فتح العزيز بشرح الوجيز = الشرح الكبير

فتح العزيز - عبد الكريم الرافعي ج 10
فتح العزيز عبد الكريم الرافعي ج 10

(10/)


فتح العزيز شرح الوجيز وهو الشرح الكبير للامام ابي القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي المتوفى سنة 623 هـ * * الجزء العاشر دار الفكر بسم الله الرحمن الرحيم

(10/1)


(كتاب الرهن)
قال (الباب الاول في أركانه وهى أربعة * الراهن والمرهون والمرهون به وصيغة الرهن (الركن الاول) المرهون وفيه ثلاثة شرائط (الاولى) أن يكون عينا فلا يجوز رهن الدين؟ * لان الرهن عبارة عن وثيقة دين في عين * وإذا كان عينا لم يشترط (ح) فيه الافراز بل يصح رهن الشائع ويكون على المهايأة كما في شركاء الملك) * أصل الرهن مجمع عليه والكتاب والسنة متعرضان له قال تعالى (فرهن مقبوضة) (ورهن رسول الله صلى الله عليه وسلم درعه من يهودى فتوفى وهى مرهونة عنده * ووجه إدراج حجة الاسلام كلام الكتاب في الابواب الاربعة أن الرهن اما صحيح أو فاسد والصحيح منه إما جائز أو لازم وكيفما كان فقد يتفق المتعاقدان على كيفية العقد الجاري بينهما وقد يتنازعان فيه فالباب (الاول) فيما يعتبر في صحته (والثانى) في الرهن الجائز وأحكامه (والثالث) في اللازم وأحكامه

(10/2)


(والرابع) في التنازع * وقد عد أركان الرهن أربعة الراهن والمرهون به والصيغة والعاقد ولو جمع بين المرهون والمرهون به وجعل ما يتعلق به العقد ركنا كما فعل في البيع وكما جعل من يصدر منه العقد ركنا لجاز * ولو فصل الثمن عن المبيع كما فعل ههنا لجاز ومثل هذا يرجع إلى مجرد رسم وترتيب والمقصود لا يختلف (الاول) المرهون وله شروط (أحدها) أن يكون عنيقا أما الدبن ففى جواز رهنه
وجهان (أحدهما) الجواز تنزيلا لما في الذمم منزلة الاعيان ألا ترى أنه يجوز شراء ما في الذمة وبيعه سلما (وأصحهما) وهو المذكور في الكتاب المنع لان الدين غير مقدور على تسليمه * ومنهم من رتب هذا الخلاف على الخلاف في بيع الدين والرهن أولى بالمنع لانه لا يلزم الا بالقبض والقبض لا يصادف ما تناوله العقد ولا مستحقا بالعقد والقبض في البيع يصادف مستحقا بالعقد لان البيع سبب الاستحقاق ولا يشترط كون المرهون مفروزا بل يصح المرهون الشائع سواء رهن من شريكه أو غيره وسواء كان ذلك مما يقبل القسمة أو لا يقبلها وبه قال مالك وأحمد وعند أبي حنيفة لا يجوز رهنه من غير الشريك وفى

(10/3)


رهنه من الشريك روايتان * لنا الحاق الرهن بالبيع والشائع بالمعزوز * ولو رهن نصيبه من بيت معين من الدار المشتركة باذن الشريك صح وبغير إذنه وجهان عن ابن سريح (أصحهما) عند الامام أنه يصح كما يصح بيعه (والثانى) لا لانه ربما تتفق القسمة ويقع هذا البيت في نصيب صاحبه فيكون قد رهن ملك غيره ويخلف البيع فانه إذا باع زال ملكه عن البيت واستحالت المقاسمة معه وهذا أرجح عند صاحب التهذيب وادعى أن الحكم في البيع مثله (وإذا قلنا بالوجه الاول) واتفقت القسمة كما قررناه فهو كتلف المرهون أو يغرم قيمته فيه احتمالان للامام (أوجههما) الثاني إضافة للفوات إليه وكيف ينزل منزلة الآفة السماوية وقد حصل له في قطر آخر من الدار مثل ما كان له في ذلك البيت وعن الامام محمد بن يحيى توسط بين الاحتمالين وهو أنه ان كان مختارا في القسمة غرم القيمة وان كان مجبرا فهو كالفوات * ثم القبض في الرهن المشاع بتسليم الكل فإذا حصل القبض جرت المهايأة بين المرتهن والشريك في الرهن جريانها بين الشريكين ولا بأس بتبعيض اليد بحكم الشيوع كما لا بأس به لاستيفاء * الراهن المنافع * واعلم أن لفظ العين الذى توجم به هذا الشرط يطلق بالمعنى المقابل للدين ويطلق بالمعنى المقابل للمنفعة وكل واحد من المعنيين معتبر في المرهون (أما) بالمعنى الاول فقد عرفته (وأما) بالثاني فقد ذكر ابن الصباغ وغيره أنه لو رهن بالدين سكنى دار مدة لم يصح لانه إن كان

(10/4)


مؤجلا فالمنافع تتلف إلى حلول الاجل وان كان حالا فبقدر ما يتأخر قضاء الدين بتلف جزء من المرهون
فلا يحصل الاستيثاق * قال (الثانية ان لا يمتنع اثبات يد المرتهن عليه كرهن المصحف (ح) والعبد (ح) المسلم من الكافر فيه خلاف مرتب على البيع وكذا رهن الجارية الحسناء ممن ليس بعدل فهو مكروه ولكن ان جرى فالاصح صحته) * فقه الشرط صورتان (الاولى) في رهن العبد المسلم من الكافر طريقان (أحدهما) وبه قال ابو اسحق والقاضي أبو حامد أنه على القولين في بيعه منه ان صححناه في يدى عدل من المسلمين (والثاني) وبه قال صاحب الافصاح القطع بجوازه لانه لا يد فيه للكافر ولا انتفاع وانما هو مجرد استيثاق والظاهر جوازه أثبت الخلاف أملا ورهن المصحف منه يترتب على رهن العبد ورهن السلاح من الحربي يترتب على بيعه منه (الثانية) عن الشيخ ابي علي رواية قول أن رهن الجارية الحسناء لا يجوز إلا أن تكون محرما للمرتهن والمذهب المشهور جواز رهن الجواري مطلقا ثم ان كانت صغيرة لا تشتهي بعد فهي كالعبد والا فان رهنت من محرم أو امرأة فذاك وان رهنت من رجل أجنبي فان كان ثقة وعنده

(10/5)


زوجته أو جاريته أو نسوة يؤمن معهن من الالمام بها فلا بأس أيضا والا فلتوضع عند محرم لها أو امرأة ثقة أو عدل بالصفة المذكورة في المرتهن فان شرط وضعها عند غير من ذكرنا فهو شرط فاسد لما فيه من الخلوة بالاجنبية وخوف الفتنة والحق الامام بالصغر الحسنة مع دمامة الصورة لكن الفرق بينهما بين * ولو كان المرهون خنثى فهو كما لو كان جارية الا أنه لا يوضع عند المرأة (وقوله) في الكتاب ممن ليس بعدل يشعر بجواز الرهن من العدل بلا كراهة ولفظ الوسيط كالمصرح بذلك لكن المعظم ما قنعوا بالعدالة وشرطوا أن يكون معها ذا أهل كما سبق * وإذا عرفت الصورتين عرفت أن اعتبار هذا الشرط مختلف فيه وفى العبارة المذكورة لترجمته نظر والله أعلم * فال (الثالثة أن تكون العين قابلة للبيع عند حلول الاجل * فلا يجوز رهن أم الولد * والوقف * وسائر راضى العراق من عبادان إلى الموصل طولا * ومن القادسية إلى حلوان عرضا * فانه وقف على أعتقاد الشافعي رضى الله عنه أوقفها عمر رضى الله عنه على المسلمين بعد تملكها عنوة * وقال
ابن سريج هي ملك) * مقصود الرهن أو من مقاصده استيفاء الحق من ثمن المرهون عند الحاجة فيشترط قبوله للبيع

(10/6)


وما لا يجوز بيعه كالحر وأم الولد والمكاتب والوقف لا يجوز رهنه وذكر الشافعي رضى الله عنه والاصحاب رحمهم الله ههنا طرفا من الكلام في أرض الخراج ولا شك أنه دخيل في الباب وفى السير عودة إليه فنؤخره إليه وتقتصر الآن على حظ الرهن منه فنقول: سواد العراق وقف على المسلمين على الاظهر وكل أرض هي كذلك لا يجوز رهنها كسائر الوقوف وأبنيتها وأشجارها ان كانت من تربتها وغروسها التى كانت قبل الوقف فهى كالارض وان أحدثت فيها من غيرها جاز رهنها فان رهنت مع الارض فهو من صور تفريق الصفقة في الرهن في وكذا رهن الارض مطلقا (ان قلنا) إن البناء والغراس يدخلان فيه وإذا صح الرهن في البناء والغراس فلا خراج على المرتهن وإنما هو على الراهن فانه مضروب على الارض فان أداه للمرتهن بغير اذنه فهو متبرع وإن أداه باذنه وبشرط الرجوع رجع وإن لم يشترط الرجوع فوجهان جاريان في اداء دين الغير باذنه مطلقا وظاهر النص الرجوع (وقوله) عند حلول الاجل أي إذا كان الدين مؤجلا فان كان حالا فالشرط أن يكون قابلا للبيع في الحال (وقوله) وسائر أراضي العراق أي جميعها وقد مر نظيره * قال (ويجوز رهن الام دون ولدها إذ لا تفرقة في الحال * وعند البيع تباع الام دون الولد على رأي * ويقال هذه تفرقة ضرورية * وعلى رأي تباع معه * ثم يختص المرتهن بقيمة الام فتقوم الام

(10/7)


منفردة فإذا هي مائة ومع الولد فهى مائة وعشرون فنقول حصة الولد سدس كيفما اتفق البيع * وقيل ان الولد أيضا يقدر قيمته مفردا حتى نقل قيمته فتكون عشرة مثلا فيقال هو جزء من أحد عشر جزأ فيقسم على هذه النسبة) * التقريق بين الام وولدها الصغير ممنوع منه وفى إفساده البيع قولان سبقا ويصح رهن أحدهما دون الآخر قال الشافعي رضى الله عنه لان ذلك ليس بتفرقة بينهما قيل معناه أن
الرهن لا يوجب تفرقة لان الملك فيهما باق للراهن والمنافع له فيكنه أن يأمرها بتعهد الولد وحضانته وإذا كان كذلك وجب تصحيح الرهن * ثم ما يتفق بعده من بيع وتفريق فهو من ضرورة الجاء الرهن إليه وقيل معناه أنه لا تفرقة في الحال وإنما التفرقة يقع عند البيع وحينئد يحذر منها بأن يبيعهما معا ومن قال بالاول لم يبال بأفراد أحدهما عن الآخر بالبيع إذا وقعت الحاجة إلى البيع (والاصح) التفسير الثاني وأنهما يباعان جميعا ويوزع الثمن على قيمتهما وكيف يوزع قدم الامام على بيانه مسألة هي مقصودة في نفسها فنأتم به في تقديمها ثم نعود إلى هذه (أما) تلك المسأله فهى ما إذا رهن أرضا بيضاء ثم نبت فيها نخيل ولها حالتان (أحدهما) أن يرهن الارض ثم يدفن فيها النوي

(10/8)


أو يحملها السيل أو الطير إليها فتنبت فهى للراهن ولا يجبر في الحال على قلعها فلعله يؤدي الدين من موضع آخر فإذا مست الحاجة إلى بيع الارض نظر إن وفى ثمن الارض لو بيعت وحدها بالدين بيعت وحدها ولم تقلع النخيل وكذا لو لم تف به الا قيمة الارض وفيها الاشجار كقيمتها بيضاء وإن لم تف به ونقصت قيمتها بالاشجار فللمرتهن قلعها لبيع الارض بيضاء إلا أن يأذن الراهن في بيعها مع الارض فيباعان ويوزع الثمن عليهما * هذا إذا لم يكن الراهن محجورا بالافلاس فان كان كذلك فلا قلع بحال التعلق حق الغرماء بها بل يباعان ويوزع الثمن عليهما فما يقابل الارض يختص به المرتهن وما يقابل الاشجار يقسم بين الغرماء فان انتقصت فيمة الارض بسبب الاشجار حسب النقصان على الغرماء لان حق المرتهن في أرض فارغة وإنما منع من القلع لرعاية جانبهم فلا يهمل جانبه بالكلية (الحالة الثانية) أن تكون النوي مدفونة في الارض يوم الرهن ثم تنبت فان كان المرتهن جاهلا بالحال فله الخيار في فسخ البيع الذي شرط فيه هذا الرهن فان فسخ فذاك وإلا فهو كما لو كان عالما وان كان عالما فلا خيار * وإذا بيعت الارض مع النخيل وزع الثمن عليهما والمعتبر في الحالة الاولى قيمة ارض فارغة وفى الثانية قيمة ارض مشغولة لانها كانت كذلك يوم الرهن * وفى كيفية اعتبار قيمة الاشجار وجهان نقلهما الامام في الحالتين (أظهرهما) أن الارض تقوم وحدها فإذا قيل هي مائة قومت مع الاشجار فإذا هي مائة وعشرون فالزيادة بسبب الاشجار عشرون وهى سدس المائة

(10/9)


والعشرين فيراعى في ثمنها نسبة الاسداس (والثانى) انا كما قومنا الارض وحدها نقوم الاشجار وحدها ثانية فإذا قيل هي خمسون عرفنا أن النسبة بالاثلاث * واعلم أن في المثال المذكور لايضاح الوجهين تكون قيمة الارض ناقصة بسبب الاجتماع لانا فرضنا قيمتها وحدها مائة وقيمة الاشجار وحدها ثابتة خمسين وقيمة المجموع مائة وعشرين * عدنا إلي مسألة الام والولد * فإذا بيعا معا فأردنا التوزيع قال الامام فيه طريقان (أحدهما أن التوزيع عليهما كالتوزيع على الارض والاشجار فتعتبر قيمة الام وحدها وفى الولد الوجهان (والثانى) أن الام لا تقوم وحدها بل تقوم مع الولد خاصة لانها رهنت وهى ذات ولد والارض وهنت بلا أشجار وهذا ما أورده الاكثرون نعم لو حدث الولد بعد الرهن والتسليم من نكاح أو زنا وبيعا معا فللمرتهن قيمة جارية لا ولد لها وصاحب الكتاب اقتصر على رواية الطريق الاول لكن نقله الوجه الثاني ههنا وفى الوسيط يخالف منقول الامام لانه قال تقدر قيمة الولد أيضا مفردا والوجه ما نقله الامام كما تقدر قيمة الاشجار ثابتة لا مقلوعة؟ (وقوله) حتى تقل قيمته أي هكذا يكون لكونه ضائعا وتمثيله المسألة بما إذا كانت قيمة الولد عشرة يناسب ما نقله ومثل في الوسيط بما إذا كانت قيمة الولد خمسين وليس ذلك مع كون قيمتهما مائة وعشرين على ما فرضه الامام في الوجه الاول فإذا كانت وحدهما مائة وكانت مع الولد مائة وعشرين استحال أن يكون الولد وحده خمسين لضياعه *

(10/10)


قال (ورهن ما يتسارع إليه الفساد يدبن مؤجل قبل حلول أجله صحيح ان شرط البيع وجعل الثمن رهنا * وان شرط منعه فباطل * وان أطلق فقولان * ولا خلاف أنه لو طرأ ما يعرضه للفساد أنه يباع ويجعل بدله رهنا) * إذا رهن شيئا رطبا يتسارع إليه الفساد نظر إن أمكن تجفيفه كالرطب والعنب صح رهنه وجفف وان لم يمكن كالثمرة التى لا يجفف والمرقة والريحان والجمد فرهنه ان كان بدين حال يصح ثم أن بيع في الدين أو قضى الدين من موضع آخر فذاك والا بيع وجعل الثمن رهنا كيلا يضيع ولا تفوت الوثيقة
فلو تركه المرتهن حتى فسد قال في التهذيب ان كان الراهن أذن له في بيعه ضمن والا لم يضمن ويجوز أن يقال عليه رفع الامر إلى القاضي ليبيعه * وان كان رهنه بمؤجل فله ثلاثة أحوال (إحداهما) أن يعلم حلول الاجل قبل فساده فهو كرهنه بدين حال (والثانية) أن يعلم عكسه فان شرط في الرهن بيعه عند الاشراف على الفساد وجعل ثمنه رهنا صح ولزم الوفاء بالشرط وان شرط ألا يباع بحال قبل حلول الاجل فهو فاسد مفسد للرهن لمناقضته مقصود الوثيقة وان لم يشترط هذا ولا ذاك فقولان (أحدهما) وبه قال أبو حنيفة وأحمد يصح الرهن ويباع عند تعرضه للفساد كما لو شرطه لان الظاهر أنه لا يقصد فساد ماله (والثانى) لا يصح لانه مرهون لا يمكن استيفاء الحق منه عند المحل والبيع قبله ليس من مقتضيات الرهن وهذا أصح عند أصحابنا العراقيين وميل من سواهم إلى الاول وهو الموافق لنصه في

(10/11)


المختصر (والثالثة) أن لا يعلم واحد من الامرين وكإنا محتملين ففى جواز الرهن المطلق قولان مرتبان على القولين في القسم الثاني والصحة ههنا أظهر * ولو رهن ما لا يتسارع إليه الفساد فطر أما عرضه للفساد قبل حلول الاجل كما إذا ابتلت الحنطة وتعذر التجفيف فلا ينفسخ الرهن بحال وان منع الصحة في الابتداء على قول كما أن إباق العبد يمنع صحة العقد وإذا طرأ لم يوجب الانفساخ * ولو طرأ ذلك قبل قبض المرهون ففى الانفساخ وجهان كما في عروض الجنون والموت وإذا لم ينفسخ يباع ويجعل الثمن رهنا مكانه قال (ويجوز رهن العبد المرتد كما يجوز بيعه ورهن العبد الجاني يبني على جواز بيعه ونص الشافعي رضى الله عنه أن رهن المدبر باطل وفيه قول مخرج منفاس أنه صحيح وكذا رهن المعاق عتقته علي صفة وقيل إنه باطل إذا لا يقوى الرهن علي دفع عتق جرى سببه) * في الفصل أربع صور (احداها) رهن العبد المرتد كبيعه وقد مر والمذهب صحتهما ثم إن كان المرتهن عالما بردته فلا خيار له في فسخ البيع المشروط فيه الرهن وان كان جاهلا فله الخيار فان قبل قبل القبض فله فسخ البيع وان قبل بعده فهو من ضمان من؟ فيه وجهان مقرران في البيع فان جعلناه من ضمان الراهن فللمرتهن فسخ البيع وان جعلناه من ضمان المرتهن فهو كما لو مات في يده فلا فسخ ولا ارش * ورهن العبد
المحارب كبيعه (وقوله) ويجوز رهن العبد المرتد كما يجوز بيعه معلمان بالواو لما قدمناه وبالزاى لان الموافق

(10/12)


ابن طاهر روي عن المزني المنع منهما (الثانية) رهن العبد الجاني مرتب على بيعه ان لم يصح بيعه فرهنه أولى وإن صح ففى رهنه قولان وفرقوا بينهما بان الجناية العارضة في دوام الرهن تقتضي تقديم حق المجني عليه فإذا وجدت أولا منعت من ثبوت حق المرتهن * (التفريع) ان لم يصح الرهن ففداه السيد أو أسقط المجني عليه حقه فلا بد من استئناف رهن وإن صححناه فقد قال المسعودي إنه يكون مختارا للفداء كما سبق في البيع وبمثله أجاب الامام لكن ابن الصباغ قال لا يلزمه الفداء بخلاف ما في البيع والعتق لان محل الجنابة باق ههنا والجناية لا تنافى الرهن ألا تري انه لو جنى وهو مرهون تعلقت الجناية به ولا يبطل الرهن وإذا صححنا الرهن والواجب القصاص ومنعناه والواجب المال فرهن والواجب القصاص ثم عفا المستحق على مال فيبطل الرهن من أصله أو هو كجناية تصدر من المرهون حتى يبقى الرهن لو لم يبع في الجناية فيه وجهان (اختار) الشيخ أبو حامد أولهما وإذا قيل به فلو كان قد حفر بئرا في محل عدوان فتردى فيها انسان بعد ما رهن ففى تبين الفساد وجهان والفرق أنه في الصورة الاولى رهن وهو جان وههنا بخلافه (الثالثة) قال الشافعي رضى الله عنه ولو دبره ثم رهنه كان الرهن مفسوخا أي باطلا وللاصحاب في رهن المدبر طرق (أحدها) وبه قال ابن سريج انه على قولين مبنيين على أن التدبير وصية أو تعليق عتق بصفة (إن قلنا) بالاول صح الرهن (وإن قلنا) بالثاني لم يصح على الاصح كما لو رهن المعلق عتقه بصفة

(10/13)


يحتمل أن تتقدم على المحل ويحتمل ان تتأخر (والثاني) القطع بالمنع لان السيد قد يموت فجأة فيبطل مقصود الرهن ولا يقف على موته ليبيعه قبله ومن قال بهذا قال التدبير وإن جعل وصية فهو آكد من سائر الوصايا بدليل أنه يتنجز بالموت والرهن ليس بصريح في الرجوع فجاز أن يؤثر في سائر الوصايا ولا يؤثر في التدبير (والثالث) القطع بجواز رهنه كبيعه * (التفريع) إن صححنا الرهن بناء على أنه وصية فيبطل التدبير ويكون بالرهن راجعا عنه وهو اختيار المزني
وان أبطلناه بناء على أنه تعليق عتق بصفة فالتدبير باق بحاله ولا يحصل الرجوع الا بتصرف مزيل للملك وكذا الحكم ان قلنا بالطريقة الثانية (وان قلنا) بالثالثة فالتدبير باق أيضا وهو مرهون مدبر فان قضي الراهن الدين من غيره فذاك وان رجع في التدبير وباعه في الدين بطل؟ التدبير وان امتنع من الرجوع فيه ومن بيعه فان كان له مال آخر أجبر على قضائه منه وإلا فوجهان عن أبى اسحق (أصحهما) انه يباع في الدين ويفسخ التدبير (والثانى) انه يحكم بفساد الرهن ومن قال بهذا حمل

(10/14)


قول الشافعي رضى الله عنه وكان الرهن مفسوخا عليه * بقي الكلام في أن أظهر الطرق ماذا وفى أن الاظهر من صحة الرهن وفساده ماذا (أما) الاول فالحق ما ذكره صاحب الشامل وهو أن الطريق الاول أقرب الي القياس (والثاني) أقرب إلى النص (والثالث) أبعد الثلاثة (أما) كون الاول أقرب إلى القياس فلان في كون التدبير وصية أو تعليق عتق بصفة قولين معروفين وقضية كونه وصية صحة الرهن (وأما) كون الثاني أقرب إلى النص فلان كلامه في الام كالصريح في القطع بالمنع لانه قال ولو دبره ثم رهنه كان الرهن مفسوخا ولو قال رجعت عن التدبير ثم رهنه فقولان فخص القولين بما بعد الرجوع (وأما) الثاني فعامة الاصحاب مائلون إلى ترجيح البطلان كما نص عليه وربما وجهوه بأن العتق مستحق بالتدبير فلا يقوي الرهن على دفعه واختار الامام وصاحب الكتاب ترجيح الصحة قال الامام أما إذا قلنا إنه وصية فظاهر (وأما) إذا قلنا إنه تعليق عتق بصفة فلانه مع ذلك محسوب من الثلث بخلاف العتق المعلق النازل في حياة المعلق والدين محسوب من رأس المال *

(10/15)


ولو مات ولم يخلف إلا هذا العبد والدين مستغرق ولا رهن لصرفناه إلى الدين ولم نبال ارتفاع العتق فلا معنى لمنعه من الرهن لغرض العتق (وقوله) في الكتاب وفيه قول مخرج إنما سماه مخرجا لان المنصوص البطلان وهذا مخرج من أن التدبير وصية وطريقة القولين هي التى أوردها في الكتاب ويجوز الاعلام بالواو لغيرهما (الرابعة) المعلق عتقه بصفة نصوره على وجوه (أحدهما) أن يرهن بدين حال أو مؤجل يتيقن حلوله قبل وجود الصفة فهو صحيح ويباع في الدين فلو لم يتفق

(10/16)


بيعه حتى وجدت الصفة فيبنى على القولين في أن أمر الاعتبار في العتق المعلق بحالة التعليق أم بحالة وجود الصفة (ان قلنا) بالاول عتق وللمرتهن فسخ البيع المشروط فيه الرهن ان كان جاهلا (وان قلنا) بالثاني فهو كاعتاق المرهون وسيأتي (والثاني) أن يرهن بدين مؤجل يتيقن وجود الصفة قبل حلوله ففيه طريقان (عن صاحب الافصاح) أنه على القولين في رهن ما يتسارع إليه الفساد فعلى قول يباع إذا قرب أوان وجود الصفة ويجعل ثمنه رهنا قال الامام وهذا البناء إنما ينتظم إذا قلبا بنفوذ العتق المعلق قبل الرهن عند وجود الصفة حالة الرهن (أما) إذا لم نقل بذلك فلا نخاف تسارع الفساد إليه وفوات الوثيقة فيوجه الخلاف بشئ آخر وهو أن الرهن هل يصلح دافعا للعتق المستحق بالتعليق فتارة نقول نعم كالبيع وأخرى نقول لا لضعفه (والطريق الثاني) وهو المشهور القطع بالمنع لفوات مقصود الرهن قبل المحل وليس ذلك كرهن ما يتسارع إليه الفساد لان الظاهر من حال صاحب الطعام الرضا بالبيع عند خوف الفساد كيلا يضيع والظاهر من حال المعلق امضاء العتق (والثالث) ان لا يتيقن واحد من الامرين بل يجوز تقديم الصفة على حلول الدين وبالعكس فقولان (أصحهما) المنع لما فيه من الغرر (والثانى) وبه قال أبو حنيفة وأحمد أنه يصح لان الاصل استمرار الرق وقال القاضى أبو الطيب هذا

(10/17)


مخرج من تجويز رهن المدبر بناء على أن التدبير تعليق عتق بصفة وعن صاحب الافصاح طريقة قاطعة بالمنع ههنا فهذا كلام الاصحاب في المسألة وقد عرفت منه فتواهم بالبطلان وايراد صاحب الكتاب يقتضي ترجيح الصحة ههنا والله أعلم * قال (ويصح الثمار بعد بدو الصلاح (والاصح) جوازه أيضا قبل بدو الصلاح وان لم يشترط القطع ولكن عند البيع يشترط القطع * وقيل لا يجوز الا بالتصريح بالاذن في شرط القطع عند البيع) * إذا رهن الثمار على الاشجار فاما أن يرهنها مع الاشجار أو وحدها (الحالة الاولى) أن يرهنها مع الاشجار فينظر ان كانت الثمرة مما يمكن تجفيفها صح الرهن سواء بدا الصلاح فيها أو لم
يبد وسواء كان الدين حالا أو مؤجلا وإن كانت مما لا يمكن تجفيفها ولم نصحح رهن ما يتسارع إليه الفساد فطريقان (أشبههما) أنه لا يصح في الثمار وفى الاشجار قولا تفريق الصفقة (والثاني) يصح فيهما قولا واحدا وتكون الثمار تابعة للاشجار (الحالة الثانية) أن يرهنها وحدها فان لم يمكن تجفيفها فهو كرهن ما يتسارع إليه الفساد علي وجه الارض وإن أمكن تجفيفها فاما

(10/18)


أن يرهن قبل بدو الصلاح أو بعده (القسم الاول) أن يرهن قبل بدو الصلاح فان رهنها بدين حال وشرط قطعهما وبيعها أو بيعها بشرط القطع جاز وان أطلق فقولان (أحدهما) لا يجوز كما لا يجوز بيعها مطلقا (وأصحهما) الجواز لان حق المرتهن لا يبطل باجتياحها وحق المشتري يبطل وأيضا فان الحلول قرينة نازلة منزلة شرط القطع * وان رهنها بدين مؤجل نظر ان كان يحل مع بلوغ الثمار أو ان الادراك أو بعده فهو كما لو كان حالا وان كان يحل قبل بلوغها أو ان الادراك فان رهنها مطلقا فقولان (أصحهما) أنه لا يصح لان العادة في الثمار الا بقاء إلى الادراك فأشبه مالو رهن شيئا على أن لا يبيعه عند المحل الا بعد أيام (والثاني) يصح لان مقتضى الرهن البيع عند المحل فكأنه شرط بيعه عند المحل * وان رهنها بشرط القطع عند المحل فطريقان (منهم) من طرد القولين ووجه المنع التشبيه بما إذا باع بشرط القطع بعد مدة (ومنهم) من قطع بالجواز واليه أشار الشيخ أبو حامد وصاحب التهذيب * وعن صاحب القريب طريقة قاطعة بالمنع فيما إذا رهنها مطلقا كما إذا باعها (والقسم الثاني) أن يرهن بعد بدو الصلاح فيجوز بشرط القطع ومطلقا ان رهنها بدين حال أو مؤجل هو في معناه وان رهنها بمؤجل يحل قبل بلوغها أو ان الادراك فعلى ما ذكرنا في القسم الاول * إذا وقفت على هذا التفصيل عرفت أن مطلق قوله في الكتاب

(10/19)


ويصح رهن الثمار بعد بدو الصلاح علي ماذا يجب تنزيله (وقوله) وقبل هو القول الثاني * ومتى صح رهن الثمار على الاشجار فمونة السقى والجذاذ والتجفيف على الراهن دون المرتهن فان لم يكن له شئ باع الحاكم جزءا منها وأنفقه عليها * ولو توافق الراهن والمرتهن على ترك السقى جاز بخلاف علف الحيوان وحكى الروبانى عن بعض الاصحاب انه يجبر عليه كما يجبر على علف الحيوان وادعى انه الاصح
وإذا أراد أحدهما قطع الثمرة قبل أوان الجذاذ فللاخر أن يمتنع منه وبعد أو ان الجذاذ ليس له ذلك بل يباع في الدين ان حل وإلا أمسكه رهنا * (فرعان) (أحدهما) الشجرة التى تثمر في السنة مرتين يجوز رهن ثمرتها الحاصلة بالدين الحال والمؤجل الذي يحل قبل خروج الثمرة الثانية وقبل اختلاطها بالاولى وإلا فان شرط أن لا تقطع عند خروج الثانية لم يصح وان شرط قطعها صح وان أطلق فقولان فان صححا أو رهن بشرط القطع ثم لم يتفق القطع حتى حصل الاختلاط ففى بطلان الرهن قولان كالقولين

(10/20)


في البيع إذا عرضت هذه الحالة قبل القبض والرهن بعد القبض كالبيع قبله لان المرتهن إنما يتوثق بعد القبض فهو والمرهون عنده كالبائع والمبيع محبوس عنده (فان قلنا) يبطل الرهن فذاك (وان قلنا) لا يبطل فلو أنفق قبل القبض بطل وفيه وجه سيأتي نظيره فيما إذا تخمر العصير قبل القبض وان لم يبطل فان رضى الراهن بأن يكون الكل رهنا أو توافقا على أن يكون الصف من الجملة مثلا رهنا فذاك وإن تنازعا في قدر المرهون فالقول قول الراهن مع يمينه كما لو اختلطت الحنطة المرهونة بحنطة أخرى للراهن * وقال المزني القول قول المرتهن مع يمينه لان اليد له كما لو تنازعا في ملك * وأجاب الاصحاب بأن اليد تدل على الملك دون الرهن ألا ترى أنه لو قال من في يده المال رهنتنيه وأنكر المالك كان القول قوله وذكر الرويانى في مسألة الحنطة ان طرد الخلاف محتمل لتعذر الفرق (الثاني) إذا رهن زرعا بعد اشتداد الحب نظر ان كان تري حباته من السنبلة صح وإلا فقولان كما في البيع (والاصح) المنع * ولو رهنه وهو بقل فهو كما لو رهن الثمرة قبل بدو الصلاح وعن صاحب التلخيص أنه

(10/21)


لا يجوز إذا كان الدين مؤجلا قولا واحدا وان صرح بشرط القطع عند المحل لان الزرع لا يجوز بيعه إذا تسنبل وقد يتفق الحلول في تلك الحالة ولان زيادة الزرع بالطول فهى كثمرة تحدث وتختلط بالمرهون وزيادة الثمرة بكبر الحبة فهى كالسمن * قال (فان قيل هل يشترط أن يكون المرهون ملكا للراهن (قلنا) لا فقد نص الشافعي على
أنه لو استعار الرهن جاز * وفى تغليب حقيقة الضمان أو العارية تردد قول * والاولى أن يقال هو فيما يدور بين الراهن والمرتهن رهن محض وفيما بين المعير والمستعير رارية * وفيما بين المعير والمرتهن حكم الضمان أغلب فيرجع فيه مادام في يد الراهن * ولا يرجع بعد القبض على الاصح لانه ضمن له الدين في عين ملكه ويقدر على اجبار الراهن على فكه بأداء الدين لانه معير في حقه ان كان الدين حالا * وان كان مؤجلا فقولان * ولا يباع في حق المرتهن إلا إذا أعسر الراهن * ولو تلف في يد المرتهن فلا ضمان على أحد على الاصح * وان تلف في يد الراهن ضمن لانه مشتعير ولا صح

(10/22)


أنه يشترط في هذه الاعارة ذكر قدر الدين وجنسه ومن يرهن عنده لان معنى الضمان ظاهر فيه والغرض يختلف به) * لما كان حجة الاسلام يتكلم في هذا الركن في شرائط المرهون بحث عن أنه هل يشترط كون المرهون ملكا للراهن والجواب الجملى أنه ليس بشرط على المذهب والتفصيلي أنه إذا استعار عبد الغير ليرهنه بدينه فرهنه فسبيل هذا العقد سبيل العارية أو الضمان فيه قولان (أحدهما) سبيل العارية لانه قبض مال الغير باذنه لينتفع به ضرب انتفاع بأشبه أو استعاره للخدمة (وأصحهما) أن سبيله سبيل الضمان ومعناه أنه ضمن دين الغير في رقبة ماله كما لو أذن لعبده في ضمان دين غيره يصح وتكون ذمته فارغة وكما ملك أن يلزم ذمته دين الغير وجب أن يملك التزامه في عين ماله لان كل واحد منهما محل حقه وتصرفه * ولو قال المديون لغيره ارهن عبدك بدينى من فلان فهو كما لو قبضه ورهنه (وقوله) في الكتاب وفى تغليب حقيقة الضمان أو العارية تردد قول أشار به إلى ما ذكره الامام من أن في العقد شبها من

(10/23)


هذا وشبها من ذاك وليس القولان في أنه يتمحض عارية أو ضمانا وانما هما في أن المغلب أيهما (وقوله) والاولى أن يقال هو فيما يدور بين الراهن والمرتهن لبس للاشعار بتردد في هذه القضية ولكن أراد أنه لا ينبغى أن نحكم بتغليب أحد الطرفين على الاطلاق بل نفصل التفصيل الذي ساقه (وقوله) وفيما بين المعير والمستعير إلى آخره غير مساعد عليه بل على قول الضمان المعير ضامن في عين ماله
والمستعير مضمون عنه وليس ما بين المعير والمستعير عارية محضة على ما سنبين في التفريع ان شاء الله تعالى وذكر في الوسيط ان القولين مستخرجان من تردد الشافعي رضى الله عنه في أحكام المسألة لكن الشيخ أبا حامد في آخرين نقلوهما عن الرهن الصغير منصوصين ثم لهما فروع كثيرة ذكر بعضها في الكتاب فنشرحه ونضم إليه ما يتفق (فمنها) أن على القولين جميعا هذا التصرف جائز ويخالف ما لو باع مال الغير لنفسه لان البيع معاوضة فلا يملك الثمن من لا يملك المثمن والرهن استيثاق يحصل بما لا يملك كما يحصل

(10/24)


بالكفالة والاشهاد وعن ابن سريج أنا إذا جعلناه عارية لم يصح هذا التصرف لان الرهن ينبغى أن يلزم بالقبض والعارية لا تلزم فعلى هذا يشترط في الرهن كون المرهون ملكا للراهن والصحيح) الاول الكلام في أن هذه العارية هل تلزم سيأتي ان شاء الله تعالى * ثم العارية قد تلزم كما إذا أعار بقعة لدفن ميت ودفن فيها (ومنها) لو أذن في رهن عبده ثم رجع عنه قبل الرهن أو بعده وقبل أن يقبضه المرتهن كان له ذلك (أما) على قول العارية فظاهر (وأما) على قول الضمان فلانه بعد لم يلزم ألا ترى أن المستعير مخير في فسخ الرهن قبل القبض وإذا لم يلزم في حقه وهو المديون فأولى أن لا يلزم في حق غيره (وأما) بعد قبض المرتهن فلا رجوع على قول الضمان وعلى قول العارية وجهان (أحدهما) وبه قطع الشيخ أبو محمد أن له أن يرجع جريا على مقتضى العارية (واظهرهما) وبه قال القاضى لا يرجع والا لم يكن لهذا الرهن معنى ولا يحصل به توئق * وعن صاحب التقريب انه إذا كان الدين مؤجلا ففى جواز الرجوع قبل حلول الاجل وجهان لاقبيه الاذن بمدة كما لو أعار للغراس مدة * ومتى حكمنا بالرجوع فرجع وكان الرهن مشروطا في بيع فللمرتهن فسخ البيع إذا كان جاهلا بالحال (ومنها) هل للمالك

(10/25)


اجبار الراهن على فك الرهن (أما) من قال له أن يرجع ويسترد المال متى شاء بناء على قول العارية فلا حاجة عنده إلى هذا (وأما) من لم يقل بذلك فأن قلنا انه عارية فله اجباره على الفك (وان قلنا) انه ضمان فان كان الدين حالا فكذلك لاستخلاص ملكه المشغول بوثيقة الرهن ولا يحرج على الخلاف في أن الضامن هل يملك اجبار الاصيل على الاداء لتبرئة
ذمته بسببها للشغل الذى اثبته باداء الدين وان كان مؤجلا فليس له اجباره عليه كمن ضمن دينا مؤجلا لا يطالب الاصيل بتعجيله لتبرأ ذمته * ثم إذا حل الاجل وامهل المرتهن الراهن فللمالك أن يقول إما أن ترده إلى أو تطالبه بالدين ليؤدي فينفك الرهن كما إذا ضمن دينا مؤجلا ومات الاصل للضامن أن يقول اما أن تطالب بحقك من التركة أو تبرئني (وقوله) في الكتاب لانه معير في حقه ان كان الدين حالا هذا التعليل يقتضى القدرة على الاجبار سواء كان الدين حالا أو مؤجلا كما عرفته فكان الاحسن أن يقدم ويؤخر فيقول انه يقدر عليه ان كان الدين حالا لانه معير في حقه وان كان مؤجلا فقولان وايراد الوسيط قريب من ذلك * ثم وجه أحد القولين بانه معير (والثانى) بأن فيه الزام أداء الدين قبل لزومه (ومنها) إذا حل أجل الدين أو كان حالا قال الامام (ان قلنا)

(10/26)


انه ضمان فلا يباع في حق المرتهن ان قدر الراهن على أداء الدين الا باذن مجدد وان كان معسرا فتباع وان سخط المالك (وان قلنا) انه عارية فلا يباع الا باذن مجدد سواء كان الراهن موسرا أو معسرا قال وقياس طريق القاضى حيث حكم بلزوم الرهن على قول العارية تجويز بيعه عند الاعسار من غير مراجعة كما على قول الضمان وتابعه المصنف على ما ذكره ليعلم قوله الا إذا أعسر الراهن لما حكاه على قول العارية ولك أن تقول الرهن وان صدر من المالك فانه لا يسلط على البيع الا باذن جديد فان رجع ولم يأذن فحينئذ يباع عليه على ما سيأتي إن شاء الله تعالى فإذا المراجعة لابد منها * ثم إذا لم ياذن في البيع فقياس المذهب أن يقال ان قلنا انه عارية فيعود الوجهان في أنه هل يمكن من الرجوع (وان قلنا) انه ضمان ولم يؤد الدين الراهن فلا يمكن من الاباء ويباع عليه معسرا كان الراهن أو موسرا كما لو ضمن في ذمته يطالب موسرا كان الاصيل أو معسرا * ثم إذا اتفق بيعه في الدين نظر ان بيع بقدر قيمته يرجع المالك على الراهن على القولين وان بيع باقل قدرا تغابن الناس بمثله فعلى قول العارية يرجع بتمام القيمة وعلى قول الضمان لا يرجع الا بما بيع لانه لم يفض الضامن من الدين الا ذلك القدر وان بيع

(10/27)


بأكثر من القيمة يرجع بما بيع على قول الضمان وعلى قول العارية وجهان (ذهب الاكثرون) إلى أنه لا يرجع الا بالقيمة
لان العارية بها تضمن (وقال) القاضى أبو الطيب يرجع بما بيع لانه ثمن مكله وقد صرف إلى دين الراهن وهذا أحسن واختاره ابن الصباغ والامام والقاضى الرويانى (ومنها) لو تلف في يد المرتهن (ان قلنا) انه عارية فعلى الراهن الضمان كما لو تلف في يده (وان قلنا) انه ضمان فلا شئ لانه لم يسقط الحق عن ذمته ولا شئ على المرتهن بحال لانه يمسكه رهنا لا عارية * وان تلف في يد الراهن فقد أطاق في الكتاب أنه يضمن لانه مستعير وفى تعليق الشيخ أبى حامد بناؤه على القولين كما لو تلف في يد المرتهن * ولو جنى في يد المرتهن فيبيع في الجناية (فان قلنا) انه عارية فعلى الراهن القيمة وقال الامام هذا (إذا قلنا) أن العارية تضمن ضمان المغصوب والا فلا شئ عليه (وان قلنا) انه ضمان فلا شئ عليه في هذه الصورة وأشار في المختصر إلى القولين والى ترجيح قول الضمان فقال رضى الله عنه فلو أذن له في الرهن فرهنه فجنى فبيع في الجناية فأشبه الامرين أنه غير ضامن (ومنها) إذا قلنا انه ضامن وجب بيان جنس الدين وقدره وصفته في الحلول والتأجيل وغيرهما لاختلاف أغراض الضمان بذلك وذكر أبو علي

(10/28)


الزجاحى أنه أجاز في القديم السكوت عن ذكر الحلول والتأجيل وهل يجب بيان من يرهن عنده عن صاحب التقريب فيه وجهان (والاصح) الوجوب وعلى القولين إذا عين شيئا من ذلك لم تجز مخالفته نعم لو عين قدرا جاز أن يرهن بما دونه ولو زاد فمنهم من قال يبطل في الزائد وفى المأذون قولا تفريق الصفقة والصحيح البطلان في الكل للمخالفة كما لو باع الوكيل بالغبن الفاحش لا نقول يصح البيع في القدر الذي يساوى الثمن * وإذا قال المستعير أعرني لارهنه بألف أو من فلان فأعاره كان ذلك كتقييد المغير بنفسه على أظهر الوجهين تنزيلا للاسعاف على الالتماس (ومنها) لو أعتقه المالك (فان قلنا) إنه ضمان فقد حكى الامام عن القاضى أنه ينفذ وتوقف فيما ذكره وذكر في التهذيب أنه كاعتاق المرهون وان قلنا) إنه عارية فعن القاضى أنه على الخلاف من اعتاق المرهون وهذا بناء على لزوم هذا الرهن على قول العارية وفى التهذيب أنه يصح ويكون رجوعا وهو بناء على عدم اللزوم (ومنها) لو قال مالك العبد ضمنت ما لفلان عليك في رقبة عبدي هذا قال القاضى يصح ذلك على قول الضمان ويكون كالاعارة للرهن قال الامام وفيه تردد من جهة أن

(10/29)


المضمون له لم يقبل ويجوز أن يعتبر القبول في الضمان المتعلق بالاعيان تقريبا له بالمرهون (وان قلنا) انه لا يعتبر في الضمان المطلق في الذمة * (فرع) لو قضى المالك الدين من مال نفسه انفك الرهن ثم رجوعه على الراهن يتعلق بكون القضاء باذن الراهن أو عدمه وسيأتى ذلك في باب الضمان فان احتلفا؟ في الاذن فالقول قول الراهن ولو شهد المرتهن للمالك قبلت شهادته لانه لا يجربه نفعا ولا يدفع ضررا ولو رهن عبده بدين الغير دون اذنه جاز ولو بيع فيه فلا رجوع * قال (الركن الثاني المرهون به وله ثلاثة شرائط أن يكون دينا ثابتا لازما * فلا يرهن بعين * لم يثبت بعد كقوله رهنتك بما تقرضه مني أو بالثمن الذي التزمه بالشراء منك * ولو قال بعت منك العبد بألف وارتهنت الثوب به فقال اشتريت ورهنت جاز على الاصح * لان شرط الرهن في البيع جائز للحاجة فمزجه به أولى وآكد * ولكن ليتقدم من الخطابين والجوابين لفظ البيع * وليتأخر لفظ الرهن حتى يتأخر تمام الرهن عند تمام البيع) *

(10/30)


يشترط في المرهون ثلاثة أمور (أحدهما) أن يكون دينا (أما) الاعيان المضمونة في يد الغير اما بحكم العقد كالبيع أو بحكم ضمان اليد كالمغصوب والمستعار والماخوذ على جهة السوم فالاصح انه لا يجوز بها لان عرض الرهن بيع المرهون واستيفاء الحق من ثمنه عند الحاجة ويستحيل استيفاء تلك الاعيان من ثمن المرهون ونقل الامام وجها انه يجوز الرهن بها بناء على تجويز ضمان الاعيان المضمونة والفرق على قول المذهب أن الضمان التزام في الذمة فلو لم تتلف العين بالمضمونة لم يجز الالتزام ضررا وفى الرهن دوام الحجر في المرهون يجز ضررا ظاهرا وعن مالك أن الرهن بالاعيان المضمونة جائز وعند أبى حنيفة انه يجوز بكل عين تضمن بالمثل أو القيمة والثانية كونه ثابتا (أما) الذى لم يثبت بعد فلا يجوز الرهن به كما إذا رهنه بما يستقرضه منه أو بثمن ما يشتريه منه لانه وثيقة حق فلا تتقدم على الحق كالشهادة وبهذا قال أحمد * وقال أبو حنيفة ومالك انه جائز وحكاه القاضى ابن كج وجها عن بعض الاصحاب
إذا عين استقرضه (منهم) من قال لو تراهنا بالثمن ثم لم يتفرقا حتى تبايعا صح الرهن الحاقا للحاصل في المجلس بالمقترن بالايجاب والقبول وعلى المذهب لو ارتهن قبل ثبوت الحق وقبضه كان مأخوذا على جهة سوم الرهن فإذا استقرض أو اشتري لم يصر رهنا الا بعقد جديد نص عليه الشيخ ابو حامد وغيره وفيه وجه أنه يصير رهنا * ولو امتزج الرهن بسبب ثبوت الدين بان قال بعتك هذا العبد بالف وارتهنت هذا الثوب فقال المشتري اشتريت ورهنت أو قال أقرضتك هذه الدراهم وارتهنت بها عبدك فقال استقرضتها ورهنته فوجهان (أصحهما) وهو ظاهر النص صحة الرهن لان شرط الرهن في البيع

(10/31)


والقرض جائز لحاجة الوثيقة فكذلك مزجه بهما بل أولى لان الوثيقة ههنا آكد فان الشرط ربما لا يفى به (والثانى) أنه فاسد وبه قال ابو اسحق وهو القياس لان أحد شقي الرهن متقدم على ثبوت الدين واحتج له بانه لو قال لعبده كاتبتك على الف درهم وبعت منك هذا الثوب بكذا فقال قبلت الكتابة والبيع لا يصح البيع وأجيب عنه بفرقين (احدهما) أن العبد لا يصير أهلا للمعاملة مع مولاه حتى تتم الكتابة (والثاني) أن الرهن من مصالح البيع والبيع ليس من مصالح الكتابة * ولو قال البائع ارتهنت وبعت وقال المشترى اشتريت ورهنت لم يصح لتقدم احد شقى الرهن على احد شقى البيع وكذا لو قال ارتهنت وبعت وقال المشترى ارهنت واشتريت لتقدم شقى الرهن على أحد شقى البيع وبهذا قال في الكتاب لكن يتقد الخطابين والجوابين إلى آخره معناه أن شرط الصحة تقدم خطاب البيع على خطاب الرهن وتقدم جواب البيع على جواب الرهن وان شئت قلت الشرط أن يقع أحد شقى الرهن بين شقى البيع والآخر بعد شقى البيع * ولو قال بعنى عبدك بكذا ورهنت به هذا الثوب فقال البائع بعت وارتهنت فيبنى على الخلاف في مسألة الاستيجاب والايجاب * ولو قال البائع بتعك بكذا على أن ترهننى دارك به فقال المشترى اشتريت ورهنت فوجهان قال بعضهم يتم العقد بما جرى وذكر في التتمة أنه ظاهر النص وقال القاضى لا يصح بل يشترط أن يقول بعده ارتهنت أو قبلت لان الذي وجد منه شرط ايجاب الرهن لااستيجابه كما لو قال افعل كذا لتبيعني لا يكون مستوجبا للبيع وهذا أصح عند صاحب التهذيب وللاول أن يقول الصورة المشبه بها لا تناظر هذه لانه لم يصرح في تلك

(10/32)


الصورة بالالتماس وانما أخبر عن السبب الداعي له إلى ذلك الفعل وهو الرغبة في البيع وههنا باع وشرط عليه الرهن وهو مشتمل على الالتماس أو أبلغ منه الا ترى أن أبا العباس الروياني حكى في الجرجانيات وجها أن شرط الرهن في البيع يغني عن استئناف رهن بعد البيع ويكون الشرط بمنزلة اللايجاب ولقبول ويجوز اعلام قوله في الكتاب وليتقدم وليتأخر بالواو للوجه المنقول عن رواية ابن كج وللوجه القائل بوقوع البيع في مجلس الرهن * قال (وكل دين لا مصير له إلى اللزوم كنجوم الكتابة لا يصح الرهن به * وما هو لازم أو مصيره إلى اللزوم كالثمن في مدة الخيار جاز الرهن به * وما أصله على الجواز لكن قد يصير إلى اللزوم كالجعل في الجعالة فيه وجهان * والاصح المنع لان سبب وجوده لم يتم قبل العمل فكأنه غير ثابت) * الامر الثالث كونه لازما والديون الثابتة ضربان (أحدهما) مالا مصير له إلى اللزوم بحال كنجوم

(10/33)


الكتابة فلا يصح الرهن به لان الرهن للتوثيق والمكاتب بسبيل من اسفاط النجوم متى شاء فلا معنى لتوثيقها وعند أبى حنيفة يصح الرهن بها (والثاني) غيره وهو مالازم في حال الرهن أو غيره (والاول) يصح الرهن به سواء كان موصوفا بحالة الجواز أو لم يكن وسواء كان مستقرا كالقرض وارش الجناية أو ثمن المبيع المقبوض أو غير مستقر كالثمن قبل قبض المبيع الاجرة قبل استيفاء المنفعة والصداق قبل الدخول (وأما) الثاني فينظر ان كان الاصل في وصفه اللزوم كالثمن في مدة الخيار صح الرهن به أيضا لقرب حاله من اللزوم وأيضا فان شرط الرهن في البيع جائز مع أن الثمن غير ثابت بعد فههنا أولى قال الامام وهذا يتفرع على أن الخيار لايمنع نقل الملك في الثمن إلى البائع وأما إذا جعلناه مانعا فالظاهر منع الرهن لوقوعه قبل ثبوت الدين ولا شك في أنه لا يباع المرهون في الثمن ما لم تمض مدة الخيار * وان كان الاصل في وصفه الجواز كالجعل في الجعالة فوجهان (أحدهما) يصح الرهن به لانتهاء الامر فيه إلى اللزوم كالثمن في مدة الخيار (وأصحهما) المنع لان الموجب للجعل هو العمل

(10/34)


وبه يتم الموجب فكأنه لا ثبوت له قبل العمل وموضع الوجهين ما بعد الشروع في العمل وقبل تمامه (أما) التقييد بما بعد الشروع فلانه لا ثبوت للجعل قبل الشروع بحال وكيف يتخيل ذلك وليس ثم مستحق معين (وأما) التقييد بما قبل التمام فلان الجعل بعده لازم ثم لبان أو يبنى الوجهين على الوجهين في جواز رجوع المالك بعد الشروع في العمل ويقول ان لم نجوز الرجوع فقد لزم الجعل من قبله فيصح الرهن به فان لم يصح الرهن به * والرهن بعوض المسابقة يبنى على أنها إجارة أو جعالة (ان قلنا) بالاول فالرهن به كالرهن بالاجرة (اون قلنا) بالثاني فهو كالرهن بالجعل * (فرع) يجوز الرهن بالمنافع المستحقة بالاجارة ان وردت على الذمة وتباع عند الحاجة وتحصل المنفعة من ثمنه وان كانت اجارة عين لم يجز لفوات الشرط الاول * (فرع) لا يجوز رهن الغلال بالزكاة ولا العاقلة بالدية قبل تمام الخول لفوات الشرط الثاني ويجوز بعده واعلم أن التوثيق بالرهن والضمان شديد التقارب فما يجوز الرهن به يجوز ضمانه وبالعكس

(10/35)


الا أن ضمان العهدة جائز ولا يجوز الرهن بها هذا ظاهر المذهب والفرق ما مر ومنهم من سوى بينهما في العهدة أيضا ووفى بتمام التلازم أما في طرف الاثبات فعن القفال وجه أنه يجوز الرهن بها كالضمان (واما) في طرف النفى فيأتي في باب الضمان * قال ولا يشترط في الدين أن لا يكون به رهن بل تجوز الزيادة في قدر المرهون بدين واحد * وفى الزيادة في الدين على مرهون واحد * قولان * واختيار المزني جوازه (ح)) * ليس من شرط الدين أن لا يكون به رهن بل يجوز أن يرهن بالدين الواحد رهنا بعد رهن ثم هو كما لو رهنهما معا ولو كان الشئ مرهونا بعشرة وأقرضه عشرة أخرى على أن يكون مرهونا بها أيضا فقولان (القديم) وبه قال مالك والمزنى أنه جائز كما تجوز الزيادة في الرهن بدين واحد (والجديد) وبه قال أبو حنيفة أنه لا يجوز كما لا يجوز رهنه عند غير المرتهن وان وفى بالدينين جميعا فان أراد توثيقهما فسخا ولب؟ نأ؟ فا رهنا بالعشرين ويفارق الزيادة في الرهن بدين واحد لان

(10/36)


الدين شغل الرهن ولا ينعكس فالزيادة في الرهن شغل فارغ والزيادة في الدين شغل * ونقل القاضي ابن كج وغيره أن له في الجديد قولا آخر كالقديم وسواء كان كذلك أم لا فالاصح المنع * ولو جنى العبد المرهون ففداه المرتهن باذن الراهن على أن يكون العبد مرهونا بالفداء والدين الاول نص في المختصر على جوازه وللاصحاب طريقان (أظهرهما) القطع بالجواز لانه من مصالح الرهن من حيث إنه يتضمن استيفاءه (والثاني) أنه على القولين وبناهما بانون على أن المشرف على الزوال إذا استدرك وصين عن الزوال يكون استدراكه كازالته وإعادته إو هو؟ حض استدامة وفيه خلاف (إن قلنا) بالاول فكأنهما فكا الرهن واستأنفا (وان قلنا) بالثاني ففيه القولان وعلى هذا الاصل خرجوا الخلاف فيما إذا كان على الشجرة ثمرة غير مؤبرة فباعها واستثنى الثمار لنفسه هل يحتاج إلى شرط القطع وقد سبق * ولو اعترف الراهن بان المرهون بعشرين ثم ادعى أنه رهن أولا بعشرة ثم رهن بعشرة أخري ونازعه المرتهن فان فرعنا على القديم فلا ثمرة لهذا الاختلاف (وان قلنا)

(10/37)


بالجديد فالقول المرتهن مع يمينه لان اعتراف الراهن يقوى جانبه ظاهرا * ولو قال المرتهن في جوابه فسخنا الرهن الاول واستأنفنا بالعشرين رهنا فالقول قول المرتهن لاعتضاد جانبه بأقرار صاحبه أو قول الراهن لان الاصل عدم الفسخ فيه وجهان ميل الصيد لاتى إلى أولهما (ولاصح) عند صاحب التهذيب الثاني الثاني ورتب عليه فقال لو شهد شاهدان أنه رهن بالف ثم الفين فلا يحكم انه رهن بالفين ما لم يصرح الشهود بان الثاني كان بعد فسخ الاول * ولو رهنه بعشرة ثم استقرض عشرة أخرى ليكون رهنا بهما واشهد شاهدين أنه مرهون بالعشرين فان لم يعلم الشاهدان كيفية الحال شهدا بما سمعا وحكم الحاكم بأنه مرهون باالعشرين نعم لو قال عند الاشهاد كان مرهونا بعشرة فجعلته رهنا بعشرين ونقل الشاهدان ما سمعاه فهل يحكم بكونه رهنا بالعشرين إذا كان الحاكم ممن يذهب إلى القول الجديد حكى الامام عن صاحب التقريب فيه وجهين * وان عرفا كيفية الحال نظر ان كانا يعتقدان جواز الالحاق فهل لهما أن يشهدا بانه مرهون بالعشرين أو يشهدان بما عليه الامر في الباطن فيه وجهان وان

(10/38)


كانا يعتقدان امتناع الالحاق لم يشهدا الا بما جري في الباطن وفيه شئ بعيد وهذا التفصيل فيما إذا كانا يشهدان على نفس الرهن وفيه صور الجمهور (أما) إذا كانا يشهدان على اقرار الراهن فالوجه تجويزه مطلقا * قال (الركن الثالث الصيغة، ولا يخفى اشتراط الايجاب والقبول فيه * وكل شرط قرن به مما بوافق مقتضى مطلقة * أولا يتعلق به غرض أصلا فلا يقدح * وما يغير موجبه كشرط المنع من معه في حقه فهو مفسد * وما لا يغير مطلقه ولكبر يتعلق به غرض كقوله بشرط أن ينتفع به المرتهن فقولان في فساد الرهن) *

(10/39)


الايجاب والقبول معتبران في الرهن اعتبارهما في البيع والحلاف المذكور ثم في المعاطاة والاستيجاب والايجاب عائد برمته ههنا ثم اعلم أن الرهن ينقسم الي ما شرط في عقد كما لو باع أو أجر بشرط الرهن بالثمن أو الاجرة أو أسلم بشرط الرهن بالمسلم فيه أو سمح؟ بشرط الرهن بالصداق والى مالا يشترط ويسمي رهن التبرع والرهن المبتدأ في القسم الاول إذا قال بعتك دارى بكذا على ان ترهننى به عبدك فقال اشتريت ورهنت فقد قدمنا خلافا في أنه يتم الرهن أم لا بد وان يقول

(10/40)


بعده ارتهنت فعلى الاول يقوم الشرط مقام القبول كما يقوم الاستيجاب مقامه ويجوز أن يعلم قوله في الكتاب اشتراط الايجاب والقبول بالواو للخلاف المذكور في المعاطاة ولما حكيناه عن الجرجانيات أن التشارط يغنى عن الايجاب والقبول * ثم يتعلق بالصيغة مسائل يشتمل الفصل على واحدة منها وهى أن الشروط في الرهن على ضربين (أحدهما) ما هو من قضايا الرهن فلا يضر التعرض له لا في رهن البرع ولا في الرهن المشروط في العقد وانما هو تصريح بمقتضى الرهن وذلك كقوله على أن يباع في دينك

(10/41)


وقت الحاجة أو يتقدم به عند تزأحم الغرماء أولا أبيعه الا بأذك (والثانى) ما ليس من قضاياه وهو الذي يتعلق بمصلحة العقد كالاشهاد أو الذي لا يتعلق به غرض كقوله بشرط أن لا يأكل
الا الهريسة والحكم فيها على ما سبق في البيع واما غيرهما فهو على نوعين (أحدهما) ما يفع المرتهن ويضر الراهن كما إذا رهن عبدا بشرط أن برهن منه غيره أو بشرط أن لا ينفك الرهن بعد اداء الدين شهرا أو يكون منافع المرهون أو زاوائده مملوكة للمرتهن فالشرط فاسد ثم ان كان الرهن

(10/42)


رهن تبرع فقولان (اصحهما) انه فاسد ايضا لما فيه من تغبير قضية العقد (والثانى) وبه قال أبو حنيفة انه لا يفسد لان الرهن تبرع من الراهن وهذا الشرط فيه تبرع آخر واحد التبرعين لا يبطل ببطلان الثاني كما لو اقرضة الصحاح بشرط رد المكرة يلغو الشرط ويصح لقرض * وان كان الرهن مشروطا في بيع نظران لم يحز الشرط جهالة الثمن كما إذا شرط في البيع رهنا عن انه يبقى محبوسا عنده بعد اداء الثمن شهرا ففى إفساد الرهن القولان في رهن البرع فان فسد نفى فساد البيع

(10/43)


القولان في أن الرهن وسائر العقود المسقلة إذا شرطت في البيع على نعت الفساد هل تفسد البيع وقد ذكرناهما في باب البياعات المنهى عنها (فان قلنا) بصحة البيع فللبائع الخيار صح الرهن أو فسد لانه ان صح لا يسلم له الشرط وان لم يصح فلا يسلم له أصل الرهن ولو حاز الشرط جهالة الثمن كما إذا شرط في البيع رهنا وشرط أن يكون منافعه وزوائده المرتهن فالبيع باطل لان المشروط استحقاقه جزأ من الثمن وهو مجهول وإذا بطل البيع بطل الرهن والشرط لا محالة هذا ما نقله الربيع

(10/44)


واتفق عليه الجماهير * ووراءه كلامان (أحدهما) نقل المزني في المسألة أن للبائع الخيار في فسخ البيع واثباته وحسبت انه ذهب إلى تصحيح العقد إذا حذف منه الشرط الفاسد واعترض عليه بأنه خلاف أصله في ان الفاسد لاخيار فيه والاصحاب خطؤه في نتله؟ وحسبانه (والثاني) أن القاضى ابن كج حكى طريقة أخرى في أن في فساد الرهن قولين وان فسد ففى فساد البيع قولان كما سبق وكلام ثالث

(10/45)


حسن استدركه أصحابنا العراقيون وهو أن الحكم بالبطلان فيما إذا أطلق وقال متك هذا العبد بألف
لترهن به دارك وتكون منفعتها لى فأما إذا قيد وقال تكون منفعتها لى سنة أو شهرا فهذا جمع بين البيع والاجارة في صفقة واحدة وقد سبق حكمه (النوع الثاني) ما ينفع الراهن ويضر المرتهن كما لو قال رهنتك بشرط أن لا تبيعه عند المحل أو لا تبيعه بعد المحل إلا إذا مضى شهر أو الا بما أرضى أو بأكثر

(10/46)


من ثمن المثل فهو فاسد مفسد للرهن وفى كتاب القاضى ابن كج ان ابن خيران قال يجئ في افساد الرهن القولان المذكوران في النوع الاول وهو غريب والفرق على المذهب أن ما ينفع المرتهن يزيد في الوثيقة ويؤكد ما وضع العقد له وما نصره يحل به فان كان الرهن مشروطا في بيع عاد لقول في فساده بفساد الرهن المشروط فان لم يفسد فللبائع الخيار *

(10/47)


قال (وإذا قال رهنتك الاشجار بشرط أن تحدث الثمار مرهونة ففى صحة الشرط قولان * ولو شرط عليه رهن في بيع فاسد فظن لزوم الوفاء به فرهن فله (و) والرجوع عنه * كما لو ظن أن عليه دينا فأداه ثم تبين خلافه) *

(10/48)


في الفصل مسألتان (الاولى) زوائد المرهون غير مرهونة عند اطلاق الرهن كما سيأتي لكن لو رهن الشجرة بشرط أن تحدث الثمرة مرهونة أو الشاة بشرط أن يحدث النتاج مرهونا فقولان (قال في القديم) والرهن اللطيف يصح الشرط ويتعدى الرهن إلى الزاوئد لان الرهن عند الاطلاق

(10/49)


انما لا يسري إلى الزوائد لضعفه فإذا قوي بالشرط سري (وقال) في الام لا يصح وهو الاصح لانها معدومة مجهولة فلا يصح الرهن فيها ومنهم من قطع بهذا وأول الاول حكاه القاضى ابن كج رحمه الله * (التفريع) ان صححناه ففى اكتساب العبد إذا شرط كونه مرهونا وجهان للشيخ أبى محمد والاظهر المنع لانها ليست من أجزاء الاصل (وان أفسدناه) ففى صحة الرهن خلاف له مخرجان (أحدهما)

(10/50)


القولان في فساد الرهن لفساد الشرط الذي ينفع المرتهن (وثانيهما) أنه جمع في هذا الرهن بين معلوم ومجهول فيجئ فيه الخلاف الذى في تفريق الصفقة فان كان الرهن بهذا الشرط مشروطا في بيع فان صححنا الشرط أو أفسدناه وصححنا الرهن صح البيع وللبائع الخيار وإلا ففى البيع القولان في ان إفساد الرهن المشروط في البيع هل يفسد البيع وإذا اختصرت قلت في المسألة أربعة أقوال

(10/51)


صحة الشرط والرهن والبيع وصحة البيع دونهما وصحتهما دون الشرط وبطلان الكل * ولو رهن وشرط كون المانع مرهونة فالشرط باطل ولا يجري فيها القولان المذكوران في الزوائد * (فرع) لو اقرض بشرط أن يرهن به شيئا وتكون منافعه مملوكة للمقرض فالقرض فاسد لانه جر منفعة وإذا بطل بطل الرهن وان شرط كون المنافع مرهونة أيضا فالشرط فاسد والقرض صحيح لانه لايجر منفعة وفى صحة الرهن القولان اه (المسألة الثانية) لو قال أقرضتك هذا الالف بشرط أن ترهن به وبالالف الذي لى عليك كذا أو بذلك الالف وحده فالقرض فاسد على ما مر في بابه * ولو قال المستقرض أقرضنى ألفا على أن أرهن به وبالالف القديم الذي لك علي كذا أو بذلك الالف كذا فقد نقل الامام فيه ترددا بناء على أن القول من المستقرض غير معتبر والاصح اعتباره والتسوية بين أن يصدر الشرط من المقرض ويقبله المستقرض وبين عكسه وكذا لو باع بشرط أن يرهن بالثمن والدين القديم أو بذلك الدين رهنا فالبيع باطل كما تقدم * إذا تذكرت ذلك فلو رهن المستقرض أو المشترى كما شرط لم يخل اما أن يعلم فساد ما شرط أو يظن صحته فان علم الفساد فينظر ان رهن بالالف القديم صح وان رهن

(10/52)


بهما لم يصح بالالف الذي فسد قرضه لانه لم يملكه وانما هو مضمون في يده للمقرض والاعيان لا يرهن بها وفى صحته بالالف القديم قولا تفريق الصفقة فان صح لم يوزع بل كان الكل مرهونا بالالف القديم لان وضع الرهن على توثيق كل بعض من ابعاض الدين بجميع المرهون ولو تلف الالف الذى فسد القرض فيه في يده صار دينا في ذمته وصح الرهن بالالفين حينئذ (وأما) عند ظن الصحة فإذا رهن بالالف القديم فعن القاضى انه لا يصح الرهن كما لو أدي الفا على ظن أنه عليه فتبين خلافه له
الاسترداد ويتبين بطلان الاداء وعن الشيخ أبي محمد وغيره صحته بخلاف صورة الاستشهاد لان أداء الدين يستدعى سبق ثبوته وصحة الرهن لا تستدعى سبق الشرط * ولو رهن بالالفين وقلنا ان الصفقة تفرق فصحته بالالف القديم على هذا الحلاف وكذا لو باع بشرط بيع آخر فأنشأ البيع الثاني ظانا صحة الشرط وقد ذكرا هذه الصورة في موضعها وهذه الصورة والخلاف فيها تشبه بما إذا باع مال أبيه على ظن أنه حى فكان ميتا على رأي يجعل ظنه مانعا صحة الاقدام لانه ربما لم يبع لو عرف حقيقة الحال (وقوله) في الكتاب ولو شرط عليه رهن في بيع فاسد أراد به صورة خلاف الشيخ والقاضى

(10/53)


على ما بينه في الوسيط لكنه اقتصر ههنا على جواب القاضى والمعني شرط عليه رهن في بيع فاسد بدين قديم (وقوله) فظن لزوم الوفاء به ليس المراد اللزوم الذي يفيد الاجبار فان الرهن المشروط لا يجير عليه بحال ولكن المراد صحة الشرط ولوازمها (وقوله) فله الرجوع يشعر بالصحة وتفويض الامر فيه إلى خيرة الراهن وهذا الظاهر غير معمول به بل أحد القائلين يلغيه والثانى يجعل سبيله سبيل سائر الرهون حتى يلزم ولا يتمكن الراهن من الرجوع عنه * قال (ولو قال رهنتك الارض ففى اندراج الاشحار تحته * وكذا في اندراج الاس تحت الجدار * وفى اندراج المغرس تحت الشجرة قولان * وكذا في الثمار غير المؤبرة وفى الجنين واللبن في الضرع خلاف * وكذا في الصوف المستجز على ظهر الحيوان * وفى الاغصان الخلاف * ووجه الاخراج من اللفظ ضعف الرهن عن الاستتباع) * نظر الفصل في جملة من الالفاظ المطلقة في المرهون وتمس الحاجة إلى البحث عما يدخل فيها ويخرج وحاصله صور (احدها) في اندراج الابنية والاشجار التى في الارض تحت رهن الارض مطلقا الخلاف الذي ذكرناه في البيع (الثانية) في دخول المغرس تحت رهن الشجر خلاف مرتب على

(10/54)


الخلاف في البيع والرهن أولى بالمنع لضعفه وفى معناه دخول الاس تحت الجدار وتدخل الثمرة المؤبرة تحت رهن الشجرة بحال وفى غير المؤبرة قولان وقال في الوسيط وجهان (أحدهما) تدخل
كما في البيع (وأصحهما) أنها لا تدخل لان الثمار الحادثة بعد استقرار العقد لا يثبت فيها حكم الرهن فالموجودة عند العقد أولى وبهذا يفارق البيع (ومنهم) من قطع بعدم الدخول ونفى الخلاف * وعن أبى حنيفة تدخل الثمار في الرهن بكل حال بناء على أن رهن الشجرة دون الثمرة لا يصح ويجوز أن يعلم قوله وكذا في الثمار غير المؤبرة - بالواو - للطريقة المذكورة بل يجوز اعلام قوله قولان - بالواو - أيضا لان منهم من نفى الخلاف في المسائل كلها اما في اندراج الاشجار تحت رهن الارض فقد سبق في المبيع وأما في الاس والمغرس فللطريقة المتولدة من ترتيب الخلاف على الخلاف في البيع وقد صرح بنقلها المتولي ولا يدخل البياض بين الاشجار تحت رهن الاشجار ان كان بحيث يمكن افراده بالانتفاع وان لم ينتفع به الا بتبعية الاشجار فكذلك على أشهر الطريقين * وعن صاحب التقريب والشيخ أبى محمد أنه على الوجهين في المغارس * ويدخل في رهن الاشجار الاغصان والاوراق نعم التى تفصل

(10/55)


غالبا كاغصان الخلاف وورق الآس والفرصاد فيها القولان المذكوران في الثمار التى لم تؤثر (الثالثة) في اندراج الجنين تحت رهن الحيوان الحامل خلاف نعود لشرحه بعد والغرض من ذكره ههنا التنبيه علي تقارب مأخذ الخلاف فيه والخلاف في الثمار غير الموبرة وأحد الخلافين مرتب على الآخر والجنين أولا بالاندراج لانه لا يقبل التصرف على الانفراد فبالحرى أن يكون تبعا وفى اللبن في الضرع طريقان عن أبى الحسين القطع بأنه لايدخل والمشهور انه على الخلاف * ثم هو عند بعضهم في مرتبه الجنين وعند آخرين في مرتبة الثمار لتيقن وجوده وسواء أثبت الخلاف أم لا فالظاهر أنه لايدخل في الرهن وهو الذي أورده في التهذيب * وفى الصوف على ظهر الحيوان طريقان (أحدهما) القطع بدخوله الحاقا بالاجزاء والاعضاء نقله في التتمة (وأظهرهما) انه على قولين (أحدهما) الدخول كالاغصان والاوراق في الشجر (وأصحهما) المنع كما في الثمار لان العادة فيه الجز ونقل بعضهم بدل القولين وجهين وزاد وجها ثالثا وهو الرفق بين الصوف القصير الذى لا يعتاد جزه وبين المنتهى الي حد يجز والمستجز بكسر الجيم - البالغ أو ان الجز (وقوله) ووجه الاخراج من اللفظ ضعف الرهن عن الاستتباع أي في كل صوره فاق الرهن فيها البيع *

(10/56)


(فروع) لو قال رهنتك هذا الحق بما فيه أو هذه الخريطة بما فيها وما فيهما معلوم مرئي صح الرهن في الظرف والمظروف والا لم يصح الرهن في المظروف وفى الحق والخريطة قولا تفريق الصفقة وما نص عليه في المختصر من الصحة في الحق وعدمها في الخريطة فسببه انه وضع المسألة في حق له قيمة يقصد مثله بالرهن وفى خريطة ليست لها قيمة تقصد بالرهن وحينئذ يكون المقصود ما فيها وان كان اللفظ مضافا اليهما جميعا وما فيهما بحيث لا يصح الرهن فيه يبطل فيهما جميعا وفى وجه يصح الرهن فيهما جميعا وان كانت قليلة القيمة اعتبارا باللفظ ولو عكست التصوير في الحق والخريطة كان الحكم بالعكس مما نص عليه ولا فرق ولو قال رهنتك الظرف دو ما فيه صح الرهن فيه مهما كانت له قيمة وان قلت لانه إذا افرده فقد وجه الرهن نحوه وجعله المقصود وان رهن الظرف ولم يتعرض لما فيه نفيا أو اثباتا فان كان بحيث يقصد بالرهن وحده فهو المرهون لاغير وان كان لا يقصد منفردا لكنه متمول فالمرهون الظرف وحده أو مع المظروف فيه وجهان حكاهما الامام (اصحهما) أولهما ويحئ على قياسه وجهان فيما إذا لم يكن متمولا ان لرهن ينزل على المظروف أو يلغى *

(10/57)


قال (الركن العاقد فلا يصح الا ممن يصح منه البيع * وفيه زيادة شرط وهو كونه من أهل التبرع * ولذلك لا يصح لولى الطفل أن يرهن ماله الا لمصلحة ظاهرة * وهو أن يشتري بمائة ما يساوي مائتين ولا يساوي المرهون أكثر من مائة حتى لو تلف لم يكن فيه مالا يجبره المشتري * الا إذا كان في وقت يجوز فيه الايداع خوفا من التهب فيجوز الرهن * وكذا المكاتب (و) والمأذون (و) ويجوز للولى الارتهان عند عسر استيفاء الحق أو تأجيله مهما باع بنسيئة مع الغبطة * ويجوز ان يرهن ستاره لحاجة ظاهرة في القوت حتى لا يفتقر إلى بيعه) * جتبر في المتعاقدين التكليف كما في البيع لكن الرهن تبرع فان صدر من أهل التبرع في ساله فذاك والا فالشرط وقوعه على وفق المصلحة والاحتياط إذ مقصود هذه التوطئة التدرج إلى الكلام في ثلاثة فصول (أولها) رهن الولى مال الصبى والمجنون والمحجور عليه بالسفه وارتهانه لهم مشترط
بالمصلحة والاحتياط فمن صور الرهن على وجه المصلحة أن يشتري للطفل ما يساوى مائتين بمائة نسيئة ويرهن به ما يساوي مائة من ماله فيجوز لانه إذا لم يعرض تلف ففيه غبطة ظاهرة وان تلف المرهون

(10/58)


كان في المشتري ما يخبره ولو لم يساعد البائع إلا برهن ما يزيد على مائة أعرض عن هذه العاملة لان الرهن يمنع من التصرف وربما يتلف فيتضرر به الطفل نعم لو كان المرهون مالا يتلف في العادة كالعقار فعن الشيخ أبى محمد الميل إلى تجويزه قال الامام وهو منقاس لكنه خلاف ظاهر المذهب (ومنها) إذا كان الزمان زمان نهب أو وقع حريق وخاف الولى على ماله فله أن يشتري عقارا ويرهن بالثمن شيئا من ماله إذا لم يتهيأ أداؤه في الحال ولم يبع صاحب العقار عقاره الا بشرط الرهن وذلك لان الايداع المجرد في مثل هذه الحالة جائز ممن لا يمتد النهب إلى يده فهذه أولى * ولو استقرض شيئا والحالة هذه ورهن به لم يجز قاله الصيدلانى لانه يخاف التلف على ما يستقرضه خوفه على ما يرهنه وأنت بسبيل من أن تقول إذا لم يجد من يأخذه وديعة ووجد من يأخذه رهنا وكان المرهون أكثر من قيمة من الفرض وجب أن يجوز له الرهن (ومنها) أن يستقرض الولي له لحاجته الي النفقة أو الكسوة أو توفية ما يلزمه أولا صلاح ضياعه ومرمتها ارتقاء بالارتفاع علاته أو لحلول مائه من الدين المؤجل أو النفاق؟ متاعه الكاسد فان لم يرتقب شيئا من ذلك فيبيع ما تعذر رهنه أولى

(10/59)


من الاستقراض (وأما) الارتهان فمن صور المصلحة فيه أن يتعذر على الولى استيفاء دين الصبى فيرتهن به إلى أن يتيسر الاستيفاء (ومنها) أن يكون دينه مؤجلا اما بأن ورثه كذلك أو باع الولى ماله نسيئة بالغبطة ولا يجوز الاكتفاء بيسار المشترى بل لابد من الارتهان بالثمن وفى النهاية رمز إلى خلاف ذلك أخذا من جواز ابضاع ماله وإذا ارتهن جاز ان يرتهن بجميع الثمن وفيه وجه انه لابد وان يستوفى ما يساوي المبيع نقدا وانما يرتهن ويؤجل بالاضافة إلى الفاضل (ومنها) ان يقرض ماله أو يبيعه لضرورة نهب ويرتهن به أو بالثمن قال الصيدلانى والاولي الا يرتهن إذا كان المرهون مما يخاف تلفه لانه قد يتلف ويرفع الامر إلى حاكم يرى سقوط الدين بتلف الرهن وحيث جاز للولى الرهن فالشرط ان يرهن
من أمين يجوز الايداع منه ولا فرق في جميع ذلك بين الاب والجد والوصى والحاكم وأمينه نعم حيث يجوز الرهن والارتهان فللاب والجد أن يعاملا نفسهما ويتوليا الطرفين وليس لغيرهما ذلك وإذا

(10/60)


وإذا تولى الاب الطرفين فكيفية القبض سنذكرها في رهن الوديعة من المودع (والفصل الثاني) رهن المكاتب وارتهانه جائز ان بشرط النظر والمصلحة كما ذكرنا في حق الطفل (ومنهم) من قال لا يجوز الرهن استقلالا وباذن السيد قولان بناء على أن الرهن تبرع وتفصيل صور الارتهان كما في الفصل الاول وفيه وجه آخر أنه لا يجوز له الاستقلال بالبيع نسيئة بحال وباذن السيد يخرج على الخلاف في تبرعاته (الفصل الثالث) في المأذون فان دفع إليه السيد مالا ليتجر فيه فهو كالمكاتب إلا من وجهين (أحدهما) أن رهنه أولى بالمنع من جهة أن الرهن ليس من عقود التجارات وشبهه الامام باجارة الرقاب وفى نفوذها منه خلاف سبق في موضعه (والثاني) أن له البيع نسيئة باذن السيد بلا خلاف * وان قال له انجر بجاهك ولم يدفع إليه مالا فله البيع والشراء في الذمة حالا ومؤجلا وكذا الرهن والارتهان إذ لا ضرر فيه على السيد فان فضل في يده مال كان كما لو دفع إليه مالا (وقوله) في الكتاب إلا لمصلحة ظاهرة يجوز اعلامه بالواو لان القاضى ابن كج حكى وجها أنه لا يجوز رهن مال الطفل بحال من الاحوال (وقوله) الا إذا كان في وقت يجوز فيه الايداع هذا الاستثناء في نظم الكتاب يرجع

(10/61)


إلى اشتراط مساواة قيمة المرهون للدين فانه يجوز أن يكون في زمان النهب أكثر من الدين بل هو عذر يجوز الرهن على ما نلخص (وقوله) وكذا المكاتب والمأذون معلمان بالواو * (الباب الثاني في القبض والطوارئ قبله) قال (والقبض ركن في الرهن لا يلزم (م) الا به * وكيفيته في المنقول والعقار ما ذكرنا في البيع * ولا يصح إلا من مكلف * ويجوز للموتهن أن ينيب غيره إلا عبد الراهن وومتولدته لان يدهما يد الراهن * ويستنيب مكاتب الراهن * وفى عبده المأذون خلاف) * كلام الباب يقع في قسمين (أحدهما) بيان اعتبار القبض وانه بم يحصل وممن يصح (أما)
الاعتبار الاول فان الفبض ركن في لزوم الرهن فلو رهن ولم يقبض كان له ذلك نعم لو كان مشروطا في بيع فللبائع الخيار وقال مالك يلزم الرهن بنفسه وعن أحمد مثله الا في المكيلات والموزونات * لنا أنه

(10/62)


عقد إرفاق يحتاج إلى القبول فلا يلزم إلا بالقبض كالقرض (وأما) انه بم يحصل فسبيله في العقار المنقول ما تقرر في البيع ويعود الخلاف المذكور في أن التخلية هل تكفى في المنقول ام لابد من النقل وعن القاضى القطع بأنه لا يكفى التخلية في الرهن لان القبض مستحق في البيع وههنا بخلافه ويتعلق بهذا الاصل فروع مذكورة في الفصل الذي بعد هذا الفصل (وأما) انه ممن يصح فهو الذي يصح منه العقد وتجرئ النيابة في القبض جريانها في العقد لكن لا يجوز للراهن انابة المرتهن لان الواحد لا يتولى طرفي القبض كما بينا في البيع وكما لا ينيبه لا ينيب عبده ولا مدبره ولا أم ولده لان يدهم يده ولا بأس بانابة مكاتبه لاستقلاله باليد والتصرف وفى عبده المأذون وجهان (أحدهما) الجواز لانفراده باليد والتصرف (وأصحهما) المنع فانه عبده القن وهو متمكن من الحجر عليه وهذا كله قد أشرنا إليه في البيع وعن الشيخ أبى على حكاية وجه ثالث

(10/63)


وهو أن المأذون إن لم تركبه الديون لم يجز انابته وان ركبته جاز لانقطاع سلطنة السيد عما في يده ومشابهته المكاتب * قال (ولو رهن من المودع نص أنه يفتفر إلى إذن جديد * وفي الهبة من المودع نص انه يلزم * فقيل قولان بالنقل والتخريج * وقيل بالفرق لضعف الرهن * ثم لابد (و) من مضي زمان يمكن المسير فيه إلى المبيت الذى فيه الرهن حتي يلزم * ونص الشافعي رضى الله عنه أنه لا يكون يبضا ما لم يصل إلى بيته * وقيل ان ذلك انما يشترط عند التردد في بقائه ليتيقن وجوده * والاصح (و) أنه لو باع من المودع دخل في ضمانه بمجرد البيع) *

(10/64)


في الفصل مسألتان (احداهما) لو أودع مالا عند انسان ثم رهنه منه فظاهر نصه انه لابد من اذن جديد في القبض ولو وهبه منه فظاهر نصه انه يحصل القبض من غير إذن جديد وللاصحاب
فيهما طريقان مشهوران وثالث غريب (أظهر) المشهورين أن فيهما قولين (أحدهما) أنه لا حاجة في واحد من العقدين إلى الاذن في القبض بل انشاؤهما مع الذي في يده المال يتضمن الاذن في القبض (وأصحهما) انه لابد منه وبه قال أبو إسحق لان اليد الثابنة كانت غير جهة لرهن ولم يجز تمرض للقبض بحكم الرهن (والثاني) تقرير النصين والفرق أن الهبة عقد تمليك ومقصوده الانتفاع والانتفاع

(10/65)


لا يتم الا بالقبض والرهن ثوئيق؟ وانه حاصل دون القبض ولهذا لو شرط في الرهن كونه في يد ثالث جاز ولو شرط مثله في الهبة فسد وكانت الهبة ممن المال في يده رضى بالقبض (والثالث) الغريب حكاه القاضي ابن كج عن ابن خيران القطع باعتبار الاذن الجديد فيهما ومحاولة تأويل نصه في الهبة وسواء شرط إذن جديد في القبض أو لم يشترط فلا يلزم العقد ما لم يمض زمان يتأتى فيه القبض لكن إذا شرط الاذن فهذا الزمان يعتبر من وقت الاذن فان لم يشترطه فهو معتبر من وقت العقد وقال حرملة لا حاجة إلى مضي هذا الزمان ويلزم العقد بنفسه والمذهب الاول لانا نجعل دوام

(10/66)


اليد كابتداء القبض فلا أقل من زمان يتصور فيه ابتداء القبض فعلى هذا لو كان المرهون منقولا غائبا اعتبر مضي زمان يمكن المصير إليه ونقله وهل يشترط مع ذلك نفس المصير إليه ومشاهدته فيه وجهان (أحدهما) نعم ليتعين حصوله وثبوته وهذا ظاهر النص (وأصحهما) لا ويكتفي بأن الاصل بقاؤه واختلفوا في محل النص منهم من جعله احتياطا ومنهم من حمله على ما إذا كان المرهون مما يتردد في بقائه في يده بأن كان حيوانا غير مأمون الانقلاب (أما) إذا نفيه فلا حاجة إليه ومن قال بهذا جعله وجها ثالثا فارقا فان شرطنا الحضور والمشاهدة فهل يشترط النقل أيضا فيه وجهان (أحدهما) نعم

(10/67)


لان قبض المنقول به يحصل (والثانى) وهو أصحهما وقطع به طوائف من الاصحاب انه لا يشترط لان النقل انما يعتبر ليخرج من يد المالك وهو خارج ههنا وإذا شرطنا وراء مضى المدة شيئأ اما الحضور وحده أو مع النقل فهل يجوز أن يوكل فيه حكى الامام فيه وجهين (أصحهما) الجواز كما في ابتداء القبض ووجه
المنع أن ابتداء القبض وهو النقل وجد من المودع فليصدر بثمنه منه * (فرعان) الاول لو ذهب إلى موضع المرهون فوجده قد خرج من يده نظر ان أذن له في القبض بعد العقد فله اخذه حيث وجده وان لم يأذن له لم يأخذه حتى يقبضه الراهن سواء شرطنا الاذن الجديد أو لم نشرطه هكذا قاله أبو الفضل بن عبدان وكأنه صور فيما إذا علم بخروجه من يده قبل العقد (أما) إذا خرج بعده ولم نشترطه لاذن الجديد فقد جعلنا الرهن ممن في يده إذنا في القبض فليكن بمثابة مالو استأنف اذنا (الثاني) إذا رهن الاب مال الطفل من نفسه أو ماله من الطفل

(10/68)


ففى اشتراط مضى زمان يمكن فيه القبض وجهان كالوجهين في اشتراط لفظي الايجاب والقبول وقد ذكرناهما في البيع * ان شرطناه فهو كما لو رهن الوديعة من المودع فيعود الاختلاف المذكور وقصد الآن قبضا واقباضا نازل منزلة الاذن الجديد هناك (المسألة الثانية) إذا باع المالك الوديعة أو العارية ممن في يده فهل يعتبر زمان امكان القبض لجواز التصرف وانتقال الضمان فيه وجهان (أصحهما) نعم ثم القول في اشتراط المشاهدة واشتراط النقل كما في الرهن والهبة (والثانى) لا لان البيع يفيد الملك فلا معني مع اجتماع الملك واليد لاعتبار شئ آخر وهل يحتاج الي الاذن في القبض تفريعا على الوجه الاول نظر ان كان الثمن حالا ولم يوفه لم يحصل القبض إلا إذا أذن البائع فيه فان وفاه أو كان مؤجلا فعن الشيخ أبى على رواية طريق انه كالرهن

(10/69)


(والمشهور أنه لا يحتاج إليه والفرق أن البيع يوجب القبض) فدوام اليد يقع عن القبض المستحق ولا استحقاق في الرهن * ونعود إلى ما يتعلق بلفظ الكتاب (قوله) قولان بالنقل والتخريج المشهور عند مثبتى القولين في العقدين انهما حاصلان عن ضرب أحد النصين بالآخر على ما هو سبيل النقل والتخريج وروى ابن عبدان أنه نص في الهبة على قولين فعلى هذا التصرف مخصوص بالرهن (وقوله) لضعف الرهن أراد به ما ذكرنا من تقاعده عن افادة الملك (وقوله) ثم لابد من مضى زمان معلم - بالواو - لوجه حرملة (وقوله) يمكن المسير ولم يسر يتنظم فيهما السين والصاد ولفظ الشافعي رضي الله عنه في المختصر الصاد (وقوله) والاصح أنه لو باع من المودع إلى آخره يمكن حمله على الخلاف المذكور في أن مضى
الزمان هل يعتبر لكن الاقرب أنه أراد الخلاف المذكور في أن الاذن الجديد هل يعتبر لان ايراده في الوسيط مشعر به وأيضا فانه لو حمل على الاول لكان اختياره على خلاف اختيار المعظم لما ذكرنا

(10/70)


أنهم اعتبروا الزمان وعلى هذا فقوله مجرد البيع لم يرد به التجرد المطلق وأنما أراد البيع المجرد عن الاذن الجديد والله تعالى اعلم * قال (ولو رهن من الغاصب لم يبرأ (م ح ز) من ضمان الغصب * كما لو تعدي في المرهون يجتمع الضمان والرهن * ولو أودع من الغاصب يبرأ * وفى براءته بالاجازة وتوكيله بالبيع وجهان وكذلك في براءة المستعير * وكذا لو صرح بابراء العاصب مع بقائه في يده) * إذا رهن المالك ماله من الغاصب أو المستعير أو المستأجر أو الوكيل صح الرهن والقول في افتقار لزومه إلى مضى زمان يتأتى فيه القبض والى اذن جديد في القبض على ما ذكرنا في رهن الوديعة من المودع ومنهم من قطع في الغصب بافتقاره إلى اذن جديد لان يده غير صادرة عن اذن المالك أصلا

(10/71)


ثم الرهن من الغاصب لا يبرئه عن ضمان الغصب وان تم ولزم خلافا لابي حنيفة وهو اختيار المزني واحتج الاصحاب بأن الدوام أقوى من الابتداء ودوام الرهن لايمنع ابتداء الضمان فان المرتهن إذا تعدي في المرهون يصير ضامنا ويبقى الرهن بحاله فلان لا يرفع ابتداء الرهن دوام الضمان كان أولى * إذا تقرر ذلك فلو أن المرتهن أراد البراءة عن الضمان فليرده إلى الراهن ثم له الاسترداد بحكم الرهن ولو امتنع الراهن من قبضه فله أن يجبره عليه قال الامام وفى كلام الشيخ أبى على ما يدل على أن للراهن أن يجبره على رده ثم يرده هو عليه ولكن القياس وبه قال القاضى انه ليس له ذلك إذ لا غرض له في تبرئة ذمة المرتهن * ولو أودع الغاصب المال المغصوب فوجهان (أحدهما) أنه لا يبرأ من الضمان كما في الرهن منه (وأصحهما) وهو المذكور في الكتاب أنه يبرأ لان مقصود الايداع الائتمان

(10/72)


والضمان والامانة لا يجتمعان ولهذا لو تعدى المودع في الوديعة ارتفعت الوديعة ويخالف الرهن
لان الغرض منه التوثيق الا أن الامانة من مقتضاه وهو مع الضمان قد يجتمعان على مابينا * ولو أجر العين المغصوبة منه فوجهان مرتبان على الايداع والاجارة أولى أن لا تفيد البراءة وهو الظاهر لانه ليس الغرض منها الائتمان بخلاف الوديعة * ولو وكله ببيع العبد المغصوب أو اعتاقه فوجهان مرتبان على الاجارة وأولى بعدم افادة البراءة لان في عقد الاجارة تسليطا على القبض والامساك والتوكيل بخلافه ويجوز أن يعلم قوله في الكتاب وجهان في مسألتي الاجارة والتوكيل - بالواو - للطريقة القاطعة بالمنع المتولدة من ترتيب الخلاف على الخلاف واليها أشار الاكثرون وفى معني الاجارة والتوكيل ما إذا قارضه على المال المغصوب أو كانت جارية فزوجها منه * ولو صرح بابراء الغاصب عن ضمان الغصب والمال باق في يده ففى براءته وصيرورة يده يد أمانة وجهان مبنيان على القولين في الابراء

(10/73)


عما لم يجب ووجد سبب وجوبه لان الغصب سبب وجوب القيمة عند التلف (والظاهر) عدم حصول البراءة * وربما استشهد من قال بعدم البراءة في الصورة السابقة بهذه الصورة فقال انشاء عقود الامانات ليس بآكد من التصريح بالابراء فإذا لم تحصل البراءة به فتلك العقود أولى (وأما قوله) وكذا في براءة المستعير فصورته ما إذا رهن المعير العارية من المستعير ولزم الرهن كما سبق ففى البراءة عن ضمان العارية وجهان عن حكاية صاحب التقريب (أصحهما) أنه لا يبرأ كما لا يبرأ عن ضمان الغصب (والثانى) يبرأ لان ضمان العارية اخف أمرا من ضمان الغصب لان اليد فيها مستندة إلى رضي المالك * ورهن المقبوض على سبيل السوام والشراء الفاسد من المستام والمشتري كرهن العارية من المستعير * قال (أما الطوارئ قبل القبض * فكل ما يزيل الملك فهو رجوع * والتزويج ليس برجوع * واجارته جوع (ان قلنا) إنها تمنع من البيع * والتدبير رجوع على النص * وعلى التخريج لا) *

(10/74)


القسم الثاني من الباب القول في الطوارئ التي يتأثر العقد بطروها قبل القبض وهى ثلاثة أنواع (الاول) ما ينشئه الراهن من النصرفات وكل ما يزيل الملك كالبيع والاعتاق والاصداق وجعله أجرة
في اجارة فإذا وجد قبل القبض فهو رجوع عن الرهن وفى معناه الرهن والهبة من غيره مع القبض وكتابة العبد ووطئ الجارية من الاحبال والوطئ من غير احبال ليس برجوع وكذا التزويج إذ لاتعلق له بمورد الرهن بل رهن المزوجة ابتداء جائز (وأما) الاجارة ان قلنا ان رهن المكري وبيعه جائز فهو كالتزويج وإلا فهى رجوع وحكى الامام وجها آخر أنها ليست برجوع بحال كما لو دبر العبد المرهون والنص أنه رجوع وخرج الربيع قولا أنه ليس برجوع ولهذا مأخذان (احدهما) البناء على النص والتخريج في رهن المدبر (والثانى) توجيه التخريج باسكان الرجوع عن التدبير ووجه النص وهو الاظهر بمنافاة مقصود التدبير لمقصود الرهن واشعاره بالرجوع ولا يخفى عليك بعد معرفة هذه الصور ان (قوله) في الكتاب وما لا يزيل كالتزويج ليس بوجوع غير معلول به على اطلاقه (وان قوله) وجارته رجوع يجوز اعلامه - بالواو - والله تعالى أعلم *

(10/75)


قال (والنص أنه ينفسخ بموت الراهن ولا ينفسخ بموت المرتهن * فقيل قولان بالنقل والتخريج لتردد الرهن بين البيع الجائز والوكالة * وقيل بالفرق لان ركن الرهن من جانب الراهن المعين وهو متعلق حق الورثة والغرماء * وركنه من جانب المرتهن دينه وهو باق بحاله بعد وفاته والاظهر أنه لا ينفسخ بجنون العاقدين * وبالحجر عليهما بالتبذير) * (والنوع الثاني) ما يعرض للمتعاقدين من الحالات وفيه ثلاث صور (إحداها) نص في المختصر أن الرهن لا يبطل بموت المرتهن قبل القبض ونقل نص أنه يبطل بموت الراهن وفيهما طرق (أظهرهما) أن في موتهما قولين نقلا وتخريجا (أحدهما) أنه يبطل بموت كل واحد منهما لانه عقد جائز والعقود الجائزة ترتفع بموت العاقدين كالوكالة (وأصحهما) أنه لا يبطل لان مصيره إلى اللزوم فلا يتأثر بموتهما كالبيع في زمان الخيار (والثانى) تقرير النصين وبه قال أبو إسحق وفرقوا بأن المرهون بعد موت الراهن ملك الورثة ومتعلق حق الغرماء ان كان له غريم أخر وفى استيفاء الرهن اضرار بهم وفى صورة موت المرتهن يبقي الدين كما كان وانما ينتقل الاستحقاق فيه الي الورثة وهم محتاجون إلى الوثيقة حاجة مورثهم (والثالث) القطع بعدم البطلان سواء مات الراهن أو المرتهن وبه قال القاضى

(10/76)


أبو حامد * ومن قال بهذا أول ما نقل في موت الراهن * وإذا أبقينا الرهن قام ورثة الراهن مقامه في الاقباض وورثة المرتهن مقامه في القبض ووراء هذا في المسألة شيئان (أحدهما) اختلف المثبتون للقولين في موضعهما فقال ابن أبى هريرة موضع القولين رهن التبرع (وأما) الرهن المشروط في البيع فانه لا يبطل بالموت قطعان لتأكده بالشرط واقترانه بالبيع اللازم فلا يبعد أن يكتسب منه صفة اللزوم وقال أبو الطيب بن سلمة القولان جاريان في النوعين وهو المشهور وسواء قلنا بالبطلان أو قلنا إنه لا يبطل ولم يتحقق الوفاء بالرهن المشروط فيثبت الخيار في البيع (والثانى) لك أن تستخرج الخلاف في طرف موت الراهن من أصل سيأتي وهو أن التركة التى تعلقت بها الديونه حكمها حكم المرهون أم لا (إن قلنا) نعم فقد أخذ جميع التركة حكم المرهون ولغا العقد السابق (وان قلنا) لابقى الرهن لظهور فائدته ويجوز أن يعكس فيقال ان قلنا يأخذ حكم المرهون بقي الرهن لتأكده بما عرض وان قلنا لالغا العقد السابق كيلا يتضرر الورثة * (الصورة الثانية) لوجن أحد المتعاقدين

(10/77)


أو أغمى عليه قبل القبض ترتب ذلك على الموت (إن قلنا) لا يؤثر الموت فالجنون أولي (وإن قلنا) يؤثر ففى الجنون وجهان (فإذا قلنا) لا يبطل الرهن فان جن المرتهن قبض الرهن من ينصبه القاضى قيما في ماله فان لم يقبضه الراهن وكان الرهن مشروطا في بيع فعل ما فيه الحظ من الفسخ والاجازة * وان جن الراهن فان كان الرهن مشروطا في بيع وخاف القيم فسخ؟ المرتهن لو لم يسلمه والحظ في الامضاء سلمه وان لم يخف أو كان الحظ في الفسخ لم يسلمه وكذا لو كان الرهن رهن تبرع هكذا اطلقوه وهو محمول على ما إذا لم تكن ضرورة ولا غبطة لانهما يجوزان رهن مال المجنون ابتداء فالاستدامة أولي (الثالثة) لو طرأ الحجر على أحدهما لسفه أو فلس فهو لو كما طرأ الجنون لكن الخلاف فيه بالترتيب لان السفه لا يوجب سقوط العبارة رأسا والجنون بوجه * قال (وفى انفساخه بانقلاب العصير خمرا * وباباق العبد وجنايته وجهان أيضا * ولا يجوز اقباضه وهو خمر فلو انقلب خمرا بعد القبض خرج عن كونه مرهونا * فإذا عاد خلا عاد
مرهونا (و) *)

(10/78)


(النوع الثالث) ما يعرض في المرهون وفيه صور (إحداهما) أنه لورهن عصيرا وأقبضه فانقلب في يد المرتهن خمرا فلا نقول بانها مرهونة وللاصحاب عبارتان قالت شرذمة يتوقف أن عاد خلا بان أن الرهن لم يبطل والابان انه يبطل وقال الجمهور يبطل الرهن لخروجه عن كونه الا ولا خيار للمرتهن ان كان الرهن مشروطا في بيع لحدوثه في يده ثم إذا عاد خلا يعود الرهن كما يعود الملك وحكى القاضى ابن كج عن أبى الطيب بن سلمة أنه يجئ فيه قول آخر أنه لا يعود الرهن إلا بعقد جديد وادعى انه مذهب أبي حنيفة وكان هذا النقل لم يبلغ القاضى الحسين فقال على سبيل الاحتمال يجوز أن يجعل هذا على قياس عود الخبث ويخرج فيه مثل ذلك الخلاف (والمذهب الاول) وهو عود الرهن وتبين بذلك أنهم لم يريدوا؟ ببطلان الرهن اضمحلال أثره بالكلية وانما أرادوا ارتفاع حكمه مادامت الخمرية * ولو رهن شاة فماتت في يد المرتهن فدبغ جلدها فوجهان (أحدهما) وبه قال ابن خيران واختاره القاضى الروياني أنه يعود الرهن كما لو انقلبت الخمر خلا (وأظهرهما) عند

(10/79)


الاكثرين لا يعود لان ماليته مجلوبة بالصنعة والمعالجة وليس العائد ذلك المالك * ولو انقلب العصير المرهون خمرا قبل القبض ففى بطلان الرهن البطلان الكلى وجهان (أحدهما) نعم لاختلال المحل في حال ضعف الرهن وجوازه (والثانى) لا كما لو تخمر بعد القبض وقبضه ايرا - الائمة ترجيح هذا الوجه لانهم قرنوا هذا الخلاف من الخلاف في صورة عروض الجنون أو بنوه عليه فقالوا ان ألحقنا الرهن بالوكالة بطل بعروض الجنون وانقلابه خمرا قبل القبض وان ألحقناه بالبيع الجائز لم يبطل وقد مر أن الثاني أظهر قال في التهذيب وعلى الوجهين لو كان الرهن مشروطا في بيع ثبت للمرتهن الخيار لان الخل انقص من العصير ولا يصح الاقباض في حال الشدة ولو فعل وعاد خلا فعلى الوجه الثاني لابد من استئناف قبض وعلى الاول لابد من استئناد عقد * ثم القبض فيه على ما ذكرنا في انقلاب العصير المرهون خمرا قبل القبض *

(10/80)


(فرع) إذا انقلب المبيع خمرا قبل القبض فالكلام في انقطاع البيع وعوده إذا عاد خلا على ما ذكرنا في انقلاب العصير المرهون خمرا بعد القبض (الصورة الثانية) إذا جنى العبد المرهون قبل القبض وتعلق الارش برقبته وقلنا رهن الجاني ابتداء فاسد فعن الشيخ أبى على أن في بطلان الرهن وجهين الحاقا للجناية بتخمير العصير والجامع عروض الحالة المانعة من ابتداء الرهن قبل استحكام العقد وهذه الصورة أولى بانه لا يبطل الرهن فيها لدوام الملك في الجاني بخلاف الخمر (الثالثة) إذا أبق العبد المرهون قبل القبض قال الامام يلزم على مساق ما سبق تخريج وجهين فيه لانتهاء المرهون إلى حالة يمنع ابتداء الرهن فيها (وقوله) في الكتاب وجنايته وجهان يجوز أعلامه بالواو لان الخلاف في صورة الجناية يتفرع على منع رهن الجاني (أما) إذا جوزناه لا يأتي هذا الخلاف بحال (وقوله) عاد مرهونا معلم بالواو لما قدمناه * قال (والتخليل بالقاء الملح فيه (ح) حرام لحديث أبى طلحة * وبالامساك غير محرم * وكذا بالنقل من ظل إلى شمس على الاصح) *

(10/81)


أشار في المختصر إلى منع التخليل في هذا الموضع وتأسى به أكثر الاصحاب فذكروا مسائله ههنا وأول ما ينبغى أن يعرف أن الخمر قسمان خمر محترمة وهى التى اتخذ عصيرها لتصير خلا وانما كانت محترمة لان اتخاذ الخل جائز بالاجماع ولن ينقلب العصير إلى الحموضة الا بتوسط الشدة فلو لم تحترم واريقت في تلك الحالة لتعذر ايجاد الخل وخمرة غير محترمة وهى التي اتخذ عصيرها لغرض الخمرية وفى كل واحد من القسمين ثلاث مسائل (احداها) تخليل الخمر بطرح العصير أو الخل أو الخبز الحار أو غيرها فيها حزام والخل الحاصل نجس وبه قال أحمد خلافا لابي حنيفة وعن مالك روايتان (احداهما) كمذهبنا (والاخرى) انه يكره ولكن لو فعل جاز * لنا ما روى عن أنس رضى الله عنه

(10/82)


قال (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتخذ الخمر خلا قال لا) وروى أن أبا طلحة رضى الله عنه (سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عندي خمور لايتام فقال ارقها فقال أفأخللها قال لا) وإذا حرم
التخليل كان الخل الحاصل نجسا لان الفعل الحرام لا يستباح به الغير المحظور كاصطياد المحرم وأيضا فان المطروح في الخمر ينجس بملاقاتها وتستمر نجاسته إذ لا مزيل لها ولا ضرورة إلى الحكم بانقلابه طاهرا بخلاف آخر الدن ولا فرق في هذه المسألة بين المحترمة وغيرها وحكى الامام عن بعض الاصحاب جواز تخليل المحترمة لانها غير مستحقة للاراقة والمذهب الاول وفى حديث أبى طلحة رضى الله عنه
__________
(حديث) أنس سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتخذ الخمر خلا قال لا مسلم من حديثه * (حديث) أن أبا طلحة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عندي خمور لا يتام فقال أرقها قال الا أخللها قال لا: أحمد وأبو داود والترمذي من حديث أنس وقد روى من حديث أنس عن أبى طلحة وأصله في مسلم (تنبيه) روى البيهقى من حديث جابر مرفوعا ما أفقر أهل بيت من آدم فيه خل وخير خلكم خل خمركم وفي سنده المغيرة بن زياد وهو صاحب مناكير وقد وثق والراوي عنه حسن بن قتيبة؟ قال الدارقطني متروك وزعم الصغانى أنه موضوع وتعقبته عليه وقال ابن الجوزى في التحقيق لا أصل له قال البيهقى أهل الحجاز يسمون خل العنب خل الخمر *

(10/83)


كانت تلك الخمور محترمة لانها كانت مباحه متخذة قبل ورود التحريم وهل يفرق بين الطرح بالقصد وبين أن يتفق بغير قصد كطرح ريح فيه اختلاف للاصحاب مبني على أن المعني تحريم التخليل أو نجاسة المطروح فيه والا ظهر أن لا فرق هذا إذا كان الطرح في حال التخمير أما إذا طرح في العصير بصلا أو ملحا واستعجل به الحموضة بعد الاشتداد فوجهان (أحدهما) انه إذا تخلل كان طاهرا لان ما لاقاه إنما لافاه قبل التخمير فطهر بطهارته كأجزاء الدن (والثانى) لا لان المطروح فيه ينجس عند التخمير وتستمر نجاسته بخلاف اجزاء الدن للضرورة قال في التهذيب وهذا أصح ولو طرح العصير على الخل وكان العصير غالبا ينغمر الخل فيه عند الاشتداد فهل يطهر إذا انقلب خلا فيه هذان الوجهان ولو كان الغالب الخل وكان يمنع العصير من الاشتداد فلا بأس (المسألة

(10/84)


الثانية) امساك الخمر المحترمه إلى أن تصير خلا جائز والتى لا تحترم تجب اراقتها لكن لو لم يرقها حتى
تخللت فهى طاهرة أيضا لان النجاسة والتحريم انما ثبتا للشدة وقد زالت هذا ما به الفتوى وحكى الامام رضى الله عنه عن بعض الخلافيين انه لا يجوز امساك الخمرة المحترمة بل يعرض عن العصير إلى أن يصير خلا فان أتفقت منا اطلاعه وهو خمر ارقناه وذكر الحناطي وجها انه لو أمسك التى لا تحترم حتى تخللت لم تحل ولم تطهر لان امساكها حرام فلا يستفاد به نعمة ومتى عادت الطهارة بالتخلل فتطهر اجزاء الظرف أيضا للضرورة وفى البيان أن الداركى قال ان كان الظرف بحيث لا يتشرب شيئا من الخمر كالقوارير طهر وان كان مما يتشرب لم يطهر ولنذهب الاول وكما يطهر ما يلاقى الخل بعد التخليل

(10/85)


يطهر ما فوقه الذي أصابته الخمر في حالة الغليان ذكره القاضى الحسين وأبو الربيع الايلافى (الثالثة) لو كان ينقلها من الظل إلى الشمس أو يفتح رأسها ليصيبها الهواء استعجالا للحموضة فوجهان (أحدهما) لا تطهر كما لو طرح فيها شيئا وبهذا قال أبو سهل الصعلوكى (وأصحهما) أنه يطهر لزوال الشدة من غير نجاسة تخلفها وهذا في غير المحترمة وفى المحترمة؟ أولى بالجواز * واعلم أنه ليس في لفظ الكتاب تعرض لانقسام الخمر إلى محترمة وغيرها (وقوله) التخليل بالقاء الملح فيه حرام يمكن اجراؤه فيه على اطلاقه على ما بيناه لان الامساك حرام في غير المحترمة والاراقة واجبة والكلام في انه لو اتفق الامساك وتخللت هل تطهر هذا هو المشهور والذي في طريق الصيدلانى من تجوز الامساك على قصد أن لا يصير

(10/86)


خلا وعدم وجوب الاراقة فهو مما يستغرب فإذا هو مخصوص بالمحترمة لكنه غير مستحسن من جهة النظم لانه علي خلاف ما قبله وما بعده وليس في اللفظ ما يدل عليه * (فرع) عن الشيخ أبى علي ذكر تردد في بيع الخمرة المحترمة بناء على التردد في طهارتها وقد حكيناه في باب النجاسات والعناقيد إذا استحالت أجواف حباتها خمرا فعن القاضي وغيره ذكر وجهين في جواز بيعها اعتمادا على طهارة طاهرها في الحال وتوقع فائدتها في المآل وطردوهما في البيضة المستحيل باطنها دما والمذهب المنع *

(10/87)


* (الباب الثالث في حكم المرهون بعد القبض) * < قال (وهو وثيقة لدين المرتهن في عين الرهن تمنع الراهن من كل ما يقدح فيه والنظر في أطراف ثلاثة (الاول) جانب الراهن * وهو ممنوع عن كل تصرف قولى يزيل الملك كالبيع والهبة * أو يزاحم حقه كالرهن من غيره * أو ينقص كالتزويج * أو يقلل الرغبة كالاجارة التي لا تنقضي مدتها قبل حلول الدين) * صدر الباب يشير إلى مقدمة مرشده إلى ضبط الاطراف التي يتضمنها والى جهة اقتضاء الدين لها وهى أن الرهن وثيقة لدين المرتهن في غير الرهن أو بدله وانما تحصل الوثيقة بالحجر عن الراهن وقطع سلطنة كانت له ليتحرك للاداء وتجدد سلطة المرتهن لم يكن ليتوسل بها إلى الاستيفاء ثم هذه الوثيقة ليست دائمة بل لها غاية ينتهى عندها وكلام الباب فيما ينقطع من سلطنة الراهن وفيما يحدث من سلطنة المرتهن وفى غاية الرهن فهى ثلاثة أطراف والذي يشتمل عليه الفصل من الطرف الاول ان الراهن يمنع من كل تصرف يزيل الملك وتنقل لمال الغير كالبيع والهبة ونحوهما لانا لو صححناها لفاتت الوثيقة ومنع مما يزاحم المرتهن في مقصود الرهن وهو الرهن من غيره ومن كل تصرف ينقص المرهون وتعلل؟ الرغبة فيه كالتزويج فان الرغبة في الجارية الخلية فوق الرغبة في المزوجة وعند أبى

(10/88)


حنيفة يجوز التزويج (واما) الاجارة فينظر فان كان الدين حالا أو كان مؤجلا لكنه يحل قبل انقضاء مدة الاجارة فعن بعض الاصحاب فيما رواه ابن القطان بناء صحة الاجارة على القولين في جواز بيع المستأجر ان جوزناه صحت الاجارة والا فالمشهور بطلانها قطعا (أما) إذا لم نجوز بيع المستأجر فظاهر (وأما) إذا جوزناه فلان الاجارة تبقى وان صح البيع وذلك مما يقلل الرغبة ثم القائلون بالمنع لم يفصل الجمهور منهم وقال في التتمة يبطل في الاجل وفى الزائد على الاجل قولا تفريق الصفقة * وان كان الاجل يحل مع انقضاء مدة الاجارة أو بعدها صحت الاجارة ثم لو أتفق حلول الدين قبل انقضائها بموت الراهن فوجهان (أحدهما) أن تنفسخ الاجارة رعاية لحق المرتهن فانه أسبق ويضارب المستأجر

(10/89)


بالاجرة المدفوعة مع الغرماء (والثانى) وهو اختيار أبى الحسين أن المرتهن يصبر إلى انقضاء مدة الاجارة كما يصبر الغرماء إلى انقضاء العدة لتستوفى المعتدة حق السكني جمعا بين الحقين وعلى هذا يضارب المرتهن بدينه مع الغرماء في الحال * ثم إذا انقضت المدة وبيع المرهون قضى باقى دينه فان فضل شئ فهو للغرماء * هذا كله فيما إذا أجر المرهون من غير المرتهن (أما) إذا أجره منه فيجوز ولا يبطل به الرهن وكذا لو كان مكري منه ثم رهنه منه يجوز فلو كانت الاجارة قبل تسليم الرهن ثم سلمه عنهما جميعا جاز ولو سلم عن الرهن وقع عنهما جميعا لان القبض في الاجارة مستحق كذا قاله في التهذيب ولو سلمه عن الاجارة لم يحصل قبض الرهن وعند أبى حنيفة الرهن والاجارة لا يجتمعان والمتأخر منهما يرفع المتقدم ويبطله * لنا أن الاعارة من المرتهن لا تبطل الرهن فكذا الاجارة (وقوله) في الكتاب كل تصرف قولى أفهم بالقول ان ما يمنع منه الرهن من التصرفات بعضها قولى وبعضها ليس بقولى فانه قدم التصرفات القولية ثم تعرض لغيرها كالوطئ ويجوز اعلام قوله كالاجارة

(10/90)


التى لا تنقضي مدتها قبل حلول الدين بالواو للطريقة التى قدمناها وفى هذه اللفظة شئ فان الاجارة التى لا تنقضي مدتها قبل حلول الدين تارة تنقضي مدتها بعد حلول الدين وتارة معه والثانية صحيحة فكان الاولى أن يقول كالاجارة التى لا تنقضي مدتها بعد حلول الدين واعلم أن ما قدمناه من منع الراهن من البيع ونحوه من التصرفات والحكم بابطالها هو المذهب الجديد وعلى القديم الذي يجوز وقف العقود تكون هذه التصرفات موقوقة على الانفكاك وعدمه ومال الامام إلى شئ آخر وهو يخريجها؟ على الخلاف في بيع المفلس ماله وسيأتى ذلك ان شاء الله تعالى * قال (وفى الاعتاق (ح) ثلاثة أقوال يفرق في الثالث بين الموسر والمعسر * فان نفذنا غرمناه وان لم ينفذ فالاقيس أن لا يعود العتق ان اتفق فكاك الرهن * وحكم التعليق مع الصفة في دوام الرهن حكم الانشاء * فان وجدت الصفة بعد فكاك الرهن نفذ على الاصح) *

(10/91)


الفصل يتضمن مسألتين (مسألة) في اعتاق الراهن العبد المرهون منجزا (ومسألة) في تعليق اعتاقه
(أما) الاولى فالمنقول عن القديم ومختصر المزني الجزم بأنه لا ينفذ ان كان الراهن معسرا وقولان ان كان موسرا وعن الجديد الجزم بنفوذه ان كان موسرا وان كان معسرا فقولان فإذا ضرب البعض بالبعض خرجت ثلاثة أقوال (أحدها) انه لا ينفذ بحال لان الرهن عقد لازم حجر به الراهن على نفسه فلا يتمكن من ابطاله مع بقاء الدين (والثاني) ينفذ لانه اعتاق صادف الملك فأشبه اعتاق المستأجر والزوجة وبه قال أبو حنيفة وأحمد الا أن أبا حنيفة يقول يستبقى العبد في قيمته ان كان الراهن معسرا (والثالث) وهو الاصح وبه قال مالك انه ان كان موسرا نفذوا لا فلا تشبيها لسريان العتق إلى حق المرتهن بسريانه من نصيب أحد الشريكين إلى الآخر والمعني فيه ان حق الوثيقة لا يتعطل ولا يتأخر إذا كان موسرا *

(10/92)


(التفريع) ان قلنا لا ينفذ فالرهن بحاله فلو انفك بابراء أو غيره فقولان أو وجهان (أظهرهما) انه لا يحكم بنفوذه أيضا لانه لا يملك اعتاقه فأشبه ما إذا أعتق المحجور عليه بالسفه ثم زال الحجر (والثانى) يحكم بنفوذه لان المانع من النفوذ في الحال حق المرتهن وقد زال وقطع قاطعون بالثاني والخلاف فيه كالخلاف فيما إذا أعتق المحجور عليه بالفلس عبدا ثم انفك الحجر عنه ولم يتفق بيع ذلك العبد هل يعتق وان بيع في الذين ثم ملكه يوما لم يحكم بالعتق ومنهم من طرد فيه الخلاف المذكور في الصورة الاولى وعن مالك أنه يحكم بنفوذ العتق في الصورتين وان قلنا ينفذ العتق مطلقا فعلى الراهن قيمته باعتبار يوم الاعتاق ثم ان كان موسرا أخذت منه في الحال وجعلت رهنا مكانه وان كان معسرا انظر إلى اليسار فإذا أيسر أخذت منه وجعلت رهنا ان لم يحل الحق بعد وان حل

(10/93)


طولب به ولا معنى للرهن هكذا قاله أصحابنا العراقيون ولك أن تقول كما أن ابتداء الرهن قد يكون بالحال وقد يكون بالمؤجل فكذلك قد تقتضي المصلحة أخذ القيمة رهنا وان حل الحق إلى أن يتيسر استيفاؤه وبتقدير صحة التفصيل الذى ذكروه وجب أن يجرى مثله في القيمة التى تؤخذ من الموسر ثم قال الامام ومهما بدل القيمة على قصد المغرم صارت رهنا ولا حاجة إلى عقد مستأنف
والاعيان مقصد المؤدى ومتى كان المعتق موسرا أو التفريع على القول الثاني أو الثالث ففى وقت نفوذ العتق طريقان (أحدهما) وهو الذى أورده القاضى ابن كج أنه على الاقوال في وقت نفوذ العتق في نصيب الشريك إذا أعتق الشريك نصيبه ففى قول يتعجل وفى قول يتأخر إلى أن يغرم القيمة وفى قول يتوقف فإذا غرم أنفذنا العتق يقينا (وأظهرهما) القطع بنفوذه في الحال والفرق أن العتق ثم يسرى إلى ملك الغير ولابد من تقدير انتقاله إلى المعتق فجاز أن يقول انما ينتقل إذا استقر ملك الشريك ويده على العوض واعتاق الراهن يصادف ملكه * (وأما المسألة الثانية) فينظر ان علق عتق المرهون بفكاك الرهن نفذ عند الفكاك لان مجرد التعليق لا يضر بالمرتهن وحين ينزل

(10/94)


العتق لا يبقى له حق وان علق بصفة أخرى فان وجدت قبل فكاك الرهن ففيه الاقوال المذكورة في التنجيز وان وجدت بعده فوجهان (أصحهما) النفوذ لانه لا يبطل حق المرتهن (والثانى) لا ينفذ أيضا لا للتعليق مطلقا كالتنجيز في قول والوجهان شبتهان بالخلاف فيما إذا قال العبد لزوجته ان فعلت كذا فأنت طالق ثلاثا ثم عتق ثم فعلته هل تقع الطلقة الثالثة لكن ذلك الخلاف جار وان علق بالعتق فقال ان عتقت فأنت طالق ثلاثا فلا خلاف في تعليق العتق بالفكاك أنه ينفذ عند الفكاك قال الامام والفارق أن الطلقة الثالثة ليست مملوكة للعبد ومحل العتق مملوك للراهن وانما منع لحق المرتهن ولعلك لاتنقاد لهذا الفرق وتقول العتق غير مملوك للراهن كما أن الطلقة الثالثة غير مملوكة للعبد ومحل الطلاق مملوك للعبد كما أن محل العتق مملوك للراهن فلا فرق والله أعلم * (فرعان) أحدهما لو رهن نصف عبده ثم أعتق نصفه نظر ان أضاف العتق إلى النصف المرهون ففيه الخلاف وان أضافه إلى النصف الآخر أو أطلق عتق ما ليس بمرهون وهل يسرى إلى

(10/95)


المرهون ان جوزنا اعتاق المرهون فنعم والا فوجهان (أصحهما) انه يسرى أيضا لان أقصى مافى الباب تنزيل المرهون منزلة ملك الغير والعتق يسرى إلى ملك الغير وعلى هذا هل يفرق بين
الموسر والمعسر قال في النهاية قال المحققون نعم وفى التتمة انه يسرى سواء كان له مال آخر اولم يكن لانه ملكه (الثاني) في وقف المرهون طريقان (أحدهما) أنه كالعتق لما فيه من الغرر والتعليق الذى لا يقبل النقض (وأظهرهما) القطع بالمنع ويفارق العتق لقوة العتق بالسراية وغيرها وقال المتولي (ان قلنا) الوقف لا يحتاج إلى القبول فهو كالعتق (وإن قلنا) يحتاج إليه فيعتق بالمنع وهذه طريقة ثالثة والله أعلم * قال (ويمنع من الوطئ خيفة الاحبال المنقص * والاحوط (و) حسم الباب وان كانت صغيرة (و) أو آيسة (و) * فان فعل فالولد نسيب * والاستيلاد مرتب (و) على العتق وأولى بالنفوذ لانه فعل * وقيل بنقيضه لان العتق منجز * ثم إذا انفك فالاصح عود الاستيلاد) * عرفت من قبل أن المذهب الصحيح جواز رهن الجوارى على الاطلاق وعلى هذا فلو كانت الجارية المرهونة بكرا فليس للراهن وطؤها بحال لان الافتضاض ينقص قيمتها وان كانت ثيبا

(10/96)


فكذلك في سن تحبل لانهار ربما حبلت فتفوت الوثيقة أو تتعرض للهلاك في الطلق ولنقصان الولادة فليس له أن يقول أطأ وأعزل لان الماء قد يسبق وان كانت في سن لا تحبل لصغر أو إياس فوجهان (قال) أبو إسحق له أن يطأها كسائر الانتفاعات التى لا تضر بالمرتهن وهذا اختيار القاضى ابن كج وقال ابن أبى هريرة والاكثرون يمنع من وطئها احتياطا لجسم الباب إذ العلوق ليس له وقت معلوم وهذا كما أن العدة تجب على الصغيرة والآيسة وان كان القصد الاصلى استبراء الرحم ويجرى الوجهان فيما إذا كانت حاملا من الزنا لانه لا يخاف من وطئها الحبل نعم غشيان مثل هذه المرأة مكروه على الاطلاق فلو خالف ما ذكرناه ووطئ فلا حد ولامهر ولكن عليه ارش البكارة إذا افتض أما أنه لاحد ولامهر فلانه أصاب ملكه ويخالف مالو وطئ المكاتبة حيث يغرم المهر لها لان المكاتبة قد استقلت

(10/97)


واضطرب الملك فيها اوزال ولهذا لو وطئها أجنبي كان المهر لها ولو وطئ المرهونة أجنبي كان المهر للسيد وأما وجوب ارش البكارة فلان لافتضاض إتلاف جزء ثم ان شاء جعله رهنا وان شاء صرفه إلى أداء الدين وإذا أولدها فالولد نسيب
حرولا قيمة عليه لان المرتهن لاحق له في ولد المرهونة بحال وهل تصير أم ولد له فيها الاقوال المذكورة في الاعتاق ثم منهم من جعل الخلاف بالترتيب واختلفوا في كيفيته فقال أبو إسحق والاكثرون الاستيلاد أولى بالنفوذ لانه فعل والافعال أقوى وأشد نفوذا ولهذا ينفذ استيلاد المجنون والمحجور عليه ولا ينفذ إعتاقهما وينفذ استيلاد المريض من رأس المال واعتقاه من الثلث وقال آخرون الاستيلاد أولى بعدم النفوذ لانه لا يفيد حقيقة العتق وانما يثبت به حق العتق وحق العتق دون حقيقة العتق المنجزة فكان العتق أولى بالنفوذ ومنهم من امتنع من الترتيب وسوى بينهما التعارض المعنيين وبه قال الشيخ أبو حامد

(10/98)


ويخرج من هذه الاختلافات ثلاثة طرق كما أفصح بها صاحب التتمة (أظهرها) طرد الخلاف (والثانى) القطع بنفوذ الاستيلاد (والثالث) القطع بعدمه * (التفريع) ان قلنا ينفذ الاستيلاد فعليه القيمة والحكم على ما مر في العتق وان قلنا لا ينفذ فالرهن بحاله فلو حل الحق وهى حامل بعد لم يجز بيعها لانها حامل بحر وفيه وجه آخر وقد ذكرنا ذلك في البيع فإذا ولدت فلا تباع حتى تسقى ولدها اللبأ وإذا سقته ولم توجد مرضعة فلا تباع حتى توجد مرضعة خوفا من أن يسافر بها المشترى لو بيعت فيهلك الولد وإذا وجدت مرضعة فتباع الجارية ولا يبالى

(10/99)


بالتفريق بين الام والولد للضرورة فان الولد حر وبيعه ممتنع * ثم ان كان الدين يستغرق قيمتها بيع؟ كلها والا بيع منها بقدر الدين وان أفضى التشقيص إلى نقصان رعاية لحق الاستيلاد ويخالف ما إذا اتفق مثل ذلك في العبد القن بأن كانت قيمته مائة وهو مرهون بخمسين وكان لا يشترى نصفه إلا بأربعين ويشترى الكل بمائة حيث يباع الكل دفعا للضرر عن المالك وان لم يوجد من يشترى البعض بيع الكل للضرورة * وإذا بيع منها بقدر الدين انفك الرهن عن الباقي واستقر الاستيلاد وتكون النفقة على المشترى والمستولد بحسب النصيبين والكسب بينهما كذلك ومهما عادت إلى ملكه بعد

(10/100)


ما بيعت في الدين فهل يحكم بنفوذ الاستيلاد فيه طريقان (أظهرهما) أنه على قولين كما
لو استولد جارية الغير بالشبهة ثم ملكها اختار المزني أنه لا يحكم به (والمذهب) المنصوص انه يحكم وفى مثل هذه الصورة في الاعتاق ذكرنا أن الاظهر عدم نفوذ العتق والفرق ان الاعتاق قول يقتضى العتق في الحال فإذا رد لغا بالكلية والاستيلاد فعل لا يمكن رده وانما منع حكمه في الحال لحق الغرماء فإذا زال حق الغير عمل عمله (والطريق الثاني) القطع بنفوذ الاستيلاد لوقوعه في الملك بخلاف استيلاد جارية الغير بالشبهة * ولو انفك الرهن عنها ولم يتفق بيعها بعد الاستيلاد ومنهم من خرجه على الخلاف المذكور فيما إذا بيعت ثم عادت إليه وعلى الخلاف المذكور في نظيره من الاعتاق (والمذهب) الاول ويفارق مااذا بيعت وعادت لان الملك ههنا هو الملك الذى تصرف فيه ويفارق الاعتاق لما سبق

(10/101)


وليس للراهن أن يهب هذه الحاربة للمرتهن وانما تباع في الحق للضرورة وهذا معنى قول الائمة ان الاستيلاد ثابت في حق الراهن والخلاف في أنه أنه هل يثبت في حق المرتهن والله أعلم * (وقوله) في الكتاب مرتب على العتق يجوز اعلامه بالواو للطريقة الثانية للترتيب وكذا قوله والاصح عود الاستيلاد للطريقه النافية للخلاف وليس لفظ العود ههنا مستعملا في حقيقته فانه يستدعى ثبوتا في الابتداء وزوالا وليس الاستيلاد كذلك * قال (ولو ماتت بالطلق فعليه القيمة لانه مهلك بالاحبال * وكذا إذا وطئ أمة الغير بشبهة ولا يضمن الزوج زوجته به * وكذلك الزانى بالحرة لان الاستيلاد كأنه اثبات يد وهلاك تحت اليد المستولية علي الرحم والحرة لا تدخل تحت اليد والا فمجرد السبب ضعيف * ولذلك قيل على رأى يجب أقصى القيم من يوم الاحبال إلى الموت * وقيل يعتبر يوم الاحبال * وقيل يوم (ح) الموت

(10/102)


ولا يمنع من الانتفاع (ح) بسكنى الدار * أو استكساب العبد * أو استخدامه * أو انزاء الفحل على الاناث ان لم ينقص قيمته) * إذا ماتت الجارية التى أولدها الراهن بالولادة والتفريع على أن الاستيلاد غير نافذ فعليه قيمتها لتكون رهنا مكانها لانه تسبب إلى إهلاكها بالاحبال لاعن استحقاق والضمان كما يجب بالمباشرات يجب
بالاسباب كحفر البئر ونحوه وعن أبى على الطبري وغيره وجه أنه لا تجب عليه القيمة لان إضافة الهلاك إلى الوطئ بعيدة واحالته على علل وعوارض تقتضي شدة الطلق أقرب وأظهر والمذهب المشهور الاول * ولو أولد أمة الغير بالشبة وماتت بالولادة ففي وجوب القيمة هذا الخلاف ولو كانت حرة ففى وجوب الدية وجهان (قال) الامام أقيسهما الوجوب لان طريق وجوب الضمان لا يختلف بالرق والحرية (وأشهرهما) المنع

(10/103)


لان الوطئ سبب ضعيف وانما أوجبنا الضمان في الامة لان الوطئ استيلاء عليها والعلوق من آثاره فادمنا به اليد والاستيلاء كما إذا نفر المحرم صيدا فبقى نفاره إلى التغير والهلاك والحرة لا تدخل تحت اليد والاستيلاء ولو أولد امرأة بالزنا وهى مكرهة فماتت بالولادة فقد روي الشيخ أبو حامد في وجوب الضمان قولين حرة كانت أو أمة (أحدهما) يجب لما سبق (وأصحهما) المنع لان الولادة في الزنا لاتنضاف إلى وطئه لان الشرع قطع سبب الولد عنه ولا خلاف في عدم وجوب الضمان عند موت الزوجة من الولادة لتولد الهلاك عن مستحق وحيث أوجبنا الضمان في الحرة فهو الدية مضروبة على العاقلة وحيث أوجبنا القيمة فالاعتبار بأية قيمة فيه ثلاثة أوجه (أحدها) باقصى القيم من يوم الاحبال إلى الموت تنزيلا له منزلة الاستيلاد والغصب (وثانيها) وبه قال ابن

(10/104)


أبى هريرة بقيمة يوم الموت لان التلف حينئذ متحقق (وأصحهما) بقيمة يوم الاحبال لانه سبب التلف فصار كما لو جرح عبدا قيمته مائة وبقى مثخنا حتى مات وقيمته عشرة فان الواجب مائة ويقال ان ابن أبى هريرة ألزم هذه المسألة فمنعها وطرد قياسه ولا يخفى بعده * ولو لم تمت الجارية ونقصت قيمتها بالولادة فعليه الارش ليكون رهنا معها وله ان يصرف القيمة أو الارش إلى قضاء الحق ولا يرهن * قال (ولا يمنع من الانتفاع (ح) بسكنى الدار أو استكساب العبد أو استخدامه أو انزاء الفحل علي الاناث ان لم ينقص قيمته) * افتتح الكلام في نوع آخر من تصرفات الراهن وهو ما سوى الوطئ من الانتفاعات وجملته أن المنافع التى لا يضر استيفاؤها بالمرتهن لا تعطل من المرهون بل هي مستوفاة للراهن خلافا
لابي حنيفة حيث قال هي معطلة وروى في الشامل عن مالك مثل مذهبنا وعن أحمد

(10/105)


اختلاف رواية * لنا ماروى أنه صلى الله عليه وسلم قال (الظهر يركب إذا كان مرهونا وعلى الذى يركبه نفقته) وروى أنه قال (الراهن محلوب ومركوب) وفى الفصل صور (احداها) يجوز السكني في الدار وركوب الدابة واستكساب العبد ولبس الثوب المرهونة إلا إذا كان مما ينقص باللبس (الثانية) الفحل المرهون يجوز انزاؤه على الاناث كالركوب إلا إذا أثر ذلك في القيمة والانثى يجوز الانزاء عليها كذلك ان كان يحل الدين قبل ظهور الحمل أو تلد قبل حلول الدين فأن كان يحل بعد ظهور الحمل وقبل الولادة فان قلنا الحمل لا يعرف جاز أيضا لانها تباع مع الحمل وان قنا بفرق وهو الصحيح لم يجز لانه لا يمكن بيعها دون الحمل والحمد غير مرهون (الثالثة) لبس للراهن أن يبني في الارض المرهونة ولا أن يغرس لانه ينقص قيمة الارض
__________
(حديث) الظهر يركب إذا كان مرهونا وعلى الذى يركبه نفقته البخاري ن م حديث الشعبي؟ عن أبى هربرة به وأتم منه ولفظه الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا وعلى الذى يركب ويشرب النفقة ورواه ابو داود بلفظ يحلب مكان يشرب * (حديث) الرهن مركوب ومحلوب الدارقطني والحاكم من طريق الاعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة واعل بالوقف وقال ابن أبى حاتم قال أبى رفعه مرة ثم ترك الرفع بعدور جح الدارقطني ثم البيهقي رواية الشافعي عن سفيان عن الاعمش عن أبى صالح عن ابى هريرة *

(10/106)


وفي النهاية ذكر وجه أنه يجوز ان كان الدين مؤجلا وزرع ما ينقص قيمة الارض لاستيفاء قوتها ممنوع وما لا ينقص ان كان بحيث يحصد قبل حلول الاجل فلا منع منه ثم ان تأخر الادراك لعارض ترك إلى الادرك وان كان بحيث يحصد بعد الحلول أو كان الدين حالا منع منه لنقصان الرغبة في الارض المزروعة وعن الربيع حكاية قول أنه لايمنع منه لكن يجبر على القلع عند الحلول إن لم يف بيعها مزروعة دون الزرع بالدين وفى هذا إلتفات إلى أن الارض المزروعة هل يجوز بيعها أم لا ولو
خالف ما ذكرناه فغرس أو زرع حيث منعناه منه فلا يقلع قبل حلول الاجل فلعله يقضى الدين من موضع آخر وفيه وجه أنه يقلعه وبعد حلول الدين ومساس الحاجة إلى البيع يقلع ان كانت قيمة الارض لاتفى بدينه وتزداد قيمتها بالقلع نعم لو صار الراهن محجوزا عليه بالافلاس ففى القلع وجهان بخلاف مالو نبت النخل من النوى في حميل السيل حيث جزمنا بأنه لا يقلع في مثل هذه الحالة لانا منعناه ههنا فخالف كذا قاله الامام *

(10/107)


قال (ويمنع عن المسافرة به لعظم الحيلولة كما يمنع زوج الامة عن السفر بها * بخلاف الحر فانه يسافر بزوجته * وان أمكن استكساب العبد في يده لم ينتزع من يده جمعا بين الحقين * ومهما انتزع فعليه الاشهاد * إلا أن يكون عدالته ظاهرة ففى تكليفه ذلك خلاف) * أصل الفصل أن اليد على المرهون مستحقة المرتهن فانها الركن الاعظم وفى التوثق مما لا منفعة به مع بقاء عينه كالنقود والحبوب لا تزال يد المرتهن عنه وإن أمكن تحصيل الغرض مع بقائه في يد المرتهن يصار إليه جمعا بين الحقين وإنما تزال يده عند اشتداد الحاجة إليه * إذا عرفت ذلك فان كان العبد محترفا وتيسر استكسابه هناك ولم يخرج من يده إن أراد الراهن الاستكساب وان أراد استخدام أو الركوب أو شيئا من الانتفاعات التى يحوج استيفاؤها إلى إخراجه من يده فعن رواية صاحب التقريب قول قديم أنه لا يخرج من يده ولانوهن وثيقته والمشهور أنه يخرج ثم ينظر إن استوفى تلك المنافع باعارة من عدل أو إجارة بالشرط الذى سبق فله ذلك وأن أراد استيفاءها بنفسه قال في الام له ذلك ومنع منه في القديم فحمل حاملون الاول على الثقة المأمون جحوده والثانى على غيره فأجراهما مجرون قولين مطلقين ووجهوا الثاني بما يخاف من جحوده وخيانته لو سلم

(10/108)


إليه والاول بان ماله استيفاؤه بغيره له استيفاؤه بنفسه ويشبه أن يكون هذا اظهر ويتفرع عليه ما نقله امام الحرمين وصاحب الكتاب وهو أنه ان وثق المرتهن بالتسليم فذاك والا أشهد عليه شاهدين أنه يأخذه للانتفاع فان كان مشهور العدالة موثوقا به عند الناس فوجهان (اشبههما) أنه يكتفى بظهور
حاله ولا يكلف الاشهاد في كل اخذه لما فيه من المشقة ويزداد في أخذ الجارية للاستخدام نظر آخر وهو أن الراهن انما يمكن منه إذا أمن غشيانه اياها بأن كانت محر ماله أو كان ثقة وله اهل كما تقدم نظيره ثم ان كان اخراج المرهون من يد المرتهن لمنفعة يدام استيفاؤها فذاك فان كان لمنفعة تستوفى في بعض الاوقات كالاستخدام والركوب فتستوفى نهارا وترد إلى المرتهن ليلا * وليس للراهن أن يسافر بالمرهون بحال طال سفره أم قصر لما فيه من الخطر والحيلولة القوية من غير ضرورة ولمثل هذا منع زوج الامة من المسافرة بها وانما جاز لسيدها أن يسافر بها لحقه المتعلق بالرقبة ولئلا يتكاسل في تزويجها ويجوز للحر أن يسافر بزوجته رعاية لمصالح النكاح التى لها فيها

(10/109)


الحظ * الوافر واعلم أن لفظ الكتاب ههنا وفى الوسيط يدل على أنه لا ينزع العبد من يد المرتهن إذا أمكن استكسابه وان طلب الراهن منه الخدمة ولم يتعرض الاكثرون لذلك وقضية كلامهم أن له أن يستخذم مع إمكان الاستكساب والله تعالى أعلم * (فرع) لا تزال يد البائع عن العبد المحبوس بالثمن للانتفاع لان ملك المشترى غير مستقر قبل القبض وملك الراهن مستقر وهل يستكسب في يده للمشترى أم تعطل منافعه فيه اختلاف للاصحاب * قال (وكل ما منع منه فإذا أذن المرتهن جاز لان الحق لا يعدوهما * ثم إذا أذنه في العتق سقط الغرم عنه * وفى البيع قبل حلول الاجل يمنع (ح) تعلقه بالثمن * وله الرجوع قبل البيع وكذا إذا أذن في الهبة ووهب ولم يقبض فله الرجوع * ولو شرط في الاذن في البيع جعل المثن رهنا لم يجز ذلك في الاصح لانه نقل للوثيقة * ولو شرط أن يعجل حقه من الثمن فسد الاذن (و) لانه أذن بعوض فاسد * بخلاف مالو شرط لوكيله أجرة من ثمن ما يبيعه إذ ليس العوض ههنا في مقابلة الاذن) *

(10/110)


الفصل يشتمل على قاعدتين (إحداهما) التصرفات التى يمنع منها الراهن لحق المرتهن إذا اقترنت باذن المرتهن نفذت فإذا أذن له في الوطئ حل له الوطئ ثم إن وطئ ولم يحبل فالرهن بحاله
وان أحبل أو أعتق أو باع بالاذن نفذت هذه التصرفات وبطل الرهن * ويجوز أن يرجع المرتهن عن الاذن قبل تصرف الراهن كما يجوز للمالك أن يرجع قبل تصرف الوكيل فإذا رجع فالتصرف بعده كما لو لم يكن إذن ولو أذن في الهبة والاقباض ورجع قبل الاقباض صح وامتنع الاقباض لان تمام الهبة بالاقباض ولو أذن في البيع فباع الراهن بشرط الخيار فرجع المرتهن فوجهان (أحدهما) يصح رجوعه لان العقد لم يلزم بعد كالهبة قبل الاقباض (وأصحهما) المنع لان مبنى البيع على اللزوم والخيار دخيل وانما يظهر أثره في حق من له الخيار وفى الهبة الركن الاقوى انما هو الاقباض * ولو

(10/111)


رجع المرتهن ولم يعلم به الراهن فتصرف ففى نفوذه وجهان مبنيان على أن الوكيل هل ينعزل بالعزل قبل بلوغ الخبر (الاصح) الانعزال * ومهما أحبل أو أعتق أو باع وقال فعلته بالاذن وأنكر المرتهن فالقول قوله مع يمينه لان الاصل عدم الاذن وبقاء الرهن فان حلف فهو كما لو تصرف بغير اذنه وان نكل فحلف الراهن فهو كما لو تصرف باذنه فان نكل فهل يرد اليمين على الجارية أو العبد فيه طريقان (إحداهما) وبه قال ابن القطان فيه قولان كما لو نكل الوارث عن يمين الرد هل يحلف الغرماء (وأشبههما) وبه قال أبو إسحق وأبو حامد القطع بالرد لان الغرماء يثبتون الحق للميت

(10/112)


أولا والجارية والعبد يثبتان لانفسهما ولو وقع هذا الاختلاف بين المرتهن وورثة الراهن حلفوا يمين الرد على البت وهل يثبت اذن المرتهن برجل وامرأتين حكى القاضى ابن كج فيه وجهين والقياس المنع كالوكالة والوصاية ولو حصل عند الجارية المرهونة ولد فقال الراهن قد وطئتها باذنك فأتت بهذا الولد منى وهي أم ولد وقال المرتهن بل هو من زوج أو زنا فالقول قول الراهن بعد أن يسلم له المرتهن أربعة أمور (أحدها) الاذن في الوطئ (والثاني) أنه وطئ (والثالث) أنها ولدت (والرابع) أنه مضى مدة امكان الولد منه فان لم يسلم الاذن فقد ذكرنا أن القول قوله وان لم يسلم أنه وطئ وسلم الاذن فوجهان (الذى) ذكره المعظم أن القول قوله أيضا لان الاصل عدم الوطئ وبقاء الرهن (وقال) القاضى

(10/113)


ابن كج والامام الاصح أن القول قول الراهن لانه أخبر عما ما يقدر على انشائه وان سلمهما وقال ما ولدته ولكن التقطته فالقول قوله وعلى الراهن البينة على الولادة أيضا ولو سلم الولادة وانكر مضى الامكان فالقول قوله أيضا ومهما سلم الامور الاربعة فالقول قول الراهن من غير يمين لانه إذا أقر بأن الولد منه لم يقبل رجوعه فكيف يحلف عليه ولو لم يتعرض المرتهن لهذه الامور منعا وتسليما واقتصر على انكار الاستيلاد فالقول قوله أيضا وعلى الراهن اثبات هذه الوسائط (الثانية) إذا أعتق أو وهب باذن المرتهن بطل حقه من الرهن سواء كان الدين حالا أو مؤجلا وليس عليه أن يجعل قيمته رهنا مكانه ولو باع ما يلزمه والدين مؤجل فكذلك خلافا لابي حنيفة حيث قال يلزمه أن يرهن ثمنه مكانه أو يقضى الدين * لنا القياس على الاعتاق والهبة ولو كان الدين حالا قضى حقه من ثمنه وحمل إذنه المطلق على البيع في عرضه لمجئ وقته ولو أنه في البيع بشرط أن يجعل الثمن رهنا مكانه فقولان سواء كان الدين حالا أو مؤجلا (أحدهما) يصح الاذن والبيع وعلى الراهن الوفاء بالشرط وبهذا قال أبو حنيفة والمزنى وأصحاب أحمد لان الرهن قد ينتقل من العين إلى البدل شرعا كما لو أتلف المرهون فجاز أن ينتقل إليه شرطا (وأصحهما) عند المحاملى وصاحب الكتاب أنها فاسدة (أما) الشرط فلان الثمن مجهول عند الاذن فأشبه ما إذا أذن بشرط أن يرهن به مالا آخر مجهولا وإذا بطل الشرط بطل

(10/114)


الاذن فأنه وقف الاذن على حصول الوثيقة في البدل وإذا بطل الاذن بطل البيع ولو أذن في الاعتاق وشرط جعل القيمة رهنا أو في الوطئ بهذا الشرط ان أحيل ففيه القولان ولو أذن في البيع بشرط أن يعجل حقه من ثمنه وهو مؤجل فالمنصوص فساد الاذن والبيع لفساد الشرط * وقال أبو حنيفة والمزنى وأصحاب أحمد يصح الاذن والبيع ويجعل الثمن رهنا مكانه وعن أبى اسحق تخريج قول من المسألة السابقة واحتج المزني بأن فساد الشرط لا يوجب فساد الاذن والبيع ألا ترى أنه لو وكل وكيلا ببيع عبده على أن له عشر ثمنه يصح الاذن والبيع مع أن الشرط فاسد لكون الاجرة مجهولة ويرجع الوكيل إلى أجرة المثل وأجاب الاصحاب بأن الموكل لم يجعل لنفسه في مقابلة الاذن شيئا وانما شرط للوكيل جعلا مجهولا فاقتصر الفساد عليه وههنا المرتهن شرط لنفسه
شيئا في مقابلة إذنه وهو تعجيل الحق فإذا فسد فسد ما يقابله ولهذا المعنى قدح قادحون في تخريج أبى اسحق وقالوا الشرط صحيح في المسألة الاولى على قول فصح الاذن المقابل له وههنا المرتهن شرط لنفسه شيئا في مقابلة إذنه وهو تعجيل الحق فالشرط فاسد بالاتفاق فلا يمكن تصحيح ما يقابله ولو اختلفا فقال المرتهن أذنت في البيع بشرط أن ترهن الثمن وقال الراهن بل أذنت مطلقا فالقول قول المرتهن كما لو اختلفا في أصل الاذن * ثم ان كان الاختلاف قبل البيع فليس له البيع وان كان بعده وحلف المرتهن

(10/115)


فان صححنا الاذن فعلى الراهن رهن الثمن والا فان صدق المشترى المرتهن فالبيع مردود وهو مرهون كما كان وان كذبه نظر ان أنكر أصل الرهن حلف وعلى الراهن أن يرهن قيمته وان أقر بكونه مرهونا وادعى مثل ما ادعاه الراهن فعليه رد المبيع ويمين المرتهن حجة عليه أيضا قال الشيخ أبو حامد ولو أقام المرتهن بينة على أنه كان مرهونا فهو كما لو أقر المشترى به والله أعلم (وقوله) في الكتاب لانه نقل للوثيقة ليس تعليلا لقول المنع خاصة وانما أشار به إلى كلام ذكره الامام وهو أن الخلاف في المسألة يترتب على الخلاف في رهن ما يتسارع إليه الفساد بالددين المؤجل فان منعناه بذلك لصرنا إلى امتناع نقل الوثيقة من عين إلى عين فعلى هذا لا يجوز الاذن بشرط النقل وان صححناه وقد احتملنا نقل الوثيقة فيجوز شرطه فهذا ما أراده إلا أن لك أن تمنع قوله إذا منعنا رهنه بالدين المؤجل فذلك لمصيرنا إلى امتناع نقل الوثيقة من عين إلى عين ونقول بل ذلك لامتناع النقل من غير التعرض للنقل ولهذا يصح رهنه بالدين المؤجل بشرط البيع عند الاشراف على الفساد وههنا وجد التعرض للنقل * (فرع) منقول عن الام لو أذن المرتهن للراهن في ضرب العبد المرهون فهلك في الضرب فلا ضمان عليه لتولده من مأذون فيه كما لو أذن في الوطئ وأحبل بخلاف ما إذا ضرب الزوج زوجته

(10/116)


أو الامام انسانا تعزيرا لان المأذون فيه هناك ليس مطلق الضرب وانما هو ضرب التأديب وههنا أيضا لو قال أدبه فضربه حتى هلك فعليه الضمان * قال (والتركة إذا تعلقت بالديون أنها كالمرهون في منع التصرف فيه * وقيل انه
كالعبد الجاني * فان منع منه فظهر دين يرد العوض بالعيب بعد تصرف الورثة ففى بيعه بالنقص خلاف) * لا شك في أن الديون على المتوفى تتعلق بتركته وفى كون ذلك التعلق مانعا أو أمن الارث خلاف ذكرناه في الزكاة وبينا أن الاصح أنه لا يمنع وعلى هذا في كيفيته قولان ويقال وجهان (أحدهما) أنه كتعلق الارش برقبة الجاني لان كل واحد منهما يثبت شرعا من غير اختيار المالك (والثاني) أنه كتعلق الدين بالمرهون لان الشارع انما أثبت هذا التعلق نظر للميت لتبرأ ذمته فاللائق به الا يسلط الوارث عليه وهذا أظهر فيما ذكره الامام وغيره فلو أعتق الوارث أو باع وهو معسر لم يصح سواء جعلناه كالعبد الجاني أو كالمرهون ويجئ في هذا الاعتاق خلاف وان كان موسرا نفذ في وجه بناء على أن التعلق كتعلق الارش ولم يبعد في وجه بناء على أن التعلق كتعلق الدين بالمرهون وحكى الشيخ ابو علي وجها ثالثا وهو أنهما موقوفان ان قضى الوارث الدين تبينا النفوذ والا فلا ولا فرق بين أن يكون الدين مستغرقا للتركة أو أقل منها

(10/117)


على أظهر الوجهين كما هو قياس الديون والرهون (والثانى) أنه ان كان الدين أقل فقد تصرف الوارث إلى أن لا يبقي الا قدر الدين لان الحجر في مال كثير بشئ حقير بعيد وإذا حكمنا ببطلان تصرف الوارث فلو لم يكن في التركة دين ظاهر فتصرف ثم ظهر دين بان كان قد باع شيئا وأكل ثمنه فرد بالعيب ولزم رد الثمن أو تردى مترد في بئر كان قد احتفرها عدوانا فوجهان (أحدهما) أنه يتبين فساد التصرف الحاقا لما ظهر من الدين بالدين المقارن لتقدم سببه (وأظهرهما) أنه لا يتبين لانه كان مسوغا لهم طاهرا فعلى هذا ان أدى الوارث الدين فذك والا فوجهان (أظهرهما) أنه يفسخ ذلك التصرف ليصل المستحق إلى حقه (والثانى) لا يفسخ ولكن يطالب الوارث بالدين ويجعل كالضامن وعلى كل حال فللوارث ان يمسك عين التركة ويؤدى الديون من خالص ماله نعم لو كانت الديون أكثر من التركة فقال الوارث أخذها بقيمتها والتمس الغرماء بيعها على توقع زيادة راغب فوجهان بنوهما على أن السيد يفدى العبد الجاني بأرش الجناية أو بأقل الامرين من قيمته وأرش الجناية والاصح أن المجاب هو الوارث لان الظاهر أنها لا تشترى بأكثر من القيمة
وفى تعلق حقوق الغرماء بزوائد التركة كالكسب والنتاج خلاف يتفرع على ما مر أن الدين هل يمنع الميراث إن منعه نبت التعلق والا فلا (وقوله) ففى بيعه بالنقص خلاف أراد به أنا هل نتبين الفساد على

(10/118)


ما هو مبين الوسيط ويمكن حمله على الخلاف في أنا هل نفسخه تفريعا على الصحة واللفظ أقرب إليه ولا يخفى أنه ليس لهذا الفصل كبير تعلق بباب الرهن ولا شبه منه بهذا الموضع لكن صاحب الكتاب اقتدى بامام الحرمين في إبداع هذا الباب إلا أنه رسمه فرعا في آخره * قال (الطرف الثاني * جانب المرتهن * وهو مستحق إدامة اليد ولا تزال يده الا لاجل الانتفاع (ح) نهارا ثم يرد عليه ليلا * ولو شرط التعديل على يد ثالث ليثقوا كل واحد به جاز * ثم ليس للعدل تسليمه إلى أحدهما دون إذن صاحبه * فان فعل ضمن للآخر * ولو تغير حاله بالفسق أو بالزيادة فيه فلكل واحد طلب التحويل منه إلى عدل آخر) * اليد في الرهن بعد لزومه مستحقة للمرتهن فان قوام التوثق بها ولا تزال يده للانتفاع كما سبق ثم يرد إليه ليلا وان كان العبد ممن يعمل بالليل كالحارس فيرد إليه نهارا ولو شرطا في الابتداء وضعه في يد ثالث جاز فربما لا يثق أحدهما بالآخر يثقان به لو شرط وضعه عند اثنين فان نصا على أن لكل واحد منهما الانفراد بالحفظ أو على أن يحفظاه معا في حرز اتبع الشرط وان أطلقا فوجهان لابن سريج (أصحهما) أنه ليس لاحدهما أن ينفرد بالحفظ كما لو أوصي إلى رجلين أو وكل رجلين بشئ لا يستقل أحدهما فعلي هذا يجعلانه في حرز لهما (والثانى) يجوز الانفراد كيلا يشق عليهما فعلى هذا ان اتفقا

(10/119)


على كونه عند أحدهما فذاك وان تنازعا والرهن مما ينقسم قسم وحفظ كل واحد نصفه وان كان مما لا ينقسم حفظه هذا مدة وهذا مدة ولو قسماه بالتراضي والتفريع على الوجه الثاني ثم أراد أحدهما أن يرد مافى يده على صاحبه ففى جوازه وجهان لابن سريج وجه المنع أن المشقة قد اندفعت بما جرى وإذا أراد العدل وضع الراهن عنده رده اليهما أو إلى وكيلهما فان كان غائبين ولا وكيل فهو كرد الوديعة وسيأتى وليس له دفعة إلى أحدهما دون إذن الآخر فان فعل ضمن واسترد منه ان كان باقيا
وان تلف في يد المدفوع له نظر ان دفعه إلى الراهن رجع المرتهن بكمال قيمته وان زادت على حقه ليكون رهنا مكانه ويغرم من شاء من العدل والراهن والقرار على الراهن فان غرم العدل فله ان يكلف الراهن قضاء الدين لفك المأخوذ منه وان دفعه إلى المرتهن فللراهن أن يغرم من شاء من العدل والمرتهن قيمته ليكون رهنا والقرار على المرتهن فان كان الحق حالا والدين من جنس القيمة وقع الكلام في التقاض ولو غصب المرتهن الرهن من يد العدل ضمن فلو رده إليه برئ وحكى الامام في النهاية وجها أنه لا يبرأ إلا بالرد إلى المالك أو بأذن جديد للعدل في أخذه والمذهب الاول وكذلك الجواب لو غصب الوديعة من المودع أو العين المكراة من المكترى أو الرهن من المرتهن ثم رد إليهم ولو غصب اللقطة من الملتفط لم يبرأ بالرد إليه ولو غصب من المستعير أو المستام ثم رد فوجهان لانهما مأذونان من

(10/120)


جهة المالك لكنهما ضامنان ولو اتفق المتراهنان علي نقل الرهن إلى يد عدل آخر جاز فأن طلبه أحدهما فلا يجاب إلا أن يتغير حاله بفسق أو بضعف عن الحفظ أو يحدث بينه وبين أحدهما عداوة فيطلب نقله فحينئذ ينقل إلى يد آخر يتفقان عليه فأن تشاحا وضعه الحاكم عند من يراه فلو كان من وضعاه عنده فاسقا في الابتداء فازداد فسقا فهو كما لو كان عدلا ففسق وكذا لو مات وأراد أحدهما اخراجه من يد وارثه وكذا لو كان في يد المرتهن فتغير حاله أو مات كان للراهن نقله وفى النهاية نقل وجه أنه إذا مات المرتهن لا تزال يد ورثته ولكن إذا لم يرض الراهن بيدهم ضم القاضى إليهم مشرفا

(10/121)


وإذا ادعى العدل هلاك الرهن في يده أو رده فالقول قوله مع يمينه كالمودع ولو أتلف الرهن عمدا أخذت منه القيمة ووضعت عند آخر ولو أتلفه مخطئا أو أتلفه غيره أخذت القيمة ووضعت عنده هكذا ذكره الاكثرون وفرقوا بينه وبين ما إذا كان مأذونا في بيعه حيث لا يتمكن من بيع القيمة المأخوذة بان

(10/122)


المأذون في بيع شئ لا يكون ماذونا في بيع بدله والمستحفظ في شئ يكون مستحفظا في بدله وهذا غير محل الكلام ولضعفه ذهب الامام إلى أنه لابد من استحفاظ جديد وقياسه أن يقال لو
كان الرهن في يد المرتهن فاتلف وأخذ بدله كان للراهن الا يرضى بيده في البدل (وقوله) في

(10/123)


الكتاب فان تغير حاله بالفسق لا يمكن صرف الكناية فيه إلى العدل في قوله ثم ليس للعدل تسليمه لان العدل لا يكون فاسقا حتى يتغير حاله بالزيادة فيه بل هي منصرفة إلى الثالث في قوله علي يد ثالث وما أشبه ذلك *

(10/124)


قال (وللمرتهن استحقاق البيع تقدما به على الغرماء عند حلول الدين ولكن لا يستقل به دون اذن الراهن * بل يرفع إلى القاضى حتى يطالب الراهن أو يكلفه البيع * ولو أذن للعدل وقت الرهن في البيع لم يجب مراجعته ثانيا على الاصح * ولو ضاع الثمن في يد العدل فهو أمانة

(10/125)


فان سلم إلى المرتهن باذن الراهن ولكن أنكرا تسليمه فهو ضامن * فان صدقه الراهن ففى ضمانه لتقصيره في الاشهاد خلاف * ولا يبيع العدل الا بثمن المثل * فان طلب بزيادة في مجلس العقد حول العقد إلى الطالب) *

(10/126)


المرتهن يستحق بيع المرهون عند الحاجة ويتقدم بثمنه علي سائر الغرماء وانما يبيعه الراهن أو وكيله باذن المرتهن فلو لم يأذن المرتهن وإن أراد الراهن بيعه وأبى المرتهن قال له القاضي ائذن في بيعه وخذ حقك من ثمنه أو ابراه وإن طلب المرتهن البيع وابى الراهن ولم يقبض الدين أجبره الحاكم على قضائه أو

(10/127)


البيع إما بنفسه أو بوكيله فان أصر باعه الحاكم وعند أبى حنيفة لا يبيعه ولكن يحبس الراهن حتى يبيع ولو كان الراهن غائبا أثبت الحال عند الحاكم حتى يبيعه فان لم تكن بينة أو لم يكن في البلد حاكم فله بيعه بنفسه كما أن من ظفر بغير جنس حقه من مال المديون وهو جاحد ولابينة له أن يبيع

(10/128)


ويأخذ حقه من ثمنه ثم في الفصل مسائل (احداها) لو أذن الراهن للمرتهن في بيعه بنفسه فباع في غيبة الراهن فوجهان (أحدهما) وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد أنه يصح البيع كما لو أذن له في بيع مال آخر (وأصحهما) المنع لانه يبيعه لغرض نفسه فيكون متهما في الاستعجال وترك النظر وان باعه بحضوره صح لانقطاع التهمة هذا ظاهر النص حيث قال ولو شرط للمرتهن إذا حل الحق أن يبيعه لم يجز أن يبيع لنفسه الا بأن يحضر رب الرهن وفيه وجه أنه لا يصح أيضا لانه توكيل فيما يتعلق بحقه فعلى هذا لا يصح توكيله ببيعه أصلا ويتفرع عليه أنه لو شرط ذلك في ابتداء الرهن فان كان الرهن مشروطا في بيع فالبيع باطل وان كان رهن تبرع فعلى القولين في الشروط الفاسدة التابعة للمرتهن أنها هل تبطل الرهن وعلى الاول وهو المذهب في نص لفظ الرهن في الاذن تفصيل مذكور في الكتاب من بعد * واذن الوارث لغرماء الميت في بيع التركة كاذن الراهن للمرتهن وكذا اذن السيد للمجني عليه في بيع العبد الجاني قاله الشيخ أبو حامد والله أعلم * واعلم أن صاحب الكتاب قدر صحة البيع في المرتهن مفروغا منه متفقا عليه وتكلم في أنه لا يستقبل به المرتهن كذلك ساق الامام وأول النص الذى سبق على شئ آخر سنذكره ان شاء الله تعالى (الثانية) إذ وضعا الرهن عند عدل بشرط أن يبيعه عند المحل جاز ثم في اشتراط مراجعة الراهن وتجديد اذنه

(10/129)


عند البيع وجهان (أحدهما) وبه قال ابن أبى هريرة يشترط لانه قدر يكون له غرض في استبقاء المرهون ويريد قضاء الحق من غيره (وأصحهما) عند الامام وصاحب الكتاب وبه قال أبو إسحق لا يشترط لان الاصل دوام الاذن الاول (وأما) المرتهن فجواب العراقيين أنه لابد من مراجعته ويحصل اذنه ثانيا ولم يجروا فيه الخلاف ووجهوه بان المرهون انما يباع لا يصال حقه إليه وذلك يستدعى مطالبته بالحق فراجع ليعرف أنه مطالب أو ممهل أو مبرأ وقال الامام لا خلاف في أن المرتهن لا يراجع لان غرضه تقوية الحق بخلاف الراهن فانه قد يستبقى العين لنفسه فتأمل بعد احدى الطريقين عن الاخرى ولو عزل الراهن العدل قبل البيع انعزل وبه قال أحمد كسائر الوكلاء في سائر الاعمال * وقال مالك وأبو حنيفة لا ينعزل ولو عزله المرتهن فوجهان (أحدهما) وهو ظاهر النص أنه ينعزل كما لو عزله الراهن لانه يتصرف لهما جميعا (وأظهرهما) وبه قال أبو إسحق لا ينعزل لانه وكيل
الراهن إذ المرهون له واذن المرتهن شرط جواز التصرف ولا كلام في أنه لو منعه من البيع لم يبع وكذلك لو مات أحدهما (وإذا قلنا) لا ينعزل بعزل المرتهن فلو عاد إلى الاذن جاز البيع ولم يشترط تجديد توكيل من الراهن قال في الوسيط ومساق هذا أنه لو عزله الراهن ثم عادو وكل افتقر إلى تجديد اذن

(10/130)


للمرتهن ويلزم عليه أن يقال لا يعتد باذن المرتهن قبل توكيل الراهن ولا بأذن المرأة للوكيل قبل توكيل الولى اياه والكل محتمل (والثالثة) إذا باع العدل وأخذ الثمن فهو أمين والثمن من ضمان الراهن إلى أن يتسلمه المرتهن وبه قال أحمد خلافا لابي حنيفة ومالك حيث قالا هو من ضمان المرتهن * لنا أن الثمن ملك الراهن والعدل أمينه فما تلف في يده يكون من ضمان المالك ولو تلف الثمن في يد العدل ثم خرج الرهن مستحقا فالمشترى بالخيار بين أن يرجع بالثمن على العدل وبين أن يرجع على الراهن * ولو كان العدل قد باع بأذن الحاكم لموت الراهن أو غيبته وتلف الثمن وخرج المرهون مستحقا فللمشترى الرجوع في مال الراهن ولا يكون العدل طريقا للضمان في أصح الوجهين لانه نائب الحاكم والحاكم لا يطالب فكذلك نائبه (والثانى) يكون طريقا كالوكيل والوصى * وإذا ادعى العدل تلف الثمن في يده قبل قوله مع يمينه فان ادعي تسليمه إلى المرتهن وأنكر المرتهن فالقول قول المرتهن مع يمينه * وعن أبى حنيفة أن القول قول العدل مع يمينه وإذا حلف المرتهن أخذ حقه من الراهن ويرجع الراهن على العدل وان كان قد أذن له في التسليم نعم لو أذن أولا وصدقه في التسليم فوجهان (أظهرهما) أنه يضمن ايضا لتقصيره بترك الاشهاد (والثانى) لا لاعتراف الراهن بانه امتثل ما أمره به والمرتهن ظالم فيما يأخذه وبهذا قال ابن الوكيل والوجهان فيما إذا أطلق الاذن في

(10/131)


التسليم (فاما) إذا شرط عليه الاشهاد فتركه ضمن بلا خلاف وإذا ضمن بترك الاشهاد فلو قال اشهدت وماتت شهودي وصدقه الراهن فلا ضمان وان كذبه فوجهان نشرحهما مع ما يناسب هذه الصورة في الضمان ان شاء الله تعالى (الرابعة) إذا جاز للعدل البيع لم يبع الا بثمن المثل أو بما دونه في قدر ما تتغابن به الناس وليكن ذلك من نقد البلد حالا فان أجل بشئ من هذه الشروط لم يصح البيع وعن القاضى أبى حامد حكاية وجه أنه لو باع نسيئة صح ولا اعتبار به ولو سلم إلى المشترى صار
ضامنا ثم للمبيع حالتان (احداهما) أن يكون باقيا فيستردد ويجوز للعدل بيعه بالاذن السابق وان صار مضمونا عليه فإذا باعه وأخذ الثمن لم يكن الثمن مضمونا عليه لانه لم يتعد فيه (الثانية) أن يهلك في يده فان كان قد باع بغير نقد البلد أو نسيئة فالراهن بالخيار في تغريم من شاء من العدل أو المشترى كمال قيمته وان باع بدون ثمن المثل فقولان (أصحهما) وبه قيل أبو إسحق ان الحكم كذلك لانه أخرجه من يده على وجه غير متبوع (والثانى) أنه ان غرم العدل حط النقصان الذى كان محتملا في الابتداء مثاله لو كان ثمن مثله عشرة وكان يتغابن فيه بدرهم فباعه بثمانية يغرم تسعة ويأخذ الدرهم الباقي من المشترى هكذا نقلوه وغالب الظن طرد هذا الخلاف في البيع بغير نص نقد البلد والنسيئة

(10/132)


وان اتفق النص على القولين في الغبن ويؤيده أن صاحب التهذيب في آخرين جعلوا كبقية تغريم الوكيل إذا باع على أحد هذه الوجوه وسلم على الخلاف وسووا بين الصور الثلاث ومعلوم أنه لا فرق بين العدل في الرهن وبين سائر الوكلاء وعلى كل حال فالقرار على المشترى لحصول الهلاك عنده * (فرع) لو قال أحد المتراهنين بعه بالدراهم وقال الآخر بالدنانير لم يبع بواحد منهما لاختلافهما في الاذن لكن يرفعان الامر إلى الحاكم ليبيع بنقد البلد ثم ان كان الحق من جنس نقد البلد فذاك وإلا صرف نقد البلد إليه ولو رأى الحاكم أن يبيعه بجنس حق المرتهن جاز (الخامسة) إذا باع بثمن المثل ثم زاد راغب قبل التفرق فليفسخ العقد ولبيعه منه فان لم يفعل فوجهان (أحدهما) أن البيع لا ينفسخ لان حصول الزيادة غير موثوق به (وأصحهما) الانفساخ لان مجلس العقد كحالة العقد وليس له أن يبيع بثمن المثل وهناك من يبذل زيادة فعلى هذا لو بدا للراغب نظر إن كان قبل التمكن من البيع منه فالبيع الاول بحاله وان كان بعده فقد ارتفع ذلك البيع فلا بد من بيع جديد وفى طريقة الصيدلانى أنه إذا بدا له بان بان البيع بحاله كما لو بذل الابن الطاعة لابيه في الحج وجعلناه مستطيعا به ثم رجع من الطاعة قبل أن يحج أهل بلده فأنا نتبين عدم الوجوب ولو لم ينفسخ العقد في البيع الاول وباع من الراغب ففى كونه فسخا لذلك البيع ثم في صحته في نفسه خلاف سبق في البيع وأشار الامام في المسألة إلى شئ آخر وهو أن الوكيل بالبيع لو باع ثم فسخ البيع هل يمكن من البيع مرة أخرى فيه خلاف

(10/133)


والامر بالبيع من الراغب ههنا جواب على أنه يتمكن منه أو مفروض فيما إذا صرح بالاذن بذلك وأكثر هذه المسائل يطرد في جميع الوكالات * قال (وعلى الراهن مؤنة المرهون * وأجرة الاصطبل * وعلف الدابة * وسقى الاشجار * ومؤنة الجذاذ من خاص ماله على الاصح وقيل انه يباع فيه جزء من المرهون * فان كان بحيث تهلكه النفقة يباع كما يفعل بما يتسارع إليه الفساد * ولا يمنع الراهن من الفصد والحجامة والختان * ويمنع من قطع سلعة فيه خطر) * مؤونات الرهن التى بها يبقى الرهن كنفقة العبد وكسوته وعلف الدابة على الراهن لما روى أنه صلى الله عليه وسلم قال (لا يغلق الرهن من راهنه له غرمه وعليه غنمه) قوله من راهنه أي من ضمان راهنه وفى معناه سقى
__________
(حديث) لا يغلق الرهن من راهنه له غنمه وعليه غرمه.
ابن حبان في صحيحه والدارقطني والحاكم أو البيهقى من طريق زياد بن سعد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة مرفوعا لا يغلق الرهن له غنمه وعليه غرمه وأخرجه ابن ماجه من طريق اسحاق بن راشد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يغلق الرهن انتهى من سنن ابن ماجه وأخرجه الحاكم من طرق عن الزهري موصولة أيضا ورواه الاوزاعي ويونس وابن أبى ذئب عن الزهري عن سعيد مرسلا ورواه شافعي عن ابن أبى فديك وابن أبى شيبة عن وكيع وعبد الرزاق عن الثوري كلهم عن أبى ذئب كذلك ولفظه لا يغلق الرهن من صاحبه الذى رهنه له غنمه وعليه غرمه قال الشافعي غنمه زيادته وغرمه هلاكه وصحح أبو داود والبزار والدارقطني وابن القطان إرساله وله طرق في الدارقطني البيهقي كلها ضعيفة وصحح ابن عبد البر

(10/134)


الاشجار والكروم ومؤونة الجذاذ وتجفيف الثمار وأجرة الاصطبل والبيت الذى يحفظ فيه المتاع المرهون إذا لم يتبرع به المرتهن أو العدل وأجرة من يرد العبد من الاباق وما أشبه ذلك ثم حكى الامام والمتولي وجهين في أن هذه المؤنات هل يجبر الراهن عليها حتى يقوم بها من خالص ماله (أصحهما) الاجبار استبقاء لوثيقة المرتهن (والثانى) عن الشيخ أبى محمد وغيره أنه لا يجبر عند الامتناع ولكن يبيع
القاضى جزءا من المرهون بحسب الحاجة * وقد قرع الامام على هذا أن النفقة لو كانت تأكل الرهن قبل الاجل ألحق بما يفسد قبل الاجل فيباع ويجعل ثمنه رهنا ولك أن تقول هذا اما أن يحلق بما لا يتسارع إليه الفساد ثم عرض ما أفسده أو بما يتسارع إليه الفساد لا وجه للاول لان العارض ثم اتفاقي غير متوقع والحاجة إلى هذه المؤنات معلومة محققة وان كان الثاني لزم اثبات الخلاف المذكور في رهن ما يتسارع إليه الفساد في رهن كل ما يحتاج إلى نفقة أو مكان يحفظ فيه وأنه بعيد وبه يظهر ضعف الوجه من أصله وإذا قلنا بالاصح فلو لم يكن للراهن شئ أو لم يكن حاضرا باع بالحاكم جزءا من المرهون واكترى به بيتا يحفظ فيه الرهن هكذا قاله الائمة وقد مر في مؤنة السقى والجذاذ والتجفيف مثله وأما المؤنات الدائمة فيشبه أن يقال حكمها حكم مالو هرب الجمال وترك الجمال المكتراة أو

(10/135)


عجز عن الانفاق عليها هذه احدى مسألتي الفصل (والثانية) أنه لا يمنع الراهن من أن يفعل بالمرهون ما فيه منفعته كفصد العبد وحجامته وتوديج الدابة وبزغها والمعالجة بالادوية والمراهم لكن لا يجبر عليها بخلاف النفقة وأجرى صاحب التتمة الوجهين في المداواة ثم ان كانت المداواة فيما يرجى نفعه ولا يخاف منه غائلة فذاك وان كان يخاف فعن أبى اسحق أن للمرتهن المنع منه وقال أبو على الطبري لايمنع ويكتفى بأن الغالب منه السلامة واختاره القاضى أبو الطيب ويجرى الخلاف في قطع اليد المتأكلة إذا كان في قطعها وتركها خطر فان كان الخطر في الترك دون القطع فله القطع وليس له قطع سلعة وأصبع لاخطر في تركها إذا خيف منه ضرر فان كان الغالب السلامة ففيه الخلاف وله أن يختن العبد والامة في وقت اعتدال الهواء ان كان يندمل قبل حلول الاجل لانه أمر لابد منه والغالب فيه السلامة وان لم يندمل وكان فيه نقص لم يجزو كذلك لو كان به عارض يخاف

(10/136)


معه من الختان ووراء هذه صورتان (إحداهما) له تأبير النخل المرهونة ولو ازدحمت وقال أهل البصر تحويلها أنفع جاز تحويلها وكذا لو رأى قطع بعض لصلاح الاكثر ثم ما يقطع منها لو يجف يبقى مرهونا بخلاف ما يحدث من السعف ويجف فان الراهن يختص بها وينزل منزلة الثمار وما كان ظاهرا منها
عند الرهن قال في التتمة فهو مرهون وقال في الشامل لافرق (الثانية) لا يمنع من رعى الماشية في وقت الامن وتاوي ليلا إلى يد المرتهن أو العدل وإذا أراد الراهن أن يبعد في طلب النجعة وبالقرب ما يبلغ منها مبلغا فللمرتهن المنع والا فلا منع وتأي إلى يد عدل ينفقان عليه أو ينصبه الحاكم وان أراد المرتهن ذلك وليس بالقرب ما يكفى فلا منع وكذا لو أراد نقل المتاع من بيت غير محرز إلى محرز ولو بيعا بهما المكان وأرادا الانتقال نظر ان انتقلا إلى أرض واحدة فلا اشكال والا جعلت الماشية مع الراهن وحتاط ليلا كما سبق (وقوله) في الكتاب وأجرة الاصطبل معلم بالحاء لان عنده مؤنة البيت والاصطبل علي المرتهن ان لم يزد الرهن على قدر الدين فان زاد فقسط الزيادة على الراهن وبمثله أجاب في المداواة وأجرة رد الآبق (وقوله) على الاصح يتعلق به من خالص ماله لا بأصل لزوم المؤنة عليه فالمقابل للاصح قوله وقيل يباع إلى آخره * قال (والمرهون أمانة (ح) في يده * ولا يسقط (ح) بنلفه شئ من الدين * ولو أذن له في الغراس بعد شهر فهو بعد الغراس عارية مضمونة * وان شرط أن يكون مبيعا منه بعد شهر بالدين فهو بعد الشهر مضمون لانه مبيع بيعا فاسدا * وللفساد حكم الصحة في ضمان العقود * لو ادعى المرتهن تلفا أو ردا فهو كالمودع عند المراوزة * والقول قوله * وطردوا ذلك في المستأجر * وكل يد هي غير مضمنة * وقال العراقيون يختص ذلك بالوديعة وبالوكيل بغير أجرة * ومن عداهما يطلب بالبينة قياسا لان المودع وقع الاعتراف بصدقه وأمانته دون غيره * والمرتهن من الغاصب عند المراوزة كالمودع من الغاصب يطالب ولا يستقر الضمان عليه وان تلف في يده * وكذا المستأجر بخلاف المستعير والمستام *

(10/137)


وعند العراقيين في مطالبتهم وجهان * ثم في قرار الضمان بعد المطالبة وجهان آخران) * في الفصل أصلان وفروع (أحد) الاصلين أن المرهون أمانة في يد المرتهن لا يسقط بتلفه شئ من الدين ولا يلزمه ضمانه إلا إذا تعدى فيه وبهذا قال أحمد * وقال أبو حنيفة هو مضمون بالاقل من قيمته أو الدين فان كانت قيمته أقل سقط بتلفه من الدين بقدر قيمته والا سقط الدين ولا يضمن الزيادة وقال مالك ما يظهر هلاكه كالحيوان والعقار والاشجار أمانة وما يخفي هلاكه كالنقود والعروض مضمون
بالدين لانه يتهم فيه * لنا أن بعض المرهون أمانة فكذلك كله كالوديعة وأيضا فان الرهن شرع وثيقة الدين فهلاك محله لا يسقطه كموت الكفيل وإذا برئ الراهن عن الدين باداء أو ابراء أو حوالة كان الرهن أمانة أيضا في يد المرتهن ولا يصير مضمونا عليه الا إذا امتنع من الرد بعد المطالبة وقال ابن الصباغ ينبغى أن يكون المرتهن بعد الابراء كمن طير الريح ثوبا إلى داره حتى يعلم المرتهن به أو يرده لانه لم يرض بيده إلا على سبيل الوثيقة (والاصل الثاني) أن كل عقد يقتضى صحيحه الضمان فكذلك فاسده ومالا يقتضى صحيحه الضمان فكذلك فاسده (وأما) الطرف الاول فلان الصحيح إذا أوجب الضمان فالفاسد أولى باقتضائه (وأما) الثاني فلان من أثبت اليد أثبته عن اذن المالك ولم يلزم بالعقد ضمانا ولا يكاد يوجب التسليم والتسلم الا من معتقدي الصحة (وأما) الفروع فأربعة (أحدها) لو أعار المرهون من

(10/138)


المرتهن لينتفع به ضمنه وعند أبى حنيفة يخرج عن كونه مضمونا بناء علي أن العارية غير مضمونة ولو رهنه أرضا وأذن له في الغراس بعد شهر فهى بعد الشهر عارية وقبله أمانة حتى لو غرس قبله قلع ولو غرس بعده فسيأتي الحكم في العارية (وقوله) في الكتاب وهو بعد الغراس عارية يجب تأويله لانه بعد الشهر عارية غرس أو لم يغرس (وثانيها) لو رهن منه مالا على أنه إذا حل الاجل فهو مبيع منه أو على أن يكون مبيعا منه بعد شهر فالرهن والبيع فاسدان (أما) الرهن فلكونه مؤقتا (وأما) البيع فلكونه مشروطا ويكون المال أمانة في يده قبل دخول وقت البيع وبعده مضمونا لان البيع عقد ضمان ونقل وجها في النهاية أنه انما يصير مضمونا إذا أمسكه عن جهة البيع أما إذا أمسكه عن موجب الرهن فلا والمذهب الاول فلو كان أرضا فغرس فيه المرتهن أو بنى قبل دخول وقت البيع قلع مجانا وكذا لو غرس بعده وهو عالم بفساد البيع وان كان جاهلا لم يقلع مجانا لوقوعه باذن المالك وجهله بعدم الجواز فيكون الحكم كما لو غرس من المستعير ورجع المعير (وثالثها) إذا ادعى المرتهن تلف الرهن في يده قبل قوله مع يمينه وعن مالك أنه ان خفى هلاكه لم يقبل * وان ادعى رده إلى الراهن فطريقة العراقيين من أصحابنا أن القول قول الراهن مع يمينه ولا يقبل قول المرتهن الا ببينة لانه أخذه لمنفعة نفسه

(10/139)


فأشبه المستعير ويخالف دعوى التلف لانه لا يتعلق بالاختيار فلا يتساعد فيه البينة قالوا وكذا الحكم في المستأجر إذا ادعى الرد * ويقبل قول المودع والوكيل بغير الجعل مع اليمين لانهما أخذا المال بمحض غرض المالك وقد أئتمنها فليصدقهما وفى الوكيل بالجعل والمضارب والاجير المشترك إذا لم يضمنه ذكرنا وجهين (أحدهما) أنهم مطالبون بالبينة لانهم أخذوا لغرض أنفسهم في الاجرة والربح (وأصحهما) أنه يقبل قولهم مع ايمانهم لانهم أخذوا العين لمنفعة المالك وانتفاعهم بالعمل في العين لا بالعين بخلاف المرتهن والمستأجر وهذه الطريقة هي التى سلكها أكثر الاصحاب سيما قدماؤهم وتابعهم القاضى الرويانى وذهب بعض الخراسانيين من المراوزة وغيرهم أن كل أمين يصدق في دعوى الرد كالمودع قالوا ولا عبرة بمنفعته في الاخذ كما لا عبرة بها في وجوب الضمان عند التلف بخلاف المستعير والمستام واعرف في لفظ الكتاب من الفرع شيئين (أحدهما) أنه سوى بين التلف والرد وساق الطريقين في دعواهما جميعا وليس كذلك بل الكل مطبقون على تصديقه في دعوى التلف وانما الاختلاف في الرد * واعلم أن قولنا يقبل قوله في التلف نريد به القبول في الجملة وله تفصيل نذكره في كتاب الوديعة إن شاء الله تعالى (والثانى) أنه لم يحك طريقة العراقيين بتمامها ولم يستوعب مواضع الوفاق والخلاف بالذكر ولفظه في تخصيص التصديق بالمودع والوكيل بغير جعل لا يستمر الا على أحد الوجهين الذين نقلوهما (وقوله) لان المودع وقع الاعتراف بصدقه وأمانته لا يتضح به الفرق إذ لابعد في أن يقال كل أمين يقع الاعتراف بصدقه وأمانته والذى ذكروه في الفرق أن الوديعة ائتمان محض لاغرض للآخذ فيها كما

(10/140)


مر (ورابعها) لو رهن الغاصب المغصوب من انسان فتلف في يد المرتهن فللمالك تضمين الغاصب وفى تضمين المرتهن طريقان قا العراقيون فيه وجهان لابن سريج (أحدهما) أنه لا يطالب بالضمان لان يده يد أمانة (وأصحهما) أنه يطالب لتفرغ يده على يد الغاصب وعدم ائتمان المالك إياه وعلى هذا فيستقر الضمان عليه أم يرجع على الغاصب فيه وجهان (أحدهما) يستقر لحصول التلف عنده فينزل التلف منزلة الاتلاف في المغصوبات (وأظهرهما) أنه يرجع لتغرير الغاصب إياه وعدم التعدي منه هذه طريقة وعن المروازة القطع بالمطالبة وعدم الاستقرار والطريقان جاريان في المتسأجز من الغاصب
والمودع منه والمضارب والذى دفع المغصوب إليه ووكله ببيعه وكل ذلك فيما إذا جهلوا كونه مغصوبا فان علموا فهم غاصبون أيضا والمستعير منه والمستام فيطالبان ويستقر عليهما الضمان لان يد كل واحد منهما يد ضمان وهذه الصور تعود في الغصب (وقوله) في الكتاب وعند العراقيين في مطالبتهم وجهان يرجع إلى المرتهن والمستأجر والمودع دون المستعير والمستام (ومن) الفروع التى تندرج في الفصل أنه لو رهن بشرط أن يكون مضمونا على المرتهن يفسد الشرط والرهن ثم لا يكون مضمونا عليه (ومنها) لو قال خذ هذا الكيس واستوف حقك منه فهو امانة في يده قبل أن يستوفى حقه فإذا استوفى حقه منه كان مضمونا عليه ولو قال وفيه دراهم خذه بدراهمك وكانت الدراهم التى فيه مجهولة القدر أو كانت أكثر من دراهمه لم يملكه ودخل في ضمانه بحكم الشراء الفاسد وان كانت معلومة وبقدر حقه ملكها ولو قال خذ هذا العبد بحقك ولم يكن سليما فقبل ملكه وان لم يقبله وأخذه دخل في ضمانه بحكم الشراء الفاسد *

(10/141)


قال (والمرتهن ممنوع من كل تصرف قولا وفعلا فان وطئ فهو زان * وان ظن الاباحة فواطئ بالشبهة * فان أذن له الراهن وعلم التحريم فزان * وقيل مذهب عطاء في إباحة الجوارى بالاذن شبهة * وان ظن حلا فواطئ بالشبة * وفى وجوب المهر عليه وقيمة الولد عليه وجهان من حيث أن الاذن ضعيف الاثر في الوطئ بدليل المفوضة) * ليس للمرتهن في المرهون سوى حق الاستيثاق (أما) البيع وسائر التصرفات القولية الانتفاعات وسائر التصرفات العقلية فهو ممنوع من جميعها ولو وطئ الجارية المرهونه لم يخل إما أن يطأ بدون اذن الراهن أو باذنه (الحالة الاولى) ان يطأ بدون اذنه فهو كما لو وطئ غير المرهونة وان ظنها زوجته أو أمته فلا حد وعليه المهر والولد حر نسيب وعليه قيمته للراهن وان لم يظن ذلك ولم يدع جهلا فهو زان يلزمه الحد كما لو وطئ المستأجر الجارية المكراة ويجب المهر إن كانت مكرهة وان كانت مطاوعة لم يجب على الاصح وهذا الخلاف بتوجيهه مذكور في الغصب وان ادعى الجهل بالتحريم لم يقبل إلا أن يكون حديث العهد بالاسلام أو نشأ في بادية بعبدة عن بلاد المسلمين فقبل قوله لدفع الحد وحكى المسعودي في قبوله لثبوت النسب خلافا للاصحاب وأجرى مسألة في حرية
الولد ووجوب المهر والاصح ثبوت الكل لان الشبة كما تدرأ الحد تثبت النسب والحرية وإذا سقط الحد وجب المهر (والثانية) أن يطأ باذنه فان علم أنه حرام فظاهر المذهب أنه يجب عليه الحد وفيه وجه أنه لا يجب لاختلاف العلماء فان عطاء بن أبى رباح رضى الله عنه كان يجوز وطئ الجارية باذن مالكها وان ادعي الجهل بالتحريم فوجهان (أحدهما) أنه لا يقبل إلا أن يكون حديث العهد بالاسلام أو من في معناه كما في الحالة الاولى (وأصحهما) وبه قال القاضى أبو الطيب أنه يقبل ويرفع الحد وان نشأ بين المسلمين لان التحريم بعد الاذن لما خفى على عطاء مع أنه من علماء التابعين لا يبعد

(10/142)


خفاؤه على العوام وإذا اندفع الحد فهل يلزمه المهر (أما) إذا كانت مطاوعة فلا لانضمام اذن المستحق إلى طواعيتها (وأما) إذا كانت مكرهة فقولان (أحدهما) أنه لا يجب أيضا لان مستحق المهر قد أذن فاشبه ما لو زنت الحرة (وأصحهما) وبه قال أبو حنيفة يجب لان وجوب المهر حيث لا يجب الحد حق الشرع فلا يؤثر فيه الاذن كما أن المفوضة تستحق المهر بالدخول مع تفويضها وان كان قد أولدها بوطئه فالولد حر نسيب وفى وجوب قيمة الولد طريقان (أحدهما) أنه على القولين في المهر (وأصحهما) الوجوب جزما والفرق أن الاذن في الوطئ رضا باتلاف المنفعة وليس رضا بالاحبال جزما وأيضا فان الاذن لا أثر له في حرية الولد وانما الموجوب له ظن الواطئ فحسب ولا تصير الجارية أم ولد للمرتهن بحال وإن ملكها يوما من الدهر ففيه قولان إذا كانت الصورة صورة ثبوت النسب (وقوله) في الكتاب فهو زان يمكن اعلامه بالحاء لانه لا حد عليه في رواية عن أبى حنيفة (وقوله) فان ظن إباحته فوطئ بالشبهة غير مجرى على اطلاقة بل المراد ما إذا كان حديث العهد

(10/143)


بالاسلام أو من في معناه (وأما) قوله وفى وجوب المهر وقيمة الولد وجهان ففيه نظران (أحدهما) أن الخلاف في المهر قولان لا وجهان وقد نص عليهما في المختصر (والثانى) أنه أجاب بطريقة اثبات الخلاف في القيمة والاصح عند الائمة الطريقة النافية للخلاف ويجوز إعلام القيمة بالواو إشارة إليها *
(فرع) زعم المرتهن بعد الوطئ أن الراهن قد باعها منه أو وهبها وأقبضها فانكر الراهن فالقول قوله مع يمينه فان حلف فهى والولد رقيقان له ثم لو ملكها يوما من الدهر فهى أم ولد له والولد حر لا قراره السابق كما لو أقر بحرية عبد الغير ثم اشتراه فان نكل الراهن وحلف المرتهن فالولد حر وهى أم ولد له * قال (وهذه الاحكام تثبت في غير الرهن وبدله الواجب بالجناية على المرهون إذ يسرى

(10/144)


إليه حق الرهن حتى لا ينفذ ابراء الرهن استقلالا ولا ابراء المرتهن إذ لا دين له * ولا يسري إلى الكسب والعقر (ح) والزيادات العينية (ح) كاللبن والولد (ح) والصوف والثمرة (ح) * فان كان الولد مجتنا حالة البيع والعقد كان تابعا * وان كان مجتنا في احدى الحالتين ففى تبعيته خلاف) * مقصود هذه البقية بيان ما يتعلق به حق الوثيقة وتثبت فيه أحكامها ولا شك في تعلقه بعين الرهن والكلام وراءها في بدل الرهن وزوائد المرهون * (الفصل الاول) في بدله * ومهما جنى على المرهون وأخذ من الجاني الارش انتقل حق الرهن إليه كما ينتقل الملك لقيامه مقام الاصل ويجعل في يد من كان الاصل في يده من المرتهن أو العدل والى ان يؤخذ هل يقال بانه مرهون (قال) قائلون لا لانه دين والديون لا تكون مرهونة فإذا تعين صار مرهونا والحالة المتخللة كتخمر العصير وتخلله بعده وقال آخرون هو مرهون كما كان لانه مال بخلاف الخمر ومنعوا خروجه عن كونه مرهونا بخروجه عن كونه عنبا وانما المسلم أنه لا يرهن

(10/145)


الدين ابتداء والخصم في بدل المرهون انما هو الراهن لانه المالك كما لو جني على العبد المستأجر أو المودع يكون الخصم فيها المالك فلو قعد عن الخصومة فقولان في ان المرتهن هل يخاصم قال في التهذيب (اصحهما) عند الاصحاب وبه قال القفل انه لا يخاصم قال ورأيت بخط شيخي أن للمرتهن أن يدعى ويخاصم فيه وكذلك المستأجر إذا ادعى العين وقال لمن في يده انها ملك فلان اجرها منى وانما لا يدعى المستأجر القيمة لان حقه لا يتعلق بها قال وهو القياس وإذا خاصم فللمرتهن أن يحضر خصومته
لتعلق حقه بما يأخذه ثم ان اقربه الجاني أو اقام الراهن البينة أو حلف بعد نكول المدعى عليه ثبتت الجناية وان نكل الراهن فهل يحلف المرتهن فيه قولان كما إذا نكل المفلس هل يحلف الغرماء وإذا تبنت الجناية فان كانت عمدا فللراهن ان يقبض ويبطل حق المرتهن وان عفا عن القصاص مطلقا ثبت المال ان قلنا مطلق العفو يوجب المال والا لم يجب وهو الاصح هكذا قاله صاحب

(10/146)


التهذيب وان عفا على أن لا مال (فان قلنا) إن موجب العمد أحد الامرين لم يصح عفوه عن المال وان قلنا) أن موجبه القود (فان قلنا) إن مطلق العفو لا يوجب المال لم يجب شئ (وان قلنا) يوجبه فوجهان (أحدهما) يجب لحق المرتهن (وأصحهما) المنع لان القتل لم يوجبه وإنما يجب بعفوه المطلق أو بعفوه على المال وذلك نوع اكتساب منه وليس عليه الاكتساب للمرتهن وان لم يقبض في الحال ولم يعف ففى اجباره على أحدهما طريقان (أحدهما) يجبر ليكون المرتهن على ثبت من أمره (والثانى) ان قلنا موجب العمد أحد الامرين اجبر (وان قلنا) موجبه القود لم يجبر لانه يملك اسقاطه فتأخيره أولى بان يملكه * وان كانت الجناية خطأ أو عفا ووجب المال فعفا عن المال لم يصح عفوه لحق المرتهن وفيه قول أن العفو موقوف ويؤخذ المال في الحال لحق المرتهن فان انفك الرهن رد إلى الجاني وبان صحة العفو والا بان بطلانه ولو أراد الراهن أن يصالح عن الارش الواجب على جنس آخر لم يجز إلا باذن المرتهن فإذا أذن صح وكان المأخوذ مرهونا هكذا نقلوه ولك أن تقول قد مر أنه إذا أذن في البيع والدين مؤجل فباع يرتفع الرهن ولا يكون الثمن رهنا وأنه إذا اذن بشرط أن يكون الثمن رهنا ففي كونه رهنا قولان وقياسه أن يكون المصالح عليه كذلك لان الصلح بيع ولو أبرأ المرتهن الجاني لم يصح لانه ليس بمالك وهل يسقط حقه عن الوثيقة بهذا الابراء فيه وجهان (أحدهما) نعم

(10/147)


ويخلص المأخوذ المراهن كما لو صرح باسقاط حق الوثيقة (وأصحهما) لا لانه لم يصح ابراؤه فلا يصح ما يتضمنه الابراء كما لو وهب المرهون من انسان لم يصح ولا يبطل الرهن * (الفصل الثاني) في زوائد المرهون وهي إما متصلة كسمن العبد وكبر الشجرة والثمرة فتتبع الاصل
في الرهن أو منفصلة كالثمره والولد واللبن والبيض والصوف فلا يسرى إليها الرهن وبه قال أحمد وعند أبى حنيفة يسرى وقال مالك الولد مرهون والثمرة غير مرهونة * لنا القياس على ولد الجارية الجانية فان الارش لا يتعلق به بالاتفاق وكمان أن هذه الزوائد غير مرهونة فكذلك مهر الجارية إذا وطئت بالشبهة بل أولى لانه غير حاصل من نفس المرهون وعند أبى حنيفة هو مرهون ايضا ولا خلاف في أن كسب العبد المرهون ليس بمرهون هذا في الزوائد الحادثة بعد الرهن ولو رهن حاملا أو مست الحاجة إلى البيع وهى حامل بعد فيباع كذلك في الدين لانا ان قلنا الحمل يعلم فكأنه صرح برهنها والا فقد رهنا والحمل محض صفة ولو ولدت قبل البيع فهل الولد رهن فيه قولان مبنيان على أن الحمل هل يعلم (ان قلنا) لا فهو كالحادث بعد العقد (وان قلنا) نعم فهو رهن يباع مع الام كما لو رهن شيئين وزاد الشيخ أبو محمد فقال ان قلنا نعم ففى كونه مرهونا قولان لضعف الرهن عن الاستتباع وقد سبق نظائره فان قلنا الولد لا يكون مرهونا فلو صرح في العقد وقال رهنتها مع حملها قال الامام فيه تردد للاصحاب والظاهر أنه لا يكون مرهونا أيضا إذ لو جاز ذلك لجاز افراده ولو حبلت بعد الرهن وكانت حاملا عند الحاجة إلى البيع (فان قلنا) الحمل لا يعلم بيعت حاملا وهو كزيادة متصلة (وان قلنا)

(10/148)


يعلم لم يكن الورد مرهونا وتعذر بيعها لان استثناء الحمل لا يمكن ولا سبيل إلى بيعها حاملا ويوزع الثمن على الام والحمل لان الحمل لا تعرف قيمته * فلو رهن نخلة فاطلعت فطريقان (احدهما) ان بيعها مع الطلع على قولين كما في الحمل (والثاني) القطع بان الطلع غير مرهون لانه يمكن افراده بالعقد فلا يجعل بيعا فإذا قلنا انه غير مرهون تباع النخلة ويستثني الطلع بخلاف الجارية الحامل ولو كانت مطلعة وقت الرهن ففى دخول الطلع ما سبق في الباب الاول فان أدخلناه فجاء وقت البيع وهو طلع بعد بيع مع النخل ولو أبرت فطريقان (احدهما) ان الحكم كما إذا ولدت الحامل (والثانى) القطع ببيعه مع النخل لانه معلوم مشاهد وقت الرهن (وقوله) في الكتاب والزيادات العينية أراد به الزيادات الحادثة من العين لا كالكسب والمهر (وقوله) حالة الرهن والبيع يقتضى اعتبار نفس العقد في مقارنة الولد وحدوثه بعده والامر على ما يدل عليه ظاهره وكذا القول في سائر الزوائد وحكى الامام وجها آخر أن الاعتبار بحالة القبض لان
الرهن به يتم * (فرع) أرش الجنابة على المرهونة وافتضاض البكر مرهونان بدل جزء من المرهون وليسا من الزوائد *

(10/149)


(فرع) لو ضرب الجارية المرهونة ضارب فالقت جنينا ميتا فعلى الضارب عشر قيمة الام ولا يكون مرهونا لانه بدل الولد وإن دخلها نقص لم يجب بسببه شئ آخر ولكن قدر أرش النقصان من العشر يكون رهنا وان القته حيا ومات ففيما يجب على الجاني قولان (أصحهما) قيمة الجنين حيا وأرش نقص الام ان انتفصت فعلى هذا القيمة للراهن والارش مرهون (والثانى) أكثر الامرين من أرش النقص أو قيمة الجنين فعلى هذا إن كان الارش أكثر فالمأخوذ رهن كله وان كانت القيمة أكثر فقدر الارش من المأخوذ رهن والبهيمة المرهونة إذا ضربت فالقت جنينا ميتا فلا شئ على الضارب سوى أرش النقصان ان نقصت ويكون رهنا * قال (الطرف الثالث في فك الرهن وهو حاصل بالتفاسخ * وفوات عين المرهون بآفة سماوية * ويلتحق به ما إذا جني العبد وبيع في الدين فانه فات بغير بدل * وكما يقدم حق المجني عليه علي حق المالك يقدم على حق المرتهن) * الرهن ينفك باسباب (أحدها) الفسخ منهما أو من المرتهن وحده فان الرهن جائز من جهته (والثانى) تلف المرهون بآفة سماويه ولو جني العبد المرهون لم يبطل الرهن بمجرد الجناية ولكن ينظر أتتعلق الجناية باجنبي أم بالسيد (القسم الاول) أن تتعلق باجنبي فيقدم حق المجني عليه لان حقه متعين في الرقبة وحق المرتهن متعلق بذمة الراهن وبالرقبة وأيضا فان حق المجني عليه متقدم

(10/150)


على حق المالك فأولى أن يتقدم على حق المستوثق ثم ان أوجبت الجناية القصاص واقتص المجني عليه بطل الرهن وان أوجبت المال أو عفا على مال بيع العبد في الجناية وبطل الرهن أيضا حتى لو عاد إلى مالك الراهن لم يكن هنا إلا بعقد جديد * ولو كان الواجب دون قيمة العبد بيع منه بقدر الواجب وبقى الباقي رهنا فان تعذر بيع البعض أو انتقص
بالتشقيص بيع الكل وما فضل من الثمن عن الارش يكون رهنا ولو عفى المجني عليه عن المال أو فداه الراهن بقي العبد رهنا كما كان وكذا لو فداه المرتهن ثم في رجوعه على الراهن ما ذكرناه في رهن أرض الخراج وعند أبى حنيفة ضمان جناية المرهون على المرتهن بناء على أن المرهون مضمون عليه فان فداه المرتهن بقى رهنا ولا رجوع له بالفداء وان فداه السيد أو بيع في الجناية سقط دين المرتهن ان كان بقدر الفداء أو دونه وهذا كله فيما إذا جنى العبد بغير اذن السيد أما إذا أمره السد بذلك نظر ان لم يكن مميزا أو كان أعجميا يعتقد وجوب طاعة السيد في كل ما يأمره به فالجاني هو السيد وعليه القصاص أو الضمان وهل يتعلق المال برقبته فيه وجهان يذكران في موضعهما والاظهر المنع (وإذا قلنا) يتعلق فبيع في الجناية فعلى السيد أن يرهن قيمته مكانه وإذا جنى مثل هذا العبد فقال السيد أنا أمرته بذلك لم يقبل قوله في حق المجني عليه بل يباع العبد فيها وعلى السيد القيمة لاقراره وان كان العبد مميزا يعرف أنه لا يطاع السيد فيه بالغا كان أو غير بالغ فهو كما لو لم يأذن السيد إلا أنه يأثم بما فعل وإذا عرفت ما ذكرناه لم يخف عليك أن قوله وبيع في الدين أراد به دين الجناية فان الغرض فيما إذا نسبت الجناية إلى السيد والا فلا يكون الفوات بغير بدل *

(10/151)


قال (فان جنى على عبد السيد أو السيد نفسه فله القصاص كما للاجنبي * وليس له الارش والبيع إذ لا يستحق شيئا على عبد نفسه * ولو جنى على عبد أبيه وانتقل إليه بموته ففى استحقاقه الفك خلاف لانه في حكم الدوام * وان جني على آخر له مرهون من غير هذا المرتهن فله قتله * وان فات حق المرتهن فان عفا على مال تعلق حق مرتهن القتيل بالعبد * وان عفا بغير مال فهو كعفو المحجور عليه * ولو أوجب أرشا فلمرتهن القتيل أن يطلب بيعه في حقه * وان كان القتيل أيضا مرهونا عنده فهو فوات محض في حقه إلا أن يكون القتيل مرهونا بدين آخر يخالف هذا الدين فله بيعه وجعل ثمنه رهنا بالدين الآخر) * (القسم الثاني) أن تتعلق الجناية بالسيد وفيه مسائل (إحداها) إذا جنى العبد المرهون على طرف سيده عمدا فله القصاص للزخر والانتقام وهو احوج إلى ذلك من الاجانب فان اقتص بطل الرهن
وان عفا على مال أو كانت الجناية خطأ فعن ابن سريج أنه يثبت المال ويتوصل الراهن به إلى فك الرهن (والمذهب) أنه لا يثبت لان السيد لا يثبت له على عبده مال ويبقى الرهن كما كان وان جنى على نفسه عمدا فللوارث القصاص فان عفا على مال أو كانت الجناية خطأ ففى ثبوت المال قولان منقولان عن الام (أحدهما) يثبت لان الجناية ههنا حصلت في ملك غير الوارث فجاز أن يثبت له المال كما ثبت للاجنبي (وأصحهما) أنه لا يثبت أيضا لانه لو ثبت لثبت على مملوكه والقولان عند

(10/152)


أبى هريرة والشيخ أبى حامد مبنيان على أن الديه تثبت للوارث ابتداء أم يتلقاها الوارث من القتيل (ان قلنا) بالاول ثبت المال لاستفادته في جناية على الغير (وان قلنا) بالثاني لا يثبت لانه لم يثبت للقتيل حق يتلقى منه وأبى الجمهور هذا البناء وقالوا قضية القولين أن لا يثبت شئ (أما) إذا قلنا بالتلقى فظاهر (وأما) إذا قلنا بالقول الآخر فلانه كما يمنع ابتداء اثبات المال للمالك في ماله دما واما يمتنع ابتداؤه للمالك ابتداء (الثانية) لو جنى على طرف من يرثه السيد كأبيه وابنه عمدا فله القصاص وله العفو على مال ولو جنى خطأ ثبت المال فان مات قبل الاستيفاء وورثه السيد فوجهان (أصحهما) عند الصيدلانى والامام أنه كما انتقل إليه سقط ولا يجوز أن يثبت له على عبده استدامة الدين كما لا يجوز له ابتداءه والثانى وهو الذى أورده العراقيون أنه لا يسقط وله بيعه فيه كما كان للمورث ويحتمل في الاستدامة مالا يحتمل في الابتداء وشبه الاصحاب الوجهين بالوجهين فيما إذا ثبت له دين على عبد غيره ثم ملكه يسقط أو يبقى حتى يتبعه به بعد العتق واستبعد الامام هذا التشبيه وقال كيف يكون الاستحقاق الطارئ

(10/153)


على الملك بمثابة الملك الطارئ على الاستحقاق ثم أجاب بأن الدين إذا ثبت لغيره فنقله إليه بالارث إدامة لما كان كما أن ابقاء الدين الذى كان له على عبد الغير بعد ما ملكه إدامة لما كان فانتظم التشبيه من هذا الوجه والى هذا المعنى أشار صاحب الكتاب بقوله لانه في حكم الدوام * ولو كانت الجناية على نفس مورثه وكانت عمدا فللسيد الاقتصاص فان عفا على مال أو كانت خطأ بنى ذلك على أن الدية تثبت للوارث ابتداء أم يتلقاها عن المورث (ان قلنا بالاول) لم يثبت (وان قلنا) بالثاني فعلى الوجهين
فيما إذا جنى على طرفه ثم انتقل إليه بالارث (الثالثة) لو قتل عبدا آخر للمراهن نظر ان لم يكن المقتول مرهونا فهو كما لو جنى على السيد والحكم في القن والمدبر وأم الولد سواء وان كان مرهونا أيضا فله حالتان (إحداهما) أن يكون مرهونا عند غير مرتهن القاتل فان قتل عمدا فللسيد الاقتصاص ويبطل الرهنان جميعا وان عفا على مال أو كان القتل خطأ وجب المال متعلقا برقبة العبد لحق مرتهن القتيل فان السيد لو أتلف المرهون لغرم حق المرتهن فلان يتعلق الغرم بعبده كان أولى وان عفا بغير مال (فان قلنا) موجب العمد أحد الامرين وجب المال ولم يصح عفوه عنه الا برضى المرتهن (وان قلنا) موجبه القود (فان قلنا) مطلق العفو لا يوجب المال لم يثبت شئ (وان قلنا) يوجبه فوجهان قال

(10/154)


في التهذيب (أصحهما) أنه لا يثبت أيضا لان القتل غير موجب على هذا التقدير فعفوه المطلق أو على مال نوع اكتساب للمرتهن وان عفا مطلقا (فان قلنا) مطلق العفو يوجب المال يثبت عليه المال كما لو عفا علي مال (وان قلنا) لا يوجبه صح العفو وبطل رهن مرتهن المقبول وبقى القاتل رهنا كما كان والحكم في عفو المفلس المحجور عليه كالحكم في عفو الراهن والراهن محجور عليه في المرهون كما أن المفلس محجور عليه في جميع أحواله ثم مهما وجب المال نظر ان كان الواجب أكثر من قيمة القاتل أو مثلها فوجهان (أحدهما) أنه ينقل القاتل إلى يد مرتهن القتيل ولا يباع لانه لا فائدة فيه (وأظهرهما) وهو اختيار القاضى الحسين أنه يباع ويجعل الثمن في يده لان حقه في مالية العبد لا في العين وأيضا فقد رغب راغب بزيادة فيتوثق مرتهن القاتل بتلك الزيادة وان كان أكثر من قيمة القاتل فعلى الوجه الاول ينقل من القاتل بقدر الواجب إلى مرتهن القتيل وعلى الثاني يباع منه قدر الواجب ويبقى

(10/155)


الباقي رهنا فان تعذر بيع البعض أو نقص بالتشقيص بيع الكل وجعل الزائد على الواجب عند مرتهن القاتل * واعلم أن الوجهين انما يظهر ان فيما إذا طلب الراهن النقل وطلب مرتهن القتيل البيع ففى وجه يجاب هذا وفى وجه يجاب ذلك أما إذا طلب الراهن البيع ومرتهن القتيل النقل فالمجاب الراهن لانه لا حق لصاحبه في عينه ولو اتفق الراهن والمرتهنان على أحد الطريقين فهو المسلوك لا محالة ولو اتفق الراهن
ومرتهن القتيل على النقل قال الامام ليس لمرتهن القاتل المنافسة فيه وطلب البيع وقضية التوجيه الثاني لاظهر الوجهين أن له ذلك (الحالة الثانية) أن يكون مرهونا عند مرتهن القاتل أيضا فان كان العبدان مرهونين بدين واحد بعد انتقصت الوثيقة ولا مستدرك كما لو مات أحدهما وان كان مرهونين بدينين نظر في الدينين أيختلفان حلولا وتأجيلا أم لا يختلفان (أما) في القسم الاول فله أن يتوثق لدين القتيل بالقتيل لانه ان كان الحال دين القاتل فقد يريد الوثيقة بالمؤجل ويطالب الراهن بالحال في الحال وان كان الحال دين المقتول فقد يريد استيفاءه من ثمنه في الحال وكذا الحكم لو كانا مؤجلين وأحد الاجلين أطول (وأما) القسم الثاني فينظر أبين الدينين اختلاف في القدر أم لا ان لم يكن بينهما اختلاف في القدر كعشرة وعشرة فان كان العبدان مختلفا القيمة وكانت قيمة القتيل أكثر لم

(10/156)


تنقل الوثيقة وان كانت قيمة القاتل أكثر نقبل منه قدر قيمة القتيل إلى دين القتيل وبقى الباقي رهنا بما كان وان كانا متساويين في القيمة بقى القاتل مرهونا بما كان ولا فائدة في النقل وان كان بين الدينين اختلاف كعشرة وخمسة نظر ان تساوى العبدان في القيمة أو كان القتيل أكثرهما قيمة فان كان المرهون بأكثر الدينين القتيل فله توثيقه بالقاتل وان كان المرهون بأقلهما القتيل فلا فائدة في نقل الوثيقة وان كان القتيل أقلهما قيمة فان كان مرهونا بأقل الدينين فلا فائدة في نقل الوثيقة وان كان مرهونا بأكثرهما نقل من القاتل قدر قيمة القتيل إلى الدين الآخر وحيث قلنا بنقل التوثيق فيباع ويقام ثمنه مقام القتيل أو مقام عينه مقامه فيه الوجهان السابقان (وقوله) في الكتاب وله بيعه وجعل ثمنه رهنا بالدين الآخر يوافق أظهر الوجهين منهما (وقوله) بدين يخالف هذا الدين قد يبحث عنه فيقال ظاهره يقتضى تأثير اختلاف الدينين في الجنس كالاختلاف في القدر أو في الحلول والتأجليل وكذلك يقتضى تأثير اختلافهما في الاستقرار وعدم الاستقرر كما إذا كان أحدهما عوض ما يتوقع رده بالعيب أو صداقا قبل الدخول فهل الامر كذلك أم لا (الجواب) أما الاول فان صاحب الكتاب صرح في الوسيط بتأثير اختلاف الجنس وهو متجه في المعني لكن الشافعي رضى الله عنه نص على خلاف وبه قال الاصحاب على طبقاتهم وأما الثاني فان كان القاتل مرهونا بالدين المستقر فلا معنى
لنقل الوثيقة وان كان مرهونا بالآخر ففى الشامل ان أبا اسحق حكى فيه وجهين والاكثرون لم يعتبروا سوى ما قدمناه من وجوه الاختلاف والله أعلم * (فرع) لو تساوى الدينان في الاوصاف وحكمنا بأن الوثيقة لا تنقل فلو قال المرتهن أنى لا آمنه

(10/157)


وقد جنى فبيعوه وضعوا ثمنه مكانه هل يجاب إليه روي الامام فيه وجهين * (فرع) لو جني على مكاتب السيد ثم انتقل الحق إليه بموته أو عجزه فهو كما لو انتقل من المورث وقد مر * قال (وينفك الرهن أيضا بقضاء كل الدين * فان فضى بعضه بقى كل المرهون مرهونا ببقية الدين * وكذا إذا رهن عبدين وسلم أحدهما كان مرهونا بجملة الدين (ح) * وكذا لو تلف أحدهما إلا أن يتعدد العقد والصفقة أو مستحق الدين أو المستحق عليه فينفصل أحدهما عن الآخر ولا ينظر إلى تعدد الوكيل واتحاده * وفى النظر إلى تعدد الملك في المرهون المستعار من شخصين خلاف مهما قصد بقضائه فك نصيب أحدهما * وإذا مات الراهن فقضى أحد ابنيه نصف المدين لم ينفك (و) نصيبه * ولو تعلق دين باقرار الورثة بالتركة فقضى واحد نصيبه ففى انفكاك الحصة قولان) * (الثالث) من أسباب انفكاك الرهن براءة الذمة عن الدين بتمامه اما بالقضاء أو الابراء أو الحوالة أو الاقالة المسقطة للثمن المرهون به أو المسلم فيه المرهون به ولو اعتاض عن الدين عينا ارتفع الرهن أيضا لتحول الحق من الذمة إلى العين ثم لو تلفت العين قبل التسليم بطل الاعتياض ويعود الرهن كما عاد الدين قاله في التتمة ولا ينفك بالبراءة عن بعض الدين بعض الرهن كما أن حق الحبس

(10/158)


يبقى ما بقى شئ من الثمن ولا يعتق شئ من المكاتب ما بقى شئ من المال وهذا لان الرهن وثيقة لجميع الدين وكل جزء منه كالشهادة ولو رهن عبدين وسلم أحدهما كان المسلم مرهونا بجميع الدين خلافا لابي حنيفة رحمه الله أنه لو سلمهما ثم تلف احدهما كان الباقي رهنا بجميع الذين فيقس عليه ولو رهن دارا فانهدمت بعد القبض فالنقض
والعرصة مرهونان بجميع الدين وانما الغرض انفكاك الرهن في بعض المرهون دون بعض بأحد امور (أولها) تعدد العقد كما ادارهن أحد نصفى العبد بعشرة في صفقة ونصفه الآخر في صفقة أخري (وقوله) وان تعدد العقد والصفقة لفظان مترادفان وقد يؤكد بمثلهما (والثانى أن يتعدد المستحق للدين كما إذا رهن رجل من رجلين بدينهما عبدا بينهما صفقة واحدة ثم برئت ذمته عن دين أحدهما بأداء أو ابراء ينفك من الرهن بقسط دينه خلافا لابي حنيفة حيث قال لا ينفك شىء حتي يؤدى دينهما جميعا ولا يخفى وجه قولنا في المسألة ويجوز أن يعلم قوله في الكتاب أو مستحق الدين مع الحاء بالواو لان عن صاحب التقريب روايه وجه غريب أنه إذا اتحد جهة الدينين كما لو أتلف عليهما مالا أو ابتاع منهما لم ينفك شىء بالبراءة عن دين أحدهما وإنما ينفك إذا اختلفت الجهتان (والثالث) ان يتعدد من عليه الدين كما لو رهن رجلان من رجل بدينه عليهما فإذا أدى أحدهما نصيبه أو برأه المستحق انفك نصيبه وعن أبى حنيفة فيما رواه الصيدلانى وغيره أنه لا ينفك حتى يبرئا عن حقه جميعا وجوز هذا الرهن وان لم يجوز رهن المشاع (والرابع) لو وكل رجلان رجلا ليرهن عبدهما من زيد بدينه عليهما فرهن ثم قضى أحد الموكلين ما عليه فعن بعض الاصحاب تخريجه على قولين

(10/159)


سنذكرهما على الاثر والصحيح الجزم بأنه ينفك نصيبه ولا نظر إلى اتحاد الوكيل وتعدده قال الامام لان مدار الباب على اتحاد الدين وتعدده ومهما تعدد المستحق أو المستحق عليه فقد تعدد الدين ويخالف ما نحن فيه البيع والشراء حيث ذكرنا خلافا في أن الاعتبار في تعداد الصفقة واتحادها بالمتبايعين أو الوكيل لان الرهن ليس عقد ضمان حتى ينظر فيه إلى المباشر (الخامس) إذا استعار عبدا من مالكية لرهنه فرهنه ثم أدى نصف الدين وقصد به الشيوع من غير تخصيص بحصة لم ينفك من الرهن شئ وان قصد أداءه عن نصيب أحدهما بعينه لينفك نصيبه فقولان (أحدهما) لا ينفك كما لو استعاره من واحد (والثاني) ينفك كما لو رهن رجلان من رجل ثم أدى أحدهما نصيبه والمعنى فيه النظر إلى تعدد الملك وقطع النظر عن العاقد وفى عيون المسائل ما يدل على أن هذا أظهر القولين ولو كان لشخصين عبدان تماثلا القيمة فاستعارهما للرهن فرهنهما ثم قضى نصف الدين ليخرج أحدهما عن الرهن فطريقان (قيل) يخرج لانضمام تعدد المحل إلى تعدد المالك (والاصح) طرد القولين وإذا قلنا بالانفكاك فلو كان الرهن مشروطا
في بيع فهل للمرتهن الخيار إذا كان جاهلا بأنه لمالكين فيه رأيان نسبهما الا كثرون إلى ابن سريج وحكاهما أبو بكر الفارسى قولين (أصحهما) أن له الخيار لان مقتضى الرهن المطلق أن لا ينفك

(10/160)


شئ منه إلا بعد أداء جميع الدين ولم يحصل ذلك ونقل المحاملى وغيره في أصل المسألة قولا ثالثا وهو أن المرتهن ان كان عالما بأن العبد لمالكين فللراهن فك نصيبه بأداء نصف الدين وان كان جاهلا لم يكن للراهن فكه إلا بأداء الكل قال الامام ولا نعرف لهذا وجها فان عدم الانفكاك لاتحاد الدين والعاقدين وهذا لا يختلف بالعلم والجهل وانما أثر الجهل الخيار على ما بيناه * ولو استعار من رجلين ورهن من رجلين كان نصيب كل واحد من المالكين مرهونا من الرجلين فلو أراد فك نصيب أحدهما بقضاء نصف دين كل واحد منهما فعلى القولين ولو أراد فك نصف العبد بقضاء دين أحدهما فله ذلك بلا خلاف ولو استعار اثنان من واحد ورهنا من واحد ثم قضى احدهما ما عليه انفك النصف لتعدد العاقد هذا هو المنقول وقد يخطر بالبال أنه إذا تعدد المالك واتحدد العاقد ينظر إلى تعدد المالك على رأى فلم لا ينظر إلى اتحاده إذا اتحد المالك وتعدد العاقد ويجوز أن يجاب عنه بأنا انما نلاحظ جانبه بما ينفعه لا بما يضره *

(10/161)


(فرع) قال في التهذيب لو استعار ليرهن من واحد فرهن من اثنين أو بالعكس لا يجوز (أما) في الصورة الاولى فلانه لم يؤذن (وأما) بالعكس فلانه إذا رهن من اثنين ينفك بعض الرهن باداء دين أحدهما وإذا رهن من واحد لا ينفك شئ إلا باداء الجميع ونقل صاحب التتمة وغيره في الطرفين الجواز والاول أصح (والسادس) لو رهن عبدا بمائة ثم مات عن اثنين فقضى أحدهما حصته من الدين هل ينفك نصيبه من الرهن عن صاحب التقريب أنه على قولين (أحدهما) ينفك كما لو رهن في الابتداء اثنان (وأصحهما) وبه قطع قاطعون أنه لا ينفك لان الرهن في الابتداء صدر من واحد وأنه انما أثبت وثيقة قضيتها حبس كل المرهون إلى أداء كل الدين فوجب ادامتها ولو مات من عليه الدين وتعلق الدين بتركته فقضى بعض الورثة نصبيه من الدين قال الامام لا يبعد أن يخرج انفكاك نصيبه من الرهن علي قولين بناء على أن أحد الورثة لو أقر
بالدين وأنكر الباقون هل يلزم المقر أداء جميع الدين من حصته من التركة وعلى هذا البناء فالاصح الانكفاك لان الجديد لا يلزمه أداء جميع الدين مما في يده من التركه وأيضا فان تعلق الدين بالتركة إذا مات الراهن (إما) أن يكون

(10/162)


كتعلق الرهن أو كتعلق الارش بالجاني (إن) كان الاول فهو كما لو تعدد الراهن (وان) كان الثاني) فهو كما لو جني العبد المشترك فادى احد الشريكين نصيبه ينقطع التعلق عنه (واعلم) أن الحكم بانفكاك نصيبه إنما يظهر إذا كان ابتداء التعلق مع ابتداء تعلق الملاك ولو كان الموت مسبوقا بالمرض فيكون التعلق سابقا على ملك الورثة فان للدين أثرا بينا في الحجر على المريض فيشبه أن يكون القول في انفكاك نصيبه كما مر في الصورة السابقة (وقوله) في الكتاب باقرار الورثة قيد قد ذكره ههنا وفي الوسيط وصورة المسألة غنية عنه فان التعلق لا يختلف بين أن يكون ثبوت الدين بالبينة أو بالاقرار ولم يتعرض صاحب النهاية لهذا القيد * قال (ومهما انفك نصيب أحدهما فله أن يستقسم المرتهن بعد اذن الشريك الراهن بناء على الاصح في أن حكم القسمة في مثل هذا حكم الاقرار لا حكم البيع) * إذا كان المرهون لماكين وانفك الرهن في يصيب أحدهما باداء أو ابراء وأراد الذى انفك نصيبه القسمة نظر ان كان المرهون مما ينقسم بالاجزاء كالمكيلات والموزونات قال الشافعي رضى الله عنه كان للذى انفك نصيبه أن يقاسم المرتهن باذن شريكه وان كان مما لا ينقسم بالاجزاء كالثياب والعبيد قال اصحابنا العراقيون لا يجاب إليه ومثاله أن يرهنا عبدين مشتركين متساويا القيمة وانفك الرهن عن نصف كل عبد فاراد من انفك نصيبه أن ينفرد بعبد وينحصر الرهن في عبد فأن كان المرهون ارضا مختلفة الاجزاء كالدار وطالب من انفك نصيبه القسمة قالوا على الشريك أن

(10/163)


يساعد وفى المرتهن وجهان (أظهرهما) أن له أن يمتنع لما في القسمة من التشقيص وقلة الرغبات وهذا ما ضمنه العراقيون طرقهم وزاد آخرون منهم أصحاب القفال فقالوا تجويز القسمة حيث جوزناه مبنى على أن القسمة افراز حق فاما إذا جعلناها بيعا فهى بيع المرهون بغيره وهو فيمتنع ثم إذا جوزنا القسمة
فسبيل الطالب أن يراجع الشريك فان ساعده فذاك والا رفع الامر إلى القاضى ليقسم ونقل الصيدلانى وجها أنه لا حاجة إلى اذن الشريك في المتماثلات لان قسمتها قسمة اجبار والمذهب الاول * فلو قاسم المرتهن وهو مأذون من جهة المالك أو الحاكم عند امتناع المالك جاز والا فلا وإذا منعناها فلو رضى المرتهن فالمفهوم من كلام المعظم صحتها وقال الامام لا يصح ولو رضى لان رضاه انما يؤثر في فك الرهن أما في بيع الرهن بما ليس برهن ليصير رهنا فلا وهذا اشكال قوى (وقوله) في الكتاب وله أن يستقسم المرتهن بعد اذن الشريك الآخر يوافق اللفظة التى نقلناها عن الشافعي رضى الله عنه والقسمة في الحقيقة انما تجرى مع الشريك لانه المالك لكن لما كان المرهون في يد المرتهن وكان فصل الامر معه أهون حسن القول بانه يقاسمه بذن المالك (وقوله) بناء على الاصح سيأتي في موضعه في أن حكم القسمة في مثل هذا حكم الافراز يعنى بقوله في مثل هذا المكيلات ولموزونات ونحوهما وفيه النص

(10/164)


الذى نقلناه وقد بين ذلك في الوسيط وكان في خاطره ههنا الا أنه أغفل ذكره ثم القول بأن الاصح فيها قول الافراز غير مساعد عليه كما سيأتي في موضعه ثم أطبقوا على تجويز القيمة ههنا وجعلوا تأثير قولنا إنها بيع في افتقارها إلى إذ المرتهن والله أعلم * ولو أراد الراهنان القسمة قبل انفكاك شئ من المرهون فعلى التفصيل الذى بيناه ولو رهن واحد من اثنين وقضى نصيب أحدهما ثم أراد القسمة ليمتاز ما بقى فيه الرهن ففى اشتراط رضى الذى بقى رهنه ما ذكرناه والله أعلم * قال (ولو قال للمرتهن بع المرهون لى واستوف الثمن لى ثم استوفه لنفسك ففى استيفائه لنفسه تردد من حيث اتحاد القابض والمقبض * وان قال بعه لى واستوف الثمن لنفسك فسد ستيفاؤه وكان مضمونا في يده لانه استيفاء فاسد فأشبه الصحيح في الضمان * ولو قال بع لنفسك بطل الاذن إذا كيف يبيع ملك غيره لنفسه * ولو قال بع مطلقا فالاصح صحته وتنزيله على البيع للراهن) *

(10/165)


وجه انتظام هذه المسائل في هذا الموضع ان الدين تارة يقضي من غير المرهون وأثره الانفكاك
على ما تقرر وتارة يقضى منه بأن يباع فيه وقد مر بيان أنه متى يباع ومن يبيعه وأنه لو أذن الراهن للمرتهن في بيعه ماذا حكمه ونتكلم الآن في صيغة اذنه ببيان صور (احداها) لو قال للمرتهن بع المرهون لى واستوف الثمن ثم استوفه لنفسك صح منه البيع والاستيفاء للراهن ثم لا يحصل الاستيفاء لنفسه بمجرد إدامة اليد والامساك لان قوله ثم استوف لنفسك مشعر باحداث فعل فيه فلابد اذن من اذن جديد لوكيل جديد على ما هو بيان القبض في المقدرات ولو كانت الصيغة ثم أمسكه لنفسك فلابد من احداث فعل أيضا أم يكفى مجرد الامساك حكى الامام فيه وجهين وقال أولهما أظهرهما ثم إذا استوفاه لنفسه ففيه وجهان ذكرناهما في نظائر المسألة في البيع لاتحاد القابض والمقبض فان صححناه برئت ذمة الراهن

(10/166)


عن الدين والمستوفى من ضمانه وان أفسدناه وهو الاصح لم يبرأ ولكن يدخل المستوفى في ضمانه أيضا لان القبض الفاسد كالصحيح في اقتضاء الضمان (الثانية) لو قال بعه واستوف الثمن لنفسك صح البيع ولم يصح استيفاء الثمن لانه لما لم يصح قبض الراهن لا يتصور منه القبض لنفسه وههنا كما قبضه يصير مضمونا عليه (الثالثة) لو قال بعه لنفسك فقولان (أصحهما) أن الاذن باطل ولا يتمكن من البيع لانه لا يتصور أن يبيع الانسان مال غيره لنفسه (والثانى) حكاه صاحب التقريب أنه يصح اكتفاء بقوله بع والغاء لقوله لنفسك وأيضا فان السابق إلى الفهم منه الامر بالبيع لغرضه وهو التوسل به إلى وفاء الدين (الرابعة) لو أطلق وقال بعه ولم يقل لى ولا لنفسك فوجهان (أصحهما) صحة الاذن بالبيع ووقوعه للراهن كما لو قال لاجنبي بعه (والثانى) المنع وعللوه بمعنيين (أحدهما) أن البيع

(10/167)


مستحق للمرتهن بعد حلول الحق والكلام مفروض فيه وإذا كان كذلك تقيد الاذن به وصار كأنه قال بعه لنفسك (والثاني) أنه متهم في ترك النظر استعجالا للوصول إلى الدين وعلى التعليلين لو كان الدين مؤجلا فقال بعه صح الاذن لعدم الاستحقاق والتهمة فان قال مع ذلك واستوف حقك من ثمنه جاءت التهمة ولو قدر له الثمن لم يصح على التعليل الاول ويصح علي الثاني وكذا لو كان الراهن حاضرا
عند البيع قال الامام ومن قال بالمنع أول قوله في المختصر ولو شرط للمرتهن إذا حل الحق أن يبيعه لم يجز أن يبيع لنفسه إلا بأن يحضر رب الرهن وقال معناه إلا أن يخصره الراهن فيبيعه وهذا ما وعدت أن أذكره من تأويله والله أعلم *

(10/168)


> * (الباب الرابع في النزاع بين المتعاقدتين) * < قال (وهو في أربعة أمور (العقد الاول) ومهما اختلفا فيه فالقول قول الراهن إذ الاصل عدم الرهن * فلو ادعى المرتهن أن النخيل التى في الارض مرهونة مع الارض فللراهن أن ينكر رهنها أو وجودها ويحلف ان لم يكذبه الحس في انكار الوجود فان كذبه واستمر على انكار الحس جعل نا كلا عن اليمين ورد على المرتهن الا أن يعدل إلى نفى الرهن فيحلف عليه * التنازع في باب الرهن يفرض في أمور (أحدها) أصل العقد فإذا قال رب الدين رهنتني كذا وأنكر المالك أو رهنتني عبدك فقال بل ثوبي فالقول قول الراهن مع يمينه لان الاصل عدم

(10/169)


الرهن وكذا لو اختلفا في قدر المرهون به فقال الراهن رهنته بالف وقال المرتهن بل بألفين وبه قال أبو حنيفة وأحمد وعن مالك أن القول قول من قيمة المرهون أقرب الي ما يقوله * ولو اختلفا في قدر المرهون فكذلك القول قول الراهن ومن صورة أن يرهن ارضا فيها أشجار ثم قال الراهن رهنت الارض دون ما فيها وقال المرتهن بل بما فيها وكذا لو قال هذه الاشجار مرهونة منى كالارض وأنكر الراهن ولو قال رهنتها مع الارض يوم رهن الارض وقال الراهن ان هذه الاشجار أو بعضها لم تكن يوم رهن الارض وانما أحدثتها بعدها نظر ان كانت الاشجار بحيث لا يتصور وجودها يوم الرهن فالمرتهن كاذب والقول قول الراهن بلا يمين وان كانت بحيث لا يتصور حدوثها فالراهن كاذب ثم ان سلم في معارضتها أنه رهن الارض بما فيها كانت الاشجار مرهونة كما يقول المرتهن ولا حاجة

(10/170)


إلى التحليف فيها وان زعم رهن الارض وحدها أو رهن ما سوى الاشجار المختلف فيها أو اقتصر على نفى
الوجود فلا يلزم من كذبه في انكار الوجود كونها مرهونة فيطالب بجواب دعوى الراهن فان استمر علي انكار الوجود واقتصر عليه جعل نا كلا وردت اليمين على المرتهن وان رجع إلى الاعتراف بالوجود وأنكر رهنها قبل انكاره وعرض عليه اليمين لجواز كونه صادقا في نفي الرهن وان كذب في نفى الوجود * ولو كانت الاشجار بحيث تتحمل الوجود يوم رهن الارض والحدوث بعده قالقوا قول الراهن لما مر فإذا حلف هي كالشجرة الحادثة بعد الرهن في القلع وسائر الاحكام وقد بيناها من قبل وهذا كله تفريع على الاكتفاء منه بانكار الوجود وهو الصحيح لان في انكار الوجود يوم الرهن انكار ما يدعيه المرتهن وهو رهنها مع الارض وفيه وجه سيأتي في نظائر المسألة في الدعاوي أنه لابد من انكار الرهن صريحا * واعلم أن الحكم بتصديق الراهن في هذه الصورة مفروض فيما إذا كان اختلافهما في رهن تبرع (فاما) إذا اختلفا في رهن مشروط في بيع فالجواب أنهما يتحالفان كما في سائر كيفيات البيع إذا وقع فيه الاختلاف (وأما) لفظ الكتاب فقوله فالمراهن أن ينكر رهنها أو وجودها لدى الرهن معناه أنه يقع منه بكل واحد من الانكارين ويعتد به جوابا ولك أن تعلم قوله أو وجودها - بالواو - للوجه الذى حكيناه (وقوله) قبله فلو ادعي المرتهن أن النخل التى في الارض مرهونة مع الارض أي رهنها يوم رهن الارض والا فلو اقتصر على دعوى رهنها لم يكن انكار وجودها يوم رهن الارض يكتفى به الجواب إذ لا يلزم أن تكون موجودة يومئذ أن لا تكون مرهونة (وقوله) فان كذبه واستمر على انكار الحس أي اقتصر على كلامه الاول بعد ما طالبناه بجواب دعوى الرهن على ما أوضحته *

(10/171)


قال (ولو ادعى على رجلين رهن عبدهما عنده فلاحدهما أن يشهد على الآخر إذا انفرد بتكذيبه * ولو ادعى رجلان على واحد فصدق أحدهما فهل له أن يشهد للمكذب فيه وجهان ينبنيان على أنه هل يشاركه فيما سلم له لو لم يشهد) * احدى صورتي الفصل أن يدعى رجل على رجلين أنهما رهنا منه عبدهما الفلاني بمائة واقبضاه فان أنكر المدعى عليهما الرهن أو الرهن والدين والدين جميعا فالقول قولهما مع اليمين فان صدق أحدهما دون
الآخر فنصيب المصدق رهن بخمسين والقول في نصيب المكذب قوله مع يمينه فلو شهد المصدق للمدعى على شريكه المكذب قبلت شهادته لانها شهادة على الغير ليس فيها دفع ضرر ولاجلب نفع فإذا شهد معه آخر أو حلف المدعى معه ثبت الرهن في الكل ولو زعم كل واحد منهما أنه ما رهن نصيبه وأن شريكه رهن وشهد عليه فوجهان ويقال قولان (احدهما) وبه قال الشيخ أبو حامد أنه لاتقبل شهادة واتحد منهما لان المدعى يزعم أن كل واحد منهما كاذب ظالم بالجحود وطعن المشهود له في الشاهد يمنع قبول شهادته له (والثانى) تقبل وبه قال الاكثرون ولانهما ربما نسيا وان تعمدا فالكذبة الواحدة لا توجب الفسق ولهذا لو تخاصم رجلان في شئ ثم شهدا في حادثة تقبل شهادتهما وان كان أحدهما كاذبا في ذلك التخاصم فعلى هذا إذا حلف مع كل واحد منهما أو أقام شاهد آخر ثبت رهن الكل وعن أبي الحسن بن القطان الذى شهد أولا تقبل شهادته دون أن الذي شهد آخرا لانه انتهض خصما منتقما والثانية ادعى رجلان على واحد انك رهنتنا عبدك هذا بمائة واقبضناه فان صدقهما أو كذبهما لم يخف الحكم وان صدق أحدهما دون الآخر فنصف العبد مرهون عند المصدق ويحلف الآخر وهل تقبل شهادة المصدق علي المكذب للمكذب (أطلق) مطلقون انها لاتقبل وقال القاضى ابن كج تقبل وحكى الامام وصاحب الكتاب فيه وجهين بناء على أن الشريكين

(10/172)


إذا ادعيا حقا أو ملكا بابتياع أو غيره فصدق المدعى على أحدهما دون الآخر يستبد المصدق بالنصف المسلم أو يشاركه الآخر فيه وفيه وجهان (ان قلنا) إنه يستبد المصدق بالنصف قبلت شهادته للشريك والا فلا لانه يدفع بشهادته زحمة الشريك عن نفسه والكلام في الاصل المبنى عليه يذكر في الصلح ان شاء الله تعالى والذى ينبغى أن يفتى به فيما نحن فيه القبول ان كان الحال لا يقتضي الشركة والمنع أن اقتضت الشركة لانه دافع وذكر في التهذيب أنه ان لم ينكر الا الرهن قبلت شهادته للشريك وان أنكر الدين والرهن فحينئذ يفرق بين أن يدعى الارث أو غيره ولك أن تقول كما أن الاستحقاق في الدين يثبت بالارث تارة وبغيره أخرى فكذلك استحقاق الرهن فليجز التفصيل وان لم ينكر إلا الرهن *
(فرع) منصوص عليه في رواية الربيع ادعى زيد وعمرو على ابى بكر أنهما رهنا عبدهما المشترك بينهما بمائة فصدق احد المدعيين ثبت ما ادعاه وكان له على كل واحد منهما ربع المائة ونصف نصيب كل واحد منهما مرهونا به وان صدق أحد الاثنين زيدا والآخر عمرا تبت الرهن في نصف العبد لكل واحد من المدعيين في ربعه فربع المائة لان كل واحد منهما يدعى على الاثنين نصف العبد ولم يصدقه إلا أحدهما ثم لو شهد أحد الاثنين على الآخر قبلت شهادته ولو شهد أحد المدعيين للآخر فعلى ما ذكرناه في الصورة الثانية والمسألة ظاهرة من جهة المعني لكن في فهمهما وتصورها تعقيد حكى الصيدلانى أن ابن سريج قال ما انتهيت إليها الا احتجت إلى الفكرة في تصورها حتى اثبتها على حاشية الكتاب *

(10/173)


(فرع) منصوص عليه في المختصر ادعى رجلان على واحد فقال كل واحد منهما رهنتني عبدك هذا واقبضتنيه نظر ان كذبهما جميعا فالقول قوله ويحلف لكل واحد منهما يمينا وإن كذب أحدهما وصدق الآخر قضى بالرهن للمصدق وهل للمكذب تحليفه فيه قولان (أصحهما) لا قاله في التهذيب وهما مبنيان على أنه لو أقر بمال لزيد ثم أقر به لعمر وهل يغرم قيمته لعمر وفيه قولان وكذا لو قال رهنت هذا من زيد وأقبضته ثم قال لا بل رهنته من عمرو وأقبضته هل يغرم قيمته للثاني ليكون رهنا عنده (إن قلنا) يغرم فله تحليفه فربما يقر ويأخذ القيمة (وان قلنا) لا يغرم يبنى على أن النكول ورد اليمين بمثابة الاقرار أو البينة (إن قلنا) بالاول لم يحلف لان غايته أن ينكل فيحلف وذلك مما لا يفيده شيئا كما لو أقر (وان قلنا) بالثاني حلفه فان نكل فحلف اليمين المردودة ففيما يستفيد به وجهان (أحدهما) يقضى له بالرهن وينتزع من الاول وفاء بجعله كالبينة (وإصحهما) انه يأخذ القيمة من المالك لتكون رهنا عنده ولا ينتزع المرهون من الاول

(10/174)


لانا وان جعلناه كالبينة فانما نجعل ذلك بالاضافة إلى المتداعيين ولا نجعله حجة على غيرهما وان صدقهما جميعا نظر ان لم يدعيا السبق أو ادعاه كل واحد منهما وقال المدعى عليه لا أعرف السابق منكما وصدقاه فوجهان (أحدهما) أنه يقسم الرهن بينهما كما لو تنازعا ملكا في يد ثالث واعترف
صاحب اليد لهما بالملك (وأصحهما) انه يحكم ببطلان العقد كما إذا زوج وليان من شخصين ولم يعرف السابق منهما وان ادعى كل واحد منهما السبق وان الراهن علم بصدقه وانه بقي علمه بالسبق فالقول قوله مع يمينه فان نكل ردت اليمين اليهما فان حلف أحدهما دون الآخر قضى له وان حلفا أو نكلا تغذر معرفة السابق وعاد الوجهان وان صدق أحدهما في السبق وكذب الآخر قضى للمصدق وهل يحلفه المذكب فيه القولان السابقان وحيث قلنا يقضى للمصدق فذلك إذا لم يكن العبد في يد المكذب فان كان فقولان

(10/175)


(أحدهما) وهو اختيار المزني أخيرا أن يده ترجح على تصديق الراهن الآخر وتقتضي له بالرهن (وأصحهما) أن المصدق مقدم لان اليد لادلالة لها على الرهن ألا ترى أنه لا تجوز الشهادة بها على الرهن ولو كان العبد في أيديهما معافا لمصدق مقدم في النصف الذى هو في يده وفى النصف الاخير قولان والاعتبار في جميع ما ذكرناه بسبق القبض لا بسبق العقد حتي لو صدق هذا في سبق العقد وهذا في سبق القبض فالمقدم الثاني * (فرع) دفع متاعا إلى رجل وأرسله إلى غيره ليستقرض منه الدافع ويرهن المتاع به ففعل ثم اختلفا فقال المرسل إليه استقرض مائة ورهن المتاع بها باذنك وقال المرسل لم آذن له الا في

(10/176)


خمسين نظر ان صدق الرسول المرسل فالمرسل إليه مدع عليهما على المرسل بالاذن وعلى الرسول بالاخذ فالقول قولهما في نفى ما يدعيه وان صدق المرسل إليه فالقول في نفى الزيادة قول المرسل ولا يرجع المرسل إليه على الرسول بالزيادة إن صدقه في الدفع إلى المرسل لانه مظلوم بقوله وان لم يصدقه رجع عليه هكذا ذكروه وفيه إشكال لان الرسول وكيل الرسل وبقبضه يحصل الملك للموكل حتى يغرم له ان تندي فيه ويسلمه إليه ان كان باقيا وإذا كان كذلك فرجوع المرسل إليه ان كان بناء على توجه العهدة على الوكيل فليرجع وان صدقه في دفع المال إلى المرسل كما يطالب البائع الوكيل بالشراء بالثمن وان صدقه في تسلم المبيع إلى الموكل وان كان الرجوع لان للمقرض أن يرجع في عين القرض مادام باقيا فهذا ليس بتعريض ورجوع ملف وانما يسترد عين المدفوع فيحتاج إلى اثبات كونه في يده
ولا يكفى فيه عدم التصديق بالدفع إلى المرسل وان كان غير ذلك فلم يرجع إذا لم يصدقه ولم يوجد منه تعد عليه ولا على حقه والله أعلم قال (الامر الثاني في القبض والقول فيه أيضا قول الراهن * وكذا ان وجدناه في يد المرتهن إذا قال الراهن غصبته (و) * ولو قال أخذته وديعة أو عارية أو بجهة أخرى مع الاذن فوجهان وانه اعترف بقبض مأذون فيه من الراهن وأراد صرفه عنه * فلو أقيمت الحجة على إقراره بقبض الرهن فقال كنت غلطت فيه تعويلا على كتاب الوكيل أو إقامة على رسم القبالة (و) فله أن يحلف المرتهن على نفيه * وان قال تعمدت الكذب فلا يسمع (و) ولا يمكن من التحليف) * الامر الثاني مما يعرض فيه التنازع في القبض وفيه مسألتان (إحدهما) إذا تنازعا في قبض

(10/177)


المرهون نظر ان كان في يد الراهن وقت النزاع فالقول قوله مع يمينه كما في أصل الرهن وان كان في يد المرتهن وقال أقبضنيه عن الرهن وأنكر الراهن نظر ان قال غصبتنيه فالقول قوله أيضا لان الاصل عدم لزوم الرهن وعدم إذنه في القبض وان ادعى قبضه عن جهة أخرى مأذون فيها سوى الرهن فان قال أود عتكه أو أعرت أو اكتريت أو اكتريته من فلان ما كراه منك فوجهان (أحدهما) أن القول قول المرتهن لانهما اتفقا على قبض مأذون فيه وأراد الراهن أن يصرفه إلى جهة أخرى والظاهر خلافه لتقدم العقد المحوج إلى القبض (أصحهما) وهو المنصوص أن القول قول الراهن لان الاصل عدم اللزوم وعدم اذنه في القبض عن الرهن وفى النهاية حكاية وجه بعيد فيما إذا قال غصبتنيه أيضا أن القول قول المرتهن استدلالا باليد على الاستحقاق كما يستدل بها على الملك ويجرى مثل هذا التفصيل فيما إذا اختلف البائع والمشترى في القبض حيث كان للبائع حق الحبس؟ إلا أن الاظهر ههنا الحكم بحصول القبض إذا كان المبيع عند المشترى وادعي البائع أنه إعارة أو أودعه لتقوى اليد بالملك وهذا يتفرع على أن حق الحبس لا يبطل بالايداع والاعارة عند المشترى وفيه وجهان ولو سلم الراهن أنه اذن له في قبضه عن جهة الرهن ولكن قال رجعت قبل أن قبضته وقال المرتهن لم ترجع فالقول قوله لان الاصل عدم الرجوع ولو قال الراهن لم تقبضه بعد وقال المرتهن
قبضته فقد نقل فيه اختلاف نص عن الام واتفق الاصحاب على تنزيلهما على حالين ان كان المرهون في يد الراهن فالقول قوله وان كان في يد المرتهن فالقول قوله لان اليد قرينة دالة على صدقة (الثانية)

(10/178)


إقرار الراهن باقبضا المرهون مقبول ملزم لكن بشرط الامكان حتى لو قال رهنته اليوم دارى بهمدان واقبضتها إياه وهما بقزوين فهو لاغ ولو قامت الحجة على اقراره في محل الامكان فقال لم يكن إقراى على حقيقته فحلفوه أنه قبض نظر ان ذكر لاقراره تأويلاكما إذا قال كنت أقبضته بالقول وظننت أنه يكفى قبضا أو القى إلى كتاب عن سان وكيلى أنه أقبض ثم خرج مزورا أو قال أشهدت على رسم القبالة قبل تحقيق القبض فله تحليفه وان لم يذكر تأويلا فوجهان (عن) أبى اسحق أنه لا يمكن من التحليف ولا يلتفت إلى قوله الثاني لمناقضته الاول) وقال ابن خيران وغيره يمكن منه وهو ظاهر النص لانا نعلم أن الوثائق في الغالب يشهد عليها قبل تحقيق ما فيها فأى حاجة إلى تلفظه بذلك وهذا أصح عند العراقيين والاول أصح عند المراوزة وهذا إذا قامت الحجة على إقراره اما إذا أقر في مجلس القضاء بعد توجه الدعوى عليه فعن الشيخ أبى محمد عن القفال أنه لا يمكن من التحليف وان ذكر لاقراره تأويلا لا نه لا يكاد يقر عند القاضى الا عن تحقيق وقال غيره لافرق لشمول الانكار ولو شهد الشهود على نفس الاقباض فليس له التحليف بحال وكذا لو شهدوا على إقراره فقال ما أقررت لانه تكذيب للشهود * ولو كان الرهن مشروطا في البيع فقال المشترى وفيت وأقبضت ثم تلف الرهن فلا خيار لك في البيع وأقام على إقراره بالقبض حجة فأراد المرتهن تحليفه فهو كما ذكرنا في اقراره الراهن وطلبه يمين المرتهن وقس على هذا

(10/179)


ما إذا قامت البينة على إقراره لزيد بألف فقال إنما أقررت وأشهدت ليقرضني ثم إنه لم يقرضنى فحلفوه وسائر النظائر (وقوله) في الكتاب فله أن يحلف المرتهن على نفيه قد أعلم بالواو لانه روى في الوسيط إذا كذب نفسه في إقراره ثلاثة أوجه المنع المطلق وتمكينه من التحليف مطلقا والفرق بين أن يذكر سببا
وتأويلا وبين ان يقول كذبت عمدا ولا يعتذر لكن المنع المطلق قل من رواه (وقوله) على نفيه أي على نفى ما يدعيه من التأويل وليس ذلك على معنى أنه يتعين محلفا عليه بل له تحليفه على القبض كما مرو ينبغى أن يكون التحليف على نفى ما يدعيه من التأويل فيما إذا نازعه المرتهن في تأويله ونفاه أما إذا لم يتعرض له وأقتصر على قوله قبضت فيقنع منه بالحلف عليه وقوله فلا يسمع ولا يمكن من التحليف يجوز اعلامه بالواو لانه أراد ما إذا قال كذبت عمدا ولم يعتذر بشئ وقد بان الخلاف فيه * قال (الامر الثالث في الجناية فإذا اعترف الجاني وصدقه الراهن دون المرتهن أخذ الارش وفاز به * وان صدقه المرتهن أخذ الارش وكان رهنا عنده إلى قضاء الدين * فإذا أقضى من موضع آخر فهو مال ضائع لا يدعيه أحد * وان جنى العبد واعترف به المرتهن فالقول قول الراهن * ولو قال

(10/180)


الراهن أعتقته أو غصبته قبل أن رهنت أو كان قد جني وأضاف إلى معين مجنى عليه ففيه ثلاثة أقوال * كما في تنفيذ عتقه لانه مالك لا تهمة فيه * فان قلنا لا يقبل فيحلف المرتهن على نفى العلم * فان حلف هل يغرم الراهن للمقرله يبتني على قولى الغرم بالحيلولة * وان نكل يرد اليمين على الراهن أو على المقر له قولان * وكل واحد من المرتهن والمقر له مهما نكل فقد أبطل حق نفسه عن الغرم بنكوله * وان رددنا * على الراهن فنكل فهل للمقر له الحلف لكيلا يبطل حقه بنكول غيره فيه قولان * وان قلنا يقبل اقراره فهل للمرتهن تحليفه فيه وجهان * فان حلفناه فنكل وحلف المرتهن اليمين المردودة ففائدة حلفه تقرير العبد في يده أو أن يغرم الراهن له قولان * ولو كان المقر به الاستيلاد فيزيد أن المستولدة تحلف إذا نكل الراهن وان حرية الولد والنسب تثبت لا محالة) * الثالث مما يتنازعان فيه الجناية إما على المرهون أو به (أما) القسم الاول فإذا جني على العبد المرهون فجاء انسان وأقر بانه الجاني فان صدقه المتراهنان أو كذباه لم يخف الحكم وان صدقه الراهن وحده اخذ

(10/181)


الارش وفاز به وليس للمرتهن التوثق به وان صدقه المرتهن وحده أخذ الارش وكان مرهونا فان اتفق قضاء الدين من غيره أو أبرأ المرتهن فوجهان (أصحهما) أنه يرد الارش إلى المقر (والثاني) يجعل
في بيت المال لانه مال ضائع لا يدعيه أحد إذ المرتهن انقطعت علقته والراهن ينكر استحقاقه والمقر معترف بان أداءه كان واجبا عليه وللصورة أخوات تذكر في مواضعها ان شاء الله تعالى (القسم الثاني) الجناية من المرهون والنزاع في جنايته اما أن يقع بعد لزوم الرهن أو قبله (الحالة الاولى) ان يتنازعا في جنايته بعد لزوم الرهن فإذا أقر المرتهن بانه جنى وساعده العبد أو لم يساعده لم يقبل قوله على الراهن بل القول قول الراهن مع يمينه لان الملك له وضرر الجناية يعود إليه وإذا بيع في دين المرتهن لم يلزمه تسليم الثمن إليه باقراره السابق واحتجوا بان العبد ان لم يكن جانبا فلا حق فيه لغير المرتهن وان كان جانيا فلا يصح بيعه للمرتهن لتعلق حق المجني عليه به وإذا لم يصح بيعه كان الثمن باقيا على ملك المشترى ولو أقر الراهن بجنايته وأنكر المرتهن فالقول قوله لان الاصل عدم الجناية وبقاء الرهن وإذا بيع في الدين فلا شئ للمقرأ له علي الراهن لان الراهن لا يغرم جناية المرهون ولم يتلف بالرهن شيئا للمقر له لكون الرهن سابقا علي الجناية وليس كما لو أقر بجناية أم الولد حيث يغرم للمقر له وان سبق الاستيلاد الجناية لان السيد يغرم جناية أم الولد وذكر القاضى ابن كج وجها آخر أنه يقبل اقرار الراهن ويباع العبد في الجناية ويغرم الراهن للمرتهن (الحالة الثانية) أن يتنازعا في جنايته قبل لزوم

(10/182)


الرهن وفيها مسألتان (احداهما) أقر الراهن بانه كان قد أتلف مالا أو جني على نفس جناية توجب المال فينظر ان لم يعين المجني على أو عينه ولكنه لم يصدقه ولم يدع ذلك فالرهن مستمر بحاله وان عينه وادعاه المجني عليه نظر ان صدقه المرتهن بيع في الجناية وللمرتهن الخيار ان كان ذلك الرهن مشروطا في بيع وان كذبه فاصح القولين وبه قال ابو حنيفة واختاره المزني أنه لا يقبل قوله صيانة لحق المرتهن (والثانى) يقبل لانه مالك فيما أقر به فلا تنقدح تهمة في إقراره وقال من نصر الاول فيه تهمة ومواطأة للمقر له والتدرج إلى دفع الرهن والقولان كالقولين فيما إذا أقر العبد بسرقة مال ونفذناه في القطع هل ننفذه في المال لانه بهذا الاقرار يضر بنفسه فلا ينفى التهمة ويجرى القولان فيما لو قال كنت غصبته أو اشتريته شراء فاسدا أو بعته قبل أن رهنته أو وهبته وأقبضته وفيما لو قال كنت أعتقته قال الشيخ أبو حامد ولا حاجة في هذه الصورة إلى تصديق العبد ودعواه
بخلاف سائر الصور وفى الاقرار بالعتق قول ثالث أنه ان كان موسرا نفذ والا فلا تنزيلا للاقرار بالاعتاق منزلة الاعتاق ونقل امام الحرمين هذا القول الفارق في الصور كلها وجعلها على ثلاثة أقوال وتابعه المصنف * (التفريع) إن قلنا لا يقبل اقرار الراهن فالقول في بقاء الرهن قول المرتهن مع يمينه يحلف علي نفى العلم بالجناية وإذا حلف واستمر الرهن فهل يغرم الراهن للمجني عليه فيه قولان قال الائمة (أصحهما) أنه يغرم وهو اختيار المزني كما لو قتله لان حال بينه وبين حقه (والثانى) لا يغرم لانه أقر في رقبة العبد بما لم يقبل اقراره فكأنه لم يقر والقولان كالقولين فيما إذا أقر بالدار لزيد ثم أقر بها لعمرو هل يغرم؟

(10/183)


لعمر ويعبر عنهما بقولى الغرم للحيلولة لانه بالاقرار الاول حال بين من اعترف باستحقاقه ثانيا وبين حقه (فان قلنا) يغرم طولب في الحال ان كان موسرا وان كان معسرا فإذا أيسر وفيما يغرم المجني عليه طريقان (قال) أبو إسحق وطائفة أصح القولين أنه يغرم الاقل من قيمته وأرش الجناية (وثانيهما) أنه يغرم الارش بالغا ما بلغ وقال الاكثرون ومنهم أبو الحسن يغرم الاقل بلا خلاف كما أن أم الولد لا تفدى إلا بالاقل إذا جنت لامتناع البيع بخلاف العبد القن (وان قلنا) لا يغرم الراهن فان بيع في الدين فلا شئ عليه لكن لو ملكه يوما فعليه تسليمه في الجناية وكذا لو انفك الرهن عنه فهذا إذا حلف المرتهن فان نكل فعلى من ترد اليمين فيه قولان ويقال وجهان (أحدهما) على الراهن لانه المالك للعبد والخصومة تجرى بينه وبين المرتهن (وأصحهما) على المجني عليه لان الحق فيما أقر له والراهن لا يدعى لنفسه شيئا وهذا الخلاف عن الشيخ أبى محمد مبني على أنه لو حلف المرتهن هل يغرم الراهن للمجني عليه (ان قلنا) نعم يرد على المجني عليه لان الراهن لا يستفيد باليمين المردودة شيئا والمجني عليه يستفيد بها اثبات دعواه وسواء قلنا ترد اليمين على الراهن أو المجني عليه فإذا حلف المردود عليه بيع العبد في الجناية ولا خيار للمرتهن في فسخ البيع إن كان الرهن مشروطا في بيع لان اقرار الراهن إذا لم يقبل لا يفوت عليه شيئا وانما يلزم الفوات من النكول ثم ان كان الارش يستغرق قيمة العبد بيع كله والا بيع منه بقدر الارش وهل يكون الباقي رهنا فيه وجهان (أصحهما) لا لان اليمين المردودة كالبينة أو كاقرار المرتهن بانه كان

(10/184)


جانيا في الابتداء فلا يصح الرهن في شئ وإذا رددنا على الراهن فنكل فهل يرد الآن على المجني عليه فيه قولان ويقال وجهان (أحدهما) نعم لان الحق له فلا ينبغى أن يبطل بنكول غيره (وأشبههما) لا لان اليمين لا ترد مرة بعد مرة فعلى هذا نكول الراهن كحلف المرتهن في تقرير الرهن وهل يغرم الراهن للمقر له فيه القولان وان رددنا على المجني عليه فنكل قال الشيخ أبو محمد وغيره تسقط دعواه وتنتهى الخصومة وطرد العراقيون في الرد منه على الراهن الخلاف المذكور في عكسه وإذا لم يرد لم يغرم له الراهن قولا واحدا ويحال بالحيلولة على نكوله هذا تمام التفريع على أحد القولين في أصل المسألة وهو أن الراهن لا يقبل اقراره (أما) إذا قلنا إنه يقبل اقراره فهل يحلف أم يقبل قوله من غير يمين فيه قولان أو وجهان (أحدهما) أنه لا يحلف وهو اختيار القاضى أبى الطيب لان اليمين للزجر والتخويف ليرجع عن قوله ان كان كاذبا وههنا لا سبيل له إلى الرجوع (وأصحهما) عند الشيخ أبى حامد ومن نحا نحوه أنه يحلف لحق المرتهن وعلى هذا فيحلف على البيت لانه يحلف على الاثبات وسواء قلنا لا يحلف أو قلنا يحلف فيباع العبد في الجناية إما كله أو بعضه على ما مر وللمرتهن الخيار في فسخ البيع الذى شرط فيه هذا الرهن فان نكل حلف المرتهن لانا انما حلفنا الراهن لحقه فالرد يكون عليه وما فائدة حلفه فيه قولان حكاهما الصيدلاني وغيره (أصحهما) أن فائدته تقرير الرهن في العبد على ما هو قياس الخصومات (والثانى) أن فائدته أن يغرم الراهن قيمته ليكون رهنا مكانه ويباع العبد في الجناية باقرار الراهن وإن قلنا بالاول فهل يغرم الراهن للمقر له لانه بنكوله حال بنيه

(10/185)


وبين حقه فيه ما سبق من القولين وان قلنا بالثاني فهل للمرتهن الخيار في فسخ البيع الذى شرط فيه هذا الرهن فيه وجهان ينظر في أحدهما إلى حصول الوثيقة في الثاني إلى غير المشروط لم يسلم وهو الاصح وان نكل المرتهن بيع العبد في الجناية ولا خيار له في البيع ولا غرم على الراهن وإذا عرفت تفريع القولين فيما لو اقر بالجناية فقس به تفريعهما وأقر بالبيع أو الغصب ونحوهما قبل الرهن ولو اقر بالعتق وقلنا إنه لا يقبل اقراره فالمنصوص أنه يجعل ذلك كانشاء الاعتاق حتى تعود فيه الاقوال لان من ملك

(10/186)


انشاء أمر قبل اقراره فيه ونقل الامام في نفوذه وجهين وإن حكمنا بنفوذ الانشاء لانه ممنوع من الانشاء تبرعا وان نفذناه إذا فعل وهذا كما أن اقرار السفيه بالطلاق مقبول كانشائه ولو أقر باتلاف مال ففى قبوله وجهان لانه ممنوع من الاتلاف شرعا ففى مسألة الاقرار بالخيار كلامان (أحدهما) جميع ما ذكرناه في المسألة مبنى على أن رهن الجاني لا يجوز اما إذا جوزناه فعن بعض الاصحاب أنه يقبل اقراره لا محالة حتى يغرم للمجني عليه ويستمر الرهن وقال آخرون يطرد فيه القولان ووجه عدم القبول أنه يحصل بلزوم الرهن لان المجني عليه يبيع المرهون لو عجز عن أخذ الغرامة من الراهن (والثانى) أنه لو أقر بجناية توجب القصاص لم يقبل اقراره على العبد ولو قال ثم عفا على مال كما لو أقر بما يوجب المال (المسألة الثانية) رهن الجارية الموطوءة جائز ولا يمنع من التصرف لاحتمال الحمل فإذا رهن جارية فأتت بولد ينظر إن كان الانفصال لدون ستة أشهر من يوم الوطئ أو لاكثر من اربع سنين فالرهن بحاله والولد مملوك له غير لاحق به وان كان لستة أشهر فاكثر إلى اربع سنين فقال الراهن هذا الولد منى وكنت وطئتها قبل لزوم الرهن نظر ان صدقه المرتهن أو قامت عليه به بينة فهى أم لود له والرهن باطل وللمرتهن فسخ البيع الذى شرط فيه رهنها وان كذبه المرتهن ولا بينة ففى قبول اقراره لثبوت الاستيلاد قولان كما لو أقر بالعتق ونظائره والتفريع كما مر وعلى كل حال فالولد حر ثابت النسب عند

(10/187)


الامكان ولو لم يصادف ولدا في الحال وزعم الراهن أنها ولدت منه قبل الرهن ففيه هذا التفصيل والخلاف (وقوله) في الكتاب وكل واحد من المرتهن أو المقر له مهما نكل فقد أبطل حق نفسه عن الغرم بنكوله هذا في حق المقر له مفرع على قول التغريم من قولى الغرم بالحيولة (أما) المرتهن فليس له غرم تفريعا على قولنا انه لا يقبل اقرار الراهن حتى يفرض بطلانه بنكوله نعم على قولنا يقبل اقرار الراهن ينتهى التفريع إلى أن يغرم له الراهن القيمة على رأى كما سبق وذلك هو الذى يبطل بنكوله فإذا كان الاحسن أن يذكر هذا بعد التفريع على القولين جميعا لافى آخر التفريع على الاول (وقوله) فهل للمرتهن تحليفه وجهان ذكرنا أن بعضهم رواهما قولين وان قوله
قولان في المسألة بعدها يرويهما بعضهم وجهين والاولى أن يرويهما جميعا قولين أو وجهين أو يروى في الاولى قولين وفى الثانية وجهين فاما تفريع القولين على الوجهين فهو مما يستبعد (وقوله)

(10/188)


مريدا ان المستولدة تحلف أي إذا فرعنا على أن المجني عليه يحلف في مسألة الجناية فههنا يحلف المستولدة فانها تقع في رتبته وفى العتق يحلف العبد * (فرع) لو أقر بجناية ينقص ارشها عن قيمة العبد ومبلغ الدين فالقول في مقدار الارش على الخلاف السابق ولا يقبل فيما زاد على ذلك لظهور التهمة وقيل بطرد الخلاف فيه * (فرع) لو باع عبدا ثم اقر بانه كان قد غصبه أو باعه أو بانه اشتراه شراء فاسدا لم يلتفت إلى قوله لانه اقرار في ملك الغير والاقرار في ملك الغير مردود ظاهر ويخالف اقرار الراهن فانه في ملكه وعن بعض الاصحاب اجزاء الخلاف فيه والمذهب الاول وحينئذ يكون القول قول المشترى فان نكل فالرد على المدعى أو على المقر البائع حكى القاضى ابن كج فيه قولين * ولو اجر عبدا ثم أقر بأنه كان قد باعه أو أجره أو أعتقه ففيه الخفا المذكور في الرهن لبقاء الملك * ولو كاتبه ثم أقر بما لا يصح معه الكتابة فان القاضى ابن كج أجرى الخلاف فيه وقال الشيخ ابو حامد وغيره لا يقبل بحال لان المكاتب بمنزلة من زال الملك عنه والله أعلم *

(10/189)


قال (الامر الرابع فيما يفك الرهن فلو أذن المرتهن في البيع ثم ادعى الرجوع قبل البيع فالقول قوله (و) لان الاصل أن لا يبيع ولا رجوع فيتعارضان ويبقى أن الاصل استمرار العقد * ولو قال الراهن ما سلمته من المال كان عن جهة الدين الذى به الرهن فانفك وادعى المرتهن أنه عن جهة غيره فالقول قول الراهن * وكذا في كل ما يدعيه من قصوده في الاداء فانه أعرف بنية نفسه * ولو قال لم أنو عند التسليم أحد الدينين فعلى وجه يوزع على الجهتين * وعلى وجه يقال له اصرف الآن إلى ما شئت * وكذا في جميع نظائره) * الامر الرابع مما يتنازع فيه المتراهنان ما يفك الرهن وذكر فيه صورتين (احداهما) إذا أذان المرتهن في
بيع الرهن وباع الراهن ورجع المرتهن عن الاذن ثم اختلفا فقال المرتهن رجعت قبل ان بعت فلم

(10/190)


يصح بيعك وبقى المال رهنا كما كان وقال الراهن بل رجعت بعد البيع فوجهان (أظهرهما) عند الاكثرين أن القول قول الراهن لان الاصل عدم رجوع المرتهن في الوقت الذى يدعيه والاصل عدم بيع الرهن في الوقت الذى يدعيه فيتعارضان ويبقى أن الاصل استمرار الرهن (؟ الثاني) أن القول قول الراهن لتقوى جانبه بالاذن الذى سلمه المرتهن وتوسط في التهذيب بين الوجهين فقال ان قال الراهن أولا تصرفت باذنك ثم قال المرتهن كنت رجعت قبله فالقول قول الراهن مع يمينه وان قال المرتهن أولا رجعت عما أذنت فقال الراهن كنت تصرفت قبل رجوعك فالقول قول المرتهن مع يمينه لان الراهن حين أخبر لم يكن قادرا على الانشاء ولو أنكر الراهن أصل الرجوع فالقول قوله مع يمينه لان الاصل عدم الرجوع (الصورة الثانية) إذا كان عليه دينان باحدهما رهن دون الآخر فسلم إليه

(10/191)


الفا ثم اختلفا فقال من عليه الدين سلمته عما به الرهن وقال المستحق بل عن الآخر فالقول قول الدافع مع يمينه لانه أعرف بقصده وكيفية أدائه ولا فرق بين أن يختلفا في مجرد النية أو في اللفظ أيضا بان يقول قد ذكرت أنه عن هذا الدين وخلفه الآخر وكذا الحكم لو كان باحدهما كفيل أو كان أحدهما حالا أو ثمن مبيع وهو محبوس به فقال سلمته عنه وأنكر صاحبه قال الائمة والاعتبار في أداء الدين بقصد المؤدى حتى لو ظن المستحق انه بودعه عنده وظن من عليه الدين الاداء تبرأ ذمته ويصير المؤدى ملكا للمستحق فان كان عليه دينان فادى عن أحدهما بعينه وقع عنه وان أدى عنهما يقسط على الدينين وان لم يقصد في الحال شيئا فوجهان (أحدهما) وبه قال ابن أبى هريرة أنه يوزع على الدينين إذ ليس أحدهما أولى من الآخر (وأظهرهما) وبه قال ابو اسحق انه يراجع حتى يصرفه اليهما أو إلى

(10/192)


أيهما شاء كما إذا كان له مالان حاضر وغائب ودفع دراهم إلى المستحقين ذكاة وأطلق له صرفها إلى من شاء منهما وتردد الصيدلانى في حكاية الوجه الاول أنه يوزع على قدر الدينين أو على المستحقين بالسوية وعلى
هذا القياس نظائر المسألة كما إذا تبايع مشتركان درهما بدرهمين وسلم الفضل من التزمه ثم اسلما إن قصد تسليمه عن الفضل فعليه الاصل وإن قصد تسليمه عن الاصل فلا شئ عليه وإن قصد تسليمه عنهما وزع عليهما وسقط ما بقى من الفضل وان لم يقصد شيئا ففيه الوجهان * ولو كان لزيد عليه مائة ولعمر ومثلها فوكلا وكيلا بالاستيفاء فدفع المديون إلى الوكيل لزيد أو لعمرو فذاك وان أطلق فعلى الوجهين ولو قال خذه وادفعه إلى فلان أو اليهما فهذا توكيل منه بالاداء وله التعبير ما لم يصل إلى المستحق ولو أبرأ مستحق الدينين المديون عن مائة وكل واحد منهما مائة نظر ان قصد أحدهما أو قصدهما فالامر على ما قصد وان اطلق فعلى الوجهين ولو اختلفا فقال المبرئ أبرأت عن الدين الخالى عن الرهن أو الكفيل وقال المديون بل عن الآخر فالقول قول المبرئ مع يمينه والله أعلم * هذا شرح ما أورده في باب النزاع وقد يختلف المتراهنان في أمور أخر (منها) ما اندرج فيما قبله من أبواب الرهن (ومنها) ما إذا اختلفا المتراهنان في قدم عيب الرهن وحدوثه إذا كان مشروطا وقد ذكرناه في كتاب البيع * ومن فروع هذا الباب ما إذا رهنه عصيرا ثم اختلفا بعد القبض فقال المرتهن

(10/193)


قبضته وقد تخمر فلى الخيار في فسخ البيع المشروط فيه هذا الرهن وقال الراهن بل صار عندك خمرا فقولان (أصحهما) ان القول قول الراهن مع يمينه لان الاصل بقاء المبيع والمرتهن يتدرج بما يقوله إلى الفسخ (والثانى) وبه قال أبو حنيفة والمزنى أن القول قول المرتهن مع يمينه لان الاصل عدم القبض الصحيح ولو زعم المرتهن أنه كان خمرا يوم العقد وكان الشرط شرط رهن فاسد فمنهم من طرد القولين وعن ابن أبى هريرة القطع بأن القول قول المرتهن ومأخذ الطريقين أن فساد الرهن هل يوجب فساد البيع (ان قلنا) لا خرج على القولين (وان قلنا) نعم فالجواب ما قاله ابن أبى هريرة لانه ينكر أصل البيع والاصل عدمه ويمكن أن يخرج على الخلاف (وان قلنا) أن فساد الرهن يوجب فساد البيع على الخلاف فيما إذا اختلف التبايعان في شرط مفسد وقد مر ثم ههنا فائدتان (احداهما) خرج مخرجون القولين على أن المدعى من يدعى أمرا خفيا والمدعى عليه من يدعى أمرا جليا والمدعى من لو سكت ترك والمدعى عليه من لم لو سكت لم يترك هذا أصل معروف في موضعه (فان قلنا) بالاول فالمدعى الراهن لانه قد يدعى جريان القبض الصحيح والاصل عدمه فيكون القول قول المرتهن (وان قلنا) بالثاني فالمدعى المرتهن لانه لو سكت لترك والراهن لا يترك لو سكت فيكون القول قول
__________
(قوله) روى أن عطاء بن أبى رباح كان يجوز وطئ الجارية المرهونة باذن مالكها قال عبد الرزق أنا ابن جريج أخبرني عطاء قال يحل الرجل وليدته لغلامه أو ابنه أو أخيه أو أبيه والمرأة لزوجها ما أحب أن يفعل ذلك وما بلغني عن ثبت وقد بلغني أن الرجل برسل وليدته إلى ضيفه ثم روى بسنده عن طاوس أنه قال هو احل من الطعام فان ولدت فولدها للذى أحلت له وهى لسيدها الاول وأنا ابن جريج أخبرني عمرو بن دينا رأنه سمع طاوسا يقول قال ابن عباس إذا أحلت المرأة للرجل أو ابنته أو أخته له جاريتها فليصبها وهى لها وأنا معمر قال قيل لعمرو بن دينار في ذلك فقال لا تعار الفروج *

(10/194)


الراهن (والثانية) استنبط القاضى الحسين من القولين الجواب في فرعين (أحدهما) سلم العبد المشروط رهنه ملفوفا في ثوب ثم وجد ميتا فقال الراهن مات عندك وقال المرتهن بل كان ميتا قال في المصدق منهما القولان (والثانى) اشترى مائعا وجاء بظرف فضه البائع فيه فوجدت فيه فأرة ميتة فقال البائع انها كانت في ظرفك وقال المشترى بل أقبضتنيه وفيه الفأرة فيمن يصدق القولان ولو زعم المشترى أنها كانت فيه يوم البيع فهذا اختلاف في أن العقد جرى صحيحا أو فاسدا * (خافمة) ليس للراهن أن يقول أحضر المرهون وأنا أؤدى دينك من مالى بل لا يلزمه الاحضار بعد الاداء أيضا وانما عليه التمكين كالمودع والاحضار وما يحتاج إليه من مؤنه على رب المال ولو احتاج إلى بيعه في الدين لم يكن عليه الاحضار أيضا بل يتكلف الراهن مؤنته ويحضره القاضى حتى يبيعه والله تعالى أعلم *

(10/195)