فتح العزيز بشرح الوجيز = الشرح الكبير

* (كتاب الضمان) (حديث) أبى امامة العارية مردودة والدين مقضى والزعيم غارم لا أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي وفيه اسماعيل بن عياش ورواه عن شامى وهو ابن حنبل بن مسلم سمع أبا امامة وضعفه ابن حزم باسماعيل ولم يصب وهو عند الترمذي في الوصايا أتم سياقا واختصره ابن ماجه هنا وله في النسائي طريقان من رواية غيره (احداهما) من طريق أبى عامر الوصابى (والاخرى) من طريق حاتم بن حريث كلاهما عن ابى امامة وصححه ابن حبان من طريق حاتم هذه وقد وثقه عثمان الدارمي (تنبيه) أكثر الفاظهم العارية مؤداة وفي لفظ بعضهم زيادة والمنيحة مردودة ولم أره عندهم بلفظ العارية مردودة كما كرره المصنف ووقع في بعض النسخ عن أبى قتادة بدل ابى إمامة وهو من تحريف النساخ وقد رواه ابن ماجه والطبراني في مسند الشاميين من طريق سعيد بن أبى سعيد عن أنس وأخرجه ابن عدي من حديث ابن عباس في ترجمة اسماعيل بن زياد السكوني وضعفه ورواه أبو موسى المدينى في الصحابة من طريق سويد بن حبلة وقد قال الدارقطني لا تصح له صحبة وحديثه مرسل قال وبعضهم يقول له صحبة ورواه الخطيب في التلخيص من طريق بن لهيعة عن عبد الله بن حيان البثى عن رجل عن آخر منهم قال انى لتحت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم يصيبني لعابها ويسيل على جرنها حين قال فذكره *
(حديث) أبى سعيد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فلما وضعت قال صلى الله عليه وسلم هل على صاحبكم من دين قالوا نعم درهمان قال صلوا على صاحبكم فقال على يا رسول الله هما على وأنا لهما ضامن ففام فصلى عليه ثم أقبل على على وقال جزاك الله عن الاسلام خيرا

(10/356)


وروي أنه صلى الله عليه وسلم أتى بجنازة فقال هل على صاحبكم من دين قالوا نعم ديناران فقال أبو قتادة رضى الله عنه هما على يارسول الله فصلى الله النبي صلى الله عليه وسلم) ثم نقل العلماء أن هذا كان في أول الاسلام ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم بصلى على من لم يخلف وفاء من المديونين لان صلاته صلى الله عليه وسلم شفاعة موجبة للمغفرة ولم يكن حينئذ في الاموال سعة فلما فتح الله الفتوح قال النبي صلى الله عليه وسلم أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم)
__________
وفك رهانك كما فككت رهان أخيك.
الدارقطني والبيهقي من طرق باسانيد ضعيفة وفي آخره مامى مسلم فك رهان أخيه الا فك الله رهانه يوم القيمة وفي جميعا أن الدين كان دينارين وفيه زيادة فقال بعضهم هذا لعلى خاصة أم للمسلمين عامة فقال بل للمسلمين عامة (تنبيه) وضح أن قوله درهمان وهم لكن وقع في المختصر بغير اسناد أيضا درهمان * (قوله) وجاء في رواية أن عليا لما قضى عنه دينه قال الآن بردت عليه جلده (قلت) المعروف أن ذلك قيل لابي قتادة كما سيأتي * (حديث) أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بجنازة ليصلى عليها فقال هل على صاحبكم من دين فقالوا نعم ديناران فقال أبو قتادة هما على يا رسول الله قال فصلى عليه صلى الله عليه وسلم البخاري من حديث سلمة بن الاكوع مطولا وفيه أن الدين كان ثلاثة دنانير ورواه احمد وأبو داود والنسائي وابن حبان من حديث جابر وفيه أن الدين كان دينارين وزاد أحمد الدارقطني والحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لما قضى دينه الآن بردت عليه جلده وفي رواية قبره ورواه النسائي والترمذي وصححه من حديث أبى قتادة بدون تعيين الدين ابن ماجه واحمد وابن حبان من حديثه بتعيينه سبعة عشر درهما وفى رواية لابن حبان ثمانية عشر وروى ابن حبان أيضا من حديث أبى قتادة أن الدين كان دينارين وروى في ثقانه؟ من حديث أبى إمامة نحو ذلك وابهم الفائل قال فقال
رجل من القوم أنا أقضيهما عنه * (قوله) وفي رواية أنه لما ضمن أبو قتادة الدينارين عن الميت قال النبي صلى الله عليه وسلم هما عليك حق الغريم وبرئ الميت قال نعم فصلى عليه رواه الدارقطني بنحوه والبيهقي بلفظه وفي آخره عنده لآن بردت عليه جلده * (قوله) ثم نقل العلماء أن هذا كان في أول الاسلام فلما فتح الله الفتوح قال أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم سيأتي واضحا من حديث أبى هربرة وهو عند احمد في حديث جابر المتقدم

(10/357)


ونقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبته (من خلف مالا أو حقا فلورثته ومن خلف كلا أو دينا فكله إلى ودينه علي قيل يارسول الله وعلى كل امام بعدك قال وعلى كل امام بعدى) وقد ضمن حجة الاسلام مسائل الضمان في بابين (أحدهما) في أركان صحة الضمان (والثانى) في أنه إذا صح فما حكمه وهذا ترتيبه في أغلب الابواب (أما) الاركان فأولها المضمون عنه وهو الاصيل ولا يشترط رضاه لصحة الضمان وفاقا أذ يجوز اداء دين الغير بغير اذنه فالتزامه في الذمة أولى بالجواز ويدل عليه أنه يصح الضمان عن الميت ومعلوم أنه لا يتصور منه الرضا والدليل على صحته ما قدمناه من ضمان على وأبى قتادة رضى الله عنهما ولا فرق بين أن يخلف الميت وفاء أولا يخلف فان النبي صلى الله عليه وسلم لم يبحث عن ذلك وبهذا قال مالك وأحمد * وعند أبى حنيفة لا يصح الا إذا خلف وفاء أو كان به ضامن وساعدنا فيما إذا ضمن عنه في حياته ثم مات وهو معسر أنه لا يبطل الضمان وهل يشترط معرفة المضمون عنه لصحة الضمان فيه وجهان (أحدهما) أنه لا يشترط كما لا يشترط ليعرف حاله ولانه هل يستحق اصطناع المعروف إليه وهذا اما أورده الصيدلانى (وأصحهما) أنه لا يشترط كما لا يشترط رضاه * واعلم أن الشافعي رضى الله عنه قال في مسألة ضمان الميت ولو ضمن دين ميت بعد ما تعرفه وتعرف لمن هو فالضمان في ذلك لازم واختلفوا فيما يعودالها إليه في قوله بعد ما يعرفه بحسب اختلافهم في اشتراط معرفة المضمون عنه فمن شرطها قال هي عائدة إلى الميت المضمون عنه ومن لم يشترطها قال هي عائدة إلى الدين إذ لابد
__________
(قوله) ونقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبته من خلف مالا أو حقا فلورثته ولمن خلف كلا
او دينا فكله إلى ودينه على قيل يا رسول الله وعلى كل امام بعدك قال وعلى إمام بعدى صدر هذا الحديث ثابت في الصحيحين من حديث أبى هريرة ومن قوله قيل يا رسول الله إلى آخره سبق المصنف إلى ذكره القاضى حسين والامام والغزالي وقد وقع معناه في الطبراني الكبير من حديث ذاذان عن سلمان قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقدي سبايا المسلمين ونعطى سائلهم ثم قال من ترك مالا فلورثته من ترك دينا فعلى وعلى الولاة من بعدى من بيت مال المسلمين وفيه عبد الغفار بن سعيد الانصاري متروك ومتهم أيضا

(10/358)


من معرفة جنسه وقدره وهو الصحيح ويدل على أنا أبا بكر الفارسى نقل هذا النص بعينه في عيون المسائل وأنه قال في توجيهه لانه عرف ما ضمنه ولمن ضمنه * قال (الركن الثاني المضمون له وفى اشتراط معرفته وجهان * فان شرطت ففى اشتراط رضاه وجهان * فان شرط ففى اشتراط قبوله وجهان * وهذا لان الضمان تجديد سلطة له لم تكن فلم يجز الا باذنه بخلاف المضمون عنه) * المضمون له هو مستحق الدين وفى اشتراط معرفته وجهان (أحدهما) أنه لا شترط لانه لم يقع التعرض والبحث عنه في ضمان على وأبى قتادة رضى الله عنهما (أصحهما) أن لابد أن يعرف الضامن لان الناس يتفاوتون في الاقتضاء والاستيفاء تشديدا وتسهيلا والاغراض تختلف بذلك والضمان مع اهماله غرر وضرر من غير ضرورة وعلى هذا ففى اشتراط رضاه وجهان (قال) الاكثرون لا يشترط لان الضمان محض التزام وليس موضوعا على قواعد المعاقدات وقال صاحب الافصاح والقاضى ابن كج يشترط لان الضمان يجدد له سلطنة وولاية لم تكن ويبعد أن يتملك بتمليك الغير شيئا من غير رضاه وبهذا قال أبو حنيفة الا أنه قال لو التمس المريض من الورثة أن يضمنوا دينه فأجابوا صح وان لم يرض المضمون له (وإذا قلنا) باشتراط رضاه ففى اشتراط قبوله وجهان (وجه) الاشتراط أنه يملك في مقابلة تمليك الضامن فيعتبر فيه القبول كسائر التمليكات والتملكات (والاصح) أنه لا يشترط وفرقوا بينه وبين سائر التملكات بأن الضمان لا يثبت ملك
شئ جديد وإنما يتوثق به الدين الذي كان ممولكا وهذا يشكل بالرهن فانه لا يفيد الا التوثيق ويعتبر فيه القبول وعن الشيخ أبى محمد تقريب هذا الخلاف من الخلاف في اشتراط القبول في الوكالة لان كل واحد منهما يجدد سلطة لم تكن فان شرطنا القبول فليكن بينه وبينه وبين الضمان مثل مابين الايجاب والقبول في سائر العقود وإن لم نشترط فيجوز أن يتقدم الرضي على الضمان وان تأخر عنه فهو اجازة أن جوزنا وقف العقود ذكره الامام وفرع على قولنا لا يشترط رضاه فقال إذا ضمن بغير رضاه فينظر إن ضمن بغير اذن المضمون عنه فالمضمون له بالخيار ان شاء طالب الضامن

(10/359)


وان شاء تركه وان كان الضمان باذنه فحيث قلنا يرجع الضامن على المضمون عنه يتخير المضمون له على قبوله لان ما يؤديه في حكم ملك المضمون عنه وحيث قلنا لا يرجع فهو كما لو قال لغيره أد ديني ولم يشترط الرجوع وقلنا انه لا يرجع وهل لمستحق الدين والحالة هذه أن يمتنع من القبول فيه وجهان بناء على أن المؤدى يقع فداء أو موهوبا ممن عليه الدين (ان قلنا) بالثاني لم يكن له الامتناع وهو الاشهر هذا بيان الخلاف في اشتراط معرفة المضمون له دون معرفة المضمون عنه لانه لا معاملة بينه وبين الضامن وزاد الامام وجها رابعا وهو اشتراط معرفة المضمون عنه دون المضمون له وفى طريفة الصيدلانى ما يقتضيه وهو غريب * قال (الركن الثالث الضامن ويشترط فيه صحة العبارة وأهلية التبرع * ويصح (م) ضمان الزوجة دون اذن الزوج * وفي ضمان الرقيق دون اذن السيد وجهان * فان صح فيتبع به إذا عتق * فان ضمن بالاذن فيتعلق بكسبه في وجه * ولا يتعلق به في وجه ويفرق بين المأذون في التجارة وغيره في وجه) * ضبط من يصح ضمانه بان يكون صحيح العبارة أهلا للتبرع (أما) صحة العبارة فيخرج عنه الصغير والمجنون والمغمى عليه والمبرسم الذى يهذى فلا يصح ضمانهم كسائر التصرفات ولو ضمن ضامن ثم قال كنت صبيا يوم الضمان وكان محتملا فالقول قوله مع يمينه وكذا لو قال كنت مجنونا وقد عرف له جنون سابق أو أقام عليه بينة والا فالقول قول المضمون له مع يمينه وفى ضمان السكران الخلاف
في سائر تصرفاته لا يصح ضمانه والاخراس الذى أشارته مفهومه والاخراس الذى ليست له اشارة مفهومة يصح ضمانه بها كبيعه وسائر تصرفاته وعن أبى الحسين أن من الاصحاب من ابطله وقال لا ضرورة إلى الضمان بخلاف سائر التصرفات ولو ضمن بالكتابة فوجهان سواء أحسن الاشارة أم لا (اظهرهما) الصحة وذلك عند وجود القرينة المشعرة بالمقصود ويجرى الوجهان في الناطق وفى سائر التصرفات (وأما) أهلية التبرع فانه قصد بها التحرز عن المحجور عليه بالسفه ونحافيه نحو الامام بحيث قال المحجور عليه وان كان تصح عبارته عند اذن وليه فضمانه مردود من قبل أنه تبرع وتبرعات المبذر مردودة ولا يصح من الولي الاذن فيها * واعلم أن القول بكون الضمان تبرعا انما يظهر حيث لا يثبت الرجوع فاما حيث ثبت فهو اقراض لا محض تبرع ويدل

(10/360)


عليه ان القاضى الرواياني حكى في البحربه عن نص الشافعي رضى الله عنه انه إذا ضمن في مرض الموت بغير اذن من عليه الحق فهو محسوب من ثلثه وان ضمن باذنه فهو محسوب من رأس المال لان للورثة ان يرجعوا على الاصيل وهو وان لم يكن تبرعا فلا يصح من المحجور كالبيع وسائر التصرفات المالية فان أذن فيه الولى فليكن كما لو أذن في البيع (أما) المحجور عليه بالفلس فضمانه كشرائه ثم في الفصل مسألتان (إحدهما) ضمان المرأة صحيح خلية كانت أو مزوجة ولا حاجة إلى اذن الزوج كما في سائر تصرفتها وعن مالك انه لا بد من اذنه (الثانية) في ضمان العبد بغير اذن سيده مأذونا كان في التجارة أو لم يكن وجهان عن ابن سريج (أحدهما) وبه قال ابو اسحاق انه صحيح ويتبع به بعد العتق لانه لا ضرر فيه على السيد فصار كما لو أقر باتلاف مال وكذبه السيد (وأصحهما) وبه قال الاصطخرى انه باطل لانه اثبات مال في الذمة بعقد فاشبه النكاح وان ضمن باذن سيده صح ثم ان قال اقضه مما تكتسبه أو قال للمأذون اقضه من المال الذى في يدك قضى منه وان عين مالا أمر بالقضاء منه فكمثل وان اقتصر على الاذن في الضمان فان لم يكن العبد مأذونا له في التجارة فوجهان (أحدهما) انه يكون في ذمته إلى أن يعتق لانه انما اذن في الالترام دون الاداء (وأضهرهما) انه يتعلق بما يكتسبه بعد الاذن كما لو اذن له في النكاح يتعلق المهر باكتسابه وعن الشيخ أبى علي حكاية وجه غريب انه يتعلق برقبته وان كان مأذونا له في التجارة فيتعلق بذمته أم كيف الحال فيه وجهان رتبهما الامام على الوجهين في غير المأذون واولى بان لا يحال على الذمة لاشعار ظاهر الحال بخلافه وعلى
هذا فيتعلق بما يكتسبه من بعد اذنه وبما في يده من الربح الحالصل أم بهما وبرأس المال أيضا فيه وجوه أشبهها الثالث والوجوه التي وردهما صاحب الكتاب فيما إذا ضمن بالاذن تخرج من الترتيب الذى أشار إليه الامام فعلى رأى إن كان مأذون له تعلق بكسبه والا لم يتعلق الا بالذمة وحيث قلنا يؤدى مما في يده فلو كان عليه ديون ففيه ثلاثة أوجه عن ابن سربج (أحدهما) أن المضمون له يشارك الغرماء لانه دين لزم باذن المولى فاشبه سائر الديون (والثانى) أن الضمان لا يتعلق بما في يده أصلا لانه كالمرهون بحقوق الغرماء (والثالث) أنه يتعلق بما فضل عن حقوقهم رعاية للجانبين

(10/361)


وهذا إذا لم يحجز القاضى عليه فان حجز باستدعاء الغرماء لم يتعلق الضامن بما في يده لا محالة والمدبر وأم الولد كالقن في الضمان وكذا من بعضه حر وبعضه رقيق وان لم يكن بينه وبين السيد مهايأة أو كانت وضمن في نوبة السيد وان لم يكن بينهما مهايأة كما لو اشترى بنفسه شيئا ويجوز ان يخرج على الخلاف في المؤن والاكساب النادرة أنها هل تدخل في المهايأة وضمان المكاتب بغير إذن السيد كضمان القن وبالاذن قالوا هو علي الحلاف في تبرعاته * (فرع) إذا ضمن العبد باذن السيد وأدى مال الضمان في رقه فحق الرجوع للسيد وان أداه بعد ما عتق فحق الرجوع لعبد في أصح الوجهين ووجه الثاني أن مال الضمان كالمستتني عن اكتسابه فلا يستحقها بالعتق ولو ضمن العبد شيئا لسيده عن أجنبي لم يصح لانه يؤديه من كسبه وكسبه لسيده فهو كما لو ضمن المستحق لنفسه ولو ضمن لاجنبي عن سيده فإذا لم ياذن السيد فهو كما لو ضمن عن أجنبي وان ضمن باذنه صح ثم ان أدى قبل العتق فلا رجوع له وان أدى بعده ففى رجوعه على السيد (وجهان) بناء على الوجهين فيما لو أجر عبده ثم أعتقه ففى أثناء المدة هل يرجع باجرة المثل لبقية المدة * قال (الركن الرابع المضمون به وشرطه أن يكون حقا ثابتا (م ح و) لازما (م ح و) معلوما (م ح و) واحترزنا بالثابت عن ضمان دين سيلزم ببيع أو قرض بعده فانه لا يصح (م ح) في الجديد وفى ضمان ما سبق سبب وجوبه ولم يجب كنفقة الغد للمرأة قولان في الجديد * وضمان العهدة للمشتري
صحيح (و) بعد قبض الثمن لاجل الحاجة إلى معامل الغرباء وكذلك ضمان نقصان الصنجة ورداءة الجنس في المبيع * وفى صحة ضمان عهدة تلحق بالعيب أو بالفساد من جهة أخرى لا بخروجه مستحقا وجهان * فان صحح صريحا ففى اندراجه تحت مطلق ضمان العهدة وجهان) * يشترط في الحق المضمون ثلاث صفات كونه ثابتا ولازما ومعلوم الصفة (الاولى) الثبوت وفيه

(10/362)


مسائل (إحداها) إذا ضمن دينا لم يجب بعد ويستحب كقرض أو بيع وما أشبههما ففيه طريقان حكاهما الشيخ أبو حامد وغيره (وأشهرهما) وبه قال ابن سريج أنه على قولين (القديم) أنه يصح لانه قد تمس الحاجة إليه وهذا كما أنه جوز في القديم ضمان نفقة يوم المستقبل؟ وبهذا قال أبو حنيفة ومالك (والجديد) المنع وبه قال أحمد لان الضمان لو تبعه الحق فلا يسبق وجوب الحق كالشهادة (والثانى) وهو اختيار الشيخ أبى حامد القطع بالمنع ويخالف ضمان النفقه على القديم تجب بالعقد فضمانها ضمان واجب لاغير واجب والمذكور في الكتاب هو الطريقة الاولى ويجوز اعلام قوله على الجديد بالواو للثانيه واعلام قوله لا يصح بالحاء والميم لما ذكرنا وذكر الامام أمورا مفرعة على القديم (أحدها) إذا قال ضمنت لك ما تبيع من فلان فباع الشئ بعد الشئ كان ضامنا للكل لان (ما) من أدوات الشرط فتقتضى التعميم بخلاف ما إذ قال إذا بعت من فلان فانا ضامن من حيث لا يكون ضامنا الا ثمن ما باعه أولا لان (إذا) ليست من أدوات الشرط (الثاني) إن شرطنا معرفة المضمون له عند ثبوت الدين فههنا أولى والا فوجهان وكذا معرفة المضمون عنه (الثالث) لا يطالب الضامن ما لم يلزم الدين على الاصيل وليست له الرجوع بعد لزومه (وأما) قبله فعن ابن سريج أن له أن يرجع وقال غيره لا لان وضع الضمان على اللزوم (وإذا قلنا) بالجديد فلو قال أقرض فلانا كذا وعلى ضمانه فاقرضه قال القاضى الروياني في المذهب أنه لا يجوز وعن ابن سريج تجويزة لانه ضمان مقرون بالقرض (المسألة الثانية) ضمان نفقة المدة الماضية للزوجة صحيحة سواء كانت نفقة الموسرين أو المعسرين وكذا ضمان الادام ونفقة الخادمة وسائر المؤن ولو ضمن نفقة اليوم فكمثل لانها تجب بطلوع الشمس وفى ضمان نفقة الغد والشهر المستقبل قولان بناء على أن النفقة تجب بالعقد أو بالتمكين (ان قلنا) بالاول وهو
القديم صح (وان قلنا) بالثاني فلا وهو الاصح هكذا نقل عامة الاصحاب وأشار الامام إلى أنه على قولين مع تفريعنا على أن ضمان مالا يجب باطل لان سبب وجوب النفقة على تعاقب الايام ناجز

(10/363)


وهو النكاح وهذا ما أورده المصنف وقال وفى ضمان ما سبق سبب وجوبه ولم يجب إلى آخره وفيه اشكال لان سبب وجوب النفقة إما النكاح أو التمكين في النكاح ان كان الاول فالنفقة واجبة فكيف قال ولم يجب وان كان الثاني فالسبب غير موجود ويجوز أن يقال في الجواب المراد من سبب الوجوب ههنا ما تقرر به الوجوب بل المراد منه الامر الذى إذا وجد استعقب الوجوب ظاهرا عند وجود أمر آخر وبيان ذلك بأنهم نقلوا قولين فيما إذا ضمن أرش الجناية وما يتولد منها ومعلوم أن الجناية ليست سببا لما يتولد منها الا على هذا التفسير اما عند قولنا سبب الوجوب النكاح والتمكين فنعنى به ما يقترن به الوجوب فإذا جوزنا ضمان نفقة المستقبل فله شرطان (أحدهما) أن يقدر مدة أما إذا أطلق لم يصح فيما بعد الغد وفيه وجهان أخذا من الخلاف فيما إذا قال أجرتك كل شهر بدرهم ولم يقدر هل يصح في الشهر الاول (والثانى) أن يكون المضمون في نفقة المعسرين وان كان المضمون عنه موسرا أو متوسطا لانه ربما يعسر وفي التتمة وجه آخر أنه يجوز ضمان نفقة الموسرين والمتوسطين لان الظاهر استمرار ماله وضمان نفقة القريب للمدة المستقبلة لا يجوز وفى ضمان نفقة اليوم وجهان والفرق أن سبيلها سبيل البر والصلة لاسبيل الديون ولهذا تسقط بمضي الزمان وضيافة الغير (المسألة الثالثة) من باع شيئا فخرج مستحقا فعليه رد الثمن ولا حاجة فيه إلى شرط والتزام قال القفال ومن الحماقة اشتراط ذلك في العيالات وان ضمن عنه ضمن ليرجع المشترى عليه بالثمن لو خرج المبيع مستحقا فهذا ضمان العهدة ويسمى ضمان الدرك ايضا (أما) ضمان العهدة فقد قال في التتمة إنما سمى به لالتزمه ما في عهدة البائع رده ويجوز أخذه من شيئين آخرين (أحدهما) قال في الصحاح يقال في الامر عهدة أي لم يحكم بعد وفى عقله عهدة أي ضعف فكأن

(10/364)


الضامن ضمن ضعف العقد والتزم ما يحتاج فيه من غرم (والثانى) قال العهدة الرجعة يقال أبيعك
الملسى لاعهدة أي تتملس وينقلب فلا يرجع إلى الضامن التزم رجعة المشترى عليه عند الحاجة (وأما) الدرك فقد قال في الصحاح الدرك التبعة تسكن وتحرك وفى التتمة انه سمى ضمان الدرك لا لتزامة الغرامة عند إدراك المستحق من ماله وفى صحة هذا الضمان طريقان (أظهرهما) أنها على قولين (أحدهما) خرجه ابن سريج وغيره أنه لا يصح لانه ضمان ما لم يجب ولانه لا يجوز الرهن به فكذلك الكفيل (وأصحهما) وهو نصه في آخر كتاب الاقرار أنه صحيح وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد لاطباق الناس عليه وإيداعه الصكوك في جميع الاعصار والمعني فيه أن الحاجة تمس إلى معاملة من لايعرف من الغرماء ولا يوثق بيده وملكه ويخاف عدم الظفر به لو ظهر الاستحقاق فيحتاج إلى التوثق (والثانى) القطع بالصحة حكاه القاضى ابن كج عن أبى اسحق وابن القطان وأجيب عن توجيه قول المنع بانه إذا بان الاستحقاق بان ان رد الثمن كان واجبا ألا انا كنا لا نعرفه (وأما) الرهن فالكلام فيه قد مر في كتاب الرهن * (التفريغ) ان قلنا بالصحة فذاك إذا ضمن بعد قبض الثمن أما قبله فوجهان (أحدهما) الصحة لان الحاجة تدعوا إليه اذر بما لا يثق المشترى بتسليم الثمن الا بعد الاستيثاق (وأصحهما) المنع لان الضمان انما يضمن ما يدخل في ضمان البائع ويلزمه رده وقبل القبض لم يتحقق ذلك وكما يصح ضمان العهدة للمشترى يصح ضمان نقصان الصنجة للبائع بان جاء المشترى بصنجة ووزن بها الثمن فاتهمه البائع فيها فضمن ضامن النقصان ان كانت ناقصة وكذا ضمان رداءة الثمن إذا شك البائع في أن المؤدى هل هو من الضرب الذى يستحقه فإذا خرج ناقصا أو رديئا طالب البائع الضامن بالنقصان وبالضرب المستحق إذا رد المقبوض على المشترى ولو اختلف البائع والمشترى في نقصان الصنجة صدق البائع بيمينه فإذا حلف طالب المشتري بالنقصان ولا يطالب الضامن على أقيس الوجهين لان الاصل براءة ذمته فلا يطالب الا إذا اعترف بالنقصان أو قامت بينة عليه ولو اختلف البائع والضامن في نقصانها فالمصدق الضامن على أصح الوجهين لان الاصل براءة ذمته بخلاف المشترى فان ذمته كانت

(10/365)


مشغولة بحق البائع والاصل بقاء الشغل * واعلم أن الائمة صوروا ضمان نقصان الصنجة والرداءة في الثمن
كما أوردناه قالوا هذا الضمان للبائع كضمان العهدة للمشترى وحكى هذا صاحب الكتاب في الوسيط فاما ههنا فانه قال وكذا ضمان نقصان الصنجة ورداءة الجنس في المبيع فصور ضمان الرداءة في المبيع وهذا يمكن فرضه فيما إذا باع وشرط كونه من نوع كذا فخرج المبيع من نوع أردأ منه ثبت للمشترى الخيار والرجوع بالثمن وإذا ضمن ضامن كان له الرجوع على الضامن أيضا وكذا نقصان الصنجة يمكن تصوير ضمانه في المبيع بان باع بشرط أنه كذا منا فانه إذا خرج دونه يبطل المبيع على قول ويثبت للمشترى الخيار على قول كما مر فإذا ضمنه ضامن رجع بالثمن عليه وفى الصورتين يكون الضمان للمشتري كضمان العهدة ولو ضمن عهدة الثمن لو خرج المبيع معيبا فرده أو بان فساد المبيع بسبب غير الاستحقاق لتخلف شرط معتبر في المبيع واقتران شرط فاسد ففيه وجهان (أحدهما) أنه لا يصح (أما) في خروجه معيبا فلان وجوب رد الثمن على البائع ههنا بسبب حادث وهو الفسخ فالظمان سابق عليه فيكون ظمان ما لم يجب (وأما) في ظهور الفساد بغير الاستحقاق فلان هذا الضمان انما جوز للحاجة وانما تظهر الحاجة في الاستحقاق ولان التحرز عند ظهور الاستحقاق لا يمكن والتحرز عن سائر أسباب الفساد ممكن (والثانى) يصح لان الحاجة قد تمس إليه أيضا في معاملة الغرماء ومن لا يوثق بالظفر به كما تمس إلى الضمان بسبب الاستحقاق وذكر في التتمة أن المذهب هو الوجه الاول لكن أصحابنا العراقين أجابوا بالثاني ورووه عن ابن سريج ونفى صاحب البيان الخلاف فيه (فان قلنا) بالصحة إذا ضمن ذلك صريحا فقد حكى الامام وصاحب الكتاب وجهين في اندراجه تحت مطلق ضمان العهدة ونحن تجمع ما يطالب به ضامن العهدة في فصل محتوش بفصلين ويضمن ثلاثتها بقية مسائل الباب * (فصل أول) من الفاظ هذا الضمان أن تقول للمشترى ضمنت لك عهدته أو دركه أو خلاصك منه ولو قال ضمنت لك خلاص المبيع لم يصح لانه لم يستقل بتخليصه بعد ظهور الاستحقاق

(10/366)


ولو ضمن عهدة الثمن وخلاص المبيع معالم يصح ضمان الخلاص وفى العهدة قولا تفريق الصفة ولو شرط في المبيع كفيلا بخلاص المبيع بطل بخلاف ما لو شرط كفيلا بالثمن ويشترط أن يكون قدر
الثمن معلوما للضامن فان لم يكن فهو كما لو لم يكن قدر الثمن معلوما في المرابحة ويجوز ضمان المسلم فيه للمسلم إليه لو خرج رأس المال مستحقا بعد تسليم المسلم فيه وقبله لا يجوز في أصح الوجهين ولايجوز ضمان رأس المال للمسلم لو خرج المسلم فيه مستحقا لان المسلم فيه في الذمة والاستحقاق لا يتصور فيه وانما يتصور في المقبوض وحينئذ يطالب المسلم بمثله لا برأس المال * (فصل ثان) إذا ظهر الاستحقاق فالمشترى يطالب من شاء من البائع والضامن ولا فرق في الاستحقاق بين أن يخرج مغصوبا وبين أن يخرج شقصا قد ثبت فيه الشفقة ببيع سابق فاخذه الشفيع بذلك المبيع ولو بان فساد البيع بشرط أو غيره ففى مطالبة الضامن وجهان (أحدهما) يطالب كما لو خرج مستحقا (والثانى) لا للاستغناء عنه بامكان حبس المبيع إلى استرداد الثمن لان السابق إلى الفهم من ضمان العهدة هو الرجوع بسبب الاستحقاق ولو خرج المبيع معيبا فرده المشترى ففى مطالبة الضامن بالثمن وجهان وأولى بان لا يطالب وبه قال المزني وابن سريج لان الرد ههنا سبب حادث وهو مختار فيه فاشبه ما إذا فسخ بخيار شرط أو مجلس أو تقايلا وهذا إذا كان العيب مقرونا بالعقد اما إذا حدث في يد البائع بعد العقد ففى التتمة انه لا يطالب الضامن بالثمن وجها واحد لانه لم يكن سبب رد الثمن مقرونا بالعقد ولم يوجد من البائع تفريط فيه وفى العيب الموجود عند البيع سبب الرد مقرونا بالعقد والبائع مفرط بالاخفاء وما لحق بالاستحقاق على رأى المبيع قبل القبض وبعد قبض الثمن وانفسخ العقد فهل يطالب الضامن بالثمن إن قلنا انه ينفسخ من أصله فهو كظهور الفساد بغير الاستحقاق وان قلنا من حينه كالرد بالعيب ولو خرج بعض المبيع مستحقا ففى صحة البيع في الباقي قولا تفريق الصفقة ان قلنا يصح فاختار المشترى إن قلنا يختر بجميع

(10/367)


الثمن لم يطالب الضامن بثئ وان قلنا يختر بالحصة طالبه بحصة المستحق من الثمن وان فسخ طالب بحصة المستحق من الثمن ومطالبته بحصة الباقي من الثمن كمطالبته عند الفسخ بالعيب وان قلنا لا يصح ففى مطالبته بالثمن طريقان (أحدهما) انه كما لو بان فساد العقد بشرط ونحوه (والثانى) القطع بتوجيه المطالبة لاستناد الفساد إلى الاستحقاق وهذا كله فيما إذا كانت صيغة الضمان شيئا مما ذكرنا
في الفصل الاول اما إذا كان قد عين جهة الاستحقاق فقال ضمنت لك الثمن متى خرج المبيع مستحقا لم يطالب بجهة أخرى * (فصل ثالث) اشترى أرضا وبني فيها أو غرس ثم خرجت مستحقة وقلع المستحق البناء والغراس فهل يجب ارش النقصان على البائع وهو مابين قيمته قائما ومقلوعا فيه خلاف مذكور في الكتاب في آخر الغصب والظاهر وجوبه وهو الذى حكاه القاضى أبو القاسم الصيمري عن الشافعي رضى الله عنه في علل الشروط * وحكى عن أبى حنيفة ان كان البائع حاضرا رجع المشترى بقيمة البنا والغراس عليه قائما ثم المستحق ان شاء أعطى البائع قيمته مقلوعا وان شاء أمره بقلعه وان كان البائع غائبا قال المستحق للمشترى ان شئت اعطيتك قيمته مقلوعا والا فاقلعه رجع على المشترى بقيمته على البائع مقلوعا لانه سلمه إليه مقلوعا وإذا قلنا بوجوب الارش على البائع فلو ضمنه ضامن نظر ان كان قبل ظهور الاستحقاق لم يصح لانه مجهول ولانه ضامن ما ليس بواجب وان كان بعد الاستحقاق وقبل القلع فكمثل * وقال ابو حنيفة يصح في الصورتين وان ضمنه بعد القلع وكان قدره معلوما صح وان ضمن ضامن عهدة الارض وأرش نقص البناء والغراس في عقدة واحدة لم يصح في الارش وفى العهدة قولا تفريق الصفقة ولو كان البيع بشرط أن يعطيه كفيلا فهو كما لو شرط في البيع رهنا فاسدا وذكر جماعة من الاصحاب أن ضمان نقص البناء والغراس كما لا يصح من غير البائع لا يصح من البائع وهذا ان أريد به أنه لغو كما لو ضمن العهدة لوجوب الارش عليه من غير الزام فهو مستمر على ظاهر المذهب والا فهو ذهاب منه إلى أنه لا أرش عليه والله أعلم *

(10/368)


قال (واحترزنا باللازم عن نجوم الكتابة فلا يصح ضمانها * ويصح (و) ضمان الثمن في مدة الخيار إذ مصيره إلى اللزوم * وفى ضمان الجعل في الجعالة وجهان) * (الصفة الثانية) اللزوم في الديون والديون الثابتة ضربان (أحدهما) مالا مصير له إلى اللزوم بحال مثل نجوم الكتابة فلا يصح ضمانها كما لا يصح الرهن بها هذا هو المشهور وفيه وجه أنه يصح وبه قال أبو حنيفة ومم أجد هذا الوجه عن الشيخ أبى محمد أن ابن سريج خرجه على ضمان ما لم يجب
ووجد سبب وجوبه وذكر القاضى ابن كج أنه مأخوذ من تجويز ضمان الجعل في الجعالة على أحد الرأيبن ولو ضمن انسان عن المكاتب عين نجوم الكتابة نظر ان ضمنه لاجنبي صح وإذا غرم رجع على المكاتب إذا كان الضمان باذنه وان ضمنه لسيده يبني ذلك على أن الدين هل يسقط بعجزه وهو على وجهين (إن قلنا) نعم لم يصح الضمان للنجوم في الاصح (والضرب الثاني) ماله مصير إلى اللزوم فينظر ان كان لازما في حال الضمان صح ضمانه سواء كان مستقرا أو لم يكن كالمهر قبل الدخول والثمن قبل قبض المبيع لحاجة التوثيق ولا نظر إلى احتمال سقوطه كما لانظر إلى احتمال سقوط المستقر بالابراء والرد بالعيب وما أشبههما وان لم يكن لازما حال الضمان فهو على قسمين (أحدهما) ما الاصل في وضعه اللزوم كالثمن في مدة الخيار في ضمانه وجهان (أحدهما) المنع لانه ليس بلازم (وأصحهما) وقد قطع به بعضهم الجواز لانه ينتهى إلى اللزوم بنفسه عن قريب فيحتاج فيه إلى التوثيق ثم فيه نظران (أحدهما) أن الخلاف على ما ذكره صاحب التتمة مفروض فيما إذا كان الخيار للمشترى أولهما أما إذا كان للبائع وحده صح ضمانه بلا خلاف لان الدين لازما في حق من عليه (والثاني) اشار الامام إلى ان تصحيح الضمان مفرع على أن الخيار لايمنع نقل الملك في الثمن إلى البائع (اما) إذا منعه فهو ضمان ما لم يثبت بعد وقد ذكر مثل هذا الاستدراك في الرهن على ما مر (والثانى) ما الاصل في وضعه الجواز كالجعل في الجعالة فيه وجهان كما ذكرنا في صحة الرهن به وموضع الوجهين بعد الشروع في العمل وقبل تمامه على ما بيناه ثم وضمان مال المسابقة يبني على انها جعالة أو إجارة ان كان اجارة صح والا فهو كضمان الجعل *

(10/369)


قال (واحترزنا بالمعلوم عن ضمان المجهول وهو باطل (ح) على الجديد * وكذلك الابراء (ح) عن المجهول * والصحيح جواز ضمان أبل الدية كما يجوز الابراء عنها * ولو قال ضمنت من واحد إلى عشرة فاشهر القولين الصحة) * (الصفة الثالثة) كونه معلوما وفيها صور (احداها) في ضمان المجهول طريقان كالطريقين المذكورين في ضمان ما لم يجب ووجه الجديد أنه اثبات مال في الذمة بعقد فاشبه البيع والاجارة
(وإذا قلنا) بالقديم وبه قال أبو حنيفة ومالك فالشرط أن تتأتى الاحاطة به بأن يقول أنا ضامن لثمن ما بعت من فلان وهو جاهل به فان معرفته متيسرة (أما) إذا قال ضمنت لك شيئا مما لك على فلان فهو باطل لا محالة والقولان في صحة ضمان المجهول جاريان في صحة الابراء عن المجهول بطريق الاولى لان الضمان التزام والابراء اسقاط وذكروا في الابراء مأخذين (أحدهما) الخلاف في صحة شرط البراء من العيوب فان العيوب مجهولة الانواع والاقدار (والثانى) أن الابراء محض اسقاط كالاعتاق أو هو تمليك للمديون مافى ذمته ثم إذا ملكه سقط وفيه رأيان (ان قلنا) اسقاط صح الابراء عن المجهول وهو قول أبي حنيفة ومالك (وان قلنا) تمليك لم يصح وهو ظاهر المذهب وخرجوا علي هذا الاصل مسائل (منها) لو عرف المشترى قدر الدين ولم يعرف المبرأ عنه وسنذكره في الوكالة فان في الكتاب تعرضا له هناك (ومنها) لو كان له دين على هذا ودين على هذا فقال أبرأت أحدكما (ان قلنا) انه اسقاط صح وأخذ بالبيان (وإن قنا) تمليك لم يصح كما لو كان في يد كل واحد منهما عبد فقال ملكت أحدهما العبد الذى في يده (ومنها) لو كان لابيه دين على انسان فأبرأه هو ولا يعلم موت مورثه (وان قلنا) انه اسقاط صح كما لو قال لعبد أبيه اعتقتك هو يعلم موت الاب (وان قلنا) تمليك فهو كما لو باع مال أبيه علي ظن أنه حي وهو ميت (ومنها) أنه لا يحتاج إلى القبول ان جعلناه اسقاطا وان جعلناه تمليكا فنص ابن سريج انه لابد من القبول وظاهر المذهب أنه لا حاجة إليه لانه ان كان تمليكا فالمقصود منه الاسقاط وقد نص على هذا في كتاب

(10/370)


الايمان فان اعتبرنا القبول ارتد بالرد وان لم نعتبره ففى ارتداده بالرد وجهان وهذه المسائل مخرجة على المأخذ المذكور أوردها صاحب التتمة مع اخوات لها واحتج للرأي الذاهب إلى كونه تمليكا بأنه لو قال للمديون ملكتك مافى ذمتك صح وبرئت ذمته عن غير نية وقرينة ولولا أنه تمليك لافتقر إلى نية أو قرينة كما إذا قال لعبده ملكتك رقبتك أو لزوجته ملكتك نفسك يحتاج إلى النية * (فرع) لو جاء المغتاب إلى من اغتابه فقال انى اغتبتك فاجعلني في حل ففعل وهو لا يدرى
بما اغتابه فوجهان (أحدهما) انه يبرأ لان هذا اسقاط محض فصار إذا كما عرف أن عبدا قطع عضوا من عبده ولم يعرف عين العضو المقطوع فعفي عن القصاص يصح (والثانى) لا لان المقصود حصول رضاه والرضا بمجهول لا يمكن وتخالف مسألة القصاص لان العفو على القصاص مبني على التغليب والسراية واسقاط المظالم غير مبني عليه (الصورة الثانية) ضمان أروش الجنايات صحيح ان كان دراهم أو دنانير وفى ضمان ابل الدية إذا لم نجوز ضمان المجهول وجهان ويقال قولان (أحدهما) المنع لانها مجهولة الصفة واللون (والثانى) انه صحيح أيضا لانها معلومة السن والعدد والرجوع في اللون والصفة إلى غالب ابل البلد ولان الضمان تلو الابراء والابراء عنها صحيح فكذا الضمان وهذا الاظهر ومنهم من قطع به ثم إذا كان الضمان بحيث يقتضى الرجوع فيرجع بالحيوان أو بالقيمة قال الامام لا يمتنع ان يجرى فيه الخلاف المذكور في اقراض الحيوان ولايجوز ضمان الدية على العاقلة قبل تمام السنة لانها غير ثابتة بعد (الثالثة) إذا منعنا ضمان المجهول فلو قال ضمنت مالك على فلان من درهم إلى عشرة ففيه قولان على ما رواه الغزالي والصيدلانى ووجهان على ما رواه الامام وآخرون (أحدهما) أنه لا يصح لما فيه من الجهالة (وأظهرهما) الصحة لان المنع من ضمان المجهول لما فيه من الغرر وإذا ثبتت الغاية الملتزمة فقد وطن نفسه عليها وانتفي الغرر (وإذا قلنا) بالصحة وكان له عليه عشرة أو أكثر يلزمه عشرة ادخالا للطرفين في الملتزم أو ثمانية اخراجا لهما أو تسعة ادخالا للطرف الاول لانه مبدأ الا لتزام فيه أوجه سيعود مثلها في

(10/371)


الاقرار قال في التهذيب والاصح الاول ولو قال ضمت لك مابين درهم وعشرة فان عرف أن دينه لا ينقص عن عشرة صح وكان ضامنا لثمانية وان لم يعرف ففى صحته في الثمانية قولان أو الوجهان ولو قال ضمنت لك الدراهم التى لك على فلان وهو لايعرف مبلغها فهل يصح في ثلاثة لدخولها في اللفظ على كل حال فيه وجهان كما لو قال أجرتك كل شهر بدرهم هل يصح في الشهر الاول وهذه المسائل بعينها جارية في الابراء فإذا عرفت ما ذكرنا لم يخف عليك أن قوله في أول الركن ثابتا لازما معلوما ينتظم أعلام ثلاثتها - بالحاء والميم والواو - وأنه يدخل في الضبط المذكور في الزكاة فيجوز ضمانها عمن هي عليه وفى تجربة الرويانى ذكر وجه آخر أنه لا يجوز لانها حق الله تعالى فاشبه الكفالة بندب
الشاهد لاداء الشهادة وعلى الصحيح هل يعتبر الاذن عند الاداء قال فيه وجهان (أظهرهما) الاعتبار ويجوز ضمان المنافع الثابتة في الذمم كالاموال * قال (ويصح (و) كفالة البدن عن كل من وجب عليه الحضور بمجلس الحكم من زوجة أو عبد آبق أو من عليه عقوبة لآدمي على الاظهر لانه حق كالدين فلا يشترط كونه مالا * وكذلك ضمان عين المغصوب والمبيع * وكل ما يجب مؤنة تسليمه دون الوديعة والامانات * وتصح كفالة البدن ممن ادعى عليه وان لم تقم عليه البينة بالدين إذ الحضور مستحق عليه * ومعناها الزام احضاره وتصح الكفالة ببدن الميت إذ قد يستحق احضاره لاداء الشهادة على صورته) * الكلام في هذا المضع إلى آخر الركن في كفالة البدن وتسمى كفالة الوجه أيضا وأنما أوردها في هذا الموضع لاستغنائها عن المضمون فان الشئ المضمون قد يكون حقا على الشخص وقد يكون نفس الشخص ولفظ الكتاب في أول الباب عند ذكر الاركان في بعض النسخ وهى ستة وذلك على عد كفالة البدن ركنا برأسها وكذلك أورد في الوسيط ركن الصيغة هو الركن السادس وفى بعض النسخ وهى خمسة وركن الصيغة هو الركن الخامس وهذا أحسن * وفقه الفصل أن الشافعي رضى الله عنه نص في أكثر المواضع على أن كفالة البدن صحيحة وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد رحمهم الله وذكر في الدعوى والبينات أن كفالة البدن ضعيفة وللاصحاب طريقتان (أشهرهما) وبها قال

(10/372)


المزني وأبو إسحق أن فيها قولين (أصحهما) الصحة لاطباق الناس عليها في الاعصار ومساس الحاجة إليها (الثاني) المنع لانها ضمان ما لا يدخل تحت اليد ولا يقدر على تسليمه (والثانية) القطع بالصحة وحمل ما ذكره في الدعاوى على ضعفها من جهة القياس ويتفرع على القول بصحتها مسائل وتفريعات يشتمل الفصل منها على مسألتين (إحداهما) فيمن يتكفل ببدنه وتجوز الكفالة ببدن من عليه مال ولا يشترط العلم بمبلغ ذلك المال لان الكفالة بالبدن لا بالمال وفيه وجه أنه يشترط بناء على أنه لو مات غرم الكفيل ما عليه ويشترط أن يكون ذلك المال بحيث لو ضمنه لصح حتى لو تكفل انسان ببدن المكاتب للنجوم التى عليه لم يصح لانه لو ضمن النجوم لم يصح فالكفالة بالبدن للنجوم
أولى أن تصح ذكره العراقيون وغيرهم (أما) إذا كان عليه عقوبة فينظر ان كانت من حقوق الآدميين كالقصاص وحد القذف فقد نص في اللعان أنه لا يضمن رجل في حد ولا لعان وعن نقل المزني في الجامع الكبير أنه قال تجوز الكفالة بمن عليه حق أوحد واختلف الاصحاب فيه على طرق (أظهرها) ويحكي عن ابن سريج أنه على قولين (أحدهما) الجواز لانه حق لازم فاشبه المال ولان الحضور مستحق عليه فجاز التزام احضاره (والثانى) المنع لان العقوبات مبنية على الدفع فتقطع الذرائع المؤدية إلى توسعها وعن الشيخ أبى حامد بناء القولين على أنه إذا مات المكفول ببدنه هل يغرم الكفيل ما عليه من الدين (ان قلنا) نعم لم تصح الكفالة ههنا لانه لم يمكن مؤاخذته بما عليه (وان قلنا) لاصحت كما لو تكفل ببدن من عليه مال وقضية هذا البناء أن يكون قول التصحيح أظهر وهو اختيار القفال وصاحب الكتاب وادعى القاضى الرويانى أن المذهب المنع (والطريق الثاني) القطع بالجواز وحمل ما ذكره في اللعان على الكفالة بنفس الحد (والثالث) القطع بالمنع لانه لا تجوز الكفالة بما عليه فلا تجوز الكفالة ببدنه رواه القاضى الرويانى في اللعان وان كانت العقوبة من حدود الله تعالى فالمشهور أنه لا تصح الكفالة ببدنه لانها للتوثيق وحدود الله تعالى يسعى في دفعها ما أمكن وعن أبى الطيب بن سلمة وابن خيران طرد القولين فيه والخلاف في هذا الباب شبيه

(10/373)


بالخلاف في ثبوت العقوبات بالشهادة على الشهادة وكتاب القاضى إلى القاضى * هذا حكم من عليه مال أو عقوبة وضبط الامام والمصنف من يكفل ببدنه بما يدخل فيه هذان وغيرهما فقال حاصل كفالة البدن التزام احضار المكفول ببدنه وبكل من يلزمه حضوره مجلس الحكم عند الاستعداء أو يستحق احضاره تجوز الكفالة ببدنه ويخرج على هذا الضبط صور (منها) الكفالة ببدن امرأة يدعى رجل زوجيتها صحيحة لان الحضور مستحق عليها وكذلك الكفالة بها لمن ثبتت زوجيته وقال في التتمة الظاهر أن حكم هذه الكفالة حكم الكفالة ببدن من عليه القصاص لان المستحق عليها لا يقبل النيابة (ومنها) لو تكفل ببدن عبد آبق لمالكه عن ابن سريج أنه يصح ويلزمه السعي في رده ويجئ فيه مثل ما حكيناه في الزوجه (ومنها) الميت قد يستحق احضاره ليقيم الشهود الشهادة
على صورته إذا تحملوها كذلك ولم يعرفوا اسمه ونسبه وإذا كان كذلك فتصح الكفالة ببدنه ولو تكفل ببدن حى فمات فسيأتي ان شاء الله تعالى (ومنها) الصبي والمجنون قد يستحق احضارهما لاقامة الشهادة على صورتهما في الاتلافات وغيرها فتجوز الكفالة بها ثم ان كفل باذن وليهما فله مطالبة الولى باحضارهما عند الحاجة وان تكفل بغير اذنه فهو كالكفالة ببدن العاقل البالغ بغير اذنه (ومنها) قال الامام لو تكفل رجل ببغداد ببدن رجل بالبصرة فالكفالة باطلة لان من بالبصرة لا يلزمه الحضور ببغداد في الخصومات والكفيل فرع المكفول ببدنه فإذا لم يجب عليه الحضور لا يمكن إيجاب الاحضار على الكفيل واعلم أن الحق الذي تجوز بسببه الكفالة إن ثبت على المكفول ببدنه باقرار أو بينة فذاك وان لم يثبت لكنه ادعى عليه فلم ينكر وسكت صحت الكفالة أيضا وان أنكر فوجهان (أحدهما) أنها لا تصح لان الاصل أن لاحق عليه وقد تأيد ذلك بصريح انكاره والكفالة ببدن من لاحق عليه باطلة (وأصحهما) الجواز لان الحضور مستحق عليه فجاز التزام احضاره ومعظم الكفالات في الخصومات انما يتفق قبل ثبوت الحقوق وتجوز الكفالة ببدن الغائب والمحبوس وان تعذر تحصيل الغرض في الحال كما يجوز للمعسر

(10/374)


ضمان المال * وقال أبو حنيفة لا يجوز ويجب أن يكون المكفول ببدنه معينا فلو كفل ببدن أحد هذين لم يصح كما لو ضمن أحد الدينين (المسألة الثانية) في ضمان الاعيان - إذا ضمن عينا لمالكها وهى في يد غيره نظر ان كانت مضمونة عليه كالمغصوب والمستعار والمستام والامانات إذا خان فيها فله تصويران (أحدهما) أن يضمن رد أعيانها (والمشهور) تخرجه على قولى كفالة الابدان ومنهم من قطع بالجواز مع اثبات الخلاف في كفالة الابدان والفرق أن حضور الخصم ليس مقصودا في نفسه وانما هو ذريعة إلى تحصيل المال فالتزام المقصود أولى بالصحة من التزام لذريعة وان جوزنا وبه قيل أبو حنيفة وأحمد فردها برئ من الضمان وان تلفت وتعذر ردها فهل عليه قيمتها فيه وجهان كالوجهين في وجوب الغرم على الكفيل إذا مات المكفول ببدنه فان أوجبنا فيجب في المغصوب أقصي القيم أم قيمته يوم التلف لان الكفيل لم يكن متعديا حكى الامام فيه وجهين ولو ضمن تسليم المبيع وهو بعد بيد البائع
جرى الخلاف في الضمان ان صححناه وتلف انفسخ البيع فان لم يوف المشترى الثمن لم يطالب الضامن بشئ وان كان قد وفاه عاد الوجهان في أن الضامن هل يغرم فان غرمناه فيغرم الثمن أو أقل الامرين من الثمن وقيمة لمبيع فيه وجهان (أظهرهما) أولهما (والتصوير الثاني) أن يضمن قيمتها لو تلفت قال في التهذيب يبني ذلك علي أن المكفول ببدنه إذا مات هل يغرم الكفيل الدين (إن قلنا) نعم صح ضمان القيمة لو تلفت العين والالم يصح وهو الاصح وأيضا فان القيمة قبل تلف العين ليست بواجبة فيكون ضمان ما لم يجب وان لم تكن مضمونة العين على صاحب اليد كلوديعة ومال الشركة والمال في يد الوكيل والوصى لم يصح صمانها لانها غير العين مضمونة ولا مضمون الرد وانما الذى يجب على الامين مجرد التخلية ولو تكفل ببدن العبد الجاني جناية توجب المال فهو كما لو ضمن عينا من الاعيان (ومنهم) من جزم بالمنع والفرق أن العين المضمونة مستحقة ونفس العبد ليست بمستحقة وانما المقصود تحصيل الارش من بدله وبدله مجهول ولو باع ثوبا بشئ أو درهم معينة فضمن ضامن عهدة المبيع حتى إذا خرج مستحقا رد عليه الثمن وهو قائم في يد البائع فهذا من صور ضمان الاعيان وان تلف في يد البائع فضمن قيمته فهو كما لو كان الثمن في الذمة وضمن العهدة ولو رهن ثوبا من انسان ولم يقبضه فضمن رجل تسليمه لم يصح لان ضمانه ضمان ما ليس بلازم (أما) لفظ الكتاب فقد وقع في ترتيبه بعض

(10/375)


التغيير لا عن غفلة لكنه اكتفى بالشرح (وقوله) وتصح كفالة البدن معلم - بالواو - (وقوله) عن كل من وجب عليه حضور مجلس الحكم هو الضبط الذى ذكره الامام (وقوله) على الاظهر أي في من عليه عقوبة لآدمي ولم يقصد صرف الخلاف إلى الزوجة والعبد الآبق على ما هو واضح في الوسيط كما أسلفنا فيهما ما يقتضى الخلاف فيجوز اعلام الزوجة والعبد - بالواو - (وقوله) من عليه عقوبة لآدمي يصح اعلامه - بالالف - لان أحمد لا يجوز الكفالة ببدنه (وقوله) ولا يشترط كونه ما لا ليس مسألة أخرى بل هو تتمة وايضاح لما سبق (وقوله) وكذا ضمان عين المغصوب معلم - بالواو - * قال (ويخرج الكفيل عن العهدة بتسليمه في المكان الذى شرط أراده المستحق أو أباه الا أن يكون دونه يد جليلة مانعة فلا يكون تسليما * ويلزمه اتباعه في غيبته أن عرف مكانه * فان مات أو هرب أو اختفى فالصحيح انه لا يلزمه شئ * وقيل يلزمه الدين ان قامت به البينة (فان قلنا)
لا يلزمه شئ سوى الاحضار فلا تجوز الكفالة دون رضا المكفول ببدنه وتجوز الكفالة ببدن الكفيل كما يجوز ضمان الضامن * فإذا مات المكفول له انتقل الحق إلى ورثته على الاظهر * ومهما حضر بنفسه برئ الكفيل كما لو أدى الاصيل الدين) * في الفصل مسائل مفرعة على صحة الكفالة بعضها مصرح به وبعضها مشار إليه (الاولى) ان عين في الكفالة مكانا للتسليم تعين وان أطلق ففى التتمة أنه كما لو أطلق السلم ولم يعين مكان التسليم وقال الامام وغيره يحمل على مكان الكفالة ولا يجئ فيه ذلك الخلاف وسواء جاء الخلاف أم لا فالظاهر جوازه وحمله على ذلك المكان فلو أتى الكفيل باالمكفول به في غير المكان المستحق جاز قبوله وله أن يمتنع ان كان له فيه غرض بأن كان قد عين مجلس الحكم أو بقعة يجد فيها من يعينه على خصمه فسلمه الكفيل في مكان آخر وان لم يختلف الغرض فالظاهر أنه يلزمه قبوله فان امتنع رفعه إلى الحاكم ليستلم عنه فان لم يكن حاكم اشهد عليه شاهدين أنه سلمه إليه (الثانية) يخرج الكفيل عن العهدة

(10/376)


بتسليمه في المكان الذى وجب فيه التسليم طلبه المستحق أو لم يطلبه بل أباه بشرط أن لا يكون هناك حائل كيد سلطان أو متغلب وحبس الحاكم بالحق لا يمنع صحة التسليم لا مكان احضاره ومطالبته بالحق ولو حضر المقر له به وقال سلمت نفسي اليك عن جهة الكفيل برئ الكفيل كما يبرأ الضامن باداء الاصيل الدين ولو لم يسلم نفسه عن جهة الكفيل لم يبرأ الكفيل لانه لم يسلمه إليه ولا أحدا من جهته حتى قال القاضى الحسين لو ظفر به المكفول له في مجلس الحكم وادعى عليه لم يبرأ الكفيل وكذا لو سلمه اجنبي لا عن جهة الكفيل ولو سلمه عن جهة الكفيل فان كان باذنه فهو كما لو سلمه بنفسه وإن كان بغير إذنه فليس على المكفول له القبول لكن لو قبل برئ الكفيل ولو كفل برجل لرجلين فسلمه إلى أحدهما لم يبرأ عن حق الآخر كما لو ضمن لشخصين دينين فأدى دين أحدهما ولو كفل رجلان لرجل فجاء به احدهما وسلمه إلى المكفول له نقل صاحب التهذيب انهما ان كفلا على الترتيب وقع تسليمه عن المسلم دون صاحبه سواء قال سلمت عن صاحبي أو لم يقل وان كفلا معا فوجهان قال المزني يبرأ صاحبه كما يبرأ المسلم أما إذا أدى أحد الضامنين الدين يبرآن جميعا وقال ابن سريج والاكثرون لا يبرآ كما
لو كان بالدين رهنان فانفك أحدهما لا ينفك الآخر ويخالف أداء أحدهما الدين فأنه يوجب براءة الاصيل وإذا برئ الاصيل برئ كل ضامن وان كانت المسألة بحالها وكفل كل واحد من الكفيلين ببدن صاحبه ثم أحضر أحدهما المكفول به وسلمه فعلى ما ذكره المزني يبرا كل واحد منهما عن كفلة صاحبه وكفالة الذى كفلا به وعلى ما ذكره ابن سريج يبرأ المسلم عن كفالة صاحبه وكفالة الذى كفلا به ولما يخرج الكفيل عن العهدة بالتسليم يبرأ أيضا بأبراء المكفول له المكفول به ولو قال المكفول له لاحق لى قبل المكفول به أو عليه فوجهان عن ابن سريج (أحدهما) أنه يبرأ الاصيل والكفيل (والثانى) أنه يراجع فأن فسر بنفى الدين فذاك وان فسر بنفى الشركة والوديعة ونحوهما قبل قوله فأن كذباه حلف (الثالثة) إذا غاب المكفول ببدنه نظر ان غاب غيبة منقطعة والمراد منها أن لايعرف موضعه وينقطع خبره فلا يكلف الكفيل بأحضاره لعدم الامكان وإن عرف موضعه فأن كان دون

(10/377)


مسافة القصر فعليه إحضاره لكنه يمهل مدة الذهاب والاياب ليتبعه فأن مضت المدة ولم يحضره حبس حينئذ وان كان على مسافة القصر فوجهان (أظهرهما) أنه كما لو كان دون مسافة القصر وكما لو كان مال المديون غائبا إلي هذه المسافة يؤمر بأحضاره (الثاني) أنه لا يطلب به الحاقا لهذه الغيبة بالغيبة المنقطعة كما أنه لو غاب غيبة منقطعة * ولو كان غائبا حين كفل فالحكم في إحضاره كما لو غاب بعد الكفالة وما حكينا عن الامام في كفالة من بالبصرة جواب علي أنه لا يلزم الاحضار لان الكفالة حينئذ لا فائدة فيها فتبطل ولو مات المكفول به ففى انقطاع طلب الاحضار عن الكفيل وجهان (أصحهما) انه لا ينقطع بل عليه إحضاره ما لم يدفن إذا أراد المكفول له إقامة الشهادة على صورته كما لو تكفل ابتداء ببدن الميت (والثانى) ينقطع حملا للاحضار الملتزم على حال الحياة فأنه الذى يخطر بالبال غالبا وهل يطلب الكفيل بمال فيه وجهان (أصحهما) لا وبه قال أبو حنيفة لانه لم يلتزمه وهذا كما لو ضمن ضامن المسلم فيه فانقطع لا يطالب برد رأس المال (والثانى) وبه قال ابن سريج ويحكي عن مالك أنه يطالب لان الكفالة وثيقة فيستوفى الحق منها إذا تعذر تحصيله ممن عليه كالرهن وعلى هذا فالمطالبة بالدين أو بالاقل من الارش وقيمة العبد وإن هرب المكفول به إلى حيث لا يعلم أو
توارى فالخلاف في مطالبة الكفيل بالمال مرتب على حال الموت وأولى بأن لا يطالب إذا لم يحصل اليأس عن إحضاره ولو تكفل ببدن رجل وشرط عليه أنه إذا عجز عن تسليمه غرم الدين (فأن قلنا) إنه يغرم عند الاطلاق فلا بأس والا بطلت الكفالة (الرابعة) ظاهر المذهب أن الكفالة بغير رضا الكفول به لا تصح ومنهم من قال تصح والخلاف مبنى على أن الكفيل هل يغرم عند العجز (إن قلنا) لا لم تصح لانه إذا تكفل بغير إذنه لا يمكنه إحضاره إذ لا يلزم الاجابة فلا تفضى الكفالة إلى مقصودها وان قلنا نعم صحت ويغرم المال عند العجز فتظهر فائدة الكفالة وعن صاحب التقريب حكاية وجه أنها تصح (وان قلنا) إنه لا يغرم عند العجز وسنبينه إن شاء الله تعالى في التفريع وتصح الكفالة

(10/378)


من غير رضا المكفول له ويجرى فيه الوجه المذكور في اعتبار رضا المضمون له في ضمان المال قال الامام إذا تقرر ذلك فان كفل برضا المكفول به وأراد احضاره بطلب المكفول له نظر ان قال احضر خصمى فللكفيل مطالبته بالحضور وعليه الاجابة لا بسبب الكفالة ولكن لانه قد وكله باحضاره وان لم يقل ذلك ولكن قال اخرج عن حقى فهل له مطالبته المكفول به فيه وجهان عن ابن سريج (أحدهما) لا كما لو ضمن بغير اذنه مالا وطلب المضمون له الضامن فانه لا يطالب الاصيل وذكر علي هذا أنه يحبس واستبعده الائمة لانه حبس على مالا يقدر عليه (والثانى) نعم لان المطالبة بالخروج عن العهدة تضمن التوكيل والاحضار ومن هذا خرج الذى حكاه صاحب التقريب فانه إذا طالب الكفيل المكفول بالحضور فتظهر الفائدة (الخامسة) لو تكفل ببدن الكفيل كفيل جاز لانه تكفل ببدن من عليه حق لازم وكذا لو تكفل بذلك الكفيل الكفيل آخر ولا حصر كما في ضمان المال ثم مهما برئ الكفيل الاول برئ كل من بعده ولو برئ الآخر لم يبرأ من قبله ولو برئ بعض الكفلاء المتوسطين برئ من بعده دون من قبله (السادسة) في موت المكفول له ثلاثة أوجه عن ابن سريج (أظهرها) ابقاء الكفالة وقيام ورثته مقامه كما لو ضمن له المال (والثانى) أنها تنقطع لانها ضعيفة فلا نحكم بثبوتها (والثالث) ان كان له وصى أو عليه دين بقيت الكفالة لان الوصي نائبه وتمس حاجته إلى قضاء الدين وان لم يكن وصى ولا دين انقطعت (وقوله) في الكتاب ويلزمه اتباعه في عينه يجوز
إعلامه - بالواو - لاحد الوجهين المذكورين فيما إذا كانت الغيبة إلى مسافة القصر (وقوله) لا يلزمنى شئ يجوز إعلامه - بالميم - وكذا اعلام قوله يلزمه الدين - بالحاء - (وقوله) فان قلنا لا يلزمه شئ سوى الاحضار فلا يجوز - بالواو - للوجه الذى حكاه صاحب التقريب أنها جائرة دون رضاه (وان قلنا) لا يجب على على الكفيل شئ سوى الاحضار (وقوله) ومهما حضر بنفسه برئ الكفيل يحتاج إلى تقييد معني حضر وسلم نفسه عن جهة الكفيل *

(10/379)


قال (الركن الخامس الصيغة وهى قوله ضمنت وتكفلت وتحملت * وما ينبئ عن اللزوم * ولو قال أؤدى أو أحضر لم يكن ضامنا ولو شرط الخيار في الضمان فسد * ولو علقه بمجئ الشهر فسد * (ح) * ولو علق الكفالة بالبدن بمجئ الشهر أو بوقت الحصاد ففيه خلاف لانه بني علي المصلحة ولايجوز تعليق الابراء كما لا يجوز تعليق ضمان المال * ولو نجز كفالة البدن وشرط التأخير في الاحضار شهرا جاز للحاجه * ولو شرط الاجل في ضمان المال الحال ففيه خلاف * ولو ضمن المؤجل حالا ففى فساد الشرط وجهان * فان فسد ففى فساد الضمان وجهان * ولو تكفل بعضو من بدنه صح في الكل على وجه * وفسد على وجه * وصح ان كان العضو لا يبقى البدن دونه على وجه والا فلا) * المقصود الكلام في صيغة الضمان وما يفترن بها من الشروط والتعليقات وفيه مسائل نضرب فيها كل واحد من ضمان المال وكفالة البدن بسهم (الاولى) لابد من صيغة دالة على التزام كقوله ضمنت لك ما على فلان وأنا بهذا المال أو باحضار هذا الشخص كفيل أو ضامن أو زعيم أو حميل أو قبيل وفى البيان وجه في لفظ القبيل أنه ليس بصريح ويطرد في الحميل وما ليس بمشهور ولو قال حل عن فلان والدين الذى لك عندي فهذا ليس بصريح في الضمان خلافا لابي حنيفة فيما رواه صاحب البيان وذكر وجهين فيما إذا قال دين فلان إلى ولو قال أؤدى المال أو أحضر الشخص فهذا بالتزام وانما هو وعد ولو كان قد تكفل ببدن انسان فابرأه المكفول له ثم وجده ملازما للخصم فقال خله وأنا على ما كنت عليه من الكفالة حكم ابن سريج بكونه كفيلا لانه اما مبتدئ بالكفالة بهذا اللفظ أو مخبر عن كفالة واقعة بعد البراءة (الثانية) لو شرط الضامن الخيار لنفسه لم يصح لانه ينافى مقصود الضمان ولا حاجة إليه فان الضامن على يقين
من الغرم ولو شرط الخيار للمضمون له لم يضر لان الخيرة في لابراء والمطالبة إليه أبدا وكذا الحكم في الكفالة وعن أبي حنيفة أن شرط الخيار لا يبطلها لكنه يلغو ولو علق الضمان بوقت أو غيره فقال إذا جاء رأس الشهر فقد ضمنت أو ان لم يؤد ما لك غدا فانا ضامن لم يصح لانه عقد من العقود فلا يقبل التعليق كالبيع ونحوه وهذا كما أنه لا يقبل التأقيت بان يقول أنا ضامن إلى شهر فإذا مضى ولم أغرم فانا برئ وعن ابن سريج أنه إذا جاز على القديم ضمان المجهول وما لم يجب جاز التعليق لان

(10/380)


من ضرورة الضمان قبل الوجوب تعليق المقصود بالوجوب وبه قال أبو حنيفة فيما رواه صاحب البيان قال الامام ويجئ في تعليق الابراء القولان بطريق الاولى فان الابراء اسقاط قال وكان لا يمتنع من جهة القياس المسامحة به في الجديد أيضا لان سبب امتناع التعليق في العقود المشتملة على الايجاب والقبول خروج الخطاب والجواب بسببه عن النظم اللائق بهما فإذا لم يشترط فيه القبول كان بمثابة الطلاق والعناق فإذا فرعنا على القديم فلو قال إذا بعت عبدك بالف فانا ضامن للثمن فباعه بالفين فعن أبى يوسف أنه يصير ضامنا لالف لان مقصود الضامن أن الزيادة على الالف غير ملزمة ولا غرض له في قدر الثمن وجعله صاحب التقريب وجها لنا قال ابن سريج لا يكون ضامنا لشئ لان الشرط وهو البيع بالف لم يتحقق ولو باعه بخمسمائة ففى كونه ضامنا لها الوجهان ولو قال إذا أقرضته عشرة فانا ضامن لك فأقرضه خمسة عشر فهو ضامن لعشرة على الوجهين لان من أقرض خمسة عشر فقد أقرض عشرة والبيع بخمسة عشر ليس بيعا بعشرة وان اقرضه خمسة فعن ابن سريج تسليم كونه ضامنا لها قال الامام وهو خلاف قياسه لان الشرط لم يتحقق ولو علق كفالة البدن لمجئ الشهر فان جوزنا تعليق ضمان المال فهذا أولى وان منعنا منه ففيه وجهان كالخلاف في تعليق الوكالة والفرق أن الكفالة مبنية على المصلحة والحاجة فتتبع فيها الحاجة وان علقها بحصاد الزرع فالوجهان بالترتيب وأولى بالمنع لانضمام الجهالة لوقت حصوله إلى التعليق فان علقها بقدوم زيد فالوجهان بالترتيب واولى بالمنع للجهل باصل حصول القدوم والحصاد يحصد تقدم أو فأخر فان جوزنا فإذا وجد الشرط المعلق عليه صار كفيلا وهذه الصورة وترتيبها عزاها الامام إلى ابن سريج ولو أقت كفالة البدن فقال أنا كفيل به إلى شهر
فإذا مضى برأت فيه وجهان وفى التهذيب قولان (أظهرهما) المنع كما في ضمان المال ولو نجز الكفالة وشرط التأخير في الاحضار شهرا جاز للحاجة وكذا في الوكالة وتوقف الامام فيه من جهة أن المعتد في الباب الحضور والحضور ناجز إذ المدعى مهما أراد أحضره فكان شرط التأخير فيه كشرط التأجيل في ضمان المال الحال وسنذكره على الاثر إن شاء الله تعالى وسياق المصنف ما رأه وجها في الوسيط فاعلم بذلك قوله ههنا

(10/381)


جاز للحاجة - بالواو - وإذا قلنا بظاهر المذهب فلو أحضره قبل مضى المدة وسلمه وامتنع المكفول له من قبوله فينظر هل له غرض من الامتناع مثل أن تكون بينته غائبة أو دينه مؤجلا ام لا وحكم القسمين على ما ذكرنا فيما إذا سلمه في غير المكان المعين ولو شرط لاحضاره أجلا مجهولا كالحصاد ففى صحة الكفالة وجهان نقلهما العراقيون (أصحهما) المنع (وبالثانى) قال ابو حنيفة (الثالثة) لو ضمن الدين الحال حالا أو أطلق لزمه الدين حالا وان ضمن الدين المؤجل مؤجلا بذلك الاجل أو أطلق لزمه كذلك فأن ضمن الحال مؤجل إلى أجل معلوم فوجهان (أحدهما) أنه لا يصح الضمان لكون الملتزم مخالفا لما على الاصيل (وأصحهما) الصحة لان الضمان تبرع فيحتمل فيه اختلاف الدينين في الكيفية للحاجة وعلى هذا فالذي يوجد لعامة الاصحاب انه يثبت الاجل ولا يطالب الا كما الزم ولا يقول التحق الاجل بالدين الحال وإنما يثبت عليه مؤجل ابتداء ولا يبعد الحلول في حق الاصل دون الكفيل كما لو مات الاصيل وعليه الدين المؤجل وادعى الامام اجماع الاصحاب على ان الاجل لا يثبت وان في فساد الضمان لفساده وجهان (أظهرهما) الفساد ولو كان الدين مؤجل إلى شهرين فهو كما لو ضمن مؤجلا إلى ولو ضمن المؤجل حالا والتزم التبرع بالعتجيل مضوما إلى التبرع باصل الضمان فوجهان كما في عكسه والاصح الصحة وعلى هذا فهل عليه الوفاء بشرط التعجيل فيه وجهان (أحدهما) نعم كأصل الضمان (وأشبههما) لا كما لو التزم الاصيل التعجيل وأيضا فأن الضامن فرع الاصيل فينبغي أن يكون بالذمة مضاهيا لما على الاصيل وعلى هذا فالاجل يثبت في حقه مقصودا أم تبعا لقضاء حق المشابهة نقل في النهاية فيه وجهين وتظهر فائدتهما فيما لو مات الاصيل والحالة هذه وعكس صاحب التقريب فقال في صحه شرط العجيل وجهان فأن فسد ففى إفساد الضمان وجهان
وهو قريب وله نظائر في الشرط الفاسد * ولو ضمن المؤجل إلى شهرين فهو كما لو ضمن المؤجل حالا (وقوله)

(10/382)


في الكتاب وشرط الاجل في ضمان المال الحال فيه خلاف أي في إفساده الضمان هذا إذا راعينا طريقة الاكثرين وحكي في الوسيط وجهين في ثبوت الاجل ووجهين في فساد الضمان به إذا لم يثبت الاجل كما حكاهما الامام فيمكن على طريقته أن يريد بقوله فيه خلاف أي في ثبوته (الرابعة) لو تكفل ببدن فلان أو نفسه أو جسمه صح وكذا لو قال بروحه ذكره في التهذيب ولو تكفل بعضو من أعضائه ففيه ثلاثة أوجه (أحدها) وبه قال الشيخ أبو حامد والقاضى أبو الطيب واختاره ابن الصباغ أنه باطل كما لو أضاف البيع والاجارة إلى بعض الاعضاء ويخالف الطلاق والعتاق لانهما مبنيان على الغلبة والسراية (والثانى) أنه يصح لانه لا يمكن تسليمه بحال إلا بتسليم الكل ويجوز أن يحتمل فيه مالا يحتمل في البيع ونحوه للحاجة (وثالثها) ان كان عضوا لا يبقى البدن دونه كالرأس والقلب والكبد والدماغ صح وان كان مما يبقى البدن دونه كاليد والرجل لم يصح قال في التهذيب وهذا أصح (رابعها) انما يعبر به عن جميع البدن كالرأس والرقبة إذا تكفل به صح وما لا يعبر به عن الجميع كاليد والرجل إذا أضاف به لم يصح أورده القفال في شرح التلخيص وقال انه الاصح وفى قوله لا يعبر باليد عن الجملة في أحد الوجهين كما سيأتي في موضعه والوجه بمثابة سائر الاعضاء فيما أورده المعظم وفى النهاية تصح الاضافة إليه جزما لشهرة هذا العقد بكفالة الوجة والجزء الشائع كالنصف والثلث كالجزء الذى لا يبقي البدن دونه فيجئ فيه وجهان والله أعلم * ونختم الباب بفروع هي منهانته ونراعى الاختصار * ضمن عن رجل الفا وشرط للمضمون له أن يدفع إليه كل شهر درهما ولا يحسبه من مال الضمان فالشرط باطل وفى بطلان الضمان وجهان ذكرهما القاضى ابن كج ولو كفل دينا

(10/383)


أو كفل ببدن انسان ثم ادعى أنه كفل ولا حق على المضمون عنه أو المكفول به فالقول قول المكفول له لان الضمان والكفالة لا تكون الا بعد ثبوت الحق وهل يحلف أم يقبل قوله من غير يمين فيه وجهان عن ابن سريج (فان قلنا) بالاول فنكل حلف الكفيل وسقطت المطالبة عنه ولو أقر أنه
ضمن أو كفل وأنكر المضمون له الشرط بنى ذلك على تبعيض الاقرار (ان قلنا) لا يتبعض فالقول قول الضامن مع يمينه (وان قلنا) يتبعض فالقول قول المضمون له ولو ادعى الكفيل أن المكفول به برئ من الحق وارتفعت الكفالة وأنكره المكفول له فالقول قول المكفول له مع يمينه فان نكل وحلف الكفيل برئ وان لم يبرأ بيمينه المكفول به ولو قال تكفلت ببدن زيد فان جئتك به وإلا فانا كفيل ببدن عمرو لم يجز (أما) كفالة زيد فلانه لم يلتزمها وكأنه قال كفلت ببدن هذا أو ذاك (أما) كفالة عمرو فبناء على أنها معلقة ولو قال قائل للمكفول له ابرئ الكفيل وأنا كفيل بمن تكفل به فعن ابن سريج أنه يصح لانه نقل الضمان إلى نفسه كما لو أحال الضامن المضمون له على غيره وقال الاكثرون لا يصح لانه تكفل بشرط ابراء الكفيل وأنه فاسد والكفالة ببدن الاجير المعين صحيحة ومن غرم الكفيل عند العجز عن التسليم لم يصححها لانه إذا مات انفسخ العقد وسقط لحق قاله في التتمة والله أعلم (الباب الثاني في حكم الضمان الصحيح) قال (وله أحكام (الاول) يجوز (م) مطالبة الضامن من غير انقطاع الطلبة عن المضمون عنه * ومهما أبرئ الكفيل * وان أبرئ الكفيل لم يبرأ الاصيل * ولو كان الدين مؤجلا فمات الاصيل لم يطالب الكفيل لانه حي) *

(10/384)


مقصود الباب بيان ما يترتب على الضمان الصحيح من الآثار والاحكام (فمنها) أنه يتجدد للمضمون له جواز مطالبة الضامن ولا تنقطع مطالبته عن المضمون عنه بل يختر في مطالبتهما ومطالبة واحد منهما لان غرض العقد التوثيق وعن مالك رضى الله عنه أنه لا يطالب الضامن الا إذا عجز عن تحصيله من الاصيل لغيبة أو اعسار هذا إذا أطلق الضامن (أما) إذا ضمن بشرط براءة الاصيل ففى صحته وجهان عن ابن سريج (أشبههما) المنع لانه قرن به شرطا يخالف مقتضى الضامن (والثاني) يصح كما روى أنه لما ضمن أبو قتادة رضى الله عنه الدينارين عن الميت قال النبي صلى الله عليه وسلم (هما عليك حق الغريم وبرئ الميت فقال نعم فصلى عليه) (فان قلنا) بالصحة ففى صحة الشرط وجهان يشتمل
الخلاف في براءة المحيل إذا أحال على من لا دين عليه وصححنا هذه الحوالة وقد مر ذلك وقد يعكس الترتيب فيقال في صحة الشرط إن فسد ففى فساد الضمان وجهان وإذا صححنا العقد والشرط برئ الاصيل وكان للضامن الرجوع عليه في الحال ان ضمن باذنه لانه حصل براءة ذمته كما لو أدي ومهما أبرأ مستحق الدين الاصيل برئ الضامن لسقوط الحق كما لو أدى الاصيل الدين أو أحال الاصيل مستحق الدين علي انسان أو أحال المستحق غريمه عليه وكذلك يبرأ ببراءة ضامن الضامن ولو أبرأ الضامن لم يبرأ الاصيل لان ابراءه اسقاط للوثيقة وذلك لا يقتضى سقوط أصل الدين كفك الرهن ويبرأ الضامن من الضمان بابراء المضمون له ولا يبرأ الضامن بابراء ضامن الضامن كما ذكرنا في الضامن والاصيل * ولو ضمن دينا مؤجلا فمات الاصيل وحل عليه الدين لم يحل على الضامن لانه حى يرتفق بالاجل وخرج ابن القطان أنه يحل على الضامن أيضا لانه فرع الاصيل وعلى المذهب لو أخر

(10/385)


المستحق المطالبة كان اللضامن أن يطالبه بأخذ حقه من تركة الاصيل في الحال أو ابراء ذمته لانه قد تهلك التركة فلا يجد مرجعا إذا غرم وعن رواية الشيخ أبى على وجه أنه ليس للضامن هذه المطالبة ولو مات الضامن حل عليه الدين فان أخذ المستحق المال من تركته لم يكن لورثته الرجوع على المضمون عنه قبل حلول الاجل ونقل القاضى ابن كج وجها آخر أنه لا يحل على الضامن كما لا يحل على الاصيل * قال (الثاني أن للضامن اجبار الاصيل على تخليصه ان طولب * وفى مطالبته بالتخليص قبل أن يطالب خلاف * وكذا في قدرته على المطالبة بتسليم المال إليه حتى يؤديه بنفسه فيخرج عن العهدة) * أصل مسائل الفصل وجهان خرجهما ابن سريج في أن مجرد الضمان هل يثبت حقا للضامن على الاصيل ويوجب علقة بينهما أم لا ففي وجه يوجب لانه اشتغلت ذمته بالحق كما ضمن فليثبت له عوضه على الاصيل وفيه وجه لا لانه لا يفوت عليه قبل الغرم شئ فلا يثبت له شئ إلا بالغرم * إذا عرفت ذلك فلو طالب المضمون له الضامن باداء المال كان له إن يطالب الاصيل بتحصيله ان
ضمن بالاذن كما أنه يغرمه إذا غرم وعن القفال وجه أنه لا يملك مطالبته والمشهور الاول * وهل يطالبه بالتخليص قبل أن يطالب فيه وجهان (أحدهما) نعم كما لو استعار عبد الغير للرهن ورهنه كان للمالك المطالبة بالفك (وأصحهما) لا لانه لم يغرم شيئا ولا توجهت عليه طلبة ويخالف الرهن فانه محبوس بالدين وفيه ضرر ظاهر ومعني التخليص أن يؤدى دين المضمون له ليبرأ ببراءته الضامن وفى

(10/386)


تمكن الضامن من تغريم الاصيل قبل أن يغرم حيث ثبت له الرجوع وجهان ذكرهما الشيخ أبو محمد والامام بناء على الاصل المذكور إن أثبتنا له حقا على الاصيل بمجرد الضمان فله أخذه والا فلا (وقوله) في الكتاب وكذا في قدرته على المطالبة بتسليم المال إليه حتى يؤديه بنفسه فيخرج عن العهدة محمول على هذه الصورة وأنه يستظهر بالمأخوذ ويؤدى الدين إما منه أو من غيره فيخرج عن العهدة وظاهر اللفظ يشعر بأخذه منه ليباشر أداءه نيابة عنه ويستفيد بعين البراءة لكن الحمل عليه بعيد لبعد الخلاف في الاخبار على الانابة وأيضا فانه ليس له ذكر في كتب الائمة ولكن الوجهان في تمكينه من التغريم مفرعا على أن ما يأخذه عوضا عما يقضى به دين الاصيل هل يملكه فيه وجهان بناء على الاصل السابق فان دفعه الاصيل ابتداء من غير اجبار ومطالبة (فان قلنا) يملكه فله التصرف فيه كالفقير إذا أخذ الزكاة المعجلة لكن لا يستقر ملكه عليه الا بالغرم حتى لو أبرأه المستحق كان عليه رد ما أخذه كرد الزكاة المعجلة إذا هلك المال قبل الحول (فان قلنا) لا يملكه فعليه رده ولو هلك عنده ضمن كالمقبوض بالشرط الفاسد ولو دفعه إليه وقال اقصد به ما ضمنت عنى فهو وكيل الاصيل والمال أمانة في يده ويخرح على ذلك الاصل صور أخرى (منها) أن الضامن هل يحبس الاصيل إذا حبس المضمون له الضامن ان أثبتنا العلقة بين الضامن والاصيل يجوز للضامن حبسه وبه قال أبو حنيفة وإلا فلا وهو الاصح (ومنها) لو أبرأ الضامن الاصيل عما سيغرم

(10/387)


ان أثبتنا العلقة في الحال صح الابراء والاخراج على الابراء عما لم يجب ووجد سسب وجوبه (ومنها) لو صالح الضامن الاصيل عن العشرة التى سيغرمها على خمسة ان اثبتناها في الحال صح الصلح وكأنه
اخذ عوض بعض الحق وأبرأ عن الباقي والالم يصح (ومنها) لو ضمن ضامن عن الاصيل للضامن شيئا مما ضمن والاصح في الكل المنع ولو شرط في ابتداء الضمان أن يعطيه الاصيل ضامنا ففى صحة الشرط الوجهان ان صح فان وفى الاصيل وأعطاه ضامنا فذاك والا فلا فسخ للضمان وان فسد فسد به الضمان على أصح الوجهين * قال (الثالث الرجوع ومن أدى دين غيره بغير اذنه لم يرجع * وان أدى بشرط الرجوع واذنه رجع * وان أدى بالاذن دون شرط الرجوع فوجهان * والضامن يرجع ان ضمن وأدى بالاذن * وان استقل بهما لم يرجع * وان ضمن دون الاذن وأدى بالاذن فالصحيح أنه لا يرجع وان ضمن بالاذن وأدى بغير الاذن عن مطالبة فيرجع (و) وان ابتدأ فوجهان) * الغرض الآن بيان الموضع الذى يستحق الضامن الرجوع على الاصيل بالمغروم والذى لا يستحق وقدم عليه الكلام في أن من أدى دين الغير من غير ضمان متى يرجع وتفصيله أنه ان أداه بغير إذن المديون لم يكن له الرجوع لانه متبرع بما فعل ويخالف مالو أوجر طعامه للمضطر حيث يرجع عليه وان لم يأذن المضطر لانه ليس متبرعا بل يجب عليه اطعام المضطر استبقاء لمهجته ويخالف الهبة فان في اقتضائها الثواب خلاف يذكر في موضعه لان الهبة متعلقة باختيار المتهب ولا اختيار للمديون ههنا وعن مالك يثبت له الرجوع الا إذا أدى العدو دين العدو فانه يتخذه ذريعة إلى ايذائة بالمطالبة

(10/388)


وأن أداه باذن المديون فان جرى بينهما شرط الرجوع والا فوجهان (أحدهما) لا رجوع لانه لم يوجد منه الا الاذن في الاداء وليس من ضرورة الاداء الرجوع (وأصحهما) الرجوع بناء على المعتاد في مثله من المعاملات وأفاد الشيخ أبو محمد ههنا كلامين (أحدهما) تقريب هذا الخلاف من الخلاف في ان الهبة المطلقة هل تقتضي الثواب وترتيبه عليه والحكم بالرجوع أولى من الحكم بالثواب ثم لان الهبة مصرحة بالتبرع والاداء خلافه ولان الواهب مبتدئ بالتبرع والاداء ههنا مستوف بالاستدعاء الذى هو كالقرينة المشعرة بالرجوع (والثانى) أن في الهبة فارقا بين أن يكون الواهب ممن يطمع مثله في ثواب مثل المتهب أولا يكون فيخرج وجه ثالث مثله ههنا (وأما) الضامن فله أربعة أحوال
(أولها) أن يضمن باذن الاصيل ويؤدى باذنه فيرجع عليه لانه صرف مال إلى منفعة الغير بأمره فاشبه مااذا قال اعلف دابتي فاعلفها وعن ابى حنيفة أنه يرجع إذا قال اضمن عني وادعنى (أما) إذا لم يقل عنى فلا يرجع الا إذا كان بينهما مخلطة شركة أو زوجية أو نحوهما ولافرق في ثبوت الرجوع بين أن يشترط الرجوع أولا يشترط قال الامام ويحتمل في القياس أن ينزل الاذن في الضمان والاداء منزلة الاذن في الاداء من غير ضمان حتى يقول ان شرط الرجوع ثبت والا فعلى الخلاف وفى كلام صاحب التقريب رمز إليه (وثانيها) أن يضمن ويؤدى بغير اذنه فلا رجوع له على الاصيل خلافا لمالك وأحمد * واحتج الاصحاب بحديث علي وأبى قتادة (بان النبي صل الله عليه وسلم صلى على الميت بعد ضمانهما ولو كان لهما الرجوع لما صلى لبقاء الدين) وأيضا فانه عليه السلام قال (الآن بردت جلدته عن النار) ولو بقى الدين لما حصل التبريد (وثالثها) أن يضمن بغير اذنه ويؤدى بأذنه ففي وجه يرجع لانه اسقاط الدين عن الاصيل باذنه (والاصح) المنع لان اللزوم بالضمان ولم ياذن فيه ورتب الوجهين في النهاية

(10/389)


على الوجهين فيما إذا أدي دين الغير باذنه من غير ضمان ومن غير شرط الرجوع وقال هذه الصورة أولى بان يمتنع الرجوع لان الاذن في الاداء بعد اللزوم بالضمان في حكم اللغو وأبدي احتمالين فيما إذا أذن في الاداء بشرط الرجوع والحالة هذه (أحدهما) يرجع كما لو أذن في الاداء بهذا الشرط من غير ضمان ووجه الثاني أن الاداء استحق الضمان والمستحق بلا عوض لا يجوز أن يقابل بعوض كسائر الحقوق (والرابعة) أن يضمن بالاذن ويؤدى بغير الاذن ففيه وجهان عن ابن سريج ووجه ثالث عن أبى اسحق (أحد) وجهى ابن سريج وهو الاصح المنصوص أنه يرجع لان لاصل في الباب الالتزام وقد صادفه الاذن فيلتقي به (والثانى) لا يرجع لان الغرم حصل بغير اذن الاصيل وانما لم يقصد الا التوثيق بالضمان (والثالث) وهو الذى ذكره ابو اسحق أنه ان أدى من غير مطالبة أو عن مطالبة ولكن أمكنه مراجعة الاصيل واستئذانه فلم يفعل لم يثبت له الرجوع لانه لم يكن مضطرا الى الاداء وان لم يمكن مراجعته لكونه غائبا أو محبوسا فله الرجوع (وأما) ما ذكره في الكتاب أنه ان كان الاداء عن مطالبة فيرجع فان ابتدأ فوجهان فان فقهه ما ذكرناه في الوجه الثالث
الا أنه رأى الرجوع فيما إذا كان الاداء عن مطالبة كا لظاهر المقطوع به وتخصيص ذكر الخلاف بما إذا ابتدأ بالاداء وعلم أن العرف غير منوط بمجرد كونه مطالبا أو مبتدئا بل المطالب الذى يحضر في المراجعة كالمبتدئ على ما سبق فليضم في قوله عن مطالبة العبد المحتاج إليه * (فرع) حوالة الضامن رب الدين علي انسان وقبوله حوالة رب الدين عليه ومصالحتهما عن الدين على عوض وصيرورة الدين ميراث للضامن كالاداء في ثبوت الرجوع وعدمه *

(10/390)


قال (ولو صالح المأدون في الاداء بشرط الرجوع على غير جنس الدين رجع على الاصح * ولو صالح الضامن عن الف بعبد يساوى تسعمائة يرجع بتسعمائة على وجه وعلى وجه بالالف لان المسامحة جرت معه ولو سومح الضامن بخط قدر من الدين أو صفته لم يرجع الا بما بذل) * قد بان في الفصل السابق موضع أصل الرجوع والنظر بعده فيما يرجع به فان كان ما دفعه إلى رب الدين من جنس الدين وعلى صفته رجع به وان اختلف الجنس فالكلام في المأذون في الاداء من غير ضمان ثم في الضمان (أما) الاول فالمأذون بشرط الرجوع أو دونه إذا أثبتنا له الرجوع لو صالح رب المال على غير جنسه فهل له الرجوع أو لا فيه ثلاثة أوجه (أصحها) نعم لان مقصوده أن يبرئ ذمته وقد فعل (وثانيها) لا لانه انما أذن في الاداء دون المصالحة (وثالثها) الفرق بين أن يقول أد ما على من الدناينر مثلا فال يرجع وبين أن يقتصر على قوله أد دينى أو ما على فيرجع (فان قلنا) بالرجوع فيما يرجع حكمه ما يذكر في الضمان (أما) الضامن فلو صالح على غير الجنس يرجع بلا خلاف لان بالضمان ثبت الحق في ذمته ثبوته في ذمة الاصيل والمصالحة معاملة مبنية عليه بخلاف المأذون من غير ضمان ثم ينظر ان كانت قيمة المصالح عليه أكثر من قدر الدين لم يرجع بالزيادة لانه متطوع بها وان لم تكن أكثر كما لو صالح من ألف على عبد يساوى تسعمائة فوجهان وقيل قولان (أصحهما) أنه لا يرجع الا بتسعمائة لانه لم يغرم سواها (والثانى) يرجع بالالف لانه قد حصل براءة الذمة بما فعل

(10/391)


ومسامحة رب الدين جرت معه ولو أنه باع العبد بالف وتقاصا فالرجوع بلا خلاف لانه ثبت
في ذمته الف ذكره في التهذيب ولو قال للمضمون له بعت منك هذا العبد بما ضمنته لك عن فلان ففى صحة البيع وجهان حكاهما الاستاذ أبو منصور البغدادي فان صححنا فيرجع بما ضمنه أم بالاقل مما ضمنه ومن قيمة العبد قال فيه وجهان (وأما) الصفة فان كان المؤدى خيرا كما لو أدى الصحاح عن المكسرة لم يرجع بالصحاح وان كان بالعكس ففيه الخلاف المذكور في خلاف الجنس عن الشيخ أبى محمد القطع بانه يرجع بما أدى وهذا ما يقتضيه نظم الكتاب والفرق أن غير الجنس يقع عوضا والمكسرة لا تقع عوضا عن الصحاح فلا يبقى الا عارية حق الايفاء والاستيفاء قاله الامام ويتعلق بالرجوع مسائل أخر نوردها موجزين (منها) لو ضمن عشرة وادى خمسة وأبرأه رب الدين عن الباقي لم يرجع الا بالخمسة المغرومة وتبقى الخمسة الاخرى علي الاصيل لما مر أن ابراء الضامن لا يوجب براءة الاصيل ولو صالحه من العشرة على الخمسة فلا يرجع الا بالخمسة أيضا لكن يبرأ الضامن والاصيل عن الباقي وان كان صلح الحطيطة أبرأ في الحقيقة لان لفظ الصلح يشعر بقناعة المستحق

(10/392)


بالقليل عن الكثير بخلاف ما إذا صرح بلفظ الابراء هكذا أورده الشيخان الفراء والمتولي ولو قال قائل لفظ الصلح يتضمن القناعة بالقليل ممن يجرى الصلح معه أم على الاطلاق (والثانى) ممنوع لم يتضح الجواب (ومنها) ضمن ذمى لذمى دينا عن مسلم ثم تصالحا على خمر فهل يبرأ المسلم لان المصالحة بين الذميين أولا يبرأ كما لو دفع الخمر بنفسه فيه وجهان (ان قلنا) بالاول ففى رجوع الضامن على المسلم وجهان ان اعتبرنا بما أدى لم يرجع بشئ وان اعتبرنا بما أسقط رجع بالدين (ومنها) ضمن عن الضامن وأدى الثاني فرجوعه على الاول كرجوع الضامن على الاصيل فيراعى الاذن وعدمه وإذا لم يكن له الرجوع على الاول لم يثبت بادائه الرجوع للاول علي الاصيل لانه لم يغرم ولو ثبت له الرجوع على الاول فرجع رجع الاول على الاصيل إذا وجد شرطه فلو أراد الثاني أن يرجع على الاصيل ويترك الاول نظر ان كان الاصيل قد قال له اضمن عن ضامني ففى رجوعه عليه وجهان كما لو قال لانسان أد ديني فادى وليس هذا كما لو قال لانسان أد ديني فادى وليس هذا كما لو قال لانسان اقض دين فلان ففعل حيث لا يرجع على الآمر لان الحق لم يتعلق بذمته وان لم يقل له اضمن عن ضامني فان
كان الحال بحيث لا يقتضى الرجوع للاول على الاصيل لم يرجع الثاني عليه وان كان يقتضيه فكذلك في أصح الوجهين لانه لم يضمن عن الاصيل ولو أن الثاني ضمن عن الاصيل أيضا فلا رجوع لاحد الضامنين على الآخر وانما الرجوع للمؤدى على الاصيل ولو ضمن عن الاول والاصيل جميعا فإذا أدى كان له أن يرجع على أيهما شاء وان رجع بالبعض على هذا وبالبعض على ذاك تم للاول الرجوع

(10/393)


على الاصيل بما غرم إذا وجد شرطه (ومنها) على زيد عشرة ضمنها اثنان كل واحد منهما خمسة وضمن احدهما عن الآخر فلرب الدين مطالبة كل واحد منهما بالعشرة نصفها على الاصيل ونصفها على الضامن الآخر فان أدى أحدهما جميع العشرة رجع بالنصف على الاصيل وبالنصف على صاحبه وهل له الرجوع بالكل على الاصل إذا كان لصاحبه الرجوع عليه لو غرم فيه الوجهان وان لم يؤد الا خمسة فينظر ان أداها عن الاصيل أو عن صاحبه أو عنهما يثبت الرجوع بخمسة (ومنها) ضمن الثمن فهلك المبيع قبل القبض أو وجد به عيبا فرده أو ضمن الصداق فارتدت المرأة قبل الدخول أو فسخت بعيب نظر ان كان ذلك قبل أن يؤدى الضامن برئ الضامن والاصيل وان كان بعده فان كان بحيث يثبت له الرجوع رجع بالمغروم على الاصيل وضمن رب الدين للاصيل ما أخذ ان كان هالكا وان كان باقيا يرد عينه وهل له امساكه ورد بدله فيه الخلاف المذكور فيما إذا رد المبيع بعيب وعين دراهمه عند البائع فاراد امساكها ورد مثلها (والاصح) المنع وانما يغرم الاصيل دون الضامن لان في ضمن الاداء عنه اقراضه وتمليكه اياه وان كان بحيث لا يثبت له الرجوع فلا شئ للضامن على الاصيل وعلى المضمون له رد ما أخذه وعلى من يرد هو كما لو تبرع بالصداق وطلق الزوج قبل الدخول ويجئ حكمه في موضعه (ومنها) أدى الضامن الدين ثم وهبه رب المال منه ففي رجوعه على الاصيل وجهان مبنيان على القولين فيما لو وهبت الصداق من الزوج ثم طلقها قبل الدخول (ومنها) له علي رجلين عشرة وضمن كل واحد منهما

(10/394)


للآخر ما عليه فلا شك أن رب الدين يطالبهما أو شاء منهما بالعشرة فان أدى احدهما جميع العشرة برئا جميعا وللمؤدي الرجوع بالخمسة ان كان التصوير في حالة ثبوت الرجوع وان أدى
كل واحد منهما خمسة عما عليه فلا رجوع وان أداها عن الآخر فلكل واحد الرجوع على الآخر ويجئ خلاف التقاص فان أدي احدهما خمسة ولم يؤد الاخر شيئا فان أداها عن نفسه برى المؤدى عما كان عليه وصاحبه عن ضمانه وبقي على صاحبه ماكان عليه ضامنا له وان أداها عن صاحبه رجع عليه بالمغروم وبقى عليه ما كان صاحبه ضامنا له وان أداها عنهما فلكل واحد نصف حكمه وإن أدى ولم يقصد شيئا فيقسط عليهما أو يقال اصرفه إلى ما شئت فيه وجهان سبق نظيرهما في آخر الرهن ومن فوائد الوجهين أن يكون بنصيب أحدهما رهن فإذا قلنا له صرفه إلى ما شاء فصرفه إلى نصيبه انفك الرهن والالم ينفك ولو اختلفا فقال المؤدى أديت عما على وقال رب الدين بل أديت عما على صاحبك فالقول قول المؤدى مع يمينه فإذا حلف برئ عما كان عليه لكن لرب الدين مطالبته بخمسة لانه اما صادق فالاصل باق على أو كاذب فالضمان باق وعن بعض الاصحاب أنه لا مطالبة له لانه إما أن يطالب عن جهة الاصالة وقد صدق الشرع المؤدى في الراءة عنها أو عن جهة الضمان وقد اعترف رب الدين بأنه أدى عنها * هذا حكم الاداء في المسألة ولو أبرأ رب الدين أحدهما عن جميع العشرة برئ الاصيل والضامن ويبرأ الاخر عن الضمان دون الاصيل ولو أبرأ أحدهما عن خمسة نظر إن أبرأه عن الاصيل برئ عنه وبرئ صاحبه عن ضمانه وبقى عليه ضمان ما على صاحبه وان أبرأه عن الضمان برئ عنه وبقى عليه الاصل وبقى على صاحبه الاصل والضمان وان أبرأه عن الخمسة عن

(10/395)


الجهتين جميعا سقط عنه نصف الاصل ونصف الضمان وعن صاحبه نصف الضمان وبقى عليه الاصل ونصف الضمان فيطالبه بسبعة ونصف ويطالب المبرأ عنه بخمسة وان لم ينو عند الابراء شيئا فيحمل على النصف أو يخير ليصرف إلى ما شاء فيه الوجهان ولو قال المبرئ أبرأت عن الضمان وقال المبرأ عنه بل عن الاصل فالقول قول المبرئ (ومنها) ادعى على رجل أن له عليه وعلى فلان الغائب الف درهم عن ثمن عبد باعه منهما واقبضه أو عن جهة اخرى وان كل واحد منهما ضمن عن الآخر ما عليه وأقام على ذلك بينة واخذ الالف من الحاضر قال المزني في المختصر يرجع الحاضر بنصف الالف على الغائب (واعترض) عليه بان البينة اما تقام عندا الانكار وإذا أنكر كان مكذبا للبينة زاعما ظلم المدعى
عليه بما اخذه وكيف يرجع على الغائب بما ظلم به (واجاب) الاصحاب عنه بان لا نسلم بأن البينة انما تقام عند الانكار بل يجوز ان يقر الحاضر ويقيم المدعى البينة للاثبات على الغائب ثم هب انه لم يقر لكن البينة لا تستدعى الانكار بخصوصه بل للانكار أو ما يقوم مقامه وهو السكوت فلعله كان ساكتا ثم هب استدعاءها للانكار لكن لا تستدعى الانكار منه بخصوصه بل يكفى صدور الانكار من وكيله في الخصومات فلعل البينة اقيمت في وجه وكيله المنكر ثم هب انه انكر لكنه ربما انكر الضمان وسلم البيع وهذا الانكار لو كان كان مانعا لكان مانعا للرجوع بجهة غرامة المضمون ومن الجائز ان يكون هذا الرجوع باعتبار ان المدعى ظلمه واخذ ما على الغائب منه وللظالم مثل المأخوذ على الغائب فيأخذ حقه بما عنده والذاهبون إلى شئ من هذه التأويلات سلموا انه لو وجد التكذيب القاطع لكل احتمال يمتنع الرجوع وهو الاصح على ما ذكره المسعودي والامام (ومنهم)

(10/396)


من قال لا يمتنع الرجوع وان وجد صريح التكذيب وبه قال ابن خيران لان البينة ابطلت حكم انكاره فكأنه لم ينكر وهذا كما لو اشترى عبدا فادعى مدع انه ملكه وان بائعه غصبه فقال في الجواب لابل كان ملكا لبائعي وانه الآن ملكى فاقام المدعى بينة يرجع المشترى على البائع وان أقر بالملك على أن في هذه الصورة أيضا خلاف وسيأتى في موضعه ان شاء الله تعالى * قال (هذا الكلام إذا أشهد على الاداء * فان قصر في الاشهاد ولم يصدق لا يرجع وان صدقه المضمون عنه فلا يرجع أيضا في وجه لانه لم ينفعه أداؤه * وان صدقه المضمون له رجع في أظهر الوجهين لان اقراره أقوى من البينة مع انكاره * ولو أشهد رجلا وامرأتين جاز * وفى رجل واحد ليحلف معه خلاف خوفا من قاض حنفى * وفى المستورين خلاف * ولو ادعى موت الشهود وأنكر المضمون عنه أصل الاشهاد فوجهان في أن القول قول من لتقابل القولين) * كل ما مر من رجوع المأذون في الاداء والضامن على الاصيل مفروض فيما إذا أشهد على الاداء ولافرق بين اشهاد رجلين أو رجل وامرأتين ولو شهد واحد اعتمادا على أن يحلف معه فوجهان (أصحهما) أنه يكفى لان الشاهد مع اليمين حجة كافية لاثبات الاداء (والثاني) لا لانهما قد يترافعان
إلى حنفى لا يقضى بشاهد ويمين فكان ذلك ضربا من التقصير ولو أشهد مستورين فبانا فاسقين فوجهان (أحدهما) أنه كما لو لم يشهد لان الحق لا يثبت بشهادتهما (وأولاهما) الاكتفاء لانه لا اطلاع له على الباطن فكان معذورا أو لا يكفي اشهاد من يعرف ظعنه عن قريب لانه لا يفضى إلى المقصود (أما) إذا

(10/397)


أدى من غير اشهاد فينظر ان أدى في غيبة الاصيل فهو مقصر بترك الاشهاد إذ كان من حقه الاحتياط وتمهيد طريق الاثبات لو جحد رب الدين ولا رجوع له على الاصيل ان كذبه وان صدقه فوجهان (أحدهما) وبه قال ابن أبى هريرة أنه يرجع لاعترافه بأنه أبرأ ذمته باذنه (وأظهرهما) منع الرجوع وبه قال ابو اسحق لانه لم يؤد بحيث ينتفع به الاصيل فان رب الدين منكر وطلبته بحالها وهل يحلف الاصيل إذا كذبه قال في التتمة ينبنى على أنه لو صدقه هل يرجع عليه (ان قلنا) نعم حلف على نفى العلم بالاداء (وان قلنا) لافينبني على أن النكول ورد اليمين كالاقرار أو كالبينة (ان

(10/398)


قلنا) بالاول لم يحلف لان غايته أن ينكل فيحلف الضامن فيكون كما لو صدقه وذلك لا يفيد الرجوع (وان قلنا) بالثاني حلفه طمعا في أن ينكل ويحلف فيكون كما إذا أقام البينة ولو كذبه الاصيل وصدقه رب المال فوجهان (أحدهما) انه لا رجوع له ولا ينهض قول رب المال حجة على الاصيل (واظهرهما) ثبوت الرجوع لسقوط لطلبة باقراره واقراره اقوى من البنية مع انكاره فان أدى في حضور الاصيل فقد حكى الشيخ أبو حامد وآخرون وجها انه لا يرجع كما لو ترك الاشهاد في غيبته وظاهر المذهب المنصوص انه يرجع لانه في الغيبة مستبد بالامر فعليه الاحتياط والتوثيق فإذا كان الاصيل حاضرا فهو اولى بالاحتياط والتقصير وترك الاشهاد منسوب إليه وإذا توافق الاصيل والضامن على انه اشهد ولكن مات الشهود أو غابوا ثبت له الرجوع لانه اتى بما عليه ونقل الامام وجها بعيدا انه لا رجوع إذا لم ينتفع بادائه إذ القول قول رب الدين في نفى الاستيفاء ولو قال الضامن اشهدت وماتوا فانكر الاصيل الاشهاد ففيه وجهان (اصحهما) ان القول قول الاصيل لان الاصل عدم الاشهاد (والثانى) ان القول قول الضامن لان الاصل عدم التقصير ولانه قد يكون صادقا وعلى تقدير الصدق يكون منعه من الرجوع اضرارا فليصدق للضرورة كما
يصدق الصبى في دعوي البلوغ إذ لايعرف الا من جهته ولو قال أشهدت فلانا وفلانا فكذباه فهو كما لو لم يشهد ولو قالا لا ندري وربما نسينا ففيه تترد للامام ومتى لم يقم البينة على الاداء وحلف رب المال بقيت مطالبته بحالها فان أخذ المال من الاصيل فذاك وان أخذه من الكفيل مرة أخرى لم يرجع بهما لانه مظلوم باخذها ولا يرجع الا على من ظلمه وبم يرجع فيه وجهان (أحدهما) أنه لا يرجع بشئ (أما) بالمبلغ الاول فلانه قصر عند أدائه بترك الاشهاد (وأما) الثاني فلا عترافه بأنه مظلوم

(10/399)


(وأظهرهما) أنه يرجع لانه غرم لآبراء ذمته فعلى هذا هل يرجع بالاول لانه المبرئ للذمة أو بالثاني لانه المسقط للمطالبة فيه وجهان (خاتمة) قال في التخليص لو كان على رجل تسعون درهما فجاء مريض فضمن عنه بأمره ولا مال له غيره ومات من عليه الحق ولم يترك الا خمسة واربعين درهما ومات الضامن كان لصاحب الحق بمطالبة ورثة الضامن بستين درهما ويرجع ورثة الضامن على الميت بثلاثين ويرجع صاحب الحق على الميت بخمسة عشر درهما هذا لفظه * واعلم أن الضمان في مرض الموت إذا كان بحيث يثبت الرجوع ووجد الضامن مرجعا فهو محسوب من رأس المال وان كان بحيث لا يثبت الرجوع أو لم يجد مرجعا كموت الاصيل معسرا فهو محسوب من الثلث وهذا قد مر طرف منه في أوائل الضمان وبه تعرف أنه لم يشترط في صورة المسألة موت الاصيل ومتى وفت تركة الاصيل بثلثي الدين فلا دور لان صاحب الحق ان أخذ الحق من تركة الضامن رجع ورثته بثلثيه في تركة الاصيل وان أخذ تركة الاصيل وفضل شئ أخذه من تركه الضامن ويقع تبرعا لان ورثة الضامن لا يجدون مرجعا وان لم تف التركة بالثلثين فقد يتفق الدور في المسألة كالصورة المنقولة عن التلخيص وهى أن يضمن المريض تسعين ويموت وليس له الا تسعون ويموت الاصيل وليس له الا خمسة وأربعون فصاحب الحق بالخيار ان شاء أخذ تركة الاصيل بتمامها وحينئذ لا يقع دور أيضا وله مطالبة ورثة الضامن بثلاثين درهما ويقع تبرعا إذا لم يبق للاصيل تركة حتى يفرض فيها رجوع فان اراد الاخذ من تركة الضامن لزم الدور لان ما يغرمه ورثة الضامن يرجع إليهم بعضه من جهة أنه يصير المغروم دينا لهم على الاصيل فيضاربون به مع صاحب الحق في تركته ويلزم من رجوع بعضه زيادة التركة ومن زيادة التركة زيادة المغروم ومن زيادة المغروم زيادة الراجع وطريق استخراجه أن يقال يأخذ صاحب الحق من ورثة الضامن
شيئا ويرجع إليهم مثل نصفه لان تركة الاصيل نصف تركة الضامن فيبقى عندهم تسعون الا

(10/400)


نصف شئ وهو يعدل مثلى ما تلف ناقصان والتالف نصف شئ ومثلا شئ فإذا تسعون الا نصف شئ يعدل شيئا فإذا اخترنا وقابلنا عدل تسعون شيئا ونصفا فيكون الشئ شيئين فبان لنا أن المأخوذ ستون وحينئذ يكون الستون دينا لهم على الاصيل وقد بقى لصاحب الحق ثلاثون فيتضاربون في تركته بسهمين وسهم وتركته خمسة وأربعون يأخذ منها للورثة ثلاثين وصاحب الحق خمسة عشر ويتعطل باقى دينه وهو خمسة عشر ويكون الحاصل للورثة ستين ثلاثون بقيت عندهم وثلاثون أخذوها من تركة الاصيل وذلك مثلا ما تلف ووقع تبرعا وهو ثلاثون ولو كان التصوير كما مر لكن تركة الاصيل ثلاثون لقلنا يأخذ صاحب الحق شيئا ويرجع إلى ورثة الضامن مثل ثلثه لان تركة الاصيل ثلث تركة الضامن فبقى عندهم تسعون ناقصة ثلثى شئ يعدل مثلى التالف بالضمان وهو ثلثا شئ فمثلاه شئ وثلث فاذن تسعون الا ثلثى شئ يعدل شيئا وثلثا فإذا اخترنا وقابلنا عدل تسعون شيئين فيكون الشئ جميعه خمسة وأربعون وذلك ما أخذه صاحب الحق صار دينا لورثة الضامن على الاصيل وبقى لصاحب الحق عليه خمسة واربعون أيضا فيضاربون في تركته بسهم وسهم يحصل بينهما مناصفة ولو كان تركة الاصيل ستين فلا دور بل لصاحب الحق أخذ تركة الضامن كلها بحق الرجوع ويقع الباقي تبرعا ثم قال في التلخيص ولو كانت المسألة بحالها

(10/401)


وكان قد ضمن أيضا عن الضامن ضامن ئان ومات الضامن الثاني ولم يترك الا ستين درهما أيضا كان لصاحب الحق أن يطالب ورثة أيهما شاء فان طالب به ورثة الضامن الاول كان كالمسألة الاولى يأخذ منه ستين ومن ورثة من كان عليه أصل المال خمسة عشر ويرجع ورثة الضامن الثاني علي ورثة الذى كان عليه الحق بثلاثين وان طالب ورثة الضامن الثاني أخذ منهم سبعين درهما ومن ورثة من كان عليه الاصل خمسة عشر ويرجع ورثة الضامن الثاني على الضامن الاول باربعين درهما ويرجع الضامن الاول في مال من عليه أصل الحق بثلاثين (أما) قوله إن طلب ورثة الضامن الاول
كان كالمسألة الاولى معناه أنه لا يأخذ منهم الا ستين ويأخذ من تركة الاصيل خمسة عشر كما في الصورة السابقة لكن لا يتلف من ماله شئ ههنا بل يطالب بالباقي وهو خمسة عشر ورثة الضامن الثاني (أما) جوابه فيما إذا طلب ورثة الضامن الثاني فقد غلطه الاصحاب فيه من جهة أنه أتلف من مال الثاني ثلاثين لانه أخذ منهم سبعين وأثبت لهم الرجوع باربعين وكان الباقي عندهم عشرين فالمجموع ستون ولم يتلف من مال الاول الا عشرة لانه أخذ منهم أربعين وأثبت لهم الرجوع بثلاثين ومعلوم أن الضامن الثاني إنما ضمن لهم تسعين عمن يملك تسعين والاول ضمن تسعين عمن يملك خمسة وأربعين وكيف يؤخذ من الثاني أكثر مما يؤخذ من الاول ثم اختلفوا في الصواب فقال الاستاذ أبو منصور في الوصايا يأخذ صاحب الحق من ورثة الضامن الثاني خمسة وسبعين ويرجعون بمثلها على ورثة الاول ويرجع ورثة الاول على ورثة الاصيل بتركته وهو خمسة واربعون فيكون جملة ما معهم ستين خمسة عشر من الاصيل والباقى من العوض وذلك مثلا الثلاثين التالفة عليهم ولم يثبت

(10/402)


لصاحب الحق مطالبة ورثة الثاني بكمال الدين وقال القفال والاكثرون له مطالبة ورثة الثاني بجميع الدين ثم هم يرجعون على ورثة الاول بخمسة وسبعين يتلف عليهم خمسة عشر للضرورة ويرجع ورثة الاول بها على ورثة الاصيل بتركته كما ذكره الاستاذ وقال الامام رحمه الله كأن الاستاذ اعتقد أن الضمان الاول لا يصلح الا في قدر لو رجع معه في تركة الاصيل لما زاد التالف من تركته على ثلثها وإذا لم يصح ضمانه فيما زاد لم يصح ضمان الثاني عنه والآخرون قالوا انما لا يؤخذ أكثر من الثلث بحق الورثة لكنه صحيح في الجميع متعلق بذمته فيكون ضمان الثاني عنه فيما زاد كالضمان عن المعسر ويجب أن يكون هذا الخلاف جاريا في مطالبتهم بتتمة التسعين إذا طالب أولا ورثة الضامن الاول وان لم يذكر ثم وإن أخذ المستحق أولا تركة الاصيل برئ الضامنان عن نصف الدين ثم المستحق على جواب الاكثرين ان شاء أخذ من ورثة الاول ثلاثين ومن ورثة الثاني خمسة عشرون أخذ الكل من ورثة الاول ولا رجوع وان شاء أخذها من ورثة الثاني وهم يرجعون على ورثة الاول بثلاثين فيصل إلى تمام حقه بالطريقين وعلى جواب الاستاذ
ليس له من الثاني الا ثلاثين ان شاء أخذها من ورثة الاول ولا يرجع وان شاء أخذ من ورثة الثاني وهم يرجعون على ورثة الاول *

(10/403)