فتح العزيز بشرح الوجيز = الشرح الكبير

* (كتاب السلم والقرض وفيه بابان * الاول في شرائطه) (قال والمتفق عليه منها خمسة (الاول) تسليم رأس المال في المجلس جبرا للغرر في الجانب الآخر ولو كان في الذمة فعين في المجلس فهو كالتعيين في العقد * وكذلك في الصرف * وفي مثل ذلك
__________
كتاب السلم

(9/205)


في بيع الطعام بالطعام خلاف ومهما فسخ السلم استرد عين رأس المال وان كان قد عين بعد العقد علي الاصح) * قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى) الآية وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن المراد منه السلم وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وهم يسلفون في التمر السنة والسنتين وربما قال والثلاث فقال من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم " وجمع في هذا
__________
قوله عن ابن عباس أن المراد بقوله تعالى إذا تداينتم بدين إلى اجل مسمى السلم الشافعي والطبراني والحاكم والبيهقي من طريق قتادة عن أبي حسان الاعرج عن ابن عباس قال أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمي مما أحل الله في الكتاب واذن فيه قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم الآية وقد علقه البخاري وأوضحته في تعليق التعليق * حديث أنه صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وهم يسلفون في التمر السنة والسنتين وربما قال والثلاث

(9/206)


الكتاب بين السلم والقرض لتقاربهما واشتراكهما لفظا ومعنى (أما) اللفظ فلان كل واحد منهما يسمى سلفا (وأما) المعنى فلان كل واحد منهما اثبات مال في الذمة مبذول في الحال وذكروا في تفسير السلم عبارات متقاربة (منها) أنه عقد على موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلا (ومنها) أنه اسلاف عوض حاضر في عوض موصوف في الذمة (ومنها) أنه تسليم عاجل في عوض لا يجب تعجيله * وعلم أن السلم بيع
__________
فقال من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أحل معلوم.
الشافعي عن ابن عيينة عن ابن عبد الله بن كثير عن أبي المنهال عن ابن عباس ولفظه في التمر السنة والسنتين وربما قال السنتين والثلاث واتفقا عليه من حديث سفيان *

(9/207)


على ما مر وقد سبق القول فيما يعتبر لصحة البيع.
والسلم يختص بامور عقد الباب الاول لبيانها وانما قال والمتفق عليه منها خمسة لان معظم الائمة جعلوا شرائط السلم سبعا وضموا إلى الخمس العلم بقدر رأس المال وبيان موضع التسليم وفيهما اختلاف قول كما سيأتي وقد أدرجهما حجة الاسلام في أثناء الكلام لكن لم يفردهما بالترجمة وقد تعد أكثر من السبع وحقيقة الامر في مثل ذلك لا تختلف (الشرط الاول) تسليم رأس المال في مجلس العقد.
واحتج لاشتراطه بان المسلم فيه دين في الذمة فلو أخر تسليم رأس

(9/208)


المال عن المجلس لكان ذلك معنى في بيع الكالئ بالكالئ لان تأخير التسليم نازل منزلة الدينية في الصرف وغيره (وقوله) في الكتاب جبرا للغرر في الجانب الآخر أراد به أن الغرر في المسلم فيه احتمل للحاجة فجبر ذلك بتأكيد العوض الثاني بالتعجيل كي لا يعظم الغرر في الطرفين * إذا تقرر ذلك فلو تفرقا قبل قبض رأس المال بطل العقد وبه قال أبو حنيفة واحمد * وقال مالك ان تأخر التسليم مدة يسيرة كاليوم واليومين لم يضر وان تأخر مدة طويلة بطل العقد ولو تفرقا قبل تسليم بعضه

(9/209)


بطل العقد فيما لم يقبض وسقط بقسطه من المسلم فيه والحكم في المقبوض كما لو اشترى شيئين
فتلف أحدهما قبل القبض * ويجوز أن يجعل رأس المال منفعة عبد أو دار مدة معلومة وتسليمها بتسليم العين ولا يشترط تعيين رأس المال عند العقد * ولو قال أسلمت اليك دينارا في ذمتي في كذا ثم عين وسلم في المجلس جاز وكذلك في الصرف * ولو باع دينارا بدينار أو بدراهم في الذمة ثم عين وسلم في المجلس جاز * ولو باع طعاما بطعام في الذمة ثم عين وسلم في المجلس فوجهان (أحدهما)

(9/210)


المنع لان الوصف فيه يطول بخلاف الصرف فان الامر في النقود أهون ولهذا يكفى فيها الاطلاق ولا يكفى في العروض (والثانى) الجواز ويصفه كما يصف المسلم فيه والاشبه بكلام الشيخ أبى علي والائمة أن هذا أظهر وظني أنه تقدم ذكر هذا الخلاف أو نظيره * ولو قبض رأس المال ثم أودعه المسلم إليه قبل التفرق جاز ولو رده عليه بدين كان له عليه قال أبو العباس الرويانى لا يصخ لانه تصرف فيه قبل انبرام ملكه عليه فإذا تفرقا فعن بعض الاصحاب أنه يصح السلم بحصول القبض

(9/211)


وانبرام لملك ويستأنف اقباضه للدين ولو كان له في ذمة الغير دراهم فقال اسلمت اليك الدراهم التى في ذمتك في كذا نظر أن شرط الاجل فيه فهو باطل لانه بيع الدين بالدين وان كان حالا ولم يسلم المسلم فيه قبل التفرق فكمثل وان احضره وسلمه فوجهان (احدهما) يصح كما لو صالح من تلك الدراهم على دنانير وسلمها في المجلس (وأظهرهما) المنع لان قبض المسلم فيه ليس بشرط وان كان السلم حالا فلو وجد لكان متبرعا به وأحكام البيع لا تبنى على

(9/212)


التبرعات ألا ترى أنه لو باع طعاما بطعام إلى أجل ثم تبرعا بالاحضار لم يجز * وأطلق صاحب التتمة الوجهين في أن تسليم المسلم إليه في المجلس وهو حال هل يغنى عن تسليم رأس المال (والاظهر) المنع ولا يجوز أن يحيل المسلم برأس المال على غيره وان قبضه المسلم إليه من المحال عليه في المجلس لان بالحوالة يتحول الحق إلى ذمة المحال عليه فهو يؤديه من جهة نفسه لا من جهة المسلم ولو قبضه المسلم وسلمه إلى المسلم إليه جاز * ولو قال للمحال عليه سلمه إليه ففعل لم يكف لصحة السلم لان الانسان في ازالة ملكه لا يصير وكيلا للغير لكن

(9/213)


يجعل المسلم إليه وكيلا عن المسلم في قبض ذلك * ثم السلم يقتضى قبضا ولا يمكنه أن يقبض من نفسه ولو أحال المسلم إليه برأس المال الذى على المسلم فتفرقا قبل التسليم فالعقد باطل وان جعلنا الحوالة قبضا لان المعتبر في السلم القبض الحقيقي * ولو احضر رأس المال فقال المسلم إليه سلمه إليه ففعل صح ويكون المحتال وكيلا عن المسلم إليه في القبض * ولو كان رأس المال دراهم في الذمة فصالح عنها على مال لم يصح وان قبض ما صالح عليه * ولو كان عبدا فاعتقه المسلم إليه قبل القبض لم يصح

(9/214)


ان لم نصحح اعتاق المشترى قبل القبض وان صححناه فوجهان (وجه) الفرق أنه لو نفد لصار قابضا من طريق الحكم وانه غير كاف في السلم بدليل الحوالة فعلى هذا ان تفرقا قبل قبضه بطل العقد وان تفرفا بعده صح وفى نفوذ العتق وجهان ومتى فسخ السلم بسبب يقتضيه وكان رأس المال معينا في ابتداء العقد وهو باق رجع المسلم إليه وان كان تالفا رجع إلى بدله وهو المثل أو القيمة وان كان رأس المال موصوفا في الذمة ثم عجل في المجلس وهو باق فهل له المطالبة بعينه أم

(9/215)


للمسلم إليه الاتيان ببدله فيه وجهان (وجه) الثاني أن العقد لم يتناول الملك (العين ووجه) الاول وهو الاصح أن المعين في المجلس كالمعين في العقد * (فرع) وإذا وجدنا رأس المال في يد المسلم إليه واختلفا فقال المسلم أقبضتكه بعد التفرق وقال المسلم إليه بل قبله وأقام كل واحد منهما بينة على ما قاله فبينة المسلم إليه أولى لانها نافلة يحكى ذلك عن ابن سريج *

(9/216)


قال (وأصح القولين وهو اختيار المزني أن رأس المال ان كان جزافا غير مقد جاز العقد (ح) كما يجوز في البيع وكما يجوز مع الجهل بقيمته) * عرفت أن رأس المال يجوز أن يكون في الذمة ثم يسلم في المجلس ويجوز أن يكون معينا في العقد
فعلى التقدير الاول لابد من معرفة قدره وذكر صفاته إذا كان عرضا وعلى التقدير الثاني هل تكفى معاينته فيه قولان (أحدهما) لا بل لابد من بيان صفاته ومعرفة مقداره بالكيل في المكيلات والوزن في الموزونات والذرع في المذروعات لانه أحد العوضين في السلم فلا يجوز أن يكون جزافا

(9/217)


كالعوض الثاني وأيضا فان السلم لا يتم في الحال وانما هو عقد منتظر تمامه بتسليم المسلم فيه وربما ينقطع ويكون رأس المال تالفا فلا يدرى إلى ماذا يقع الرجوع وبهذا القول قال مالك واحمد واختاره أبو إسحاق (وأصحهما) وبه قال المزني أن المعاينة كافية واحتمال الفسخ ثابت في البيع كما في السلم هذا في المثليات * ولو كان رأس المال متقوما وضبطت صفاته بالمعاينة ففى اشتراط معرفة قيمته طريقان (منهم) من طرد القولين (والاكثرون) قطعوا بصحة السلم ولا فرق على القولين بين السلم

(9/218)


الحال والمؤجل (ومنهم) من خصص القولين بالسلم المؤجل وقطع في الحال بأن المعاينة كافية كما في البيع ثم موضع القولين ما إذا تفرقا قبل العلم بالقدر والقيمة أما إذا علما ثم تفرقا فلا خلاف في الصحة وبني كثير من الاصحاب على هذين القولين أنه هل يجوز أن يجعل رأس مال السلم ما لا يجوز السلم فيه ان قلنا بالاصح فيجوز وإلا فلا * قال الامام وليس ذلك على هذا الاطلاق بل الدرة الثمنية إذا عرفا قيمتها وبالغا في وصفها وجب أن يجوز جعلها رأس مال لان منع السلم فيها من الاعزار في الوصف

(9/219)


يشبه عزة الوجود ولا معنى لاشتراط عموم الوجود في رأس المال وإذا جوزنا السلم ورأس المال جزاف ثم اتفق الفسخ وتنازعا في قدره فالقول قول المسلم إليه لانه غارم (وقوله) في الكتاب وأصح القولين يجوز اعلامه بالواو لان السلم اما حال أو مؤجل أما الحال ففيه طريقة قاطعة بالصحة وأما المؤجل ففى كتاب القاضى ابن كج طريقة قاطعة بالمنع (وقوله) جاز العقد معلم بالميم والالف ويجوز اعلامه بالحاء أيضا لان عنده ان كان رأس المال مكيلا أو موزونا وجب ضبط صفاته وان كان مذروعا أو معدودا فلا يجب

(9/220)


(وقوله) وكما يجوز مع الجهل بقيمته جواب على طريقة الاكثرين * قال (الشرط الثاني) أن يكون المسلم فيه دينا * فلا ينعقد في عين لان لفظ السلم للدين * وهل ينعقد بيعا فيه قولان * وكذلك لو قال بعت بلا ثمن هل ينعقد هبة * (والاصح) الابطال لتهافت اللفظ * ولو أسلم بلفظ الشراء انعقد * وهل ينعقد سلما ليجب تسليم رأس المال في المجلس فعلى وجهين * منشؤهما تقابل النظر إلى اللفظ والمعنى) *

(9/221)


يشترط في المسلم فيه أن يكون دينا لان لفظ السلف والسلم موضوع للدين ولو استعمل لفظ السلم في العين فقال أسلمت اليك هذا الثوب في هذا العبد فليس ما جاء به سلما وفى انعقاده بيعا قولان (احدهما) ينعقد نظرا إلى المعني (وأظهرهما) لا لاختلال اللفظ * ولو قال بعت هذا بلا ثمن أو على أن لا ثمن لى عليك فقال اشتريت وقبضه هل يكون هبة فيه مثل هذين القولين عن رواية القاضى وهل يكون المقبوض مضمونا على القابض فيه وجهان * ولو قال

(9/222)


بعت هذا ولم يتعرض للثمن أصلا لم يكن ذلك تمليكا والمقبوض مضمون (ومنهم) من طرد فيه الوجهين * ولو أسلم بلفظ الشراء فقال اشتريت منك ثوبا أو طعاما صفته كذا بهذه الدراهم فقال بعته منك انعقد لان كل سلم بيع فإذا استعمل لفظ البيع فيه فقد استعمله في موضعه بخلاف استعمال لفظ السلم في البيع إذ ليس كل بيع بسلم وإذا انعقد

(9/223)


فهو سلم اعتبارا بالمعنى أو بيع اعتبارا باللفظ فيه وجهان (الاصح) على ما ذكره صاحب التهذيب وغيره أن الاعتبار باللفظ فعلى هذا لا يجب تسليم الدراهم في المجلس ويثبت فيه خيار الشرط وهل يجوز الاعتياض عن الثوب فيه قولان كما في الثمن (ومنهم) من قطع بالمنع لانه مقصود الجنس كالمبيع وفى الاثمان الغالب قصد المالية لا قصد الجنس (وان قلنا) الاعتبار بالمعني وهو الصحيح عند ابن الصباغ فهو سلم حتى يجب تسليم الدراهم في المجلس ولا يثبت فيه خيار الشرط ولا يجوز

(9/224)


الاعتياض عن الثوب ولو قال اشتريت ثوبا صفته كذا في ذمتك بعشرة دراهم في ذمتي فان جعلناه سلما وجب تعين الدراهم وتسليمها في المجلس وان جعلناه بيعا لم يجب * قال (ولا يشترط (ح) في المسلم فيه كونه مؤجلا * ويصح سلم الحال (ح م) ولكن يصرح بالحلول * فان أطلق فهو محمول على الاجل لاقتضاء العادة الاجل * فان أطلق ثم ذكر الاجل قبل التفرق جاز نص عليه) *

(9/225)


السلم الحال الصحيح خلافا لابي حنيفة ومالك وأحمد * لنا أن في الاجل ضرب من الغرر لانه ربما يقدر في الحال ويعجز عند المحل فإذا جاز مؤجلا فهو حالا أجوز وعن الغرر أبعد * إذا عرف ذلك فلو صرح بالحلول أو التأجيل فذاك وان أطلق فوجهان وقيل قولان (أحدهما) أن العقد يبطل لان مطلق العقود يحمل علي المعتاد والمعتاد في السلم التأجيل وإذا كان كذلك فيفسد ويكون كما لو ذكر أجلا مجهولا (والثانى) يصح ويكون حالا كالثمن في البيع المطلق وبالوجه الاول أجاب صاحب الكتاب

(9/226)


لكن الاصح عند الجمهور هو الثاني وبه قال في الوسيط وفى بعض نسخ الكتاب بدل قوله فهو مجهول علي النص فهو محمول على الاجل وهما متقاربان في الغرض وأما النص فيمكن تنزيله على ما حكى عن الشافعي رضى الله عنه انه قال ويذكره حالا أو مؤجلا فاعتبر ذكر الحلول كالتأجيل ولو أطلقا العقد ثم ألحقا به أجلا في مجلس العقد فالنص لحوقه وهو المذهب ويجئ في الخلاف الذي تقدم في سائر الالحاقات * ولو صرحا بالتأجيل في متن العقد ثم اسقطاه في المجلس سقط وصار العقد حالا ذكره

(9/227)


المسعودي وغيره واعلم أن في نصه على لحوق الاجل الملحق في المجلس دليلا ظاهرا على صحة العقد عند الاطلاق والا فالعقد الفاسد كيف ينقلب صحيحا وكيف يعتبر مجلسه * وهذا أصل بني عليه مسألة وهى أن الشرط الفاسد للعقد إذا حذفاه في المجلس هل ينحذف وينقلب العقد صحيحا أم لا ظاهر المذهب أنه لا ينحذف ولا ينقلب العقد صحيحا وقد ذكرناه من قبل وعن صاحب التقريب
وجه انهما لو حذفا الاجل المجهول في المجلس انحذف وصار العقد صحيحا واختلفوا في جريان هذا

(9/228)


الوجه في سائر المفسدات كالخيار والرهن الفاسدين وغيرهما فمنهم من أجراه قال الامام والاصح تخصيصه بالاجل لان بين الاجل والمجلس مناسبة لا توجد في سائر الامور وهى أن البائع لا يملك مطالبة المشترى بالثمن في المجلس كما لا يملكها في مدة الاجل فلم يبعد اصلاح الاجل في المجلس واختلفوا أيضا في أن زمان الخيار المشروط هل يلحق بالمجلس في حذف الاجل المجهول تفريعا على هذا الوجه والاظهر أنه لا يلحق به *

(9/229)


قال (ثم لا يجوز تأقيت الاجل بالحصاد والدياس (م) وما يختلف وقته * ويجوز (وح) بالنيروز والمهرجان * وكذا بفصح (و) النصاري وفطر اليهود (و) إن كان يعلم دون مراجعتهم * وفى قوله نفر الحجيج * أو إلى جمادى وجهان * والاصح صحته * والتنزيل على الاول * ولو قال إلى ثلاثة أشهر احتسب بالاهلة (ح) الا شهرا واحدا انكسر في الابتداء فيكمل ثلاثين * ولو قال إلى الجمعة أو رمضان حل بأول جزء منه * ولو قال في الجمعة أو في رمضان فهو مجهول لانه جعله ظرفا * ولو قال إلى أول الشهر أو إلى آخره فالمشهور البطلان لانه يعبر به عن جميع النصف الاول والنصف الاخير) *

(9/230)


غرض الفصل أنهما إذا ذكرا أجلا في السلم وجب ان يكون معلوما قال صلى الله عليه وسلم (إلى اجل معلوم) وفيه صور (احداها) لا يجوز تأقيته بما يختلف وقته كالحصاد والدياس وقدوم الحاج خلافا لمالك لنا ان ذلك يتقدم تارة ويتأخر اخرى فاشبه مجئ المطر ولو قال إلى العطاء لم يجزان اراد وصوله وان اراد وقت خروجه وقد عين السلطان له وقتا جاز بخلاف ما إذا قال إلى وقت الحصاد إذ ليس له وقت معين ولو قال إلى الصيف أو إلى الشتاء لم يجز الا ان يريد الوقت ويجوز إعلام

(9/231)


(قوله في) الكتاب وما يختلف وقته بالواو لان القاضى ابا القاسم ابن كج ذكر ابن خزيمة يجوز التأقيت بالميسرة لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم (اشترى من يهودى شيئا إلى الميسرة) (الثانية) التأقيت بشهور الفرس والروم جائز كالتأقيت بشهور العرب لانها معلومة مضبوطة وكذا التأقيت بالنيروز والمهرجان لانهما يومان كالعيد وعرفة وعاشوراء وفي النهاية نقل وجه انه لا يجوز التأقيت بهما ووجهه الامام بأن النيروز والمهرجان يطلقان على الوقتين الذين تنتهى الشمس فيهما إلى اوائل برجى
__________
حديث انه اشترى من يهودي إلى ميسرة.
الترمذي والنسائي والحاكم من حديث عكرمة عن عائشة وفيه قصة قال الحاكم صحيح على شرط البخاري ورواه احمد من طريق الربيع بن أنس عن أنس بن ملك باسناد ضعيف قال أبو حاتم هو منكر وهو عند الطبراني في الاوسط من طريق عاصم الاحول عن انس (تنبيه) أعل ابن المنذر فيما نقله ابن الصباغ في الشامل حديث عائشة بحرى بن عمارة وقال إنه رواه عن شعبة وقد قال فيه احمد بن حنبل انه صدوق الا ان فيه غفلة قال ابن المنذر وهذا لم يتابع عليه فأخاف أن يكون من غفلاته اه وهذا في الحقيقة من غفلات المعلل ولم يتفرد به

(9/232)


الحمل والميزان وقد يتفق ذلك ليلا ثم ينحبس مسير الشمس كل سنة بمقدار ربع يوم وليلة * ولو وقتا بفصح النصارى نص الشافعي رضى الله عنه على أنه لا يجوز فأخذ بعض الاصحاب باطلاقه اجتنابا عن التأقيت بمواقيت الكفار وعامتهم فصلوا فقالوا ان اختص بمعرفة وقته الكفار فالجواب ما ذكره لانه لا اعتماد على قولهم وإن عرفه المسلمون أيضا جاز كالنيروز والمهرجان ثم اعتبر معتبرون فيهما جميعا معرفة المتعاقدين والاكثرون اكتفوا بمعرفة الناس وسواء اعتبر معرفتهما أم لا * فلو
__________
حري بل لم نره من روايته انما رواه شعبة عن والده عمارة عن عكرمة وكان حري حاضرا في المجلس بينه الترمذي والبيهقي *

(9/233)


عرفا كفى وفيه وجه أنه لابد من معرفة عدلين من المسلمين سواهما لانهما قد يختلفان فلابد من
مرجع وفى معني الفصح سائر أعياد أهل الملل كفطر اليهود ونحوه (الثالثة) لو وقتا بنفر الحجيج وقيدا بالاول أو الثاني جاز وان أطلقا فوجهان (أحدهما) أن الاجل فاسد لتردد المحل بين النفرين (وأصحهما) ويحكى عن نصه أنه صحيح ويحمل على النفر الاول لتحقق الاسم به وعلى هذا الخلاف التوقيت بشهر ربيع أو جمادي أو بالعيد * ولا يحتاج إلى تعيين السنة إذا حملنا المذكور على الاول

(9/234)


وحكى عن الحاوى أن التوقيت بالنفر الاول أو الثاني لاهل مكة جائز لانه معروف عندهم ولغيرهم وجهان وأن في التوقيت بيوم لاهل مكة وجهين أيضا لانه لا يعرفه إلا خواصهم وهذا غير فقيه لانا ان اعتبرنا علم المتعاقدين فلا فرق وإلا فهي مشهورة في كل ناحية عند الفقهاء وغيرهم (الرابعة) لو أجلا إلى سنة أو سنتين فمطلقه محمول علي السنين الهلالية فان قيدا بالفارسية أو الرومية أو الشمسية تعبد بالمذكور * ولو قال بالعدد فهو ثلثمائة وستون يوما وكذا مطلق الاشهر محمول على

(9/235)


الشهور الهلالية ثم نظر ان جرى العقد في أول الشهر اعتبر الجميع بالاهلة تامة كانت أو ناقصة وان جرى بعد مضى بعض الشهر عد الباقي منه بالايام واعتبرت الشهور بعده بالاهلة ثم يتمم المنكسر بالعدد ثلاثين وانما كان كذلك لان الشهر الشرعي هو ما بين الهلالين الا أن في الشهر المنكسر لابد من الرجوع إلى العدد كيلا يتأخر ابتداء الاجل عن العقد وفيه وجه أنه إذا انكسر الشهر انكسر الجميع فيعتبر الكل بالعدد ويحكى هذا عن أبى حنيفة (والمذهب) الاول * وضرب الامام مثلا للتأجيل بثلاثة أشهر مع فرض

(9/236)


الانكسار فقال عقدوا وقد بقى لحظة من صفر ونقص الربيعان وجمادى فيحسب الربيعان بالاهلة ويضم جمادى إلى اللحظة الباقية من صفر ويكملان بيوم من جمادى الآخرة سوى لحظة ثم قال كنت أود في هذه الصورة أن يكتفي بالاشهر الثلاثة فانها جرت عربية كوامل وما تمناه هو الذى نقله أبو سعد المتولي وغيره وقطعوا بحلول الاجل بانسلاخ جمادى في الصورة المذكورة وان العدد انما يراعى فيما إذا جرى العقد في غير اليوم الاخير وهو الصواب والله أعلم (الخامسة) لو قال إلى

(9/237)


الجمعة أو إلى رمضان حل بأول جزء منه لتحقق الاسم به وربما يقال بانتهاء يوم الجمعة وانتهاء شعبان والمقصود واحد ولو قال محله في الجمعة أو في رمضان فوجهان (عن ابن أبى هريرة) أنه يجوز ويحمل على الاول كما لو قال أنت طالق في يوم كذا (وأصحهما) المنع لانه جعل اليوم أو الشهر ظرفا فكأنه قال محله وقت من أوقات يوم كذا وفرقوا بينه وبين الطلاق بان الطلاق يجوز تعليقه بالمجاهيل والاغرار بخلاف السلم قال ابن الصباغ نعم لكن لو كان هذا من ذلك القبيل لوقع في الجزء

(9/238)


الاخير دون الاول وهذا أحسن والفرق مشكل * ولو قال إلى أول شهر كذا أو آخره فعن عامة الاصحاب بطلانه لان اسم الاول يقع على جميع النصف فلابد من البيان والا فهو مجهول وقال الامام وصاحب التهذيب وجب أن يصح ويحمل على الجزء الاول من كل نصف على قياس مسألة النفر وأيضا فانه إذا أجل إلى يوم حمل على أوله وان كان اسم اليوم عبارة عن جميع الاجزاء وأيضا فان الامر في الطلاق على ما ذكراه وأيضا فانه لو قال إلى شهر كذا حمل على أول جزء منه (وقوله) إلى أول

(9/239)


شهر كذا أقرب إلى هذا المعني مما إذا أطلق ذكر الشهر * قال الامام وقد يحمل الفطر الاول على الجزء الاول والآخر على الجزء الآخر وسينتهي إلى وجه كما أشار إليه في الطلاق * (فرع) لو أسلم في جنس واحد إلى أجلين أو آجال دفعة واحدة كما لو أسلم في وقر حنطة يسلمه بنجمين أو أسلم في جنسين إلى أجل كما لو أسلم في حنطة وشعير إلى شهر ففي الصورتين قولان (أحدهما) البطلان لانه ربما يتعذر تسليم بعض النجوم أو بعض الاجناس فيرتفع العقد فيه ويتعدى إلى الباقي

(9/240)


فيصير التنجيم شرطا متضمنا رفع العقد (وأصحهما) الصحة كما لو باع بثمن منجم أو بجنسين والخلاف ناظر إلى أن الصفقة هل تفرق * واعلم أن الكلام في أن التأجيل ليس بشرط في السلم وفى أن شرط الاجل ماذا لا اختصاص له بهذا الموضع وربما كان ذكره بعد الفراغ من الشروط كلها أليق *
قال (الشرط الثالث أن يكون المسلم فيه مقدورا على تسليمه * فلا يصح السلم في منقطع لدى المحل * ولا يضر الانقطاع قبله (ح) ولا بعده * ولا يكفى الوجود في قطر آخر لا يعتاد نقله إليه

(9/241)


في غرض المعاملة * ولو أسلم في وقت الباكورة في قدر كثير يعسر تحصيله ففيه وجهان * ولو طرأ الانقطاع بعد انعقاد السلم فأصح القولين أنه لا ينفسخ * بل له الخيار كما في اباق العبد المبيع * ولو تبين العجز قبل المحل ففى تنجيز الخيار أو تأخره إلى المحل قولان) * هذا الشرط ليس من خواص السلم بل يعم كل بيع على ما مر وانما تعتبر القدرة على التسليم

(9/242)


عند وجوب التسليم وذلك في البيع والسلم الحال في الحال وفى السلم المؤجل عند المحل فلو أسلم في منقطع لدي المحل كما لو جعل محل الرطب السالم يصح وكذا لو أسلم فيما يندر وجوده كلحم الصيد حيث يعز فيه الصيد وإن كان يغلب على الظن وجوده لكن لا يتوصل إلى تحصيله الا بمشقة عظيمة كالقدر الكثير من الباكورة ففيه وجهان (أقربهما) إلى كلام الاكثرين البطلان لانه عقد غرر فلا يحتمل فيه معاناة المشاق العظمية (وأقيسهما) عند الامام الصحة لان التحصيل ممكن وقد التزمه المسلم

(9/243)


إليه * ولو أسلم في شئ ببلد لا يوجد مثله فيه ويوجد في غيره قال في النهاية إن كان قريبا منه صح وان كان بعيدا لم يصح قال ولا تعتبر مسافة القصر ههنا وانما التقريب فيه أن يقال ان كان يعتاد نقله إليه في غرض المعاملة لا في معرض التحف والمصادرات صح السلم والا فلا ويجئ في آخر الفصل ما ينازع في الاعراض عن مسافة القصر * ولو كان المسلم فيه عام الوجود عند المحل فلا بأس بانقطاعه قبله أو بعده وعند أبى حنيفة يشترط عموم الوجود من وقت العقد إلى المحل * واحتج

(9/244)


الشافعي رضى الله عنه بالحديث المذكور في أول الباب (وهو أنهم كانوا يسلفون في الثمار السنة والسنتين) والثمار لا تبقى هذه المدة بل تنقطع * وإذا أسلم فيما يعم وجوده ثم انقطع عند المحل لجائحة فقولان
(أحدهما) أنه ينفسخ العقد كما لو تلف المبيع قبل القبض (وأصحهما) وبه قال ابو حنيفة لا ينفسخ لان المسلم فيه يتعلق بالذمة فأشبه ما إذا أفلس المشترى بالثمن لا ينفسخ العقد ولكن للبائع الخيار ولان هذا العقد ورد على مقدور في الظاهر فعروض الانقطاع كاباق العبد المبيع وذلك لا يقتضى الا الخيار

(9/245)


فكذلك ههنا المسلم يتخير أن يفسخ العقد أو يصبر إلى وجود المسلم فيه ولا فرق في جريان القولين بين أن لا يوجد المسلم فيه عند المحل أصلا وبين أن يكون موجودا فيسوف المسلم إليه حتى ينقطع وعن بعض الاصحاب أن القولين في الحالة الاولى (أما) في الثانية فلا ينفسخ العقد بحال لوجود المسلم فيه وحصول القدرة فان أجاز ثم بدا له مكن من الفسخ كزوجة المولى إذا رضيت بالمقام ثم ندمت ووجهه الامام بأن هذه الاجازة انظار والانظار تأجيل والاجل لا يلحق العقد بعد

(9/246)


لزومه وقد يتوقف الناظر في كونها انظار أو يميل إلى انها اسقاط حق ورضى بما عرض كأجازة زوجة العنين ويجوز أن يقدر فيه وجهان لان الامام حكى وجهين في أنه لو صرح باسقاط حق الفسخ هل يسقط قال والصحيح أنه لا يسقط * ولو قال المسلم إليه للمسلم لا تصبر وخذ رأس مالك فللمسلم أن لا يجيبه وفيه وجه * ولو حل الاجل بموت المسلم إليه في اثناء المدة والمسلم فيه منقطع جرى القولان ذكره في التتمة قال وكذا لو كان موجودا عند المحل وتأخر التسليم لغيبة أحد المتعاقدين ثم

(9/247)


حضر والمسلم فيه منقطع * ولو انقطع بعض المسلم فيه فقد ذكرنا حكمه في تفريق الصفقة * ولو أسلم في شئ عام الوجود عند المحل ثم عرضت آفة علم بها انقطاع الجنس لدى المحل فيتنجز حكم الانقطاع في الحال أو يتأخر إلى المحل فيه وجهان (أحدهما) يتنجز حتى ينفسخ العقد على قول ويثبت الخيار على الثاني لتحقق العجز في الحال (وأظهرهما) لا لانه لم يجئ وقت وجوب التسليم وهذا الخلاف مأخوذ من الخلاف فيما إذا حلف ليأكلن هذا الطعام غدا فتلف قبل الغد يحنث في الحال أو يتأخر

(9/248)


الحنث إلى الغد (وقوله) في الكتاب ففي تنجيز الخيار أو تأخيره تفريع على أن الثابت بالانقطاع الخيار دون الانفساخ وعلى القول الآخر يتنجز الانفساخ واللفظ العام ما سبق واطلاقه القولين في المسألة اتباع للامام والوجه الحمل على القولين المخرجين وحينئذ لا يبقي بينهما وبين الوجهين كثير فرق (فان قيل) فبم يحصل الانقطاع (قيل) إن لم يوجد المسلم فيه أصلا بأن كان ذلك الشئ ينشأ في تلك البلدة وقد أصابته جائحة مستأصلة فهذا انقطاع حقيقي وفى معناه ما لو كان يوجد في غير تلك البلدة ولكن لو نقل إليها

(9/249)


لفسد وما إذا لم يوجد إلا عند قوم محصورين وامتنعوا من بيعه ولم كانوا يبيعونه بثمن غال وجب تحصيله ولم يكن ذلك انقطاعا وإن أمكن نقل المسلم فيه من غير تلك البلدة إليها وجب نقله إن كان في حد القرب وبم يضبط (أما) صاحب التهذيب في آخرين فانهم نقلوا وجهين (أقربهما) أنه يجب نقله مما دون مسافة القصر (والثانى) من مسافة لو خرج إليها بكرة أمكنه الرجوع إلى أهله ليلا (وأما) الامام فانه جرى على الاعراض عن مسافة القصر وقال إن أمكن النقل على عسر

(9/250)


(فالاصح) أن السلم لا ينفسخ قطعا ومنهم من طرد فيه القولين * قال (وأصح القولين أنه لا يشترط تعيين مكان التسليم بل ينزل المطلق على مكان العقد) * السلم اما مؤجل أو حال أما المؤجل فقد حكى عن نص الشافعي رضى الله عنه اختلاف في أنه هل يجب تعيين مكان التسليم وانقسم الاصحاب إلى نفاة للخلاف ومثبتين (أما) النفاة فعن أبى إسحق

(9/251)


المروزى أنه ان جرى العقد في موضع يصلح للتسليم فلا حاجة إلى التعيين وإن جري في موضع غير صالح فلا بد من التعيين وحمل النصين على الحالين * وعن ابن العاص أن المسلم فيه ان كان لحمله مؤنة وجب التعيين والا فلا وحمل النصين على الحالين وبهذا قال أبو حنيفة وهو اختيار القاضى أبى الطيب فهذان طريقان (وأما) المثبتون فلهم طرق (احدها) وبه قال صاحب الافصاح والقاضى أبو حامد ان المسألة على قولين مطلقا (والثانى) أنه ان لم يكن الموضع صالحا وجب التعيين

(9/252)


لا محالة وان كان صالحا فقولان (والثالث) ان لم يكن لحمله مؤنة فلا حاجة إلى التعيين وان كان له مؤنة فقولان (والرابع) ان كان لحمله مؤنة فلا بد من التعيين وإلا فقولان وهذا اصح الطرق عند الامام * ويروي عن اختيار القفال ووجه اشتراط التعيين ان الاغراض تتفاوت بتفاوت الامكنة فلابد من التعيين قطعا للنزاع كما لو باع بدراهم وفى البلد نقود مختلفة ووجه عدم الاشتراط وبه قال احمد القياس على البيع فأنه لا حاجة فيه إلى تعيين مكان التسليم ووجه الفرق بين الموصع الصالح

(9/253)


وغير الصالح اطراد العرف بالتسليم في الموضع الصالح واختلاف الاغراض في غيره ووجه الفرق بين ما لحمله مؤنة وغيره قريب من ذلك والفتوى من هذا كله على وجوب التعيين إذا لم يكن الموضع صالحا أو كان لحمله مؤنة وعدم الاشتراط في غيرها تبين الحالتين ومتى شرطنا التعيين فلو لم يعين فسد العقد وان لم نشرطه فان عين تعين وعن احمد رواية ان هذا الشرط يفسد السلم وان لم يعين حمل على مكان العقد * وفى التتمة انه إذا لم يكن لحمله مؤنة سلمه في أي موضع صالح شاء وذكر

(9/254)


وجها فيما إذا لم يصلح الموضع للتسليم انه يحمل على أقرب موضع صالح * ولو عين موضعا للتسليم فخرب وخرج عن صلاحية التسليم ففيه ثلاثة اوجه ذكرها القاضى ابن كج (احدها) أنه يتعين ذلك الموضع (والثاني) لا وللمسلم الخيار (والثالث) يتعين اقرب موضع صالح (وأما) السلم الحال فلا حاجة فيه إلى تعيين مكان التسليم كالبيع ويتعين مكان العقد لكن لو عينا موضعا آخر جاز بخلاف البيع لان السلم يقبل التأجيل فيقبل شرطا يتضمن تأخير التسليم بالاحصار والاعيان

(9/255)


لا تحتمل التأجيل فلا تحتمل شرطا يتضمن تأخير التسليم وحكم الثمن في الذمة حكم المسلم فيه وان كان معينا فهو كالمبيع قال في التهذيب ولا نعنى بمكان العقد ذلك الموضع بعينه بل تلك المحلة والله أعلم *
قال (الشرط الرابع أن يكون معلوم المقدار بالوزن أو الكيل * قال رسول الله صلى الله عليه وسلم * من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم * ولا يكفي العد في المعدودات

(9/256)


بل لابد من ذكر الوزن في البطيخ والبيض والباذنجان والرمان وكذا الجوز واللوز ان عرف نوع لا يتفاوت في القشور غالبا ويجمع في اللبن بين العد والوزن) * يشترط أن يكون المسلم فيه معلوم القدر للخبر والاعلام تارة تكون بالكيل وأخرى بالوزن أو العدد أو الذرع (وقوله) في الحديث في كيل معلوم ووزن معلوم ينبغى أن يعرف فيه شيئان

(9/257)


(أحدهما) أنه ليس أمرا بالجمع بين الكيل والوزن بل الجمع قد يكون مبطلا كما لو أسلم في ثوب ووصفه وقال وزنه كذا أو أسلم في مائة صاع حنطة على أن يكون وزنها كذا لانه يورث عزة الوجود قال الشيخ أبو حامد لكن لو ذكر وزن الخشب مع الصفات المشروطة جاز لانه لو كان زائدا أمكن نحته حتى يعود إلى القدر المشروط * إذا تقرر ذلك فالمراد من الخبر الامر بالكيل في المكيلات والوزن في الموزونات (الثاني) هذا الامر ورد على العادة الغالبة في النوعين لا للتعيين فيجوز دكر

(9/258)


الوزن في المكيلات والكيل في الموزونات التى يتأتى فيها الكيل بخلاف الربويات لان المقصود ههنا معرفة المقدار وكل واحد منهما معروف وثم نص الشارع على طريق المماثلة فوجب الاتباع وعن أبى الحسين ابن القطان أن بعض الاصحاب منع من السلم كيلا في الموزونات والمشهور الاول لكن امام الحرمين حمل ما أطلقه الاصحاب علي ما يعتاد الكيل في مثله ضابطا (أما) لو أسلم في فتات المسك والعنبر ونحوهما كيلا لم يصح لان للقدر اليسير منه مالية كبيرة والكيل لا يعد ضابطا

(9/259)


فيه * ثم الفصل صورتان (إحداهما) السلم في البطيخ والقثاء والرمان والسفرجل والباذنجن والرانج والبيض جائز والمعتبر فيها الوزن دون الكيل لانها تتجافى في المكيال ودون العدد لكثرة التفاوت
فيه والناس يكتفون بالعدد تعويلا على العيان وتسامحا وكذا لا يجوز السلم في الجوز واللوز عددا ويجوز وزنا وفى الكيل وجهان نقلهما صاحب البيان المذكور منهما في الشامل الجواز وكذا في الفستق والفندك * واستدرك الامام فقال قشور الجوز واللوز مختلفة فمنها غلاظ ومنها رقاق والغرض

(9/260)


يختلف باختلافها فليمتنع السلم فيها بالوزن أيضا وليحمل ما أطلقه الاصحاب على النوع الذى لا تختلف قشوره في الغالب * وعن أبي حنيفة أنه يجوز السلم عددا في البيض والجوز ولا يجوز السلم في البقول جزما لاختلافها وانما السلم فيها بالوزن ولا يجوز السلم في البطيخة الواحدة والسفرجلة الواحدة ولا في عدد منها لانه يحتاج إلى ذكر حجمها ووزنها وذلك يورث عزة الوجود (وقوله) في الكتاب ولا يكفى العد في المعدودات يجوز اعلامه بالحاء لما حكيناه عنه ثم هو غير مجرى على اطلاقه لان التقدير

(9/261)


في الحيوانات انما يكون بالعد دون الوزن والكيل (وقوله) بل لابد من ذكر الوزن بعد قوله ولا يكفى العد قد يوهم الحاجة إلى ذكر الوزن مع العد وليس كذلك بل هو مفسد كما سبق والمراد أن المعتبر الوزن ولا نظر إلى العد (الثانية) يجمع في اللبن بين العد والوزن فيقول كذا لبنة وزن كل واحدة كذا لانها تضرب عن اختيار فالجمع فيها بين العد والوزن لا يورث عزة ثم الامر فيها على التقريب دون التحديد *

(9/262)


قال (ولو عين مكيالا لا يعتاد كالكوز فسد العقد * وان كان يعتاد فسد الشرط وصح العقد على الاصح لانه لغو * ولو أسلم في ثمرة بستان بعينه بطل لانه ينافى الدينية * وان أضافه إلى ناحية كمعقلي البصرة جاز إذ الغرض منه الوصف) * في الفصل مسألتان (احداهما) لو عين للكيل ما لا يعتاد الكيل به كالكوز فسد السلم لان ملاه مجهول القدر ولان فيه غرر لا حاجة إلى احتماله فانه قد يتلف قبل المحل وفى البيع لو قال

(9/263)


بعتك ملء هذا الكوز من هذه الصبرة فوجهان بناء على المعنيين (والاصح) الصحة اعتمادا على المعني الثاني * ولو عين في البيع أو السلم مكيالا معتادا فهل يفسد العقد فيه وجهان (أحدهما) نعم لتعرضه للتلف (وأصحهما) لا ويلغو الشرط كسائر الشروط الذى لا غرض فيها والسلم الحال كالمؤجل أو كالبيع فيه وجهان (جواب) الشيخ أبى حامد منهما انه كالمؤجل لان الشافعي رضى الله عنه قال لو أسلم في ملء هذه الجرة خلا لم يصح لانها قد تنكسر فلا يمكن التسليم كذلك

(9/264)


ههنا * ولو قال أسلمت اليك في ثوب كهذا الثوب أو في مائة صاع من الحنطة كهذه الحنطة فقد قال العراقيون لا يصح لابه ربما يتلف ذلك المحضر كما في مسألة الكوز وفى التهذيب أنه يصح ويقوم مقام الوصف * ولو أسلم في ثوب ووصفه ثم أسلم في ثوب آخر بتلك الصفة جاز إن كانا ذاكرين لتلك الاوصاف (الثانية) لو أسلم في حنطة ضيعة بعينها أو ثمرة بستان بعينه أو قرية صغيرة لم يجز وعللوه بشيئين (أحدهما) أن تلك البقعة قد تصيبها جائحة فتنقطع ثمرته وحنطته فاذن في

(9/265)


التعيين غرر لا ضرورة إلى اجتماله (والثانى) وهو المذكور في الكتاب أن التعيين ينافى الدينية من حيث إنه يضيق مجال التحصيل والمسلم فيه ينبغى أن يكون دينا مرسلا في الذمة ليتيسر أداؤه * وإن أسلم في ثمرة ناحية أو قرية كبيرة نظر إن أراد المسلم فيه تنوع المسلم فيه كمعقلي البصرة جاز فانه مع معقلى بغداد صنف واحد لكن كل واحد منهما يمتاز عن الآخر بصفات وخواص فالاضافة إليها تفيد فائدة الاوصاف وإن لم تفد تنويعا فوجهان (أحدهما) انه كتعيين المكيال لخلوه عن الفائدة (وأصحهما)

(9/266)


الصحة لانه لا ينقطع غالبا ولا يتضيق به المجال * قال (الشرط الخامس معرفة الاوصاف * فلا يصح السلم إلا في كل ما ينضبط منه كل وصف تختلف به القيمة اختلافا ظاهرا لا يتغابن الناس بمثله في السلم * ولا يصح في المختلطات المقصودة الا دكان كالمرق والحلاوي والمعجونات * والخفاف والقسى والنبال * والاصح أنه يصح
في العتابى والخز وان اختلف اللحمة والسدي لانه في حكم الجنس الواحد كالشهد (و) واللبن *

(9/267)


وكذلك ما لا يفسد خلطه كالخبز وفيه الملح * والجبن واللبن وفيه الانفحة * وكذا دهن البنفسج والبان * وفى خل الزبيب والتمر وفيه الماء تردد) * أقدم فقه الفصل ثم أتكلم في الضبط الذي حاوله (أما) الفقه فهو أن معرفة أوصاف المسلم فيه بذكرها في العقد شرط فلا يصح السلم فيما لا تنضبط أوصافه أو تنضبط واهملا بعض ما يجب ذكره لان البيع لا يحتمل جهالة المعقود عليه وهو عين فلان لا يحتملها السلم وهو دين كان أولى

(9/268)


ولتعذر الضبط أسباب (منها) الاختلاط والمختلطات أربعة أنواع لان الاختلاط اما أن يقع بالاختيار أو خلقة والاول اما أن يتفق وجميع اخلاطها مقصودة أو يتفق والمقصود واحد والاول اما أن يكون بحيث يتعذر ضبط اخلاطه أو بحيث لا يتعذر (النوع الاول) المختلطات المقصودة الاركان التى لا تنضبط أقدار اخلاطها وأوصافها كالهرائس ومعظم المرق والحلاوى والمعجونات والحوارشات والغالية المركبة من المسك والعنبر والعود والكافور فلا يصح السلم في شئ منها للجهل بما هو متعلق الاغراض وكذا

(9/269)


الخفاف والنعال لاشتمالها على الظهارة والبطانة والحشو لان العبارة تضيق عن الوفاء بذكر أطرافها وانعطافاتها وفى البيان أن الصيمري حكي عن ابن سريج جواز السلم فيها وبه قال أبو حنيفة وكذا القسى لا يجوز السلم فيها لاشتمالها علي الخشب والعظم والعصب (وأما) النبل فقد نقل فيه اختلاف نص واتفقوا علي أنه لا خلاف فيه واختلاف النص محمول على اختلاف أحواله فلا يجوز السلم فيه بعد التخريط والعمل عليه (أما) إذا كان عليه عصب وريش ونصل فللمعنيين (أحدهما) أنه من المختلطات

(9/270)


(والثانى) اختلاف وسطه وطرفيه دقة وغلطا وتعذر ضبطه وانه من أي موضع يأخذ من الدقة في الغلظ أو بالعكس ولم تأخذ وأما إذا لم يكن فللمعنى الثاني ويجوز السلم قبل التخريط والعمل
عليه لتيسر ضبطه والمغازل كالنبال والترياق المخلوط كالغالية فان كان نباتا واحدا أو حجرا جاز السلم فيه (النوع الثاني) المختلطات المقصودة الاركان التى تنضبط اقدارها وصفاتها كالثياب العتابية والخزوز المركبة من الابريسيم والوبر وفى السلم فيه وجهان (أحدهما) المنع كالسلم في الغالية والمعجونات

(9/271)


(وأصحهما) عند المصنف ومعظم العراقيين الجواز لان قدر كل واحد من اخلاطها مما يسهل ضبطه ويحكى هذا عن نص الشافعي رضى الله عنه وبه أجاب القاضى ابن كج ويخرج على الوجهين السلم في الثوب المعمول عليه بالابرة بعد النسج من غير جنس الاصل كالابريسم على القطن أو الكتان وان كان تركيبها بحيث لا تنضبط أركانها فهي كالمعجونات (النوع الثالث) المختلطات التى لا يقصد منها إلا الخليط الواحد كالخبز وفيه الملح لكنه غير مقصود في نفسه وانما يراد منه اصلاح الخبز وفى السلم

(9/272)


فيه وجهان (أصحهما) عند الامام أنه جائز وبه قال أحمد وهو الذي أورده في الكتاب لان الملح مستهلك فيه والخبز في حكم الشئ الواحد (والثانى) وهو الاصح عند الاكثرين المنع لوجهين (أحدهما) الاختلاط واختلاف الغرض بحسب كثرة الملح وقلته وتعذر الضبط (والثانى) تأثير النار فيه * وفى السلم في الجبن مثل هذين الوجهين لكن الجمهور مطبقون على ترجيح وجه الجواز كأنهم اعتمدوا في الخبز المعنى الثاني ورأوا أن عمل النار في الخبز يختلف وفى الجبن بخلافه والله أعلم *

(9/273)


والوجهان جاريان في السمك الذى عليه شئ من الملح وفى خل التمر والزبيب وجهان أيضا (أحدهما) واليه ميل الصيمري والامام منع السلم فيهما لما فيهما من الماء كما لا يجوز السلم في المخيض (وأظهرهما) عند الاكثرين الجواز لانه لا غنية به عن الماء فان قوامه به بخلاف المخيض إذ لا مصلحة له في الماء والاقط كالجبن وفى التتمة أن المصل كالمخيض لما فيه من الدقيق والادهان المطيبة كدهن البنفسج والبان والورد إن خالطها شئ من جرم الطيب لم يجز السلم فيها وان تروح السمسم بها ثم اعتصر جاز *

(9/274)


(النوع الرابع) المختلطات خلقة ومثلها الامام بالشهد واللبن وعد الشهد من المختلطات أظهر من عد اللبن منها لان في ركني الشهد امتيازا ظاهرا واللبن شئ واحد الا أنه بعرض أن يحصل منه شيئان مختلفان وفى السلم في الشهد وجهان (احدهما) المنع لان الشمع فيه وقد يقل وقد يكثر فأشبه سائر المختلطات وهذا ما رواه القاضى ابن كج عن نصه (وأصحهما) الجواز لان اختلاطه خلقي فأشبه النوى في التمر وكما يجوز السلم في الشهد يجوز في كل واحد من ركنيه (واما) اللبن فلا خلاف في جواز السلم

(9/275)


فيه (وقوله) في اول الفصل فلا يصح السلم إلى قوله لا يتغابن الناس بمثله في السلم هكذا هو في بعض النسخ وفى بعضها ما لا يتغابن الناس بمثله وهما صحيحان ومعني الاول لا يحتمل الناس اهمال مثل ذلك الاختلاف والنقصان ومعنى الثاني انه لا بأس بأن لا تنضبط منه الاوصاف التى لا يبالى بها ويحتمل فواتها * ثم اعلم ان من الاصحاب من يقول يجب التعرض للاوصاف التى يختلف بها الغرض ومنهم من يعتبر الاوصاف التى تختلف بها القيمة (ومنهم) من يجمع بينهما وليس شئ منها معمولا

(9/276)


باطلاقه لان كون العبد ضعيفا في العمل وقويا وكاتبا وأمينا وما أشبه ذلك أوصاف يختلف بها الغرض والقيمة ولا يجب التعرض لها ثم (قوله) لا يصح السلم الا في كذا يقتضى صحة السلم في كذا لان الاستثناء من النفي اثبات وليس ذلك على الاطلاق بل لو انضبط منه كل وصف تختلف به القيمة ولكن كان عزيز الوجود لا يصح السلم فيه قال (وأما ما يقبل الوصف ولكن يفضى الاطناب فيه إلى عزة الوجود كاللآلئ الكبار

(9/277)


واليواقيت والجارية الحسناء مع ولدها إلى غير ذلك مما يعز وجوده فان ذلك يوجب عسرا في التسليم فلا يجوز السلم فيه) * قد سبق أن السلم فيما يندر وجوده لا يجوز لانه عقد غرر فلا يحتمل إلا فيما يوثق بتسليمه ثم الشئ قد يكون نادر الوجود من حيث جنسه كلحم الصيد في موضع العزة وقد لا يكون كذلك
إلا أنه بحيث إذا ذكرت أوصافه التي بينا أنه يجب التعرض لها عز وجوده لندرة اجتماعها وفى هذا

(9/278)


القسم صورتان (إحداهما) لا يجوز السلم في اللآلئ الكبار واليواقيت والزبرجد والمرجان لانه لابد فيها من التعرض للحجم والشكل والوزن والصفاء لعظم تفاوت القيمة باختلاف هذه الاوصاف واجتماع المذكور فيها نادر ويجوز في اللآلئ الصغار إذا عم وجودها كيلا ووزنا وبم ضبط النوعين * قال قائلون ما يطلب للتداوي فهو صغير وما يطلب للتزين فهو كبير * وعن الشيخ أبى محمد أن ما وزنه

(9/279)


سدس دينار يجوز السلم فيه وإن كان يطلب منه التزبن لعموم وجوده والوجه أن يكون اعتبار السدس بالتقريب (الثانية) لو أسلم في جارية وولدها أو جارية وأختها أو عمتها أو شاة وسخلتها لم يجز لان اجتماع الجارية الموصوفة بالصفات المشروطة نادر هكذا أطلقه الشافعي رضى الله عنه وعامة الاصحاب رضى الله عنهم وفصل الامام فقال لا يمتنع ذلك في الزنجية التى لا تكثر صفاتها ويمتنع في السرية التى تكثر صفاتها وإلى هذا التفصيل أشار في الكتاب بقوله والجارية الحسناء وهذا مفرع

(9/280)


على أن الصفات التى يجب التعرض لها تختلف باختلاف الجوارى ولم تفصل الائمة القول فيه كما ستعرفه لكن في موضع السلم اشكال على الاطلاق لانهم حكوا عن نصه أنه لو شرط كون العبد كاتبا أو الجارية ماشطة جاز ولمدع أن يدعي ندرة اجتماع صفة الكتابة والمشط مع الصفات التي يجب التعرض لها بل قضية ما أطلقوه تجويز السلم في عبد وجارية بشرط كون هذا كاتبا وتلك ماشطة وكما يندر كون أحد الرقيقين ولدا للآخر مع اجتماع الصفات المشروطة فيهما فكذا يندر كون أحدهما

(9/281)


كاتبا والآخر ماشطا مع اجتماع تلك الصفات فلنسو بين الصورتين في المنع والتجويز * ولو أسلم في جارية وشرط كونها حاملا فطريقان (أظهرهما) المنع وعللوه بان اجتماع الحمل مع الصفات المشروطة نادر وهذا يؤيد الاشكال الذى أوردناه (والثانى) وبه قال أبو إسحق وأبو علي الطبري وابن
القطان أنه على قولين بناء على أن الحمل هل له حكم أم لا (ان قلنا) نعم جاز والا فلا لانه لا يعرف حصوله وهما كالقولين في الشراء بهذا الشرط * ولو شرط كون الشاة المسلم فيها لبونا فقولان منصوصان

(9/282)


وقد ذهب الشيخ أبو حامد إلى ترجيح قول الجواز كما مر في شراء الجارية بشرط أنها لبون لكن قضية توجيه أظهر الطريقين في صورة الحمل تقتضي ترجيح المنع ههنا أيضا وبه أجاب صاحب التهذيب * قال (ويجوز السلم في الحيوان (ح) للاخبار والآثار فيه فيتعرض للنوع واللون والذكورة والانوثة والسن فيقول عبد تركي أسمر ابن سبع طويل أو قصير أو ربع * ثم ينزل كل شئ على أقل الدرجات

(9/283)


ولا يشترط وصف آحاد الاعضاء إذ يفضي اجتماعها إلى عزة الوجود * وفى الكحل والدعج وتكلثم الوجه والسمن في الجارية * وما لا يعز وجوده ولكن قد يعد استقصاء فيه تردد * وكذا في ذكر الملاحة ويقول في البعير ثنى أحمر من نعم بنى فلان غير مودون أي غير ناقص الخلقة * ويتعرض في الخيل للون والسن والنوع * ولا يجب التعرض للشيات كالطغر واللطيم * ويتعرض في الطيور للنوع والكبر والصغر من حيث الجثة) *

(9/284)


يجوز السلم في الحيوان وبه قال مالك واحمد خلافا لابي حنيفة لما روى عن عبد الله بن عمرو ابن العاص قال (أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اشترى بعيرا ببعيرين إلى أجل
__________
حديث عبد الله بن عمرو أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اشتري له بعيرا ببعيرين إلى أجل أخرجه أبو داود وقد تقدم في الربا *

(9/285)


وعن علي رضى الله عنه " أنه باع بعيرا له بعشرين بعيرا إلى أجل " وعن ابن عمر (أنه اشترى راحلة باربعة أبعرة يوفيها صاحبها بالربذة) وهذه ونحوها هي الاخبار والآثار التى أجمل ذكرها في
__________
حديث ابن عمر أنه اشترى راحلة باربعة أبعرة يوفيها صاحبها بالربذة: علقه البخاري ورواه مالك في الموطأ عن نافع عن بن عمر والشافعي عن مالك كذلك (تنبيه) روى عن ابن عمر ما يعارض هذا رواه عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه أنه سأل ابن عمر عن بعير ببعيرين فكرهه ورواه ابن أبي شيبة عن ابن أبي زائدة عن ابن عون عن ابن سيرين قلت لابن عمر البعير بالبعيرين إلى أجل فكرهه ويمكن الجمع بانه كان يرى فيه لجواز وإن كان مكروها على التنزيه لا على التحريم وروي الحاكم والدارقطني من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السلف في الحيوان وفي اسناده اسحق بن ابراهيم بن جوثى وهاه ابن حبان * حديث علي أنه باع بعيرا بعشرين بعيرا إلى أجل مالك في الموطأ عن صالح عن

(9/286)


الكتاب * ثم الحيوان أنواع (فمنها) الرقيق فإذا أسلم فيه وجب التعرض لامور (أحدها) النوع فيبين أنه تركي أو رومى أو هندي وهل يجب التعرض لصنف النوع ان كان فيه اختلاف فيه قولان (أظهرهما) الوجوب (والثانى) اللون فيبين أنه أبيض أو أسود ويصف البياض بالسمرة أو الصفرة والسواد
__________
االحسن بن محمد بن علي عن علي وفيه انقطاع بن الحسن وعلي وقد روي عنه ما يعارض هذا روى عبد الرزاق من طريق ابن المسيب عن علي أنه كره بعيرا ببعيرين نسيئة وروى ابن أبي شيبة نحوه عنه *

(9/287)


بالصفاء أو الكدورة وهذا إذا اختلف لون الصنف المذكور فان لم يقع فيه اختلاف أغني ذكره عن اللون (والثالث) الذكورة والانوثة (والرابع) السن فيقول محتلم أو ابن ست أو سبع ثم الامر في السن على التقريب حتى لو شرط كونه ابن سبع مثلا بلا زيادة ولا نقصان لم يجز لندرة الظفر به والرجوع في الاحتلام إلى قول العبد وفى السن يعتمد قوله ان كان بالغا وقول سيده إن ولد في الاسلام والا فالرجوع إلى النحاسين فتعتبر ظنونهم (والخامس) القد فيبين أنه طويل أو قصير أو ربعة لان

(9/288)


القيمة تتفاوت بها تفاوتا ظاهرا * واعلم قوله في الكتاب طويل أو قصير - بالواو - لان الامام نقل عن العراقيين أنه لا يعتبر ذكر القد وتابعه صاحب الكتاب في الوسيط لكن كتب العراقيين مشحونة بأنه يجب ذكره ولم يتعرضوا لخلاف فيه والله أعلم * واعتبروا التعرض لامر سادس وهو الجودة وهذا لا يختص بالرقيق ولا بالحيوان وستعرف حكمه من بعد (وقوله) ثم ينزل كل شئ على اقل الدرجات معناه أنه إذا أتى بما يقع عليه اسم الوصف المشروط كفى ووجب القبول لان الرتب لا نهاية لها وهذا

(9/289)


كما ذكرنا فيما إذا باع العبد بشرط أنه كاتب أو خباز والمسألة لا اختصاص لها بهذا الموضع بل تعم كل مسلم فيه * ولا يشترط وصف كل عضو على حياله باوصافه المقصودة وان تفاوت بها الغرض والقيمة لان ذلك يورث عزة الموصوف لكن في التعرض للاوصاف التى يعتني بها أهل البصر وترغب بها في الارقاء كالكحل والدعج وتكلثم الوجه وسمن الجارية وما أشبهها وجهان (أحدهما) وبه قال الشيخ أبو محمد أنه يجب لانها مقصودة ولا يورث ذكرها العزة (وأظهرهما) أنه لا يجب لان الناس

(9/290)


يتسامحون باهمالها ويعدون ذكرها استقصاء وعن القفال تردد رأى في الملاحة بناء علي أنها من حملة المعاني أو المرجع بها إلى يميل إليه طبع كل أحد (والاظهر) أنه لا يعتبر * واعلم أن الشافعي ذكر في السلم في العبد أنه يقول خماسى أو سداسي وانه يصف سنه واختلفوا في التفسير فمنهم من قال أراد أراد بالخماسي والسداسى التعرض للقد يعنى خمسة أشبار أو ستة (ومنهم) من قال أراد به السن يعنى ابن خمس أو ست فمن قال بالاول حمل قوله يصف سنه على المعني الثاني ومن قال بالثاني حمل قوله

(9/291)


يصف سنه على الاسنان المعروفة أي يذكر أنه مفلج الاسنان أو غيره وذلك من طريق الاولى دون الاشتراط كالتعرض لجعودة الشعر أو سبوطته * وحكى المسعودي أن الخماسي والسداسي صنفان من عبيد النوبة معروفان عندهم *
(فرع) ذكر الشيخ أبو حامد في آخرين أنه لا يجب ذكر الثيابة والبكارة في الجارية وعن الصيمري أنه يجب وبه أجاب صاحب المهذب وهو الاولى (آخر) لو شرط كون العبد

(9/292)


يهوديا أو نصرانيا جاز كشرط كونه خبازا * ولو شرط كونه ذا زوجة وكون الجارية ذات زوج فعن الصيمري أنه جائز وزعم أن ذلك مما لا يندر وعنه أنه لو شرط كونه سارقا أو زانيا أو قاذفا جاز أيضا بخلاف ما لو شرط كون الجارية مغنية أو عوادة وفرق بانها صناعة محظورة وتلك أمور تحدث كالعمى والعور وقطع اليد وهذا فرق لا يقبله ذهنك (ثالث) لو أسلم جارية صغيرة في كبيرة فعن أبى اسحق أنه لا يجوز لانها قد تكبر وهى بالصفة المشروطة فيسلمها بعد أن يطأها فتكون في معنى استقراض

(9/293)


الجوارى (والصحيح) الجواز كاسلام صغار الابل في كبارها وهل يتمكن من تسلمها عما عليه فيه وجهان لاتحاد الثمن والمثمن (إن قلنا) يتمكن فلا مبالاة بالوطئ كوطئ الثيب وردها بالعيب * ومن أنواع الحيوان الابل ولابد من التعرض فيها لامور (أحدها) الذكورة والانوثة (وثانيها) السن فيقول ابن مخاض أو ابن لبون أو ثني (وثالثها) اللون فيقول أحمر أو أسود أو أزرق (ورابعها) النوع مثل أن يقول من نعم بني فلان ونتاجهم وهذا فيما إذا كثر عددهم وعرف بهم نتاج كطي وبني؟ قيس

(9/294)


فأما النسبة إلى الطائقة القليلة فهى كتعيين البستان في الثمار * ولو اختلف نتاج بني فلان وكان فيها أرحبية ومهرية ومجيدية فأظهر القولين أنه لابد من التعيين (وأما) قوله غير مود نقى من العيوب سبط الخلق محفر الجنبين والمودى غير ناقص الخلقة والسبط المديد القامة الوافر الاعضاء ومحفر الجنبين عظيمها وواسعها واتفق الاصحاب على أن ذكر هذه الامور ليست بشرط وانما هو ضرب من التأكيد (ومنها) الخيل فيجب التعرض فيها لما يجب التعرض له في الابل ولو ذكر معه الشيئان كالاغرر

(9/295)


والمحجل واللطيم كان أولى ولو أهملهما جاز وحمل قوله اشقر أو ادهم على البهيم وكذا القول في البغال
والحمير والبقر والغنم ومالا يتبين نوعه بالاضافة إلى قوم يتبين بالاضافة إلى بلد وغيره (ومنها) الطيور ويجوز السلم فيها كالنعم وغيرها وقال في المهذب لا يجوز لانه لا يضبط سنها ولا يعرف قدرها بالدرع فعلى المشهور يوصف منها النوع والصغر والكبر من حيث الجثة ولا يكاد يعرف سنها فان عرف وصف به * ويجوز السلم في السمك والجراد حيا وميتا عند عموم الوجود ويوصف كل جنس من الحيوان يما يليق به *

(9/296)


قال (ويقول اللحم لحم بقر أو غنم ضأن أو معز ذكر أو أنثى خصى أو غير خصى رضيع أو فطيم معلوفة أو راعية من الفخذ أو من الجنب * ولا يشترط نزع العظم) السلم في اللحم جائز خلافا لابي حنيفة * لنا أنه يمكن ضبط صفاته فأشبه النمار ويجب فيه بيان أمور (أحدها) الجنس فيقول لحم ابل أو بقر أو غنم (والثانى) النوع فيقول لحم بقر أهلى أو جواميس ولحم ضأن أو معز (والثالث) الذكورة والانوثة وإذا بين الذكورة فليبين أنه خصى أو غير خصى (والرابع)

(9/297)


السن فيقول صغير أو كبير ومن الصغير رضيع أو فطبم ومن الكبير جذع أو نثى (والخامس) يبين أنه من راعية أو معلوفة لان كل واحد من النوعين مطلوب من وجه قال الامام ولا اكتفاء بالعلف بالمرة والمرات حتى ينتهي إلى مبلغ مؤثر في اللحم (فان قلت) اطلق الاصحاب قولهم باعتبار هذا الامر ولفظ الشافعي رضى الله عنه في المختصر ويقول في لحم البعير خاصة بغير واع فكيف الجمع (فالجواب) أن النص محمول على عادتهم فانهم كانوا لا يعلفون الا الابل فلم يفتقروا إلى التقييد في

(9/298)


غير الابل فأما حيث جرت العادة بعلف غيره فلابد من بيانه (والسادس) يبين موضعه اهو من الفخذ أو الجنب أو الكتف لاختلاف الاغراض وفى كتب العراقيين اعتبار أمر شائع وهو بيان السمن والهزال ولا يجوز شرط الاعجف لان العجف هزال عن علة وشرط العيب مفسد على ما سيأتي * ويجوز في اللحم المملح والقديد إذا لم يكن عليه عين الملح فان كان فقد مر الخلاف في نظيره ثم
إذا أطلق السلم في اللحم وجب قبول ما فيه من العظم على العادة وان شرط نزع العظم جاز ولم يجب

(9/299)


قبوله * ويجوز السلم في الشحم والالية والكبد والطحال والكلية والرئة * وإذا أسلم في لحم الصيد ذكر ما يجب ذكره في سائر اللحوم لكن الصيد الذكر لا يكون الا فحلا وراعيا فلا حاجة إلى التعرض للامرين قال الشيخ أبو حامد والمقتدون به ويبين أنه صيد بأحبولة أو بسهم أو بجارحة ويبين انها كلب أو فخذ لان صيد الكلب أطيب لطيب نكهته وفى لحم الطير والسمك يبين الجنس والنوع والصغر والكبر من حيث الجثة ولا حاجة إلى ذكر الذكورة والانوثة الا إذا أمكن

(9/300)


التميز وتعلق به الغرض ويبين موضع اللحم إذا كان الطير والسمك كثيرين ولا يلزم قبول الرأس والرجل من الطير والذنب من السمك * قال * (ولا يسلم في المطبوخ والمشوى إذا كان لا يعرف قدر تأثير النار فيه بالعادة) * لا يجوز السلم في اللحم المطبوخ والمشوى لاختلاف الغرض باختلاف تأثير النار فيه وتعذر الضبط وفى السلم في الخبز وجهان ذكرناهما في فصل المختلطات وجه الجواز أن لتأثير النار فيه نهاية مضبوطة كالسمن

(9/301)


والدبس والسكر والفانيذ كالخبز فيجرى في ثلثها الوجهان وأشار الامام إلى طريقة قاطعة بجواز السلم في السكر والفانيذ وفي اللبا الوجهان (اختيار) الشيخ أبى حامد المنع (واختيار) القاضى أبى الطيب الجواز فأما ما جفف ولم يطبخ فيجوز السلم فيه بلا خلاف ويقرب من صور الخلاف تردد صاحب التقريب في السلم في الماء ورد لاختلاف تأثير النار فيما يتصعد ويقطر واستبعد إمام الحرمين وجه المنع فيها

(9/302)


جميعا ولا عبرة بتأثير الشمس بل يجوز السلم في العسل المصفي بالشمس وفى العسل المصفى بالنار الوجهان في الدبس ونحوه ومما يوجه به المنع أن النار تعيبه وتسرع الفساد إليه * قال (وفى السلم في رؤس الحيوانات بعد التنقية من الشعور قولان لترددها بين الحيوانات
والمعدودات * والاصح في الاكارع الجواز لقلة الاختلاف في أجزائها) * في السلم في رؤس الحيوانات المأكولة قولان (أحدهما) الجواز وبه قال مالك واحمد كالسلم

(9/303)


في جملة الحيوان وكالسلم في لحم الفخذ وسائر الاعضاء (وأظهرهما) المنع وبه قال أبو حنيفة لاشتمالها على ابعاض مختلفة كالمناخر والمشافر وغيرها وتعذر ضبطها ويخالف السلم في الحيوان فان المقصود جملة الحيوان من غير تجريد النظر إلى آحاد الاعضاء ويخالف السلم في لحوم سائر الاعضاء فان لحم سائر الاعضاء اكثر من عظمها والرأس على العكس والاكارع كالرؤس ورأى صاحب الكتاب الجواز فيها اصح لانها اقرب إلى الضبط لكن الجمهور علي الاول وعن القاضى ابى الطيب الدمر إلى

(9/304)


القطع بالمنع فيها (فان قلنا) بالجواز فيهما فذلك بشروط (أحدها) أن تكون منقاة من الصوف والشعر فأما السلم فيها من غير تنقية فلا يجوز لتستر المقصود بما ليس بمقصود (والثانى) أن توزن فأما بالعدد فلا لاختلافها في الصغر والكبر (والثالث) أن تكون نية فأما المطبوخة والمشوية فلا سلم فيها بحال وفى كتاب القاضى ابن كج اعتبار شرط آخر وهو أن تكون المشافر والمناخر منحاة عنها وهذا لا اعتماد عليه (وقوله) : الكتاب لترددها بين الحيوانات والمعدودات اشارة إلى توجيه

(9/305)


القولين فوجه الجواز الشبه بالحيوانات ووجه المنع أن الوزن لا يكفى فيها لكون الكبر مقصودا منها فنلحق بالمعدودات ولا يجوز السلم فيها بالعد كما سبق وفى لفظ المختصر إيماء إلى هذا الكلام فانه قال وأرى الناس تركوا وزن الرؤس لما فيها من الصوف وأطراف المشافر والمناخر وما أشبه ذلك لانه لا يؤكل * قال (ويجوز السلم في اللبن والسمن والزبد والمخيض والوبر والصوف والقطن والابريسم

(9/306)


والغزلي المصبوغ وغير المصبوغ وكذا في الثياب بعد ذكر النوع والدقة والغلظ والطول والعرض
وكذا في الحطب والخشب والحديد والرصاص وسائر اصناف الاموال إذا اجتمعت الشرائط التى ذكرناها) * في الفصل صور (احداها) يجوز السلم في اللبن ويبين فيه ما يبين في اللحم سوى الامر الثالث والسادس ويبين نوع العلف لاختلاف الغرض بذلك ولا حاجة إلى ذكر اللون ولا إلى ذكر

(9/307)


الحلاوة فان المطلق ينصرف إلى الحلو بل لو أسلم في اللبن الحامض لم يجز لان الحموضة عيب فيه ولو أسلم في لبن يومين أو ثلاثة فانما يجوز إذا بقى حلوا في تلك المدة وفى السلم في السمن ما يبين في اللبن ويذكر أنه أبيض أو أصفر * وهل يحتاج إلى التعرض للحديث والعتيق قال الشيخ أبو حامد لا بل العتيق معيب لا يصح السلم فيه وقال القاضى أبو الطيب العتيق المتغير هو المعيب لا كل

(9/308)


عتيق فيجب البيان * وفى الزبد يذكر مثل ما في السمن ويذكر أنه زبد يومه أو أمسه * ويجوز السلم في اللبن كيلا ووزنا لكن لا يكال حتى تسكن الرغوة ويوزن قبل سكونها وكذا السمن يكال ويوزن إلا إذا كان جامدا يتجافى في المكيال فيتعين الوزن وليس في الزبد الا الوزن وكذا في اللباء المجفف وقبل الجفاف هو كاللبن * وإذا جوزنا السلم في الجبن وجب بيان نوعه وبلده وانه رطب أو يابس (وأما) قوله والمخيض فاعلم ان المخيض الذى فيه ماء لا يجوز السلم فيه نص عليه الشافعي

(9/309)


رضى الله عنه وقد أدرجناه في أثناء المختلطات فالذي ذكره محمول على ما إذا مخض اللبن من غير ماء وحينئذ فوصفه بالحموضة لا يضر لان الحموضة مقصودة فيه (الثانية) إذا أسلم في الصوف قال صوف بلد كذا لاختلاف الغرض به ويبين لونه وطوله وقصره وانه خريفى أو ربيعي فالخريفي أنظف وانه من ذكور أو اناث فصوف الاناث أشد نعومة واستغنوا بذلك عن ذكر اللبن

(9/310)


والخشونة ولا يقبل الا نقيا من الشوك والبعر وان شرط كونه مغسولا جاز الا أن يعيبه الغسل * والوبر
والشعر كالصوف والطريق فيهما الوزن (الثالثة) يبين في القطن بلده ولونه وكثرة لحمه وقلته والخشونة والنعومة وكونه عتيقا أو حديثا ان اختلف الغرض به والمطلق يحمل على الجاف وعلى ما فيه الحب ويجوز في الحليج وفى حب القطن ولا يجوز في الجورق قبل التشقق وأما بعده ففى التهذيب أنه يجوز وقال في التتمة ظاهر المذهب أنه لا يجوز لاستتار المقصود بما لا مصلحة فيه وهذا ما أطلق

(9/311)


العراقيون حكاية عن النص (الرابعة) يبين في الابريسم بلده ولونه ودقته وغلظه ولا حاجة إلى ذكر الخشونة والنعومة * ولا يجوز السلم في القز وفيه الدود حية كانت أو ميتة لانها تمنع معرفة القز وبعد خروج الدود يجوز * وإذا أسلم في الغزل ذكر ما يذكر في القطن ويذكر الدقة والغلظ أيضا * ويجوز السلم في غزل الكتان أيضا ويجوز شرط كونه مصبوغا ولابد من بيان الصبغ (الخامسة) إذا أسلم في الثياب بين الجنس انه من ابريسم أو كتان أو قطن والنوع والبلد الذي ينسج

(9/312)


فيه ان اختلف به الغرض وقد يغني ذكر النوع عنه وعن الجنس أيضا ويبين الطول والعرض والغلظ والدقة والصفاء فيه والرقة والنعومة والخشونة * ويجوز في المقصور والمطلق محمول على الخام ولا يجوز في اللبيس لانه لا ينضبط ويجوز فيما صبغ غزله قبل النسج كالبرود والمشهور في كتب الاصحاب أنه لا يجوز في المصبوغ بعد النسج ووجهوه بشيئين (أحدهما) أن الصبغ عين تزاينه وهو مجهول المقدار والغرض يختلف باختلاف اقداره (والثانى) أنه يمنع معرفة النعومة والخشونة وسائر

(9/313)


صفات الثوب وحكى الامام عن طائفة منهم شيخه أنه يجوز وبه قال صاحب الحاوى وهو القياس ولو صح التوجيهان لما جاز السلم في المنسوج بعد الصبغ أيضا وفى الغزل المنسوج أيضا * وعن الصيمري تجويز السلم في القميص والسراويلات إذا ضبطت طولا وعرضا وضيقا وسعة (السادس) الخشب أنواع منها الحطب فإذا أسلم فيه ذكر نوعه وغلظه ودقته وانه من نفس الشجر أو أغصانه ووزنه ولا يجب التعرض للرطوبة والجفاف والمطلق محمول على الجاف ويجب قبول المعوج والمستقيم

(9/314)


(ومنها) ما يطلب للبناء كالجذوع فيبين فيها النوع والطول والغلظ والدقة ولا حاجة إلى ذكر الوزن خلافا للشيخ أبي محمد ولو ذكر جاز بخلاف الثياب قال الشيخ أبو حامد لانه يمكن أن ينحت منها ما يزيد على القدر المشروط * ولا يجوز السلم في المخروط لاختلاف أعلاه وأسفله (ومنها) ما يطلب ليتخذ منه القسى والسهام فيذكر فيها النوع والدقة والغلظ وزاد بعضهم التعرض لكونه سهليا أو جبليا لان الجبلى أصلح لها ومنهم من اعتبر التعرض للوزن أيضا فيه وفى خشب البناء (السابعة) إذا

(9/315)


أسلم في الحديد ذكر نوعه وانه ذكر أو أنثى ولونه وخشونته ولينه وفى الرصاص يذكر نوعه من قلعي وغيره وفى الصعر من شبه وغيره ولونهما وخشونتهما ولينهما ولابد من الوزن في جميع ذلك وكل شئ لا يتأتى ونرد بالقبان يوزن بالعرض علي الماء هذا شرح الصور التى نص عليها صاحب الكتاب ونردفها بصور على سبيل الاختصار فنقول السلم في المنافع كتعليم القرآن وغيره جائز ذكره الرويانى ويجوز السلم في الدراهم والدنانير على أصح الوجهين لانه مال يسهل ضبطه (والثانى) وبه قال أبو حنيفة أنه لا يجوز

(9/316)


وعلى الاول يشترط أن يكون رأس المال غير الدراهم والدنانير * ويجوز السلم في أنواع العطر العامة الوجود كالعنبر والمسك والكافور ويذكر وزنها ونوعها فيقول عنبر أشهب أو غيره قطع أو فتات ويجوز السلم في الزجاج والطين والجص والنورة وحجارة الارحية والابنية والاوانى ويذكر نوعها وطولها وعرضها وغلظها ولا حاجة إلى ذكر الوزن ولا يجوز في البرام المعمولة ولا في الكيزان

(9/317)


والخباب والطشوش والمنابر والقماقم والطناجر لندرة اجتماع الوزن مع الصفات المشروطة ولتعذر ضبطها نعم ما يعيب منها في الغالب يجوز السلم فيه لانه لا يختلف وكذا في الاسطال المربعة كما يجوز في مربعات الصرم وقطع الجلود وزنا ولا يجوز في الجلود على هيئتها لتفاوتها دقة وغلظا وتعذر ضبطها ويجوز السلم في الكاغد عددا ويبين فيه النوع والطول والعرض * وفى اللبن والآجر وفى الآجر
وجه لتأثير النار فيه * ولا يجوز السلم في العقار لانه يحتاج فيه إلى بيان المكان وإذا بين تعين *

(9/318)


ولا يجوز في العلس والارز لاستتارهما بالكمام ويجوز في الدقيق وعن الداركى أنه لا يجوز * وإذا أسلم في التمر بين النوع فيقول معقلى أو برنى والبلد فيقول بغدادي أو بصرى واللون وصعر الحبات وكبرها وكونه حديثا أو عتيقا ولا يجب تقدير المدة التى مضت عليه والحنطة وسائر الحبوب كالتمر * وفى الرطب يبين جميع ذلك سوى الحديث والعتيق وفى الوسيط أنه يجب التعرض لذلك في الرطب ولا حاجة إليه في البر والحبوب وهو خلاف النص وما عليه عامة الاصحاب * وفى

(9/319)


العسل يبين أنه جبلى أو بلدي صيفي أو خريفى أبيض أو أصفر ولا حاجة إلى ذكر الحديث والعتيق لانه لا يختلف الغرض به ويقبل مارق بسبب الجز ولا يقبل مارق رقة عيب والله أعلم * وهذا باب لا ينحصر فاغتن بالمذكور عن المتروك * قال * (فان شرط الجودة جاز ونزل على أقل الدرجات وان شرط الاجود لم يجز إذ لا يعرف أقصاه * وان شرط الرداءة فكذلك لا يجوز فان شرط الاردأ جاز على الاصح لان طلب الاردإ عناد محض فلا يثور به نزاع * والوصف الذى به التعريف ينبغى أن يكون بلغة يعرفها غير المتعاقدين) *

(9/320)


مضمون الفصل مسألتان (إحداهما) ذهب العراقيون من مشايخنا إلى اشتراط التعرض للجودة أو الرداءة في كل ما يسلم فيه وعللوه بان القيمة والاغراض تختلف بهما وظاهر النص يوافق ما ذكروه وقال غيرهم لا حاجة إلى غيره ويحمل الطلق على الجيد وهو الاظهر وايراد الكتاب يوافقه وسواء قلنا بالاشتراط أو لم نقل فإذا شرط الجودة نزل على أقل الدرجات كما إذا شرط صفة اخرى * ولو شرط الاجود لم يجز لان أقصاه غير معلوم فكأنه شرط شيئا مجهولا وأيضا فانه ما من شئ يأتي

(9/321)


به الا والمسلم يطالبه بما هو أجود منه تمسكا باللفظ فيدوم النزاع بينهما * وان شرط الرداءة فقد أطلق في الكتاب أنه لا يجوز وفصل كثيرون فقالوا شرط رداءة النوع يجوز لانضباطه وشرط رداءة العيب والصفة لا يجوز لانها لا تنضبط وما من ردئ الا وهناك ما هو خير منه وان كان رديئا فيفضى إلى النزاع * واعلم أن نوع المسلم فيه لابد من التعرض له علي ما سبق فان لم ينص علي النوع وتعرض للردئ تعريفا للنوع فذلك محتمل لا محالة وان نص على النوع فذكر الرداءة

(9/322)


حشو (وأما) رداءة الصفة فالذي حكيناه عن العراقيين يقتضى تجويز اشتراطه لانهم ذكروها في مقابلة الجودة ولا شك أنهم لم يريدوا بها جودة النوع ولهم أن يعترضوا فيقولوا هب أن رداءة الصفة لا تنضبط لكن الجودة أيضا كذلك وقد نزلناها على أقل الدرجات فلم لا تفعل في الرداءة مثله وان شرط الاردأ ففيه قولان ويقال وجهان (أحدهما) وهو المنصوص في المختصر أنه لا يجوز لانه لا يوقف

(9/323)


على أقصاه كما في الاجود (وأصحهما) الجواز لانه إذا أتى بردئ لم يطالبه المسلم بما هو أردأ منه وان طالبه به كان معاندا فيمنع منه ويجبر على قبوله * ولك أن تعلم قوله في الكتاب وان شرط الجودة لم يجز بالواو لان في تعليق الشيخ أبى حامد أن من اصحابنا من خرج قولا أنه جائز وكذلك قوله فكذلك لا يجوز لما قدمناه (الثانية) صفات المسلم فيه المذكورة في العقد تنقسم إلى مشهورة عند الناس والى غير مشهورة وذلك قد يكون لدقة معرفتها كما في الادوية والعقاقير وقد يكون

(9/324)


لغرابة الالفاظ المستعملة فيها فلابد من معرفة المتعاقدين بها فلو جهلاها أو أحدهما لم يصح العقد وهل يكفى معرفتهما فيه وجهان (أظهرهما) لا وهو المنصوص بل لابد من أن يعرفها غيرهما ليرجع إليه عنه تنازعهما (والثانى) أنه يكفى معرفتهما والنص محمول على الاحتياط * فهذا شرط آخر للسلم * وهل تعتبر فيها الاستفاضة أم يكفى معرفة عدلين سواهما فيه وجهان (أظهرهما) الثاني ويجرى الوجهان فيما إذا لم يعرف المكيال المذكور الا عدلان * واعلم أن جميع ما ذكرناه الآن من

(9/325)


معرفة المتعاقدين وغيرهما يخالف ما قدمنا في مسألة فصح النصارى من نقض الوجوه ولعل الفرق أن الجهالة هناك راجعة إلى الاجل وههنا راجعة إلى المعقود عليه فجاز أن يحتمل من نيل الجهالة ما لا يحتمل من هذه والله تعالى أعلم * (الباب الثاني في أداء المسلم فيه والقرض) قال (أما المسلم فيه فالنظر في صفته وزمانه ومكانه (أما صفته) فان أتى بغير جنسه لم يقبل

(9/326)


لانه اعتياض وذلك غيره جائز في المسلم فيه * وان كان من جنسه ولكنه أجود وجب قبوله وان كان أردأ منه جاز قبوله ولم يجب * وان أتى بنوع آخر بأن أسلم في الزبيب الابيض فجاء بالاسود ففى جواز القبول وجهان إذ يكاد أن يكون اعتياضا) * قوله والقرض معطوف على الاداء لا على المسلم فيه لانه لم يقصر الكلام في القرض على ادائه بل تكلم في فصول منها الاداء * إذا عرفت ذلك فاعلم أن الاعتياض عن المسلم فيه قبل القبض

(9/327)


غير جائز لما مر في النظر الثالث من كتاب البيع فلا يجوز أن يستبدل عنه غير جنسه * وان لم يختلف الجنس فاما أن لا يختلف النوع أيضا أو يختلف (الحالة الاولى) أن لا يختلف فينظر ان أتى بالمسلم فيه على الصفة المشروطة وجب قبوله وان أتى به على صفة أجود مما شرط جاز قبوله وفى الوجوب وجهان (أحدهما) لا يجب لما فيه من المنة (وأصحهما) وهو المذكور في الكتاب أنه يجب لان إتيانه به يشعر بأنه لا يجد سبيلا إلى ابراء ذمته بغيره وذلك يهون أمر المنة وان أتى

(9/328)


به أراد أمما شرط جاز القبول ولم يجب (الحالة الثانية) أن يختلف كما لو أسلم في التمر المعقلى فجاء بالبرنى أو في الذبيب الابيض فجاء بالاسود أو في الثوب الهروي فجاء بالمروى فلا يجب علي المسلم قبوله لاختلاف الاغراض باختلاف الانواع (ومنهم) من حكي وجها آخر أنه يجب تمسكا بقول الشافعي
رضى الله عنه وأصل ما يلزم السلف قبول ما أسلف فيه أن يأتيه به من جنسه (فان قلنا بالاول) فهل يجوز قبوله فيه وجهان (أظهرهما) وبه قال الشيخ أبو حامد لا لانه يشبه الاعتياض كما لو اختلف

(9/329)


الجنس (والثانى) نعم كما لو اختلفت الصفة * وذكروا خلافا في أن التفاوت بين التركي والهندي من العبيد تفاوت جنس أو تفاوت نوع (والصحيح) الثاني وفى أن التفاوت بين الرطب أو التمر وما يسقي بماء السماء وما يسقي بغيره تفاوت نوع أو صفة والاشبه الاول * (فرع) ما أسلم فيه كيلا لا يجوز قبضه وزنا وبالعكس وعند الكيل لا يزلزل المكيال ولا يوضع الكف علي جوانبه (آخر) إذا أسلم في الحنطة وجب تسليمها نقية من الزوان والمدر

(9/330)


والتراب فان كان فيها شئ قليل من ذلك وقد اسلم كيلا جاز وان اسلم وزنا لم يجز ويجب تسليم التمر جافا والرطب صحيح غير منشدخ * قال (اما الزمان فلا يطالب به قبل المحل ولكن ان جاء به قبله وله في التعجيل غرض بأن كان بالدين رهن أو ضامن أو كان يظهر (و) خوف الانقطاع وجب القبول كما يجب

(9/331)


قبول النجوم من لمكاتب قبل المحل * وان لم يكن له غرض سوي البراءة نظر فان كان للممتنع غرض بأن كان في زمان نهب أو غارة أو كانت دابة يحذر من علفها فلا يجبر وان لم يكن من الجانبين غرض فقولان في الاجبار) * السلم اما مؤجل أو حال فان كان مؤجلا فلا يخفى انه لا مطالبة بالمسلم فيه قبل المحل والا لبطل فائدة التأجيل * ولو اتى المسلم إليه به قبل المحل وامتنع المسلم من قبوله فترتيب صاحب الكتاب

(9/332)


يخالف ترتيب الجمهور فنذكر ما ذكروه ثم نعود إلى ما أورده * قال الجمهور ان كان له في الامتناع كما إذا كان وقت نهب أو كان المسلم فيه حيوانا يحذر من علفه أو ثمرة أو لحما يريد أكله عند المحل
طريا أو كان مما يحتاج إلى مكان مؤنة كالحنطة والقطن الكثيرين فلا يجبر على القبول لتضرره وان لم يكن غرض في الامتناع فان كان للمؤدى غرض في التعجيل سوى براءة الذمة كما لو كان به رهن يريد فكاكه أو ضامن يريد براءته يجبر على القبول كالمكاتب يعجل النجوم ليعتق

(9/333)


يجبر السيد على قبولها وهل يلتحق بهذه الاعذار خوفه من انقطاع الجنس قبل الحلول فيه وجهان المذكور منهما في الكتاب انه يلحق لما في التأخير من خطر انفساخ العقد أو ثبوت حق الفسخ * وان لم يكن للمؤدى غرض سوي البراءة فقولان (احدهما) انه لا يجبر المستحق على القبول لان التعجيل كالتبرع بمزيد فلا يكلف تقلد المنة (وأصحهما) وهو المنصوص في المختصر انه يجبر لان براءة الذمة غرض ظاهر وليس للمستحق غرض في الامتناع فيمنع من التعنت * وان تقابل غرض

(9/334)


الممتنع والمؤدى فقد حكى الامام فيه طريقين (أحدهما) انهما يتساقطان (وأصحهما) أن المرعى جانب المستحق وحكى أيضا عن بعضهم طرد القولين فيما إذا كان للمعجل غرض في التعجيل ولم يكن للمتنع غرض في الامتناع وهو غريب (وأما) صاحب الكتاب فانه راعى جانب المؤدى اولا فقال ان كان له غرض في التعجيل يجبر الممتنع علي القبول والا فان كان له غرض في الامتناع فلا يجبر والا فقولان ولا يخفى مخالفته لطريقة الجمهور فان ذكره

(9/335)


عن ثبت فهو منفرد بما نقل والا فقد التبس الامر عليه والله أعلم * وحكم سائر الديون المؤجلة فيما ذكرنا حكم المسلم فيه (وأما) السلم الحال فالمطالبة فيه متوجهة في الحال ولو أتى المسلم إليه بالمسلم فيه وأبي المسلم قبوله نظران كان للمعجل غرض سوى البراءة أجبر على القبول والا فطريقان (أحدهما) أنه على القولين وجه عدم الاجبار انه يقول الحق لى فلى ان أؤخره إلى أن أشاء (وأصحهما) أنه يجبر على القيول أو الابراء وحيث ثبت الاجبار فلو أصر على الامتناع اخذه الحاكم له

(9/336)


روى (أن أنسا كاتب عبدا له على مال فجاء العبد بالمال فلم يقبله أنس فاتى العبد عمر رضى الله عنه فأخذه منه ووضعه في بيت المال * قال (أما المكان فمكان العقد فلو ظفر به في غيره وكان في النقل مؤنة لم يطالب به * ولكن يطالب (و) بالقيمة للحيلولة ثم لا يكون عوضا إذ يبقى استحقاق الدين * وان لم يكن مؤنة طالب به * وفى مطالبة الغاصب بالمثل في موضع آخر مع لزوم المؤنة خلاف تغليظا عليه) *
__________
حديث أن أنسا كاتب عبدا له على مال فجاء العبد بالمال فلم يقبله أنس فأتي العبد عمر فأخذه منه ووضعه في بيت المال.
هذا الاثر الذي ذكره الشافعي في الام بلا اسناد وقد رواه البيهقي من طريق أنس بن سيرين عن أبيه قال كاتبني أنس على عشرين الف درهم فكنت فيمن فتح تستر فاشتريت رقة فربحت فيها فأتيت أنسا بكتابتي فذكره " *

(9/337)


إذا عين في السلم مكان التسليم أو لم يعين وقلنا يتعين مكان العقد وجب التسليم فيه فلو ظفر المسلم به في غير ذلك المكان نظران كان لنقله مؤنة لم يطالب به وهل يطالب بالقيمة للحيلولة فيه وجهان (أحدهما) لا لان أخذ العوض عن المسلم فيه قبل القبض غير جائز (والثانى) نعم لوقوع الحيلولة بينه وبين حقه وهذا ما أورده صاحب الكتاب في هذا الموضع لكنه اعاد المسألة في باب الغصب وذكر فيها الخلاف (والاصح) في المذهب هو الوجه الاول ولم يورد العراقيون وصاحب التهذيب

(9/338)


سواه وإذا فرعنا عليه فللمسلم الفسخ واسترداد رأس المال كما لو انقطع المسلم فيه * وان لم يكن لنقله مؤنة كالدراهم والدنانير فله مطالبته به وأشار الامام إلى خلاف فيه * ولو ظفر المالك بالغاصب في غير مكان الغصب أو الاتلاف فهل يطالبه بالمثل حكى فيه خلافا ههنا وذكر في الغصب أنه لا يطالب الا بالقيمة وهو الاظهر ولنشرح المسألة ثم ان شاء الله تعالى (وقوله) في أول الفصل أما مكانه فمكان

(9/339)


العقد عند الاطلاق محمول على ما إذا عينا مكان العقد أو أطلقا ولم يشترط تعيين المكان (وقوله) ثم لا يكون عوضا إذ يبقى استحقاق الدين أراد به أن القيمة المأخوذة لا تكون عوضا عن المسلم فيه بل يبقى استحقاق المسلم فيه بحاله حتى إذا عاد لى مكان التسليم يطالبه به ويرد القيمة ولمن نص ظاهر المذهب أن يقول لو صح هذا الكلام لوجب أن يحكم بمثله في انقطاع المسلم فيه * ولو أتي المسلم

(9/340)


إليه بالمسلم فيه في غير مكان التسليم وأبى المستحق قبوله فان كان لنقله مؤنة أو كان الموضع مخوفا لم يجبر والا فوجهان بناء على القولين في التعجيل قبل المحل فان رضي وأخذه لم يكن له أن يكلفه مؤنة النقل * قال (أما القرض فاداؤه كالمسلم فيه ولكن يجوز الاعتياض عنه * ويجب المثل في المثليات وفى ذوات القيم وجهان أشبههما بالحديث أن الواجب المثل * استقرض رسول الله صلى الله عليه وسلم

(9/341)


بكرا ورد بازلا والقياس القيمة) *

(9/342)


الاقراض مندوب إليه لما فيه من الاعانة على البر وكشف كربة المسلم وفى الفصل مسائل (احداها) أداء القرض في الصفة والزمان والمكان كما ذكرنا في المسلم فيه نعم لو ظفر بالمستقرض في غير مكان الاقراض وكان المال مما لنقله مؤنة فلا خلاف في جواز مطالبته بالقيمة ثم إذا أخذها في مكان الاقراض فهل له رد القيمة والمطالبة بالمثل وهل للمستقرض مطالبته برد القيمة فيه وجهان

(9/343)


والقيمة التي يطالبه بها هي قيمة بلد الاقراض يوم المطالبة وكذا في السلم يطالب بقيمة بلد العقد عند من جوز المطالبة بالقيمة (الثانية) يجوز الاعتياض عن المقرض وقد ذكر هذه المسألة مرة

(9/344)


(الثالثة) ستعرف في الغصب أن المال ينقسم إلى مثلى والى متقوم فإذا استقرض مثليا رد مثله وإذا
استقرض متقوما فوجهان (اقيسهما) واختاره الشيخ ابو حامد أنه يرد القيمة كما لو أتلف متقوما على

(9/345)


انسان تلزمه القيمة (وأظهرهما) أنه يرد المثل من حيث الصورة واختاره الاكثرون لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم (استقرض بكرا ورد بازلا) والبكر الفتى من الابل والبازل الذي له ثمانى سنين وروي أنه صلى الله عليه وسلم (استسلف بكرا فأمر برد مثله) (فان قلنا) بالاول فالاعتبار بقيمة يوم القبض ان قلنا
__________
(باب القرض) حديث أنه صلى الله عليه وسلم استقرض بكرا ورد بازلا: هذا اللفظ تبع فيه الغزالي في الوسيط وهو تبع الامام في النهاية وزاد أنه صح والذي في الصحيحين عن أبي هريرة كان لرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حق فاغلظ له فهم به اصحابه فقال دعوه فان لصاحب الحق مقالا فقال لهم اشتروا له سنا فاعطوه اياه فقالوا انا لا نجد الا سنا هو خير من سنه قال فاشتروه فاعطوه اياه فان من خيركم أو خيركم أحسنكم قضاء وأخرج مسلم عن أبي رافع أنه صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكرا فقدمت عليه ابل من الصدقة فامر أبا رافع أن يعطي الرجل بكره فرجع إليه أبو رافع فقال لم أجد فيها الا خيارا رباعيا فأمره أن يعطيه الحديث وقد ذكره الرافعي بعد (تنبيه) البكر

(9/346)


يملك القرض في القبض (وان قلنا) يملك بالتصرف فبالاكثر من يوم القبض إلى يوم التصرف وفيه وجه أن الاعتبار بيوم القبض وإذا اختلفا في قدر القيمة أو في صفة المثل فالقول قول المستقرض *
__________
الصغير من الابل والرباعي بفتح الراء ماله ست سنين وأما البازل فهو ماله ثمان سنين ودخل في التاسعة فتبين أنهم لم يوردوا الحديث لفظه ولا بمعناه وقد أخرج النسائي والبزار من حديث العرباض بن سارية قال بعت من النبي صلى الله عليه وسلم بكرا فأتيته أتقاضاه فقلت اقضني ثمن بكري قال لا أقضيك الا بختية فدعاني فاحسن قضائي ثم جاء أعرابي فقال اقضني بكري فقضاه بعيرا الحديث "

(9/347)


قال (ثم النظر في ركن القرض وشرطه وحكمه (أما ركنه) فمن جهة اللفظ صيغة دالة عليه كقوله أقرضتك وفى اشتراط القبول وجهان (وجه) المنع ان هذه اباحة اتلاف بعوض وهى

(9/348)


مكرمة ولذلك بجوز الرجوع (م) عنه في الحال * ولا يجوز (م) شرط الاجل فيه * وأما المقرض فكل ما جاز السلم فيه جاز قرضه الا الجواري ففيها قولان منصوصان والقياس الجواز * وما لا يجوز

(9/349)


السلم فيه ان قلنا انه يرد في المتقومات القيمة فيصح أيضا اقراضه) * عد حجة الاسلام رحمه الله أركان القرض ثلاثة كما فعل في البيع وهى الصبغة والقرض والمقرض

(9/350)


لكن أهمل ههنا ذكر المقترض لوضوح حاله والعلم بانه لا يصح الاقراض الا من جائز التصرف ويعتبر فيه أهلية التبرع لان القرض تبرع أو فيه شائبة التبرع ألا ترى أنه لا يقرض الولى مال الطفل

(9/351)


الا لضرورة ولذلك لا يجوز شرط الاجل لان المتبرع ينبغى أن يكون بالخيار في تبرعه وانما يلزم الاجل في المعاوضات (وأما) الصيغة فالايجاب لابد منه وهو أن يقول أقرضتك أو أسلفتك أو خذ

(9/352)


هذا بمثله أو خذه واصرفه في حوائجك ورد بدله أو ملكتك على أن ترد بدله * ولو اقتصر على قوله ملكتك كان هبة فان اختلفا في ذكر البدل فالقول قول المخاطب * وأما القبول ففي

(9/353)


اشتراطه وجهان (أصحهما) ولم يورد المعظم سواه أنه يشترط كما في البيع وسائر التمليكات (والثانى) لا يشترط لان القرض إباحة اتلاف على شرط الضمان فلا يستدعى القبول وادعي الامام أن هذا

(9/354)


أظهر وقرب هذا الخلاف من الخلاف في أن القرض يملك بالقبض أو بالتصرف وقوله في الكتاب وهى مكرمة أراد به أن سبيله سبيل الميراث والتبرعات لا سبيل المعاوضات والمعاملات أو فيه شائبة

(9/355)


من هذه وشائبة من هذه ولهذا لم يجب التقابض فيه إذا كان المقرض ربويا * واحتج في الكتاب لهذا الاصل بشيئين (أحدهما) أن للمقرض الرجوع عنه في الحال وهذا سنذكره من بعد (والثانى)

(9/356)


أنه لا يجوز شرط الاجل فيه ولا يلزم بحال وقال مالك يثبت الاجل في القرض ابتداء وانتهاء (أما) ابتداء فبأن يقرضه مؤجلا (واما) انتهاء فبان يقرضه حالا ثم يؤجله (وأما) المقرض فالاموال ضربان (أحدهما)

(9/357)


ما يجوز السلم فيه فيجوز اقراضه حيوانا كان أو غيره نعم في اقراض الجوارى قولان (أحدهما) ويحكى عن المزني أنه جائز وهو القياس عند الامام وصاحب الكتاب إلحاقا للجواري بالعبيد

(9/358)


(وأظهرهما) المنع لنهى السلف عن اقراض الولائد قال الاصحاب وهما مبنيان على الخلاف في أن القرض بما يملك وفى كيفية البناء طريقان قال قائلون (ان قلنا) يملك بالقبض جاز اقراضها والا فلا

(9/359)


لما في اثبات اليد من غير المالك من خوف الوقوع في الوطئ * وعن الشيخ أبى على أما ان قلنا يملك بالقبض لم يجز اقراضها لانه إذا ملكها فربما يطؤها ثم يستردها المقرض فيكون ذلك في صورة

(9/360)


اعارة الجوارى للوطئ وان قلنا لا يملك بالقبض فيجور لانه إذا لم يملكها لم يطأها وفيما حكى عن نصه في الجديد رمز إلى هذه الطريقة (وقوله) في الكتاب قولان منصوصان اقتدى فيه بالامام وكلام

(9/361)


غيرهما لا يتعرض لكونهما منصوصين بل العراقيون رووا عن نصه قديما وجديدا المنع ونقلوا الجواز
عن بعض الاصحاب نقل الوجوه ويشبه أن يكون مخرجا علي الاصل المذكور وكيف ما كان

(9/362)


فالخلاف مخصوص بالجارية التى تحل للمستقرض (فاما) المحرمة بنسب أو رضاع أو مصاهرة فلا خلاف في جواز اقراضها منه (الضرب الثاني) ما لا يجوز السلم فيه كاللآلئ الكبار وغيرها فجواز

(9/363)


اقراضه مبني على أن الواجب في المتقومات المثل أو القيمة (ان قلنا) بالاول لم يجز لتعذر ضبطه حتى يوجد مثله (وان قلنا) بالثاني جاز * وفى اقراض الخبز وجهان كما في السلم فيه (أحدهما) لا يجوز

(9/364)


وبه قال أبو حنيفة وهو الاصح عند صاحب التهذيب (والثانى) يجوز وبه قال احمد للحاجة العامة واطباق الناس عليه وهذا ما اختاره ابن الصباغ وغيره ولا بأس لو رتب فقيل ان جوزنا

(9/365)


السلم فيه جاز قرضه والا فوجهان للحاجة وقد أشار صاحب البيان إلى هذا الترتيب ثم ذكر ان جوزنا قرضه وجب رد مثله وزنا ان قلنا يجب في المتقومات المثل من حيث الصورة (وان قلنا) يجب

(9/366)


فيها القيمة فالواجب القيمة فان شرطنا رد المثل ففى جوازه وجهان ويجب أن يكون المقرض معلوم القدر ليتأتى قضاؤه ويجوز اقراض المكيل وزنا والموزون كيلا كما في السلم وعن القفال أنه لا يجوز

(9/367)


اقراض المكيل بالوزن بخلاف السلم فانه لا يسوى بين رأس المال والمسلم فيه وزاد فقال لو أتلف مائة من من الحنطة ضمنها بالكيل * ولو باع شقصا مشفوعا بمثله بمائة من من الحنطة ينظر كما هي

(9/368)


بالكيل فيأخذه الشفيع بمثلها كيلا (والاصح) في الكل الجواز هذا تمام الكلام في أركان القرض *

(9/369)


قال (أما شرطه فهو أن لا يجر القرض منفعة * فلو شرط زيادة قدر أو صفة فسد ولم يفسد جواز التصرف ولو شرط رد المكسر عن الصحيح * أو تأخير القضاء (م) لغا شرطه وصح القرض

(9/370)


علي الاصح لانه عليه لا له * ولو شرط رهنا أو كفيلا به جاز فانه إحكام عينه ولو شرط رهنا بدين آخر فسد ولو قال اقرضتك بشرط أن أقرضك غيره صح ولم يلزمه الوعد بخلاف البيع فانه يفسد بمثله

(9/371)


إذ يصير ذلك القرض جزأ من العوض المقصود) *

(9/372)


عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنه نهى عن قرض جر منفعة) وروى أنه قال (كل قرض جر منفعة فهو ربا) فلا يجوز أن يقرضه بشرط أن يرد الصحيح عن المكسر أو الجيد عن الردئ ولو شرط
__________
(حديث) أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قرض جر منفعة وفي رواية كل قرض جر منفعة فهو ربا قال عمر بن بدر في المغنى لم يصح فيه شئ وأما امام الحرمين فقال انه صح وتبعه الغزالي وقد رواه الحرث بن أبي أسامة في مسنده من حديث على باللفظ الاول وفي اسناده سوار بن مصعب وهو متروك ورواه البيهقي في المعرفة عن فضالة بن عبيد موقوفا بلفظ كل قرض جر منفعة فهو وجه من وجوه الربا ورواه في السنن الكبرى عن ابن مسعود وأبي بن كعب وعبد الله بن سلام وابن عباس موقوفا عليهم *

(9/373)


زيادة في القدر فكذلك ان كان المال ربويا والا فوجهان (أحدهما) يجوز لما روى عن عبد الله ابن عمرو بن العاص قال (أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أجهز جيشا فنفذت الابل فأمرني أن آخذ بعيرا ببعيرين إلى أجل) (وأصحهما) المنع لما سبق وهذا الحديث محمول على السلم ألا ترى أنه قال
__________
(حديث) عبد الله ابن عمرو أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أجهز جيشا فنفدت الابل
فأمرني أن آخذ بعيرا ببعيرين إلى أجل تقدم في الربا *

(9/374)


إلى أجل والقرض لا يقبل الاجل * ولو شرط رده ببلد آخر لم يجز لما فيه من دفع خطر الطريق * وإذا جرى القرض بشئ من هذه الشروط كان فاسدا للخبر وكما لو باع بشرط فاسد وفى البيان نقل

(9/375)


وجه أنه لا يفسد لانه عقد مسامحة وارفاق * ولو أقرض من غير شرط ورد المستقرض ببلد آخر وأجود أو أكثر جاز قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خياركم أحسنكم قضاء) ولا فرق بين الربويات وغيرها
__________
(حديث) خياركم أحسنكم قضاء تقدم من حديث أبي هريرة قريبا *

(9/376)


ولا فرق بين ان يكون الرجل مشهورا برد الزيادة أو لا يكون وفيه وجه أنه لا يجوز رد الزيادة في الربوبات ووجه أنه لا يجوز اقرض المشهور برد الزيادة تنزيلا للمعتاد منزلة المشروط ثم في الفصل صور (احداها) لو أقرضه

(9/377)


بشرط أن يرد عليه ارداء أو يرد المكسر عن الصحيح لغا الشرط وهل يفسد العقد فيه وجهان (احدهما) نعم لانه على خلاف قضية العقد كشرط الزيادة (وأصحهما) لا لان المنهى عنه جر

(9/378)


المقرض النفع إلى نفسه وهاهنا لا نفع له في الشرط وانما النفع للمستقرض وكأنه زاد في المسامحة ووعده وعدا حسنا وايراد بعضهم يشعر بالخلاف في صحة الشرط * ولو شرط تأخير القضاء وضرب له

(9/379)


اجلا نظر ان لم يكن للمقرض فيه غرض فهو كشرط رد المكسر عن الصحيح وان كان له فيه غرض بأن كان زمان نهب والمقرض ملئ فهو كالتأجيل لغير غرض أو كشرط رد الصحيح عن

(9/380)


المكسر فيه وجهان (أظهرهما) الثاني (الثانية) يجوز أن يقرضه بشرط الرهن أو الكفيل وكذا
بشرط أن يشهد أو يقربه عند الحاكم لان هذه التوثيقات لاحكام عين القرض لا أنها منافع زائدة

(9/381)


ولو شرط رهنا بدين آخر فهو كشرط زيادة الصفة وستعود هذه الصورة مفصلة ان شاء الله تعالى في كتاب الرهن (الثالثة) لو اقرضه بشرط أن يقرضه مالا آخر صح ولم يلزمه ما شرط بل هو

(9/382)


وعد وعده وكذا لو وهب منه ثوبا بشرط أن يهب منه غيره ويخالف ما إذا باع بشرط قرض أو هبة أو بيع آخر حيث يفسد البيع لانهما جعلا رفق القرض أو الهبة أو البيع الآخر مع العشرة

(9/383)


المذكورة مثلا ثمنا والشرط لغو فيسقط بسقوطه بعض الثمن ويصير الباقي مجهولا وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن بيع وسلف) وفسروه بأن يبيع شيئا بشرط أن يقرضه المشترى وفي المسألة وجه
__________
(حديث) أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن سلف وبيع.
البيهقي وغيره من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وقد تقدم * (قوله) نهى السلف عن اقراض الولائد وكانه تبع امام الحرمين فانه كذا قال بل زاد أنه صح عنهم وأما الغزالي في الوسيط فعزاه إلى الصحابة وقد قال ابن حزم ما نعلم هذا أصلا من كتاب ولا من رواية صحيحة ولا سقيمة ولا من قول صاحب ولا من جماع ولا من قياس *

(9/384)


أن الاقراض كالبيع بشرط الاقراض (وقوله) في الكتاب فلو شرط زيادة قدر أو صفة فسد يجوز أن يريد به فسد الشرط ولم يفد القرض جواز التصرف ويجوز أن يريد به فسد القرض ولم يفد

(9/385)


جواز التصرف وعلى التقديرين يجوز أن يكون معلما بالواو (أما) على التقدير الاول فلانه أطلق الكلام اطلاقا وقد حكينا وجها في جواز شرط زيادة القدر في غير الربويات (وأما) علي التقدير

(9/386)


الثاني فللوجه المنقول عن البيان (وقوله) أو تأخير القضاء لغا شرطه شرط تأخير القضاء هو التأجيل وقد ذكره مرة أنه لا يجوز شرط الاجل فيه إلا أنه اعاده مع نظيره ليقين أن فسادهما لا يفسد القرض (وقوله) صح القرض معلم

(9/387)


بالواو ولما نقلناه آخرا * قال (وأما حكمه فهو التملك ولكن بالقبض أو بالتصرف فيه قولان (أقيسهما) أنه بالقبض لانه لا يتقاعد عن الهبة وللعوض فيه مدخل وعلى هذا الاصح أنه لو أراد الرجوع في

(9/388)


عينه جاز لانه أقرب إلى حقه من بدله وله المطالبة ببدله للخبر (وان قلنا) يملك بالتصرف فقيل انه كل تصرف يزيل الملك فيخرج عنه الرهن والتزويج وقيل انه كل تصرف يتعلق بالرقبة فيخرج

(9/389)


عنه الاجارة وقيل كل تصرف يستدعى نفوذه الملك فيخرج عنه الرهن إذا رهن المستعار جائز) * لاشك أن المستقرض يتملك ما استقرضه ولكن فيما يملك به قولان متفرعان من كلام الشافعي رضي الله

(9/390)


عنهما (اصحهما) انه يملك بالقبض لانه إذا قبضه ملك التصرف فيه من جميع الوجوه ولو لم يملكه لما ملك التصرف فيه ولان الملك في الهبة يحصل بالقبض ففى القرض أولى لان للعوض مدخلا فيه

(9/391)


(والثاني) أنه يملك بالتصرف لانه ليس بتبرع محض إذ يجب فيه البدل وليس على حقائق المعاوضات كما سبق فوجب أن يكون تملكه بعد استقرار بدله *

(9/392)


(التفريع) (إن قلنا) يملك بالقبض فهل للمقرض أن ترجع فيه ما دام باقيا في يد المستقرض بحاله فيه وجهان (احدهما) لا صيانة لملكه وله أن يؤدى حقه من موضع آخر وهذا ما ذكره

(9/393)


في التهذيب (وأظهرهما) عند الاكثرين ان له ذلك لانه يتمكن من تغريمه بدل حقه عند الفوات فلان يتمكن من مطالبته بعينه كان أولى ولا يبعد أن يرجع فيما ملكه غيره كما يرجع الواهب في

(9/394)


الهبة (وقوله) في الكتاب وله المطالبة ببدله للجبز ليس مسألة أخرى بل المعني أن له المطالبة ببدل ملكه عند فواته جبرا لحقه فأولى أن يكون له المطالبة بما كان عين ملكه وكثيرا ما يقرؤن قوله

(9/395)


للجبر للخبر وظني القريب من اليقين أنه خطأ لانه ليس في كتب المصنف ولا في كتب غيره ذكر خبر يستدل به على أن للمقرض المطالبة ببدل القرض مع بقاء عينه (وأما) للجبر فهو مناسب للمعني

(9/396)


المذكور وهو الذى أورده الامام والمصنف في الوسيط وغيره * وعن مالك أنه ليس للمقرض الرجوع فيما أقرضه حتى يقضى المستقرض وطره منه أو يمضي زمان يسع لذلك * ولو رد المستقرض عين ما أخذه

(9/397)


فعلي المقرض لا محالة (وان قلنا) انه يملك بالتصرف فمعناه أنه إذا تصرف تبين لنا ثبوت الملك قبله ثم في ذلك التصرف وجوه (أظهرها) أنه كل تصرف يزيل الملك (والثانى) كل تصرف

(9/398)


يتعلق بالرقبة (والثالث) كل تصرف يستدعى الملك فعلى الوجوه يكفى البيع والهبة والاعتاق والاتلاف ولا يكفى الرهن والتزويج والاجارة وطحن الحنطة وخبز الدقيق وذبح الشاة على الوجه

(9/399)


الاول ويكفي ما سوي الاجارة على الثاني وما سوى الرهن على الثالث لانه يجوز أنه يستعير للرهن شيئا فيرهنه كما سيأتي (وقوله) رهن المستعار جائز يعني المستعار للرهن لا مطلق المستعار وعن الشيخ

(9/400)


أبى محمد عبارة أخرى وهي أن التصرف الذى يملك به القرض هو الذى يقطع رجوع الواهب والبائع عند افلاس المشترى وإذا فرعنا على الوجه الاول فهل يكفي البيع بشرط الخيار (ان قلنا) انه لا يزيل

(9/401)


الملك فلا (وان قلنا) انه يزيله فوجهان لانه لا يزيل صفة اللزوم ومن فروع القولين أنه إذا كان المقرض حيوانا وقلنا انه يملك بالقبض فنفقته علي المستقرض (وإن قلنا) يملك بالتصرف فهى على

(9/402)


المقرض إلى ان يتصرف المستقرض ولو استقرض من يعتق عليه عتق عليه إذا قبضه على القول الاول

(9/403)


ولم يعتق على الثاني قال صاحب التهذيب ويجوز أن يقال يعتق ويحكم بالملك قبيله والله أعلم

(9/404)