جواهر العقود ومعين القضاة والموقعين والشهود

كتاب الصَدَاق

وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام
الصَدَاق هُوَ مَا تستحقه الْمَرْأَة بَدَلا فِي النِّكَاح
وَله سَبْعَة أَسمَاء الصَدَاق والنحلة وَالْأَجْر وَالْفَرِيضَة وَالْمهْر والعلقة والعقر
لِأَن الله تَعَالَى سَمَّاهُ الصَدَاق والنحلة وَالْأَجْر وَالْفَرِيضَة
وَسَماهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمهْر والعلقة وَسَماهُ عمر رَضِي الله عَنهُ الْعقر يُقَال أصدقت الْمَرْأَة ومهرتها
وَلَا يُقَال أمهرتها
وَالْأَصْل فِي قَوْله تَعَالَى {وَآتوا النِّسَاء صدقاتهن نحلة فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ نفسا فكلوه هَنِيئًا مريئا} وَقَوله تَعَالَى {فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة} وَقَوله تَعَالَى {وَإِن طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ وَقد فرضتم لَهُنَّ فَرِيضَة فَنصف مَا فرضتم} وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن مَسهَا الْمهْر بِمَا اسْتحلَّ من فرجهَا وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَدّوا العلائق قيل وَمَا العلائق قَالَ مَا تراضى عَلَيْهِ الأهلون وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ لَهَا عقر نسائها
فَإِن قيل لم سَمَّاهُ نحلة
والنحلة الْعَطِيَّة بِغَيْر عوض
وَالْمهْر لَيْسَ بعطية وَإِنَّمَا هُوَ عوض عَن الِاسْتِمْتَاع فَفِيهِ ثَلَاث تأويلات
أَحدهَا أَنه لم يرد بالنحلة الْعَطِيَّة
وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ النحلة من الانتحال وَهُوَ التدين
لِأَنَّهُ يُقَال انتخل فلَان مذهبك أَي تدين بِهِ
فَكَأَنَّهُ قَالَ {وَآتوا النِّسَاء صدقاتهن نحلة} أَي تدينا
وَالثَّانِي أَن الْمهْر يشبه الْعَطِيَّة لِأَنَّهُ يحصل للْمَرْأَة من اللَّذَّة فِي الِاسْتِمْتَاع مَا يحصل للزَّوْج وَأكْثر لِأَنَّهَا أغلب شَهْوَة وَالزَّوْج ينْفَرد ببذل الْمهْر فَكَأَنَّهَا تَأْخُذهُ بِغَيْر عوض

(2/33)


وَالثَّالِث أَنه عَطِيَّة من الله للنِّسَاء فِي شرعنا
وَكَانَ فِي شرع من قبلنَا الْمهْر للأولياء
وَلِهَذَا قَالَ الله تَعَالَى قي قصَّة شُعَيْب ومُوسَى عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ {إِنِّي أُرِيد أَن أنكحك إِحْدَى ابْنَتي هَاتين على أَن تَأْجُرنِي ثَمَانِي حجج}
وَمَا يجوز أَن يكون عوضا فِي البيع يجوز أَن يكون صَدَاقا
وَلَيْسَ الصَدَاق ركنا فِي النِّكَاح بل يجوز إخلاؤه من الْمهْر لَكِن الْمُسْتَحبّ تَسْمِيَته
لما رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يتَزَوَّج أحدا من نِسَائِهِ وَلَا زوج أحدا من بَنَاته إِلَّا بِصَدَاق سَمَّاهُ فِي العقد وَرُوِيَ أَن امْرَأَة أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَت يَا رَسُول الله قد وهبت نَفسِي مِنْك فَصَعدَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَصَره إِلَيْهَا ثمَّ صَوبه
ثمَّ قَالَ مَالِي الْيَوْم فِي النِّسَاء من حَاجَة
فَقَامَ رجل من الْقَوْم فَقَالَ زوجنيها يَا رَسُول الله
فَقَالَ لَهُ مَا تصدقها قَالَ إزَارِي
قَالَ إِن أَصدقتهَا إزارك جَلَست وَلَا إِزَار لَك
فَقَالَ ألتمس شَيْئا
فالتمس شَيْئا فَلم يجد
فَقَالَ التمس وَلَو خَاتمًا من حَدِيد
فالتمس وَلم يجد شَيْئا
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمَعَك شَيْء من الْقُرْآن قَالَ نعم
سُورَة كَذَا وَسورَة كَذَا
فَقَالَ زوجتكها بِمَا مَعَك من القرآنولأنه إِذا زوجه بِالْمهْرِ كَانَ أقطع للخصومة
وروى عقبَة بن عَامر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زوج رجلا بِامْرَأَة وَلم يفْرض لَهَا صَدَاقا
فَلَمَّا حَضرته الْوَفَاة
قَالَ إِنِّي تَزَوَّجتهَا بِغَيْر مهر
وَإِنِّي قد أعطيتهَا عَن صَدَاقهَا سهمي بِخَيْبَر
فباعته بِمِائَة ألف وَلِأَن الْمَقْصُود فِي النِّكَاح اعْتِبَار الزَّوْجَيْنِ دون الْمهْر
وَلِهَذَا يجب ذكر الزَّوْجَيْنِ فِي العقد
وَإِنَّمَا الْعِوَض فِيهِ تبع
بِخِلَاف البيع
فَإِن الْمَقْصُود فِيهِ الْعِوَض
وَلِهَذَا لَا يجب ذكر البَائِع وَالْمُشْتَرِي فِي العقد إِذا وَقع بَين وكيليهما
فَائِدَة قَالَ الرَّافِعِيّ روى الْقفال الشَّاشِي عَن أَحْمد بن عبد الله السجسْتانِي أَنه سَأَلَ الْمُتَوَلِي هَل يجوز النِّكَاح على تَعْلِيم الشّعْر فَقَالَ يجوز إِذا كَانَ مثل قَول الشَّاعِر يُرِيد الْمَرْء أَن يعْطى مناه ويأبى الله إِلَّا مَا أَرَادَ يَقُول العَبْد فائدتي وَمَالِي وتقوى الله أفضل مَا اسْتَفَادَ

(2/34)


قَالَ الْإِسْنَوِيّ والبيتان ل أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ
كَذَا ذكر أَبُو الطّيب فِي تَعْلِيقه

مسأله قَالَ الرَّافِعِيّ لَو ادَّعَت الْمَرْأَة
التَّسْمِيَة وَأنكر الزَّوْج
تحَالفا فِي الْأَصَح وَلَو ادَّعَاهَا الزَّوْج وَأنْكرت
فَالْقِيَاس التخالف أَيْضا
وَلَو ادّعى أَحدهمَا التَّفْوِيض وَقَالَ الآخر لم يذكر الْمهْر
فالأشبه قبُول قَول النَّافِي
وَجزم الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقه بتحالفهما
وَقَالَ القَاضِي حُسَيْن وَلَو ادَّعَت عَلَيْهِ مائَة صَدَاقا
فَإِن قَالَ قبلت نِكَاحهَا بِخَمْسِينَ تحَالفا
وَالْقَوْل قَوْله فِي مهر الْمُتْلف لِأَنَّهُ الْمُتْلف
فَلَو قَالَت قبل نِكَاحي على مائَة
فَقَالَ لَا يلْزَمنِي إِلَّا خَمْسُونَ
فَيحْتَمل أَنه مَا قبل إِلَّا على خمسين
وَيحْتَمل أَنه قبله على الْمِائَة
وَدفع إِلَيْهَا خمسين
فَيحلف أَنه لَا يلْزمه مائَة وَتَأْخُذ مِنْهُ الْخمسين
وَلَو قَالَت فِي الدَّعْوَى لي عَلَيْهِ مائَة صَدَاقا
فَقَالَ لَا يلْزَمنِي إِلَّا خَمْسُونَ
فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه
وَذكر فِي النِّكَاح أَنه لَو ادّعى نِكَاح امْرَأَة
فَإِن أقرَّت لَهُ ثَبت النِّكَاح
قَالَ الْعَبَّادِيّ وَلَا مهر لِأَن هَذَا اسْتِدَامَة
وَذكر هُنَا أَنَّهَا لَو ادَّعَت على رجل ألفا من جِهَة الصَدَاق فَأنْكر
صدق بِيَمِينِهِ
وَلَا يلْزمه أَن يَنْفِي الْجِهَة الَّتِي تدعيها ويكفيه الْحلف على رضى وجوب التَّسْلِيم
فَلَو قَالَت للْقَاضِي سَله هَل أَنا زَوجته أم لَا فَلهُ سُؤَاله
وَلَيْسَ للْقَاضِي سُؤَاله قبل ذَلِك

الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب
لَا يفْسد النِّكَاح بِفساد الصَدَاق عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ
وَعَن مَالك وَأحمد رِوَايَتَانِ
وَأَقل الصَدَاق مُقَدّر عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك
وَهُوَ مَا تقطع بِهِ يَد السَّارِق مَعَ اخْتِلَافهمَا فِي قدر ذَلِك
فَعِنْدَ أبي حنيفَة عشرَة دَرَاهِم أَو دِينَار
وَعند مَالك ربع دِينَار أَو ثَلَاثَة دَرَاهِم
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد لَا حد لأَقل الْمهْر وكل مَا جَازَ أَن يكون ثمنا فِي البيع جَازَ أَن يكون صَدَاقا فِي النِّكَاح

(2/35)


وَتَعْلِيم الْقُرْآن يجوز أَن يكون مهْرا عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي أظهر روايتيه لَا يكون مهْرا
وتملك الْمَرْأَة الصَدَاق بِالْعقدِ عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد
وَقَالَ مَالك لَا تملكه إِلَّا بِالدُّخُولِ أَو بِمَوْت الزَّوْج بل هِيَ مرَاعِي لَا تستحقه كُله بِمُجَرَّد العقد وَإِنَّمَا تسْتَحقّ نصفه
وَإِذا أوفاها مهرهَا سَافر بهَا حَيْثُ شَاءَ عِنْد أبي حنيفَة
وَقيل لَا يُخرجهَا من بَيتهَا إِلَى بلد غير بَلَدهَا
لِأَن الغربة تؤذي
هَذَا لفظ الْهِدَايَة
وَقَالَ فِي الِاخْتِيَار للحنفية إِذا وفاها مهرهَا نقلهَا إِلَى حَيْثُ شَاءَ
وَقيل لَا يُسَافر بهَا
وَعَلِيهِ الْفَتْوَى لفساد أهل الزَّمَان
وَقيل يُسَافر بهَا إِلَى قرى الْمصر الْقَرِيبَة
لِأَنَّهَا لَيست بغربة
وَمذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد أَن للزَّوْج أَن يُسَافر بِزَوْجَتِهِ حَيْثُ شَاءَ

فصل والمفوضة إِذا طلقت
قبل الْمَسِيس وَالْفَرْض
فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا الْمُتْعَة عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي أصح روايتيه
قَالَ فِي الْكَافِي إِنَّه الْمَذْهَب
وَقَالَ أَحْمد فِي رِوَايَة أُخْرَى لَهَا نصف مهر الْمثل
وَقَالَ مَالك لَا يجب لَهَا الْمُتْعَة بِحَال بل تسْتَحب
وَلَا مُتْعَة لغير المفوضة فِي ظَاهر مَذْهَب أَحْمد
وَعنهُ رِوَايَة أَنَّهَا تجب لكل مُطلقَة
وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة
وَقَالَ الشَّافِعِي إِنَّهَا وَاجِبَة على كل حَيّ للمطلقة قبل الْوَطْء لم يجب لَهَا شطر مهر
وَكَذَا الْمَوْطُوءَة بِكُل فرقة لَيست بِسَبَبِهَا
وَاخْتلف موجبو الْمُتْعَة فِي تقديرها
فَقَالَ أَبُو حنيفَة الْمُتْعَة ثَلَاث أَثوَاب درع وخمار وَمِلْحَفَة
بِشَرْط أَن لَا تزيد قيمَة ذَلِك عَن نصف مهر الْمثل
وَقَالَ الشَّافِعِي فِي أصح قَوْلَيْنِ وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه إِنَّه مفوض إِلَى اجْتِهَاد الْحَاكِم يقدرها بنظره
وَعند الشَّافِعِي وَهُوَ قَول أَحْمد إِنَّهَا مقدرَة بِمَا يَقع عَلَيْهِ الِاسْم كالصداق
فَيصح بِمَا قل وَجل
وَالْمُسْتَحب عِنْده أَن لَا تنقص عَن ثَلَاثِينَ درهما
وَعَن أَحْمد رِوَايَة أُخْرَى أَنَّهَا مقدرَة بكسوة تجزىء فِيهَا الصَّلَاة
وَذَلِكَ ثَوْبَان درع وخمار لَا تنقص عَن ذَلِك
وَاخْتلفُوا فِي اعْتِبَار مهر الْمثل

(2/36)


فَقَالَ أَبُو حنيفَة هُوَ مُعْتَبر بقراباتها من الْعَصَبَات خَاصَّة
فَلَا مدْخل فِي ذَلِك لأمها وَلَا لخالتها إِلَّا أَن يَكُونَا من غير عشيرتها
وَقَالَ مَالك هُوَ مُعْتَبر بأحوال الْمَرْأَة فِي جمَالهَا وشرفها وَمَالهَا دون أنسابها
إِلَّا أَن تكون من قَبيلَة لَا يزدن فِي صدقاتهن وَلَا ينقصن
وَقَالَ الشَّافِعِي يعْتَبر بعصباتها
فيراعي أقرب من تنتسب إِلَيْهَا
فأقربهن أُخْت لِأَبَوَيْنِ ثمَّ لأَب ثمَّ بَنَات أَخ ثمَّ عمات كَذَلِك
فَإِن فقد نسَاء الْعَصَبَات أَو جهل مهرهن فأرحام
كجدات وخالات
وَيعْتَبر سنّ وعقل
ويسار وبكارة
وَمَا اخْتلف فِيهِ غَرَض
فَإِن اخْتصّت بِفضل أَو نقص زيد أَو نقص لَائِق بِالْحَال
وَقَالَ أَحْمد هُوَ مُعْتَبر بقراباتها النِّسَاء من الْعَصَبَات وَمن ذَوي الْأَرْحَام

فصل إِذا اخْتلف الزَّوْجَانِ
فِي قبض الصَدَاق
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد القَوْل قَول الزَّوْجَة مُطلقًا
وَقَالَ مَالك إِن كَانَ بِبَلَد الْعرف فِيهِ جَار بِدفع الْمُعَجل قبل الدُّخُول فَمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَالْقَوْل بعد الدُّخُول قَول الزَّوْج وَقبل الدُّخُول قَوْلهَا
وَاخْتلفُوا فِي الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح من هُوَ فَقَالَ أَبُو حنيفَة هُوَ الزَّوْج
وَهُوَ الْجَدِيد الرَّاجِح من مَذْهَب الشَّافِعِي
وَقَالَ مَالك هُوَ كولي وَهُوَ الْقَدِيم من قولي الشَّافِعِي
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ

فصل وَالزِّيَادَة على الصَدَاق
بعد العقد تلْحق بِهِ
قَالَ أَبُو حنيفَة هِيَ ثَابِتَة إِن دخل بهَا أَو مَاتَ عَنْهَا
فَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول فلهَا نصف الزِّيَادَة مَعَ نصف الْمُسَمّى
وَإِن مَاتَ قبل الدُّخُول وَقبل الْقَبْض بطلت وَكَانَ لَهَا الْمُسَمّى بِالْعقدِ على الْمَشْهُور عِنْده
وَقَالَ الشَّافِعِي هِيَ هبة مستأنفة إِن قبضتها مَضَت وَإِن لم تقبضها بطلت
وَقَالَ أَحْمد حكم الزِّيَادَة حكم الأَصْل

فصل وَالْعَبْد إِذا تزوج
بِغَيْر إِذن سَيّده وَدخل بِالزَّوْجَةِ وَقد سمى لَهَا مهْرا
قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يلْزمه شَيْء فِي الْحَال
فَإِن عتق لزمَه مهر مثلهَا
وَقَالَ مَالك لَهَا الْمُسَمّى كَامِلا
وَقَالَ الشَّافِعِي لَهَا مهر الْمثل
والجديد الرَّاجِح من مذْهبه أَنه يتَعَلَّق بِذِمَّة العَبْد
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا كمذهب الشَّافِعِي
وَالْأُخْرَى يلْزمه خمْسا الْمُسَمّى

(2/37)


مَا لم يزدْ على قِيمَته
فَإِن زَاد لم يلْزم سَيّده إِلَّا قِيمَته أَو تَسْلِيمه لِأَن مذْهبه أَن الْمُسَمّى يتَعَلَّق بِرَقَبَة العَبْد

فصل وَإِذا سلمت الْمَرْأَة نَفسهَا
قبل قبض صَدَاقهَا فَدخل بهَا الزَّوْج وخلا بهَا ثمَّ امْتنعت بعد ذَلِك
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد لَهَا ذَلِك حَتَّى تقبض صَدَاقهَا
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَيْسَ لَهَا ذَلِك بعد الدُّخُول
وَلها الِامْتِنَاع بعد الْخلْوَة
وَاخْتلفُوا فِي الْمهْر هَل يسْتَقرّ بالخلوة الَّتِي لَا مَانع فِيهَا أَو لَا يسْتَقرّ بِالدُّخُولِ فَقَالَ الشَّافِعِي فِي أظهر قوليه لَا يسْتَقرّ إِلَّا بِالْوَطْءِ
وَقَالَ مَالك إِذا خلا بهَا وطالت مُدَّة الْخلْوَة اسْتَقر الْمهْر وَإِن لم يطَأ
وحد ابْن الْقَاسِم طول الْخلْوَة بِالْعَام
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد يسْتَقرّ الْمهْر بالخلوة الَّتِي لَا مَانع فِيهَا وَإِن لم يحصل وَطْء
بِمَوْت أحد الزَّوْجَيْنِ يسْتَقرّ الْمهْر بالِاتِّفَاقِ

فصل وَلِيمَة الْعرس سنة
على الرَّاجِح من مَذْهَب الشَّافِعِي ومستحبة عِنْد الثَّلَاثَة
والإجابة إِلَيْهَا مُسْتَحبَّة على الْأَصَح عِنْد أبي حنيفَة وواجبة على الْمَشْهُور عِنْد مَالك وَهُوَ الْأَظْهر من قولي الشَّافِعِي وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد
والنثار فِي الْعرس والتقاطه
قَالَ أَبُو حنيفَة لَا بَأْس بِهِ
وَلَا يكره أَخذه
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ بكراهته
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ كالمذهبين
وَأما وَلِيمَة غير الْعرس كالختان وَنَحْوه فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ تسْتَحب
وَقَالَ أَحْمد لَا تسْتَحب
فَائِدَة قَالَ النَّوَوِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَصْحَابنَا وَغَيرهم الضيافات ثَمَانِيَة أَنْوَاع الْوَلِيمَة للعرس
والخرس بِضَم الْخَاء وبالسين وبالصاد للولادة والإعذار بِالْعينِ الْمُهْملَة والذال الْمُعْجَمَة للختان
والوكيرة بالراء للْبِنَاء والنقيعة لقدوم الْمُسَافِر مَأْخُوذ من النَّقْع وَهُوَ الْغُبَار
ثمَّ قيل إِن الْمُسَافِر يصنع الطَّعَام قيل يصنعه غَيره لَهُ
والعقيقة يَوْم سَابِع الْولادَة
والوضيمة بِفَتْح الْوَاو وَكسر الضَّاد الْمُعْجَمَة الطَّعَام الَّذِي يصنع عِنْد الْمُصِيبَة
والمأدبة بِضَم الدَّال وَفتحهَا الطَّعَام الْمُتَّخذ ضِيَافَة بِلَا سَبَب
انْتهى

(2/38)


بَاب الْقسم والنشوز
إِذا تزوج الرجل امْرَأَة كَبِيرَة أَو صَغِيرَة يُجَامع مثلهَا بِأَن تكون ابْنة ثَمَان سِنِين أَو تسع سِنِين وَسلم مهرهَا وَطلب تَسْلِيمهَا وَجب تَسْلِيمهَا إِلَيْهِ
لما رُوِيَ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت تزَوجنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا ابْنة سِتّ سِنِين وَبنى بِي وَأَنا ابْنة تسع
فَإِن طلبت الْمَرْأَة أَو ولى الصَّغِيرَة الْإِمْهَال لإِصْلَاح حَال الْمَرْأَة فَقَالَ الشَّافِعِي تُؤخر يَوْمًا وَنَحْوه
وَلَا يُجَاوز بهَا الثَّلَاث
وَحكى القَاضِي أَبُو حَامِد أَن الشَّافِعِي قَالَ فِي الْإِمْلَاء إِذا دفع مهرهَا وَمثلهَا يُجَامع فَلهُ أَن يدْخل بهَا سَاعَة دفع إِلَيْهَا الْمهْر أَحبُّوا أَو كَرهُوا
وَإِذا كَانَ لَهُ زوجتان أَو أَكثر لم يجب عَلَيْهِ الْقسم ابْتِدَاء بل يجوز لَهُ أَن ينْفَرد عَنْهُن فِي بَيت
لِأَن الْمَقْصُود بالقسم الِاسْتِمْتَاع وَهُوَ حق لَهُ
فَجَاز لَهُ تَركه
وَإِن أَرَادَ أَن يقسم بَينهُنَّ جَازَ
لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقسم بَين نِسَائِهِ
وَلَا يجوز أَن يبْدَأ بِوَاحِدَة مِنْهُنَّ بِغَيْر رضى الْبَاقِيَات إِلَّا بِالْقُرْعَةِ
لقَوْله تَعَالَى {فَلَا تميلوا كل الْميل} وروى أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من كَانَت لَهُ امْرَأَتَانِ يمِيل إِلَى إِحْدَاهمَا عَن الْأُخْرَى
جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وَشقه ساقطوفي ابْتِدَائه بإحداهن من غير قرعَة ميل
فَإِن كَانَ لَهُ زوجتان أَقرع بَينهمَا مرّة وَاحِدَة
وَإِن كن ثَلَاثًا أَقرع مرَّتَيْنِ وَإِن كن أَرْبعا أَقرع ثَلَاث مَرَّات لِأَنَّهُنَّ إِذا كن ثَلَاثًا فَخرجت الْقرعَة لوَاحِدَة قسم لَهَا ثمَّ أَقرع بَين الْبَاقِيَتَيْنِ
وَكَذَلِكَ فِي الْأَرْبَع
وَإِن أَقَامَ عِنْد وَاحِدَة مِنْهُنَّ من غير قرعَة لزمَه الْقَضَاء للباقيات
لِأَنَّهُ إِن لم يقْض صَار مائلا
وَيقسم للمريضة والرتقاء والقرناء وَالْحَائِض وَالنُّفَسَاء والمحرمة وَالَّتِي آلى مِنْهَا أَو ظَاهر
لِأَن الْمَقْصُود الإيواء والسكن
وَذَلِكَ مَوْجُود فِي حقهن
وَأما الْمَجْنُونَة فَإِن كَانَت يخَاف مِنْهَا سقط حَقّهَا من الْقسم كالعاقلة

(2/39)


وَيقسم الْمَرِيض وَالْمَجْنُون والعنين وَالْمحرم لِأَن الْأنس يحصل بِهِ
وَإِن كَانَ مَجْنُونا يخَاف مِنْهُ لم يقسم لَهُ الْوَلِيّ
لِأَنَّهُ لَا يحصل بِهِ الْأنس
وَإِن كَانَ لَا يخَاف مِنْهُ
نظر
فَإِن كَانَ قد قسم لوَاحِدَة فِي حَال عقله ثمَّ جن قبل أَن يقْضِي لزم الْوَلِيّ أَن يقْضِي للباقيات قسمهن
كَمَا لَو كَانَ عَلَيْهِ دين
وَإِن جن قبل أَن يقسم لوَاحِدَة مِنْهُنَّ فَإِن لم ير الْوَلِيّ مصلحَة لَهُ فِي الْقسم لم يقسم لَهُنَّ
وَإِن رأى الْمصلحَة لَهُ فِي الْقسم قسم لَهُنَّ لِأَنَّهُ قَائِم مقَامه
وَكَانَ بِالْخِيَارِ بَين أَن يطوف بِهِ على نِسَائِهِ وَبَين أَن ينزله فِي منزل ويستدعيهن وَاحِدَة بعد وَاحِدَة إِلَيْهِ
وَإِن طَاف بِهِ على الْبَعْض واستدعى الْبَعْض جَازَ
فَإِن قسم الْوَلِيّ لبعضهن وَلم يقسم للباقيات أثر الْوَلِيّ
وَإِن سَافَرت الْمَرْأَة مَعَ زَوجهَا فلهَا النَّفَقَة وَالْقسم لِأَنَّهُمَا فِي مُقَابلَة الِاسْتِمْتَاع
وَذَلِكَ مَوْجُود
وَكَذَلِكَ إِذا أشخصها من بلد إِلَى بلد للنقلة أَو لحَاجَة فلهَا النَّفَقَة وَالْقسم وَإِن لم يكن مَعهَا
وَإِن سَافَرت من بلد إِلَى بلد وَحدهَا لحَاجَة لَهَا بِغَيْر إِذْنه
فَلَا نَفَقَة لَهَا وَلَا قسم لِأَنَّهَا ناشز عَنهُ
وَإِن سَافَرت لحَاجَة لَهَا وَحدهَا بِإِذْنِهِ فَلَا نَفَقَة لَهَا وَلَا قسم على الْأَصَح من الْقَوْلَيْنِ
وَإِن كَانَ عِنْده مسلمة وذمية سوى بَينهمَا فِي الْقسم
وَإِن كَانَ طلب معاش الرجل بِالنَّهَارِ فعماد قسمه اللَّيْل وَبِالْعَكْسِ
وَالْمُسْتَحب أَن يقسم مياومة وَهُوَ أَن يُقيم عِنْد كل وَاحِدَة يَوْمًا ثمَّ عِنْد الْأُخْرَى يَوْمًا
لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقسم هَكَذَا
وَلِأَنَّهُ أقرب إِلَى إِيفَاء الْحق
وَيدخل فِي النَّهَار فِي الْقسم لما رُوِيَ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقسم لنسائه لكل وَاحِدَة يَوْمهَا وليلتها غير أَن سَوْدَة وهبت لَيْلَتهَا لعَائِشَة
وَإِذا ظَهرت من الْمَرْأَة أَمَارَات النُّشُوز بقول أَو فعل وعظها الزَّوْج فَإِن تكَرر نشوزها هجرها
فَإِن تكَرر نشوزها ضربهَا ضربا غير مبرح
وَلَا مدم ويتقى الْوَجْه والمواضع المخوفة
قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى وَلَا يبلغ بِهِ الْحَد
وَإِن ادّعى كل وَاحِد من الزَّوْجَيْنِ على الآخر النُّشُوز بِمَنْع مَا يجب عَلَيْهِ لصَاحبه أسكنهما الْحَاكِم إِلَى جنب ثِقَة عدل كي يشرف عَلَيْهِمَا فَإِذا عرف الظَّالِم مِنْهُمَا مَنعه من الظُّلم
وَإِن بلغ بَينهمَا إِلَى الشتم أَو الضَّرْب وتمزيق الثِّيَاب بعث الْحَاكِم حكمين ليجمعا

(2/40)


بَينهمَا أَو يفرقا لقَوْله تَعَالَى {فَابْعَثُوا حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا إِن يريدا إصلاحا يوفق الله بَينهمَا إِن الله كَانَ عليما خَبِيرا}
فَائِدَة قَالَ القَاضِي عِيَاض قَالَ الطَّبَرِيّ وَغَيره من الْعلمَاء الْغيرَة يتَسَامَح للنِّسَاء فِيهَا
فَإِنَّهَا لَا عُقُوبَة عَلَيْهِنَّ بِسَبَبِهَا لما جبلن عَلَيْهِ من ذَلِك
وَلِهَذَا لم يزْجر النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَائِشَة حِين قَالَت فِي خَدِيجَة عَجُوز من عَجَائِز قُرَيْش حَمْرَاء الشدقين قَالَ القَاضِي وَعِنْدِي أَن ذَلِك تجرؤ من عَائِشَة لصِغَر سنّهَا وَأول شبيبتها ولعلها لم تكن قد بلغت

الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب
الْقسم إِنَّمَا يجب لِلزَّوْجَاتِ بالِاتِّفَاقِ
وَلَا قسم لغير زَوْجَة وَلَا لإماء
فَمن بَات عِنْد وَاحِدَة لزمَه الْمبيت عِنْد من بَقِي
وَلَا تجب التَّسْوِيَة فِي الْجِمَاع بِالْإِجْمَاع وَيسْتَحب ذَلِك
وَلَو أعرض عَنْهُن أَو عَن وَاحِدَة لم يَأْثَم
وَيسْتَحب أَن لَا يعضلهن
ونشوز الْمَرْأَة حرَام بِالْإِجْمَاع يسْقط النَّفَقَة
وَيجب على كل وَاحِد من الزَّوْجَيْنِ معاشرة صَاحبه بِالْمَعْرُوفِ وبذل مَا يجب عَلَيْهِ من غير مطل وَلَا إِظْهَار كَرَامَة
فَيجب على الزَّوْجَة طَاعَة زَوجهَا وملازمة الْمسكن
وَله منعهَا من الْخُرُوج بِالْإِجْمَاع
وَيجب على الزَّوْج الْمهْر وَالنَّفقَة

فصل والعزل عَن الْحرَّة
وَلَو بِغَيْر إِذْنهَا جَائِز على الْمُرَجح من مَذْهَب الشَّافِعِي لَكِن نهى عَنهُ
فَالْأولى تَركه
وَعند الثَّلَاثَة لَا يجوز إِلَّا بِإِذْنِهَا
وَالزَّوْجَة الْأمة تَحت الْحر
قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد لَا يجوز الْعَزْل عَنْهَا إِلَّا بِإِذن سَيِّدهَا
وَجوزهُ الشَّافِعِي بِغَيْر إِذْنه

فصل وَإِن كَانَت الجديدة بكرا
أَقَامَ عِنْدهَا سَبْعَة أَيَّام ثمَّ دَار بِالْقِسْمَةِ على نِسَائِهِ
وَإِن كَانَت ثَيِّبًا أَقَامَ ثَلَاثًا عِنْد الثَّلَاثَة
وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يفضل الجديدة فِي الْقسم بل يسوى بَينهَا وَبَين اللَّاتِي عِنْده
وَهل للرجل أَن يُسَافر من غير قرعَة وَإِن لم يرضين قَالَ أَبُو حنيفَة لَهُ ذَلِك
وَعَن مَالك رِوَايَتَانِ
إِحْدَاهمَا كَقَوْل أبي حنيفَة وَالْأُخْرَى عدم الْجَوَاز إِلَّا برضاهن أَو بِقرْعَة
وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد

(2/41)


وَإِن سَافر من غير قرعَة وَلَا ترَاض وَجب عَلَيْهِ الْقَضَاء لَهُنَّ عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك لَا يجب

المصطلح
ويشتمل على صور
مِنْهَا مَا هُوَ مصدر بِخطْبَة وَمِنْهَا مَا هُوَ مصدر بِغَيْر خطْبَة
وَاعْلَم أَن للنِّكَاح قَوَاعِد يبْدَأ بذكرها قبل ذكر المصطلح كَونهَا يسْتَعْمل فِي كل صُورَة من الصُّور الْآتِي ذكرهَا
وَهِي الْبدَاءَة بِذكر الزَّوْج وَأَبِيهِ وجده وَمَا يعرف بِهِ ثمَّ بِالزَّوْجَةِ كَذَلِك ثمَّ بِالصَّدَاقِ
وَذكر تَأْجِيله أَو حُلُوله وَإِن كَانَ عبدا أَو جَارِيَة أَو خَاتمًا أَو سَيْفا أَو عقارا أَو قماشا أَو غير ذَلِك فيصفه وَصفا تَاما يُخرجهُ بِهِ عَن الْجَهَالَة أَو كَانَت بِغَيْر صدَاق كالمفوضة
وَالصَّدَاق تقبضه الزَّوْجَة إِن كَانَت بَالِغَة عَاقِلَة رَشِيدَة أَو من يحْجر عَلَيْهَا كَالْأَبِ أَو الْجد أَو الْوَصِيّ أَو أَمِين الحكم ليَشْتَرِي بِهِ أعيانا برسم جهازها
وَقد جرت الْعَادة فِي أَمِين الْحَاكِم أَن يكْتب قصَّة على لسانها وترفع إِلَى حَاكم شَرْعِي يكْتب عَلَيْهَا لتجب إِلَى سؤالها يؤرخ بِيَوْم الْإِجَابَة
ثمَّ ذكر الْوَلِيّ المزوج إِن كَانَ أَبَا أَو جدا أَو غَيرهمَا من الْأَوْلِيَاء وَذكر بُلُوغ الزَّوْجَة وَأَنَّهَا معصر غير ثيب
فَهَذِهِ يجبرها الْأَب وَالْجد على مَذْهَب الشَّافِعِي ويزوجها كل مِنْهُمَا بِغَيْر إِذْنهَا
وَإِن كَانَ الْوَلِيّ وَالْحَالة هَذِه غير الْأَب وَالْجد من الْعَصَبَات أَو مِمَّن يُزَوّج بِالْوَلَاءِ أَو الْحَاكِم
فَلَا يجوز أَن يُزَوّج إِلَّا الْبكر الْبَالِغ أَو الثّيّب الْبَالِغ بِإِذْنِهَا ورضاها إِلَّا السَّيِّد فَإِنَّهُ يُزَوّج مملوكته بِالْملكِ جبرا بِغَيْر إِذْنهَا
وَغير الشَّافِعِي من الْأَئِمَّة يُزَوّج الْبكر المعصر
وَكَذَلِكَ الثّيّب المعصر
ومملوكة الْخُنْثَى يُزَوّجهَا بِإِذْنِهِ وَكَذَلِكَ مَمْلُوكَة الْمَرْأَة يُزَوّجهَا بِإِذن المالكة صَرِيحًا بالنطق
وَلَا يَكْفِي السُّكُوت إِذا كَانَت السيدة بكرا بِخِلَاف الْأَمر فِي تَزْوِيجهَا نَفسهَا فَيَكْفِي السُّكُوت إِلَّا إِذا ظهر مِنْهَا مَا يَقْتَضِي عدم الرِّضَا
فَإِذا كَانَ الْوَلِيّ أَبَا كتب وَولى تَزْوِيجهَا مِنْهُ بذلك أَو عقده بَينهمَا أَو زَوجهَا مِنْهُ بذلك والدها الْمَذْكُور بِحَق أبوته لَهَا وولايته عَلَيْهَا شرعا بعد أَن أوضح خلوها من كل مَانع شَرْعِي
وَأَنَّهَا بكر بَالغ أَو بكر معصر حرَّة مسلمة صَحِيحَة الْعقل وَالْبدن لم يتَقَدَّم عَلَيْهَا عقد نِكَاح
وَأَن والدها الْمَذْكُور مُسْتَحقّ الْولَايَة عَلَيْهَا شرعا وَأَن الزَّوْج كُفْء لَهَا
وَأَن الصَدَاق الْمعِين فِيهِ مهر مثلهَا على مثله

(2/42)


وَإِن كَانَ الْوَلِيّ مِمَّن يرى تَزْوِيج المعصر غير الْأَب وَالْجد وَالْبِنْت المعصر
كتب وَذَلِكَ على قَاعِدَة مُقْتَضى مذْهبه واعتقاده وَيذكر مذْهبه وَقبُول الزَّوْج النِّكَاح لنَفسِهِ أَو وَكيله الشَّرْعِيّ فِي ذَلِك وَهُوَ فلَان الْفُلَانِيّ
وَأقر أَن الزَّوْج وَاجِد للصداق إِذا كَانَ غير مَقْبُوض أَو قبض مِنْهُ الْبَعْض وَتَأَخر الْبَعْض وَأَنه مَلِيء وقادر على ذَلِك
وَمَعْرِفَة الشُّهُود بهم والتاريخ
وَمن الصُّور صُورَة صدَاق بنت خَليفَة على شرِيف الْحَمد لله الَّذِي شرف الأقدار بتأهيلها للاصطفا واختارها لارتقاء دَرَجَات الوفا واختصها بِمَا تَنْقَطِع دونه الآمال حمدا تنفذ فِي شكر موليه الْأَقْوَال وتستصغر عِنْده الأقدار وَإِن سمت وتتضاءل دون عَظمته وَإِن اعترب إِلَى الشّرف وانتمت
وَله الْحَمد فِي شرب الخؤلة والعمومة ووهب خُصُوص التشريف وعمومه
ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة مخلص فِي اعْتِقَاده متحر رشدا فِيمَا صرف نَفسه فِيهِ واستقام على اعْتِمَاده
ونشهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الْمَبْعُوث من أشرف الْعَرَب نسبا وأتمهم حسبا اصطفاه من قُرَيْش المصطفين من كنَانَة المصطفاة من ولد إِسْمَاعِيل
فَهُوَ صفوة الصفوة المنزه صميما عَن شين الْقَسْوَة والجفوة
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين ناصروه وصاهروه
فَأحْسنُوا المناصرة والمصاهرة
وظاهروه على عدوه من حِين الظُّهُور فأجملوا المظاهرة
وَرَضي الله عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب عَمه وصنو أَبِيه والباقية كلمة الْخلَافَة فِي عقب بنيه المخصوصين بإمرة الْمُؤمنِينَ كَمَا عهد بِهِ سيد الْمُرْسلين قِيَاسا ونصا فِيمَا ورد عَنهُ وَفِيمَا بِهِ وصّى
قَامُوا بأعباء الْخلَافَة ووقفوا عِنْد أوَامِر النُّبُوَّة المحمدية وَاجْتَنبُوا خِلَافه فَمَا مضى مِنْهُم سيد إِلَّا وأقامت السلالة العباسية بِالِاسْتِحْقَاقِ سيدا وَلَا ذهب سَنَد إِلَّا واستقبلت الْأمة مِنْهُم سندا فسندا
وأدام الله أَيَّام مَوْلَانَا أَمِير الْمُؤمنِينَ الإِمَام الْحَاكِم بِأَمْر الله النَّاصِر لدين الله
الْوَاجِب الطَّاعَة على كل مُسلم الْمُتَعَيّن الْإِمَامَة على كل مُنَازع وَمُسلم المنوط بخلافته حل وَعقد الْوَاقِف عِنْد إِمَامَته كل حر وَعبد
فَلَا تتمّ قَضِيَّة إِلَّا بنافذ قَضَائِهِ وشريف إمضائه إِذْ كَانَ الإِمَام الَّذِي بِهِ يقْتَدى وبهديه يهتدى والخليفة الْمَنْصُوص عَلَيْهِ وأمير الْمُؤمنِينَ أَبُو فلَان فلَان الْمشَار بنان النُّبُوَّة إِلَيْهِ رَضِي الله عَنهُ
وَعَن آبَائِهِ الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَالْأَئِمَّة المهديين الَّذين ورثوه الْإِمَامَة
فَوجدت شُرُوطهَا الْمَجْمُوعَة فِيهِ مجتمعة ونفثوا فِي روعه كلهَا ورقوه درجتها المرتفعة اللَّهُمَّ فأيد إِمَامَته واعضد خِلَافَته مَوْلَانَا الْمقَام الْأَعْظَم وَالْملك الْمُعظم السُّلْطَان الْملك الْفُلَانِيّ الَّذِي عهد بِالْملكِ إِلَيْهِ
وَنَصّ فِي كتاب تفويضه الشريف عَلَيْهِ وفوض إِلَيْهِ مَا وَرَاء سَرِيره
وَألقى إِلَيْهِ

(2/43)


مقاليد الْأُمُور
فَسقط على الْخَبِير بهَا وَلَا ينبئك بِالْأَمر مثل خَبِير
وَبعد فَإِن النِّكَاح من سنَن الْمُرْسلين وشعائر الْمُتَّقِينَ ودثار الْأَئِمَّة المهتدين
لم تزل الْأَنْبِيَاء بسننه متسننة وبكلمته الْعلية معلنة وَلم تَبْرَح لأحاديثه الْحَسَنَة الأولية معنعنة
وَتزَوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَزوج
وَشرف الأقدار بتأهيله فَأصْبح كل بصهارته متوج وَاتَّبَعت أَصْحَابه آثاره بذلك وسلكوا فِي اتِّبَاعه وَالْعَمَل بسنته أوضح المسالك
وَلم يزَالُوا على ذَلِك صاحبا بعد صَاحب وذاهبا بعد ذَاهِب وَخَلِيفَة بعد خَليفَة وأميرا بعد أَمِير سنة مألوفة
اقتفى أَمِير الْمُؤمنِينَ أدام الله أَيَّامه سننها الْجَلِيّ ورقي مَكَانهَا الْعلي وَتزَوج وَزوج الْبَنَات والبنين
واقتدى فِي ذَلِك بِابْن عَمه سيد الْمُرْسلين
ووقف عِنْد مَا ورد عَنهُ من سديد الْأَحْكَام
وانْتهى بنهيه فِي قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لَا رَهْبَانِيَّة فِي الْإِسْلَام وَضم إِلَى نسبه الشريف نسبا ثَابتا شرفه
وَقد سمت بِاخْتِيَار أشرف الْجَوَاهِر صدفه
وَكَانَ من ثَمَرَة الشَّجَرَة النَّبَوِيَّة الدانية القطاف الهينة الاقتطاف اليانعة الثِّمَار السريعة الإثمار وَهُوَ الْمولى السَّيِّد الشريف الحسيب النسيب الطَّاهِر الذكي الْأَصِيل العريق التقي النقي فرع الشَّجَرَة النَّبَوِيَّة والمستخرج من العناصر الزكية المصطفوية أَبُو فلَان فلَان ابْن السَّيِّد الشريف الحسيب النسيب الطَّاهِر الزكي الْأَصِيل فلَان ابْن فلَان وَيذكر أباءه وأجداده وَاحِدًا بعد وَاحِد إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ الْحسن أَو الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم الَّذِي طلع فِي سَمَاء الِاخْتِيَار بَدْرًا منيرا وتجلى لعيان الاختبار فَلم يكن بسحب الشكوك مَسْتُورا
وَقد كملت بالشرف أَوْصَافه وَحمد بِالْقيامِ بِحُقُوق كتاب الله الْعَزِيز اختتامه واستئنافه مَعَ مَاله من فَضِيلَة علم الْأَنْسَاب الَّتِي تفرد فِيهَا بِالنِّسْبَةِ وَالْإِضَافَة والانضمام
هَذِه السّنة الشَّرِيفَة إِلَى بَيت الْخلَافَة
وَأما الدّين فبهاؤه فِي وَجهه الْوَجِيه
وَأما بره فلائحة على أَحْوَاله فَلَا غرو أَن يوليه الله مَا يرتجيه
تشهد لَهُ الْأَشْجَار بِحسن الْأَذْكَار والأمثال بأشرف الْخِصَال
وَحين ظهر لمولانا أَمِير الْمُؤمنِينَ سره المصون وَبَان لَهُ نَفِيس جوهره الْمكنون
قدم خيرة الله فِي تأهيله وَعمد إِلَى مَا يستصعب من ارتقاء رُتْبَة الْخلَافَة المعظمة فَأخذ فِي تيسيره بالتواضع لله وَرَسُوله
وَأَجَازَ خطبَته
وباشر بِنَفسِهِ الشَّرِيفَة إِيجَاب عقده وخطبته
وقلده عقد عقد لَا يَنْتَهِي المبالغ فِيهِ إِلَى قيمَة
وزينه من سلالته الطاهرة بِالدرةِ إِلَّا أَنَّهَا الْيَتِيمَة وزوجه بالجهة المعظمة المفخمة المبجلة المحجبة المكرمة السيدة المصونة العصيمة فُلَانَة ابْنة مَوْلَانَا السُّلْطَان السعيد الشَّهِيد الْمُقَدّس الطَّاهِر الْوَلِيّ المعتصم بِاللَّه أبي فلَان فلَان ابْن مَوْلَانَا وَسَيِّدنَا وإمامنا وَخَلِيفَة عصرنا الإِمَام الْحَاكِم بِأَمْر الله أَمِير الْمُؤمنِينَ فلَان ابْن مَوْلَانَا فلَان ابْن مَوْلَانَا فلَان وَيذكر أجدادها الْخُلَفَاء وَاحِدًا بعد وَاحِد إِلَى حبر الْأمة عبد الله ابْن

(2/44)


الْعَبَّاس عَم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُعْتَبرا مَاضِيا مرضيا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول على الْوَجْه الشَّرْعِيّ بِشَهَادَة واضعي خطوطهم فِي هَذَا الْكتاب المرقوم وَمن شهد مشهده المشتط السّوم على من يسوم على صدَاق اقْتدى فِي بذله بِالسنةِ وَالْكتاب
وراعى فِي قبُوله مَا للتَّخْفِيف من ثَوَاب
وَإِلَّا فالقدر أعظم من أَن يُقَابل بِمِقْدَار وَإِن جلّ والرتبة أَسْنَى لمولانا الْمَقْصُود العقد لما كَانَ يُقَال حل مبلغه من الذَّهَب الْمعِين الْمصْرِيّ كَذَا وَكَذَا دِينَارا فِينَا حَالَة
وَولى تَزْوِيجهَا إِيَّاه بذلك مَوْلَانَا أَمِير الْمُؤمنِينَ حرسه الله وتولاه
ملك بِهِ الزَّوْج الْمشَار إِلَيْهِ عصمتها
واستدام صحبتهَا
وَجَمعهَا الله تَعَالَى بِهِ على التَّوْفِيق والسداد وخار لَهما فِيمَا أَرَادَهُ من تزويجهما والخيرة فِيمَا أَرَادَ
ويكمل

خطْبَة نِكَاح عَالم اسْمه عَليّ
على ابْنة عَالم خطيب اسْمه مُحَمَّد
وَاسم الزَّوْجَة أم هانىء الْحَمد لله الَّذِي منح عليا سَعَادَة الِاتِّصَال بِأَعَز مصونات بَنَات مُحَمَّد
وَعقد ألوية عقده بالعز الدَّائِم والسؤدد المؤبد
وأرشده فِي طَرِيق السّنة الشَّهْبَاء إِلَى بَيت علم أوتاده بِالْعَمَلِ قَوِيَّة وأشكال النُّصْرَة باجتماع الأفراح فِيهِ تتولد
والسعادة على سَاكِني أفقه المحمدي عَائِدَة الصِّلَة بجميل العوائد وَالْعود أَحْمد
نحمده أَن جعل جَوَاهِر عُقُود هَذَا العقد السعيد ثمينة وحصون عقيلته حَصِينَة وجوهرته النفيسة فِي حجر الْعلم مصونة
وزين هَذَا الْكتاب مِنْهَا بِخَير قرينَة
ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الَّذِي جعل لكل شَيْء قدرا
وَهُوَ الَّذِي خلق من المَاء بشرا فَجعله نسبا وصهرا
ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي جلى بِشَرِيعَتِهِ المطهرة حنادس ألغى وأزاح
وَكتب بقلمها الْمُحَقق بِذَات الرّقاع مَا نسخ الْبَاطِل الفضاح
وَجعل النِّكَاح سنة تؤلف بَين المتباعدين تأليفا يقْضِي بلطف تمازج الْأَرْوَاح وعصمة تستملك بهَا عصم الْمُحْصنَات وتستباح
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين تمسكوا من هَدْيه بِالْكتاب وَالسّنة
وقلدوا جيد الزَّمَان من تَقْرِير أَحْكَام شَرعه الشريف أعظم منَّة صَلَاة تفتح لقائلها أَحْمد أَبْوَاب التهاني وتجيره من ريب

(2/45)


الزَّمَان حَتَّى يُنَادِيه مِنْهَا لِسَان الِاشْتِقَاق قد أجرنا من أجرت يَا أم هاني
وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَإِن النِّكَاح سَبَب التحصين والعفة وجامع أشتات الْمَوَدَّة والألفة على سلوك نهجه القويم درج المُرْسَلُونَ
وَعلا على درج فَضله الأفضلون
وَهُوَ مِمَّا جَاءَ الْكتاب وَالسّنة بِفِعْلِهِ وأباحه الله على أَلْسِنَة أنبيائه وَرُسُله
فَقَالَ عز من قَائِل {وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم وَالصَّالِحِينَ من عبادكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِم الله من فَضله} وَقَالَ وَهُوَ أصدق الْقَائِلين تبيانا لفضائله الجمة وإظهارا لشعار هَذِه الْأمة {وَمن آيَاته أَن خلق لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا لتسكنوا إِلَيْهَا وَجعل بَيْنكُم مَوَدَّة وَرَحْمَة} وَفِيه من الحكم السّنيَّة مَا شهِدت بِهِ الْأَخْبَار المروية والْآثَار الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة
مِنْهَا قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُشِيرا إِلَى مَا اقْتَضَاهُ النِّكَاح من لطيف الْمعَانِي من تزوج
فقد ستر شطر دينه فليتق الله فِي الشّطْر الثَّانِي وَقَالَ سيد تهَامَة المظلل بالغمامة تناكحوا تَنَاسَلُوا تكاثروا
فَإِنِّي أباهي بكم الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة
وَكَانَ فلَان ابْن فلَان الْفُلَانِيّ هُوَ الَّذِي سمت أَوْصَافه الزكية بعفافه وَيحل من عُقُود هَذِه السّنة الْحَسَنَة بجميل أَوْصَافه
وَظَهَرت عَلَيْهِ آثَار السِّيَادَة من سنّ التَّمْيِيز فانتصب على الْحَال
وَحل من الْمحل الأسني فِي أرفع الْمحَال
وافتخر بعرافة بَيته الَّذِي خيم السعد بفنائه
وَعقد الْعِزّ بلوائه وشأنه أَن يفتخر بذلك على من افتخر
وَأَن يباهي بكرم أَصله الزاكي الْعَرُوس ونمو فَرعه الَّذِي أَوْرَق بِكَمَال الإفضال وأثمر وانتمى مِنْهُ إِلَى مَكَارِم جمة لم تعرف إِلَّا لجَعْفَر وَأبي جَعْفَر فَهُوَ بِهَذِهِ الْجُمْلَة الاسمية على الرتب جعفري الْحسب أحمدي النّسَب عديم النظير بِكُل وَجه وَسبب
وَكَانَت الرَّغْبَة مِنْهُ وَمثله من يرغب فِي إجَابَته إِلَى مَا طلب وَهُوَ أَحَق من وَجب الإصغاء إِلَيْهِ إِذا علا على مِنْبَر العلياء وخطب مخطوبته الْجِهَة المصونة
والدرة المكنونة فُلَانَة ابْنة فلَان وَبِحسن الِاخْتِيَار أحرزها وحازها مغتبطا بالانتماء إِلَى كنف والدها الَّذِي لم يدع خطة فضل إِلَّا وجاوزها وَلَا بدع لِأَنَّهُ شمس الْإِسْلَام المضيئة

(2/46)


وَإِمَام علم التَّوْحِيد وبحره الوافر الطَّوِيل المديد
وَهُوَ الْعَالم الْعَامِل الْعَلامَة الَّذِي مَا درس إِلَّا أَحْيَا مَا درس من الْعُلُوم بدرسه
وَلَا خيمت على الْعلمَاء ظلمَة إِشْكَال إِلَّا أزالها بشعاع شمسه
وَلَا حج إِلَى بَيته الْمَعْمُور متمتع إِلَّا أمتعه بفرائده وفوائده ولطيف أنسه
مَعَ منزله واعترافه تواضعا بحقارة نَفسه
وَهُوَ الْقَائِم فِي الْحَقِيقَة بِالْحجَّةِ الْبَالِغَة والفصيح الَّذِي يذعن لفصاحته كل نَابِغَة وَفِي تسليك أهل الطَّرِيق الْعلم الْفَرد الَّذِي يَأْثَم بِهِ الهداة وتحف السَّعَادَة الأخروية برقائق وعظه وهداه
مَا نطق إِلَّا وَكَانَ لعذوبة لَفظه فِي طَرِيق الفصاحة سلوك
وَلَا جلس بَين يَدَيْهِ ذُو ملكة فِي نَفسه من السلاطين والملوك إِلَّا وخاطبه بِأَقَلّ العبيد والمملوك
سل عَنهُ وانطق بِهِ وَانْظُر إِلَيْهِ تَجِد ملْء المسامع والأفواه والمقل وعَلى الْجُمْلَة فَهُوَ ذُو الباع الأطول وَالْبَحْر الَّذِي اندرج النَّهر فِي ضمنه اندراج الْجَدْوَل
فنفع الله هَذَا الشَّاب ببركة هَذَا الشَّيْخ الْوَلِيّ
وَزَاد فِي علو شرف بَيته الْجَعْفَرِي الَّذِي هُوَ فِي الشّرف عَليّ
ثمَّ لما صحّح كل من الْخَاطِب والمخطوب إِلَيْهِ النِّيَّة وعزم
وكمل بدر الِاتِّفَاق وَتمّ
فتناسق جَوْهَر عقد هَذَا العقد السعيد وانتظم
صدر التَّفْوِيض الشَّرْعِيّ وَالْإِذْن من والدها الْمشَار إِلَيْهِ على وَضعه الْمُحَرر المرعي لسيدنا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين أنفذ الله حكمه وأمضاه أَن يُزَوّجهَا من خاطبها الْمشَار إِلَيْهِ أَسْبغ الله عَلَيْهِ ظله وَقرن بالتوفيق عقده وحله
فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك متبركا بِقبُول إِذْنه الْكَرِيم وَشرف خطيب هَذِه الحضرة الْعلية الأسماع تاليا بعد انتظام عقده النظيم
وإتمام انسجامه ببديع التَّكْمِيل والتتميم
بِفضل بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
وَهَذَا مَا أصدق فلَان الْمشَار إِلَيْهِ أَفَاضَ الله نعمه عَلَيْهِ مخطوبته فُلَانَة ابْنة فلَان الْمُسَمّى أَعْلَاهُ أدام الله رفعته وعلاه على كتاب الله وَسنة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَشرف وكرم وبجل وَعظم
صَدَاقا يحلى جيد الزَّمَان بدرر عقوده
وشملت الْبركَة المحمدية جَمِيع حاضريه وعاقده وشهوده
جملَته من الذَّهَب كَذَا وَكَذَا
زَوجهَا مِنْهُ بذلك بِإِذْنِهَا ورضاها
وَأذن والدها الْمشَار إِلَيْهِ الْآذِن الْمُرَتّب الشَّرْعِيّ سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة الْمشَار إِلَيْهِ
أدام الله أَيَّامه الزاهرة
وأسبغ عَلَيْهِ نعمه باطنة وظاهرة
وَجمع لَهُ بَين خيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
تزويجا شَرْعِيًّا مُعْتَبرا مرضيا بعد وضوحه شرعا وخلوها من كل مَانع شَرْعِي
هُنَالك هبت نسمات التَّوْفِيق قبولا
وتعاطفت جملتاه إِيجَابا وقبولا
ونظمت أسلاك الْفَرح بحباتها وأخرجت حوارِي السُّعُود مخبآتها وابتهجت بلبد ماح هَذِه

(2/47)


الْمُطَابقَة اللَّازِمَة النُّفُوس وحارت الْعُقُول وطفق لِسَان الْإِحْسَان يَقُول اللَّهُمَّ ألف بَينهمَا كَمَا ألفت بَين الْعين وسناها وَالنَّفس ومناها وأمطر عَلَيْهِمَا من سحائب رحمتك الصيبة وهب لَهما من لَدُنْك ذُرِّيَّة طيبَة إِنَّك سميع الدُّعَاء
ويؤرخ

خطْبَة نِكَاح وَاسم الزَّوْج شهَاب الدّين أَحْمد
الْحَمد لله الَّذِي جعل عَاقِبَة الْحبّ بِاتِّبَاع سنة النِّكَاح أَحْمد العواقب
ومنحه من عز السّنة الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة مَا يقْضِي الْكَرِيم ذَاته بالاتصاف بأزكى المناقب وأحله مَعَ أهل الْحل وَالْعقد محلا بِهِ يسمو شهابه المضيء على الشهب الثواقب
نحمده حمد من أحكم فِي الْوَلَاء عقد ولائه
وهداه نور العفاف إِلَى سلوك سنَن أَنْبيَاء الله وأولايائه
وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة عبد لم يزل يجتني ثَمَرَات الإقبال من يَانِع غرسها
ويجتلي فِي حضرات الْجلَال عروس أُنْسُهَا ويطرد سَاعَة كل هم بِيَوْم عرسها
وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي ميز حَلَال الدّين وَحَرَامه
وَخص من الشّرف الصميم بخصائص
مِنْهَا أَن الله وفى من مَشْرُوعِيَّة النِّكَاح أقسامه
وَلذَلِك قَالَ تناكحوا تَنَاسَلُوا تكاثروا فَإِنِّي أباهي بكم الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين حازوا من شرف بَيت النُّبُوَّة مَا رفع لَهُم فِي الْعَالمين ذكرا
وطاب نشرهم بريحانيته وزها
وجد قربهم الْقَمَر بالزهرا
وَعلا عَليّ عَلَيْهِم بعد العمرين وَذي النورين فافتخر حِين دعِي بِأبي تُرَاب على من على الغبرا
وَإِذا ذكرت الْأَنْسَاب المحمدية فَمَا مِنْهُم إِلَّا من بَينه وَبَينه نسبا وصهرا صَلَاة تنطق لِسَان كل بليغ بالمبالغة فِيهَا وتشرق أنوار الصدْق من مغارب غايتها ومطالع مباديها مَا أنضى الْقَلَم فِي مهارق الطروس ركابا
وَمَا أطلعت السَّمَاء فِي أفق العلياء شهابا
وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَإِن النِّكَاح من أهم مَا قدمه بَين يَدي نَجوَاهُ من احتاط لدينِهِ
وَأحكم عقد يقينه
وشمر ذيله لتَحْصِيل تحصينه
جعله الله وَسِيلَة إِلَى حُصُول الْعِصْمَة والعفاف
وذريعة إِلَى وجود تمازج الْأَرْوَاح بَين الْأزْوَاج بِسُرْعَة الائتلاف
فبه تحفظ الْأَنْسَاب

(2/48)


وتصان الأحساب
وَبِه يجمع الله الشتات وَيخرج من كامن سر غيبه مَا يقدر خلقه من الْبَنِينَ وَالْبَنَات وتساق بِهِ الطَّيِّبَات للطيبين والطيبون للطيبات وَهُوَ لَا يَخْلُو من فَوَائِد فِيهَا للْمُؤْمِنين فَوَائِد جمة
مِنْهَا أَنه من أعظم شعار هَذِه الْأمة
نَصبه الله دَلِيلا على وحدانيته مَا تضمنته الْحِكْمَة
فَقَالَ عز من قَائِل {وَمن آيَاته أَن خلق لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا لتسكنوا إِلَيْهَا وَجعل بَيْنكُم مَوَدَّة وَرَحْمَة}
وَقد جَاءَ فِي مشروعيته وَحكمه وتوكيد سنته والتحريض على فعله
قَوْله تَعَالَى {وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم وَالصَّالِحِينَ من عبادكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِم الله من فَضله}
وَهُوَ أجل من أَن يُنَبه على إِيضَاح سره وَبَيَان مَعَانِيه
وَالْمَفْهُوم من تَعْظِيم هَذِه الْإِشَارَة فِيهِ لمن اسْتنَّ بِهَذِهِ السّنة الْحَسَنَة مَا يَكْفِيهِ
وَكَانَ فلَان مِمَّن أشرق فِي مطالع أفق الْفَضَائِل شهَاب مجده وأزهرت فِي سَمَاء البلاغة نُجُوم سعده
وأتى فِي فن الْأَدَب بِمَا يحير اللبيب ويدهش سواطع أنواره الأحمدية الفطن الأريب طوالع إقباله مراتبها سعيدة ومبادي أُمُوره لم تزل عواقبها حميدة
وَمَا هُوَ إِلَّا أَن استخار وَاسْتَشَارَ
فَحصل لَهُ من حسن الِاخْتِيَار حُصُوله على جِهَة مباركة هِيَ لَهُ فِي الصِّفَات الْحسنى مُشَاركَة
ظفر بهَا بديعة الْجمال
عزيزة الْمِثَال محجوبة عَن عين شمس الْأُفق تروى أَحَادِيث أصالتها وسيادتها من عدَّة طرق
فأحرزها إحرازا أصبح توقيع الْقُدْرَة الإلهية بِهِ منشورا
وسطرت الألفة الرحمانية كتابها تسطيرا وَحقّ لَهُ أَن يكون لله على مَا أولاه من إحرازها شكُورًا
وَأَن يعاملها بِمَا هُوَ مَأْمُور بِهِ شرعا إِذا أودع مشكاة نبيه مِنْهَا نورا فطالما أسبلت الْعُيُون عَلَيْهَا ستورا
وَأحسن التَّأْدِيب تأديبها لحائزها فَقيل لحاسده كفى تعبا من يحْسد الشَّمْس نورها وَهِي مَعَ ذَلِك تَفْخَر بوالدها الَّذِي أصبح ذُو فضل يرْوى
وَحَازَ سيادتي فتوة وفتوى
وَله بِنَقْل الْعلم خبْرَة عَالم هدى صَحِيح النَّقْل للمتعلم
كم حل للطلاب من درس على رَأْي ابْن إِدْرِيس الإِمَام الْأَعْظَم
لَا جرم أَنه إِمَام فضل تشرفت بنعوته الْأَقْوَال
وَحسنت بمحاسن وقته الْأَفْعَال
وَهُوَ ذُو ديانَة يعد فِيهَا سريا وَصَاحب مَعْرُوف وَبشر
أصبح بهَا وليا وبانتساب إِلَى بَيت طيب الأعراق زاكي المغارس والأخلاق
وَكَانَ مِمَّا قدره الله وأراده وأجرى بِهِ من الْقدَم قلم التَّوْفِيق والسعادة
أَن هَذَا الْخَاطِب قد زَاد محاسنه من بَيت هَذَا الْخَطِيب البارع بِمَا يرفع لَهُ فِي الْعَالمين ذكرا وَنَحْوه إِذا ذكرت أنسابه الْعلية نسبا وصهرا
وَحَيْثُ صحّح كل مِنْهُمَا النِّيَّة وأيقن أَن قد ظفر ببلوغ الأمنية
أجَاب هَذَا الْوَلِيّ

(2/49)


الحميد داعيه ولبى وَأَقْبل بِوَجْه بشره إِلَيْهِ وَمَا تأبى
وَحين هبت نسمات الْقبُول بِالْإِيجَابِ
قَالَ الَّذِي عِنْده علم من الْكتاب تعين أَن يرقم طرس هَذَا العقد الَّذِي توفر من المسرات قسطا
وَأَن يسطر فِي هَذَا الرقيم حفظا لَهُ وضبطا
هُنَالك استخدم راقما للقلم وأعمل وَكتب بعد أَن بسمل هَذَا مَا أصدق فلَان أدام الله توفيقه
وَسَهل إِلَى كل خير طَرِيقه مخطوبته الْجِهَة المصونة والدرة المكنونة المحجبة المخدرة الأصيلة العريقة الجليلة فُلَانَة بنت فلَان الْفُلَانِيّ على بركَة الله تَعَالَى وعونه وَحسن توفيقه ويمنه وَسنة نبيه مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَشرف وكرم وبجل وَعظم صَدَاقا جملَته من الذَّهَب كَذَا وَكَذَا على حكم الْحُلُول أَو مَقْبُوضا أَو مقسطا زَوجهَا مِنْهُ بذلك بِإِذْنِهَا ورضاها والدها الْمشَار إِلَيْهِ أَفَاضَ الله نعمه عَلَيْهِ تزويجا شَرْعِيًّا بعد وضوحه شرعا وخلوها من كل مَانع شَرْعِي
وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور النِّكَاح لنَفسِهِ على الْمُسَمّى فِيهِ قبولا شَرْعِيًّا أَو وَكيله الشَّرْعِيّ فِي ذَلِك فلَان الْفُلَانِيّ بِشَهَادَة شُهُوده ويكمل
ويؤرخ

خطْبَة نِكَاح وَاسم الزَّوْج مُحَمَّد وَالزَّوْجَة عَائِشَة
الْحَمد لله الَّذِي أكد بِالنِّكَاحِ حُقُوق الْقَرَابَة وميز بِهِ بَين الْحَلَال وَالْحرَام
وَحفظ بِهِ الْأَنْسَاب على أَن تختلط أَو تتشابه وَأثبت لدواعي همم متعاطيه الدُّخُول وَحكم لرأيه بالإصابة
وَقرن بالتوفيق عقده وحله وقبوله وإيجابه
نحمده على نعمه الَّتِي جمعت لنا الْخيرَات جمع كَثْرَة
ونشكره على مَا وفره لنا من أَقسَام المسرة
ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة شمس الدّين بهَا فِي أفق سَمَاء الْإِيمَان طالعة
وبروق الْيَقِين فِي الأكوان المحمدية لامعة ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي سنّ النِّكَاح وشرعه
وجرد سيف شَرِيعَته المطهرة لعنق السفاح فَقَطعه
ولأنف الْغيرَة فجدعه
وَمَا أَعلَى قدر من سلك منهاجه القويم وَاتبعهُ
وَاتبع النُّور الَّذِي أنزل مَعَه
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين انْتَهوا بنواهيه وامتثلوا أوامره
وَكَانُوا بسلوك هَدْيه فِي الْهِدَايَة مثل النُّجُوم الزاهرة
وحازوا بِرُؤْيَتِهِ وَالرِّوَايَة عَنهُ خيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة صَلَاة تنتظم فِي عقودها جَوَاهِر الْحِكْمَة وَيجْعَل الله بهَا بَين هذَيْن الزَّوْجَيْنِ إِن شَاءَ الله مَوَدَّة وَرَحْمَة
مَا قبلت شفَاه الأقلام وجنات الطروس واجتليت على منصات الدفاتر محَاسِن عروس واجتنيت من رياض الأفكار أزهار غروس
وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَإِن النِّكَاح من أخص خَصَائِص السّنَن المحمودة المآثر والخصال المعدودة من نفائس الْأَعْمَال الَّتِي تزدان بازدواجها عُقُود المفاخر
وتتزين بانتساجها لحْمَة النّسَب

(2/50)


بِالْحَدِيثِ الصَّحِيح الْمُتَوَاتر الْوَارِد عَن صَاحب الْحَوْض المورود وَالْمقَام الْمَحْمُود واللواء الْمَعْقُود أَنه قَالَ إِنِّي مُكَاثِر بكم الْأُمَم فتزوجوا الْوَلُود الودودأخرجه بِمَعْنَاهُ عَن معقل بن يسَار النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد
وَكَانَ فلَان مِمَّن رغب فِي هَذِه السّنة الشَّرِيفَة وَجعلهَا شعاره وترقى إِلَى أفقها المحمدي
واستجلى شموسه وأقماره
وَأحب أَن يسْعَى فِي تَكْمِيل ذَاته ويزين مَا حصله من كريم أدواته
فَعمد إِلَى إِحْصَان فرجه
وَتَمام هَدْيه الَّذِي شرع فِي سلوك نهجه
وخطب إِلَى فلَان أدام الله معاليه فَمَا احْتَاجَ مَعَ الْمِنْهَاج إِلَى تَنْبِيه
وَلَا افْتقر فِي مؤاخاة الرشد إِلَى كَاف تَشْبِيه عقيلته الَّتِي هِيَ الشَّمْس والحلال لَهَا دارة والبدر وخدمها النُّجُوم السيارة والمحجبة الَّتِي لَا تقرب الأوهام لَهَا ستارة والمصونة الَّتِي لَا تمر بحماها النسمات الخطارة
فَأجَاب قَصده وَمَا رده وسمح لَهُ بِهَذِهِ الْجَوْهَرَة الَّتِي زيد بهَا عقده
وَأكْرم نزل قَصده وآواه وحباه بِخَير زَوْجَة وحماة
وَخَصه بِذَات دين
تربت يدا من كَانَت لَهُ وَدِيعَة وزينة تقوى طاعتها لِلْخَيْرَاتِ طَلِيعَة
وَرَأى أَن لَا تمسي سِهَام قَصده عَن الْغَرَض الْمَقْصُود طائشة وآثر أَن يكون فِي كنف مُحَمَّد فمحمد أولى النَّاس بعائشة
فَمَا كل ذِي مجد يَلِيق بِهِ الْعلَا وَلَا كل برق للنوال يشام وَلَا كل ذِي فضل لَهُ يشْهد الورى وَلَا كل بدر فِي الْأَنَام تَمام وَكَانَ مِمَّا قدره الله الَّذِي لَا موفق للخير إِلَّا من وفْق وَلَا انتظام لأمر من أُمُور الدُّنْيَا وَالْآخِرَة إِلَّا إِذا جرى بِهِ قلم قدرته الْمُحَقق
وحرك بِهِ فِي الإقبال لِسَان المسرة وأنطق
فيا لله مَا أصدق قَوْله هَذَا مَا أصدق
وَيجْرِي الْكَلَام إِلَى آخِره
ويؤرخ
صُورَة صدَاق دوادار أعتق جَارِيَته وَتزَوج بهَا الْحَمد لله الَّذِي خلق الْخَلَائق من نفس وَاحِدَة
وَجعل مِنْهَا زَوجهَا ليسكن إِلَيْهَا ولتكون على عِبَادَته متعاضدة وَألف بَين قُلُوب قدر فِي الْأَزَل أَن تكون على منهل الصَّفَا متواردة
وَخص من شَاءَ من خلقه بِمَا أوتيه من محاماة فِي الدّين ومجاهدة
وفضله على كثير من عباده بِمَا حازه فِي حالتي سلمه وحربه من مجادلة ومجالدة
وَجعله سَيْفا مسلولا على الْأَعْدَاء وسببا مبذولا للأولياء
وأطاب مصادره وموارده
نحمده أَن جعلنَا خير أمة أخرجت للنَّاس
وعضد مِنْهَا من قَامَ على أَفضَلِيَّة الْبُرْهَان

(2/51)


وعضده الْقيَاس
وَشرف مِنْهَا من يستصغر عِنْده علم أحنف وذكاء إِيَاس
ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة متمسك بِالْكتاب وَالسّنة مقتف آثَار نبيه فِي عتق الرّقاب فَأكْرم بهَا من سنة
مقتديا بهديه الَّذِي من اهْتَدَى بأنواره فقد سلك سَبِيلا يبلغهُ الْجنَّة
ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي جعل النِّكَاح من شرعته وحث عَلَيْهِ ليباهي الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة بأمته وَندب إِلَيْهِ فَلَيْسَ مِنْهُ من رغب عَن سنته
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين اقتدوا بجميل آثاره
واهتدوا بسنا أنواره
واعتدوا من حماة دينه وأنصاره صَلَاة لَا تزَال الْأَلْسِنَة تقيمها وَالْإِخْلَاص يديمها
وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَإِنَّهُ يتَعَيَّن على كل مُؤمن أَن يثابر على مَا يتَقرَّب بِهِ إِلَى مَوْلَاهُ ويبادر إِلَى اتِّبَاع أوامره فِي سره ونجواه ويقتفي فِي سيره آثَار نبيه الْمُصْطَفى ويسلك من سبله مَا يكسبه فِي الدَّاريْنِ شرفا لَا سِيمَا فِي أَمر كَانَ مِمَّا حبب إِلَيْهِ وَندب إِلَى فعله وحث عَلَيْهِ وَجعله الله سُبْحَانَهُ سَببا للنمو فِي هَذَا الْعَالم
وَحكمه فِي وجود بني آدم
وَقد خصت هَذِه الْأمة بِأَن لَا رَهْبَانِيَّة فِي الإسلاموليس فِيهَا من رغب عَن سنة سيد الْأَنَام
وَقد ذكره الله فِي مُحكم كِتَابه الَّذِي أشرق مِنْهُ السنا
فَقَالَ عز من قَائِل {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع} إِلَى غير ذَلِك من الْآيَات الصَّرِيحَة وَالنَّص فِي هَذَا الْمَعْنى
فَمن ابْتغى ذَلِك فقد اتبع الْكتاب وَالسّنة وَاتخذ باتباعهما وقاية من المكاره وجنة
وَمن أضَاف إِلَيْهِ مَا ندب إِلَى فعله فِي مُحكم التَّنْزِيل وَاسْتغْنى بالتصريح فِيهِ عَن التَّأْوِيل من فك الرّقاب وإنقاذها من ربقة الرّقّ
فقد أَتَى بالمحاب
فَإِن الله عز وَجل قد نزله منزلَة اقتحام الْعقَاب
فَقَالَ جلّ اسْمه {فَلَا اقتحم الْعقبَة وَمَا أَدْرَاك مَا الْعقبَة فك رَقَبَة} وَمن فعل ذَلِك ابْتِغَاء رضوَان الله فقد استمسك بِالسَّبَبِ الْأَقْوَى
وَمن أعتق رَقَبَة مُؤمنَة أعتق الله مِنْهُ بِكُل عُضْو مِنْهَا عضوا مِنْهُ وَكَانَ الْجمع بَين هَاتين المرتبتين والخلتين الجليلتين من الْأُمُور الَّتِي لَا يَفْعَلهَا إِلَّا من شرح الله صَدره للْإيمَان فَهُوَ على نور من ربه
وَمن أطلع الله نور الْهدى فِي قلبه فَهُوَ من الشُّبُهَات فِي أَمَان إِذْ هُوَ من المنن الَّتِي لَا تعد وَالنعَم الَّتِي لَا تحد والمنح الَّتِي لَا يقدر قدرهَا والأجور الَّتِي يجب شكر موليها وشكرها
وَلما كَانَ الْمقر الشريف أعزه الله بنصره وَجعل مناقبه الغراء حلية دهره وزينة عصره جَامع أشتات الْفَضَائِل وقرة عين أَرْبَاب الْوَسَائِل عين الدولة ومعينها ولسان المملكة ويمينها سيد الْأُمَرَاء كَهْف الْمَسَاكِين والفقراء الْمشَار إِلَيْهِ بِأَن مَا بَينه وَبَين مَا

(2/52)


ماثله إِلَّا كَمَا بَين الثريا وَالثَّرَى
فكم عائل أغْنى وَكم مارد أفنى
وَكم أقاليم مهدها بقلمه وممالك طهرهَا بآرائه وبدامغ حكمه
وَكم مظْلمَة ردهَا بسفارته وظلمة أَعَادَهَا نورا بِحسن إِشَارَته
وَكم مكروب أَزَال كربه ومرعوب أَزَال رعبه
مَعَ رَغْبَة فِيمَا عِنْد الله وَمَا كَانَ لله فَهُوَ بَاقٍ وسيرة سَرِيَّة سَارَتْ بهَا الرفاق
وإرشاد إِلَى الْخَيْر وكف كفا كف الْمُعْتَدِينَ
وتفقه فِي دين الله وَمن يرد الله بِهِ خيرا يفقهه فِي الدينوسوابق فضل بهَا بلغ مَا أمله المؤملون وَلَهو أَحَق خير تَلا عَلَيْهَا إخلاصه {لمثل هَذَا فليعمل الْعَامِلُونَ}
وَلما علم مَا فِي التَّخَلُّص من ربقة الرّقّ من المزية الْعُظْمَى عِنْد خَالق الْخلق عمد إِلَى عتق مَا ملكه الْيَمين واستمسك بِحَبل الله المتين وسرحه من حصر الاسترقاق إِلَى بحبوحة التَّحْرِير
وَمن ضيق الملكية إِلَى سَعَة الْعتْق الصَّرِيح المستغنى بِهِ عَن التَّدْبِير واستخار الله تَعَالَى فخار لَهُ فِي هذَيْن الْأَمريْنِ وأنهضه إِلَى إِتْمَامهمَا فحاز بهما الأجرين
هُنَالك أَشَارَ بتنظيم عقد هَذَا العقد الميمون
وَتَقْرِير هَذَا الْأَمر الَّذِي حقق فِي حسن صحبته وكريم وقايته الظنون
وَعند ذَلِك بلغ الْكتاب أَجله
وَأدْركَ المؤمل مَا أمله
وأشرقت كواكب سعده إشراق الزَّمن بمفاخره وتهللت وُجُوه السرُور كَمَا تهللت الْأَيَّام بمآثره
وود مسطره لَو اتخذ أَدِيم السما طرسا وحلاه بكواكب الجوزاء واستعار اللَّيْل نقشا لَا بل لرقم مسطوره على سطور صفحات النَّهَار وَلَوْلَا إشراق نوره لاستعاذ من سنا الْبَدْر وسنا الشَّمْس بأنوار
وَإِنَّمَا علم أَن قدره الْكَرِيم لَا يُقَابل من الإجلال والتكريم إِلَّا بأشرف أَسمَاء الله الْعلي الْعَظِيم
فرقم فِي مفتتح عقده النظيم بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا مَا أصدق مَوْلَانَا الْمقر الشريف العالي الْفُلَانِيّ عتيقته الْجِهَة الْكَرِيمَة الْعَالِيَة المصونة المحجبة زِينَة الستات شرف مجَالِس الخواتين والخوندات فُلَانَة
صان الله حجابها وَوصل بِأَسْبَاب السعادات أَسبَابهَا الْمَرْأَة الْمسلمَة الْبَالِغ الْعَاقِل الأيم الخلية عَن الْمَوَانِع الشَّرْعِيَّة
أصدقهَا على بركَة الله تَعَالَى الْعَظِيم وَسنة نبيه الْكَرِيم سيدنَا مُحَمَّد عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه أفضل الصَّلَاة وَالتَّسْلِيم صَدَاقا مبلغه كَذَا على حكم الْحُلُول
زَوجهَا مِنْهُ بذلك بِإِذْنِهَا الْكَرِيم ورضى نَفسهَا النفيسة لعدم الْأَوْلِيَاء وَالصَّدقَات

(2/53)


سيدنَا ومولانا فلَان الدّين تزويجا شَرْعِيًّا
وَقبل لمولانا الْمقر الشريف الْمشَار إِلَيْهِ من مَوْلَانَا قَاضِي الْقُضَاة الْمشَار إِلَيْهِ عقد هَذَا التَّزْوِيج وَكيله الشَّرْعِيّ فِي ذَلِك فلَان الْفُلَانِيّ أَو يكون هُوَ الْقَابِل لنَفسِهِ بِحُضُور من تمّ العقد بِحُضُورِهِ
وَذَلِكَ بعد أَن ثَبت عِنْد سيدنَا فلَان المزوج الْمشَار إِلَيْهِ عتق الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة وخلوها عَن جَمِيع الْمَوَانِع الشَّرْعِيَّة وَعدم عصيانها وإذنها فِي التَّزْوِيج على الصَدَاق الْمعِين أَعْلَاهُ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ
وَبعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا
ويكمل التَّارِيخ

خطْبَة نِكَاح حَاجِب الْملك
الْحَمد لله مؤيد الدّين بِسَيْفِهِ المهند ومؤبد التَّمْكِين لَدَى من ألهمه الرَّأْي المسدد ومسهل الْأَسْبَاب إِلَى سلوك طرق النجَاة والنجاح وحافظ الْأَنْسَاب بِمَا شَرعه من التَّمَسُّك بِسنة النِّكَاح
نحمده حمدا يوافي نعمه ويدافع نقمه ويكافىء مزيده ونشكره شكرا لَا أحد يُحْصى وافره ومديده
ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الْخَالِق البارىء المصور الرَّزَّاق الْهَادِي الْمُقدر
ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله المنعوت بِأَفْضَل الشيم الْمَبْعُوث إِلَى كَافَّة الْعَرَب والعجم المتوج بتاج الْكَرَامَة الْمُنْفَرد يَوْم الْعرض بالسيادة والخطابة والإمامة الْقَائِل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وضاعف على آله وَصَحبه صلَاته وَسَلَامه تناكحوا تَنَاسَلُوا أباهي بكم الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله نُجُوم الْهدى وَصَحبه الَّذين لَو أنْفق غَيرهم ملْء الأَرْض ذَهَبا مَا بلغ معشار مَا نَالَ أحدهم طول المدى صَلَاة تجمع لقائلها بَين جَوَامِع الْكَلم وبدائع الْحِكْمَة وتسلك بِهِ طرق الْهِدَايَة والعصمة وَشرف وبجل وكرم وَعظم
ونجاها الله بمحبته ومحبة آل بَيته الطيبين الطاهرين فِي الدَّاريْنِ
وَسلم
وَبعد فَإِن أحسن قرَان مَا اقْترن بِهِ الْكَوَاكِب بالسعود وأمنن امتنان مَا اتَّصل بِهِ حَبل السِّيَادَة فنظمت بِهِ جَوَاهِر الْعُقُود مَا كَانَ ممتزجا بِمَا يُنَاسِبه منتظما بِمَا يُقَارِبه
وَلما كَانَ الْمُصدق الْآتِي ذكره رفع الله قدره وَأطَال فِي طي الطروس نشره مُجملا

(2/54)


للمحافل مكملا للجحافل مدْركا وَهُوَ الآخر مَا لم تُدْرِكهُ الْأَوَائِل حَاجِب الْملك وواسطة عقد نظام التّرْك
قمر فلك السَّعَادَة قطب رحى الْإِمَارَة والسيادة
من نظر فِي العواقب وأنار كَوْكَب رَأْيه السعيد إنارة يقصر عَنْهَا نور الْكَوَاكِب فَاخْتَارَ لقمره أسعد الْمنَازل وَأصَاب جود مطره للروض الآهل
وانتقى من الدُّرَر كِبَارهَا واستمطر من السحائب الصيبة غزارها
واجتبى واجتنى من الْأُصُول الطّيبَة ثمارها
وخطب الْجِهَة المعظمة والجوهرة الَّتِي هِيَ فِي أحسن تَاج منظمة
فَهِيَ الدرة الْيَتِيمَة الفاخرة ونافجة الْمسك العاطرة وبديعة الْجمال الَّتِي لَا يكَاد يرى مثل جمَالهَا إِلَّا فِي الطيف وَلَا يدْرك شَبابَة مثالها إِلَّا بِالسَّيْفِ
فَأُجِيب وَهُوَ الْحقيق بالإجابة أحسن جَوَاب لأحسن سُؤال وَآل أَمرهمَا إِلَى أكْرم مآب وَأفضل مآل ونالت الأفراح وَالسُّرُور باقترانهما خير منال
وَتمّ الهناء بِهَذَا الإملاك الْمُبَارك وكمل نظامه على التَّمام والكمال
فَهُوَ بِهَذَا العقد السعيد قد بلغ غَايَة قَصده وَتفرد بالسؤدد الَّذِي لَا يَنْبَغِي لأحد من بعده وأنار ضِيَاء قمره وافتخرت الطروس بوشي قلمه وعقود درره
وقر عين الزَّمَان لما حصل على ثنية عمره وَحين جرى قلم السَّعَادَة فِي رقم مَا يُتْلَى فِي هَذَا الرقيم واستمد من مداد التَّوْفِيق وَكتب بِفضل بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا مَا أصدق ويكمل على نَحْو مَا سبق

خطْبَة نِكَاح لقَاضِي لقبه جمال الدّين
الْحَمد لله الَّذِي جعل رتب الْجمال أرفع مَا يرتقى ومجد أهل الْفضل مِمَّا يعوذ من عين الحسود بالرقى
وَخص من شَاءَ بمزية الْعلم فَلم يخل ذكرهم من الْبَقَاء وجبلهم على الطَّاعَة لأَمره فحفق لواءهم باللواء
وسكنت أغراضهم الْحمى
وَنزلت صحائفهم بالنقا
نحمده على نعمه الَّتِي جمع بهَا شَمل هَذِه الْأمة على التقى
ونشكره على مَا منح من التَّوْفِيق لاتباع هَذِه السّنة
فَلَا موفق للخير إِلَّا من وفْق وَلَا موقى من الشّبَه إِلَّا من وقى
ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة تحل قَائِلهَا من مَرَاتِب الْإِخْلَاص موَاضعهَا
ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي قرر أَحْكَام الْملَّة الحنيفية وشرعها
وحول من وَجه وَجهه إِلَى ابتغائها أمرأ الرياض وأمرعها
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه أنجى هَذِه الْأمة وأنجعها
المخصوصين مِنْهُ بالصحبة والتأهيل
فحين آووه

(2/55)


ونصروه آواهم إِلَى أحصن الْحجب وأمنعها صَلَاة لَا تزَال الألسن بهَا ناطقة
وأصول الْمَحْصُول من الْكَلَام تشهد بِأَنَّهَا صَادِقَة ومناسبة التَّسْلِيم والتكريم لَهَا مُوَافقَة
وَبعد فَإِن التخير للنطف مِمَّا جَاءَت بِهِ الْأَوَامِر النَّبَوِيَّة وَنَصّ عَلَيْهِ أَئِمَّة الْهدى فِي تَقْرِير الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة وَكَيف لَا وَقد جعله الله تَعَالَى لكل من الزَّوْجَيْنِ أشرف لِبَاس وَأحْصن كَهْف تحصن بِهِ النَّاس
وَقد خص الله ذَوي الدّيانَة بالارتداء بجلبابه والتحلي بشريف مذْهبه وَالْعلم بفواصله وأسبابه إِذْ هُوَ ستر شطر الدّين وصيانة الْمُتَّقِينَ عَن يَقِين
قد جعل الله هَذِه الشَّرِيعَة المطهرة رياضا والمحافظة على صِيَانة الْأَنْسَاب أزهارها النافحة وسمى النِّكَاح بروقها اللامحة والحياة طيفا تشبه اللَّيْلَة فِيهِ البارحة وَالدُّنْيَا مَتَاعا وَخير متاعها الْمَرْأَة الصَّالِحَة
وَكَانَ فلَان مِمَّن تمسك بعصم هَذِه السّنة وتنسك بِمَا يعظم عَلَيْهِ فِي الدَّاريْنِ الْمِنَّة وَأخذ بِمَا ندب الشَّارِع إِلَيْهِ وحض من النِّكَاح عَلَيْهِ لَا جرم أَنه مِمَّن لَا يقرع فِي دَرَجَة علم وَعمل
وَخص ببديع الْجمال من الله عز وَجل
وَظَهَرت أَمَارَات النجابة عَلَيْهِ وأشارت أنامل الفراسة من الْمُؤمنِينَ بالفلاح إِلَيْهِ
قد أحرز مَادَّة من الْعلم وافرة وَحصل من الأدوات الجميلة جملَة أحرز بهَا الْجَوَاهِر الفاخرة
فَمَا احْتَاجَ مَعَ الْمِنْهَاج إِلَى تَنْبِيه وَلَا افْتقر فِي مؤاخاة الرشد إِلَى كَاف تَشْبِيه
وَلما وضح لهَذِهِ الْحَرَكَة الْمُبَارَكَة السَّبِيل ورد من مَائِهَا العذب السلسبيل وَتقدم أَمر الله لهَذَا الْخَاطِب حَيْثُ قدم الاستخارة بالتقديم ثمَّ استفتح راقع هَذَا الرقيم
وَقَالَ بِفضل بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا مَا أصدق فلَان الْفُلَانِيّ ويكمل على نَحْو مَا سبق

خطْبَة نِكَاح عَالم من عُلَمَاء الْمُسلمين
الْحَمد لله الَّذِي أَعلَى منَازِل الْعلمَاء بِالْعلمِ وَالْفَتْوَى وجعلهم وَرَثَة الْأَنْبِيَاء وميزهم بِالدّينِ وَالتَّقوى وجملهم بِمن إِذا هز قلم فَتَاوِيهِ عنت لَهُ وُجُوه الْأَحْكَام فِي السِّرّ والنجوى
وَسمعت مِنْهُ أَحَادِيث الْعُلُوم الصَّحِيحَة كَمَا عَنهُ أَخْبَار الْفَضَائِل تروى وَإِذا جرى بحث سبق بِالْجَوَابِ وَبلغ من قَول الصَّوَاب الْغَايَة القصوى
نحمده على نعمه الَّتِي نظمت جَوْهَر العقد السعيد فِي أجل الْعُقُود وجمعت بَين النيرين فِي أفق السُّعُود
ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة يبْدَأ فِيهَا بالمهم الْمُقدم ونقدمها فِي الْأَعْمَال الصَّالِحَة بَين يَدي من علم وَعلم
ونشهد أَن سيدنَا

(2/56)


مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله خير من اقْتضى وَقضى وأشرف الْخلق بخلقه الرضي
وَحكمه المرتضي
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين مَا مِنْهُم إِلَّا من اتبع شَرعه وأمضى أَحْكَامه وَخَافَ مقَام ربه فَشكر الله مقَامه صَلَاة تمنح قَائِلهَا السرُور النَّقْد عِنْد أَخذ الْكتاب وترجح ميزَان حَسَنَاته يَوْم تطيش الْأَلْبَاب وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَإِن النِّكَاح مَنْدُوب إِلَيْهِ بِالْأَمر المطاع الْوَاجِب الِاتِّبَاع لقَوْله تَعَالَى {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع} وَهُوَ سنة مُؤَكدَة حَسَنَة الأوضاع
ضامنة لمن وَفقه الله للمحافظة عَلَيْهَا حسن الاستيداع لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النِّكَاح سنتي فَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ منيوهذا حَدِيث صَحِيح لَيْسَ فِيهِ نزاع ونفوس الْعَالم مائلة إِلَى الْعَمَل بِهِ على مَا يسر الْقُلُوب ويشنف الأسماع
وَهُوَ شِفَاء من دَاء الْعِصْيَان وَسبب لحفظ أَنْسَاب الْإِنْسَان
كم أعرب عَن فَضله لحن خطيب وانتظم بسلكه شَمل بَيت نسيب
يشْتَمل على المصافاة الَّتِي صقلت الألفة الرحمانية رونق صفائها والموافاة الَّتِي تشرفت باقترابها إِلَى السّنة الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة وانتمائها
وَكَانَ فلَان مِمَّن رغب فِي هَذِه السّنة السّنيَّة والطريقة الْحَسَنَة المرضية
ودلت محاسنه العلمية وَصِفَاته العملية على التَّمَسُّك من كل فضل بأطرافه والتنسك بِهَذِهِ الْعِبَادَة الَّتِي تكمل بهَا جميل أَوْصَافه مَعَ مَا فِيهِ من شَوَاهِد الْعُلُوم الَّتِي بلغ بهَا من الْعُلُوّ الوطر وَدَلَائِل الْفَضَائِل الَّتِي تكفلت لَهُ بِحسن الأدوات فِي كل ورد وَصدر
وَلَقَد وَالله جمل الْبيُوت الَّتِي ينْسب إِلَيْهَا وَإِن كَانَت طباقها عالية ومنازلها من أَنْوَاع المآثر غير خَالِيَة
كم شهد الْعقل والسمع بِعُمُوم فَضله الْمُطلق واعترف أهل الْقيَاس خُصُوصا وَالنَّاس عُمُوما بِالْمَفْهُومِ من منطوقه الْمُحكم الْمُحَقق
وَكم سلم الْمُقْتَدِي بِعُلُومِهِ من فَسَاد الْوَضع وَالِاعْتِبَار وَرجح الْمُجْتَهد فِي بَيَان حَقِيقَة أَهْلِيَّته للاستنباط أَنه فِي سَائِر الْفُنُون حسن الِاخْتِيَار وَأَنه الْمُوفق الرشيد
وَمن توفيقه ورشده خُصُوص هَذِه الْحَرَكَة الْكَامِلَة وَعُمُوم الْبركَة الشاملة وَحُصُول هَذَا العقد الْمُبَارك السعيد وسريان سره فِي الْكَوْن معطرا بنفحات أمره السديد
وَحين دنا من صَاحبه سفوره وأشرق على صفحات الدَّهْر نوره ضربت بشائر التهاني والإقبال وَقَامَ اليراع خَطِيبًا على مِنْبَر الطروس
وَقَالَ هَذَا مَا أصدق فلَان الْفُلَانِيّ ويكمل على نَحْو مَا سبق
خطْبَة نِكَاح
وَالزَّوْج لقبه شُجَاع الدّين الْحَمد لله الَّذِي أيد عِصَابَة الدّين المحمدي بشجاعه ووفقه لاقتفاء سنَن الشَّرْع

(2/57)


الشريف واتباعه وَقرن بالحلال بَين النُّفُوس والقلوب وَسَهل بالشريعة المطهرة كل مَطْلُوب
نحمده على مَا عَم من فَضله وغمر ونشكره وَالشُّكْر يُضَاعف الْمَزِيد لمن شكر
ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ
شَهَادَة انبلج بإخلاصها نور الْهدى وَظهر وتألق سنا برقها فِي الْآفَاق فبهر
ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي أعز الله بِهِ الدّين وَنصر وأذل بِهِ من جحد وَكفر
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه السَّادة الْغرَر مَا جرى بالأمور قدر وهمع ذيل الْغَمَام على الأكمام ودر
صَلَاة تسفر عَن وُجُوه المسرة والهنا وتتكفل لقائلها فِي الدَّاريْنِ ببلوغ المنى
وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَإِن أَفْخَر الْعُقُود قدرا وَقِيمَة وأنقى النُّقُود مَا بذل فاستخرج بِهِ من حجب السعد كَرِيمَة وأبرك المحافل مَا هيئت لَهُ الْأَسْبَاب
وهنئت بِهِ الْأَنْسَاب وَحصل الِاجْتِمَاع بِهِ على سنة وَكتاب
وَهُوَ مِمَّا أَمر الْمَرْء أَن يتَخَيَّر فِيهِ لنطفه وَمَا يسْتَخْرج بِهِ الدّرّ الْمكنون من صدفه
وَكَانَ فلَان رفع الله قدره فِي الْأَمْلَاك وأدار بسعادته الأفلاك مِمَّن تزينت بِهِ الْجَوَاهِر فِي الأسلاك وعقدت ذوائب الجوزاء بمعاقد مناسبه وتقابلت فِي بَيت السعد سعوده وافتخرت بمناقبه ونظمت فِي جيد الْمعَانِي عُقُود درره وأطلعت فِي سَمَاء الْأَمَانِي نُجُوم بره فَاخْتَارَ لقمره أشرف الْمنَازل
وآوى فِي النَّاس إِلَى بَيت فِيهِ طالع السعد نَازل
وخطب العقيلة الَّتِي تقف الْجَوَارِي الكنس دون حجابها
فَكَانَت أولى بِهِ وَكَانَ هُوَ أولى بهَا
وَكَانَ من شرف هَذَا الْمحل الَّذِي حلا جَوْهَر جمعه وكرم هَذَا الْجمع الَّذِي أغنت وُجُوه ساداته عَن أضواء شمعه
وفخر هَذَا الْمقَام الَّذِي لم يكن فِيهِ وليجة وأرجاء بَنَاته طيبَة أريجة
وَعَن هَذَا العقد الَّذِي شَمله بركَة أول عقد كَانَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على خَدِيجَة وَهِي الَّتِي مثلهَا فِي نسَاء الْعَالمين لم يصب وَهِي المبشرة بعد بَيتهَا هَذَا إِن شَاءَ الله بِبَيْت فِي الْجنَّة من قصب لَا صخب فِيهِ وَلَا نصب
وَهَذِه سَعَادَة مُؤَبّدَة مرقومة فِي أذيال برودها ونسيمة فاح ثناؤها العاطر فسرت نفحات وُرُودهَا
فأمتع الله بوجودها وأمتع بحياة والدها الَّذِي حَاز من كل وصف أحْسنه ونطقت بشكره الأقلام والألسنة
فأنعم بِهِ وَمَا برح مُعْلنا وَأحسن وَمَا زَالَ ثوب السِّيَادَة بِهِ معلما
وَأجَاب لعلمه بموافقة التَّوْفِيق إِن شَاءَ الله بِهَذَا المرام
وَأَن السعد والإقبال توافيا فِيهِ على أكمل نظام
ولبى داعيه لما لَهُ من الْحُقُوق الجمة وَأسْندَ العقد فِيهِ إِلَى خير الْأمة وَملك الْأَئِمَّة
سيدنَا ومولانا قَاضِي

(2/58)


الْقُضَاة شيخ الْإِسْلَام حَسَنَة اللَّيَالِي وَالْأَيَّام
عَلامَة الْعلمَاء الْأَعْلَام أبي فلَان فلَان
أدام الله رفع لِوَاء الشَّرْع الشريف بدوامه وَثَبت بِوُجُودِهِ قَوَاعِد نظامه وَجمع الْكَلِمَة المحمدية على إِمْضَاء نقضه وإبرامه فَعِنْدَ ذَلِك أشرقت شمس السَّعَادَة فِي أفق هَذَا العقد النظيم وَبَرقَتْ وُجُوه المحاسن من كل جَانب واتسمت بِكُل معنى وسيم وافتتح الْقَلَم لصون هَذَا الرقيم
بقوله بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
هَذَا مَا أصدق فلَان الْفُلَانِيّ ويكمل على نَحْو مَا سبق

خطْبَة نِكَاح شرِيف اسْمه عَليّ
وَأَبُو الزَّوْجَة من أكَابِر الرؤساء واسْمه أَحْمد
الْحَمد لله الَّذِي جعل قدر من اتبع السّنة عليا وَقدر لمن سلك منهاجها أَن رأى الْخَيْر منهاجا سويا
وَأحسن نشأة من كَانَ برا بِوَالِديهِ وَلم يكن جبارا عصيا وَأهل أهل الطَّاعَة لمراضيه حَتَّى ادخر لَهُم الْجنَّة لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا إِلَى سَلاما وَلَهُم رزقهم فِيهَا بكرَة وعشيا
نحمده أَن جعل بَيت الشّرف عليا وخلد فِيهِ السِّيَادَة أَحْمد تخليد
ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة يَتَجَدَّد بهَا عَن الْعِصَابَة المحمدية آكِد تَجْدِيد
ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي عقد العقد لأمته وأخد عَلَيْهِم العهدين
أَحدهمَا الْعَمَل بِكِتَاب الله وسنته وَثَانِيهمَا مُوالَاة أهل بَيته وعترته
فسر النُّفُوس المؤمنة هداه وَأقر الْعُيُون من أهل بَيته وأسرته بِكُل ولي سرى تبرق أنوار النُّبُوَّة من أسرته
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله حَبل النجَاة للمتمسك وسبل الْهِدَايَة للمتنسك وعَلى جَمِيع أَصْحَابه نُجُوم الْهدى ورجوم العدى وأئمة الْخيرَات لمن اقْتدى
صَلَاة تشنف أذن سامعها وتنير بِالْإِيمَان وَجه رافعها مَا تطرزت حلل الغمائم بالبروق اللوامع وَشرع أهل السَّعَادَة فِي إتْمَام أُمُورهم على أَيمن طَائِر وأسعد طالع
وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَإِن النِّكَاح سنة أَمر الشَّارِع عَلَيْهِ السَّلَام باتباعها وَأفهم الْعُقَلَاء عدم الانتفاء من انتفاعها
وَلذَلِك قَالَ الدُّنْيَا مَتَاع وَالْمَرْأَة الصَّالِحَة خير متاعها وَالنِّكَاح يحفظ مَا انساب من الْأَنْسَاب وَهُوَ سَبَب فِي عود مَا انجاب عَن الْإِيجَاب كم برع فِيهِ بدر تمّ

(2/59)


وكمل وَكم طلع نجم سعد ببلوغ قَصده وأمل وَكم بشر حمله بِأَن الشَّمْس بِهِ فِي شرف الْحمل
وَكَانَ من فضلت سلوك هَذِه السطور بدرر مفاخره واستفتح بِأم الْكتاب فِي استهلال كِتَابه المتضمن ذكر جميل مآثره اللاحقة من السّلف بالخلف وَكم علا بهَا علوي ذَوي شرف وَهُوَ السَّيِّد الشريف الحسيب النسيب الطَّاهِر الْأَصِيل الْعَفِيف المعتزي من أبوة النُّبُوَّة إِلَى من أعلت نسبتها قدره وأجلسته من علو شَأْن الْحسب وَالنّسب صَدره وشرفت الزهراء زهرَة أبوة النِّسْبَة المحمدية وَلَا شُبْهَة فِي شرف الزهرة
ضاعف الله نعْمَته وَقرن بالتوفيق عزمته مِمَّن نبت غصنه فِي روض السِّيَادَة وربى فِي حجر الشّرف والسعادة
وَقد حسن سمة وسمتا وسلك من طَهَارَة الشيم طَرِيقا لَا عوج فِيهَا وَلَا أمتا
وراق منْظرًا وشاق خَبرا وخبرا وَأسرى بغرض شرِيف الانتماء الْمَعْرُوف بالبشر فَحَمدَ عِنْد صباحه عَاقِبَة السرى وَهُوَ مِمَّن قدم فِي السِّيَادَة بَيته وارتفع بخفض الْعَيْش لِقَرَابَتِهِ بديانته وصيانته صيته
وتنزه كل شين
وانتمى بِنِسْبَة الشريف إِلَى مَوْلَانَا الإِمَام سيد الشُّهَدَاء الْحُسَيْن وتضلع مَعَ ذَلِك من الْفَضَائِل الأدبية واتصف من نِهَايَة الشّرف بِمَا فَاتَ بِهِ وفَاق على كثير من أَرْبَاب الرتب الْعلية وَرغب وَمَا أسعدها رَغْبَة زادته رُتْبَة إِلَى رتبته وَاقْتضى بهَا من شوارد المودات نِهَايَة مُعينَة وحسبك بهَا من رَغْبَة سَارَتْ بهَا أَحَادِيث أصالته بِبَيْت مرغوبته كالمثل وتناقلت الروَاة عَن سلفها وَخَلفهَا عوارف الْعلم ومعارف الْعَمَل وحوى سترهَا الرفيع وحجابها المنيع مَا عدا شأوه من المسامع والأفواه والمقل
وَمَا أَشَارَ إِلَّا وتلقيت إِشَارَته بالتكريم
وَحين استفهم والدها أَسْبغ الله ظله مَسْأَلته قدمهَا على كل مُهِمّ
لعلمه أَن الِاسْتِفْهَام دينه الْقَدِيم
وَكَانَ مِمَّا قدره الْعَزِيز الْعَلِيم
مَا سَيذكرُ فِي هَذَا الرقيم
وَهُوَ بِفضل بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
صُورَة عقد نِكَاح وَالزَّوْج اسْمه طَاهِر
ووالد الزَّوْجَة لقبه كَمَال الدّين الْحَمد لله الَّذِي نسب إِلَى الْكَمَال كل طَاهِر المناقب وَجعل النِّكَاح من السّنَن المحمودة العواقب ووهب بِهِ من اتِّفَاق الْأَهْل واجتماع الشمل أحسن الْمَوَاهِب
وَبِه ذهبت بِنَا شَرِيعَة الْإِسْلَام إِلَى أحسن المسالك وأشرف الْمذَاهب وَأرْسل إِلَيْنَا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فحض على المكارم وَنهى عَن المعايب وأوضح لنا سنته الَّتِي من اتبعها فَهُوَ غير خائب
نحمده على مواهب إحسانه وَهُوَ خير واهب ونشكره شكر معترف بنعمته غير جَاحد وَلَا ذَاهِب
ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة يقوم بهَا قَائِلهَا من الْإِيمَان بِكُل وَاجِب

(2/60)


ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي زلزل الْكفَّار بِمَا لَهُ من مواكب وكتائب وصدع بِنور نبوته دجى الشّرك فبدت لوامعه منيرة فِي الْمَشَارِق والمغارب
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين طلعوا فِي أفق سَمَاء الْإِسْلَام كالكواكب وتبادروا لنصرته مَا بَين ماش وراكب
صَلَاة يرقى بهَا قَائِلهَا من مَرَاتِب العلياء إِلَى أَعلَى الْمَرَاتِب
ويبلغ بهَا فِي الدَّاريْنِ أقْصَى المآرب
وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَإِن النِّكَاح سنة ذَوي الاهتداء وَأحد مسالك الشَّرِيعَة الْمُسْتَحقَّة الِاتِّبَاع والاقتداء لَا يَأْخُذ بِهِ إِلَّا كل من ركن إِلَى التَّقْوَى وَعمل بِالسنةِ الَّتِي تتشرف بهَا النُّفُوس وتقوى
وَلما كَانَ فلَان مِمَّن كَسَاه الْعلم أثوابه وَفتح التَّوْفِيق لَهُ أبوابه
فَلبس من التَّقْوَى أحسن شعار
وَسَار من اتِّبَاع السّنة على أوضح آثَار
وَرغب فِي سنة النِّكَاح الَّتِي هِيَ كَمَال الدّين وَطَرِيقَة من ارتضع ثدي الْيَقِين
وَعلم أَن هَذِه السّنة لَا تحصل إِلَّا عِنْد حُصُول الْأَكفاء وَحُصُول الْقَصْد من التخير والاصطفاء وبلوغ الأمنية من كَيْفيَّة الِاكْتِفَاء
فَخَطب من هُوَ فِي علو الْقدر نظيرها ومصيره من الأَصْل الطّيب إِلَى حَيْثُ اسْتَقر مصيرها
فقد نشأت فِي حجر الْحَلَال وأودعها الصون فِي خلال ستائر الْكَمَال
وَلما كَانَ الْخَاطِب كفوءا لسلوك هَذِه الطَّرِيقَة وطاهر الصِّفَات على الْحَقِيقَة
خطب فأجيبت خطبَته بنعم وتلقى بِحسن الْقبُول تلقى النعم وانعقد هَذَا العقد الْمُبَارك على أتم حَال وأنعم بَال وَوَافَقَهُ أَنْوَاع المسرة بالتمام والكمال
وَتَبَسم قلم السَّعَادَة وَقَالَ
فيا لله مَا أصدق مَا قَالَ
هَذَا مَا أصدق فلَان الْفُلَانِيّ ويكمل على نَحْو مَا سبق

خطْبَة نِكَاح وَالزَّوْج لقبه شهَاب الدّين
الْحَمد لله الَّذِي زين سَمَاء الْمعَانِي بشهابها الْمُنِير وَأَعْلَى دوحة السَّعَادَة بنمو فرعها النَّضِير وَشد بَيت الرياسة بِمن رفع قَوَاعِد الْفضل الغزير
ونحمده على نعمه الَّتِي شملت الْغَنِيّ وَالْفَقِير وعمت الصَّغِير وَالْكَبِير
ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَلَا مثيل وَلَا نَظِير وَلَا صَاحِبَة وَلَا ولد وَلَا وَزِير وَلَا مشير
ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الشَّاهِد البشير النذير الدَّاعِي إِلَيْهِ بِإِذْنِهِ

(2/61)


السراج الْمُنِير الْآمِر بالتناكح والتناسل لفائدة التكثير
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله الَّذين أذهب الله عَنْهُم الرجس وَأكْرمهمْ بالتطهير وعَلى أَصْحَابه الَّذين سَار على طَرِيقَته المثلى الْمَأْمُور مِنْهُم والأمير صَلَاة دائمة بَاقِيَة لَا يخالطها ملل وَلَا يشوب استمرارها تَقْصِير
وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَالنِّكَاح سنة ساطعة السنا يانعة الجنى جَامِعَة لأنواع السرُور والهنا بهَا يرغم أنف الشَّيْطَان ويتوصل إِلَى رضى الرَّحْمَن وَهُوَ سَبَب يتَمَسَّك بِهِ أهل التَّقْوَى والديانة ومنهل عذب يردهُ أهل الْعِفَّة والصيانة
وَكَانَ فلَان مِمَّن نَشأ فِي حجر السِّيَادَة وارتضع ثدي الزهادة
وَتعبد بالإخلاص
فظهرت على وَجهه الْمُنِير آثَار الْعِبَادَة
وجلت صِفَات محاسنه اللائقة وحلت فِي الأفواه موارد سجاياه الرائقة
وَهَا قد أَضَاء هَذَا الْكتاب بِنور شهابه وتعطر بِذكر اسْمه الرفيع وجنابه
وَحين سلك مَنْهَج الْحق الْمُسْتَقيم وَاتبع سنَن الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم أفضل الصَّلَاة وَالتَّسْلِيم
فاح فِي مجْلِس عقده عرف الْفَلاح
ولاح علم التَّوْفِيق والنجاح
وَأَقْبَلت طلائع السعد والإقبال
وَقَامَ الْقَلَم على مِنْبَر الطرس خَطِيبًا وَقَالَ فيالله مَا أصدق قَوْله هَذَا مَا أصدق إِلَخ

خطْبَة نِكَاح شرِيف على شريفة
الْحَمد لله الَّذِي رفع ذَوَات الشّرف الْعلي من منَازِل الْعلَا أَعْلَاهَا وَخص الْخيرَات من إمائه الصَّالِحَات هَذِه الْمنزلَة الرفيعة وَفِي أحصن الْحجب آواها
نحمده حمدا يستوعب من مُوجبَات الشُّكْر أقصاها
ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة يحلنا الله بهَا من مَرَاتِب الْإِخْلَاص أسماها
ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي أدّى أفْصح الْأَوَامِر الدِّينِيَّة وجلاها وخلصها من معضلات ظلمات الشّرك وحماها
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه ذَوي الْمجد الَّذِي لَا يتناهى وَالْفضل الَّذِي لَا يضاهى صَلَاة لَا يدْرك مداها وَلَا يلْحق مُنْتَهَاهَا
وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَإِن النِّكَاح سنة مَا برح نورها بصلات أَنْسَاب هَذِه الْأمة يتبلج وعقودها تنتظم فِي أسلاكها كل يتيمة نشرها بِحسن هَذِه الْوَاسِطَة من روض الْأنس يتأرج وناهيك

(2/62)


أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَا معشر الشَّبَاب من اسْتَطَاعَ مِنْكُم الْبَاءَة فليتزوجوأهل بَيته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَحَق من تمسك بسنته الْوَاضِحَة وَظهر بالمآثر الصَّالِحَة
فَمن دوحة حَسبه ظهر ذَلِك الْفَرْع
وَمن ذرْوَة نسبه تفجر ذَلِك النبع وَمن مزن كرمه لمع ذَلِك الْبَرْق وَمن تَقْرِير أَحْكَام شَرِيعَته وضح ذَلِك الْفرق
وَلَا عجب لمن كَانَ من هَذَا الْبَيْت الشريف وَعلا بِهِ شرف ذَلِك الْحسب المنيف أَن يقوم من اتِّبَاع هَذِه السّنة النَّبَوِيَّة بالأوجب وَيضم إِلَيْهِ من حصل لكل مِنْهُ وَمِنْهَا لصَاحبه الفخار والتشريف فهما أصل كل فخار سما وَفرع نجاء نما وغيث فضل همى
ورثا السِّيَادَة كَابِرًا عَن كَابر كالرمح أنبوبا على أنبوب وَكَانَ فلَان مِمَّن اقتفى آثَار بَيته الطَّاهِر فِي الْعَمَل بِالْكتاب وَالسّنة
فأعظم الله عَلَيْهِ الْمِنَّة
وَقد كمل هَذَا العقد السعيد الْمُبَارك فِي الْحَال والمآل
فَحِينَئِذٍ قَامَ اليراع خَطِيبًا على مِنْبَر الطرس
وَقَالَ حِين أطرق
هَذَا مَا أصدق الْمجْلس العالي السيدي الشريفي الحسيبي النسيبي الطاهري الْأصيلِيّ العريقي الأثيلي
فَخر العترة الزاكية العلوية شرف السلالة الطاهرة النَّبَوِيَّة فلَان الْفُلَانِيّ بخطوبته الْجِهَة الْكَرِيمَة السيدة الشَّرِيفَة الحسيبة النسيبة الناشئة فِي أعلا دَرَجَات الشّرف وَدِيعَة الصون فِي حجر السَّعَادَة والترف فُلَانَة الْفُلَانِيَّة الَّذِي هُوَ فِي الْقدر نظيرها ومصيره من الأَصْل الطّيب مصيرها
فَهُوَ وَهِي من شَجَرَة طيبَة أَصْلهَا ثَابت وفرعها فِي السَّمَاء وهما من سلالة قوم شرفوا بالانتماء إِلَى العظماء فنسبهما مُتَّصِل بِنسَب أهل الصدْق وَالْوَفَاء وجوهرهما إِذا اعتزى فَهُوَ من جَوْهَر مِنْهُ النَّبِي الْمُصْطَفى أصدقهَا الْمُصدق الْمشَار إِلَيْهِ على كتاب الله وَسنة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَدَاقا مبلغه كَذَا
ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه

خطْبَة نِكَاح أُخْرَى
الْحَمد لله الَّذِي فصل بَين الْحَلَال وَالْحرَام وَفرق وَجمع بِالنِّكَاحِ مَا تشَتت من شَمل عباده وتمزق وجعلهم شعوبا وقبائل ليحصل التعارف ويتحقق وَقَالَ تَعَالَى {إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم}
ليعلم أَن أكرمنا من يتحلى بتقوى الله

(2/63)


ويتخلق وَجعل لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا لتسكنوا إِلَيْهَا إِذْ هُوَ أسكن للنفوس وأرفق
وخيركم حَيْثُ قَالَ {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع}
ليَكُون الْعَمَل بِمَا هُوَ أليق وأوفق
وَسن النِّكَاح لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فلسنته الْوَاضِحَة ينْهض ويسبق
نحمده على نعمه الَّتِي ظهر نور عمومها على الْعَامَّة والخاصة وأشرق
ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة عبد لمع برق إيمَانه فِي كَون الْإِخْلَاص وأبرق
ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الصَّادِق الْمُصدق والناطق المسدد وَالْعَامِل الْمُوفق
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه ذَوي الْفضل الْمُطلق وَالْمجد الْمُحَقق صَلَاة لَا يدْرك شأوها وَلَا يلْحق وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَإِن الله تَعَالَى جعل النِّكَاح سنة نبيه الَّذِي مَا خلق بشر مثله وَلَا يخلق وكف بِهِ الْأَبْصَار والفروج عَن مآثم السفاح ووثق وانتدب إِلَى ذَلِك من هُوَ أنهض النَّاس فأسبق
فابتدر إِلَى التَّزْوِيج ابْتِدَاء من تحلى بِالسنةِ الشَّرِيفَة وتخلق وَأخذ بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تخَيرُوا لنطفكموالآخذ بسنته يرشد ويسعد ويوفق وخطب العقيلة الَّتِي تضوع عرف ثنائها بَين النَّاس وعبق وَمَا هما إِلَّا قرينان جَمعهمَا أشأم فِي الْفضل وأعرق
فَأُجِيب إِلَى ذَلِك إِذْ هُوَ الْكُفْء الَّذِي تبين فَضله وَتحقّق
وانتظم بَينهمَا عقد نِكَاح تنظم على السّنة الشَّرِيفَة وتنسق
وانعقد بَينهمَا
مَا نَصه بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
هَذَا مَا أصدق فلَان الْفُلَانِيّ ويكمل على نَحْو مَا سبق

خطْبَة أُخْرَى
الْحَمد لله الَّذِي لَيْسَ لسهام الأوهام فِي عجائب صَنعته مجْرى وَلَا تزَال لطائف مننه على الْعَالمين تترى
فَهِيَ تتوالى عَلَيْهِم سرا وجهرا
وتصوب فِي أرجاء ساحاتهم برا وبحرا {وَهُوَ الَّذِي خلق من المَاء بشرا فَجعله نسبا وصهرا} سلط على الْخلق شَهْوَة اضطرهم بهَا إِلَى الحراثة فانجروا إِلَيْهَا جرا واستبقى بهَا نسلهم اقتهارا وقسرا
نحمده على مَا من بِهِ من تَعْظِيم الْأَنْسَاب الَّتِي أطاب لَهَا ذكرا وَعظم لَهَا قدرا

(2/64)


ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك شَهَادَة تكون لقائلها حِجَابا من النَّار وسترا
ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الْمَبْعُوث بالإنذار والبشرى والمخصوص بِعُمُوم الرسَالَة والذكرى
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين جردوا لنصرة دينه القويم واعتقلوا لقِتَال أعدائه بيضًا وسمرا صَلَاة لَا يُطيق أحد لَهَا حصرا وَلَا تنفد وَلَا تبيد شهرا وَلَا دهرا
وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَإِن الله جلّ اسْمه أحل النِّكَاح وَندب إِلَيْهِ وحث عَلَيْهِ اسْتِحْبَابا وأمرا
وَحرم بمشروعيته السفاح وَبَالغ فِي تقبيحه ردعا وزجرا
وَجعل اقتحامه جريمة كبرى وفاحشة وإمرا وَبت بأدرار النطف فِي الْأَرْحَام النسم
وَأَنْشَأَ مِنْهَا خلقا
وبأرزاقهم وآجالهم فِي بطُون أمهاتهم أَقْلَام قدرته أجْرى
وَكَانَ من نضدت جَوَاهِر هَذَا الطرس باسمه ورسمت برسمه مِمَّن سلك من اتِّبَاع هَذِه السّنة النَّبَوِيَّة سَبِيل الرشاد فَمَا كَانَ سلوكه سدى
واهتدى بنجومها الزاهرة وبأئمتها الْأَعْلَام اقْتدى
وَاخْتَارَ من تغار الأقمار من محاسنها المجلوة وتكتب فِي صحف الْأُصُول الزكية آيَات فَضلهَا المتلوة
فَأُجِيب وَكَانَ حَقِيقا بالإجابة ووافقت سِهَام عرضه مرامي التسديد والإصابة
وَكَانَ من خُصُوص هَذِه الْحَرَكَة الْمُبَارَكَة الَّتِي هِيَ بِالْيمن محكمَة الْعُقُود ممنوحة من وعود السُّعُود بأهنأ النُّقُود ودوام النّفُوذ
وَكَانَ مِمَّا قدره الله وأراده ووعد عَلَيْهِ الْحسنى وَزِيَادَة مَا سَيذكرُ فِي هَذَا الرقيم بِفضل بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
هَذَا مَا أصدق فلَان الْفُلَانِيّ مخطوبته فُلَانَة على نَحْو مَا تقدم شَرحه

خطْبَة أُخْرَى
الْحَمد لله الَّذِي أحسن كل شَيْء خلقه وَبَدَأَ خلق الْإِنْسَان من طين
ثمَّ جعل نَسْله من سلالة من مَاء مهين
ثمَّ سواهُ وَنفخ فِيهِ من روحه
فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ
نحمده حمد عبد تمسك بِالْكتاب وَالسّنة ونشكره شكر من أرشد إِلَى طَرِيق الْجنَّة
ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة تبلج نور الْهدى بإخلاصها وتألق سنا برق بركاتها فِي الْآفَاق
فَعم هَذِه الْأمة تشريف اختصاصها
ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي أعز الله بشرعه الشريف دينه الحنيف

(2/65)


وَجعله خير نَبِي أرْسلهُ
وعَلى جَمِيع الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ فَضله
وَجعل من سنته أَن أحل النِّكَاح لأمته
وشرعه عِنْد الْحَاجة لواجد أهبته
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه أَئِمَّة الْإِسْلَام وجنده القائمين بسنته والموفين بعهده
وَسلم وَعظم وَشرف وكرم
وَبعد فَإِن النِّكَاح من سنَن الْأَنْبِيَاء وشعار الْأَوْلِيَاء ودثار الأتقياء وزينة الأصفياء
اقْتَرَبت بِهِ الأباعد واتصلت بِهِ الْأَنْسَاب اتِّصَال الْعَضُد بالساعد
وَهُوَ لَا تخفى مشروعيته
وَلَا يُنكر بَين أهل الْإِسْلَام فضيلته
وَكَانَ فلَان مِمَّن تحلى من الْفَضَائِل بِمَا تحلى وتجلى لَهُ من مسالك السّنة الشَّرِيفَة مَا تجلى وخطب من ذَوَات الْفضل من هِيَ كَالشَّمْسِ بَين الْكَوَاكِب
وَرغب فِيمَن هِيَ غَايَة الأمل للراغب ومنتهى الْقَصْد للخاطب
فَهِيَ ذَات أصل ثَابت وَفرع نابت وصيانة شَامِلَة ونعمة كَامِلَة وَذكر جميل وَحسب ظلّ ظَلِيل
وَمَا هِيَ إِلَّا دوحة أَصْلهَا الْمُلُوك الْكِرَام ورئيسة خَفَقت على رُؤُوس آبائها الْعلمَاء الْأَعْلَام
فَأَجَابُوا خطبَته ولبوا دَعوته
وبادر ولي هَذَا الْأَمر إِلَيْهِ مجيبا
وَقَالَ الْقَلَم على مِنْبَر الطرس خَطِيبًا
فأسفر لَهُ وَجه الْقبُول وأشرق
فيا لله مَا أصدق قَوْله هَذَا مَا أصدق فلَان الْفُلَانِيّ مخطوبته فُلَانَة ويكمل على نَحْو مَا سبق
وَأما صور الأصدقة فَمِنْهَا مَا هُوَ جَائِز عِنْد أبي حنيفَة بَاطِل عِنْد البَاقِينَ
مِنْهَا أصدق فلَان فُلَانَة صَدَاقا مبلغه كَذَا إِلَى آخِره وَقد وكلت الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة فِي تَزْوِيج نَفسهَا من الزَّوْج الْمَذْكُور على الصَدَاق الْمعِين أَعْلَاهُ
وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور مِنْهَا عقد هَذَا التَّزْوِيج
وخاطبها عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من تمّ العقد بحضورهم شرعا
ويندرج الْخلاف تَحت قَوْله بِمحضر من تمّ العقد بحضورهم شرعا فَإِن مَذْهَب أبي حنيفَة انْعِقَاد العقد بِحُضُور فاسقين وكافرين كتابيين
إِذا كَانَ الزَّوْج وَالزَّوْجَة كتابيين
وَصُورَة أُخْرَى أصدق فلَان فُلَانَة صَدَاقا مبلغه كَذَا
وَولى تَزْوِيجهَا مِنْهُ بِإِذْنِهَا ورضاها فلَان الْأَجْنَبِيّ مَعَ وجود الْأَوْلِيَاء أَو الْحَاكِم
فَهَذَا العقد صَحِيح عِنْده وَحده
وَصُورَة أُخْرَى أصدق فلَان فُلَانَة صَدَاقا جملَته كَذَا زَوجته مِنْهَا بِإِذْنِهَا ورضاها فُلَانَة ابْنة فلَان تزويجا شَرْعِيًّا
وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور من الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة عقد هَذَا التَّزْوِيج

(2/66)


وَهَذِه الصُّور الثَّلَاثَة إِذا اتّفق شَيْء مِنْهَا وَكَانَ الْقَصْد تَصْحِيحه
فطريقه أَن يرفع إِلَى حَاكم حَنَفِيّ يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ
صُورَة نِكَاح مُتَّفق على صِحَّته أصدق فلَان فُلَانَة الْبكر الْبَالِغ الْعَاقِل الْحرَّة الْمسلمَة صَدَاقا مبلغه كَذَا من الدَّرَاهِم أَو الدَّنَانِير أَو غَيرهمَا من كل طَاهِر جَائِز بَيْعه عِنْد الشَّافِعِي احْتِرَازًا من أَن يصدقها شَيْئا من النَّجَاسَات أَو المعازف الْجَائِز بيعهَا عِنْد أبي حنيفَة
فَإِن الْقَاعِدَة الشَّرْعِيَّة أَن مَا جَازَ أَن يكون ثمنا جَازَ أَن يكون صَدَاقا
وَهَذَا مَمْنُوع عِنْد الشَّافِعِي
جَائِز عِنْد أبي حنيفَة زَوجهَا مِنْهُ بذلك بِإِذْنِهَا ورضاها والدها الْمَذْكُور
وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور مِنْهُ عقد هَذَا التَّزْوِيج
وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من ذَوي عدل
ويكمل إِلَى آخِره
صُورَة نِكَاح مُخْتَلف فِيهِ أصدق فلَان فُلَانَة الْبكر الْبَالِغ صَدَاقا مبلغه كَذَا
وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ إجبارا والدها الْمَذْكُور أَو جدها لأَبِيهَا
وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور من المزوج عقد هَذَا التَّزْوِيج
وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من ذَوي عدل
فَهَذِهِ الصُّورَة صَحِيحَة عِنْد الشَّافِعِي
وَإِن كَانَت ثَيِّبًا وَلها ابْن وَأَوْلَاد ابْن زَوجهَا أَبوهَا مَعَ وجود ابْنهَا وَابْن ابْنهَا خلافًا لمَالِك
فَإِن عِنْده يقدمان على الْأَب وَالْجد
وَهُوَ صَحِيح عِنْد أَحْمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ
وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى مَتى بلغت تسع سِنِين فَلَا تزوج بِغَيْر إِذْنهَا
وَهُوَ صَحِيح عِنْد أبي حنيفَة
وَغير صَحِيح عِنْد الشَّافِعِي
فَإِنَّهَا إِذا كَانَت بَالِغَة لَا تزوج إجبارا وَلَا بُد من إِذْنهَا
صُورَة مُخْتَلف فِيهَا أصدق فلَان فُلَانَة الْمَرْأَة النّصْف العانس الْبكر الَّتِي بلغت من الْعُمر أَرْبَعِينَ سنة أَو الْبِنْت الْبكر الْبَالِغ الْعَاقِل الْحرَّة الْمسلمَة الَّتِي زوجت وخلا الزَّوْج بهَا وَعرفت مضارها ومنافعها وَطلقت بعد الْخلْوَة وَقبل الْإِصَابَة صَدَاقا مبلغه كَذَا
وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ والدها الْمَذْكُور أَعْلَاهُ إجبارا وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور مِنْهُ عقد هَذَا التَّزْوِيج
وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من ذَوي عدل بعد الِاعْتِبَار الشَّرْعِيّ
فَهَذِهِ الصُّورَة بَاطِلَة عِنْد مَالك وَأبي حنيفَة
وَفِي أظهر روايتي أَحْمد
صُورَة مُخْتَلف فِيهَا أَيْضا أصدق فلَان فُلَانَة الْبِنْت الْبكر الَّتِي وافت تسع سِنِين صَدَاقا مبلغه كَذَا
وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ بِإِذْنِهَا ورضاها والدها أَو غَيره من الْعَصَبَات على التَّرْتِيب السَّابِق تَعْيِينه فِي الْعَصَبَات فِي مَذْهَب أَحْمد وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور مِنْهُ عقد هَذَا التَّزْوِيج وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من ذَوي عدل

(2/67)


فَهَذَا العقد صَحِيح عِنْد الشَّافِعِي إجبارا إِذا كَانَ الْوَلِيّ أَبَا أَو جدا وإذنها وَقع لَغوا
وَكَذَلِكَ وَقع عِنْد أبي حنيفَة
وَلَا يحْتَاج عِنْده إِلَى إِذْنهَا أَيْضا
وَكَذَلِكَ عِنْد مَالك
وَإِنَّمَا اعْتبرنَا إِذْنهَا لرِوَايَة عَن أَحْمد
فَإِنَّهُ قَالَ إِذا بلغت تسع سِنِين لم تزوج إِلَّا بِإِذْنِهَا فِي حق كل ولي أَبَا كَانَ أَو غَيره
صُورَة مُخْتَلف فِيهَا أصدق فلَان فُلَانَة بنت عبد الله الْجَارِيَة فِي رق فُلَانَة الْمَرْأَة الْمسلمَة الْبَالِغ الأيم المعترفة لفلانة الْمَذْكُورَة بِالرّقِّ والعبودية وَإِن كَانَت الزَّوْجَة مُعتقة
فَيَقُول الْمَرْأَة الْمسلمَة الْبَالِغ الْعَاقِل الأيم عتيقة فُلَانَة ابْنة فلَان صَدَاقا مبلغه كَذَا
وَوليت تَزْوِيجهَا مِنْهُ بذلك بِإِذْنِهَا ورضاها سيدتها الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ
وَقبل الزَّوْج مِنْهَا عقد هَذَا التَّزْوِيج
وخاطبته عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من ذَوي عدل وَإِن كَانَت مُعتقة
فَيَقُول بِإِذْنِهَا ورضاها معتقتها الْمَذْكُورَة ويكمل على الْعَادة فِي كتب الأصدقة
فَهَذِهِ الصُّورَة صَحِيحَة عِنْد أبي حنيفَة فِي الرقيقة مَعَ عدم وجود الشَّرْطَيْنِ خوف الْعَنَت وَأَن لَا يجد صدَاق حرَّة
وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة من مَذْهَب أَحْمد بَاطِلَة عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ
وَفِي أظهر الرِّوَايَات عَن أَحْمد وَهِي الَّتِي اخْتَارَهَا الْخرقِيّ وَأَبُو بكر
وَصُورَة تَزْوِيج الْبِنْت الصَّغِيرَة أصدق فلَان فُلَانَة الْبِنْت الصَّغِيرَة الثّيّب الَّتِي لم تبلغ الِاحْتِلَام
صَدَاقا مبلغه كَذَا
وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ والدها الْمَذْكُور وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور عقد هَذَا التَّزْوِيج من المزوج الْمَذْكُور
وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من ذَوي عدل ويكمل على نَحْو مَا سبق
فَهَذِهِ الصُّورَة جَائِزَة عِنْد أبي حنيفَة
وَفِي أحد الْوَجْهَيْنِ لأَصْحَاب أَحْمد رَحمَه الله تَعَالَى
صُورَة تَزْوِيج الصَّغِيرَة الْبكر أصدق فلَان فُلَانَة الصَّغِيرَة الْبكر الَّتِي هِيَ فِي حجر والدها الْمَذْكُور بِحكم الْأُبُوَّة شرعا صَدَاقا مبلغه كَذَا
زَوجهَا مِنْهُ بذلك والدها الْمَذْكُور أَو جدها لأَبِيهَا فلَان الْفُلَانِيّ تزويجا شَرْعِيًّا
وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور النِّكَاح لنَفسِهِ على الْمُسَمّى فِيهِ قبولا شَرْعِيًّا
وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من ذَوي عدل
فَإِن زوج الْأَب كَانَ صَحِيحا إِجْمَاعًا
وَإِن زوج الْجد كَانَ صَحِيحا عِنْد الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة
غير صَحِيح عِنْد مَالك وَأحمد
صُورَة أُخْرَى فِي تَزْوِيج الصَّغِيرَة أصدق فلَان فُلَانَة الْبِنْت الصَّغِيرَة الَّتِي لم تبلغ الْحلم أَو المعصر صَدَاقا مبلغه كَذَا
وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ أَخُوهَا لأَبِيهَا فلَان لعدم ولي

(2/68)


أقرب مِنْهُ أَو أحد الْأَوْلِيَاء على ترتيبهم عِنْد أبي حنيفَة مِنْهُم الْأُم
وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور مِنْهُ عقد هَذَا التَّزْوِيج
وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من ذَوي عدل
ويكمل على نَحْو مَا سبق
فَهَذَا العقد صَحِيح عِنْد أبي حنيفَة خلافًا للباقين مَعَ أَنه مَوْقُوف عِنْده على إمضائها إِذا بلغت
صُورَة تَزْوِيج الْوَصِيّ بِمَا اسْتَفَادَ من الْولَايَة الشَّرْعِيَّة بِالْوَصِيَّةِ تَزْوِيج إِجْبَار أصدق فلَان فُلَانَة الْبكر الْبَالِغ الْعَاقِل ابْنة فلَان صَدَاقا مبلغه كَذَا
وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ إجبارا وصيها الشَّرْعِيّ فلَان بِمَا آل إِلَيْهِ فِي ذَلِك من الْوَصِيَّة الشَّرْعِيَّة المفوضة إِلَيْهِ من وَالِد الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة المؤرخة بِكَذَا الثَّابِت مضمونها بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ
المؤرخ بِكَذَا وَقبل الزَّوْج مِنْهُ عقد هَذَا التَّزْوِيج إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا سبق
وَهَذَا العقد صَحِيح عِنْد مَالك وَحده إجبارا مَعَ تعْيين الزَّوْج
وَظَاهر مَذْهَب أَحْمد صِحَّته على الْإِطْلَاق وَإِن لم يكن ثمَّ شُهُود
وَعقد الْوَصِيّ العقد إجبارا بِغَيْر شُهُود فَهُوَ أَيْضا صَحِيح عِنْد مَالك
فَإِن الشَّاهِدين ليسَا عِنْده شرطا فِي صِحَة العقد
فَهَذَا عقد عقده الْوَصِيّ إجبارا على بنت بكر بَالغ بِغَيْر شُهُود خلافًا للباقين من الْأَئِمَّة
ثمَّ إِذا كَانَ الْقَصْد إمضاؤه وتصحيحه فيرفع إِلَى حَاكم مالكي يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ
وَإِن كَانَ الْقَصْد إِبْطَاله فيرفع إِلَى حَنَفِيّ أَو شَافِعِيّ فيثبته وَيحكم بِبُطْلَانِهِ مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ
وَعند أَحْمد هُوَ صَحِيح
وَلَا بُد من شَاهِدين عَدْلَيْنِ يحضرانه
وَلَا بُد عِنْده من تقدم إِذْنهَا أَيْضا للْوَصِيّ
صُورَة تَزْوِيج الْوَصِيّ الْبِنْت الْبكر الصَّغِيرَة التساعية الْعُمر بِإِذْنِهَا على مَذْهَب الإِمَام أَحْمد رَضِي الله عَنهُ وَحده أصدق فلَان فُلَانَة الْبِنْت الْبكر الصَّغِيرَة الَّتِي لَهَا من الْعُمر تسع سِنِين
ابْنة فلَان صَدَاقا مبلغه كَذَا
وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ بِإِذْنِهَا ورضاها الْمُعْتَبر الشَّرْعِيّ فلَان بِمُقْتَضى الْوَصِيَّة الشَّرْعِيَّة المفوضة إِلَيْهِ من والدها الْمَذْكُور المؤرخة بِكَذَا الثَّابِت مضمونها بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ المؤرخ بِكَذَا
وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور عقد هَذَا التَّزْوِيج لنَفسِهِ
وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من ذَوي عدل
ويكمل على نَحْو مَا سبق

(2/69)


صُورَة تَزْوِيج مَوْقُوف على الْإِجَازَة أصدق فلَان فُلَانَة الْبكر الْبَالِغ الْعَاقِل
ابْنة فلَان صَدَاقا مبلغه كَذَا
وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ بِإِذْنِهَا ورضاها فلَان الْفُلَانِيّ ليشاور والدها الْمَذْكُور على ذَلِك
وَيطْلب مِنْهُ الْإِجَازَة للْعقد الْمَذْكُور
وَقبل الزَّوْج مِنْهُ عقد هَذَا التَّزْوِيج إِلَى آخِره بعد الِاعْتِبَار الشَّرْعِيّ
ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه
وَصُورَة أُخْرَى فِي ذَلِك أصدق فلَان فُلَانَة الْمَرْأَة الْكَامِل ابْنة فلَان عَن فلَان
صَدَاقا مبلغه كَذَا
وَولي تَزْوِيجهَا من الْمُصدق عَنهُ فلَان بِإِذْنِهَا ورضاها والدها أَو جدها أَو أحد الْعَصَبَات بِشَرْط إجَازَة الْمُصدق عَنهُ فلَان الْمَذْكُور وَرضَاهُ بذلك وَقبل الْمُصدق الْمَذْكُور للمصدق عَنهُ الْمَذْكُور عقد هَذَا التَّزْوِيج
وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من تمّ العقد بحضورهم شرعا بعد الِاعْتِبَار الشَّرْعِيّ
فَهَذِهِ الصُّور الثَّلَاثَة صَحِيحَة عِنْد أبي حنيفَة على الْإِطْلَاق مَوْقُوفَة على الْإِجَازَة من الْوَلِيّ وَفِي الصُّورَة الأولى وَمن الزَّوْجَة فِي الصُّورَة الثَّانِيَة
وَهِي مَا إِذا أصدق رجل امْرَأَة غَائِبَة وَزوجهَا الْوَلِيّ من الْمُصدق بِغَيْر إِذْنهَا وَلَا حُضُورهَا
وَسَيَأْتِي مثل هَذِه الصُّورَة فِي تَزْوِيج الْفُضُولِيّ
وَمن الزَّوْج فِي الصُّورَة الثَّالِثَة
وَكَذَلِكَ عِنْد مَالك رَحمَه الله بِشَرْط أَن تكون الْإِجَازَة عقب العقد قريبَة مِنْهُ فِي غير تراخ كثير
وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة عَن أَحْمد أَن ذَلِك صَحِيح مَعَ الْإِجَازَة كمذهب أبي حنيفَة وَذَلِكَ بَاطِل عِنْد الشَّافِعِي على الْإِطْلَاق
وَفِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن مَالك
وَفِي الرِّوَايَة المختارة لِأَحْمَد
وَقد يتَصَوَّر صُورَة رَابِعَة جَارِيَة مجْرى الصُّور الثَّلَاث الْمَذْكُورَات وَهِي أَن يقوم فضوليان أجنبيان بِحُضُور عَدْلَيْنِ ويزوج أَحدهمَا امْرَأَة غَائِبَة من رجل غَائِب على صدَاق مَعْلُوم
وَيقبل الآخر للرجل الْغَائِب العقد
قَالَ أَبُو حنيفَة إِن ذَلِك يَقع صَحِيحا
وَإِذا أجَاز الزَّوْجَانِ ذَلِك
ثَبت
ويبنى على ذَلِك صور أُخْرَى
وَهِي مَا إِذا كَانَ فضوليا من جِهَة ووكيلا من جِهَة أَو فضوليا من جِهَة
ووليا من الْجِهَة الْأُخْرَى
وصوره جَائِزَة عِنْد أبي حنيفَة وَحده
وَهِي أَن يُزَوّج الرجل ابْنة أَخِيه من ابْن أَخِيه وهما صغيران
وَيقبل وَيُوجب
وَكَذَا إِن قَالَ رجل لرجل زوجت فُلَانَة مِنْك
فَقَالَ تزوجت أَو قبل مِنْهُ العقد ثمَّ بلغَهَا الْخَبَر فأجازت
جَازَ بالِاتِّفَاقِ بَين أبي حنيفَة وَأَصْحَابه
وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا زوجت الْمَرْأَة نَفسهَا من غَائِب فَبَلغهُ الْخَبَر فَأجَاز يجوز عِنْده خلافًا لأبي حنيفَة وَمُحَمّد

(2/70)


وعَلى هَذَا الْخلاف إِذا قَالَ الْفُضُولِيّ اشْهَدُوا عَليّ أَنِّي قد زوجت فُلَانَة من فلَان
فبلغهما الْخَبَر فأجازا
صَحَّ عِنْد أبي يُوسُف خلافًا لَهما
فَالْحَاصِل أَن الْوَاحِد يصلح أَن يكون وَكيلا وَأَصِيلا من الْجَانِبَيْنِ حَتَّى ينْعَقد العقد
وَعند أبي يُوسُف يجوز أَن يكون الْوَاحِد فضوليا من الْجَانِبَيْنِ أصيلا من جَانب فضوليا من جَانب
ووكيلا من جَانب فضوليا من جَانب
ويتوقف الْأَمر فِي هَذِه الصُّور كلهَا على الْإِجَازَة خلافًا لأَصْحَابه
صُورَة تَزْوِيج الْوَلِيّ الْفَاسِق موليته أصدق فلَان فُلَانَة ابْنة فلَان ضَامِن الْأَسْوَاق أَو جابي المكوس مثلا والدها الْمَرْأَة الْبَالِغ الْعَاقِل الثّيّب
صَدَاقا مبلغه كَذَا
وَولى تَزْوِيجهَا مِنْهُ بِإِذْنِهَا ورضاها والدها الْمَذْكُور
وَقبل الزَّوْج مِنْهُ عقد هَذَا التَّزْوِيج
وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من ذَوي عدل بعد الِاعْتِبَار الشَّرْعِيّ
ويكمل
فَهَذِهِ الصُّورَة جَائِزَة عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك
وَينْعَقد النِّكَاح عِنْدهمَا
وَفِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد
وَهُوَ بَاطِل عِنْد الشَّافِعِي غير مُنْعَقد
وممنوع فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد
صُورَة تَزْوِيج الْوَلِيّ موليته بِإِذْنِهَا ورضاها بِغَيْر شُهُود إِمَّا لعدم مُسلمين حاضرين فِي ذَلِك الْوَقْت أَو إهمالا لحضور شُهُود أصدق فلَان فُلَانَة الْبِنْت الْبكر الْبَالِغ الْعَاقِل الْحرَّة الْمسلمَة ابْنة فلَان مَا مبلغه كَذَا
زَوجهَا مِنْهُ بذلك بِإِذْنِهَا ورضاها والدها الْمَذْكُور أَو ولي شَرْعِي على تَرْتِيب الْأَوْلِيَاء عِنْد مَالك
وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور مِنْهُ عقد هَذَا التَّزْوِيج وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِغَيْر حُضُور شُهُود
ويكمل
فَهَذَا العقد جَائِز عِنْد مَالك صَحِيح مُنْعَقد لِأَن الشُّهُود لَيْسُوا بِشَرْط عِنْده
وَفِي رِوَايَة عَن أَحْمد
وَهُوَ بَاطِل عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ
وَعند أَحْمد فِي أظهر الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ
وَصُورَة التَّزْوِيج مَعَ الْوَصِيَّة بكتمان النِّكَاح
وَهُوَ كثيرا مَا يَقع فِيهِ النَّاس
وَهُوَ أَن يتَزَوَّج الرجل على زَوجته بِامْرَأَة أُخْرَى
فيخفي التَّزْوِيج ويوصي بكتمانه مَعَ كَونه يشْتَمل على ولي مرشد وشاهدي عدل وَإِذن الزَّوْجَة ورضاها وَهُوَ بَاطِل عِنْد مَالك وَحده
وَصُورَة مَا إِذا زوج الْوَلِيّ وَعقد العقد بِحَضْرَة فاسقين
فقد قَالَ أَبُو حنيفَة بانعقاده وَهُوَ مُنْعَقد عِنْد مَالك أَيْضا
لِأَن الأَصْل عِنْده أَن الشَّهَادَة لَيست ركنا فِي العقد
وَهُوَ غير مُنْعَقد عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد

(2/71)


وَصُورَة مَا إِذا عقد الْوَلِيّ العقد بِحُضُور رجل وَامْرَأَتَيْنِ فَهُوَ صَحِيح عِنْد مَالك على أَصله فِي عدم اشْتِرَاط الشُّهُود
وَعند أبي حنيفَة يثبت
وَيصِح بالتداعي إِلَى حَاكم حَنَفِيّ
فيدعي وَيُؤَدِّي الرجل والمرأتان الشَّهَادَة
فَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ
وَكَذَلِكَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد
وَهُوَ بَاطِل عِنْد الشَّافِعِي
وَفِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد
وَصُورَة مَا إِذا عقد الْوَلِيّ النِّكَاح بِحَضْرَة أعميين انْعَقَد النِّكَاح عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد فَقَط
وَصُورَة مَا إِذا عقد الْوَلِيّ الْكِتَابِيّ النِّكَاح وَالزَّوْج مُسلم بِحُضُور كتابيين انْعَقَد عِنْد أبي حنيفَة وَحده
وَصُورَة مَا إِذا عقد الْوَلِيّ الْكِتَابِيّ نِكَاح موليته على مُسلم بِحُضُور شَاهِدين مُسلمين
فَهُوَ صَحِيح عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ خلافًا لِأَحْمَد
وَصُورَة مَا إِذا زوج الْمُسلم أمته الْكَافِرَة
فَهُوَ جَائِز عِنْدهم إِلَّا فِي أحد قولي الشَّافِعِي
هَكَذَا ذكره صَاحب الإفصاح وَقَالَ الإِمَام الرَّافِعِيّ ويزوج الْمُسلم أمته الْكِتَابِيَّة
وَلم يذكر فِيهِ الْقَوْلَيْنِ للشَّافِعِيّ
وَصُورَة مَا إِذا زوج السَّيِّد عَبده الْبَالِغ إجبارا انْعَقَد عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَفِي القَوْل الْقَدِيم للشَّافِعِيّ
وَعند الشَّافِعِي على الْجَدِيد وَأحمد أَنه لَا يملك الْإِجْبَار
وَصُورَة مَا إِذا تزوج العَبْد إجبارا لسَيِّده مَعَ طلب العَبْد وَامْتِنَاع السَّيِّد من التَّزْوِيج
فَيصح العقد عِنْد أَحْمد
وَفِي أحد قولي الشَّافِعِي وَهُوَ بَاطِل عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ فِي القَوْل الآخر
وَقد تقدم بَيَان الْخلاف فِي ذَلِك فِي مسَائِل الْبَاب بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة
صُورَة إعفاف الْوَالِد بِالتَّزْوِيجِ وإجبار وَلَده على إعفافه عِنْد أَحْمد فِي أظهر الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ
وَفِي قَول عَن الشَّافِعِي أصدق فلَان ابْن فلَان لوالده فلَان الْمَذْكُور فُلَانَة صَدَاقا مبلغه كَذَا فِي ذمَّته عَن وَالِده الْمَذْكُور
وَولى تَزْوِيجهَا من وَالِده الْمَذْكُور وَليهَا فلَان بِإِذْنِهَا ورضاها
وَقبل هُوَ لوالده عقد هَذَا التَّزْوِيج
وخاطبه عَلَيْهِ شفاها مجبرا على ذَلِك أَو بِاخْتِيَارِهِ وَرضَاهُ برا بوالده الْمَذْكُور وَعَلِيهِ الْقيام بِمَا تحْتَاج إِلَيْهِ الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة من نَفَقَة مثلهَا وَكِسْوَة مثلهَا عَن وَالِده الْمَذْكُور بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ
وَذَلِكَ بِحُضُور من تمّ العقد بحضورهم شرعا
وَصُورَة مَا إِذا زوج السَّيِّد أم وَلَده إجبارا بِغَيْر رِضَاهَا أصدق فلَان فُلَانَة أم وَلَده

(2/72)


فلَان صَدَاقا مبلغه كَذَا
زَوجهَا مِنْهُ بذلك سَيِّدهَا الْمشَار إِلَيْهِ إجبارا
وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور عقد هَذَا التَّزْوِيج بِمحضر من تمّ العقد بحضورهم شرعا
ويكمل
فَهَذَا العقد صَحِيح عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد
وَفِي رِوَايَة عَن مَالك وَفِي أحد الْقَوْلَيْنِ عَن الشَّافِعِي
صُورَة مَا إِذا أعتق الرجل جَارِيَته وَجعل عتقهَا صَدَاقهَا أعتق فلَان جَارِيَته فُلَانَة وَيذكر جِنْسهَا ونوعها وَجعل عتقهَا صَدَاقهَا
وانعقد بَينهمَا بذلك النِّكَاح انعقادا شَرْعِيًّا
وَصَارَت زوجا لَهُ
وَصَارَ عتقهَا صَدَاقهَا
وَذَلِكَ بِحُضُور شَاهِدي عدل من غير اعْتِبَار رِضَاهَا فِي ذَلِك
وَوَقع الْإِشْهَاد على الْمُعْتق الْمَذْكُور بذلك فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَا
فَهَذِهِ الصُّورَة تصح عِنْد أَحْمد وَحده فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ بَاطِلَة عِنْد البَاقِينَ
وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى عَن أَحْمد
وَصُورَة أُخْرَى فِي ذَلِك أصدق فلَان عتيقته فُلَانَة صَدَاقا هُوَ عتقهَا بِمُقْتَضى أَنَّهَا قَالَت لَهُ أعتقني على أَن أتزوجك وَيكون عتقي صَدَاقي عَلَيْك
فَأعْتقهَا على ذَلِك
فَقبلت ورضيت وأذنت فِي إِيجَاب العقد مِنْهُ على صدَاق هُوَ الْعتْق فَزَوجهَا ولي شَرْعِي من الْمُعْتق
وَقَبله مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا بِحُضُور من تمّ العقد بحضورهم شرعا
فَهَذِهِ الصُّورَة جَائِزَة عِنْد أَحْمد وَحده
صُورَة صدَاق مَحْجُور عَلَيْهِ فِي الشَّرْع الشريف أصدق فلَان الْمَحْجُور عَلَيْهِ بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ أَو المستمر يَوْمئِذٍ تَحت حجر الشَّرْع الشريف بِمَدِينَة كَذَا عِنْد مَا رغب هَذَا الزَّوْج فِي التَّزْوِيج ودعت حَاجته إِلَى النِّكَاح
وتاقت نَفسه إِلَيْهِ بِإِذن صدر لَهُ فِي ذَلِك من سيدنَا فلَان الدّين النَّاظر فِي الحكم الْعَزِيز الْإِذْن الصَّحِيح الشَّرْعِيّ بخطوبته فُلَانَة الْبكر الْبَالِغ أَو الْمَرْأَة الْكَامِل الْمُطلقَة من فلَان الْفُلَانِيّ طَلَاقا بَائِنا أَو المفسوخ نِكَاحهَا من فلَان الْفُلَانِيّ أَو مختلعة فلَان الْفُلَانِيّ أصدقهَا الْمُصدق الْمَذْكُور بِالْإِذْنِ الْمَذْكُور من مَاله الَّذِي تَحت حوطة الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَو المستقر بمودع الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ صَدَاقا مبلغه كَذَا
قبضت مِنْهُ الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة أَو والدها أَو جدها أَو وَليهَا الشَّرْعِيّ على يَد القَاضِي فلَان الدّين الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ من مَال الزَّوْج الْمَذْكُور كَذَا قبضا شَرْعِيًّا تَاما وافيا
وَبَاقِي ذَلِك وَهُوَ كَذَا مقسطا عَلَيْهِ من اسْتِقْبَال كل سنة كَذَا
ويكمل إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول وَشهِدت الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة أَن الصَدَاق الْمعِين أَعْلَاهُ صدَاق مثله على مثلهَا
ويؤرخ
تَنْبِيه الصَدَاق على مَحْجُور عَلَيْهَا أَو من مَحْجُور عَلَيْهِ يكْتب كَمَا تقدم
غير أَن

(2/73)


ذكر الْقَبْض لَا يكون إِلَّا من الْوَصِيّ أَو الْحَاكِم أَو أَمِينه
فَيَقُول عجل لَهَا من ذَلِك كَذَا
فَقبض لَهَا سيدنَا فلَان الدّين ليصرفه فِي مصالحها وَيذكر الْوَصِيَّة وثبوتها وأهلية الْمُوصى إِلَيْهِ وَحكم الْحَاكِم بذلك وَيَقُول فِي آخر الْكتاب وَذَلِكَ بعد أَن شهِدت الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة أَن الْمهْر الْمُسَمّى أَعْلَاهُ مهر مثلهَا على مثله
ويؤرخ
فَإِن لم يكن فِي الْبَلَد حَاكم أَو امْتنع الْوَلِيّ من تَزْوِيج الْمَحْجُور عَلَيْهِ
فَهَل يسْتَقلّ بِالتَّزْوِيجِ كَمَا لَو امْتنع من الْإِنْفَاق عَلَيْهِ أَو من اسْتِيفَاء دينه قد تقدم أَن الرَّافِعِيّ وَمن وَافقه من أَصْحَاب الشَّافِعِي لَا يجوزون ذَلِك
وَذهب صَاحب الْبَحْر الصَّغِير وَصَاحب التَّهْذِيب إِلَى الْجَوَاز
انْتهى
صُورَة تَزْوِيج مَحْجُور عَلَيْهِ بِامْرَأَة مَحْجُور عَلَيْهَا أصدق فلَان الْمَحْجُور عَلَيْهِ بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ عِنْدَمَا دعت حَاجته إِلَى النِّكَاح وأبى الْوَلِيّ من تَزْوِيجه
وتاقت نَفسه إِلَيْهِ مخطوبته فُلَانَة ابْنة فلَان الْمَحْجُور عَلَيْهَا فِي الحكم الْعَزِيز بِمَدِينَة كَذَا أَو المستمرة تَحت حجر والدها الْمَذْكُور صَدَاقا مبلغه كَذَا
قبض ذَلِك والدها الْمَذْكُور أَو أَمِين الحكم الْعَزِيز من مَال الْمُصدق الَّذِي تَحت يَده ليصرفه فِي مصَالح الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة وَيصْلح بِهِ شَأْنهَا
وَضمن الدَّرك فِي ذَلِك من قبلهَا فِي حَال بُلُوغهَا وَقَبله وَبعده فِي مَاله وذمته ضمانا شَرْعِيًّا
وَولى تَزْوِيجهَا إِيَّاه بذلك والدها الْمَذْكُور بِحَق ولَايَته عَلَيْهَا شرعا
ويكمل على نَحْو مَا سبق وَيَقُول وَذَلِكَ بعد أَن شهِدت الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة أَن الْمهْر الْمَذْكُور مهر الْمثل لكل مِنْهُمَا على الآخر
وَيقبل النِّكَاح بِإِذن الْوَصِيّ أَو الْحَاكِم
ويؤرخ
صُورَة مَا إِذا أصدق رجل امْرَأَة عَن مُوكله بعد أَن سمى لَهُ الزَّوْجَة على صدَاق عينه لَهُ وَعرفهَا الْوَكِيل أصدق فلَان عَن مُوكله فلَان ويشرح الْوكَالَة وثبوتها فُلَانَة بنت فلَان الْبكر الْبَالِغ صَدَاقا مبلغه كَذَا
عجل لَهَا من مَال مُوكله الْمَذْكُور كَذَا وَكَذَا
فقبضته وَصَارَ بِيَدِهَا وحوزها قبضا شَرْعِيًّا
وَبَاقِي الصَدَاق على مَا يتفقان عَلَيْهِ فِي التقسيط يقوم بِهِ الْمُوكل فِي سلخ كل شهر كَذَا وَقبل الْوَكِيل الْمُسَمّى أَعْلَاهُ عقد هَذَا النِّكَاح لمُوكلِه فلَان الْمَذْكُور على الصَدَاق الْمعِين فِيهِ قبولا شَرْعِيًّا
ويكمل
صُورَة صدَاق حر لمملوكة لعدم الطول أصدق فلَان مخطوبته فُلَانَة مَمْلُوكَة فلَان المعترفة لَهُ بِالرّقِّ والعبودية عِنْد مَا خشِي على نَفسه الْعَنَت والوقوع فِي الْمَحْظُور لعدم الطول
وَلم يكن فِي عصمته زَوْجَة وَلَا يقدر على صدَاق حرَّة
بعد أَن وضح ذَلِك لَدَى سيدنَا فلَان الدّين بِشَهَادَة فلَان وَفُلَان وَأَن الزَّوْج الْمَذْكُور فَقير من فُقَرَاء

(2/74)


الْمُسلمين عادم الطول لَيْسَ فِي عصمته زَوْجَة وَلَا يقدر على نِكَاح حرَّة بخبرة الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة الشاهدة لَهُ بذلك بباطن حَاله
وَثَبت ذَلِك عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ
وَحكم بِهِ حكما شَرْعِيًّا صَدَاقا مبلغه كَذَا
وَولى تَزْوِيجهَا إِيَّاه بذلك سَيِّدهَا الْمَذْكُور بِحَق ولَايَته عَلَيْهَا شرعا أَو مَوْلَاهَا مَالك رقبَتهَا فلَان الْمَذْكُور وَلَا يحْتَاج إِلَى إِذْنهَا وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور النِّكَاح الْمَذْكُور على الصَدَاق الْمعِين أَعْلَاهُ قبولا شَرْعِيًّا
واعترف بِمَعْرِِفَة معنى هَذَا التَّزْوِيج وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ شرعا
ويؤرخ
وَقد تقدم القَوْل فِي اخْتِلَاف الْعلمَاء وَأَن مَذْهَب أبي حنيفَة يجوز تزوج الْأمة مَعَ الْقُدْرَة على الْحرَّة
صُورَة صدَاق مَمْلُوك تزوج حرَّة بِرِضَاهَا ورضى سَائِر أوليائها أصدق فلَان الْمُسلم الدّين وَيذكر جنسه وحليته مَمْلُوك فلَان الْحَاضِر مَعَه عِنْد شُهُوده الْمُعْتَرف لسَيِّده الْمَذْكُور بِالرّقِّ والعبودية بسؤال مِنْهُ لسَيِّده الْمَذْكُور وَأذن سَيّده لَهُ فِي ذَلِك الْإِذْن الشَّرْعِيّ فُلَانَة الْحرَّة
أصدقهَا بِإِذن مَوْلَاهُ الْمَذْكُور صَدَاقا مبلغه كَذَا
دَفعه من مَال مَوْلَاهُ الْمَذْكُور لهَذِهِ الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة أَو يقوم بِهِ الزَّوْج الْمَذْكُور من كَسبه دون سَيّده فِي كل سنة كَذَا وَأذن لَهُ سَيّده فِي السَّعْي فِي ذَلِك والتكسب وَالْبيع وَالشِّرَاء وَالْأَخْذ وَالعطَاء إِذْنا شَرْعِيًّا وَولى تَزْوِيجهَا إِيَّاه بذلك وَليهَا الشَّرْعِيّ فلَان أَو وَكيله فلَان بِإِذْنِهَا فِي ذَلِك بعد أَن علمت هِيَ ووليها فلَان الْمَذْكُور أَن الزَّوْج الْمَذْكُور مَمْلُوك لفُلَان
ورضيا بذلك وأسقطا حَقّهمَا من الدَّعْوَى بِمَا يُنَافِي ذَلِك إِسْقَاطًا شَرْعِيًّا
وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور التَّزَوُّج على الصَدَاق الْمعِين أَعْلَاهُ بِإِذن مَوْلَاهُ الْمَذْكُور قبولا شَرْعِيًّا
صُورَة صدَاق مَمْلُوك تزوج بمملوكة أصدق فلَان الْمُسلم الدّين وَيذكر جنسه وحليته مَمْلُوك فلَان بِإِذن من مَوْلَاهُ فِي ذَلِك مخطوبته فُلَانَة الْبكر الْبَالِغ أَو الثّيّب الْبَالِغ مَمْلُوكَة فلَان بِإِذْنِهِ لَهَا فِي ذَلِك
أصدقهَا كَذَا وَكَذَا
دفع ذَلِك من مَال مَوْلَاهُ بِإِذْنِهِ لوَلِيّ الزَّوْجَة أَو لمولاتها فُلَانَة
فقبضته لتصلح بِهِ شَأْنهَا
وَولي تَزْوِيجهَا إِيَّاه بذلك مَوْلَاهَا فلَان الْمَذْكُور بِحَق ملكه وولايته عَلَيْهَا
ويكمل على نَحْو مَا سبق
وَإِن كَانَ المملوكان لشخص وَاحِد
فَيكْتب بِغَيْر صدَاق لِأَن الصَدَاق رَاجع إِلَى السَّيِّد
وَجَمِيع مَا يملكهُ العَبْد وَالْأمة للسَّيِّد
فَلَا يعْتَبر الصَدَاق جملَة كَافِيَة كَمَا ذهب إِلَيْهِ الْعلمَاء رَحِمهم الله تَعَالَى
وَمِنْهُم من يذكر الصَدَاق تبركا
وَصُورَة ذَلِك أنكح فلَان أَو زوج فلَان مَمْلُوكه فلَان الْمُسلم الدّين الْبَالِغ وَيذكر جنسه وحليته من مملوكته فُلَانَة الْمسلمَة الدينة الْبَالِغَة وَيذكر جِنْسهَا وحليتها

(2/75)


على صدَاق قدره كَذَا
دَفعه من مَاله عَن مَمْلُوكه فلَان لمملوكته فُلَانَة
فقبضت ذَلِك مِنْهُ
وَأذن لَهَا أَن تصرفه فِي مصالحها
وَعقد نِكَاحهَا عَلَيْهِ عقدا صَحِيحا شَرْعِيًّا
وَقبل فلَان هَذَا النِّكَاح من سَيّده الْمَذْكُور على الصَدَاق الْمعِين أَعْلَاهُ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِك قبولا شَرْعِيًّا
وَأقر كل وَاحِد من الزَّوْجَيْنِ الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ أَنه مَمْلُوك لفُلَان الْمُسَمّى أَعْلَاهُ ملكا صَحِيحا شَرْعِيًّا
وبمضمونه أشهد السَّيِّد والزوجان عَلَيْهِم فِي صِحَة مِنْهُم وسلامة
ويؤرخ
صُورَة صدَاق أخرس لَهُ إِشَارَة مفهمة أصدق فلَان وَهُوَ يَوْمئِذٍ أخرس لَا يتَكَلَّم أَصمّ لَا يسمع بَصِير عَاقل عَارِف بتدبير نَفسه وبالمضرة وَالْمَنْفَعَة وَالْبيع وَالشِّرَاء وَالْأَخْذ وَالعطَاء
ويعارض النَّاس ويخالطهم ويفاوضهم
وَيعرف من لَهُ نسب مِنْهُم وَوَلَاء مِمَّن لَيْسَ لَهُ نسب مِنْهُم وَلَا وَلَاء
كل ذَلِك بِإِشَارَة مفهمة مفهومة
قَائِمَة مِنْهُ مقَام النُّطْق
وَصَارَت كاللغة
لَا يجهلها من عرفهَا وَلَا ينكرها من علمهَا
وساغ للشُّهُود الشَّهَادَة عَلَيْهِ لمعرفتهم مَقْصُوده مخطوبته فُلَانَة
أصدقهَا بِالْإِشَارَةِ الْمَذْكُورَة صَدَاقا مبلغه كَذَا دَفعه من مَاله لهَذِهِ الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة وأقبضها إِيَّاه
فقبضته مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور النِّكَاح لنَفسِهِ بِالْإِشَارَةِ الْمَذْكُورَة قبولا شَرْعِيًّا
ويكمل
وَإِن كَانَت الزَّوْجَة أَيْضا خرساء كتب مخطوبته فُلَانَة وكل مِنْهُمَا أخرس أبكم لَا ينْطق بِلِسَانِهِ أَصمّ لَا يسمع بآذانه صَحِيح الْعقل وَالْبَصَر
عَالم بِمَا يجب عَلَيْهِ شرعا
كل ذَلِك بِالْإِشَارَةِ المفهمة الَّتِي يعلمهَا مِنْهُ شُهُوده وَلَا ينكرها من يعلمهَا عَنهُ صَدَاقا مبلغه كَذَا
ويكمل
وَيكْتب الْإِشَارَة بِالْإِذْنِ وَالْقَبُول
ويؤرخ على نَحْو مَا سبق
صُورَة صدَاق مجبوب أصدق فلَان المحبوب الَّذِي لَا ذكر لَهُ مخطوبته فُلَانَة الْبكر الْبَالِغ أَو الثّيّب صَدَاقا مبلغه كَذَا
ويكمل ثمَّ يَقُول فِي آخِره وَذَلِكَ بعد أَن علمت الزَّوْجَة أَن الزَّوْج مجبوب لَا قدرَة لَهُ على النِّكَاح ورضيت بذلك الرِّضَا الْمُعْتَبر الشَّرْعِيّ ويؤرخ
كَمَا تقدم
وَصُورَة صدَاق نَصْرَانِيَّة على نَصْرَانِيّ أَو يَهُودِيَّة على يَهُودِيّ أصدق فلَان النَّصْرَانِي أَو الْيَهُودِيّ مخطوبته فُلَانَة النَّصْرَانِيَّة أَو الْيَهُودِيَّة
وهما ذميان مقران بمذهبهما داخلان بقلبهما وذمتهما تَحت ظلال الدولة الطاهرة الزكية والخلافة العباسية راتعان فِي عدلها مغموران بإحسانها ملتزمان الْوَفَاء بعهدها أصدقهَا عِنْد تزَوجه بهَا كَذَا وَكَذَا دِينَارا إِن كَانَ حَالا كتب أَو منجما كتب وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ أَبوهَا أَو أَخُوهَا
ويكمل على مَا جرت بِهِ الْعَادة فِي أنكحة الْمُسلمين

(2/76)


صُورَة دَائِرَة بَين الْأَوْلِيَاء فِي تَقْدِيم الابْن وَابْنه على الْأَب وَالْجد عِنْد مَالك وَيقدم الْأَب وَالْجد على الابْن وَابْن الابْن وَغَيرهمَا من الْأَوْلِيَاء بل لَا يكون للِابْن وَابْن الابْن ولَايَة عِنْد الشَّافِعِي إِلَّا إِذا كَانَ ابْن مُعتق لأم عِنْد الشَّافِعِي وَتَقْدِيم الابْن على الْجد عِنْد أبي حنيفَة
وَتَقْدِيم الْجد على الْأَخ عِنْده
وَتَقْدِيم الْجد على بَقِيَّة الْأَوْلِيَاء غير الْأَب عِنْد أَحْمد
وَتَقْدِيم الْأَخ لِلْأَبَوَيْنِ على الْأَخ للْأَب عِنْدهم خلافًا لِأَحْمَد فَإِنَّهُمَا عِنْده سَوَاء
فَهَذِهِ الصُّور الخلافية جَمِيعهَا قد تقدم ذكرهَا فِي الْخلاف فِي مسَائِل الْبَاب
فَإِذا اتّفق وُقُوع شَيْء مِنْهَا فَليرْفَعْ إِلَى حَاكم تكون تِلْكَ الصُّورَة عِنْده صَحِيحَة فيثبتها وَيحكم بموجبها مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ
وَكَذَا لَو كَانَ الْقَصْد الْبطلَان فيرفع إِلَى حَاكم يرى ذَلِك
فَيحكم بِالْبُطْلَانِ مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ
وَكَذَلِكَ يفعل فِيمَا عدا ذَلِك من الصُّور الْمُخْتَلف فِيهَا
مثل أَن يُزَوّج الْوَلِيّ الْأَبْعَد مَعَ وجود الْأَقْرَب وَقدرته على أَن يعْقد وَهُوَ من غير تشاح وَلَا عضل
فَإِن هَذَا العقد بَاطِل عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد
وَيكون مَوْقُوفا عِنْد أبي حنيفَة على الْإِجَازَة من الْوَلِيّ الْأَقْرَب أَو إِن كَانَت الزَّوْجَة صَغِيرَة فَإلَى أَن تبلغ وتجيز
وَعند مَالك إِذا زوج الْأَبْعَد من غير تشاح حصل من الْوَلِيّ الْأَقْرَب صَحَّ العقد
وَأما الْكَفَاءَة فقد تقدم ذكر الْخلاف فِيهَا بَين الْعلمَاء رَحِمهم الله تَعَالَى وَيَتَرَتَّب عَلَيْهَا صور كَثِيرَة الحاذق يعرفهَا وَيدْرك مَا يكون فِيهَا من الصِّحَّة والبطلان وَيرْفَع كل صُورَة إِلَى حَاكم يرى مَا يَقْصِدهُ صَاحب الْوَاقِعَة فِيهَا من الصِّحَّة والبطلان
وَكَذَلِكَ فِيمَا إِذا زَوجهَا بعض الْأَوْلِيَاء بِغَيْر كُفْء بِإِذْنِهَا ورضاها
فَعِنْدَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يبطل النِّكَاح ولبقية الْأَوْلِيَاء الِاعْتِرَاض
وَعند أبي حنيفَة يسْقط حَقهم
فَإِن كَانَ الْقَصْد تَصْحِيحه
فيرفع إِلَى حَاكم حَنَفِيّ يُثبتهُ وَيحكم بِصِحَّتِهِ مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ
وَكَذَلِكَ إِذا زوجت الْمَرْأَة بِدُونِ مهر مثلهَا فَلَا اعْتِرَاض للأولياء عَلَيْهَا إِلَّا عِنْد أبي حنيفَة
فَإِن لَهُم الِاعْتِرَاض
وَلنَا ثَلَاث صور الأولى أصدق فلَان فُلَانَة بنت عَمه أخي أَبِيه لِأَبَوَيْهِ فلَان ابْن فلَان صَدَاقا مبلغه كَذَا
تولى الْمُصدق الْمَذْكُور الْإِيجَاب من نَفسه لنَفسِهِ بِإِذْنِهَا ورضاها وَقبل من نَفسه لنَفسِهِ عقد هَذَا التَّزْوِيج قبولا شَرْعِيًّا لعدم ولي أقرب مِنْهُ أَو مُنَاسِب بِحُضُور من تمّ العقد بحضورهم شرعا

(2/77)


الثَّانِيَة أصدق فلَان فُلَانَة بنت عبد الله عتيقته يَوْم تَارِيخه صَدَاقا مبلغه كَذَا
تولى الْمُصدق الْمَذْكُور الْإِيجَاب من نَفسه بِإِذْنِهَا ورضاها
وَقبل من نَفسه لنَفسِهِ عقد هَذَا التَّزْوِيج قبولا شَرْعِيًّا لعدم عصبات معتقته الْمَذْكُورَة بِحُضُور من تمّ العقد بحضورهم شرعا
الثَّالِثَة أصدق فلَان ابْن فلَان الْحَاكِم بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيّ فُلَانَة بنت عبد الله الْمَرْأَة الْبَالِغ الْعَاقِل الأيم صَدَاقا مبلغه كَذَا
تولى الْمُصدق الْمشَار إِلَيْهِ تَزْوِيج الْمَرْأَة الْمَذْكُورَة من نَفسه بِإِذْنِهَا لَهُ فِي ذَلِك ورضاها
وَقبل من نَفسه لنَفسِهِ العقد الْمَذْكُور على الصَدَاق الْمعِين أَعْلَاهُ قبولا شَرْعِيًّا بِحُضُور من تمّ العقد بحضورهم شرعا
فَهَذِهِ الْعُقُود جَائِزَة عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك على الْإِطْلَاق خلافًا للشَّافِعِيّ وَأحمد
فرع لَا يَصح العقد عِنْد الشَّافِعِي إِلَّا باجتماع أَربع زوج وَولي وشاهدين
وَلنَا صُورَة يَصح فِيهَا العقد باجتماع أقل من الْعدَد الْمَذْكُور وَهِي مَا إِذا زوج الْجد للْأَب ابْنة ابْنه بِابْن ابْنه الآخر وهما صغيران
فالجد فِي هَذِه الصُّورَة يتَوَلَّى الطَّرفَيْنِ وَيقبل من نَفسه لِابْنِ ابْنه
فَهَذِهِ الصُّورَة صَحِيحَة عِنْد الشَّافِعِي مَعَ اجْتِمَاع أقل من الْعدَد الْمَشْرُوط فِي الصِّحَّة عِنْده
صُورَة جمع الْمَمْلُوك بَين زَوْجَتَيْنِ فَأكْثر أصدق فلَان ابْن عبد الله الْجَارِي فِي رق فلَان بن عبد الله الْفُلَانِيّ الَّذِي تَحْتَهُ يَوْمئِذٍ زوجتان أَو ثَلَاثَة فُلَانَة بنت عبد الله صَدَاقا مبلغه كَذَا
زَوجهَا مِنْهُ بذلك بِإِذْنِهَا ورضاها سَيِّدهَا فلَان الْمَذْكُور لعدم عصباتها
وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور عقد هَذَا التَّزْوِيج قبولا شَرْعِيًّا بِإِذن سَيّده الْمَذْكُور بِحُضُور من تمّ العقد بحضورهم شرعا وَصَارَ تَحْتَهُ يَوْمئِذٍ ثَلَاث زَوْجَات أَو أَربع زَوْجَات
فَهَذِهِ الصُّورَة صَحِيحَة عِنْد مَالك وَحده
فَإِن العَبْد كَالْحرِّ عِنْده فِي الْجمع بَين الزَّوْجَات
صُورَة تَزْوِيج باغية من غير تَوْبَة وَلَا اسْتِبْرَاء أصدق فلَان فُلَانَة الباغية صَدَاقا مبلغه كَذَا وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ بذلك وَليهَا فلَان الْفُلَانِيّ من غير تَوْبَة صدرت مِنْهَا وَلَا اسْتِبْرَاء
قبل الزَّوْج الْمَذْكُور ذَلِك لنَفسِهِ قبولا شَرْعِيًّا ويؤرخ
فَهَذَا العقد صَحِيح عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ
وَكَذَلِكَ الْوَطْء جَائِز عِنْد الشَّافِعِي وَحده من غير اسْتِبْرَاء وَعند أبي حنيفَة لَا يطَأ إِلَّا بعد الِاسْتِبْرَاء بِحَيْضَة أَو بِوَضْع الْحمل إِن كَانَت حَامِلا
وَأما مَالك وَأحمد فقد تقدم ذكر مَذْهَبهمَا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة
صُورَة مَا إِذا تزوج الْحر أَربع إِمَاء من سيد وَاحِد فِي عقد وَاحِد أَو عُقُود أَو كل وَاحِدَة من سيد أصدق فلَان ابْن فلَان فُلَانَة وفلانة وفلانة وفلانة النِّسَاء البالغات

(2/78)


العاقلات الرقيقات إِمَاء فلَان الْجَارِيَات فِي رقّه وولايته شرعا لكل وَاحِدَة مِنْهُنَّ صَدَاقا مبلغه كَذَا
زوجهن مِنْهُ فِي عُقُود مُتعَدِّدَة سيدهن فلَان الْمشَار إِلَيْهِ أَو زوج كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ بِعقد وَاحِد مُسْتَقل سَيِّدهَا فلَان وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور مِنْهُ عقد هَذَا التَّزْوِيج
وخاطبه على ذَلِك شفاها بِحُضُور من تمّ العقد بحضورهم شرعا
وَذَلِكَ مَعَ عدم الشَّرْطَيْنِ
وَلَيْسَ تَحْتَهُ حرَّة وَلَا هِيَ فِي عدَّة مِنْهُ
صُورَة تزوج الرجل جَارِيَة ابْنه على مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة خلافًا للباقين أصدق فلَان فُلَانَة رقيقَة وَلَده لصلبه صَدَاقا مبلغه كَذَا
وَزوجهَا مِنْهُ وَلَده الْمَذْكُور
وَقبل مِنْهُ عقد هَذَا التَّزْوِيج
وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِحُضُور من تمّ العقد بحضورهم شرعا لكَون أَن الْمُصدق الْمَذْكُور لَيْسَ تَحْتَهُ حرَّة وَلَا فِي عدته حرَّة ويكمل
صُورَة صدَاق والمزوج الْحَاكِم بِإِذن الْوَلِيّ أصدق فلَان فُلَانَة الْبكر الْبَالِغ الْعَاقِل الخالية عَن الْأزْوَاج والموانع الشَّرْعِيَّة صَدَاقا مبلغه كَذَا
زَوجهَا مِنْهُ بذلك بِإِذْنِهَا ورضاها أَو إِذن أَخِيهَا لأبويها فلَان الْآذِن الْمُرَتّب الشَّرْعِيّ سيدنَا الْحَاكِم الْفُلَانِيّ تزويجا شَرْعِيًّا
وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور عقد هَذَا التَّزْوِيج
وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من ذَوي عدل بعد الِاعْتِبَار الشَّرْعِيّ وَبعد أَن ثَبت عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ خلو الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة عَن الْأزْوَاج والموانع الشَّرْعِيَّة وَأَنَّهَا بكر بَالغ وَأَنَّهَا أَذِنت فِي التَّزْوِيج من الزَّوْج الْمَذْكُور على الصَدَاق الْمعِين أَعْلَاهُ وَأَن الْآذِن الْمَذْكُور أَخُوهَا لأبويها وَعدم ولي أقرب مِنْهُ وَإِذن الْآذِن الْمُرَتّب على إِذن الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة
وَبعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا
فَإِذا كَانَ الْوَلِيّ أَبَا أَو جدا فَلهُ أَن يُوكل فِي التَّزْوِيج
وَإِن كَانَ غير أَب أَو جد فَلَا يجوز لَهُ أَن يُوكل وَكيلا بل يَأْذَن للْحَاكِم أَو نَائِبه فِي التَّزْوِيج
وَإِن كَانَ الزَّوْج غير كُفْء فِي النّسَب أَو غَيره من أَصْنَاف الْكَفَاءَة
فَيَقُول وَقد علمت الزَّوْجَة ووليها أَو وَجَمِيع أوليائها وهم فلَان وَفُلَان أَن الزَّوْج الْمَذْكُور غير كُفْء فِي النّسَب أَو غَيره مِمَّا يظهره الْحَال
ورضيا أَو وَرَضوا بِهِ
وأسقطوا حَقهم من الْكَفَاءَة بِسَبَبِهِ
وَإِن كَانَت الزَّوْجَة قد علمت ورضيت هِيَ وَولي وَاحِد وَالْبَاقُونَ غير راضين فيرفع إِلَى حَاكم حَنَفِيّ يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ
وَإِن دعت الْمَرْأَة إِلَى كُفْء
وعضل الْوَلِيّ ودعته إِلَى حَاكم
فَأمره بِالتَّزْوِيجِ
فَإِن

(2/79)


أصر على العضل زَوجهَا الْحَاكِم أَو نَائِبه
وَكتب آخر كتاب الصَدَاق وَذَلِكَ بعد أَن طلب الْحَاكِم المزوج أَو الْحَاكِم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ وَالِد الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة أَو وَليهَا فلَان وَأمره بِالتَّزْوِيجِ
وأعلمه أَنه ثَبت عِنْده أَن الزَّوْج الْمَذْكُور كُفْء للزَّوْجَة الْمَذْكُورَة كفاءة مثله لمثلهَا فعضل وَامْتنع من التَّزْوِيج
فوعظه وَأخْبرهُ بِمَالِه من الْأجر فِي إجابتها وَمَا عَلَيْهِ من الْإِثْم إِن امْتنع من تَزْوِيجهَا
فَلم يصغ إِلَى وعظه وأصر على الِامْتِنَاع وعضلها العضل الشَّرْعِيّ
وَقَالَ بِحَضْرَة شُهُوده وَالْحَاكِم عضلتها وَلَا أزوجها
وَثَبت عضله لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَبعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا
وَقد تقدم ذكر الْخلاف فِي غيبَة الْوَلِيّ وَأَن الْولَايَة تنْتَقل إِلَى السُّلْطَان كالعضل وَهُوَ مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي
فَإِذا حصل التَّزْوِيج وَكَانَ الْوَلِيّ الْأَقْرَب غَائِبا فَإِن كَانَ الْعَاقِد شافعيا فَلَا يلْتَفت إِلَى الْوَلِيّ الْأَبْعَد بل يُزَوّج هُوَ بِإِذْنِهَا
وَإِن كَانَ الْعَاقِد حنفيا فيزوج بِإِذن الْوَلِيّ الْأَبْعَد
وَيَقُول إِذا كَانَ شافعيا وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ بِإِذْنِهَا ورضاها لغيبة وَليهَا الْأَقْرَب وَلعدم مُنَاسِب لَهُ حَاضر فلَان الشَّافِعِي
وَإِن كَانَ حنيفيا فَيَقُول وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ بِإِذْنِهَا ورضاها وَإِذن ابْن أَخِيهَا لأبويها فلَان لغيبة وَالِد أَخِيهَا لأبويها الْغَيْبَة الشَّرْعِيَّة وَلعدم ولي أقرب من الْغَائِب أَو مُنَاسِب لَهُ فلَان الْحَنَفِيّ

فصل الزَّوْجَة
إِمَّا أَن تكون بكرا
فَيكْتب فِي صَدَاقهَا الْبكر الْبَالِغ أَو تكون زَالَت بَكَارَتهَا بِعَارِض
فَهِيَ فِي حكم الْبكر وَيكْتب فِي صَدَاقهَا الَّتِي زَالَت بَكَارَتهَا
أَو تكون طَلقهَا زَوجهَا ثَلَاثًا أَو وَاحِدَة بَائِنا أَو ثِنْتَيْنِ بَائِنا أَو رَجْعِيًا وَبَانَتْ بِانْقِضَاء الْعدة
أَو توفّي عَنْهَا زَوجهَا أَو فسخ نِكَاحهَا من زَوجهَا
أَو زَوجهَا مَمْسُوح أَو صَغِير لَا يتَصَوَّر مِنْهُ إِنْزَال وَلَا جماع أَو غير ذَلِك
فَيكْتب فِي كل وَاحِدَة بحسبها
وَيسْتَشْهد فِي الْمُطلقَة بِمحضر الطَّلَاق
وَفِي المفسوخ نِكَاحهَا بِمحضر الْفَسْخ
وَيذكر السَّبَب ويحكي خَصمه
وَإِن كَانَت رَجْعِيَّة وصيرها بهَا بَائِنا كتب على مَذْهَب من يرى ذَلِك
وَإِن كَانَت الزَّوْجَة مُشركَة وَأسْلمت وَلم يسلم زَوجهَا فِي الْعدة وَحصل التَّفْرِيق بَينهمَا
فَيكْتب وَذَلِكَ بِحكم أَن الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة كَانَت مُشركَة
وَهِي فِي عصمَة زَوجهَا فلَان الْمُشرك وَأسْلمت وَهِي فِي عصمته وَهِي مَدْخُول بهَا قبل الْإِسْلَام
وَحصل التَّفَرُّق

(2/80)


الشَّرْعِيّ وَلم يسلم زَوجهَا الْمَذْكُور
فبحكم ذَلِك بَانَتْ من عصمَة زَوجهَا الْمَذْكُور
وحلت للأزواج
فَإِن كَانَت غير مَدْخُول بهَا وَالْحَالة هَذِه وتعجلت الْفرْقَة
فَيكْتب وَذَلِكَ بِحكم أَن الزَّوْجَة مُشركَة وَهِي فِي عصمَة زَوجهَا فلَان الْمُشرك وَلم يدْخل بهَا وَلم يصبهَا وَأسْلمت وتعجلت الْفرْقَة لَهَا مِنْهُ بذلك
صُورَة نِكَاح الْمَوْقُوفَة تزوج فلَان بفلانة مَوْقُوفَة فلَان الَّتِي وَقفهَا على فلَان بِمُقْتَضى كتاب الْوَقْف الْمحْضر لشهوده المؤرخ بِكَذَا بِصَدَاق مبلغه كَذَا يسْتَحقّهُ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ على الزَّوْج الْمَذْكُور فِي كَذَا وَكَذَا سنة
عقده بَينهمَا الْحَاكِم الْفُلَانِيّ بِإِذن الْمَوْقُوف عَلَيْهِ بعد الوضوح الشَّرْعِيّ
وَقَبله الزَّوْج الْمَذْكُور لنَفسِهِ قبولا شَرْعِيًّا
وَعلم الزَّوْج الْمَذْكُور فِيهِ أَن أَوْلَاده الحادثون من الزَّوْجَة بِحكم هَذَا النِّكَاح يستحقهم الْمَوْقُوف عَلَيْهِ فِيهِ
وَرَضي بذلك الرضى الشَّرْعِيّ
ويؤرخ
تَنْبِيه الْمَوْقُوف عَلَيْهِ يسْتَحق نتاجا وصوفا وَأَجرا ومهرا وثمرا وَولد جَارِيَة
لَا وطئا
وَقد تقدم ذكر ذَلِك فِي كتاب الْوَقْف
انْتهى
صُورَة تَزْوِيج المبعضة أصدق فلَان فُلَانَة المبعضة الَّتِي نصفهَا حر وَنِصْفهَا الآخر رَقِيق جَار فِي ملك فلَان الْفُلَانِيّ صَدَاقا مبلغه كَذَا وَكَذَا يسْتَحق مَوْلَاهَا النّصْف من ذَلِك بنظير مَا يملكهُ مِنْهَا استحقاقا شَرْعِيًّا
زَوجهَا مِنْهُ بذلك مَوْلَاهَا الْمَذْكُور إجبارا فِيمَا يملكهُ مِنْهَا ومعتقها الَّذِي أعتق الْجُزْء الْحر مِنْهَا فلَان أَو وَلَده أَو الْحَاكِم بِإِذْنِهَا لَهُ فِي ذَلِك الْإِذْن الشَّرْعِيّ
وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور النِّكَاح لنَفسِهِ على الْمُسَمّى فِيهِ قبولا شَرْعِيًّا
وَعلم حكم الْوَلَد الْحَادِث وَأَن مَالك النّصْف يسْتَحق نصفه
وَرَضي بذلك الرضى الشَّرْعِيّ
صُورَة نِكَاح الْمبعض أصدق فلَان الْمبعض الَّذِي نصفه حر وَنصفه رَقِيق جَار فِي ملك فلَان الْفُلَانِيّ
بِإِذن مَوْلَاهُ فلَان الْمَذْكُور فُلَانُهُ
صَدَاقا مبلغه كَذَا ويكمل
وَيكْتب فِي الْقبُول وَقَبله الزَّوْج لنَفسِهِ على ذَلِك بِإِذن مَالك نصفه الْمَذْكُور الْإِذْن الشَّرْعِيّ ورضيه
صُورَة نِكَاح الْمَجْنُون أصدق فلَان عَن وَلَده فلَان الْمَجْنُون المطبق الَّذِي هُوَ تَحت حجره وَولَايَة نظره لما رأى لَهُ فِي ذَلِك من الْحَظ والمصلحة وَالْغِبْطَة من مَال وَلَده الْمَذْكُور أَو من مَال الْوَالِد أَو من المَال الَّذِي يخلفه لَهُ وَالِده الْمَذْكُور فُلَانَة ابْنة فلَان صَدَاقا مبلغه كَذَا
وَقَبله لمحجوره الْمَذْكُور على ذَلِك قبولا شَرْعِيًّا ورضيه

(2/81)


وَعلمت الزَّوْجَة ووليها الشَّرْعِيّ بذلك ورضيا بِهِ
واعترف الْمُصدق أَن الصَدَاق مهر مثله لمثلهَا إِذا كَانَ من مَال الْوَلَد وَإِن من مَال الْوَالِد كتب برا بِهِ وحنوا عَلَيْهِ
صُورَة تَزْوِيج الْمَجْنُونَة المطبقة تزوج فلَان فُلَانَة الْمَرْأَة أَو الْبكر أَو المعصر الْمَجْنُونَة الزائلة الْعقل الَّتِي رأى لَهَا والدها فِي تَزْوِيجهَا الْحَظ والمصلحة بِصَدَاق مبلغه كَذَا
ويكمل
وَيكْتب بعد التكملة وَالْقَبُول وَعلم الْمُصدق الْمُسَمّى أَعْلَاهُ أَن الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ مَجْنُونَة مطبقة زائلة الْعقل
وَرَضي بذلك
وَإِن كَانَ السُّلْطَان ولي الْمَجْنُونَة كتب الصَّدْر ثمَّ يَقُول عقده بَينهمَا فلَان الْحَاكِم لوُجُود الْحَاجة وبسبب توقع الشِّفَاء لَهَا أَو غَلَبَة الشَّهْوَة وَيكْتب فِي آخِره وشاور الْأَقَارِب لَهَا وهم فلَان وَفُلَان وَرَضوا بذلك
صُورَة نِكَاح الَّتِي تجن وتفيق تزوج فلَان بفلانة الْبَالِغَة الَّتِي زَالَ عقلهَا أَو الَّتِي تجن وتفيق وَهِي الْآن مفيقة بِصَدَاق مبلغه كَذَا
عقده بَينهمَا بِإِذْنِهَا ورضاها الصَّادِر مِنْهَا فِي حَال الْإِفَاقَة وَهِي مستمرة على ذَلِك إِلَى الْآن فلَان
ويكمل إِلَى آخِره
وَيكْتب علم الزَّوْج بِمَا يعرض لَهَا وَبِكُل شَيْء يُوجب الْفَسْخ بِسَبَبِهِ وَرَضي بذلك حَتَّى يَنْقَطِع التَّنَازُع
صُورَة نِكَاح الْمكَاتب تزوج فلَان مكَاتب فلَان بِمُقْتَضى الْكِتَابَة الصادرة مِنْهُ فِي حَقه قبل تَارِيخه باعترافهما بذلك لشهوده أَو بِمُقْتَضى ورقة أحضرها لشهوده متضمنة لذَلِك مؤرخ بَاطِنهَا بِكَذَا وَأذن لمكاتبه فِي تعَاطِي ذَلِك وقبوله على الحكم الَّذِي سيعين فِيهِ بفلانة
بِصَدَاق مبلغه كَذَا
وَقَبله الزَّوْج لنَفسِهِ على ذَلِك ورضيه
وَذَلِكَ بِإِذن مَوْلَاهُ الْمَذْكُور
فَإِن كَانَت الزَّوْجَة حرَّة كتب وَعلمت أَنه مكَاتب ورضيت بِهِ الرِّضَا الشَّرْعِيّ وَكَذَلِكَ وَليهَا
فَإِن كَانَ وَليهَا الْحَاكِم
فالشافعي لَا يرى تَزْوِيجهَا إِلَّا من كُفْء وَغَيره يرى تَزْوِيجهَا بِرِضَاهَا
وَإِن كَانَ لَهَا ولي وَالْحَالة هَذِه فالشافعي يُزَوّجهَا بِرِضَاهَا ووليها
وَإِن كَانَت معصرا
وَزوجهَا من يرى تَزْوِيجهَا غير الْأَب وَالْجد فَيصح وَلها الْخِيَار إِذا بلغت
صُورَة نِكَاح الْمُكَاتبَة تزوج فلَان بفلانة مُكَاتبَة فلَان الْكِتَابَة الشَّرْعِيَّة ويحكى مَا تقدم وَإِقْرَار الْوَلِيّ وَالزَّوْجَة بذلك بِصَدَاق مبلغه كَذَا
زَوجهَا مِنْهُ بذلك بِإِذْنِهَا ورضاها مكاتبها الْمَذْكُور
وَيكْتب الْقبُول وَعلم الزَّوْج الْمَذْكُور أَن الزَّوْجَة إِن عجزت نَفسهَا وعادت إِلَى الرّقّ فَالْوَلَد يتبعهَا وَإِن صَارَت حرَّة فَالْوَلَد يتبعهَا
وَرَضي بذلك
ويؤرخ

(2/82)


صُورَة نِكَاح المفوضة زوج فلَان بفلانة الرشيدة الَّتِي قَالَت لوَلِيّهَا الشَّرْعِيّ زَوجنِي بِلَا مهر
فامتثل مقالتها
وَزوجهَا من الْمُصدق الْمَذْكُور بِلَا مهر بِالْإِذْنِ الشَّرْعِيّ تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا
قبله الزَّوْج الْمَذْكُور لنَفسِهِ قبولا شَرْعِيًّا
وَعلم الزَّوْج الْمَذْكُور أَن بِالْوَطْءِ لَهَا تسْتَحقّ عَلَيْهِ مهر مثلهَا أَكثر مهر من يَوْم العقد إِلَى يَوْم الْوَطْء وَرَضي بذلك
تَنْبِيه إِذا جرى تَفْوِيض فَالْأَظْهر أَنه لَا يجب شَيْء بِنَفس العقد
فَإِذا وطىء فمهر مثل وَيعْتَبر أَكثر مهر من يَوْم العقد إِلَى يَوْم الْوَطْء
وللمفوضة قبل الْوَطْء مُطَالبَة الزَّوْج بِأَن يفْرض مهْرا وَحبس نَفسهَا ليفرض وَكَذَا ليسلم الْمَفْرُوض فِي الْأَصَح
وَيشْتَرط رِضَاهَا بِمَا يفرضه الزَّوْج لَا علمهَا بِقدر مهر الْمثل فِي الْأَظْهر
وَيجوز بمؤجل وَفَوق مهر الْمثل
وَلَو امْتنع من الْفَرْض أَو تنَازعا فِيهِ فرض القَاضِي نقد الْبَلَد حَالا
وَلَو رضيت بمؤجل لم يُؤَجل
وَقيل لَهَا التَّأْخِير وَلَا يزِيد على مهر الْمثل وَلَا ينقص
انْتهى
صُورَة نِكَاح الْوَلَد وَجعل الْوَالِد أمه صَدَاقا لَهُ أصدق فلَان عَن وَلَده لصلبه فلَان الَّذِي هُوَ تَحت حجره وَولَايَة نظره
وَرَأى لَهُ فِي ذَلِك الْحَظ والمصلحة وَالْغِبْطَة فُلَانَة
صَدَاقا هُوَ وَالِدَة الزَّوْج الْمَذْكُور فُلَانَة الَّتِي هِيَ فِي ملك وَالِده الْمَذْكُور وَهِي معترفة لَهُ بسابق الرّقّ والعبودية إِلَى الْآن
وَقَبله لوَلَده الْمَذْكُور على ذَلِك قبولا شَرْعِيًّا
فبحكم ذَلِك عتقت الوالدة الْمَذْكُورَة بِدُخُولِهَا فِي ملك الابْن لِأَنَّهَا لَا تصير صَدَاقا حَتَّى يقدر دُخُولهَا فِي ملك الابْن
فَإِذا دخلت فِي ملك الابْن عتقت عَلَيْهِ
وَإِذا عتقت عَلَيْهِ وَجب للزَّوْجَة وَالْحَالة هَذِه مهر الْمثل على الزَّوْج الْمُسَمّى أَعْلَاهُ
وَهُوَ كَذَا وَكَذَا
وَاعْتَرَفت الزَّوْجَة ووالد الزَّوْج أَن مهر الْمثل الْقدر الْمعِين أَعْلَاهُ
وَذَلِكَ على مَذْهَب من يرى ذَلِك من السَّادة الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ وَإِن لم يعلم مِقْدَار مهر الْمثل فيفرض مَا تقدم إِمَّا بِأَن يتوافق الزَّوْجَة ووالد الزَّوْج على فَرْضه أَو يفرضه الْحَاكِم
صُورَة نِكَاح جَارِيَة من مَال الْقَرَاض تزوج فلَان الَّذِي فِيهِ شُرُوط نِكَاح الْإِمَاء من خوف الْعَنَت وَعدم طول حرَّة وَلم يكن تَحْتَهُ حرَّة بفلانة الَّتِي هِيَ من جملَة مَال الْقَرَاض الَّذِي هُوَ من جِهَة فلَان وَالْعَامِل فِي ذَلِك فلَان بِصَدَاق مبلغه كَذَا يسْتَحقّهُ عَلَيْهِ رب المَال الْمَذْكُور دون الْعَامِل
عقده بَينهمَا رب المَال الْمَذْكُور وَقَبله الزَّوْج لنَفسِهِ قبولا شَرْعِيًّا
وَذَلِكَ بعد اعْتِرَاف رب المَال وَالْعَامِل الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ أَن ذَلِك قبل الْقِسْمَة وَأَن مَال الْقَرَاض بَاقٍ بِغَيْر قسْمَة الرِّبْح

(2/83)


وَإِن كَانَ الزَّوْج حرا فَيكْتب وَعلم الزَّوْج الْمُسَمّى أَعْلَاهُ أَن الْوَلَد الْحَادِث لَهُ من الْجَارِيَة الْمَذْكُورَة بِحكم هَذَا الترويج يفوز بِهِ رب المَال وَيكون رَقِيقا
وَرَضي بذلك
وَإِن كَانَ الزَّوْج عبدا فَيعلم مَوْلَاهُ وَالْعَبْد بذلك
وَقد تقدم فِي كتاب الْقَرَاض أَن الْعَامِل لَا يملك على الصَّحِيح إِلَّا بعد الْقِسْمَة لَا بِظُهُور الرِّبْح وثمار الْأَشْجَار والنتاج وَكسب الرَّقِيق وَمهر الْجَارِيَة الْوَاقِعَة من مَال الْقَرَاض وَالْولد وبذل الْمَنَافِع يفوز بهَا الْمَالِك
وَصُورَة نِكَاح رب المَال
وَجعله مهْرا جَارِيَة الْقَرَاض صَدَاقا للْمَرْأَة الَّتِي يتَزَوَّج بهَا تزوج فلَان بفلانة على صدَاق مبلغه كَذَا وَالْبَاقِي منجم لَهَا عَلَيْهِ فِي سلخ كل سنة تمْضِي من تَارِيخه كَذَا
عقده بَينهمَا فلَان وَليهَا الشَّرْعِيّ
وَقَبله الزَّوْج لنَفسِهِ قبولا شَرْعِيًّا ثمَّ بعد ذَلِك أحَال الزَّوْج الْمَذْكُور أَعْلَاهُ زَوجته فُلَانَة الْمَذْكُورَة مَعَه أَعْلَاهُ على ذمَّة زوج جَارِيَة الْقَرَاض الَّذِي المزوج رب المَال وَفِيه وعامله فلَان بمبلغ الصَدَاق الَّذِي هُوَ فِي ذمَّة الزَّوْج الْمَذْكُور ويستحقه رب المَال الْمَذْكُور عَلَيْهِ دون الْعَامِل الشَّاهِد بِهِ كتاب الزَّوْجِيَّة بَينهمَا الْمحْضر لشهوده وَيكْتب عَلَيْهِ مَا يَنْبَغِي كِتَابَته شرعا وَهُوَ نَظِير مَا للزَّوْجَة الْمَذْكُورَة فِي ذمَّة زَوجهَا فلَان وَهُوَ رب المَال الْمَذْكُور الْمُوَافق لَهُ فِي الْقدر وَالْجِنْس وَالصّفة والحلول والتأجيل حِوَالَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة
قبلتها مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا
وَذَلِكَ بِحُضُور زوج جَارِيَة الْقَرَاض وَرضَاهُ بذلك حَتَّى يخرج من الْخلاف
وَإِذا لم يشْهد عَلَيْهِ زوج جَارِيَة الْقَرَاض بالرضى أَو لم يَتَيَسَّر ذَلِك فيثبته عِنْد حَاكم يرى صِحَة ذَلِك حَتَّى لَا ينْقض
وَإِن كَانَت الزَّوْجَة محجورة قبل لَهَا الْحِوَالَة وَليهَا الشَّرْعِيّ ويرضاه لَهَا إِذا كَانَت الْمصلحَة لَهَا فِي ذَلِك
صُورَة مَا يكْتب على كتاب جَارِيَة الْقَرَاض صَار جَمِيع مبلغ الصَدَاق الْمعِين بَاطِنه
وَجُمْلَته كَذَا وَكَذَا لفلانة الَّتِي تزَوجهَا فلَان رب المَال الْمَذْكُور بَاطِنه بِالسَّبَبِ الَّذِي سيعين فِيهِ وَهُوَ أَن فلَان رب المَال الْمَذْكُور تزوج بفلانة الْمَذْكُورَة تزويجا شَرْعِيًّا على صدَاق جملَته كَذَا وَهُوَ نَظِير مبلغ الصَدَاق الْمعِين بَاطِنه حَاله ومؤجله
وحصلت الْحِوَالَة مِنْهُ للزَّوْجَة الْمَذْكُورَة على ذمَّة زوج الْجَارِيَة الْمَذْكُورَة بَاطِنه بِحكم توَافق ذَلِك جِنْسا وَقدرا وَصفَة وحلولا وتأجيلا
وَحصل الْقبُول الشَّرْعِيّ من فُلَانَة أَو من وَليهَا الشَّرْعِيّ فلَان بذلك وَرَضي الزَّوْج الْمحَال عَلَيْهِ بذلك إِن كَانَ حصل الْإِشْهَاد بِرِضَاهُ وَكتب ذَلِك بِظَاهِر صدَاق المحتالة الْمَذْكُورَة على رب المَال الْمُحِيل الْمَذْكُور الشَّاهِد بَينهمَا بِأَحْكَام الزَّوْجِيَّة
فبحكم ذَلِك صَار الصَدَاق الْمعِين بَاطِنه ملكا لفلانة

(2/84)


زوج رب المَال الْمَذْكُور دونه وَدون كل أحد بِسَبَبِهِ
وبرئت ذمَّة رب المَال من مبلغ الصَدَاق الْمَذْكُور بِحكم انْتِقَال ذَلِك من ذمَّته بالحوالة إِلَى ذمَّة الْمحَال عَلَيْهِ الْمَذْكُور
تَنْبِيه الْأَحْسَن أَن يفعل ذَلِك بعد أَن يدْخل رب المَال بِزَوْجَتِهِ ويصيبها وَبعد أَن يدْخل زوج جَارِيَة الْقَرَاض بهَا ويصيبها حَتَّى يَتَقَرَّر الْمهْر
فَإِذا طلق كل مِنْهُمَا قبل الدُّخُول تقرر النّصْف من ذَلِك لكل من زَوْجَة رب المَال وَتصير الْحِوَالَة بَاقِيَة على حكمهَا فِي النّصْف
وَإِن طلق رب المَال فيتقرر النّصْف من الصَدَاق الَّذِي كَانَ فِي ذمَّته وَصَارَ فِي ذمَّة الْمحَال عَلَيْهِ
وَيبقى النّصْف الثَّانِي من الصَدَاق الَّذِي هُوَ فِي ذمَّة زوج جَارِيَة الْقَرَاض
فيتقرر النّصْف الَّذِي فِي ذمَّته لزوجة رب المَال بِحكم الْحِوَالَة الْمَذْكُورَة
وَيسْقط النّصْف الثَّانِي
وَيُطَالب زَوْجَة رب المَال زَوجهَا الْمَذْكُور بِالنِّصْفِ الثَّانِي لفساد الْحِوَالَة فِيهِ بِحكم الدُّخُول وَتَقْرِير الصَدَاق جَمِيعه
انْتهى

فصل إِذا اعْترف رجل وَامْرَأَة أَنَّهُمَا زوجان
متناكحان وَأَن صدَاق الزَّوْجَة عدم وَأَرَادُوا تَجْدِيد صدَاق يشْهد بَينهمَا بِأَحْكَام الزَّوْجِيَّة فالطرفين فِي ذَلِك على أَرْبَعَة أَنْوَاع الأول أقرّ فلَان أَن فِي ذمَّته بِحَق صَحِيح شَرْعِي لزوجته الَّتِي اعْترف أَنَّهَا الْآن فِي عصمته وَعقد نِكَاحه وَدخل بهَا وأصابها واستولدها أَوْلَادًا ويسميهم وَهِي فُلَانَة من الذَّهَب كَذَا حَالا أَو مُؤَجّلا أَو بعضه حَال وَبَعضه منجم
وَأَن ذَلِك مبلغ صَدَاقهَا عَلَيْهِ الشَّاهِد بِهِ كتاب الزَّوْجِيَّة بَينهمَا الَّذِي ادَّعَت الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة عَدمه عدما لَا يقدر على وجوده وَحلفت على ذَلِك الْيَمين الشَّرْعِيّ وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك ويكمل إِلَى آخِره
وَقد سبق ذكر هَذِه فِي كتاب الْإِقْرَار لتعلقها بِهِ
الثَّانِي أشهد عَلَيْهِ فلَان وفلانة أَنَّهُمَا زوجان متناكحان بِنِكَاح صَحِيح شَرْعِي بولِي مرشد وشاهدي عدل من قبل تَارِيخه على الْوَضع الشَّرْعِيّ
دخل الزَّوْج مِنْهُمَا بِالزَّوْجَةِ وأصابها واستولدها على فرَاشه أَوْلَادًا ويسميهم إِن كَانُوا وَأقر الزَّوْج مِنْهُمَا أَن مبلغ صدَاق زَوجته الْمَذْكُورَة عَلَيْهِ وَقدره كَذَا وَكَذَا حَالا أَو منجما أَو بعضه حَال وَبَعضه منجم لَهَا عَلَيْهِ فِي سلخ كل سنة تمْضِي من تَارِيخ جَرَيَان عقد النِّكَاح الشَّرْعِيّ بَينهمَا كَذَا وَكَذَا بَاقٍ لَهَا فِي ذمَّته وَلَا يسْقط ذَلِك وَلَا شَيْء مِنْهُ عَن ذمَّته بِوَجْه من الْوُجُوه وَلَا بِسَبَب من الْأَسْبَاب إِلَى يَوْم تَارِيخه وَأَن الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة لم تبن من عصمته بِطَلَاق رَجْعِيّ وَلَا بَائِن وَلَا فسخ وَلَا غَيره مُنْذُ تزَوجهَا إِلَى الْآن وَأَن أَحْكَام الزَّوْجِيَّة بَاقِيَة بَينهمَا إِلَى يَوْم تَارِيخه
وتصادقا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا ويؤرخ

(2/85)


الثَّالِث أقرَّت فُلَانَة أَنَّهَا مُوَاصلَة من زَوجهَا بذكرهما فلَان بكسوتها ونفقتها الواجبتين لَهَا عَلَيْهِ شرعا من حِين بنى بهَا وَإِلَى يَوْم تَارِيخه مُوَاصلَة شَرْعِيَّة وَأَنَّهَا عارفة بِقدر الْكسْوَة ونوعها وجنسها وَبِمَا وصل إِلَيْهَا من ذَلِك الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة النافية للْجَهَالَة
وَذَلِكَ بِحُضُور زَوجهَا الْمَذْكُور وتصديقه لَهَا على ذَلِك واعترافه أَن مبلغ صدَاق زَوجته الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ الشَّاهِد بَينهمَا بِأَحْكَام الزَّوْجِيَّة الَّذِي ادَّعَت الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة عَدمه عدما لَا يقدر على وجوده
وَقدره كَذَا وَكَذَا بَاقٍ فِي ذمَّته لَهَا إِلَى يَوْم تَارِيخه وَأَنه ملك عَلَيْهَا الطلقات الثَّلَاث وَأَن أَحْكَام الزَّوْجِيَّة قَائِمَة بَينهمَا إِلَى تَارِيخه
وَذَلِكَ بعد اعترافهما بِالدُّخُولِ والإصابة وَالِاسْتِيلَاد وتصادقا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا
ويؤرخ
الرَّابِع وَهُوَ أقوى الطّرق بِاعْتِبَار مَا يثبت عِنْد الْحَاكِم
وَصُورَة ذَلِك
لَا يَخْلُو إِمَّا أَن تكون قبل الْمَوْت أَو بعد موت الزَّوْج
فَإِن كَانَت قبل موت الزَّوْج
فَيكْتب على لِسَان الزَّوْجَة سُؤال صورته الْمَمْلُوكَة فُلَانَة تقبل الأَرْض وتنهي أَن شخصا يُسمى فلَان تزوج بهَا تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا بِصَدَاق جملَته كَذَا حَالا أَو منجما وَأَن صَدَاقهَا الشَّاهِد بَينهمَا بِالزَّوْجِيَّةِ عدم أَو لم يكْتب لَهَا مَا يشْهد بِهِ وَلها بَيِّنَة شَرْعِيَّة تشهد بذلك
وسؤالها من الصَّدقَات العميمة إِذن كريم بِكِتَابَة محْضر شَرْعِي بذلك صَدَقَة عَلَيْهَا وإحسانا إِلَيْهَا
أنهت ذَلِك ثمَّ ترفع السُّؤَال إِلَى الْحَاكِم
فَيكْتب عَلَيْهِ بِالْإِذْنِ على الْعَادة فِي ذَلِك ثمَّ يكْتب الشُّهُود تَحت السُّؤَال المشروح أَعْلَاهُ بعد الْبَسْمَلَة الشَّرِيفَة شُهُوده الواضعون خطوطهم إِلَى آخِره يعوقون فلَانا وفلانة الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة جَامِعَة لاسمهما وعينهما ونسبهما
وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنَّهُمَا زوجان متناكحان بِنِكَاح صَحِيح شَرْعِي صدر العقد بَينهمَا بولِي مرشد وشاهدي عدل ورضاها بِشَرْطِهِ الْمُعْتَبر الشَّرْعِيّ وَأَن مبلغ صَدَاقهَا عَلَيْهِ الَّذِي صدر عَلَيْهِ العقد بَينهمَا جملَته كَذَا وَكَذَا إِمَّا على حكم الْحُلُول أَو التنجيم وَيشْهدُونَ على إِقْرَار الزَّوْج الْمَذْكُور أَنه دخل بِزَوْجَتِهِ الْمَذْكُورَة وأصابها واستولدها على فرَاشه أَوْلَادًا ويسميهم وَأَنَّهَا لم تبن مِنْهُ بِطَلَاق رَجْعِيّ وَلَا بَائِن وَلَا فسخ وَلَا غَيره وَأَن أَحْكَام الزَّوْجِيَّة قَائِمَة بَينهمَا إِلَى الْآن يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين بسؤال من جَازَ سُؤَاله شرعا
وَكتب فِي تَارِيخ كَذَا بِالْإِذْنِ الْكَرِيم العالي الحاكمي الْفُلَانِيّ
وَيكْتب الشُّهُود رسم شَهَادَتهم فِيهِ
شهد بمضمونه فلَان ورفيقه كَذَلِك

(2/86)


وَإِن كَانَ الْمحْضر بعد الْمَوْت
فَإِن كَانَ الشُّهُود يشْهدُونَ بِمهْر الْمثل
فَيكْتب بعد الصَّدْر الْمُتَقَدّم وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنَّهُمَا زوجان متناكحان بِنِكَاح صَحِيح شَرْعِي بولِي مرشد وشاهدي عدل دخل الزَّوْج مِنْهُمَا بِالزَّوْجَةِ وأصابها وَإِن كَانَ ثمَّ أَوْلَاد فيذكرهم وَأَن الزَّوْج مِنْهُمَا توفى إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى قبل تَارِيخه وَأَن مهر مثلهَا على مثله كَذَا وَكَذَا وَأَن ورثته الْمُسْتَحقّين لميراثه المستوعبين لجميعه فلَان وَفُلَان وَفُلَان من غير شريك لَهُم فِي ذَلِك وَلَا حَاجِب
وَإِن كَانَت الْبَيِّنَة تشهد على إِقْرَار الزَّوْج أَن مبلغ الصَدَاق كَذَا وَكَذَا
فيكتبه
وَإِن كَانَت تشهد بمبلغ الصَدَاق فَيكْتب وَأَن مبلغ صَدَاقهَا عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا
ويكمل على نَحْو مَا سبق
وَيثبت عِنْد الْحَاكِم وَيصير هَذَا الْمحْضر مُسْتَند الزَّوْجَة فِي الزَّوْجِيَّة
وَفِي مبلغ الصَدَاق
وَصُورَة فسخ الزَّوْجِيَّة بالجنون أَو الْمَرَض أَو الجذام أَو الرتق أَو الْقرن حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فُلَانَة وَادعت على زَوجهَا فلَان لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه تزوج بهَا تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا بولِي مرشد وشاهدي عدل وصداق شَرْعِي
وَلم تعلم بِهِ عَيْبا يثبت لَهَا خِيَار فسخ وَأَنَّهَا وجدت بِهِ برصا أَو غير ذَلِك وَهُوَ بِهِ الْآن وَأَنَّهَا حِين علمهَا بذلك اخْتَارَتْ فِرَاقه وَالْفَسْخ لنكاحه
وَسَأَلت سُؤَاله عَن ذَلِك
فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ عَن ذَلِك فَأجَاب بِصِحَّة دَعْوَاهَا
ثمَّ سَأَلت الْحَاكِم أَن يفرق بَينهمَا وَيحكم بتحريمها عَلَيْهِ وَانْقِطَاع عصمَة الزَّوْجِيَّة بَينهمَا بِحكم الْفَسْخ الْمَذْكُور الْوَاقِع بِشَرْطِهِ الشَّرْعِيّ
وَذَلِكَ بعد ثُبُوت الزَّوْجِيَّة بَينهمَا عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن يحكم لَهَا بذلك
فأجابها إِلَى سؤالها
وَحكم لَهَا بذلك حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا بِالْمُوجبِ الشَّرْعِيّ أَو حكم بِمُوجب ذَلِك
ويكمل
وَإِن كَانَ الْعَيْب بِالزَّوْجَةِ فَتَقَع الدَّعْوَى من الزَّوْج
وَيكْتب مَا يُوَافق ذَلِك من هَذَا الأنموذج
وَإِن كَانَ الْفَسْخ بوكيل الزَّوْج أَو وَكيل الزَّوْجَة أَو بوكيليهما فَيكْتب ذَلِك بعد ثُبُوت عقد النِّكَاح أَو يكون التَّوْكِيل جرى بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز فَيكْتب فِي إسجال الْحَاكِم وَثَبت صُدُور التَّوْكِيل الْمَذْكُور أَعْلَاهُ بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ بِحكم صدوره فِيهِ واعتراف الْمُوكل بِهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ وَلَا يكون الْفَسْخ إِلَّا عِنْد الْحَاكِم

(2/87)


فرع قَالَت وطِئت عَالما بِالْعَيْبِ
فَأنْكر الْعَمَل
أَو قَالَت مكنت وَأَنت عَالم بعيبي
صدق الْمُنكر فِي الْأَصَح
وَالْفَسْخ قبل الدُّخُول يسْقط الْمهْر والمتعة وَبعده يجب مهر الْمثل إِن فسخ بمقارن أَو بحادث بعد العقد وَالْوَطْء جَهله الواطىء
والمسمى إِن حدث بعد وَطْء
وَإِذا طلق قبل الدُّخُول ثمَّ علم بعيبها لم يسْقط حَقّهَا من النّصْف
وَمن فسخ نِكَاحهَا بعد دُخُول فَلَا نَفَقَة وَلَا سُكْنى لَهَا فِي الْعدة وَإِن كَانَت حَامِلا مَعَ الْخلاف فِي ذَلِك
وَإِن أَرَادَ أَن يسكنهَا حفظا لمائه
فَلهُ ذَلِك وَعَلَيْهَا الْمُوَافقَة
وَلَو فسخ بِعَيْب ثمَّ بَان أَن لَا عيب بَطل الْفَسْخ على الصَّحِيح من الْوَجْهَيْنِ
وَلَو رَضِي أَحدهمَا بِعَيْب الآخر ثمَّ حدث عيب آخر ثَبت الْفَسْخ فِيهِ
لَا إِن زَاد الأول على الصَّحِيح
مَسْأَلَة شَرط بَكَارَتهَا فَوجدت ثَيِّبًا
فَقَالَت زَالَت عنْدك
فَأنْكر فَالْقَوْل قَوْلهَا مَعَ يَمِينهَا لرفع الْفَسْخ
وَقَوله بِيَمِينِهِ لرفع كَمَال الْمهْر
فرع ظَنّهَا مسلمة أَو حرَّة فَبَانَت كِتَابِيَّة أَو أمة وَهِي تحل لَهُ فَلَا خِيَار فِي الْأَظْهر
وَصُورَة الْقسم بَين الزَّوْجَات أشهد عَلَيْهِ فلَان أَن فِي عصمته وَعقد نِكَاحه من الزَّوْجَات فُلَانَة وفلانة وفلانة الْحَرَائِر
وَقسم لَهُنَّ بِالْقُرْعَةِ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ
فَصَارَت نوبَة فُلَانَة كَذَا ونوبة فُلَانَة كَذَا ونوبة فُلَانَة كَذَا
وَعَلِيهِ الْعَمَل فِي ذَلِك بتقوى الله وطاعته وخشيته ومراقبته ووفاء حقهن بِمَا قسم لَهُنَّ من غير ضَرَر وَلَا ضرار بِهن وَلَا حيف وَلَا شطط وَلَا مشقة عَلَيْهِنَّ وَلَا إيلام قلب والطلب من الله تَعَالَى الْإِعَانَة لَهُ والتوفيق للْقِيَام بِالْعَدْلِ بَينهُنَّ والإنصاف على الحكم المشروح أَعْلَاهُ
وَذَلِكَ بحضورهن وإشهادهن على أَنْفسهنَّ بِالرِّضَا بذلك على حكم الطواعية وَالِاخْتِيَار من غير إِكْرَاه وَلَا إِجْبَار
وَكَانَ الْحَظ والمصلحة لَهُنَّ فِي ذَلِك على مَا نَص وَشرح فِيهِ
وتصادقوا على ذَلِك تَصَادقا شَرْعِيًّا
ويؤرخ
وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم

(2/88)