جواهر العقود ومعين القضاة والموقعين والشهود

كتاب الْقَضَاء

وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام
الأَصْل فِي ثُبُوته فِي الشَّرْع الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس
أما الْكتاب فَقَوله تَعَالَى {يَا دَاوُد إِنَّا جعلناك خَليفَة فِي الأَرْض فاحكم بَين النَّاس بِالْحَقِّ} وَقَوله تَعَالَى {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شجر بَينهم ثمَّ لَا يَجدوا فِي أنفسهم حرجا مِمَّا قضيت ويسلموا تَسْلِيمًا} وَقَوله تَعَالَى {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا وَإِذا حكمتم بَين النَّاس أَن تحكموا بِالْعَدْلِ إِن} وَقَوله تَعَالَى {وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله وَلَا تتبع أهواءهم واحذرهم أَن يفتنوك عَن بعض مَا أنزل الله إِلَيْك فَإِن توَلّوا فَاعْلَم أَنما يُرِيد الله أَن يصيبهم بِبَعْض ذنوبهم وَإِن كثيرا من النَّاس لفاسقون}
وَأما السّنة فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حكم بَين النَّاس وَبعث عليا إِلَى الْيمن للْقَضَاء بَين النَّاس وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أَطَاعَنِي فقد أطَاع الله
وَمن عَصَانِي فقد عصى الله
وَمن أطَاع أَمِيري فقد أَطَاعَنِي وَمن عصى أَمِيري فقد عَصَانِي
وَجُمْلَة ذَلِك أَن من عصى إِمَامًا أَو قَاضِيا أَو حَاكما من الْحُكَّام فِيمَا أَمر بِهِ من الْحق أَو حكم فِيهِ بِوَجْه الْحق وَالْعدْل
فقد عصى الله وَرَسُوله وتعدى حُدُوده
وَأما إِن قضى بِغَيْر الْعدْل أَو أَمر بِغَيْر الْحق فطاعته غير لَازِمَة لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا طَاعَة لمخلوق فِي مَعْصِيّة الْخَالِق إِلَّا أَن يخْشَى أَن تُؤدِّي مُخَالفَته إِلَى الْهَرج وَالْفساد وَسَفك الدِّمَاء

(2/280)


واستباحة الْأَمْوَال وهتك الحرمات
فَتجب طَاعَته حِينَئِذٍ على كل حَال
وَأما الْإِجْمَاع فَإِن الْخُلَفَاء الرَّاشِدين حكمُوا بَين النَّاس
وَبعث أَبُو بكر أنس بن مَالك إِلَى الْبَحْرين ليقضي بَين النَّاس
وَبعث عمر أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ إِلَى الْبَصْرَة قَاضِيا
وَبعث عبد الله بن مَسْعُود إِلَى الْكُوفَة قَاضِيا
وَأما الْقيَاس فَلِأَن الظُّلم من شيم النُّفُوس وطبع الْعَالم
وَلِهَذَا قَالَ الشَّاعِر وَالظُّلم من شيم النُّفُوس فَإِن تَجِد ذَا عفة فلعلة لَا يظلم وَقد وَردت أَخْبَار تدل على ذمّ الْقَضَاء وأخبار تدل على مدحه
فَأَما الَّتِي تدل على ذمه فَمَا رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من استقضي فَكَأَنَّمَا ذبح بِغَيْر سكين قيل ل بن عَبَّاس وَمَا الذّبْح قَالَ نَار جَهَنَّم وروت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يُؤْتى يَوْم الْقِيَامَة بِالْقَاضِي الْعَادِل فَيلقى من شدَّة الْحساب مَا يود أَنه لم يكن قضى بَين اثْنَيْنِ فِي تَمْرَة وَاحِدَة وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي ذَر إِنِّي أحب لَك مَا أحب لنَفْسي
فَلَا تأمرن على اثْنَيْنِ وَلَا تتول مَال يَتِيم
وَلِأَن الْقَضَاء محنة وبلية
فَمن دخل فِيهِ فقد عرض نَفسه للهلاك لعسر التَّخَلُّص مِنْهُ لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جعل قَاضِيا فقد ذبح بِغَيْر سكين وَقَالَ إِنَّكُم ستختصمون على الْإِمَارَة وستكون حسرة وندامة
وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ وددت أَن أنجو من هَذَا الْأَمر كفافا لَا عَليّ وَلَا لي
وَأما الْأَخْبَار الَّتِي تدل على مدحه فَمَا رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا اجْتهد الْحَاكِم فَأصَاب فَلهُ أَجْرَانِ
وَإِن أَخطَأ فَلهُ أجر

(2/281)


وروى ابْن مَسْعُود أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا حسد إِلَّا فِي اثْنَيْنِ رجل آتَاهُ الله مَالا فَسَلَّطَهُ على هَلَكته بِالْحَقِّ وَرجل آتَاهُ الله حِكْمَة
فَهُوَ يقْضِي بهَا وَيعلمهَا
وَتَأْويل ذَلِك أَن الْأَخْبَار الَّتِي تدل على ذمه مَحْمُولَة على من علم من نَفسه أَنه لَا يَسْتَطِيع أَن يقوم بِالْقضَاءِ إِمَّا لجهله أَو لقلَّة أَمَانَته
وَالْأَخْبَار الَّتِي تدل على مدحه مَحْمُولَة على من علم من نَفسه الْقُدْرَة على الْقيام بِالْقضَاءِ لعلمه وأمانته
وَالدَّلِيل على صِحَة هَذَا التَّأْوِيل مَا رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْقُضَاة ثَلَاثَة وَاحِد فِي الْجنَّة
وَاثْنَانِ فِي النَّار
فَأَما الَّذِي فِي الْجنَّة فَرجل علم الْحق وَقضى بِهِ
فَهُوَ فِي الْجنَّة
وَرجل عرف الْحق فجار فِي حكمه
فَهُوَ فِي النَّار
وَرجل قضى للنَّاس على جهل فَهُوَ فِي النَّار وروى أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من طلب الْقَضَاء حَتَّى يَنَالهُ
فَإِن غلب عدله جوره فَهُوَ فِي الْجنَّة وَإِن غلب جوره عدله فَهُوَ فِي النَّار وروى أَبُو هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا جلس القَاضِي بعث الله إِلَيْهِ ملكَيْنِ يسددانه
فَإِن عدل أَقَامَا
وَإِن جَار عرجا وتركاه وَعَن عبد الله ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من حَاكم يحكم بَين النَّاس إِلَّا يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة وَملك آخذ بقفاه حَتَّى يستوقفه على شَفير جَهَنَّم حَتَّى يلْتَفت إِلَيْهِ مغضبا
فَإِن قَالَ ألقه أَلْقَاهُ فِي الْهَوِي أَرْبَعِينَ خَرِيفًا وَفِي رِوَايَة سبعين خَرِيفًا وَفِي حَدِيث أم سَلمَة قَالَ إِنَّمَا أَنا بشر
وأنكم تختصمون إِلَيّ
فَلَعَلَّ بَعْضكُم أَن يكون أَلحن بحجته من أَخِيه فأقضي لَهُ على نَحْو مَا

(2/282)


أسمع من كَلَامه
فَمن قضيت لَهُ بِشَيْء من حق أَخِيه فَلَا يَأْخُذهُ فَإِنَّمَا أقطع لَهُ قِطْعَة من النَّار وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِمعَاذ بن جبل حِين بَعثه إِلَى الْيمن كَيفَ تقضي إِذا عرض لَك قَضَاء قَالَ أَقْْضِي بِكِتَاب الله
قَالَ فَإِن لم يكن فِي كتاب الله قَالَ فبسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ فَإِن لم يكن فِي سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أجتهد رَأْيِي وَلَا آلو
قَالَ فَضرب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صَدره
وَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي وفْق رَسُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما يرضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَالْقَضَاء فرض كِفَايَة
فَإِن قَامَ بِهِ من يصلح سقط الْفَرْض عَن البَاقِينَ وَإِن امْتنع الْجَمِيع أثموا
وَالصَّحِيح أَن الإِمَام يجْبر أحدهم
وَشرط القَاضِي إِسْلَام وتكليف وحرية وذكورة وعدالة وَسمع وبصر على الصَّحِيح ونطق وكفاية واجتهاد
وَهُوَ أَن يعرف من الْقُرْآن وَالسّنة مَا يتَعَلَّق بِالْأَحْكَامِ وَالْخَاص وَالْعَام وَالْمُطلق والمقيد والمجمل والناسخ والمنسوخ ومتواتر السّنة والآحاد والمرسل والمتصل وَحَال الروَاة جرحا وتعديلا
ولسان الْعَرَب لُغَة ونحوا وأقوال الْعلمَاء من الصَّحَابَة فَمن بعدهمْ إِجْمَاعًا واختلافا
وَالْقِيَاس وأنواعه وَأَن يكون عَارِفًا بأصول الِاعْتِقَاد
وَلَا يشْتَرط الْكِتَابَة فِي الْأَصَح وَلَا التبحر فِي هَذِه الْعُلُوم وَلَا حفظ الْقُرْآن
وَفِيه نزاع
فَإِن تَعَذَّرَتْ هَذِه الشُّرُوط فولى سُلْطَان لَهُ شَوْكَة فَاسِقًا نفذ قَضَاؤُهُ للضَّرُورَة
وَينْدب للْإِمَام أَن يَأْذَن للْقَاضِي فِي الِاسْتِخْلَاف
فَإِن نَهَاهُ لم يسْتَخْلف
فَإِن كَانَ مَا فوضه إِلَيْهِ لَا يُمكنهُ الْقيام بِهِ
فَقيل هَذَا النَّهْي كَالْعدمِ
وَشرط الْمُسْتَخْلف كَالْقَاضِي إِلَّا أَن يستخلفه فِي أَمر خَاص
فَيَكْفِي علمه بِمَا يتَعَلَّق بِهِ
وَيجوز للْإِمَام أَن يولي قَاضِيا فِي الْبَلَد الَّذِي هُوَ فِيهِ
لما رُوِيَ أَن رجلَيْنِ اخْتَصمَا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَمْرو بن الْعَاصِ اقْضِ بَينهمَا
فَقَالَ أَقْْضِي بَينهمَا

(2/283)


وَأَنت حَاضر فَقَالَ اقْضِ بَينهمَا فَإِن أصبت فلك أَجْرَانِ وَإِن أَخْطَأت فلك أجر وَفِي رِوَايَة إِن أصبت فلك عشر حَسَنَات وَإِن أَخْطَأت فلك حَسَنَة وَاحِدَة
فَإِن كَانَ الإِمَام بِبَلَد وَاحْتَاجَ أهل بلد آخر إِلَى قَاض وَجب على الإِمَام أَن يبْعَث إِلَيْهِم قَاضِيا
لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث عليا وَمعَاذًا إِلَى الْيمن قُضَاة
وَلِأَنَّهُ يشق عَلَيْهِم قصد بلد الإِمَام لخصوماتهم
فَإِن كَانَ الإِمَام يعرف أهل الِاجْتِهَاد وَالْعَدَالَة بعث قَاضِيا مِنْهُم وَإِن كَانَ لَا يعرفهُمْ جمع أهل الْمذَاهب فِي مَجْلِسه وسألهم أَن يتناظروا بَين يَدَيْهِ
فَإِذا علم الْمُجْتَهد مِنْهُم بحث عَن عَدَالَته
فَإِذا ثبتَتْ عَدَالَته ولاه الْقَضَاء وَبَعثه إِلَيْهِم
فَإِن ولاه مَعَ جَهله بِهِ لم تَنْعَقِد ولَايَته وَإِن عرف أَهْلِيَّته بعد
وَإِذا جن قَاض أَو أُغمي عَلَيْهِ أَو عمي أَو خرس أَو ذهبت أَهْلِيَّة اجْتِهَاده وَضَبطه لغفلة أَو نِسْيَان لم ينفذ حكمه
وَإِن فسق فَكَذَا فِي الْأَصَح فَإِن زَالَت هَذِه الْأَسْبَاب لم تعد ولَايَته

بَاب أدب القَاضِي
وَمن أدبه خَمْسَة عشر أدبا الأول إِذا قصد عمله أرسل رَسُولا أَو كتابا يعلمهُمْ بذلك ليصيروا على أهبة لَهُ
الثَّانِي إِذا وصل إِلَى عمله أَن ينزل فِي وسط الْبَلَد ليهون على أَهله الْمَجِيء إِلَيْهِ
وَفِيه تَسْوِيَة بَينهم وَيدخل يَوْم الْإِثْنَيْنِ
فَإِن تعذر فالخميس وَإِلَّا فالسبت
وَيسْأل عَن عُلَمَاء بَلَده وعدولهم
الثَّالِث أَن لَا يتَّخذ بوابا
الرَّابِع أَن لَا يتَّخذ حاجبا
الْخَامِس الْخَامِس أَن يرتب مزكين
السَّادِس أَن يتَّخذ عَاقِلا أَمينا عَارِفًا بالصناعة جيد الْخط حسن الضَّبْط بَعيدا عَن الطمع
والفقيه أَشد اسْتِحْبَابا

(2/284)


السَّابِع يكره الْجُلُوس فِي الْمَسْجِد لفصل الْقَضَاء لِكَثْرَة من يَغْشَاهُ من الْخُصُوم وَلما يجْرِي بَينهم من الْأَلْفَاظ الَّتِي يصان الْمَسْجِد عَنْهَا
الثَّامِن أَن يحضر الْعلمَاء مَجْلِسه
التَّاسِع أَن يخرج وَعَلِيهِ السكينَة وَالْوَقار وَيَدْعُو بِدُعَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك أَن أذلّ أَو أذلّ أَو أضلّ أَو أضلّ أَو أظلم أَو أظلم أَو أَجْهَل أَو يجهل عَليّ وَأَن يجلس مُسْتَقْبل الْقبْلَة من غير استكبار
ويتثبت فِي أُمُوره كلهَا
وَلَا يطمح ببصره إِلَى أحد الْخَصْمَيْنِ
وَيَقُول لَهما مَعًا تكلما أَو يسكت حَتَّى يبتدىء أَحدهمَا
الْعَاشِر أَن يتفقد أَحْوَال نَفسه من جوع وعطش وَغَضب بل يجلس وَهُوَ سَاكن الْحَواس من الْأُمُور الَّتِي تفْسد بَاطِنه وَظَاهره
الْحَادِي عشر أَن يرتب عدُول بَلَده على طبقاتهم
وَلَا يقبل الْجرْح وَالتَّعْدِيل والترجمة إِلَّا من شَاهِدين عَدْلَيْنِ
وَإِن ارتاب فِي الشُّهُود سَأَلَهُمْ مُتَفَرّقين
وَلَا يقبل فِي التَّعْدِيل إِلَّا قَول الْمعدل هُوَ عدل لي وَعلي
الثَّانِي عشر يكره لَهُ البيع وَالشِّرَاء بِنَفسِهِ أَو بوكيل خصوصي
وَلَا يمْتَنع من شُهُود الْجَنَائِز وعيادة المرضى وَالسَّلَام على الْغَائِب عِنْد مقدمه ويحضر الولائم كلهَا أَو يمْتَنع مِنْهَا كلهَا
الثَّالِث عشر يحرم عَلَيْهِ قبُول هَدِيَّة من الْخَصْمَيْنِ
أَو من أَحدهمَا
قَالَت الْحَنَفِيَّة وَلَا يحل للْقَاضِي قبُول الْهَدِيَّة إِلَّا من ذِي رحم محرم مِنْهُ أَو مِمَّن جرت عَادَته قبل الْقَضَاء بمهاداته بِشَرْطَيْنِ
أَحدهمَا أَن لَا يكون بَينه وَبَين أحد خُصُومَة وَقت الْهَدِيَّة
وَالثَّانِي أَن لَا يزِيد الْمهْدي فِي هديته على مَا هُوَ الْمُعْتَاد قبل الْقَضَاء
فَإِن زَاد رد الزِّيَادَة
قَالُوا وَلَا يحل للْقَاضِي أَن يستعير شَيْئا أَو يستقرض مِمَّن لم يكن قبل الْقَضَاء يستعير مِنْهُ أَو يستقرضه
وَمن تقلد الْقَضَاء برشوة أَعْطَاهَا لَا يصير قَاضِيا
وَيرْحَم عَلَيْهِ إِعْطَاء الرِّشْوَة
وَيحرم على السُّلْطَان أَخذهَا

(2/285)


الرَّابِع عشر أول مَا ينظر فِي أَمر المحبسين والأيتام والأوصياء والأمناء واللقطاء والقوام والأوقاف وَمَا يتَعَلَّق بذلك
الْخَامِس عشر أَن لَا يتعقب حكم من قبله بِنَقْض
بل يطْلب مَا كَانَ بيد القَاضِي الْمَعْزُول
فَإِن بَان لَهُ خطأ فَلَا يشهره بل يوقفه عَلَيْهِ ويسأله عَنهُ وَلَا يُبينهُ لغيره
فرع وَالشَّهَادَة على مَرَاتِب الأولى مِنْهَا مَا يثبت بِشَهَادَة أَرْبَعَة من الرِّجَال الْعُدُول
وَهُوَ الزِّنَا واللواط
الثَّانِيَة مَا لَا يثبت إِلَّا بِشَهَادَة عَدْلَيْنِ ذكرين
وَهِي الْعقُوبَة كَحَد الشّرْب وَالسَّرِقَة وَقطع الطَّرِيق وَالْقَتْل بِالرّدَّةِ وَالْقصاص فِي النَّفس أَو الطّرف وحد الْقَذْف وَالتَّعْزِير وَالْإِقْرَار بِهَذِهِ الْأَشْيَاء كلهَا أَو مَا لَا يطلع عَلَيْهِ غَالِبا إِلَّا الرِّجَال كَالنِّكَاحِ وفسخه وَالطَّلَاق وَالرَّجْعَة وَالْعِتْق وَالْإِسْلَام وَالرِّدَّة وَالْبُلُوغ وَالْإِيلَاء وَالظِّهَار وَاللّعان والإعسار وَالْمَوْت وَالْوَلَاء وانقضاء الْعدة وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل وَالْعَفو عَن الْقصاص واستيفائه وَاسْتِيفَاء الْحُدُود والإحصان وَالْكَفَالَة بِالْبدنِ
وَالشَّهَادَة بِهِلَال غير رَمَضَان وَالشَّهَادَة على الشَّهَادَة وَالْقَضَاء وَالْولَايَة وَالتَّدْبِير وَالِاسْتِيلَاد وَالْكِتَابَة وَالنّسب والوديعة والقراض وَالشَّرِكَة وَالْوكَالَة والوصاية وَإِن كَانَت فِي المَال
وَالْخلْع من جَانب الْمَرْأَة وَالْعَيْب فِي وَجه الْحرَّة وكفيها وَالْإِقْرَار بِهَذِهِ الْأَشْيَاء كلهَا
وَالثَّالِثَة مَا يثبت برجلَيْن وبرجل وَامْرَأَتَيْنِ وبأربع نسْوَة
وَهُوَ مَا يطلع عَلَيْهِ الرِّجَال وَيخْتَص بمعرفته النِّسَاء غَالِبا وَهُوَ الْولادَة والبكارة والثيوبة والرتق والقرن وَالْحيض وَالرّضَاع واستهلال الْوَلَد وعيب الْمَرْأَة من البرص وَغَيره مِمَّا تَحت الْإِزَار والجراحة على فرجهَا وَالْعَيْب فِي فرج الْأمة وَمَا يَبْدُو مِنْهَا عِنْد المهنة
الرَّابِعَة مَا لَا يثبت إِلَّا برجلَيْن أَو بِرَجُل وَامْرَأَتَيْنِ أَو بِرَجُل وَيَمِين
وَلَا يثبت بِالنسَاء منفردات
وَهُوَ البيع وَالْإِقَالَة وَالرَّدّ بِالْعَيْبِ وَالسّلم وَالرَّهْن وَالْحوالَة وَالضَّمان وَالصُّلْح وَالْإِبْرَاء وَالْقَرْض وَالْعَارِية وَالْإِجَارَة وَالشُّفْعَة وَالْهِبَة والمسابقة وَحُصُول السَّبق وَالْغَصْب والإتلاف وَالْوَصِيَّة بِالْمَالِ وَالْمهْر فِي النِّكَاح وَوَطْء الشُّبْهَة والسراية الْمُوجبَة لِلْمَالِ وَضَمان الْمُتْلفَات
وَقتل الْحر للْعَبد وَالْوَالِد الْوَلَد وَالسَّرِقَة الَّتِي لَا قطع فِيهَا
وَكَذَا حُقُوق الْأَمْوَال والعقود
كالخيار وَشرط الرَّهْن وَالْأَجَل وَقبض الْأَمْوَال وَإِن كَانَ النَّجْم الْأَخير وَطَاعَة الزَّوْجَة لاسْتِحْقَاق النَّفَقَة
وَقتل الْكَافِر لاسْتِحْقَاق السَّلب وأزمان الصَّيْد للتَّمَلُّك وَعجز الْمكَاتب عَن

(2/286)


النُّجُوم
وَالْإِقْرَار بِهَذِهِ الْأَشْيَاء كلهَا
ذكره الأردبيلي فِي كتاب الْأَنْوَار

فصل وَأما كتاب القَاضِي
إِلَى القَاضِي قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَلَا يقبل كتاب قَاض إِلَى قَاض إِلَّا بِشَهَادَة عَدْلَيْنِ
وَمعنى ذَلِك لإِثْبَات الْحق
لِأَن الْكتاب إِذا كَانَ مُطلقًا لم يحكم بِهِ
لِأَنَّهُ إِن حكم بِهِ فقد حكم بِغَيْر حق
وَذَلِكَ أَنه يدْخلهُ الشَّك وَلَا يعلم هَل هُوَ مِنْهُ أَو من غَيره أَو مزور عَلَيْهِ وَذكر الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي كتاب الْإِقْرَار من الْأُم فَإِذا أشهد القَاضِي شَاهِدين على كِتَابه إِلَى قَاض آخر
فيقرؤه عَلَيْهِمَا وَيَقُول لَهما اشهدا عَليّ أَنِّي قد كتبت هَذَا الْكتاب إِلَى فلَان ابْن فلَان ويذكره باسمه وَأَبِيهِ وجده وَإِن مد فِي نسبه كَانَ حسنا
وَيذكر عدد الْحُرُوف وَعدد السطور كَيْلا يدْخل فِيهِ زِيَادَة وَلَا نُقْصَان
فَإِذا جَاءَ الشَّاهِدَانِ إِلَى القَاضِي الْمَكْتُوب إِلَيْهِ
فَإِنَّهُمَا يَقُولَانِ هَذَا كتاب فلَان ابْن فلَان القَاضِي إِلَيْك بِكَذَا وَكَذَا
ويذكران المُرَاد الْمَكْتُوب إِلَيْهِ فِيهِ
وَالْمَطْلُوب من جِهَته ويذكران اسْمه وَاسم أَبِيه وَنسبه ويذكران حليته وَصفته لِئَلَّا يُشَارِكهُ فِيهِ غَيره
فيدعي أَنِّي لست الْمُخَاطب فِيهِ وَلَا الْكتاب من جهتي ويذكران كنيته
وَيَقُول الشَّاهِدَانِ قَرَأَ فلَان القَاضِي هَذَا الْكتاب علينا
وَإِن علما أَنه كتبه بحضرتهما ذكرَاهُ وأشهدنا على نَفسه بِأَن هَذَا الْكتاب مِنْهُ إِلَيْك
فَإِن كَانَ مَعَهُمَا الْكتاب سلماه إِلَيْهِ
وَإِن كَانَ مَعَ الْغَيْر فَلَا يَشْهَدَانِ بِهِ إِلَّا مَا ذكرت

بَاب الْقَضَاء
على الْغَائِب وَهُوَ جَائِز
فَإِذا ادّعى رجل على غَائِب عَن مجْلِس الحكم بِحَق
فَإِن لم يكن مَعَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة بِمَا ادَّعَاهُ لم يسمع الْحَاكِم دَعْوَاهُ
لِأَنَّهُ لَا فَائِدَة فِي سماعهَا
وَإِن كَانَ مَعَه بَيِّنَة بِمَا ادَّعَاهُ نظر فِي الْمُدعى عَلَيْهِ
فَإِن كَانَ غَائِبا عَن الْبَلَد وَجب على الْحَاكِم أَن يسمع الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَة
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْمُدعى عَلَيْهِ حَاضرا فِي الْبَلَد مستترا أَو متعززا أَو متواريا لَا يصل الْمُدَّعِي إِلَيْهِ
فَإِنَّهُ يجب على الْحَاكِم أَن يسمع الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَة عَلَيْهِ
وَكَذَلِكَ لَو حضر الْمُدعى عَلَيْهِ مجْلِس الحكم
فَلَمَّا ادّعى عَلَيْهِ أنكر
فَلَمَّا أَرَادَ الْمُدَّعِي إِقَامَة الْبَيِّنَة عَلَيْهِ قَامَ الْمُدعى عَلَيْهِ وهرب
فَإِن الْحَاكِم يسمع الْبَيِّنَة عَلَيْهِ
وَإِذا كَانَ الْمُدَّعِي حَاضرا فِي الْبَلَد غَائِبا عَن مجْلِس الحكم غير مُمْتَنع من الْحُضُور فَلَا يجوز سَماع الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَة من غير حُضُوره
وَهُوَ الْمَذْهَب
وحد الْغَيْبَة أقلهَا مَسَافَة الْقصر

(2/287)


وكل مَوضِع يجوز فِيهِ الْقَضَاء على الْغَائِب فَإِن الْحَاكِم إِذا سمع الدَّعْوَى فِيهِ وَشهِدت الْبَيِّنَة عِنْده بِالْحَقِّ الْمُدعى بِهِ وَعرف عدالتها وَسَأَلَهُ الْمُدَّعِي أَن يحكم لَهُ بذلك فَلَا يجوز لَهُ أَن يحكم لَهُ بذلك حَتَّى يحلف الْمُدَّعِي على اسْتِحْقَاق ذَلِك فِي ذمَّة الْغَائِب وَأَنه ثَابت عَلَيْهِ إِلَى الْآن مَا قَبضه وَلَا شَيْئا مِنْهُ وَلَا أَبرَأَهُ من ذَلِك وَلَا من شَيْء مِنْهُ وَلَا أحَال بِهِ وَلَا احتال بِهِ وَلَا بِشَيْء مِنْهُ وَلَا قبض بأَمْره وَلَا شَيْء مِنْهُ وَلَا تعوض عَن ذَلِك وَلَا شَيْء مِنْهُ بِنَفسِهِ وَلَا بوكيله فِي الْحَالَات كلهَا
وَلَا سقط ذَلِك عَن ذمَّته بِوَجْه من الْوُجُوه وَلَا بِسَبَب من الْأَسْبَاب وَلَا شَيْء مِنْهُ إِلَى الْآن وَأَنه يسْتَحق قبض ذَلِك مِنْهُ حَال حلفه وَأَن من شهد لَهُ بذلك صَادِق فِي شَهَادَته
وَهَذِه الْيَمين وَاجِبَة
لِأَن الْحَاكِم مَأْمُور بِالِاحْتِيَاطِ فِي حق الْغَائِب
وَمن الِاحْتِيَاط أَن يحلف لَهُ الْمُدَّعِي
وَإِن ادّعى رجل على ميت حَقًا وَأقَام عَلَيْهِ الْبَيِّنَة سَمِعت
فَإِن كَانَ لَهُ وَارِث معِين عَلَيْهِ وَجب على الْحَاكِم إحلاف الْمُدعى عَلَيْهِ إِن ادّعى قَضَاء أَو إِبْرَاء
وَإِن لم يكن لَهُ وَارِث معِين وَجب على الْحَاكِم أَن يحلف الْمُدَّعِي مَعَ بَينته
لِأَن الْوَارِث غير معِين
فَقَامَ الْحَاكِم مقَامه
وَإِن كَانَت الدَّعْوَى على صبي أَو مَجْنُون وَكَانَ للْمُدَّعِي بَيِّنَة وَجب على الْحَاكِم سماعهَا
وَالْحكم بهَا بعد يَمِين الْمُدَّعِي
فَإِن الْجَواب مُتَعَذر من جهتهما
فَجَاز الْقَضَاء عَلَيْهِمَا بِالْبَيِّنَةِ مَعَ الْيَمين كالغائب
وَيبقى القَاضِي الْحجَّة فِي الحكم على الْغَائِب وَالصَّبِيّ وَالْمَجْنُون
فَإِذا حضر الْغَائِب وَبلغ الصَّبِي وأفاق الْمَجْنُون وَأقَام الْبَيِّنَة على جرح الشُّهُود عِنْد الشَّهَادَة أَو الْإِبْرَاء أَو الْقَضَاء نقض الحكم

الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب
لَا يجوز أَن يُولى الْقَضَاء من لَيْسَ من أهل الِاجْتِهَاد
كالجاهل بطرق الْأَحْكَام عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد
وَقَالَ أَبُو حنيفَة يجوز ولَايَة من لَيْسَ بمجتهد
وَاخْتلف أَصْحَابه
فَمنهمْ من شَرط الِاجْتِهَاد
وَمِنْهُم من أجَاز ولَايَة الْعَاميّ
وَقَالُوا يُقَلّد وَيحكم
وَقَالَ ابْن هُبَيْرَة فِي الإفصاح وَالصَّحِيح من هَذِه الْمَسْأَلَة أَن من شَرط الِاجْتِهَاد إِنَّمَا عَنى بِهِ مَا كَانَ الْحَال عَلَيْهِ قبل اسْتِقْرَار هَذِه الْمذَاهب الْأَرْبَعَة الَّتِي أَجمعت

(2/288)


الْأمة على أَن كل وَاحِد مِنْهَا يجوز الْعَمَل بِهِ
لِأَنَّهُ مُسْتَند إِلَى سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَالْقَاضِي الْآن وَإِن لم يكن من أهل الِاجْتِهَاد وَلَا سعى فِي طلب الْأَحَادِيث وانتقاد طرقها لَكِن عرف من لُغَة النَّاطِق بالشريعة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا لَا يعوزه مَعَه مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِيهِ
وَغير ذَلِك من شُرُوط الِاجْتِهَاد
فَإِن ذَلِك مِمَّا قد فرغ لَهُ مِنْهُ ودأب لَهُ فِيهِ سواهُ
وانْتهى الْأَمر من هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة الْمُجْتَهدين إِلَى تَقْرِير مَا أراحوا بِهِ من بعدهمْ
وانحصر الْحق فِي أقاويلهم
وتدونت الْعُلُوم وانتهت إِلَى مَا اتَّضَح فِيهِ الْحق الْجَلِيّ وَإِنَّمَا على القَاضِي فِي أقضيته الْعَمَل بِمَا يَأْخُذهُ عَنْهُم أَو عَن الْوَاحِد مِنْهُم
فَإِنَّهُ فِي معنى من كَانَ اجْتِهَاده إِلَى قَول قَالَه
وعَلى ذَلِك فَإِنَّهُ إِذا خرج من خلافهم متوخيا مَوَاطِن الِاتِّفَاق مَا أمكنه كَانَ آخِذا بالحزم عَاملا بِالْأولَى
وَكَذَلِكَ إِذا قصد فِي مَوَاطِن الْخلاف أَن يتوخى مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَر مِنْهُم وَالْعَمَل بِمَا قَالَه الْجُمْهُور دون الْوَاحِد
فَإِنَّهُ أَخذ بالحزم مَعَ جَوَاز عمله بقول الْوَاحِد إِلَّا أَنه يكره لَهُ أَن يكون من حَيْثُ إِنَّه قَرَأَ مَذْهَب وَاحِد مِنْهُم أَو نَشأ فِي بَلْدَة لم يعرف فِيهَا إِلَّا مَذْهَب إِمَام وَاحِد مِنْهُم
أَو كَانَ أَبوهُ أَو شَيْخه على مَذْهَب وَاحِد مِنْهُم
فقصر نَفسه على اتِّبَاع ذَلِك الْمَذْهَب
حَتَّى إِنَّه إِذا حضر عِنْده خصمان وَكَانَ مَا تشاجرا فِيهِ مِمَّا يُفْتِي الْفُقَهَاء الثَّلَاثَة بِجَوَازِهِ نَحْو التَّوْكِيل بِغَيْر رضى الْخصم وَكَانَ الْحَاكِم حنفيا وَعلم أَن مَالِكًا وَالشَّافِعِيّ وَأحمد اتَّفقُوا على جَوَاز هَذَا التَّوْكِيل
وَأَن أَبَا حنيفَة مَنعه
فَعدل عَمَّا اجْتمع عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة إِلَى مَا ذهب أَبُو حنيفَة إِلَيْهِ بمفرده من غير أَن يثبت عِنْده بِالدَّلِيلِ مَا قَالَه وَلَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد
فَإِنِّي أَخَاف على هَذَا من الله عز وَجل بِأَنَّهُ اتبع فِي ذَلِك هَوَاهُ
وَأَنه لَيْسَ من الَّذين يَسْتَمِعُون القَوْل فيتبعون أحْسنه
وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ القَاضِي مالكيا فاختصم إِلَيْهِ اثْنَان فِي سُؤْر الْكَلْب فَقضى بِطَهَارَتِهِ مَعَ علمه بِأَن الْفُقَهَاء كلهم قضوا بِنَجَاسَتِهِ
وَكَذَلِكَ إِن كَانَ القَاضِي شافعيا
فاختصم إِلَيْهِ اثْنَان فِي مَتْرُوك التَّسْمِيَة عمدا
فَقَالَ أَحدهمَا هَذَا مَنَعَنِي من بيع شَاة مذكاة
وَقَالَ الآخر إِنَّمَا منعته من بيع الْميتَة
فَقضى عَلَيْهِ بمذهبه
وَهُوَ يعلم أَن الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة على خِلَافه
وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ القَاضِي حنبليا
فاختصم إِلَيْهِ اثْنَان
فَقَالَ أَحدهمَا لي عَلَيْهِ مَال
وَقَالَ الآخر كَانَ لَهُ عَليّ مَال وَقَضيته
فَقضى عَلَيْهِ بِالْبَرَاءَةِ
وَقد علم أَن الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة على خِلَافه
فَهَذَا وَأَمْثَاله مِمَّا يرجع إِلَى الْأَكْثَرين فِيهِ عِنْدِي أقرب إِلَى الْإِخْلَاص
وأرجح فِي الْعَمَل
وَمُقْتَضى هَذَا أَن ولايات الْحُكَّام فِي وقتنا هَذَا صَحِيحَة وَأَنَّهُمْ قد سدوا ثغرا من ثغور الْإِسْلَام سَده فرض كِفَايَة
وَلَو أهملت هَذَا القَوْل وَلم أذكرهُ ومشيت على الطَّرِيق الَّتِي يمشي عَلَيْهَا الْفُقَهَاء فِي كتاب صنفوه أَو كَلَام قَالُوهُ

(2/289)


أَنه لَا يصلح أَن يكون قَاضِيا إِلَّا من يكون من أهل الِاجْتِهَاد ثمَّ يذكرُونَ من شُرُوط الِاجْتِهَاد أَشْيَاء لَيست مَوْجُودَة فِي الْحُكَّام
فَهَذَا كالإحالة والتناقض لَا سِيمَا إِن قُلْنَا قَالَ ابْن دَاوُد شَرط الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي القَاضِي والمفتي شَرَائِط لَا تُوجد إِلَّا فِي الْأَنْبِيَاء صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم
أَو قُلْنَا إِن من أَصْحَابه من قَالَ شَرط الشَّافِعِي فِي الْحَاكِم والمفتي شُرُوطًا تمنع أَن يكون أحدا بعده حَاكما أَو مفتيا
فَفِي ذَلِك تَعْطِيل للْأَحْكَام وسد لباب الحكم
وَهَذَا غير مُسلم بل الصَّحِيح فِي الْمَسْأَلَة أَن ولَايَة الْحُكَّام وَإِن اخْتلفت أَقْوَال الْعلمَاء فِي شروطهم جَائِزَة
وَأَن حكوماتهم صَحِيحَة نَافِذَة
وَالله أعلم

فصل الْمَرْأَة هَل يَصح أَن تلِي الْقَضَاء
قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يَصح
وَقَالَ أَبُو حنيفَة يَصح أَن تكون قاضية فِي كل شَيْء تقبل فِيهِ شَهَادَة النِّسَاء
وَعِنْده أَن شَهَادَة النِّسَاء تقبل فِي كل شَيْء إِلَّا فِي الْحُدُود والجراح
فَهِيَ عِنْده تقضي فِي كل شَيْء إِلَّا فِي الْحُدُود والجراح
وَقَالَ ابْن جرير الطَّبَرِيّ يَصح أَن تكون قاضية فِي كل شَيْء
وَقَالَ عَليّ لَا يجوز أَن يكون القَاضِي عبدا

فصل وَهل الْقَضَاء من فروض الكفايات
قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ نعم
وَيجب على من تعين عَلَيْهِ الدُّخُول فِيهِ
وَإِن لم يُوجد غَيره
وَقَالَ أَحْمد فِي أظهر روايتيه لَيْسَ هُوَ من فروض الكفايات وَلَا يتَعَيَّن الدُّخُول فِيهِ وَإِن لم يُوجد غَيره
وَلَو أَخذ الْقَضَاء بالرشوة لَا يصير قَاضِيا بالِاتِّفَاقِ
وَهل يكره الْقَضَاء فِي الْمَسْجِد أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يكره
وَقَالَ مَالك بل هُوَ السّنة
وَقَالَ الشَّافِعِي يكره إِلَّا أَن يدْخل الْمَسْجِد للصَّلَاة فَتحدث حُكُومَة يحكم فِيهَا

فصل وَلَا يقْضِي القَاضِي بِغَيْر علمه
بِالْإِجْمَاع
وَهل يجوز لَهُ أَن يقْضِي بِعِلْمِهِ أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة مَا شَاهده الْحَاكِم من الْأَفْعَال الْمُوجبَة للحدود قبل الْقَضَاء وَبعده لَا يحكم فِيهَا بِعِلْمِهِ
وَمَا علمه من حُقُوق النَّاس حكم فِيهَا بِمَا علمه قبل الْقَضَاء وَبعده
وَقَالَ مَالك وَأحمد لَا يقْضِي بِعِلْمِهِ أصلا
وَسَوَاء فِي ذَلِك حُقُوق الله عز وَجل وَحُقُوق الْآدَمِيّين
وَالصَّحِيح من مَذْهَب الشَّافِعِي يقْضِي بِعِلْمِهِ إِلَّا فِي حُدُود الله
وَهل يكره للْقَاضِي البيع وَالشِّرَاء بِنَفسِهِ أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يكره ذَلِك
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يكره
وَطَرِيقه أَن يُوكل

(2/290)


وَإِذا كَانَ القَاضِي لَا يعرف لِسَان الْخصم لاخْتِلَاف لغتهما
فَلَا بُد للْقَاضِي مِمَّن يترجم عَن الْخصم
وَاخْتلفُوا فِي عدد من يقبل فِي ذَلِك
وَكَذَلِكَ فِي التَّعْرِيف بِمن لَا يعرف وتأدية رسَالَته وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه تقبل شَهَادَة الرجل الْوَاحِد فِي ذَلِك كُله بل قَالَ أَبُو حنيفَة يجوز أَن يكون امْرَأَة
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى لَا يقبل أقل من رجلَيْنِ
وَقَالَ مَالك لَا بُد من اثْنَيْنِ
فَإِن كَانَ التخاصم فِي إِقْرَار بِمَال قبل فِيهِ عِنْده رجل وَامْرَأَتَانِ
وَإِن كَانَ يتَعَلَّق بِأَحْكَام الْأَبدَان لم يقبل إِلَّا رجلَانِ

فصل وَإِذا عزل القَاضِي نَفسه
فَهَل يَنْعَزِل أم لَا نقل الْمُحَقِّقُونَ من أَصْحَاب الشَّافِعِي أَن القَاضِي كَيفَ عزل نَفسه انْعَزل إِن لم يتَعَيَّن عَلَيْهِ وَإِن تعين عَلَيْهِ لم يَنْعَزِل فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ إِن عزل نَفسه لعذر جَازَ
أَو لغيره لم يجز
وَلَكِن لَا يجوز أَن يعْزل نَفسه إِلَّا بعد إِعْلَام الإِمَام واستعفائه
لِأَنَّهُ موكول بِعَمَل يحرم عَلَيْهِ إضاعته
وعَلى الإِمَام أَن يعفيه إِذا وجد غَيره
فَيتم عَزله باستعفائه وإعفائه وَلَا يتم بِأَحَدِهِمَا
وَلَا يكون قَوْله عزلت نَفسِي عزلا
لِأَن الْعَزْل يكون من الْمولي
وَهُوَ لَا يولي نَفسه
فَلَا يعزلها
وَقَالَ الْأَصْحَاب لَو فسق القَاضِي ثمَّ تَابَ وَحسن حَاله فَهَل يعود قَاضِيا من غير تَجْدِيد ولَايَة وَجْهَان
أصَحهمَا لَا يعود بِخِلَاف الْجُنُون وَالْإِغْمَاء إِذْ لَا يَصح فيهمَا الْعود
وَقَالَ الْهَرَوِيّ فِي الإشراف لَو فسق القَاضِي وانعزل
ثمَّ تَابَ صَار واليا
نَص عَلَيْهِ يَعْنِي الشَّافِعِي لِأَن ذَلِك يسد بَاب الْأَحْكَام
فَإِن الْإِنْسَان لَا يَنْفَكّ غَالِبا من أُمُور يَعْصِي بهَا فيفتقر إِلَى مطالعة الإِمَام
فجوز للْحَاجة
وَقَالَ القَاضِي إِن حدث الْفسق فِي القَاضِي وَأخر التَّوْبَة انْعَزل
وَإِن عجل الإقلاع بتوبة وَنَدم لم يَنْعَزِل لانْتِفَاء الْعِصْمَة عَنهُ
وَلِأَن هفوات ذَوي الهيئات مقَالَة قل من يسلم إِلَّا من عظم وَاخْتلفُوا فِي سَماع من لَا تعرف عَدَالَته الْبَاطِنَة
قَالَ أَبُو حنيفَة يسْأَل الْحَاكِم عَن بَاطِن الْعَدَالَة فِي الْحُدُود وَالْقصاص قولا وَاحِدًا
وَفِيمَا عدا ذَلِك لَا يسْأَل إِلَّا أَن يطعن الْخصم فِي الشَّاهِد
فَمَتَى طعن سَأَلَ وَمَتى لم يطعن لم يسْأَل
وَتسمع الشَّهَادَة
ويكتفي بِعَدَالَتِهِمْ فِي ظَاهر أَحْوَالهم
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه لَا يَكْتَفِي الْحَاكِم بِظَاهِر الْعَدَالَة حَتَّى يعرف الْعَدَالَة الْبَاطِنَة سَوَاء طعن الْخصم أَو لم

(2/291)


يطعن وَسَوَاء كَانَت الشَّهَادَة فِي حد أَو فِي غَيره
وَعَن أَحْمد رِوَايَة أقوى اخْتَارَهَا بعض أَصْحَابه أَن الْحَاكِم يَكْتَفِي بِظَاهِر الْإِسْلَام
وَلَا يسْأَل على الْإِطْلَاق
وَهل يقبل الدَّعْوَى بِالْجرْحِ الْمُطلق فِي الْعَدَالَة أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة يقبل
وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد فِي أشهر روايتيه لَا يقبل حَتَّى يعين سَببه
وَقَالَ مَالك إِن كَانَ الْجَارِح عَالما بِمَا يُوجب الْجرْح مبرزا قبل جرحه مُطلقًا
وَإِن كَانَ غير متصف بِهَذِهِ الصّفة لم يقبل إِلَّا بتبيين السَّبَب
وَهل يقبل جرح النِّسَاء وتعديلهن قَالَ أَبُو حنيفَة يقبل
وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي أشهر روايتيه لَا مدْخل لَهُنَّ فِي ذَلِك
وَإِذا قَالَ فلَان عدل رَضِي قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد يَكْفِي ذَلِك
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَكْفِي حَتَّى يَقُول هُوَ عدل رَضِي لي وَعلي
وَقَالَ مَالك إِن كَانَ الْمُزَكي عَالما بِأَسْبَاب الْعَدَالَة قبل قَوْله فِي تزكيته عدل رَضِي وَلم يفْتَقر إِلَى قَوْله لي وَعلي

فصل وَاتَّفَقُوا على أَن كتاب القَاضِي
إِلَى القَاضِي فِي الْحُدُود وَالْقصاص وَالنِّكَاح وَالطَّلَاق وَالْخلْع غير مَقْبُول إِلَّا مَالِكًا
فَإِنَّهُ يقبل عِنْده كتاب القَاضِي فِي ذَلِك كُله
وَاتَّفَقُوا على أَن الْكتاب فِي الْحُقُوق الْمَالِيَّة جَائِز مَقْبُول
وَاخْتلفُوا فِي صفة تأديته الَّتِي يقبل مَعهَا
فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يقبل حَتَّى يشْهد اثْنَان أَنه كتاب القَاضِي فلَان إِلَى القَاضِي فلَان قَرَأَهُ علينا أَو قرىء عَلَيْهِ بحضرتنا
وَعَن مَالك فِي ذَلِك رِوَايَتَانِ
إِحْدَاهمَا كَقَوْل الْجَمَاعَة
وَالْأُخْرَى يَكْفِي قَوْلهمَا هَذَا كتاب القَاضِي فلَان الْمَشْهُور عِنْده
وَهُوَ قَول أبي يُوسُف
وَلَو تكاتب القاضيان فِي بلد وَاحِد
فقد اخْتلف أَصْحَاب أبي حنيفَة
فَقَالَ الطَّحَاوِيّ يقبل ذَلِك
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ مَا حَكَاهُ الطَّحَاوِيّ مَذْهَب أبي يُوسُف
وَمذهب أبي حنيفَة أَنه لَا يقبل
وَيحْتَاج إِلَى إِعَادَة الْبَيِّنَة عِنْد الآخر بِالْحَقِّ وَإِنَّمَا يقبل ذَلِك فِي الْبلدَانِ النائية

فصل وَإِذا حكم رجلَانِ رجلا
من أهل الِاجْتِهَاد فِي شَيْء وَقَالَ رَضِينَا بحكمك فاحكم بَيْننَا
فَهَل يلْزمهُمَا حكمه وَلَا يعْتَبر رضاهما بذلك
وَلَا يجوز لحَاكم الْبَلَد نقضه وَإِن خَالف رَأْيه رَأْي غَيره قَالَ أَبُو حنيفَة يلْزمهُمَا حكمه
إِن وَافق حكمه رَأْي قَاضِي الْبَلَد نفذ ويمضيه قَاضِي الْبَلَد إِذا رفع إِلَيْهِ وَإِن لم يُوَافق رَأْي حَاكم الْبَلَد فَلهُ أَن

(2/292)


يُبطلهُ
وَإِن كَانَ فِيهِ خلاف بَين الْأَئِمَّة
وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ
أَحدهمَا يلْزمه حكمه
وَالثَّانِي لَا يلْزم إِلَّا بتراضيهما بل يكون ذَلِك كالفتوى مِنْهُ
وَهَذَا الْخلاف فِي مَسْأَلَة التَّحْكِيم إِنَّمَا يعود إِلَى الحكم فِي الْأَمْوَال
فَأَما النِّكَاح وَاللّعان وَالْقَذْف وَالْقصاص وَالْحُدُود فَلَا يجوز التَّحْكِيم فِيهَا إِجْمَاعًا

فصل وَلَا يقْضِي على غَائِب
إِلَّا أَن يحضر من يقوم مقَامه كوكيل أَو وَصِيّ عِنْد أبي حنيفَة
وَعند الثَّلَاثَة
يقْضِي عَلَيْهِ مُطلقًا
وَإِذا قضى لإِنْسَان بِحَق على غَائِب أَو صبي أَو مَجْنُون
فَهَل يحْتَاج إِلَى تَحْلِيفه للشَّافِعِيّ وَجْهَان
أصَحهمَا نعم
وَقَالَ أَحْمد لَا يحْتَاج إِلَى إحلافه
وَلَو نسي الْحَاكِم مَا حكم بِهِ فَشهد عِنْده شَاهِدَانِ أَنه حكم بذلك
قَالَ مَالك وَأحمد تقبل شَهَادَتهمَا
وَيحكم بهَا
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ لَا تقبل شَهَادَتهمَا وَلَا يرجع إِلَى قَوْلهمَا حَتَّى يذكر أَنه حكم بِهِ

فصل لَو قَالَ القَاضِي فِي حَال
ولَايَته قضيت على هَذَا الرجل بِحَق أَو بِحَدّ
قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد يقبل مِنْهُ ويستوفى الْحق وَالْجد
وَقَالَ مَالك لَا يقبل قَوْله حَتَّى يشْهد مَعَه عَدْلَانِ أَو عدل
وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ
أَحدهمَا كمذهب أبي حنيفَة
وَهُوَ الْأَصَح
وَالثَّانِي كمذهب مَالك
وَلَو قَالَ بعد عَزله قضيت بِكَذَا فِي حَال ولايتي
قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يقبل مِنْهُ
وَقَالَ أَحْمد يقبل مِنْهُ

فصل حكم الْحَاكِم
لَا يخرج الْأَمر عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ فِي الْبَاطِن
وَإِنَّمَا ينفذ حكمه فِي الظَّاهِر
فَإِذا ادّعى مُدع على رجل حَقًا وَأقَام شَاهِدَانِ بذلك
فَحكم الْحَاكِم بِشَهَادَتِهِمَا
فَإِن كَانَا قد شَهدا بِحَق وَصدق
فقد حل ذَلِك الشَّيْء الْمَشْهُود بِهِ للْمَشْهُود لَهُ ظَاهرا وَبَاطنا
وَإِن كَانَا قد شَهدا بزور
فقد ثَبت ذَلِك الشَّيْء للْمَشْهُود لَهُ ظَاهرا بالحكم
وَأما فِي الْبَاطِن فِيمَا بَينه وَبَين الله عز وَجل فَهَل هُوَ على ملك الْمَشْهُود عَلَيْهِ كَمَا كَانَ سَوَاء كَانَ ذَلِك فِي الْفروج أَو فِي الْأَمْوَال هَذَا قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد
وَقَالَ أَبُو حنيفَة حكم الْحَاكِم إِذا كَانَ عقدا أَو فسخا يحِيل الْأَمر على مَا هُوَ عَلَيْهِ وَينفذ الحكم بِهِ ظَاهرا وَبَاطنا
وَاتَّفَقُوا على أَن الْحَاكِم إِذا حكم بِاجْتِهَادِهِ ثمَّ بَان لَهُ اجْتِهَاد يُخَالِفهُ
فَإِنَّهُ لَا ينْقض

(2/293)


الأول
وَكَذَا إِذا وَقع حكم غَيره فَلم يره
فَإِنَّهُ لَا ينْقضه
فروع أوصى إِلَيْهِ وَلم يعلم بِالْوَصِيَّةِ
فَهُوَ وَصِيّ بِخِلَاف الْوَكِيل بالِاتِّفَاقِ
وَتثبت الْوكَالَة بِخَير وَاحِد عِنْد أبي حنيفَة
وَلَا يثبت عزل الْوَكِيل إِلَّا بِعدْل أَو مستورين
وَعند الثَّلَاثَة يشْتَرط فيهمَا العدلان
قَالَ وَلَو قَالَ قَاض عزل لرجل حكمت عَلَيْك لفُلَان بِأَلف ثمَّ أَخذهَا ظلما
فَالْقَوْل قَول القَاضِي بالِاتِّفَاقِ
وَكَذَا لَو قَالَ قطعت يدك بِحَق فَقَالَ بل ظلما
انْتهى
المصطلح وَهُوَ نَوْعَانِ النَّوْع الأول فِي معرفَة مَا يحْتَاج إِلَيْهِ القَاضِي
وَمَا يسْتَحبّ لَهُ فعله وَمَا يتَعَيَّن عَلَيْهِ إتقان وَضعه وَمَعْرِفَة كيفيته مِمَّا هُوَ مُتَعَلق بوظيفة الْقَضَاء من رسم الْكِتَابَة الَّتِي يَكْتُبهَا القَاضِي من الْعَلامَة وموضعها إِلَى الرقم وموضعه وَكَيْفِيَّة مَا يكْتب لكل وَاحِد على اخْتِلَاف الْمَرَاتِب
وَكَيْفِيَّة وضع التوقيع على الْهَامِش وَبَيَان التَّارِيخ وَكَيْفِيَّة وضع الحسبلة وموضعها وَمَا يكْتب على المحاضر وَصُورَة الْمجَالِس وأوراق الاعتقالات وقصص الاستدعاء والتقارير والفروض
وَغير ذَلِك مِمَّا يَنْبَغِي الاعتناء بِهِ وَكَثْرَة التَّأَمُّل لَهُ وإتقانه إتقانا جيدا لَا يحْتَاج مَعَه إِلَى تردد فِي حَالَة من الْحَالَات
النَّوْع الثَّانِي فِيمَا يتَعَلَّق بوظيفة الْقَضَاء من التواقيع والتسجيلات وتفويض الأنظار والتداريس
وَالنَّظَر على الْأَوْقَاف الْجَارِيَة تَحت نظر الحكم الْعَزِيز وَنصب الْأُمَنَاء والقوام على الْأَيْتَام الداخلين تَحت حجر الشَّرْع الشريف وَغير ذَلِك من التعلقات الَّتِي هِيَ منوطة بحكام الشَّرِيعَة المطهرة
ويشتمل هَذَا النَّوْع على صور سَيَأْتِي بَيَانهَا
أما النَّوْع الأول فَأول مَا يذكر فِيهِ مَوضِع الْعَلامَة
وَهُوَ نَوْعَانِ
أَحدهمَا مَا هُوَ مصطلح المصريين
وَالثَّانِي مَا هُوَ مصطلح الشاميين
فَأَما مصطلح المصريين فَهُوَ أَن القَاضِي إِذا حكم بِحكم أَو ثَبت عِنْده شَيْء فِي مَضْمُون كتاب من الْكتب
فَذَلِك الْكتاب لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون الْحَاكِم الَّذِي يكْتب علامته فِيهِ هُوَ الْحَاكِم فِي أَصله بعد سَماع الدَّعْوَى فِيهِ وَسَمَاع الْبَيِّنَة وَاسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة أَولا
فَإِن كَانَ هُوَ فَالْقَاضِي يكْتب علامته فِي بَاطِن هَذَا الْمَكْتُوب عَن يسَار الْبَسْمَلَة
وَإِن كَانَ الحكم فِي ظَاهر الْمَكْتُوب كتب الْعَلامَة فِي ظَاهره عَن يسَار الْبَسْمَلَة

(2/294)


وَيكْتب فِي الْموضع الَّذِي يخليه الْكَاتِب فِي وسط السطور بعد التَّرْجَمَة التَّارِيخ بِخَطِّهِ
وَيكْتب فِي آخِره الحسبلة بِخَطِّهِ
وَيشْهد عَلَيْهِ فِي آخر هَذَا الإسجال
وَأما فِي اصْطِلَاح الشاميين وهم الَّذين يَكْتُبُونَ إشهادا على القَاضِي بالثبوت وَالْحكم والتنفيذ فَإِن القَاضِي يكْتب علامته فِي بَاطِن الْمَكْتُوب عَن يسَار الْبَسْمَلَة ثمَّ يكْتب فِي هامشه بِخَطِّهِ مَا يشْهد عَلَيْهِ من الثُّبُوت وَالْحَاكِم والتنفيذ ثمَّ يرقم للشُّهُود وَيكْتب الْكَاتِب الْإِشْهَاد عَلَيْهِ فِي ظَاهر الْمَكْتُوب مُجَردا عَن عَلامَة وَغَيرهَا
وَلَا بُد للْقَاضِي من عَلامَة يعرف بهَا من بَين الْحُكَّام
وَإِذا اخْتَار عَلامَة لَا يغيرها
فَهُوَ الأولى إِلَّا أَن يكون نَائِبا فيرتقي أصلا أَو ينْتَقل من بلد إِلَى بلد فَيكون للتغيير مُوجب وَلَا يلتبس على النَّاس
فَأَما إِذا كَانَ نَائِبا فمدة نيابته لَا يُغير علامته
وَكَذَا إِذا كَانَ أصلا وَلم ينْتَقل فَلَا يُغير علامته
وَصُورَة الْعَلامَة الْحَمد لله على نعمه الْحَمد لله رب الْعَالمين
الْحَمد لله على كل حَال
الْحَمد لله اللَّطِيف فِي قَضَائِهِ الْحَمد لله الْهَادِي للحق الْحَمد لله الحكم الْعدْل الْحَمد لله نَاصِر الْحق
أَو أَحْمد الله كثيرا أَو أَحْمد الله بِجَمِيعِ محامده أَو الْحَمد الله الْغَنِيّ الْقوي
وَهَذِه كَانَت عَلامَة شَيخنَا شيخ الْإِسْلَام قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين أَحْمد بن حجر
رَحمَه الله تَعَالَى
وَتَكون الْعَلامَة فِي الْمحل الْمَذْكُور من الرَّحِيم إِلَى آخر الْمَكْتُوب بالقلم الغليظ
وَاعْلَم أَن الْعَلامَة لَا تكْتب إِلَّا بعد تأدية شَهَادَة الشُّهُود عِنْد القَاضِي فِي الْمَكْتُوب
فَإِذا تكمل أداؤهم أَو أَدَاء من يَسْتَغْنِي بِهِ الْحَاكِم مِنْهُم من اثْنَيْنِ فَصَاعِدا رقم لَهُم
وَلَا يعلم قبل الْأَدَاء
وَهُوَ بِالْخِيَارِ بعد الْأَدَاء إِن شَاءَ علم ثمَّ رقم للشُّهُود وَإِن شَاءَ رقم لَهُم ثمَّ علم
فَإِذا فرغ من الْعَلامَة انْتقل إِلَى التوقيع على الْمَكْتُوب وموضعه تَحت بَاء الْبَسْمَلَة على جنب الْمَكْتُوب على رَأس أول سطر مِنْهُ
فَإِن كَانَ التوقيع على طَريقَة المصريين كتب ليسجل خَاصَّة وَكَاتب الحكم يتَصَرَّف فِي أَلْفَاظ التسجيل وَيَأْتِي بالثبوت وَالْحكم أَو بالتنفيذ على مُقْتَضى الْقَاعِدَة الْمَطْلُوبَة فِي تِلْكَ الْوَاقِعَة
ويخلي موضعا للتاريخ
ويخلي للحسبلة كَمَا تقدم
وَإِن كَانَ فِي الْقَضِيَّة خلاف نبه عَلَيْهِ فِي إسجاله
وَإِن شَاءَ القَاضِي كتب ليسجل بِثُبُوتِهِ أَو ليسجل بِثُبُوتِهِ وَالْحكم بِمُوجبِه أَو ليسجل بِثُبُوتِهِ وتنفيذه أَو ليسجل بِثُبُوتِهِ وَالْحكم بِهِ أَو ليسجل بِثُبُوت مَا قَامَت بِهِ الْبَيِّنَة فِيهِ وَالْحكم بِهِ
وَإِذا كَانَ التوقيع على طَريقَة الشاميين كتب القَاضِي على الْهَامِش

(2/295)


من ابْتِدَاء أول سطر من سطور الْمَكْتُوب مَا صورته ليشهد بِثُبُوتِهِ وَالْحكم بِمُوجبِه وَيذكر فِي خطه جَمِيع مَا يشْهد بِهِ عَلَيْهِ أصلا وفصلا
وَإِن كَانَ فِي الْمَسْأَلَة خلاف
فَيَقُول مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَان والإسجال أقوى من الْإِشْهَاد
وَسَيَأْتِي بَيَان معرفَة الإسجال وَالْإِشْهَاد فِي مَوْضِعه
وَاعْلَم أَن التوقيع على المكاتيب الشَّرْعِيَّة مُرَتّب على مقتضيات مَا شرح فِيهَا وعَلى مَا شهد بِهِ فيهمَا مِمَّا يسوغه الشَّرْع الشريف المطهر
وكل مَكْتُوب يُوقع فِيهِ على هامشه بِحَسب مَا شهد فِيهِ
وَذَلِكَ كُله دائر بَين ثُبُوت وَحكم بِالْمُوجبِ أَو ثُبُوت وَحكم بِالصِّحَّةِ أَو ثُبُوت وتنفيذ أَو ثُبُوت مُجَرّد
وَأما مَا يتَعَلَّق بِمَعْرِِفَة الرقم فِي المكاتيب الشَّرْعِيَّة ومساطير الدُّيُون وَغَيرهَا
فَذَلِك متفاوت بِاعْتِبَار شَهَادَة الشُّهُود
فَإِن كَانُوا من المعدلين الجالسين فِي المراكز على رَأْي الشاميين أَو فِي الحوانيت على رَأْي المصريين
فيرقم لكل وَاحِد مِمَّن شهد عِنْده شهد عِنْدِي بذلك وَإِن كَانُوا من غير الجالسين
فَإِن كَانَ القَاضِي يعرف عدالتهم فيرقم لَهُم على نَحْو مَا تقدم ذكره أَيْضا
وَإِن كَانَ لَا يعرف عدالتهم
فيطلب التَّزْكِيَة من صَاحب الْحق
فَإِذا زكوا بَين يَدَيْهِ رقم تَحت كل وَاحِد شهد بذلك وزكى والأحوط أَن يكْتب الْمُزَكي تزكيته تَحت خطّ الشَّاهِد فِي الْمَكْتُوب الَّذِي أدّى عِنْد القَاضِي فِيهِ
وَصُورَة مَا يكْتب الْمُزَكي أشهد أَن فلَان ابْن فلَان الْوَاضِع خطه أَعْلَاهُ عدل رَضِي لي وَعلي وَهَذَا هُوَ الْمُتَعَارف فِي التَّزْكِيَة فِي زَمَاننَا
وَأما على مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة لَو قَالَ عدل فَقَط كَانَ كَافِيا أَو قَالَ لَا أعلم إِلَّا خيرا من غير أَن يَقُول أشهد كَانَ كَافِيا أَيْضا
وَاعْلَم أَن الْمُزَكي لَا بُد أَن تكون عَدَالَته مَعْرُوفَة عِنْد الْحَاكِم بِحَيْثُ يَثِق بقوله فِي التَّزْكِيَة
وَإِن كَانَ القَاضِي يعرف عَدَالَة الْبَعْض دون الْبَعْض كتب لمن عرف عَدَالَته
وزكى بَين يَدَيْهِ شهد عِنْدِي بذلك وَيكْتب للَّذي لم يعرف عَدَالَته وزكى بَين يَدَيْهِ شهد بذلك عِنْدِي وزكى وَأما الَّذِي يكون بَين هَذَا وَذَاكَ فَيكْتب لَهُ شهد بذلك عِنْدِي وَالَّذِي شهد وَمَا زكى يكْتب لَهُ شهد فَقَط وَمن هُوَ أَعلَى مِنْهُ بِقَلِيل كالمستور يكْتب لَهُ شهد بذلك فلَان الْفُلَانِيّ

وَقد يشْهد فِي بعض المكاتيب من يكون كَبِيرا يصلح للْقَضَاء أَو وزيرا مُعظما أَو وَكيل بَيت المَال أَو كَاتب السِّرّ أَو نَاظر الْجَيْش أَو مِمَّن يكون فِي هَذِه الرُّتْبَة
فَإِذا

(2/296)


شهد عِنْد القَاضِي أحد من هَؤُلَاءِ فيرقم لَهُ أعلمني بذلك أَو أَخْبرنِي بذلك بِلَفْظ الشَّهَادَة
أَسْبغ الله ظلاله أَو أعَاد الله علينا من بركته
أَو فسخ الله فِي مدَّته أَو نفع الله بِهِ وبعلومه أَو مَا يُنَاسب هَذِه الْأَدْعِيَة
فَإِن كَانَ نَائِب السُّلْطَان كتب لَهُ أعلمني بذلك بِلَفْظ الشَّهَادَة أعز الله أنصاره وَقد يشْهد عِنْده من يكون من أهل الْفَتْوَى والتدريس أَو رَئِيسا كَبِيرا أَو موقعا فِي الدست
فيرقم لَهُ شهد عِنْدِي بذلك أيده الله تَعَالَى أَو أعزه الله تَعَالَى أَو زَاده الله تَعَالَى من فَضله أَو أدام الله سعادته أَو أعز الله نَصره
والرقم تَحت شَهَادَة من ذكرنَا يكون بالقلم الثخين قلم الْعَلامَة
وَالْأولَى أَن يرقم لكل شَهَادَة برقم على حِدة تحتهَا
وَإِن جمع ورقم فَهُوَ كَاف
مثل أَن يكْتب شهد الثَّلَاثَة عِنْدِي بذلك أَو شَهدا عِنْدِي بذلك أَو شهد الْأَرْبَعَة أَو الْخَمْسَة عِنْدِي بذلك بِشَرْط أَن يَكُونُوا فِي الْعَدَالَة سَوَاء
هَذَا مَا يتَعَلَّق بِالرَّقْمِ
فَأَما مَا يتَعَلَّق بِالْكِتَابَةِ على الأوصال فَيكْتب بقلم الْعَلامَة على كل وصل حسبي الله أَو ثقتي بِاللَّه أَو الْوَصْل صَحِيح
كتبه فلَان أَو يقيني بِاللَّه يقيني أَو الْحَمد لله أَو الْحَمد وَالشُّكْر لله تَعَالَى فَإِن حصل التوقيع على بعض الأوصال اكْتفى بذلك
وَأول شَرط يحْتَاج إِلَيْهِ القَاضِي فِيمَا يُثبتهُ أَو يحكم بِمُوجبِه أَو بِصِحَّتِهِ مِمَّا يدْخل تَحت قلم الْعَلامَة والتوقيع والرقم كَمَا تقدم تَصْحِيح الدَّعْوَى فِي ذَلِك كُله وسماعها
إِمَّا على الْمقر نَفسه أَو البَائِع أَو الرَّاهِن أَو الْوَاقِف أَو غَيره أَو على وَكيله الَّذِي تثبت وكَالَته عِنْده بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ
وَإِن كَانَت الدَّعْوَى على وَكيل بَيت المَال فِي وَجهه أَو على شخص من جِهَته أَو على نَاظر الْأَيْتَام
فقد جرت الْعَادة فِي ذَلِك على أَن القَاضِي يكْتب فِي قرنة الْمَكْتُوب الْيُمْنَى على يَمِين قارىء الْمَكْتُوب عِنْد قِرَاءَته ادّعى بِهِ بالقلم الغليظ الَّذِي يكْتب بِهِ الْعَلامَة
وَالْأولَى أَن يكْتب ادّعى بِهِ فِي وَجه القَاضِي فلَان الدّين وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور أيده الله تَعَالَى وَإِن كَانَت الدَّعْوَى على شخص من جِهَته بِإِذْنِهِ وتوكيله إِيَّاه فِي سماعهَا كتب ادّعى بِهِ فِي وَجه فلَان الدّين الْوَكِيل الشَّرْعِيّ فِي سَماع الدَّعْوَى عَن القَاضِي فلَان الدّين وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور أيده الله تَعَالَى وَكَذَلِكَ فِي حق نَاظر الْأَيْتَام لَكِن فِي هَذَا التَّوْكِيل من جِهَته وَكيل بَيت المَال أَو نَاظر الْأَيْتَام يحْتَاج إِلَى كِتَابَة فصل بِالتَّوْكِيلِ
وَصورته أشهدني سيدنَا العَبْد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى القَاضِي فلَان أَو الشَّيْخ فلَان الدّين وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور بِالْمَدِينَةِ الْفُلَانِيَّة أَو نَاظر الْأَيْتَام بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ
أَسْبغ

(2/297)


الله ظلاله على نَفسه الْكَرِيمَة أَنه وكل فلَان ابْن فلَان فِي سَماع الدَّعْوَى بِسَبَب كَذَا وَكَذَا المتضمن ذَلِك الْمَكْتُوب المسطر بأعاليه توكيلا صَحِيحا شَرْعِيًّا قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا
وَشهِدت عَلَيْهِمَا بذلك فِي تَارِيخ كَذَا
فَإِذا أدّى الشُّهُود شَهَادَتهم فِي هَذَا الْفَصْل عِنْد القَاضِي سمع الدَّعْوَى وَعمل بِمُقْتَضى مَا ذَكرْنَاهُ
وَكتب مَا قدمْنَاهُ من عَلامَة الدَّعْوَى فِي الْموضع الَّذِي بَيناهُ
وَاعْلَم أَن ثمَّ مسَائِل لَا يحْتَاج إِلَى دَعْوَى فِيهَا يَأْتِي بَيَانهَا فِي كتاب الدَّعْوَى والبينات
وَصُورَة مَا يَكْتُبهُ القَاضِي على البعدية فِي مَوضِع الْعَلامَة جرى ذَلِك أَو جرى الْأَمر كَذَلِك أَو جرى ذَلِك كَذَلِك وَيكْتب فِي أَسْفَل الْمَكْتُوب بعد انْتِهَاء الْكَلَام التَّارِيخ بِخَطِّهِ فَقَط وَالسّنة بِخَط كَاتب الحكم
ثمَّ يكْتب القَاضِي الحسبلة بِخَطِّهِ
وَمِنْهُم من يَقُول لَا يحْتَاج إِلَى كِتَابَة القَاضِي التَّارِيخ والحسبلة فِي البعدية بل كِتَابَته جرى ذَلِك فِيهِ كِفَايَة
وَكَذَلِكَ يكْتب القَاضِي على صور الدَّعَاوَى الَّتِي يَدعِي بهَا عِنْده وَتقوم فِيهَا الْبَيِّنَة ويسبك الحكم فِي آخرهَا بِمَا يَقع بِهِ الحكم
وعَلى هَذَا جرت عَادَة الْحُكَّام فِي صور الدَّعَاوَى الَّتِي يَقع الحكم فِيهَا
وَفِي الْمُجَرَّدَة عَن الحكم إِذْ هِيَ صُورَة حَال
وَإِن وَقع الْإِشْهَاد على شخص بِشَيْء من الْأَشْيَاء الَّتِي تقع عِنْد الشُّهُود وَآل الْأَمر إِلَى صُدُور الْإِشْهَاد بذلك الشَّيْء فِي مجْلِس الحكم الْعَزِيز
فَهَذَا الْإِشْهَاد لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يصدر الْكَاتِب إشهاده بِذكر مجْلِس الحكم الْعَزِيز أَو يُؤَخر ذكره عَن الْإِشْهَاد وَيخْتم بِهِ
وَمِثَال الأول حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان أَو بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز بَين يَدي متوليه سيدنَا فلَان أشهد عَلَيْهِ فلَانا أَو بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين
أشهد عَلَيْهِ فلَانا
وَمِثَال الثَّانِي حضر إِلَى شُهُوده فلَان وَأشْهد عَلَيْهِ بِكَذَا وَكَذَا
أَو أشهد عَلَيْهِ فلَان شُهُوده إشهادا شَرْعِيًّا أَو أقرّ فلَان الْفُلَانِيّ إِقْرَارا شَرْعِيًّا أَو تصادق فلَان وَفُلَان على كَذَا وَكَذَا
فَإِذا انْتهى الْكَلَام فِي ذَلِك إِلَى آخِره
كتب قبل التَّارِيخ وَذَلِكَ بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ أَو وَقع الْإِشْهَاد عَلَيْهِ بذلك بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ أَو وَذَلِكَ بعد تقدم دَعْوَى شَرْعِيَّة صدرت بَينهمَا فِي ذَلِك بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ واعتراف الْمَشْهُود عَلَيْهِ أَو الْمَشْهُود عَلَيْهِمَا بذلك لَدَيْهِ
أحسن الله إِلَيْهِ ويؤرخ

(2/298)


وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي على هَذَا الْإِشْهَاد إِن احْتِيجَ إِلَى خطه فِيهِ اعْترف عِنْدِي بذلك أَو اعترفا بذلك عِنْدِي أَو سَمِعت اعْتِرَاف الْمَشْهُود عَلَيْهِ أَو عَلَيْهِمَا بذلك فِي تَارِيخه
وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي على الْفُرُوض مَوضِع الْعَلامَة فرضت ذَلِك وأذنت فِيهِ وَيكْتب التَّارِيخ بِخَطِّهِ والحسبلة كَمَا تقدم
وَصُورَة مَا يكْتب للْقَاضِي فِي كتاب الْقِسْمَة الصادرة بَين الشَّرِيكَيْنِ بِإِذْنِهِ مَوضِع الْعَلامَة
وَيكْتب تحتهَا أَذِنت فِي ذَلِك على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَيكْتب التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ أَيْضا
وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي على تَفْوِيض أَمر صَغِير إِلَى شخص أَقَامَهُ متكلما عَلَيْهِ مَوضِع الْعَلامَة فوضت ذَلِك إِلَيْهِ وأذنت لَهُ فِيهِ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَكَذَلِكَ يكْتب لمن فوض إِلَيْهِ التحدث على وقف من الْأَوْقَاف الْجَارِيَة تَحت نظره
وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي على مَكْتُوب قد اتَّصل بِهِ بِالنَّقْلِ إِمَّا نُسْخَة أَو سجل على هَامِش الْمَكْتُوب محاذاة رَأس الْبَسْمَلَة الشَّرِيفَة لينقل بِهِ نُسْخَة أَو لينقل بِهِ سجل وَإِن كَانَ المُرَاد أَكثر من ذَلِك كتب لينقل بِهِ نسختان أَو سجلان وَسَيَأْتِي بَيَان الْفرق بَين النُّسْخَة والسجل فِيمَا يتَعَلَّق بكاتب الحكم
وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي على تَنْفِيذ حكم آخر تضمن إِذْنا من ذَلِك القَاضِي ليسجل بِثُبُوتِهِ وتنفيذه وإمضاء الْآذِن الْمَذْكُور فِيهِ
وَإِن كَانَ التَّنْفِيذ يَشْمَل الْكل
فعلى هَذَا لقَائِل أَن يَقُول التَّنْفِيذ يتَعَلَّق بِصِيغَة الحكم لَهُ بِالْإِذْنِ
فَكَأَن الثَّانِي نفذ الحكم وَمَا أمضى الْآذِن
فَإِذا خرج بإمضاء الْآذِن زَاده قُوَّة وَرفع قَول من يَقُول بِهَذَا التَّوَهُّم
وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي على المحاصر من الْإِذْن فِي كتَابَتهَا على سَائِر أَنْوَاعهَا
فَأول مَا يرفع إِلَيْهِ السُّؤَال فِي كِتَابَة محْضر يتَضَمَّن كَيْت وَكَيْت
فَإِذا رفع إِلَيْهِ
نظر فِي نَفسه وفكر ودقق النّظر
فَإِذا رَآهُ مِمَّا يسوغه الشَّرْع الشريف كتب تَحت السُّؤَال من جِهَة الْيَسَار ليكتب فَإِذا سطره كَاتب الحكم وأرخه وذيله
يذكر إِذن الْحَاكِم الْآذِن فِي كِتَابَته بِمُقْتَضى خطه الْكَرِيم أَعْلَاهُ
ويكمل بالشهود الْعُدُول ادّعى بِهِ عِنْد القَاضِي الْآذِن وَيكْتب القَاضِي عَلامَة الدَّعْوَى كَمَا تقدم
فَإِذا

(2/299)


قَامَت الْبَيِّنَة رقم لَهَا كَمَا تقدم وَكتب على هامشه ليسجل بِثُبُوتِهِ وَالْحكم بِهِ أَو بِمُوجبِه على مَا تقدم أَو ليشهد بِثُبُوتِهِ أَو الحكم بِهِ أَو بِمُوجبِه وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَان كَمَا تقدم
ويكمله كَاتب الحكم بالإسجال أَو الْإِشْهَاد بِمَا قَامَت بِهِ الْبَيِّنَة فِيهِ على اخْتِلَاف الْأَنْوَاع
وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي على صلح ليتيم ادّعى لَهُ على شخص بِإِذْنِهِ أَذِنت فِي ذَلِك والمنسوب إِلَيّ فِيهِ صَحِيح وَيكْتب فِي آخر الصُّلْح حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل من غير عَلامَة وَلَا توقيع على هَامِش
وَكَذَلِكَ يكْتب على صُورَة الْمجْلس المتضمنة الحكم بشفعة الْخلطَة أَو الْجوَار أَذِنت فِي ذَلِك سطرا بِغَيْر عَلامَة
وَتَحْت أَذِنت فِي ذَلِك سطرا آخر الْمَنْسُوب إِلَيّ فِيهِ صَحِيح وَيكْتب التَّارِيخ بِخَطِّهِ ويحسبل
وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي على قصَص السؤالات بالاستقرار فِي الْوَظَائِف الدِّينِيَّة الْجَارِيَة تَحت نظر الحكم الْعَزِيز
مثل إِمَامَة مَسْجِد أَو قِرَاءَة أَو نظر أَو خدمَة
أَو غير ذَلِك بِحكم وَفَاة أَو شغور ليجب إِلَى سُؤَاله على الْوَجْه الشَّرْعِيّ أَو ليجب إِلَى سُؤَاله وليستقر فِي ذَلِك على الْوَجْه الشَّرْعِيّ
وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي على أوراق الإشهادات بالنزول لشخص من النَّاس عَن وَظِيفَة من الْوَظَائِف الدِّينِيَّة ليمض فِي ذَلِك بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ أَو ليمض النُّزُول الْمَذْكُور وليستقر الْمنزل لَهُ فِي ذَلِك على الْوَجْه الشَّرْعِيّ أَو أمضيت ذَلِك وقررت النُّزُول لَهُ فِي الْوَظِيفَة الْمَذْكُورَة بِمَا لَهَا من الْمَعْلُوم وأذنت لَهُ فِي الْمُبَاشرَة وَقبض الْمَعْلُوم المستقر صرفه إِلَى آخر وَقت على الْوَجْه الشَّرْعِيّ ويؤرخ
وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي على ورقة الْإِحْضَار الَّتِي ترفع إِلَيْهِ بِطَلَب غَرِيم للطَّالِب عَلَيْهِ دَعْوَى شَرْعِيَّة ليحضر إِلَى مجْلِس الشَّرْع الشريف المطهر بالقلم الغليظ قلم الْعَلامَة وَمن الْحُكَّام من يكْتب ليحضر فَقَط
وَمِنْهُم من يكْتب ليحضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز وَمِنْهُم من يكْتب أجب خصمك إِلَى مجْلِس الحكم
كَمَا نَص عَلَيْهِ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَان وَمِنْهُم من يكْتب أجب خصمك إِلَى مجْلِس الْقَضَاء
كَمَا نَص عَلَيْهِ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّة وَفِي الْحَقِيقَة الْمَعْنى وَاحِد
وَإِن تغاير اللَّفْظ
وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي على ورقة الاعتقال ليعتقل بقلم الْعَلامَة فِي وسط الطرة فَإِن كَانَ صَاحب الْحق يخْتَار الترسيم واتفقا عَلَيْهِ
أَو رأى القَاضِي الترسيم دون الْحَبْس
فَيكْتب ليرسم عَلَيْهِ بقلم الْعَلامَة من غير ليعتقل وَإِن اتفقَا قبل أَن يعلم القَاضِي عَلَيْهَا على مبلغ أقل مِمَّا فِي ورقة الاعتقال كتب ليعتقل على مبلغ كَذَا فَقَط

(2/300)


وَصُورَة مَا يَكْتُبهُ القَاضِي على توقيع نَائِبه فِي الحكم إِذا كتبه كَاتب حكمه عَنهُ بِإِذْنِهِ يكْتب تَحت الْبَسْمَلَة وسطر من الْخطْبَة علامته الَّتِي يَكْتُبهَا على الإسجالات والمكاتيب الْحكمِيَّة بقلم ثخين وَيكْتب الحسبلة فِي آخِره بعد أَن يكْتب كَاتب الحكم التَّارِيخ بِخَطِّهِ
وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي فِي عقد عقده أَو عقد بِحُضُورِهِ
وَهَذِه الْكِتَابَة محلهَا من الصَدَاق مَوضِع الْعَلامَة
فَإِن كَانَ الْعَاقِد لَهُ قَاضِي قُضَاة الشَّافِعِيَّة كتب فِي الْموضع الْمَذْكُور بالقلم الغليظ عقده بَينهمَا على الْوَجْه الشَّرْعِيّ فِي التَّارِيخ الْمعِين فِيهِ فلَان ابْن فلَان الشَّافِعِي وَإِن كَانَ حنفيا وَلم يحضرهُ شَافِعِيّ كتب كَذَلِك فِي الْموضع الْمَذْكُور
وَإِن احْتِيجَ إِلَى كِتَابَة أحد من بَقِيَّة الْقُضَاة غير الشَّافِعِي مِمَّن حضر
فَيكْتب مِمَّا يَلِي هَذَا الْموضع إِلَى جِهَة الْبَسْمَلَة أَو على رَأس الْهَامِش مِمَّا يَلِي بَاء الْبَسْمَلَة عقده بَينهمَا
أيده الله تَعَالَى بحضوري فِي تَارِيخه وَكتبه فلَان الْفُلَانِيّ وَمن دون هَؤُلَاءِ يكْتب فِي هَامِش الصَدَاق عقده بَينهمَا على الْوَجْه الشَّرْعِيّ فلَان الْفُلَانِيّ أَو حضر هَذَا العقد الْمُبَارك الميمون فلَان الْفُلَانِيّ
وَصُورَة مَا يَكْتُبهُ القَاضِي على إِشْهَاد قَاض آخر كَانَ قد شهد عَلَيْهِ فِي تَارِيخ مُتَقَدم ثمَّ مَاتَ شُهُود ذَلِك الأَصْل وَلم يبْق مِمَّن شهد على ذَلِك القَاضِي الْمُتَقَدّم غير هَذَا القَاضِي الْحَيّ يُوقع على هَامِش الْمَكْتُوب الَّذِي يُرِيد صَاحبه ثُبُوته أَو على نسخته المنقولة من أَصله ليسجل بِثُبُوتِهِ بطرِيق مَشْرُوع
وَإِن كَانَ فِيهِ حكم فَيكْتب ليسجل بِثُبُوتِهِ وتنفيذه بطرِيق مَشْرُوع وَهَذَا معنى الْقَضَاء بِالْعلمِ
وَذَلِكَ الْحَاكِم لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون شافعيا أَو حنفيا أَو غَيرهمَا مِمَّن لَا يقْضِي بِالْعلمِ
فَإِن كَانَ غير شَافِعِيّ فَلَا يُصَرح الْكَاتِب فِي الإسجال على الْحَاكِم بِأَكْثَرَ مِمَّا وَقع لَهُ بِهِ بل يزِيد بطرِيق مَشْرُوع يثبت بِمثلِهِ الْحُقُوق الشَّرْعِيَّة فِي الشَّرْع الشريف وَشرط هَذَا القَاضِي الَّذِي يفعل هَذَا بطرِيق الشَّهَادَة على القَاضِي الأول أَن يكون مُقَلدًا للْقَضَاء فِي مَحل ولَايَته فِي الْمصر الَّذِي هُوَ قَاض فِيهِ كَمَا هُوَ مَشْرُوط فِي جَوَاز الْقَضَاء بِالْعلمِ
وَالله أعلم
فَائِدَة الثُّبُوت الْمُجَرّد لَيْسَ بِحكم
وَقَالَت الْحَنَفِيَّة هُوَ حكم
وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ الشَّافِعِي اخْتلف أَصْحَابنَا
هَل الثُّبُوت حكم أم لَا وَالْمُخْتَار عِنْدِي التَّفْصِيل بَين أَن يثبت الْحق وَبَين أَن يثبت السَّبَب
فَإِذا ثَبت السَّبَب كَقَوْلِه ثَبت

(2/301)


عِنْدِي أَن فلَانا وقف هَذَا فَلَيْسَ بِحكم
لِأَنَّهُ بعد ذَلِك يتَوَقَّف على نظر آخر
هَل ذَلِك الْوَقْف صَحِيح أم بَاطِل لِأَنَّهُ قد يكون على نَفسه أَو مُنْقَطع الأول وَنَحْو ذَلِك
وَإِن أثبت الْحق كَقَوْلِه ثَبت عِنْدِي أَن هَذَا وقف على الْفُقَرَاء أَو على فلَان فَهُوَ فِي معنى الحكم
لِأَنَّهُ تعلق بِهِ حق الْمَوْقُوف عَلَيْهِ
وَلَا يحْتَاج إِلَى نظر آخر
وَإِن كَانَ صُورَة الحكم وَهُوَ الْإِلْزَام لم تُوجد فِيهِ
فَتبين من هَذَا أَن فِي الْقسم الأول لَو طلب الْمُدَّعِي من الْحَاكِم أَن يحكم لَهُ لم يلْزمه حَتَّى يتم نظره
وَفِي الثَّانِي يلْزمه
لِأَن فِي الثُّبُوت مَا يجب الحكم بِهِ قطعا
وَرُجُوع الشَّاهِد بعد الثُّبُوت وَقبل الحكم لم أره مَنْقُولًا
وَالَّذِي أختاره أَن فِي الْقسم الثَّانِي كالرجوع بعد الحكم وَلَا يمْنَع الحكم
وَفِي الْقسم الأول يمْنَع
انْتهى كَلَامه
فرع قَالَ وَنقل الثُّبُوت فِي الْبَلَد فِيهِ خلاف
وَالْمُخْتَار عِنْدِي فِي الْقسم الثَّانِي الْقطع بِجَوَاز النَّقْل وَتَخْصِيص مَحل الْخلاف بِالْأولِ
وَالْأولَى فِيهِ الْجَوَاز وفَاقا لإِمَام الْحَرَمَيْنِ تَفْرِيعا على أَنه حكم بِقبُول الْبَيِّنَة
فَائِدَة الحكم بِالْمُوجبِ صَحِيح
وَمَعْنَاهُ الصِّحَّة مصونا عَن النَّقْض
كَالْحكمِ بِالصِّحَّةِ وَإِن كَانَ أحط رُتْبَة مِنْهُ
فَإِن الحكم بِالصِّحَّةِ يَسْتَدْعِي ثَلَاثَة أَشْيَاء أَهْلِيَّة التَّصَرُّف وَصِحَّة صيغته وَكَون التَّصَرُّف فِي مَحَله
وَالْحكم بِالْمُوجبِ يَسْتَدْعِي الْأَوَّلين فَقَط
وهما صِحَة التَّصَرُّف وَصِحَّة الصِّيغَة
وَالأَصَح أَن الثُّبُوت لَيْسَ بِحكم
وَقَالَت الْحَنَفِيَّة الثُّبُوت حكم
انْتهى
النَّوْع الثَّانِي فِيمَا هُوَ مُتَعَلق بوظيفة الْقَضَاء من التواقيع وَغير ذَلِك مِمَّا تقدم ذكره من الْأُمُور المنوطة بحكام الشَّرِيعَة المطهرة
ويشتمل هَذَا النَّوْع على صور
مِنْهَا توقيع بنيابة الحكم والمستنيب قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين أَحْمد
والنائب شمس الدّين مُحَمَّد الْحَمد لله الَّذِي نور مطالع أفق المناصب الدِّينِيَّة بشمس الدّين وأوضح بِهِ منهاج الْحق فَأصْبح النَّاس من سلوك سَبيله على يَقِين وَرفع لَهُ مَعَ الَّذين أُوتُوا الْعلم دَرَجَات ورقاه فِيهَا بطرِيق الِاسْتِحْقَاق إِلَى أَعلَى رتب المرتقين
وزينه بالتقوى والورع وتولاه فِيمَا ولاه
وَالله ولي الْمُتَّقِينَ
أَحْمَده حمد عبد ألهمه الله الْحِكْمَة
فَوضع الشَّيْء فِي مَحَله وَأقَام شعار الْعلمَاء

(2/302)


حِين وسد الْأَمر إِلَى أَهله
وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ
شَهَادَة مقرونة بالإخلاص فِي حب مُحَمَّد ضامنة لقائلها حسن الْعَاقِبَة
فَمَا ذهب لَهُ وَقت إِلَّا وَعَاد وَالْعود أَحْمد
وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي سل سيف الشَّرِيعَة المطهرة
فأنفذ الله حكمه وأمضاه وَأقَام بَيِّنَة شرفه على الْمُرْسلين والأنبياء
فَمَا مِنْهُم إِلَّا من أجَاز ذَلِك وارتضاه
وألزم نَفسه وَأمته الْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين نفذوا مَا ثَبت عِنْده وأوصلوه بأئمة الْإِسْلَام من أمته
صَلَاة ترشد من أعرب بأدائها عَن السُّؤَال أَن يلحن بحجته وتدوم مَا فرج الْعلمَاء مضايق الْجِدَال فِي الدُّرُوس وَقبلت ثغور الأقلام وجنات الطروس وسجدت خلف الإِمَام أَحْمد فِي محراب تَقْلِيد على الرؤوس
وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَإِن منصب الحكم الْعَزِيز محجة الْحق الَّتِي لَا ترى فِيهَا عوجا وَلَا أمتا وَحجَّة الصدْق الَّتِي بهَا يتفرق أهواء الَّذين تحسبهم جَمِيعًا وَقُلُوبهمْ شَتَّى وبهديه يَهْتَدِي المهتدون إِلَى سلوك أرشد الطَّرِيقَيْنِ
ويعتصم بِسَبَبِهِ الْقوي من مَال إِلَى مُوَافقَة أسعد الْفَرِيقَيْنِ
وَهُوَ إِذا فوض إِلَى ذِي أَمَانَة وديانة وَأسْندَ إِلَى ذِي عفة وصيانة أجْرى قضاياه على نهج السداد والاستقامة وسلك فِيهَا مسلكا مَا ظَهرت فِيهِ لغيره عَلامَة عَلامَة
فأعز بِهِ الله أَحْكَامه
وَكَانَ فلَان ضاعف الله نعْمَته وأدام رفعته وبلغه من خيرى الدَّاريْنِ أمْنِيته هُوَ الَّذِي نفح عطر مَعْرفَته وفاح ووضحت دَلَائِل كِفَايَته غَايَة الْإِيضَاح وَقَامَت الْبَينَات لدعاوى أولويته بِهَذَا المنصب الْعَزِيز وأعربت فِي هَذَا النَّحْو عَن وصف فَضله الْمُفْرد جمل الْكَلَام
فَلَا غرو إِن انتصب فِي الْحَال على التَّمْيِيز لِأَنَّهُ الْعَالم الَّذِي أصبح فِي عَالم الْوُجُود ندرة
وأرشد فِي طَرِيق السّنة الشَّهْبَاء إِلَى توليد النُّصْرَة
وَهُوَ الألمعي الَّذِي كَأَن أفكاره مُشْتَمِلَة على مسامع وأبصار واللوذعي الَّذِي تتطفل على شمس ذكاه مَشَارِق الْأَنْوَار
وَهُوَ الْعَلامَة الَّذِي إِذا تَفَرَّقت أهواء الْمُتَكَلِّمين جمع أشتات الْفَضَائِل بعبارته المعربة عَن التحبير والتحرير على الْقَوَاعِد
والبارع الَّذِي لَهُ فِي كل علم مُقَدّمَة تنْتج إِذا سكت الواصفون فَوَائِد وَهُوَ الْخَطِيب الَّذِي إِذا تُسنم ذرْوَة مِنْبَر جَاءَ بِمَا يذكر فصل الْخطاب فِي الْخطب وأتى من الْعجب العجاب بِمَا يسحر الْأَلْبَاب إِذا قَالَ أَو كتب والمنشىء الَّذِي لَيْسَ لحمائم درج الْأَدَب فِي رياض الطروس تغريد إِلَّا بسجعه وَلَا لقلم التوقيعات غُبَار فِي عوارض ريحَان الرّقاع إِلَّا ونسخها الْمُحَقق من كَمَال وَضعه
كم هبت نسمات سماته الطاهرة فترنم النَّاس بِحسن إيقاعها فِي الصَّعِيد والحجاز وَكم ريح برِيح

(2/303)


أريحيته أعطاف الدوح الشَّامي
فسرى مِنْهُ نسيم قبُول لَهُ إِلَى الْقُلُوب على الْحَقِيقَة مجَاز وَكم لَهُ من أَحَادِيث فضل تسلسل مَعَ الروَاة سَنَد لَفظهَا الدُّرِّي وَثَبت إيرادها الْحسن الصَّحِيح فِي مُسْند أَحْمد بطرِيق الرِّوَايَة عَن الزُّهْرِيّ فَلذَلِك استخار الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة شيخ الْإِسْلَام شهَاب الدّين أَحْمد الْفُلَانِيّ الشَّافِعِي
وفوض إِلَى الجناب الْكَرِيم الْفُلَانِيّ الْمشَار إِلَيْهِ وَظِيفَة نِيَابَة الحكم الْعَزِيز وَالْقَضَاء بالمملكة الْفُلَانِيَّة أَو بِالْمَدِينَةِ الْفُلَانِيَّة وأعمالها وَكَذَا وَكَذَا إِلَى آخِره على أجمل العوائد وأكمل الْقَوَاعِد تفويضا صَحِيحا شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا وولاه ذَلِك ولَايَة تَامَّة عَامَّة
فليتلق مَا فوض إِلَيْهِ بِالْقبُولِ عَن شيخ الْإِسْلَام
ولينشر علم علمه بَين الْعلمَاء الْأَعْلَام ولينظر فِيمَا يرفع إِلَيْهِ من القضايا وَالْأَحْكَام نظرا تَبرأ بِهِ الذِّمَّة
وَيحصل بِهِ الْفَوْز الْعَظِيم يَوْم الْوُقُوف بَين يَدي الْملك العلام وليطلق أَلْسِنَة أقلامه فِي ذَلِك الْمِضْمَار
وليجتهد كل الِاجْتِهَاد أَن يكون ذَلِك الرجل الَّذِي قَالَ فِي حَقه الصَّادِق المصدوق قَاض فِي الْجنَّة لَا من القاضيين اللَّذين هما فِي النَّار
وليباشر ذَلِك مُبَاشرَة تفتح أَبْوَاب الْعلم الَّتِي عهِدت من بَيت جده الْمدرس
وليقم فِيهَا على قدم يحمده النَّاس عَلَيْهِ فِي كل مجْلِس
والوصايا كَثِيرَة
وَهُوَ باستضاءة نور شمس دينه المتين فِي غنية عَنْهَا وَلَكِن لَا بُد فِي كل الْأُمُور مِنْهَا
وملاكها تقوى الله وَهُوَ بِحَمْد الله مِمَّن يهتدى بتقواه وفضله
وَينْتَفع بِهِ فِي مصَالح مدارس الْعلم وَأَهله
وَالله تَعَالَى يزِيد أَيَّامه الشمسية نورا يتألق كوكبه الزُّهْرِيّ فِي جبين الدَّهْر وعرنينه وَرَايَة هَذِه الدَّعْوَى يتلقاها كل سامع بِيَمِينِهِ وتديم ثناءا ودعاءا يتلقاهما الْقلب بتصديقه وَاللِّسَان بتأمينه
والخط الْكَرِيم أَعلَى الله تَعَالَى علاهُ حجَّة بمضمونه وَمُقْتَضَاهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
ويؤرخ
وَيخْتم بالحمدلة وَالصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
ويخلى للْقَاضِي بَيَاضًا يكْتب فِيهِ الحسبلة
توقيع بنيابة الحكم الْعَزِيز
والمستنيب قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين مُحَمَّد
والنائب شمس الدّين مُحَمَّد الْحَمد لله الَّذِي سير فِي بروج سَمَاء الشَّرِيعَة المطهرة شمس الدّين المحمدي وَنور بِعُلُومِهِ عوالم الْوُجُود
وَأعَاد عُيُون المناصب الدِّينِيَّة بعوده إِلَى منصب الحكم الْعَزِيز

(2/304)


قريرة وطالما تشوف إِلَى أَنه إِلَيْهِ يعود
وَكَيف لَا يكون كَذَلِك وَقد سلك فِي إِيضَاح منهاج الْحق مسلكا حل بِهِ مَحل الْجَوْهَرَة من التَّاج
وَكَانَ فِي أَيَّام الشهَاب مَحْمُود
أَحْمَده حمد من أحكم فِي ولَايَته لما يَتَوَلَّاهُ عقد ولائه
وَخص بَين أهل الْعلم الشريف بالأفضال الَّتِي عد بهَا من فضلائه
وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ
شَهَادَة مَوْصُولَة فِي الدَّاريْنِ بالسعادة مَقْبُولَة لَدَيْهِ مقرونة بالإخلاص عِنْد عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة
وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي شرع الشَّرْع الشريف وأعز أَحْكَامه وَمَا بَرحت بَيِّنَة شرفه معلنة لَهُ بِالْأَدَاءِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين تمسكوا من هَدْيه بسننه وسنته وأوضحوا منهاج شَرعه لمن سلكه من أَئِمَّة أمته
صَلَاة تكسو مفرق منصب الحكم الْعَزِيز تاجا
وتفيد الْمَرَاتِب الْعلية بِمُبَاشَرَة من خطب إِلَيْهَا سُرُورًا وابتهاجا
وتصون القضايا عَن أَن يتَطَرَّق إِلَيْهَا مَعَ وجوده خلل أَو يخْشَى أحد مَعَه عَن طَرِيق الْحق اعوجاجا
وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَإِن أولى من رقمت حلل الشَّرْع الشريف بمفاخره وأوصافه وَأَلْقَتْ الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة مقاليدها إِلَى يَد عدله وإنصافه من جددت عوائد رتبته السّنيَّة
ووطدت قَوَاعِد سيرته الْحَسَنَة المرضية
وَأخذ من الْعلم الشريف بأوفر نصِيبه
وتشوفت إِلَيْهِ رتبته بعد فِرَاق تشوف الْمُحب إِلَى حَبِيبه ونطقت أَدِلَّة التقاليد الْحكمِيَّة بِفضل فصل قَضَائِهِ وَقضى قلمه فِي الحكم وَالْقَضَاء بِمَا يَرْبُو على السهْم فِي نُفُوذه
وَالسيف فِي مضائه
وَكَانَ فلَان مِمَّن نوه لِسَان الْإِحْسَان بِذكرِهِ
وَنبهَ التقي على رفْعَة قدره
ولهجت الْأَلْسِنَة بشكره
وأضاءت فضائله حَتَّى اشْترك فِي إِدْرَاكهَا السّمع وَالْبَصَر
ووضحت فَوَائده حَتَّى كَاد يَتَنَاوَلهَا من فِي بَاعَ فهمه قصر
لله دره من شَافِعِيّ مَلأ صُدُور الْمَلأ بِعِلْمِهِ
وقاض لَا تَأْخُذهُ فِي الله لومة لائم وَلَا تعرف لَهُ مداهنة فِي حكمه
هممه الْعلية لَا يدْرك مداها
وشيمه الطاهرة قد جعل الله إِلَى مراضيه هداها
فَلذَلِك استخار الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين
وفوض إِلَى الجناب الْكَرِيم العالي الْمشَار إِلَيْهِ وَظِيفَة نِيَابَة الحكم الْعَزِيز وَالْقَضَاء بالمملكة الْفُلَانِيَّة أَو بِمَدِينَة كَذَا وأعمالها على جاري عَادَته ومستقر قَاعِدَته تفويضا صَحِيحا شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا
فليتلق مَا فوض إِلَيْهِ بِالْقبُولِ وليعلم أَنه فِي كل مَا يرفع فِيهِ من الْأُمُور غَدا بَين

(2/305)


يَدي الله مسؤول
وليباشر ذَلِك على مَا عهد إِلَيْهِ من جميل أَوْصَافه
وليمض فِيهِ على مَا ألف من ديانته وصيانته وعفافه
وَفِيمَا نعت من محاسنه الجميلة مَا يُغني عَن الْوَصَايَا الْمُؤَكّدَة والإشارات المرددة
وَهُوَ بِحَمْد الله غَنِي عَمَّا تُشِير إِلَيْهِ مِنْهَا أنامل الأقلام وَتحقّق بِهِ من قعقعة الطروس الْأَعْلَام
وملاكها تقوى الله
والذكرى بهَا تَنْفَع الْمُؤمنِينَ وَيجمع بَين مصَالح الدُّنْيَا وَالدّين
فليجعلها خلقه مَا اسْتَطَاعَ
فَإِن حكمهَا هُوَ المتبع وأمرها هُوَ المطاع
وَالله تَعَالَى يجريه من جميل العوائد على أجمل عَادَة وَيجْرِي جِيَاد أقلامه فِي ميادين الطروس بالسعادة بمنه وَكَرمه والخط العالي أَعلَى الله تَعَالَى علاهُ حجَّة بمضمونه وَمُقْتَضَاهُ ويكمل على نَحْو مَا سبق
توقيع بنيابة الحكم الْعَزِيز
والمستنيب قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين مُحَمَّد
والنائب نَاصِر الدّين مُحَمَّد الْحَمد لله نَاصِر الدّين القويم
وحافظ نظامه ومعيد بركَة التَّقْوَى على متزودها فِي بداية كل أَمر وختامه ومؤيد كلمة الشَّرْع الشريف بإحكام قَوَاعِد أَحْكَام حكامه وجامع طرفِي السَّعَادَة والسيادة لمن قَلّدهُ مِنْهُم أَمَانَة هَدْيه وشكر فِي إِقَامَة منار الْحق حسن مقَامه
نحمده حمد من نَشد ضالته فَوَجَدَهَا
ووعدت وظيفته برده إِلَيْهَا فسرت حِين أنْجز الله لَهَا مَا وعدها
ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة ندخرها ليَوْم فصل الْقَضَاء
وَنَرْجُو أَن يمنحنا بهَا فِي جنَّات عدن الرضى
ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي أعَاد بِهِ الْحق إِلَى نصابه ووسد بِشَرِيعَتِهِ الْأَمر إِلَى أربابه
ومهد بسنته سنَن الْعدْل فَدخلت إِلَيْهِ الْأمة من أبوابه
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه قُضَاة الدّين وهداته
وكفاة الْحق وحماته
صَلَاة دائمة بَاقِيَة مَا تتَابع الدَّهْر بشهوره وأيامه وساعاته
وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَلَمَّا كَانَ منصب الحكم الْعَزِيز محجة الْهَدْي لمن اهْتَدَى وَحجَّة الصدْق الَّذِي لَا يمحى اسْمه وَلَا يندرس رسمه أبدا وَهُوَ الشَّرْع الَّذِي تحوم على ورده الهمم ويكشف بِهِ خطب الْبَاطِل إِذا ألم وادلهم
تعين أَن لَا يؤهل لارتقاء ذروته الْعلية وإعلاء دَرَجَته الرفيعة السّنيَّة إِلَّا من ترقى بالديانة وَالْعلم أحسن رقى
وسحب ذيل الصيانة وَالْحكم سحب طَاهِر نقي وَشهد شرف سلفه بصلف خَلفه واستند إِلَى بَيت علم مَشْهُور وحلم عِنْد أَرْبَاب الدولة مشكور
وَكَانَ فلَان أدام الله تأييده وتسديده ووفر من الْخيرَات مزيده مِمَّن علمت أَمَانَته

(2/306)


واشتهرت ديانته
وَحسنت سيرته
وحمدت سَرِيرَته
وَعرف بالورع والعفاف واتصف بجميل الْأَوْصَاف
وراض نَفسه حَتَّى ملكهَا
وَعرف طرق الصَّوَاب فسلكها
وافتخرت بِهِ المناصب الدِّينِيَّة افتخار السَّمَاء بشمسها والدوحة بغرسها والإفهام بِإِدْرَاك حسها والدولة بأمينها والشريعة المطهرة بِمُحَمد حامي حوزتها وناصر دينهَا
فَلذَلِك استخار الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين أدام الله أَيَّامه الزاهرة
وأسبغ نعمه عَلَيْهِ باطنة وظاهرة وَجمع لَهُ بَين خيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وفوض إِلَى الجناب العالي الْفُلَانِيّ
الْمشَار إِلَيْهِ أَفَاضَ الله نعمه عَلَيْهِ نِيَابَة الحكم الْعَزِيز بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ عوضا عَمَّن هُوَ بِهِ بمفرده من غير شريك لَهُ فِي ذَلِك على جاري عَادَته ومستقر قَاعِدَته تفويضا صَحِيحا شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا لما تحَققه من نزاهته وخيره واستحقاقه لذَلِك دون غَيره ووثوقه بأمانته وديانته
واعتمادا على كفاءته وكفايته راجيا بَرَاءَة الذِّمَّة بولايته
فليباشر مَا فوض إِلَيْهِ من هَذِه النِّيَابَة راقيا ذروتها الْعلية بقدم التَّمْكِين
متلقيا رايتها المحمدية بِالْيَمِينِ وَالْيَمِين
عَالما أَن مقلده شدّ الله بِهِ عضده
وكبت أعداءه وحسده قد قَلّدهُ عقد ولائه الْيَمين وَاعْتمد على كِفَايَته فِي بَرَاءَة ذمَّته وَمَا اعْتمد إِلَّا على الْقوي الْأمين فليرع بسداد أَحْكَامه الرعايا وليفصل بقوله الْفَصْل الْأَحْكَام والقضايا
وليحفظ أَمْوَال الغياب والأيتام
وليمعن النّظر فِيمَا يرفع إِلَيْهِ من دعاوى الأخصام ولينظر فِي الْأَوْقَاف المبرورة وليجريها على مُقْتَضى شَرط واقفيها وليسترفع حسباناتها لمستحقيها من جباتها ومباشريها والمتحدثين فِيهَا
ولينتصب لتنفيذ الْأَحْكَام وكشف الْمَظَالِم ولينصف الْمَظْلُوم من الظَّالِم ولينظر فِي أَمر الشُّهُود بذلك الْقطر نظر المحاسب فِيمَا جلّ ودق
وَلَا يرخص لأحد مِنْهُم فِي الْعُدُول عَن الْحق
وليراجع مستنيبه فِيمَا يشكل عَلَيْهِ
ليَكُون اعْتِمَاده فِيمَا يُشِير بِهِ إِلَيْهِ
والوصايا كَثِيرَة
وَهُوَ بِحَمْد الله إِمَام هدى يَهْتَدِي بِهِ من ائتم
وفاضل كمل بِهِ شرف بَيته الْكَرِيم وَتمّ
وَمثله لَا يحْتَاج إِلَى تَأْكِيد وَصِيَّة لما لَدَيْهِ من مواد الْأَدَب ومزايا الألمعية
وملاك ذَلِك كُله التَّقْوَى
والتمسك بِسَبَبِهَا الْأَقْوَى فِي السِّرّ والنجوى وَهُوَ من سلوك نهجها القويم على يَقِين
وَالله ولي الْمُتَّقِينَ
وَالله تَعَالَى ينفعنا وإياه بِهَذِهِ الذكرى الَّتِي ألزمته تأهيل الْغَرِيب
وأنزلته فِي جوَار سيد وحبِيب
والخط العالي أَعْلَاهُ الله تَعَالَى أَعْلَاهُ حجَّة بِمُقْتَضَاهُ
ويؤرخ
ويكمل على نَحْو مَا سبق

(2/307)


توقيع بالاستمرار فِي نِيَابَة الحكم الْعَزِيز والنائب شهَاب الدّين أَحْمد أما بعد حمد الله الَّذِي جعل شهَاب الدّين لم يزل ينْتَقل فِي دَرَجَات سعده
وَالصَّلَاة وَالسَّلَام الأتمين الأكملين الأفضلين على سيدنَا مُحَمَّد الَّذِي أيده الله بنصر من عِنْده وعَلى آله وَصَحبه الَّذين عرفُوا قدر مَا أنعم الله عَلَيْهِم بِهِ
فَزَادَهُم من فيض بره ورفده
صَلَاة وَسلَامًا دائمين دواما لَا غَايَة لحده
وَلَا نِهَايَة لعده
وَبعد فَإِن أولى من رفعت مراتبه وأنارت بِنور الإقبال كواكبه ونشرت بَين فضلاء الزَّمَان عصائبه من فَضله الله بالمعرفة الْكَامِلَة والخبرة التَّامَّة وَخَصه بمزيد تَمْيِيز شهِدت بِهِ الْخَاصَّة والعامة
وتكررت على الأسماع محَاسِن أَفعاله
واشتهرت نباهته وبراعته بمداومته على اشْتِغَاله
وحمدت فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة طَرِيقَته
وَعرفت بَين ذَوي الْمعرفَة سيرته وديانته وعفته
وانحصرت فِيهِ الْحَالَات الْمَطْلُوبَة وشكرت همته فِي ولَايَته حَتَّى صَار بَين أقرانه أعجوبة إِن حمدت أَوْصَاف غَيره أَو طلعت شهب الْفَضَائِل فِي الْآفَاق ونورها يتوقد
فشهابه فِي أفق الْفضل زَاهِر وَالْإِجْمَاع مُنْعَقد على أَنه أَحْمد
وَكَانَ الْمجْلس الْفُلَانِيّ أدام الله نعْمَته وَمن الْخَيْر قسمته مِمَّن اسْتحق أَن تجدّد لَهُ ملابس الإنعام
وَأَن يجْرِي من الْفضل العميم على عوائد الْبر وَالْإِكْرَام ليعود بمزيد الْبشر والإقبال إِلَى مَحل ولَايَته مجبورا وينقلب إِلَى أَهله مَسْرُورا
فَلذَلِك رسم بِالْأَمر العالي القاضوي الحاكمي الْفُلَانِيّ أَسْبغ الله ظلاله
وَختم بالصالحات أَعماله أَن يسْتَمر الْمجْلس العالي الْفُلَانِيّ الْمشَار إِلَيْهِ فِيمَا بِيَدِهِ من وظيفته نِيَابَة الحكم الْعَزِيز بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ بمفرده على جاري عَادَته وقاعدته
فليتلق ذَلِك بِالْقبُولِ الزَّائِد وَالشُّكْر المتزايد وليعلم أَنه فِي حلبة السَّابِقين إِلَى هَذَا المنصب الْجَلِيل بذلك الْقطر نعم الصِّلَة وَنعم الْعَائِد
وليباشر ذَلِك على مَا عهد من كَمَال أدواته وَجَمِيل صِفَاته
والوصايا كَثِيرَة
وَهُوَ بِحَمْد الله أول دَاع إِلَيْهَا ومجيب
وَله فِي سلوك مناهج التَّقْوَى أَحْمد العواقب الْمُغنيَة عَن التشبيب بذكرى منزل وحبِيب
وَالله تَعَالَى يجريه من دوَام السَّعَادَة على أجمل عَادَة
ويمنحه من مواهبه الْحَسَنَة الْحسنى وَزِيَادَة بمنه وَكَرمه
والخط العالي أَعْلَاهُ الله تَعَالَى أَعْلَاهُ حجَّة بِمُقْتَضَاهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
ويؤرخ ويكمل على نَحْو مَا سبق
توقيع قَاض اسْمه مُحَمَّد ولقبه شمس الدّين

(2/308)


الْحَمد لله الَّذِي جعل شمس الشَّرِيعَة المطهرة فِي سَمَاء السمو مشرقة الْأَنْوَار وَأقر الْعُيُون بِمَا اخْتصّت بِهِ من دوَام الرّفْعَة وَحسن الِاسْتِقْرَار
وَاخْتَارَ لتنفيذ الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة من دلّت محَاسِن أَوْصَافه على أَنه من المصطفين الأخيار
وَمن يسْتَوْجب بوفور الألمعية الرتب الْعلية على الدَّوَام والاستمرار وَأَن يبلغ بمآثره الجليلة من الإقبال غَايَة الإيثار
وَمن تدل سيماه فِي وَجهه من أثر السُّجُود على أَنه من المستغفرين بالأسحار
نحمده حمدا خصصنا بِهِ فِي مَوَاطِن كَثِيرَة بالانتصار والاستظهار
ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة نقوم فِيهَا بِمَا يجب من الِاعْتِرَاف وَالْإِقْرَار
وَنَرْجُو بالإخلاص فِي أَدَائِهَا الخلود فِي دَار الْقَرار
ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الْمَبْعُوث إِلَى أهل الْآفَاق والأقطار والمشرفة بنصره طوائف الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين بلغُوا عَنهُ مَا جَاءَ بِهِ من ربه بِصَحِيح الْأَخْبَار والْآثَار
صَلَاة دائمة بَاقِيَة مَا تعاقب اللَّيْل وَالنَّهَار
وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَإِن أولى من تأكدت أَسبَاب تَقْدِيمه
وأحكمت مُوجبَات تحكيمه ونفذت فَتَاوِيهِ وأقضيته فِي الرعايا
وعول على عرفانه فِي فصل القضايا من اشتهرت مآثره فِي الْبِلَاد وجربت أَحْكَامه فَلم يخرج عَن مناهج السداد واختبرت تَصَرُّفَاته فدلت على دينه المتين وفضله الْمُبين
وَكَانَ فلَان هُوَ الجدير بِهَذِهِ الْمعَانِي والحقيق بنشر المحامد وَبث الثَّنَاء المتوالى أَحْوَاله فِي مُبَاشرَة الحكم الْعَزِيز جَارِيَة على مَا يُرْضِي الله وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصدره الرحب محتو على خَزَائِن الْعُلُوم
فَلهَذَا تلقى إِلَيْهِ مقاليدها وتسلم وَهُوَ فِي الله شَدِيد الْبَأْس قوي العزائم
فَإِذا ظهر لَهُ الْحق عمل بِهِ وَلَا تَأْخُذهُ فِي الله لومة لائم
وَلم يلف فِي أَفعاله مَا ينْتَقد بل ينتقى وَلَا يسند إِلَيْهِ من الْأَفْعَال إِلَّا مَا يُوجب الخلود فِي دَار الْبَقَاء
فَلذَلِك استخار الله سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين أَسْبغ الله ظلاله
وَختم بالصالحات أَعماله وفوض إِلَى الجناب الْمشَار إِلَيْهِ نِيَابَة الحكم الْعَزِيز بالمملكة الْفُلَانِيَّة وأعمالها على أجمل العوائد وأكمل الْقَوَاعِد تفويضا صَحِيحا شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا
فليتلق هَذَا التَّفْوِيض الْمُبَارك بأتم اجْتِهَاد وَأسد اعْتِمَاد
وليباشر ذَلِك مُجَردا فِي تأييد الشَّرْع الشريف عزمه متحليا بخشية الله فخشية الله رَأس كل حِكْمَة محترزا أَن يداخل شَيْئا من أَحْكَامه مَا يُوجب نقض مظْهرا خفايا الْحُقُوق إِذا جَاءَهُ خصمان بغي

(2/309)


بَعْضهَا على بعض
معملا فِيهَا فكرة عَن الْحق غير زائغة وَلَا زائلة مراجعا عَزِيز علمه
فالعلم ثَلَاثَة آيَة محكمَة وَسنة قَائِمَة وفريضة عادلة
مستوضحا للقضايا المشكلة لتنجلي لَهُ كالعيان متوخيا مواقع الْإِصَابَة
فَإِن الْحَاكِم إِذا اجْتهد فَأصَاب فَلهُ أَجْرَانِ
مستوصلا من غَايَة المراقبة إِلَى أقصاها متذكرا فِي إبدائه وإعادته من لَا يُغَادر صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة إِلَّا أحصاها
محافظا على عدم الاحتجاب عَن ذَوي الْحَاجَات مسويا بَين الْخُصُوم فِي الْمجْلس والإقبال والإنصات
متأملا من أَحْوَال الشُّهُود مَا تحقق فِيهِ التأميل
مُعْتَبرا شهاداتهم الدَّالَّة على مقتضيات الْجرْح وَالتَّعْدِيل
وملاك الْوَصَايَا تقوى الله
فلتكن حلية لأوقاته وحلة صَافِيَة على تَصَرُّفَاته
فَإِنَّهَا النِّعْمَة الوافرة والخلة المحصلة لسعادتي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَقد علم مَا يتَعَيَّن من حسن الْخلق الَّذِي أثنى الله بِهِ على نبيه الْكَرِيم ومدحه بقوله تَعَالَى {وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم} وليعتمد الرِّفْق فَإِنَّهُ أزين
وليعمل بقوله تَعَالَى {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحسن} وليتصد آنَاء اللَّيْل وأطراف النَّهَار لنصر الشَّرِيعَة
وَالله تَعَالَى يَجْعَل تَصَرُّفَاته لاتصال الْحُقُوق إِلَى مستحقيها ذَرِيعَة
بمنه وَكَرمه
والخط العالي أَعْلَاهُ الله تَعَالَى أَعْلَاهُ والعلامة الْعَالِيَة أَعْلَاهُ حجَّة بِمُقْتَضَاهُ
ويؤرخ
ويكمل على نَحْو مَا سبق
توقيع آخر الْحَمد لله الَّذِي تفرد فِي أزليته بعز كبريائه وتوحد فِي صمديته بدوام بَقَائِهِ وَنور بِنور مَعْرفَته قُلُوب أوليائه وَطيب أسرار الطالبين بِطيب ثنائه وَسكن خوف الْخَائِفِينَ بِحسن رجائه وأسبغ على الكافة جزيل عطائه
أَحْمَده حمد رَاض بِقَضَائِهِ شَاكر لنعمائه معترف بِالْعَجزِ عَن إحصاء آلائه
وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة تكون عدَّة لنائلها يَوْم لِقَائِه وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله خَاتم أنبيائه وَسيد أصفيائه الْمَخْصُوص بالْمقَام الْمَحْمُود فِي الْيَوْم الْمَشْهُود
فَجَمِيع الْأَنْبِيَاء تَحت لوائه
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه وخلفائه
صَلَاة دائمة بدوام أرضه وسمائه
وَبعد فَلَمَّا كَانَ الْقَضَاء من أهم الْأُمُور وَبِه سداد الْأمة وَصَلَاح الْجُمْهُور وَجب تَقْدِيم النّظر إِلَيْهِ على سَائِر الْمُهِمَّات وتعجيل الإقبال عَلَيْهِ بِوَجْه الاعتناء والالتفات
وَصرف الْعِنَايَة نَحوه فِي حالتي النَّفْي وَالْإِثْبَات
وَلما كَانَ فلَان مِمَّن تحلى بِالْعلمِ وتزين بالتقى والحلم
وَصفا قلبا وجاد سريرة

(2/310)


وَسَار فِي الْأَنَام أحسن سيرة
استخار سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا تقدم
توقيع آخر الْحَمد لله اللَّطِيف بِعَبْدِهِ الوفي بوعده الَّذِي منع ومنح فعزل وَولى وضر ونفع فَمر وحلى
نحمده حمدا لَا يُحْصى أمده ونشكره شكرا لَا يَنْتَهِي عدده
ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة ليَوْم لِقَائِه أعدهَا
وَمن نعمه الشاملة أعدهَا
ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي قضى بِالْحَقِّ فَعدل فِي قَضَائِهِ وَمَا جَار
وحماه من الْبَأْس وَعَصَمَهُ من النَّاس وأجار
المنعوت بالتبجيل والتعظيم الْمَوْصُوف بالتشريف والتكريم الْمَأْمُور بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيم
الَّذِي سد الذرائع وَشرع لأمته من الدّين أحسن الشَّرَائِع
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله النُّجُوم الطوالع وَأَصْحَابه الممدوحين بالركع السُّجُود
فَأكْرم بِكُل ساجد مِنْهُم وَرَاكِع
صَلَاة دائمة مَا ابتسمت الرياض لبكاء الغيوث الهواطل والمزن الهوامع
وَمَا تمايلت الأغصان لغناء المطوقات السواجع
وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَإِن منصب الحكم وَالْقَضَاء لَا ميزَان أعدل من مِيزَانه وَلَا ميدان أخطر من الرّكُوب فِي ميدانه وَلَا بَحر أصعب من الولوج فِي مركبه وَلَا نصب أبلغ مِمَّا شويت الْقُلُوب على منصبه بِهِ تستخلص الْحُقُوق الشَّرْعِيَّة وبالقيام بِهِ تقوم الْمصَالح المرعية
وَالْأولَى أَن يخْتَار لَهُ من سَارَتْ بسيرته الجميلة الْأَمْثَال وَنسخت أقلامه بِحسن وشيها حلَّة الْجمال على أحسن منوال
فبدور معاليه طالعة فِي أوج فلك شمسه وسطور مَعَانِيه ساطعة بسواد مداده فِي بَيَاض طرسه
وَلما كَانَ فلَان هُوَ الْمَعْنى بِهَذِهِ الْعبارَة والمشار إِلَيْهِ بِهَذِهِ الْإِشَارَة
فَلذَلِك استخار الله الَّذِي مَا خَابَ من استخاره وَلَا نَدم من استجاره
سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين
وفوض إِلَى الجناب الْمشَار إِلَيْهِ الحكم وَالْقَضَاء بِمَدِينَة كَذَا وأعمالها تفويضا صَحِيحا شَرْعِيًّا
وولاه ولَايَة تَامَّة ركونا إِلَى ديانته المشكورة ووثوقا بأمانته الْمَشْهُورَة واعتمادا على أَوْصَافه الحميدة الَّتِي هِيَ غير محصورة
فليباشر ذَلِك مُجْتَهدا فِي مصَالح الرعايا مُعْتَمدًا على مَا يعلم من حكم الله فِي الْعدْل الَّذِي هُوَ رابطة الْأَحْكَام وزبدة القضايا
ولينظم أَمر وظائف الشَّرِيعَة المطهرة فِي أحسن السلوك وَيفرق فِي الْحق بَين الْغَنِيّ وَالْفَقِير وَالْمَالِك والمملوك
ليحتط كل الِاحْتِيَاط فِي أَمر الْيَتَامَى وَلَا يُولى عَلَيْهِم إِلَّا من يراقب الله فِي أَمْوَالهم ويخشى الله فِي معاملاتهم
فَكفى مَا بهم من سوء حَالهم

(2/311)


وَلَا يركن فِي حَال الْأَيْتَام إِلَّا إِلَى من اختبره الْمرة بعد الْمرة وَعلم أَن عفته لَا تسامحه فِي التمَاس الذّرة
والأوقاف فليجر أمورها على النظام المتتابع وَلَا يتَعَدَّى بهَا شُرُوط واقفيها
فَإِن نَص الْوَاقِف مثل نَص الشَّارِع وليعقد أنكحة الْأَبْكَار والأيامى
وليزوجهن من أكفائهن شرعا وَيمْنَع من تلبسهن من الْفضل درعا
وَمَال الْمَحْجُور عَلَيْهِ يودعه حرْزا يحفظ فِيهِ
وَمَال الْغَائِب كَذَلِك وَالْمَجْنُون وَالسَّفِيه
ووقائع بَيت المَال فلتكن مضبوطة النظام مَحْفُوظَة الزِّمَام ومقطوعة الجدل وَالْخِصَام
وليحذر أَن يُولى فِي ذَلِك أَو فِي شَيْء مِنْهُ من يرَاهُ فِي الصُّورَة الظَّاهِرَة فَقِيها
فَيكون هُوَ الَّذِي إِذا تولى سعى فِي الأَرْض ليفسد فِيهَا
فَهُوَ الْمَطْلُوب عِنْد الله بجنايتهم والمحاسب على مَا اجترحوه فِي ولايتهم بل يتحَرَّى فِي أُمُورهم ويراعي أَحْوَالهم فِي غيبتهم وحضورهم لَا سِيمَا الْعُدُول
فَلَا يهمل لَهُم أَمر وَينظر فِي شَهَادَتهم بذكاء إِيَاس وفطنة عَمْرو
وقاضي الشَّرِيعَة أدرى بِمَا الْأَمر إِلَيْهِ فِي هَذَا الْمَعْنى وَمثله يؤول وهم المخاطبون بقوله كلكُمْ رَاع وكل رَاع عَن رَعيته مسؤول والوصايا كَثِيرَة
وَهُوَ بِحَمْد الله غَنِي عَنْهَا عَارِف بِجَمِيعِ آدَاب قُضَاة السّلف وَهُوَ خير خلف مِنْهَا
وَالله تَعَالَى يعصمه من الْخَطَأ والخطل والزيغ والزلل فِي القَوْل وَالْعَمَل بمنه وَكَرمه
ويؤرخ
ويكمل على نَحْو مَا سبق
وَإِن شَاءَ كتب هَذِه الْوَصِيَّة بعد تَمام التَّفْوِيض
وَبعد قَوْله فليباشر ذَلِك عَاملا فِيهِ بتقوى الله عز وَجل فِي قَوْله وَفعله وعقده وحله وَأَن يفصل الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة بَين المترافعين إِلَيْهِ بِحكم الشَّرِيعَة المطهرة مَاشِيا فِي ذَلِك على الطَّرِيق المألوفة والقوانين الْمُعْتَبرَة
وليساو فِي الْحق بَين الْخُصُوم وينتصف من الظَّالِم للمظلوم وَأَن يتَوَلَّى عُقُود الْأَنْكِحَة من الْأَبْكَار والأيامى وَينظر فِي أَمْوَال الغياب واليتامى وَيجْعَل أَمْوَال الْأَيْتَام فِي يَد عدل يوثق بعدالته
ويعتمد على نهضته وأمانته وكفايته وَأَن يعْتَبر أَحْوَال الشُّهُود ويجريهم على العوائد المستقرة وَالسّنَن الْمَعْهُود وَلَا يقبل مِنْهُم إِلَّا من يرتضيه مِمَّن جمعت شُرُوط الْمُرُوءَة وَالْعَدَالَة فِيهِ
وَيعْتَبر أَحْوَال الْوَصَايَا وَيَأْمُرهُمْ بِاتِّبَاع الْحق فِي تَحْرِير حسابهم وَينظر فِي أَمر الْأَوْقَاف الَّتِي نظرها للْحَاكِم وَيعْمل فِيهَا بِشُرُوط واقفيها ويسلك فِيهَا مناهج الصَّوَاب ويقتفيها
وَيقدر الْفُرُوض الْحكمِيَّة

(2/312)


والنفقات
ويتيقظ فِي سَماع الدَّعَاوَى والبينات وَيفْسخ الفسوخ السائغ فَسخهَا شرعا مراعيا فِي ذَلِك مَا يجب أَن يُرَاعى وَالله تَعَالَى يبلغهُ من السَّعَادَة غَايَة مَطْلُوبه وَأَن يتداركه بمغفرة ذنُوبه وَستر عيوبه
بمنه وَكَرمه
ويكمل على نَحْو مَا سبق
ضَابِط اعْلَم أَن المرسوم باستقراره فِي وَظِيفَة الحكم وَالْقَضَاء لَا يَخْلُو إِمَّا أَن تكون الْولَايَة لَهُ فِي الْمَدِينَة الَّتِي فِيهَا المستنيب أَو فِي عمل من أَعمالهَا
وَذَلِكَ النَّائِب لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون حَاضرا فِي بَاب مستنيبه أَو غَائِبا عَنهُ فَإِن كَانَت الْولَايَة فِي الْمَدِينَة
فقد جرت عَادَة المصريين فِي ذَلِك بِكِتَابَة قصَّة يسْأَل فِيهَا استقراره فِي نِيَابَة الحكم وَالْقَضَاء أَو بِسَمَاع الدَّعْوَى فِي مَكَان معِين يجلس فِيهِ وترفع إِلَى قَاضِي الْقُضَاة
فَيكْتب فِي هامشها ليجب إِلَى سُؤَاله أَو ليستقر فِي ذَلِك على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَيكْتب التَّارِيخ بِخَطِّهِ
وَإِن أَرَادَ النَّائِب كِتَابَة توقيع بذلك
فَهُوَ أَمِين وَإِن كَانَت الْولَايَة فِي عمل من الْأَعْمَال وَالْغَائِب حَاضر فِي بَاب مستنيبه
فَهَذَا يكْتب لَهُ توقيع على مَا تقدم شَرحه وَإِن كَانَ غَائِبا عَن بَاب مستنيبه وجهزت الْولَايَة إِلَيْهِ على يَد قاصده أَو على يَد قَاصد من الْبَاب العالي
فقد جرت الْعَادة أَن يكْتب إِلَيْهِ فِي هَذَا الْمَعْنى مُكَاتبَة إِذا لم يُجهز إِلَيْهِ توقيع
ورسم الْمُكَاتبَة إِلَيْهِ فِي ذَلِك على أَرْبَعَة أَنْوَاع النَّوْع الأول ضاعف الله تَعَالَى نعْمَة الجناب الْكَرِيم العالي إِلَى آخر ألقابه الَّتِي تلِيق بِهِ إِلَى أَن يَنْتَهِي مِنْهَا ثمَّ يَقُول وأدام رفعته
أصدرناها إِلَيْهِ تهدي إِلَيْهِ سَلاما وتحية وإكراما
وتوضح لعلمه الْكَرِيم أَنا قد استخرنا الله تَعَالَى وفوضنا للجناب الْكَرِيم كَذَا وَكَذَا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا سبق
النَّوْع الثَّانِي أدام الله نعْمَة الجناب العالي إِلَى آخر ألقابه ثمَّ يَقُول وجدد سعادته وبلغه من خيري الدَّاريْنِ إِرَادَته
صدرت هَذِه الْمُكَاتبَة إِلَيْهِ تبدي لعلمه أَنا قد استخرنا الله تَعَالَى وفوضنا للجناب العالي كَذَا وَكَذَا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا سبق
النَّوْع الثَّالِث هَذِه الْمُكَاتبَة إِلَى الْمجْلس العالي إِلَى آخر ألقابه ثمَّ يَقُول أدام الله توفيقه وَسَهل إِلَى كل خير طَرِيقه
نعلمهُ أَنا قد استخرنا الله تَعَالَى وفوضنا للمجلس العالي كَذَا وَكَذَا إِلَى آخِره
ويكمل على نَحْو مَا سبق

(2/313)


النَّوْع الرَّابِع المرسوم بِالْأَمر الْكَرِيم العالي المولوي ويسوق ألقاب قَاضِي الْقُضَاة ونعوته كلهَا إِلَى آخرهَا مستوفاة وَيَدْعُو لَهُ بِالدُّعَاءِ اللَّائِق بِهِ ثمَّ يَقُول أَن يسْتَقرّ الْمجْلس العالي الْفُلَانِيّ وَيذكر ألقابه ثمَّ يَقُول أعزه الله تَعَالَى فِي كَذَا إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول فليباشر ذَلِك بصدر منشرح وأمل منفسح عَاملا فِي ذَلِك بتقوى الله وطاعته وخشيته ومراقبته فِي سره وعلانيته
فليعتمد هَذَا المرسوم الْكَرِيم كل وَاقِف عَلَيْهِ وناظر إِلَيْهِ
وليعمل بِحَسبِهِ وَمُقْتَضَاهُ من غير عدُول عَن حكمه وَلَا خُرُوج عَن مَعْنَاهُ والعلامة الْكَرِيمَة حجَّة لفحواه
ويكمل على نَحْو مَا سبق
وَاعْلَم أَن الْعَلامَة فِي الْأَنْوَاع الْأَرْبَعَة الْمَذْكُورَة الْعَلامَة الْمُعْتَادَة بالقلم الغليظ بعد الْبَسْمَلَة الشَّرِيفَة وسطر وَاحِد من التسطير
والأنواع الثَّلَاثَة الأول تعنون وتختم فعنوان الأولى الجناب الْكَرِيم العالي إِلَى آخر الألقاب ثَلَاثَة أسطر
وَفِي السطر الرَّابِع على يَمِين الْكَاتِب ضاعف الله نعْمَته وَفِي آخِره بعد خلو بَيَاض التَّعْرِيف وَهُوَ خَليفَة الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي مثلا بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ أَو الْحَاكِم بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ وعنوان الثَّانِي الجناب العالي إِلَى آخِره ثَلَاثَة أسطر وَفِي أول السطر الرَّابِع أدام الله تَعَالَى نعْمَته وَفِي آخِره بعد خلو بَيَاض خَليفَة الحكم الْعَزِيز أَو الْحَاكِم بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ وعنوان الثَّالِث الْمجْلس العالي إِلَى آخِره ثَلَاثَة أسطر وَفِي أول السطر الرَّابِع أدام الله توفيقه وَفِي آخِره الْحَاكِم بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ بعد خلو بَيَاض بَين الدُّعَاء والتعريف
وَأما النَّوْع الرَّابِع وَهُوَ المرسوم فَلَا يخْتم
وعنوانه فِي رَأس طرة الْوَصْل الأول من دَاخل ثَلَاثَة أسطر
أَولهَا مرسوم كريم من مجْلِس الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي بالمملكة الْفُلَانِيَّة
أدام الله أَيَّامه الزاهرة
وأسبغ عَلَيْهِ نعمه باطنة وظاهرة أَن يسْتَقرّ الْمجْلس العالي الْفُلَانِيّ إِلَى آخِره فِي كَذَا وَكَذَا مُلَخصا ثمَّ يكْتب فِي آخر السطر الرَّابِع على مَا شرح
وَفِي الْأَرْبَعَة أَنْوَاع الطرة تكون بَين وصلين بَيَاض
والبسملة فِي أول الْوَصْل الثَّالِث
توقيع بوظيفة خطابة أما بعد حمد الله المقسط الْجَامِع الْمَانِع الضار النافع
وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا مُحَمَّد الْمَبْعُوث إِلَى عرب الْخلق وعجمهم بأسجع خطيب فَوق أَعْوَاد منبره
وَضم يَده الْبَيْضَاء إِلَى جنَاح علمه
فَإِن منصب الخطابة أولى مَا خطبت لَهُ الْأَكفاء من أهل الْعلم وَالْعَمَل واستدعى لمنابره من تَفْخَر الدَّرَجَات برقية وتبلغ بِهِ من الشّرف غَايَة السول والأمل

(2/314)


وَلما كَانَ فلَان الشَّافِعِي أَو غَيره أدام الله شرفه ورحم سلفه مِمَّن هُوَ بالفصاحة والبلاغة مَلِيء ووعظه بتحقيق الْأَوَامِر والنواهي
فاستخار الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين وَقَررهُ فِي وَظِيفَة الخطابة بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ عوضا عَن فلَان بِحكم كَذَا وَكَذَا بالمعلوم الشَّاهِد بِهِ ديوَان الْوَقْف المبرور تقريرا صَحِيحا شَرْعِيًّا
وولاه ذَلِك ولَايَة تَامَّة
اعْتِمَادًا على فَصَاحَته الَّتِي تملأ الأسماع وبلاغته الَّتِي تبهر الْأَلْبَاب واستنادا إِلَى رقائق مواعظه الَّتِي ينْطق فِيهَا بالحكمة وَفصل الْخطاب
فليباشر ذَلِك مُبَاشرَة تبرىء الذِّمَّة وتقر عِنْده النِّعْمَة وليتناول الْمَعْلُوم المستقر صرفه إِلَى آخر وَقت ميسرًا هَنِيئًا
وَالله تَعَالَى يَجْعَل قدره ساميا وشأنه عَالِيا
بمنه وَكَرمه
والعلامة الْعَالِيَة أَعْلَاهُ الله حجَّة بِمُقْتَضَاهُ
ويكمل على نَحْو مَا سبق
وتوقيع بتولية عُقُود الْأَنْكِحَة الشَّرْعِيَّة
والعاقد شرف الدّين بن كَمَال الدّين الْحَمد لله الَّذِي كمل شرف الدّين بشرف كَمَاله وأجزل لِلْمُتقين وافر كرمه وإفضاله وجمل بعقود الْأَنْكِحَة الشَّرْعِيَّة أَعْنَاق من أوضح لَهُ منهاج شَرعه
ونبهه على معرفَة حرَامه وَحَلَاله وأسبل على من تمسك بأسبابه وتنسك بموجبات كِتَابه وارف ظلاله
أَحْمَده حمدا يَلِيق بِجلَال جماله وجمال جَلَاله وأشكره شكرا أستوجب بِهِ مزِيد نواله
وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة مخلص فِي اعْتِقَاده وانتحاله
وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي أنقذ الله بِهِ هَذِه الْأمة من ظلمات الغي وضلاله
وهداهم إِلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقيم بِمَا أدبهم بِهِ من حسن أخلاقه وَجَمِيل خصاله نَبِي شهر سيف الشَّرْع الشريف الَّذِي بهر النواظر صفاء صقاله وجدع بِهِ أنف الشَّيْطَان وَأَتْبَاعه المتبعين لَهُ الْقَائِلين بأقواله وأفعاله
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى المختارين من أَصْحَابه وَجَمِيع آله
صَلَاة دائمة بَاقِيَة مُتَّصِلَة مَا اتّصف الزَّمَان باتصاله وتعاقب الدَّهْر ببكره وآصاله
وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَإِن عُقُود الْأَنْكِحَة الشَّرْعِيَّة من المناصب الْعلية والمراتب السّنيَّة
والأمور الَّتِي يَتَرَتَّب عَلَيْهَا إِيجَاد النَّسْل والذرية
لَا يَنْبَغِي أَن يَليهَا إِلَّا كل نحرير من الْعلمَاء العاملين
وَلَا يتولاها إِلَّا كل ذِي عفة ويقين وَصَلَاح وَدين ليتحرى الْحق فِي ذَلِك وَيعْمل فِيهِ بتقوى الله الْعَظِيم ويسلك فِيهِ منهاج الشَّرْع الشريف والصراط الْمُسْتَقيم
وَلما كَانَ فلَان هُوَ الْمَوْصُوف بِهَذِهِ الصِّفَات أجمعها والواضع لهَذِهِ الشُّرُوط

(2/315)


الشَّرْعِيَّة فِي موضعهَا
استخار الله سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين
وفوض إِلَيْهِ عُقُود الْأَنْكِحَة الشَّرْعِيَّة من الْأَيَامَى والأبكار على الأوضاع الْمُعْتَبرَة المرضية والقوانين المحررة المرعية وَأَن يسمع الْبَيِّنَة العادلة ويتوصل إِلَى معرفَة انْقِضَاء الْعدَد من ذَوَات الْأَقْرَاء والآيسات وَذَوَات الْحمل والرجعيات والبائنات
وَيعلم الَّتِي حصل لَهَا التَّدَاخُل بَين الْعدَد
وَمن يكون انْقِضَاء عدتهَا لَا بِالْأَهِلَّةِ بل بِالْعدَدِ
تفويضا صَحِيحا شَرْعِيًّا
وولاه ذَلِك ولَايَة تَامَّة
ووصاه بتقوى الله الْعَظِيم وسلوك منهاجها القويم الَّذِي من سلكه فَازَ بالنجاة من نَار الْجَحِيم
فليباشر هَذِه الْوَظِيفَة الْعَالِيَة الْمِقْدَار الرفيعة الْمنَار
وَالله تَعَالَى يوفقه ويسدده ويهديه ويرشده بمنه وَكَرمه
والعلامة الْعَالِيَة حجَّة بمضمونه وَمُقْتَضَاهُ
ويكمل على نَحْو مَا سبق
توقيع آخر بتولية عُقُود الْأَنْكِحَة الشَّرْعِيَّة
والعاقد شمس الدّين الْحَمد الله الَّذِي أطلع شمس الدّين المحمدي فِي سَمَاء السِّيَادَة
وكسى حلله الفاخرة من تحلى بِالْعلمِ الشريف وبذل فِي طلبه اجْتِهَاده
وقلد بعقوده النفيسة الْجَوَاهِر من دوَام على الِاشْتِغَال ورقاه أَعلَى دَرَجَات السَّعَادَة
وَأهل للعقود والأنكحة الشَّرْعِيَّة من شمر عَن ساعد الْجد وَصدق فِي دَعْوَى الزّهْد وَالْعِبَادَة
وَجعله فِي مبدأ أمره من الَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة
وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا مُحَمَّد الَّذِي وطد مهاد الشَّرْع وَرفع عماده
صَلَاة وَسلَامًا يبلغان قائلهما فِي الدَّاريْنِ مرامه وَمرَاده
وَبعد فَإِن عُقُود الْأَنْكِحَة الشَّرْعِيَّة من أَعلَى مناصب ذَوي الدّيانَة وَأجل مَرَاتِب أهل الْعلم وَالْأَمَانَة بهَا تحفظ الْأَنْسَاب وتصان الأحساب وَتثبت الْعُقُود وتتأكد العهود
وَعَلَيْهَا اعْتِمَاد الْحُكَّام
وإليها يسْتَند فِي النَّقْض والإبرام وَلَا تفوض إِلَّا لمن اتّصف بصفاتها واتسم بسماتها
وَعرف منهجها القويم واقتفى سَبِيل صراطها الْمُسْتَقيم
وَكَانَ فلَان مِمَّن قَامَ من حُقُوقهَا بِالْوَاجِبِ ورقى بهمته الْعلية إِلَى رتبتها الَّتِي هِيَ أَعلَى الْمَرَاتِب وَحسن سيرة وسيرا واشتغل بِالْعلمِ الشريف فأثنت عَلَيْهِ الْحُكَّام خيرا
وعندما حَاز هَذِه الصِّفَات الْحَسَنَة ونطقت بِحسن الثَّنَاء عَلَيْهِ الْأَلْسِنَة اسْتحق أَن يُنَوّه بِذكرِهِ وَأَن ينظم فِي سلك فُقَهَاء عصره وَأَن يُوفي لَهُ بالعهود وَأَن تفوض إِلَيْهِ الْعُقُود
فَلذَلِك استخار الله سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين وفوض إِلَى فلَان الْمشَار إِلَيْهِ أَو الْمُسَمّى أَعْلَاهُ عُقُود الْأَنْكِحَة الشَّرْعِيَّة على مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ

(2/316)


وأرضاه وَجعل لَهُ تَزْوِيج البالغات العاقلات الخليات عَن الْمَوَانِع الشَّرْعِيَّة من الْأَكفاء على الأوضاع الْمُعْتَبرَة المرضية بِمَدِينَة كَذَا وأعمالها تفويضا صَحِيحا شرعا
وَأذن لَهُ فِي ذَلِك إِذْنا شَرْعِيًّا بعد اعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شَرْعِيًّا
فليحمد الله على هَذِه النِّعْمَة
وليبذل جهده فِي قَول الْحق وَبَرَاءَة الذِّمَّة وليعلم أَن من سلك طَرِيق الْحق نجا
وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا
وَالله تَعَالَى يَحْرُسهُ بِعَيْنِه
ويمده بعونه بمنه وَكَرمه
والعلامة الْكَرِيمَة أَعْلَاهُ حجَّة بِمُقْتَضَاهُ
ويكمل على نَحْو مَا سبق
إسجال عَدَالَة الْحَمد لله الَّذِي أطلع بدر السَّعَادَة فِي فلك سَمَاء العلياء والسيادة وأنال من اخْتَارَهُ من ذَوي الْبيُوت العريقة رُتْبَة الشَّهَادَة
وأحله منَازِل أهل التقى والإفادة
نحمده على منحه المستجادة
ومننه الَّتِي كم بهَا تطوقت الطروس وابتسمت الأقلام عَن قلادة
وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَإِنَّهَا لأصدق شَهَادَة
وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله أشرف نَاطِق رَوَت الْعُدُول من طرق العوالي إِسْنَاده
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه الَّذين سبقت لَهُم السَّعَادَة
صَلَاة دائمة يُوَجه إِلَيْهَا كل مُسلم تَهَجُّده وجهاده
وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَإِن الْعَدَالَة من أَعلَى المناصب الدِّينِيَّة
وأجمل الْمَرَاتِب السّنيَّة وَأولى صفة اتّصف بهَا الْإِنْسَان وَأجل منزلَة رقاها الْأَعْيَان
وَأَبْنَاء الْأَعْيَان إِذْ هِيَ منصب رَفعه الله وَرَسُوله وَسبب يَتَّضِح بِهِ نهج الْحق وسبيله ومورد حق من ورد بِصدق سَاغَ لَهُ سلسبيله
والعدول تحفظ بهم الْحُقُوق لأربابها
وتضبط قوانين الدَّعَاوَى بِحكم أَسبَابهَا
وَكفى بهَا شرفا ومجدا مشيدا قَوْله تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس وَيكون الرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيدا وَمَا}
وَلما كَانَ من نضد هَذَا العقد لتقليده ورصع هَذَا السمط لتحلية جيده مِمَّن وصف بأوصافها الْحسنى واعتصم بحبلها المتين فرقاه إِلَى محلهَا الْأَسْنَى وتخلق بخلائقها
واقتفى آثَار بَيته المشكور فِي سلوك طرائقها
فَكَانَ حَقِيقا بِاسْتِحْقَاق حُقُوقهَا والمتجنب لعقوقها والمحافظ على ترقي رتبتها حَتَّى اسْتوْجبَ الاعتناء بأَمْره والتنويه بِذكرِهِ
وَهُوَ فلَان أدام الله علاهُ ورحم جده وأباه فَلذَلِك نظمت لَهُ هَذِه الْعُقُود ورقمت لمفاخره هَذِه البرود
واستخار سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين
وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة من

(2/317)


حضر مجْلِس حكمه وقضائه
وَهُوَ نَافِذ الْقَضَاء وَالْحكم ماضيهما
وَذَلِكَ فِي الْيَوْم الْمُبَارك وَيكْتب القَاضِي التَّارِيخ بِخَطِّهِ ثمَّ يَقُول الْكَاتِب سنة كَذَا وَكَذَا أَنه ثَبت عِنْده وَصَحَّ لَدَيْهِ أحسن الله تَعَالَى إِلَيْهِ على الْوَضع الْمُعْتَبر الشَّرْعِيّ والقانون الْمُحَرر المرعي بِالْبَيِّنَةِ العادلة المرضية الَّتِي تثبت بِمِثْلِهَا الْحُقُوق الشَّرْعِيَّة عَدَالَة فلَان الْمُسَمّى أَعْلَاهُ وَأَنه عدل رَضِي أَمِين ثِقَة أهل لتحمل الشَّهَادَات وأدائها عِنْد الْحُكَّام ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَحكم بِمَا ثَبت عِنْده من ذَلِك حكما شَرْعِيًّا
أجَازه وأمضاه
وألزم الْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة
وواجباته الْمُعْتَبرَة المرضية وَأذن لَهُ فِي تحمل الشَّهَادَة وأدائها عِنْد الْحُكَّام
ونصبه عدلا أَمينا بَين الْأَنَام تقبل بَينهم شَهَادَته وَتعْتَبر فيهم مقَالَته أجراه مجْرى الْعُدُول المقبولين وَالشُّهَدَاء المعتبرين
ووصاه بِمَا يجب على مثله من تجنب هوى النَّفس
وَتقدم إِلَيْهِ بالاحتراز فِيهَا
وَالْعَمَل بقول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مثل هَذَا فاشهد وَأَشَارَ إِلَى الشَّمْس ونبهه على مَا يزْدَاد بِهِ عِنْد الله قربه
ووعظه بقوله تَعَالَى {وَلَا تكتموا الشَّهَادَة وَمن يكتمها فَإِنَّهُ آثم قلبه} والوصايا كَثِيرَة
وَهُوَ بِحَمْد الله فِي غنية عَنْهَا
وَلَكِن لَا بُد فِي كل الْأُمُور مِنْهَا
وَقد قَالَ رب الْعَالمين {وَذكر فَإِن الذكرى تَنْفَع الْمُؤمنِينَ}
وَكتب ذَلِك حسب الْإِذْن الْكَرِيم العالي المولوي وَيذكر ألقاب قَاضِي الْقُضَاة بكمالها وَيَدْعُو لَهُ ثمَّ يَقُول لنائبه الْحَاكِم الْمُسَمّى أَعْلَاهُ أدام الله علاهُ بِمُقْتَضى قصَّة رَفعهَا فلَان الْمَذْكُور من مضمونها كَذَا وَكَذَا ويشرح الْقِصَّة ثمَّ يَقُول وتوج هامشها بالخط الْكَرِيم العالي الْمشَار إِلَيْهِ بِمَا مِثَاله كَذَا وَكَذَا ويكمل على نَحْو مَا سبق
وَهَذِه الْقِصَّة تكون عِنْد كَاتب الحكم الَّذِي سطر الإسجال
إسجال عَدَالَة أَيْضا الْحَمد لله الَّذِي رفع رُتْبَة الْعَدَالَة وَأَعْلَى منارها
وَحفظ بهَا نظام الْحُكَّام فأقاموا للملة الحنيفية شعارها
وأوضح الله بهَا مناهج القضايا الدِّينِيَّة وَبَين آثارها
أَحْمَده وأشكره على جزيل مواهبه شكرا يُوجب الْمَزِيد لمن عرف مقدارها
وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة تلبس قُلُوبنَا من التقى شعارها وتبصر بصائرنا من ظلمات الشكوك أنوارها
وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي اجتبى رسَالَته

(2/318)


لإِقَامَة دينه واختارها وأطلع من أنوار أفلاك الْهِدَايَة شموسها وأقمارها
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه حماة الشَّرِيعَة وأنصارها صَلَاة تتصل بدوام الْأَبَد أعمارها ونجد بركتها يَوْم تحدث الأَرْض أَخْبَارهَا
وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
وَبعد فَإِن ملبس الْعَدَالَة من أصلف الملابس ودرجتها مِمَّا ينافس فِيهِ المتنافس وَهِي حلية ذَوي النهى وزينة من ملك نَفسه فَوقف عِنْد أمره إِن أَمر وَنَهْيه إِن نهى وأتعبها فِي مرضاة الله إِلَى أَن هَب لَهُ ريح الْقبُول
فتلذذ بِهِ واستروح وطهر وعاءه من دنس الشُّبُهَات حَتَّى اتّصف بالشرف وكل إِنَاء بِالَّذِي فِيهِ ينضح
وَلما كَانَ فلَان مِمَّن نَشأ فِي حجر العفاف
وتحلى بجميل الْأَوْصَاف
واشتمل على الْخلال الرضية وَالْخَلَائِق المرضية والديانة الظَّاهِرَة والمروءة الوافرة
وَعرف بالتيقظ فِي أُمُوره وأحواله والصدق فِي أَقْوَاله والتسديد فِي أَفعاله سالكا شُرُوط الْعَدَالَة مَاشِيا على نهجها الَّذِي وضحت بِهِ الدّلَالَة
وَحين عرف ذَلِك من أمره وَدلّ وَصفه على علو قدره
استخار الله سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين
وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة من حضر مجْلِس حكمه وقضائه وَهُوَ نَافِذ الْقَضَاء وَالْحكم ماضيهما
وَذَلِكَ فِي الْيَوْم الْمُبَارك وَيكْتب القَاضِي التَّارِيخ بِخَطِّهِ ثمَّ يَقُول الْكَاتِب سنة كَذَا وَكَذَا
أَنه ثَبت عِنْده وَصَحَّ لَدَيْهِ أحسن الله إِلَيْهِ على الْوَضع الْمُعْتَبر الشَّرْعِيّ
والقانون الْمُحَرر المرعي بِالْبَيِّنَةِ العادلة المرضية الَّتِي قَامَت عِنْده
وَقبلهَا الْقبُول الشَّرْعِيّ عَدَالَة فلَان الْمُسَمّى أَعْلَاهُ ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا
وَحكم أيد الله أَحْكَامه وأدام أَيَّامه بعدالته وَقبُول قَوْله فِي شَهَادَته حكما شَرْعِيًّا
أجَازه وأمضاه وَاخْتَارَهُ وارتضاه
وألزم الْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة وَأذن أيده الله تَعَالَى لفُلَان الْمُسَمّى أَعْلَاهُ فِي تحمل الشَّهَادَة وأدائها
وَبسط قلمه فِيهَا
وأجراه مجْرى أَمْثَاله من الْعُدُول المعتبرين وَالشُّهُود المبرزين ونصبه شَاهدا عدلا بَين الْمُسلمين يُوصل بِشَهَادَتِهِ وَيقطع
وَيُعْطِي وَيمْنَع
ووصاه بتقوى الله وطاعته وخشيته ومراقبته فِي سره وعلانيته
فليحمد الله على هَذِه الْمرتبَة الْعلية والمنزلة السّنيَّة
وليأخذ كتاب هَذِه الْعَدَالَة بِقُوَّة وليشكر الله الَّذِي بلغه مرجوه
وَالله تَعَالَى يُعينهُ على مَا فوض إِلَيْهِ من ذَلِك ويسلك بِهِ من التَّوْفِيق والسداد أحسن المسالك
وَكتب ذَلِك بِالْإِذْنِ الْكَرِيم العالي إِلَى آخِره
ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه
صُورَة تَفْوِيض نظر فِي وقف

(2/319)


هَذَا مَا أشهد بِهِ على نَفسه الْكَرِيمَة سيدنَا فلَان الدّين أَنه فوض إِلَى فلَان الْفُلَانِيّ النّظر فِي أَمر الْمدرسَة الْفُلَانِيَّة ويحددها وَيذكر بقعتها وَفِي أوقافها المنسوبة إِلَى إيقاف واقفها فلَان فَإِن كَانَ ثمَّ كتاب وقف مَوْجُود أَشَارَ إِلَيْهِ
وَذكر تَارِيخه وثبوته واتصاله بالحاكم الْمُفَوض الْمشَار إِلَيْهِ
وَإِن كَانَ بِغَيْر كتاب وقف يَقُول الثَّابِت عِنْد الْوَقْف الْمَذْكُور بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة تفويضا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَأذن لَهُ أَسْبغ الله ظلاله فِي قبض متحصلات الْوَقْف الْمَذْكُور ومغلاته وريعه وَاسْتِيفَاء مَنَافِعه وَتَحْصِيل أجوره وَفِي عِمَارَته وإصلاحه وترميمه وتقوية فلاحيه وَصرف كلفه وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ شرعا وَأَن يصرف الْبَاقِي بعد ذَلِك إِلَى مستحقيه شرعا من أَرْبَاب الْوَظَائِف أَوَان الْوُجُوب والاستحقاق على مُقْتَضى شَرط واقفه على الْوَجْه الشَّرْعِيّ
وأوصاه فِي ذَلِك كُله بتقوى الله عز وَجل وَاتِّبَاع الْأَمَانَة وتجنب الْخِيَانَة وَفعل كل رَأْي سديد وَاتِّبَاع كل مَنْهَج حميد واعتماد مَا فِيهِ النَّمَاء والمزيد وخلاص كل حق يتَعَيَّن وَيتَوَجَّهُ لَهُ قَبضه شرعا بِكُل طَرِيق مُعْتَبر شَرْعِي وَأَن يتَوَلَّى ذَلِك بِنَفسِهِ ووكيله وأمينه ويسنده إِلَى من رأى
لَيْسَ لأحد عَلَيْهِ فِي ذَلِك نظر وَلَا إشراف وَلَا اعْتِرَاض
إِذْنا مُعْتَبرا مرضيا
وَبسط يَده فِي ذَلِك بسطا تَاما وأقرها عَلَيْهِ تقريرا كَامِلا بعد اعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك
ويكمل
وَيكْتب القَاضِي التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ
صُورَة تَفْوِيض نظر من الْحَاكِم فِي وقف لعدم الرشيد من أَهله أشهد على نَفسه الْكَرِيمَة سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين أَنه فوض إِلَى فلَان النّظر فِي أَمر الْوَقْف الْمَنْسُوب إِلَى إيقاف فلَان على كَذَا وَكَذَا
حَسْبَمَا تضمنه كتاب وقف ذَلِك الْوَاقِف الْمُتَقَدّم التَّارِيخ الثَّابِت مضمونه شرعا تفويضا صَحِيحا شَرْعِيًّا
وَأذن لَهُ أَن يُبَاشر ذَلِك ويتولى إيجاره واستغلاله وَقبض أجوره ومغلاته وَيقوم بمصالحه وعمارته ويتصرف فِيهِ على مُقْتَضى شَرط واقفه وَيصرف مِنْهُ مَا يجب صرفه شرعا فِي عمَارَة وَإِصْلَاح وترميم وفرش وتنوير وَغير ذَلِك
وَصرف الْبَاقِي بعد ذَلِك إِلَى مستحقي الْوَقْف الْمَذْكُور على مُقْتَضى شَرط واقفه
وولاه ذَلِك تَوْلِيَة شَرْعِيَّة تَامَّة كَامِلَة مُعْتَبرَة لعدم الرشيد عِنْده من أهل الْوَقْف الْمَذْكُور حَالَة هَذَا التَّفْوِيض
وَأذن أَسْبغ الله ظلاله لَهُ أَن يُوكل فِي ذَلِك من شَاءَ من الْأُمَنَاء ويعزله إِذا شَاءَ وَأَن يتَنَاوَل لنَفسِهِ مَا فرض لَهُ فِي ريع الْوَقْف الْمَذْكُور على مُبَاشرَة مصالحها كلهَا وَهُوَ فِي كل شهر كَذَا
وَفِي كل سنة كَذَا على الْوَجْه الشَّرْعِيّ إِذْنا شَرْعِيًّا بعد أَن اتَّصل بِهِ كتاب الْوَقْف

(2/320)


الْمَذْكُور اتِّصَالًا شَرْعِيًّا
وَبعد أَن ثَبت عِنْده أَهْلِيَّة الْمُفَوض إِلَيْهِ وكفايته لمباشرة النّظر فِي أَمر الْوَقْف الْمَذْكُور الثُّبُوت الشَّرْعِيّ
وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا
وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك
وَيكْتب التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ
ويكمل بِالْإِشْهَادِ على نَحْو مَا سبق
صُورَة تَفْوِيض مُبَاشرَة على أَيْتَام وَأَمْوَالهمْ بِمَعْلُوم مِنْهَا فوض سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقَضَاء فلَان الدّين أَو هَذَا مَا أشهد بِهِ على نَفسه الْكَرِيمَة سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين أَنه فوض إِلَى فلَان مُبَاشرَة الْأَيْتَام محاجير الشَّرْع الشريف بِمَدِينَة كَذَا أَو مُبَاشرَة أَمر أَيْتَام فلَان
وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان الصغار القاصرين عَن دَرَجَة الْبلُوغ الداخلين تَحت حجر الحكم الْعَزِيز بِمَدِينَة كَذَا
وَالْعَمَل فِي أَمْوَالهم وَالتَّصَرُّف لَهُم فِيهَا على الأوضاع الشَّرْعِيَّة والقوانين الْمُعْتَبرَة المرضية من البيع وَالشِّرَاء وَالْأَخْذ وَالعطَاء وَالْإِجَارَة والعمارة والمعاملة والمداينة وَفِي أَخذ الضمناء والكفلاء وَقبُول الحوالات على الأملياء وَفِي اشْتِرَاط الرَّهْن وَالْكَفِيل فِي عقد البيع
وَفِي الْمُعَامَلَة وَفعل مَا تَقْتَضِيه الْمصلحَة لَهُم من سَائِر الْأَفْعَال الشَّرْعِيَّة والتصرفات الْمُعْتَبرَة على وَجه الْغِبْطَة الوافرة لَهُم فِي ذَلِك
وَفِي الْإِنْفَاق عَلَيْهِم من مَالهم مَا هُوَ مَفْرُوض لَهُم من مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ تفويضا صَحِيحا شَرْعِيًّا وإذنا تَاما مُعْتَبرا مرضيا
وَقرر لَهُ على هَذَا الْعَمَل فِي كل شهر من اسْتِقْبَال يَوْم تَارِيخه كَذَا مِمَّا يربحه ويكسبه فِي مَالهم تقريرا شَرْعِيًّا
وَأذن لَهُ فِي تنَاوله إِذْنا شَرْعِيًّا
وَجعل النّظر عَلَيْهِ فِي ذَلِك لفُلَان بِحَيْثُ لَا يتَصَرَّف فِي شَيْء مِمَّا فوض إِلَيْهِ من ذَلِك إِلَّا بِنَظَر النَّاظر الْمشَار إِلَيْهِ ومراجعته ومشاورته فِيهِ وإجازته وإمضائه لَهُ
وَأشْهد عَلَيْهِ سيدنَا قَاضِي الْقُضَاة الْمشَار إِلَيْهِ بِمَا نسب إِلَيْهِ أَعْلَاهُ
وَيكْتب القَاضِي التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ
ويكمل على نَحْو مَا سبق
وَصُورَة كتاب حكمي بِمَا يثبت عِنْد الْحَاكِم من الْأُمُور الشَّرْعِيَّة من إِقْرَار أَو بيع أَو غير ذَلِك هَذِه الْمُكَاتبَة الْحكمِيَّة إِلَى كل من تصل إِلَيْهِ من قُضَاة الْمُسلمين وحكامهم أدام الله تأييدهم وتسديدهم وأجزل من إحسانه مزيدهم بِمَا ثَبت فِي مجْلِس الحكم الْعَزِيز عِنْد القَاضِي فلَان الدّين الْحَاكِم بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ أعز الله أَحْكَامه وأسبغ عَلَيْهِ إنعامه وَصَحَّ لَدَيْهِ فِي مجْلِس حكمه وقضائه بِمحضر من مُتَكَلم شَرْعِي جَائِز كَلَامه مسموعة دَعْوَاهُ فِي ذَلِك على الْوَجْه الشَّرْعِيّ
بِشَهَادَة عَدْلَيْنِ هما فلَان وَفُلَان الَّذِي مضمونه

(2/321)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أقرّ فلَان وينقل جَمِيع مَا فِيهِ من أَوله إِلَى آخِره بالحرف والتاريخ وبآخره رسم شَهَادَة العدلين الْمشَار إِلَيْهِمَا فِيهِ وَقد أَقَامَ كل مِنْهُمَا شَهَادَته عِنْده بذلك
وَقَالَ إِنَّه بالمقر الْمَذْكُور عَارِف
وَقبل ذَلِك من كل مِنْهُمَا الْقبُول السائغ فِيهِ
وَأعلم لَهما تلو رسم شَهَادَتهمَا مَا جرت الْعَادة بِهِ من عَلامَة الْأَدَاء وَالْقَبُول على الرَّسْم الْمَعْهُود فِي مثله
وَذَلِكَ بعد أَن ثَبت عِنْده ثَبت الله مجده على الْوَضع الْمُعْتَبر الشَّرْعِيّ بِشَهَادَة عَدْلَيْنِ هما فلَان وَفُلَان الواضعين رسم شَهَادَتهمَا فِي مسطور الدّين الْمَذْكُور غيبَة الْمقر الْمَذْكُور عَن الْمَكَان الْفُلَانِيّ الْمَذْكُور الْغَيْبَة الشَّرْعِيَّة
وَبعد أَن أَحْلف الْمقر لَهُ بِاللَّه الْعَظِيم الْيَمين الشَّرْعِيَّة المتوجهة عَلَيْهِ المشروحة فِي مسطور الدّين أَو فِي فصل الْحلف المسطور بِهَامِش مسطور الدّين
أَو بذيل مسطور الدّين الْمَذْكُور وَثَبت ذَلِك عِنْده ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَأَنه حكم بذلك وأمضاه وألزم بِمُقْتَضَاهُ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ مَعَ إبقائه كل ذِي حجَّة مُعْتَبرَة فِيهِ على حجَّته
وَهُوَ فِي ذَلِك كُله نَافِذ الْقَضَاء وَالْحكم ماضيهما بعد تقدم الدَّعْوَى المسموعة وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا شرعا
وَلما تَكَامل ذَلِك عِنْده سَأَلَهُ من جَازَ سُؤَاله شرعا الْمُكَاتبَة عَنهُ بذلك فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله
وَتقدم بِكِتَابَة هَذَا الْكتاب الْحكمِي
فَكتب عَن إِذْنه الْكَرِيم متضمنا لذَلِك
فَمن وقف عَلَيْهِ من قُضَاة الْمُسلمين وحكامهم أدام الله نعمتهم وَرفع درجتهم وَاعْتمد تنفيذه وأمضاه حَاز من الْأجر أجزله وَمن الثَّنَاء أجمله
وَكتب ذَلِك من مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ بالمملكة الْفُلَانِيَّة فِي الْيَوْم الْفُلَانِيّ
ويؤرخ
وَيكْتب القَاضِي بعد الْبَسْمَلَة والسطر الأول علامته الْمُعْتَادَة بالقلم الغليظ ثمَّ يكْتب عدد الأوصال وَعدد السطور
وَيخْتم الْكتاب
وَصُورَة مَا يكْتب فِي عنوانه من فلَان ابْن فلَان الْحَاكِم بالديار المصرية أَو بالمملكة الْفُلَانِيَّة وَيشْهد رجلَيْنِ بِثُبُوت ذَلِك عِنْده وَيَأْخُذ خطهما بذلك
وَصُورَة مَا يكْتب على ظهر الْكتاب الْحكمِي
إِذا ورد على حَاكم من حَاكم آخر وَفك خَتمه ورد على القَاضِي فلَان الدّين الْكتاب الْحكمِي الصَّادِر عَن مصدره القَاضِي فلَان الدّين وَشهد بوروده عَن مصدره فلَان وَفُلَان عِنْد سيدنَا القَاضِي فلَان الدّين
وَقَالَ كل مِنْهُمَا إِن مصدره الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ
أشهدهما على نَفسه بِمَا صدر بِهِ كِتَابه الْحكمِي
فَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِهِ وَأَن الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ قبل شَهَادَتهمَا بذلك
وَأعلم لكل مِنْهُمَا تلو رسم شَهَادَته عَلامَة الْأَدَاء وَالْقَبُول على الرَّسْم الْمَعْهُود والتشخيص الشَّرْعِيّ

(2/322)


وَالْأَمر فِي ذَلِك مَحْمُول على مَا يُوجِبهُ الشَّرْع الشريف ويقتضيه
ويكمل
والكتب الْحكمِيَّة الْآن قَليلَة الِاسْتِعْمَال
وَبَطل الْعَمَل بهَا
وَصَارَ كل من لَهُ حق وأثبته عِنْد حَاكم من حكام الْمُسلمين واستحكم فِيهِ وكل من مَعَه مَكْتُوب شَرْعِي ثَابت مَحْكُوم فِيهِ فِي مملكة من الممالك منفذ عِنْد حكام تِلْكَ المملكة إِذا أَرَادَ نقل ذَلِك الحكم أَو ذَلِك التَّنْفِيذ أحضر شُهُودًا إِلَى عِنْد الْحَاكِم فِي ذَلِك الْمَكْتُوب أَو ذَلِك المنفذ الَّذِي نفذ الحكم
وأشهدهم عَلَيْهِ
وَأخذ الشُّهُود مَعَه إِلَى الْبَلَد الَّتِي يُرِيد إِيصَال الحكم فِيهَا
فَيَشْهَدُونَ على الْحَاكِم الأول بِمَا فِيهِ
فَيعلم لَهُم تَحت رسم شَهَادَتهم فِيهِ ويوصله
وَهَؤُلَاء يسمون شُهُود الطَّرِيق
وَاسْتقر حَال النَّاس على ذَلِك
وَصُورَة مَا إِذا تحاكم رجلَانِ إِلَى رجل من أهل الْعلم والمعرفة بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّة وَشَرطه أَن تكون فِيهِ أَهْلِيَّة الْقَضَاء وسألاه الحكم بَينهمَا حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَفُلَان
وأشهدا عَلَيْهِمَا طَوْعًا فِي صحتهما وسلامتهما أَنه جرت بَينهمَا منازعات وخصومات ودعاوى فِي كَذَا وَكَذَا وأنهما ترافعا إِلَى فلَان الْفُلَانِيّ ورضيا بِهِ
وحكماه على أَنفسهمَا وجعلاه نَاظرا بَينهمَا
وفاصلا لخصومتهما وقاطعا لدعاويهما وحاسما لمنازعتهما بعد أَن سألاه أَن يحكم بَينهمَا
وَأَن يلْزم كل وَاحِد مِنْهُمَا الْوَاجِب لَهُ وَعَلِيهِ
وَبعد أَن عرفا من علمه وثقته ومعرفته بِالْقضَاءِ ووجوه الْأَحْكَام مَا جَازَ لَهما مَعَه تحكيمهما إِيَّاه
فَقبل فلَان مِنْهُمَا ذَلِك
وَحكم بَينهمَا بِمَا أوجبه الشَّرْع الشريف وَبت الْقَضَاء بِمَا قطع بِهِ الْخُصُومَة بَينهمَا
وألزم كلا مِنْهُمَا بِمُقْتَضى ذَلِك
فرضيا بِمَا حكم بِهِ بعد أَن حكم
وأشهدا عَلَيْهِمَا بذلك
ويؤرخ
وَصُورَة كتاب صَرِيح سجل أما بعد حمد الله حمد الشَّاكِرِينَ وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا مُحَمَّد خَاتم النَّبِيين وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ
صَلَاة دائمة بَاقِيَة إِلَى يَوْم الدّين
فَهَذَا مَا شهد بِهِ على نَفسه الْكَرِيمَة سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين من حضر مجْلِس حكمه وقضائه وَهُوَ نَافِذ الْقَضَاء وَالْحكم ماضيهما
وَذَلِكَ فِي الْيَوْم الْمُبَارك وَيكْتب القَاضِي التَّارِيخ بِخَطِّهِ ثمَّ يَقُول الْكَاتِب من سنة كَذَا وَكَذَا بِجَمِيعِ مَا نسب إِلَيْهِ فِي هَذَا السّجل الْمُبَارك الَّذِي التمس إنشاؤه مِنْهُ
وَصدر بِإِذْنِهِ الْكَرِيم عَنهُ جَامعا لمضامين الْكتب الْآتِي ذكرهَا المختصة بسيدنا فلَان ابْن فلَان مِمَّا جَمِيعه بِمَدِينَة كَذَا وظاهرها وعملها شَامِلًا لَهَا فروعا وأصولا
وناطقا بثبوتها عَلَيْهِ ابْتِدَاء واتصالا

(2/323)


حَسْبَمَا يشْرَح فِيهِ جملَة وتفصيلا معينا تواريخ الْكتب وتواريخ ثُبُوتهَا مستوعبا مقاصدها بِمَا يُوضح نعوتها
مَقْصُودا بذلك حصرها فِي هَذَا السّجل بمفرده ليَكُون حجَّة وَاحِدَة بِمَا تضمنته فِي الْيَوْم وَفِي غده
وَذَلِكَ بعد أَن استعرض سيدنَا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين الْمشَار إِلَيْهِ جَمِيع الْكتب والثبوتات والاتصالات الْمَنْقُول مضامينها أدناه
واستحضر مَا نسب إِلَيْهِ فِيهِ
وعاود خاطره الْكَرِيم فِيمَا تقدم بِهِ الْإِشْهَاد عَلَيْهِ
فَتذكر ذَلِك جَمِيعه بِحَمْد الله تذكر تَحْقِيق
وَسَأَلَهُ جلّ ذكره المعونة ودوام التَّوْفِيق
ثمَّ استخار الله تَعَالَى وَتقدم أمره الْكَرِيم بتسطير هَذَا السّجل بسؤال من هُوَ جَائِز الْمَسْأَلَة شرعا مُعْتَبرا شُرُوطه الْمُعْتَبرَة على مَا يجب أَن يعْتَبر فِي مثله ويرعى
وَأَن يحرز مَا نقل فِيهِ من الْمَقَاصِد
ويقابل ذَلِك بأصوله تَأْكِيدًا لصِحَّته على أحسن العوائد
فامتثل أمره الْكَرِيم
وحرر هَذَا السّجل على الرَّسْم الْمُعْتَاد
وَالسّنَن المتكفل بِحُصُول المُرَاد
وعدة الْكتب الْمشَار إِلَيْهَا كَذَا وَكَذَا كتابا
وَالْكتاب الأول مِنْهَا نسخته بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَيكْتب كتابا بعد كتاب وَكلما انْتهى من كتاب يَقُول الْكتاب الثَّانِي الْكتاب الثَّالِث
وينسخ كل كتاب بِحُرُوفِهِ من غير زِيَادَة وَلَا نقص وَيكْتب ثُبُوته واتصاله بالحاكم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ إِلَى أَن تَنْتَهِي الْكتب جَمِيعهَا ثمَّ يَقُول وَلما تَكَامل ذَلِك جَمِيعه عِنْد سيدنَا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين الْمشَار إِلَيْهِ وَصَحَّ لَدَيْهِ على الْوَجْه المشروح أَعْلَاهُ سَأَلَهُ من جَازَ سُؤَاله شرعا الْإِشْهَاد على نَفسه الْكَرِيمَة حرسها الله تَعَالَى بِمَا نسب إِلَيْهِ فِي هَذَا السّجل الْمُبَارك من الثُّبُوت وَالْحكم والتنفيذ وَالْقَضَاء وَالْإِجَازَة والإمضاء وَغير ذَلِك مِمَّا نسب إِلَيْهِ فِيهِ
فَتَأمل ذَلِك وتدبره
وروى فِيهِ فكره
وأمعن فِيهِ نظره
واستخار الله كثيرا
واتخذه هاديا ونصيرا
وَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله لجوازه شرعا
وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك بعد أَن ثَبت عِنْده صِحَة مُقَابلَة مَا نسخ فِي هَذَا السّجل بأصوله الْمَنْقُول مِنْهَا الْمُوَافق لذَلِك الثُّبُوت الشَّرْعِيّ فِي التَّارِيخ الْمُقدم ذكره الْمَكْتُوب بِخَطِّهِ الْكَرِيم أَعْلَاهُ
شرفه الله تَعَالَى وَأَعلاهُ
وأدام علاهُ
وَيكْتب القَاضِي الحسبلة بِخَطِّهِ ويكمل
صُورَة صَرِيح آخر أما بعد حمد الله الَّذِي بعث رَسُوله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالحنيفية السمحة السهلة وَخَصه بِعُمُوم الرسَالَة الَّتِي أبان بهَا على الرُّسُل فَضله
وسلك بِنَا على سنته من الْحق منهاجا قويما
هدَانَا باتباعه إِلَيْهِ صراطا مُسْتَقِيمًا
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا

(2/324)


فَهَذَا مَا أشهد بِهِ على نَفسه الْكَرِيمَة حرسها الله تَعَالَى وحماها سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين من حضر مجْلِس حكمه وقضائه وَهُوَ نَافِذ الْقَضَاء وَالْحكم ماضيهما
وَذَلِكَ فِي الْيَوْم الْمُبَارك وَيكْتب القَاضِي التَّارِيخ بِخَطِّهِ ثمَّ الْكَاتِب من سنة كَذَا وَكَذَا
بِجَمِيعِ مَا نسب وأضيف إِلَيْهِ فِي هَذَا السّجل الْمُبَارك الَّذِي التمس إنشاؤه مِنْهُ
وَصدر بِإِذْنِهِ الْكَرِيم عَنهُ
جَامعا لمضامين الْكتب الْآتِي ذكرهَا المختصة بمولانا الْمقر الْأَشْرَف العالي الْفُلَانِيّ مِمَّا جَمِيعه بِمَدِينَة كَذَا وعملها وَهِي كتب الابتياعات والأوقاف والإجارات وَغير ذَلِك شَامِلًا لَهَا فروعا وأصولا ناطقا بثبوتها عَلَيْهِ ابْتِدَاء واتصالا حَسْبَمَا شرح فِيهِ جملَة وتفصيلا معينا فِيهِ تواريخ الْكتب وتواريخ ثُبُوتهَا مستوعبا مقاصدها بأوضح نعوتها
مَقْصُودا بذلك حصرها فِي هَذَا السّجل بمفرده ليَكُون حجَّة وَاحِدَة بِمَا تضمنه فِي الْيَوْم وَفِي غده
يتوالى اتِّصَال ثُبُوته بالحكام
وَيشْهد بِمَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ مدا الْأَيَّام
وَذَلِكَ بعد أَن استعرض سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَعْلَاهُ جَمِيع الْكتب والثبوتات والاتصالات الْمَنْقُول مضامينها أدناه
وتأملها كتابا كتابا
واستحضر مَا نسب إِلَيْهِ فِيهِ
وعاود خاطره الْكَرِيم فِيمَا تقدم بِهِ الْإِشْهَاد عَلَيْهِ
فَتذكر ذَلِك جَمِيعه بِحَمْد الله تَعَالَى تذكر تَحْقِيق
وَسَأَلَ الله جلّ ذكره المعونة ودوام التَّوْفِيق
ثمَّ استخار الله وَتقدم أمره الْكَرِيم بتسطير هَذَا السّجل
إِجَابَة لسؤال جَائِز الْمَسْأَلَة شرعا مُعْتَبرا فِيهِ الشَّرَائِط المعبرة على مَا يجب أَن يعْتَبر فِي مثله ويرعى وَأَن يحرر مَا نقل فِيهِ من الْمَقَاصِد وَأَن يُقَابل ذَلِك بأصوله تَأْكِيدًا لصِحَّته على أحسن العوائد
فامتثل أمره الْكَرِيم
وحرر هَذَا السّجل على الرَّسْم الْمُعْتَاد وَالسّنَن الشَّرْعِيّ المتكفل بِحُصُول المُرَاد
وعدة الْكتب الْمشَار إِلَيْهَا كَذَا وَكَذَا كتابا
الْكتاب الأول نسخته
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَيكْتب كتابا بعد كتاب إِلَى آخِره وَيذكر التَّارِيخ ثمَّ يَقُول بعد ذَلِك كُله فَهَذِهِ جملَة الْكتب الْمَنْقُول مضامينها فِي هَذَا السّجل من أُصُولهَا الْمشَار إِلَيْهَا أَعْلَاهُ حَسْبَمَا أذن فِيهِ سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة الْمشَار إِلَيْهِ ومقابلة مَا نسخ فِي هَذَا السّجل بأصوله الْمَنْقُول مِنْهَا المضامين الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ
فَصحت الْمُقَابلَة والموافقة بِشَهَادَة من يضع خطه آخِره بذلك وَأَدَاء الشَّهَادَة عِنْده وقبولها بِمَا رأى مَعَه قبُولهَا
وَبعد اعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا
فَلَمَّا تَكَامل ذَلِك جَمِيعه عِنْد سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين الْمشَار إِلَيْهِ
وَصَحَّ لَدَيْهِ
سَأَلَهُ من جَازَ سُؤَاله شرعا تَقْرِير مَوْلَانَا الْمقر الْأَشْرَف العالي الْفُلَانِيّ الْمشَار إِلَيْهِ على مَا فِيهَا من جَمِيع مَا عين وَبَين فِي هَذَا الْكتاب السّجل وتثبيتها وبسطها وتصريفها وتمكينها
وَالْحكم بِالصِّحَّةِ فِي جَمِيع مَا قَامَت فِيهِ الْبَيِّنَة بِالْملكِ والحيازة من

(2/325)


كتب الابتياعات المشروحة فِي هَذَا الْكتاب السّجل وَالْقَضَاء بذلك والالتزام بِمُقْتَضَاهُ وَالْإِجَازَة والإمضاء وَالْإِشْهَاد على نَفسه الْكَرِيمَة بِجَمِيعِ مَا نسب إِلَيْهِ فِي هَذَا الْكتاب السّجل
فَتَأمل ذَلِك وتدبره
وروى فِيهِ فكره وَنَظره
واستخار الله كثيرا
واتخذه هاديا ونصيرا
وَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله لجوازه شرعا
وَأقر يَد مَوْلَانَا ملك الْأُمَرَاء الْمشَار إِلَيْهِ أدام الله نعْمَته عَلَيْهِ على مَا فِيهَا من جَمِيع مَا عين وَبَين فِي هَذَا الْكتاب السّجل تقريرا صَحِيحا شَرْعِيًّا
وثبتها تثبيتا كَامِلا مُعْتَبرا مرضيا وبسطها بسطا شَامِلًا شَرْعِيًّا
وصرفها تصريفا تَاما نَافِذا
ومكنها تمكينا شَرْعِيًّا وَحكم بِالصِّحَّةِ فِي جَمِيع مَا قَامَت فِيهِ الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة بِالْملكِ والحيازة من كتب الابتياعات المشروحة فِي هَذَا الْكتاب السّجل حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا
نَافِذا لَازِما مُعْتَبرا مرضيا موثوقا بِهِ مسكونا إِلَيْهِ
قضى بذلك وأمضاه
وَأَجَازَهُ وارتضاه
ورتب عَلَيْهِ مُوجبه وَمُقْتَضَاهُ بعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة
وَاعْتِبَار واجباته المرعية وَثُبُوت مَا يتَوَقَّف الحكم على ثُبُوته
وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك فِي التَّارِيخ الْمُقدم ذكره
الْمَكْتُوب بِخَطِّهِ الْكَرِيم أَعْلَاهُ
شرفه الله تَعَالَى وَأَعلاهُ
وأدام علاهُ
وَيكْتب القَاضِي الحسبلة بِخَطِّهِ
ويكمل

الْفرق بَين النُّسْخَة والسجل
اعْلَم أَن كِتَابَة النّسخ والسجلات يحْتَاج فِيهَا أَولا إِلَى أَن يتَّصل أَصْلهَا بِالْقَاضِي فَإِذا اتَّصل أَصْلهَا بِالْقَاضِي كتب على هامشها بِالْقربِ من مَوضِع التوقيع لينقل بِهِ نُسْخَة كَمَا تقدم
فَإِذا كتب ذَلِك شرع كَاتب الحكم فِي النَّقْل ونقلها حرفا حرفا
فَإِذا فرغ من نقل الأَصْل كتب

(2/326)


ونقلت هَذِه النُّسْخَة بِالْأَمر الْكَرِيم العالي المولوي القاضوي الْفُلَانِيّ بِمُقْتَضى خطه الْكَرِيم أَعْلَاهُ فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَا
وَمن الموقعين من إِذا أَرَادَ أَن ينْقل نُسْخَة يكْتب قبل أَن يشرع فِي النَّقْل نُسْخَة نقلت من أصل كصورته بِإِذن حكمي فَإِذا انْتهى النَّقْل كتب ونقلت هَذِه النُّسْخَة بِالْأَمر الْكَرِيم العالي الْفُلَانِيّ فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَا
وَمن الموقعين من يحْتَاط أَيْضا وَيكْتب على لِسَان صَاحب الْمَكْتُوب قصَّة يسْأَل فِيهَا نقل نُسْخَة
وترفع تِلْكَ الْقِصَّة والمكتوب إِلَى قَاضِي الْقُضَاة
فَيكْتب على هامشه لينقل مِنْهُ نُسْخَة وَيكْتب فِي هَامِش الْقِصَّة مثل ذَلِك ويؤرخ
فَإِذا انْتهى النَّقْل كتب ونقلت هَذِه النُّسْخَة بِالْأَمر الْكَرِيم العالي المولولي الْفُلَانِيّ وَاضع خطه الْكَرِيم أَعْلَاهُ بِالنَّقْلِ بِمُقْتَضى قصَّة مشمولة بالخط الْكَرِيم بِمثل ذَلِك فِي تَارِيخه
مُسْتَقِرَّة تَحت يَد ناقله
حجَّة فِيهِ وَهَذَا فِيهِ غَايَة الِاحْتِيَاط
ثمَّ يكْتب مِثَال شَهَادَات الشُّهُود
فَمن كَانَ مِنْهُم قد مَاتَ كتب مِثَال خطه
وَمن كَانَ فِي قيد الْحَيَاة بعثها إِلَيْهِ لينقل خطه من النُّسْخَة الْأَصْلِيَّة إِلَى النُّسْخَة المنقولة
وَصُورَة مَا يَكْتُبهُ الشَّاهِد الْحَيّ صُورَة رسم شَهَادَته الأولى وَيزِيد فِيهَا
ونقلت خطي إِلَى هَذِه النُّسْخَة بِإِذن حكمي فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَا وَمن كَانَ بَاقِيا من الْحُكَّام يَأْخُذهَا وَيتَوَجَّهُ إِلَيْهِ لينقل علامته وتاريخه فِي إسجاله الَّذِي يكْتب فِي النُّسْخَة المنقولة كَمَا فِي الأَصْل
وَلَا يحْتَاج أَن يكْتب القَاضِي نقلت خطي كَمَا يكْتب الشَّاهِد
فَإِذا تَكَامل نقل شَهَادَات الشُّهُود فِيهَا الْأَحْيَاء والأموات شهد هُوَ وَعدل آخر بالمقابلة عِنْد القَاضِي الْآذِن فِي النَّقْل
وَصُورَة مَا يكْتب فِي الْمُقَابلَة وقفت على نُسْخَة الأَصْل
وقابلتها بِهَذِهِ النُّسْخَة مُقَابلَة تَامَّة
فَصحت
وَأشْهد بذلك فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور
وَكتبه فلَان الْفُلَانِيّ
وَيكْتب رَفِيقه كَذَلِك ويشهدا عِنْد القَاضِي الْآذِن وَيثبت عِنْده أَن مَضْمُون النُّسْخَة المنقولة مَنْقُول من الأَصْل الْمَذْكُور بعد الْمُقَابلَة الصَّحِيحَة الشَّرْعِيَّة ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا
وَالْفرق أَيْضا بَين النُّسْخَة والسجل أَن النُّسْخَة يبتدىء الْكَاتِب أَولا فِي كتَابَتهَا
وَبعد ذَلِك يَحْكِي الإسجالات وينقل خطوط الشُّهُود فِيهَا الْأَحْيَاء والأموات والقضاة كَمَا تقدم شَرحه والسجل بعد أَن يتَّصل الأَصْل بِالْقَاضِي وَيكْتب لينقل بِهِ سجل فَإِذا كتب شرع فِي نَقله
وَصُورَة مَا يبتدىء فِيهِ هَذَا مَا أشهد بِهِ على نَفسه الْكَرِيمَة سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين إِلَى آخر مَا تقدم ثمَّ يَحْكِي بعد ذَلِك مَضْمُون إسجال القَاضِي وَبعد كِتَابَته التَّارِيخ فِي وسط الإسجالات المتضمنة لَهُ وَاحِدًا بعد وَاحِد آخر الإسجالات
فَإِذا وصل إِلَى الإسجال الَّذِي على القَاضِي الثَّابِت عِنْده ذَلِك الأَصْل وَحكى أَنه حكم بِمَا حكم فِيهِ مثل أَن يكون كتاب وقف أَو غَيره فَإِذا انْتهى ذكر ذَلِك جَمِيعه
يَقُول ونسخة كتاب الْوَقْف مثلا الْمَوْعُود بذكرها فِي هَذَا الْكتاب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَيذكر مَا فِيهِ بِحُرُوفِهِ إِلَى آخِره وتاريخه فَإِذا فرغ مِنْهُ كتب الْإِشْهَاد

(2/327)


على القَاضِي الْآذِن بِمَا نسب إِلَيْهِ فِي هَذَا السّجل
ثمَّ يَقُول فَشَهِدت عَلَيْهِ بذلك فِي تَارِيخ كَذَا وَيكْتب القَاضِي التَّارِيخ بِخَطِّهِ فِي وسط الصَّدْر الأول وَيكْتب الحسبلة فِي آخِره
وَهَذَا هُوَ الْفرق بَين السّجل وَالنُّسْخَة أقوى وأمتن
فَافْهَم ذَلِك
وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم

(2/328)