جواهر العقود ومعين القضاة والموقعين والشهود

كتاب الرَّضَاع

وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام
للرضاع تَأْثِير فِي تَحْرِيم النِّكَاح
وَفِي ثُبُوت الْحُرْمَة وَفِي جَوَاز النّظر وَالْخلْوَة
وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وَبَنَات الْأَخ وَبَنَات الْأُخْت وأمهاتكم اللَّاتِي أرضعنكم وأخواتكم من الرضَاعَة}
فَذكر الله تَعَالَى فِي جملَة النِّسَاء الْمُحرمَات الْأُمَّهَات من الرضَاعَة وَالْأَخَوَات من الرضَاعَة
فَدلَّ على أَن لَهُ تَأْثِيرا فِي التَّحْرِيم
وروت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من الْولادَة وروى سعيد بن الْمسيب عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ قلت يَا رَسُول الله هَل لَك فِي ابْنة عمك حَمْزَة
فَإِنَّهَا أجمل فتاة فِي قُرَيْش فَقَالَ أما علمت أَن حَمْزَة أخي من الرضَاعَة
وَأَن الله حرم من الرضَاعَة مَا حرم من النّسَب
وَيدل على ثُبُوت الْحُرْمَة مَا رُوِيَ أَن وَفد هوَازن قدمُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكلموه فِي سبي أَوْطَاس فَقَالَ رجل من بني سعد يَا مُحَمَّد إِنَّا لَو كُنَّا ملحنا لِلْحَارِثِ بن أبي شمر أَو للنعمان بن الْمُنْذر ثمَّ نزل مَنْزِلك هَذَا منا لحفظ ذَلِك لنا
وَأَنت خير المكفولين فاحفظ ذَلِك وَإِنَّمَا قَالُوا لَهُ ذَلِك لِأَن حليمة الَّتِي أرضعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت من

(2/161)


بني سعد بن بكر بن وَائِل
وَلم يُنكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْلهم
وَمعنى قَوْله ملحنا أَي أرضعنا وَالْملح هُوَ الرَّضَاع
وروى السَّاجِي فِي كِتَابه عَن أبي الطُّفَيْل أَنه قَالَ رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالجعرانة وَهُوَ يقسم لَحْمًا
فَجَاءَتْهُ امْرَأَة فدنت مِنْهُ
ففرش لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إزَاره فَجَلَست عَلَيْهِ
فَقلت من هَذِه فَقَالُوا هَذِه أمه الَّتِي أَرْضَعَتْه وَإِنَّمَا أكرمها لأجل الْحُرْمَة الَّتِي حصلت بَينهمَا بِالرّضَاعِ
فَدلَّ على أَن الْحُرْمَة تثبت بِهِ
وأركان الرَّضَاع ثَلَاثَة مرضع وَشَرطه امْرَأَة حَيَّة بلغت تسع سِنِين
وَلَو بكرا على الصَّحِيح
وَلبن الْخُنْثَى لَا يَقْتَضِي أنوثته على الْمَذْهَب وَيُوقف
فَإِن بَان أُنْثَى حرم فِيمَن أَرْضَعَتْه وَإِلَّا فَلَا
وَلبن الْميتَة لَا يثبت الْحُرْمَة كَمَا لَا يثبت الْمُصَاهَرَة بِوَطْئِهَا وكما يسْقط حُرْمَة الْأَعْضَاء بِالْمَوْتِ حَتَّى لَا يضمن قاطعها وَلَا حلب من حَيَّة وأوجر بعد مَوتهَا
الثَّانِي اللَّبن وَلَا يشْتَرط بَقَاؤُهُ على صفته
فَلَو تغير بحموضة أَو انْعِقَاد أَو غليان
وَصَارَ جبنا أَو أقطا أَو زبدا أَو مخيضا أَو ثرد فِيهِ طَعَام حرم أَو عجن بِهِ دَقِيق وخبز
فَكَذَلِك على الصَّحِيح
وَلَو خلط بمائع حرم إِن غلب
وَإِن غلب وَشرب الْكل حرم على الْأَظْهر
وَيشْتَرط أَن يكون قدر أَن يشرب مِنْهُ خمس مَرَّات لَو انْفَرد فِي أحد الْوَجْهَيْنِ وَصَححهُ السَّرخسِيّ
وَالصَّحِيح أَن المُرَاد بالغلبة الصِّفَات من لون أَو طعم أَو ريح
فَإِن ظهر مِنْهَا شَيْء فِي الْمَخْلُوط فاللبن غَالب وَإِلَّا فمغلوب
وَالثَّالِث الْمحل
وَهِي معدة حَيّ أَو مَا فِي مَعْنَاهُ سَوَاء ارتضع أَو حلب وأوجر
وَلَو حقن اللَّبن أَو قطر فِي إحليله
فوصل شَيْء مِنْهُ أَو صب على جِرَاحَة فِي بَطْنه فوصل جَوْفه لم يحرم فِي الْأَظْهر
وَإِن وصل الْمعدة بخرق فِي الأمعاء أَو صب فِي مأمومة
فوصل دماغه
حرم قطعا
أَو فِي أَنفه فوصل دماغه حرم أَو فِي عينه فَلَا أَو فِي أُذُنه فخلاف
وَلَو ارتضع وتقيأ فِي الْحَال حرم على الصَّحِيح
وَشرط الصَّبِي أَن لَا يبلغ حَوْلَيْنِ بِالْأَهِلَّةِ
فَإِن انْكَسَرَ الشَّهْر الأول حسب الْبَاقِي بِالْأَهِلَّةِ وكمل المنكسر ثَلَاثِينَ من الشَّهْر الْخَامِس وَالْعِشْرين
وَلَو ارتضع قبل انْفِصَال جَمِيعه فَوَجْهَانِ وَلَا أثر للرضاع بعد الْحَوْلَيْنِ

(2/162)


وَشَرطه خمس رَضعَات على الصَّحِيح
وَلَو حكم حَاكم بِتَحْرِيم رضعة لم ينْقض على الصَّحِيح

الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب
اتّفق الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى على أَنه يحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب
وَاخْتلفُوا فِي الْعدَد الْمحرم
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك رضعة وَاحِدَة
وَقَالَ الشَّافِعِي خمس رَضعَات
وَعَن أَحْمد ثَلَاث رِوَايَات خمس وَثَلَاث ورضعة
وَاتَّفَقُوا على أَن التَّحْرِيم بِالرّضَاعِ يثبت إِذا حصل وللطفل سنتَانِ
وَاخْتلفُوا فِيمَا زَاد على الْحَوْلَيْنِ
فَقَالَ أَبُو حنيفَة يثبت إِلَى حَوْلَيْنِ وَنصف
وَقَالَ زفر إِلَى ثَلَاث سِنِين
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد الأمد الحولان فَقَط وَاسْتحْسن مَالك أَن يحرم مَا بعدهمَا إِلَى الشَّهْر
وَقَالَ دَاوُد رضَاع الْكَبِير يحرم
وَهُوَ مُخَالف لكافة الْفُقَهَاء
ومحكي عَن عَائِشَة
وَاتَّفَقُوا على أَن الرَّضَاع الْمحرم إِذا كَانَ من لبن أُنْثَى سَوَاء كَانَت بكرا أَو ثَيِّبًا مَوْطُوءَة أَو غير مَوْطُوءَة إِلَّا أَحْمد
فَإِنَّهُ يَقُول إِنَّمَا يحصل التَّحْرِيم بِلَبن امْرَأَة ثار لَهَا لبن من الْحمل
وَاتَّفَقُوا على أَن الرجل إِذا در لَهُ لبن فأرضع مِنْهُ طفْلا
لم يثبت بِهِ تَحْرِيم
وَاتَّفَقُوا على أَن السعوط والوجور يحرم إِلَّا فِي رِوَايَة عَن أَحْمد
فَإِنَّهُ شَرط الارتضاع من الثدي
وَاتَّفَقُوا على أَن الحقنة بِاللَّبنِ لَا تحرم إِلَّا فِي قَول قديم للشَّافِعِيّ
وَهُوَ رِوَايَة عَن مَالك
وَاخْتلفُوا فِي اللَّبن إِذا خلط بِالْمَاءِ واستهلك بِطَعَام
فَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن كَانَ اللَّبن غَالِبا حرم أَو مَغْلُوبًا فَلَا
وَأما الْمَخْلُوط بِالطَّعَامِ فَلَا يحرم عِنْده بِحَال سَوَاء كَانَ غَالِبا أَو مَغْلُوبًا
وَقَالَ مَالك يحرم اللَّبن الْمَخْلُوط بِالْمَاءِ لم يستهلك
فَإِن خلط اللَّبن بِمَاء اسْتهْلك اللَّبن فِيهِ من طبيخ أَو دَوَاء أَو غَيره مَا لم يحرم عِنْد جُمْهُور أَصْحَابه وَلم يُوجد لمَالِك فِيهِ نَص
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد يتَعَلَّق التَّحْرِيم بِاللَّبنِ المشوب بِالطَّعَامِ وَالشرَاب إِذا سقيه الْمَوْلُود خمس مَرَّات سَوَاء كَانَ اللَّبن مُسْتَهْلكا أَو غَالِبا
انْتهى
وَيتَفَرَّع على الْخلاف الْمَذْكُور مسَائِل الأولى إِذا ظهر للخنثى الْمُشكل لبن وارتضع مِنْهُ طِفْل وَقُلْنَا بِالصَّحِيحِ إِن اللَّبن لَا يدل على الْأُنُوثَة لم يثبت شَيْء من الْآثَار المترتبة على الرَّضَاع
نعم لَو كَانَ الرَّضِيع

(2/163)


ذكرا فَبلغ
جَازَ لَهُ الْخلْوَة بالخنثى لِأَنَّهُ إِن كَانَ رجلا فَوَاضِح
وَإِن كَانَ أُنْثَى فَهُوَ أمه بِخِلَاف مَا لَو كَانَ الرَّضِيع أُنْثَى
فَإِنَّهُ لَا يجوز
وَلَو أَرَادَ الْمَذْكُور وَهُوَ الذّكر بعد الْبلُوغ الْخلْوَة بِأم الْخُنْثَى وَأُخْتهَا لم يجز لاحْتِمَال أَن يكون رجلا
الثَّانِيَة شخص مَأْمُور بِفعل إِذا أَتَى بِهِ يتَضَرَّر بِفِعْلِهِ وَهُوَ أَن الْحَاكِم إِذا حكم على مُوَرِثه بِالْقَتْلِ وَقَتله
سقط حَقه من الْإِرْث
وَكَذَلِكَ الْمُرضعَة إِذا كَانَت لَهَا ضرَّة صَغِيرَة وَلم تُوجد مُرْضِعَة سواهَا يجب عَلَيْهَا للزَّوْج نصف مهر الصَّغِيرَة
وَفِي قَول كُله وَيسْقط مهر الْكَبِيرَة إِن كَانَ الْإِرْضَاع قبل الدُّخُول
فَائِدَة قَالَ ابْن الملقن فِي عَامَّة السُّؤَال
قَالَ أَصْحَابنَا الأمومة ثَلَاثَة
وأحكامها مُخْتَلفَة
أمومة الْولادَة يثبت فِيهَا جَمِيع أَحْكَام الأمومة
وأمومة أَزوَاجه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَلَا يثبت فِيهَا إِلَّا تَحْرِيم النِّكَاح
وأمومة الرَّضَاع وَهِي متوسطة بَينهمَا

فصل الرَّضَاع
يثبت بِشَهَادَة رجلَيْنِ أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ أَو أَربع نسْوَة لَا دونهَا
وَلَا يثبت الْإِقْرَار بِهِ إِلَّا برجلَيْن
وَلَا تقبل شَهَادَة الْمُطلقَة إِن كَانَ بَينهمَا رضَاع أَو حُرْمَة رضَاع أَو أخوة أَو بنوة عِنْد الْأَكْثَرين
بل يشْتَرط التَّفْصِيل وَذكر الشُّرُوط
وَيحسن بقول فَقِيه موثوق بمعرفته دون غَيره
وَلَا يَكْفِي أَن يشْهد على فعل الرَّضَاع أَو الْإِرْضَاع
كَذَا فِي الْإِقْرَار بل يجب ذكر وَقت وَعدد
وَكَذَا وُصُول اللَّبن جَوْفه
وللقاضي أَن يستفصله وَيعرف وُصُول اللَّبن الْجوف بمشاهدة حلب وإيجار وازدرار وقرائن
كالتقام ثدي ومصه وحركة حلقه بتجرع وازدراد بعد علمه أَنَّهَا لبون لَا إِن جهل فِي الْأَصَح
وَلَا يَكْفِي رُؤْيَة الطِّفْل تَحت ثِيَابهَا
وَتَحْرِيم الرَّضَاع يتَعَلَّق بالمرضعة والفحل الَّذِي لَهُ اللَّبن والرضيع
وتسري الْحُرْمَة إِلَى غَيرهم
فَائِدَة مَا معنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما مَاتَ وَلَده إِبْرَاهِيم إِن لَهُ مُرْضعًا فِي الْجنَّة تتمّ

(2/164)


رضاعه هَل ذَلِك لَهُ خَاصَّة أَو لكل من مَاتَ من أَطْفَال الْمُسلمين قبل تَمام الرَّضَاع الْجَواب هُوَ لَهُ خَاصَّة
وَهَذَا القَوْل مَنْسُوب إِلَى الشَّيْخ محيي الدّين النَّوَوِيّ رَحمَه الله تَعَالَى من غير فَتَاوِيهِ الْمَشْهُورَة

المصطلح
وَهُوَ يشْتَمل على صور
مِنْهَا صُورَة اسْتِئْجَار الْمُطلقَة لإرضاع وَلَده مِنْهَا أَو غير الْمُطلقَة لإرضاع الطِّفْل أَو الْجد للْأَب لإرضاع ولد ابْنه أَو الْوَصِيّ أَو أَمِين الحكم
وَمَا فِي معنى ذَلِك سبق ذكرهَا فِي كتاب الْإِجَارَة
وَصُورَة مَا إِذا تبرعت مُرْضِعَة بالإرضاع أشهدت عَلَيْهَا فُلَانَة أَنَّهَا تبرعت بإرضاع فلَان وَغسل خروقه إِلَى آخِره بَقِيَّة مُدَّة الرَّضَاع الشَّرْعِيّ
وَهُوَ كَذَا وَكَذَا من تَارِيخه من غير أُجْرَة تَبَرعا صَحِيحا شَرْعِيًّا
لما علمت لنَفسهَا فِي ذَلِك من الْحَظ والمصلحة
وَذَلِكَ مَعَ وَلَدهَا فلَان وبحضور زَوجهَا فلَان وَالِد الطِّفْل الْمَذْكُور وَرضَاهُ بذلك
قبل ذَلِك مِنْهَا فلَان وَالِد الرَّضِيع الْمُتَبَرّع بإرضاعه الْمَذْكُور قبولا شَرْعِيًّا
ويؤرخ
وَصُورَة الْإِقْرَار بِالرّضَاعِ وتحريمه أشهدت عَلَيْهَا فُلَانَة أَنَّهَا أرضعت فلَانا الْإِرْضَاع الشَّرْعِيّ
وَهُوَ خمس رَضعَات كاملات من غير مَانع شَرْعِي يمْنَع الطِّفْل الْمَذْكُور من استكمالها بالشرائط الشَّرْعِيَّة
وسنه دون الْحَوْلَيْنِ
وَأَن الرضعات الْمَذْكُورَات وصلت إِلَى جَوْفه من فَمه الْوُصُول الشَّرْعِيّ
وَذَلِكَ مَعَ وَلَدهَا فلَان ارتضاعا صَحِيحا شَرْعِيًّا
يحصل بِهِ التَّحْرِيم من الرَّضَاع كَمَا يحرم لمثله
ويؤرخ
وَصُورَة مَا إِذا احْتَاجَ الْأَمر إِلَى كِتَابَة محْضر بذلك شُهُوده يعْرفُونَ فُلَانَة زوج فلَان وَفُلَانًا ابْن فلَان معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَن فلَانا الْمَذْكُور ارتضع من فُلَانَة الارتضاع الشَّرْعِيّ وَهُوَ خمس رَضعَات متفرقات
وسنه يَوْم ذَلِك دون الْحَوْلَيْنِ فِي وَقت كَذَا
وَوصل اللَّبن مِنْهَا إِلَى جَوْفه من فَمه بمصه وتجرعه وازدراده بحركة مِنْهُ على الْعَادة فِي مثل ذَلِك وَأَن الْمُرضعَة الْمَذْكُورَة حِين ذَاك كَانَت لبونا
وَأَن ذَلِك صدر على الأوضاع الشَّرْعِيَّة
الْمُعْتَبرَة فِي ذَلِك على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَأَن الْمُرضعَة الْمَذْكُورَة أمه من الرَّضَاع
يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين بسؤال من جَازَ سُؤَاله شرعا
ويؤرخ
ثمَّ يَقُول وَكتب حسب الْإِذْن الْكَرِيم العالي الحاكمي الْفُلَانِيّ
فَإِن كَانَت الْمُرضعَة تزوجت بِمن أَرْضَعَتْه
وَلم يعلم كل مِنْهُمَا ذَلِك
وَتبين بعد ذَلِك
فإمَّا أَن يكون دخل بهَا أَولا
فَإِن توافقا على أَنه دخل بهَا وتصادقا عَلَيْهِ فَلَا

(2/165)


كَلَام
وَفرق بَينهمَا
وَإِن كَانَ ثمَّ أَوْلَاد فنسب الْأَوْلَاد لَاحق بنسبهما وَالْحَالة هَذِه
وَإِن لم يكن دخل بهَا فَلَا مهر لَهَا
وَإِن كَانَت قد دخل بهَا فَالْوَاجِب لَهَا عَلَيْهِ مهر الْمثل لِأَنَّهُ وَطْء بِشُبْهَة وَإِن أقرّ بِالرّضَاعِ وكذبته
وَجب لَهَا عَلَيْهِ نصف الْمهْر قبل الدُّخُول
وَتَمَامه بِالدُّخُولِ
وَإِن أقرَّت هِيَ وكذبها فَلَا فسخ
وَإِن ترافعا إِلَى الْحَاكِم فِي ذَلِك كتب الْمحْضر الْمُقدم ذكره
وتقام بَيِّنَة جَرَيَان عقد النِّكَاح بَينهمَا عِنْد الْحَاكِم الْآذِن فِي كِتَابَة هَذَا الْمحْضر وتقام عِنْده الْبَيِّنَة فِي الْمحْضر ثمَّ يعْذر إِلَى الْمُنكر من الزَّوْجَيْنِ
وَيشْهد عَلَيْهِ بِعَدَمِ الدَّافِع والمطعن لذَلِك ولشيء مِنْهُ
وتقام بَيِّنَة الْإِعْذَار عِنْد الْحَاكِم ثمَّ يحلف الْمُعْتَرف بذلك
وَيَقُول فِي حلفه إِن الارتضاع صدر كَمَا نَص وَشرح فِي الْمحْضر الْمَذْكُور على الحكم المشروح فِيهِ وَأَن من شهد بذلك صَادِق فِي شَهَادَته
وتقام الْبَيِّنَة فِيهِ عِنْد الْحَاكِم
وَصُورَة مَا يكْتب من مجْلِس الحكم الْعَزِيز فِي ذَلِك على ظهر الْمحْضر لما قَامَت الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة عِنْد سيدنَا فلَان الْحَاكِم الْمُسَمّى بَاطِنه بِجَمِيعِ مَا شرح فِي الْمحْضر المسطر بَاطِنه من جَرَيَان عقد النِّكَاح بَين الزَّوْجَيْنِ المسميين بَاطِنه وصدور الارتضاع المشروح بَاطِنه على الحكم المشروح بَاطِنه وجريان الْحلف والإعذار المشروح بَاطِنه على حكمه الْمَنْصُوص عَلَيْهِ بَاطِنه
وباطنه مؤرخ بِكَذَا
وَثَبت صُدُور ذَلِك جَمِيعه لَدَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ
وتكامل عِنْده بطريقه الْمُعْتَبر المرعي بِالْبَيِّنَةِ العادلة المرضية الَّتِي تثبت بِمِثْلِهَا الْحُقُوق الشَّرْعِيَّة
سَأَلَ سيدنَا الْمُسَمّى فِيهِ من جَازَ سُؤَاله شرعا الْإِشْهَاد على نَفسه الْكَرِيم بِثُبُوت الارتضاع الْمَذْكُور
وَفسخ النِّكَاح المشروح فِيهِ
والتفريق بَين الزَّوْجَيْنِ الْمَذْكُورين بذلك التَّفْرِيق الشَّرْعِيّ
فاستخار الله كثيرا
واتخذه هاديا ونصيرا
وَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله
وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك
وبالحكم بِمُوجبِه
وَأمر بِالتَّفْرِيقِ بَين فلَان وفلانة الْمَذْكُورين فِيهِ التَّفْرِيق الشَّرْعِيّ لوُجُود المسوغ الشَّرْعِيّ الْمُقْتَضِي لذَلِك
وَأَن فُلَانَة الْمَذْكُورَة صَارَت أم فلَان الْمَذْكُور من الرَّضَاع حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا
وَأذن لفلانة الْمَذْكُورَة أَن تمْضِي لوفاء عدتهَا الشَّرْعِيَّة إِن كَانَت مَدْخُولا بهَا
وَإِن كَانَ ثمَّ أَوْلَاد
فَيكْتب وَثَبت أَيْضا عِنْده ثَبت الله مجده اعْتِرَاف فلَان وفلانة الْمَذْكُورين فِيهِ أَن بَينهمَا أَوْلَادًا وَيذكرهُمْ وَأَن نسبهم لَاحق بنسبهما

(2/166)


وَإِن تعرض للمهر
فَإِن اتفقَا عَلَيْهِ فَلَا كَلَام وَإِن لم يتَّفقَا عَلَيْهِ فتقوم الْبَيِّنَة عِنْد الْحَاكِم بِمهْر الْمثل
وَيحكم بِهِ حَالا بِنَقْد الْبَلَد
كَمَا تقدم
وَإِن لم يدْخل بهَا وَلم يصبهَا
فَيكْتب وَأَن فُلَانَة الْمَذْكُورَة لم يجب عَلَيْهَا عدَّة لعدم الدُّخُول بهَا والإصابة وَالْخلْوَة وَكَذَلِكَ يفعل فِي كل وَاقعَة تتَعَلَّق بِمثل ذَلِك فِي كل مَا يحرم الرَّضَاع
تَنْبِيه يثبت الرَّضَاع بِشَهَادَة الْمُرضعَة مَعَ ثَلَاث نسْوَة أَو مَعَ امْرَأَة وَرجل أضافت الْإِرْضَاع إِلَى نَفسهَا
وَإِنَّمَا لم تقبل إِذا لم تطلب أُجْرَة
قَالَ الفوراني وصيغتها أَن تَقول ارتضع مني وَلَا تَقول أَرْضَعَتْه
وَصُورَة مَا إِذا وَقعت الدَّعْوَى بِالرّضَاعِ الْمحرم عِنْد الْحَاكِم من أحد الزَّوْجَيْنِ أَو من مدعي حسبَة حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان وَزَوجته فُلَانَة أَو فلَان وَادّعى بطرِيق الْحِسْبَة بِقصد الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر بَين يَدي سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن فلَانا الْحَاضِر بِحُضُورِهِ تزوج فُلَانَة الْحَاضِرَة بحضورهما
وعقدها أَنه يحل لَهَا وَتحل لَهُ بِعقد النِّكَاح
ثمَّ علمت أَنه أَخُوهَا من الرَّضَاع ارتضع من لَبنهَا وَهُوَ صَغِير لَهُ دون الْحَوْلَيْنِ كَذَا وَكَذَا رضعة متفرقات ويعين قدر الرضعات على قدر اخْتِلَاف النَّاس فِي ذَلِك وَرَأى القَاضِي الْمُدَّعِي عِنْده فِي ذَلِك ثمَّ يَقُول وَأَنه مُقيم على حَاله فِي نِكَاحهَا غير مُمْتَنع مِنْهَا وَلَا مُلْتَزم لما يَقْتَضِيهِ حكم التَّحْرِيم بِالرّضَاعِ بَينهمَا وَسَأَلت سُؤَاله أَو سَأَلَ سُؤَاله
يَعْنِي مدعي الْحِسْبَة عَن ذَلِك
فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ عَن ذَلِك
فَأجَاب إِن فُلَانَة الْحَاضِرَة مَعَه زَوجته
وَلَا علم لَهُ بسوى ذَلِك مِمَّا ادَّعَتْهُ من الرَّضَاع أَو مِمَّا ادعِي عَلَيْهِ بِهِ من الرَّضَاع فَذكرت أَو فَذكر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور أَن لَهُ بَيِّنَة على مَا ادَّعَاهُ من ذَلِك
وَسَأَلَ الْإِذْن لَهُ فِي إِحْضَار الْبَيِّنَة
فَأذن لَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فِي ذَلِك فأحضرت أَو فأحضر من النسْوَة الثِّقَات العدلات الأمينات المقبولات فُلَانَة وفلانة حَتَّى يَأْتِي على عددهن وأقمن شَهَادَتهنَّ عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن فلَان ابْن فلَان الَّذِي عرفنه بِعَيْنِه واسْمه وَنسبه معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة ارتضع من فُلَانَة بنت فلَان وَالِدَة فُلَانَة الَّتِي أحضرتهن لهَذِهِ الشَّهَادَة أَو الْحَاضِرَة وَهُوَ صَغِير طِفْل لم يبلغ الْحَوْلَيْنِ خمس رَضعَات متفرقات بحضورهن
وصل اللَّبن بِهِ إِلَى جَوْفه من فَمه بمصه وتجرعه وازدراده بحركة مِنْهُ على الْعَادة فِي مثل ذَلِك وَأَن الْمُرضعَة الْمَذْكُورَة حِين ذَاك كَانَت لبونا
وَثَبت ذَلِك عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ

(2/167)


فَعِنْدَ ذَلِك سَأَلته فُلَانَة الْمَذْكُورَة أَو سَأَلَهُ سَائل شَرْعِي إِنْفَاذ الْقَضَاء بِمَا ثَبت عِنْده من ارتضاع فلَان وفلانة فِي صغره الرضعات الْخمس الَّتِي ثَبت بِهن حكم الرَّضَاع وتحريمه حَسْبَمَا قَامَت بِهِ الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة عِنْده وَالْحكم بِفَسْخ النِّكَاح بَينه وَبَين فُلَانَة الْمَذْكُورَة
فَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله
وَحكم أيد الله أَحْكَامه بِمُوجب ذَلِك
وَمن مُوجبه فسخ النِّكَاح بَين فلَان وفلانة الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره
فَإِن كَانَ قد دخل بهَا أوجب لَهَا مهر الْمثل وَأوجب عَلَيْهَا الْعدة
كَمَا تقدم
وَإِن كَانَ لم يدْخل بهَا فعل كَمَا تقدم شَرحه
وَإِن تَضَمَّنت الدَّعْوَى أَنَّهُمَا يرومان النِّكَاح ويريدان إِيقَاعه وَإِن لم يكن بَين الزَّوْجَيْنِ نِكَاح فسخ على منوال هَذِه الصُّورَة
وأتى بِمَا يَلِيق بِهَذَا الْمحل من الْأَلْفَاظ الْمُقْتَضِيَة لتعليق الْفرْقَة إِذا وَقع النِّكَاح وَهُوَ بعد عقد النِّكَاح أولى وَأقوى
وَالله أعلم

(2/168)