفَسْخ على من غره ودلس عَلَيْهِ فِي الْجَدِيد
وَلَا بُد فِي الْعنَّة من الرّفْع إِلَى الْحَاكِم
وَكَذَلِكَ فِي سَائِر الْعُيُوب فِي أقرب الْوَجْهَيْنِ
وَلَا ينْفَرد الزَّوْجَانِ بِالْفَسْخِ
وَزَوْجَة الْعنين ترفعه إِلَى القَاضِي وتدعي عنته
فَإِن أقرّ بهَا أَو أَقَامَت الْبَيِّنَة على إِقْرَاره بهَا ثبتَتْ
وَإِن أنكر حلف
وَإِن نكل فأصح الْوَجْهَيْنِ ترد الْيَمين عَلَيْهَا
ثمَّ القَاضِي بعد ثُبُوت الْعنَّة يضْرب للزَّوْج مُدَّة سنة يمهله فِيهَا
وَإِنَّمَا يضْرب بِطَلَب الزَّوْجَة
فَإِذا تمت الْمدَّة رفعت ثَانِيًا إِلَى القَاضِي
فَإِن ادّعى الْإِصَابَة حلف
وَإِن نكل ردَّتْ الْيَمين عَلَيْهَا
فَإِن حلف أَو أقرّ الزَّوْج بِأَنَّهُ لم يصبهَا فِي السّنة فقد جَاءَ وَقت الْفَسْخ
وَهل يسْتَقلّ حِينَئِذٍ بِالْفَسْخِ أَو يحْتَاج إِلَى إِذن القَاضِي فِي مُبَاشرَة الْفَسْخ فِيهِ وَجْهَان
أظهرهمَا الأول
وَإِذا رضيت بالْمقَام تَحْتَهُ سقط حَقّهَا من الْفَسْخ
وَكَذَا لَو قَالَت بعد مُضِيّ الْمدَّة أجلته شهرا أَو سنة أُخْرَى على الصَّحِيح

(2/28)


وَإِذا شَرط فِي النِّكَاح إِسْلَام الْمَنْكُوحَة فَبَانَت ذِمِّيَّة
أَو شَرط فِي أحد الزَّوْجَيْنِ نسب أَو حريَّة أَو صفة أُخْرَى فَبَان خلاف الشُّرُوط فَفِي صِحَة النِّكَاح
قَولَانِ أصَحهمَا الصِّحَّة
ثمَّ نظر فَإِن بَان خيرا مِمَّا شَرط فِيهِ فَلَا خِيَار وَإِن بَان دونه فَإِن كَانَ الشَّرْط فِيهِ فلهَا الْخِيَار
وَإِن كَانَ فِيهَا فَلهُ الْخِيَار فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ
وَلَو نكح امْرَأَة على ظن أَنَّهَا مسلمة فَخرجت كِتَابِيَّة أَو حرَّة فَخرجت رقيقَة وَهُوَ مِمَّن يحل لَهُ نِكَاح الْإِمَاء
فأظهر الْقَوْلَيْنِ أَن لَا خِيَار
وَلَو أَذِنت فِي تَزْوِيجهَا مِمَّن تظنه كُفؤًا لَهَا فَبَان فسقه أَو دناءة نسبه أَو حرفته فَلَا خِيَار لَهَا
وَحكم الْمهْر إِذا فسخ النِّكَاح بالخلف فِي الشَّرْط وَالرُّجُوع بِالْمهْرِ الْمَغْرُور على الْغَار كَمَا ذكرنَا فِي الْفَسْخ بِالْعَيْبِ
وَإِنَّمَا يُؤثر التَّغْرِير إِذا كَانَ مغرورا بِالْعقدِ فَأَما التَّغْرِير السَّابِق فَلَا عِبْرَة بِهِ
وَإِذا غر بحريّة امْرَأَة فَبَانَت أمة وصححنا النِّكَاح فَالْوَلَد الْحَاصِل قبل الْعلم بِالْحَال حر
وعَلى الْمَغْرُور قِيمَته لسَيِّد الْأمة وَيرجع بهَا على من غره
وَلَا يتَصَوَّر التَّغْرِير بِالْحُرِّيَّةِ من السَّيِّد
وَإِنَّمَا يكون ذَلِك من وَكيله أَو من الْأمة نَفسهَا
وَإِذا كَانَ مِنْهَا فَيتَعَلَّق الْمُقَرّر بذمتها
وَإِن انْفَصل الْوَلَد مَيتا بِلَا جِنَايَة فَلَا يجب فِيهِ شَيْء
وَإِذا عتقت الْأمة تَحت رَقِيق فلهَا الْخِيَار فِي فسخ النِّكَاح
وَلَو عتق بَعْضهَا أَو دبرت أَو كوتبت أَو عتق العَبْد وَتَحْته أمة فَلَا خِيَار
وَأظْهر الْقَوْلَيْنِ أَن خِيَار الْعتْق على الْفَوْر
وَإِن ادَّعَت الْجَهْل بِالْعِتْقِ وَلم يكذبها ظَاهر الْحَال بِأَن كَانَ السَّيِّد غَائِبا صدقت بِيَمِينِهَا
وَإِن كذبهَا فالمصدق الزَّوْج
وَإِن ادَّعَت الْجَهْل بِأَن الْعتْق يثبت الْخِيَار فَتصدق فِي أصح الْقَوْلَيْنِ
وَإِذا فسخت بِالْعِتْقِ قبل الدُّخُول سقط الْمهْر
وَإِن كَانَ بعده وَالْعِتْق مُتَأَخّر عَن الدُّخُول وَجب الْمُسَمّى
وَإِن كَانَ الْعتْق مُتَقَدما وَكَانَت هِيَ جاهلة فَالْأَظْهر وجوب مهر الْمثل

فصل وَيجب على الْوَلَد إعفاف الْأَب
فِي ظَاهر الْمَذْهَب وَالْجد كَالْأَبِ
وَالْمرَاد من الإعفاف أَن يهيىء لَهُ مستمتعا بِأَن يُعْطِيهِ مهر حرَّة حَتَّى ينْكِحهَا

(2/29)


أَو يَقُول لَهُ انكح وَأَنا أعطي الْمهْر
أَو يُبَاشر النِّكَاح عَن إِذن الْأَب فيعطي الْمهْر أَو بِأَن يملكهُ أمة وَيُعْطِيه ثمنهَا
ثمَّ عَلَيْهِ الْقيام بِنَفَقَة منكوحته أَو أمته ومؤنتهما
وَلَيْسَ للْأَب أَن يعين النِّكَاح وَلَا يرضى بالتسري وَلَا إِذا اتفقَا على النِّكَاح أَن يعين امْرَأَة رفيعة الْمهْر
وَإِذا اتفقَا على قدر الْمهْر
فتعيين الْمَرْأَة إِلَى الْأَب
وعَلى الابْن التَّجْدِيد إِذا مَاتَت زَوْجَة الْأَب أَو أمته أَو انْفَسَخ النِّكَاح بردة أَو فسخ بِعَيْب
وَكَذَا لَو طَلقهَا بِعُذْر فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ
وَلَا يجب إِذا طَلقهَا بِغَيْر عذر
وَإِنَّمَا يجب الإعفاف إِذا كَانَ الْأَب فاقدا للمهر وَإِذا احْتَاجَ إِلَى النِّكَاح وَيصدق إِذا ظَهرت الْحَاجة بِلَا يَمِين
وَيحرم على الْأَب وَطْء جَارِيَة الابْن لَكِن الْأَصَح أَنه لَا حد عَلَيْهِ وَأَنه يجب الْمهْر
وَلَو أحبلها فَالْوَلَد حر نسيب وَأَصَح الْقَوْلَيْنِ أَن الْجَارِيَة تصير مُسْتَوْلدَة وَأَنه يجب عَلَيْهِ قيمَة الْجَارِيَة مَعَ الْمهْر
وَلَا يجب قيمَة الْوَلَد على الْأَظْهر
فَإِن كَانَت الْجَارِيَة مُسْتَوْلدَة الابْن لم تصر مُسْتَوْلدَة الْأَب بِلَا خلاف
وَلَيْسَ للسَّيِّد أَن ينْكح جَارِيَة مكَاتبه
وَلَو ملك الْمكَاتب زَوْجَة سَيّده فالأشبه انْفِسَاخ النِّكَاح

فصل وَالسَّيِّد إِذا أذن فِي نِكَاح
العَبْد لَا يضمن الْمهْر وَالنَّفقَة على الْجَدِيد لكنهما يتعلقان باكتسابه إِن كَانَ مكتسبا مَأْذُونا لَهُ فِي التِّجَارَة
فيتعلقان بِرِبْح مَا فِي يَده وَكَذَا بِرَأْس المَال فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ
وَإِن لم يكن مكتسبا وَلَا مَأْذُونا لَهُ فِي التِّجَارَة فيتعلقان بِذِمَّتِهِ
وَلَا يلزمان السَّيِّد فِي أصح الْقَوْلَيْنِ
وَللسَّيِّد أَن يُسَافر بِعَبْدِهِ وَإِن فَاتَهُ الِاسْتِمْتَاع لَكِن إِذا لم يُسَافر بِهِ فَعَلَيهِ تخليته لَيْلًا للاستمتاع
وَكَذَا استخدامه نَهَارا إِن تكفل بِالْمهْرِ وَالنَّفقَة
وَإِلَّا فيخليه ليكتسب
وَإِذا استخدمه وَلم يلْتَزم شَيْئا
فَعَلَيهِ الْغرم بِمَا استخدم
وَالْغُرْم فِي أصح الْوَجْهَيْنِ أقل الْأَمريْنِ من أُجْرَة الْمثل وَكَمَال الْمهْر وَالنَّفقَة
وَالثَّانِي كَمَال الْمهْر وَالنَّفقَة

(2/30)


وَلَو نكح العَبْد نِكَاحا فَاسِدا وَدخل بالمنكوحة فمهر الْمثل يتَعَلَّق بِذِمَّتِهِ لَا بِرَقَبَتِهِ فِي أصح الْقَوْلَيْنِ
وَإِذا زوج السَّيِّد أمته فَلهُ استخدامها نَهَارا ويسلمها إِلَى الزَّوْج لَيْلًا لَكِن لَا نَفَقَة على الزَّوْج حِينَئِذٍ على الْأَظْهر
وَأظْهر الْوَجْهَيْنِ أَنه لَيْسَ لَهُ أَن يهيىء للزَّوْج بَيْتا فِي دَاره ويكلفه دُخُولهَا
وَلَو سَافر السَّيِّد بهَا لم يمْنَع
فَإِن أَرَادَ الزَّوْج سَافر مَعهَا
وَالظَّاهِر أَن السَّيِّد إِذا قتل أمته الْمُزَوجَة قبل الدُّخُول يسْقط الْمهْر وَلَا خلاف أَنه لَا أثر لهلاك الْمَنْكُوحَة بعد الدُّخُول
وَلَو بَاعَ الْأمة الْمُزَوجَة فالمهر للْبَائِع
وَلَو طَلقهَا الزَّوْج بعد البيع وَقبل الدُّخُول فَنصف الْمهْر
وَإِذا زوج أمته من عَبده لم يجب الْمهْر
فَائِدَة من تَحْرِير التَّنْبِيه الجذام مَعْرُوف بِأَكْل اللَّحْم وبتناثره قَالَ الْجَوْهَرِي وَقد جذم الرجل بِضَم الْجِيم فَهُوَ مجذوم وَلَا يُقَال أَجْذم
والبرص بِالْفَتْح بَيَاض مَعْرُوف وعلامته أَن يعصر فَلَا يحمر
وَقد برص بِفَتْح الْبَاء وَكسر الرَّاء فَهُوَ أبرص
فرع قَالَ ابْن عَبَّاس كَانَ زوج بَرِيرَة عبدا أسود
يُقَال لَهُ مغيث كَأَنِّي أنظر إِلَيْهِ يطوف وَرَاءَهَا فِي سِكَك الْمَدِينَة
وَإنَّهُ كلم الْعَبَّاس ليكلم فِيهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ السُّبْكِيّ وَأَنا أعجب من قَول ابْن عَبَّاس هَذَا مَعَ مَا جَاءَ فِي قصَّة الْإِفْك من قَول عَليّ بن أبي طَالب سل الْجَارِيَة تصدقك وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي بَرِيرَة كَذَا فِي البُخَارِيّ وَغَيره فِي جَمِيع طرق حَدِيث الْإِفْك
وَاحْتِمَال كَون بَرِيرَة هَذِه أُخْرَى بعيد وقصة الْإِفْك قبل الْفَتْح فِي تَوْبَة الْأُسَارَى فَلَعَلَّ بَرِيرَة كَانَت تخْدم عَائِشَة قبل شِرَائهَا إِيَّاهَا وَأَنَّهَا اشترتها وَتَأَخر عتقهَا أَو دَامَ حزن زَوجهَا عَلَيْهَا هَذِه الْمدَّة الطَّوِيلَة
حَكَاهُ الدَّمِيرِيّ فِي شَرحه على الْمِنْهَاج

(2/31)


الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب
الْعُيُوب المثبتة للخيار تِسْعَة ثَلَاثَة يشْتَرك فِيهَا الرِّجَال وَالنِّسَاء وَهِي الْجُنُون والجذام والبرص
وإثنان يختصان بِالرجلِ وهما الْجب والعنة
وَأَرْبَعَة تخْتَص بِالنسَاء
وَهِي الْقرن والرتق والفتق والعفل
والجب قطع الذّكر
والعنة الْعَجز عَن الْجِمَاع بعد الانتشار
والقرن عظم يكون فِي الْفرج فَيمْنَع الْوَطْء
والرتق انسداد الْفرج
والفتق انخراق مَا بَين مَحل الْوَطْء ومخرج الْبَوْل
والعفل لحم يكون فِي الْفرج
وَقيل رُطُوبَة تمنع لَذَّة الْجِمَاع
قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يثبت للرجل الْفَسْخ فِي شَيْء من ذَلِك
وَيثبت الْخِيَار للْمَرْأَة فِي الْجب والعنة فَقَط
وَمَالك وَالشَّافِعِيّ يثبتانه فِي ذَلِك كُله إِلَّا فِي الفتق وَأحمد يُثبتهُ فِي الْكل
فَإِن حدث ذَلِك فِي الزَّوْج بعد العقد وَقبل الدُّخُول خيرت الْمَرْأَة عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد
وَكَذَا بعد الدُّخُول إِلَّا الْعنَّة عِنْد الشَّافِعِي
وَإِن حدث بِالزَّوْجَةِ فَلهُ الْفَسْخ على الرَّاجِح من مَذْهَب الشَّافِعِي وَهُوَ مَذْهَب أَحْمد
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه لَا خِيَار لَهَا

فصل وَإِذا عتقت الْمَرْأَة وَزوجهَا رَقِيق
ثَبت لَهَا الْخِيَار عِنْد أبي حنيفَة مَا دَامَت فِي الْمجْلس الَّذِي علمت بِالْعِتْقِ فِيهِ
وَمَتى علمت ومكنته من الْوَطْء فَهُوَ رضى
وَللشَّافِعِيّ أَقْوَال أَصَحهَا أَن لَهَا الْخِيَار على الْفَوْر
وَالثَّانِي إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام
وَالثَّالِث مَا لم تمكنه من الْوَطْء
وَلَو عتقت وَزوجهَا حر فَلَا خِيَار لَهَا عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد
وَقَالَ أَبُو حنيفَة يثبت لَهَا الْخِيَار مَعَ حُرِّيَّته
انْتهى

(2/32)