فتح العزيز بشرح الوجيز = الشرح الكبير

فتح العزيز عبد الكريم الرافعي ج 11
فتح العزيز عبد الكريم الرافعي ج 11

(11/)


فتح العزيز شرح الوجيز وهو الشرح الكبير للامام ابي القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي المتوفى سنة 623 هـ..الجزء الحادي عشر دار الفكر بسم الله الرحمن الرحيم

(11/1)


(كتاب الوكالة)
وفيه ثلاثة ابواب
الحاجه داعيه إلى تجويز الوكالة ظاهره وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنه وكل السعادة لاخذ الصدقات) وروى انه صلى الله عليه وسلم (وكل عروة البارقى ليشتري له شاة للاضحيه) (وعمرو بن أمية الضمرى لقبول

(11/2)


نكاح ام حبيبة بنت ابى سفيان) (وأبا رافع لقبول نكاح ميمونه) وعن جابر رضى الله عنه قال (أردت الخروج إلى خيبر فذكرته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إذا لقيت وكيلى فخذ منه خمسة عشر وسقا فأن ابتغى منك آية فضع يدك على ترقوته) وقد أدرج صاحب الكتاب رحمه الله تعالى مسائل الوكالة في ثلاثة أبواب (أحدها) في أركانها وبين فيه ما يعتبر في كل واحد منها لصحة العقد فيعرف بذلك

(11/3)


صحيح الوكالة وفاسدها (والثانى) في أحكام الوكالة الصحيحة فهى فائدة العقد وثمرته (وثالثها) في الاختلاف لانهما قد يختلفان في أصل العقد وفى كيفيته وتعر ض لسببه أحكام يحتاج إلى الوقوف عليها (أما) الاركان فلا يخفي أن التوكيل تفويض ولا شك أن التفويض يكون في شئ يصدر من شخص إلى شخص ويتحصل بشئ وهذه الاربعة التى ذكرناها لكن جعلها أركانا للوكالة كجعل البائع والمشترى والمبيع أركانا للبيع وفيه كلام قدمناه في البيع.
قال (الباب الاول في أركانها وهى أربعة {الاول} ما فيه التوكيل وشروطه ثلاثة
(الاول) أن يكون مملوكا للموكل.
فلو وكل بطلاق زوجة سينكحها.
أو بيع عبد سيملكه فهو باطل) .
الركن الاول ما فيه التوكل وله شروط (أحدها) أن يكون ما يوكل فيه مملوكا فلو وكل غيره في طلاق امرأة سينكحها أو بيع عبد سيملكه أو اعتاق كل رقيق يملكه فوجهان (أحدهما) أن هذا التوكيل باطل لانه لا يتمكن من مباشرة ذلك بنفسه فلا ينتظم منه إنابة غيره فيه (والثانى) صحيح ويمكن بحصول الملك عند التصرف فأنه المقصود من التوكيل ويجرى الوجهان فيما إذا وكله بقضاء كل دين سيلزمه وتزويج ابنته إذا انقضت عدتها أو طلقها زوجها وما أشبه ذلك وبالوجه الثاني

(11/4)


أجاب القفال في الفتاوى وهو الذى أورده في التهذيب (والاول) أصح عند أصحابنا العراقيين والامام ولم ينقل صاحب الكتاب غيره ويجوز أن يقال الخلاف عائد إلى الاعتبار بحال التوكيل أو بحال إنشاء التصرف وله نظائر.
قال (الثاني أن يكون قابلا للنيابة كأنواع البيع.
وكالحوالة.
والضمان.
والكفالة.
والشركة.
والوكالة.
والمضاربة.
والجعالة.
والمساقاة.
والنكاح.
والطلاق.
والخلع.
والصلح.
وسائر العقود.
والفسوخ.
ولايجوز التوكيل في العبادات الا في الحج واداء الزكوات.
ولا يجوز في المعاصي كالسرقة والغصب والقتل بل أحكامها تلزم متعاطيها.
ويلتحق بفن العبادات الايمان والشهادات فأنها تتعلق بألفاظ وخصائص.
واللعان والايلاء من الايمان.
وكذا الظهار على رأى.
ويجوز التوكيل بقبض الحقوق.
وفى التوكيل بأثبات اليد المباحث كالاصطياد

(11/5)


والاستقاء خلاف.
وفى التوكيل بالاقرار خلاف لتردده بين الشهادة والالتزامات.
ثم ان لم يصح ففى جعله مقرا بنفس التوكيل خلاف.
وكذلك يجوز التوكيل بالخصومه برضا الخصم وغير رضاه (ح) .
وبستيفاء العقوبات في حضور المستحق.
وفى غيبته طريقان.
أحدهما المنع.
والآخر قولان.
وقيل بالجواز أيضا) .
يشترط في الموكل فيه أن يكون قابلا للنيابة فان التوكيل تفويض وانابه والذى يفرض فيه التوكيل أنواع (منها) العبادات والاصل فيها امتناع النيابة لان الاتيان بها مقصود من الشخص عينه ابتلاء واختبار واستثني الحج للاخبار ومن جنس الصلاة ركعتي الطواف على كلام فيهما يأتي في الوصايا وتفريق الزكاة والكفارات والصدقات الحاقا لها بسائر الحقوق الماليه وذبح الضحايا

(11/6)


والهدايا فأن النبي صلى الله عليه وسلم أناب فيه وفى صوم الولي عن الميت خلاف سبق في موضعه والحق بالعبادات الايمان والشهادات قال في الوسيط لان الحكم في الايمان يتعلق بتعظيم اسم الله تعالى فامتنعت النيابة فيها كالعبادات وفى الشهادات علقنا الحكم بخصوص لفظ الشهادة حتى لم يقم غيرها مقامها فكيف يحتمل السكوت عنها بالتوكيل ومن جملة الايمان الايلاء واللعان والقسامه فلا يجوز التوكيل في شئ منها وفى الظهار وجهان بناء على أن المغلب فيه معنى اليمين أو الطلاق والظاهر عند المعظم منع التوكيل فيه وذكر في التتمة أن الظاهر الجواز وأن المنع مذهب المزني وفى معني الايمان النذور وتعليق الطلاق والعتق والتدبير وفى التتمة أن الحكم في التدبير يبنى على أنه وصية أو تعليق عتق بصفة فان قلنا بالثاني منعناه (ومنها) المعاملات فيجوز التوكيل في طرفي البيع بانواعه من السلم والصرف والتوليه وغيرها وفى الرهن والهبة والصلح والابراء والحوالة والضمان والكفالة والشركة والوكالة والمضاربة والاجارة والجعالة والمساقاة والايداع والاعارة والاخذ بالشفعة والوقف والوصية وقبولها وعن القاضى الحسين وجه أنه لا يجوز التوكيل في الوصيه لانها قربة ويجوز التوكيل في طرفي النكاح والخلع وفى تنجيز الطلاق والعتاق والكتابة ونحوها وفى الرجعة وجهان (أصحهما) الجواز كابتداء النكاح فان كل واحد منهما استباحة فرج محرم (والثانى) المنع كما لو أسلم الكافر على أكثر من أربع نسوة ووكل بالاختيار وكذا لو طلق إحدى امرأتيه وأعتق أحد عبديه

(11/7)


ووكل بالتعيين وكما يجوز التوكيل في العقود يجوز في الاقالة وسائر الفسوخ نعم ما هو على الفور فالتأخير فيه بالتوكيل قد يكون تقصيرا وفى التوكيل في خيار الرؤية خلاف سبق في موضعه ويجوز
التوكيل في قبض الاموال مضمونة كانت أوغير مضمونة وفى قبض الديون واقباضها ومنها الجزية فيجوز التوكيل في قبضها واقباضها نعم يمتنع توكيل الذمي المسلم فيه على رأى مذكور في كتاب الجزية (ومنها) المعاصي كالقتل والقذف والسرقة والغصب فلا مدخل للتوكيل فيها بل أحكامها تثبت في حق مرتكبها لان كل شخص بعينه مقصود بالامتناع عنها فأن فعل أجرى حكمها عليه.
ثم في الفصل وراء هذه الصور المبتورة مسائل (إحداها) في التوكيل في تملك المباحات كاحياء الموات والاحتطاب والاصطياد والاستقاء وجهان (أصحهما) الجواز حتى يحصل الملك للموكل إذا قصده الوكيل لانه أحد أسباب الملك فاشبه الشراء (والثانى) المنع كالاغتنام لان الملك فيها يحصل بالحيازة وقد حدث من التوكيل فيكون الملك له ولو استأجره ليحتطب له أو يستقى ففى التهذيب أنه على الوجهين وبالمنع أجاب القاضى ابن كج ورأى الامام جواز الاستئجار مجزوما به فقاس عليه وجه تجويز التوكيل (الثانيه) في التوكيل بالاقرار وجهان وصورته أن يقول وكلتك لتقر عني لفلان (أظهرهما) عند الاكثرين ويحكى عن ابن سريج واختيار للقفال أنه لا يصلح لانه اخبار عن حق فلا يقبل التوكيل كالشهادة وانما يليق التوكيل بالانشاءات (والثانى) يصح لانه قول يلزم به الحق فاشبه الشراء وسائر التصرفات وبهذا قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى فعلى الاول هل يجعل بنفس التوكيل مقرا فيه وجهان (أحدهما) نعم وبه قال ابن القاص تخريجا واختاره الامام رحمه الله تعالى لان توكيله دليل ثبوت الحق عليه (وأظهرهما) عند

(11/8)


صاحب التهذيب أنه لا يجعل مقرا كما أن التوكيل بالابراء لا يجعل ابراء وإذا قلنا بالوجه الثاني فينبغي أن يبين الوكيل جنس المقر به وقدره فلو قال قرعني بشئ لفلان فأقر أخذ الموكل بتفسيره ولو اقتصر على قوله أقر عني لفلان فوجهان حكاهما الشيخ أبو حامد وغيره (أحدهما) أنه كما لو قال أقر عني بشئ (وأصحهما) أنه لا يلزمه شئ بحال لجواز أن يريد الاقرار بعلمه أو سماعه لا بالمال (الثالثة) يجوز لكل واحد من المدعى والمدعي عليه التوكيل بالخصومة رضى صاحبه أولم يرض وليس لصاحبه الامتناع من خصومة الوكيل وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى له الامتناع الا أن يريد الموكل سفرا أو يكون مريضا أو مخدرة وقال مالك رحمه الله تعالى له ذلك إلا أن يكون سفيها خبيث اللسان فيعذر الموكل
في التوكيل.
لنا أنه توكيل في خالص حقه فيمكن منه كالتوكيل بأستيفاء الدين من غير رضا من عليه ولافرق في التوكيل في الخصومة بين أن يكون التوكيل المطلوب مالا أو عقوبة لآدمي كالقصاص وحد القذف فأما حدود الله تعالى فلا يجوز التوكيل في اثباتها لانها مبنية على الدرء (الرابعة) يجوز التوكيل في استيفاء حدود الله تعالى للامام والسيد في حد مملوكه وقد قال صلى الله عليه وسلم في قصة ماعز (اذهبوا به فارجموه) (وقال واغد يا أنيس على امرأة هذا فان أعترفت فارجمها) وأما عقوبات الآدميين فكذلك يجوز استفاؤها بالوكالة في حضور المستحق وفى غيبته ثلاث طرق (أشهرها)

(11/9)


على قولين (أحدهما) المنع وهو ظاهر نصه ههنا لانا لا نتيقن بقاء الاستحقاق عند الغيبة لاحتمال العفو وأيضا فأنه ربما يرق قلبه عند الحضور فيعفو فليشترط الحضور (وأصحهما) الجواز لانه حق يستوفى بالنيابة في الحضور فكذلك في الغيبة كسائر الحقوق واحتمال العفو كاحتمال رجوع الشهود فيما إذا كانت بالبينة فانه لا يمتنع الاستيفاء في غيبته (والثانى) وبه قال أبو إسحق القطع بالجواز وحمل ما ذكره ههنا على الاحتياط (الثالث) القطع بالمنع لعظم خطر الدم وبالمنع قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى وذكر الرويانى أنه الذى يفتى به.
وإذا عرفت ما ذكرنا لم يخف عليك أن قوله في الكتاب وسائر العقود والفسوخ وان كان يشعر بالجزم وصحة التوكيل فيها لكن في العقود ما هو مختلف فيه كالرجعة والوصية وفى الفسوخ أيضا طرد الفسخ وخيار الرؤية فيجوز اعلامه - بالواو - لذلك وقوله في آخر الفصل وقيل بالجواز أيضا طريقة ثالثة أوردها بعد الطريقين وثالثها محفوظة عن الشيخ أبى حامد ومن تقدم.
قال (الشرط الثالث أن يكون ما به التوكيل معلوما نوع علم لا يعظم فيخ الغرر.
ولو قال وكلتك بكل قليل وكثير لم يجز.
ولو قال وكلتك بما إلى من تطليق زوجاتي وعتق عبيدى.
وبيع أملاكي جاز.
ولو قال وكلتك بما إلى من قليل وكثير ففيه تردد.
ولو قال اشتر عبدا لم يجز (و) .
ولو قال عبدا تركيا بمائة كفى.
ولا يشترط أوصاف السلم.
ولو ترك ذكر مبلغ الثمن أو ذكر الثمن ولم يذكر نوعه ففيه خلاف.
والتوكيل بالابراء يستدعى علم الموكل بمبلغ الدين
المبرإ عنه لاعلم الوكيل.
ولا علم من عليه الحق.
ولو قال بع بما باع به فلان فرسه فالعلم بمبلغ ما

(11/10)


باع به فلان فرسه يشترط في حق الوكيل لافى حق الموكل.
ولو قال وكلتك بمخاصمة خصماي فالاظهر جوازه وان لم يعين) .
لا يشترط في الموكل فيه ان يكون معلوما من كل وجه فأن الوكالة انما جوزناها لعموم الحاجة وذلك يقتضى المسامحة فيها ولذلك احتمل تعليقها بالاغرار على رأى ولم يشترط القبول فيها بالقول ولا على الفور ولكن يجب أن يكون معلوما مبينا من بعض الوجوه حتى لا يعظم ولا فرق في ذلك بين أن تكون الوكلة عامة أو خاصة (أما) الوكالة العامة فبين ما نقله الامام وصاحب الكتاب فيها تصويرا وحكما وبين ما نقله سائر الاصحاب بعض التفاوت ونذكر الطريقين.
قال الامام وصاحب الكتاب لو قال وكلتك بكل قليل وكثير ولم يضف إلى نفسه فالتوكيل باطل لانه لفظ مبهم بالغ في الابهام ولو ذكر الامور المتعلقة به الذى تجرى فيها النيابة وفصلها فقال وكلتك ببيع املاكي وتطليق زوجاتي واعتاق عبيدى صح التوكيل فلو قال وكلتك بكل امر هو لى مما يناب فيه ولم يفصل أجناس التصرفات فوجهان (أحدهما) يبطل كما قال وكلتك بكل قليل وكثير (الثاني) يصح لانه أضاف التصرفات إلى نفسه فلا فرق بين أن يذكرها بلفظ يعمها وبين أن يفصلها جنسا جنسا والاول أظهر (وأما) سائر الاصحاب فأنهم قالوا لو قال وكلتك بكل قليل وكثير أو في كل اموري أوفى جميع حقوقي أو بكل قليل وكثير من أمورى أو فوضت اليك جميع الاشياء أو انت وكيلى فتصرف في مالى كيف شئت لم تصح الوكالة ولو قال وكلتك ببيع أموالي واستيفاء ديونى أو استرداد ودائعي أو اعتاق عبيدى صحت الوكالة ووجه التفاوت بين الطريقين أنهما عللا المنع بأرسال لفظ القليل والكثير

(11/11)


وترك اضافتهما حتى ذكروا وجهين فيما إذا أضافهما والآخرون سووا بين ما إذا أرسل وبين ما إذا أضاف ولم ينقلوا الخلاف في واحد من القسمين وعللوا بأن في تجويز هذه الوكالة غررا وضررا عظيما لا حاجة إلى احتماله وهذه الطريقة أصح نقلا ومعنى (أما) النقل فلان الشافعي رضى الله عنه قال في
اختلاف العراقيين وإذا شهد الرجل لرجل أنه وكله بكل قليل وكثير له فالوكالة غير جائزة نص على المنع مع وجود الاضافة (وأما) المعنى فلان الانسان إنما يوكل فيها يتعلق به سواء نص على الاضافة إلى نفسه أو لم ينص ولهذا قال لو وكل بشراء هذا لم يحتج إلى أن يقول لى (وأما) الوكالة الخاصة ففيها صور (منها) أن يوكل في بيع أمواله أو قضاء ديونه أو استيفائها وقد نقلنا صحته عن الطريقين وهل يشترط أن تكون أمواله معلومة قال في التهذيب لو قال وكلتك ببيع جميع مالى وكان معلوما أو قبض جميع ديونى وهو معلوم لجاز فهذا التفسير يشعر بالاشتراط لكن الاشبه خلافه فان معظم الكتب لا تتعرض لهذا الاشتراط وفى فتاوى القفال لو قال وكلتك باستيفاء ديونى التى على الناس جاز مجملا وان كان لايعرف من عليه الدين أنه واحد أو أشخاص كثيرة وأى جنس ذلك الدين وانما لا يجوز إذا لم يبين ما يوكل فيه كأن يقول وكلتك في كل قليل وكثير وما أشبهه هذا لفظه وفى الرقم لابي الحسين العبادي أنه لو قال بع جميع أموالي صح لانه أعلم بالجملة ولو قال بع طائفة من مالى أو بعضه أو سهما منه لم يصح لجهالته بالجملة فكان الشرط أن يكون الموكل فيه معلوما أو بحيث تسهل معرفته ولو قال بع ما شئت من مالى أو اقبض ما شئت من ديونى جاز ذكره صاحب المهذب والتهذيب وفى الحلية ما ينازع فيه فانه قال لو قال بع من رأيت من عبيدى لا تجوز حتى يميز (ومنها) التوكيل

(11/12)


بالشراء فلا يكفي أن يقول اشتر لي شيئا أو حيوانا أو رقيقا بل يشترط أن يبين أنه عبد أو أمة ويبين النوع من التركي والهندي وغيرهما والمعنى فيه أن الحاجة لاتكاد تمس إلى عبد مطلق على أي نوع ووصف كان وفى الابهام غرر ظاهر فلا يحتمل وفى النهاية أن صاحب التقريب حكى وجها أنه يصح التوكيل بشراء عبد مطلق وهذا الوجه بعيد ههنا وإذا طرد في شراء شئ كان أبعد لانه أبعد في التوكيل بشراء شئ وهل يشترط مع التعرض للنوع ذكر الثمن فيه وجهان (أصحهما) لا وبه قال أبو حنيفة وابن سريج لان تعلق الغرض بعبد من ذلك النوع نفيسا كان أو خسيسا ليس ببعيد (والثانى) أنه لابد من تقدير الثمن أو بيان غايته بان يقول بمائة أو من مائة إلى الف لكثرة التفاوت فيه ولا يشترط استقصاء
الاوصاف التى تضبط في السلم ولا ما يقرب منها بالاتفاق نعم إذا اختلفت الاصناف الداخلة تحت النوع الواحد اختلافا ظاهرا فعن الشيخ أبى محمد أنه لابد من التعرض له إذا فرعنا على المذهب في اعتبار التعرض للتركي والهندي (وقوله) في الكتاب أو ذكر الثمن ولم يذكر نوعه ففيه خلاف أراد به ما هو المفهوم من ظاهره وهو أن يقول اشتر لي عبدا بمائة ولا يتعرض لقوله تركيا وهنديا واثبات الخلاف في هذه الصورة بعد الحكم بأنه لابد من ذكر التركي والهندي مما لا يتعرض له الائمة ولانه ذكر في وسيط صاحب الكتاب فالوجه تأويله على اصطلاح استعمله الامام وذلك أنه سمى التركي والرومى والهندي أجناسا للرقيق في هذا المقام واتباعا للعرف وسمى الاصناف الداخلة تحت التركي مثلا أنواعا له فيجوز أن يريد صاحب الكتاب ههنا بالنوع ذلك وهو ما شرط التعرض له على ماروينا عن الشيخ أبى محمد وينتظم اثبات الخلاف فيه وحينئذ يكون المعنى أو ذكر الثمن مع كون العبد تركيا أو لم يذكر صفته.
ولو قال اشتر لي عبدا كما تشاء فظاهر

(11/13)


رأى الشيخ أبى محمد تجويزة لانه صرح بالتفويض التام بخلاف ما إذا اقتصر على قوله اشتر لي عبدا فأنه لم يأت ببيان معتاد ولا تفويض تام ولم يكتف الاكثرون بذلك وفرقوا بينه وبين أن يقول في القراض اشتر من شئت من العبيد لان المقصود هناك الربح بنظر العامل وتصرفه فيليق به التفويض إليه وفى التوكيل بشراء الدار يجب التعرض للمحلة والسكة وفى الحانوت للسوق وعلى هذا القياس (ومنها) لو وكله بالابراء قال القاضى الحسين إذا عرف الموكل مبلغ الدين كفى ذلك ولم يجب اعلام الوكيل قدر الدين وجنسه وهذا هو الذى أورده في الكتاب وقال في المهذب والتهذيب لابد من أن يبين للوكيل قدر الدين وجنسه والاشبه الاول ويخالف ما إذا قال بع عبدى بما باع به فلان فرسه حيث يشترط لصحة البيع علم الوكيل لان العهدة تتعلق به فلا بد وأن يكون على بصيرة من الامر ولا عهدة في الابراء ولو كان الموكل جاهلا بقدر ما باع به فلان فرسه لم يضر (وأما) قوله في صورة الابراء ولا علم من عليه الحق فاعلم أن فيه خلافا مبنيا على الاصل الذى مر في كتاب الضمان وهو أن الابراء محض اسقاط أو تمليك فان قلنا اسقاط صح مع جهل
من عليه الحق بمبلغ الحق وان قلنا تمليك فلا بد من علمه كما أنه لابد من علم المهب بما وهب فأذا قوله ولا علم من عليه الحق ينبغى أن يعلم - بالواو - وكذلك قوله علم الوكيل بما قدمناه وقوله يستدعى علم الوكيل يجوز اعلامه - بالواو - أيضا لانا إذا صححنا الابراء عن المجهول لانعتبر علم الموكل أيضا ثم ينظر في صيغة الابراء فان قال ابرئ فلانا عن دينى أو أبرئه عن الكل وان قال عن شئ منه أو أبرئه عن قليل منه وان قال عما شئت ابرأه عما شاء وأبقى شيئا (ومنها) إذا وكله بالخصومة فيذكر ما يدخل فيه ومالايدخل والغرض الآن أنه لو أطلق وقال وكلتك بمخاصمة خصماي هل يصح التوكيل فيوجهان (أصحهما) نعم ويصير وكيلا في جميع الخصومات (والثانى) لابل يجب تعيين من يخاصم معه لاختلاف الغرض به وهذا الخلاف قريب من الخلاف الذى مر فيما إذا وكل ببيع أمواله وهى غير معلومة.

(11/14)


قال (الركن الثاني الموكل وشرطه أن يملك مباشرة ذلك التصرف بملك أو ولاية.
فلا يصح توكيل الصبى (ح) والمجنون.
ولا يصح (ح) توكيل المرأة في عقد النكاح.
ويجوز توكيل الاب والجد.
توكيل الوكيل الا إذا عرف كونه مأذونا بلفظ أو قرينة.
وفى توكيل الولى الذى لا يجبر تردد لتردده بين الولى والوكيل) .
يشترط في الموكل أن يتمكن من مباشرة ما يوكل فيه إما بحق الملك لنفسه أو بحق الولاية على غيره وفى هذا الضابط قيدان (أحدهما) التمكن من مباشرة ذلك التصرف فمن لا يتمكن من مباشرة ذلك التصرف كالصبى والمجنون والنائم والمغمى عليه لا يصح منه التوكيل والمرأة لا يصح منها التوكيل في النكاح وكذا توكيل الفاسق في تزويج ابنته إذا قلنا لايليه وتوكيل السكران حكمه حكم سائر التصرفات (والثانى) كون التمكن بحق الملك والولاية فيدخل فيه توكيل الاب والجد في النكاح والمال ويخرج عنه توكيل الوكيل فانه ليس بمالك ولا ولى نعم لو مكنه الموكل من التوكيل لفظا أو دلت عليه قرينة نفذ وتفصيله سيأتي في الباب الثاني وفى معناه توكيل العبد المأذون لانه إنما يتصرف عن الاذن لا بحق الملك ولا الولاية وفى توكيل الاخ والعم ومن لا يجبر في النكاح وجهان يعزوان في النكاح لانه من حيث لا يعزل كالولي ومن حيث انه لا يستقل كالوكيل والمحجور
عليه بالفلس والسفه والرق يجوز توكيله فيما لا يستقل به من التصرفات وفيما لا يستقل لا يجوز الا بعد اذن الولى والمولى ومن جوز التوكيل بطلاق امرأة سينكحها أو بيع عبد سيملكه فقياسه تجويز توكيل المحجور بما سيأذن فيه الولى ولم يتعرضوا ولنعرف في الضابط المذكور أمورا (أحدها) أنه يستثنى عنه بيع الاعمى وشراؤه فانه يصح التوكيل وان لم يملكه الاعمى للضرورة (والثانى) أنه إذا انفذ توكيل الوكيل على ما سيأتي فمنصوبه وكيل الموكل أو وكيل الوكيل فيه خلاف ستقف عليه وإذا كان الوكيل لم يكن من شرط التوكيل كون الموكل مالكا للتصرف بحق الملك والولاية (وقوله) ولا يصح توكيل المرأة في عقد النكاح معلم - بالحاء - لما اشتهر عن مذهبه.

(11/15)


قال (الركن الثالث الوكيل ويشترط فيه صحة العبارة وذلك بالتكليف.
ولا يصح (ح) توكيل الصبى الا في الاذن في الدخول وايصال الهدية على رأى.
ولا يصح توكيل المرأة (ح) والمحرم (ح) في عقد النكاح.
والاظهر جواز توكيل العبد والفاسق في أيجاب النكاح.
وكذا المحجور بالسفه والفلس إذ لا خلل في عبارتهم.
ومنع استقلالهم بسبب أمور عارضة) .
كما يشترط في الموكل التمكن من مباشرة التصرف للموكل فيه بنفسه يشترط في الوكيل التمكن من مباشرته بنفسه وذلك أن يكون صحيح العبارة فيه فلا يصح توكيل المجنون والصبى في التصرفات واستثنى في الكتاب الاذن في دخول الدار والملك عند ايصال الهدية ففى اعتبار عبارته في الصورتين وجهان سبق ذكرهما في أول البيع فان جاز ذلك فهو وكيل من جهة الآذن والمهدى واعلم أن تجويزهما إذا كان على سبيل التوكيل فلو أنه وكل بأن يوكل غيره فامتاز تخريجه على الخلاف في أن الوكيل هل يوكل فان جاز لزم أن يكون الصبى أهلا للتوكيل أيضا وعند ابى حنيفه وأحمد رحمهما الله تعالى يصح توكيل الصبى المميز والمرأة والمحرم مسلوبا العبارة في النكاح فلا يتوكلان فيه كما لا يوكلان خلافا لابي حنيفه وذكر في التتمة أنه لا يجوز توكيل المطلقة الرجعية في رجعية نفسها ولا توكيل المرأة امرأة اخرى لان الفرج لايستباح بقول النساء وأنه لا يجوز توكيل المرأة في الاختيار في النكاح إذا أسلم الكافر على أكثر من أربع نسوة وفى الاختيار للفراق وجهان سبق ذكرهما في باب معاملة
العبيد وفى توكيله في قبول النكاح بغير إذن السيد وجهان (أصحهما) الجواز وانما لم يجز قبوله لنفسه

(11/16)


لما أن يتعلق به المهرومؤن النكاح وفى توكيله في طرف الايجاب وجهان (أحدهما) المنع لانه لا يجوز أن يزوج أبنة غيره (والثانى) الجواز لصحة عبارته في الجملة وانما لم يل امرابنته لانه لا يتفرغ للبحث والنظر ههنا وتم البحث والنظر من جهة الموكل وهذا أظهر عند صاحب الكتاب والاول أظهر عند المعظم وربما لم يذكروا غيره وتوكيل المحجور عليه بالسفه في طرفي النكاح كتوكيل العبد وتوكيل الفاسق في ايجاب النكاح كتوكيلهما إذا سلبنا الولاية بالفسق ولا خلاف في جواز قبوله بالوكالة والمحجور عليه بالفلس يتوكل فيما لا يلزم ذمته عهدة وكذا فيما يلزم عهدة على الاصح من الوجهين كما أن شراءه صحيح على الصحيح ويجوز توكيل المرأة في طلاق زوجة الغير على أصح الوجهين گما يجوز أن يفوض الزوج طلاق زوجته إليها وقوله في الكتاب ومنع استقلالهم بأمور عارضة أي هم صحيحو العبارة كاملو الحال وانما منعناه لامور تعرض فيمنع استقلالهم بالتصرف لا مطلق التصرف على ما مر.

(11/17)


(فرع) توكيل المرتد في التصرفات المالية يبنى على انقطاع ملكه وبقائه إن قطعناه لم يصح وان ابقيناه صح وان قلنا إنه موقوف فكذلك التوكيل ولو وكل ثم اربد ففى ارتفاع التوكيل الاقوال ولو وكل مرتدا أو ارتد الوكيل لم يقدح في الوكالة لان التردد في تصرفه لنفسه لا لغيره هكذا نقل الاصحاب عن ابن سريج وفى التتمة أنه يبنى على أنه هل يصير محجورا عليه ان قلنا نعم انعزل عن الوكالة والا فلا.
قال (الركن الرابع الصيغة ولا بد من الايجاب.
وفى القبول ثلاثة أوجه.
الا عدل هو الثالث وهو أنه لو اتى بصيغة عقد كقوله وكلتك أو فوضت يشترط القبول.
وان قال بع أو أعتق فيكفى القبول بالامتثال كما في اباحة الطعام.
وإذا لم يشترط قبوله ففى اشتراط علمه مقرونا بالوكالة خلاف.
ولا خلاف في أنه يشترط عدم الرد منه.
فان رد انفسخ لانه جائز.
وفى تعليق الوكالة
بالاغرار خلاف مشهور.
فان منع فوجد الشرط فقد قيل يجوز التصرف بحكم الاذن.
وفائدة فساده سقوط الجعل المسمى والرجوع إلى الاجرة.
ولو قال وكلتك في الحال ولا تتصرف الا بعد شهر فهو جائز (و) يلزمه الامساك.
ومهما صححنا التعليق فقال مهما عزلتك فانت وكليى فطريقه في العزل أن يقول ومهما عدت وكيلى فأنت معزول حتى يتقاوما في الدور ويبقى أصل الحجر) .

(11/18)


الفصل يشتمل على مسألتين (احدهما) لابد من جهة الموكل من لفظ دال على الرضا بتصرف الغير له والا فكل أحد ممنوع عن التصرف في حق غيره وذلك مثل أن يقول وكلتك بكذا وفوضته اليك وانبتك فيه وما أشبههما ولو قال بع وأعتق ونحوهما حصل الاذن وهذا لا يكاد يسمى إيجابا وانما هو أمر وإذن والايجاب هو قوله وكلتك وما يضاهيه وعلى هذا فقوله في الكتاب ولابد من الايجاب أي وما يقوم مقامه وأما القبول فانه مطلق بمعنيين (أحدهما) الرضا والرغبة فيما فوض إليه ونقيضه الرد (والثانى) اللفظ الدال عليه على النحو المعتبر في البيع وسائر المعاملات ويعتبر في الوكالة القبول بالمعنى الاول حتى لو رده وقال لا أفعله أو لا أفعل بطلت الوكالة ولو ندم وأراد أن يفعل لا ينفع بل لابد من إذن جديد وذلك لان الوكالة جائزة ترتفع في الدوام بالفسخ فلان يزيد في الابتداء بالرد كان أوجه وأما بالمعنى الثاني فقد نقل الامام طريقين (أحدهما) أن في اشتراطه وجهين (أحدهما) المنع لانه إباحة ورفع حجر فأشبه اباحة الطعام ولا يفتقر إلى القبول اللفظى (والثانى) الاشتراط لانه إثبات حق التسليط والتصرف للوكيل فليقبل كما في سائر التمليكات والثانية عن

(11/19)


القاضى الحسين أن الوجهين فيما إذا أتى بصيغة عقد بأن قال وكلتك أو فوضت اليك فأما في صيغ الامر نحو بع وأشتر فلا يشترط القبول باللفظ جزما بل يكفى الامتثلال على المعتاد كما في إباحة الطعام وإذا اختصرت خرج من الطريقين ثلاثة أوجه كما ذكر في الكتاب والطريقة الثانيه هي التى ذكرها في التتمة وجعل قوله أذنت لك بمثابة قوله بع وأعتق لا بمثابة قوله وكلتك وان كان اذنا على صيغ العقود قال والمذهب أنه لا يعتبر في الوكالة القبول لفظا وهذا ما أجاب به في التهذيب
وآخرون وان مال صاحب الكتاب إلى الوجه الفارق وسماه أعدل الوجوه (التفريع) إن شرطنا القبول فهل يجب أن يكون على الفور ظهر المذهب أنه لا يجب لانه عقد يحتمل ضربا من الجهالة فيحتمل فيه تأخير القبول كالوصية وعن القاضى أبى حامد أنه يكتفى وقوعه في المجلس هذا في القبول اللفظى (فاما) بالمعنى الاول فلا يجب التعجيل بحال ولو خرج على أن الامر هل يقتضى الفور لما بعد وإن لم يشترط الفور فلو وكله والوكيل لايشعر به هل تثبت وكالته قال في النهاية فيه وجهان يقربان

(11/20)


من القولين في أن العزل هل ينفذ قبل بلوغ الخبر الوكيل فلو كالة أولى بان لا تثبت لانه تسلط على التصرفات فان لم يثبتها فهل نحكم بنفوذها حالة بلوغ الخبر كالعزل أم لا وفيه وجهان عن رواية الشيخ أبى محمد ان لم نحكم به فقد شرطنا اقتران علمه بالوكالة والاظهر ثبوت الوكالة وان لم يعلم وعلى هذا فلو تصرف الوكيل وهو غير عالم بالتوكيل ثم تبين الحال خرج على الخلاف فيما إذا باع مال أبيه على ظن أنه حى وكان ميتا ومن فروع هذا الخلاف أنا حيث لا نشترط القبول نكتفي بالكتابة والرسالة ونجعله مأذونا في التصرف وحيث اشترطناه فالحكم كما لو كتب بالبيع الذى أجاب به القاضى الرويانى في الوكالة بالجواز (ومنها) إذا أشترطنا القبول في الوكالة فلو قال وكلنى بكذا فقال الموكل وكلتك هل يشترط القبول أم يقام مقامه قوله وكلني فيه خلاف كما في البيع ونحوه ثم قيل الوكالة أحوج للاشتراط لانها ضعيفه ولو عكس موجها بان الوكالة يحتمل في البيع فكانت أولى بعدم الاشتراط لكان أقرب (الثانيه) إذا علق الوكالة بشرط فقال إذا قدم زيد

(11/21)


أو جاء رأس الشهر فقد وكلتك بكذا أو أنت وكيلى ففيه وجهان (أحدهما) ويحكى عن أبى حنيفه وأحمد أنها تصح لانها استنابه في التصرف فاشتبهت عقد الامارة فانها تقبل التعليق على ما قال عليه الصلاة والسلام فان أصيب جعفر فزيد (وأظرهما) المنع كما أن الشركة والمضاربة وسائر العقود لاتقبل التعليق وخرج بعضهم الخلاف على أن الوكالة هل تفتقر إلى القبول (إن قلنا) لاتفتقر جاز التعليق وإلا لم يجز لان فرض القبول في الحال والوكالة لم تثبت بعد بعيد وتأخرها إلى أن يحصل
الشرط مع الفصل الطويل خارج عن قاعدة التخاطب ولو نجز الوكالة وضرب للتصرف شرطا بأن قال وكلتك الآن ببيع عبدى هذا ولكن لا تبيعه حتى بجئ رأس الشهر صح التوكيل بالاتفاق ولا يتصرف الا بعد حصول الشرط وتصح الوكالة المؤقتة مثل أن يقول وكلتك إلى الشهر قاله العبادي في الرقم ويتعلق بالخلاف في تعليق الوكالة قاعدتان (إحداهما) إذا أفسدنا الوكالة بالتعليق فلو تصرف الوكيل بعد حصول الشرط ففى صحة التصرف وجهان (أصحهما) الصحة لان الاذن حاصل وإن فسد العقد فصار كما لو شرط في الوكالة عوضا مجهولا فقال بع كذا على أن لك العشر من ثمنه تفسد الوكالة لكن لو باع صح (والثانى) وبه قال الشيخ أبى محمد انه لا يصح لفساد العقد ولا اعتبار

(11/22)


بالاذن الذى يتضمنه العقد الفاسد ألا ترى أنه لو باع بيعا فاسدا وسلم المبيع لا يجوز للمشترى التصرف فيه وان تضمن البيع والتسليم الاذن في التصرف والتسليط عليه قال في التتمة وأصل المسألة ما إذا كان عنده رهن لدين مؤجل فاذن المرتهن في بيعه على أن يجعل حقه من الثمن وفيه اختلاف قد تقدم وهذا البناء يقتضى ترجيح الوجه الثاني لان النص وظاهر المذهب هناك فساد الاذن والتصرف (فان قلنا) بالصحة فأثر فساد الوكالة أنه يسقط الجعل المسمى ان كان قد سمى له جعلا ويرجع إلى أجرة المثل وهذا كما أن الشرط الفاسد في النكاح الفاسد يفسد الصداق ويوجب مهر المثل وإن لم يؤثر في النكاح (الثانية) إذا قال وكلتك بكذا ومهما عزلتك فأنت وكيلى ففى صحة الوكالة في الحال وجهان (أصحهما) الصحة ووجه المنع اشتمالها على الشرط الفاسد وهو الزام العقد الجائز (فان قلنا) بالصحة أو كان قوله مهما عزلتك مفصولا عن الوكالة فإذا عزله نظر ان لم يشعر به الوكيل واعتبرنا شعوره في نفوذ العزل فهو على وكالته وان لم نعتبره أو كان شاعرا به ففى عوده وكيلا بعد العزل وجهان مبنيان على أن الوكالة

(11/23)


هل تقبل التعليق لانه علق التوكيل ثانيا بالعزل (أظهرهما) المنع (والثانى) وبه قال أبو حنيفة رحمه الله أنه يعود وكيلا فعلى هذا ينظر في اللفظة الموصولة بالعزل ان قال عزلتك أو مهما أو متى
لم يقتض ذلك عود الوكالة الامرة واحدة وان قال كلما عزلتك اقتضى العود مرة بعد أخرى لان كلما تقتضي التكرار دون غيرها على ما ستعرفه في أبواب الطلاق ان شاء الله تعالى فلو أراد أن لا يعود وكيلا فسبيله أن يوكل غيره بعزله فينعزل لان المعلق عليه عزل نفسه فان كان قد قال عزلتك أو عزلك أحد من قبلى فالطريق أن يقول كلما عدت وكيلى فأنت معزول فإذا عزله ينعزل لتقاوم التوكيل والعزل بالاصل وهو الحجر في حق الغير قال الامام رحمه الله وفيه نظر علي بعد متلقى عن استصحاب الوكالة.
واعلم أن الخلاف في الوكالة هل تقبل التعليق جار في أن

(11/24)


العزل هل يقبله ولكن بالتريب والعزل أولى بقبوله لانه لا يشترط فيه القبول واشتراطه في الوكالة مختلف فيه وتصحيح ارادة الوكالة والعزل جميعا مبنى على قبولهما التعليق ثم قال الامام رحمه الله إذا نفذنا العزل وقلنا تعود الوكالة فلا شك أن العزل ينفذ في وقت وان لطف ثم تترتب عليه الوكالة فلو صادف تصرف الوكيل ذلك الوقت اللطيف هل ينفذ فيه وجهان للاصحاب وانما كان يصح هذا الفرض والتصوير أن لو وقع بينهما ترتب زماني حيث يتصور وقوع التصرف بينهما لكن الترتيب في مثل هذا لا يكون الا عقليا (وقوله) في كتاب وفى تعليق الوكالة بالاغرار الاغرار الاخطار وانما يقع هذا اللفظ باللاستحقاق على ما فيه خطر كقدوم زيد ومجئ المطر وان لم يكن في الحكم فرق فيمن بينه وبين ما يوثق به كمجئ الشهر (وقوله) ويلزم الامتثال أي لا يجوز له التصرف في الشهر لاأنه يجب عليه خارج الشهر فان الامر إلى اختياره.

(11/25)


(الباب الثاني في حكم الوكالة) قال (ولها ثلاثة أحكام (الاول) صحة ما وافق من التصرفات وبطلان ما خالف.
وتعرف الموافقة باللفظ مرة.
وبالقرينة أخرى.
وبيانه بصور سبع (الاولى) إذا قال بع مطلقا فلا يبيع بالعرض (ح) ولا بالنسيئة (ح) ولا بما دون ثمن المثل (ح) الا قدرا يتغابن الناس بمثله كالواحد في عشرة) .
للوكالة الصحيحة أحكام منها صحة تصرف الوكيل إذا وافق إذن الموكل والموافقة والمخالفة يعرفان بالنظر إلى اللفظ تارة وبالقرائن التى تنضم إليه أخرى فأن القرينة قد تقوى فيكون لها اطلاق اللفظ الا ترى إذا أمره في الصيف بشراء الجمد لا يشتريه في الشتاء وقد يتعادل اللفظ والقرينة وينشأ من تعادلهما خلاف في المسألة وهذا القول الجملى يوضحه صور ترشد إلى أخواتها منها إذا وكله ببيع شئ وأطلق لم يكن له أن يبيعه بغير نقد البلد من العروض والنقود وأن يبيعه بثمن مؤجل وبغبن فاحش وبه قال مالك رحمه الله تعالى وكذا أحمد في أظهر الرواتيين وقال أبو حنيفة يجوز له جميع ذلك.
لنا القياس على الوصي لانه لا يبيع له الا بثمن المثل من نقد البلد حالا وأيضا فأنه وكيل في عقد البيع فتصرفه بالغبن لا يلزم الموكل كالوكيل في الشراء إذا أشترى بغبن

(11/26)


فاحش وأيضا فأنه إذا باع وأطلق كان الثمن حالا فإذا وكل بالبيع وأطلق حمل على الثمن الحال ولنا قول أن البيع على الوجه المذكور يصح موقوفا على اجازة الموكل وهذا هو القول المنقول في بيع الفضولي والمذهب الاول ولو كان في البلد نقدان أحدهما أغلب فعليه أن يبيع به وان استويا في المعاملة باع بما هو أنفع للموكل فأن استويا تخير على المشهور وقال صاحب التهذيب بعد نقل التخيير إذا استويا في المعاملة وجب أن لا يصح التوكيل ما لم يبين كما لو باع بدراهم وفى البلد نقدان متساويان لا يصح حتى بقيد باحدهما ووجدت في كلام الشيخ أبى حامد مثل ما ذكره صاحب التهذيب ثم إذا باع الوكيل في أحد الوجوه المذكورة لم يصير ضامنا للمال ما لم يسلمه إلى المشترى فان سلم ضمن ثم القول فيه إذا كان المبيع باقيا أو تالفا في كيفية تغريم الموكل الوكيل والمشترى على ما بيناه فيما إذا باع العدل الرهن بالغبن الفاحش أو بغير نقد البلد بالنسيئة وأما البيع بالغبن اليسير فانه جائز واليسير الذى يتغابن الناس بمثله ويحتملونه غالبا وبيع ما يساوى عشرة بتسعة يحتمل في الغالب وبيعه بثمانية غير محتمل قال الرويانى ويختلف القدر المحتمل باختلاف أجناس الاموال من الثياب والعبيد والعقارات وغيرها وكما يجوز أن ينقص الوكيل عن ثمن المثل لا يجوز أن يقتصر عليه وهناك طالب للزيادة ولو باع بثمن المثل ثم ظهر في المجلس طالب يزيد فالحكم ما مر في عدل الرهن.

(11/27)


(فرع) إذا قال الموكل عند التوكيل بعه بكم شئت جاز له البيع بالغبن ولايجوز بالنسيئة ولا بغير نقد البلد ولو قال بما شئت فله البيع بغير نقد البلد ولايجوز بالغبن والنسيئة فلو قال كيف شئت فله البيع بالنسيئة ولا يجوز بالغبن وبغير نقد البلد ولكن القاضى الحسين يجوز الكل ولو قال بع بما عزو وهان قال في التتمة هو كما لو قال بعه بكم شئت وقال العبادي له البيع بالعرض والغبن ولايجوز بالنسيئة وهو الاولى.
(فرع) ذكرنا في الرهن والتفليس أن الحاكم يبيع المرهون ومال المفلس بنقد البلد وأنه لو لم يكن دين المستحقين من ذلك أو على تلك الصفة صرفه إلى مثل حقوقهم وقد يحتاج فيه إلى توسط معاملة أخرى إذا كان نقد البلد المكسور وحقهم الصحيح فلا يمكن تحصيل الصحيح بالمكسر الا ببذل زيادة وانه ربا فيشترى بالمكسر سلعة وبالسلعة الصحيح ولو رأى الحاكم المصلحة في البيع بمثل حقوقهم في الابتداء جاز وقد مر ذلك في الرهن قال القفال في الفتاوى والمرتهن عند امتناع الراهن عن اداء الحق يبيع الرهن ويقوم مقام الحاكم في توسط المعاملة الاخرى وفى بيعه بجنس الدين وعلى صفته واعلم أن مجرد امتناع الراهن عن اداء ما عليه لا يسلط المرتهن على بيع المرهون ولكنه قد يتسلط عليه على ما مر بيانه في الرهن وإذا الحق المرتهن حينئذ بالحاكم فيما ذكره أشبه أن يلحق وكيل الراهن ببيع المرهون وقضاء الحق منه بالمرتهن بل أولى قال لان نيابة المرتهن قهرية والموكل قد رضى تصرفه ونصبه لهذا الغرض.

(11/28)


قال (ويبيع (ح) على الاصح من أقاربه الذين ترد له شهادتهم.
ولا يبيع من ينفسه) .
الوكيل بالبيع مطلقا هل يبيع من ابنه وأبيه وسائر أصوله وفروعه فيه وجهان (أصحهما) نعم لانه باع بالثمن الذى لو باع به من أجنبي صح فاشبه مالو باع من صديقه وأيضا فانه يجوز للعم أن يزوج وليته من ابنه البالغ إذا أطلقت الاذن وقلنا لا يشترط تعيين الزوج فكذلك ههنا (والثاني) وبه قال أبو حنيفة لا لانه متهم بالميل إليهم ومن الجائز أن يكون هناك راغب باكثر من ذلك الثمن
وأجرى الوجهين في الاصول والفروع المستقلين أما ابنه الصغير فلا يبيع منه وكذلك لا يبيع من نفسه لانه يستقصى لنفسه وطفله في الاسترخاص وغرض البائع الاستقصاء في البيع للاكثر وهما غرضان متضادان فلا يتأتى من الواحد القيام بهما وأيضا فان التوكيل بالبيع مطلقا يشعر بالبيع من الغير والالفاظ المطلقة تحمل على المفهوم منها في العرف الغالب وفى كتاب القاضي ابن كج شيئان غريبان في المسأله (أحدهما) أن أبا حامد القاضي حكى عن الاصطخرى وجها أن للوكيل أن يبيع من نفسه (والثانى) أنه حكى وجهين فيما لو وكل أباه بالبيع هل أن يبيع من نفسه لان للاب بيع مال ولده من نفسه بالولاية فكذلك بالوكالة وإذا قلنا بظاهر المذهب فلو صرح له بالاذن في بيعه من نفسه فوجهان قال ابن سريج يجوز كما لو أذن له في البيع من أبيه وابنه البالغ يجوز وكما لو قال لزوجته طلقي

(11/29)


نفسك على الف ففعلت صح وتكون نائبة من جهته قابلة من جهة نفسها وقال الاكثرون لا يجوز لما ذكرنا من تضاد الغرضين ولان وقوع الايجاب والقبول من شخص واحد بعيد عن التخاطب ووضع الكلام وتجويزه في حق الاب كان على خلاف القياس ولو صرح بالاذن في بيعها من ابنه الصغير قال في التتمة هو على هذا الخلاف وقال صحاب التهذيب وجب أن يجوز لانه رضى بالنظر للطفل وترك الاستقصاء وتولى الطرفين في حق الولد معهود في الجملة بخلاف مالو باع من نفسه ويجرى الوجهان فيما لو وكله بالهبة وأذان له ليهب من نفسه أو يتزوج ابنته وأذن له في تزويجها من نفسه وفى تولى ابن العم طرفي النكاح بان يتزوج ابنة عمه باذنها حيث انتهت الولاية إليه والنكاح أولى بالمنع لما روى موقوفا ومرفوعا أنه عليه السلام قال (لانكاح إلا بأربعة خاطب وولى وشاهدين) وكذا فيما إذا وكل مستحق الدين المديون باستيفائه من نفسه أو وكل مستحق القصاص الجاني باستيفائه من نفسه اما في النفس أو في الطرف أو وكل الامام السارق ليقطع يده وحكى الامام رحمه الله إجراءه فيما لو وكل الزانى ليجلد نفسه واستبعده من جهة أنه متهم في ترك الايلام بخلاف القطع إذ لامدخل للتهمة فيه وظاهر المذهب في الكل المنع وفى التوكيل بالخصومة من الجانبين وجهان (أحدهما) الجواز لانه يتمكن من إقامة البينة للمدعى عليه (وأصحهما) المنع لما فيه من اختلاف

(11/30)


غرض كل واحد منهما فانه يحتاج إلى العقد بل من جانب والى الجرح من جانب وعلى هذا فإليه الخيرة يخاصم أيهما شاء ولو توكل رجل في طرفي النكاح أو البيع اطراد الوجهان ومنهم من قطع بالمنع لو وكل من عليه بابراء نفسه ففيه طريقان (أحدهما) التخريج على الوجهين (والثانى) القطع بالجواز كما لو وكل من عليه القصاص بالعفو والعبد باعتاق نفسه والوكيل بالشراء كالوكيل بالبيع في أنه لا يشترى من نفسه ولا من مال ابنه الصغير ويخرج شراؤه لابنه البالغ على الوجهين في سائر الصور (وقوله) في الكتاب اجراه ابن سريج في تولى ابن العم طرفي النكاح اتبع فيه ما رواه الامام فانه نسب طرد الخلاف فيها إلى سريج ورأيت للحناطى نحو ذلك وعامة الكتب ساكتة عنه قال (فان أذن له في البيع من نفسه ففى تولية الطرفين خلاف.
أجراه ابن سريج في تولى ابن العم لطرفي النكاح.
وتولى من عليه الدين أو القصاص أو الحد استيفاءه من نفسه بالوكالة.
ويطرد في الوكيل من الجانبين بالخصومه ومن عقد النكاح والبيع.
كما إذا كان وكيلا من جهة الموجب والقابل جميعا.
وان اذن له في البيع بالاجل مقدارا جاز.
وان أطلق فالاصح أن العرف يقيده بالمصلحة.
وقيل انه مجهول) .

(11/31)


إذا أذن للوكيل في البيع إلى أجل نظر ان قدر الاجل صح التوكيل وان أطلق فوجهان (أحدهما) أنه لا يصح التوكيل لاختلاف الغرض بتفاوت الاجل طولا وقصرا وهذا ما أورده في التهذيب (وأصحهما) ما ذكره في الكتاب واختيار ابن كج أنه يصح التوكيل وعلى ما يحمل فيه ثلاثه أوجه (أظهرها) وهو المذكور في الكتاب أنه ينظر إلى المتعارف في مثله فان لم يكن فيه عرف راعى الوكيل الانفع للموكل (والثانى) له التأجيل إلى أيه مدة شاء لاطلاق اللفظ (والثالث) يؤجل إلى سنه ولا يزيد عليها لان الديون المؤجلة تتقدربها كالدين والحرية.
قال (الثانية الوكيل بالبيع لا يملك تسليم المبيع قبل توفر الثمن.
وبعد التوفير لا يجوز له المنع
فانه حق الغير.
والوكيل بالشراء يملك تسليم الثمن المسلم إليه ويملك قبض المشترى.
والوكيل بالبيع هل يملك قبض الثمن من حيث انه من توابعه ومقاصده وان لم يصرح به فيه خلاف.
ويقرب منه الخلاف في أن الوكيل باثبات الحق هل يستوفى.
وباستيفاء الحق يخاصم فقه ثلاثه أوجه.
الا عدل أن الوكيل بالاثبات لا يستوفى.
وبالاستيفاء يثبت ويخاصم سعيا في الاستيفاء)

(11/32)


أول مذكور في الفصل أن الاصحاب نقلوا وجهين في أن الوكيل بالبيع مطلقا هل يملك قبض الثمن وربما نسبوها إلى ابن سريج (أحدهما) أنه لا يملك لانه إنما أذن في البيع وقبض الثمن أمر وراء البيع وليس كل من يرضاه للبيع يرضاه لاثبات اليد على الثمن (وأصحهما) أنه يملكه لانه من توابع البيع ومقتضياته فالاذن في البيع أذن فيه وان لم يصرح به وهل يملك تسليم المبيع إذا كان مسلما إليه أشار الاكثرون إلى الجزم بأنه يملكه تعليلا بأن البيع اقتضى أزالة الملك ووجوب التسليم وقال الشيخ أبو علي الوجهان في أنه هل يملك قبض الثمن يجريان في أنه يملك تسليم المبيع وكيف لا وتسليم المبيع دون قبض الثمن فيه خطر ظاهر ولو كان قد صرح له بهما لم يملك التسليم ما لم يقبض الثمن وعلى هذا جرى صاحب التهذيب وغيره ولا خلاف في أن الموكل بعقد الصرف يملك القبض والاقباض لانه شرط صحة العقد وكذلك في السلم يقبض وكيل المسلم إليه رأس المال ووكيل المسلم يقبضه إياه لامحاله إذا تقرر ذلك فينظر ان باع الوكيل بثمن مؤجل بحيث يجوز له ذلك سلم المبيع إذ لا ينسب للبائع حق الحبس عند تأجيل الثمن ويجئ على ما ذكره

(11/33)


الشيخ وجه مانع من التسليم لا لغرض الحبس لكن لانه لم يفوضه إليه ثم إذا أجل الاجل لم يملك الوكيل قبض الثمن الا بأذن مستأنف وان اباعه بثمن حال وجوزنا القبض فلا يسلم المبيع حتى يقبض الثمن كما لو أذن فيها صريحا فله مطالبة المشترى بتسليم الثمن فان لم نجوز له القبض لم يكن له المطالبة وللموكل المطالبة بالثمن على كل حال خلافا لابي حنيفة رحمه الله تعالى ولو وكله بالبيع ومنعه من قبض الثمن لم يكن له القبض لا محالة ولو منعه من تسليم المبيع فكمثل جواب الشيخ في شرح الفروع
وقال قائلون هذا الشرط فاسد فان التسليم مستحق بالعقد ورووا عن أبى على الطبري وغيره وجهين في أن الوكالة هل تفسد به حتى يسقط الجعل المسمى ويقع الرجوع إلى أجرة المثل ووجه الامام رحمه الله تعالى وجه سقوطه بأن استحقاقه مربوط بالبيع والامتناع من التسليم وكان مقابلا بشئ صحيح وشئ فاسد فليفسد المسمى والحق أن يقال المسألة مبنية على أن في صورة الاطلاق هل للوكيل التسليم أم لا (ان قلنا) لا فعند المنع أولى (وان قلنا) نعم فكذلك لانه من توابع العقد وتمامه كالقبض لا لان تسليمه مستحق بالعقد فان المستحق هو التسليم لا تسليمه والممنوع منه تسليمه نعم لو قال امنع

(11/34)


المبيع منه فهذا الشرط فاسد لان منع الملك عن المالك حيث يستحق اثبات اليد عليه غير جائز وفرق بين أن يقول لا تسلمه إليه وبين أن يقول امسكه وامنعه منه (وأما) الوكيل بالشراء فأن لم يسلم الموكل الثمن إليه فاشترى في الذمة فسيأتي الكلام في أن المطالبة بالثمن على من توجه في الحكم الثاني من الباب فأن سلمه إليه واشترى بعينه أو في الذمة فالقول في أنه هل يسلمه وهل يقبض المبيع بمجرد التوكيل في الشراء كالقول في أن الوكيل البائع هل يسلم المبيع ويقبض الثمن بمجرد التوكيل بالبيع هكذا هو في التهذيب والتتمة ولفظ الكتاب يشعر بالجزم بتسليمه الثمن وقبض المبيع ووجهه في الوسيط بان العرف يقتضى ذلك ويدل عليه وأيضا فان الملك في الثمن لا يتعين الا بالقبض فيستدعى اذنا جديدا وأما المبيع فانه متعين للملك ولمن طرد الخلاف أن يمنع العرف الفارق بين الطريقين وبين المعنى الثاني فلو كان به اعتبار لوجوب أن يجزم بقبض وكيل البائع الثمن إذا كان معينا ولم يفرقوا

(11/35)


في رواية الوجهين بين أن يبيع بثمن معين أو في الذمة (وقوله) في الكتاب وبعد التوفير لا يجوز له المنع فأنه حق للغير أراد به ما ذكره الامام رحمه الله تعالى من أن المشترى إذا وفر الثمن على الموكل أو على الوكيل إذا جوزنا له القبض فالوكيل يسلمه المبيع وان لم يأذن له الموكل في تسليمه لان اداء الثمن إذا وفر صار قبض المبيع مستحقا وللمشترى الانفراد بأخذه فأن أخذ المشترى فذاك وان سلمه الوكيل فالامر محمول على أخذ المشترى ولا حكم للتسليم ثم قرب من الخلاف في أن الوكيل
بالبيع هل يقبض الثمن الخلاف في مسألة أخرى وهى أن الوكيل باستيفاء الحق هل يثبت ويقيم البينة عند انكار من عيه فيه وجهان عند ابن سريج (أصحهما) لا لانه لم يوكل الا بالقبض وقد يرضى للقبض من لا يرضاه للخصومة (والثانى) نعم لانه لا يتمكن من الاستيفاء عند انكار من عليه الاثبات فليمكن مما يتوسل به إلى الاستيفاء ولافرق على الوجهين بين أن يكون الموكل باستيفائه عينا أو دينا وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى ان كان دينا ملك الاثبات وان كان عينا لم يملكه وأما أن الوكيل بالاثبات هل يستوفى بعد الاثبات فيه طريقان (أحدهما) أن فيه وجهين ايضا كالوجهين في أن الوكيل بالبيع هل يملك قبض الثمن لانه من توابع الاثبات ومقاصده كقبض الثمن بالاضافة إلى البيع (وأظهرهما) القطع بالمنع لان الاستيفاء يقع بعد الاثبات فليس ذلك نفس المأذون فيه ولا واسطة بخلاف العكس وبخلاف مسألة قبض الثمن لانه إذا وكله بالبيع أقامه مقام

(11/36)


نفسه فيه وانه عقد يتضمن عهدا منها تسليم المبيع وقبض الثمن فجاز أن يكون من قضاياه وأما الاثبات فليس فيه ما يتضمن التزاما قال في التتمة الخلاف في الصورة الثانية في الاموال أما القصاص والحد فلا يستوفيهما بحال وحكى القاضى ابن كج عن ابن خيران أنه على الوجهين وإذا جمعت بن الامرين الاستيفاء والاثبات وقلت الوكيل باحدهما هل يملك الثاني حصل في الجواب ثلاثة أوجه كما ذكر في الكتاب لكن تسمية الوجه الفارق أعدل الوجوه ربما أوهم ترجيحه والظاهر عند الاصحاب أنه لا يفيد واحد منهما الثاني.
(فرع) عرفت أن الوكيل لا يسلم المبيع قبل قبض الثمن فلو فعل للموكل قيمته إن كانت القيمة والثمن سواء أو كان الثمن أكثر وإن كانت القيمة أكثر بأن باعه بغبن محتمل فيغرمه جميع القيمة أو يحط عنه قدر الغبن لصحة البيع بذلك الثمن فيه وجهان (أصحهما) أولهما ولو باع بغبن فاحش بأذن الموكل فقياس الوجه الثاني أن لا يغرم إلا قدر الثمن ثم لو قبض الوكيل الثمن بعد ما غرم دفعه إلى الموكل واسترد المغروم.
قال (الثالثة أن الوكيل بالشراء إذا اشترى معيبا بثمن مثله وجهل العيب وقع عن الموكل
وان علم فوجهان.
وان كان بغبن وعلم لم يقع عن الموكل.
وان جهل فوجهان.
ثم مهما جهل الوكيل فله الرد (و) الا إذا كان العبد معينا من جهة الموكل فوجهان في الرد.
وحيث يكون

(11/37)


الوكيل عالما فلا رد له.
وفى الموكل وجهان.
إذ قد يقوم علم الوكيل مقام علم الموكل كما في رؤيته.
ومهما يثبت الخيار لم يسقط برضا الوكيل حق الموكل ويسقط برضا الموكل رد الوكيل) .
الوكيل بالشراء اما أن يكون وكيلا بشراء شئ موصوف فلا يشترى الا السليم لان قضية الاطلاق السلامة ألا ترى أنه إذا أسلم في شئ موصوف استحق السليم منه ويخالف عامل القراض حيث يجوز له شراء المعيب وههنا المقصود الادخار إذ يجوز أن يكون الادخار والاقتناء مقصودا وانما يقتنى السليم دون المعيب وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى يجوز للوكيل شراء المعيب فلو خالف ما ذكرناه واشترى المعيب نظر ان كان مع العيب يساوى ما اشتراه به فان جهل العيب فان جهل العيب وقع عن الموكل وان علمه فثلاثة أوجه (أظهرها) أن لا يقع عنه لتقييد الاذن بالسليم (والثانى) يقع لانه لا نقصان في المالية والصيغة عامة (والثالث) يفرق بين ما يمنع من الاجزاء في الكفارة إذا كان المبيع عبدا وبينما لايمنع حملا لقوله اشتر لى رقبة على ما حمل عليه قوله تعالى (فتحرير رقبة) قال الامام رحمه الله تعالى وصاحب هذا الوجه يستثنى الكفر فانه يمنع من الاجزاء في الكفارة ويجوز للوكيل شراء الكافر وان كان لا يساوي ما اشتراه به فان علم لم يقع عن الموكل وان جهل فوجهان (أصحهما) عند الامام أنه لا يقع ايضا عنه لان الغبن يمنع عن الموكل مع سلامة المبيع وأن لم يعرف الوكيل فعند العيب أولى وأوفقهما لكلام الاكثرين أنه يقع عنه كما لو اشترى لنفسه جاهلا

(11/38)


ويفارق مجرد الغبن فانه لا يثبت الخيار فلو صح البيع ورفع عن الموكل للزم ولحقه الضرر والعيب يثبت الخيار والحكم بوقوعه عنه لا يورطه في الضرر وحيث قلنا بوقوعه عن الموكل فينظر ان كان الوكيل جاهلا فللموكل الرد إذا اطلع لانه المالك وأما الوكيل فعن صاحب التقريب رواية وجه عن ابن سريج أنه لا ينفرد بالرد لانه كان مأذونا في الشراء دون الفسخ وظاهر المذهب أنه ينفرد لمعنيين
(أحدهما) أنه اقامه مقام نفسه في هذا العقد ولواحقه (والثانى) أنه لو لم يكن له الرد إلى استئذان الموكل فربما لا يرضى الموكل فيتعذر الرد لكونه على الفور ويبقى المبيع كلا على الوكيل وفيه ضرر ظاهر وهذا هو المعتمد عند الاصحاب لكن فيه اشكال لانا لو لم نثبت له الرد لكان كسائر الاجانب عن العقد فلا أثر لتأخره وأيضا فان من له الرد قد يعذر في التأخير لاسباب داعية إليه فهلا كانت مشاورة الموكل عذرا وأيضا فانه وان تعذر منه الرد فلا يتعذر بنفس الرد إذ الموكل يرد إذا كان قد سماه في العقد أو نواه على ان في كون المبيع للوكيل وفى الرد منه بتقدير تعذر كونه له خلافا وسيأتى جميع ذلك في الفصل وان كان الوكيل عالما فلا رد له وفى الموكل وجهان (أحدهما) أنه لا رد له أيضا لانه نزل الوكيل منزلة نفسه في العقد والاخذ فيكون اطلاعه على العيب كاطلاع الموكل كما أن رؤيتة كرؤيته واخراج العقد عن أن يكون على قولى شراء الغائب (وأصحهما) أن له الرد لان اطلاعه ورضاه بعد العقد لا يسقط حق الرد للموكل فكذلك اطلاعه في الابتداء وعلى هذا فينتقل الملك إلى الوكيل أو ينفسخ العقد من

(11/39)


أصله حكي الامام رحمه الله فيه وجهين قال من قال بالاول كانه يقول انعقاد العقد موقوفا إلى أن يتبين الحال والا فيستحيل ارتداد الملك عن الموكل إلى الوكيل وهذه الاختلافات مفرعة على وقوع العقد للوكيل مع علم الوكيل بالعيب والمذهب خلافه (الحالة الثانية) أن يكون وكيلا بشراء شئ معين فان لم ينفرد الوكيل في الحالة الاولى بالرد فهو ههنا أولى وان انفرد فههنا وجهان (وجه المنع) أنه ربما يتعلق الغرض بعينه فينتظر مشاورته (ووجه الجواز) وهو الاصح والمنصوص في اختلاف العراقيين أن الظاهر أنه بعينه شرط السلامة ولم يذكروا في هذه الحالة أنه متى يقع عن الموكل ومتى لا يقع والقياس أنه كما سبق في الحالة الاولى نعم لو كان المبيع معيبا يساوى ما اشتراه به وهو عالم فايقاعه عن الموكل ههنا أولى لجواز تعلق الغرض بعينه وجميع ما ذكرنا في الحالتين مفروض فيما إذا اشترى بثمن في الذمة أما إذا كان الثمن بعين مال الموكل فحيث قلنا هناك لا يقع عن الموكل فههنا لا يصح أصلا وحيث قلنا يقع فكذلك ههنا وهل للوكيل الرد فيه وجهان (أصحهما) لا ويمكن أن يكون الوجهان مبنيان على المعنيين السابقين إن عللنا انفراده بالرد فانه اقامه مقام نفسه في العقد ولو احقه فكذلك ههنا وان عللنا بأنه لو أخر ربما
لزم العقد فصار المبيع كلا عليه فلا لان المشترى بملك الغير لا يقع له بحال (واعلم) أنه إذا ثبت الرد للوكيل في صورة الشراء في الذمه فلو أطلع الموكل على العيب قبل اطلاع الوكيل أو بعده ورضى سقط خيار الوكيل بخلاف الرد فأن رضى المالك بحضه فمن الربح ولا يسقط خيار الموكل بتأخير الوكيل وتقصيره وإذا أخر أو صرح بألزام العقد فهل له العود إلى الرد لان أصل الحق باق بحاله وهو نائب أم لا وكأنه

(11/40)


بالتأخير أو الالزام عزل نفسه عن الرد وجهان (أظهرهما) الثاني وإذا قلنا به أو أثبتنا له العود ولم يعد فإذا اطلع الموكل عليه وأراد الرد فله ذلك إن سماه الوكيل في الشراء أو نواه وصدقه البائع عليه وإلا فوجهان (أحدهما) وهو المذكور في التهذيب والتتمة أنه يرده على الوكيل ويلزم المبيع لانه اشترى في الذمة ما لم يأذن فيه الموكل فيصرف إليه (والثانى) وهو الذي نقله الشيخ أبو حامد وأصحابه أن المبيع يكون للموكل والرد قد فات لتفريط الوكيل وما الذى يضمن قال أبويحيى البلخي قدر نقصان قيمته من الثمن ولو كانت القيمة تسعين والثمن مائة يرجع بعشرة ولو تساويا فلا رجوع وقال الاكثرون يرجع بارش العيب لانه فات الرد بغير تقصيره فكان له الارش كما لو تعذر الرد بعيب حادث إلا أن هناك يوجد الارش من البائع لتلبيسه وههنا من الوكيل لتقصيره ولو أراد الوكيل الرد فقال البائع أجزه حتى يحضر الموكل لم يلزمه الاجابة بل له الرد لئلا يصير المبيع كلا عليه أو يلزمه الغرم ولان الرد حيث ثبت له فلا يكلف تأخيره وإذا رد ثم حضر الموكل ورضيه احتاج إلى استئناف شراء ولو أخره كما التمس البائع فحضر الموكل ولم يرض به قال في التهذيب المبيع للوكيل ولا رد لتأخيره مع الامكان وقيل له الرد لانه لم يرض بالعيب قال وهو ضعيف ولك أن تقول له أنت وسائر النقلة متفقون على أنه إذا رضى الوكيل بالعيب ثم حضر االموكل وأراد الرد فله ذلك إذا كان الوكيل قد سماه أو نواه وههنا الوكيل والموكل والبائع يتصادقون على أن الشراء للموكل

(11/41)


فلا بد وأن يكون قد سماه ونواه ووجب أن يقال المبيع للموكل وله الرد ولو أراد فقال البائع إنه قد عرفه الموكل ورضى به وليس لك الرد نظر إن لم يحتمل بلوغ الخبر إليه لم يلتفت
إلى قوله وإن احتمل وأنكر الوكيل حلف على نفى العلم برضى الموكل لانه لو أقر به للزمه حكم إقراره وعن أبى حامد القاضى وغيره وجه آخر أنه لا يخاف والمذهب الاول وقوله في المختصر وإن وكله بشراء سلعه فأصاب بها عيبا كان له الرد بالعيب وليس عليه أن يخلفه أنه ما رضى به الامؤول عند الاصحاب محمول على ما إذا لم يكن ما يدعيه محتملا أو على ما إذا احتمل طلب اليمين منه على البت أو على ما إذا لم يجزم بالدعوى بل قال أجز فلعله بلغه الخبر ورضى به ومنهم من غلط المزني في النقل وقال انه أدخل جواب مسأله في مسأله إذا عرفت ذلك فإذا عرضنا اليمين على الوكيل لم يخل اما أن يخلف أو ينكل ان حلف رده فان حضر الموكل وصدق البائع فعن سريج أن له استرداد المبيع من البائع لموافقته اياه على الرضى قبل الرد وفى التتمه أن القاضى الحسين قال لا يسترد وينفذ فسخ الوكيل فان مكل حلف البائع وسقط رد الوكيل ثم إذا حضر الموكل وصدق البائع فذاك وان كذبه قال في التهذيب لزم العقد للوكيل ولا رد له لابطاله الحق بالنكول وفيه من الاشكال ما قدمناه هذا كله في طرف الشراء أما الوكيل بالبيع إذا بالع فوجد المشترى بالمبيع عيبا رده عليه ان لم يعلمه وكيلا وان علمه وكيلا رده عليه ان شاء ثم هو يرد على الموكل وعلى الوكيل ان شاء

(11/42)


وهل للوكيل حط بعض الثمن المعيب فيه قولان عن ابن سريج ولو زعم الموكل حدوث العيب في يد المشترى وصدق الوكيل المشترى رد المشترى على الوكيل ولم يرد الوكيل على الموكل.
(فرع) سيأتي في القراض أن الوكيل بالشراء هل يشترى من يعتق على الموكل ان قلنا يشتريه فلو كان معيبا فللوكيل رده لانه لا يعتق على الموكل قبل الرضى بالعيب ذكره في التهذيب.
قال (الرابعة الوكيل بتصرف معين لا يوكل الا إذا أذن له فيه.
فلو وكل بتصرفات كثيرة وأذن في التوكيل وكل.
وان اطلق فثلاثة اوجه.
وفى الثالث يوكل في المقدار المعجوز عنه ويباشر الباقي.
ثم لا يوكل الا أمينا رعاية للغبطة) .
مقصود الفصل الكلام في أن الوكيل هل يوكل لا يخلو اما أن ياذن له الموكل في التوكيل صريحا أو يسكت عنه ان سكت عنه فينظر ان كان أمرا يتاتى له الاتيان به لم يوكل فيه لانه لم
يرض بتصرف غيره وان لم يتأت ذلك منه اما لانه لا يحسن أو لان الاتيان به لا يليق بمنصببه فله التوكيل فيه لان الشخص لا يقصد منه الا الاستنابة فيه وفيه وجه أنه لا يوكل لقصور قضية اللفظ ولو كثرت التصرفات التى وكله بها ولم يمكنه الاتيان بالكل لكثرتها ففيه ثلاثة طرق (أصحهما) أنه يوكل فيما يزيد على قدر الامكان وفى قدر الامكان وجهان (أحدهما) يوكل فيه أيضا لانه ملك التوكل في البعض فيوكل في الكل كما لو أذن صريحا (وأصحهما) أنه لا يوكل في القدر المقدور له لانه لاضرورة إليه (والثانية) أنه لا يوكل في قدر الامكان وفيما يزيد عليه وجهان (الثالثة) اطلاق

(11/43)


الوجهين في الكل قال الامام رحمه الله تعالى والخلاف على اختلاف الطرق ناظر إلى اللفظ والقرينة وفى القرينة تردد في التعميم والتخصيص أما إذا أذن له في التوكيل فله أن يوكل ثم له ثلاث صور لانه اما أن يقول وكل عن نفسك أو وكل عنى أو يطلق (الصورة الاولى) إذا قال وكل عن نفسك ففعل انعزل الثاني بعزل الاول لانه نائبه وفيه وجه أنه لا ينعزل الا بالاذن واجري هذا الخلاف في انعزاله بموت الاول وجنونه (والاصح) الانعزال ولو عزل الموكل الوكيل الاول انعزل وفى انعزال الثاني بانعزاله هذا الخلاف ولو عزل الثاني ففى انعزاله وجهان (أحدهما) لا ينعزل لانه ليس بوكيل من جهته (وأصحهما) أنه ينعزل كما ينعزل بموته وجنونه والعبارة المعبرة عن هذا الخلاف أن الثاني وكيل الوكيل كما صرح به في التوكيل أو وكيل الاول ومعنى كلامه أقم غيرك مقام نفسك والاصح أنه وكيل الوكيل الوكيل لكنه إذا كان وكيل الوكيل كان فرع الفرع وفرع الفرع فرع الاصل فينعزل بانعزاله (الصورة الثانية) إذا قال وكل عنى ففعل فالثاني وكيل الموكل كالاول وله عزل أيهما شاء وليس لواحد منهما عزل الآخر ولا ينعزل بانعزال الآخر (الثالثة) إذا قال وكلتك بكذا واذنت لك في أن تو كل به وكيلا ولم يقل عنى ولا عن نفسك ففيه وجهان (أحدهما) ان الحكم كما في الصورة الاولى لان المقصود في الاذن في التوكيل تسهيل الامر عليه (وأصحهما) أنه كالصورة الثانية لان التوكيل تصرف يتولاه باذن الموكل فيقع عنه وإذا

(11/44)


جوزنا للوكيل أن يوكل في صورة سكوت الموكل عنه فينبغي أن يوكل عن موكله فلو وكله عن نفسه ففيه وجهان وهذا لان القرينة المجوزة للتوكيل كالاذن في مطلق التوكيل ويشترط على الوكيل حيث ملك التوكيل أن يوكل أمينا رعاية لمصحلة الموكل الا أن يعين له من ليس بامين ولو وكل أمينا ففسق فهل له عزله فيه وجهان.
(فرع) إذا وكله بتصرف وقال له افعل فيه ما شئت هل يكون ذلك كالاذن في التوكيل فيه وجهان عن ابن سريج (أصحهما) لا وقوله افعل ما شئت ينصرف إلى تصرفه بنفسه (وقوله) في الكتاب الوكيل بتصرف معين لا يوكل إلا إذا أذن فيه غير معمول بظاهره بل المعنى إلا إذا كان الموكل فيه مالا يتأتى للوكيل مباشرته فان الظاهر جواز التوكيل والحالة هذه كما تقرر (وقوله) فان أطلق فثلاثة أوجه هي حاصل مايخرج من الطرق الثلاثة التى قدمناها واعلم أن الصورة المذكورة في أول الباب إلى هذه الغاية موضوعة في الوكيل المطلق ومن هذا الموضع إلى آخره في التوكيل المقرون بضرب من التقييد.
قال (الخامسة تتبع مخصصات الموكل.
فلو قال بع من زيد لم يبع من غيره.
وان خصص زمانا تعين.
وان خصص سوقا يتفاوت بها الغرض تعين والا فلا.
وإذا صرح بالنهي عن غير المخصوص امتنع قطعا.
ولو قال بع بمائة يبيع بما فوقه الا إذا نهاه عنه.
ولا يبيع بما دونه بحال.
ولو قال اشتر بمائة يشترى بما دونها الا إذا نهاه.
ولا يشترى بما فوقها بحال.
ولو قال بع بمائة نسيئة فباع نقدا بمائة.
أو قال اشتر بمائة نقدا فاشترى بمائة فوجهان لان التفاوت فيه يشبه

(11/45)


اختلاف الجنس.
ولا خلاف أنه لو قال بع بألف درهم فباع بألف دينار لم يجز وفيه احتمال) .
الاصل في هذه الصورة وما بعدها أنه يجب النظر بتقييدات الموكل في الوكالة ويشترط على الوكيل رعاية المفهوم منها بحسب العرف وفى الفصل صور (احدها) إذا عين الموكل شخصا بأن قال بع من زيد أو وقتا بأن قال بع في يوم كذا لم يجز أن يبيع من غيره ولا قبل ذلك الزمان ولابعده أما الاول فلان ذلك الشخص المعين قد يكون أقرب إلى الحل وأبعد عن الشبهة وربما يريد تخصيصه بذلك المبيع وأما الثاني فلانه ربما يحتاج إلى البيع في ذلك الوقت ولو عين مكانا من سوق ونحوها
نظر ان كان له في المكان المعين غرض بأن كان الراغبون فيه أكثر أو النقد فيه أجود لم يجز أن يبيع في غيره وان لم يكن غرض ظاهر فوجهان (أحدهما) يجوز والتعيين في مثل ذلك يقع اتفاقا هذا ما أورده في الكتاب وبه قال القاضى أبو حامد وقطع به الغزالي (والثانى) لا يجوز لانه ربما يكون له غرض لا يطلع عليه وهذا أصح عند ابن الفطان وصاحب التهذيب ولو نهاه صريحا عن البيع في غير ذلك الموضع امتنع بلا خلاف وذكر ابن كج أن قوله بع في بلد كذا كقوله بع في سوق كذا حتى لو باعه في بلد آخر جاء في التفصيل المذكور وهذا صحيح ولكنه يصير ضامغا للمال لنقله من ذلك البلد وكذا الثمن يكون مضمونا في يده بل لو أطلق التوكيل بالبيع وهو في بلد فليبعه في ذلك البلد ولو نقله صار ضامنا (الثانية) لو قال بع بمائة درهم لم يبع بما دونها وله أن يبيع بما فوقها والمقصود من التقدير أن لا ينقص ثمنها عن المقدار نعم لو نهاه صريحا لم يبع بما فوقها وحكي العبادي أن

(11/46)


بعض البصريين من أصحابنا لم يجوز أن يبيع بما فوق المائة والمشهور الاول وهل له أن يبيع بمائة وهناك من يرغب بالزيادة على المائة فيه وجهان (أحدهما) نعم لموافقة صريح اذنه (والثانى) لا كما لو أطلق الوكالة فباع بثمن المثل وهناك من يرغب بالزيادة وذكر الائمة أنه لو كان المشترى معينا بأن قال بع كلا من فلان بمائة لم يجز أن يبيع باكثر منها وكان المعنى فيه أنه ربما يقصد ارفاقه ولو قال بع كذا ولا تبعه بأكثر من مائة لم يبع بالاكثر ويبيع بها وبما دونها ما لم ينقص عن ثمن المثل ولو قال بعه بمائة ولا تبعه بمائة وخمسين فله أن يبيع بما فوق المائة دون المائة والخمسين ولا يبيع بالمائة والخمسين وفيما فوق ذلك وجهان عن ابن سريج (أصحهما) المنع لانه لما نهى عن زيادة خمسين فعن ما فوقها أولى وكذلك في طرف الشراء لو قال اشتر بمائة له أن يشترى بما دونها إلا إذا نهاه ولا يشترى بما فوقها ولو قال اشتر بمائة ولا تشترى بخمسين يجوز أن يشترى بما بين المائة والخمسين ولا يشترى بخمسين وفيما دونها الوجهان (الثالثة) لو قال بعه إلى أجل وبين قدره أو قلنا لا حاجة إلى البيان وحملناه على المعتاد فخالف وباع حالا نظر إن باعه بما يساويه حالا لم يصح لانه يكن ناقصا عن ما أمر به فان ما يشترى به الشئ نقدا أقل مما يشترى به نسئة ولو باعه بما يساويه إلى ذلك الاجل حالا نظر إن كان في وقت
لا يؤمن فيه من نهب أو سرقة أو كان لحفظه مؤنة في الحال لم يصح أيضا وان لم يكن شئ من ذلك

(11/47)


فوجهان (أحدهما) المنع أيضا فانه ربما كان يحتاج إلى الثمن في ذلك الوقت ويخاف من التعجيل خروجه في نفقته (وأصحهما) على ما ذكره في التهذيب الجواز لانه زاد خيرا ولافرق فيما ذكره بين ثمن المثل عند الاطلاق وبين ما يقدره من الثمن بأن قال بع بمائة نسيئة نقدا كما صور في الكتاب ولو قال بع بكذا إلى شهرين فباعه إلى شهر ففيه وجهان ولو قال اشتر حالا فاشتراه مؤجلا نظر ان اشتراه بما يرغب به فيه حالا إلى ذلك الاجل فوجهان كما في طرف البيع (وجه) الجواز ما مر (ووجه) المنع أنه ربما يخاف هلاك المال وبقاء الدين في ذمته قال أبو سعيد المتولي هذا إذا قلنا ان مستحق الدين المؤجل إذا عجل حقه يلزمه القبول (أما) إذا قلنا لا يلزمه القبول لا يصح الشراء ههنا للموكل بحال وذكر هو وغيره تخريجا على المسألة التى نحن فيها أن الوكيل بالشراء مطلقا لو اشترى نسيئة بثمن مثله جاز لانه زاد خيرا والموكل بسبيل من تفريغ ذمته بالتعجيل (وقوله) في الكتاب لان التفاوت فيه نسيئة اختلاف الجنس أي في النقد ونسيئة وانما يشبهه باختلاف الجنس لما بين الدين والعين أو بين الحال والمؤجل من شدة اختلاف الاغراض وهذا توجيه وجه المنع في صورتي البيع والشراء ولذلك عقبة بقوله ولا خلاف أنه لو قال بع بألف درهم فباع بألف دينار لم يجز وانما كان كذلك لان المأتى به ليس هو المأمور به ولا هو مشتمل على تحصيل ما أمر بتحصيله والوكيل متصرف بالاذن فإذا عزل عن المأذون فيه لغا تصرفه وأما قوله وفيه احتمال فقد أورد القاضى ابن كج نحوا منه وليس له

(11/48)


ذكر في الوسيط ولا في كتاب الامام رحمه الله تعالى ويمكن توجيهه بأنا عرفنا بالتوكيل رغبته في البيع ومن رغب في البيع بالدراهم فهو في البيع بمثل عددها من الدنانير أرغب هذا هو العرف الغالب وكما أن البيع بالدنانير غير المأذون فيه وهو البيع بالدارهم كذلك اللبيع بالمائتين غير المأذون فيه وهو البيع بالمائة ألا ترى أنه لو قال بعتك بمائة درهم لم يصح القبول بمائتي درهم كما لا يصح بمائتي دينار فإذا صححنا البيع بالمائتين اعتمادا على العرف فكذلك البيع بالدنانير وعلى هذا الاحتمال فالبيع بعرض
يساوى مائتي دينار يشبه أن يكون كالبيع بمائة دينار.
قال (ولو سلم إليه دينارا ليشترى شاة فاشترى شاتين تساوى كل واحدة منهما دينارا وباع احداهما بدينار ورد الدينار والشاة فقد فعل هذا عروة البارقى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا له فهو صحيح على أسد القولين.
وفى بيع الشاة خلاف ظاهر.
وتأويل الحديث أنه لعله كان وكيلا مطلقا) .
صور المسألة أن يسلم دينارا إلى وكيله ليشترى له شاة ووصفها فاشترى الوكيل شاتين بتلك الصفة بدينار فينظر إن لم تساوى كل واحدة منهما دينارا لم يصح الشراء للموكل وان زادتا معا على الدينار لانه ربما يبغى شاة تساوى دينارا فان كانت كل واحدة منهما تساوى دينارا فقولان (أصحهما) صحة الشراء وحصول الملك فيهما للموكل لانه اذن له في شراء شاة بدينار فإذا اشترى شاتين كل واحدة منهما تساوى دينارا بدينار فقد زاد خيرا مع تحصيل ما طلبه الموكل فأشبه ما إذا أمره ببيع شاة

(11/49)


بدرهم فباعها بدرهمين أو يشترى شاة بدرهم فاشتراهما بنصف درهم (والثانى) أنه لا تقع الشاتان معا للموكل لانه لم يأذن الا في شراء واحدة ولكن ينظر ان اشتراها في الذمة فللموكل واحدة بنصف دينار والاخرى للوكيل ويرد على الموكل نصف دينار وللموكل أن ينزع الثانية منه ويقرر العقد فيهما لانه عقد العقد له وان اشتراهما بعين الدينار فكأنه اشترى واحدة باذنه واخرى بغير اذنه فينبنى على أن العقود هل تتوقف على الاجازة (ان قلنا) لا تتوقف بطل العقد في واحدة وفى الثانية قولا تفريق الصفقة (وان قلنا) تتوقف فأن شاء الموكل أخذهما بالدينار وان شاء اقتصر على واحدة ورد الاخرى على المالك والقول في وضعه مشكل لان تعيين واحدة للموكل أو بطلان العقد فيهما ليس باولى من الاخرى والتخيير مشبه بما إذا باع شاة من شاتين على أن يتخير المشترى وهو باطل ونقل الامام رحمه الله تعالى فيما إذا اشترى في الذمة قولا ثالثا وهو ان الشراء لا يصح للموكل في واحدة منهما بل يقعان للوكيل وإذا قلنا بصحة الشراء فيهما للموكل فلو باع الوكيل أحدهما عن غير اذن الموكل ففى صحة البيع قولان عن ابن سريج (أحدهما) المنع لانه لم يأذن في البيع فاشبه ما إذا اشترى شاة بدينار ثم باعها بدينارين (والثانى) أنه يصح لانه إذا جاء بالشاة فقد حصل مقصود الموكل فلا فرق فيما زاد بين
أن يكون ذهبا أو غيره وعلى هذا يخرج ما إذا اشترى شاة بدينار وباعها بدينارين ويقال هذا الخلاف هو بعينه القولان في بيع الفضولي فعلى القول الجديد يلغو وعلى القديم ينعقد موقوفا على اجازة

(11/50)


الموكل واعلم أن صورة المسألة شراءا وبيعا قد نقل في حديث عروة الباقي وهو مذكور في أول البيع في مسألة الفضولي واحتج بهذا الحديث لكل واحد من القولين في أصل المسألة اما للقول الاصح فلان النبي صلى الله عليه وسلم فرره على شرائهما وألزم العقد فيهما واما للقول الثاني فلان الشاتين لو وقعتا للنبى صلى الله عليه وسلم لما باع أحداهما قبل مراجعته لان الانسان لا يبيع مال الغير كيف وقد سلم وتصرف الفضولي وان حكم بانعقاده فلا كلام في أنه ليس له التسليم قبل مراجعة المالك واجازته فلما باع أحدهما دل على أنها دخلت في ملكه وقد يقال هب أن واحدة منهما ملكه لكنها لاتتعين ما لم يختر الموكل واحدة منهما أو يجرى فيهما اصطلاح في ذلك وإذا لم تكن التى ملكها معينة فكيف يبيع واحدة منهما على التعيين ثم القائلون بالقول الاول والاحتجاج الاول احتج من ذهب منهم إلى صحة بيع احدى الشاتين بالحديث ومن منع حمل القضية على أن عروة كان وكيلا مطلقا من جهة النبي صلى الله عليه وسلم في بيع أمواله إذا رآى رأى المصلحة فيه ولكن في هذا التأويل بحث لانه ان كان قد وكله في بيع أمواله وما سيملكه وقع في الخلاف المذكور في التوكيل ببيع ما سيملكه الا أن يقال ذلك الخلاف فيما إذا خصص بيع ما سيملكه بالتوكيل أما إذا حصل تابعا لامواله الموجودة في الحال فيجوز وهذا كما أنه لو قال وقفت على من سيولد من أولادي لا يجوز ولو قال على أولادي ومن سيولد لى جاز.

(11/51)


(فرع) لو قال بع عبدى بمائة درهم فباعه بمائة درهم وعبد أو ثوب يساوى مائة درهم فعن ابن سريج أنه على قولين بالترتيب على مسألة الشاتين وأولى بالمنع لانه عدل عن الجنس الذى أمره بالبيع به ان منع فيمتنع في القدر الذى يقابل غير الجنس وهو الصنف أم في الجمع كيلا تتفرق الصفقة فيه قولان (ان قلنا) في ذلك القدر خاصة ففى التتمة أنه لاخيار للبائع لانه إذا رضى ببيع الجميع بالمائة كان ارضى ببيع النصفف بها وأما المشترى ان لم يعلم كونه وكيلا بالبيع بالدراهم فله الخيار فان
علمه فوجهان لشروعه في العقد مع العلم بان بعض المعقود عليه لا يسلم له.
قال (السادسة الوكيل بالخصومة لايقر على موكله كما لا يصالح.
ولا يبرئ الوكيل بالصلح عن الدم على خمر إذا فعل حصل العفو كما لو فعله الموكل.
ولو صالح على خنزير ففيه تردد.
والوكيل بالشراء الفاسد لا يستفيد به الصحيح فلا معنى لوكالته.
وليس للوكيل بالخصومة ان يشهد لموكله الا إذا عزل قبل الخوض في الخصومة ثم شهد.
وان كان قد خاض لم يقبل لانه متهم بتصديق نفسه وإذا وكل رجلين بالخصومة فهل لكل واحد الاستبداد وجهان) .
قال الشارح في أول هذه الصورة وفى آخرها مسائل تتعلق بالتوكيل بالخصومة في خلالها ما لا يتعلق بالخصومة ونحن نستوفي ما يتعلق بالخصومة ثم نذكر المدرج في مسائلها أما ما يتعلق بالخصومة فثلاث مسائل (احداها) الوكيل بالخصومة من جهة المدعى يدعى ويقيم البينة ويسعى في تعديلها

(11/52)


ويحلف ويطلب الحكم والقضاء ويفعل ما يقع وسيلة إلى الاثبات والوكيل بالخصومة من جهة المدعى عليه ينكر ويطعن في الشهود ويسعى في الدفع بما يمكنه ولو أقر وكيل المدعى بالقبض أو الابراء أقبول الحوالة أو المصالحة على مال أو بأن الحق مؤجل أو أقر وكيل المدعى عليه بالحق المدعى لم يقبل سواء أقر في مجلس الحكم أو غيره وبهذا قال أحمد وقال أبو حنيفة تقبل إذا أقر في مجلس الحكم وسلم أنه لا يقبل في دعوى النكاح والطلاق والقصاص والعفو (ولنا) القياس على ما سلمه وأيضا فانه لا يصالح ولا يبرئ لان اسم الخصومة لا يتناولهما فكذلك الاقرار ثم وكيل المدعى إذا أقر بالقبض أو الابراء انعزل عن الوكالة وان لم يلزم اقراره الموكل وكذلك وكيل المدعى عليه إذا أقر بالحق لانه بعد الاقرار ظالم في الخصومة بزعمه وأطلق القاضى ابن كج وجهين في أنه هل تبطل وكالته بالاقرار وهل يشترط في التوكيل بالخصومة بيان من يخاصم.
معه.
(فرع) نقل في النهاية أن الوكيل بالخصومة من جهة المدعى عليه لا يقبل منه تعديل بينة المدعى لانه كالاقرار في كونه قاطعا للخصومة وليس للوكيل قطع الخصومة بالاختيار وقال المصنف في الوسيط لاشك أن تعديله وحده لا ينزل منه منزلة اقرار الموكل بعدالتهم لكن رده مطلقا بعيد لان التعديل
غير مستفاد من الوكالة إلا أن يوجه بأنه بالتعديل مقصر في الوكالة وتارك حق النصح (الثانية) تقبل شهادة الوكيل على موكله ولموكله في غير ما هو وكيل فيه كما لو شهد له بعبد وقد وكله ببيع

(11/53)


دار وان شهد فيما هو وكيل فيه نظر إن كان ذلك قبل العزل لم تقبل لانه يثبت لنفسه محل ولاية التصرف وان كان بعده فان كان قد خاصم فه لم تقبل أيضا لانه متهم بتمشية قوله واظهار الصدق وإن لم يخاصم فوجهان (أحدهما) لاتقبل كما لو شهد قبل العزل (وأصحهما) ويحكى عن أبى حنيفة رحمه الله تعالى أنه تقبل لانه ما انتصب خصما ولا يثبت لنفسه حقا فأشبه ما لو شهد قبل التوكيل هذه هي الطريقة المشهورة وقال الامام رحمه الله تعالى قياس المراوزة أنه يعكس فيقال إن لم يخاصم تقبل شهادته وإن كان قد خاصم فوجهان ورأى هذا التفصيل فيما إذا جرى الامر على تواصل فأما إذا طال الفصل فالوجه القطع بقبول الشهادة مع احتمال فيه ويجوز أن يعلم لما ذكرنا قوله في الكتاب ثم يشهد - بالواو - (وقوله) فان كان قد خاصم إلى آخره في حكم المكرر لان فيما قبله ما يغني عنه (الثالثة) لو وكل رجلين بالخصومة ولم يصرح باستقلال كل واحد منهما (فأصح) الوجهين أن كل واحد منهما لا يستقل بها بل يتساويان ويتناصران كما لو وكل رجلين ببيع أو طلاق أو غيرهما أو وصى إلى رجلين (والثانى) أن لكل واحد منهما الاستقلال لعسر الاجتماع على الخصومة ويقرب منهما الوجهان فيما إذا وكل رجلين بحفظ متاع فعلى الاصح لا ينفرد واحد منهما بحفظه بل يحفظانه في حرز بينهما وعلى الثاني ينفرد به كل منهما فان قبل القسمة قسم ليحفظ كل واحد منهما بعضه واعلم أنه إذا ادعى عند القاضي أنه وكيل فلان في خصومة فلان فان كان المقصود بالخصومة حاضرا وصدقة ثبتت الوكالة وله مخاصمته

(11/54)


وإن كذبه فأقام البينة على الوكالة ولايحتاج أن يدعى حقا لموكله وان كان غائبا وأقام المدعى البينة على الوكالة سمعها القاضى واتبعها ولا يعتبر حضور المقصود بالخصومة في اثبات الوكالة خلافا لابي حنيفة رحمه الله تعالى حيث قال لا تسمع البينة الا في وجه الخصم قال الامام رحمه الله تعالى هو بناء على امتناع القضاء على الغائب ثم حكى عن القاضى الحسين أنه لابد وان ينسب القاضى مسخرا ينوب
عن الغائب ليقيم المدعى البينة في وجهه ثم استبعده وقال لاأعرف لهذا أصلا فهما فيه من مخالفة الاصحاب وحكى ايضا عنه أن القضاة اصطلحوا على أن من وكل في مجلس القاضى وكيلا بالخصومة يختص التوكيل بالخصومة في ذلك المجلس وقال الامام رحمه الله تعالى والذى نعرفه للاصحاب أنه يخاصمه في ذلك المجلس وبعده ولا نعرف للقضاة العرف الذى ادعاه.
(فرع) وكل رجلا عند االقاش بالخصومة عنه وطلب حقوقه فللوكيل أن يخاصم عنه مادام حاضرا اعتمادا على العيان فإذا غاب وأراد الوكيل الخصومة عنه بناء على اسم وسبب يذكره فلابد من اقامة البينة على أن فلان بن فلان وكله أو على أن الذى وكله هو فلان ابن فلان ذكره أصحابنا العراقيون والشيخ أبو عاصم العبادي وعبارة العبادي أنه لابد وأن يعرف الموكل شاهدان يعرفهما القاضى ويثق بهما في أدب مختصر صفة القضاة ووراء ذلك شيئان (أحدهما) روى الامام رحمه الله

(11/55)


تعالى عن القاضى الحسين أن الحكام عادتهم التساهل في هذه البينة بالعدالة الظاهرة وترك البحث والاستزكاء تسهيلا على الغرماء (والثانى) قال القاضى أبو سعيد يمكن أن يكتفى بمعرفة واحد إذا كان موثوقا به كما ذكر الشيخ أبو محمد أن تعريف المرأة في تحمل الشهادة عليها يحصل بمعرف واحد لانه اخبار وليس بشهادة وأما ما أدرجهه في خلال مسائل الخصومة فمسألتان (احداهما) لو وكله الصلح عن الدم على خمر ففعل حصل العفو كما لو فعله الموكل بنفسه وهذا لان في الصلح على الخمر وان كان فاسدا فيما يتعلق بالعوض ولكنه صحيح فيما يتعلق بالقصاص فيصح التوكيل فيما لو فعله بنفسه ليصح لا أنا نصحح التوكيل في العقد الفاسد ولو وكله بالصلح عن القصاص على خمر فصالح على خنزير ففيه جوابان عن ابن سريج أشبههما أنه لغو ويبقى القصاص على ما كان لانه مستبد بما فعل غير موافق لامر الموكل (والثانى) أنه كما لو عفا على خمر لان الوكالة بالصلح ثابتة والخمر لا تثبت وان ذكرت وانما نثبت الدية فلا فرق فيما يصح ويثبت بين أن يذكر الخمر أو الخنزير وعلى هذا لو صالح على ما يصلح عوضا وعلى الدية نفسها يجوز ولا خلاف في أنه لو اجرى هذا الاختلاف

(11/56)


بين الموجب والقابل في المصالحة يلغو لعدم انتظام الخطاب والجواب ولو وكله بأن يخالع زوجته على خمر فخالع على خمر أو خنزير فعلى ما ذكرنا في الصلح عن الدم (الثانية) لو وكله ببيع أو شراء فاسد مثل أن يقول بع أو اشتر إلى وقت العطاء أو قدوم زيد لم يملك الوكيل العقد الصحيح لان الموكل ما أذن فيه ولا الفاسد لان الشرع ما أذن فيه وعن أبى حنيفة رحمه الله تعالى أنه يملك الصحيح.
قال (السابعة إذا سلم إليه ألفا وقال اشتر بعينه شيئا فاشترى في الذمة لم يقع عن الموكل.
وان قال اشتر في الذمة وسلم الالف فاشترى بعينه ففى صحته وجهان) .
لو سلم إليه الفا وقال اشتر كذا بعينه فاشترى في الذمة لينقد ما سلمه إليه في ثمنه لم يصح الشراء للموكل لانه أمره بعقد ينفس لو تلف ما سلمه اليهه وقد لا يريد لزوم الف آخر والوكيل ابى العقد لا ينفسخ لو تلف ما سلم إليه ويلزم الرد ولو قال اشتر في الذمة وسلم هذا في ثمنه فاشترى بعينه فوجهان (أحدهما) أنه يصح للموكل لانه زاد خيرا حيث عقد على وجه لو تلف المسلم إليه لم يلزمه شئ آخر (وأصحهما) المنع لانه ربما يريد حصول ذلك المبيع لو سلم ما يسلمه إليه أو تلف ولو سلمه

(11/57)


إليه وقال اشتر كذا ولم يقل بعينه ولا قال في الذمة فوجهان (أحدهما) أنه كما لو قال اشتر بعينه لان قرينة التسليم تشعر به (وظهرهما) ان الوكيل يتخير بين ان يشترى بعينه أو في الذمة لانه على النقد يرين يكون اتيانا بالمأمور ويجوز ان يكون غرضه من تسليمه إليه مجرد انصرافه إلى ثمن ذلك الشئ.
قال (ثم الوكيل مهما خالف في البيع بطل تصرفه.
ومهما خالف الشراء بعين مال الموكل فكمثل.
فان اشترى في الذمة وقع عن الوكيل الا إذا صرح بالاضافة إلى الموكل ففى وقوعه عن الوكيل وجهان) .
لما تكلم فيما اراد من صور مخالفة الوكيل الموكل وموافقته بين حكم البيع والشراء إذا وقعا مخالفين لامر الموكل اما البيع فإذا قال بع هذا العبد فباع عبدا آخر فهو باطل لان المالك لم يرض بازالة ملكه عنه واما الشراء فان وقع بعين مال الموكل فهو كالبيع أو اشترى في الذمة نظر ان لم يسم الموكل
فهو واقع عن الوكيل لان الخطاب جامعة وانما ينصرف إلى الموكل بشرط كونه موافقا لاذنه فاما إذا لم يوافق لغت النية وكان كأجنبي يشترى لغيره بالذمة وهذا كله جواب على الجديد في منع وقف العقود والغاء تصرف الفضولي واما على القديم فسبيل الوكيل فيه سبيل الاجانب يتوقف الشراء في الذمة

(11/58)


على اجازته ان شاء وقع عنه والا فعن الوكيل وكذا القول في مخالفة الموكل في البيع على ما ذكرنا في اول البيع وكذا الشراء بعين ماله والبيع ينعقدان موقوفان على ذلك القول فيجوز ان يعلم قوله وقع عن الوكيل وقوله بطل تصرفه - بالواو - وكذلك القول وان سمى الموكل فوجهان (احدهما) انه يبطلل العقد راسا لانه صرح باضافته إلى الموكل وامتنع ايقاعه عنه فيلغو (واظهرهما) يقع عن الوكيل وتلغو تسمية الموكل وهذا لان تسمية الموكل غيره معتبرة في الشراء فإذا سماه ولم يمكن صرف العقد إليه صار كانه لم يسمه هذا فيما إذا قال البائع بعت منك وقال المشترى اشتريته لفلان يعنى موكله (اما) إذا قال البائع بعت من فللان يعنى موكله وقال المشترى اشتريت لفلان يعنى موكله فظاهر المذهب بطلان العقد لانه لم تجر بينهما مخاطبة ويفارق النكاح حيث يقع من الزوج ووكيل الزوج على هذه الصيغة بل لا يجوز الا كذلك لان للبيع احاما تتعلق بمجلس العقد كالخيار وغيره وتلك الاحكام انما يمكن الاعتبار فيها بالمتعاقدين فاعتبر جريان الخاطبة بينهما والنكاح سفارة مخضة.
(فرع) في فتاوى القفال ان وكيل المتهب بالقبول يجب ان يسمى موكلة والا وقع عنه لجريان الخطاب معه ولا ينصرف بالنية إلى الموكل لان الواهب قد يقصده بالتبرع بعينه وما لكل اخذ تسمح النفس بالتبرع عليه ويخالف الشراء فان المقصود فيه حصول العوض.

(11/59)


قال (الحكم الثاني للوكله العهد في حق الوكيل.
ويده يد امانه في حق الموكل حتى لا يضمن سواء كان وكيلا بجعل أو بغير جعل.
ثم ان سلم إليه الثمن فهو مطالب به مهما وكل بالشراء.
وان لم يسلم الثمن وتنكر البائع كونه وكيلا طالبه.
وان اعترف بوكالته ففيه ثلاثه اوجه.
والظاهر انه يطالبه به دون الموكل.
وفى الثاني يطالب الموكل دونه.
وفى الثالث يطالبهما.
ثم ان طولب
الوكيل فالصحيح رجوعه على الموكل.
وكذلك لو تلف الثمن في يده بعد ان خرج ما اشتراه مستحقا فالمستحق يطالب البائع.
وفى مطالبته الوكيل والموكل هذه الاوجه.
وكذا الوكيل بالبيع إذا قبض الثمن وتلف في يده فخرج المبيع مستحقا فرجع المشترى بالثمن على الوكيل أو على الموكل ففيه هذا الخلاف) .
ترجم الحكم بالعهدة لكنه قد مر على الكلام في العهدة اصل اخر جعله في الوسيط حكما براسه واشتغل الحكم على مقصودين (احدهما) ان يد الوكيل يد امانه فلو تلف المال في يده من غير تصرفه فلا ضمان عليه سواء كان وكيلا بجعل أو بغير جعل وان تعدي فيه كان ركب الدابة أو

(11/60)


لبس الثوب ضمن وهل ينعزل عن الوكالة فيه وجهان (احدهما) نعم لانها امانه فترجع بالتعدي كالوديعه (واصحهما) لا وبه قطع بعضهم لان الوكالة امانه واذن في التصرف والامانة حكم يترتب عليه فلا يلزم من ارتفاع هذا الحكم بطلان اصل العقد وهذا كما ان الرهن لما كان القصود منه التوثيق ومن حكمه الامانه لا يلزم من الارتفاع حكم الامانه فيه بطلان اصل الرهن وتخالف الوديعة فانها ائتمان محض فلا تبقى مع التعدي فعلى هذا يصح تصرفه وإذا باع وسلم زال عنه الضمان لانه اخرجه من يده باذن الملك وهل يزول الضمان بمجرد البيع فيه (احدهما) نعم لزوال ملك الموكل بالبيع (واصحهما) لا لانه ربما يرتفع العقد بتلفه قبل قبض المشترى فيكون التلف على ملك الموكل والثمن الذى يقبضه لا يكون مضمونا على لانه لم يتعد فيه ولو رد المشترى المبيع عليه بعيب عاد الضمان ولو دفع لوكيله دراهم ليشتري بها طعاما مثلا فتصرف فيها على ان تكون قرضا عليه صار ضامنا وليس له ان يشترى للموكل بدراهم نفسه ولا في الذمه ولو فعل كان ما اشتراه له دون الموكل وقال ابو حنيفة رحمه الله تعالى تكون للموكل ولو عادت الدراهم التى انفقها إلى يده فاراد ان يشترى بها للموكل فهو على الخلاف المذكور في ان الوكيل هل ينعزل بالتعدي والاصح انه لا ينعزل ولا يكون

(11/61)


ما اشتراه مضمونا عليه لانه لم يتعد فيه ولو رد ما اشتراه بعينه واسترد الثمن عاد مضمونا عليه ومتى
طالب الموكل الوكيل برد ماله فعليه ان يخلي بينه وبينه فان امتنع صار ضامنا كالمودع (المقصود الثاني) الكلام في العهده ونقدم عليه اصليين (احدهما) الوكيل بالشراء إذا اشترى لموكله ما وكله بشرائه فالملك يثبت للوكيل ثم ينتقل إلى الموكل ام يثبت للموكل ابتداء فيه وجهان لابن سريج (احدهما) وبه قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى انه يثبت للوكيل اولا ثم ينتقل إلى الموكل لان الخطاب جرى معه واحكام العقد تتعلق به (واصحهما) انه يثبت للموكل ابتداء كما لو اشترى الاب للطفل يثبت الملك للطفل ابتداء ولانه لو ثبت للوكيل لعتق عليه ابوه إذا اشتراه لموكله ولا يعتق (الاصل الثاني) ان احكام العقد في البيع والشراء تتعلق بالوكيل دون الموكل حيث تعتبر رؤيه الوكيل دون الموكل وتلزم بمفارقه الوكيل مجلس العقد ولا تلزم بمفارقة الموكل ان كان حاضرا فيه وتسليم رأس المال في السلم والتقابض حيث يشترط التقابض يعتبران قبل مفارقه الوكيل والفسخ بخيار المجلس وخيار الرؤية ان اثبتناه ثبت للوكيل دون الموكل حتى لو أراد الموكل الاجازه كان للوكيل ان يفسخ ذكره في التتمه وفرق بينه وبين خيار العيب حيث قلنا لا رد للوكيل إذا رضى الموكل بمالا يكاد تسكن النفس إليه إذا تقرر ذلك ففى الفصل مسائل (احدهما) إذا اشترى الوكيل بثمن معين نظر ان كان في يده طالبه البائع به والا فلا وإذا اشترى في الذمه فان كان الموكل قد سلم

(11/62)


إليه ما يصرفه إلى الثمن طالبه البائع وان لم يسلمه نظر ان انكر كونه وكيلا أو قال لا ادرى هل هو وكيل طالبه به وان اعترف بوكالته فمن الذى يطالبه البائع بالثمن فيه ثلاثه اوجه (احدهما) ان المطالب الوكيل لاغير لان احكام العقد تتعلق به والالتزام وجد منه (والثانى) ان المطالب الموكل لاغير لان العقد له والوكيل سفير ومعبر (والثالث) انه يطالب من شاء منهما نظر إلى المعنين وهذا اظهر عند صاحب التهذيب والامام وغيرهما وان رجح صاحب الكتاب الاول.
(التفريغ) ان قلنا بالاول فهل الوكيل مطالبة الموكل قبل ان يغرم فيه وجهان لان بعضهم قال يثبت الثمن للبائع على الوكيل وللوكيل مثله على الموكل بناء على ان الوكيل يثبت له الملك ثم ينتقل الموكل فعلى هذا للوكيل مطالبته بما ثبت له وان لم يؤد ما عليه وقال آخرون ينزل الوكيل
منزله المحال عليه الذى لادين عليه فعلى هذا ففى رجوعه قبل الغرم وجهان كالمحال عليه والاصح المنع وإذا غرم الوكيل للبائع فقياس تنزيله منزله المحال عليه الذى لا دين عليه الخلاف المذكور هناك في انه هل في الرجوع كون الاداء بالاذن وشرط الرجوع وذكر في النهاية ان المذهب القطع بالرجوع والا لخرج المبيع عن أن يكون مملوكا للموكل بالعوض وفى ذلك تغيير لوضع العقد (وان قلنا) بالوجه الثالث فالوكيل كالضامن والموكل كالمضمون عنه فيرجع الوكيل إذا غرم والقول في اعتبار

(11/63)


شرط الرجوع وفى انه هل يطالبه بتخليصه قبل الغرم كما سبق في الضمان وحكى الامام ان ابن سريج فرع على الخلاف في المسالة فقال لو سلم دراهم إلى الوكيل ليصرفها إلى الثمن الملتزم في الذمة ففعل ثم ردها البائع عليه بعيب (فان قلنا) بالوجه الثاني والثالث فعلى الوكيل رد تلك الدارهم باعيانها إلى االموكل وليس له امساكها وابدالها (وان قلنا) بالوجه الاول فله ذلك لان ما دفعه الموكل إليه على هذا الوجه كانه اقرضه منه لتبرأ ذمته فإذا عاد إليه فهو ملكه وللمستقرض امساك ما استقرضه ورد مثله فهو ملكه ولك ان تقول للاخلاف ان للوكيل ان يرجع على الموكل في الجملة وانما الكلام في انه متى يرجع وباى شئ يرج وإذا كان ذلك فيتجه ان يكون تسليم الدارهم دفعا له وبه التراجع لا اقرضا (المسالة الثانية) الوكيل بالبيع إذا قبض الثمن اما باذن صريح أو بالاذن في البيع على راى وتلف المقبوض في يده وخرج المبيع مستتحقا والمشترى معترف بالوكالة فحق رجوعه بالثمن يكون على الوكيل لانه الذى يتولى القض وحصل التلف في يده أو على الموكل لان الوكيل سفير ويده ويده يده أو على من شاء منهما فيه الاوجه الثلاثة السابقة (فان قلنا) حق الرجوع على الموكل فإذا غرم لم يرجع على الوكيل وكذا إذا جعلناه على الوكيل فغرم لا يرجع على الموكل قاله الامام (وان قلنا) يرجع على من شاء منهما فثلاثة اوجه (اشهرها) انه ان غرم اللموكل لم يرجع على الوكيل وان غرم الوكيل رجع على الموكل لان الموكل قد غر الوكيل

(11/64)


والمغرور يرجع على الغار دون العكس (والثانى) ان واحدا منهماا لا يرجع على الاخر اما الموكل فلانه غارم واما الوكيل فلحصول التلف في يده (والثالث) ان الموكل يرجع على الوكيل دون العكس
لحصول التلف في يد الوكيل والذى يعنى به من هذه الاختلافات ان المشترى يغرم من شاء منهما والقرار على اللموكل ولذلك اقتصرنا على هذا الجواب في عزل الراهن وان كان يطرد فيه الخلاف (الثالثة) وهى مقدمة على الثانية في الكتاب الوكيل بالشراء إذا قبض المبيع وتلف في يده ثم تبين انه كان مستحقا لغير البائع فللمستق مطالبة البائع بقيمة المبيع أو مثله لانه غاصب ومن يده خرج المال وفى مطالبة الوكيل والموكل الاوجه الثلاثة قال الامام رحمه الله تعالى والا قيس في المسالتين انه لا رجوع له الا على االوكيل لحصول التلف عنده ولانه إذا ظهر الاستحقاق بان فساد العقد وصار الوكيل قابضا ملك الغير بغغير حق ويجرى الخلاف في القرار في هذه الصورة ايضا (الرابعة) ولم يذكرها في الكتاب الوكيل بالبيع إذا باع بثمن في الذمة واستوفاه ودفعه إلى الموكل فخرج مستحقا أو معيبا ورده فللموكل ان يطالب المشترى بالثمن وله ان يرغم الوكيل لانه صار مسلما للمبيع قبل اخذ عوضه وفيما يغرمه وجهان (احدهما) قيمة العين لانه فوت عليه العين (والثانى) الثمن لان حقه انتقل من العين إلى الثمن باليبع فان قلنا بالاول فإذا اخذ منه القيمة طالب الوكيل المشترى بالثمن فإذا اخذه

(11/65)


دفعه إلى الموكل واسترد القيمة (الخامسة) دفع إليه دراهم ليشترى بعينها عبدا ففعل وتلف في يده قبل التسليم انفسخ البيع ولا شئ على الوكيل وان تلف قبل الشراء ارتفعت الوكالة ولو قال اشتر في الذمة واصرفها إلى الثمن الملتزم فتلف في يد الوكيل بعد الشراء لم ينفسخ العقد لكنه ينقلب إلى الوكيل ويلزمه الثمن أو يبقى للموكل وعلليه ان ياتي بمثلها فيه وجهان قال القفال ووجه ثالث يحتمل وهو ان يعرض الحال على الموكل فان رغغب فيه واتى بمصل تلك الدراهم فالشراء له والا وقع للوكيل وعليه الثمن ولو تلف قبل الشراء لم ينعزل فان اشترى للموكل فيقع له ام للوكيل فيه الوجهان (وقوله) في الكتاب فالصحيح رجوعه به على الموكل ليس الوجه الاخر انه لا يرجع اصلا وانما الخلاف في انه هل يشترط الرجوع بشرط الرجوع وكون الاداء بالاذن كما تقدم (وقوله) لو تلف الثمن في يده بعد ان خرج ما اشتراه الجمع بين اللفظين موحش فالوجه ان تطرح لفظه ما اشتراه.
(فرع) إذا اشترى الوكيل شراء فاسدا وقبض وتلف المبيع اما في يده أو بعد تسليمه إلى
الموكل فللماكل مطالبته بالضمان ثم هو يرجع على الموكل ولو ارسل رسولا ليستقرض له فاستقرض فهو وكيل كوكيل وفى مطالبته المشترى مافى مطالبة وكيل المشترى بالثمن والظاهر انه يطالب ثم إذ اغرم رجع على الموكل.
قال (الحكم الثالث للوكالة الجواز من الجانبين فينعزل بعزل الموكل اياه في حضرته وكذا في غيبته (ح) قبل بلوغ الخبر في اقيس القولين.
كما ينعزل ببيع الموكل واعتاقه.
ينعزل بعزل نفسه.
وبرده الوكالة.
وجحوده مع العلم رد لها.
ومع الجهل أو لغرض في الاخفاء ليس برد.
وينعزل

(11/66)


بخروج كل واحد منهما عن اهلية كالموت والجنون.
وكذا الاغماء على الاظهر.
وفى انعزال العبد بالعتق والكتابة والبيع خلاف.
لخروجه عن اهلية الاستخدام.
والامر في حقهه منزل على الخدمة) .
الوكالة جائزة من جانب الموكل والوكيل جميعا لانها اذن وانابة وقد يبدو للموكل في الامر الذى اناب فيه أو في نيابة ذلك الشخص وقد لا يتفرغ له الوكيل فالالزام يصير بهما جميعا ولارتفاعهما اسباب (فمنهما) ان يعزله الموكل في حضرته اما بلفظ العزل أو بان يقول رفعت الوكالة أو فسختها أو اخرجته فينعزل سواء ابتدأ بالتوكيل أو وكل بمسالة الخصم كما إذا سألت المرأة زوجها ان يوكل بالطلاق أو الخلع أو المرتهن الراهن ان يوكل ببيع الرهن أو الخصم الخصم ان يوكل في الخصومة ففعل المسؤول التوكيل وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى إذا كان التوكيل بمسالة الخصم لم ينعزل وان عزله في غيبته ففى انعزاله قببل بلوغ الخبر إليه قولان (احدهما) وبه قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى انه لا ينعزل كما ان القاضى لا ينعزل ما لم يبلغه الخبر وحكم الفسخ لا يلزم المسكلفين قبل بلوغ الخبر ولان تنفيذ العزل قبل بلوغ الخبر إليه يسقط الثقة بتصرفه (واصحهما) الانعزال لانه رفع عقد لا يحتاج فيه إلى الرضا فلا يحتاج إلى العلم كالطلاق ولانه لوجن الموكل انعزل الوكيل وان لم يبلغه الخبر وكذا لو وكله ببيع عبد أو اعتاقه ثم باعه الموكل أو اعتقه نفذ تصرفه وانعزل الوكيل وان لم يشعر بالحال ضمنا لنفوذ تصرفه وإذا لم يعتبر بلوغ الخبر في العزل الضمنى ففى صريح العزل أولى واما انعزال القاضى فمنهم من طرد الخلاف فيه وعلى التسليم وهو الظاهر فالفرق تعلق المصالح الكلية بعمله وأما الفسخ فلا فرق بينه
وبين ما نحن فيه لان حكم الفسخ اما إيجاب امتثال الامر الثاني واما إحراج الاول عن الاعتداد به

(11/67)


فيما يرجع إلى الايجاب والا لزام ولا يثبت قبل العلم لاستحالة التكليف بغير المعلوم وهذا النوع لا يثبت الوكالة أصلا ورأسا لان أمر الموكل غير واجب الامتثال (وأما) النوع الثاني فهو ثابت هناك أيضا قبل العلم حتى يلزمه القضاء ولا تبرأ ذمته بالاول وعن احمد روايتان كالقولين ومن أصحاب مالك اختلاف في المسألة فان قلنا لا ينعزل قبل بلوغ الخبر إليه فالمعتبر اخبار من تقبل روايته دون الصبى والفاسق إذا قلنا بالانعزال فينبغي ان يشهد الموكل على العزل لان قوله بع تصرف الوكيل كنت قد عزلته غير مقبول (ومنها) إذا قال الوكيل عزلت نفسي أو أخرجتها عن الوكالة أو رددت الوكالة انعزل وقال بعض المتأخرين ان كانت صيغة التوكيل بع أو اعتق ونحوهما من صيغ الامر لم ينعزل برد الوكالة وعزله نفسه لان ذلك اذن واباحة فأشبه ما إذا أباح الطعام لغيره لا يرتد برد المباح له وقد أورد الامام رحمه الله تعالى هذا الكلام على سبيل الاحتمال ولا يشترط في انعزال الوكيل بعزله نفسه حضور الموكل خلافا لابي حنيفة (ومنها) ينعزل الوكيل بخروجه أو خروج الموكل عن أهلية ذلك التصرف بالموت أو بالجنون الذى يطرأ أو يزول عن قرب حكاية تردد عن صاحب التقريب وضبط الامام موضع التردد بان لا يكون امتداده بحيث تعطل المهمات ويحوج إلى نصب قوام فليلتحق حينئذ بالاغماء وفى الاغماء وجهان (أظهرهما) وبه قال في الكتاب أنه كالجنون في اقتضاء الانعزال (والثانى) وهو الاظهر عند الامام رحمه الله تعالى وبه قال في الوسيط أنه لا يقتضى الانعزال واحتج له بأن المغمي عليه لا يلتحق بمن تولى عليه والمعتبر في الانعزال التحاق الوكيل أو الموكل بمن يولى عليه وفى على الجنون الحجر بالسفه أو الفلس في كل تصرف لا ينفذ من السفيه والمفلس وكذا

(11/68)


لو طرأ الرق بأن وكل حربيا فاسترق (ومنها) خروج محل التصرف عن ملك الموكل كما إذا باع العبد الذي وكله ببيعه وقد مر ذلك وان وكله ببيع شئ آخر ثم اجره قال في التتمة ينعزل الوكيل لان الاجارة ان منعت البيع لم يبق مالكا للتصرف وان لم يمنعه فهو علامة الندم لان من يريد البيع
لا يؤاجر لقلة الرغبات بسبب الاجارة وكذا تزويج الجارية وفى طحن الحنطة الموكل بيعها وجهان (وجه) اقتضائه الانعزال بطلان اسم الحنطة واشعاره بالامساك والعرض على البيع وتوكيل وكيل آخر لا يقتضى الانعزال (ومنها) لو وكل السيد عبده ببيع أو تصرف آخر ثم أعتقه أو باعه ففى انعزله وجهان عن ابن سريج مبنيان على أنه توكيل محقق أو استخدام وأمر (ان قلنا) بالاول ففى الاذن بحاله لانه صار أكمل حالا مما كان (وان قلنا) بالثاني ارتفع الاذن لزوال الملك وعلى الثاني فلو قال عزلت نفسي فهو لغو وفصل بعضهم وقال ان كانت الصيغة وكلتك بكذا ففى الاذن ان أمره به ارتفع الاذن بالعتق والبيع وان حكمنا ببقاء الاذن في صورة البيع فعليه استئذان المشترى لان منافعه صارت مستحقة له والكتابة كالبيع والاعتاق في جريان الوجهين ولو وكل عبد غيره باذن المالك للعبد فباعه مالكه ففى ارتفاع الوكالة وجهان أيضا وجه الارتفاع بطلان اذنه بزوال ملكهه وعلى الثاني يلزمه استئذان المشترى ولو لم يستاذن في الصورتين بعد تصرفه لدوام الاذن وان ترك واجبا قال الامام رحمه الله تعالى وفيه احتمال بقى علينا مما في متن الكتاب مسألة غفلنا عنها إلى الآن وهى أن الوكيل لو جحد الوكالة وأنكرها هل يكون يكون ذلك ردا للوكالة روى في الوسيط فيها أوجها (أصحها) وهو المذكور في الكتاب انه ان كان لنسيان أو غرض في الاخفاء فهو رد ولم أعثر على المسألة في النهاية ولكنه أورد قريبا

(11/69)


من هذه الاوجه في انكار الموكل التوكيل هل يكون عزلا أولا (اعلم) أن قولنا ان الجواز من أحكام الوكالة يرير به الوكالة الخالية عن الجعل فأما إذا شرط فيها جعلا معلوما واجمتع شرائط الاجارة وعقد العقد بصيغة الاجارة فهو لازم وان عقد بصيغة الوكالة فيمكن تخريجه على أن الاعتبار بصيغ العقود أو بمعانيها هذا شرح مسائل الكتاب ونختمه بصور نوردها على الاختصار.
لو وكل رجلا بالبيع فباع ورد عليه المبيع بعيب أو أمره بشرط الخيار فشرط ففسخ البيع لم يكن له بيعه ثانيا خلافا لابي حنيفة رحمه الله تعالى ولو قال بع نصيبي من كذا أو اقسم مع شركائي أو خذ بالشفعة فانكر الخصم ملكه هل له الاثبات يخرج على الوجهين في أن الوكيل بالاستيفاء هل يثبت ولو قال بع واشترط الخيار فباع مطلقا لم يصح ولو أمره بالمبيع واطلق لم يكن للوكيل شرط الخيار للمشترى وكذا ليس للوكيل
بالشراء شرط الخيار للبائع وفى شرطهما الخيار لنفسهما وللموكل وجهان فان اطلاق العقد يقتضى عقدا بلا شرط ولو أمره بشراء عبد أو بيع عبد لم يكن له ان يعقد على بعضه لضرر التبعيض ولو فرضت فيه غبطة كما إذا امره بشراء عبد بألف فاشترى نصفه بأربعمائة ثم نصفه الآخر بأربعمائة فكذلك ولا ينقلب الكل إليه بعد انصراف العقد عنه وفيه وجه ضعيف ولو قال اشتره بهذا الثوب فاشتراه بنصف الثوب صح لانه إذا رضى بزوال كل الثوب في مقابلته فهو بزوال بعضه اشد رضى ولو قال بع هؤلاء العبيد واشتر لي خمسة أعبد ووصفهم فله الجمع والتفريق إذ لاضرر ولو قال اشترهم صفقة واحدة لم يفرق ولو فرق لم يصح للموكل ولو اشترى خمسة من مالكين لاحدهما ثلاثة وللآخر اثنان دفعة واحدة وصححنا مثل هذا العقد ففى وقوع شرائهم عن الموكل وجهان (أحدهما) وبه قال ابن سريج يقع حملا

(11/70)


لكلامه على الامر بتمليكهم دفعة واحدة ولو قال بع هؤلاء الا عبد الثلاثة بألف لم يبع واحدا منهم بما دون الالف لجواز أن لا يشترى الباقيان بالباقي من الالف ولو باعه بالف صح ثم هل يبيع الآخرين فيه وجهان (أصحهما) نعم ولو قال بع من عبيدى من شئت أبقى بعضهم ولو واحدا ولو وكله باستيفاء دينه على زيد فمات نظر إن قال وكتلك في طلب حقى من زيد لم يطالب الورثة وان قال بطلب حق الذى على زيد طالبهم ولو أمره بالبيع نسيئة فباع لم يلزمه التقاضى بعد حلول الاجل ولكن عليه بيان المعامل حتى لا يكون مضيعا لحقه وكذلك لو قال ادفع هذا الذهب إلى صائغ فقال دفعته فطالبة الآمر ببيانه قال القفال عليه البيان ولو امتنع كان متعديا حتى إذا بينه من بعد وكان قد تلف في يد الصائغ يلزمه الضمان قال القفال والاصحاب كانوا يقولون لا يلزمه البيان ولو قال لغيره بع عبدك من فلان بالف وأنا أدفعه اليك فباعه منه قال ابن سريج يستحق البائع الالف على الآمر دون المشترى فإذا غرم الآمر رجع على المشترى ولو قال لغيره اشتر عبد فلان بثوبك هذا أو بدراهمك ففعل حصل الملك للآمر ويرجع المأمور عليه بالقيمة أو المثل وفيه أنه إذا لم يجر شرط الرجوع لا يرجع ومتى قبض وكيل المشترى المبيع وغرم الثمن من ماله لم يكن له حبس المبيع ليغرم الموكل له وفيه وجه ان له الحبس وبه قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى بناء على أن الملك يحصل للوكيل ثم

(11/71)


ينتقل إلى الموكل ولو وكله باستيفاء دينه من زيد فقال زيد للوكيل خذ هذه العشرة واقض بها دينى عن فلان يعنى موكله فاخذها صار وكيل زيد في قضاء دينه حتى يجوز لزيد استردادها مادامت في يد الوكيل ولو تلف عنده بقى الدين بحاله ولو قال زيد خذها عن الذى تطالبني به لفلان فاخذها كان قبضا للموكل وبرئت ذمة زيد وليس له الاسترداد ولو قال خذها قضاء عن دين فلان فهذا محتمل للوجيهن جميعا ولو نتازع الموكل وزيد فالقول قول زيد مع يمينه ولو دفع عشرة إلى رجل فقال تصدق بها على الفقراء فتصدق بها ونوى نفسه لغت نيته وكانت الصدقة للآمر ولو وكل عبدا ليشترى نفسه أو مالا آخر من سيده ففى وجه لا يجوز لان يده يد السيد فاشبه مالو وكل انسانا ليشترى له من نفسه والاظهر الجواز كما يجوز توكيله في الشراء من غير سيده وعلى هذا فعن صاحب التقريب أنه يجب أن يصرح بذكر الموكل فيقول اشتريت نفسي منك لموكلي فلان والا فقوله اشتريت نفسي صريح في اقتضاء العتق لا يندفع بمجرد النية ولو قال العبد لرجل اشتر لى نفسي من سيدى ففعل قال صاحب التقريب يجوز ويشترط التصريح بالاضافة إلى العبد فلو أطلق وقع الشراء للوكيل إذ البائع لا يرضى بعقد يتضمن الاعتاق قبل توفير الثمن ولو قال لغيره أسلم في كذا ورأس المال من مالك ثم ارجع على قال ابن سريج يصح ويكون رأس المال قرضا على الآمر وقيل لا يصح لان الاقراض لايتم الا بالاقباض ولم يوجد من المستقرض قبض وإذا أبرأ وكيل المسلم المسلم إليه لم يلزم ابراؤه الموكل لكن المسلم إليه لو قال لا أعرفك وكيلا وانما

(11/72)


التزمت لك شيئا فبرأتني عنه نفذ في الظاهر وتعطل بفعله حق المسلم وفى وجوب الضمان عليه قولا الغرم بالحيلولة (والاظهر) وجوبه لكن لا يغرم مثل المسلم فيه ولاقيمته كيلا يكون اعتياضا عن المسلم وانما يغرم له رأس المال حكاه الامام عن العراقيين وشهد له الحسن ورأيت في تعليق الشيخ أبى حامد أنه يغرم للموكل مثل المسلم فيه ولو قال اشتر لى طعاما بكذا نص الشافعي رضى الله عنه أن يحمل على الحنطة اعتبارا بعرفهم قال الرويانى وعلى هذا لو كان بطبرستان لم يجز التوكيل لانه لا
عرف فيه لهذا اللفظ عندهم فيكون التوكيل في مجهول ولو قال وكلتك بابراء غرمائي لم يملك الوكيل ابراء نفسه فان كان قد قال وان شئت تبرئ نفسك فافعل فعلى الخلاف السابق في أنه هل يجوز توكيل المديون بابراء نفسه ولو قال فرق ثلثى مالى على الفقراء وان شئت أن تضعه في نفسك فافعل فعلى الخلاف فيما إذا أذن للوكيل في البيع من نفسه.
(الباب الثالث في النزاع) قال (وهو في ثلاثة مواضع (الاول) في أصل الاذن وصفته وقدره.
والقول فيه قول الموكل فإذا اشترى جارية بعشرين فقال ما أذنت إلا في الشراء بعشرة وحلف.
فان كان اشتراه بعين مال الموكل وصدقه البائع في أنه وكيل فالبيع باطل وغرم له الوكيل العشرين.
وان اشتراه في الذمة واعترف البائع بالوكالة فباطل.
وان أنكر البائع الوكالة لم يقبل.
فان أنكر الوكالة وبقيت الجارية في يد الوكيل فليتلطف الحاكم بالموكل حتى يقول للوكيل بعتك بعشرين.
فان قال إن كنت أذنت لك فقد بعتك بعشرين صح على النص.
فان امتنع والوكيل صادق في الباطن فالصحيح أنها لا تحل له ولا يملكها.
ولكن له بيعها وأخذ العشرين من ثمنها لانه ظفر بغير جنس حقه.
ومن له الحق لا يدعى عين المال فيقطع بجواز أخذه) .

(11/73)


الاختلاف في الوكالة في مواضع (منها) أصل فإذا قال وكلتني في كذا فانكر فالقول قوله مع يمينه لان الاصل عدم الاذن ولو توافقا على العقد واختلفا في الكيفيات أو المقادير كما إذا قال وكلتني ببيع كله أو بيعه نسيئة أو بشرائه بعشرين وقال الموكل لا بل ببيع بعضه أو بيعه نقدا أو بشرائه بعشرة فالقول قول الموكل أيضا لان الاصل عدم الاذن فيما يدعيه الوكيل والموكل أعرف بحال الاذن الصادر منه ولانه لما كان القول في أصل العقد قوله وجب أن يكون في الصفة والمقدار كذلك كما أن الزوجين إذا اختلفا في عدد الاطلاق كان القول فيه قول الزوج لانهما لو اختلفا في أصله كان القول فيه قوله وفرقوا بينه وبين ما إذا قطع الخياط ثوب غيره قباء وقال كذلك أمرتنى وقال المالك بل أمرتك أن تقطعه قميصا حيث كان القول قول الخياط على قول مع أنهما لو اختلفا
في أصل الاذن كان القول قول المالك بان المالك هناك يريد الزام الخياط الارش والاصل عدمه وههنا الموكل لا يلزم الوكيل غرامه وان لزمه الثمن وانما يلزمه بحكم اطلاق البيع على ما سيأتي.
إذا تقرر ذلك فلو وكله بشراء جارية فاشتراها الوكيل بعشرين وزعم أن الموكل أذن فيه وقال الموكل ما أذنت إلا في الشراء بعشرة وحلفناه فحلف فينظر في الشراء أكان بعين مال الموكل أم في الذمه إن كان بعين مال الموكل فان ذكر في العقد أن المال لفلان والشراء له فهو باطل لان المال في يده لم يتعلق به حق الغير قبل الشراء فيقبل اقراره فيه وحينئذ يكون العقد واقعا بمال الغير وقد ثبت بيمين من له المال أنه لم يأذن في الشراء الذى باشره الوكيل فيلغو فان لم يذكره في العقد وقال بعد الشراء إنى اشتريت له فان صدقه البائع فالعقد باطل أيضا وإذا بطل الشراء كانت الجارية باقية على ملك البائع وعليه رد ما أخذه وان كذبه البائع وقال إنما اشتريت لنفسك والمال لك حلف على

(11/74)


نفى العلم بالوكالة وحكم بصحة الشراء للوكيل في الظاهر وسلم الثمن المعين إلى البائع وغرم الوكيل مثله للموكل.
وان كان الشراء في الذمة نظر إن لم يسم الموكل ولكن نواه كانت الجارية للوكيل والشراء له ظاهرا وان سماه فان صدقه البائع بطل الشراء لاتفاقهما على كونه للغير وثبوت كونه بغير إذنه بيمنه وان كذبه البائع وقال انت مبطل في تسميته فيلزم الشراء الوكيل ويكون كما لو اقتصر على النية أو يبطل الشراء من أصله فيه وجهان سبق ذكرهما في أخوات هذه الصورة (والاظهر) وبه قال أبو إسحق صحته ووقوعه للوكيل وحيث صححنا الشراء وجعلنا الجارية للوكيل ظاهرا وزعمه أنها للموكل قال المزني عن الشافعي رضى الله عنه يستحب في مثل هذا أن يرفق الحاكم بالموكل فيقول له ان كنت امرته ان يشتريها بعشرين فقل بعته إياها بعشرين ويقول الآخر قد قبلت فيحل له الفرج قال الائمة ان أطلق الموكل وقال بعتكها بعشرين وقال الوكيل اشتريت صارت الجارية له ظاهرا وباطنا وان علق كما ذكره المزني ففيه وجهان (أحدهما) لا يصح البيع للتعليق والتعليق مما حكاه المزني من كلام الحاكم لا من الموكل (وأصحهما) الصحة لانه لا يتمكن من البيع إلا بهذا الشرط فلا يضر التعرض له كما لو قال هذا زكاة مالى الغائب ان كان سالما يجزئه لانه إنما يقع زكاة عن الغائب
بهذا الشرط وسواء أطلق البيع أو علق فلا يجعل ذلك إقرارا بما قاله الوكيل وتكذيبا لنفسه وان امتنع الموكل من الاجابة أو لم يرفق الحاكم به نظر ان كان الوكيل كاذبا لم يحل له وطؤها ولا التصرف فيها بالبيع وغيره وان كان الشراء بعين مال الموكل لان الجارية حينئذ تكون للبائع وإن كان الشراء في الذمة ثبت الحل لوقوع الشراء عن الوكيل ضرورة كونه مخالفا للموكل وذكر في التتمة أنه إذا كان كاذبا والشراء بمال الموكل فللوكيل بيعها اما بنفسه أو بالحاكم لان البائع حينئذ يكون أخذ مال الموكل

(11/75)


لا عن استحقاق وقد غرم الوكيل للموكل فله أن يقول للبائع رد مال الموكل أو اغرمه ان كان تالفا لكنه قد تعذر ذلك بسبب اليمين فله أخذ حقه من الجارية التى هي ماله ولو كان الوكيل صادقا ففيه اوجه (أحدها) ويحكى عن الاصطخرى أنها تكون للوكيل ظاهرا وباطنا حتى يحل له الوطئ وكل تصرف وبه قال أبو حنيفة رحمه الله بناء على أن الملك يثبت للوكيل ثم ينتقل إلى الموكل فإذا تعذر نقله منه بقى على ملكه ومنهم من خص هذا الوجه بما إذا كان الشراء في الذمة ولم يطرده في الحالين واليه مال الامام رحمه الله تعالى (وثانيها) أنه ان ترك الوكيل مخاصمة الموكل فالجارية له ظاهرا وباطنا وكأنه كذب نفسه والا فلا (وثالثها) وهو الاصح أنه لا يملكها باطنا بل هي للموكل وللوكيل الثمن عليه فهو كمن له على رجل دين لم يؤده فظفر بغير جنس حقه من ماله فيجئ الخلاف أنه هل له بيعه وأخذ الحق من ثمنه (والاصح) أن له ذلك ثم يباشر البيع بنفسه أو يرفع الامر إلى القاضى حتى يبيعه فيه وجهان (الاصح) ههنا أن له بيعها بنفسه لان القاضى لا يجيبه إلى البيع ولان المظفور بماله في سائر الصور يدعي المال لنفسه وتسلط غيره عليه قد يستبعد وههنا الموكل لا يدعى المال لنفسه (وإذا قلنا) انه ليس له أن يأخذ الحق من ثمنها فتوقف في يده حتى يظهر مالكها أو يأخذها القاضى ويحفظها فيه وجهان نذكرهما في نظائره.
ولو اشترى جارية فقال له الموكل ما وكلتك بشرائها وانما وكلتك بشراء غيرها وحلف عليه بقيت الجارية المشتراه في يد الوكيل ويتلطف كما مر (وقوله) في أول الباب القول فيه قول الموكل اطلاق لفظ الموكل على المشترى في الصورتين بالخلاف في صفة الاذن أو قدره قويم حسن لكنه في صورة الاختلاف في أصل الاذن غير مستحق وكيف ونحن نصدقه
بأنه غير موكل (قوله) صح على النص المراد منه ما حكيناه من كلام المزني وهو ظاهر في تصحيح البيع

(11/76)


يأبى عن قبول التأويل المذكور (وقوله) ولكن له بيعها واخذ العشرين من ثمنها معلم - بالواو - لما مر (وقوله) لا يملكها - بالحاء - (وقوله) لانه ظفر بغير جنس حقه اشارة إلى ما ذكرنا من أن الظافر ههنا أولى بالتمكن.
(فرع) لو باع الوكيل بالبيع نسيئه وقال كنت مأذونا فيه وقال الموكل ما أذنت لك الا في بيعه نقدا فالقول قول الوكل كما مر ثم لا يخلو اما ان ينكر المشترى الوكالة أو يعترف بها (الحالة الاولى) أن ينكر الوكالة أو يقول إنما عرفت البائع مالكا فالموكل يحتاج إلى البينة فان لم تكن بينة فالقول قول المشترى على نفي العلم بالوكالة فان حلف قرر المبيع في يده والا ردت على الموكل فان حلف حكم ببطلان البيع ولا فهو كما لو حلف المشترى ونكل الموكل عن يمين الرد في خصومة المشترى لا يمنعه من الحلف على التوكيل فإذا حلف عليه فله أن يغرم الوكيل قيمة المبيع أو مثله ان كان مثليا والوكيل لا يطالب المشترى بشئ حتى يحل الاجل مؤاخذة له بموجب تصرفه فإذا حل نظران رجع عن قوله الاول فصدفه الموكل فلا يأخذ من المشترى الا أقل الامرين من الثمن أو القيمة لانه ان كان الثمن أقل فهو موجب عقده وتصرفه فلا يقبل رجوعه فيما يلزم زيادة على الغير وان كانت القيمة أقل فهو الذى غرمها فلا يرجع الا بما غرم لانه قد اعترف آخرا بفساد العقد فان لم يرجع وأصر على قوله الاول فيطالبه بالثمن بتمامه وان كان مثل القيمة أو أقل فذاك وان كان أكثر فالزيادة في يده للموكل ينكرها فيحفظها أو يلزم دفعها إلى القاضى فيه خلاف مذكور في موضعه وسأل الامام نفسه ههنا وقال إذا أنكر الموكل التوكيل بالبيع نسيئة كان ذلك عزلا للوكيل على رأى فكيف يملك الوكيل بعد استيفاء الثمن وأجاب عنه بأنه إنما استوفى الثمن لان الموكل ظلمه بتغريمه في زعمه واعتقاده والثمن على المشترى ملكه فان كان من جنس حقه فقد ظفر بجنس حقه من مال من ظلمه وان كان من غير الجنس

(11/77)


فيأخذه أيضا ولا يخرج على القولين بالظفر بغير جنس الحق في غير هذه الصورة لان المالك يدعيه لنفسه ويمنع الغير عنه والموكل لا يدعى الثمن ههنا وأول مصرف يعرض له التسليم إلى الغارم الوكيل وهذا ما
أراد صاحب الكتاب بقوله في مسألة الجارية فيقطع بجواز أخذه والمذهب المشهور تخريجه على الخلاف في ذلك الاصل على ما مر ولك أن تعلم قوله ويقطع بجواز أخذه وعليك أن تعلم أن الظاهر خلافه (الحالة الثانية) أن يعترف المشتري بالوكالة فينظر ان صدقة الموكل فالبيع باطل وعليه رد المبيع ان كان ياقيا وان تلف فالموكل بالخيار ان شاء غرم الوكيل لتعديه وان شاء غرم المشترى لتفرع يده على يد مضمونه وقرار الضمان على المشترى لحصول الضمان في يده (نعم) يرجع بالثمن الذى دفعه إلى الوكيل لخروج المبيع مستحقا وان صدق الوكيل فالقول قول الموكل فان حلف أخذ العين وان نكل حلف المشترى وبقيت له.
قال (الثاني في المأذون فإذا قال تصرفت كما أذنت من بيع أو عتق فقال الموكل بعد لم تتصرف فقولان (أحدهما) القول قول الوكيل لانه أمين وقادر على الانشاء والتصرف إليه (والآخر) لا فانه اقرار على الموكل ملزم والاصل عدمه.
وأما إذا ادعى تلف المال فالقول قوله لانه يبغى دفع الضمان عن نفسه.
وكذا إذا ادعى رد المال سواء كان بجعل أو بغير جعل.
وذكر العراقيون في تصديق الوكيل بالجعل وجهين) .
في الفصل مسألتان (الاولى) إذا وكله ببيع أو هبة أو صلح أو طلاق أو إعتاق أو إبراء فقال الوكيل تصرفت كما أذنت وقال الموكل لم تتصرف بعد نظر ان جرى هذا الخلاف بعد انعزال الوكيل لم يقبل قوله إلا ببينة لانه غير مالك للتصرف حينئذ وان وقع قبله فقولان (أحدهما) أنه يصدق

(11/78)


الوكيل بيمنه لانه ائتمنه فعليه تصديقة ولانه مالك لانشاء التصرف ومن يملك الانشاء يقبل إقراره كالولي المجبر إذا أقر بنكاح موليته وبهذا قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى إلا في النكاح إذا اختلف فيه الوكيل والموكل فالقول قول الموكل (والثانى) ان القول قول الموكل لان الاصل العدم ولان الوكيل مفر عليه بزوال الملك عن السلعة فوجب أن لا يقبل بخلاف ما إذا ادعى الرد أو التلف فانه يبغى دفع الضمان عن نفسه لا إلزام الموكل شيئا وما الاصح من القولين وما كيفيتهما (أما الاول) فكلام أكثر الاصحاب ترجيح تصديق قول الموكل وهو اختيار ابن الحداد ورجحه الشيخ أبو على من جهة القياس (وأما
الثاني) فان قول تصديق الموكل منقول عن الشافعي رضى الله عنه في مواضع واختلف الناقلون في القول الآخر فذكر الرويانى وغيره أنه منصوص عليه في الرهن الكبير قال الشيخ أبو على انه مخرج خرجه ابن سريح على هذه الطريقة وربما أبدلوا لفظ القولين بالوجهين وفى المسألة وجه ثالث وهو أن ما يستقل به الوكيل كالطلاق والاعتاق والابراء يقبل ففيه قوله مع يمينه وما لا يستقل كالبيع لابد فيه من البينة ولو صدق الموكل في البيع ونحوه ولكن قال كنت عزلتك قبل التصرف وقال الوكيل بل كان العزل بعد التصرف فهو كما لو قال الزوج راجعتك قبل انقضاء العدة وقالت انقضت عدتي قبل أن تراجعني ولو قال الموكل قد باع الوكيل فقال الوكيل لم أبع فان صدق المشترى الموكل حكم بانتقال الملك إليه وإلا فالقول قوله (الثانية) دعوى الوكيل تلف المال مقبول مع يمنيه كما في المودع وكذا دعواه الرد على اختلاف ذكرناه في الرهن والظاهر القبول أيضا وقد ذكر صاحب

(11/79)


الكتاب حكم دعواه الرد مرة في باب الرهن الا أن لفظه في حكاية طريقة العراقيين هناك جواب على احد وجهيهم وهو أن الوكيل بالجعل غير مصدق وههنا نص على الوجهين كما ذكرناهما في شرح طريقتهم هنا ك وقد بينا ثم ان تسويته بين دعوى التلف والرد في نقل الخلاف على خلاف ما أورده الجمهور ولفظه ههنا صالح لما ذكره هناك ولما هو الحق أن يفصل بين قوله وكذا إذا ادعى رب المال عما قبله وكل ما ذكرناه ههنا وهناك فيما إذا ادعى الامين الرد على من ائتمنه أما إذا ادعى الرد على غيره فقد ذكره صاحب الكتاب في الوديعة وستأتى إن شاء الله تعالى ومن مسائله دعوى القيم الرد على اليتيم الذى كان يقوم بأمره وهى مذكورة في هذا الباب من بعد (ومنها) أن يدعى الوكيل الرد على رسول المالك لاسترداد ما عنده فلا خلاف في أن الرسول إذا أنكر القبض كان القول قوله مع يمينه وأما الوكيل فالمذهب أنه لا يلزمه تصديق الوكيل لانه يدعى الرد على من لم يأتمنه فليقم البينة وفى وجه عليه التصديق لانه معترف برسالته ويد رسوله يده فكأنه ادعى الرد عليه.
قال (وكذلك لو قال قبضت الثمن وتلف في يدى وكان ذلك بعد التسليم فالقول قوله لان
الموكل يريد أن يجعله خائنا بالتسليم قبل الاستيفاء.
فأما إذا كان قبل التسليم فالقول فيه قول الموكل والاصل بقاء حقه) .
إذا وكل وكيلا باستيفاء دين له على إنسان فقال استوفيته وأنكر الموكل نطر إن قال استوفيته وهو قائم في يد فخذه فعليه أخذه ولا معنى لهذا الاختلاف ولو قال استوفيته وتلف في يدى فالقول قول الموكل مع يمينه على نفى العلم باستيفاء الوكيل لان الاصل بقاء حقه فلا يقبل قول الوكيل

(11/80)


والمديون إلا ببينة هذا ظاهر المذهب وجعله بعضهم على الخلاف المذكور فيما إذا اختلفا في البيع ونحوه وعلى الاول فإذا حلف الموكل أخذ حقه ممن كان عليه ولا رجوع له على الوكيل لاعترافه أنه مظلوم ولو وكله بالبيع وقبض الثمن أو البيع مطلقا وقلنا الوكيل بالبيع يملك قبض الثمن واتفقا على البيع واختلفا في قبض الثمن فقال الوكيل قبضته وتلف في يدى وأنكر الموكل فهذه مسألة الكتاب وفى معناها ما إذا قال قبضته ودفعته اليك فأنكر الموكل القبض ففى المصدق منهما طريقان (أحدهما) أنه على الخلاف المذكور في البيع وسائر التصرفات (وأظهرهما) أن هذا الاختلاف ان كان قبل تسليم المبيع فالقول قول الموكل كما في المسألة السابقة وان كان بعد تسليمه فوجهان (أحدهما) الجواب هكذا لان الاصل بقاء حقه (وأصحهما) وبه قال ابن الحداد أن القول قول الوكيل لان الموكل ينسبه إلى الخيانة قبل قبض الثمن ولزوم الضمان والوكيل ينكر فاشبه ما إذا قال للوكيل طالبتك برد الثمن الذى دفعته اليك أو بثمن المبيع الذى قبضته فامتنعت مقصرا إلى أن تلف فقال الوكيل لم تطالبني ولم أكن مقصرا فان القول قوله وهذا التفصيل فيما إذا أذن في البيع مطلقا أو حالا فان أذن في التسليم قبل قبض الثمن أو أذن في البيع بثمن مؤجل وتنازعا في القبض بعد الاجل فههنا لا يكون خائنا بالتسليم قبل القبض والاختلاف كالاختلاف قبل التسليم فإذا صدق الوكيل فحلف فهل تبرأ ذمة المشترى فيه وجهان (أحدهما) نعم لانا قبلنا قول الوكيل في قبضه الثمن فاكتفى بموجبه (والثانى) لا لان الاصل عدم الاداء وإنما قبلناه من الوكيل في حقه لائتمانه إياه

(11/81)


وهذا أصح عند صاحب التهذيب والاول عند الامام وعلى الاول فإذا حلف الوكيل وبرأنا المشترى ثم وجد المشترى عيبا فان رده على الموكل وغرم الثمن لم يكن له الرجوع على الوكيل لاعترافه بان الوكيل لم يأخذ شيئا وان رده على الوكيل وغرمه لم يرجع على الموكل والقول قوله مع يمينه في أنه لم يأخذ شيئا ولا يلزم من تصديقنا الوكيل في الدفع عن نفسه بثمنه أن نثبت بها حقا على غيره ولو خرج المبيع مستحقا قال في التهذيب يرجع المشترى بالثمن على الوكيل لانه دفعه إليه ولا رجوع له على الموكل لما مر ولو اتفقا على قبض الوكيل الثمن فقال الوكيل دفعته إليك وقال الموكل بل هو باق عندك فهو كما لو اختلفا في رد المال المسلم إليه والظاهر أن القول قول الوكيل ولو قال الموكل قبضت الثمن فادفعه لى وقال الوكيل لم أقبضه بعد فالقول قول الوكيل مع يمينه وليس للموكل طلبه الثمن فهو متعد بفعله وللموكل أن يغرمه قيمة المبيع قال (الثالث إذا وكله بقضاء الدين فليشهد فان قصر ضمن بترك الاشهاد.
وكذا قيم اليتيم لا يصدق (و) في دعوى رد المال.
قال الله تعالى (فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم) .
ومن يصدق في الرد إذا طولب بالرد هل له التأخير بقدر الاشهاد وجهان) .
ذكر في أول الباب أن نزاع الموكل والوكيل في ثلاثة مواضع (وثالثها) في الوسيط النزاع في القبض وهو ما سبق في الفصل المتقدم على هذا الفصل وههنا جعل الثالث مما يشرع فيه الآن وترتيب الوسيط أحسن لان أكثر المسائل من هذا الموضع إلى آخر الباب لاتعلق له بالاختلاف وفى الفصل الثالث ثلاث صور (احداها) إذا دفع إليه مالا ووكله بقضاء دينه ثم قال الوكيل دفعته إلى رب

(11/82)


الدين وأنكر رب الدين فالقول قوله مع يمينه لانه لم يأتمن الوكيل حتى يلزمه تصديقه والاصل عدم الدفع فإذا حلف طالب الموكل بحقه وليس له مطالبة الوكيل وهل يقبل قول الوكيل على الموكل فيه قولان (أحدهما) نعم خرجه ابن سريج ويحكى عن أبى حنيفة لان الموكل قد ائتمنه فاشبه ما إذا ادعى الرد عليه (وأصحهما) لا بل لابد من البينة لانه أمره بالدفع إلى من لم يأتمنه فكان من حقه الاشهاد عليه فعلى الاول يحلف الوكيل وتنقطع مطالبة المالك عنه ولا يغنيه تصديق المدفوع إليه
عن اليمين وعلى الاصح ينظر إن ترك الاشهاد على الدفع فان دفع بحضور الموكل فلا رجوع للموكل عليه في أصح الوجهين وان دفع في غيبته فله الرجوع ولا فرق بين أن يصدقه الموكل على الدفع أو لا يصدقه وعن أبى الطيب وجه أنه لا يرجع عند التصديق وان اختلفا فقال الوكيل دفعت بحضرتك وأنكر الموكل فالقول قول الموكل مع يمينه وإن كان قد اشهد عليه لكن مات الشهود أو جنوا أو غابوا فلا رجوع وإن كان قد أشهد شاهدا واحدا أو فاسقين فيه خلاف وكل ذلك على ما ذكرنا في رجوع الضامن على الاصيل فإذا عرفت ذلك اعلمت قوله ضمن بترك الاشهاد وتنزيله على الحالة التى يجب التنزيل عليها ولو أمره بايداع ماله ففى لزوم الاشهاد وجهان مذكوران في الوديعة (الثانية) إذا قيم اليتيم أو الوصي دفع المال إليه بعد البلوغ فظاهر المذهب أنه لا يقبل قوله بل يحتاج إلى البينة لان الاصل عدم الدفع وهو لم يأتمنه حتى يكلف تصديقه واحتج له أيضا بأن الله تعالى قال (فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم) أمر بالاشهاد ولو كان قوله مقبولا لما أمر لكن يجوز أن يكون الامر بالاشهاد إرشادا أو ندبا إلى التورع عن اليمين وعن رواية ابن المرزبان وغيره وجه آخر أنه يقبل قوله

(11/83)


مع يمينه لانه أمين (الثالثة) إذا طلب المالك من في يده المال بالرد فقال لا أرد إلا بالاشهاد ينظر إن كان ممن يقبل قوله في الرد كالمودع والوكيل ففيه وجهان (أشهرهما) وهو الذى أورده العراقيون أنه ليس له ذلك لان قوله في الرد مقبول فلا حاجة إلى البينة (والثانى) ويروى عن ابن أبى هريرة رحمه الله أن له الامتناع كيلا يحتاج إلى اليمين فان الامناء يتحرزون عنها ما أمكنهم وفيه وجه ثالث أنه إن كان التوقف إلى الاشهاد يورث تأخيرا أو تعويقا في التسليم لم يكن له الامتناع وإلا فله ذلك وان كان ممن لا يقبل قوله كالغاصب فان كان عليه بينة بالاخذ فله الامتناع إلى الاشهاد لانه يحتاج إلى بينة الاداء إن توجهت عليه بينة الاخذ وإن لم تكن عليه بينة بالاخذ فوجهان (أصحهما) عند صاحب التهذيب أن له أن يمتنع إلى الاشهاد لان قوله في الرد غير مقبول (والثانى) المنع لانه يمكنه أن يقول ليس عندي شئ ويحلف عليه هذا ما أورده المشايخ العراقيون والمديون في هذا الحكم كمن لا يقبل قوله في رد الاعيان.
قال (ولمن عليه الحق (ح وز) أن لا يسلم إلى الوكيل المستحق إلا بالاشهاد وان اعترف به وان كان في يده تركه وأقر لانسان بانه لا وراث سواه لزمه (و) التسليم.
ولم يجز له تكليفه شهادة (و) على أن لا وارث سواه.
ولو اعترف لشخص بأنه المستحق الفا عن جهة الحوالة ولكن خاف انكار المحيل فهو كخوف انكار الموكل فعلى وجهين) .
إذا كان له دين في ذمة غيره أو عين في يد غيره فأتى ذلك الغير إنسان وقال أنا وكيل بقبضه فله حالتان (إحداهما) أن يصدقه في دعوى الوكالة فله دفعه إليه وإذا دفع ثم ظهر المستحق وأنكر

(11/84)


الوكالة فالقول قوله مع يمينه فإذا حلف فان كان الحق عينا أخذها فان تلف فله تغريم من شاء منهما ولا رجوع للغارم منهما على الآخر لانه مظلوم بزعمه والمظلوم لا يؤاخذ إلا من ظلمه قال في التتمة هذا إذا تلف من غير تفريط منه فان تلف بتفريط من القابض فينظر ان غرم المستحق القابض فلا رجوع وان غرم الدافع فله الرجوع لان القابض وكيل عنده والوكيل يضمن بالتفريط والمستحق ظلمه بأخذ القيمة منه وماله في ذمة القابض فيستوفيه بحقه.
وان كان الحق دينا فله مطالبة الدافع بحقه وإذا غرمه قال المتولي ان كان المدفوع باقيا فله استرداده وان صار ذلك للمستحق في زعمه لانه ظلمه بتغريمه وذلك مال له ظفر به وان كان تالفا فان فرط فيه غرم والا ففلا وهل للمستحق مطالبة القابض ينظر ان تلف المدفوع عنده فلا لان المال للدافع بزعمه وضمانه له وان كان باقيا فوجهان عن أبى اسحق أن له مطالبته بتسليمه إليه لانه انما دفعه إليه ليدفعه إلى المستحق فكأنه انتصب وكيلا في الدفع من جهته وبهذا أجاب الشيخ أبو حامد في التعليق (وقال الاكثرون) لا مطالبة لان الآخذ فضولي بزعمه والمأخوذ ليس حقا له وانما هو مال المديون فلا تعلق للمستحق به (فان قلنا) بالاول فأخذه برئ الدافع عن الدين وهل يلزم من عنده الحق دفعه إليه بالتصديق أم له الامتناع إلى قيام البينة على الوكالة نص أنه لا يلزمه الا بعد البينة ونص فيما إذا أقر بدين أو عين من تركة انسان أنه مات ووارثه فلان أنه يلزمه الدفع إليه ولا يكلف البينة وللاصحاب طريقان (أحدهما) ونقل عن أبى اسحق أن المسألتين على قولين في قول يلزم الدفع إلى الوكيل والوارث لانه اعترف باستحقاقه الاخذ فلا يجوز له
منع الحق عن المستحق وفيه قول لا يلزمه الدفع إلى واحد منهما الا بالبينة (أما) في الصورة الاولى

(11/85)


فلاحتمال انكار الموكل (وأما) في الثانية فلاحتمال استناد اقراره بالموت إلى ظن خطأ (وأصحهما) وهو المذكور في الكتاب تقرير النصين والفرق حصول اليأس بزعمه عن عود الموت وصيرورة الحق للوارث وعدم اليأس عن انكار الموكل الوكالة وبقاء الحق له (الثانية) أن لا يصدقه فلا يكلف الدفع إليه فان دفع ثم حضر الموكل وحلف على نفى الوكالة وغرم كان له أن يرجع على القابض دينا كان أو عينا لانه لم يصرح بتصديقه وانما بنى الامر على ظاهر قوله فإذا تبين خلافه غرم ما غرم ولو أنكر الوكالة أو الحق وكان الوكيل مأذونا في اقامة البينة أو قلنا ان الوكيل بالقبض مطلقا يملك اقامه البينة فله أن يقيم البينة ويأخذ فان لم تكن بينة فهل له التحليف ينبنى على أن إذا صدقه هل يلزمه الدفع إليه (إن قلنا) نعم فله تحليفه فلعله يصدقه إذا عرضت اليمين عليه (ان قلنا) لا ينبنى على أن النكول ورد اليمين كاقامة البينة من المدعى أو كالاقرار من المدعى عليه (إن قلنا) بالاول فله تحليفه طمعا في أن ينكل فيحلف الوكيل (وان قلنا) بالثاني فلا ولو جاء رجل وقال لمن عليه الدين أحالني عليك فلان فصدقه وقلنا إذا صدق مدعى الوكالة لا يلزمه الدفع إليه فوجهان (أحدهما) أنه لا يلزم أيضا لانه قد ينكر صاحب الحق كما ينكر صاحب الوكالة (وأصحهما) اللزوم لاعترافه بانتقال الحق إليه كالوارث وينبنى على الوجهين أنه لو كذبه ولم تكن بينة هل له تحليفه إن ألزمناه الدفع إليه له تحليفه والا فكما سبق.
ولو قال مات فلان وله عندي كذا فهذا وصية فهو كما لو قال هذا وارثه ولو قال مات وقد أوصي به لهذا الرجل فهو كما لو أقر بالحوالة وإذا أوجبنا الدفع إلى الوارث والوصى أو لم نوجب فدفع ثم بان أن المالك حى ثم غرم الدافع فله الرجوع على المدفوع إليه بخلاف صورة الوكالة لانه صدقه على الوكالة وانكار صاحب الحق لا يرفع بتصديقه وصدق الوكيل لاحتمال أنه وكله ثم جحد وهل هنا بخلافه والحوالة في ذلك كالوكالة (وقوله) في الكتاب ولمن عليه الحق أن لا يسلم إلى الوكيل المستحق له الا بالاشهاد كان الاحسن أن يقول إلى من يدعى الوكالة عن المستحق ولفظ الاشهاد ههنا بعيد عما هو المراد أن أراد

(11/86)


به البينة لان المفهوم من الاشهاد ما استعمل اللفظ له في المسائل قبل هذا الفصل ويمكن أن يراد اشهاد الوكيل على الموكل (قوله) وان اعترف معلم - بالواو - لما نقلناه من طريقة القولين والحالان عند أبى حنيفة يجب دفع الدين إلى من أقر بوكالته ولا يجب دفع العين وفرق بينهما بانه في الدين أقر بثبوت المطالبة المدعى الوكالة في ماله وفى العين يقر بمال الغير فلا يلتفت إليه وبالزاى لان أبا اسحق الشيرازي وغيره حكوا عن المزني أنه يلزمه تسليم الحق إليه ولم يفرقوا بين الدين والعين (وقوله) في مسألة الوارث لزمه التسليم معلم - بالواو - لما مر.
قال (ولو ادعى على الوكيل قبض الثمن فجحد فاقيم عليه بينة بالقبض فادعى تلفا أو ردا قبل الجحود للقبض لم يقبل قوله لانه خائن ولا بينته (و) لانه لا تسمع دعواه.
ولو ادعى بعد الجحود ردا سمع الدعوى (و) ولا يصدق لانه خائن.
ولكن تسمع البينة.
ولو ادعى التلف صدق ليبرأ من العين ولكنه خائن فيلزمه الضمان) .
إذا ادعى على انسان أنه دفع إليه متاعا ليبيعه ويقبض ثمنه وطالبه برده أو قال بعته وقبضت الثمن فسلمه إلى فأنكر المدعى عليه فأقام المدعى بينة على ما ادعاه فادعى المدعى عليه أنه كان قد تلف أو رده فينظر في صيغة جحوده ان قال مالك عندي شئ أو لا يلزمني تسليم شئ اليك قبل قوله في الرد والتلف لانه إذا كان قد تلف أو رده كان صادقا في انكاره ولم يكن بين كلاميه تناقض وان أقام عليه بينه سمعت بينة وان كان صيغة جحوده أنك ما وكلتني أو ما دفعت إلى شيئا أو ما قبضت الثمن وهذه صورة مسألة الكتاب فينظر ان ادعى التلف أو الرد قبل أن يجحد لم يصدق لانه مناقض

(11/87)


لقوله الاول ولزمه الضمان وان أقام بينة على ما ادعاه فوجهان (أولاهما) أنها تسمع لانه لو صدقة المدعى لسقط عنه الضمان فكذلك إذا قامت الحجة عليه وأيضا فلما يذكر في الوديعة (الثاني) وهو الاظهر عند الامام وهو الذى أورده في الكتاب أنها لا تسمع لان جحوده الاول كذب هذه البينة وعلل في الكتاب عدم سماع البينة بعدم سماع الدعوى ونجئ فيه نحو الامام فانه قال كل بينة تقام فان قيامها يستدعى دعوى من يقيمها فان فسدت الدعوى استقلت البينة وهى غير مسموعة
من غير دعوى لكن من يقول بسماع الدعوى كيف يسلم عدم سماع الدعوى إذ الدعوى قد تسمع بمجرد تحليف الخصم لما سبق في باب الرهن وقبله وان ادعى الرد بعد الجحود لم يصدقه لصيرورته خائنا لكن لو أقام بينة فالمشهور في هذا الباب أنها تسمع ورأى الامام رحمه الله تعالى أن يكون سماع البينة على الوجهين السابقين لتناقص دعوى الرد والجحود وهو حسن موافق لما ذكرناه في باب الوديعة وان ادعى التلف بعد الجحود صدق بيمينه لتنقطع عنه المطالبة برد العين ولكن يلزمه الضمان لخيانته وهذا كما إذا ادعى الغاصب التلف.
(فرع) لو قال بع هذا ثم هذا لزمه رعاية الترتيب قاله القفال ولو جعل للوكيل بالبيع جعلا فباع استحقه وان تلف الثمن في يده لان استحقاقه بالعمل وقد عمل وإذا ادعى خيانة عليه لم تسمع حتى يتبين القدر الذى خان به بأن يقول بعت بعشرة وما دفعت إلى الا خمسة وإذا وكل بقبض دين أو استرداد وديعة فقال المديون أو المودع دفعت وصدقة الموكل والوكيل منكر هل يغرم الدافع بترك الاشهاد فيه وجهان كما لو ترك الوكيل بقضاء الدين الاشهاد ومن قال أنا وكيل في بيع أو نكاح وصدقه من يعامله صح العقد فلو قال الوكيل بعد العقد لم أكن مأذونا فيه لم يلتفت

(11/88)


إلى قوله ولم يحكم ببطلان العقد وكذا لو صدقة المشترى بحق من يوكل عنه الا أن يقيم المشترى بينة على اقراره بانه لم يكن مأذونا من جهته في ذلك التصرف والله أعلم.