جواهر العقود ومعين القضاة والموقعين والشهود

كتاب الْأَيْمَان

وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام
الأَصْل فِي انْعِقَاد الْيَمين الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع
أما الْكتاب فَقَوله تَعَالَى {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا عقدتم الْأَيْمَان فكفارته إطْعَام عشرَة مَسَاكِين من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم أَو كسوتهم أَو تَحْرِير رَقَبَة فَمن لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام ذَلِك كَفَّارَة أَيْمَانكُم إِذا حلفتم واحفظوا أَيْمَانكُم كَذَلِك يبين الله لكم آيَاته لَعَلَّكُمْ تشكرون} وَقَوله تَعَالَى {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا أُولَئِكَ لَا خلاق لَهُم فِي الْآخِرَة وَلَا يكلمهم الله وَلَا ينظر إِلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يزكيهم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم}
وَأما السّنة فَروِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالله لأغزون قُريْشًا وَالله لأغزون قُريْشًا وَالله لأغزون قُريْشًا إِن شَاءَ الله وروى ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ كثيرا مَا يحلف لَا ومقلب الْقُلُوب بلَى ومقلب الْقُلُوب
وأجمعت الْأمة على انْعِقَاد الْيَمين
وَالْيَمِين تَنْعَقِد من كل بَالغ عَاقل مُخْتَار قَاصد إِلَى الْيَمين
فَأَما الصَّبِي وَالْمَجْنُون والنائم فَلَا تَنْعَقِد أَيْمَانهم لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رفع الْقَلَم عَن ثَلَاث عَن الصَّبِي حَتَّى يبلغ وَعَن النَّائِم حَتَّى يَسْتَيْقِظ وَعَن الْمَجْنُون حَتَّى يفِيق
وَلَا تَنْعَقِد يَمِين الْمُكْره لما روى أَبُو أُمَامَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَيْسَ على مقهور يَمِين

(2/253)


وَأما لَغْو الْيَمين فَلَا تَنْعَقِد وَهُوَ الَّذِي سبق لِسَانه إِلَى الْحلف بِاللَّه من غير أَن يقْصد الْيَمين أَو قصد أَن يحلف بِاللَّه لَا أفعل كَذَا
فَسبق لِسَانه وَحلف بِاللَّه ليفعلن كَذَا
والأيمان على ضَرْبَيْنِ
أَحدهمَا يَمِين تقع فِي خُصُومَة
وَالثَّانِي يَمِين تقع فِي غير خُصُومَة
فَأَما الَّتِي تقع فِي خُصُومَة فعلى ضَرْبَيْنِ
أَحدهمَا يَمِين يَقع جَوَابا
وَهِي يَمِين الْمُنكر
وَالثَّانيَِة يَمِين اسْتِحْقَاق
وَهِي فِي خمس مسَائِل
أَولهَا اللّعان
ثَانِيهَا الْقسَامَة
ثَالِثهَا الْيَمين مَعَ الشَّاهِد فِي الْأَمْوَال والنكول خَاصَّة
رَابِعهَا رد الْيَمين فِي سَائِر الدَّعَاوَى
وَهل طَرِيقه الْإِقْرَار أم لَا على قَوْلَيْنِ
خَامِسهَا الْيَمين مَعَ الشَّاهِد
وَذَلِكَ فِي سبع مسَائِل
الأولى الرَّد بِالْعَيْبِ
الثَّانِيَة فِي دَعْوَى الْإِعْسَار
الثَّالِثَة فِي دَعْوَى الْعنَّة
الرَّابِعَة فِي الدَّعْوَى على جراح بَاطِن
الْخَامِسَة فِي الدَّعْوَى على ميت
السَّادِسَة فِي الدَّعْوَى على غَائِب
السَّابِعَة أَن يَقُول رجل لامْرَأَته أَنْت طَالِق أمس
وَيَقُول إِنَّهَا كَانَت مُطلقَة من غَيْرِي
وَيُقِيم فِي هَذِه الْمسَائِل الشَّاهِدين وَيحلف مَعَهُمَا
وَأما الْيَمين الَّتِي تقع فِي خُصُومَة
فَثَلَاثَة أَنْوَاع أَحدهَا لَغْو الْيَمين
كَقَوْلِه لَا وَالله وبلى وَالله وَنَحْو ذَلِك
فَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِد بِحَال
لِأَن اللَّغْو هُوَ الْكَلَام الَّذِي لَا يقْصد إِلَيْهِ الْمُتَكَلّم
الثَّانِي يَمِين الْمُكْره فَإِنَّهُ لَا ينْعَقد بِحَال للْحَدِيث الْمُتَقَدّم ذكره
وَالثَّالِث الْيَمين المعقودة
وَهِي على وَجْهَيْن
أَحدهمَا الْيَمين على فعل مَاض وَالثَّانِي على فعل مُسْتَقْبل
فَإِن حلف على فعل مَاض أَنه لم يكن وَقد كَانَ فَذَلِك الْيَمين الْغمُوس
وَهُوَ الَّذِي يَأْثَم بِهِ لما روى الشّعبِيّ عَن ابْن عمر أَن أَعْرَابِيًا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَ يَا رَسُول الله مَا الْكَبَائِر قَالَ الْإِشْرَاك بِاللَّه
قَالَ ثمَّ مَاذَا قَالَ عقوق الْوَالِدين
قَالَ ثمَّ مَاذَا قَالَ الْيَمين الْغمُوس قيل لِلشَّعْبِيِّ وَمَا الْيَمين الْغمُوس قَالَ الَّذِي يقتطع بهَا مَال امرىء مُسلم وَهُوَ فِيهَا كَاذِب
وروى ابْن مَسْعُود أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من حلف على يَمِين وَهُوَ فِيهَا فَاجر

(2/254)


ليقتطع بهَا مَال امرىء مُسلم لَقِي الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان
وَسميت الْغمُوس لِأَنَّهَا تغمس من حلف بهَا فِي النَّار
وَأما الْيَمين على الْمُسْتَقْبل فَتَصِح أَيْضا
لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله لأغزون قُريْشًا
وَالْيَمِين على الْمُسْتَقْبل تَنْقَسِم على خَمْسَة أَقسَام الْقسم الأول يَمِين عقدهَا طَاعَة وَالْمقَام عَلَيْهَا طَاعَة وحلها مَعْصِيّة مثل أَن يحلف ليصلين الصَّلَوَات الْخمس الْوَاجِبَات أَو أَنه لَا يشرب الْخمر أَو أَنه لَا يَزْنِي
وَإِنَّمَا كَانَ عقدهَا طَاعَة وَالْإِقَامَة عَلَيْهَا طَاعَة لِأَنَّهَا قد تَدعُوهُ إِلَى الْمُوَاظبَة على فعل الْوَاجِب وَيخَاف من الْحِنْث فِيهَا الْكَفَّارَة
وحلها مَعْصِيّة لِأَن حلهَا إِنَّمَا يكون بالامتناع من فعل الْوَاجِب أَو بِفعل مَا حرم عَلَيْهِ
الْقسم الثَّانِي يَمِين عقدهَا مَعْصِيّة وَالْإِقَامَة عَلَيْهَا مَعْصِيّة
وحلها طَاعَة مثل أَن يحلف أَن لَا يفعل مَا يجب عَلَيْهِ أَو ليفعلن مَا حرم عَلَيْهِ
الْقسم الثَّالِث يَمِين عقدهَا طَاعَة وَالْإِقَامَة عَلَيْهَا طَاعَة وحلها مَكْرُوه مثل أَن يحلف ليصلين النَّوَافِل أَو ليصومن التَّطَوُّع أَو ليتصدقن بِصَدقَة التَّطَوُّع
الْقسم الرَّابِع يَمِين عقدهَا مَكْرُوه وَالْإِقَامَة عَلَيْهَا مَكْرُوه
وحلها طَاعَة مثل أَن يحلف أَن لَا يُصَلِّي صَلَاة النَّافِلَة أَو لَا يَصُوم صَوْم التَّطَوُّع أَو لَا يتَصَدَّق صَدَقَة التَّطَوُّع
وَإِنَّمَا قُلْنَا عقدهَا وَالْمقَام عَلَيْهَا مَكْرُوه لِأَنَّهُ قد يمْنَع من فعل الْبر خوف الْحِنْث
وَإِنَّمَا كَانَ حلهَا طَاعَة لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حلف على يَمِين فَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا فليكفر عَن يَمِينه وليأت الَّذِي هُوَ خير

(2/255)


فَإِن قيل كَيفَ يكون عقدهَا مَكْرُوه وَالْمقَام عَلَيْهَا مَكْرُوه وَقد سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَعرَابِي الَّذِي سَأَلَهُ عَن الصَّلَاة
يَقُول هَل عَليّ غَيرهَا فَقَالَ لَا إِلَّا أَن تطوع
فَقَالَ وَالله لَا أَزِيد على ذَلِك وَلَا أنقص مِنْهُ وَلم يُنكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ
قُلْنَا يحْتَمل أَنه لما حلف أَن لَا يزِيد وَلَا ينقص تَضَمَّنت يَمِينه مَا هُوَ طَاعَة وَهُوَ ترك النُّقْصَان عَنْهَا
فَلذَلِك لم يُنكر عَلَيْهِ
وَيحْتَمل أَن يكون لِسَانه سبق إِلَى الْيَمين
وَعلمه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يُنكره عَلَيْهِ
لِأَنَّهَا لَغْو
وَيحْتَمل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يُنكر عَلَيْهِ ليدل على أَن ترك التَّطَوُّع جَائِز
وَإِن كَانَت الْيَمين مَكْرُوهَة
وَقد كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفعل الْمَكْرُوه
كالالتفات فِي الصَّلَاة ليدل على الْجَوَاز
الْقسم الْخَامِس يَمِين عقدهَا مُبَاح وَالْمقَام عَلَيْهَا مُبَاح
وَاخْتلف أَصْحَابنَا فِي حلهَا
وَذَلِكَ مثل أَن يحلف لادخلت هَذِه الدَّار ولاسلكت هَذَا الطَّرِيق وَإِنَّمَا كَانَ عقدهَا وَالْمقَام عَلَيْهَا مُبَاحا لِأَنَّهُ يُبَاح لَهُ ترك دُخُول الدَّار وَترك سلوك الطَّرِيق
وَهل حلهَا أفضل أم الْمقَام عَلَيْهَا فِيهِ وَجْهَان
أَحدهمَا الْمقَام عَلَيْهَا أفضل
لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تنقضوا الْأَيْمَان بعد توكيدها}
الثَّانِي حلهَا أفضل
لِأَنَّهُ إِذا أَقَامَ على الْيَمين منع نَفسه من فعل مَا أُبِيح لَهُ
وَالْيَمِين لَا تغير الْمَحْلُوف عَلَيْهِ عَن حكمه
فرع قَالَ الشَّافِعِي وَمن حلف بِغَيْر الله فَهُوَ يَمِين مَكْرُوه مثل أَن يحلف بِأَبِيهِ أَو بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو بِالْكَعْبَةِ أَو بِأحد من الصَّحَابَة
وَذَلِكَ لَا يَخْلُو من ثَلَاثَة أَقسَام
أَحدهَا أَن يقْصد بذلك قصد الْيَمين وَلَا يعْتَقد فِي الْمَحْلُوف بِهِ من التَّعْظِيم مَا يعْتَقد فِي الله تَعَالَى
فَهَذَا يكره لَهُ ذَلِك وَلَا يكفر
لما روى أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تحلفُوا بِآبَائِكُمْ وَلَا بِأُمَّهَاتِكُمْ وَلَا بِالْأَنْدَادِ وَلَا تحلفُوا إِلَّا بِاللَّه وَلَا تحلفُوا بِاللَّه إِلَّا وَأَنْتُم صَادِقُونَ وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أدْرك عمر رَضِي الله عَنهُ فِي ركب وَهُوَ يحلف بِأَبِيهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله يَنْهَاكُم أَن تحلفُوا بِآبَائِكُمْ
فَمن كَانَ حَالفا

(2/256)


فليحلف بِاللَّه أَو لِيَسْكُت قَالَ عمر فَمَا حَلَفت بهَا بعد ذَلِك ذَاكِرًا وَلَا آثرا وَمعنى قَوْله ذَاكِرًا أَي أذكرهُ عَن غَيْرِي
وَمعنى قَوْله آثرا أَي حاكيا عَن غَيْرِي
الثَّانِي أَن يحلف بذلك ويقصد الْيَمين
ويعتقد فِي الْمَحْلُوف بِهِ من التَّعْظِيم مَا يَعْتَقِدهُ فِي الله
فَهَذَا يحكم بِكُفْرِهِ
لما روى ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من حلف بِغَيْر الله فقد كفر وَرُوِيَ فقد أشرك
الثَّالِث أَن يجْرِي ذَلِك على لِسَانه من غير قصد إِلَى الْحلف بِهِ
فَلَا يكره بل يكون بِمَعْنى لَغْو الْيَمين
فَإِن قيل ورد فِي الْقُرْآن أَقسَام كَثِيرَة بِغَيْر الله
فَالْجَوَاب أَن الله تَعَالَى أقسم بمصنوعاته الدَّالَّة على قدرته تَعْظِيمًا لَهُ تَعَالَى لَا لَهَا
وتنعقد الْيَمين بِخمْس إِذا حلف بِاللَّه أَو باسم من أَسْمَائِهِ أَو بِصفة من صِفَاته أَو بِالطَّلَاق أَو بالعتاق أَو نذر إِخْرَاج الْأَمْوَال أَو الْإِتْيَان بالعبادات وحروف الْقسم الْبَاء وَالْوَاو وَالتَّاء وَالْألف
فَتَقول آللَّهُ وَبِاللَّهِ وَوَاللَّه وتالله
وألفاظ الْيَمين ثَلَاثَة أقسم بِاللَّه وأعزم بِاللَّه وَأشْهد بِاللَّه
فَإِن لم يذكر لفظ الله فِي هَذَا فَلَيْسَ بِيَمِين
وَيقطع حكم الْيَمين خَمْسَة معَان الْبر والحنث
وَالِاسْتِثْنَاء الْمُتَّصِل وانحلال الْيَمين واستحالة الْبر
وَإِذا وَقع الْحِنْث كفر عَن يَمِينه
وَإِن قدم الْكَفَّارَة جَازَ إِلَّا الصّيام فَإِنَّهُ لَا يقدم
وَإِذا حلف على زَوجته بِطَلَاقِهَا أَن لَا يتَزَوَّج عَلَيْهَا
فَتزَوج عَلَيْهَا فِي عدَّة مِنْهُ رَجْعِيَّة حنث
فَإِن حلف أَن يتَزَوَّج عَلَيْهَا فَتزَوج عَلَيْهَا فِي عدَّة مِنْهُ رَجْعِيَّة لم

(2/257)


يَحْنَث
وَلَو حلف لَا يسكن وَلَا يساكن وَلَا يلبس وَلَا يركب
فَإِن خرج أَو نزع أَو ترك وَإِلَّا حنث
وَلَو حلف لَا يَأْكُل هَذِه التمرة وَلَا يُخرجهَا وَلَا يمْسِكهَا
وَلَا يَرْمِي بهَا
فَأكل بَعْضهَا لم يَحْنَث
وَلَو حلف لَا يَأْكُل هَذِه التمرة فَسَقَطت فِي تمر
فَأكل الْكل إِلَّا تَمْرَة وَاحِدَة لم يَحْنَث حَتَّى يتَيَقَّن أَنه قد أكلهَا
والورع أَن يَحْنَث نَفسه
وَلَو حلف لَا يَأْكُل الْحِنْطَة فَأكل دَقِيقًا أَو سويقا لم يَحْنَث
وَلَو حلف أَن لَا يكلم فلَانا فَسلم على قوم والمحلوف عَلَيْهِ فيهم وَلم يُنَوّه بِقَلْبِه أَو كتب إِلَيْهِ كتابا أَو أرسل إِلَيْهِ رَسُولا لم يَحْنَث
وَكَذَا لَو حلف لَا يَأْكُل شَيْئا فشربه أَو لَا يشرب شَيْئا فذاقه

الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب
اتّفق الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى على أَن من حلف على يَمِين فِي طَاعَة لزمَه الْوَفَاء بهَا
وَهل لَهُ أَن يعدل عَن الْوَفَاء إِلَى الْكَفَّارَة مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد لَا
وَقَالَ الشَّافِعِي الأولى أَن لَا يعدل
فَإِن عدل جَازَ وَلَزِمتهُ الْكَفَّارَة
وَعَن مَالك رِوَايَتَانِ
كالمذهبين
وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا يجوز أَن يَجْعَل اسْم الله عرضة للأيمان يمْنَع من بر وصلَة وَأَن الأولى أَن يَحْنَث وَيكفر إِذا حلف على ترك بر
وَيرجع فِي الْإِيمَان إِلَى النِّيَّة
وَاتَّفَقُوا على أَن الْيَمين بِاللَّه تَعَالَى منعقدة
وبجميع أَسْمَائِهِ الْحسنى كالرحمن الرَّحِيم والحي وبجميع صِفَات ذَاته كعزة الله وجلاله إِلَّا أَن أَبَا حنيفَة اسْتثْنى علم الله
فَلم يره يَمِينا
وَاخْتلفُوا فِي الْيَمين الْغمُوس وَهِي الْحلف بِاللَّه على أَمر مَاض مُتَعَمدا للكذب بِهِ هَل لَهَا كَفَّارَة أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه لَا كَفَّارَة لَهَا
لِأَنَّهَا أعظم من أَن تكفر
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى تكفر
وَأما إِذا حلف على أَمر فِي الْمُسْتَقْبل أَن يَفْعَله أَو لَا يَفْعَله
فَإِذا حنث وَجَبت عَلَيْهِ الْكَفَّارَة بِالْإِجْمَاع

فصل وَلَو قَالَ أقسم بِاللَّه
أَو أشهد بِاللَّه
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد هِيَ يَمِين وَإِن لم يكن لَهُ نِيَّة
وَقَالَ مَالك مَتى قَالَ أقسم بِاللَّه أَو أَقْسَمت
فَإِن قَالَ بِاللَّه لفظا وَنِيَّة
كَانَ يَمِينا
وَإِن لم يتَلَفَّظ بِهِ وَلَا نَوَاه فَلَيْسَتْ بِيَمِين
وَقَالَ الشَّافِعِي فِيمَن قَالَ أقسم بِاللَّه إِن نوى بِهِ الْيَمين كَانَ يَمِينا وَإِن نوى الْإِخْبَار فَلَا

(2/258)


وَإِن أطلق اخْتلف أَصْحَابه فَمنهمْ من رجح كَونه لَيست بِيَمِين
وَقَالَ فِيمَن قَالَ أشهد بِاللَّه وَنوى الْيَمين كَانَ يَمِينا وَإِن أطلق فَالْأَصَحّ من مذْهبه أَنه لَيْسَ بِيَمِين
وَلَو قَالَ أشهد لَا فعلت وَلم ينْو
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي أظهر روايتيه يكون يَمِينا
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى لَا تكون يَمِينا

فصل وَلَو قَالَ وَحقّ الله
فيمين عِنْد الثَّلَاثَة
وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يكون يَمِينا
وَلَو قَالَ لعمر الله أَو وأيم الله قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ هِيَ يَمِين نوى بِهِ الْيَمين أم لَا
وَقَالَ بعض أَصْحَاب الشَّافِعِي إِن لم ينْو فَلَيْسَ بِيَمِين
وَهِي رِوَايَة عَن أَحْمد

فصل وَلَو حلف بالمصحف

قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد تَنْعَقِد يَمِينه
وَإِن حنث لَزِمته الْكَفَّارَة وَقَالَ ابْن هُبَيْرَة وَنقل فِي الْمَسْأَلَة خلاف عَمَّن لَا يعْتد بقوله
وَحكى ابْن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد فِي الْمَسْأَلَة أقوالا للصحابة وَالتَّابِعِينَ واتفاقهم على إِيجَاب الْكَفَّارَة فِيهَا
قَالَ وَلم يُخَالف فِيهَا إِلَّا من لَا يعْتد بقوله
وَاخْتلفُوا فِي قدر الْكَفَّارَة فِيهَا
فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يلْزم كَفَّارَة وَاحِدَة
وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ
إِحْدَاهمَا كَفَّارَة وَاحِدَة
وَالْأُخْرَى يلْزم بِكُل آيَة كَفَّارَة
وَإِن حلف بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَ أَحْمد فِي أظهر روايتيه تَنْعَقِد يَمِينه
فَإِن حنث لَزِمته الْكَفَّارَة
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا تَنْعَقِد يَمِينه
وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ

فصل وَيَمِين الْكَافِر هَل تَنْعَقِد
أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا تَنْعَقِد
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد تَنْعَقِد يَمِينه
وَتلْزَمهُ الْكَفَّارَة بِالْحِنْثِ
وَاتَّفَقُوا على أَن الْكَفَّارَة تجب بِالْحِنْثِ فِي الْيَمين سَوَاء كَانَت فِي طَاعَة أَو فِي مَعْصِيّة أَو فِي مُبَاح
وَاخْتلفُوا فِي الْكَفَّارَة هَل تتقدم الْحِنْث أَو تكون بعده فَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا تجزىء إِلَّا بعد الْحِنْث مُطلقًا
وَقَالَ الشَّافِعِي يجوز تَقْدِيمهَا على الْحِنْث الْمُبَاح
وَعَن مَالك رِوَايَتَانِ
إِحْدَاهمَا يجوز تَقْدِيمهَا
وَهُوَ مَذْهَب أَحْمد
وَالْأُخْرَى لَا يجوز
وَإِذا كفر قبل الْحِنْث فَهَل بَين الصّيام وَالْعِتْق وَالْإِطْعَام فرق قَالَ مَالك لَا فرق

(2/259)


وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز تَقْدِيم التَّكْفِير بالصيام وَيجوز بِغَيْرِهِ
وَاخْتلفُوا فِي لَغْو الْيَمين
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد فِي رِوَايَة هُوَ أَن يحلف بِاللَّه على أَمر يَظُنّهُ على مَا حلف عَلَيْهِ ثمَّ يتَبَيَّن أَنه بِخِلَافِهِ سَوَاء قَصده أَو لم يَقْصِدهُ فَسبق على لِسَانه إِلَّا أَن أَبَا حنيفَة ومالكا قَالَا لَا يجوز أَن يكون فِي الْمَاضِي وَفِي الْحَال
وَقَالَ أَحْمد هُوَ فِي الْمَاضِي فَقَط
وَاتفقَ الثَّلَاثَة على أَنه لَا إِثْم فِيهَا وَلَا كَفَّارَة
وَعَن مَالك أَن لَغْو الْيَمين أَن يَقُول لَا وَالله وبلى وَالله على وَجه المحاورة من غير قصد إِلَى عقدهَا
وَقَالَ الشَّافِعِي لَغْو الْيَمين مَا لم يعقده
وَإِنَّمَا يتَصَوَّر ذَلِك فِي قَوْله لَا وَالله وبلى وَالله عِنْد المحاورة وَالْغَضَب واللجاج من غير قصد سَوَاء كَانَ على مَاض أَو مُسْتَقْبل
وَهِي رِوَايَة عَن أَحْمد
وَلَو قَالَ وَالله لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فيمين مَعَ الْإِطْلَاق نوى أَو لم ينْو خلافًا لبَعض أَصْحَاب الشَّافِعِي

فصل وَلَو قَالَ وَالله لَا شربت
لزيد المَاء يقْصد بِهِ قطع الْمِنَّة
فَقَالَ مَالك وَأحمد مَتى انْتفع بِشَيْء من مَاله بِأَكْل أَو شرب أَو عَارِية أَو ركُوب أَو غير ذَلِك
حنث
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ لَا يَحْنَث إِلَّا بِمَا تنَاوله نطقه
من شرب المَاء فَقَط

فصل وَلَو حلف لَا يسكن هَذِه الدَّار
وَهُوَ ساكنها فَخرج مِنْهَا بِنَفسِهِ دون أَهله ورحله
قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد لَا يبر حَتَّى يخرج بِنَفسِهِ وَأَهله ورحله
وَقَالَ الشَّافِعِي يبر بِخُرُوجِهِ بِنَفسِهِ
وَلَو حلف لَا يدْخل دَارا
فَقَامَ على سطحها أَو حائطها أَو دخل بَيْتا مِنْهَا فِيهِ شَارِع إِلَى طَرِيق حنث عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَحْنَث ولأصحابه فِي السَّطْح وَالْحجر وَجْهَان
وَلَو حلف لَا يدْخل دَار زيد هَذِه
فَبَاعَهَا زيد ثمَّ دَخلهَا الْحَالِف
قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يَحْنَث
وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَحْنَث

فصل وَلَو حلف لَا يكلم ذَا الصَّبِي
فَصَارَ شَيخا أَو لَا يَأْكُل ذَا الخروف فَصَارَ كَبْشًا أَو ذَا الْبُسْر فَصَارَ رطبا
أَو ذَا الرطب فَصَارَ تَمرا أَو ذَا التَّمْر فَصَارَ حلوى أَو لَا يدْخل ذِي الدَّار فَصَارَت ساحة
قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَحْنَث فِي الْبُسْر وَالرّطب وَالتَّمْر
وَيحنث فِي الْبَاقِي
وللشافعية وَجْهَان
وَمَالك وَأحمد يَحْنَث فِي الْجَمِيع

(2/260)


فصل وَلَو حلف لَا يدْخل بَيْتا
فَدخل الْمَسْجِد أَو الْحمام
قَالَ الثَّلَاثَة لَا يَحْنَث
وَقَالَ أَحْمد يَحْنَث
وَلَو حلف لَا يسكن بَيْتا
فسكن بَيْتا من شعر أَو جلد أَو خيمة وَكَانَ من أهل الْأَمْصَار
قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَحْنَث
فَإِن كَانَ من أهل الْبَادِيَة حنث وَلَا نَص عِنْد مَالك فِي ذَلِك إِلَّا أَن أُصُوله تَقْتَضِي الْحِنْث
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد يَحْنَث إِذا لم تكن لَهُ نِيَّة قرويا كَانَ أَو بدويا
وَمن أَصْحَابه من فرق بَينهمَا
وَلَو حلف أَن لَا يفعل شَيْئا
فَأمر غَيره فَفعله
فَقَالَ أَبُو حنيفَة يَحْنَث فِي النِّكَاح وَالطَّلَاق
لَا فِي البيع وَالْإِجَارَة إِلَّا أَن يكون مِمَّن جرت عَادَته أَن يتَوَلَّى ذَلِك بِنَفسِهِ
فَيحنث مُطلقًا
وَقَالَ مَالك إِن لم يتول ذَلِك بِنَفسِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَث
وَقَالَ الشَّافِعِي إِن كَانَ سُلْطَانا أَو مِمَّن لَا يتَوَلَّى ذَلِك بِنَفسِهِ أَو كَانَت لَهُ نِيَّة فِي ذَلِك حنث وَإِلَّا فَلَا
وَقَالَ أَحْمد يَحْنَث مُطلقًا
وَلَو حلف ليقضينه دينه فِي غَد فقضاه قبله
قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد لَا يَحْنَث
وَقَالَ الشَّافِعِي يَحْنَث
وَلَو مَاتَ صَاحب الْحق قبل الْغَد حنث عِنْد أبي يُوسُف وَأحمد
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَحْنَث
وَقَالَ مَالك إِن قَضَاهُ الْوَرَثَة أَو القَاضِي فِي الْغَد لم يَحْنَث
وَإِن أَخّرهُ حنث
وَإِن حلف ليشربن مَاء هَذَا الْكوز فِي غَد فأهريق قبل الْغَد
قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَحْنَث
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ إِن تلف قبل الْغَد بِغَيْر اخْتِيَاره لم يَحْنَث
وَلَو حلف ليشربن مَاء هَذَا الْكوز فَلم يكن مَاء
لم يَحْنَث بالِاتِّفَاقِ
وَقَالَ أَبُو يُوسُف يَحْنَث

فصل لَو فعل الْمَحْلُوف عَلَيْهِ نَاسِيا

قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك يَحْنَث مُطلقًا سَوَاء كَانَ الْحلف بِاللَّه أَو بِالطَّلَاق أَو بالعتاق أَو بالظهار
وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أظهرهمَا لَا يَحْنَث مُطلقًا
وَعند أَحْمد ثَلَاث رِوَايَات
إِحْدَاهَا إِن كَانَت الْيَمين بِاللَّه تَعَالَى أَو بالظهار لم يَحْنَث
وَإِن كَانَت بِالطَّلَاق أَو بالعتاق حنث
الثَّانِيَة يَحْنَث فِي الْجَمِيع
وَالثَّالِثَة لَا يَحْنَث فِي الْجَمِيع
وَاخْتلفُوا فِي يَمِين الْمُكْره فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا تَنْعَقِد
وَقَالَ أَبُو حنيفَة تَنْعَقِد
وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا قَالَ وَالله لَا كلمت فلَانا حينا وَنوى بِهِ شَيْئا معينا أَنه على مَا نَوَاه
وَإِن لم يُنَوّه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد لَا يكلمهُ سِتَّة أشهر
وَقَالَ مَالك سنة
وَقَالَ الشَّافِعِي سَاعَة

(2/261)


وَلَو حلف لَا يكلم فلَانا فكاتبه أَو راسله أَو أَشَارَ بِيَدِهِ أَو عينه أَو رَأسه
قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي الْجَدِيد لَا يَحْنَث
وَقَالَ مَالك يَحْنَث بالمكاتبة
وَفِي المراسلة وَالْإِشَارَة عَنهُ رِوَايَتَانِ
وَقَالَ أَحْمد يَحْنَث
وَهُوَ الْقَدِيم عِنْد الشَّافِعِي

فصل لَو قَالَ لزوجته إِن خرجت
بِغَيْر إذني
فَأَنت طَالِق وَنوى شَيْئا معينا
فَإِنَّهُ على مَا نَوَاه
وَإِن لم ينْو شَيْئا أَو قَالَ أَنْت طَالِق إِن خرجت إِلَّا أَن آذن لَك أَو حَتَّى آذن لَك قَالَ أَبُو حنيفَة إِن قَالَ إِن خرجت بِغَيْر إذني فَلَا بُد من الْإِذْن فِي كل مرّة
وَإِن قَالَ إِلَّا أَن آذن لَك أَو حَتَّى آذن لَك أَو إِلَى أَن آذن لَك كفى مرّة وَاحِدَة
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ الْخُرُوج الأول يحْتَاج إِلَى الْإِذْن فِي الْجَمِيع
وَلَو أذن لَهَا من حَيْثُ لَا تسمع لم يكن ذَلِك إِذْنا عِنْد الثَّلَاثَة
وَقَالَ الشَّافِعِي هُوَ إِذن صَحِيح

فصل وَلَو حلف لَا يَأْكُل الرؤوس
وَلَا نِيَّة لَهُ
بل أطلق وَلَا يُوجد سَبَب يسْتَدلّ بِهِ على النِّيَّة
قَالَ مَالك وَأحمد يحمل على جَمِيع مَا سمى رَأْسا حَقِيقَة فِي وضع اللُّغَة وَعرفهَا من الْأَنْعَام والطيور وَالْحِيتَان
وَقَالَ أَبُو حنيفَة يحمل على رُؤُوس الْبَقر وَالْغنم خَاصَّة
وَقَالَ الشَّافِعِي يحمل على الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم

فصل لَو حلف ليضربن زيدا
مائَة سَوط
فَضَربهُ بضغث فِيهِ مائَة شِمْرَاخ
فَهَل يبر بذلك قَالَ مَالك وَأحمد لَا يبر
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ يبر
وَلَو حلف لَا يهب فلَانا هبة فَتصدق عَلَيْهِ
قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يَحْنَث
وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَحْنَث
وَلَو حلف ليقْتلن فلَانا وَكَانَ مَيتا وَهُوَ لَا يعلم بِمَوْتِهِ لم يَحْنَث
وَإِن كَانَ يعلم حنث عِنْد الثَّلَاثَة
وَقَالَ مَالك لَا يَحْنَث مُطلقًا علم أَو لم يعلم
وَلَو حلف أَنه لَا مَال لَهُ وَله دُيُون
قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَحْنَث
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يَحْنَث
وَلَو حلف لَا يَأْكُل فَاكِهَة
فَأكل رطبا أَو رمانا
قَالَ أَبُو حنيفَة وَحده لَا يَحْنَث
وَقَالَ الثَّلَاثَة يَحْنَث
وَلَو حلف لَا يَأْكُل أدما
فَأكل اللَّحْم أَو الْخبز أَو الْبيض
قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَحْنَث إِلَّا بِأَكْل مَا يطْبخ
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يَحْنَث فِي أكل الْكل
وَلَو حلف لَا يَأْكُل لَحْمًا فَأكل سمكًا
قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ لَا يَحْنَث
وَلَو حلف لَا يَأْكُل لَحْمًا
فَأكل شحما
لم يَحْنَث عِنْد الثَّلَاثَة
وَقَالَ مَالك يَحْنَث
وَلَو حلف لَا يَأْكُل شحما فَأكل من شَحم الظّهْر حنث عِنْد الثَّلَاثَة
وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا

(2/262)


يَحْنَث
وَلَو حلف لَا يشم البنفسج فشم دهنه
قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد يَحْنَث
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَحْنَث
وَلَو حلف لَا يستخدم هَذَا العَبْد فخدمه من غير أَن يستخدمه وَهُوَ سَاكِت لَا ينهاه عَن خدمته
قَالَ أَبُو حنيفَة إِن لم يسْبق مِنْهُ خدمَة قبل الْيَمين فخدمه بِغَيْر إِذْنه لم يَحْنَث
وَإِن كَانَ قد استخدمه قبل الْيَمين وَبَقِي على الْخدمَة لَهُ حنث
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَحْنَث فِي عبد غَيره
وَفِي عبد نَفسه لأَصْحَابه وَجْهَان
وَقَالَ مَالك وَأحمد يَحْنَث مُطلقًا
وَلَو حلف لَا يتَكَلَّم
فَقَرَأَ الْقُرْآن
قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يَحْنَث مُطلقًا
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن قَرَأَ فِي الصَّلَاة لم يَحْنَث أَو فِي غَيرهَا حنث
وَلَو حلف لَا يدْخل على فلَان بَيْتا فَأدْخل فلَان عَلَيْهِ فاستدام الْمقَام مَعَه
قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه لَا يَحْنَث
وَقَالَ مَالك وَأحمد يَحْنَث
وَهُوَ القَوْل الثَّانِي للشَّافِعِيّ
وَلَو حلف لَا يسكن مَعَ فلَان دَارا بِعَينهَا فاقتسماها وَجعلا بَينهمَا حَائِطا وَلكُل وَاحِد بَابا وغلقا وَسكن كل وَاحِد مِنْهُمَا من جنب
قَالَ مَالك يَحْنَث وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد لَا يَحْنَث
وَعَن أبي حنيفَة رِوَايَتَانِ
وَلَو قَالَ مماليكي أَو عَبِيدِي أَحْرَار
قَالَ أَبُو حنيفَة يدْخل فِيهِ الْمُدبر وَأم الْوَلَد
وَأما الْمكَاتب فَلَا يدْخل إِلَّا بنية والشقص لَا يدْخل أصلا
وَقَالَ الطَّحَاوِيّ يدْخل الْكل
وَهُوَ مَذْهَب مَالك
وَقَالَ الشَّافِعِي يدْخل الْمُدبر وَالْعَبْد وَأم الْوَلَد
وَعنهُ فِي الْمكَاتب قَولَانِ
أصَحهمَا أَنه لَا يدْخل
وَقَالَ أَحْمد يدْخل الْكل
وَعنهُ رِوَايَة فِي الشّقص أَنه لَا يدْخل إِلَّا بنية

فصل وَاتَّفَقُوا على أَن الْكَفَّارَة
إطْعَام عشرَة مَسَاكِين أَو كسوتهم أَو تَحْرِير رَقَبَة
والحالف مُخَيّر فِي أَي ذَلِك شَاءَ
فَإِن لم يجد انْتقل إِلَى صِيَام ثَلَاثَة أَيَّام
وَهل يجب التَّتَابُع فِي صَومهَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد يجب
وَقَالَ مَالك لَا يجب
وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ
الْجَدِيد الرَّاجِح أَنه لَا يجب
وَأَجْمعُوا على أَنه لَا يجزىء فِي الْإِعْتَاق إِلَّا رَقَبَة مُؤمنَة سليمَة من الْعُيُوب خَالِيَة من شركَة إِلَّا أَبَا حنيفَة
فَإِنَّهُ لم يعْتَبر فِيهَا الْإِيمَان
وَهُوَ مُشكل
لِأَن الْعتْق ثَمَرَته تَخْلِيص رَقَبَة لعبادة الله عز وَجل
فَإِذا أعتق رَقَبَة كَافَّة فَإِنَّمَا فرغها لعبادة إِبْلِيس
وَالْعِتْق قربَة أَيْضا
وَلَا يحسن التَّقَرُّب بِكَافِر

(2/263)


وَأَجْمعُوا على أَنه لَو أطْعم مِسْكينا وَاحِدًا عشرَة أَيَّام لم تحسب إِلَّا عَن إطْعَام وَاحِد إِلَّا أَبَا حنيفَة
فَإِنَّهُ قَالَ يُجزئهُ عَن عشرَة مَسَاكِين
وَاخْتلفُوا فِي مِقْدَار مَا يطعم كل مِسْكين
فَقَالَ مَالك مد وَهُوَ رطلان بالبغدادي وَشَيْء من الْأدم
فَإِن اقْتصر على مد أَجزَأَهُ
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن أخرج برا
فَنصف صَاع أَو تَمرا أَو شَعِيرًا فصاعا
وَقَالَ أَحْمد رَحمَه الله مد من حِنْطَة أَو دَقِيق أَو مدان من شعير أَو تمر أَو رطلان من خبز
وَقَالَ الشَّافِعِي لكل مِسْكين مدا
وَالْكِسْوَة مقدرَة بِأَقَلّ مَا تجزىء بِهِ الصَّلَاة عِنْد مَالك وَأحمد
فَفِي حق الرجل ثوب كقميص وَإِزَار
وَفِي حق الْمَرْأَة قَمِيص وخمار
وَعند أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ يجزىء أقل مَا يَقع عَلَيْهِ الِاسْم
وَقَالَ أَبُو حنيفَة أَقَله قبَاء أَو قَمِيص أَو كسَاء أَو رِدَاء
وَلَهُم فِي الْعِمَامَة والمنديل والسراويل والمئزر رِوَايَتَانِ
وَقَالَ الشَّافِعِي يجزىء جَمِيع ذَلِك
وَفِي القلنسوة لأَصْحَابه وَجْهَان
وَأَجْمعُوا على أَنه يجوز دَفعهَا إِلَى الْفُقَرَاء الْمُسلمين الْأَحْرَار وَإِلَى صَغِير يقبضهَا وليه
وَهل يجزىء لصغير لم يطعم الطَّعَام قَالَ الثَّلَاثَة نعم
وَقَالَ أَحْمد لَا
وَلَو أطْعم خَمْسَة وكسا خَمْسَة
قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد تجزىء
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا تجزىء

فصل لَو كرر الْيَمين
على شَيْء وَاحِد أَو على أَشْيَاء وَحنث
قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَلَيْهِ لكل يَمِين كَفَّارَة إِلَّا أَن مَالِكًا اعْتبر إِرَادَة التَّأْكِيد
فَقَالَ إِن أَرَادَ التَّأْكِيد فكفارة وَاحِدَة أَو الِاسْتِئْنَاف فَلِكُل يَمِين كَفَّارَة
وَعَن أَحْمد رِوَايَة أُخْرَى عَلَيْهِ كَفَّارَة وَاحِدَة فِي الْجَمِيع
وَقَالَ الشَّافِعِي إِن كَانَت على شَيْء وَاحِد وَنوى بِمَا زَاد على الأولة التَّأْكِيد فَهُوَ على مَا نوى
وَيلْزمهُ كَفَّارَة وَاحِدَة
وَإِن أَرَادَ بالتكرار الِاسْتِئْنَاف فهما يمينان
وَفِي الْكَفَّارَة قَولَانِ
أَحدهمَا كَفَّارَة
وَالثَّانِي كفارتان
وَإِن كَانَت على أَشْيَاء مُخْتَلفَة فَلِكُل شَيْء مِنْهَا كَفَّارَة

فصل لَو أَرَادَ العَبْد التَّكْفِير
بالصيام
فَهَل يملك سَيّده مَنعه قَالَ الشَّافِعِي إِن

(2/264)


أذن لَهُ فِي الْيَمين والحنث لم يمنعهُ
وَإِلَّا فَلهُ مَنعه
وَقَالَ أَحْمد لَيْسَ لَهُ مَنعه على الْإِطْلَاق
وَقَالَ أَصْحَاب أبي حنيفَة لَهُ مَنعه مُطلقًا إِلَّا فِي كَفَّارَة الظِّهَار
وَقَالَ مَالك إِن أضربه الصَّوْم فَلهُ مَنعه وَإِلَّا فَلَا
وَله الصَّوْم من غير إِذْنه إِلَّا فِي كَفَّارَة الظِّهَار
فَلَيْسَ لَهُ مَنعه مُطلقًا

فصل وَلَو قَالَ إِن فعل كَذَا

فَهُوَ يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ أَو كَافِر أَو برىء من الْإِسْلَام أَو الرَّسُول ثمَّ فعله حنث
وَوَجَبَت الْكَفَّارَة عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا كَفَّارَة
وَلَو قَالَ وعهد الله وميثاقه فَهُوَ يَمِين إِلَّا عِنْد أبي حنيفَة إِلَّا أَن يَقُول عَليّ عهد الله وميثاقه فيمين بالِاتِّفَاقِ
وَلَو قَالَ وَأَمَانَة الله فيمين إِلَّا عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ

فصل وَلَو حلف لَا يلبس حليا
فَلبس خَاتمًا
حنث عِنْد الثَّلَاثَة
وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَحْنَث
وَلَو حَلَفت الْمَرْأَة لَا تلبس حليا فَلبِست اللُّؤْلُؤ والجوهر حنثت
وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا تَحنث إِلَّا أَن يكون مَعَه ذهب أَو فضَّة
وَلَو قَالَ الله لَا أكلت هَذَا الرَّغِيف فَأكل بعضه أَو لَا شربت مَاء هَذَا الْكوز فَشرب بعضه أَو لَا لبست من غزل فُلَانَة فَلبس ثوبا فِيهِ من غزلها أَو لَا دخلت هَذِه الدَّار فَأدْخل رجله أَو يَده لم يَحْنَث عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ
وَقَالَ مَالك وَأحمد يَحْنَث
وَلَو حلف لَا يَأْكُل طَعَاما اشْتَرَاهُ فلَان فَأكل مِمَّا اشْتَرَاهُ هُوَ وَغَيره حنث عِنْد مَالك وَأحمد
وَكَذَلِكَ لَو حلف لَا يلبس ثوبا اشْتَرَاهُ فلَان أَو لَا يسكن دَارا اشْتَرَاهَا وَمَا فِي معنى ذَلِك
فَقَالَ أَبُو حنيفَة يَحْنَث بِأَكْل الطَّعَام وَحده
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَحْنَث فِي الْجَمِيع

فصل وَلَو حلف لَا يَأْكُل
هَذَا الدَّقِيق فاستف مِنْهُ أَو خبزه وَأكله حنث عِنْد مَالك وَأحمد
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن استف لم يَحْنَث وَإِن خبزه وَأكل حنث
وَقَالَ الشَّافِعِي إِن استف حنث وَإِن خبز وَأكل لم يَحْنَث
وَلَو حلف لَا يدْخل دَار فلَان حنث بِمَا يسكنهُ بالكراء عِنْد الثَّلَاثَة
وَكَذَا لَو حلف لَا يركب دَابَّة فلَان فَركب دَابَّة عَبده حنث عِنْدهم
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَحْنَث إِن لم يكن لَهُ نِيَّة
وَلَو حلف لَا يشرب من الدجلة أَو الْفُرَات أَو النّيل
فغرف من مَائِهَا بِيَدِهِ أَو بِإِنَاء وَشرب حنث عِنْد الثَّلَاثَة
وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَحْنَث حَتَّى يكرع بِفِيهِ مِنْهَا كرعا
وَلَو حلف لَا يشرب مَاء هَذَا الْبِئْر

(2/265)


فَشرب مِنْهُ قَلِيلا حنث عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد
إِلَّا أَن يَنْوِي أَن لَا يشرب جَمِيعه
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَحْنَث

فصل وَلَو حلف لَا يضْرب زَوجته
فخنقها أَو عضها أَو نتف شعرهَا
حنث عِنْد الثَّلَاثَة
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَحْنَث
وَلَو حلف لَا يستبرىء وجامعها حنث
وَإِن عصبها
يطْلب وَلَدهَا عِنْد مَالك وَأحمد
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن أحصنها وجامعها حنث
وَزَاد الشَّافِعِي وَطلب وَلَدهَا
وَلَو حلف لَا يهب فلَانا شَيْئا ثمَّ وهبه فَلم يقبله حنث عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَحْنَث حَتَّى يقبله ويقبضه
وَلَو حلف لَا يَبِيع فَبَاعَ بِشَرْط الْخِيَار لنَفسِهِ حنث عِنْد الثَّلَاثَة
وَقَالَ مَالك لَا يَحْنَث

فصل وَإِذا كَانَ لَهُ مَال غَائِب
أَو دين وَلم يجد مَا يعْتق أَو يكسو أَو يطعم لم يجزه الصّيام
وَعَلِيهِ أَن يصبر حَتَّى يصل إِلَى مَاله ثمَّ يكفر بِالْمَالِ عِنْد الثَّلَاثَة
وَقَالَ أَبُو حنيفَة يُجزئهُ الصّيام عِنْد غيبَة المَال
انْتهى
المصطلح وَهُوَ يشْتَمل على صور كَثِيرَة مُتعَدِّدَة بِتَعَدُّد الوقائع فِي الدَّعَاوَى الشَّرْعِيَّة
وتختلف باخْتلَاف حالاتها
وَلكنهَا لَا تخرج عَن الْأَقْسَام الَّتِي تقدم ذكرهَا
وَهِي تَارَة تقع جَوَابا عَن الدَّعْوَى
وَتلك يَمِين الْمُنكر وَتَقَع مُخَالفَة لدعوى الْمُدَّعِي غير ملزمة لما ادَّعَاهُ حَيْثُ لَا بَيِّنَة
وَتارَة تكون يَمِين الْحجَّة وَهِي المكملة لبينة الْمُدَّعِي
وَهِي لَا تقع إِلَّا مَعَ الشَّاهِد الْوَاحِد فِي الْأَمْوَال عِنْد من يرى الْعَمَل بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين
وَلَا يجْرِي إِلَّا على وفْق مَا يشْهد بِهِ الشَّاهِد الْوَاحِد لفظا لَا معنى ليكمل بهَا الْحجَّة فِي الْمُدعى بِهِ
وَتارَة تكون يَمِين اسْتِحْقَاق مَعَ الشَّاهِد
وَهِي الَّتِي يَأْتِي فِيهَا الْحَالِف بِصفة اسْتِحْقَاقه لما يحلف عَلَيْهِ
وعَلى عدم الْمسْقط لذَلِك ولشيء مِنْهُ إِلَى حِين الْحلف
وَقد تقدم تَقْرِير هَذِه الْيَمين فِي سبع مسَائِل
وَأما صور الْأَيْمَان الَّتِي تجْرِي بَين وُلَاة العهود من الْمُلُوك والسلاطين وكفال الممالك وأمراء الدولة والأمناء من أَرْبَاب وظائفها
ونواب القلاع وَغَيرهم على الْعَادة الْجَارِيَة بَينهمَا فِي مثل ذَلِك وأيمان أهل الْكتاب
فَمِنْهَا

(2/266)


صُورَة يَمِين السلاطين والأمراء أَقُول وَأَنا فلَان وَالله وَالله وَالله الْعَظِيم الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة الطَّالِب الْغَالِب الْمدْرك المهلك المنتقم الْجَبَّار الَّذِي يعلم خَائِنَة الْأَعْين وَمَا تخفي الصُّدُور الْقَائِم على كل نفس بِمَا كسبت والمجازي لَهَا بِمَا عملت وَحقّ جلال الله وقدرة الله وكبرياء الله وعظمة الله
وَسَائِر أَسْمَائِهِ الْحسنى وَصِفَاته الْعليا إِنَّنِي من وقتي هَذَا
وَمَا أمد الله فِي عمري قد أخلصت نيتي وأصفيت طويتي وَلَا أَزَال مُجْتَهدا فِي إخلاص النِّيَّة وإصفاء الطوية لمولانا السُّلْطَان فلَان أَو لأوالين مَوْلَانَا السُّلْطَان فلَان بِصدق من نيتي وإخلاص من طويتي واستواء من باطني وظاهري وسري وجهري وَقَوْلِي وفعلي ولأعادين أعداءه وَلَا أصحبهم فِي سَائِر مَا أتصرف فِيهِ من علمه ولأقطعن مَا بيني وَبَين أعدائه أَو بَين فلَان من سَبَب وعصمة وذمام وعلقة وتبعة ولأحاربن من حاربه ولأسالمن من سالمه ولأعادين من عداهُ ولأوالين من وَالَاهُ من سَائِر النَّاس أَجْمَعِينَ
وإنني وَالله الْعَظِيم لَا أضمر لمولانا السُّلْطَان سوءا وَلَا غدرا وَلَا مكرا وَلَا خديعة وَلَا خِيَانَة فِي نفس وَلَا مَال وَلَا سلطنة وَلَا قلاع وَلَا حصون وَلَا بِلَاد وَلَا غير ذَلِك وَلَا أسعى فِي تَفْرِيق كلمة أَحْمد من أمرائه وَلَا مماليكه وَلَا عساكره وَلَا جُنُوده وَلَا أستميل طَائِفَة مِنْهُم وَلَا من غَيرهم على اخْتِلَاف الْأَجْنَاس لغيره وَلَا أوافق على ذَلِك بقول وَلَا فعل وَلَا نِيَّة وَلَا مُكَاتبَة وَلَا مراسلة وَلَا إِشَارَة وَلَا صَرِيح وَلَا كِنَايَة
وَإِن ورد عَليّ كتاب من أحد من خلق الله بِمَا فِيهِ مضرَّة على مَوْلَانَا السُّلْطَان أَو على دولته لَا أعمل بِهِ وَلَا أصغي إِلَيْهِ
وأنفذ الْكتاب أَو أحملهُ إِلَى بَين يَدَيْهِ الشَّرِيفَة وَمن أحضرهُ إِن قدرت على إِمْسَاكه
ولأكونن كَأحد أوليائه فِي مناصبة أعدائه ومباينتهم والتصدي لطلبهم وَالدّلَالَة على عَوْرَاتهمْ والإنهاء لما يتَّصل بِي من أخبارهم وَلَا قبلت أحدا يأوي إِلَيّ من أَصْحَابهم إِلَّا أَن يكون مستأمنا دَاخِلا فِي الطَّاعَة
فأقبله وأنفذه إِلَى حَضرته وأصدق عَن أمره وَلَا حملت إِلَى معسكر فلَان وَلَا أحد من أَصْحَابه ميرة وَلَا أعنتهم بمعونة وَلَا وَافَقت أحدا من أَصْحَابِي على أَن يميرهم وَلَا تأولت فِي ذَلِك وَلَا وريت عَنهُ وَلَا تواطأت عَلَيْهِ
وَمَتى بَلغنِي أَن أحدا من النَّاس فعل ذَلِك ذكرت خَبره لمولانا السُّلْطَان
وَاجْتَهَدت فِي الْخدمَة والنصيحة الْمَحْضَة وَالطَّاعَة الْخَالِصَة من امْتِثَال مراسيم مَوْلَانَا السُّلْطَان
وَالْعَمَل بأوامره الشَّرِيفَة
وَفِي كل مَا يقربنِي إِلَيْهِ وَلَا تَأَخَّرت مَتى رسم لي بالحضور
وَإِن خَالَفت ذَلِك أَو شَيْئا مِنْهُ أَو تأولت فِيهِ أَو فِي شَيْء مِنْهُ أَو نقضته أَو شَيْئا مِنْهُ
فأيمان الْبيعَة لَازِمَة لي بحلالها وحرامها وطلاقها وعتاقها
وَكَانَ كل مَا أملكهُ من

(2/267)


صَامت وناطق صَدَقَة على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين
وَكَانَت كل زَوْجَة فِي عقد نِكَاحه أَو يَتَزَوَّجهَا فِي الْمُسْتَقْبل طَالقا ثَلَاثًا بتاتا طَلَاق الْحَرج وَالسّنة على سَائِر الْمذَاهب
وَكَانَ كل مَمْلُوك أَو أمة أَو يملكهم فِي الْمُسْتَقْبل أحرارا لوجه الله تَعَالَى
وَكَانَ عَلَيْهِ الْحَج إِلَى بَيت الله الْحَرَام بِمَكَّة المشرفة وَالْوُقُوف بِعَرَفَة ثَلَاثَة حجَّة مُتَوَالِيَات مُتَتَابِعَات كوامل حافيا حاسرا
وَكَانَ عَلَيْهِ صَوْم الدَّهْر كُله إِلَّا الْأَيَّام الْمنْهِي عَنْهَا
وَكَانَ عَلَيْهِ أَن يفك ألف رَقَبَة مُؤمنَة من أسر الْكفَّار وبرئت إِذْ ذَاك من الله وَرَسُوله وَمن الْقُرْآن وَمن أنزلهُ وَأنزل عَلَيْهِ
وأكون قد خلعت عصمَة الْإِسْلَام وخلعت رقبته من عنقِي
وَلَقِيت الله خَارِجا عَنْهَا
وَعَن كل ذمَّة من ذممه وَعَن كل عهد من عهوده
وَهَذِه الْيَمين يَمِيني حَلَفت بهَا طَائِعا رَاغِبًا مُخْتَارًا مذعنا لطاعة الله وَطَاعَة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَولي الْأَمر
وَالنِّيَّة فِيهَا بأسرها نِيَّة مَوْلَانَا السُّلْطَان
وَنِيَّة مستحلفي لَهُ بهَا لَا نِيَّة لي فِي باطني وظاهري سواهَا أشهد الله عَليّ بذلك وَكفى بِاللَّه شَهِيدا
وَالله على مَا أَقُول وَكيل
وَيكْتب الْحَالِف اسْمه فِي نُسْخَة هَذَا الْحلف فِي أَولهَا وَآخِرهَا
وَيكْتب عَنهُ بأَمْره وإذنه إِن كَانَ مِمَّن لَا يكْتب وَإِن أشهد عَلَيْهِ فِي ذَلِك من حضر من أهل الشَّهَادَة
فَهُوَ حسن
وَهَذِه الْيَمين تصلح لِلْبيعَةِ الْعَامَّة
تلخص ويفرد مِنْهَا مَا هُوَ الْمَقْصُود من ذَلِك الْحَالِف وَيحلف عَلَيْهِ
وَأما الوزراء وأرباب التَّصَرُّفَات فِي الْأَمْوَال فَيَزْدَاد فِي تحليفهم وإنني أحفظ أَمْوَال مَوْلَانَا السُّلْطَان خلد الله ملكه من التبذير والإسراف والضياع والخونة وتفريط أهل الْعَجز وَلَا أستخدم فِي ذَلِك وَلَا فِي شَيْء مِنْهُ إِلَّا أهل الْكِفَايَة وَالْأَمَانَة وَلَا أضمن جِهَة من الْجِهَات الديوانية إِلَّا من الأملياء القادرين أَو مِمَّن زَاد زِيَادَة ظَاهِرَة وَأقَام عَلَيْهِ الضَّمَان الثِّقَات وَلَا أؤخر مُطَالبَة أحد بِمَا يتَعَيَّن عَلَيْهِ بِوَجْه حق من حُقُوق الدِّيوَان الْمَعْمُور وَالْمُوجِبَات السُّلْطَانِيَّة على اختلافها
وإنني وَالله الْعَظِيم لَا أرخص فِي تسجيل وَلَا قِيَاس وَلَا أسامح أحدا بِمُوجب يجب عَلَيْهِ إِلَّا لضَرُورَة يتَعَيَّن مَعهَا الْمُسَامحَة وَلَا أخرج عَن أَمر مَوْلَانَا السُّلْطَان فِيمَا يَأْمُرنِي بِهِ وَلَا أعدل عَن مصلحَة تتَعَيَّن لَهُ ولدولته الشَّرِيفَة وَلَا أعلق أَمر مباشري ديوَان دولته الشَّرِيفَة إِلَّا بِمن يصلح أَحْوَاله بِاجْتِهَاد فِي تثمير أَمْوَاله
وكف أَيدي الخونة عَنهُ
وغل أَيْديهم أَن تصل إِلَى شَيْء مِنْهُ بِغَيْر حق وَلَا أدع حَاضرا وَلَا غَائِبا من أُمُور هَذِه الْمُبَاشرَة حَتَّى أجتهد فِيهِ الِاجْتِهَاد الْكُلِّي
وأجرى أُمُوره على السداد وَحسن الِاعْتِمَاد ومحض النَّصِيحَة

(2/268)


وإنني لَا استجديت شَيْئا على المستقر إِطْلَاقه لأحد من خلق الله مَا لم يرسم لي بِهِ إِلَّا مَا فِيهِ مصلحَة ظَاهِرَة
وغبطة وافرة ونفع بَين لهَذِهِ الدولة الْقَاهِرَة
وإنني وَالله الْعَظِيم أؤدي الْأَمَانَة فِي كل كلما علق بِي ووليته من الْقَبْض وَالصرْف وَالْولَايَة والعزل والتقديم وَالتَّأْخِير وجهات الاستحقاقات الْقَلِيل مِنْهَا وَالْكثير والجليل والحقير
ويكمل على نَحْو مَا سبق
وَأما الدوادارية وَكتاب السِّرّ فيزاد فِي تحليفهم وإنني مهما اطَّلَعت عَلَيْهِ من مصَالح مَوْلَانَا السُّلْطَان فلَان ونصائحه وَأمر أَتَى ملكه ونازحه أوصله وأعرضه عَلَيْهِ وَلَا أخفيه شَيْئا مِنْهُ
وَلَو كَانَ عَليّ وَلَا أكتمه وَلَو خفت وُصُول ضَرَره إِلَيّ
ويفرد الدوادار وإنني لَا أؤدي عَن مَوْلَانَا السُّلْطَان رِسَالَة فِي إِطْلَاق مَال وَلَا اسْتِخْدَام مستخدم وَلَا اقتطاع إقطاع وَلَا تَرْتِيب مُرَتّب وَلَا تَجْدِيد مستجد وَلَا سداد شاغر وَلَا فصل مُنَازعَة وَلَا كِتَابَة توقيع وَلَا مرسوم وَلَا كتاب صَغِيرا كَانَ أَو كَبِيرا جَلِيلًا كَانَ أَو حَقِيرًا إِلَّا بعد عرضه على مسامع مَوْلَانَا السُّلْطَان فلَان ومشاورته ومعاودة أمره الشريف ومراجعته فِيهِ
ويفرد كتاب السِّرّ وإنني وَالله الْعَظِيم مهما تَأَخَّرت قِرَاءَته من الْكتب الْوَارِدَة على مَوْلَانَا السُّلْطَان فلَان من الْبعيد والقريب
أعاوده فِيهِ فِي وَقت آخر
فَإِن لم أعاود فِيهِ لمجموع لَفظه لطوله
عاودته فِيهِ بِمَعْنَاهُ مُلَخصا
وإنني لَا أجاوب فِي شَيْء لم ينص المرسوم الشريف فِيهِ بِنَصّ خَاص
مِمَّا لم تجر الْعَادة بِالنَّصِّ فِيهِ لَا أجاوب فِيهِ إِلَّا بأكمل مَا أرى أَن فِيهِ مصلحَة مَوْلَانَا السُّلْطَان فلَان ومصلحة دولته الشَّرِيفَة بأسد جَوَاب أقدر عَلَيْهِ
ويصل اجتهادي إِلَيْهِ
وَمهما أمكن الْمُرَاجَعَة فِيهِ لمولانا السُّلْطَان فلَان راجعته فِيهِ وَقت الْإِمْكَان
وعملت بِنَصّ مَا يرسم لي بِهِ فِيهِ
وَأما نواب القلاع فيزاد فِي تحليفهم وإنني أجمع رجال هَذِه القلعة ويسمي القلعة الَّتِي هُوَ فِيهَا على طَاعَة مَوْلَانَا السُّلْطَان فلَان وخدمته فِي حفظ هَذِه القلعة وحمايتها وتحصينها والذب عَنْهَا وَالْجهَاد دونهَا والمدافعة بِكُل طَرِيق
وإنني أحفظ حواصلها وذخائرها وَسلَاح خاناتها على اخْتِلَاف أَنْوَاع مَا فِيهَا من الأقوات والأسلحة حفظا تَاما
وَلَا أخرج شَيْئا مِنْهَا إِلَّا فِي أَوْقَات الْحَاجة والضرورة الداعية الْمُتَعَيّن فِيهَا تَفْرِيق الأقوات وَالسِّلَاح على قدر الْحَاجة
وإنني أكون فِي ذَلِك كواحد مِمَّن يتبع اتِّبَاع رجال هَذِه القلعة وَلَا أتخصص وَلَا أمكن من التَّخْصِيص فِيمَا لَا يُمكن فِيهِ التَّخْصِيص

(2/269)


قلت بدين التَّوْحِيد
وتعبدت غير الأرباب
وَقلت إِن الْمعَاد غير روحاني وَأَن نَبِي المعمودية لَا يسبح فِي فسيح السَّمَاء وأبيت من وجود الْحور الْعين فِي الْمعَاد
وَأَن فِي الدَّار الْآخِرَة التلذذات الجسمانية وَخرجت خُرُوج الشعرة من الْعَجِين من دين النَّصْرَانِيَّة وبرأت من اعتقادي فِي الْمَسِيح وَأمه وأكون محروما من ديني
وَقلت إِن جرجس لم يقتل مَظْلُوما
فَإِن كَانَ الْحَالِف يعقوبيا بدل قَوْله اللاهوت بالناسوت بقوله ممارسة اللاهوت الناسوت وَيبْطل قَوْله ووافقت البردعان بإنطاكية
وجحدت مَذْهَب الملكانية ويبدله بقوله وكذبت يَعْقُوب
وَقلت إِنَّه غير نَصْرَانِيّ وجحدت اليعقوبية
وَقلت إِن الْحق مَعَ الملكية
وكذبت مَا تضمنه الْإِنْجِيل الْمُقَدّس
ومزقت شَدَائِد مَرْيَم وعصبت بهَا رَأْسِي
وذبحت القسوس وَتركت على المذبح حَيْضَة يَهُودِيَّة
وطفأت قناديل نَار جرجس وَإِلَّا تزوجت يَهُودِيَّة طمثاء حَتَّى لَا أطهر أبدا وَإِلَّا غسلت أثوابي صَبِيحَة الْجمع
ورميت القاذورات فِي الْكَنَائِس وَالْبيع وعصيت اللاهوت وجحدت الناسوت
صُورَة يَمِين السامرة وَهِي على نَحْو يَمِين الْيَهُود لأَنهم مِنْهُم
وَقد قَالَ الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم إِن وَافَقت أصولهم أصُول الْيَهُود أقرُّوا وَإِلَّا فَلَا
وَصُورَة يمينهم تفرد بِموضع خلافهم لفرق الْيَهُود
فَإِنَّهُم يوافقونهم فِي شَيْء ويخالفونهم فِي أَشْيَاء
وَهِي وَالله وَالله وَالله الْعَظِيم الْبَارِي الْقَادِر القاهر الْقَدِيم الأزلي رب مُوسَى وَهَارُون منزل التَّوْرَاة والألواح الْجَوْهَر بِمَا فِيهَا من الْآيَات الْعَظِيمَة منقذ بني إِسْرَائِيل وناصب الطّور قبْلَة للمتعبدين وَإِلَّا كفرت بِمَا فِي التَّوْرَاة وبرئت من نبوة مُوسَى
وَقلت بِأَن الْإِمَامَة فِي غير بني هَارُون ودكيت الطّور
وقلعت بيَدي أثر الْبَيْت الْمَعْمُور واستبحت حرمات السبت
وَقلت بالتأويل فِي الدّين وأقررت بِصِحَّة توراة الْيَهُود وَأنْكرت القَوْل بِأَنَّهُ لَا مساس وَلم أتجنب شَيْئا من الذَّبَائِح
وأكلت الجدي بِلَبن أمه
وسعيت فِي الْخُرُوج إِلَى الأَرْض الْمَحْظُور على سكنها وأتيت النِّسَاء الْحيض زمَان الطمث مستبيحا لَهُنَّ وَبت مَعَهُنَّ فِي الْمضَاجِع وَكنت أول كَافِر بخلافة هَارُون وأنفت مِنْهَا أَن تكون
وَصُورَة يَمِين الْمَجُوس إِنَّنِي وَالله وَالله الرب الْعَظِيم الْقَدِيم النُّور الأزلي رب الأرباب وإله الْآلهَة ماحي آيَة الظُّلم والموجد من الْعَدَم مُدبر الأفلاك ومسيرها ومنور الشهب ومصورها خَالق الشَّمْس وَالْقَمَر ومنبت النَّجْم وَالشَّجر وَالنَّار والنور

(2/270)


والظل والحرور وَحقّ حيومرت وَمَا أولد من كرائم النَّسْل وزرادشت وَمَا جَاءَ بِهِ من القَوْل الْفَصْل والزبد وَمَا تضمن والخط المستدير وَمَا بَين وَإِلَّا أنْكرت أَن زرادشت لم يَأْتِ بالدائرة الصَّحِيحَة بِغَيْر آلَة وَأَن مملكة أفريدون كَانَت ضَلَالَة وأكون قد أشركت بهراسف فِيمَا سفك طعما لحيته
وَقلت إِن دانيال لم يُسَلط عَلَيْهِ
وَحرقت بيد الدرفش
وَأنْكرت مَا عَلَيْهِ من الْوَضع الَّذِي أشرقت عَلَيْهِ أجرام الْكَوَاكِب وتمازجت فِيهِ القوى الأرضية بالقوى السماوية وكذبت هاني وصدقت مدرك واستبحت فُصُول الْفروج وَالْأَمْوَال وَقلت بإنكار التَّرْتِيب فِي طَبَقَات الْعَالم وَأَنه لَا مرجع فِي الْأُبُوَّة إِلَّا إِلَى آدم
وفضلت الْعَرَب على الْعَجم
وَجعلت الْفرس كَسَائِر الْأُمَم ومسحت بيَدي خطوط الفهلوية
وجحدت السياسة الساسانية
وَكنت مِمَّن غزا الْفرس مَعَ الرّوم
وَمِمَّنْ خطأ سَابُور فِي خلع أكتاف الْعَرَب وجلبت الْبلَاء إِلَى بابل وَدنت بِغَيْر دين الْأَوَائِل وَإِلَّا أطفأت النَّار وأنكزت فعل الْفلك الدوار
ومالأت فَاعل اللَّيْل على فَاعل النَّهَار
وأبطلت حكم النيروز والمهرجان وَأَطْفَأت لَيْلَة الصدْق مصابيح النيرَان وَإِلَّا أكون مِمَّن حرم فروج الْأُمَّهَات
وَقَالَ بِأَنَّهُ لَا يجوز الْجمع بَين الْأَخَوَات وأكون مِمَّن أنكر صَوَاب أزدشير وَكتب لفيومي بئس الْمولى وَبئسَ العشير
وَأما صُورَة أَيْمَان أهل الْبدع من الرافضة وأنواع الشِّيعَة فهم طوائف كَثِيرَة يجمعهُمْ حب عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ
وتختلف فرقهم فِي سواهُ
فَأَما مَعَ إِجْمَاعهم على حبه فهم مُخْتَلفُونَ فِي اعْتِقَادهم فِيهِ
فَمنهمْ أهل غلو مفرط وعتو زَائِد وَمِنْهُم من أدّى بِهِ الغلو إِلَى أَن اتخذ عليا إِلَهًا
وَمِنْهُم النصيرية
وَمِنْهُم من قَالَ إِنَّه النَّبِي الْمُرْسل وَلَكِن غلط جِبْرِيل
وَمِنْهُم من قَالَ إِنَّه شريك فِي النُّبُوَّة والرسالة
وَمِنْهُم من قَالَ إِنَّه وصّى النُّبُوَّة بِالنَّصِّ الْجَلِيّ
ثمَّ اخْتلفُوا فِي الْإِمَامَة بعده
وَأَجْمعُوا بعده على الْحسن ثمَّ الْحُسَيْن
قَالَت فرقة وبعدهما مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة
وجماهير الْقَوْم الْمَوْجُودين الْآن فرق ظَاهِرَة فِي هَذِه الممالك
مِنْهُم النصيرية والإسماعيلية والإمامية والزيدية
فَأَما النصرية فهم الْقَائِلُونَ بألوهية عَليّ
وَإِذا مر بهم السَّحَاب
قَالُوا السَّلَام عَلَيْك أَبَا الْحسن يَزْعمُونَ أَن السَّحَاب مَسْكَنه
وَيَقُولُونَ إِن الرَّعْد صَوته وَإِن الْبَرْق ضحكه وَإِن سلمَان الْفَارِسِي رَسُوله وَيُحِبُّونَ ابْن ملجم
وَيَقُولُونَ إِنَّه خلص اللاهوت من الناسوت
وَلَهُم خطاب بَينهم من خاطبوه بِهِ لَا يعود يرجع عَنْهُم
وَلَا يذيع مَا

(2/271)


وإنني وَالله وَالله وَالله لَا أفتح أَبْوَاب هَذِه القلعة إِلَّا فِي الْأَوْقَات الْجَارِي بهَا عَادَة أَبْوَاب الْحُصُون وأغلقها فِي الْوَقْت الْجَارِي بِهِ الْعَادة وَلَا أفتحها إِلَّا بشمس وَلَا أغلقها إِلَّا بشمس وإنني أطالب الحراس والدراجة وأرباب النوب فِي هَذِه القلعة بِمَا جرت بِهِ العوائد اللَّازِمَة لكل مِنْهُم مِمَّا فِي ذَلِك جَمِيعه مصلحَة مَوْلَانَا السُّلْطَان فلَان وَلَا أسلم هَذِه القلعة إِلَّا لمولانا السُّلْطَان فلَان أَو بمرسومه الشريف وأمارته الصَّحِيحَة وأوامره الصَّرِيحَة
وإنني لَا أستخدم فِي هَذِه القلعة إِلَّا من فِيهِ نفع لَهَا وأهلية للْخدمَة وَلَا أعمل فِي ذَلِك بغرض نفس
وَلَا أرخص فِيهِ لمن يعْمل بغرض نفس لَهُ وَلَا أواطىء وَلَا أداجي وَلَا أوالس وَلَا أدس دسيسة وَلَا أعمل حِيلَة فِي إِطْلَاق أحد مِمَّن يبرز مرسوم مَوْلَانَا السُّلْطَان بسجنه والاعتقال عَلَيْهِ بالقلعة الْمشَار إِلَيْهَا
وأعتمد فِيهِ جَمِيع مَا يَأْمُرنِي بِهِ من غير تَفْرِيط وَلَا إهمال وَلَا فَتْرَة وَلَا تماد
وإنني أبذل فِي نصيحته الْجهد وأشمر فِيهَا عَن ساعد الْجد
وأؤدي أَمَانَته وأجتنب خيانته فِي سري وجهري وباطني وظاهري وَأشْهد الله عَليّ بذلك
وَكفى بِاللَّه شَهِيدا
وَأما صور أَيْمَان أهل الْكتاب
فَمِنْهَا صُورَة يَمِين الْيَهُود وَالله وَالله وَالله الْعَظِيم الْقَدِيم الأزلي الْفَرد الصَّمد الْوَاحِد الْأَحَد الْمدْرك المهلك
الطَّالِب الْغَالِب باعث مُوسَى بِالْحَقِّ
وشاد عضده وأزره بأَخيه هَارُون ومنجيه من الْغَرق
وَحقّ التَّوْرَاة المكرمة
وَمَا فِيهَا من الْكَلِمَات المعظمة وَحقّ الْعشْر كَلِمَات الَّتِي أنزلت على مُوسَى فِي الصُّحُف الْجَوْهَر وَإِلَّا تعبدت فِرْعَوْن وهامان وبرئت من إِسْرَائِيل وَدنت دين النَّصْرَانِيَّة وصدقت مَرْيَم فِي دَعْوَاهَا وبرأت يُوسُف النجار وَأنْكرت الْخطاب وتعمدت الطّور بالقاذورات ورميت الصَّخْرَة المقدسة بالنجاسات
وشاركت بخنتصر فِي هدم بَيت الْمُقَدّس وَقتل بني إِسْرَائِيل وألقيت الْعذرَة على مَكَان الْأَسْفَار
وَكنت مِمَّن شرب من النَّهر وَمَال إِلَى جالوت
وَفَارَقت شيعَة طالوت
وَأنْكرت نبوة الْأَنْبِيَاء من بني إِسْرَائِيل ودللت على دانيال وأعلمت جَبَّار مصر مَكَان أرمياء وَكنت مَعَ الْبُغَاة والفواجر يَوْم يحيى
وَقلت إِن النَّار المضيئة من شَجَرَة العوسج نَار إفْك
وَأخذت الطّرق على مَدين
وَقلت بالعظائم فِي بَنَات شُعَيْب وأجلبت مَعَ السَّحَرَة على مُوسَى ثمَّ بَرِئت مِمَّن آمن مِنْهُم
وَكنت مَعَ من قَالَ اللحاق ليدرك من

(2/272)


فر وأشرت بتخليف تَابُوت يُوسُف فِي مصر وسلمت إِلَى السامري فِي قَوْله
وَنزلت أريحاء مَدِينَة الجبارين
ورضيت بِفعل سكنة سدوم وخالفت أَحْكَام التَّوْرَاة واستبحت السبت وعدوت فِيهِ
وَقلت إِن المضلة ضلال
وَقلت بالبداءة على الله فِي الْأَحْكَام واخترت نسخ الشَّرَائِع
واعتقدت أَن عِيسَى ابْن مَرْيَم الْمَسِيح الْمَوْعُود بِهِ على لِسَان مُوسَى بن عمرَان وانتقلت من الْيَهُودِيَّة إِلَى سواهَا من الْأَدْيَان
واستبحت لحم الْجمل والشحم والحوايا وَمَا اخْتَلَط بِعظم
وَقلت مقَالَة أهل بابل فِي إِبْرَاهِيم
وَإِلَّا أكون محروما من دين الْيَهُودِيَّة حُرْمَة تجمع عَلَيْهَا الْأَحْبَار
ونقلت عَلَيْهَا حصر الْكَنَائِس
ورددت إِلَى التيه
وَحرمت الْمَنّ والسلوى وبرئت من جَمِيع الأسباط
وَقَعَدت عَن حَرْب الجبارين مَعَ الْقُدْرَة والنشاط
وَالله وَالله وَالله إِنَّه لصَادِق فِيمَا حلف
صُورَة يَمِين النَّصَارَى إِنَّنِي وَالله وَالله وَالله الْعَظِيم وَحقّ الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم وَأمه السيدة مَرْيَم
وَإِلَّا بَرِئت من دين النَّصْرَانِيَّة وَالْملَّة المسيحية وَإِلَّا أَبْرَأ من المعمودية وَأَقُول إِن ماءها نجس
وَأَن القرابين رِجْس
وبرئت من يحيى المعمدان
والأناجيل الْأَرْبَع والصلبان
وَقلت إِن مَتى كذوب
وَأَن مَرْيَم المجدلانية بَاطِلَة الدَّعْوَى فِي أَخْبَارهَا عَن السَّيِّد يشوع الْمَسِيح وَقلت فِي السيدة مَرْيَم قَول الْيَهُود
وَدنت دينهم فِي الْجُحُود وَأنْكرت اتِّحَاد اللاهوت والناسوت وبرئت من الآب وَالأُم وَالروح الْقُدس
وكذبت القسوس وَقطعت زناري وَكسرت صليبي ولعنت الشمامسة والديرانيين وهدمت الْكَنَائِس
وَكنت مِمَّن بَال على قسطنطين بن هيلانة وتعمدته بالعظائم
وخالفت المجامع الَّتِي أجمع عَلَيْهَا الأساقفة برومية والقسطنطينية ووافقت البردعان بأنطاكية
وجحدت مَذْهَب الملكانية
وسفهت رَأْي الرهبان وَأنْكرت وُقُوع الصَّلِيب على السَّيِّد يشوع وَكنت مَعَ الْيَهُود حِين صلبوه وجذبت رِدَاء الْكِبْرِيَاء عَن البطريك وَقَعَدت عَن أهل الشعانين
وأبيت عبيد الصَّلِيب والغطاس وَلم أحفل بعيد السيدة
وأكلت لحم الْجمل
وَدنت بدين الْيَهُود
وأبحت حُرْمَة الطَّلَاق
وخنت الْمَسِيح فِي وديعته
وَتَزَوَّجت فِي قرن بامرأتين وهدمت بيَدي كَنِيسَة قمامة وَكسرت صَلِيب الصلبوت
وَقلت فِي النُّبُوَّة مقَالَة نسطورس
ووجهت إِلَى الصَّخْرَة وَجْهي
وصديت عَن الشرق الْمُنِير حَيْثُ كَانَ الْمظهر الْكَرِيم
وَإِلَّا برأت من النورانيين والشعشونيين
وَدنت غير دين النَّصَارَى وأبغضت عهدي
وَأنْكرت أَن السَّيِّد يشوع أَحْيَا الْمَوْتَى وَأَبْرَأ الأكمه والأبرص
وَقلت إِنَّه مربوب وَأَنه مَا رُؤِيَ وَهُوَ مصلوب وَأنْكرت أَن القربان الْمُقَدّس على المذبح مَا صَار لحم الْمَسِيح وَدَمه حَقِيقَة
وَخرجت فِي النَّصْرَانِيَّة عَن الطَّرِيقَة
وَإِلَّا

(2/273)


خاطبوه بِهِ وَلَو ضربت عُنُقه
وَهِي طَائِفَة ملعونة مَجُوسِيَّة المعتقد
لَا يحرمُونَ الْبَنَات وَلَا الْأَخَوَات وَلَا الْأُمَّهَات وَلَهُم اعْتِقَاد فِي عدم تَحْرِيم الْخمر ويرون أَنَّهَا من النُّور وَلَهُم قَول فِي تَعْظِيم النُّور مثل قَول الْمَجُوس أَو مَا يُقَارِبه
وَصُورَة أَيْمَانهم إِنَّنِي وَالله وَحقّ الْعلي الْأَعْلَى وَمَا أعتقده فِي الْمظهر الأسني وَحقّ النُّور وَمَا نَشأ مِنْهُ السَّحَاب وساكنه وَإِلَّا بَرِئت من مولَايَ عَليّ الْعلي الْأَعْظَم وولائي لَهُ وَمن مظَاهر الْحق
وكشفت حجاب سلمَان بِغَيْر إِذن وبرئت من دَعْوَة الْحجَّة نصير
وخضت مَعَ الخائضين فِي لعنة ابْن ملجم وكفرت بِالْخِطَابِ وأذعت السِّرّ المصون وَأنْكرت دَعْوَى أهل التَّحْقِيق
وَإِلَّا قلعت أصل شَجَرَة الْعِنَب من الأَرْض بيَدي حَتَّى اجتنيت أُصُولهَا وَأَمْنَع سَبِيلهَا وَكنت مَعَ قابيل على هابيل وَمَعَ النمروذ على إِبْرَاهِيم وَهَكَذَا مَعَ كل فِرْعَوْن قَامَ على صَاحبه إِلَى أَن ألْقى الْعلي الْعَظِيم وَهُوَ عَليّ ساخط
وَأَبْرَأ من قَول قنبر
وَأَقُول إِنَّه بالنَّار مَا تطهر
وَأما الإسماعيلية وهم الْقَائِلُونَ بانتقال الْإِمَامَة بعد جَعْفَر الصَّادِق إِلَى ابْنه الْأَكْبَر إِسْمَاعِيل وَهُوَ جد الْخُلَفَاء الفاطميين بِمصْر
وَهَذِه الطَّائِفَة هم شيعَة تِلْكَ الدولة والقائلين بِتِلْكَ الدعْوَة وَتلك الْكَلِمَة وهم وَإِن أظهرُوا الْإِسْلَام وَقَالُوا بقول الإمامية
ثمَّ خالفوهم فِي مُوسَى الكاظم
وَقَالُوا بِأَنَّهَا لم تصر إِلَى أَخِيه إِسْمَاعِيل فَإِنَّهُم طَائِفَة كَافِرَة تعتقد التناسخ والحلول ثمَّ هم مُخْتَلفُونَ فِيمَا بعد
فَمنهمْ نزارية وَمِنْهُم الْقَائِلُونَ بإمامة نزار والبقية على صرافهم
وَهَؤُلَاء يجمعهُمْ يَمِين وَاحِدَة
وَمَوْضِع الْخلاف بَينهم يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَصُورَة الْيَمين الجامعة لَهُم إِنَّنِي وَالله وَالله الْوَاحِد الْأَحَد الْفَرد الصَّمد الْقَادِر القاهر الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَحقّ الله الْحق وَهُدَاة الْخلق عَليّ وبنيه أَئِمَّة الظُّهُور والخفاء وَإِلَّا بَرِئت من صَحِيح الْوَلَاء وصدقت أهل الْبَاطِل وَقمت مَعَ فرقة الضلال وانتصبت مَعَ النواصب فِي تَقْرِير الْمحَال وَلم أقل بانتقال الْإِمَامَة إِلَى السَّيِّد الْحُسَيْن ثمَّ إِلَى بنيه بِالنَّصِّ الْجَلِيّ وموصولة إِلَى جَعْفَر الصَّادِق ثمَّ إِلَى ابْنه إِسْمَاعِيل صَاحب الدعْوَة الهادية والأثرة الْبَاقِيَة وَإِلَّا قدحت فِي القداح وأثمت الدَّاعِي الأول وسعيت فِي اخْتِلَاف النَّاس
ومالأت على السَّيِّد الْمهْدي وخذلت النَّاس عَن الْقَائِم ونقضت الدولة على الْمعز وَأنْكرت أَن خم يَوْم غَدِير لَا يعد فِي الأعياد
وَقلت أَن لَا علم للأئمة بِمَا يكون وخالفت من ادّعى لَهُم الْعلم بالحدثان ورميت آل بَيت مُحَمَّد بالعظائم وَقلت

(2/274)


فيهم الْكَبَائِر وواليت أعداءهم وعاديت أولياءهم
وَمن هُنَا تزاد الزنارية وَإِلَّا فَجحدت أَن صَار الْأَمر إِلَى نزار وَأَنه أَتَى حملا فِي بطن جَارِيَة بخوف خوض بِلَاد الْأَعْدَاء
وَأَن الِاسْم لم يُغير لتغيير الصُّورَة وَإِلَّا طغيت على الْحسن بن صباح وبرئت من الْمولى عَلَاء الدّين صَاحب الأسلوب وَمن نَاصِر الدّين سِنَان الملقب براشد الدّين
وَكنت أول الْمُعْتَدِينَ
وَقلت إِن مَا أروه من الأباطيل
وَدخلت فِي أهل الْقرْيَة والأضاليل
وَأما من سواهُم من الإسماعيلية المنكرين لإمامة نزار
فَيُقَال فِي تحليفهم وَإِلَّا قلت بِأَن الْأَمر صَار إِلَى نزار وصدقت الْقَائِلين بِأَنَّهُ خرج حملا فِي بطن جَارِيَة
وَأنْكرت ميتَته الظَّاهِرَة بالإسكندرية وادعيت أَنه لم يُنَازع الْحق أَهله ويجاذب الْخلَافَة رَبهَا ووافقت شيعته وتبعت الْحسن بن صباح وَكنت فِي النزارية آخر الأدوار
ثمَّ تجمع هَذِه الطوائف الإسماعيلية على اخْتلَافهمْ فِي آخر الْيَمين بقَوْلهمْ وَإِلَّا قلت مقَالَة ابْن السلار فِي النِّفَاق وسددت رَأْي ابْن أَيُّوب وألقيت بيَدي الرَّايَة الصُّغْرَى
وَرفعت السَّوْدَاء
وَفعلت فِي أهل الْقصر تِلْكَ الفعال
وتمحلت مثل تِلْكَ الْمحَال
وَأما الإمامية فهم الْقَائِلُونَ إِن الْأَئِمَّة اثْنَا عشر إِمَامًا أَوَّلهمْ عَليّ وَآخرهمْ المنتظر فِي آخر الزَّمَان
وهم الَّذين خالفتهم الإسماعيلية
فَقَالُوا بإمامة إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر
وَقَالَ هَؤُلَاءِ بإمامة مُوسَى الكاظم بن جَعْفَر
وهم مُسلمُونَ إِلَّا أَنهم أهل بدع كَبِيرَة
وهم سبابون
وَصُورَة يَمِين هَؤُلَاءِ إِنَّنِي وَالله وَالله الْعَظِيم الرب الْوَاحِد الْأَحَد الْفَرد الصَّمد وَمَا أعتقده من صدق مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَنَصه على إِمَامَة ابْن عَمه ووارث علمه عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه يَوْم غَدِير خم فِي قَوْله من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَال من وَالَاهُ
وَعَاد من عَادَاهُ وأدر الْحق على لِسَانه كَيْفَمَا دَار وَإِلَّا كنت مَعَ أول قَائِم يَوْم السَّقِيفَة وَآخر مُتَأَخّر يَوْم الدَّار
وَلم أقل بِجَوَاز التقية خوفًا على النَّفس وأعنت ابْن الْخطاب واضطهدت فَاطِمَة الزهراء ومنعتها حَقّهَا من الْإِرْث
وساعدت فِي تَقْدِيم تيم

(2/275)


وعدي وَأُميَّة
ورضيت بِحكم الشورى
وكذبت حسان بن ثَابت يَوْم عَائِشَة وَقمت مَعهَا يَوْم الْجمل وشهرت السَّيْف مَعَ مُعَاوِيَة فِي صفّين وصدقت دَعْوَى زِيَاد وَنزلت على حكم ابْن مرْجَانَة وَكنت مَعَ عمر بن سعد فِي قتال الْحُسَيْن
وَقلت إِن الْأَمر لم يصر بعد الْحسن إِلَى الْحُسَيْن وساعدت شمر بن جوشن على أهل تِلْكَ البلية
وسبيت أهل الْبَيْت وسقتهم بالعصى إِلَى دمشق ورضيت بإمارة يزِيد وأطعت الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَكنت ظهيرا لعَمْرو بن الْعَاصِ ثمَّ لبسر بن أَرْطَاة
وَفعلت فعل عقبَة بن عبد الله الْمُزنِيّ وصدقت رَأْي الْخَوَارِج
وَقلت إِن الْأَمر لم ينْتَقل بعد الْحُسَيْن بن عَليّ فِي أبنائه إِلَى تَمام الْأَئِمَّة إِلَى الإِمَام الْمهْدي المنتظر ودللت على مقَاتل أهل الْبَيْت بني أُميَّة وَبني الْعَبَّاس وأبطلت حكم التَّمَتُّع وزدت فِي حد الْخمر مَا لم يكن وَحرمت بيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد
وَقلت برأيي فِي الدّين
وبرئت من شيعَة الْمُؤمنِينَ وَكنت تبعا لهوى أهل الشَّام وَمَعَ غوغاء الْقَائِد بالنهروان وَاتَّبَعت خطأ أبي مُوسَى وأدخلت فِي الْقُرْآن مَا لم يُثبتهُ ابْن مَسْعُود وشاركت ابْن ملجم فِي صدَاق قطام
وبرئت من محبَّة هَمدَان وَلم أقل بِاشْتِرَاط الْعِصْمَة فِي الإِمَام
وَدخلت مَعَ أهل النصب فِي الظلام
وَأما الزيدية فهم أقرب الْقَوْم إِلَى الْقَصْد الْأُمَم
وَقَوْلهمْ إِن أَبَا بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَئِمَّة عدل وَأَن ولايتهما كَانَت لما اقتضته الْمصلحَة مَعَ أَن عليا رَضِي الله عَنهُ أفضل مِنْهُمَا ويرون جَوَاز ولَايَة الْمَفْضُول على الْفَاضِل فِي بعض الأحيان لما تَقْتَضِيه الْمصلحَة أَو لخوف الْفِتْنَة
ولهذه الطَّائِفَة إِمَام بِالْيمن وَصَنْعَاء دَاره ومقامه وَهَؤُلَاء الطَّائِفَة لَا يدينون إِلَّا بِطَاعَة ذَلِك الإِمَام وأمراؤهم لَا يرَوْنَ إِلَّا أَنهم نوابه وَكَانَت لهَؤُلَاء دولة قديمَة بطبرستان
فَزَالَتْ وَلم يبْق مِنْهَا الْآن إِلَّا شرذمة قَليلَة
وَصُورَة يَمِين هَؤُلَاءِ يَمِين أهل السّنة وَيُزَاد فِيهِ وَإِلَّا بَرِئت من مُعْتَقد زيد بن عَليّ وَرَأَيْت أَن أَقُول فِي الْأَذَان إِن حَيّ على خير الْعَمَل بِدعَة وخلعت طَاعَة الإِمَام الْمَعْصُوم الْوَاجِب الطَّاعَة وادعيت أَن الْمهْدي المنتظر لَيْسَ من ولد الْحسن بن عَليّ
وَقلت بتفضيل الشَّيْخَيْنِ على أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ وعَلى بنيه وطعنت فِي رَأْي ابْنه الْحسن على مَا اقتضته الْمصلحَة وطعنت عَلَيْهِ فِيهِ
وَغير هَؤُلَاءِ مِمَّن يحْتَاج إِلَى تَحْلِيفه طَائِفَة الدرزية
وَهِي تسمى الطَّائِفَة الآمنة الخائفة
وشأنهم شَأْن النصيرية فِي اسْتِبَاحَة فروج الْمَحَارِم وَسَائِر الْفروج الْمُحرمَة

(2/276)


وهم أَشد كفرا ونفاقا مِنْهُم وأجدر أَن لَا يعلمُوا حُدُود مَا أنزل الله على رَسُوله
وهم أبعد من كل خير
وَأقرب من كل شَرّ
وانتماؤهم إِلَى أبي مُحَمَّد الدرزي
وَكَانَ من أهل مُوالَاة الْحَاكِم أبي عَليّ الْمَنْصُور بن الْعَزِيز خَليفَة مصر
وَكَانُوا أَولا من الإسماعيلية ثمَّ خَرجُوا عَن كل مَا تمحلوه وهدموا كل مَا أثلوه
وهم يَقُولُونَ برجعة الْحَاكِم وَأَن الألوهية انْتَهَت إِلَيْهِ وتديرت ناسوته وَهُوَ يغيب وَيظْهر بهيئته وَيقتل أعداءه قتل إبادة لَا معاد بعده
وهم يُنكرُونَ الْمعَاد من حَيْثُ هُوَ وَيَقُولُونَ نَحْو قَول الطبائعية إِن الطبائع هِيَ المولدة وَالْمَوْت بِفنَاء الْحَرَارَة الغريزية كانطفاء السراج بِفنَاء الزَّيْت إِلَّا من اعتبط
وَيَقُولُونَ دهر دَائِم وعالم قَائِم أَرْحَام تدفع وَأَرْض تبلع
وَهَذِه الطَّائِفَة هم الَّذين زادوا فِي الْبَسْمَلَة أَيَّام الْحَاكِم وَكَتَبُوا بِسم الْحَاكِم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
فَلَمَّا أنكر عَلَيْهِم كتبُوا بِسم الله الْحَاكِم الرَّحْمَن الرَّحِيم
فَجعلُوا فِي الأول الله صفة الْحَاكِم وَجعلُوا فِي الثَّانِي الْعَكْس
وَمن هَؤُلَاءِ أهل كسروان وَكَانَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن تَيْمِية رَحمَه الله تَعَالَى يرى أَن قِتَالهمْ وقتال النصيرية أولى من قتال الأرمن لأَنهم أَعدَاء فِي دَار الْإِسْلَام وَشر بقائهم أضرّ
وَصُورَة يَمِين هَؤُلَاءِ إِنَّنِي وَالله وَحقّ الْحق الْحَاكِم وَمَا أعتقده من موالاته وَمَا أعتقده أَبُو عبد الله الدرزي الْحجَّة الْوَاضِحَة وَرَآهُ الدرزي مثل الشَّمْس اللائحة
وَإِلَّا قلت إِن مولَايَ الْحَاكِم مَاتَ وبلى وَتَفَرَّقَتْ أوصاله وفنى
واعتقدت تَبْدِيل الأَرْض وَالسَّمَاء وعود الرمم بعد الفناء
وتبعت كل جَاهِل وحظرت على نَفسِي مَا أُبِيح لي وعملت بيَدي مَا فِيهِ فَسَاد بدني وكفرت بالبيعة الْمَأْخُوذَة وجعلتها وَرَاء ظَهْري منبوذة
وَأما الْخَوَارِج فهم الْفرْقَة المباينة للسّنة والشيعة
وهم الَّذين أَنْكَرُوا التَّحْكِيم وَقَالُوا لَا حكم إِلَّا لله كفرُوا بالذنب وَكَفرُوا عليا وَمُعَاوِيَة وَسَائِر من خالفهم مِمَّن لَا يرى رَأْيهمْ
وهم طوائف كَثِيرَة
وَمِنْهُم الوهية بِبِلَاد الغرب
وَصُورَة يَمِين هَؤُلَاءِ صُورَة يَمِين أهل السّنة
وَيُزَاد فِيهَا وَإِلَّا أجزت التَّحْكِيم
وصوبت قَول الْفَرِيقَيْنِ فِي صفّين وأطعت بالرضى حكم أهل الْجور
وَقلت فِي كتاب الله بالتأويل وأدخلت فِي الدّين مَا لَيْسَ فِيهِ
وَقلت إِن إِمَارَة بني أُميَّة عدل وَأَن قضاءهم حق وَأَن عَمْرو بن الْعَاصِ أصَاب وَأَن أَبَا مُوسَى مَا أَخطَأ واستبحت الْأَمْوَال والفروج بِغَيْر حق واجترحت الْكَبَائِر والصغائر وَلَقِيت الله مُثقلًا بالأوزار
وَقلت إِن مَا فعله

(2/277)


عبد الرَّحْمَن بن ملجم كفر
وَإِن قَاتل خَارجه آثم وبرئت من فعلة قطام
وخلعت طَاعَة الرؤوس
وَأنْكرت أَن تكون الْخلَافَة إِلَّا فِي قُرَيْش وَإِلَّا فَلَا أرويت سَيفي ورمحي من دِمَاء المخطئين
وَصُورَة يَمِين الْحُكَمَاء إِنَّنِي وَالله وَالله وَالله الْعَظِيم الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْوَاحِد الْأَحَد الْفَرد الصَّمد الأبدي السرمدي الأزلي الَّذِي لم يزل علمه عِلّة الْعِلَل رب الأرباب ومدبر الْكل الْقَدِير الْقَدِيم الأول بِلَا بداية وَالْآخر بِلَا نِهَايَة المنزه عَن أَن يكون حَادِثا أَو عرضا للحوادث الْحَيّ المتصف بِصِفَات الْبَقَاء والسرمدية والكمال والمتردي برداء الْكِبْرِيَاء والجلال مُدبر الأفلاك ومسير الشهب ومفيض القوى على الْكَوَاكِب باث الْأَرْوَاح فِي الصُّور مكون الكائنات ومنمي الْحَيَوَان والمعدن والنبات وَإِلَّا فَلَا رقت روحي إِلَى مَكَانهَا وَلَا اتَّصَلت نَفسِي بعالمها وَبقيت فِي ظلم الْجَهَالَة وحجب الضَّلَالَة وَفَارَقت نَفسِي غير مرتسمة بالمعارف
وَلَا تَكَلَّمت بِالْعلمِ وَلَا نطقت بالحكمة وَبقيت فِي غرر النَّقْص
وتنحيت فِي زمرة الْبَغي وَأخذت بِنَصِيب من الشّرك وَأنْكرت المعالم وَقلت بِفنَاء الْأَرْوَاح ورضيت فِي هَذَا بمقالة أهل الطبيعة ودمت فِي قيد المركبات وشواغل الْحِين وَلم أدْرك الْحَقَائِق على مَا هِيَ عَلَيْهِ
وَإِلَّا فَقلت إِن الهيولي غير قَابِلَة لتركيب الْأَجْسَام وَأنْكرت الْمَادَّة وَالصُّورَة وخرقت النواميس
وَقلت إِن التحسين والتقبيح إِلَى غير الْعقل وخلدت مَعَ النُّفُوس الشريرة وَلم أجد سَبِيلا إِلَى النجَاة
وَقلت إِن الْإِلَه لَيْسَ فَاعِلا بِالذَّاتِ وَلَا عَالما بالكليات وَدنت بِأَن النبوات متناهية وَأَنَّهَا غير كسبية وحدت عَن طَرِيق الْحُكَمَاء ونقضت تَقْرِير القدماء
وخالفت الفلاسفة الإلهية
ووافقت على إِفْسَاد الصُّور للعبث وحيزت الرب فِي جِهَة
وَأثبت أَنه جسم
وَجَعَلته مِمَّا يدْخل تَحت الْحَد والماهية ورضيت بالتقليد فِي الألوهية
وَصُورَة يَمِين الْقَدَرِيَّة وَالله وَالله وَالله الْعَظِيم ذِي الْأَمر الْأنف خَالق الْأَفْعَال والمشيئة
وَإِلَّا قلت بِأَن العَبْد مكتسب وَأَن الْجَعْد بن دِرْهَم محتقب وَقلت إِن هِشَام بن عبد الْملك أصَاب دَاخِلا لأمية وَأَن مَرْوَان بن مُحَمَّد كَانَ ضَالًّا فِي أَتْبَاعه وَآمَنت بِالْقدرِ خَيره وشره
وَقلت إِن مَا أصابني لم يكن ليخطئني وَمَا أخطأني لم يكن ليصيبني وَلم أقل إِنَّه إِذا كَانَ أَمر قد فرغ مِنْهُ
فَفِيمَ أسدد وأقارب وَلم أطعن فِي رُوَاة الحَدِيث اعْمَلُوا فَكل ميسر لما خلق لَهُ وَلم أتأول معنى

(2/278)


قَوْله تَعَالَى {وَإنَّهُ فِي أم الْكتاب لدينا لعَلي حَكِيم} وبرئت مِمَّا أعتقد وَلَقِيت الله وَأَنا أَقُول الْأَمر غير أنف
اسْتِدْرَاك اعْلَم أَن صور الْأَيْمَان الْمَذْكُورَة الْمُتَعَلّقَة بِهَذِهِ الطوائف البدعية والشيعية والقدرية والخوارج وَمَا هُوَ فِي حكمهم
وَإِن كَانَت غير مَقْصُودَة فِي الْبَاب وَلَا تعلق للشُّهُود وَلَا لحكام الشَّرِيعَة المطهرة فِيهَا
وَرُبمَا يَقُول الْوَاقِف عَلَيْهَا ذَلِك أَو إِن وَضعهَا فِي هَذَا الْكتاب عَبث
فَأَقُول الْبَاعِث على وَضعهَا فِي هَذَا الْكتاب هُوَ أَن الْغَالِب على أُمَرَاء الشرق وَمَا والاها من أَطْرَاف الممالك الإسلامية الَّذين يراسلون سُلْطَان الديار المصرية ويوالونه على هَذَا الِاعْتِقَاد
وَفِي أُمَرَاء الْحجاز الشريف من ينْسب إِلَى انتحال مَذْهَب زيد بن عَليّ وَفِي أَشْرَاف الْمَدِينَة الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة على الْحَال بهَا أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام من فِي اعْتِقَاده مَا هُوَ أَسْوَأ حَالا من اعْتِقَاد الزيدية
وَرُبمَا جرد السُّلْطَان تجريدة وَأخرج عسكرا إِلَى جِهَة من هَذِه الْجِهَات لخُرُوج فرقة من هَذِه الْفرق أَو طَائِفَة من طوائف الْخَوَارِج وَالْعِيَاذ بِاللَّه على جمَاعَة الْمُسلمين أَو هرب عَدو من أَعدَاء السلطنة الشَّرِيفَة وانتمى إِلَى أحد من أُمَرَاء تِلْكَ الْأَطْرَاف الْقَائِلين بِهَذِهِ الْمذَاهب
واحتيج إِلَى تَحْلِيفه أَن عَدو السلطنة الشَّرِيفَة لَيْسَ هُوَ عِنْده وَلَا دخل إِلَى بِلَاده وَأَنه لَا يدْخل إِلَى بِلَاد الممالك الإسلامية وَلَا يفْسد فِيهَا وَأَنه يحفظ طرفه الَّذِي هُوَ مُقيم فِيهِ وَلَا يتعداه إِلَى غَيره من بِلَاد الممالك الإسلامية
فَحِينَئِذٍ يحْتَاج إِلَى قَاضِي الْعَسْكَر لحضور هَذِه الْيَمين
وَرُبمَا تعذر حُضُور كَاتب السِّرّ الشريف أَو نَائِبه لغَرَض أَو لمَرض
فَيقوم قَاضِي الْعَسْكَر مقَامه فِي ذَلِك وَيكون على بَصِيرَة من هَذِه الاعتقادات المقررة فِي هَذِه الصُّور
فَمن نسب إِلَى اعْتِقَاد شَيْء مِنْهَا حلفه على مُقْتَضى اعْتِقَاده إِذا كَانَ مِمَّن يعلم مِنْهُ ذَلِك الِاعْتِقَاد أَو يُؤثر عَنهُ
وَيكون تَحْلِيفه على مُقْتَضى معتقده أوقع فِي النُّفُوس وَأقوى فِي إِقَامَة حُرْمَة الناموس الشريف
وَلَقَد وَقع لي ذَلِك فِي بِلَاد ابْن قرمان مَعَ مخدومي الَّذِي كنت فِي خدمته وَهُوَ إِذْ ذَاك نَائِب حلب
انْتهى
وَالله أعلم

(2/279)