جواهر العقود ومعين القضاة والموقعين والشهود

كتاب الْعدَد

وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام
الأَصْل فِي وجوب الْعدة قَوْله تَعَالَى {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء}
وَجُمْلَة ذَلِك أَن الزَّوْجَة يجب عَلَيْهَا الْعدة بِطَلَاق الزَّوْج أَو بوفاته
فَأَما عدَّة الطَّلَاق فَينْظر فِيهَا
فَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا وَالْخلْوَة لم تجب الْعدة لقَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ فَمَا لكم عَلَيْهِنَّ من عدَّة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا} الْأَحْزَاب 94
وَإِن طَلقهَا بعد أَن دخل بهَا وَجَبت عَلَيْهَا الْعدة
لِأَن الله تَعَالَى لما لم يُوجب عَلَيْهَا الْعدة إِذا طلقت قبل الدُّخُول دلّ على أَنَّهَا تجب عَلَيْهَا الْعدة بعد الدُّخُول
لِأَن رَحمهَا قد صَار مَشْغُولًا بِمَاء الزَّوْج
فَوَجَبت عَلَيْهَا الْعدة لبراءته مِنْهُ
وَإِن طَلقهَا بعد الْخلْوَة وَقبل الدُّخُول
فقد نَص الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد على أَن الْخلْوَة لَا تَأْثِير لَهَا فِي اسْتِقْرَار الْمهْر وَلَا فِي إِيجَاب الْعدة وَلَا فِي قُوَّة قَول من يَدعِي الْإِصَابَة
وَسَيَأْتِي الْخلاف بَين الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم فِي ذَلِك
وعدة النِّسَاء قِسْمَانِ
أَحدهمَا يتَعَلَّق بفرقة تحصل بعد الدُّخُول كَمَا تقدم
فَإِذا وَجَبت الْعدة على الْمُطلقَة فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن تكون حَامِلا أَو حَائِلا
فَإِن كَانَت حَامِلا لم تنقض عدتهَا إِلَّا بِوَضْع الْحمل حرَّة كَانَت أَو أمة
لقَوْله تَعَالَى {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} الطَّلَاق 4 وَلِأَن الْعدة ترَاد لبراءة الرَّحِم
وَبَرَاءَة الرَّحِم تحصل بِوَضْع الْحمل لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي السبايا لَا تُوطأ حَامِل حَتَّى تضع وَلَا حَائِل حَتَّى تحيض

(2/146)


والحرة الَّتِي تطهر وتحيض تَعْتَد بعد الطَّلَاق بِثَلَاثَة قُرُوء
والقرء الطُّهْر فَإِذا طلقت وَهِي طَاهِرَة فَحَاضَت ثمَّ طهرت ثمَّ حَاضَت ثمَّ طهرت ثمَّ حَاضَت فقد مَضَت الْعدة
وَالأَصَح أَنه لَا حَاجَة إِلَى مُضِيّ يَوْم وَلَيْلَة من الْحَيْضَة الثَّالِثَة أَو الرَّابِعَة
وَهل يحْسب طهر الَّتِي لم تَحض أصلا قرءا فِيهِ قَولَانِ
بِنَاء على أَن الْمُعْتَبر فِي الْقُرْء الِانْتِقَال من الطُّهْر إِلَى الْحيض أَو الطُّهْر المحتوش بَين دمين
وَالْأَظْهَر الثَّانِي
والمستحاضة تَعْتَد بأقرائها الْمَرْدُودَة إِلَيْهَا من الْعَادة أَو الْأَقَل أَو الْغَالِب
والناسية الْمَأْمُورَة بِالِاحْتِيَاطِ تَنْقَضِي عدتهَا بِثَلَاثَة أشهر على أصح الْوَجْهَيْنِ
وَالثَّالِث أَنَّهَا تَتَرَبَّص إِلَى سنّ الْيَأْس ثمَّ تَعْتَد بِثَلَاثَة أشهر
وَأما الْأمة فَإِنَّهَا تَعْتَد بقرأين
وَالْمُكَاتبَة والمستولدة وَمن بَعْضهَا رَقِيق كالقنة
وَإِن عتقت الْأمة فِي الْعدة فَإِن كَانَت رَجْعِيَّة
فالجديد وَأحد قولي الْقَدِيم أَنَّهَا تكمل عدَّة الْحَرَائِر
وَإِن كَانَت بَائِنَة
فالقديم وَأحد قولي الْجَدِيد إِنَّهَا تَعْتَد بقرأين
والحرة الَّتِي لَا ترى الدَّم لصِغَر أَو يأس إِذا طلقت تَعْتَد بِثَلَاثَة أشهر هلالية
فَإِن طلقت فِي أثْنَاء الشَّهْر وانكسر ذَلِك الشَّهْر فَيعْتَبر بعده شَهْرَان بالهلال
ويكمل المنكسر ثَلَاثِينَ
وَلَو كَانَت تَعْتَد بِالْأَشْهرِ فَحَاضَت قبل تَمامهَا انْتَقَلت إِلَى الْأَقْرَاء
وَالْأمة الَّتِي لَا ترى الدَّم هَل تَعْتَد بِثَلَاثَة أشهر أَيْضا أَو بشهرين أَو بِشَهْر وَنصف فِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال
أولاها الثَّالِث
وللواتي انْقَطع دمهن لعِلَّة مَعْرُوفَة كرضاع وَمرض يَتَرَبَّصْنَ إِلَى أَن يحضن فيعتددن بِالْأَقْرَاءِ أَو يئسن فيعتددن بِالْأَشْهرِ
واللواتي انْقَطع دمهن لَا لعِلَّة تعرف كَذَلِك حكمهن على الْجَدِيد
وَفِي الْقَدِيم لَا يكلفن التَّرَبُّص إِلَى سنّ الْيَأْس بل يَتَرَبَّصْنَ تِسْعَة أشهر فِي أظهر الْقَوْلَيْنِ وَأَرْبع سِنِين فِي الثَّانِي ثمَّ يعتددن بِالْأَشْهرِ

(2/147)


وعَلى الْجَدِيد لَو رَأَتْ إِحْدَاهُنَّ الدَّم بعد سنّ الْيَأْس قبل تَمام الْأَشْهر انْتَقَلت إِلَى الْأَقْرَاء
وَإِن رَأَتْ بعد تَمام الْأَشْهر فَأشبه الْأَقْوَال بالترجيح أَنَّهَا إِن لم تنْكح بعد فتنتقل إِلَى الْأَقْرَاء وَإِن نكحت لم تُؤثر رُؤْيَة الدَّم
وَهل النّظر فِي سنّ الْيَأْس إِلَى جَمِيع النِّسَاء أَو إِلَى نسَاء الْعَشِيرَة قَولَانِ
الثَّانِي أقرب إِلَى التَّرْجِيح
وَهَذَا جَمِيعه فِي الْحَائِل
وَأما الْحَوَامِل فأجلهن أَن يَضعن حَملهنَّ
وَيشْتَرط فِي انْقِضَاء الْعدة بِوَضْع الْحمل شَرْطَانِ
أَحدهمَا أَن يكون الْحمل مَنْسُوبا إِلَى من يعْتد مِنْهُ ظَاهرا أَو احْتِمَالا كَمَا فِي النَّفْي بِاللّعانِ
أما إِذا لم يتَصَوَّر أَن يكون الْوَلَد مِنْهُ فَلَا تَنْقَضِي الْعدة مِنْهُ بِالْوَضْعِ
وَالثَّانِي أَن ينْفَصل الْحمل بِتَمَامِهِ
فَلَو كَانَت حَامِلا بتوأمين لم تنقض الْعدة حَتَّى ينْفَصل الثَّانِي بِكَمَالِهِ
وَمهما كَانَ الزَّمن المتخلل بَين الْوَلَدَيْنِ دون سِتَّة أشهر فهما توأمان
وَلَا فرق فِي انْقِضَاء الْعدة بَين أَن يكون الْوَلَد ولد حَيا أَو مَيتا
وَلَا تَنْقَضِي بِإِسْقَاط الْعلقَة
وتنقضي بِإِسْقَاط المضغة إِن ظَهرت فِيهَا صُورَة الْآدَمِيّين
إِمَّا بَيِّنَة كيد أَو إِصْبَع يَرَاهَا كل من ينظر إِلَيْهَا أَو خُفْيَة يخْتَص بمعرفتها القوابل
وَإِن لم يظْهر فِيهَا صُورَة بَيِّنَة وَلَا خُفْيَة وَقَالَت القوابل إِنَّهَا أصل الْآدَمِيّ فَكَذَلِك
وَلَو كَانَت تَعْتَد بِالْأَقْرَاءِ أَو الْأَشْهر فَظهر بهَا حمل من الزَّوْج فعدتها بِالْوَضْعِ
وَإِن ارتابت فَلَيْسَ لَهَا أَن تنْكح حَتَّى تَزُول الرِّيبَة
وَإِن عرضت الرِّيبَة بعد تَمام الْأَقْرَاء أَو الْأَشْهر أَو بَعْدَمَا نكحت زوجا آخر فَلَا يحكم يبطلان النِّكَاح إِلَّا إِذا تحققنا كَونهَا حَامِلا يَوْم النِّكَاح بِأَن ولدت لأَقل من سِتَّة أشهر من يَوْمئِذٍ
وَإِن كَانَت قبل نِكَاح زوج آخر
فَالْأولى الصَّبْر إِلَى زَوَال الرِّيبَة
فَإِن لم تصبر ونكحت فَالْأَصَحّ أَنه لَا يحكم بِبُطْلَانِهِ فِي الْحَال فَإِن تحقق الْحَاكِم مَا يَقْتَضِيهِ حكم حِينَئِذٍ بِالْبُطْلَانِ
وَمن أبان زَوجته بِالْخلْعِ أَو غَيره ثمَّ أَتَت بِولد لأَرْبَع سِنِين فَمَا دونهَا لحقه
وَإِن كَانَ لأكْثر من هَذِه الْمدَّة لم يلْحقهُ
وَلَو طَلقهَا طَلَاقا رَجْعِيًا فالمدة تحسب من وَقت انصرام الْعدة أَو من وَقت الطَّلَاق فِيهِ قَولَانِ
رجح مِنْهُمَا الثَّانِي

(2/148)


وَلَو نكحت بعد انْقِضَاء الْعدة وَأَتَتْ بِولد لما دون سِتَّة أشهر فَكَأَنَّهَا لم تنْكح
وَإِن كَانَ لسِتَّة أشهر فَأكْثر فَالْوَلَد للثَّانِي
وَإِن نكحت الْمُطلقَة نِكَاحا فَاسِدا بِأَن نكحت فِي الْعدة وَأَتَتْ بِولد
فَإِن أَتَت بِهِ لزمان الْإِمْكَان من الأول دون الثَّانِي
فَيلْحق بِالْأولِ
وتنقضي الْعدة بِوَضْعِهِ ثمَّ تَعْتَد عَن الثَّانِي
وَإِن كَانَ الْإِمْكَان من الثَّانِي دون الأول
فَيلْحق بِالثَّانِي
وَإِن وجد الْإِمْكَان مِنْهُمَا جَمِيعًا فَيعرض على الْقَائِف
فَإِن ألحقهُ بِأَحَدِهِمَا فَالْحكم كَمَا لَو كَانَ الْإِمْكَان مِنْهُ خَاصَّة
وَإِذا اجْتمع على الْمَرْأَة عدتان من شخص وَاحِد من جنس وَاحِد بِأَن طَلقهَا ثمَّ وَطئهَا وَهِي فِي عدتهَا بِالْأَقْرَاءِ أَو الْأَشْهر جَاهِلا إِن كَانَ الطَّلَاق بَائِنا وعالما أَو جَاهِلا إِن كَانَ الطَّلَاق رَجْعِيًا فتتداخل العدتان
وَمعنى التَّدَاخُل أَنَّهَا تَعْتَد بِثَلَاثَة أَقراء أَو بِثَلَاثَة أشهر من وَقت الْوَطْء
فيندرج فِيهِ مِنْهَا مَا بَقِي من عدَّة الطَّلَاق
وَإِن كَانَ فِي إِحْدَى العدتين بِالْحملِ وَالْأُخْرَى بِالْأَقْرَاءِ بِأَن طَلقهَا وَهِي حَائِل ثمَّ وَطئهَا فِي الْأَقْرَاء وأحبلها أَو طَلقهَا وَهِي حَائِل ثمَّ وَطئهَا قبل الْوَضع فَفِي دُخُول الْأَقْرَاء فِي الْحمل وَجْهَان
أشبههما الدُّخُول وانقضاء العدتين جَمِيعًا بِالْوَضْعِ
وَله الرّجْعَة إِلَى أَن تضع إِن طَرَأَ الْوَطْء وَهِي تَعْتَد بِالْحملِ
وَكَذَا إِن وجد الْحمل وَهِي تَعْتَد بِالْأَقْرَاءِ عَن الطَّلَاق فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ
وَإِن كَانَت العدتان من شَخْصَيْنِ كَمَا إِذا كَانَت فِي عدَّة عَن زوج أَو وَطْء شُبْهَة فَوَطِئَهَا آخر بِالشُّبْهَةِ أَو فِي نِكَاح فَاسد أَو كَانَت الْمَنْكُوحَة فِي عدَّة وَطْء شُبْهَة فَطلقهَا زَوجهَا فَلَا تدَاخل
وَتعْتَد عَن كل وَاحِد مِنْهُمَا عدَّة كَامِلَة ثمَّ تنظر
فَإِن لم يكن حمل وَسبق الطَّلَاق وَطْء الشُّبْهَة
أتمت عدَّة الطَّلَاق
فَإِذا فرغت استأنفت الْعدة الْأُخْرَى
وَللزَّوْج الرّجْعَة فِي عدته إِن كَانَ الطَّلَاق رَجْعِيًا فَإِذا رَاجع تَنْقَطِع عدته
وتشرع فِي عدَّة الْوَطْء بِالشُّبْهَةِ
وَلَا يسْتَمْتع الزَّوْج بهَا إِلَى أَن تَنْقَضِي الْعدة
وَإِن سبق الْوَطْء بِالشُّبْهَةِ الطَّلَاق فَتقدم عدَّة الْوَطْء أَو عدَّة الطَّلَاق فِيهِ وَجْهَان
أظهرهمَا الثَّانِي
وَإِن كَانَ هُنَاكَ حمل
فَتقدم عدَّة الْحمل مِنْهُ سَابِقًا كَانَ الْحمل أَو لاحقا

(2/149)


وَإِذا هجر الزَّوْج الْمُطلقَة أَو غَابَ عَنْهَا انْقَضتْ عدتهَا بِالْأَقْرَاءِ أَو الْأَشْهر
وَلَو كَانَ يخالطها أَو يعاشرها معاشرة الْأزْوَاج
فَالَّذِي رَجحه المعتبرون أَنه إِن كَانَ الطَّلَاق رَجْعِيًا لم تنقض الْعدة
وَإِن كَانَ بَائِنا انْقَضتْ
قَالُوا وَلَيْسَ لَهُ الرّجْعَة إِلَّا فِي الْأَقْرَاء أَو الْأَشْهر وَإِن لم يحكم بِانْقِضَاء الْعدة فِي الرَّجْعِيَّة
وَلَو نكح مُعْتَدَّة على ظن الصِّحَّة وَوَطئهَا لم تحسب زمَان استفراشه إِيَّاهَا من مُدَّة الطَّلَاق
وَمن أَي وَقت يحكم بِانْقِطَاع الْعدة فِيهِ قَولَانِ أَو وَجْهَان
أَحدهمَا من وَقت العقد
وأصحهما من وَقت الْوَطْء
وَلَو رَاجع الْمُطلقَة ثمَّ طَلقهَا نظر
إِن أَصَابَهَا بعد الرّجْعَة فَلَا بُد من اسْتِئْنَاف الْعدة وَإِن لم يصبهَا فَكَذَلِك على الْجَدِيد
هَذَا إِذا كَانَت حَائِلا
فَإِن كَانَت حَامِلا فَطلقهَا بَائِنا قبل الْوَضع
انْقَضتْ الْعدة بِالْوَضْعِ أَصَابَهَا أَو لم يصبهَا
وَإِن وضعت ثمَّ طَلقهَا وَجب اسْتِئْنَاف الْعدة إِن أَصَابَهَا
وَكَذَا إِن لم يصبهَا على الْأَصَح
وَلَو جَامع الْمَدْخُول بهَا
ثمَّ جدد نِكَاحهَا وأصابها ثمَّ طَلقهَا أَو خَالعهَا ثَانِيًا
فعلَيْهَا اسْتِئْنَاف الْعدة
وَتدْخل فِيهَا بَقِيَّة الْعدة السَّابِقَة

عدَّة الْوَفَاة
وَأما الْقسم الثَّانِي فَهُوَ عدَّة الْفِرَاق بوفاة الزَّوْج
ومدتها فِي حق الْحرَّة أَرْبَعَة أشهر وَعشرَة أَيَّام بلياليها
وَفِي حق الْأمة شَهْرَان وَخَمْسَة أَيَّام لَا فرق فِي وُجُوبهَا بَين ذَوَات الْأَقْرَاء وغيرهن والمدخول بِهن وَغير الْمَدْخُول بِهن
وَتعْتَبر الْمدَّة بالهلال مَا أمكن
فَإِن انطبق الْمَوْت على أول الْهلَال حسبت أَرْبَعَة أشهر بِالْأَهِلَّةِ وضمت إِلَيْهَا عشرَة أَيَّام من الشَّهْر الْخَامِس
وَإِن مَاتَ الزَّوْج فِي خلال شهر هِلَال وَكَانَ الْبَاقِي دون الْعشْرَة فتعد وتحسب أَرْبَعَة أشهر بعده بِالْأَهِلَّةِ ثمَّ تكمل الْعشْرَة
وَلَو مَاتَ الزَّوْج وَالْمَرْأَة فِي عدَّة الطَّلَاق
فَإِن كَانَت رَجْعِيَّة
انْتَقَلت إِلَى عدَّة الْوَفَاة
وَإِن كَانَت بَائِنا أكملت عدَّة الطَّلَاق وَلم تنْتَقل إِلَى عدَّة الْوَفَاة

(2/150)


هَذَا إِذا لم تكن الْمُتَوفَّى عَنْهَا حَامِلا
فَإِن كَانَت حَامِلا فعدتها بِوَضْع الْحمل بِتَمَامِهِ
وَيشْتَرط أَن يكون الْحمل مِنْهُ ظَاهرا أَو احْتِمَالا كَمَا ذَكرْنَاهُ آنِفا فِي عدَّة الطَّلَاق
أما الصَّبِي الَّذِي لَا ينزل إِذا مَاتَ وَامْرَأَته حَامِل فعدتها بِالْأَشْهرِ لَا بِالْوَضْعِ وَكَذَا الحكم فِي الْمَمْسُوح الَّذِي لم يبْق ذكره وَلَا أنثياه
فَلَا يلْحقهُ الْوَلَد على ظَاهر الْمَذْهَب
والمجبوب الذّكر الْبَاقِي الْأُنْثَيَيْنِ يلْحقهُ الْوَلَد فَتعْتَد امْرَأَته عَن الْوَفَاة بِوَضْع الْحمل وَكَذَا المسلول الخصيتين الْبَاقِي الذّكر على الْأَظْهر
وَلَو طلق إِحْدَى امرأتيه وَمَاتَتْ قبل الْبَيَان أَو التَّعْيِين فَإِن لم يكن قد دخل بِوَاحِدَة مِنْهُمَا اعتدتا عدَّة الْوَفَاة
وَإِن كَانَ قد دخل بهما وهما من ذَوَات الْأَقْرَاء وَكَانَ الطَّلَاق رَجْعِيًا اعتدتا عدَّة الْوَفَاة
وَإِن كَانَ الطَّلَاق بَائِنا فَتعْتَد كل وَاحِدَة مِنْهُمَا بأقصى الْأَجَليْنِ من عدَّة الْوَفَاة وَمن ثَلَاثَة أَقراء من أقرائها
وتحسب الْأَقْرَاء من وَقت الطَّلَاق
وعدة الْوَفَاة من وَقت الْوَفَاة
وَأما الْغَائِب الْمُنْقَطع الْخَبَر فَلَا يجوز لزوجته أَن تنْكح زوجا آخر حَتَّى تتيقن مَوته أَو طَلَاقه
وَفِي الْقَدِيم أَنَّهَا تَتَرَبَّص أَربع سِنِين ثمَّ تَعْتَد عدَّة الْوَفَاة ثمَّ تنْكح
وَلَو حكم بِمُقْتَضى الْقَدِيم حَاكم فَهَل ينْقض حكمه تَفْرِيعا على الْجَدِيد فِيهِ وَجْهَان
أظهرهمَا نعم ينْقض
وَلَو نكحت بعد التَّرَبُّص وَالْعدة وَبَان أَن الْمَفْقُود كَانَ مَيتا حِينَئِذٍ فَفِي صِحَة النِّكَاح على الْجَدِيد وَجْهَان بِنَاء على الْخلاف فِيمَا إِذا بَاعَ مَال أَبِيه على ظن حَيَاته فَبَان أَنه كَانَ مَيتا

الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب
اتّفق الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى على أَن عدَّة الْحَامِل مُطلقًا بِالْوَضْعِ الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا والمطلقة
وعَلى أَن عدَّة من لم تَحض أَو يئست ثَلَاثَة أشهر
وعَلى أَن عدَّة من لم تَحض ثَلَاثَة أَقراء إِذا كَانَت حرَّة
فَإِن كَانَت أمة فقرآن بالِاتِّفَاقِ
وَقَالَ دَاوُد ثَلَاثَة

(2/151)


والأقراء الْأَطْهَار عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ
وَعند أبي حنيفَة الْأَقْرَاء الْحيض
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ
وَاخْتلفُوا فِي الْمَرْأَة الَّتِي مَاتَ زَوجهَا فِي طَرِيق الْحَج
فَقَالَ أَبُو حنيفَة يلْزمهَا الْإِقَامَة على كل حَال إِن كَانَت فِي بلد أَو مَا يُقَارِبه
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد إِن خَافت فَوَات الْحَج بِالْإِقَامَةِ لقَضَاء الْعدة جَازَ لَهَا السّفر
وَاخْتلفُوا فِي زَوْجَة الْمَفْقُود
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي الْجَدِيد الرَّاجِح وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه لَا تحل للأزواج حَتَّى تمْضِي عَلَيْهَا مُدَّة لَا يعِيش فِي مثلهَا غَالِبا
وَحدهَا أَبُو حنيفَة بِمِائَة وَعشْرين سنة
وَحدهَا الشَّافِعِي وَأحمد بتسعين سنة
فعلى الْجَدِيد للزَّوْجَة طلب النَّفَقَة من مَال الزَّوْج أبدا
فَإِن تَعَذَّرَتْ كَانَ لَهَا الْفَسْخ لتعذر النَّفَقَة على أظهر قولي الشَّافِعِي
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم وَاخْتَارَهُ جمَاعَة من متأخري أَصْحَابه وَهُوَ قوي فعله وَلم تنكره الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ وَأحمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى تَتَرَبَّص أَربع سِنِين
وَهِي أَكثر مُدَّة الْحمل وَأَرْبَعَة أشهر وَعشرا مُدَّة الْوَفَاة
ثمَّ تحل للأزواج
وَاخْتلفُوا فِي صفة الْمَفْقُود
فَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد هُوَ الَّذِي اندرس أَثَره
وَانْقطع خَبره
وَغلب على الظَّن مَوته
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم لَا فرق بَين أَن يَنْقَطِع خَبره بِسَبَب ظَاهره الْهَلَاك أم لَا
وَقَالَ أَحْمد هُوَ الَّذِي يَنْقَطِع خَبره بِسَبَب ظَاهره الْهَلَاك كالمفقود بَين الصفين أَو يكون فِي مركب فتغرق الْمركب
فَيسلم قوم ويغرق قوم
أما إِذا سَافر بِتِجَارَة وَانْقطع خَبره وَلم يعلم أَحَي هُوَ أَو ميت فَلَا تتَزَوَّج زَوجته حَتَّى تتيقن مَوته أَو يَأْتِي عَلَيْهِ زمَان لَا يعِيش مثله فِيهِ
وَقَالَ أَبُو حنيفَة الْمَفْقُود هُوَ من غَابَ وَلم يعلم خَبره
وَاخْتلفُوا فِيمَا لَو قدم زَوجهَا الأول وَقد تزوجت بعد التَّرَبُّص
فَقَالَ أَبُو حنيفَة يبطل العقد
وَهِي للْأولِ فَإِن كَانَ الثَّانِي وَطئهَا فَعَلَيهِ مهر الْمثل
وَتعْتَد من الثَّانِي وَترد إِلَى الأول
وَقَالَ مَالك إِن دخل بهَا الثَّانِي صَارَت زَوجته
وَوَجَب عَلَيْهِ دفع الصَدَاق الَّذِي أصدقهَا الأول وَإِن لم يدْخل بهَا فَهِيَ للْأولِ
وَعند مَالك رِوَايَة أُخْرَى أَنَّهَا للْأولِ بِكُل حَال
وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ أصَحهمَا

(2/152)


بطلَان نِكَاح الثَّانِي
وَالْآخر بطلَان نِكَاح الأول بِكُل حَال
وَقَالَ أَحْمد إِن لم يدْخل بهَا الثَّانِي فَهِيَ للْأولِ
وَإِن دخل بهَا فَالْأول بِالْخِيَارِ بَين إِِمْسَاكهَا وَدفع الصَدَاق إِلَيْهِ وَبَين تَركهَا على نِكَاح الثَّانِي وَأخذ الصَدَاق الَّذِي أصدقهَا مِنْهُ
وَاخْتلفُوا فِي عدَّة أم الْوَلَد إِذا مَاتَ سَيِّدهَا أَو أعْتقهَا
فَقَالَ أَبُو حنيفَة عدتهَا ثَلَاث حيضات سَوَاء أعْتقهَا أَو مَاتَ عَنْهَا
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ عدتهَا حَيْضَة وَاحِدَة فِي الْحَالين
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ
إِحْدَاهمَا حَيْضَة
واختارها الْخرقِيّ
وَالثَّانيَِة من الْعتْق حَيْضَة وَمن الْوَفَاة عدَّة الْوَفَاة
وَاتَّفَقُوا على أَن أقل مُدَّة الْحمل سِتَّة أشهر
وَاخْتلفُوا فِي أَكْثَرهَا
فَقَالَ أَبُو حنيفَة سنتَانِ
وَعَن مَالك رِوَايَتَانِ أَرْبَعَة سِنِين وَخمْس سِنِين وَسبع سِنِين
وَقَالَ الشَّافِعِي أَربع سِنِين
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ
الْمَشْهُورَة كمذهب الشَّافِعِي وَالْأُخْرَى كمذهب أبي حنيفَة
وَاخْتلفُوا فِي الْمُعْتَدَّة إِذا وضعت علقَة أَو مُضْغَة
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي أظهر روايتيه لَا تَنْقَضِي عدتهَا بذلك
وَلَا تصير أم ولد
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه تَنْقَضِي عدتهَا بذلك
وَتصير أم ولد وَبِذَلِك قَالَ أَحْمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى

فصل والإحداد
وَاجِب فِي عدَّة الْوَفَاة بالِاتِّفَاقِ
وَهُوَ ترك الزِّينَة وَمَا يَدْعُو إِلَى النِّكَاح
وَحكي عَن الْحسن وَالشعْبِيّ أَنه لَا يجب
وَفِي الْمُعْتَدَّة المبتوتة للشَّافِعِيّ قَولَانِ
قَالَ فِي الْقَدِيم يجب عَلَيْهَا الْإِحْدَاد
وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد
وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد الْإِحْدَاد عَلَيْهَا وَبِه قَالَ مَالك
وَهِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى عَن أَحْمد
وَهل للبائن أَن تخرج من بَيتهَا نَهَارا لحاجتها قَالَ أَبُو حنيفَة لَا تخرج إِلَّا لضَرُورَة
قَالَ مَالك وَأحمد لَهَا الْخُرُوج مُطلقًا
وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ كالمذهبين
أصَحهمَا كمذهب أبي حنيفَة
والكبيرة وَالصَّغِيرَة فِي الْإِحْدَاد سَوَاء عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد
وَقَالَ أَبُو حنيفَة الْإِحْدَاد على الصَّغِيرَة والذمية إِذا كَانَت تَحت مُسلم وَجَبت عَلَيْهَا الْعدة والإحداد

(2/153)


وَإِذا كَانَ زوج الذِّمِّيَّة ذِمِّيا وَجب عَلَيْهَا الْعدة والإحداد عِنْد الثَّلَاثَة
وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجب عَلَيْهَا الْإِحْدَاد وَلَا الْعدة

فصل وَاخْتلفُوا فِي المبتوتة

فَقَالَ أَبُو حنيفَة لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفقَة
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَهَا السُّكْنَى دون النَّفَقَة
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ رِوَايَة كقولهما
وَالثَّانيَِة لَا سُكْنى لَهَا وَلَا نَفَقَة إِلَّا أَن تكون حَامِلا
وَهِي أظهر الرِّوَايَتَيْنِ
انْتهى
وَيتَفَرَّع على الْخلاف الْمَذْكُور مسَائِل الأولى مُطلقَة قبل الدُّخُول يجب عَلَيْهَا الْعدة
وَهِي الْمَرْأَة الَّتِي طَلقهَا زَوجهَا بعد الدُّخُول طَلْقَة أَو طَلْقَتَيْنِ بعوض فشرعت فِي الْعدة ثمَّ رَاجعهَا قبل انْقِضَائِهَا ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول أَتَت بِمَا بَقِي عَلَيْهَا من الْعدة
الثَّانِيَة امْرَأَة طَلقهَا زَوجهَا
فَوَجَبَ عَلَيْهَا ثَلَاث عدد
صورتهَا أمة صَغِيرَة تَحت حر طَلقهَا
فعلَيْهَا الِاعْتِدَاد بِشَهْر وَنصف
فَلَمَّا دنت مُدَّة انْقِضَاء الْعدة بلغت بِالْحيضِ
فانتقلت إِلَى الْحيض
فَلَمَّا قرب فراغها مَاتَ عَنْهَا
فانتقلت إِلَى عدَّة الْوَفَاة
الثَّالِثَة رجل تزوج امْرَأَة وَولدت فِي الْحَال لحقه
صورتهَا وَطئهَا بِشُبْهَة ثمَّ تزَوجهَا
وَكَذَا لَو خَالعهَا وَهِي حَامِل
ثمَّ تزَوجهَا فِي الْعدة
الرَّابِعَة مُعْتَدَّة من زوج لَا سُكْنى لَهَا عَلَيْهِ
صورتهَا امْرَأَة ادَّعَت على زَوجهَا أَنه وَطئهَا وَأنكر الزَّوْج
فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه
وَيجب عَلَيْهَا الْعدة مُؤَاخذَة لَهَا بقولِهَا وَلَا سُكْنى لَهَا على الزَّوْج

المصطلح
ويشتمل على صُورَة على حالات وَهِي مَا إِذا كَانَت الْمَرْأَة ثَيِّبًا
فَيعْتَبر الْحَاكِم أَو الْعَاقِد حَالهَا وعدتها
وَهل هِيَ عدَّة الْوَفَاة أَو الطَّلَاق أَو اللّعان أَو الْفَسْخ أَو الْمُرْتَد زَوجهَا وَهل هِيَ منقضية بِوَضْع الْحمل أَو بِالْأَقْرَاءِ أَو بالشهور أَو بِالسِّنِينَ أَو بأقصى الْأَجَليْنِ من وضع الْحَامِل أَو أقرائها
وَفِي هَذَا النّظر خلاف كَبِير بَين الْأَئِمَّة رَحِمهم الله
فَإِن كَانَت قد انْقَضتْ عدتهَا بِوَضْع الْحمل وفراغها من النّفاس فَيَقُول وَذَلِكَ بعد تقضي عدتهَا من مُطلقهَا فلَان الْفُلَانِيّ التقضي الشَّرْعِيّ بِوَضْع الْحمل الَّذِي كَانَت مُشْتَمِلَة عَلَيْهِ مِنْهُ
وَإِن لم تكن حَامِلا وَتوفى عَنْهَا زَوجهَا فَيَقُول

(2/154)


الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا فلَان الْفُلَانِيّ من مُدَّة تزيد على عدَّة الْوَفَاة
وَهِي أَرْبَعَة أشهر وَعشر
وَإِن كَانَت مُطلقَة فَيَقُول الْمَرْأَة الْكَامِلَة الْمُطلقَة من فلَان طَلَاقا بَائِنا أَو الْبَائِن من عصمَة مُطلقهَا فلَان بِطَلْقَة وَاحِدَة أولى أَو ثَانِيَة مسبوقة بِأولى أَو وَاحِدَة مكملة لعدد الطَّلَاق الثَّلَاث أَو بِالطَّلَاق الثَّلَاث بِمُقْتَضى فصل الطَّلَاق المكتتب بِظَاهِر صَدَاقهَا على الْمُطلق الْمَذْكُور
الشَّاهِد بذلك المؤرخ الْفَصْل الْمَذْكُور بِكَذَا
وَانْقَضَت عدتهَا التقضي الشَّرْعِيّ بِالْأَقْرَاءِ الثَّلَاث بحلفها على ذَلِك الْيَمين الشَّرْعِيَّة
وَإِن كَانَت مُطلقَة قبل الدُّخُول فَلَا عدَّة لَهَا
وفيهَا يَقُول مُطلقَة فلَان الْفُلَانِيّ قبل الدُّخُول بهَا والإصابة
وَيسْتَشْهد بفصل الطَّلَاق وَيَقُول وحلفها على انْقِضَاء عدتهَا من الزَّوْج الَّذِي كَانَ قبله
وَهَذَا الْحلف لَا يكون إِلَّا على سَبِيل الِاحْتِيَاط
وَإِن كَانَ بِفَسْخ فَيَقُول المحضرة من يَدهَا كتاب فسخ شَرْعِي مكتتب من مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ
يشْهد لَهَا بِفَسْخ نِكَاحهَا من زَوجهَا فلَان الْفُلَانِيّ الْغَائِب عَن مَدِينَة كَذَا الْغَيْبَة الشَّرْعِيَّة
وَهُوَ مؤرخ بِكَذَا
وَهِي مُدَّة مُحْتَملَة لانقضاء الْعدة شرعا
وَإِن كَانَت تَعْتَد بِالْأَشْهرِ فَيَقُول وأقرت أَن عدتهَا الشَّرْعِيَّة انْقَضتْ من الطَّلَاق المشروح أَعْلَاهُ بِالْأَشْهرِ الثَّلَاثَة بِحكم أَنَّهَا لم تَحض أبدا أَو بِحكم أَنَّهَا آيسة وَأَنَّهَا الْآن تحل للأزواج بالشرائط الشَّرْعِيَّة
وصدقها الْمُطلق الْمَذْكُور على ذَلِك
وَالْأمة يشْهد عَلَيْهَا بِإِذن مَوْلَاهَا
وَالصَّغِيرَة يشْهد على وَليهَا
وَإِن كَانَت فِي الْعدة وَآل الْأَمر إِلَى كِتَابَة فرض بِسَبَب الْعدة
فَإِن كَانَ بِسَبَب الْحمل كتب فرض قَرَّرَهُ على نَفسه فلَان لمطلقته فُلَانَة لما تحْتَاج إِلَيْهِ فِي زمن عدتهَا بِسَبَب حملهَا الْمُشْتَملَة مِنْهُ عَلَيْهِ إِلَى حِين الْوَضع فِي ثمن طَعَام وإدام وَمَاء وزيت وصابون وأجرتي حمام ومسكن وَكِسْوَة وَأرش غطاء ووطاء ولوازم شَرْعِيَّة فِي غرَّة كل يَوْم يمْضِي من تَارِيخه كَذَا وَكَذَا تقريرا شَرْعِيًّا حَسْبَمَا اتفقَا وتراضيا على ذَلِك
وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك
وَأذن لَهَا فِي الِاقْتِرَاض والإنفاق عِنْد تعذر الْأَخْذ مِنْهُ وَالرُّجُوع بنظير ذَلِك عَلَيْهِ إِذْنا شَرْعِيًّا
وَإِن كَانَ الْفَرْض بِسَبَب الْعدة بِالْأَقْرَاءِ أَو بِالْأَشْهرِ كتب على حكم ذَلِك
فَيكْتب كَمَا تقدم
ثمَّ يَقُول فِي آخِره على مَذْهَب من يرى ذَلِك من السَّادة الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم
وَفِي الْمَحْجُور عَلَيْهَا يكْتب حَسْبَمَا اتّفق هُوَ ووليها فلَان على ذَلِك وتراضيا

(2/155)


عَلَيْهِ
وَأذن لوَلِيّهَا الْمَذْكُور فِي الِاقْتِرَاض والإنفاق إِلَى آخِره
وَإِذا خَالعهَا على مبلغ الصَدَاق وعَلى مَا سيجب لَهَا عَلَيْهِ بعد الطَّلَاق من نَفَقَة وَكِسْوَة وَأرش غطاء ووطاء ومتعة وَنَفَقَة عدَّة إِلَى حِين انْقِضَائِهَا شرعا بِالْأَقْرَاءِ أَو بِالْأَشْهرِ أَو بِوَضْع الْحمل وَأُجْرَة منزل ولوازم شَرْعِيَّة
كتب ذَلِك إِلَى آخِره فِي السُّؤَال
وَيكْتب فِي آخِره على مَذْهَب من يرى ذَلِك من السَّادة الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ ليمتنع بذلك إِلْزَامه بتقرير فرض عدَّة عِنْد من يرى إِلْزَامه
وَالله تَعَالَى أعلم

(2/156)