روضة الطالبين وعمدة المفتين ط العلمية

روضة الطالبين - كتاب الفرائض (1)
الباب الأول : في بيان أسباب التوريث والورثة وقدر استحقاقهم فيه عشرة أبواب: الاول (2): في بيان أسباب التوريث والورثة وقدر استحقاقهم، وتقدم عليه أن يبدأ من تركة الميت بمؤنة تجهيزه بالمعروف ما لم يتعلق به حق غيره. فإن تعلق، كالمرهون، وما يتعلق به زكاة، والعبد الجاني، والمبيع إذا مات المشتري مفلسا، قدم حق الغير، ثم تقضى ديونه من تركته، وللورثة إمساك ما تركه، وغرامة ما

(5/4)


عليه من مالهم كما سبق في كتاب الرهن، ثم تنفذ وصاياه من ثلث الباقي، ثم يقسم الباقي بين الورثة على فرائض الله تعالى.
فصل أسباب التوريث أربعة : قرابة، ونكاح، وولاء، وجهة الاسلام. والمراد بجهة الاسلام: أن من مات ولم يخلف وارثا بالاسباب الثلاثة، وفضل عنه شئ، كان ماله لبيت المال، يرثه المسلمون بالعصوبة، كما يحملون ديته. هذا هو الصحيح المشهور. وفي وجه: أنه يوضع في بيت المال على سبيل المصلحة، لا إرثا، لانه لا يخلو عن ابن عم بعيد، فألحق ذلك بالمال الضائع الذي لا يرجى ظهور مالكه. وحكى ابن اللبان والروياني هذا قولا. قال المتولي: فإن جعلناه إرثا، لم يجز صرفه إلى المكاتبين والكفار. وفي جواز صرفه إلى القاتل وجهان. وجه الجواز: أن تهمة الاستعجال لا تتحقق هنا، لانه لا يتعين مصرفا لماله. قلت: الاصح أو الصحيح: المنع. والله أعلم. وفي جواز صرفه إلى من أوصي له بشئ، وجهان. أحدهما: لا، لئلا يجمع بين الوصية والارث، ويخير بينهما. والثاني: يجوز.

(5/5)


قلت: الاصح: الجواز. والله أعلم. ولا خلاف أنه يجوز تخصيص طائفة من المسلمين، ويجوز صرفه إلى من ولد بعد موته، أو كان كافرا فأسلم بعد موته، أو رقيقا فعتق. قلت: قد ضم صاحب التلخيص إلى هذه الاسباب الاربعة سببا خامسا، وهو سبب النكاح، وهو غير النكاح، وذلك في المبتوتة في مرض الموت إذا قلنا بالقديم: إنها ترث. والله أعلم.
فصل في بيان المجمع على توريثهم الرجال الوارثون خمسة عشر: الابن، وابن الابن وإن سفل، والاب، والجد للاب وإن علا، والاخ للابوين، والاخ للاب، والاخ للام، وابن الاخ للابوين، وابن الاخ للاب، والعم للابوين، والعم للاب، وابن العم للابوين، وابن العم للاب، والزوج، والمعتق. والنساء الوارثات عشر: البنت، وبنت الابن وإن سفل، والام، والجدة للاب، والجدة للام - وإن علتا - والاخت للابوين، والاخت للاب، والاخت للام، والزوجة، والمعتقة. والمراد بالمعتق والمعتقة، من أعتق، أو عصبة أدلى بمعتق. ويدخل في لفظ العم، عم الميت، وعم أبيه، وعم جده إلى حيث ينتهي، وكذلك حيث أطلقنا لفظ العم في الورثة، بخلاف الاخ، فإن المراد به أخو الميت فقط.

(5/6)


فرع: إذا اجتمع الرجال الوارثون، ورث منهم الابن، والاب، والزوج فقط. وإذا اجتمع النساء، فالبنت، وبنت الابن، والام، والزوجة، والاخت للابوين. وإذا اجتمع الصنفان غير أحد الزوجين، ورث خمسة: الابوان، والابن، والبنت، وأحد الزوجين. ومن انفرد من الرجال، حاز كل التركة، إلا الزوج والاخ للام. ومن قال بالرد، لا يستثني إلا الزوج. ومن انفردت من النساء، لم تحزها إلا المعتقة. ومن قال بالرد، يثبت لكلهن الحيازة إلا الزوجة. قلت: وليس في الورثة ذكر يدلي بأنثى فيرث، إلا الاخ للام، وليس فيهم من يرث مع من يدلي به إلا أولاد الام. قال صاحب التلخيص والقفال وغيرهما: ليس لنا من يورث ولا يرث، إلا الجنين في غرته، والمعتق بعضه على الاظهر: أنه يورث. والله أعلم.
فصل في ذوي الارحام : هم كل قريب يخرج عن المذكورين في الفصل السابق. وإن شئت قلت: كل قريب ليس بذي فرض ولا عصبة. وأما تفصيلهم، فهم عشرة أصناف: أبو الأم، وكل جد وجدة ساقطين، وأولاد البنات،

(5/7)


وبنات الاخوة، وأولاد الاخوات، وبنو الاخوة للام، والعم للام، وبنات الاعمام، والعمات، والاخوال، والخالات. ومنهم من يعدهم أحد عشر، ويفصل الجد عن الجدة. ومنهم من يزيد على ذلك، والمقصود لا يختلف، فهؤلاء لا يرثون بالرحم شيئا على الصحيح. وقال المزني وابن سريج: إن لم يخلف الميت إلا ذا فرض لا يستغرق، رد الباقي عليه، إلا الزوج والزوجة، فلا رد عليهما. فإن لم يخلف ذا فرض ولا عصبة، ورث ذوو الارحام. وقولنا: إن الصحيح أنهم لا يرثون ولا يرد، هو فيما إذا استقام أمر بيت المال، بأن ولي إمام عادل. أما إذا لم يكن إمام، ألم يكن مستجمعا لشروط الامامة، ففي مال من لا عصبة له ولا ذا فرض مستغرق وجهان. أصحهما عند أبي حامد وصاحب المهذب: لا يصرف إلى الرد، ولا إلى ذوي الارحام، لانه للمسلمين، فلا يسقط بفوات نائبهم. والثاني: أنه يرد ويصرف إلى ذوي الارحام، لان المال مصروف إليهم أو إلى بيت المال بالاجماع. فإذا تعذر أحدهما، تعين الآخر، وهذا اختيار ابن كج، وبه أفتى أكابر المتأخرين. قلت: هذا الثاني، هو الاصح أو الصحيح عند محققي أصحابنا، وممن صححه وأفتى به الامام أبو الحسن بن سراقة من كبار أصحابنا ومتقدميهم، وهو أحد أعلامهم في الفرائض والفقه وغيرهما، ثم صاحب الحاوي، والقاضي حسين، والمتولي، والخبري - بفتح الخاء المعجمة وإسكان الباء الموحدة - وآخرون، قال ابن سراقة: وهو قول عامة مشايخنا. قال: وعليه الفتوى اليوم في

(5/8)


الامصار، ونقله صاحب الحاوي عن مذهب الشافعي رضي الله عنه، قال: وغلط الشيخ أبو حامد في مخالفته، قال: وإنما مذهب الشافعي منعهم إذا استقام بيت المال. والله أعلم. فإن قلنا: لا يصرف إليهم ولا يرد، فإن كان في يد أمين، نظر، إن كان في البلد قاض بشروط القضاء مأذون له في التصرف في مال المصالح، دفع إليه ليصرفه فيها. وإن لم يكن قاض بشرطه، صرفه الامين بنفسه إلى المصالح، وإن كان قاض بشرطه غير مأذون له في التصرف في مال المصالح، فهل يدفعه إليه، أم يفرقه الامين بنفسه، أم يوقف إلى أن يظهر بيت المال ومن يقوم بشرطه ؟ فيه ثلاثة أوجه. قلت: الثالث، ضعيف والاولان حسنان. وأصحهما: الاول. ولو قيل: يتخير بينهما، لكان حسنا، بل هو عندي أرجح. والله أعلم. وعلى الثاني، وقوف مساجد القرى، يصرفها صلحاء القرية في عمارة المسجد ومصالحه. أما إذا لم يكن في يد أمين، فيدفع إليه ليفرقه. وإذا قلنا بالصرف إلى ذوي الارحام، فوجهان. أحدهما نقله ابن كج: أنه يصرف إلى الفقراء منهم، يقدم الاحوج فالاحوج. والصحيح الذي عليه الجمهور: يصرف إلى جميعهم. وهل هو إرث، أم شئ مصلحي ؟ فيه وجهان. أشبههما بأصل المذهب: أنه على سبيل المصلحة، واختاره الروياني، قال: ويصرف إليهم إن كانوا محتاجين، أو إلى غيره من أنواع المصالح. فإن خيف على رأس المال من حاكم الزمان، صرف إلى الاصلح بقول مفتي البلدة. قلت: الصحيح الذي عليه جمهور من قال من أصحابنا بتوريث ذوي الارحام: أنه يصرف إلى جميعهم على سبيل الميراث، على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى في الباب الثامن في كيفية توريثهم والرد. والله أعلم.

(5/9)


فصل في بيان ما يستحقه كل وارث من المجمع عليهم : ونقدم عليه أن من له سهم مقدر في الكتاب أو السنة، فهو صاحب فرض. ومن ورث بالاجماع ولا فرض له، فهو عصبة. وقولنا: بالاجماع، احتراز من ذوي الارحام، فإن من ورثهم لا يسميهم عصبة. وأصحاب الفروض قسمان. منهم من لا يرث إلا بالفرضية، وهم: الزوجان، والام، والجدة، وولد الام. ومنهم من يرث بالتعصيب أيضا. ثم من هؤلاء من لا يجمع الجهتين دفعة، بل يرث إما بهذه، وإما بهذه، وهم البنات، وبنات الابن، والاخوات للابوين، والاخوات للاب. ومنهم من يرث بهما جمعا وانفرادا، وهما: الاب، والجد. أما العصبة، فضربان: عصبة بنفسه، وهو كل ذكر يدلي إلى الميت بغير واسطة، أو بتوسط محض الذكور، وهؤلاء يأخذ المنفرد منهم جميع المال والباقي بعد أصحاب الفروض، وربما سقطوا. قلت: هذا الذي قاله في حد العصبة، غير مطرد ولا منعكس، فإنه يقتضي دخول الزوج - فإن الغزالي وغيره عدوه ممن يدلي بنفسه - وخروج المعتقة، فينبغي أن يقول: هو كل معتق وذكر نسيب يدلي إلى آخره. والله أعلم. وعصبة بغيره، وهم البنات، وبنات الابن والاخوات للابوين وللاب، فيتعصبن باخوتهن، ويتعصب الاخوات من الجهتين بالبنات وببنات الابن.

(5/10)


وقد يقال: العصبة ثلاثة. عصبة بنفسه، وبغيره، ومع غيره، على الترتيب المذكور. أما قدر المستحق، فللزوج نصف المال إذا لم يكن للميتة ولد ولا ولد ابن، وربعه إن كان لها ولد أو ولد ابن منه أو من غيره. وللزوجة الربع إذا لم يكن للميت ولد ولا ولد ابن، والثمن إن كان له ولد أو ولد ابن منها أو من غيرها. والزوجات يشتركن في الربع والثمن بالاجماع.
فصل وأما الام، فلها ثلاثة أحوال. حال ترث ثلث المال إذا لم يكن للميت ولد ولا ولد ابن، ولا اثنان من الاخوة والاخوات، وحال سدسه إذا لم يكن له ولد أو ولد ابن، أو اثنان من الاخوة والاخوات من أي جهة كانوا، وحال يكون معها زوج وأب، أو زوجة وأب، فلها ثلث ما يبقى على الصحيح المعروف في المذهب. وقال ابن اللبان: لها الثلث كاملا.
فصل وأما الجدة، فترث أم الام وأمهاتها المدليات بمحض الاناث، وأم الاب وأمهاتها كذلك، وفي أم أب الاب، وأم من فوقه من الاجداد وأمهاتهن قولان. المشهور: أنهن وارثات. والثاني: لا، نقله أبو ثور. وأما الجدة المدلية بذكر بين أنثيين، كأم أب الام، فلا ترث، بل هي من ذوي الارحام كما سبق، فحصل في ضبط الجدات الوارثات على المشهور عبارتان. إحداهما: أن يقال: هي كل جدة أدلت بمحض إناث أو بمحض ذكور، أو بمحض الاناث إلى محض الذكور. الثانية: التي لا تدلي بمحض الوارثين غير وارثة، والباقيات وارثات. وعلى من قول أبي ثور: لا ترد جدة تدلي بغير وارث، ولا من وقع في آخر نسبها أبوان

(5/11)


فصاعدا، وللجدة الواحدة السدس. وإن اجتمع جدتان فصاعدا وارثات، اشتركن في السدس، فلو أدلت إحداهما بجهتين، كامرأة تزوج ابن بنتها بنت بنتها الاخرى، فولد لهما ولد، فهذه المرأة أم أم أبيه، وأم أم أمه. فإذا مات الولد وخلف هذه، وجدة أخرى هي أم أبي أبيه، أو أدلت بثلاث جهات فأكثر، بأن نكح الولد في المثال المذكور بنت بنت أخرى لتلك المرأة، فولد لهما، فالمرأة جدة للولد الثاني من ثلاثة أوجه. فالصحيح: أن السدس بينهما سواء. والثاني: يوزع على الجهات، قاله ابن سريج، وابن حربويه. فرع في تنزيل الجدات لك أم وأب، وهما في الدرجة الاولى من أصولك، ولابيك أم وأب، وكذلك لامك، فالاربعة هم الواقعون في الدرجة الثانية من درجات أصولك، وهذه هي الدرجة الاولى من درجات الاجداد والجدات، ثم أصولك في الدرجة الثالثة ثمانية، لان لكل واحد من الاربعة أبا وأما، وفي الدرجة الرابعة ستة عشر، وفي الخامسة اثنان وثلاثون، والنصف من الاصول في كل درجة ذكور، والنصف إناث، وهن الجدات، ففي الدرجة الثانية من الاصول جدتان،

(5/12)


وفي الثالثة أربع، وفي الرابعة ثمان، وفي الخامسة ست عشرة، وهكذا يتضاعف عددهن في كل درجة. ثم منهن وارثات وغير وارثات، فإذا سئلت عن عدد من الجدات الوارثات على أقرب ما يمكن من المنازل، فاجعل درجهن بعدد المسؤول عنه ومحض نسبة الاولى إلى الميت من أمهات، ثم أبدل من اخر نسبة الثانية أما بأب، وفي اخر نسبة الثالثة أمين بأبوين، وهكذا تنقص من الامهات وتزيد في الآباء حتى تتمحض نسبة الاخيرة آباء مثاله: سئلت عن أربع جدات، فقل: هن أم أم أم أم، وأم أم أم أب، وأم أم أبي أب، وأم أبي أبي أب، فالاولى من جهة أم الميت، والثانية من جهة أبيه، والثالثة من جهة جده، والرابعة من جهة أبي جده. وهكذا إذا أردت زيادة زدت لكل واحدة أبا. وإذا أردت معرفة من يحاذي الوارثات مع الساقطات، فإن كان السؤال عن جدتين على أقرب ما يمكن، فليس في درجتهما غيرهما. وإن كان السؤال عن أكثر، فألق من عدد الوارثات اثنين أبدا، وضعف الاثنين بعدد ما بقي منهن، فما بلغ فهو عدد الجدات في تلك الدرجة الوارثات والساقطات. فإذا عرفت الوارثات منهن، فالباقيات الساقطات. مثاله: خذ من الاربع اثنتين وضعفهما مرتين، لان الباقي اثنان، فيبلغ ثمانية، فهن الوارثات والساقطات، وإذا فرضت ثلاث جدات، فخذ من الثلاثة اثنتين، وضعفهما مرة، لان الباقي واحد، فيبلغ أربعة، فهو عددهن، في هذه الدرجة ثلاث وارثات، وواحدة ساقطة. واعلم أن الوارثات في كل درجة من درجات الاصول بعد تلك الدرجة، ففي الثانية ثنتان، وفي الثالثة ثلاث، وفي الرابعة أربع. وهكذا في كل درجة لا تزيد إلا وارثة واحدة وإن تضاعف عددهن في كل درجة، وسببه أن الجدات ما بلغن، فنصفهن من قبل الام، ونصفهن من قبل الاب، ولا يرث من قبل الام إلا واحدة، والباقيات من قبل الاب. فإذا صعدنا درجة، تبدلت لكل واحدة منهن بأمها، وزادت أم الجد الذي صعدنا إليه، ولا يفى أن معظم ما ذكرنا في تنزيل الجدات، تفريع على المشهور. فأما على منقول أبي ثور، فلا يرث إلا جدتان.
فصل وللأب ثلاثة أحوال،

(5/13)


حال يرث بمحض الفرض، وهو إذا كان معه ابن، أو ابن ابن، فله السدس، والباقي للابن أو ابن الابن. وحال يرث بمحض العصوبة، وهو إذا لم يكن ولد ولا ولد ابن. وحال يرث بهما، وهو إذا كان معه بنت، أو بنت ابن، أو بنات، فله السدس فرضا، ولهن فرضهن والباقي له بالتعصيب. فصل الجد كالأب في الميراث، إلا في مسائل. إحداها: الاب يسقط الاخوة والاخوات مطلقا، والجد لا يسقط الاخوة والاخوات للابوين أو للاب. وسيأتي تفصيلهم إن شاء الله تعالى. الثانية: الاب يرد الام إلى ثلث ما يبقى في صورتي زوج وأبوين وزوجة وأبوين كما سبق. ولو كان بدله جد، كان للام الثلث كاملا. الثالثة: الاب يسقط أم نفسه وأم كل جد، والجد لا يسقط أم الاب وإن أسقط أم نفسه، وأبو الجد ومن فوقه كالجد، لكن كل واحد يحجب أم نفسه، ولا يحجبها من فوقه. الرابعة: سبق أن الاب يجمع بين الفرض والتعصيب، وفي الجد في مثل ذلك الحال وجهان. أحدهما: أنه مثله. والثاني: لا، بل يأخذ الباقي بعد البنت أو البنات بالتعصيب فقط، والجمع بينهما خاص بالاب. وهذا خلاف في العبارة فقط والمأخوذ لا يختلف. قلت: أصحهما وأشهرهما: الاول. والله أعلم.

(5/14)


فصل في الأولاد فالابن الواحد يستغرق جميع المال بالاجماع، وكذا جماعة الابناء يستغرقونه، وللبنت النصف، وللبنتين فصاعدا الثلثان. فإن اجتمع الصنفان، فللذكر مثل حظ الانثيين. فرع إذا اجتمع أولاد الصلب وأولاد ابن أو بنين، فإن كان في أولاد الصلب ذكر، لم يرث أولاد الابن، وإلا، فإن كان ولد الصلب بنتا، فلها النصف، ثم ينظر، فإن كان ولد الابن ذكرا، فالباقي له. وإن كانوا ذكورا، أو ذكورا وإناثا، فالباقي بينهم للذكر مثل حظ الانثيين. وإن كان ولد الابن بنتا، فلها السدس، وإن كن بنات، فالسدس بينهن. وإن كان ولد الصلب بنتين فصاعدا، فلهن الثلثان، ولا شئ لبنات الابن. فإن كان معهن أو أسفل منهن ذكر، عصبهن في الباقي للذكر مثل حظ الانثيين. وسواء كان الذي في درجتهن أخاهن أو أخا بعضهن، أو ابن عمهن، وإنما يعصبهن إذا لم يكن لهن فرض كما ذكرنا. فلو خلف بنت صلب، وبنت ابن، وابن ابن ابن، وبنت ابن ابن، فللبنت النصف، ولبنت الابن السدس فرضا، والباقي بين الاسفلين للذكر مثل حظ الانثيين، ولا يعصب ابن الابن من كان أسفل منه، بل يختص بالباقي. وأولاد ابن الابن مع أولاد الابن، كأولاد الابن مع أولاد الصلب في كل تفصيل، وكذا في كل درجة نازلة مع درجة عالية، حتى إذا خلف بنت ابن، وبنت ابن ابن، فللعليا النصف، وللسفلى السدس. ولو خلف بنتي ابن، وبنت ابن ابن، فلبنتي الابن الثلثان، ولا شئ للسفلى، إلا أن يكون في درجتها أو أسفل منها من يعصبها. فرع ليس في الفرائض من يعصب أخته وعمته وعمة أبيه وجده وبنات أعمامه وبنات أعمام أبيه وجده، إلا المستقل من أولاد الابن.
فصل في الإخوة والأخوات أما الاخوة والاخوات من الابوين إذا

(5/15)


انفردوا، فكأولاد الصلب، للذكر جميع المال، وكذا للجماعة، وللاخت الفردة النصف، وللاختين فصاعدا الثلثان، فإن اجتمع الاخوة والاخوات، فللذكر مثل حظ الانثيين بنص القرآن. فرع الاخوة والاخوات للاب، عند انفرادهم كالاخوة والاخوات للابوين، إلا في المشركة، وهي زوج، وأم، وأخوان لام، وأخوان للابوين، فللزوج النصف، وللام السدس، وللاخوين للام الثلث يشاركهم فيه الاخوان للابوين. هذا هو المشهور والمذهب، وبه قطع الاصحاب. وحكى أبو بكر بن لال من أصحابنا في المسألة قولين. ثانيهما: سقوط الاخوين للابوين بحسب اختلاف الرواية عن زيد رضي الله عنه، والرواية عن زيد رضي الله عنه مختلفة كما ذكر، لكن لم أجد لغيره نقل قول للشافعي رضي الله عنه، لكن ذهب ابن اللبان وأبو منصور البغدادي، إلى الاسقاط، فعلى المذهب: للتشريك أربعة أركان. أن يكون في المسألة زوج، وأم أو جدة، واثنان فصاعدا من ولد الام، وأن يكون من أولاد الابوين ذكر، إما وحده، وإما مع ذكور أو إناث، أو كليهما، فإن لم يكن من الابوين ذكر، بل كان مع الاركان الثلاثة أخت أو أختان للابوين أو للاب، فلا تشريك، بل يفرض للواحد النصف، وللاثنين فصاعدا الثلثان، وتعال المسألة. ولو كان ولد الام واحدا، فله السدس، والباقي للعصبة من أولاد الابوين، أو الاب، ولو كان بدل أولاد الابوين إخوة أب، سقطوا بالاتفاق، لانه ليس لهم قرابة أم فيشاركون أولاد الام، فافترق الصنفان في هذه المسألة. وإذا شركنا في الثلث بين أولاد الام وأولاد الابوين، تقاسموه سواء، ذكرهم كأنثاهم، لانهم يأخذونه بقرابة الام. قلت: قد ذكرنا أنه لو عدم في المشركة ولد الابوين، وكان هناك أخت للاب، فلها النصف فرضا. فلو كان معها أخوها لاب أيضا، سقط وأسقطها، لانه لا يفرض لها معه، فلا تشريك. والله أعلم.

(5/16)


فرع لو اجتمع أولاد الابوين وأولاد الاب، فهو كاجتماع أولاد الصلب وأولاد الابن، فأولاد الابوين كأولاد الصلب، وأولاد الاب كأولاد الابن. فإن كان في أولاد الابوين ذكر، حجب أولاد الاب، وإلا، فإن كانت أنثى فقط، فلها النصف، والباقي لاولاد الاب إن كانوا ذكورا، أو ذكورا وإناثا. وإن تمحضن إناثا، أو أنثى فقط، فلهن أو لها السدس تكملة الثلثين. وإن كان من أولاد الابوين ثنتان فأكثر، فلهما الثلثان، ولا شئ لاولاد الاب، إلا أن يكون فيهن ذكر، فيعصب الاناث. ولا يعصب الاخت إلا من في درجتها، بخلاف بنت الابن، فإنه يعصبها من هو أسفل منها. فلو خلف اختين لابوين، وأختا لاب، وابن أخت لاب، فللاختين الثلثان، والباقي لابن الاخ، وتسقط الاخت للاب. فرع الاخوة والاخوات للام، لواحدهم السدس ذكرا كان أو أنثى، وللاثنين فصاعدا الثلث يقسم بين ذكورهم وإناثهم بالسوية. قلت: أولاد الام يخالفون غيرهم في خمسة أشياء، فيرثون مع من يدلون به، ويرث ذكرهم المنفرد كأنثاهم المنفردة، ويتقاسمون بالسوية. والرابع: أن ذكرهم يدلي بأنثى، ويرث. والخامس: يحجبون من يدلون به، وليس لهم نظير. والله أعلم. فرع بنو الاخوة من الابوين أو الاب ينزل كل واحد منهم منزلة أبيه في

(5/17)


حالتي الانفراد والاجتماع فيستغرق الواحد والجماعة للمال عند الانفراد، وما فضل عن أصحاب الفروض، وعند الاجتماع يسقط ابن الاخ للاب، لكنهم يخالفون الاخوة في أمور. أحدها: أن الاخوة يردون الام من الثلث إلى السدس، وبنوهم لا يردونها. الثاني: أن الاخوة للابوين وللاب يقاسمون الجد، وبنوهم يسقطون به. الثالث: لو. كان بنو الاخوة للابوين بدل آبائهم في المشركة سقطوا. الرابع: الاخوة للابوين ولاب يعصبون أخواتهم، وبنوهم لا يعصبون أخواتهم. قلت: ويخالفونهم في ثلاثة أشياء أخر. أحدها: الاخوة للابوين، يحجبون الاخوة للاب، وأولادهم لا يحجبونهم. والثاني: الاخ من الاب، يحجب بني الاخ من الابوين، ولا يحجبهم ابنه. الثالث: بنو الاخوة لا يرثون ما لاخوات إذا كن عصبات مع البنات. والله أعلم.
فصل الأخوات للأبوين وللأب، مع البنات وبنات الابن، عصبات كالاخوة. حتى لو خلف بنتا وأختا، فللبنت النصف، وللاخت الباقي. ولو خلف بنتين فصاعدا، أو أختا أو أخوات، فللبنات الثلثان، والباقي للاخت أو للاخوات. ولو كان معهن زوج، فللبنتين الثلثان، وللزوج الربع، والباقي للاخت أو الاخوات. ولو كان معهن أم، عالت المسألة، وسقطت الاخت والاخوات، كما لو كان معهن أخ. ولو خلف بنتا وبنت ابن وأختا، فلها النصف، والسدس لبنت الابن، وللاخت الباقي. وإذا اجتمعت الاخت للابوين والاخت للاب مع البنت وبنت الابن، فالباقي للاخت للابوين، وسقطت الاخت للاب. ولو خلف بنتا وأختا لابوين وأخا لاب، كان الباقي للاخت، وسقط الاخ بها كسقوطه بالاخ للابوين. ولو خلف بنتا، وأخا وأختا لابوين، فالباقي بينهما للذكر مثل حظ الانثيين.

(5/18)


فرع خلف بنتا، وثلاث أخوات أو إخوة متفرقين، فللبنت النصف، والباقي للاخت أو للاخ للابوين، وسقط الباقون.
فصل العم للأبوين أو للأب، كالاخ من الجهتين، في أن من انفرد منهما يأخذ جميع المال، أو ما بقي بعد الفرض. وإذا اجتمعا، أسقط العم للابوين العم للاب.
الباب الثاني : في بيان العصبات وترتيبهم فالأقرب منهم يسقط الابعد. وجملة عصبات النسب: الابن والاب ومن يدلي بهما، ويقدم منهم الا بناء، ثم بنوهم وإن سفلوا، ثم الاب، ثم الجدة والاخوة للابوين أو للاب، وهم في درجة، ولذلك يتقاسمون على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى. وأبو الجد وإن علا مع الاخ، كالجد مع الاخ، فيتقاسمان لقوة الجدودة، ووقوع الاسم في القريب والبعيد. هذا هو المنصوص والمذهب والمعروف. وقال الامام: الذي رأيته في ذلك - يعني للاصحاب - أن أبا الجد، يكون له السدس، والباقي للاخ. ثم قال: وفي القلب من هذا شئ، وأبدى المذهب المنصوص احتمالا. وإذا لم يكن أخ، فالمقدم الجد، ثم أبوه وإن علا، ويسقط ابن الاخ

(5/19)


بالجد العالي سقوطه بالادنى، وفي النهاية وجه ضعيف: أن أبا الجد وابن الاخ يتقاسمان، والصحيح المعروف هو الاول، فانا إذا قدمنا نوعا على نوع، لا ننظر إلى القرب والبعد. ألا ترى أن ابن الاخ وإن سفل، مقدم على العم مع قربه. وإذا لم يكن جد، فالاخ من الابوين، ثم من الاب، ثم بنو الاخوة من الابوين، ثم من الاب، وكذلك بنوهم وإن سفلوا، ثم العم من الابوين، ثم من الاب، ثم بنو العم كذلك ثم عم الاب من الابوين، ثم من الاب، ثم بنوهما كذلك، ثم عم الجد من الابوين، ثم من الاب، ثم بنوهما كذلك، إلى حيث ينتهون. فإن لم يوجد أحد من عصبات النسب، والميت عتيق، فالعصوبة لمعتقه. فإن لم يكن المعتق حيا، فلعصباته، فإن لم يوجدوا، فلمعتق المعتق، ثم لعصباته إلى حيث ينتهون. فإن لم يكن عتيقا، وأبوه أو جده عتيق، ثبت الولاء عليه لمعتق الاب أو الجد على ما سيأتي في كتاب الولاء إن شاء الله تعالى. فإن لم يكن أحد منهم، فالمال لبيت المال. فرع البعيد من الجهة المقدمة، يقدم على القريب من الجهة المؤخرة. مثاله: ابن الابن وإن سفل، يقدم على الاب، وكذلك ابن الاخ وإن سفل، يقدم على العم، وكذلك ابن العم النازل، يقدم على عم الاب، وإذا اتحدت الجهة، قدم الاقرب. فإن استويا في القرب، قدم من يدلي بالابوين على من يدلي بالاب. مثاله: الاخ للابوين، يقدم على الاخ للاب، وابن الاخ للاب، يقدم على ابن ابن الاخ للابوين، وكذا القول في بني العم وبني عم الاب. فرع إذا اشترك اثنان في جهة عصوبة، واختص أحدهما بقرابة أخرى، كابني عم أحدهما أخ لام، نظر، إن أمكن التوريث بالقرابة الاخرى لفقد الحاجب، فالنص أنه يورث بهما، فالاخ للام يأخذ السدس، والباقي بينهما بالعصوبة. ونص فيما لو ترك ابني عم معتقه وأحدهما أخو المعتق لامه: أن جميع المال الذي هو أخوه لامه. وللاصحاب فيهما طريقان. أحدهما: جعلهما على قولين. أحدهما: ترجيح الاخ للام، فيأخذ جميع المال في الصورتين، لانهما استويا في العصوبة وزاد بقرابة الام، فأشبه الاخ من الابوين مع الاخ للاب. والثاني: لا ترجيح، لان مزيته بجهة تفرض لها، فلا يسقط

(5/20)


من يشاركه في جهة العصوبة كابني عم أحدهما زوج. فعلى هذا، في النسب له السدس فرضا، والباقي بينهما بالعصوبة. وفي الولاء لا يمكن توريثه بالفرضية، فالمال بينهما سواء بالعصوبة. والطريق الثاني: وهو المذهب: القطع بالمنصوص في الموضعين. والفرق: أن الاخ للام في النسب يرث، فأعطي فرضه، واستويا في الباقي بالعصوبة، وفي الولاء لا يرث بالفرض، فرجح من يدلي بقرابة الام. وهذا كله تفريع على أن أخا المعتق من أبويه، يقدم على أخيه من أبيه، وفيه خلاف نذكره قريبا إن شاء الله تعالى. ويجري الطريقان، فيما لو ترك ابني عم أبيه وأحدهما أخوه لامه. فلو تركت المرأة ابني عم أحدهما زوجها، والآخر أخ لام، فعلى المذهب: للزوج النصف، وللآخر السدس، والباقي بينهما بالسوية. وإن رجحنا الاخ للام، فالباقي كله له. ولو تركت ثلاثة بني أعمام أحدهم زوج، والثاني أخ لام، فعلى المذهب، للزوج النصف، وللاخ السدس، والباقي بينهم بالسوية. وإن رجحنا الاخ للام، فللزوج النصف، والباقي للاخ. هذا كله إذا أمكن توريث المختص بتلك القرابة. أما إذا لم يكن لحاجب، بأن ترك بنتا وابني عم أحدهما أخ لام، فوجهان. أصحهما: للبنت النصف، والباقي بينهما بالسوية، لان إخوة الام سقطت بالبنت. والثاني: أن الباقي للاخ وحده، وبه قال ابن الحداد، واختاره

(5/21)


الشيخ أبو علي، كما لو اجتمع مع البنت أخ لابوين وأخ لاب. وإذا قلنا بالاصح، فترك ابن عم لابوين، وآخر لاب وهو أخ لام، فللثاني السدس بالاخوة، والباقي للاول، وتسقط به عصوبة الثاني. ولو تركت ثلاثة بني أعمام متفرقين، والذي هو لام زوج، والذي هو لاب أخ لام، فللزوج النصف، وللاخ السدس، والباقي للآخر. ولو ترك أخوين لا، وترك سواهما أخوين لام أحدهما ابن عم، فلهما الثلث بالاخوة، والباقي لابن العم منهما بلا خلاف. ولو ترك ابني عم، أحدهما أخ لام، وترك سواهما أخوين لام أحدهما ابن عم، فالحاصل أنه ترك أخوين هما ابنا عم، وأخا ليس بابن عم، وابن عم ليس بأخ، فالثلث للاخوة الثلاثة، والباقي لبني الاعمام الثلاثة.
فصل في عصبات المعتق قد سبق أن من لا عصبة له من النسب، فماله أو ما يفضل عن الفروض لمعتقه إن كان عتيقا، سواء كان المعتق ذكرا أو أنثى. فإن لم يوجد المعتق، فالاستحقاق لعصباته من النسب الذين يتعصبون بأنفسهم دون من يعصبهم غيرهم، فلا ترث النساء بالولاء، إلا ممن أعتقن، أو أعتق من أعتقن، أو جر الولاء اليهن من أعتقن. وإن شئت قلت: لا ترث امرأة بولاء، إلا معتقها، أو منتميا إليه بنسب أو ولاء، لان الولاء أضعف من النسب البعيد. وإذا بعد النسب، ورث الذكور دون الاناث، فيرث ابن الاخ والعم وابنه، دون أخواتهم. فإذا لم ترث بنت الاخ، فبنت المعتق أولى، ثم الذين يتعصبون بأنفسهم، ترتيبهم في الولاء كترتيبهم في النسب، فيقدم ابن المعتق وابن ابنه على أبيه وجده، لكن يفترق الترتيبان في مسائل. إحداها: في الاخ للابوين مع الاخ للاب طريقان. المذهب: يقدم الاخ للابوين كما في النسب. والثاني: على قولين. ثانيهما: يتساويان، إذ لا مدخل لقرابة الام هنا. الثانية: في الجد والاخ قولان. أظهرهما عند الشيخ أبي حامد وأبي خلف الطبري والاكثرين: أن الاخ مقدم. والثاني: يتساويان كالنسب، ورجحه البغوي.

(5/22)


فإن قلنا: يتساويان، فطريقان. أحدهما نقله الحناطي وغيره: فيه وجهان. أحدهما: للجد ما هو خير له من المقاسمة وثلث المال، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في النسب. وأصحهما: أنه يقاسم الاخوة أبدا، لانه لا مدخل للفرض والتقدير في الولاء. والطريق الثاني وهو المذهب وبه قطع الجمهور: القطع بالمقاسمة أبدا. ولو اجتمع مع جد المعتق إخوة لابوين، وإخوة لاب، فوجهان. أحدهما وهو اختيار ابن اللبان: يعد الاخوة من الاب على الجد، كما في النسب. وأصحهما وبه قال ابن سريج والاكثرون: لا يعدون، بل الجد والاخ للابوين يقتسمان، والفرق أن الاخوة للابقد يأخذون شيئا في النسب، كما إذا كان معهم أخت للابوين وجد، وهنا لا يأخذون شيئا بحال، لانه لا يرث هنا إلا ذكر، ولا يرث الاخ للاب مع الاخ للابوين، فيبعد أن يدخل في القسمة من لا يأخذ بحال. وعلى هذا القول الجد أولى من ابن الاخ على الاصح كالنسب. وقيل: يستويان. قال البغوي تفريعا على هذا القول: الاخ أولى من أبي الجد، وأبو الجد مع ابن الاخ يستويان. وإذا قلنا بالاظهر: إن الاخ مقدم على الجد، فابن الاخ مقدم أيضا كابن

(5/23)


الابن، والقولان في الاخ والجد يجريان في العم مع أبي الجد، وفي كل عم اجتمع هو وجد إذا أدلى ذلك العم بابن ذلك الجد، ولا خلاف أن الجد أولى من العم. المسألة الثالثة: إذا كان للمعتق ابنا عم أحدهما أخ، فالمذهب والمنصوص: أنه مقدم كما سبق في الفصل قبله. فرع إذا لم يوجد أحد من عصبات المعتق، فالمال لمعتق المعتق، ثم لعصباته على النسق المذكور في عصبات المعتق، ثم لمعتق معتق المعتق. وعلى هذا القياس. والقول في معتق الاب والجد وقواعد أخر ومسائل عويصة نذكره إن شاء الله تعالى في كتاب الولاء.
الباب الثالث : في ميراث الجد مع الإخوة إذا كان مع الجد إخوة وأخوات من الابوين، أو من الاب، لم يسقطوا على

(5/24)


الصحيح. وقال المزني: يسقطون، واختاره محمد بن نصر المروزي من أصحابنا، وابن سريج، وابن اللبان، وأبو منصور البغدادي. والتفريع على الصحيح، فنقول: إذا كان معه إخوة وأخوات من الابوين أو من الاب، فإن لم يكن معهم ذو فرض، فللجد الاوفر من مقاسمتهم وثلث جميع المال. فإن قاسم، كان كأخ. وإن أخذ الثلث، فالباقي بينهم للذكر مثل حظ الانثيين، وقد يستوي الامران، فلا يكون فرق في الحقيقة، ولكن الفرضيون يتلفظون بالثلث، لانه أسهل. وإنما تكون القسمة أوفر إذا لم يكن معه إلا أخ، أو أخت، أو أخ وأخت، أو أختان، أو أختان، أو ثلاث أخوات، فهي خمس مسائل. وإنما يستويان، إذا لم يكن معهم إلا أخوان أو أخ وأختان، أو أربع أخوات. وفيما عدا ذلك، الثلث أوفر. وضابطه أن الاخوة والاخوات، إن كانوا مثليه، فالقسمة والثلث سواء. وإن كانوا دون مثليه، فالقسمة أوفر. وإن كانوا فوق مثليه، فالثلث أوفر. وإن كان معهم صاحب فرض - وأصحاب الفروض الوارثون مع الجد والاخوة ستة: البنت، وبنت لابن، والام، والجدة، والزوج، والزوجة - فإما أن لا يبقى بعد الفروض شئ، كبنتين وأم وزوج، فيفرض للجد السدس، ويزاد في العول. وإما أن يبقى السدس فقط، كبنتين وأم، فيصرف إلى الجد. وإما أن يبقى دون السدس، كبنتين وزوج، فيفرض للجد السدس، وتعال المسألة. وعلى هذه التقديرات الثلاثة يسقط الاخوة والاخوات. وإما أن يكون الباقي أكثر من السدس، فللجد خير الامور الثلاثة، وهي مقاسمة الاخوة والاخوات، وثلث ما يبقى، وسدس جميع المال. أما إذا كان معه إخوة وأخوات لابوين ولاب، فللجد خير الامرين إن لم يكن هناك ذو فرض، وخير الامور الثلاثة إن كان، كما إذا لم يكن إلا أحد الصنفين، لكن هنا يعد أولاد الابوين أولاد الاب على الجد في القسمة. ثم إذا أخذ الجد حصته، نظر، إن كان ولد الابوين عصبة، إما ذكرا، وإما ذكورا، وإما ذكورا وإناثا، فلهم كل الباقي، ولا شئ لولد الاب. وإن لم يكن عصبة، بل أنثى، أو إناث، فالاثنتان فصاعدا يأخذون إلى الثلثين ولا يبقى شئ،

(5/25)


فيسقط أولاد الاب، والواحدة تأخذ إلى النصف. فإن بقي شئ، فلاولاد الاب ذكورا كانوا أو إناثا للذكر مثل حظ الانثيين. فرع إذا كان الصنفان معه وكان غير القسمة خيرا له، بأن كان معه أخت للابوين، وأخوان، أو أربع أخوات فصاعدا للاب، فللجد الثلث. قال بعض الفرضيين: يجعل الباقي بين ولد الابوين وولد الاب، ثم يرد ولد الاب على ولد الابوين قدر فرضه. قال ابن اللبان: والصواب، أن يفرض للاخت للابوين النصف، ويجعل الباقي لاولاد الاب. فرع فرق فيما ذكرناه بين أن يتمحض مع الجد إخوة أو أخوات، أو يختلطوا، فالجد في الاحوال كلها كأخ، والاخوات معه كهن مع أخ، فلا يفرض لهن معه، ولا تعال مسألة بسببهن، بخلاف الجد حيث فرضنا له وأعلنا، لانه صاحب فرض بالجدودة، فرجع إليه لضرورة. وهذا أصل مطرد، إلا في المسألة الاكدرية، وهي زوج، وأم، وجد، وأخت للابوين أو للاب، فللزوج النصف، وللام الثلث، وللجد السدس، ويفرض للاخت النصف، وتعول من ستة إلى تسعة، ثم يجمع نصيب الاخت والجد، ويجعل بينهما أثلاثا. وتصح من سبعة وعشرين، للزوج تسعة، وللام ستة، وللاخت أربعة، وللجد ثمانية. ويمتحن بها فيقال: وراث أربعة، أخذ أحدهم ثلث المال، والثاني ثلث الباقي، والثالث ثلث الباقي، والرابع الباقي. ولو كان بدل الاخت أخ، سقط، إذ لا فرض له. ولو كانت أختان، فللزوج النصف، وللام السدس، وللجد السدس، والباقي لهما، ولاعول، وبالله التوفيق.
الباب الرابع : في الحجب هو نوعان، حجب نقصان - كحجب الولد الزوج من النصف إلى الربع،

(5/26)


والزوجة من الربع إلى الثمن، والام من الثلث إلى السدس - وحجب حرمان، وهو المقصود بالذكر، فالورثة قمان قسم لا يتوسط بينهم وبين الميت غيرهم، وهم: الابوان، والزوجان، والاولاد، فهؤلاء لا يحجبهم أحد. وقسم يتوسط بينهم وبينه غيرهم، وهم ثلاثة أضرب. الضرب الاول: المنتسبون إلى الميت من جهة العلو، وهم الاصول. فالجد لا يحجبه إلا الاب، وكذلك كل جد يحجب من فوقه. وأما الجدات، فقد يحجبهن غيرهن، وقد يججب بعضهن بعضا. فأما الاول، فالام تحجب كل جدة، سواء كان من جهتها، أو من جهة الاب، كما يحجب الاب كل من يرث بالابوة، والاب يحجب كل جدة من جهته، وكذا كل جد يحجب أم نفسه وأم آبائه، ولا يحجب أم من دونه، والاب والاجداد لا يحجبون الجدة من جهة الام قريبة كانت أو بعيدة بالاجماع. وأما حجب بعضهن، فالقربى من كل جهة تحجب البعدى من تلك الجهة، وهذا من جهة الام لا يكون إلا والبعدى مدلية بالقربى، ومن جهة الاب قد يكون كذلك، فالحكم كمثل، وقد لا يكون، كأم الاب، وأم أب الاب، ففيه اختلاف عن الفرضيين، والذي ذكره البغوي وغيره: أن القربى تحجب البعدى أيضا. قلت: هذا هو الصحيح المعروف. والله أعلم. ولو كانت البعدى مدلية بالقربى، لكن البعدى جدة من جهة أخرى، فلا وتحجب.

(5/27)


مثاله: لزينب بنتان، حفصة، وعمرة، ولحفصة ابن، ولعمرة بنت بنت، فنكح الابن بنت بنت خالته، فأتت بولد، فلا تسقط عمرة التي هي أم أم أمه أمها، لانها أم أم أبي المولود. فرع القربى من جهة الام، كأم الام، تحجب البعدى من جهة الاب، كأم أم الاب، كما أن الام تحجب أم الاب. والقربى من جهة الاب، كأم الاب، هل تحجب البعدى من جهة الام، كأم أم الام ؟ فيه قولان. أظهرهما: لا، لان الاب لا يحجبها، فأمه المدلية به أولى. وعلى هذا القياس نقل البغوي أن القربى من جهة أمهات الاب، كأم أم الاب، تسقط البعدى من جهة آباء الأب، كأم أم أبي الاب، وأم أبي أبي الاب، والقربى من جهة آباء الاب، كأم أبي الاب، هل تسقط البعدى من جهة أمهات الاب، كأم أم أم الاب ؟ فيه القولان الضرب الثاني: المنتسبون إليه من جهة السفل، فابن الابن لا يحجبه إلا الابن، وبنت الان يحجبها الابن، وكذا بنتا صلب، إلا أن يكون معها أو أسفل منها ذكر يعصبها، وكذا بنات ابن الابن يسقطهن ابن الابن، ويسقطن أيضا إذا استكمل بنات الابن الثلثين، إلا أن يكون معهن أو أسفل منهن من يعصبهن، وكذا إن كانت بنت صلب، وبنت ابن، أو بنات ابن، وعلى هذا القياس. الضرب الثالث: المنتسبون إليه على الطرف، فالاخوة والاخوات للام يحجبهم أربعة: الولد، وولد الابن، والاب، والجد. والاخ للابوين يحجبه الاب، والابن، وابن الابن بالاجماع، وقد سبق وجه: أن الجد أيضا يسقطه. والاخت للابوين، لا يحجبها أيضا إلا هؤلاء. والاخ للاب يحجبه هؤلاء والاخ للابوين. والاخت للاب يحجبها الاربعة. وكذلك إذا استكملت الاخوات للابوين الثلثين، سقطت الاخوات للاب، إلا أن يكون معهن معصب وابن الاخ للابوين يحجبه ستة: الابن، وابن الابن، والاب، والجد، والآخ للابوين، والاخ

(5/28)


للاب. وابن الاخ للاب يحجبه هؤلاء، وابن الاخ للابوين. والعم للابوين يحجبه هؤلاء، وابن الاخ للاب. والعم للاب يحجبه هؤلاء، والعم للابوين. وابن العم للابوين يحجبه هؤلاء، والعم للاب. وابن العم للاب يحجبه هؤلاء، وابن العم للابوين. والمعتق يحجبه عصبات النسب. وكل عصبة يحجبه أصحاب الفروض المستغرقة. فرع جميع ما ذكرناه من الحجب، هو فيما إذا كان الحاجب وارثا من الميت. فإن لم يرث، نظر، إن كان امتناع الارث لنقص، كالرق وغيره من الموانع، فلا يحجب، لاحجب حرمان، ولا حجب نقصان. وإن كان لا يرث لتقدم غيره عليه، فقد يحجب غيره حجب نقصان، وذلك في صور. إحداها: مات عن أبوين وأخوين، فللام السدس، والباقي للاب، لانهما يسقطان به. الثانية: أم، وجد، وأخوان لام، للام السد س، والباقي للجد. الثالثة: أب، وأم أب، وأم أم، فتسقط أم الاب بالاب، وفيما ترثه أم الام وجهان. أصحهما: السدس. والثاني: نصف السدس. الرابعة: إذا ترك جدا، وأخا لابوين، وأخا لاب، ينقص بالاخ للاب نصيب الجد، ولا يأخذ شيئا. قلت: وصورة خامسة: أم، وأخ لابوين، وأخ لاب. والله أعلم.

(5/29)


الباب الخامس : في بيان مانع الميراث هو خمسة. المانع الاول: اختلاف الدين، وفيه مسائل. الاولى: لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم، ولا فرق بين النسيب والمعتق والزوج، ولا بين من يسلم قبل القسمة أم لا. الثانية: يرث الكفار بعضهم بعضا، كاليهودي من النصراني، والنصراني من المجوسي، والمجوسي الحربي من الوثني، وبالعكوس عن ابن خيران وغيره وجه: أنه لا ترث ملة منهم من أخرى. والصحيح المعروف، هو الاول. هذا إذا كان اليهودي والنصراني مثلا ذميين أو حربيين، سواء كان الحربيان مختلفي الدار أو متفقيها، كالروم والهند. فلو كان أحدهما ذميا، والآخر حربيا، فطريقان.

(5/30)


المذهب وبه قطع الاكثرون: لا يتوارثان، لانقطاع الموالاة بينهما، وربما نقل الفرضيون الاجماع على هذا. والثاني: على قولين حكاهما الامام وغيره، ثانيهما: التوارث، لشمول الكفر. والمعاهد والمستأمن، هل هما كالذمي، أم كالحربي ؟ فيه وجهان. أصحهما وهو المنصوص: كالذمي، لانهما معصومان بالعهد والامان. فعلى هذا، يتوارث الذمي والمستأمن. وعلى الآخر: في التوارث بينهما الطريقان، ويتوارث هو والحربي. فرع مات يهودي ذمي عن ابن مثله، وابن نصراني ذمي، وابن يهودي معاهد، وابن يهودي حربي، فالمذهب: أن التركة لجميعهم، غير الحربي، ويجئ في الحربي وجه: أنه يرث، وفي الآخرين وجه بالمنع، سوى الاول. الثالثة: لا يرث المرتد أحدا، ولا يرثه أحد، وماله فيئ، سواء كسبه في الاسلام أو في الردة، وسواء في المرتد المعلن والزنديق والمستسر، ولا ينزل التحاقه بدار الحرب منزلة موته. المانع الثاني: الرق. فلا يرث رقيق وإن عتق قبل القسمة، ولا يورث رقيق، إذ لا ملك له، وإذا قلنا: يملك بتمليك السيد، فملكه غير مستقر، يعود إلى السيد إذا زال ملكه عن رقبته. وسواء في ذلك القن والمكاتب والمدبر وأم الولد، فلا يرثون ولا يورثون.

(5/31)


فرع المعتق بعضه، لا يرث على الصحيح المنصوص الذي قطع به الاصحاب. وعن المزني وابن سريج: أنه يرث بقدر ما فيه من الحرية. وهل يورث ؟ قولان. القديم: لا، والجديد: نعم، لانه تام الملك. قلت: الجديد، هو الاظهر عند الاصحاب. والله أعلم. فعلى القديم: فيما ملكه بحريته، وجهان. أصحهما عند الاكثرين وهو نصه في القديم: أنه لمالك الباقي. والثاني: أنه لبيت المال، وهو منسوب إلى الاصطخري، ونقله الفرضيون عن ابن سريج وقالوا: هو الاصح. وعلى الجديد: يرثه قريبه أو معتقه. قلت: وزوجته. والله أعلم. وفي القدر الموروث، وجهان. أصحهما: جميع ما ملكه بنصفه الحر. والثاني أنه يقسط ما ملكه بحريته على مالك الباقي والورثة بقدر رقه وحريته. فإن كان نصفه حرا، فنصف ذلك للورثة، ونصفه لمالك باقيه، لان الموت حل جميع البدن، والبدن منقسم إلى رق وحرية. المانع الثالث: القتل، وهو ضربان. أحدهما: مضمون، وهو موجب للحرمان، سواء ضمن بقصاص أو دية أو كفارة، كمن رمى صف الكفار ولم يعلم فيهم مسلما، فقتل قريبه المسلم، تجب الكفارة، ولا دية، وسواء كان القتل عمدا أو خطأ. وحكى الحناطي قولا أن المخطئ يرث مطلقا، والمشهور الاول. وسواء كان الخطأ بمباشرة، كمن رمى صيدا فأصاب مورثه، أو بالسبب، كمن حفر بئرا عدوانا فسقط فيها مورثه، أو وضع حجرا في الطريق فتعثر به مورثه. وسواء قصد بالتسبب مصلحته، كضرب الاب والزوج والمعلم للتأديب، وكسقيه الدواء وبط جرحه للمعالجة إذا مات به الصبي أو

(5/32)


غيره، أو لا يقصد. وفي بط الجرح وسقي الدواء وجه حكاه ابن اللبان وغيره: أنه لا يمنع. وعن صاحب التقريب وجه في مطلق القتل بالتسبب: أنه لا يمنع، والصحيح الذعليه الاصحاب الاول. وسواء صدر القتل من مكلف أو غيره، ويجئ في الصبي وجه يتخرج من القول الذي حكاه الحناطي في المخطئ إذا قلنا: عمد الصبي خطأ. وسواء فيه المكره والمختار، وفي المكره خلاف، والمذهب المنع. الضرب الثاني: قتل غير مضمون، وهو قسمان. مستحق مقصود، وغيره. والاول نوعان. أحدهما: ما لا يسوغ تركه. فإذا قتل الامام مورثه حدا بالرجم، أو في المحاربة، ففي منعه أوجه. الثالث: إن ثبت بالبينة، منع. وإن ثبت بالاقرار، فلا، لعدم التهمة. قلت: الاصح المنع مطلقا، لانه قاتل. والله أعلم. النوع الثاني: ما يسوغ تركه، كالقصاص، فيه خلاف مرتب على قتل الامام حدا، وأولى بالحرمان. ولو شهد على مورثه بما يوجب الحد أو القصاص، فقتل بشهادته، أو شهد على إحصانه، وشهد غيره بالزنا، أو زكى الشهود بالزنا على مورثه، فهو كما إذا قتله قصاصا. القسم الثاني: ما لا يوصف بأنه مستحق مقصود، كقتل الصائل والباغي، ففيه خلاف مرتب على القصاص، وأولى بالحرمان، والباغي أولى بالحرمان من العادل. والمذهب وظاهر نص الشافعي رضي الله عنه في الصور كلها: منع الارث. قال الروياني: لكن القياس والاختيار: أن ما لا ضمان فيه لا يمنع. فرع قد يرث المقتول من قاتله، بأن جرح مورثه ثم مات قبل المجروح. المانع الرابع: استبهام وقت الموت. فإذا مات متوارثان بغرق، أو حريق، أو تحت هدم، أو في بلاد غربة، أو وجدا قتيلين في معركة، فله خمس صور. إحداها: أن نعلم سبق موت أحدهما بعينه، وحكمه ظاهر.

(5/33)


الثانية: أن نعلم التلاحق ولا نعلم السابق. الثالثة: أن نعلم وقوع الموتتين معا. الرابعة: أن لا نعلم شيئا، ففي هذه الصور الثلاث لا نورث أحدهما من صاحبه، بل نجعل مال كل واحد لباقي ورثته، لانا لا نتيقن استحقاق واحد منهما، ولانا إن ورثنا أحدهما فقط، فهو تحكم. وإن ورثنا كلا من صاحبه، تيقنا الخطأ. وقيل: إذا تلاحق الموتان، ولم يعلم السابق، أعطي كل وارث لهم ما يتيقن له، ويوقف المشكوك فيه، قاله ابن اللبان، وحكاه عن ابن سريج. والصحيح المعروف الاول، وهو أنه لا فرق، ويصرف الجميع إلى الورثة. الخامسة: أن يعلم سبق موته، ثم يلتبس، فيوقف الميراث حتى يتبين أو يصطلحا، لان التذكر غير مأيوس منه، هذا هو الصحيح الذي عليه الاصحاب. وفيه وجه: أنه كما لو لم يعلم السابق، وإليه ميل الامام. المانع الخامس: الدور، وهو أن يلزم من التوريث عدمه. ومثاله: أقر الاخ بابن لاخيه الميت، ثبت نسبه ولا يرث، وقد سبقت المسألة في كتاب الاقرار. ولو أوصى بعبده لابي العبد، فمات الاب قبل القبول، وقبلها أخوه، يعتق العبد ولا يرث، وسيأتي بيانها في كتاب الوصية إن شاء الله تعالى. ولو اشترى المريض أباه، عتق ولم يرث. ولو ادعى شخص نسبا على ورثه ميت، فأنكروا ونكلوا عن

(5/34)


اليمين، حلف وورث معهم إن لم يحجبهم. وإن كان يحجبهم، فوجهان. أصحهما: لا يرث، وإلا، لبطل نكولهم ويمينه. ولو ملك أخاه، ثم أقفي مرض موته أنه كان أعتقه في الصحة، قال البغوي: ينفذ، ثم إن صححنا الاقرار للوارث، ورثه، وإلا، فلا، لان توريثه يوجب إبطال الاقرار بحريته. وإذا بطلت، بطل الارث.
الباب السادس : في أسباب تمنع صرف المال إليه في الحال للشك في استحقاقه هي أربعة: السبب الاول: الشك في الوجود، كمن مات وله قريب مفقود لا يعلم حياته ولا موته، وفيه مسألتان. إحداهما: في التوريث منه. فالمفقود: الذي انقطع خبره وجهل حاله في سفر أو حضر، في قتال أو عند انكسار سفينة أو غيرهما، وله مال - وفي معناه: الاسير الذي انقطع خبره - فإن قامت بينة على موته، قسم ميراثه، وإلا، فوجهان. أحدهما وهو اختيار أبي منصور وغيره: أنه لا يقسم ماله حتى يتحقق حاله. وأصحهما وبه قطع الاكثرون: أنه إذا مضت مدة يحكم الحاكم بأن مثله لا يعيش فيها، قسم ماله، وهذه المدة ليست مقدرة عند الجمهور. وفي وجه شاذ: تتقدر بسبعين سنة، ويكفي ما يغلب على الظن أنه لا يبقى إليه، ولا يشترط القطع بأنه لا يعيش أكثر منها على الصحيح. وقيل: يشترط. ويجوز أن يراد بهذا القطع غلبة الظن. ثم إن كانت القسمة بالحاكم، فقسمته تتضمن الحكم بالموت، وإن اقتسموا بأنفسهم، فظاهر كلام الاصحاب في اعتبار حكمه مختلف، فيجوز أن يقال: فيه خلاف، إن اعتبرنا القطع، فلا حاجة إلى الحكم، وإلا، فلا بدمنه، لانه في محل الاجتهاد. وإذا مضت المدة المعتبرة، وقسم ماله، فهل لزوجته أن تتزوج ؟ ففهوم كلام الاصحاب دلالة وصريحا: أن لها ذلك، وأن المنع على قوله الجديد مخصوص بما قبل هذه

(5/35)


المدة. ألا ترى أنهم ردوا على القول القديم حيث قالوا: إذا لم يجز الحكم بموته في قسمة ماله وعتق أمهات أولاده، لم يجز الحكم به في فراق زوجته، فأشعر بأنهم رأوا الحكمين متلازمين. وعلى هذا، فالعبد المنقطع الخبر بعد هذه المدة، لا تجب فطرته، ولا يجزئ عن الكفارة بلا خلاف. وموضع القولين ما قبل ذلك. ثم إنا ننظر إلى من يرثه حين حكم الحاكم بموته، ولا يورث منه من مات قبيل الحكم ولو بلحظة، لجواز أن يكون موت المفقود بين موته وبين حكم الحاكم. وأشار العبادي في الرقم إلى أنه لا يشترط أن يقع حكم الحاكم بعد المدة، فقال: يضرب له الحاكم مدة لا يعيش في الغالب أكثر منها، فإذا انتهت، فكأنه مات ذلك اليوم. المسألة الثانية: في توريثه. فإذا مات له قريب قبل الحكم بموته، نظر، إن لم يكن له وارث إلا المفقود، توقفنا حتى يبين أنه كان عند موت القريب حيا أو ميتا. وإن كان له وارث غير المفقود، توقفنا في نصيب المفقود، وأخذنا في حق كل واحد من الحاضرين بالاسوإ، فمن يسقط منهم بالمفقود، لا يعطى شيئا حتى يبين حاله، ومن ينقص حقه بحياته، يقدر في حقه حياته، ومن ينقص حقه بموته، يقدر في حقه موته. ومن لا يختلف نصيبه بحياته وموته، يعطى نصيبه. مثاله: زوج مفقود، وأختان لاب وعم حاضرون، فان كان حيا، فللاختين أربعة من سبعة، ولا شئ للعم. وإن كان ميتا، فلهما إثنان من ثلاثة، والباقي للعم، فيقدر في حقهم حياته. أخ لاب مفقود، وأخ لابوين وجد حاضران، فإن كان حيا، فللاخ الثلثان،

(5/36)


وللجد الثلث. وإن كان ميتا، فالمال بينهما بالسوية، فيقدر في حق الجد حياته، وفي حق الاخ موته. أخ لابوين مفقود، وأختان لابوين وزوج حاضرون، فإن كان حيا، فللزوج النصف، والباقي بينهم، فيكون للاختين الربع. وإن كان ميتا، فللزوج ثلاثة من سبعة، وللاختين أربعة من سبعة، فيقدر في الزوج موته، وفي حق الاختين حياته. ابن مفقود، وبنت وزوج، للزوج الربع كل حال. هذا الذي ذكرناه في كل الصور هو الصحيح وظاهر المذهب. وفي وجه: يقدر موته في حق الجميع، لان استحقاق الحاضرين معلوم، واستحقاقه مشكوك فيه. فان ظهر خلافه، غيرنا الحكم. وفيه وجه آخر: تقدر حياته في حق الجميع، لان الاصل حياته. فإن ظهر خلافه، غيرنا الحكم. السبب الثاني: الشك في النسب. فإذا أشكل نسب مولود، بأن وطئ اثنان فصاعدا امرأة بشبهة، فأتت بولد يمكن كونه من كل واحد، أو ادعى اثنان فصاعدا مجهولا، فسيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى: أنه لا يلحق إلا بواحد، بأن يعرض على القائف. فلو مات في زمن الاشكال، وقفنا من ماله ميراث أب. وإن مات أحد الواطئين، وقفنا من ماله ميراث المولود، وأخذنا في نصيب كل من يرث معه لو ثبت نسبة بالاسوإ، كما سبق في المفقود. السبب الثالث: الحمل، ونعني به كل حمل لو كان منفصلا، لورث منه، إما مطلقا، وإما على تقدير. وهذا الحمل، قد يكون من الميت ويرث لا محالة، وقد يكون من غيره، كما إذا كانت أمه حاملا من غير أبيه، أو من أبيه والاب ميت، أو ممنوع برق ونحوه، وكذا زوجة ابنه أو أخيه أو جده والحمل من غيره، قد لا يرث إلا على تقدير الذكورة، كحمل امرأة الاخ والجد، وقد لا يرث إلا على تقدير الانوثة، كما إذا ماتت عن زوج وأخت لابوين وحمل من الاب، وفيه فصلان. الفصل الاول: فيما بعد الانفصال، وإنما يرث بشرطين. أحدهما: أن يعلم وجوده عند الموت فإذا كان الحمل منه، وانفصل لما بين

(5/37)


موته وبين أكثر مدة الحمل، ورث، لثبوت نسبه، وإن انفصل لما بعد ذلك، لم يرث. وإن كان من غيره، نظر، إن لم يكن لها زوج يطؤها، فالحكم كما لو كان منه قطعا. وإن كان زوج يطؤها، فان انفصل قبل تمام ستة أشهر من وقت الموت، فقد علم وجوده حينئذ. وإن انفصل لستة أشهر فأكثر، لم يرث، لاحتمال أن العلوق حصل بعده، إلا أن وعترف جميع الورثة بوجوده عند الموت. وإذا مات حر عن أب رقيق تحته حرة حامل، فان ولدت قبل ستة أشهر من يوم الموت، ورث المولود من أخيه، لان الاب رقيق لا يحجبه. وإن ولدت لستة أشهر فصاعدا، لم يرث، لاحتمال حدوث العلوق بعد الموت، إلا أن يتفقوا على وجوده يومئذ، وينبغي أن يمسك الاب عن الوطئ حتى يظهر الحال. قال الامام: ولا يحرم الوطئ. الشرط الثاني: أن ينفصل حيا، فان انفصل ميتا، فكأن لا حمل، سواء كان يتحرك في البطن، أم لا، وسواء انفصل ميتا بنفسه أو بجناية وإن كانت الجناية جوجب الغرة، وتصرف الغرة إلى ورثة الجنين، لان إيجاب الغرة لا يتعين له تقدير الحياة، ألا ترى إلى قول الاصحاب: الغرة إنما وجبت لدفع الجاني الحياة مع تهيؤ الجنين لها، وبتقدير أن يكون وجوب الغرة بتقدير الحياة، فالحياة مقدرة في حق الجاني فقط تغليظا، فتقدر في توريث الغرة فقط. واعلم أنه تشترط الحياة عند تمام الانفصال. فلو خرج بعضه حيا، ومات قبل تمام الانفصال، فهو كما لو خرج ميتا في الارث وسائر الاحكام. حتى لو ضرب بطنها بعد خروج بعضه، وانفصل ميتا، فالواجب الغرة دون الدية. هذا هو الصحيح الذي عليه الجماهير. وعن القفال وغيره: أنه إذا خرج بعضه حيا، ورث وإن انفصل ميتا، وبه قال أبو خلف الطبري من أصحابنا. ولو مات عقب انفصاله حيا حياة مستقرة، ورث، ونصيبه لورثته. وتعلم الحياة المستقرة: بصراخه، وكذا بالبكاء، أو العطاس، أو التثاؤب، أو امتصاص الثدي، لدلالتها على الحياة. وحكى الامام اختلاف قول في الحركة

(5/38)


والاختلاج، ثم قال: وليس موضع القولين ما إذا قبض اليد وبسطها - فان هذه الحركة تدل على الحياة قطعا - ولا الاختلاج الذي يقع مثله لانضغاط وتقلص عصب فيما أظن، وإنما الاختلاف فيما بين هاتين الحركتين. والظاهر: كيفما قدر الخلاف: أن ما لا تعلم به الحياة، ويمكن أن يكون مثله لانتشار بسبب الخروج من المضيق أو لاستواء عن التواء، فلا عبرة به، كما لا عبرة بحركة المذبوح. فرع لو ذبح رجل، فمات أبوه وهو يتحرك، لم يرثه المذبوح على الصحيح. وحكى الروياني وجها: أنه يرث. وحكى الحناطي قريبا منه عن المزني. قلت: هذا الوجه غلط ظاهر، فان أصحابنا قالوا: من صار في حال النزع، فله حكم الميت، فكيف الظن بالمذبوح والله أعلم. الفصل الثاني: فيما قبل الانفصال، ومتى ظهرت مخايل الحمل، فلا بد من التوقف كما سنفصله إن شاء الله تعالى. وإن لم تظهر مخايله، وادعت المرأة الحمل، ووصفت علامات خفية، ففيه تردد للامام. والظاهر: الاعتماد على قولها. وطرد التردد فيما إذا لم تدعه لكنها قريبة عهد بالوطئ واحتمال الحمل قريب. إذا عرف هذا، فان لم يكن للميت وارث سوى الحمل المنتظر، وقفنا المال إلى أن ينفصل. وإن كان له وارث آخر، ففي وجه حكاه الفوراني، وحكاه الشيخ أبو خلف قولا عن رواية الربيع: أنه يوقف جميع المال. والصحيح المشهور: أنه لا

(5/39)


يوقف الجميع، بل ينظر في الورثة الظاهرين، فمن احتمل حجبه بالحمل، لم يدفع إليه شئ ومن لا يحجبه الحمل بحال وله مقدر لا ينقص، دفع إليه. وإن أمكن العول، دفع إليه ذلك القدر عائلا. مثاله: زوجة حامل، وأبوان، يدفع إليها ثمن عائل، وإليهما سدسان عائلان، لاحتمال أن الحمل بنتان. وإن لم يكن له نصيب مقدر كالاولاد، فالصرف إليهم مبني علو أن أقصى عدد الحمل هل له ضبط ؟ وفيه وجهان. الاصح أو الصحيح: أنه لا ضبط له، وبه قال شيخا المذهب: أبو حامد، والقفال، والعراقيون، والصيدلاني، والقاضي حسين، لانه وجد خمسة في بطن واثنا عشر في بطن. والثاني: أن أقصى الحمل أربعة، وبهذا قطع ابن كج والغزالي، وجعله الفرضيون قياس قول الشافعي رضي الله عنه، وأرادوا أن الشافعي رضي الله عنه، يتبع في مثل ذلك الوجود، وأكثر الذي وجد أربعة، لكن هذا الذي قالوه مشكل بما نقله الاولون فعلى الاول: لو خلف ابنا وأم ولد حاملا، لم يصرف إلى الابن شئ. ولو خلف ابنا وزوجة حاملا، فلها الثمن، ولا يدفع إلى الابن شئ. وعلى الثاني: له الخمس أو خمس الباقي على تقدير أنهم أربعة ذكور. وعلى هذا، هل يمكن الذين صرف إليهم حصتهم من التصرف فيها ؟ وجهان. أصحهما: نعم، وإلا، لم يدفع إليهم. والثاني: المنع، قال القفال: لانه قد يهلك الموقوف للحمل، فيحتاج إلى الاسترداد، والحاكم وإن كان يلي أمر الاطفال، فلا يلي أمر الاجنة، فلا يمكن حمل ما جرى على القسمة. ثم الموقوف للحمل على الوجه الثاني، قد يكون بتقدير الذكورة أكثر، وقد يكون بتقدير الانوثة أكثر، بأن خلفت زوجا وأما حاملا من أبيها، فإن كان الحمل ذكرا، فله سدس المال. وإن كانوا ذكورا، فثلث المال. وإن كان أنثيين، عالت المسألة إلى ثمانية، فيدفع إلى الزوج ثلاثة من ثمانية، وإلى الام سهم، ويوقف أربعة. فرع مات كافر عن زوجة حامل، وقفنا الميراث للحمل، فأسلمت، ثم ولدت، ورث الولد وإن كان محكوما بإسلامه لانه كان محكوما بكفره يوم الموت. فرع مات عن ابن وزوجة حامل، فولدت ابنا وبنتا، فاستهل أحدهما ووجدا ميتين، ولم يعلم المستهل، أعطي كل وارث أقل ما يصيبه، ويوقف الباقي

(5/40)


حتى يصطلحوا، أو تقوم بينة. السبب الرابع: الخنوثة سبق في كتاب الطهارة، بيان ما تعرف به ذكورته وأنوثته. فلو مات له مورث في مدة إشكاله، نظر، إن لم يختلف ميراثه بالذكورة والانوثة، كولد الام والمعتق، ورث. وإن اختلف، أخذ في حق الخنثى ومن معه من الورثة باليقين، ويوقف المشكوك فيه، فان كان يرث على أحد تقديري الانوثة والذكورة، دون الآخر، لم يدفع إليه شئ، ووقف ما يرثه على ذلك التقدير. وكذا من يرث معه على أحد التقديرين. وإن كان الخنثى يرث على التقديرين، لكن يرث على أحدهما أقل، دفع إليه الاقل، ووقف الباقي، وكذلك في حق من يرث معه على التقديرين، ويختلف قدر ما يأخذه. وإن كان من معه يرث على التقديرين، ولا يختلف حقه، دفع إليه حقه. ولنا وجه: أنه يؤخذ في حق الخنثى باليقين، ويصرف الباقي إلى باقي الورثة، حكاه الاستاذ أبو منصور، ونسبه ابن اللبان إلى تخريج ابن سريج. وحكى وجهين، في أنه هل يؤخذ من باقي الورثضمين ؟ فرع المال الموقوف بسبب الخنثى، لا بد من التوقف فيه ما دام الخنثى باقيا على إشكاله. فان مات، فالمذهب: أنه لا بد من الاصطلاح عليه. وحكى أبو ثور عن الشافعي رضي الله عنه: أنه يرد إلى ورثة الميت الاول. فرع لو اصطلح الذين وقف المال بينهم على تساو أو تفاوت، جاز،

(5/41)


قال الامام: ولا بد أن يجري بينهما تواهب، وإلا لبقي المال على صورة التوقف، وهذا التواهب لا يكون إلا عن جهالة، لكنها تحتمل للضرورة. ولو أخرج بعضهم نفسه من البين، ووهبه لهم على جهل بالحال، جاز أيضا. فرع لو قال الخنثى في أثناء الامر: أنا رجل، أو قال: أنا امرأة، قطع الامام بأنه يقضى بقوله، ولا نظر إلى التهمة، فانه لا اطلاع عليه إلا من جهته. وحكى أبو الفرج السرخسي هذا عن نصه هنا، قال: ونص فيما إذا جني عليه واختلف الجاني والخنثى في ذكورة الخنثى: أن القول قول الجاني. ومنهم من نقل وخرج، ومنهم من فرق بأنا عرفنا هناك أصلا ثابتا، وهو براءة ذمة الجاني، فلا نرفعه بقوله، وهنا بخلافه. وإذا قبلنا قوله، حلفناه عليه. فرع في أمثلة مختصرة توضح مسائل الخنثى بنتان، وولد ابن خنثى، وأخ، للبنتين الثلثان، ويوقف الباقي. ولد خنثى، وأخ أو عم، للخنثى النصف، ويوقف الباقي. ولد خنثى، وابن، يعطى الابن النصف، والخنثى الثلث. ولد خنثى، وابنان، يعطى الخنثى الخمس، والابنان الثلثين. ولد خنثى، وبنت، وعم، يعطى الخنثى الثلث، وكذا البنت. زوج، وأب، وولد خنثى، للزوج الربع، وللاب السدس، وللخنثى النصف. زوج، وأم، وولد أب خنثى، للزوج النصف عائلا من ثمانية، وللام الثلث

(5/42)


عائلا، وللخنثى سدس تام. وإذا اجتمع ولدان خنثيان، فلهما الثلثان ويوقف الباقي. ثلاثة أولاد خناثى، وعم، لكل واحد من الخناثى خمس المال لاحتمال أنه أنثى وصاحباه ذكران. ابن وخنثيان، يدفع إليه الثلث، وإلى كل واحد منهما الخمس. ولد خنثى، وولد ابن خنثى، وعم، فللولد النصف. بنت، وبنت ابن، وولد ابن خنثى، وعم، للبنت النصف، ولولدي الابن السدس بالسوية. ثلاثة أولاد ابن خناثى بعضهم أسفل من بعض، للاول النصف. والباقي في كل هذه الصور يوقف حتى يبين الحال.
الباب السابع : في ميراث ولد الملاعنة وولد الزنا والمجوس فيه ثلاثة فصول.
الفصل الأول : اللعان يقطع التوارث بين الملاعن والولد، لانقطاع النسب، وكذا يقطع التوارث بين الولد وكل من يدلي بالملاعن، كأبيه وأمه وأولاده. وفي السلسلة للشيخ أبي محمد وجه مخرج: أن اللعان لا يقطع

(5/43)


التوارث بين الولد والملاعن، بناء على الوجهين في أن الملاعن هل له نكاح البنت التي نفاها باللعان إذا لم يدخل بأمها ؟ إن قلنا: له ذلك كنكاح بنت الزنا، فلا يرث، وإن منعناه لان نسبها يعرض الثبوت، بأن يكذب نفسه، ورث، ولا يعرف هذا الوجه لغيره. قلت: هذا الوجه غلط، لانه في الحال لا نسب. والله أعلم. وأما الولد مع الام، فيتوارثان ثوارث سائر الاولاد والامهات. والتوأمان المنفيان باللعان في توارثهما وجهان. الاصح: لا يتوارثان إلا بقرابة الام، لانقطاع نسب الاب. والثاني: يتوارثان بأخوة الابوين، لان اللعان يؤثر في حق المتلاعنين فقط، فإذا قلنا بالاول، فلا عصبة للمنفي إلا من صلبه، أو بالولاء بأن يكون عتيقا أو أمه عتيقة، فيثبت الولاء لمولاها عليه، وعصبة الام لا يكونون عصبة له. فرع إذا نفاه ثم استلحقه، لحقه. فان كان بعد موت الولد، فكذلك، وتنقض القسمة إن كانت تركته قسمت. حتى لو كان على أمه ولاء، فأخذ مولاها ميراثه، كان للمستلحق استرداده، ولا فرق في اللحوق بين أن يخلف الميت ولدا، أم لا.
الفصل الثاني : ولد الزنا كالمنفي باللعان، إلا في ثلاثة أشياء. أحدها: أن الوجه المنقول عن السلسلة، لا يجئ هنا قطعا. والثاني: أن ولد الزنا لا يلحق بالاستلحاق. الثالث: التوأمان من الزنا لا يتوارثان إلا بأخوة الام قطعا. وفي وجه حكاه الحناطي وصاحب الحاوي: يتوارثان بأخوة الابوين. قلت: هذا الوجه غلط فاحش، قال الامام: ولو علقت بتوأمين من واطئ بشبهة، ثم جهل الواطئ، توارثا بأخوة الابوين بلا خلاف. والله أعلم.
الفصل الثالث : فيما إذا اجتمع في شخص قرابتان، منع الشرع من مباشرة سبب اجتماعهما، كأم هي أخت، وذلك يقع في المجوس، لاستباحتهم نكاح

(5/44)


المحارم، وربما أسلموا بعد ذلك، أو ترافعوا إلينا، وقد يتفق في المسلمين نادرا بغلط واشتباه، والحكم أنه لا توريث بالقرابتين، بل يورث بأقواهما. وفي وجه: يرث بهما إن كانتا بحيث لو كانتا في شخصين ورثا معا، وبه قال ابن سريج، وابن اللبان. والصحيح: الاول، ويعرف الاقوى بكل واحد من أمرين. أحدهما: أن تحجب إحداهما الاخرى، كبنت هي اخت لام، أن يطأ أمه فتلد بنتا. والثاني: أن لا تحجب إحداهما أصلا، أو يكون حجبها أقل، فالاول: كأم هي أخت. والثاني: كأم أم هي أخت، فترث بالامومة أو الجدودة، دون الاخوة، وعن ابن اللبان وجه: أنها ترث في الصورة الثانية بالاخوة، دون الجدودة، لان نصيب الاخت أكثر، وليجبر هذا في أخوات الصورة. والصحيح المعروف: الاول، ولا يرثون بالزوجية بلا خلاف، لبطلانها.
الباب الثامن : في الرد وذوي الأرحام أصل المذهب فيهما وما اختاره الاصحاب لضرورة فساد بيت المال، ذكرناه في أول الكتاب. فإذا قلنا بالرد، فمقصود الفتوى منه أنه إن لم يكن ممن يرد عليه من ذوي الفروض إلا صنف، فإن كان شخصا واحدا، دفع إليه الفرض، والباقي بالرد. وإن كانوا جماعة، فالباقي بينهم بالسوية. وإن اجتمع صنفان فأكثر، رد الفاضل عليهم بنسبة سهامهم. وأما الحساب وتصحيح المسائل، فيذكر إن شاء الله تعالى في باب الحساب. فصل وأما توريث ذوي الارحام، فالذاهبون إليه منا اختلفوا في كيفيته، فأخذ بعضهم بمذهب أهل التنزيل، وبه قطع ابن كج وصاحب المهذب والامام، لان القائلين ممن ورثهم من الصحابة فمن بعدهم رضي الله عنهم أكثر،

(5/45)


ومنهم من أخذ بمذهب أهل القرابة، وهو مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه، وبه قطع البغوي والمتولي، وسمي الاولون: أهل التنزيل، لتنزيلهم كل فرع منزلة أصله، وسمي الآخرون: أهل القرابة، لانهم يورثون الاقرب فالاقرب كالعصبات. قلت: الاصح الاقيس: مذهب أهل التنزيل. وللقائلين بتوريث ذوي الارحام، مذاهب غير هذين، لكن الذي اختاره أصحابنا منها هذان. والله أعلم. والمذهبان متفقان على أن من انفرد من ذوي الارحام، يحوز جميع المال ذكرا كان أو أنثى، وإنما يظهر الاختلاف عند اجتماعهم. وبيان ذلك في طرفين. الطرف الاول: فيما إذا انفرد صنف منهم، فمن الاصناف: أولاد البنات، وبنات ابنة الابن، فأهل التنزيل ينزلونهم منزلة البنات وبنات الابن، ويقدمون منهم من سبق إلى الوارث، فان استووا في السبق إلى الوارث، قدر كأن الميت خلف من يدلون به من الورثة واحدا كان أو جماعة، ثم يجعل نصيب كل واحد للمدلين به على حسب ميراثهم لو كان هو الميت، وقال أهل القرابة: إن اختلفت درجاتهم، فالاقرب إلى الميت أولى ذكرا كان أو أنثى، فتقدم بنت البنت على بنت بنت البنت، وعلى ابن بنت البنت. وإن لم تختلف، فان كان فيهم من يدلي بوارث، فهو أولى، فتقدم بنت بنت الابن على بنت بنت البنت. هذا إذا أدلى بنفسه إلى الوارث، أما إذا أدلى بواسطة، كبنت بنت بنت الابن مع بنت بنت بنت البنت، فلاصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه، فيه اختلاف. والصحيح عندهم: أن لا ترجيح. ومقتضى ما ذكره أصحابنا، الترجيح، كما لو أدلى بنفسه. وإن استووا في الادلاء، ورثوا جميعا. وكيف يرثون ؟ اختلف فيه أبو يوسف ومحمد، فقال أبو يوسف:

(5/46)


يعتبرون بأنفسهم. فإن كانوا ذكورا أو إناثا، سوي بينهم. فان اختلطوا، فللذكر مثل حظ الانثيين. وقال محمد: ينظر في المتوسطين بينهم وبين الميت من ذوي الارحام. فان اتفقوا ذكورة وأنوثة، فالجواب كذلك. وإن اختلفوا، فاما أن يكون الاختلاف في بطن واحد، وإما في أكثر. فان كان في بطن، قسمنا المال بين بطن الاختلاف، وجعلنا كل ذكر بعدد أولاده الذين يقسم ميراثهم ذكورا، وكل أنثى بعدد أولادها الذين يقسم ميراثهم إناثا، ويقسم المال بين الذكور والاناث الحاصلين من هذا التقدير للذكر مثل حظ الانثيين، ثم أصاب كل واحد من الصنفين، يقسم بين أولاده للذكر مثل حظ الانثيين. وإن كان الاختلاف في أكثر من بطن، قسم المال بين أعلى بطون الاختلاف كما ذكرنا، ثم ما أصاب كل واحد من الصنفين، قسم على أولاده الذين فيهم الاختلاف على النحو المذكور في البطن الاول، وهكذا يفعل حتى تنتهي القسمة إلى الاحياء. قال الناقلون: كل واحد من أبي يوسف ومحمد، يدعي أن قوله قول أبي حنيفة رضي الله عنه، والاكثرون صدقوا محمدا، لكن متأخروهم يفتون بقول أبي يوسف، وكذلك قال البغوي والمتولي: إنه أظهر الروايتين. والمذهبان متفقان على تفضيل الذكر على الانثى في القسمة. وفي التتمة وجه آخر: أنه يسوى بين الذكر والانثى، قال: وهو اختيار الاستاذ أبي إسحق الاسفراييني. فرع في أمثلة توضح الغرض بنت بنت، وبنت بنت ابن، المنزلون يجعلون المال بينهما أرباعا بالفرض والرد، كما يكون بين البنت وبنت الابن، وأهل القرابة يجعلون الجميع لبنت البنت، لقربها. بنت ابن بنت، وبنت بنت ابن، المال للثانية بالاتفاق. أما على التنزيل، فلان السبق إلى الوارث هو المعتبر. وأما على القرابة، فلانه المعتبر عند استواء الدرجة.

(5/47)


بنت بنت، وابن، وبنت من بنت أخرى، المنزلون يجعلون المال من بنتي الصلب تقديرا بالفرض والرد، ثم يقولون: نصف البنت الاولى لبنتها، ونصف الاخرى لو لديها أثلاثا. وأهل القرابة يجعلون المال بين ثلاثتهم، للذكر مثل حظ الانثيين. ومحمد لا يخالف في هذه الصورة، وإنما يخالف فيما إذا اختلفت الاصول الذين هم من ذوي الارحام. ابن بنت، وبنت بنت أخرى، وثلاث بنات بنت أخرى، المنزلون يقولون: للابن الثلث، وللبنت الفردة كذلك، وللثلاث الثلث أثلاثا، وأهل القرابة يجعلون المال بينهم للذكر مثل حظ الانثيين. بنت بنت بنت، وبنت ابن بنت، عند المنزلين وأبي يوسف: المال بينهما بالسوية، وعند محمد: ثلث المال للاولى، وثلثاه للثانية. بنتا بنت بنت، وثلاث بنات ابن بنت أخرى، عند المنزلين: للبنتين النصف بالسوية، وللثلاث النصف أثلاثا، وعند أبي يوسف: المال بين الخمس بالسوية، وعند محمد: يقسم المال بين الذكر والانثى المتوسطين، ويقدر الذكر ثلاثة ذكور بعدد فروعه، والانثى اثنتين بعدد فرعيها، فيكون المال على ثمانية، حصة الذكر ستة، وهي لبناته بالسوية، وحصة الانثى سهمان، هما لبنتيها. بنت بنت بنت، وبنت بنت ابن بنت، وابن ابن ابن بنت، عند أبي يوسف: المال بينهم على أربعة، وعند محمد: يقسم المال أولا بين أعلى بطني الاختلاف، وفيه ابنان وبنت، فكل واحد منهما يعد واحدا، لان الفروع آحاد، فيكون المال بينهم على خمسة، حصة البنت سهم هو لبنت بنتها، وحصة الذكرين أربعة أسهم تقسم على ولديهما للاختلاف، وهما ابن وبنت على ثلاثة، وأربعة لا تنقسم على ثلاثة، فتضرب ثلاثة في خمسة، تكون خمسة عشر، كان للبنت في القسمة الاولى سهم، فلها الآن ثلاثة، وكان لكل واحد من الابنين سهمان، فيكون ستة. فيجمع بينهما، فيكون اثني عشر، يقسم بين ولديهما للذكر مثل حظ الاثنيين. فإذا لبنت بنت البنت ثلاثة من خمسة عشر، وللاخرى أربعة من خمسة عشر، وللابن الثمانية الباقية.

(5/48)


فصل ومن الاصناف، بنات الإخوة، وبنو الاخوة للأم، وأولاد الاخوات، فالمنزلون ينزلون كل واحد منزلة أبيه، أو أمه، ويرفعونهم عند التسفل بطنا بطنا، فمن سبق إلى وارث قدموه، فان استووا في الانتهاء إلى الوارث، قسم المال بين الاصول، فما أصاب كل واحد، قسم بين فروعه. وقال أهل القرابة: إن اختلفوا في الدرجة، قدم منهم الاقرب إلى الميت من أي جهة كان، حتى تقدم بنت الاخت للاب أو للام على بنت ابن الاخ من الابوين. وإن لم يختلفوا في الدرجة، فالاقرب إلى الوارث أولى من أي جهة كان، حتى تقدم بنت ابن الاخ من الاب على بنت ابن الاخت من الابوين. فان استووا فيه أيضا، فعند أبي حنيفة وأبي يوسف رضي الله عنهما: يقدم من كان من الابوين، ثم من كان من الاب، ثم من كان من الام، رعاية لقوة القرابة، ولا ينظر إلى الاصول ومن يسقط منهم عند الاجتماع ومن لا يسقط. وعند محمد: يقدم من كان من الابوين على من كان من الاب، ولا يقدم على من كان من جهة الام، اعتبارا بالاصول. فرع أولاد الاخوة والاخوات من الام، يسوى بينهم في القسمة عند الجمهور من المنزلين وأهل القرابة. قال الامام: وقياس المنزلين تفضيل الذكر، لانهم يقدرون أولاد الوارث كأنهم يرثون منه. وأما أولاد الاخوة والاخوات من الابوين ومن الاب، فيفضل ذكرهم عند المنزلين. وعن أبي حنيفة رضي الله عنه روايتان. أظهرهما وبها قال أبو يوسف: أن الجواب كذلك. والثانية وبها قال محمد: إنه يقسم المال بين الاصول أولا، ويؤخذ عددهم من الفروع، فما يصيب كل واحد منهم يجعل لفروعه كما سبق في أولاد البنات. فرع في أمثلته بنت أخت، وابنا أخت أخرى، وهما من الابوين، أو من الاب، عند المنزلين: نصف المال للبنت، ونصفه للابنين. وقال أهل القرابة: المال بينهم على خمسة. ثلاث بنات إخوة متفرقين. قال المنزلون ومحمد: السدس لبنت الاخ من الام، والباقي لبنت الاخ من الابوين، اعتبارا بالآباء. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف رضي الله عنهما: المال كله لبنت الاخ من الابوين. ثلاث بني أخوات متفرقات. قال المنزلون ومحمد: المال بينهم على

(5/49)


خمسة، كما يكون بين أمهاتهم بالفرض والرد. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف رضي الله عنهما: المال كله لابن الاخت من الابوين. ولو كان بدلهم ثلاث بنات أخوات متفرقات، كان جواب الفريقين كذلك. ولو اجتمع البنون الثلاثة والبنات الثلاث. قال المنزلون: المال بين أمهاتهم على خمسة بالفرض والرد، فنصيب الاخت من الابوين لو لديها أثلاثا، ونصيب الاخت من الاب كذلك، ونصيب الثالثة لو لديها بالسوية. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف رضي الله عنهما: الكل لولدي الاخت من الابوين. وقال محمد: يجعل كأن في المسألة ست أخوات، اعتبارا بعدد الفروع، فيكون للاخت من الام الثلث بتقديرها أختين، وللاخت من الابوين الثلثان بتقديرها أختين، فحصة كل واحدة لو لديها، هذه بالتفضيل، وتلك بالسوية. قال الامام: قد نظر محمد هنا إلى الاصول الوارثين، وفي أولاد البنات لم ينظر إلى الوارثين، وإنما نظر إلى بطون الاختلاف من ذوي الارحام كما سبق. ابن أخت من الابوين، وبنت أخ، كذلك عند المنزلين ومحمد: الثلثان لبنت الاخ، والثلث لابن الاخت. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف رضي الله عنهما بالعكس.
فصل ومن الاصناف، الاجداد الساقطون، والجدات الساقطات، فالمنزلون ينزلون كل واحد منهم منزلة ولده بطنا بطنا، ويقدمون منهم من انتهى إلى الوارث أولا. فان استويا في الانتهاء، قسم المال بين الورثة الذين انتهوا إليهم، وقسمت حصة كل وارث بين المدلين به. وقال أهل القرابة: إن اختلفت درجاتهم، فالمال للاقرب من أي جهة كان، حتى يقدم أو الام على أبي أم الاب. وأم أبي الام على أبي أبي أبي الام، فان استووا في الدرجة، لم يقدم هنا بالسبق إلى الوارث على المشهور من مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه. ومن أصحابه من قدم به، فان لم يقدم به، أو قدم واستووا في السبق إليه، نظر، إن كان الكل من جهة أبي الميت، فرواية الجوزجاني وهي الاظهر: أنه يجعل ثلثا المال لمن هو من جهة أبي الاب،

(5/50)


وثلثه لمن هو من جهة أم الاب. ورواية عيسى بن أبان: كل المال لمن هو من أبيه، ويسقط به من هو من جهة الام. وإن كان الكل من جهة أم الميت، اطردت الروايتان في أنه يسقط من هو من جهة أمها، أم يجعل المال بين من هو من جهة أبيها ومن هو من جهة أمها أثلاثا ؟ وإن كان بعضهم من جهة أب الميت، وبعضهم من جهة أمه، قسم المال بين الجهتين أثلاثا، وجعل كل قسم كأنه كل التركة، وأهل كل جهة كأنهم كل الورثة، فتجئ فيهم الروايتان. ثم قسمة الثلثين على من هو من جهة الاب للذكر مثل حظ الانثيين، وقسمة الثلث على من هو من جهة الام كمثل ذلك، قاله البغوي في التهذيب. فرع في أمثلته أم أبي الام، وأبو أم الال. عند المنزلين: المال لابي أم أم الام، لانه أسبق إلى الوارث، وعلى رواية الجوزجاني: الثلثان لام أبي الام، والثلث لابي أم الام، وعلى رواية عيسى: الكل لام أبي الام. أب أم أب، وأبو أبي أم. عند المنزلين: المال للاول، وعلى رواية عيسى: للثاني، وعلى رواية الجوزجاني: الثلثان للثاني، والثلث للاول. أب أبي أم، وأبو أم أب، قال المنزلون: المال للثاني، وكذلك الجواب عند من رجح بالسبق إلى الوارث من أهل القرابة. وأما الظاهر عندهم، فالثلثان للثاني والثلث للاول. أبو أم أم، وأبو أم أب. عند المنزلين: المال بينهما نصفان، كما يكون بين أم الام وأم الاب فرضا وردا. وعند أهل القرابة: الثلث للاول، والثلثان للثاني. أبو أبي أم، وأم أبي أم، وأبو أم أم. عند المنزلين: المال للثالث، وعلى رواية عيسى: للاولين. وعلى رواية الجوزجاني: الثلثان بين الاولين للذكر مثل حظ الانثيين، والثلث للثالث.

(5/51)


أبو أبي أم أب، وأم أبي أم الاب، وأبو أبي أبي أم، وأم أبي أبي الام، قال المنزلون: المال للاولين. وقال أهل القرابة: الاولان من جهة الاب، والآخران من جهة الام، فيجعل المال أثلاثا بين الجهتين، ثم على رواية الجوزجاني: الثلثان بين الاولين أثلاثا، والثلث بين الآخرين كذلك، وعلى رواية عيسى: الثلثان للاول من الاولين، والثلث للاول من الآخرين
فصل ومن الاصناف، الخالات والاخوال، والعمات والاعمام من الام، نزل المنزلون الاخوال والخالات منزل الام، وقسموا المال بينهم إذا انفردوا على حسب ما يأخذون من تركة الام لو كانت هي الميتة، واختلفوا في العمات والاعمام للام، فالاصح: أنهم كالاب. والثاني: أنهم كالعم، واختلف هؤلاء، فقيل: العمات من الجهات بمنزلة العم للابوين. وقيل: كل عمة بمنزلة العم الذي هو أخوها، ثم من جعل العمات كالاب أو كالعم من الابوين مع افتراقهن، قال: إذا انفردن، قسم المال بينهن على حسب استحقاقهن لو كان الاب هو الميت، ومن نزلهن منزلة الاعمام المفترقين، قدم العمة من الابوين، ثم العمة من الاب، ثم العمة من الام. وإذا اجتمعت العمات والخالات والاخوال، فالثلثان للعمات، والثلث للاخوال والخالات، ويعتبر في كل واحد من النصيبين ما اعتبر في جميع المال لو انفرد أحد الصنفين، وأما أهل القرابة، فقالوا: إذا انفردت الخالات، فان كن من جهة واحدة، قسم المال بينهن بالسوية. وإن اختلفت الجهة، فالخالة من الابوين مقدمة، ثم الخالة من الاب. والاخوال المنفردون، كالخالات. وإذا اجتمع الاخوال والخالات، فان كانوا من جهة، قسم المال بينهم للذكر مثل حظ الانثيين وإن كانوا من جهة الام. وإن اختلفت الجهات، فمن اختص بقرابة الابوين أولى ثم من اختص بقرابة الاب. والعمات المنفردات كالخالات. وإذا اجتمع العمات من الام، والاعمام من الاب، فالمال بينهم للذكر الثلث، مثل حظ الانثيين وإذا اجتمعت العمات والخالات فللعمات الثلثان، وللخالات سواء اتفقت جهة العمات والخالات، أو اختلفت على المشهور عندهم. وعند أبي يوسف: أنه إذا اختلفت الجهة، فالمال لاقوى الصنفين جهة. ثم إذا قسم المال أثلاثا، اعتبر في كل واحد من النصيبين ما يعتبر في جميع المال عند انفراد الصنف المصروف إليهم.

(5/52)


فرع في أمثلته ثلاث خالات متفرقات. عند المنزلين: المال بينهن على خمسة، كما لو ورثن من الام. وعند أهل القرابة: هو للخالة من الابوين، وبمثله قالوا في ثلاثة أخوال متفرقين. وعند المنزلين: للخال من الام السدس، والباقي للخال من الابوين. ولو اجتمع الاخوال المتفرقون، والخالات المتفرقات، قال أهل القرابة: المال كله للخال والخالة من الابوين للذكر مثل حظ الانثيين. وقال المنزلون: ثلثا المال لهما كذلك، وثلثه للخال والخالة للام كذلك. قال الامام: وتفضيل الخال من الام على الخالة من الاب مشكل مخالف للتسوية بين الذكور والاناث من أولاد الاخ للام. ثلاثة أخوال متفرقون، وثلاث عمات متفرقات. عند المنزلين: ثلث المال بين الخال للابوين والخال للام على ستة، واحد للثاني، والباقي للاول: وقسمة الثلثين تخرج على الخلاف في تنزيل العمات. إن جعلن كالاعمام، فالثلثان للعمة من الابوين. وإن نزلن منزلة الاب، فالثلثان بينهن على خمسة، كما يرثن من الاب. وقال أهل القرابة: الثلثان للعمة من الابوين، والثلث للخال من الابوين. فرع أولاد الاخوال والخالات والعمات والاعمام للام عند المنزلين كآبائهم وأمهاتهم عند الانفراد والاجتماع، ومن تسفل منهم رفع بطنا بطنا. فان سبق بعضهم إلى وارث، قدم. وإن استووا فيه، قسم المال بين الذين يدلي بهم هؤلاء على حسب استحقاقهم من الميت فما أصاب كل واحد منهم قسم بين المدلين به على حسب استحقاقهم منه لو كان هو الميت. وقال أهل القرابة: الاقرب يسقط الابعد بكل حال. فان استووا في الدرجة، نظر، إن انفرد أولاد الاخوال والخالات، بأن اختلفت الجهة، قدم الذين هم من الابوين، ثم الذين هم من الاب، ثم يأخذ الذين هم من الام، وإن لم يختلف، ورثوا جميعا. ثم النظر عند أبي يوسف إلى أبدانهم. وعند محمد: إلى آبائهم وأجدادهم كما سبق في أولاد الاخوات وبنات الاخوة. وأولاد العمات عند الانفراد كأولاد الخالات والاخوال، فان اجتمع

(5/53)


الصنفان، فثلثا المال لاولاد العمات، وثلثه لاولاد الاخوال والخالات على ما ذكرنا في آبائهم، ويعتبر في كل واحد من النصيبين ما يعتبر في جميع المال. وإذا اجتمع مع هؤلاء جنات الاعمام من الابوين، أو من الاب، ولم تختلف الدرجة، فبنات الاعمام أولى، لسبقهن إلى الوارث. فرع أخوال الام وخالاتها عند المنزلين بمنزلة الجدة أم الام، وأعمامها وعماتها بمنزلة الجد أبي الام. وأخوال الاب وخالاته بمنزلة الجدة أم الاب، وعماته عند من تنزل عمة الميت منزلة أبيه بمنزلة الجد أبي الاب. وعند من نزل عمة الميت منزلة عمة بمنزلة عم الاب فيقسم المال بينهم. وما أصاب كل واحد منهم، يجعل للمدلين به على حسب استحقاقهم لو كان هو الميت، وعلى القياس: يجعلون كل خال وخالة بمنزلة الجدة التي هي أختهما، وكعم وعمة بمنزلة الجد الذي هو أخوهما. وأما أهل القرابة، فيعتبرون في أخوال الميتة وخالاتها ما اعتبروه في أخوال الميت وخالاته، وكذلك في عماتها إذا انفردن. وإن اجتمع أعمامها وعماتها، فالمال بينهم للذكر مثل حظ الانثيين على المشهور عندهم. وفي رواية: إن كانوا من الابوين أو من الاب، قدم الاعمام. ولو اجتمع أعمامها وعماتها وأخوالها وخالاتها، فالثلث للاخوال والخالات، والثلثان للاعمام والعمات، وخؤولة الاب وعمومته، كخؤولة الام وعمومتها عند الانفراد والاجتماع. ولو اجتمع القرابتان، فلقرابة الا ب الثلثان، ولقرابة الام الثلث، ثم يقسم كل نصيب بينهم، كما يقسم جميع المال لو انفردوا، فثلثا الثلثين لعمات الاب، وثلثه لخالاته وأخواله، وكذلك الثلث. وسواء كان قرابة الاب من جنس قرابة الام، أم لم يكن، حتى لو ترك عم أمه وخالة أبيه، كان الثلثان للخالة، والثلث للعم. ولو ترك ثلاث عمات متفرقات، وثلاث خالات متفرقات لابيه، ومثلهن لامه، فعلى الصحيح من قول أهل القرابة: ثلثا الثلثين لعمة الاب من الابوين، وثلثها لخالة الاب من الابوين، وثلث الثلث لعمة الام من الابوين، وثلثه لخالة الام من الابوين، ويسقط البواقي. وعند المنزلين: نصف سدس المال بين خالات الاب، ومثله بين خالات الام، لنزولهن منزلة الجدتين، والباقي لعمات الاب دون عمات الام، لان

(5/54)


عمات الاب كأب الاب، وعمات الام كأبي الام. هذا تمام الطرف الاول.
الطرف الثاني : في ترتيب الاصناف. قال المنزلون: كل واحد من ذوي الارحام، ينزل منزلة الوارث الذي يدلي به، ثم ينظر في الورثة لو قدر اجتماعهم، فان كانوا يرثون، يرث المدلون بهم، وإن حجب بعضهم بعضا، جرى الحكم كذلك في ذوي الارحام. وقال أهل القرابة: ذوو الارحام وإن كثروا يرجعون إلى أربعة أنواع. المنتمون إلى الميت، وهم أولاد البنات وأولاد بنات الابن، والمنتمي إليهم الميت، وهم الاجداد والجدات الساقطون، والمنتمون إلى أبوي الميت، وهم أولاد الاخوات وبنات الاخوة، والمنتمون إلى أجداده وجداته، وهم العمومة والخؤولة. ومذهبهم: الظاهر تقديم النوع الاول، ثم الثاني، ثم الثالث، فما دام يوجد أحد من فروع الميت وإن سفل، فلا شئ لاصوله من ذوي الارحام وإن قربوا، وعلى هذا القياس. وعن أبي حنيفة رضي الله عنه رواية بتقديم النوع الثاني على الاول. وقدم أبو يوسف ومحمد النوع الثالث على الثاني، واتفقوا على أن من كان من العمومة والخؤولة وأولادهم ومن ولد جد أو جدة أقرب إلى الميت، فهو أولى بالميراث وإن بعد ممن هو من ولد جد أو جدة أبعد منه. وإذا اجتمع الاجداد والجدات من ذوي الارحام مع الخالات والاخوال والعمات، فعند أبي حنيفة رضي الله عنه: تقدم الجدودة. وعند صاحبيه: إن كانت العمومة أو الخؤولة من ولد جد أو جدة، تساوى الجد والجدة الموجودين، أو أبعد، فالاجداد والجدات أولى. وإن كانا من أصل أقرب منهما، فهم أولى. وعن أحمد بن حنبل رضي الله عنه: تقديم الخال على ذوي الارحام. وفي الباقين مذهبه مذهب أهل التنزيل في كل فصل.
فصل قد يجتمع في الشخص من ذوي الارحام قرابتان بالرحم، كبنت بنت بنت هي بنت ابن بنت، وكبنت أخت الاب هي بنت أخ الام، وكبنت خالة هي بنت عمة، فالمنزلون ينزلون وجوه القرابة. فان سبق بعض الوجوه إلى وارث، قدم به، وإلا قدروا الوجوه أشخاصا ورثوا بها على ما يقتضيه الحال. وأما أهل القرابة: فمحمد يورثه بجهتي القرابة. وقال أبو يوسف: إن كان ذلك في أولاد البنات، جعلت الوجوه كوجه ولم يورث بها. وإن كان في أولاد الاخوة والاخوات، ورث

(5/55)


بأقوى الجهتين. وإن كان في أولاد العمومة والخؤولة، ورث بالقرابتين، لانهما مختلفتان، وهذا أظهر عندهم. وعلى هذا، لو خلف بنت أخ لام هي بنت أخت لاب، وبنت أخت أخرى، أو بنت أخ أخرى، ورثت بأقوى القرابتين، وهي كونها بنت أخت لاب. ولو خلف بنت خال هي بنت عمة، وبنت عمة أخرى، فالثلث لبنت الخال، والثلثان بينهما بالسوية. ولو كان معها بنت خال، فالثلثان للاولى لانها بنت عمة، والثلث بينهما بالسوية. فصل إذا كان مع ذوي الارحام زوج أو زوجة، قال أهل القرابة: يخرج نصيبه، ويقسم الباقي على ذوي الارحام كما يقسم الجميع لو انفردوا، وللمنزلين مذهبان. أصحهما: كذلك. والثاني: أن الباقي يقسم بينهم على نسبة سهام الذين يدلي بهم ذوو الارحام من الورثة مع الزوج أو الزوجة، ويعرف القائلون بالاول: بأصحاب اعتبار ما بقي، والقائلون بالثاني: أصحاب اعتبار الاصل. مثاله: زوجة، بنت بنت، وبنت أخت من الابوين. عند أهل القرابة: للزوجة الربع، والباقي لبنت البنت. وأصحاب القول الاول من المنزلين، جعلوا لها الربع، والباقي بين بنت البنت وبنت الاخت بالسوية. ومن قال بالثاني قال: إذا نزلناهما، فكأن في المسألة زوجة وبنتا وأختا، ولو كان كذلك، لكانت المسألة من ثمانية، نصيب الزوجة منها واحد، يبقى سبعة يخرج منها تمام نصيب الزوجة، يبقى ستة تقسم بينهما أسباعا. ولو خلفت زوجا وبنت بنت، وخالة، وبنت عم. عند أهل القرابة: للزوج النصف، والباقي لبنت البنت، وعلى القول الاول للمنزلين: للزوج النصف، ولبنت البنت نصف الباقي، وللخالة سدس الباقي، ولبنت العم الباقي. وعلى القول الثاني: إذا نزلنا، حصل مع الزوج بنت وأم وعم، وحينئذ يكون من اثني عشر، يخرج نصيب الزوج، يبقى تسعة، ثم يخرج تمام النصف للزوج، يبقى ستة يقسمها على التسعة وبالله التوفيق.
الباب التاسع : في حساب الفرائض فيه مقصودان. أحدهما: تصحيح المسائل. والثاني: قسمة التركات.

(5/56)


المقصود الاول : التصحيح، وفيه فصول.
الفصل الاول : في مقدماته، وهن أربع. إحداها: الفروض المقدرة في كتاب الله تعالى ستة: النصف، والربع، والثمن، والثلثان، والثلث، والسدس. وقد سبق بيان مستحقيها. فالنصف فرض خمسة: الزوج، والبنت، وبنت الابن، والاخت للابوين، والاخت للاب. والربع فرض الزوج، والزوجة أو الزوجات. والثمن فرض الزوجة والزوجات. والثلثان فرض أربعة وهن الاناث التي لواحدتهن النصف. والثلث فرض ثلاثة: الام وأولادها، والجد. والسدس فرض سبعة: الام، والجدة، والاب، والجد، وبنت الابن، مع بنت الصلب، والاخت للاب مع الاخت للابوين، وواحد أولاد الام. (المقدمة) الثانية: كل عددين، فهما متماثلان، أو متداخلان، أو متوافقان، أو متباينان. فالمتماثلان، كثلاثة وثلاثة. والمتداخلان، كثلاثة وستة، أو تسعة. فالثلاثة داخلة في الستة والتسعة. والمتوافقان، كأربعة وستة، لكل واحد منهما نصف صحيح، وستة وتسعة لهما ثلث صحيح، وثمانية واثني عشر لهما ربع صحيح ولاحد وعشرين وخمسة وثلاثين سبع صحيح، ولاثنين وعشرين وثلاثة وثلاثين جزء من أحد عشر.

(5/57)


والمتباينان، كثلاثة وأربعة. وطريق معرفة المداخلة، أن تسقط الاقل من الاكثر مرتين فصاعدا، أو زد على الاقل مثله مرة فصاعدا. فان فني الاكثر بالاقل، أو تساويا بزيادة الامثال، فمتداخلان، وإلا، فلا. وطريق الموافقة والمباينة، أن تسقط الاقل من الاكثر ما أمكن، فما بقي، فأسقطه من الاقل، فان بقي منه شئ، فأسقطه مما بقي من الاكثر، ولا يزال يفعل ذلك حتى يفنى العدد المنقوص منه آخرا، فان فني بواحد، فمتباينان. وإن فني بعدد، فمتوافقان بالجزء المأخوذ من ذلك العدد. وإن فني باثنين، فبالنصف، أو بثلاثة، فبالثلث، أو بعشرة، فبالعشرة، أو بأحد عشر، فبأجزاء أحد عشر. وعلى هذا القياس. مثاله: أحد وعشرون، وتسعة وأربعون، تسقط الاقل من الاكثر مرتين، يبقى سبعة، تسقطها من الاقل ثلاث مرات، يفنى بها، فهما متوافقان بالاسباع. المقدمة الثالثة: في أصول المسائل، أصلها العدد الذي يخرج منه سهامها. ومسائل الفرائض نوعان. أحدهما: أن يكون كل الورثة عصبات، بأن كانوا ذكورا، أو نسوة أعتقن عبدا بينهن بالسوية، فالقسمة بينهم بالسوية. وإن كانت العصبة ذكورا وإناثا، قدرنا كل ذكر اثنين، وأعطينا كل ذكر سهمين، وكل أنثى سهما، فعدد الرؤوس في هذا النوع هو أصل المسألة.

(5/58)


النوع الثاني: المسائل التي ورثتها أصحاب فروض أو بعضهم ذو فرض. فالاصول في هذا النوع سبعة عند المتقدمين، ومن المتأخرين من يقول: تسعة. فالسبعة المتفق عليها: اثنان، وثلاثة، وأربعة، وستة، وثمانية، واثنا عشر، وأربعة وعشرون، فكل مسألة فيها نصف وما بقي. كزوج وأخ، أو نصفان، كزوج وأخت، فهي من اثنين وما فيها ثلثان وما بقى، كبنتين وعم، أو ثلث وما بقى، كأم وأخ: أو ثلثان وثلث، كأختين لاب وولدي أم، فمن ثلاثة، وما فيها ربع وما بقي، كزوج وابن، أو ربع ونصف وما بقي كزوج وبنت وأخ، فمن أربعة. وما فيها سدس وما بقي، كأم وابن، أو سدس ونصف وما بقي، كأم وبنت أخ، أو سدس وثلث ما بقي، كأم وولد أو وعم، أو نصف وثلثان، كزوج وأختين، أو نصف وثلث وما بقي، كزوج وأم وأخ، فمن ستة. وما فيها ثمن وما بقي، كزوجة وابن، أو ثمن ونصف وما بقي، كزوجة وبنت وأخ، فمن ثمانية. وما فيها ربع وثلثان وما بقي، كزوج وابنتين وأخ، أو ربع وثلث وما بقي، كزوجة وأم وأخ، فمن ستة، أو ربع وسدس وما بقي، كزوج وأم وابن، فمن اثني عشر. وما فيها ثمن وثلثان وما بقي، كزوجة وبنتين وأخ، أو ثمن وسدس وما بقي، كزوجة وأم وابن، فمن أربعة وعشرين. قلت: ومن هذا الاخير، ثمن وسدسان وما بقي، كزوجة وأبوين وابن. والله أعلم. وأما الاصلان المزيدان، فثمانية عشر، وستة وثلاثون في مسائل الجد والاخوة حيث يكون الثلث خيرا له. فالاول: في كل مسألة فيها سدس وثلث ما بقي وما يبقى، كجدوأم وإخوة.

(5/59)


والثاني: في كل مسألة فيها ربع وسدس وثلث ما بقي وما يبقى، كزوجة وأم وجد وإخوة، ومن لم يقل بالزيادة يصحح المسألتين بالضرب. فالاولى: من ستة، للام سهم، يبقى خمسة، يضرب مخرج الثلث في الستة، يبلغ ثمانية عشر. والثانية: من اثني عشر، يخرج بالفرضين خمسة، ثم يضرب مخرج الثلث في اثني عشر، تبلغ ستة وثلاثين، واستصوب الامام والمتولي صنيع المتأخرين، لان ثلث ما يبقى والحالة هذه، مضموم إلى السدس والربع، فلتكن الفريضة من مخرجها. واحتج المتولي بأنهم اتفقوا في زوج وأبوين أنها من ستة، ولولا جعلها من ئلنصف وثلث الباقي، لكانت من اثنين، للزوج سهم، يبقى سهم، فيضرب مخرج الثلث في اثنين، تبلغ ستة. واعلم أنه قد يتفق في صور الجد نصف وثلث ما بقي، كبنت وجدوا إخوة، فيحتمل أن تكون من ستة قطعا، كما ذكر في زوج وأبوين، ويحتمل أن يطرد فيه الخلاف. قلت: الاحتمال أصح، والمختار أن الاصح الجاري على القاعدة: طريق المتأخرين، كما اختاره الامام، لما سبق، ولكونها أخصر. والله أعلم. المقدمة الرابعة: في العول.

(5/60)


إذا ضاق المال عن الفروض، فتعال المسألة، أي: ترفع سهامها ليدخل النقص على كل واحد بقدر فرضه، كأصحاب الديون والوصايا إذا ضاق المال. والذي يعول من الاصول التسعة ثلاثة، وهي: ستة، واثنا عشر، وأربعة وعشرون، فتعول الستة أربع مرات إلى سبعة، كزوج، وأختين لاب، وإلى ثمانية، كهؤلاء، وأم، وإلى تسعة، كهؤلاء، وأخ لام، وإلى عشرة، كهؤلاء، وأخ آخر لام، وتسمى هذه الاخيرة: الشريحية، لان شريحا القاضي رحمه الله تعالى، قضى فيها، وتسمى: أم الفروخ، لكثرة سهامها. ومتى عالت إلى أكثر من سبعة، لا يكون الميت إلا امرأة. وأما اثنا عشر، فتعول ثلاث مرات إلى ثلاثة عشر، كزوجة وأم وأختين لاب، وإلى خمسة عشر، كهؤلاء وأخ لام. وإلى سبعة عشر، كهؤلاء وأخ آخر لام. ومن صورها: أم الارامل، وهي ثلاث زوجات وجدتان، وأربع أخوات لام، وثمان لاب، فهن سبع عشرة أنثى أنصباؤهن سواء. ولا يعول هذا الاصل إلى سبع عشرة إلا والميت رجل. وأما أربعة وعشرون، فتعول مرة فقط إلى سبعة وعشرين، كزوجة وبنتين وأبوين، وتسمى: المنبرية، لان عليا رضي الله عنه سئل عنها وهو على المنبر، فقال ارتجالا: صار ثمنها تسعا. ولا يكون هذا العول إلا والميت رجل، بل لا تكون المسألة من أربعة وعشرين إلا وهو رجل.
الفصل الثاني : في طريق التصحيح، وفيه نظران. أحد هما: في تصحيح فريضة الميت الواحد. والثاني: في التصحيح إذا مات وارثان فأكثر قبل القسمة، وتعرف: بالمناسخات. أما النظر الاول: فان كانت الورثة كلهم عصبات، فأمر القسمة سهل، وقد بينا أنه من عدد رؤوسهم. وإن كانوا أصحاب فروض، أو فيهم صاحب فرض،

(5/61)


وعرفت المسألة بعولها إن كانت عائلة، فانظر في السهام وأصحابها، فان انقسمت عليهم جميعا، حصل الغرض وحاجة إلى الضرب، كزوج وثلاث بنين، هي من أربعة، لكل واحد سهم. وكزوجة وبنت وثلاثة إخوة، من ثمانية، للزوجة سهم، وللبنت أربعة، ولهم الباقي. وإن لم تنقسم، فاما أن يقع الكسر على صنف، وإما على أكثر. القسم الاول: على صنف، فينظر في سهامهم وعدد رؤوسهم، وإن كانا متباينين، ضربت عدد رؤوسهم في أما المسألة بعولها، إن عالت وإن كانا متوافقين ضربت جزء للوفق من عدد رؤوسهم من أصل المسألة بعولها، ثم الحاصل على التقديرين، تصح منه المسألة. مثال التباين زوج وأخوان، هي من اثنين، له سهم، يبقى سهم لا يصح عليهما، ولا موافقة فيضرب عددهما في أصل المسألة تبلغ أربعة منها تصح. مثال التوافق، أم وأربعة أعمام، هي من ثلاثة، يبقى اثنان يوافق عددهم بالنصف، فتضرب وفق عددهم في المسألة، تبلغ ستة منها تصح. وإذا أمكنت الموافقة بأجزاء، ضربنا أقلها. القسم الثاني: الكسر على أكثر من صنف، فيمكن أن يقع على صنفين أو ثلاثة أو أربعة، ولا تتصور الزيادة، لان الوارثين في الفريضة لا يزيدون على خمسة أصناف كما ذكرنا في أول الكتاب عند اجتماع من يرث من الرجال والنساء، ولا بد من صحة نصيب أحد الاصناف عليه، لان أحد الاصناف الخمسة، الزوج

(5/62)


والابوان، والواحد يصح عليه نصيبه قطعا، فلزم الحصر. فإن وقع الكسر على صنفين، نظرنا في سهام كل صنف وعدد رؤوسهم. والاحوال ثلاثة. أحدها: أن لا يكون بين السهام والرؤوس موافقة في واحد من الصنفين، فتترك رؤوس الصنفين بحالها. الثاني: أن تكون موافقة فيهما، فترد رؤوس كل صنف إلى جزء الوفق. الثالث: بأن يكون الوفق في أحد الصنفين، فترد رؤوسه إلى جزء الوفق، وتترك رؤوس الآخر بحالها. ثم الرؤوس - مردودين أو أحدهما أو غير مردودين - إما أن يتماثلا، فتضرب أحدهما في أصل المسألة بعولها، وإما أن يتداخلا، فتضرب أكثرهما في أصل المسألة بعولها، وإما أن يتوافقا، فتضرب جزء الوفق من أحدهما في جميع الآخر، فما بلغ ضربته في أصل المسألة بعولها، وإما أن يتباينا، فتضرب أحدهما في الآخر، فما حصل ضربت في أصل المسألة، فما بلغ صحت منه. ويخرج من هذه الاحوال اثنا عشرة مسألة، لان في كل واحد من الاحوال الثلاثة أربع حالات، والحاصل من ضرب ثلاثة في أربعة، اثنى عشر. وإن وقع الكسر على ثلاثة أصناف أو أربعة، نظرنا أولا في سهام كل صنف وعدد رؤوسهم، فحيث وجدنا الموافقة، رددنا الرؤوس إلى جزء الوفق. وحيث لم نجد، بقيناه بحاله. ثم يجئ في عدد الاصناف الاحوال الاربعة، فكل عددين متماثلين، نقتصر منهما على واحد. وإن تماثل الكل، اكتفينا بواحد وضربناه في أصل المسألة بعولها، وكل عددين متداخلين نقتصر على أكثرهما، وإن تداخلت كلها، اكتفينا بأكثرها وضربناه في أصل المسألة بعولها، وكل متوافقين نضرب وفق أحدهما في الآخر، فما بلغ ضربناه في أصل المسألة. وإن توافق الكل، ففيه طريقان للفرضيين. قال البصريون: نقف أحدهما ونرد ما عداه إلى جزء الوفق، ثم ننظر أجزاء

(5/63)


الوفق، فنكتفي عند التماثل بواحد، وعند التداخل بالاكثر، وعند التوافق، نضرب جزء الوفق من البعض في البعض. وعند التباين، نضرب البعض في البعض، ثم نضرب الحاصل في العدد الموقوف، ثم ما حصل في أصل المسألة بعولها. وقال الكوفيون: نقف أحد الاعداد ونقابل بينه وبين آخر، ونضرب وفق أحدهما في جميع الآخر، ثم نقابل الحاصل بالعدد الثالث، ونضرب وفق أحدهما في جميع الآخر، ثم نقابل الحاصل بالعدد الرابع ونضرب وفق أحدهما في جميع الآخر ثم نضرب الحاصل في أصل المسألة بعولها، وتسمى صورة توافق الاعداد: المسائل الموقوفات. وإن كانت الاعداد متباينة، ضربنا عددا منها في آخر، ثم ما حصل في ثالث، ثم ما حصل في الرابع ثم ما حصل في أصل المسألة بعولها. وإن شئت ضربت أحدها في أصل المسألة بعولها، ثم ما يحصل في الثاني، ثم في الثالث، ثم في الرابع. وإذا لم يكن بين السهام وعدد الرؤوس، ولا بين أعداد الرؤوس موافقة، سميت المسألة: صماء، ولا فرق في الاعداد المتوافقة بين عدد وعدد، فتقف أيها شئت، والعدد الذي تصح منه المسألة بعد تمام العمل لا يختلف. فإن حصل اختلاف، فاستدل به على الغلط، وإن وافق أحد الاعداد الثلاثة الآخرين والآخران متباينان، لم يجز ان نقف إلا الذي يوافقهما، ويسمى هذا الموقوف: المقيد. فرع هذا الذي ذكرناه، بيان التصحيح. فإذا فرغت منه وأردت أن تعرف نصيب كل واحد من الصنف، مما حصل من الضرب، فله طرق. أشهرها وأخفها: أن تضرب نصيب كل صنف من أصل المسألة في العدد المضروب في المسألة، وبعرف بعدد المنكسرين، فما بلغ، فهو نصيب ذلك

(5/64)


الصنف، فتقسمه على عدد رؤوسهم، فالخارج بالقسمة هو نصيب كل واحد من ذلك الصنف. مثاله: زوجتان، وأربع جدات، وست أخوات لاب، هي من اثني عشر، وتعول إلى ثلاثة عشر، ويرجع عدد الجدات بالموافقة إلى اثنين، والاخوات إلى ثلاث، فيحصل اثنان واثنان وثلاثة، تسقط أحد المتماثلين، وتضرب الآخر في ثلاثة، تبلغ ستة، تضربها في أصل المسألة بعولها، تبلغ ثمانية وسبعين، كان للزوجين من أصل المسألة ثلاثة، فتضرب في ستة، تبلغ ثمانية عشر، فهو نصيبهما. وإذا قسم ذلك على رؤوسهما، خرج تسعة، وكان للجدات سهمان، تضربهما في ستة، تبلغ اثني عشر، لكل واحدة ثلاثة، وكان للاخوات ثمانية، تضرب في ستة، تبلغ ثمانية وأربعين، لكل واحدة ثمانية. الطريق الثاني: تقسم سهام كل صنف من أصل المسألة على عدد رؤوسهم، فما خرج من القسمة، يضرب في المضروب في أصل المسألة، فما حصل، فهو نصيب كل واحد من الصنف. ففي المثال المذكور، يقسم نصيب الزوجتين على عدد رؤوسهما، يخرج بالقسمة سهم ونصف، يضرب في الستة المضروبة في المسألة، تبلغ تسعة، وهو نصيب كل زوجة، ويقسم نصيب الجدات عليهن، يخرج نصف سهم، تضربه في الستة، تكون ثلاثة، فهو نصيب كل جدة، وعلى هذا فقس الاخوات. الطريق الثالث: تقسم العدد المضروب في المسألة على عدد رؤوس كل صنف، فما خرج تضربه في نصيب ذلك الصنف، فما بلغ فهو نصيب الواحد من ذلك الصنف، ففي المثال المذكور تقسم الستة على عدد رؤوس الزوجتين، يخرج ثلاثة، تضربها في نصيبهما من أصل المسألة وهو ثلاثة، تبلغ تسعة، وهو نصيب كل زوجة. وعلى هذا القياس. الطريق الرابع: تقابل بين نصيب كل صنف وعدد رؤوسهم، وتضبط النسبة

(5/65)


بينهما وتأخذ بتلك النسبة في العدد المضروب في المسألة، فهو نصيب كل واحد من ذلك الصنف، ففي المثال المذكور، نصيب الزوجتين ثلاثة وهما اثنان. والثلاثة مثل الاثنين ومثل نصفهما، فتأخذ مثل العدد المضروب في المسألة، ومثل نصفه، يكون تسعة، وهو نصيب كل زوجة، ونصيب الاخوات ثمانية، وعددهن ستة، والثمانية مثل الستة، ومثل ثلثها، فلكل أخت مثل العدد المضروب. ومثل ثلثه تكون ثمانية، ونصيب الجدات اثنان مثل نصف عددهن، فلكل جدة نصف العدد المضروب. الطريق الخامس: ويعرف به نصيب كل واحد من الورثة قبل الضرب والتصحيح. إن كان الكسر على صنف، فانظر إن لم يوافق سهامهم عددهم، فنصيب كل واحد منهم بعدد سهام جميع الصنف من أصل المسألة، ونصيب كل واحد من الاصناف الذين لا كسر عليهم، بعدد رؤوس المنكسر عليهم إن كان لكل واحد منهم سهم واحد. وإن كان أكثر من سهم، ضرب ما لكل واحد منهم من أصل المسألة في عدد المنكسر عليهم، فما حصل، فهو نصيب كل واحد منهم. وإن وافق سهامهم عددهم، فنصيب كل واحد من المنكسر عليهم بعدد وفق سهامهم من أصل المسألة، ونصيب كل واحد ممن لم ينكسر عليهم وفق عدد الرؤوس المنكسر عليهم على ما ذكرناه. مثاله: زوج، وأخوان لام، وخمس أخوات لاب، تعول من ستة إلى تسعة، وتصح من خمسة وأربعين، ونصيب كل أخت بعدد سهام جميعهن من أصل المسألة، وهو أربعة، ونصيب كل أخ خمسة بعدد رؤوس الاخوات المنكسر عليهن، ونصيب الزوج خمسة عشر، لانه كان له أكثر من سهم، وهو ثلاثة، فتضرب في عدد رؤوسهن. ولو كان عدد الاخوات عشرة، وافق سهامهن عددهن بالنصف، وترد عددهن إلى النصف، ويكون نصيب كل أخت بعدد نصف ما لجميعهن من أصل المسألة، وهو اثنان، ويكون لكل أخ خمسة نصف عدد رؤوس الاخوات، وللزوج ثلاثة مضروبة في نصف عدد رؤوسهن. أما إذا كان الكسر على صنفين، ولم يكن بين الرؤوس والسهام موافقة، أو كانت، ورددت الرؤوس إلى

(5/66)


وفقها، فانظر في عدد الرؤوس، ولهما احوال. أحدها: أن يكونا متباينين، فالحاصل من ضرب كل صنف في سهام الصنف الآخر من أصل المسألة هو نصيب كل واحد من الصنف المضروب في سهامهم، والحاصل من ضرب عدد أحد الصنفين في الآخر، إذا ضربته في نصيب الواحد من الذين لا كسر عليهم، كان المبلغ نصيب ذلك الواحد من ذلك الصنف. مثاله: خمس بنات، وأربع زوجات، وأربع جدات، وأخ لاب، هي من أربعة وعشرين، وتصح من أربعمائة وثمانين، والكسر في البنات والزوجات، ولا موافقة. فإذا ضربت رؤوس البنات في سهام الزوجات، حصل خمسة عشر، فهو نصيب كل زوجة. وإذا ضربت الزوجات في سهام البنات، حصل أربعة وستون، فهو نصيب كل بنت. وإذا ضربت البنات في الزوجات، حصل عشرون. فإذا ضربته في نصيب كل واحد من الجدات، كان عشرين، لان لكل واحدة واحدا، فهو نصيب كل جدة. وكذلك نصيب الاخ. ولو كان بدل الاربع جدتان، ضربت العشرين في اثنين، فالحاصل نصيب كل جدة. الحال الثاني: إذا كان عدد الرؤوس متوافقا، سواء تداخلا، أم لا، فإذا ضربت وفق أحد العددين في سهام الآخر، كان الحاصل نصيب كل واحد من الصنف المضروب في سهامهم. وإذا ضربت وفق أحدهما في جميع الآخر ولا تداخل بينهما، وضربت ما حصل في نصيب الواحد ممن لا كسر عليهم، كان الحاصل نصيب الواحد من ذلك الصنف، وإن تداخلا، ضربت أكثرهما في النصيب، فما حصل، فهو نصيب الواحد منهم. مثاله: زوج، وتسعة إخوة لام، وخمسة عشر أختا لاب، هي من ستة، وتعول إلى تسعة، وتصح من أربعمائة وخمسة، تضرب وفق عدد الاخوة في سهام الاخوات، تبلغ اثني عشر، فهو نصيب كل أخت، ووفق عدد الاخوات في نصيب الاخوة، تبلغ عشرة، فهو نصيب كل أخ، ووفق أحدهما في جميع الآخر، تبلغ خمسة وأربعين، تضربه في سهام الزوج، وهي ثلاثة، تبلغ مائة وخمسة وثلاثين،

(5/67)


فهو نصيب الزوج. فان كان عدد الاخوة اثني عشر، وعدد الاخوات ست عشرة، فالسهام توافق الاعداد، فترجع الاخوة إلى ستة، والاخوات إلى أربعة، للموافقة بالربع، وبين العددين موافقة بالنصف، فتصح المسألة من مائة وثمانية. وإذا ضربت وفق الراجع من عدد الاخوة، وهو ثلاثة، في وفق سهام الاخوات، وهو واحد، كان الحاصل ثلاثة، وهو نصيب كل أخت. وإذا ضربت وفق الراجع من عدد الاخوات، وهو اثنان، في وفق سهام الاخوة، وهو واحد، كان الحاصل اثنين، وهو نصيب كل أخ. وإذا ضربت وفق أحد الراجعين في جميع الآخر، حصل اثنا عشر، فإذا ضربته في سهام الزوج من الاصل، حصل ستة وثلاثون، وهو نصيب الزوج. الحال الثالث: إذا كان عدد الرؤوس متماثلا، فنصيب كل واحد من كل صنف بعدد ما كان لجميعهم من أصل المسألة، ونصيب كل واحد ممن لا كسر عليهم، هو الحاصل من ضرب ما كان له في عدد أحد الصنفين المنكسر عليهم. مثاله: خمس بنات، وخمس جدات، وأخ، هي من ستة، وتصح من ثلاثين، ونصيب كل بنت مثل ما كان لهن، وهو أربعة، ونصيب كل جدة مثل ما كان لهن، وهو واحد، ونصيب الاخ هو الحاصل من ضرب ما كان له في خمسة، وهو خمسة. أما إذا كان الكسر على ثلاثة أصناف، فانظر، إن كانت أعداد الرؤوس متباينة، فاعزل الصنف الذين تريد أن تعرف نصيبهم، واضرب عدد أحد الآخرين في الآخر، فما بلغ فاضربه في نصيب الصنف الذين عزلتهم، فما بلغ فهو نصيب كل واحد منهم، واضرب عدد رؤوس الاصناف الثلاثة بعضه في بعض، فما بلغ فاضربه في نصيب من انقسم عليهم نصيبهم من أصل المسألة، فما بلغ فهو نصيب كل واحد منهم. مثاله: أربع زوجات، وثلاث جدات، وخمس بنات، وأخت لاب، هي من أربعة وعشرين، وتصح من ألف وأربعمائة وأربعين. فإذا أردت أن تعرف نصيب الزوجات، فاعزلهن واضرب البنات في الجدات، تبلغ خمسة عشر، اضربه في نصيب الزوجات في الاصل، تبلغ خمسة وأربعين، فهو نصيب كل زوجة. وعلى هذا القياس حكم البنات. واضرب لمعرفة نصيب الاخت عدد الاصناف المنكسر

(5/68)


عليهم بعضهم في بعض، تبلغ ستين، اضربه في نصيبها من أصل المسألة، وهو واحد، تبلغ ستين، فهو نصيبها. وإن كانت الاعداد متوافقة أو متماثلة، فالعمل على قياس ما ذكرنا في الكسرين. وصورة التماثل هينة، وأما التوافق، فكتسع بنات، وست جدات، وخمسة عشر أخا، هي من ستة، وتصح من خمسمائة وأربعين. فإذا أردت معرفة نصيب البنات، فاعزلهن واضرب وفق أحد الصنفين من الجدات والاخوة في وفق الآخر، تبلغ عشرة، تضرب في نصيب البنات، تبلغ أربعين، فهذا نصيب كل بنت. وكذا تعزل الجدات وتضرب وفق أحد الصنفين الآخرين في وفق الثاني، تبلغ خمسة عشر، تضربها في نصيب الجدات، تبلغ خمسة عشر، فهو نصيب كل جدة. وتعزل الاخوة، وتضرب وفق أحد الآخرين في وفق الثاني، تبلغ ستة، تضربها في نصيبهم، تبلغ ستة، فهو نصيب كل أخ. النظر الثاني: في المناسخات. فإذا مات عن جماعة، ثم مات أحدهم قبل قسمة التركة، فللمسألة حالان. أحدهما: أن تنحصر ورثة الميت الثاني في الباقين، ويكون إرثهم من الثاني مثل الارث من الاول، فتجعل الميت الثاني كأن لم يكن، وتقسم التركة على الباقين، ويتصور ذلك إذا كان الارث عنهما بالعصوبة، كمن مات عن إخوة وأخوات من الاب، ثم مات أحدهم عن الباقين، أو عن بنين وبنات، ثم مات أحدهم عن إخوته وأخواته. وفيما إذا كان الارث عنهما بالفرض في بعض الصور، كمن ماتت عن زوج، وأم، وأخوات مختلفات الآباء، ثم نكح الزوج إحداهن، فماتت عن الباقين. وفيما إذا ورث بعضهم بالفرض وبعضهم بالعصوبة، كمن مات عن أم، وإخوة لام، ومعتق، ثم مات أحد الاخوة عن الباقين. ولا فرق بين أن يرث كل الباقين من الثاني أو بعضهم، كمن مات عن زوجة وبنين، وليست أمهم، ثم مات أحد البنين عن الباقين. الحال الثاني: أن لا يكون كذلك، بأن لا ينحصروا، إما لان الوارث غيرهم، وإما لان غيرهم يشركهم، وإما لاختلاف مقادير استحقاقهم، فنصحح مسألتي الاول والثاني جميعا، وننظر في نصيب الثاني من مسأل الاول. فان انقسم نصيبه على مسألته، فذاك، وإلا، فنقابل نصيبه بمسألته المصححة، إن كان بينهما موافقة، ضرب أقل جزء الوفق من مسألة الثاني في جميع مسألة الاول. وإن لم

(5/69)


يكن، ضرب جميع مسألته في جميع مسألة الاول، فما بلغ، صحت منه المسألتان. وإذا أردت معرفة نصيب كل واحد من الورثة مما حصل من الضرب، فقل: كل من له شئ من المسألة الاولى، يأخذه مضروبا فيما ضربته في المسألة الاولى، وهو جميع المسألة الثانية أو وفقها. ومن له شئ من الثانية، يأخذه مضروبا في نصيب الميت الثاني من المسألة الاولى، أو في وفق النصيب إن كان بين مسألته ونصيبه وفق. مثاله: زوج، وأختان لاب، ماتت إحداهما عن الاخرى وعن بنت، المسألة الاولى من سبعة، والثانية من اثنين، ونصيب الميت الثاني من الاول اثنان. زوجة، وثلاث بنين، وبنت، ثم ماتت البنت عن أم وثلاثة إخوة، وهم الباقون من ورثة الاول، فالاولى من ثمانية، والثانية تصح من ثمانية عشر، ونصيب الميتة من الاول سهم لا يوافق، فتضرب الثانية في الاولى، تبلغ مائة وأربعة وأربعين، للزوجة سهم مضروب في ثمانية عشر، ولكل ابن سهمان في ثمانية عشر، تبلغ ستة وثلاثين، وللام من الثانية ثلاثة مضروبة في سهم الميتة وهو واحد، ولكل أخ خمسة، فحصل للام من المسألتين أحد وعشرون، ولكل أخ أحد وأربعون. جدتان، وثلاث أخوات متفرقات، ثم ماتت الاخت للام عن أخت لام، وهي الاخت للابوين في المسألة الاولى. وعن أختين لابوين، وعن أم أم وهي إحدى الجدتين، فالاولى من اثني عشر، والثانية من ستة، ونصيب الميتة من الاولى سهمان، ونصيبها ومسألتها يتوافقان بالنصف، فتضرب نصف مسألتها في الاولى، تبلغ ستة وثلاثين، كان للجدتين سهمان، تضربهما في ثلاثة، تبلغ ستة، وكذا الاخت للاب، وكان للاخت من الابوين ستة، تضربها في ثلاثة، تبلغ ثمانية عشر، ولها من الثانية سهم مضروب في وفق نصيب الميتة وهو سهم، وللاختين للابوين أربعة مضروبة في سهم، وللجدة سهم في سهم، فحصل للاخت الوارثة في المسألتين تسعة عشر، وللجدة الوارثة فيهما أربع. فرع لو مات ثالث قبل قسمة التركة، فلك طريقان. أحدهما: تصحح المسائل الثلاث، وتأخذ نصيب الميت الثالث من الاولين، وتقابله بما صحت منه

(5/70)


مسألته، فان انقسم نصيبه على مسألته، فذاك، وإلا، فان توافقا، ضربت وفق مسألته فيما صحت منه الاوليان. وإن تباينا، ضربت مسألته فيه. وعلى هذا القياس تعمل إذا مات رابع وخامس قبل القسمة. ثم من كان له شئ من المسألتين الاوليين، أو من احداهما، أخذه مضروبا في الثالثة، أو في وفقها، ومن كان له شئ من الثالثة، أخذه مضروبا في نصيب الثالث من المسألتين الاولين، أو في وفقه. الطريق الثاني: أن تصحح كل مسألة برأسها، وتقابل نصيب كل ميت بمسألته، فمن انقسم نصيبه على مسألته، فلا اعتداد بمسألته. ومن لم ينقسم، حفظت مسألته بتمامها إن لم توافق نصيبه، أو وفقها إن توافقا، وفعلت بها ما تفعل باعداد الاصناف المنكسر عليهم سهامهم من المسألة الواحدة، فما حصل ضربته في المسألة الاولى، فما حصل قسمته، فتضرب ما لكل واحد من الاولى في العدد المضروب فيها، فما خرج فهو له إن كان حيا، ولورثته إن كان ميتا. مثاله: زوجة، وبنت، وثلاثة بني ابن، ثم ماتت البنت عن زوج، وأخ لام، وأم وهي الزوجة، ثم مات أحد ابني الابن عن زوجة، وبنت، وابن ابن، وجدة، وهي الزوجة في المسألة الاولى، ثم مات آخر عن هذه الجدة، وعن خمسة بنين وخمس بنات، فالاولى، من ثمانية، والثانية، من ستة، والثالثة، من أربعة وعشرين، والرابعة، من ثمانية عشر، ونصيب البنت يوافق مسألتها بالنصف، فترد مسألتها إلى ثلاثة، فإذا معنا ثلاثة، وثمانية عشر، وأربعة وعشرون، والثلاثة داخلة في أربعة وعشرين، فتقتصر عليها، وهي توافق ثمانية عشر بالسدس، فتضرب سدس أحدهما في جميع الآخر، تبلغ اثنين وسبعين، تضربها في مسألة الميت الاول وهي ثمانية، تبلغ خمسمائة وستة وسبعين، ومنها تصح المسائل، فمن له شئ من الاولى، يضرب نصيبه في اثنين وسبعين ويقسم على ورثته. زوجة وثلاثة إخوة، ثم مات أحدهم عن ابنين، والثاني عن ابنين وبنت، والثالث عن ابن وبنت، فالاولى من أربعة، والثانية، من اثنين، والثالثة، من خمسة، والرابعة، من ثلاثة، والسهام لا توافق المسائل فتضرب المسائل الثلاث بعضها في بعض، تبلغ ثلاثين، تضربه في المسألة الاولى، تبلغ مائة وعشرين،

(5/71)


للزوجة منها سهم في ثلاثين، ولكل أخ كذلك. فما للاول لابنيه، لكل واحد خمسة عشر. وما للثاني لابنيه وبنته، لكل ابن اثنا عشر، وللبنت ستة. وما للثالث بين ابنه وبنته، له عشرون، ولها عشرة. فرع هذا الذي ذكرنا، تصحيح المناسخات. قال الفرضيون: وقد يمكن اختصار الحساب بعد الفراغ من عمل التصحيح، وذلك إذا كانت أنصباء الورثة كلها متماثلة، فترد المسألة إلى عدد رؤوسهم، وكذلك إذا كانت متوافقة بجزء صحيح، فيؤخذ ذلك الوفق من نصيب كل واحد، يقسم المال بينهم على ذلك العدد، كزوجة، وبنت، وثلاثة بنين منها، ثم مات أحد البنين عن الباقين، فالمسألة الاولى، من ثمانية، والثانية، من ستة، ونصيب الميت الثاني سهمان يوافقان مسألته بالنصف، فتضرب نصف مسألته في الاولى، تبلغ أربعة وعشرين، للزوجة ثلاثة، وللبنت ثلاثة، ولكل ابن ستة، ومن نصيب الثاني، للام سهم، وللاخت سهم، ولكل أخ سهمان، فمجموع ما للام أربعة، وللاخت كذلك، ولكل أخ ثمانية، فالانصباء متوافقة بالربع، فتأخذ ربع كل نصيب، يبلغ المجموع ستة، فتقسم المال عليها اختصارا. أما إذا لم يكن بين الانصباء موافقة، أو وافق بعضها فقط، فلا يمكن الاختصار.
المقصود الثاني : قسمة التركات، وله أصل وفروع متشعبة. أما الاصل، فإن كانت التركة دراهم أو دنانير أو غيرهما مما ينقسم بالاجزاء، كالمكيلات والموزونات، قسمت عينها بين الورثة. وإن كان مما لا ينقسم بالاجزاء، كالعبيد والجواري والدواب، قوم ثم قسم بينهم بالقيمة، فما أصاب كل واحد من القيمة فله بقدرها من المقوم. وطريقه: أن ينظر في التركة، أهي عدد صحيح من الدراهم وغيرها، أم عدد وكسر ؟ فان كان الاول، قابلت التركة بالمسألة بعولها إن عالت. فان تماثلا، فلا إشكال، وإلا، فان تباينا، فاضرب نصيب كل وارث من أصل المسألة بعولها، أو مما صحت منه المسألة في عدد التركة، فما بلغ فاقسمه على أصل المسألة بعولها، أو على ما صحت منه المسألة، فما خرج من القسمة، فهو نصيب ذلك الوارث.

(5/72)


وإن شئت قسمت التركة أولا على أصل المسألة بعولها، أو على ما صحت منه، فما خرج بالقسمة، فاضربه في سهم كل وارث، فما بلغ فهو نصيبه. وإن كانا متوافقين، فان عملت كما عملت في المتباينين، حصل الغرض، وإن أردت الاختصار، فخذ وفقهما، واضرب سهم كل وارث في وفق التركة، فما بلغ فاقسمه على وفق المسألة، فما خرج فهو نصيبه من التركة. وإن شئت فاقسم وفق التركة على وفق المسألة، فما خرج فاضربه في سهم كل وارث، فما بلغ فهو نصيبه. وإذا فرغت من العمل، امتحنت صحته، بأن تجمع ما أصاب كل واحد من الورثة، وتنظر هل المجموع مثل التركة، أم لا ؟ الامثلة: زوج، وأم، وأختان لاب، وأخوان لام، والتركة ستون دينارا، فالمسألة من ستة، وتعول إلى عشرة. فان شئت ضربت سهام الزوج في ستين، تبلغ مائة وثمانين، تقسمها على المسألة، يخرج ثمانية عشر، فهو نصيب الزوج، وتضرب نصيب الام في ستين، يكون ستين، تقسمه على المسألة، يخرج ستة، فهو نصيبها. وتضرب نصيب الاخوين فيها يكون مائة وعشرين، تقسمه على المسألة يخرج اثنا عشر، فهو نصيبهما وتضرب نصيب الاختين، يكون مائتين وأربعين، تقسمها على المسألة، يخرج أربعة وعشرون، فهو نصيبهما. وإن شئت قسمت التركة على المسألة، يخرج ستة، تضربها في سهام كل وارث، يخرج ما ذكرنا. زوج، وأم، وأخت لاب، والتركة أربعة دراهم. المسألة تعول إلى ثمانية، تضرب نصيب الزوج في التركة، يكون اثني عشر، تقسمه على سهام المسألة، يخرج للسهم درهم ونصف، وكذلك نصيب الاخت. وتضرب نصيب الام وهو سهمان في أربعة، تبلغ ثمانية تقسم على المسألة، يخرج واحد، فهو نصيبها. ثلاث زوجات، وأربعة إخوة لام، وخمس أخوات لاب، والتركة خمسة وسبعون دينارا. المسألة تعول إلى خمسة عشر، وتوافق التركة بأجزاء خمسة عشر، فتردهما إلى جزء الوفق، فتعود التركة إلى خمسة، والمسألة إلى واحد، ثم إن شئت ضربت سهام الزوجات، وهي ثلاثة، في وفق التركة، وهو خمسة، تبلغ خمسة

(5/73)


عشر، فهو للزوجات. وضربت سهام الاخوة، وهي أربعة، في الخمسة، تبلغ عشرين، فهو نصيبهم، وسهام الاخوات، وهي ثمانية، في الخمسة، تبلغ أربعين، فهو نصيبهن. وإن شئت قسمت وفق التركة، وهو خمسة، على وفق المسألة وهو واحد، يخرج خمسة، تضرب في سهام كل وارث، يكون على ما ذكرنا. فرع فإن كانت التركة عددا وكسرا، نظر، إن كان الكسر واحدا، ضربت مخرج ذلك الكسر في الصحاح، فما خرج فرد عليه الكسر، واقسم المجموع على الورثة كما تقسم الصحاح، ثم اجعل ما خرج بالقسمة بعدد فخرج ذلك الكسر واحدا صحيحا، وأضف إليه الباقي. مثاله: زوج وأختان، والتركة عشرة دراهم ونصف، تضرب مخرج النصف، وهو إثنان، في العشرة، تبلغ عشرين، وتزيد على النصف واحدا، فكأن التركة أحد وعشرون صحاحا، تعمل بها عملك بالصحاح، فيخرج للزوج تسعة أنصاف هي أربعة دراهم ونصف، ولكل أخت ستة أنصاف وهي ثلاثة دراهم. ولو كانت المسألة بحالها، والتركة ثمانية وثلاثة أرباع، ضربت مخرج الربع، وهو أربعة، في الثمانية، تبلغ اثنين وثلاثين، تزيد عليه الكسر، وهو ثلاثة، تبلغ خمسة وثلاثين، تقسم كقسمة الصحاح، يخرج للزوج خمسة عشر، وهو ثلاثة دراهم وثلاثة أرباع درهم، ولكل أخت عشرة، وهي درهمان ونصف. وإن كان مع الصحاح كسران، كربع وسدس، أخذت مخرج مجموعهما، وهو إثنا عشر وضربته في الصحاح، وتممت العمل كما ذكرنا.

(5/74)


فصل وأما الفروع المتشعبة، فتتنوع أنواعا كثيرة، نذكر منها مسائل إن شاء الله تعالى. مسألة: أخذ بعض الورثة قدرا معلوما من التركة، وأردت معرفة جملتها، فأقم سهام المسألة بعولها إن عالت، ثم إن شئت ضربت المأخوذ في سهام المسألة، فما بلغ قسمته على سهام الآخذ، فما خرج بالقسمة فهو جملة التركة. وإن شئت قسمت المأخوذ على سهام الآخذ، وضربت الخارج من القسمة في سهام المسألة، فما بلغ فهو التركة. مثاله: زوج، وأم، وأختان لاب، وأخذ الزوج بحقه ثلاثين دينارا، إن شئت ضربت الثلاثين في سهام المسألة وهي ثمانية، يكون مائتين وأربعين، تقسم على سهام الزوج، وهي ثلاثة، يخرج ثمانون، فهو التركة. وإن شئت قسمت الثلاثين على سهامه، يخرج عشرة، تضربها في سهام المسألة تبلغ ثمانين. ولك طريق آخر، وهو أن تنظر فيما بين سهام الآخذ وسهام الباقين من النسبة، وتزيد على المأخوذ مثل نسبة سهامهم من سهامه، فهو جملة التركة. ففي المثال المذكور، سهام باقي الورثة مثل سهام الزوج، ومثل ثلثيها، فتزيد على الثلاثين مثلها ومثل ثلثيها، تبلغ ثمانين. مسألة: زوجة، وأم، وثلاث أخوات متفرقات، والتركة ثلاثون درهما وثوب، أخذت الزوجة الثوب بنصيبها برضى الورثة، كم قيمة الثوب وجملة التركة ؟ فالطريق فيها وفي أخواتها، أن تقيم أصل المسألة بعولها إن عالت، وهذه المسألة تعول إلى خمسة عشر. ثم لك طريقان. أحدهما: أن تضرب سهام الزوجة من المسألة في عدد الدراهم فتبلغ تسعين، فتقسم التسعين على ما بقي من سهام المسألة بعد سهام الزوجة، وهي اثنا عشر، يخرج سبعة ونصف، فهو قيمة الثوب. وإن شئت قسمت الدراهم على باقي سهام الورثة، وهي اثنا عشر، يخرج درهمان ونصف، تضربه في سهام الزوجة، تبلغ سبعة ونصفا. وإن شئت نسبت سهامها إلى سهام الباقين، فإذا هي ربع سهام الباقين، فتأخذ ربع الثلاثين، وهو سبعة ونصف، فهذه ثلاثة أوجه. الطريق الثاني: طريق الجبر، تقول: إذا أخذت بخمس التركة ثوبا، فجملة

(5/75)


التركة خمسة أثواب، وهي تعدل ثوبا وثلاثين درهما، فتسقط ثوبا بثوب، فتبقى أربعة أثواب في مقابلة ثلاثين درهما، فتعلم أن الثوب الواحد سبعة ونصف. أو تقول: خمس التركة خمس ثوب وستة دراهم، وقد أخذت بالخمس ثوبا، فهو يعدل خمس ثوب وستة دراهم، تسقط الخمس بالخمس، يبقى أربعة أخماس ثوب في مقابلة ستة دراهم، فتكمل الثوب بأن تزيد على الاخماس الاربعة ربعها، وتزيد على العديل ربعه، وذلك سبعة ونصف. ولو كانت المسألة بحالها، وأخذت مع الثوب خمسة دراهم، فعلى الطريق الاول، تنقص الخمسة من الثلاثين، يبقى خمسة وعشرون، ثم تضرب نصيبها من المسألة في الخمسة والعشرين، تكون خمسة وسبعين، تقسم على سهام الباقين، وهي إثنا عشر، يخرج ستة دراهم وربع، وهو نصيبها من التركة. فإذا نقصت منها الخمسة، يبقى درهم وربع، وهو قيمة الثوب. وبالجبر تقول: أخذت بخمس التركة ثوبا وخمسة دراهم، فجميع التركة خمسة أثواب وخمسة وعشرون درهما، تعدل ثوبا وثلاثين درهما، فتسقط ثوبا بالثوب، وخمسة وعشرين بالخمسة والعشرين، يبقى أربعة أثواب في مقابلة خمسة دراهم، فالثوب الواحد درهم وربع. ولو كانت المسألة بحالها، وأخذت الثوب وزدت ستة دراهم، فعلى الطريق الاول، تزاد السنة المردودة على الثلاثين، وتضرب سهام الزوجة في الستة والثلاثين، تبلغ مائة وثمانية، تقسم على اثني عشر، يخرج بالقسمة تسعة، فهو نصيبها من التركة. فإذا زدت ستة على التسعة، فهي قية الثوب. وعلى طريق الجبر يقال: أخذت بخمس التركة ثوبا إلا ستة دراهم، فجميع التركة خمسة أثواب إلا ثلاثين درهما، تعدل ثوبا وثلاثين درهما، فتكمل الثياب بثلاثين درهما، ويزاد مثل ذلك على العديل، فتصير خمسة أثواب معادلة لستين درهما وثوب، تسقط ثوبا بالثوب، يبقى أربعة أثواب في مقابلة ستين درهما، فالثوب الواحد خمسة عشر. ولو كانت بحالها، والتركة ثلاثون وثوب وعبد وخاتم، أخذت الزوجة بنصيبها الثوب، والام العبد، والاخت للام الخاتم، فعلى الطريق الاول، تضرب سهام الزوجة، وهي ثلاثة، في ثلاثين، تبلغ تسعين، تقسمها على الثمانية التي للباقين، يخرج بالقسمة أحد عشر وربع، أو تقسم الثلاثين على الباقي من المسألة بعد سهام الزوجة والام والاخت للام، وهو ثمانية، يخرج ثلاثة وثلاثة أرباع، تضربها في سهام الزوجة، تبلغ أحد عشر

(5/76)


وربعا، فهو قيمة الثوب، وفي سهمي الام تبلغ سبعة ونصفا، فهو قيمة العبد، وكذلك قيمة الخاتم. وبالجبر يقال: أخذت الزوجة بالخمس ثوبا، والام بثلثي الخمس عبدا، والاخت بمثله خاتما، بقي من السهام ثمانية، وهي خمسان وثلثا خمس، يكون ثوبين وثلثي ثوب، فالجملة ثلاثة أثواب وثلثا ثوب وعبد وخاتم، وهي تعدل ثوبا وعبدا وخاتما وثلاثين درهما، تسقط ثوبا بالثوب، والعبد بالعبد، والخاتم بالخاتم، يبقى ثوبان وثلثا ثوب في مقابلة ثلاثين درهما، فالواحد يعدل أحد عشر وربعا. ولو كانت بحالها، والتركة ثلاثون وثوبان يتفاوتان في القيمة بدرهمين، وأخذت الزوجة بنصيبها الثوب الادنى على الطريق الاول، يزيد التفاوت بينهما على الدراهم، فتصير اثنين وثلاثين، تضرب سهام الزوجة فيها، يكون ستة وتسعين، تقسمها على الباقي من سهام المسألة بعد إسقاط نصيب الزوجة وهو ثلاثة، وبعد إسقاط مثله للثوب الآخر، فالباقي تسعة يخرج من القسمة عشرة دراهم وثلثا درهم، فهو قيمة ما أخذته. وبالجبر تقول: أخذت بالخمس ثوبا، فالجميع خمسة أثواب تعدل التركة، وهي ثوبان واثنان وثلاثون درهما، تسقط ثوبين بثوبين، يبقى ثلاثة أثواب تعدل اثنين وثلاثين درهما، فالواحد يعدل عشرة وثلثين. ولو أخذت الزوجة بنصيبها الثوب الاعلى، فتزيد الدرهمين على الثلاثين، تصير التركة اثنين وثلاثين درهما وثوبين متساويين، أخذت الزوجة بثلاثة أسهم ثوبا ودرهمين، فيخص ثلاثة أسهم أخرى مثل ذلك. فإذا أسقطناها، بقي من سهام المسألة تسعة، ومن التركة ثمانية وعشرون درهما، تضرب سهام الزوجة في ثمانية وعشرين، تبلغ أربعة وثمانين، تقسمها على التسعة الباقية، يخرج تسعة وثلث، فهو قيمة الثوب الاعلى، وقيمة الادنى سبعة وثلث، وجميع التركة ستة وأربعون درهما وثلثان. مسألة: ابنان والتركة ثوبان بينهما تفاوت دينارين، أخذ أحدهما ثلاثة أرباع الاعلى، كم قيمة كل واحد ؟ فطريقه: أن تزيد التفاوت عليهما، فتجعل التركة ثوبين ودينارين، ولكل ابن ثوب ودينار، وقد أخذ أحدهما ثلاثة أرباع ثوب ودينارا ونصفا، فتقابل به حقه وهو ثوب ودينار، وتسقط ثلاثة أرباع ثوب بمثلها، ودينارا

(5/77)


بدينار، يبقى ربع ثوب في مقابلة نصف دينار، فالثوب الكامل يعدل دينارين، فهما قيمة الادنى، وقيمة الاعلى أربعة، وجملة التركة ستة. مسألة: زوح، وابن، أخذ الزوج بميراثه وبدين له على الميتة ثلث المال، المسألة من أربعة، تسقط منها سهم الزوج، يبقى ثلاثة تضربها في مخرج الكسر المذكور، وهو ثلاثة، تبلغ تسعة، منها تخرج المسألة، للزوج ثلاثة، وللابن ستة. وإذا كان للابن بثلاثة أسهم ستة، كان للزوج بسهم اثنان، فاثنان إرث، وواحد دين. ونقول بطريق آخر: المسألة من أربعة، والدين شئ، فجملة التركة أربعة أسهم وشئ، منها سهم وشئ ثلث المال، وثلاثة أسهم ثلثاه، والثلث يعدل نصف الثلثين. فإذا سهم وشئ بعدل سهما ونصف سهم، السهم بالسهم، يبقى شئ في مقابلة نصف سهم، فتعلم أن الشئ المضموم إلى السهام الاربعة نصف سهم. فإذا بسطناها أنصافا كانت تسعة. مسألة: ابن وبنت، انتهبا التركة، ثم رد كل واحد منهما على صاحبه ربع ما انتهب، فوصل كل واحد إلى حقه من الميراث، يجعل ما انتهبه الابن أربعة أشياء، وما انتهبته البنت أربعة دنانير. فإذا رد الابن ربع ما انتهبه، وأخذ منها ربع ما انتهبته، حصل في يده ثلاثة أشياء ودينار، وفي يدها ثلاثة دنانير وشئ، ومعلوم أن حقه ضعف حقها، فضعف ما معها مثل ما معه، وضعف ما معها ستة دنانير وشيئان، تعدل ثلاثة أشياء ودينارا، فتسقط دينارا بدينار، وشيئين بشيئين، يبقى خمسة دنانير تعدل شيئا، فعرفنا أن قيمة الشئ خمسة، وقيمة الدينار واحد، وجملة التركة أربعة أشياء وأربعة دنانير، فيكون أربعة وعشرين، ما انتهبه الابن عشرون، وما انتهبته البنت أربعة. فإذا دفع إليها خمسة وأخذ منها واحدا، كان معه ستة عشر، ومعها ثمانية. وتعرف هذه المسألة ونظائرها ب‍ مسألة النهبى.
فصل في مسائل من الحساب، تتعلق بأبواب سبقت أحكامها إحكامها: سبق أن المفقود إذا مات له قريب، (وخلف) ورثة أيضا حاضرين، يؤخذ في حق الجميع بالاسوإ من حياة المفقود وموته في إسقاطه وفي دفع الاقل إليه. وطريق معرفة الاقل: أن تصحح المسألة على تقديري حياته وموته، وتضرب إحداهما في الاخرى إن لم تتوافقا، فان توافقتا، ضربت وفق إحداهما في جميع الاخرى، ثم

(5/78)


كل من ورث على التقديرين تضرب ما يرثه من كل مسألة في الاخرى، أو في وفقها، وتصرف إليه الاقل مما حصل من الضربين. مثاله: أختان لاب، وعم، وزوج مفقود. فان كان حيا، فهي من سبعة، وإلا، فمن ثلاثة، ولا موافقة بينهما، فتضرب أحدهما في الآخر، يبلغ أحدا وعشرين، للاختين (من) مسألة الحياة أربعة في ثلاثة باثني عشر، ومن مسألة الموت سهمان فس سبعة بأربعة عشر، فيصرف إليهما اثنا عشر، ويوقف الباقي، فان عرف حياة الزوج، دفع إليه، وإن عرف موته، فسهمان من الموقوف للاختين، والباقي للعم. أم، وزوج، وأختان لاب، وابن مفقود. فان كان حيا، فالمسألة من اثني عشر، وإن كان ميتا، عالت إلى ثمانية، وهما متوافقان بالربع، فتضرب ربع أحدهما في الآخر، تبلغ أربعة وعشرين، للام من مسألة الحياة سهمان مضروبان في وفق مسألة الموت، تكون أربعة، ومن مسألة الموت سهم في وفق مسألة الحياة، تكون ثلاثة، فتعطى ثلاثة، وللزوج من الحياة ثلاثة في وفق الموت، تكون ستة، ومن الموت ثلاثة في وفق الحياة، تكون تسعة، فيعطى ستة، ويوقف الباقي. و (المسألة) الثانية: طريق تصحيح مسائل الخنثى على جميع الحالات، وطلب الاقل المتيقن: أن تقيم المسألة على جميع الحالات. فان كان الخنثى واحدا، فله حالان. إما ذكر، وإما أنثى. وإن كان خنثيان، فلهما ثلاثة أحوال، لانهما ذكران أو أنثيان، أو ذكر وأنثى، ولثلاثة خناثى أربعة أحوال، وعلى هذا القياس. فإذا ضبطت أصل كل حال، فخذ انثنين منها، وانظر أهما متماثلان، أم متداخلان، أم متوافقان، أم متباينان ؟ واعمل فيهما عملك عند الانكسار على فريقين، ثم قابل الحاصل معك بأصل ثالث، وهكذا تفعل حتى تأتي على آخرها، ثم إن لم يكن في المسألة صاحب فرض، صحت مما عندك، وإن كان، ضربته من مخرج الفرض ثم قسمت.

(5/79)


مثاله: ولدان خنيثان، إن كانا ذكرين، فالمسألة من اثنين. أو أنثيين، فمن ثلاثة، وكذا الذكر والانثى، فتسقط أحد الثلاثتين، وتضرب الاخرى في اثنين، تبلغ ستة، تعطي كل واحد اثنين، لانه الاقل. زوج، وولدان خنثيان، تضرب الستة التي صحت منها مسألتهما عند انفرادهما في مخرج الربع، تبلغ أربعة وعشرين، للزوج منها ستة، ولكل واحد منهما ستة، لاحتمال أنوثته وذكورة الآخر. ابن، وولدان خنثيان، إن كانا ذكرين، فمن ثلاثة. أو أنثيين، فمن أربعة. أو ذكرا وأنثى، فمن خمسة، وكلها متباينة، فتضرب بعضها في بعض، تبلغ ستين، للابن عشرون، ولكل واحد منهما اثنا عشر، لاحتمال أنوثته وذكورة الآخر. قلت: ثلاثة أولاد خناثى، إن كانوا ذكورا، فمن ثلاثة، أو إناثا، تصح من تسعة، أو ذكرا وأنثيين، فمن أربعة، أو عكسه، فمن خمسة، والثلاثة داخلة في التسعة، فتضرب الاعداد الثلاثة بعضها في بعض، تبلغ مائة وثمانين، منها تنقسم، تعطي كل واحد سهما من خمسة في أربعة، ثم في تسعة بستة وثلاثين. فإن بان واحد أنثى، لم ترده، لبقاء الاحتمال، وتزيد صاحبيه كل واحد تمام أربعين إذ أسوأ أحوالهما أن يكونا أنثيين فإن بان أحد الآخرين أنثى، لم تزدهما، وتزيد الاول تمام الاربعين. فان بان الثالث أنثى، فلا زيادة لهن. وإن بان ذكرا، تمم له تسعون، ولكل واحد منهما خمسة وأربعون. والله أعلم.

(5/80)


(المسألة) الثالثة: في تصحيح مسائل الحمل تفريعا على أن أكثره أربعة، وأن من ليس له فرض مقدر كالاولاد، يأخذ مع الحمل شيئا، فتقام المسألة على تقدير ولد واحد، وله حالان، لانه ذكر أو أنثى، وعلى تقدير ولدين، ولهما ثلاثة أحوال، وعلى تقدير ثلاثة، ولهم أربعة أحوال، وعلى تقدير أربعة، ولهم خمسة أحوال، ثم ينظر في الاعداد، ويكتفى مما تماثل بواحد، ومما تداخل بالاكثر، ومما توافق بجزء الوفق، وتترك المتباينة بحالها، وتضرب ما حصل من الاعداد بعضها في بعض، فما بلغ، صحت منه القسمة، ويعطى الموجود على تقدير الاضر. (المسألة) الرابعة: في تصحيح مسائل الاستهلال. فإذا مات عن ابن وزوجة حامل، فولدت ابنا وبنتا، واستهل أحدهما فوجدا ميتين، ولم يعلم المستهل، فقد سبق أنه يعطى كل وارث أقل ما يستحقه. وطريق معرفته أن يقال: المسألة الاولى تصح من ستة عشر إن كان المستهل، هو الابن، للزوجة سهمان، ولكل ابن سبعة، ومسألة الابن المستهل من ثلاثة، والسبعة لا تنقسم على الثلاثة، ولا توافقها، فتضرب ثلاثة في ستة عشر، تبلغ ثمانية وأربعين، للزوجة الثمن ستة، ولكل ابن أحد وعشرون، للام منها سبعة، وللاخ أربعة عشر، فيجتمع للام منها ثلاثة عشر، وللاخ خمسة وثلاثون. وإن كانت البنت هي المستهلة، فالمسألة الاولى تصح من أربعة وعشرين، للبنت منها سبعة، ومسألتها من ثلاثة، ولا تصح السبعة على ثلاثة ولا توافقها، فتضرب ثلاثة في أربعة وعشرين، تبلغ اثنين وسبعين، للمرأة الثمن تسعة، وللابن اثنان وأربعون، وللبنت أحد وعشرون، للام منها سبعة، وللاخ الباقي، فيجتمع للام ستة عشر، وللاخ ستة وخمسون وهما متوافقان بالثمن، فترد ما صحت منه مسألة البنت وهو اثنان وسبعون إلى ثمنها وهو تسعة، للام منها سهمان، وللابن سبعة. فانتهى الامر إلى أن المسألة على تقدير استهلال الابن صحت من ثمانية وأربعين، وصحت مسألة البنت من تسعة، وهما متوافقان بالثلث، فتضرب ثلث أحدهما في الآخر، تبلغ مائة وأربع وأربعين، منها تصح في الحالين، للام بتقدير استهلال الابن تسعة وثلاثون،

(5/81)


وبتقدير استهلال البنت اثنان وثلاثون، فتعطى الاقل، وللابن بتقدير استهلال الابن مائة وخمسة، وبتقدير استهلال البنت مائة واثني عشر، فتعطى الاقل، ويوقف الباقي وهو سبعة أسهم بينهما. فرع لابن الحداد مات عن زوجة حامل وأخوين، فولدت ابنا، ثم صودف ميتا، فقالت الزوجة: انفصل حيا ثم مات، نظر، إن صدقاها، فهذا رجل خلف زوجة وابنا، ثم مات الابن وخلف أما وعمين، فتصحان من أربعة وعشرين. وإن كذباها، فالقول قولهما مع يمينهما، وتصح من ثمانية. وإن صدقها أحدهما وكذبهالآخر، حلف المكذب وأخذ تمام حقه لو كذباها، وهو ثلاثة من ثمانية، والباقي، وهو خمسة، يقسم بين المصدق والزوجة على النسبة الواقعة بين نصيبيهما لو صدقاها، وذلك لاتفاقهما على أن المكذب ظالم يأخذ الزيادة، فكأنها تلفت من التركة، ونصيب الزوجة لو صدقاها عشرة من أربعة وعشرين، ثلاثة من الزوج، وسبعة من الابن، ونصيب العم سبعة، فالخمسة بينهما على سبعة عشر، وهي غير منقسمة، فتضرب سبعة عشر في أصل المسألة، وهو ثمانية، تبلغ مائة وستة وثلاثين، للمكذب ثلاثة مضروبة فيما ضربناه في المسألة، وهو سبعة عشر، يكون أحدا وخمسين، والباقي، وهو خمسة وثمانون، تقسم على سبعة عشر، يكون لكل سهم خمسة، فلها بعشرة خمسون، وله بسبعة خمسة وثلاثون، وقد زاد نصيب المكذب على نصيب المصدق بستة عشر سهما. ولو كانت المسألة بحالها، لكن ولدت بنتا، قال الشيخ أبو علي تخريجا على هذه القاعدة: إن صدقاها، صحت المسألتان من ثمانية وأربعين. وإن كذباها، فمن ثمانية. وإن صدقها أحدهما، فمن مائتين وثمانية وأربعين. (المسألة) الخامسة: في حساب مسائل الرد. قال الائمة: الرد نقيض العول، لان الرد ينقص السهام عن سهام المسألة، والعول يزيد عليها، ثم للمردود عليه حالان. أحدهما: أن لا يكون معه من لا يرد عليه، فينظر، إن كان شخصا واحدا، فجميع المال له فرضا وردا. وإن كانوا جميعا من صنف، فالمال بينهم بالسوية ذكورا كانوا أو إناثا. وإكانوا صنفين أو ثلاثة، جعل عدد سهامهم من المسألة كأنه أصل

(5/82)


المسألة، ثم ينظر فعدد سهام كل صنف وعدد رؤوسهم، إن انقسم عليهم، فذاك، وإلا، صحح بطريقه. مثاله: أم، وبنت، وأصل المسألة من ستة، وسهامها أربعة، فنجعل المسألة منها. أم، وبنت، وبنت ابن، مجموع سهامهن خمسة، فنجعلها أصل المسألة. فان كان مع الام والبنت ثلاث بنات ابن، ضربنا عددهن في خمسة، تبلغ خمسة عشر، للام ثلاثة، وللبنت تسعة، ولبنات الابن ثلاثة. الحال الثاني: إذا كان معهم من لا يرد عليه، دفع إليه فرضه من مخرجه، وجعل الباقي لمن يرد عليه إن كان شخصا أو جماعة من صنف. فان كانوا صنفين فأكثر، فخذ مخرج فروضهم وسهامهم منه، وانظر في الباقي من مخرج فرض من لا رد عليه، فما بلغ جعلته أصل المسألة. فان وقع كسر، صحح بطريقه. مثاله: زوجة، وأم، لها الربع، والباقي للام. زوج، وست بنات، له الربع، والباقي لا يصح عليهن، ويتوافقان بالثلث، فتضرب وفق عددهفي أربعة، تبلغ ثمانية، منها تصح. زوجة، وأم، وثلاث بنات، مخرج فرض الزوجة ثمانية، ومسألة الام والبنات من ستة، وسهامهن خمسة، والسبعة الباقية لا تصح على خمسة ولا توافقها، فتضرب خمسة في ثمانية، تبلغ أربعين، للزوجة خمسة، والباقي بينهن أخماسا، لام سبعة، يبقى ثمانية وعشرون لا تصح على ثلاثة، تضرب الثلاثة في أربعين، تبلغ مائة وعشرين، منها تصح. فرع باع بعض الورثة جميع نصيبه للباقين على قدر أنصبائهم، قدر كأنه لم يكن، وقسم المال على الباقين. مثاله: زوج، وابن، وبنت، باع الزوج نصيبه لهما على قدر حقهما، فكأنه لا زوج، وتقسم التركة بينهما أثلاثا. ولو باع بعض نصيبه، جعلت المسألة من عدد

(5/83)


يوجل نصيب البائع منه الجزء المبيع، وينقسم ذلك على الباقين. مثاله: باع الزوفي المثال المذكور نصف نصيبه، تجعل المسألة من ثمانية ليكون لنصيبه منها وهم الربع نصف، لقن نصف ربع الثمانية لا ينقسم على الابن والبنت أثلاثا، فتضرب الثمانية في مخرج الثلاث، تبلغ أربعة وعشرين، للزوج ثلاثة، وللابن أربعة عشر، وللبنت سبعة، وعلى هذا القياس.
الباب العاشر : في المسائل الملقبات ومسائل المعاياة والقرابات المتشابهات فيه ثلاثة فصول. الفصل الأول : في الملقبات. منها: المشركة، والخرقاء، والاكدرية، وأم الفروخ، وأم الارامل، والصماء، وقد بيناهن. ومنها: مربعات ابن مسعود رضي الله عنه، وهن: بنت، وأخت، وجد. قال: للبنت النصف، والباقي بينهما مناصفة. وزوجة، وأم، وجد، وأخ، جعل المال بينهم أرباعا. وزوجة، وأخت، وجد. قال: للزوجة الربع، وللاخت النصف، والباقي للجد. فالصور كلها من أربعة، والاخيرة تسمى: مربعة الجماعة، لانهم كلهم جعلوها من أربعة وإن اختلفوا في بعض الانصباء. ومنها: المثمنة، وهي: زوجة، وأم، وأختان لابوين، وأختان لام، وولد لا يرث لرق ونحوه، لان فيها ثمانية مذاهب عند الجمهور، هي من اثني عشر، وتعول إلى سبعة عشر. وعن ابن عباس رضي الله عنهما، تفريعا على إنكار العول: أن الفاضل عن فرض الزوجة والام وولدي الام، لولدي الابوين، فتصح من أربعة وعشرين. وعنه أيضا رضي الله عنه: أن الفاضل عن الزوجة والام، بين ولدي الام

(5/84)


وولدي الابوين، فتصح من اثنين وسبعين. وعن معاذ رضي الله عنه: أن للام الثلث تفريعا على أن الام لا تحجب إلا بأخوة، فتعول إلى تسعة عشر. وعن ابن مسعود رضي الله عنه: إسقاط ولدي الام وعنه: إسقاط ولدي الابوين، وعنه: إسقاط الصنفين، والباقي للعصبة، وعنه وهو الاشهر: أن للمرأة الثمن تفريعا على أن من لا يرث من الاولاد، يحجب الزوجة والام، فتكون المسألة من أربعة وعشرين، وتعول إلى أحد وثلاثين، وتسمى لذلك: ثلاثينية ابن مسعود رضي الله عنه. ومنها: تسعينية زيد رضي الله عنه: وهي: أم، وجد، وأخت لابوين، وأخوان، وأخت لاب، هي من ثمانية عشر أصلا أو ضربا، للام ثلاثة، وللجد خمسة، وللاخت للابوين تسعة، يبقى سهم على خمسة، فتضربهم في ثمانية عشر تبلغ تسعين، منها تصح. ومنها: النصفية، وهي: زوج، وأخت لابوين، أو لاب، لانه ليس في الفرائض شخصان يرثان نصفي المال فرضا إلا هما، وربما سميت الصورتان: يتيمتين. ومنها: العمريتان، وهما: زوج، وأبوان، أو زوجة، وأبوان، لان أول من قضى فيها عمر رضي الله عنه. ومنها: مختصرة زيد رضي الله عنه، وهي: أم، وجد، وأخت لابوين، وأخ، وأخت لاب، لانها تعمل تارة بالبسط، فيقال: هي من ستة، للام سهم، والباقي بين الجد والاخ والاختين على ستة، فتضرب ستة في أصل المسألة، تبلغ ستة وثلاثين، ويبقى بعد القسمة سهمان لولدي الاب لا يصحان، فتضرب ثلاثة في ستة وثلاثين، تبلغ مائة وثمانية، والسهام بعد القسمة تتوافق بالانصاف، فتردها إلى أربعة وخمسين. وتارة بالاختصار فيقال: المقاسمة وثلث الباقي سواء للجد، فتقسم من ثمانية عشر، يبقى سهم لا يصح على ولدي الاب، فتضرب ثلاثة في ثمانية عشر، تبلغ أربعة وخمسين. ومنها: مسألة الامتحان: وهي: أربع نسوة: وخمس جدات، وسبع بنات،

(5/85)


وتسعة إخوة لاب، هي من أربعة وعشرين، وتصح من ثلاثين ألفا ومائتين وأربعين. قلت: سميت بالامتحان، لانه يقال: ورثة لا تبلغ طائفة منهم عشرة، لم تصح مسألتهم من أقل من كذا. والله أعلم. ومنها: الغراء، هي: زوج، وأختان لاب، وولدا أم، وتسمى: مروانية، لانه يقال: إنها وقعت في زمن بني أمية، واشتهرت في الناس فسميت: غراء. ومنها: المروانية الاخرى، وهي: زوجة ورثت من زوجها دينارا ودرهما، والتركة عشرون دينارا وعشرون درهما، يقال: إن عبد الملك سئل عنها فقال: صورتها أختان لابوين، وأختان لام، وأربع زوجات، للزوجات خمس الباب بسبب العول، والخمس أربعة دنانير، وأربعة دراهم، لكل زوجة دينار ودرهم. ومنها: مسائل المباهلة، وهي مسائل العول، لان ابن عباس رضي الله عنهما قال: من شاء باهلته أن المسألة لا تعول. ومنها: الناقضة، وهي: زوج، وأم، وأخوان لام، لانها تنقض أحد أصلي ابن عباس رضي الله عنهما، إن أعطاها الثلث، لزم العول. وإن أعطاها السدس، لزم الحجب بأخوين وهو يمنع الحكمين، لكن قيل: إن الصحيح على قياس قوله أن الباقي للاخوين. ومنها: الدينارية، وهي: زوجة، وأم، وبنتان، واثنا عشر أخا، وأخت، والتركة ستمائة دينار، خص الاخت دينار منها. يروى أنها جاءت عليا رضي الله عنه متظلمة فقال: قد استوفيت حقك. قلت: ويروى أنها قالت له رضي الله عنه: ترك أخي ستمائة دينار، أعطيت

(5/86)


دينارا، فقال: لعل أخاك ترك زوجة...، وذكر الباقين، وذكر الشيخ نصر المقدسي رحمه الله تعالى: أنها تسمى: العامرية، وأن الاخت سألت عامرا الشعبي رحمه الله تعالى عنها، فأجاب بما ذكرنا. والله أعلم. ومنها: المأمونية، وهي: أبوان، وبنتان، لم تقسم التركة حتى ماتت إحدى البنتين، وتركت الباقين، سأل المأمون عنها يحيى بن أكثم رضي الله عنه حين أراد أن يوليه القضاء فقال: الميت الاول رجل، أم امرأة ؟ فقال المأمون: إذا عرفت الفرق عرفت الجواب، لانه إن كان رجلا، فالا ب وارث في المسألة الثانية، وإلا، فلا، لانه أبو أم.
الفصل الثاني : في المعاياة، قالت حبلى لقوم يقسمون تركة: لا تعجلوا فإني حبلى، إن ولدت ذكرا ورث، وإن ولدت أنثى، لم ترث. وإن ولدت ذكرا وأنثى، ورث الذكر دون الانثى، هذه زوجة كل عصبة سوى الاب والابن. ولو قالت: إن ولدت ذكرا، أو ذكر أو أنثى، ورثا، وإن ولدت أنثى، لم ترث فهي زوجة الاب، وفي الورثة أختان لابوين، أو زوجة الابن، وفي الورثة بنتا صلب. ولو قالت: إن ولدت ذكرا، لم يرث، وإن ولدت أنثى، ورثت، فهي زوجة الابن، والورثة الظاهرون: زوج، وأبوان، وبنت أو زوجة الاب. والورثة الظاهرون: زوج، وأم، وأختان لام. ولو قالت: إن ولدت ذكرا أو أنثى لم

(5/87)


ترث، وإن ولدتهما، ورثا، فهي زوجة الاب، وقد مات الاب قبله. والورثة الظاهرون: أم، وجد، وأخت لابوين. نوع آخر: قالت: إن ولدت ذكرا، ورث وورثت. وإن ولدت أنثى، لم ترث ولا أرث، فهي بنت ابن الميت، وزوجة ابن ابن له آخر، وهناك بنتا صلب. ولو قالت: إن ولدت ذكرا، لم يرث ولم أرث، وإن ولدت أنثى، ورثنا، فهي بنت ابن ابن الميتة، وزوجة اجن ابن آخر. والورثة الظاهرون: زوج، وأبوان، وبنت ابن. ولو قالت: إن ولدت ذكرا، فلي الثمن وله الباقي، أو أنثى، فالمال بيني وبينها سواء، وإن أسقطت ميتا، فالمال كله لي، فهي امرأة أعتقت عبدا ثم تزوجته فمات وهي حبلى منه. نوع آخر: قال رجل: لا تعجلوا، فامرأتي غائبة، إن كانت ميتة، ورثت أنا، وإن كانت حية، ورثت ولم أرث، فهذا أخو الميت لابيه، وزوجته الغائبة أخت الميت لامه، وله معها أم وأختان لابوين. ولو قال: إن كانت حية، ورثت دونها، أو ميتة، فلا شئ لنا، هي امرأة ماتت عن زوج وأم، وجد، وأخت لام، وأخ لاب قد نكحها، وهي الغائبة. نوع آخر: امرأة وزوجها، أخذا ثلاثة أرباع المال، وأخرى وزوجها أخذا الربع، صورته: أخت لاب، وأخرى لام وابنا عم أحدهما أخ لام، والذي هو أخ لام، زوج الاخت للاب، والآخر زوج الاخت للام، فللاخت للاب النصف، وللاخ وللاخت للام الثلث، والباقي بين ابني العم. زوجان أخذا ثلث المال، وآخران ثلثيه، صورته: أبوان، وبنت ابن في نكاح ابن ابن ابن آخر. رجل وابنته، ورثا مالا نصفين، صورته: ماتت عن زوج هو ابن عم وبنت منه. رجل وزوجتاه، ورثوا المال أثلاثا، صورته: بنتا ابنين في نكاح ابن أخ، أو ابن ابن ابن.

(5/88)


ابن زوجة، وسبعة إخوة لها، ورثوا مالا بالسوية، صورته: نكح ابن رجل أم امرأته وأولدها سبعة، ومات الرجل بعد الابن عن زوجة وسبعة بني ابن، هم إخوتها لام، فلها الثمن، ولهم الباقي. نوع آخر: امرأة ورثت أربعة أزواج، واحد بعد واحد، فحصل لها نصف أموالهم، هم أربعة إخوة لاب، كان لهم ثمانية عشر دينارا للاول ثمانية، وللثاني ستة، وللثالث ثلاثة، وللرابع دينار. امرأة ورثت خمسة أزواج، فحصل لها نصف أموالهم، هم خمسة إخوة، لهم ثمانية وأربعون دينارا، للاول ستة عشر، وللثاني ثلاثة عشر، وللثالث تسعة وللرابع ثلاثة، وللخامس سبعة. فلو كانوا ثلاثة، وورثت النصف، فهم ثلاثة إخوة، لهم مائة وثمانية وثلاثون، للاول مائة وثمانية وعشرون، وللثاني ثمانية، وللثالث ديناران. نوع آخر: قال صحيح لمريض: أوص، فقال: إنما يرثني أنت وأخواك وأبواك وعماك، فالصحيح، أخو المريض لامه وابن عمه، فأخواه أخوا المريض لامه، وأبواه عم المريض وأمه، وعماه عما المريض، والحاصل ثلاثة إخوة لام، وأم، وثلاثة أعمام. ولو قال: يرثني أبواك وعماك وخالاك، فالصحيح ابن أخي المريض لابيه، وابن أخته لامه، وله أخوان آخران لاب، وأخوان لام. ولو قال، يرثني جدتاك وأختاك وزوجتاك وبنتاك، فجدتا الصحيح زوجتا المريض، وأختاه من الام أختا المريض من الاب، وزوجتا الصحيح إحداهما أم المريض، والاخرى أخته للاب، وبنتا الصحيح أختا المريض من الام، ولدتهما له أم المريض. والحاصل: زوجتان وثلاث أخوات لاب، وأختان لام، وأم. ولو قال: يرثني زوجتاك، وبنتاك، وأختاك، وعمتاك، وخالتاك، فزوجتا الصحيح أم المريض وأخته لابيه، وبنتا الصحيح أختا المريض لامه، وأختا الصحيح لامه أختا المريض لابيه، وعمتا الصحيح إحداهما لاب والاخرى لام، وخالتاه كذلك، وأربعهن زوجات المريض، فالحاصل: أربع زوجات، وأم، وأختان لام، وثلاث أخوات لاب.

(5/89)


نوع آخر: ترك سبعة عشر دينارا على سبع عشرة أنثى، أصاب كل واحدة دينار، هي أم الارامل. ترك أربعة وعشرين دينارا على أربع وعشرين أنثى، أصاب كل أنثى دينار، هي ثلاث زوجات، وأربع جدات، وست عشرة بنتا، وأخت لاب.
الفصل الثالث : في القرابات المشتبهة. رجلان، كل واحد عم الآخر، هما رجلان نكح كل أم صاحبه، فولد لكل ابن، فكل ابن عم الآخر لامه. رجلان، كل واحد خال الآخر، هما رجلان نكح كل واحد بنت الآخر، فولد لهما ابنان، فكل ابن خال الآخر. رجلان، كل عم أبي الآخر، صورته: نكح رجلان كل أم أبي الآخر، فولد لهما ابنان. رجلان، كل عم أم الآخر، نكح كل بنت ابن الآخر، فولد لهما ابنان. رجلان، كل خال أب الآخر، نكح كل أم أم الآخر فولدا ابنين. رجلان، كل خال أم الآخر، نكح كل بنت بنت الآخر فولدا ابنبن. رجلان، أحدهما عم الآخر، والآخر خال الاول، صورته: نكح امرأة وابنه أمها، فولد لكل ابن، فابن الاب عم ابن الابن وهو خال ابن الاب. رجل هو عم وخال، صورته: أن ينكح أحد الاخوين لاب أخت الآخر للام فتلد ابنا، فالاخ الآخر عم المولود لابيه وخاله لامه. رجل هو عم أبيه وعم أمه، صورته: أن ينكح أبو أبي أبيه أم أبي أمه، فتلد ابنا، فذلك الابن عم أبيه للاب، وعم أمه للام. رجل هو خاأبيه، وخال أمه، صورته: أن ينكح أبو أم أمه أم أم أبيه، فتلد ابنا، فالاب خال أم الرجل لابيه، وخال أبيه لامه. رجلان كل ابن عم الآخر وابن خاله، صورته: أن ينكح رجلان كل أخت الآخر فيولد لهما ابنان.

(5/90)


وعن حرملة: أن رجلا دفع رقعة إلى الشافعي - رضي الله عنه - فيها: رجلا مات وخلى رجلا ابن عم ابن أخي عم أبيه، فكتب الشافعي - رضي الله عنه - في أسفلها: صار مال المتوفى كملا باتفاق القول لامرية فيه للذي خبرت عنه أنه ابن عم ابن أخي عم أبيه. وذلك لان ابن أخي عم الاب، هو الاب، فابن عمه هو ابن عم الاب. ويعرف من هذا قول القائل: ورث من الميت خال ابن عمته دون أخيه من الابوين، لان خال ابن العمة هو الاب والاعمام، والمراد هنا: الاب. وقول القائل: ورث الميت عمة ابن خاله دون الجدة، لانها هي الام. كتب هنا في الاصل المخطوط بخط الناسخ ما نصه: تم الجزء الثاني من الروضة بحمد الله وعونه، وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم على يد العبد الفقير الراجي عفو ربه العزيز: عبد العزيز بن أبي بكر بن عبد العزيز غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين في السادس عشر من شهر محرم المكرم سنة ثلاثين وسبعمائة

(5/91)