جواهر العقود ومعين القضاة والموقعين والشهود

كتاب الْخلْع

وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام
سمي الْخلْع خلعا لِأَن الْمَرْأَة تخلع نَفسهَا مِنْهُ وَهِي لِبَاس لَهُ لقَوْله تَعَالَى {هن لِبَاس لكم وَأَنْتُم لِبَاس لَهُنَّ} وَسمي الافتداء لِأَنَّهَا تَفْتَدِي نَفسهَا مِنْهُ بِمَا تبذله لَهُ من الْعِوَض
وَالْخلْع يَنْقَسِم على ثَلَاثَة أَقسَام
قِسْمَانِ مباحان وَقسم مَحْظُور
فأحد المباحين إِذا كرهت الْمَرْأَة خلق الزَّوْج أَو خلقه أَو دينه وخافت أَن لَا تُؤدِّي حَقه فبذلت لَهُ عوضا ليُطَلِّقهَا
جَازَ ذَلِك وَحل لَهُ أَخذه بِلَا خلاف
لقَوْله تَعَالَى {فَإِن خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُود الله فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ} وروى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن عَن حَبِيبَة بنت سهل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج إِلَى صَلَاة الصُّبْح وَهِي على بَابه
فَقَالَ من هَذِه فَقَالَت أَنا حَبِيبَة بنت سهل
فَقَالَ مَا شَأْنك فَقَالَت يَا رَسُول الله لَا أَنا وَلَا ثَابت تَعْنِي زَوجهَا ثَابت بن قيس فَلَمَّا جَاءَ ثَابت قَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه حَبِيبَة تذكر مَا شَاءَ الله أَن تذكر
فَقَالَت يَا رَسُول الله كل مَا أَعْطَانِي عِنْدِي
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِثَابِت خُذ مِنْهَا
فَأخذ مِنْهَا
وَجَلَست فِي أَهلهَا
وَفِي رِوَايَة عَن الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ أَنَّهَا اخْتلعت من زَوجهَا وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق جميلَة بنت سهل
وَرُوِيَ أَن الرّبيع بنت بن معوذ بن عفراء اخْتلعت على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
الْقسم الثَّانِي من الْمُبَاح أَن تكون الْحَالة مُسْتَقِيمَة بَين الزَّوْجَيْنِ وَلَا يكره أَحدهمَا الآخر
فيتراضيا على الْخلْع
فَيصح
وَيحل للزَّوْج مَا بذلت لَهُ
لقَوْله تَعَالَى {فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ نفسا فكلوه هَنِيئًا مريئا}
الْقسم الثَّالِث وَهُوَ أَن يضْربهَا أَو يخوفها بِالْقَتْلِ أَو يمْنَعهَا نَفَقَتهَا أَو كسوتها

(2/89)


ليخالعها
فَهَذَا الْمَحْظُور
لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تعضلوهن لتذهبوا بِبَعْض مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} والعضل الْمَنْع فَإِن خالعته فِي هَذِه الْحَالة
وَقع الطَّلَاق
وَلَا يملك الزَّوْج مَا بذلته لَهُ على ذَلِك
فَإِن كَانَ بعد الدُّخُول كَانَ رَجْعِيًا لِأَن الرّجْعَة إِنَّمَا سَقَطت لأجل ملكه المَال فَإِذا لم يملك المَال كَانَ لَهُ الرّجْعَة
فَإِن ضربهَا للتأديب فِي النُّشُوز
فخالعته عقب الضَّرْب صَحَّ الْخلْع لِأَن ثَابت بن قيس كَانَ قد ضرب زَوجته فخالعته مَعَ علم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْحَال وَلم يُنكر عَلَيْهِمَا
وَلِأَن كل عقد صَحَّ مَعَ الضَّرْب صَحَّ بعده
كَمَا لَو حد الإِمَام رجلا ثمَّ اشْترى مِنْهُ شَيْئا عقبه
قَالَ الطَّبَرِيّ وَهَكَذَا لَو ضربهَا لتفتدي مِنْهُ فافتدت نَفسهَا مِنْهُ عقبه طَائِعَة صَحَّ لما ذَكرْنَاهُ
وَإِن زنت فَمنعهَا حَقّهَا لتخالعه فخالعته فَفِيهِ قَولَانِ أَحدهمَا أَنه من الْخلْع الْمُبَاح لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تعضلوهن لتذهبوا بِبَعْض مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} فَدلَّ على أَنَّهَا إِذا أَتَت بِفَاحِشَة مبينَة جَازَ عضلها
وَالثَّانِي أَنه من الْخلْع الْمَحْظُور لِأَنَّهُ خلع أكرهت عَلَيْهِ بِمَنْع حَقّهَا
فَهُوَ كَمَا لَو أكرهها على ذَلِك من غير زنا
وَأما الْآيَة فَقيل إِنَّهَا مَنْسُوخَة بالإمساك فِي الْبيُوت وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة من نِسَائِكُم فاستشهدوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَة مِنْكُم فَإِن شهدُوا فأمسكوهن فِي الْبيُوت حَتَّى يتوفاهن الْمَوْت أَو يَجْعَل الله لَهُنَّ سَبِيلا} ثمَّ نسخ ذَلِك بِالْجلدِ وَالرَّجم
وَهُوَ فرقة بعوض بِلَفْظ طَلَاق أَو خلع وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ فَيشْتَرط لصحتهما من الزَّوْج أَن يكون مِمَّن ينفذ طَلَاقه فَلَا يَصح خلع الصَّبِي وَالْمَجْنُون
وَيصِح خلع الْمَحْجُور عَلَيْهِ بالفلس والسفه
وَإِذا خَالع السَّفِيه على مَال فَلَا يسلم المَال إِلَيْهِ بل إِلَى وليه
وَيصِح خلع العَبْد وَيسلم المَال إِلَى السَّيِّد
وَيشْتَرط فِيمَن يقبل الْخلْع أَن يكون مُطلق التَّصَرُّف فِي المَال
فَإِن كَانَت الزَّوْجَة المختلعة أمة واختلعت بِغَيْر إِذن السَّيِّد حصلت الْبَيْنُونَة سَوَاء اخْتلعت بِعَين مَال السَّيِّد أَو بدين
وَهل يسْتَحق الزَّوْج فِي ذمَّتهَا مهر الْمثل أَو قيمَة الْعين إِذا اخْتلعت بِعَين وَمهر الْمثل أَو الْمُسَمّى فِي صُورَة الدّين فيهمَا قَولَانِ
الْأَظْهر الأول
وَإِن اخْتلعت بِإِذن السَّيِّد فَإِن عين مَالا من أَمْوَاله يختلع عَلَيْهِ وامتثلت أمره

(2/90)


صَحَّ الْخلْع
وَكَذَا إِن قدر دينا فامتثلت وَيتَعَلَّق المَال بكسبها
فَإِن أطلق الْإِذْن اقْتضى الاختلاع بِمهْر الْمثل
وَلَو خَالع السَّفِيه زَوجته أَو قَالَ طَلقتك على كَذَا
فَقبلت وَقع الطَّلَاق رَجْعِيًا وَإِن لم تقبل لم يَقع الطَّلَاق
واختلاع الْمَرِيضَة فِي مرض الْمَوْت بِمهْر الْمثل أَو بِمَا دونه نَافِذ
وَلَا يعْتَبر من الثُّلُث
فَإِن زَادَت اعْتبرت الزِّيَادَة من الثُّلُث
وَلَا يَصح خلع البائنة
وَأَصَح الْقَوْلَيْنِ صِحَة خلع الرَّجْعِيَّة
وَيجوز أَن يكون عوض الْخلْع قَلِيلا وَكَثِيرًا أَو عينا أَو دينا
وسبيله سَبِيل الصَدَاق
وَلَو جرى الْخلْع على مَجْهُول نفذت الْبَيْنُونَة وَكَانَ الرُّجُوع إِلَى مهر الْمثل
وَإِن جرى على خمر أَو خِنْزِير فالرجوع إِلَى مهر الْمثل فِي أصح الْقَوْلَيْنِ
وَيجوز التَّوْكِيل بِالْخلْعِ من الْجَانِبَيْنِ
وَإِذا قَالَ الزَّوْج لوَكِيله خَالعهَا بِمِائَة فَلَا ينقص عَن الْمِائَة
وَإِن أطلق فَلَا ينقص عَن مهل الْمثل
فَإِن نقص عَن الْقدر أَو عَن مهر الْمثل فِي صُورَة الْإِطْلَاق
فأصح الْقَوْلَيْنِ أَنه لَا يَقع الطَّلَاق
وَالثَّانِي يَقع وَيجب مهر الْمثل
وَإِن قَالَت الزَّوْجَة لوكيلها اخلعني بِمِائَة فاختلع بهَا أَو بِمَا دونهَا بِالْوكَالَةِ نفذ
وَإِن اختلع بِأَكْثَرَ وَقَالَ اخْتلعت بِكَذَا فِي مَالهَا بوكالتها حصلت الْبَيْنُونَة
وَأَصَح الْقَوْلَيْنِ أَن الْوَاجِب على الْمَرْأَة مهر الْمثل
وَالثَّانِي أَكثر الْأَمريْنِ من مهر الْمثل وَمَا سمته هِيَ
وَهل الْفرْقَة بِلَفْظ الْخلْع طَلَاق أَو فسخ لَا ينقص بِهِ عدد الطَّلَاق فِيهِ قَولَانِ
أصَحهمَا أَنه لَا طَلَاق
وَإِن قُلْنَا بِهِ فَلفظ الْفَسْخ كِنَايَة فِيهِ

الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب
الْخلْع مُسْتَمر الحكم بِالْإِجْمَاع
ويحكى عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ أَنه قَالَ الْخلْع مَنْسُوخ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء
وَاتفقَ الْأَئِمَّة على أَن الْمَرْأَة إِذا كرهت زَوجهَا لقبح منظر أَو سوء عشرَة جَازَ لَهَا أَن تخالعه على عوض وَإِن لم يكن شَيْء من ذَلِك وتراضيا على الْخلْع من غير سَبَب جَازَ وَلم يكره
وَحكي عَن الزُّهْرِيّ وَعَطَاء وَدَاوُد أَن الْخلْع لَا يَصح فِي هَذِه الْحَالة
وَالْخلْع طَلَاق بَائِن عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك
وَفِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد

(2/91)


وَالصَّحِيح الْجَدِيد من أَقْوَال الشَّافِعِي الثَّلَاثَة
وَقَالَ أَحْمد فِي أظهر الرِّوَايَتَيْنِ هُوَ فسخ لَا ينقص عددا
وَلَيْسَ بِطَلَاق
وَهُوَ الْقَدِيم من قولي الشَّافِعِي
وَاخْتَارَهُ جمَاعَة من متأخري أَصْحَابه بِشَرْط أَن يكون ذَلِك مَعَ الزَّوْجَة وبلفظ الْخلْع وَلَا يَنْوِي بِهِ الطَّلَاق
وَللشَّافِعِيّ قَول ثَالِث أَنه لَيْسَ بِشَيْء

فصل وَهل يكره الْخلْع
بِأَكْثَرَ من الْمُسَمّى قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يكره ذَلِك
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كَانَ النُّشُوز من قبلهَا كره أَخذ أَكثر من الْمُسَمّى
وَإِن كَانَ من قبله كره أَخذ شَيْء مُطلقًا
وَصَحَّ مَعَ الْكَرَاهَة
وَقَالَ أَحْمد يكره الْخلْع على أَكثر من الْمُسَمّى مُطلقًا

فصل وَإِذا طلق المختلعة
مِنْهُ
قَالَ أَبُو حنيفَة يلْحقهَا طَلَاقه فِي مُدَّة الْعدة وَقَالَ مَالك إِن طَلقهَا عقب خلعه طَلْقَة مُتَّصِلَة بِالْخلْعِ طلقت
وَإِن انْفَصل الطَّلَاق عَن الْخلْع لم تطلق
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد لَا يلْحقهَا الطَّلَاق بِحَال
وَلَو خَالع زَوجته على إِرْضَاع وَلَدهَا سنتَيْن جَازَ
فَإِن مَاتَ الْوَلَد قبل الْحَوْلَيْنِ
قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد يرجع عَلَيْهَا بِقِيمَة الرَّضَاع للمدة الْمَشْرُوطَة
وَعَن مَالك رِوَايَتَانِ
إِحْدَاهمَا يسْقط الرَّضَاع وَلَا يقوم غير الْوَلَد مقَامه
وَالثَّانيَِة لَا يسْقط الرَّضَاع بل يَأْتِيهَا بِولد مثله ترْضِعه
وَإِذا قُلْنَا بالْقَوْل الأول فإلام ترجع قَولَانِ
الْجَدِيد إِلَى مهر الْمثل
وَالْقَدِيم إِلَى أُجْرَة الرَّضَاع

فصل لَيْسَ للْأَب أَن يخلع ابْنَته
الصَّغِيرَة بِشَيْء من مَالهَا عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد
وَقَالَ مَالك يسْتَحق عَلَيْهَا الْألف سَوَاء طَلقهَا ثَلَاثًا أَو وَاحِدَة لِأَنَّهَا تملك نَفسهَا بالواحدة
كَمَا تملك بِالثلَاثِ
وَقَالَ الشَّافِعِي يسْتَحق ثلث الْألف فِي الْحَالَتَيْنِ
وَقَالَ أَحْمد لَا يسْتَحق شَيْئا فِي الْحَالَتَيْنِ
وَلَو قَالَت طَلقنِي وَاحِدَة بِأَلف
فَطلقهَا ثَلَاثًا
فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد تطلق ثَلَاثًا
وَيسْتَحق الْألف
وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يسْتَحق شَيْئا
وَتطلق ثَلَاثًا

فصل وَيصِح الْخلْع
من غير زَوجته بالِاتِّفَاقِ وَهُوَ أَن يَقُول أَجْنَبِي للزَّوْج طلق امْرَأَتك بِأَلف
وَقَالَ أَبُو ثَوْر لَا يَصح
انْتهى
فَائِدَة من فَتَاوَى الْبَغَوِيّ
لَو قَالَت لوكيلها اخلعني على مَا استصوبت كَانَ لَهُ اختلاعها على مَاله فِي ذمَّتهَا وعَلى مَالهَا من الصَدَاق فِي ذمَّة الزَّوْج وَلَا تخالع على عين من أَعْيَان أموالها لِأَن مَا يُفَوض إِلَى الرَّأْي ينْصَرف إِلَى الذِّمَّة عَادَة

(2/92)


قَالَ القَاضِي تَاج الدّين فِي الطَّبَقَات وَهُوَ فرع غَرِيب
مَسْأَلَة رجل لَهُ امْرَأَتَانِ
إِذا خَالع إِحْدَاهمَا انْفَسَخ نِكَاح الْأُخْرَى
صورتهَا هَذَا الرجل كَانَ قد تزوج بِأمة المختلعة ثمَّ أيسر
فَتزَوج بسيدتها ثمَّ خَالع السَّيِّد بِهَذِهِ الْأمة
انْفَسَخ نِكَاح الْأمة لِأَن ملك الْيَمين وَالنِّكَاح لَا يَجْتَمِعَانِ

المصطلح
وَهُوَ يشْتَمل على صور وللخلع عمد ذكر الزَّوْجَة وَالزَّوْج وأسمائهما وَطلب المختلعة مِنْهُ أَن يخلعها على بدل مَعْلُوم الْقدر وَالصّفة إِن كَانَ مِمَّا يُوصف
وَذكر إِجَابَة الخالع إِلَى مَا سَأَلت عَلَيْهِ وخوفهما أَن لَا يُقِيمَا حُدُود الله
وَذكر دفع الْبَدَل إِلَى الزَّوْج
وَذكر قَبضه مِنْهَا وَذكر خلعه إِيَّاهَا على مَا اتفقَا عَلَيْهِ من عدد الْخلْع وَذكر الدُّخُول بهَا إِن كَانَت مَدْخُولا بهَا وَصِحَّة الْعقل وَالْبدن وَجَوَاز الْأَمر وإقرارهما بذلك
وَمَعْرِفَة الشُّهُود بهما
والتاريخ بِالْيَوْمِ والشهر وَالسّنة
وَالْخلْع تَارَة يكون مَعَ الزَّوْجَيْنِ
وَتارَة يكون من وكيليهما
وَتارَة يكون من وَكيل أَحدهمَا مَعَ الآخر
وَتارَة يكون مَعَ الْأَجْنَبِيّ
وَتارَة يكون مَعَ الزَّوْجَة
وَالزَّوْج سَفِيه
وَتارَة يكون مَعَ وَالِد الزَّوْجَة أَو جدها إِذا كَانَت تَحت حجرهما
وَتارَة يكون بعد الدُّخُول
وَتارَة يكون قبل الدُّخُول
وَصُورَة خلع الزَّوْجَيْنِ على الْمُسَمّى وَحده وَهُوَ غير مَكْرُوه خَالع فلَان زَوجته فُلَانَة على جَمِيع صَدَاقهَا الْمعِين بَاطِنه إِن كتب ذَلِك فِي فصل بِظَاهِر كتاب الصَدَاق وَقدره كَذَا وَكَذَا خلعا صَحِيحا شَرْعِيًّا
بسؤالها إِيَّاه فِي ذَلِك وَقد بَانَتْ مِنْهُ بذلك
وملكت نَفسهَا عَلَيْهِ
فَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة
وتصادقا على الدُّخُول بهَا والإصابة
فبمقتضى ذَلِك بَرِئت ذمَّة المخالع الْمَذْكُور من جَمِيع مبلغ الصَدَاق الْمعِين فِيهِ الْبَرَاءَة الشَّرْعِيَّة
وتصادقا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا
ويؤرخ
وَصُورَة أُخْرَى فِي ذَلِك سَأَلت فُلَانَة الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة بَاطِنه زَوجهَا فلَان الْمَذْكُور مَعهَا بَاطِنه أَن يخلعها من عصمته وَعقد

(2/93)


نِكَاحه على نَظِير مبلغ صَدَاقهَا عَلَيْهِ الْمعِين بَاطِنه
وَجُمْلَته كَذَا وَكَذَا
فأجابها إِلَى سؤالها وخلعها على الْبَدَل الْمَذْكُور خلعا صَحِيحا شَرْعِيًّا
ملكت بِهِ نَفسهَا عَلَيْهِ فَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة
وتصادقا على الدُّخُول بهَا والإصابة
ويؤرخ
وَصُورَة أُخْرَى فِي ذَلِك سَأَلت فُلَانَة زَوجهَا فلَان أَن يخلعها من عصمته وَعقد نِكَاحه على نَظِير مبلغ صَدَاقهَا عَلَيْهِ الْمعِين بَاطِنه وعَلى مبلغ ألف دِرْهَم فِي ذمَّتهَا لَهُ على حكم الْحُلُول
فأجابها إِلَى سؤالها وخلعها الْخلْع الْمَذْكُور على الْعِوَض الْمَذْكُور خلعا صَحِيحا شَرْعِيًّا
بَانَتْ مِنْهُ بذلك وملكت نَفسهَا عَلَيْهِ
فَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة
وتصادقا على الدُّخُول بهَا والإصابة وبرئت ذمَّة المخالع الْمَذْكُور من جَمِيع مبلغ الصَدَاق الْمعِين فِيهِ وَاسْتحق هُوَ عَلَيْهَا الْألف الْمَذْكُورَة استحقاقا شَرْعِيًّا
وطالبها بهَا فدفعتها إِلَيْهِ فقبضها مِنْهَا قبضا شَرْعِيًّا بَرِئت بِهِ ذمَّتهَا من الْمبلغ الْمَذْكُور وَمن كل جُزْء مِنْهُ بَرَاءَة شَرْعِيَّة
ويذيل بِالْإِقْرَارِ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاق
ويؤرخ
وَصُورَة الْخلْع على الرَّضَاع سَأَلت فُلَانَة زَوجهَا فلَان أَن يخلعها عَن عصمته وَعقد نِكَاحه الْخلْع الشَّرْعِيّ على أَن ترْضع لَهُ وَلَده لصلبه مِنْهَا فلَان الْمُقدر عمره يَوْمئِذٍ بِكَذَا بَقِيَّة أمد الرَّضَاع الشَّرْعِيّ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا من تَارِيخه
فأجابها إِلَى سؤالها وخلعها على ذَلِك خلعا صَحِيحا شَرْعِيًّا ملكت بِهِ نَفسهَا عَلَيْهِ
وَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة
وَاسْتحق هُوَ عَلَيْهَا إِرْضَاع وَلَده الْمَذْكُور الْمدَّة الْمَذْكُورَة استحقاقا شَرْعِيًّا وَسلم إِلَيْهَا الْوَلَد الْمَذْكُور لترضعه بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ
فتسلمته مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا
وشرعت فِي إرضاعه بِحكم السُّؤَال المشروح أَعْلَاهُ
وَالْقِيَام بمصالحه بِحَق مَالهَا من الْحَضَانَة إِن كَانَت الْحَضَانَة لَهَا
وَذَلِكَ بعد اعترافهما بِالدُّخُولِ والإصابة وَالِاسْتِيلَاد وَهُوَ الْوَلَد الْمَذْكُور
وَإِن كَانَ اسْتَوْلدهَا غَيره ذكره
ويؤرخ
وَصُورَة الْخلْع بسؤال أبي الزَّوْجَة على مَذْهَب مَالك رَحمَه الله خلافًا للباقين سَأَلَ فلَان فلَانا أَن يخلع ابْنَته الصَّغِيرَة فُلَانَة الَّتِي هِيَ تَحت حجره وَولَايَة نظره بالأبوة الشَّرْعِيَّة من عصمته وَعقد نِكَاحه على جَمِيع صَدَاقهَا الَّذِي تزَوجهَا عَلَيْهِ المسؤول الْمَذْكُور
وَجُمْلَته كَذَا وَكَذَا
فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وخلع ابْنَته الْمَذْكُورَة على الْبَدَل الْمَذْكُور خلعا صَحِيحا شَرْعِيًّا
بَانَتْ مِنْهُ بذلك
فَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة
وبرئت بذلك ذمَّة المسؤول الْمَذْكُور من جَمِيع الصَدَاق الْمعِين فِيهِ الْبَرَاءَة الشَّرْعِيَّة
ويؤرخ
صُورَة الْخلْع على مَذْهَب الإِمَام أَحْمد رَحمَه الله تَعَالَى سَأَلَ فلَان أَو سَأَلت فُلَانَة الزَّوْجَة الْمُسَمَّاة بَاطِنه زَوجهَا الْمَذْكُور بَاطِنه أَن يخلعها من عصمته وَعقد نِكَاحه خلعا عَارِيا عَن لفظ الطَّلَاق وَنِيَّته على مَذْهَب الإِمَام الرباني أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل الشَّيْبَانِيّ رَضِي الله عَنهُ وأرضاه على دِرْهَم وَاحِد فِي ذمَّتهَا أَو على نَظِير مبلغ صَدَاقهَا عَلَيْهِ
وَقدره كَذَا وَكَذَا أَو على مَا يتفقان عَلَيْهِ فأجابها إِلَى سؤالها
وخلعها الْخلْع

(2/94)


الْمَذْكُور على الْعِوَض الْمَذْكُور
وَبَانَتْ مِنْهُ بذلك وملكت نَفسهَا عَلَيْهِ فَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة
وتصادقا على الدُّخُول بهَا والإصابة وَالِاسْتِيلَاد إِن كَانَ بَينهمَا أَوْلَاد
ويؤرخ
وَهَذَا الْخلْع لَا ينقص عدد الطَّلَاق الثَّلَاث
فَإِذا أَرَادَ المختلع أَن يجدد نِكَاح مختلعته
فَالْأَحْسَن أَن يستحكم بِالْخلْعِ حَاكم حنبلي لَا سِيمَا إِن كَانَ من ثَالِثَة
كَيْلا يحكم بِبُطْلَان ذَلِك على مَذْهَب من يرى أَن الْفَسْخ طَلَاق
وَإِذا كَانَ لَهَا ولي يَأْذَن الْوَلِيّ لحَاكم حنبلي أَو لعاقد حنبلي
وَالْأَحْسَن أَن يكون حَاكما حَتَّى يحكم بِصِحَّتِهِ وَأَنه فسخ لَا ينقص عدد الطَّلَاق الثَّلَاث
وَإِن عقده عَاقد حنبلي
فَيحكم بِهِ حَاكم آخر حنبلي
حَتَّى يخرج من الْخلاف ويأمن من تعرضه للبطلان
صُورَة الْخلْع مَعَ السَّفِيه بِمُبَاشَرَة الزَّوْجَة سَأَلت فُلَانَة زَوجهَا فلَان أَن يخلعها من عصمته وَعقد نِكَاحه على مبلغ كَذَا وَكَذَا فِي ذمَّتهَا على حكم الْحُلُول
فأجابها إِلَى سؤالها وخلعها خلعا صَحِيحا شَرْعِيًّا على الْعِوَض الْمَذْكُور
وَبَانَتْ مِنْهُ بذلك وملكت نَفسهَا عَلَيْهِ فَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة ثمَّ بعد ذَلِك تسلم فلَان وَصِيّ المخالع الْمَذْكُور أَعْلَاهُ ويشرح الْوَصِيَّة جَمِيع مَا اسْتَحَقَّه لمحجوره المخالع الْمَذْكُور أَعْلَاهُ بِحكم هَذَا السُّؤَال وَالْخلْع الْمعِين أَعْلَاهُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا تسلما شَرْعِيًّا ليَكُون تَحت يَده لمحجوره الْمَذْكُور
وَعَلِيهِ الْخُرُوج من ذَلِك على الْوَجْه الشَّرْعِيّ
وَلَا يخفى على الحاذق مَا يكْتب إِذا كَانَ السُّؤَال من وَكيل الزَّوْجَيْنِ وَلَا مَا يكْتب إِذا كَانَ التَّوْكِيل من جِهَة الزَّوْجَة أَو من جِهَة الزَّوْج
صُورَة سُؤال الْأَجْنَبِيّ سَأَلَ فلَان فلَانا أَن يخلع زَوجته فُلَانَة من عصمته وَعقد نِكَاحه على كَذَا وَكَذَا فِي ذمَّته على حكم الْحُلُول
فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وخلعها خلعا صَحِيحا شَرْعِيًّا على الْعِوَض الْمَذْكُور
ثمَّ يحيلها المخالع على ذمَّة الْأَجْنَبِيّ بِمَا وَقع السُّؤَال عَلَيْهِ
فَيَقُول ثمَّ بعد حُصُول ذَلِك ولزومه شرعا أحَال المخالع الْمَذْكُور مختلعته الْمَذْكُورَة على ذمَّة فلَان السَّائِل الْمَذْكُور بِمَا ترَتّب لَهُ فِي ذمَّته بالحكم المشروح أَعْلَاهُ
وَهُوَ كَذَا وَكَذَا فِي نَظِير مبلغ صَدَاقهَا عَلَيْهِ الْمُوَافق لذَلِك فِي الْقدر وَالْجِنْس وَالصّفة والحلول حِوَالَة شَرْعِيَّة مُشْتَمِلَة على الْإِيجَاب وَالْقَبُول
فَإِن قبلت الْحِوَالَة على الْأَجْنَبِيّ صرح بقبولها ورضاها بذلك
وَإِن كَانَت محجورة
فَيقبل لَهَا وَليهَا الشَّرْعِيّ وَإِن لم يقبل فالمخالع يُطَالب الْأَجْنَبِيّ والمختلعة تطالب المخالع
وَفِي التخالع مَعَ وَالِد الزَّوْجَة يكْتب سُؤَاله وَالْحوالَة على والدها ويقبلها لَهَا إِن

(2/95)


كَانَت تَحت حجره وَولَايَة نظره وَإِن لم تكن تَحت حجره فَلَا يكْتب حِوَالَة وَيبقى الصَدَاق فِي ذمَّة المخالع
وَيبقى الْقدر المسؤول عَلَيْهِ فِي ذمَّة وَالِد المختلعة للمخالع
وَكَذَلِكَ يفعل فِي سُؤال الْجد للْأَب
وَإِن وَقع بِلَفْظ الطَّلَاق كتب مَا سَيَأْتِي ذكره فِي الصُّورَة الْآتِيَة فِي كتاب الطَّلَاق

فصل فِي الْفَسْخ
وَهُوَ تَارَة يكون بغيبة الزَّوْج
فَذَلِك على مَذْهَب مَالك وَأحمد
وَتارَة يكون فسخ نِكَاح الصَّبِي الَّذِي لَا يتَصَوَّر مِنْهُ إِنْزَال وَلَا جماع
وَتارَة يكون الْفَسْخ فِي الْغَيْبَة أَو الْحُضُور بالإعسار بِالنَّفَقَةِ أَو الْكسْوَة بعد الدُّخُول أَو بِالْمهْرِ قبل الدُّخُول على مَذْهَب الشَّافِعِي
وَقد سبق ذكر الْفَسْخ بِوُجُود الْعَيْب فِي أحد الزَّوْجَيْنِ
وَأما فسخ الْغَيْبَة على مَذْهَب مَالك فتسأل الزَّوْجَة القَاضِي فِي كِتَابَة محْضر
فَإِذا أذن فِي ذَلِك كتب بِحُضُور شُهُود يعْرفُونَ فُلَانَة وَفُلَانًا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنَّهُمَا زوجان متناكحان بِنِكَاح صَحِيح شَرْعِي بولِي مرشد وشاهدي عدل بشرائطه الشَّرْعِيَّة دخل الزَّوْج مِنْهُمَا بِالزَّوْجَةِ وأصابها
ثمَّ غَابَ عَنْهَا مُدَّة تزيد على كَذَا وَكَذَا من الْحُكَّام من لَا يفْسخ إِلَّا بعد مُضِيّ سنة
وَلَكِن مَاله مُدَّة مُعينَة إِلَّا على سَبِيل الِاحْتِيَاط من الْحَاكِم
وَأَقل الْمدَّة عِنْد أَحْمد سِتَّة أشهر وَتركهَا بِلَا نَفَقَة وَلَا كسْوَة وَلَا ترك عِنْدهَا مَا تنفقه على نَفسهَا فِي حَال غيبته وَلَا مُتَبَرعا بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا فِي حَال غيبته وَلَا أرسل لَهَا شَيْئا فوصل إِلَيْهَا وَلَا مَال لَهَا تنفقه على نَفسهَا وَترجع بِهِ عَلَيْهِ
وَهِي مُقِيمَة على طَاعَته بِالْمَكَانِ الَّذِي تَركهَا فِيهِ
وَهِي متضررة بِفَسْخ نِكَاحهَا مِنْهُ
يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين إِلَى آخِره
وتقام الشَّهَادَة عِنْد الْحَاكِم ثمَّ يُمْهِلهَا على مُقْتَضى رَأْيه واجتهاده ثمَّ يكْتب الْمحْضر لتحلف ثمَّ يكْتب فصل الْحلف
وَصورته أحلفت فُلَانَة الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة فِيهِ بِاللَّه الْعَظِيم الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة الرَّحْمَن الرَّحِيم
يَمِينا شَرْعِيَّة جَامِعَة لمعاني الْحلف شرعا أَن زَوجهَا الْمَذْكُور غَابَ عَنْهَا من مُدَّة تزيد على كَذَا
وَتركهَا بِلَا نَفَقَة وَلَا كسْوَة وتعدد الشُّرُوط الْمَذْكُورَة فِي الْمحْضر كلهَا إِلَى آخرهَا ثمَّ تَقول وَأَن من شهد لَهَا بذلك صَادِق فِي شَهَادَته
وَأَنَّهَا مُقِيمَة على طَاعَته متضررة بِفَسْخ نِكَاحهَا مِنْهُ فَحَلَفت كَمَا أحلفت بالتماسها لذَلِك
ويؤرخ
وتقام الشَّهَادَة فِيهِ عِنْد الْحَاكِم
ثمَّ إِن الزَّوْجَة تسْأَل الْحَاكِم الْفَسْخ
فيعظها الْحَاكِم وَيَقُول لَهَا إِن صبرت فلك الْأجر
فتأبى إِلَّا الْفَسْخ
فيمكنها من الْفَسْخ
فَتَقول بِصَرِيح لَفظهَا فسخت نِكَاحي من

(2/96)


زَوجي فلَان الْفُلَانِيّ الْمَذْكُور بِطَلْقَة وَاحِدَة رَجْعِيَّة
وَإِن كَانَ عِنْد الْحَنْبَلِيّ فَلفظ الْفَسْخ كَاف
وَقد تقدم القَوْل أَنه إِذا حضر فِي الْعدة كَانَ أَحَق برجعتها لَكِنَّهَا تبين عِنْد الْحَنْبَلِيّ بِالْفَسْخِ
فَلَا يُرَاجِعهَا إِلَّا بِإِذْنِهَا
ثمَّ تسْأَل الْحَاكِم الحكم لَهَا بذلك على مُقْتَضى مذْهبه واعتقاده
فَيكْتب على الْمحْضر ليسجل بِثُبُوتِهِ
وَالْحكم بِمُوجبِه ثمَّ يكْتب على ظَهره لما قَامَت الْبَيِّنَة عِنْد سيدنَا فلَان الدّين الْحَاكِم الْفُلَانِيّ بمضمون الْمحْضر المسطر بَاطِنه وجريان الْحلف المشروح بَاطِنه وبمعرفة الزَّوْجَيْنِ الْمَذْكُورين فِيهِ
وَثَبت ذَلِك عِنْده الثُّبُوت الشَّرْعِيّ بالشرائط الشَّرْعِيَّة الْمُعْتَبرَة فِي ذَلِك شرعا
سَأَلت الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة فِيهِ سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فِيهِ أَو الْمُسَمّى فِيهِ أَن يُمكنهَا من فسخ نِكَاحهَا من عصمَة زَوجهَا الْمَذْكُور مَعهَا فِي الْمحْضر المسطر بَاطِنه
فوعظها فَأَبت إِلَّا ذَلِك
وَحصل الْإِمْهَال الشَّرْعِيّ
فكرر عَلَيْهَا الْوَعْظ وَقَالَ لَهَا إِن صبرت فلك الْأجر
فَأَبت إِلَّا ذَلِك
فاستخار الله تَعَالَى وأجابها إِلَى سؤالها ومكنها من فسخ نِكَاحهَا من عصمَة زَوجهَا الْمَذْكُور بِطَلْقَة وَاحِدَة رَجْعِيَّة
فَقَالَت بعد ذَلِك بِصَرِيح لَفظهَا فسخت نِكَاحي من عصمَة زَوجي فلَان الْمَذْكُور بكيب أَو كَيْت أَو تَقول أوقعت على نَفسِي طَلْقَة وَاحِدَة أولى رَجْعِيَّة فسخت بهَا نِكَاحي من عصمَة زَوجي فلَان الْمَذْكُور أَو فسخت نِكَاحي من عصمَة زَوجي الْمَذْكُور فسخا شَرْعِيًّا ثمَّ بعد ذَلِك سَأَلت الْحَاكِم أَن يحكم لَهَا بذلك
فأجابها إِلَى سؤالها وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بِثُبُوت ذَلِك عِنْده وَالْحكم بِمُوجبِه حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره على مُقْتَضى مذْهبه واعتقاده
وَرَأى إِمَامه الْأَمَام مَالك بن أنس رَضِي الله عَنهُ وأرضاه أَو الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل رَضِي الله عَنهُ مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ
ويؤرخ
وَإِن كَانَ الْفَسْخ من الْحَاكِم فَيكْتب ثمَّ سَأَلت الْحَاكِم فسخ نِكَاحهَا الْمَذْكُور
وأصرت على ذَلِك وزالت الْأَعْذَار من قبلهَا
فَحِينَئِذٍ استخار الله تَعَالَى وأجابها إِلَى ذَلِك وَفسخ نِكَاحهَا من زَوجهَا الْمَذْكُور الْفَسْخ الشَّرْعِيّ
وَفرق بَينهمَا فِي مجْلِس حكمه وقضائه
ويكمل على نَحْو مَا سبق
وَصُورَة الْفَسْخ على مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ لَا يفْسخ إِلَّا بالإعسار بِالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَة أَو الْمهْر قبل الدُّخُول بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين الْحَاكِم الْفُلَانِيّ ادَّعَت فُلَانَة على زَوجهَا فلَان أَنه تزوج بهَا تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَدخل بهَا وأصابها واستحقت عَلَيْهِ كسوتها ونفقتها لمُدَّة كَذَا وَكَذَا وَلم يدْخل بهَا وَلم يصبهَا

(2/97)


وَأَنَّهَا تسْتَحقّ عَلَيْهِ مهرهَا
وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وطالبته بذلك
وَسَأَلت سُؤَاله عَن ذَلِك
فَسئلَ
فَأجَاب إِنَّه فَقير مُعسر عَاجز عَن نَفَقَتهَا وكسوتها أَو عَن مهرهَا الْمَذْكُور
وبصحة دَعْوَاهَا فِي التَّزْوِيج وَالدُّخُول بهَا والإصابة أَو عدم الدُّخُول
فَعِنْدَ ذَلِك سَأَلت الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن يفْسخ نِكَاحهَا من عصمته بِمُقْتَضى مَا ادَّعَاهُ من الْإِعْسَار الثَّابِت اعترافه بِهِ لَدَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ لجوازه عِنْده شرعا أَو يُمكنهَا من ذَلِك فأمهلها الْحَاكِم الْمُسَمّى أَعْلَاهُ ثَلَاثَة أَيَّام
أَولهَا يَوْم تَارِيخه
ثمَّ فِي الْيَوْم الرَّابِع من الدَّعْوَى الْمَذْكُورَة حضرا بَين يَدَيْهِ وأعادت الزَّوْجَة السُّؤَال الْمُتَقَدّم ذكره للْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ
فوعظها ووعدها بِالْأَجْرِ إِن صبرت
فَأَبت إِلَّا ذَلِك
فَحِينَئِذٍ استخار الله تَعَالَى الحاكمة الْمشَار إِلَيْهِ ومكنها من فسخ نِكَاحهَا من عصمَة زَوجهَا الْمَذْكُور
فَقَالَت بِصَرِيح لَفظهَا فسخت نِكَاحي من عصمَة زَوجي الْمَذْكُور
ثمَّ سَأَلت الْحَاكِم أَن يحكم لَهَا بذلك
فَأجَاب سؤالها وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بِثُبُوت ذَلِك عِنْده وَالْحكم بِمُوجبِه

(2/98)


ويكمل على نَحْو مَا سبق
ثمَّ يَقُول وَذَلِكَ بعد أَن قَامَت الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة عِنْده بجريان عقد النِّكَاح بَين المتداعيين الْمَذْكُورين ومعرفتهما الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة أَو تشخيصهما عِنْده التشخيص الشَّرْعِيّ فَإِن صدق الزَّوْج على ذَلِك فَلَا حلف
وَإِن قَامَت بَيِّنَة على ذَلِك وَطلب حَلفهَا فتحلف كَمَا سبق ذكره فِي محْضر الْغَيْبَة على وفْق الدَّعْوَى
وَإِن كَانَ الْفَسْخ فِي غيبته بالإعسار فتحلف بعد إِقَامَة الْبَيِّنَة بِالزَّوْجِيَّةِ بَينهمَا والإعسار
وَفِي حَال الْغَيْبَة إِن نصب الْحَاكِم مسخرا فيعذر إِلَيْهِ
وَصُورَة أُخْرَى وَهِي أَن يكْتب محضرا أَنَّهُمَا زوجان متناكحان دخل الزَّوْج مِنْهُمَا بِالزَّوْجَةِ وأصابها وَأَن الزَّوْج الْمَذْكُور مُعسر بنفقتها كَنَفَقَة المعسرين أَو كسْوَة المعسرين أَو بِالْمهْرِ قبل الدُّخُول
فَيكْتب وَأَنه تزَوجهَا على كَذَا وَكَذَا
وَأَنه عَاجز عَن ذَلِك بِحكم أَنه اعْترف أَنه لم يدْخل بهَا وَلم يصبهَا وصدقته على ذَلِك
ويكمل على نَحْو مَا سبق
وَإِن كَانَ قبيل الدُّخُول وَكَانَ قد دفع الْمهْر إِلَيْهَا وأرادت الْفَسْخ بِالنَّفَقَةِ أَو الْكسْوَة فطريقه أَن تعرض نَفسهَا عَلَيْهِ ليدْخل بهَا ويأبى
وَصُورَة ذَلِك أَن يكْتب الدَّعْوَى أَو الْمحْضر إِلَى عِنْد النَّفَقَة أَو الْكسْوَة فَيَقُول وَأَن الزَّوْجَة عرضت نَفسهَا أَو الْوَلِيّ عرضهَا على الزَّوْج الْمَذْكُور ليدْخل بهَا
فَأبى
ويكمل على نَحْو مَا سبق فِي الْفَسْخ بِالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَة وَذَلِكَ يجب على الزَّوْج بِالدُّخُولِ والإصابة أَو الْإِعْرَاض
وَصُورَة فسخ نِكَاح الصَّبِي الَّذِي لَا يتَصَوَّر مِنْهُ إِنْزَال وَلَا جماع يفْسخ بالإعسار كَمَا تقدم وَتَقَع الدَّعْوَى على ولي الصَّبِي
وَكَذَلِكَ مَا يَتَرَتَّب على الدَّعْوَى من الْجَواب والأعذار للْوَلِيّ إِذا كَانَ ذَلِك بِالْبَيِّنَةِ
فَإِن ثَبت بِالدَّعْوَى على الْوَلِيّ وتصديقه فِي ذَلِك فَلَا يعْذر إِلَيْهِ
وتحلف الزَّوْجَة احْتِيَاطًا إِن كَانَت من أهل الْحلف
وعَلى هَذَا الأنموذج تفسخ محَاضِر الفسوخ على اخْتِلَاف حالاتها فِي كل مَذْهَب من مَذَاهِب أَئِمَّة الْمُسلمين رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ
مَعَ مُرَاعَاة الوقائع وإجرائها على مُقْتَضى ذَلِك الْمَذْهَب
وَلَا يخفى ذَلِك على ممارسي هَذِه الصِّنَاعَة من المشتغلين بِالْعلمِ الشريف
وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم

(2/99)