فتح العزيز بشرح الوجيز = الشرح الكبير

(كتاب الاقرار.)
وفيه أربعة أبواب
(الباب الاول في أركانه) وهى أربعة (الركن الاول) المقر وهو ينقسم إلى مطلق ومحجور.
فالمطلق ينفذ إقراره بكل ما يقدر على انشائه.
والمحجور عليه سبعة أشخاص.
الصبى واقراره مسلوب مطللقا.
نعم لو ادعى أنه بلع بالاحتلام في وقت إمكانه يصدق اذلا يمكن معرفته الا من جهته.
ولو ادعى البلوغ بالسن طولب بالبينة.
والمجنون وهو مسلوب القول مطلقا.
والسكران وهو ملتحق بالمجنون أو الصاحي فيه خلاف مشهور والمبذر والمفلس وقد ذكرنا حكمهما) .
الاقرار أصله الاثبات من قولك قر الشئ يقر وقررته إذا أقر به القرار ولم يسم ما يسوغ فيه اقرارا من حيث إنه افتتاح اثبات ولكن لانه اخبار عن ثبوت ووجوب سابق والاصل فيه من حيث الكتاب قوله تعالى (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم) قال المفسرون شهادة المرء على نفسه اقراره وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (قولوا الحق ولو على أنفسكم) ولا شك أن في الاقرار

(11/89)


مقرا ومقرا به وصيغة تترتب عليها المؤاخذة وهذه الامور سماها في الكتاب أركانا له ثم المقر به قد يكون مالا وقد يكون غيره وعلى التقديرين فأما أن يعقب الاقرار بما يرفعه أو لا يعقب وإذا لم يكن المقر به مالا قد يكون عقوبة من قصاص أو حد وقد يكون نسبا أو غيره فجعل أبواب الكتاب أربعة (الاول) في الاركان (والثانى) في الاقارير المجملة (والثالث) في تعقب الاقرار بما يرفعه (والرابع) في الاقرار بالنسب وأما ما عدا النسب فما يقع في قسم ما عدا المال فلم يورده قدما الاصحاب في هذا الباب فنجرى على أمثالهم (الركن الاول) من الباب المقر وهو إما مطلق أو محجور أما المطلق وهو المنفك عن أنواع الحجر فاقراره صحيح (وقوله) ينفذ اقراره بكل مايقر به على اسبابه كالدخيل في هذا الركن فان الكلام فيه في المقر وهذا لا يضبط المقر به والضبط ما ينفذ اقرار المقر فيه على أنه يحتاج إلى استثناء صور أقر بها بناء على أن الوكيل إذا قال تصرفت كما أذنت لى فقال الموكل لم تتصرف لم يقبل قول الوكيل على أحد القولين مع قدرته على الانشاء وكذا لو قال استوفيت ما أمرتنى باستيفائه ونازعه الموكل (ومنها) أن انشاء نكاح البنت إلى وليها فاقراره غير مقبول ويمكن أن يزاد فيه فيقال ينفذ اقرار

(11/90)


الانسان في التصرفات المتعلقة به التى يستقل بأسبابها أو يقال ما يقدر على أسبابه ويؤاخذ المقر بموجب الاقرار به ولا يلزم نفوذه في حق الغير فتخرج المسائل (وأما) المحجور فقد ذكرنا في كتاب الحجر أقسامه فمنها حجر الصبى وأقاريره لاغية خلافا لابي حنيفة رحمه الله تعالى حيث قال ان كان مميزا مأذونا من جهة الولى صح اقراره كتصرفاته ولنا قول في صحة تدبيره ووصيته فعلى ذلك القول يصح اقراره بهما ولو ادعى أنه بلغ بالاحتلام أو ادعت الجارية البلوغ بالحيض في وقت امكانها وقد سبق بيانه صدقا وان
فرض ذلك في خصومة لم يحلفهما لانه لايعرف ذلك الا من جهتهما فأشبه ما إذا علق العتق على مشيئة الغير فقال شئت يصدق من غير يمين وأيضا فانهما ان صدقا فلا تحليف وان كذبا فكيف يحلفان واعتقاد المكذب أنهما صغيران وقرب الامام رحمه الله تعالى المسألة من الدائرات الفقهية فان في تحليفه تصديق الصبى وبتصديق الصبى لا يحلف فإذا لو حلف لما حلف هذا ما نقله صاحب الكتاب وشيخه وبه قال أبو زيد وعلى هذا فإذا بلغ مبلغا تيقن بلوغه قال الامام رحمه الله تعالى انه لا يحلف أيضا على أنه كان بالغا حينئذ لانا إذا حكمنا بموجب قوله فقد أنهينا الخصومة نهايتها فلا عود إلى تحليفه وفى التهذيب وغيره أنه إذا جاء واحد من الغزاة يطلب سهم المقاتلة وذكر أنه احتلم حلف واخذ السهم فان لم يحلف فوجهان عن صاحب التخليص تخريجا انه لا يعطى وقال غيره يعطى لان الظاهر اسحقاقه بحضور الواقعة ولو ادعى البلوغ بالسن طولب بالبينة لامكانها نعم لو كان غريبا خامل الذكر فليحق بدعوى الاحتلام أو يطالب بالبينة لامكانها من حيث المدعى وينظر في الاثبات لتعذر معرفة التاريخ كما في صبيان الكفار فيه ثلاثة احتمالات للامام رحمه الله تعالى (والظاهر) الثاني لانه إذا أمكن

(11/91)


اقامة البينة كلف اقامتها ولم ينظر إلى حال المدعى وعجزه هذا فقه المسألة ولفظ الكتاب يشعر بأنه عد دعوى الاحتلام اقرارا فان قوله نعم لو ادعى أنه بلغ بالاحتلام اقرارا كالاستدراك لقوله قبله واقراره مسلوب مطلقا لكن عدها اقرار بعيد فان المفهوم من الاقرار الاخبار عن ثبوت حق عليه للغير ونفس البلوغ ليس كذلك ولهذا يطالب مدعى البلوغ بالسن بالبينة واختلفوا في تحليف مدعي البلوغ بالاحتلام والمقر لا يكلف البينة ولا اليمين نعم لو قال أنا بالغ فقد اعترف بثبوت الحقوق المنوطة بالبلوغ فهو من هذا الوجه يكون متضمنا للاقرار لا أن نفسه إقرار وبتقدير كونه إقرارا فليس ذلك كاقرار الصبى بأنه إذا قال أنا بالغ يحكم ببلوغه سابقا على قوله فلا يكون إقراره إقرار الصبى حتى يحتاج إلى الاستدراك (ومنها) حجر المجنون وهو مسلوب القول أيضا بلا استثناء والسكران بين الصاحي والمجنون فبأيهما يحلق في إقراره وتصرفاته فيه طرق للاصحاب تبسط في كتاب الطلاق (ومنها) حجر المبذر والمفلس وقد بينا حكم إقرارهما في بابيهما ويقبل اقرار المفلس المحجور عليه في النكاح دون السفيه المحجور اعتبارا
للاقرار بالانشاء قال الامام رحمه الله تعالى واقرار السفيهة بأنها منكوحة فلان كاقرار الرشيدة إذ لا أثر للسفه في النكاح من جانب المرأة (قال) وفيه احتمال من جهة ضعف قولها وخبل عقلها والعلم عند الله.
قال (والرقيق واقراره مقبول بما يوجب عليه عقوبة.
ولو أقر بسرقة مال ووجب عليه القطع ففى قبوله في وجوب المال قولان.
ولو أقر باتلاف مال وكذبه السيد لم يتعلق برقبته بل يطالب به بعد العتق.
ولو كان مأذونا فأقر بدين معاملة قبل وأدى من كسبه.
ولو لم يستند إلى معاملة بل

(11/92)


أطلق ففى القبول خلاف.
ولو أقر بعد الحجر بدين أسنده إلى حال الاذن فالظاهر رده لانه في الحال عاجز عن انشائه) .
أحد المحجورين الرقيق وإذا أقر اما أن يقر بما يوجب عليه عقوبة أو بغيره (اما) القسم الاول كالاقرار بالزنا وشرب الخمر والسرقة والقذف وما يوجب القصاص في النفس والطرف فذلك مقبول ويقام عليه موجب ما أقر به خلافا لاحمد والمزنى حيث قالا لا يقبل اقراره على نفسه بالعقوبات لانه ملك السيد والاقرار في ملك الغير لا يقبل ويروى عن احمد أنه لا يقبل اقراره بما يوجب القتل ويقبل بما يوجب سائر العقوبات.
لنا ماروى أن عليا رضى الله عنه قطع عبدا باقراراه وأيضا فانه لو ظهر الحال بالبينة لاقيمت عليه العقوبات فإذا ظهر بالاقرار كان أولى لانه أبعد عن التهمة فان كل نفس مجبولة على حب الحياة والاحتراز عن الالم وإذا أقر بسرقة توجب القطع قبل في القطع وفى قبوله في المال قولان إذا كان المقر بسرقته تالفا (أحدهما) أنه يقبل ويتعلق الضمان برقبة لان اقراره لما تضمن عقوبة القطع انقطعت التهمة عنه (وأصحهما) أنه لا يقبل كما لو أقر بمال ويتعلق الضمان بذمته اما أن يصدقه السيد فيقبل وان كان المقر بسرقته باقيا نظر ان كان في يد السيد لم ينزع من يده الا بتصديقه كما لو أقر حر بسرقته ودفعه إليه وان كان في يد العبد فطريقان عن ابن سريج أن في انتزاعه القولين في التالف (فان قلنا) لا تنزع ثبت بدله في ذمته ويروى هذا عن أبى حنيفة رحمه الله تعالى ومالك رحمه الله تعالى ويروى عنهما أنه لا يوجب القطع أيضا والحالة هذه ومن الاصحاب من قطع بنفى القبول في المال كما لو كان في يد السيد لان يده يد السيد ويخالف مالو كان تالفا

(11/93)


لان غاية ما في الباب فوات رقبته على السيد إذا بيع في الضمان والاعيان التى تفوت عليه لو قبلنا اقراره منها لا ينضبط فيعظم ضرر السيد ومنهم من عكس وقال ان كان المال باقيا في يد العبد قبل اقراره بناء على ظاهر اليد وان كان تالفا لم يقبل لان الضمان حينئذ يتعلق بالرقبة وهو محكوم بها للسيد وإذا اختصرت قلت في قبول اقراره بالمال أربعة أقوال يقبل مطلقا لا يقبل مطلقا يقبل إذا كان المال باقيا يقبل إذا كان المال تالفا وقد أوردها صاحب الكتاب مجموعة هكذا في السرقة واقتصر ههنا على القولين الاولين.
ولو أقر ثم رجع عن الاقرار كان كما لو أقر بسرقة لا توجب القطع ولو أقر بالقصاص على نفسه فعفى المستحق على مال أو عفى مطلقا وقنا انه يوجب المال فوجهان (أصحهما) عند صاحب التهذيب أنه يتعلق برقبته وان كذبه السيد لانه انما أقر بالعقوبة والمال يوخذ بالعفو ولا ينظر احتمال أنه واطأه المستحق على أن يقر ويعفو المستحق لتفوت الرقبة على السيد لان هذه التهمة ضعيفة إذ المستحق ربما يموت أو لا يفي فيكون المقر مخاطرا بنفسه (والثانى) أن الجواب هكذا ان قلنا موجب العمد القصاص (أما) إذا قنا موجبه أحد الامرين ففي ثبوت المال قولان بناء على الخلاف في ثبوت المال إذا أقر بالسرقة الموجبة للقطع وينسب هذا إلى صاحب الافصاح (وأما القسم الثاني) فإذا أقر بدين خيانة من جهة غصب أو سرقة لا توجب القطع أو اتلاف فصدقه السيد تعلق برقبته كما لو قامت عليه بينة فيباع فيه الا أن يختار السيد الفداء وإذا بيع فيه وبقى شئ من الدين فهل يتبع به إذا عتق فيه قولان مذكوران في الجنايات وان كذبه السيد لم يتعلق برقبته ولكن يتعلق بذمته يتبع به إذا عتق ولا يخرج على الخلاف فيما إذا بيع في الدين وبقى شئ لانه إذا ثبت التعلق

(11/94)


في الذمة فكان الحق الحصر فيها وتعينت محلا للاداء وفى النهاية أن القياسيين خرجوه على ذلك الخلاف وقالوا الفاضل عن قدر الدين غير متعلق بالرقبة كما أن أصل الحق غير متعلق بها ههنا.
ولو أقر بدين معاملة نظر ان لم يكن مأذونا له في التجارة فلا يقبل اقراره على السيد ويتعلق المقر به بذمته
يتبع به إذا عتق ولا فرق فيه بين أن يصدقه السيد أو يكذبه وان كان مأذونا له في التجارة قبل وأدى من كسبه وما في يده الا إذا كان مما لا يتعلق بالتجارة كالقرض فلو أطلق المأذون الاقرار بالدين ولم يبين جهته فينزل على جهة دين المعاملة أو لا ينزل على ذلك لاحتمال أنه أراد دين الاتلاف فيه وجهان (وأظهرهما) الثاني ولا فرق في دين الاتلاف بين المأذون وغيره ولو أقر عليه فأقر بعد الحجر بدين معاملة أسنده إلى حال الاذن ففيه وجهان مبنيان على القولين فيما لو أقر المفلس بدين لزمه قبل الحجر هل يقبل في مزاحمته الغرماء (والاظهر) ههنا المنع لعجزه عن الانشاء في الحال وتمكن التهمة.
وإذا عرفت ما ذكرناه لم تخف عليك المواضع التى ينبغى أن تعلم بعلامات الاختلاف ورأى الامام رحمه الله تعالى أن يخرج وجوب القطع في مسألة الاقرار بالسرقة إذا نقبله في المال على الخلاف فيما إذا أقر الحر بسرقة مال زيد هل يقطع قبل مراجعة زيد وذلك لارتباط كل واحد منهما بالآخر وعلى هذا يجوز اعلام قوله ووجب عليه القطع - بالواو -.
(فرع) قال في التتمة من نصفه حر ونصفه رقيق إذا أقر بدين جناية لم يقبل فيما يتعلق بالسيد إلا أن يصدقه ويقبل في نصفه وعليه قضاؤه مما في يده وان أقر بدين معاملة فمتى صححنا تصرفه قبلنا اقراره عليه وقضيناه مما في يده ومتى لم نصححه فاقراره كاقرار العبد.

(11/95)


(فرع) اقرار السيد على عبده بما يوجب عقوبته مردود وبدين الجناية مقبول الا أنه إذا بيع منه شئ لم يتبع به بعد العتق الا أن نصدقه وكذا اقراره بدين المعاملة لا يقبل على العبد.
قال (والمريض وهو غير محجور عليه عن الاقرار في حق الاجانب.
وفى حق الوارث أيضا على الصحيح.
وقيل فيه قولان.
ولو أقر بانه كان وهب من الوارث في الصحه فالظاهر أنه لا يقبل لعجزه عن الانشاء في الحال.
ولو أقر بدين مستغرق فمات وأقر وارثه عليه بدين مستغرق فيتزاحمان أو يقدم اقرار المورث لوقوع اقرار الوارث بعد الحجر فيه قولان.
ولو أقر بعين ماله في المرض لشخص ثم أقر بدين مستغرق سلم العين للاول ولا شئ للثاني لانه مات مفلسا.
وان أخر الاقرار بالعين
فكمثل.
وفيه وجه آخر أنه إذا تأخر يتزاحمان) .
ومن المحجورين المريض مرض الموت وفى اقراره مسألتان (احدهما) يصح اقراره بالنكاح بموجبات العقوبات وكذا لو أقر بدين أو عين لاجنبي وفى اقراره للوارث طريقتان (أحدهما) أنه على القولين (أحدهما) انه لا يقبل وبه قال أبو حنيفة وأحمد رحمهما الله لانه موضع التهمه لقعد حرمان بعض الورثة فاشبه الوصيه للوارث (وأصحهما) القبول كما لو أقر في حال الصحة والظاهر أنه لايقر الا عن حقيقة ولا يقصد حرمانا فانه انتهى إلى حال يصدق فيها الكاذب ويتوب الفاجر (والثانى) القطع بالقبول وحمل قول الشافعي رضي الله عنه فيمن أجاز الاقرار لوارث اجازه ومن أبي رده على حكاية مذهب الغير وهذه الطريقة أصح عند صاحب الكتاب والاكثرون رجحوا

(11/96)


طريقة القولين ونقلوا عن الاملاء نصه على المنع وفى تعليق الشيخ أبى حامد أنه رجح إليها بعد ما كان يقول بطريق القطع بالقبول وقال مالك رحمه الله ان كان المقر منهما لم يقبل اقراره والا قبل ويجتهد الحاكم فيه واختاره القاضى الرويانى لفساد الزمان.
(التفريع) ان قلنا لا يقبل فالاعتبار في كونه وارثا بحال الموت أم بحال الاقرار قيل فيه وجهان وقيل قولان (الجديد) أن الاعتبار بحال الموت كما في الوصية وهذا لان المنع من القبول كونه وارثا والوراثة تتعلق بحالة الموت وبهذا قال أبو حامد (والقديم) وبه قال مالك رحمه الله الاعتبار بحال الاقرار لان التهمة حينئذ تمكن (والاول) أظهر في المذهب وأشهر (وبالثانى) قال أبو إسحق واختاره القاضى الرويانى فعلى الاول لو أقر لزوجته ثم أبانها أو لاخته ثم ولد له ابن صح الاقرار ولو أقر لاجنبية ثم نكحها أو لاخته وله ابن فمات لا يصح وعلى الثاني الحكم فيهما بالعكس ولو أقر في المرض انه كان قد وهب من وارثه وأقبض في الصحة أشار الامام رحمه الله إلى طريقين (أحدهما) القطع بالمنع لذكره ما هو عاجز عن انشائه في الحال (والثانى) أنه على القولين في الاقرار للوارث ورجح صاحب الكتاب ههنا عدم القبول واختار القاضى الحسين القبول لانه قد يكون صادقا فيه فليكن ذلك له طريق إلى ايصال الحق إلى المستحق ولو أقر لوارثه ولاجنبي معا هل يصح في نصفه للاجنبي إذا لم يقبل
فيه قولان لابن سريج الظاهر الصحة (المسألة الثانية) أقر في صحته بدين لانسان وفى مرضه بدين لآخر فهما سواء كما لو ثبتا بالبينة وكما إذا أقر بهما في الصحة أو المرض وقال أبو حنيفة رحمه الله يقدم ما أقر به في الصحة حتى لو لم يفضل عنه شئ له ولو أقر في صحته أو مرضه بدين ثم مات

(11/97)


فاقر وارثه عليه بدين آخر فوجهان (أحدهما) أنهما سواء يتضاربان بان في التركة كما لو ثبت الدينان بالبينة وكما لو أقر بهما في حياته فان الوارث خليفته واقراره كاقراره (والثانى) أنه يقدم مايقر به المورث لانه بالموت تعلق بالتركة فليس للوارث صرف التركة عنه والوجهان جاريان فيما لو أقر لوارث بدين عليه ثم أقر لآخر بدين آخر عليه وهما مبنيان على أن المحجور عليه بالفلس إذا أقر بدين أسنده إلى ما قبل الحجر هل يقبل اقراره في زحمة الغرماء فيه قولان والتركة كمال المحجوز عليه من حيث ان الورثة ممنوعون من التصرف فيها وهذا معنى قوله في الكتاب لوقوع اقرار الوارث بعد الحجر واطلاقه القولين في المسألة خلاف رواية الجمهور فانهم جعلوها وجهين ويمكن تنزيلهما على أنهما مخرجان من مسألة الفلس (وقوله) في تصوير المسألة بدين مستغرق غير محتاج إليه بل الخلاف ثابت فيما إذا زادت التركة على قدر الدين الاول ففى وجه يوزع عليهما وفى وجه يوفى الاول بتمامه ويصرف الفاضل إلى الثاني ولو ثبت عليه دين في حياته بالبينة ثم مات فاقر وارثه عليه بدين جرى الخلاف أيضا فاذن ليس من الشرط أن يكون بوت الدين الاول بالاقرار وماله الاظهر من الخلاف أشار بعضهم إلى ترجيح وجه التقديم وقال في التهذيب التسوية أصح وهو موافق لما مر في مسألة المفلس وان ثبت عليه دين في حياته أو موته ثم تردت بهيمة في بئر كان قد احتفرها في محل عدوان ففى مزاحمة صاحب البهيمة رب الدين القديم ما سبق فيما إذا جني المفلس بعد الحجر عليه قاله في التتمة وإذا مات وخلف الف درهم فجاء وادعي أنه أوصى له بثلث ماله فصدقه الوارث ثم جاء آخر وادعي عليه الف درهم دينا فصدقه الوارث قيل يصرف الثلث إلى الوصية لتقدمها وقيل يخرج على قولنا بأن اقرارى

(11/98)


الوارث والموروث يتساويان ولو صدق مدعى الدين أولا صرف المال إليه على قياس الوجهين جميعا ولو
صدق المدعيين معا فالحكاية عن الاكثر أنه يقسم الالف بينهما أرباعا لانا نحتاج إلى الالف للدين وإلى ثلث الالف للوصية فيتزاحم على الالف وثلث الالف فيخص الوصية بثلث عائل وهو الربع وعن الصيدلانى أنه تسقط الوصية ويقدم الدين كما لو ثبتا بالبينة وهذا هو الحق سواء قدمنا عند ترتيب الاقرارين الاول منهما أو سوينا بينهما ولو أقر المريض بعين ماله لانسان ثم أقر بدين آخر مستغرق أو غير مستغرق سلمت العين للمقر له بها ولا شئ للثاني لانه مات المقر ولا يعرف له مال ولو أقر بالدين أولا ثم أقر بعين ماله فوجهان (أصحهما) أن الحكم كما في الصورة الاولى لان الاقرار بالدين لا يتضمن حجرا في العين ألا ترى أنه تنفذ تصرفاته فيه (والثانى) وبه قال أبو حنيفة رحمه الله أنهما يتزاحمان لان لاحد الاقرارين قوة السبق وللآخر الاضافة إلى العين فاستويا ولا يخفى أن التعرض للاستغراق في المسألة اتفاق غير محتاج إليه والله أعلم.
ويشترط في المقر الاختيار فاقرار المكره على الاقرار باطل كسائر تصرفاته.
قال (الركن الثاني المقر له وله شرطان (الاول) أن يكون أهلا للاستحقاق.
ولو قال لهذا الحمار على الف بطل قوله.
ولو قال بسببه على الف لزمه لمالكه على تقدير الاستئجار.
ولو أقر لعبد

(11/99)


لزم الحق لمولاه.
ولو قال لحمل فلانة على الف من إرث أو وصية قبل.
ولو أطلق ولم يذكر الجهة فظاهر النص أنه لا يقبل.
وفيه قول أنه يقبل وينزل على هذا الاحتمال.
وكذلك إذا قال للمسجد إو للمقبرة على الف ان أضاف إلى وقف عليه قبل.
وان أطلق فعلى الخلاف) .
يشترط في المقر له أهلية استحقاق الحق المقر به والا كان الكلام لغوا وهزوا وفيه ثلاثة صور (إحداها) لو قال لهذا الحمار أو لدابة فلان علي الف بطل اقراره ولو قال بسبها على الف صح ولزمه حملا على أنه جني عليها أو اكتراها وعن الشيخ أبى عاصم العبادي وجه أنه لا يصح لان الغالب لزوم المال بالمعاملة ولا تتصور المعاملة معها ولو قال لعبد فلان على أو عبدى كذا صح وكان الاقرار لسيده ويخالف مسألة الدابة لانه لا تتصور المعاملة معها وتتصور مع العبد والاضافة إليه كالاضافة في الهبة وسائر الانشاءات (وقوله) في الكتاب ولو قال بسببه على الف لزمه لمالكه المراد ما إذا قال لمالكه بسببه على
الف فاما إذا اقتصر على اللفظ المذكور في الكتاب لم يلزم أن يكون الالف لمالك الدابة في الحال ولكن يسأل ويحكم بموجب بيانه (الثانية) إذا قال لحمل فلانة على الف أو عندي الف فله ثلاثة أحوال (إحداها) أن يسنده إلى جهة صحيحة بان يقول ورثه من أبيه أو يقول أوصى به فلان له فيعتبر اقراره ثم ان انفصل الحمل ميتا فلا حق له بل هو لورثة من قال انه ورثه منه أو للموصى أو ورثته ان

(11/100)


أسنده إلى وصيته وان انفصل حيا فان انفصل لما دون ستة أشهر من يوم الاقرار استحق لانا تيقنا وجوده يومئذ وان انفصل لاكثر من أربع سنين فلا لانا تقينا عدمه يومئذ وان انفصل لستة أشهر أو أكثر ولما دون أربع سنين فان كانت مستفرشة لم يستحق لاحتمال تجدد العلوق بعد الاقرار والاصل عدم الاستحقاق وعدمه عند الاقرار فان لم تكن مستفرشة فقولان (أحدهما) أنه لا يستحق لانا لا نتيقن وجوده عند الاقرار (وأظهرهما) الاستحقاق إذ لاسبب في الظاهر يتجدد به العلوق والظاهر وجوده وقت الاقرار لحكم ثبوت نسبه ممن كانت فراشا له وإذا ثبت الاستحقاق فان ولدت تلك المرأة ذكر فهو له وان ولدت ذكرين فصاعدا فلهم بالسوية وان ولدت أنثى فهو لها ان أسنده إلى وصية وان أسنده إلى الارث من الاب فنصفه لها وان ولدت ذكرا وأنثى فهو بينهما بالسوية ان أسنده إلى وصية وثلثاه ان أسنده إلى الارث من الاب (وقوله) ونصفه لها وهذا إذا اقتضت جهة الوراثة ما ذكرنا فان اقضت التسوية بان يكونا ولدى الام كان ثلثه بينهما بالسوية قال الامام رحمه الله تعالى ولو أطلق الارث سألناه عن الجهة وحكمنا بمقتضاها (الحالة الثانية) أن يطلق الاقرار ففيه قولان (أحدهما) وهو نصه في المختصر أنه باطل لان المال في الغالب إنما يجب المعاملة أو جناية ولامتناع المعاملة مع الجهل ولا الجناية عليه (وأصحهما) وبه قال أبو حنيفة رحمه الله وأبو إسحق أنه يصح ويحمل

(11/101)


على الجهة الممكنة في حقه وان كانت نادرة (الثالثة) أن يسنده إلى جهة فاسدة بان يقول الف أقرضنيه أو ثمن ما باعه منى فان لم نصصحه بالاقرار المطلق فهذا أولى وان صححناه فطريقان (أحدهما) أنه على القولين في تعقيب الاقرار بما يرفعه (وأظهرهما) الصحة لانه عقبه بما هو غير مقبول ولا منتظم
فاشبه ما إذا قال لفلان على الف لا يلزمني وإذا صححنا الاقرار في الحالتين الاخيرتين فان انفصل الحمل ميتا فلا حق له ويسأل المقر عن جهة اقراره من الميراث أو الوصيه ويحكم بموجبه قال في النهاية وليس لهذا السؤال والبحث طالب معين فكان القاضى يسأل حسبة ليصل الحق إلى المستحق فان مات قبل البيان كان كما لو أقر لانسان فرده وفى تعليق الشيخ أبى حامد أنه يطالب ورثته ليفسروا فان انفصل حيا للمدة التى قدرنا من قبل فالكل له ذكرا كان أو أنثى وان انفصل ذكرا وأنثى فهو لهما بالسوية لان ظاهر الاقرار يقتضى التسوية ومن المحتمل أن تكون الجهة الوصية ومتى انفصل حي وميت فيجعل الميت كان لم يكن وينظر في الحى على ما ذكرنا ولو أقر بحمل جارية أو بهيمة لانسان ففيه التفصيل المذكور فيما إذا أقر للحمل فان قال أنه أوصى له به صح وينظر كم بين انفصاله وبين الاقرار من المدة على ما سبق وفى حمل البهيمة يرجع إلى اهل الخبرة وان أطلق أو أسند إلى جهة فاسدة خرج على ما تقدم من الخلاف ولو أقر بالحمل لرجل وبالام لآخر إن جوزنا الاقرار بالحمل صح الاقرار

(11/102)


والا فلا قال صاحب التهذيب هما جميعا للآخر وهذا البناء على أن الاقرار بالحامل إقرار بالحمل وفيه خلاف يأتي من بعد (الصورة الثالثة) لو أقر لمسجد أو مقبرة أو نحوها بمال وأسنده إلى جهة صحيحه كغلة وقف عليه صح وان أطلق فعلى وجهين تخريجا من القول في مسألة الحمل وعلى قياسه ما إذا أضاف إلى جهة فاسدة.
قال (الثاني) أن لا يكذبه المقر له فان كذبه لم يسلم إليه ويترك في يد المقر في وجه.
ويحفظه القاضى في وجه.
فان رجع المقر له عن الانكار سلم إليه.
فان رجع المقر في حال انكار المقر له فالاظهر أنه لا يقبل لانه أثبت الحق لغيره بخلاف المقر له فانه اقتصر على الانكار) .
يشترط في الحكم بالاقرار عدم تكذيب المقر له في انكاره وان لم يشترط قبوله لفظا على رسم الايجاب والقبول في الانشاءات فان كذبه نظر ان كان المقر به مالا لم يدفعه إليه وفيما يفعل به ثلاثة أوجة (أظهرها) أنه يترك في يد المقر كما كان لان يده تشعر بالملك ظاهرا والاقرار الثاني عارضه انكار المقر له فيسقط وأيضا فانا لا نعرف مالكه ونراه في يده المقر فهو أولى الناس بحفظه (وثانيها) واختاره صاحب التهذيب والتتمة أنه ينتزعه القاضى ويتولى حفظه إلى أن يظهر مالكه فانه في حكم مال
ضائع فيحتاط لمالكه فان رأى استحفاظ صاجب اليد فهو كما لو أستحفظ عدلا آخر (وثالثها) أنه يخير المقر له على القبول والقبض وهو بعيد وقال الشيخ أبو محمد موضع الخلاف ما إذا قال صاحب اليد هذا لفلان وكذبه

(11/103)


فلان فأما إذا قال صاحب اليد للقاضى في يدى مال لا أعرف مالكه فالوجه القطع بأن القاضى يتولى حفظه وأبعد بعضهم فلم يجوز انتزاعه ههنا ولو رجع المقر له عن الانكار فصدق المقر فقد حكى الامام رحمه الله الجزم بقبوله وتسليم المقر به إليه لكن الاظهر وهو الذى أورده المتولي وغيره تفريعه على الخلاف السابق (ان قلنا) يترك في يد المقر فهذا حكم منا ببطلان ذلك الاقرار فلا يصرف إلى المقر له الا باقرار جديد (وان قلنا) انه ينتزعه القاضى ويحفظه فكذلك لا يسلم إليه بل لو أراد اقامة البينة على أنه ملكه لم تسمع وانما يسلم له إذا فرعنا على الوجه البعيد فان الظاهر أنه لا يسلم إليه على خلاف ما ذكر في الكتاب ولو رجع المقر في حال انكار المقر له وقال غلطت أو تعمدت الكذب لم يقبل رجوعه ان قلنا ينتزعه القاضي وان تركناه في يده فعلى وجهين رواهما الامام رحمه الله (أظهرهما) عنده وعند صاحب الكتاب أنه لا يقبل أيضا بناء على أنه لو عاد المقر له إلى التصديق قبل منه فإذا كان ذلك متوقعا لم يلتفت إلى رجوعه (والثانى) أنه يقبل بناء على أن الترك في يده ابطال الاقرار وقضية كلام الاكثرين ترجيح هذا الوجه ويعزى إلى ابن سريج ومن قال به لا يسلم لصاحب الكتاب قوله لانه أثبت الحق لغيره بل يقول يشترط كونه اثباتا سلامته مع معارضة الانكار وجميع ما ذكرناه فيما إذا كان الاقرار بثوب ونحوه أما إذا كان اقراره بعبد فأنكر ففيه وجهان (أحدهما) يحكم بعتقه لان صاحب اليد لا يدعيه والمقر له ينفيه فيصير

(11/104)


العبد في يد نفسه فيعتق وهذا كما إذا أقر اللقيط بعد البلوغ بأنه مملوك زيد فأنكر يحكم بحريته (وأظهرهما) المنع لانه مملوك بالرق فلا يرفع الا بيقين وتخالف صورة اللقيط فانه محكوم بحريته بالدار فإذا أقر ونفاه المقر له بقى على أصل الحرية فعلى هذا الحكم فيه ما ذكرنا في الثوب وغيره فان كان المقر قصاصا أو حد قذف وكذبه المقر له سقط الاقرار وكذا لو أقر بسرقة توجب القطع فأنكر رب المال السرقة فلا قطع وفى المال ما سبق وان أقرت بالنكاح وأنكر سقط حكم الاقرار في حقه.
(فرع) لو قال من في يده عبدان أحد هذين لفلان طولب بالبيان فلو عين أحدهما فقال المقر له ان عبدى هو الآخر فهو مكذب للمقر ففى المعين ومدع في العبد الآخر.
(فرع) ادعى على آخر الفا من ثمن مبيع فقال المدعى عليه قد أقبضتك الالف وأقام بينة على اقراره بالقبض يوم كذا وأقام المدعي بينة على اقرار المشتري بعد بينته بانه ما أقبضه الثمن بعد سمعت وألزم المشترى الثمن لانه وان قامت البينة على اقراره بالقبض فقد قامت أيضا على أن صاحبه كذبه فيبطل حكم الاقرار ويبقى الثمن على المشترى ويعتبر في المقر له شرط آخر وهو أن يكون معينا فلو قال لانسان أو لواحد من بني آدم أو من أهل البلد على الف هل يصح اقراره خرجه الشيخ أبو على على وجهين بناء على أنه إذا أقر لمعين بشئ وكذبه المقر له هل يخرج من يده (إن قلنا)

(11/105)


نعم لانه مال ضائع فكذا هاهنا ويفيد الاقرار (وان قلنا) لا لم يصح هذا الاقرار وهو الصحيح قال في التتمة ولو جاء واحد وقال أنا الذى أردتني ولى عليك الالف فالقول قول المقر مع يمينه في نفى الارادة ونفى الالف ويخالف الاقرار على هذا الابهام ما إذا قال غصبت هذا من أحد هذين الرجلين أو هولاء الثلاثة حيث يعتبر ذلك على ما سنذكره ونفرعه من بعد والفرق أنه إذا قال هو لاحد هذين فله مدع وطالب فلا يبقى في يده مع قيام الطالب واعترافه بأنه ليس له وإذا قال لواحد من بنى آدم فلا طالب له فيبقى في يده وكان الشرط أن يكون المقر له معينا ضرب تعين تتوقع معه الدعوى والطلب.
قال (الركن الثالث المقر به ولا يشترط أن يكون معلوما بل يصح الاقرار بالمجهول.
ولا أن يكون مملوكا للمقر بل لو كان ملكا بطل اقراره.
فلو قال داري لفلان أو مالى لفلان فهو متناقض ولو شهد الشاهد أنه أقر له بدار وكان ملكه إلى أن أقر كانت الشهادة باطلة.
ولو قال هذا الدار لفلان وكانت ملكى إلى وقت الاقرار آخذناه بأول كلامه ولم نقبل آخره) .
لا يشترط أن يكون المقر به معلوما بل يصح الاقرار بالمجاهيل على ما سيأتي ولا أن يكون مملوكا له حين يقر لان الاقرار ليس ازالة ملك وانما هو أخبار عن كونه مملوكا للمقر له فلا بد من تقدم المخبر

(11/106)


به على الخبر فلو قال دارى هذه أو ثوبي الذى أملكه لفلان فهو متناقض والمفهوم منه الوعد بالهبة ولو قال مسكني هذا لفلان يكون اقرارا لانه أضاف إلى نفسه السكنى وقد يسكن ملك الغير ولو شهدت بينة على أن فلانا اقر أن له دار كذا وكانت ملكه إلى أن أقر كانت الشهادة باطلة نص عليه ولو قال المقر هذه الدار لفلان وكانت ملكى إلى وقت الاقرار فاقراره نافذ والذي ذكره مناقض لاوله فليلغو كما لو قال هذه الدار لفلان وليست له هذا في الاعيان وكذلك في الديون إذا كان له دين على غيره في الظاهر من قرض أو أجرة أو ثمن مبيع فقال دينى الذى لى على زيد لعمرو فهو باطل ولو قال الدين الذى لى على زيد لعمرو واسمى في الكتاب عارية فهو صحيح فلعله كان وكيلا عنه في الاقراض والاجارة والبيع ثم عمرو ويدعى المال على زيد لنفسه فان أنكر فهو بالخيار بين أن يقيم البينة على دين المقر على زيد ثم على اقراره له بما على زيد وبين أن يقيم البينة أولا على الاقرار ثم على الذين ذكره القفال واستثني صاحب التلخيص ثلاثة ديون ومنع الاقرار بها (أحدها) الصداق في ذمة الزوج لاتقر المرأة به (والثانى) بدل الخلع في ذمة المرأة لايقر الزوج به (والثالث) أرش الجناية لايقر به المجني عليه لان الصداق لا يكون الا للمرأة وبدل الخلع الا للزوج وأرش الجناية الا للمجني عليه نعم لو كانت الجناية على عبد أو مال آخر جاز أن يقر به الغير لاحتمال كونه له يوم الجناية قال

(11/107)


الائمة هذه الديون وان لم يتصور فيها الثبوت للغير ابتداء وتقديرا بوكالة ولكن يجوز انتقالها إلى الغير بالحوالة وكذلك في البيع على قوله فيصح الاقرار بها عند احتمال جريان الناقل وحملوا ما ذكره صاحب التخليص على ما إذا أقر بها عقيب ثبوتها بحيث لا يحتمل جريان الناقل لكن سائر الديون كذلك فلا ينتظم الاستثناء بها بل الاعيان أيضا يرتد المستثنى به حتى لو أعتق عبده ثم أقر له السيد أو غيره عقيب العتق بدين أو عين لم يصح لان أهلية الملك لم تثبت له الا في الحال ولم يجز بينهما ما يوجب المال وزاد أبو العباس الجرجاني في الفصل شيئا فقال ان أسند الاقارير الثلاثة إلى جهة حوالة أو بيع ان جوزناه فذلك والا فعلى قولين بناء على مالو أقر للحمل بمال وأطلق.
قال (نعم يشترط أن يكون المقر به تحت يده وتصرفه.
فلو أقر بحرية عبد في يد غيره لم يقبل.
فلو أقدم على شرائه صح تعويلا على قول صاحب اليد.
ثم قيل انه شراء.
وقيل انه فداء من جانبه بيعع من جانبه البائع.
والصحيح أن خيار الشرط والمجلس لا يثبت فيه.
كما لا يثبت في بيعه عبده من نفسه.
ولا يثبت في بيع العبد من قريبه الذى يعتق عليه على الصحيح.
ثم يحكم بعتق العبد على المشترى ولا يكون الولاء له ولا للبائع.
فان مات العبد وله كسب فللمشترى أن يأخذ من تركته قدر الثمن لانه ان كذب فكله له.
وان صدق فهو للبائع وله الولاء وقد ظلمه بالثمن.
وقد ظفر هو بماله هكذا ذكره المزني رحمه الله.
ومن الاصحاب من خالفه لانه غير مصدق في هذه الجهة) .

(11/108)


قوله يشترط أن يكون المقر به تحت يده وتصرفه أراد به أنه إذا لم يكن تحت يده لم يسلطنا اقراره على الحكم بثبوت الملك للمقر له بل يكون ذلك دعوى أو شهادة وليس معناه أنه يلغو قوله من كل وجه بل لو حصل المقر به في يده يوما من الدهر يؤمر بتسليمه إليه فقال فلو قال العبد الذى في يد زيد مرهون عند عمرو بكذا ثم حصل العبد في يده يؤمر ببيعه في دين عمرو ولو أقر بحرية عبد في يد غيره أو شهد بحريته فلم تقبل شهادته لم يحكم بحريته في الحال ولو أقدم المقر على شرائه صح تنزيلا للعقد على قول من صدقه الشرع وهو صاحب اليد البائع ويخالف ما إذا قال فلانه اختى من الرضاع ثم أراد أن ينكحها لا يمكنه منها لان في الشراء غرض استنقاذه من أسر السرق ومثل هذا الغرض لا يوجد هناك فيمنع من الاستمتاع بفرج اعترف بأنه حرام ثم إذا اشتراه حكم بحرية العبد وأمر برفع اليد عنه ثم للاقرار حالتان (أحدهما) أن تكون الصيغة أنك اعتقته وتسترقه ظلما وهى التى تكلم بها في الكتاب فالعقد الجارى بينه وبين البائع ما حكمه أهو شراء أم افتداء حكى صاحب الكتاب فيه أوجها ثلاثة (أصحهما) أنه بيع من جهة البائع وافتداء من جهة المقر (والثانى) أنه بيع من الجانبين (والثالث) أنه افتداء من الجانبين وهذا الثالث مما ينبو الطبع عنه في جانب البائع وكيف ينتظم أن يقال انه يأخذ المال لينقذ من يسترقه ويعرفه حرا يفتديه بل لو قيل فيه المعنيان جميعا والخلاف في أن الاغلب منهما ما إذا كان أو بما رآه والمعتمد الذى رواه
الاكثرون أنه بيع من جانب البائع لا محالة ومن جانب المشترى وجهان (أحدهما) أنه شراء كما في جانب البائع (وأصحهما) أنه افتداء لاعترافه بحريته وامتناع شراء الحر وينبنى على هذا الخلاف الكلام في ثبوت الخيار في هذا العقد أما البائع فيثبت له خيار المجلس والشرط بناء على ظاهر

(11/109)


المذهب في أنه بيع من جانبه ولو كان المبيع بثمن معين فخرج معيبا ورده كان له أن يسترد العبد بخلاف مالو باع عبدا أو أعتقه المشترى ثم خرج الثمن المعين معيبا ورده لا نسترد العبد بل يعدل إلى القيمة لاتفاقهما على العتق هناك وأما المقر المشترى فان جعلناه شراء في حقه فيه الخيار وان جعلناه فداء فلا وعلى الوجهين لارد له لو خرج العبد معيبا لكن يأخذ الارش على وجه الشراء ولا يأخذ على الوجه الآخر وذكر الامام رحمه الله أنه إذا لم يثبت خيار المجلس والشرط لا يثبت فيه إلى آخره يشعر باثبات الخلاف فيه نعم مع الحكم بكونه شراء وبيعا لاستعقابه العتق كالخلاف في شراء القريب واعلم أن مسألتي بيع العبد من نفسه وبيعه من قريبه قد ذكرناهما بما فيهما في البيع وتبين أن كلامه في شراء القريب بخلاف كلام الاكثرين والحكم بان الصحيح ههنا منع الخيار غير مسلم على اطلاقه بل الصحيح ثبوتهما في طرف البائع نعم في طرف المشترى الفتوى بالمنع بناء على أنه فداء والله أعلم.
ثم إذا حكمنا بالعتق والحالة هذه فلا نقول بان ولاءه للمشترى لاعترافه انه لم يعتقه ولا للبائع لزعمه أنه ليس بعتق بل هو موقوف فان مات وقد اكتسب مالا فان كان له وارث بالنسب فهو له والا فينظر إن صدق البائع المشترى أخذه ورد الثمن وان كذبه وأصر على كلامه الاول فظاهر النص أنه يوقف المال كما كان الولاء موقوفا وأعترض المزني فقال للمشترى أن يأخذ قدر الثمن مما تركه فان فضل شئ كان الفاضل موقوفا وعلله بان المشترى إذا كان كابا فالميت رقيق وجميع أكسابه له أو صادقا فالاكساب للبائع إرثا بالولاء وهو قد ظلمه باخذ الثمن وتعذر استرداده فإذا ظفر بماله كان له أن ياخذ به حقه وافترض الاصحاب في المسألة فذهبت فرقة إلى تقرير النصين تخطئة المزني فالتوجيه من

(11/110)


وجهين (أحدهما) أنه لو أخذ شيئا فاما أن يأخذه بجهة أنه كسب مملوكه وقد نفاه باقراره أو بجهة
الظفر بمال من ظلمه وهو ممتنع لانه إنما بذله تقربا إلى الله تعالى باستنقاذه حرا فيكون سبيله سبيل الصدقات والصدقات لا يرجع فيها (والثانى) لا ايدرى أنه يأخذه بجهة الملك أو بجهة الظفر بمال من ظلمه فيمتنع من الاخذ إلى ظهور جهته وقال ابن سريج وأبو إسحق وأكثر مشايخ المذهب الامر كما ذكره المزني وعن ابن سريج والقاضى أبى حامد أن الشافعي رحمه الله نص عليه في غير هذا الموضع وحملوا ما ذكره ههنا على أن ما يأخذه بجهة الولاء لا يكون موقوفا وهو ما زاد على قدر الثمن فاما المستحق بكل حال فلا معنى للتوقف فيه قالوا ويجوز الرجوع في المبذول على جهة الفدية كما لو فدى أسيرا في يد المشركين ثم استولى المسلمون على بلادهم ووجد الباذل عين ماله أخذه (وأما) اختلاف الجهة فلا يسلم أنه يمتنع أخذه بعد الاتفاق على أصل الاستحقاق (الحالة الثانية) أن يكون صفة إقراره أنه حر الاصل وأنه عتق قبل ان اشتريته فإذا اشتراه فهو فداء من جهته بلا خلاف كذلك ذكره صاحب التهذيب وإذا مات وقد اكتسب مالا وليس له وارث فالمال لبيت المال وليس للمشترى أن يأخذ منه شيئا لان تقدير صدقه لا يكون المال للبائع حتى يأخذ عوضا عن الثمن ولو مات العبد قبل أن يقبضه المشترى لم يكن للبائع أن يطالبه الثمن لانه لاحرية في زعمه والمبيع قد تلف قبل القبض هذا شرح المسألة وقد اندرج فيه بعض ما يتعلق بلفظ الكتاب خاصة (وقوله) لم يحكم بعتق العبد على المشترى على من صلة الحكم لامن صله العتق فانا لانحكم بانه عتيق على المشترى وانما نحكم على المشترى بانه عتيق (وقوله) لانه غير مصدق في الجهة أراد به ما ذكرنا في التوجيه الثاني وشبه هذا الخلاف فيما إذا قال عليك الف ضمنته فقال ما ضمنت شيئا ولكن لك على الف قيمة متلف والاصح الثبوت وقطع النظر عن الجهة.

(11/111)


(فرع) لو أستأجر العبد المقر بحريته بدلا عن الشراء لم يحل له استخدامه والانتفاع به وللمكرى مطالبته بالاجرة ولو أقر بحرية جارية ثم قبل نكاحها منه لم يحل له وطؤها وللزوج مطالبته بالمهر.
(فرع) لو قال العبد الذى في يدك غصبته من فلان ثم اشتراه منه ففي صحة العقد وجهان
نقلهما الامام رحمه الله (أصحهما) الصحة كما لو أقر بحريته ثم اشتراه (والثانى) المنع لان الصحيح ثم الافتداء والانقاذ من الرق ولا يتجه مثاه في تخليص ملك الغير (ثالث) لو أقر بعبد في يده لزيد وقال العبد بل أنا ملك لعمر وسلم إلى زيد دون عمرو لانه في يد من يسترقه لافى يد نفسه فلو أعتقه لم يكن لعمرو تسليم رقبته والتصرف فيها أيضا لما فيها من ابطال الولاء على المعتق وهل له أخذ اكسابه فيه وجهان (وجه المنع) أن استحقاق الاكساب فرع الربح وأنه لم يثبت.
قال (الركن الرابع الصيغة فإذا قال لفلان على أو عندي الف فهو اقرار.
ولو قال المدعى لى عليك الف فقال زن أو خذ لم يكن اقرار.
وكذا إذا قال زنه أو خذه (و) ولو قال بلى أو أجل أو نعم أو صدقت أو أنا مقر به أو لست منكر له فهو اقرار.
ولو قال أنا مقر ولم يقل به فلا يكون اقرار به.
ولو قال أنا أقر به قيل أنه اقرار.
وقيل انه وعد بالاقرار.
ولو قال اليس لى عليك الف فقال بلى لزمه.
ولو قال نعم قيل إنه لا يلزمه والاصح التسوية.
ولو قال اشتر منى هذا العبد فقال نعم فهو اقرار بالعبد) .
في الفصل صور (أحدهما) قول القائل كذا لفلان صيغة إقرار (وقوله) لفلان على أو ذمتي إقرار بالدين ظاهرا (وقوله) عندي أو معى إقرار بالعين ولو قال له قبلى الف قال في التهذيب هو

(11/112)


دين ويشبه أن يكون هو صالح للدين والعين جميعا (الثانيه) إذا قال لغير لى عليك الف وقال في الجواب زن أو خذ لم يكن إقرارا لانه لم توجد منه صيغة التزام وقد يذكر مثل ذلك من يستهزئ ويبالغ في الجحود ولو قال استوف أو اتزن فكذلك وفى التتمة نقل وجه في قوله اتزن أنه اقرار لانه يستعمل في العادة فيما يستوفيه الانسان لنفسه بخلاف قوله زن ويقال هو مذهب أبى حنيفة رحمه الله ولو قال خذه أو زنه فظاهر المذهب أنه ليس باقرار أيضا وقال الزبيري انه اقرار ووجهه أن الكناية تعود إلى ما تقدم في الدعوى ولو قال سده في همنا بك أو اجعله في كسبك أو اختم عليه فهو كقوله زنه أو خذه واعلم أن الوجه الذى رويناه عن الزبيري نسبه صاحب الكتاب في الوسيط إلى صاحب التخليص فلم يورد فيه المسألة ولو قال المدعى عليه في الجواب بلى أو نعم أو أجل أو
صدقت فهو اقرار لان هذه الالفاظ موضوعة للتصديق والموافقة ومثله أجابوا فيما إذا قال لعمري ولعل العرف يختلف فيه ولو قال أنا مقر به أو بما يدعيه ولست بمنكر له فهو اقرار ولو قال أنا مقر ولم يقل به أو قال لست بمنكر أو أنا أقر لم يكن اقرارا لجواز ان يريد الاقرار ببطلان دعواه أو بأن الله تعالى واحد وهذا يدل على أن الحكم بأن قوله انى مقر به اقرار فيما إذا خاطبه فقال أنا مقر لك به والا فيجوز أن يريد الاقرار به لغيره ولو قال أنا أقر لك به فوجهان (أحدهما) أنه ليس باقرار لجواز أن يريد به الوعد بالاقرار في ثانى الحال (والثانى) أنه اقرار لان قرينة الخصومة تشعر بالتمييز ونسب الامام رحمه الله الثاني للاكثرين واختاره كذلك القاضيان الحسين والرويانى ولا يحكى الثاني الا نادرا فضلا عن الذهاب إليه (وأما) المختار فهو مؤيد بأنهم اتفقوا على أنه لو قال لا أنكر ما تدعيه كان اقرارا غير محمول على الوعد ورأيت بعض أصحاب أبى عاصم العبادي أجاب عن هذا الالزام

(11/113)


بأن العموم إلى النفس أسرع منه إلى الاثبات ألا ترى ان النكرة في معرض النفي تعم وفى معرض الاثبات لاتعم ولك ان تقول هب ان هذا الفرق بين لكن لا ينفى الاحتمال وقلدة الاقرار الاخذ بالقين قال الامام رحمه الله وبتقدير حمله على الوعد فالقياس ان الوعد بالاقرار اقرار كما انا نقول التوكيل بالاقرار اقرار ولو قال في الجواب لا انكر ان يكون محقا لم يكن مقرا بما يدعيه لجواز ان يريد في شئ آخر فلو قال فيما تدعيه فهو اقرار ولو قال لا اقر به ولا انكر فهو كما لو سألت فيجعل منكرا وتعرض عليه اليمين ولو قال ابرأتني عنه أو قبضته فهو اقرار وعليه بينة القضاء أو الابراء وعن بعض الاصحاب ان قوله ابرأتني ليس باقرار لقوله تعالى (فبرأه الله مما قالوا) وتبرئته عن عيب الادرة لا يقتضى اثباته له ولو قال اقررت بأنك ابرأتني واستوفيت مني لم يكن اقرارا ولو قال في الجواب لعل أو عسى أو اظن أو أحسب أو أقدر لم يكن مقرا وههنا مباحثة وهو أن اللفظ وان كان صريحا في التصديق فقد تنضم إليه قرائن تصرفه عن موضوعه إلى الاستهزاء والكذب ومن جملة الاداء والابراء وتحريك الرأس على شدة التعجب والانكار ويشبه أن يحمل قول الاصحاب ان صدقت وما في معناه اقرار على غير هذه الحالة اما إذا اجتمعت القرائن فلا يجعل إقرارا إو يقال فيه خلاف لتعارض اللفظ والقرينة كما لو
قال لى عليك الف فقال في الجواب على سبيل الاستهزاء لك على الف فان أبا سعيد المتولي حكى فيه وجهين (الثالثة) لو قال اليس لى عليك الف فقال بلى كان مقرا ولزمه الالف ولو قال نعم فوجهان (أحدهما) أنه لا يلزمه لان نعم تصديق لما دخل عليه حرف الاستفهام ويلى تكذيب له من حيث أن أصل بلى بل وزيدت عليها الياء وهو الرد والاستدراك وإذا كان كذلك فقوله بلى رد لقوله اليس لى عليك الف فانه الذى أدخل عليه حرف الاستفهام ونفى له ونفى النفى اثبات فكأنه قال لى

(11/114)


عليك لك على الف وقوله نعم تصديق فكأنه قال ليس لى لك على عليك الف هذا تلخيص ما نقل عن الكسائي وغيره من أئمة اللغة وعلى وفاقه ورد القرآن قال الله (الست ربكم قالوا بلى) وقال تعالى (أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون) وقال تعالى (أيحسب الانسان أن لن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه) وقال تعالى في لفظة نعم (فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم) وقال تعالى (أإن لنا لاجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم) والوجه الثاني أن يكون مقرا بان كل واحد منهما يقام مقام الآخر في العرف والوجه الاول هو الذى أورده صاحب التهذيب وغيره لكن الثاني أصح عند الامام وصاحب الكتاب وبه أجاب الشيخ أبو محمد وأبو سعيد المتولي ووجهوه بان الاقارير تحمل على معهود العرف لاعلى حقائق العربية ولو قال هل لى عليك الف فقال نعم فهو اقرار (الرابعة) إذا قال اشتر مني عبدى هذا فقال نعم فهو اقرار به للقائل كما لو قال اعتق عبدى هذا فقال ويمكن أن يجئ فيه خلاف ما ذكرنا في الصلح فيما إذا قال بعني هذا العبد هل هو اقرار بالعبد للمخاطب وليس في لفظ الكتاب في المسألة اضافة العبد إلى نفسه ولكن المراد ما إذا أضاف وكذلك صور في الوسيط ولو كان اللفظ اشتر منى هذا العبد كما في الكتاب فالتصديق بنعم يقتضى الاعتراف بملكية البيع لا بانه يملك المبيع ولو ادعى عليه عبدا في يده فقال اشتريته من وكيلك فلان فهو اقرار له ويحلف المدعى عليه أنه ما وكل فلانا بالبيع ثم انا نردف شرح صور الفصل بصور تقرب منها لو قال له على كذا في علمي أو فيما أعلمه وأشهد فهو اقرار ولو قال كان على الف لفلان أو كانت هذه الدار في السنة الماضية له فوجهان (أحدهما) أنه اقرار في الحال بحكم الاستصحاب

(11/115)


(والثانى) لا لانه لم يعرف في الحال بشئ والاصل براءة الذمة ويقرب منه الخلاف فيما إذا قال هذه دارى أسكنت فيها فلانا ثم أخرجته منها قيل هو اقرار باليد لانه اعترف بثبوتها من قبل وادعى زوالها وعن أبى على الزجاجي في جواب الجامع الصغير أنه ليس اقراره بالملك لزيد ودعوى انتقالها منه لانه لم يعترف بيد فلان الا من جهته ولو قال ملكتها من زيد فهو اقرار فان لم يصدقه زيد أمر بالرد إليه وقول قال اقض الالف الذى لى عليك فقال نعم فهو اقرار ولو قال في الجواب اعطني غدا أو ابعث من يأخذه أو امهلني يوما أو حتى اصرف الدراهم أو حتى افتح باب الصندوق أو اقعد حتى تأخذ أو لا أجد اليوم أولا تزال تتاقضى أو قال ما أكثر ما تتقاضى والله لاقضينك فجميع هذه الصور اقرار عند أبى حنيفة رحمه الله والاصحاب فيه مضطربون واللميل إلى موافقته في أكثر الصور اكثر وتردد بعضهم في قوله اقض الالف الذى لى عليك فقال نعم أيضا وكذا لو قال اسرح دابة فلان هذه فقال نعم أو قال متى تقضى حقى فقال غدا ولو قال له قائل غصبت ثوبي فقال ما غصبت من أحد قبلك ولا بعدك لم يكن مقرا لان نفى الغصب من غيره لا يوجب الغصب منه وكذا لو قال ما لزيد أكثر من مائة درهم لان نفى الزائد على المائة لا يوجب اثبات المائة وفيه وجه آخر أنه اقرار بالمائة ولو قال معسر لفلان على الف درهم ان رزقني الله مالا قيل ليس باقرار للتعليق وقيل هو اقرار وذلك بيان لوقت الاداء والاصح أن يستفسر فان فسر بالتأجيل صح وان فسر بالتعليق لغا ولو شهد عليه شاهد فقال هو صادق أو عدل لم يكن مقرا وان قال صادق فيما شهد به أو عدل فيه كان مقرا قاله في التهذيب ولو قال ان شهد على فلان وفلان أو شاهدان بكذا فهما صادقان قال في الحيلة فيه قولان (أصحهما) أنه اقرار وان لم يشهدا وبه أجاب صاحب التلخيص في المفتاح (والثاني) أنه ليس باقرار لما فيه من التعليق فان قال ان شهدا صدقتهما لم يكن مقرا لان غير الصادق قد يصدق

(11/116)


(الباب الثاني في الاقارير المجملة) قال (وهى سبعة (الاول) إذا قال لفلان على شئ يقبل تفسيره بأقل ما يتمول (ح) لانه
محتمل.
وهل يقبل بحبة من الحنطة فيه خلاف.
وهل يقبل بالكلب والسرجين وجلد الميتة فيه خلاف.
والاظهر القبول لانه شئ لازم.
ولا يقبل بالخمر والخنزير لانه لا يلزم ردهما.
ولا يقبل برد جواب السلام والعيادة فانه لا مطالبة بهما.
وان قال غصبت شيئا قبل بالخمر والخنزير.
ولو قال له عندي شئ لم يقبل بالسلام لانه لا يملك.
وفيه وجه) .
المقر به يكون مفصلا وقد يكون مجملا مجهول الحال وانما احتمل فيه الاجمال لانه اخبار عن سابق والشئ يخبر عنه مفصلا تارة ومجملا تارة ويخالف الانشاءات حيث لا تحتمل الجهالة والاجمال في أغلبها احتياطا لابتداء الثبوت وتحرزا عن الغرر ولا فرق في الاقارير المجملة بين أن تقع ابتداء أو في جواب دعوى معلومة كما إذا ادعى عليه الف درهم وقال لك على شئ والالفاظ التى تقع فيها الجهالة والاجمال لاحصر لها فاشتغل الشافعي رضى الله عنه والاصحاب ببيان ما هو اكثر استعمالا ودورانا على الالسنة ليعرف حكمهما ويقاس بها غيرها (منها) إذا قال لفلان على شئ رجعنا في التفسير إليه فان فسره بما يتمول قبل قليلا كان أو كثيرا كفلس ورغيف وتمرة حيث يكون لها قيمة وان فسره بما لا يتمول فاما أن يكون من جنس ما يتمول أولا يكون ان كان كحبة من الحنطة والشعير والسمسم وقمع الباذنجانة ففيه وجهان (أحدهما) لا يقبل التفسير به لانه لاقيمة له فلا يصح التزامه بكلمة على ولهذا لا تصح الدعوى به (وأصحهما)

(11/117)


القبول لانه شئ يحرم أخذه وعلى من أخذه رده (وقوله) ان الدعوى به لا تسمع ممنوع والتمرة الواحدة حيث لاقيمة لها من هذا القبيل وعن القاضى أن الخلاف فيها بالترتيب وهو أولى بالقبول وان لم يكن من جنس ما يتمول فاما أن يجوز اقتناؤه ... أولا يجوز (القسم الاول) لكلب المعلم والسرجين وجلد الميتة القابل للدباغ ففى التفسير بها وجهان (أحدهما) لا يقبل لانها ليست بمال وظاهر الاقرار المال (وأصحهما) القبول لانها أشياء يثبت فيها الحق والاختصاص ويحرم أخذها ويجب ردها ومن هذا القسم الخمر المحترمة والكلب القابل للتعليم ومثال الثاني الخمرة التى لاحرمة لها والخنزير وجلد الميتة والكلب الذي لا منفعة به ففى التفسير بها وجهان لكن الاصح ههنا المنع وهو الذى ذكره في الكتاب لانه ليس فيه حق اختصاص ولا يلزم ردها (وقوله) على مقتضى ثبوت حق المقر له
ولو فسره بوديعة قبل لان عليه ردها عند الطلب وقد يتعدى فتكون مضمونة عليه وروى الامام رحمه الله وجها أنه لا يقبل لانها في يده لا عليه ولو أقر بحق الشفعة يقبل ذكره القاضى الرويانى وبالعيادة

(11/118)


ورد السلام لا يقبل لانه بعيد عن الفهم في معرض الاقرار إذ لا مطالبة بهما والاقرار في العادة يجرى بما يطلب المقر ويدعيه قال في التهذيب ولو قال له على حق قبل التفسير بهما وظني أن الفرق بينهما عسير وكيف لا والحق أخص من الشئ ويبعد أن يقبل تفسير الاخص بما لا يقبل به الاعم وبتقدير ان يكون الامر كما ذكره فينتقض التوجيه المذكور (وقوله) في الكتاب لا يقبل برد جواب السلام أخذ اللفظين من الرد والجواب كاف والآخر زائد ولو كان الاقرار بلفظ الغصب فقال غصبت منه شيئا فبما يقببل تفسيره في الصورة السابقة يقبل ههنا بطريق الاولى إذا احتمله اللفظ وهذا القيد لتخرج الوديعة وحق الشفعة ويقبل أيضا بالخمر والخنزير نص عليه في الام لان الغصب لا يقتضى الا الاخذ قهرا وليس في لفظه ما يشعر بالتزام وثبوت حق بخلاف قوله على ولو قال له عندي شئ فكذلك يقبل االتفسى بالخمر والخنزير على المشهور لانه شئ مما عنده وقال الشيخ أبو محمد لا يقبل واختاره

(11/119)


الامام وصاحب الكتاب ووجهوه بان قوله عندي يشعر بثبوت ملك أو حق وللاولين أن يمنعوا ذلك ويحتجوا عليه بانتظام قو القائل لفلان عندي خمر أو خنزير ثم لهم أن يدعوا مثل ذلك في قوله غصبت من فلان.
قال (ثم ان امتنع عن التفسير حبس إلى أن يفسر على رأى.
وجعل نا كلا عن اليمين على رأى حتى يحلف المدعي.
فلو فسر بدرهم فقال المدعى بل أردت عشرة لم يقبل دعوى الارادة بل عليه أن يدعي نفس العشرة.
والقول قول المقر في عدم الارادة وعدم اللزوم) .
عرفت أنه بم يقبل تفسير الاقرار بالشئ وبم لا يقبل وفى الفصل وردت مسألتان لا اختصاص لهما بلفظ الشئ بل يعمان سائر المبهمات وانما أوردهما في هذا الموضع لان الاقرار بالشئ أول ما ذكره من الاقارير المحملة (المسألة الاولى) إذا اقر بمجمل وطالبناه بالتفسير فامتنع ففيه ثلاثة أوجه جمعها
الامام رحمه الله اظهرها انا نحبسه حبسنا إياه إذا امتنع من أداء الحق لان التفسير والبيان حق واجب (والثانى) أنه لا يحبس بل ينظر ان وقع الاقرار المبهم في جواب دعوى وامتنع عن التفسير جعل

(11/120)


ذلك انكارا منه وتعرض عليه اليمين فان أصر جعل نا كلا عن اليمين وحلف المدعى وان أقر ابتداء قلنا للمقر له ادعى عليه حقك فإذا ادعاه وأقر بما ادعاه أو أنكر فذاك وأجرينا عليه الحكم وان قال لا أدرى جعلناه منكرا فان أصر جعلناه نا كلا وذلك انه إذا أمكن تحصيل الغرض من غير حبس لا يحبس (والثالث) عن حكاية صاحب التقريب انه ان أقر بغصب وامتنع من بيان المغصوب حبس وان أقر بدين مبهم فالحكم كما ذكرنا في الوجه الثاني وذكر أبو عاصم العبادي أنه إذا قال على شئ وامتنع من التفسير لم يحبس وان قال على ثوب أو فضة ولم يبين يحبس وأشار من شرح كلامه إلى أن الفرق مبني على قبول التفسير بالخمر والخنزير فانه لا يتوجه بذلك مطالبته وحبسه (الثانية) إذا فسر اقراره المبهم بتفسير صحيح وصدقه المقر له فذاك والا فليبين جنس الحق وقدره وليدعيه والقول قول المقر في نفيه ثم لا يخلو اما أن يكون ما ادعاه من جنس ما فسره المقر أو من غير جنسه فان كان من جنسه كما إذا فسر اقراره بمائة درهم وقال المقر له لى عليه مائتان فان صدقه على ارادة المائة فهى ثابتة بالاتفاق ويحلف المقر على نفى الزيادة ولو قال أراد به المائتين حلف المقر على أنه ما أراد مائتين وليس عليه إلا مائة ويجمع بينهما في يمين واحدة وعن ابن المرزبان أنه لابد من يمينين والمشهور الاول فلو نكل حلف المقر له على استحقاق المائتين ولا يحلف على الارادة لانه لا يطلع

(11/121)


عليها بخلاف ما إذا مات المقر وفسر الوارث وادعى ليقر له زيادة حيث يحلف الوارث على نفي ارادة الموروث لانه قد يطلع من حال مورثه على مالا يطلع عليه غيره قال صاحب التهذيب ومثله لو أوصى بمجمل ومات فبينه الوارث فزعم الموصي له أنه أكثر يحلف الوارث على نفى العلم باستحقاق الزيادة ولا يتعرض للارادة والفرق أن الاقرار اخبار عن سابق وقد يعرض فيه اطلاع والوصية انشاء أمر على الجهالة وبيانه إذا مات الموصى إلى الوراث وان كان ما ادعاه من غير جنس ما فسر به
المقر نظر ان صدقه في الارادة وقال ليس لى عليه ما فسر به إنما لى عليه كذا بطل حكم الاقرار برده وكان مدعيا في غيره وان كذبه في دعوى الارادة وقال إنما أراد ما ادعيته حلف المقر على نفى الارادة ونفى ما يدعيه ثم إن كذبه في استحقاق المقر به بطل الاقرار فيه والا ثبت ولو اقتصر المقر على نفى دعوى الارادة وقال ما أرددت بكلامك ما فسرته وانما أردت كذا اما من جنس المقر به أو من غيره لم يسمع منه ذلك لان الاقرار والارادة لا يثبتان حقا له بل الاقرار اخبار عن حق سابق وعليه أن يدعى الحق لنفسه وقال الامام وفيه وجه ضعيف أنه تقبل دعوى الارادة المجردة وهو كالخلاف فيمن ادعى على خصمه أنه أقر بألف درهم هل تسمع منه أم عليه أن يدعى بعين الالف (وقوله) في

(11/122)


الكتاب لم تقبل منه دعوى الارادة بل عليه أن يدعى نفس العشرة ربما يفهم منه أن دعوى الارادة لا التفات إليها أصلا وليس كذلك وانما المراد أنها وحدها غير مسموعة فأما إذا ضم إليها دعوى الاستحقاق فيحلف المقر على نفيهما على التفصيل الذى تبين الذى اتفقت النقلة عليه ويدل عليه من لفط الكتاب قوله والقول قول المقر في نفى الارادة ونفى اللزوم ولكن فيه كلام وهو انا حكينا في البيع وجهين وهو أن المشترى إذا ادعى عيبا قديما بالمبيع وقال البائع بعته أو قبضته سليما يلزمه أن يحلف كذلك أم يكفيه الاقتصار على أنه لا يستحق به الرد فليجئ ههنا وجه أنه يكفيه نفس اللزوم ولايحتاج إلى التعرض للارادة.
(فرع) لو مات المبهم قبل التفسير طولب به الوار ث فان امتنع فقولان (أحدهما) أنه يوقف مما ترك أقل ما يتمول (وأظهرهما) أنه يوقف الكل لان الجميع وان لم يدخل في التفسير فهو مرتهن بالدين.
قال (الثاني إذا قال على مال يقبل بأقل ما يتمول ولا يقبل بالكلب وجلد الميتة.
والاظهر قبول المستولدة.
ولو قال مال عظيم أو نفيس أو كثير أو مال كان كما لو قال مال وحمل على عظم الرتبة بالاضافة.
فلو قال مال أكثر من مال فلان أو مما شهد به الشهود على فلان قبل تفسيره بما دونه.
ومعناه أن الدين أكثر بقاء من العين أو الحلال أكثر من الحرام) .

(11/123)


في الفصل ثلاث صور (إحداها) إذا قال له على مال قبل تفسيره بأقل ما يتمول ولا يقبل بما ليس بمال كالكلب وجلد الميتة والوجه القبول بالتمرة الواحدة ولو كان بحيث يكثر التمر وتوجيهه أنه مال وان لم يتمول في ذلك الموضع هكذا يذكره العراقيون ويقولون كل ما يتمول مال ولا ينعكس وتلتحق الحبة من الحنطة بالتمرة الواحدة وفى قبول التفسير بالمستولدة وجهان حكاها الشيخ أبو محمد (أظهرهما) وهو اختيار الشيخ القبول لانه ينتفع بها وتستأجر وان كانت لاتباع وان فسر بوقف عليه فيشبه أن يخرج على الخلاف في أن الملك في الوقف هل للموقوف عليه (الثانية) إذا قال على مال عظيم أو كبير أو كثير أو جليل أو نفيس أو خطير أو غير تافه أو مال وأى مال قبل تفسيره بأقل ما يتمول لانه يحتمل أن يريد به عظيم خطره يكفر مستحله أو وزر غاصبه والخائن فيه وقد قال الشافعي رضى الله عنه أصل ما أبنى عليه الاقرار أن لا الزم الا اليقين وأطرح الشك ولا استعمل الغلبة وعن أبى حنيفة رحمه الله أنه لا يقبل في العظيم والكثير باقل من عشرة دراهم ويروى مائتا درهم وساعدنا في الجليل والنفيس والخطير وعن مالك رحمه الله أنه لا يقبل التفسير بأقل مما تقطع فيه يد السارق وذهب بعض الاصحاب فيما حكاه القاضى الحسين وغيره إلى أنه يجب أن يزيد تفسير المال العظيم على تفسير مطلق المال ليكون لوصفه بالعظيم فائدة واكتفي بعضهم بالعظيم من حيث

(11/124)


الجرم والجثة ولو قال على مال قليل أو حقير أو خسيس أو طفيف أو تافه أو نذر أو يسير فهو كما لو قال مال وتحمل هذه الصفات على استحقار الناس إياه أو على انه فان زائل فكثيره بهذا الاعتبار قليل وقليله بالاعتبار الاول كثير (وقوله) في الكتاب وحمل على عظم الرتبة بالاضافة إلى أحوال الناس وطباعهم فقد يستعظم الفقير ما يستحقره السرى (الثالثة) قال لزيد على مال أكثر مما لفلان قبل تفسيره باقل ما يتمول وان كثر مال فلان لانه يحتمل أن يريد به انه دين لا يتطرق إليه الهلاك وذلك عين متعرض الهلاك أو يريد أن ما لزيد على حلال ومال فلان حرام والقليل من الحلال أكثر بركة من الحرام وكما أن القدر مبهم في هذا الاقرار فكذلك الجنس والنوع مبهمان ولو قال له على اكثر
من مال فلان عددا فالابهام في الجنس والنوع ولو قال له على من الذهب أكثر مما لفلان فالابهام في القدر والنوع ولو قال من صحاح الذهب فالابهام في القدر والنوع ولو قال من الذهب فالابهام في القدر وحده ولو قال لزيد على أكثر مما شهد به الشهود على فلان قبل تفسيره باقل ما يتمول أيضا لاحتمال أن يعتقد أنهم شهدوا زورا ويريد أن القليل من الحلال أكثر بركة ولو قال أكثر مما قضى به القاضى على فلان فوجهان (أحدهما) أنه يلزمه القدر المقضى به لان قضاء القاضي محمول على الصدق والحق (وأظهرهما) أنه كما قال أكثر مما شهد به الشهود لان قضاء القاضى قد يستند إلى شهادة الزور والحكم الظاهر لا يغير ما عند الله تعالى ولو قال لفلان على أكثر مما ففى يد فلان قبل تفسيره

(11/125)


باقل ما يتمول كما لو قال من مال فلان ولو قال له على أكثر مما في يد فلان من الدراهم لا يلزم التفسير من جنس الدراهم لكن يلزمه بذلك العدد من أي جنس شاء وزيادة بأقل ما يتمول هكذا ذكره في التهذيب لكنه يخالف ما سبق من وجهين (أحدهما) التزام ذلك العدد (والثاني) التزام زيادة عليه فان التأويل الذى تقدم الاكثرية يتبعهما جميعا ولو قال على من الدراهم أكثر مما في يد فلان من الدراهم وكان في يد فلان ثلاثة دراهم فجواب صاحب التهذيب أنه يلزمه ثلاثة دراهم وزيادة باقل مما يتمول (والاظهر) ما نقله الامام رحمه الله وهو أنه لا يلزمه زيادة حملا للاكثر على ما سبق وحكى عن شيخه أنه لو فسر بما دون الثلاثة يقبل أيضا ولو كان في يده عشرة دراهم وقال المقر لم أعلم وظننت أنها ثلاثة قبل قوله مع يمينه (وقوله) في الكتاب إذ الحلال أكثر من الحرام أي أكثر بركة أو رغبة وما أشبه ذلك.
قال (الثالث إذا قال له على كذا فهو كالشئ.
وإذا قال كذا كذا درهم فهو تكرار.
ولو قال كذا درهم (ح و) يلزمه درهم واحد.
وكذلك كذا وكذا (ح) درهم.
ولو قال كذا وكذا درهما نقل المزني رحمه الله قولين (أحدهما) أنه تفسير لهما فهما درهمان (ح) (والثانى) أنه درهم (ح و) واحد.
وهذا في قوله درهما بالنصب.
وفى قوله درهم بالرفع الاصح انه درهم واحد) .

(11/126)


إذا قال لفلان على كذا فهو كما لو قال شئ ويقبل تفسيره بما يقبل به تفسير الشئ ولو قال كذا كذا فهو كما لو قال كذا والتكرار للتأكيد لا للتحديد ولو قال كذا وكذا فعليه التفسير بشيئين مختلفين أو متفقين يقبل كل واحد منهما في تفسير كذا من غير عطف وكذا لو قال على شئ أو قال شئ وشئ ولو قال على كذا درهما يلزمه درهم واحد وكان الدرهم تفسيرا لما أبهم وفى النهاية أن عند أبى حنيفة رحمه الله يلزمه عشرون لانه أول اسم مفرد ينتصب الدرهم المفسر عقبه وان أبا اسحق المروزى وافقه فيما إذا كان المقر عارفا بالعربية وأجاب الاصحاب في أن تفسير الالفاظ المبهمة لا ينظر إلى الاعراب ولا توازن المبهمات بالمبينات بدليل أنه لو قال على كذا درهم صحيح لا يلزمه مائه درهم بالاتفاق وان كانت الموازنة المذكورة تقتضي لزوم مائة والتقييد بالصحيح لئلا يحمل على نصف درهم أو ثلث درهم لكن نقل البندنيجى ان الطحاوي حكى عن بعض أصحاب أبى حنيفة أنه يلزمه مائة درهم والمشهور أنه لا يلزمه الا درهم واحد كما هو قولنا ولو قال كذا درهم من غير صفة الصحة فكذلك وفيه وجه أنه يلزم بعض درهم وهو اختيار ابن الصباغ ولو قال كذا درهم بالرفع فلا خلاف أنه يلزمه درهم واحد ولو قال كذا درهم ووقف فهو كما لو خفض ولو قال كذا كذا درهما لم يلزمه أيضا إلا درهم وقال أبو حنيفة رحمه الله يلزمه احد عشر درهما ووافقه أبو إسحق في العالم بالعربية ولو قال كذا وكذا

(11/127)


درهم أو درهم فكذلك لا يلزمه إلا درهم ويجئ في الحفض الوجه الذى مر ولو قال على كذا وكذا درهما قال في المختصر يعطيه درهمين لان كذا يقع درهم يعنى لما وصل الخمس بالدرهم كان كل واحد من المعطوف والمعطوف عليه واقعا على درهم وكناية عنه هكذا قال المزني وقال في موضع آخر إذا قال على كذا وكذا درهما قيل اعطه درهما أو أكثر من قبل ان كذا يقع على أقل من درهمين (وقوله) أكثر إذا فسر بأكثر من درهم لزمه والا فالدرهم تعيين هذا ما نقله المزني واختلف الاصحاب في المسألة على طريقين (أشهرهما) أنه على قولين وبه قال ابن خيران وأبو سعيد (وأصحهما) أنه يلزمه درهمان لانه أقر بجملين مبهمتين وعقبهما بالدرهم منصوبا والظاهر كونه تفسيرا (والثانى) وهو اختيار المزني أنه لا يلزمه الا الدرهم لجواز أن يريد تفسير اللفظين معا بالدرهم وحينئذ يكون المراد من
كل واحد نصف درهم ومنهم من زاد قولا ثالثا وهو أنه يلزمه درهم شئ فاما الدرهم فلتفسير الجملة الثانية وأما الشئ فلان الاولى باقية على ابهاما وهذا ينطبق على رواية من روى اعطه درهم وأكثر (والطريق الثاني) وبه قال أبو إسحق القطع بأنه يلزمه درهما واختلفوا في نقل المزني والتصرف فيه من وجوه (أحدها) حمل ما نقل عن موضع آخر على ما إذا قال كذا وكذا درهم بالرفع كانه يقول وكذا والعرض أبهمته درهم (الثاني) أنه حيث قال درهمان أراد مااذا أطلق اللفظ وحيث

(11/128)


قال درهم أراد به ما إذا نواه ويصرف اللفظ عن ظاهره بالنية (والثالث) أنه حيث قال درهم أراد ما إذا قال كذا وكذا درهم فشك ان الذى يلزمه شيئان أو شئ واحد (والرابع) أنه حيث قال يلزمه درهم صور فيما إذا قال كذا وكذا درهما وقال أبو حنيفة رحمه الله يلزمه احد وعشرون درهما للموازنة السابقة وبه قال أبو إسحق في العارف بالعربية وخصص اختلاف الطرق وتفرق الاصحاب بغيره ولو قال كذا وكذا درهم بالرفع فطريقان (أحدهما) طرد القولين لانه يسبق إلى الفهم أنه تفسير لهما وان أخطأ في اعراب التفسير (وأصحهما) القطع بانه لا يلزمه الا درهم واحد لما سبق وكذا لو قال كذا وكذا درهم بالخفض لم يلزمه الا واحد ويمكن أن يخرج مما سبق أنه يلزمه شئ وبعض درهم أولا يلزمه الا بعض درهم ولو قال كذا وكذا وكذا درهما (فان قلنا) لو ذكر مرتين لزمه درهمان فههنا يلزمه ثلاثة (وان قلنا) يلزمه درهم فكذلك ههنا وإذا عرفت ما ذكرناه أعلمت قوله ثم كذا درهما يلزمه درهم - بالحاء - والواو - كما ذهب إليه أبو إسحق وكذا قوله وكذا كذا كذا درهما ويجوز اعلام قوله فهما درهمان وقوله أنه درهم في مسألة كذا وكذا درهما بهما أيضا (وقوله) وهذا في قوله درهما بالنصب أي موضع القولين ذلك فاما إذا رفع فاصح الطريقين القطع بلزوم درهم.

(11/129)


قال (ولو قال على الف ودرهم فالالف مبهم وله تفسيره بما شاء بخلاف مالو قال الف وخمشة عشر درهما أو الف ومائة وخمسة وعشرون درهما فان الدرهم لم يثبت بنفسه فكان تفسيرا
للكل ولو قال درهم ونصف ففى النصف خلاف) .
إذا قال لفلان على الف ودرهم أو درهم أو الف وثوب أو الف وعبد فهذا عطف مبين على مبهم فله تفسير الالف بغير جنس المعطوف وقال أبو حنيفة رحمه الله ان كان المعطوف مكيلا أو موزونا أو معدودا يفسر الالف به وان كان متقوما كالثوب والعبد بقى على ابهامه.
لنا القياس على ما سلمه وعن مالك رحمه الله مثل مذهبنا.
واختلف أصحاب أحمد فمنهم من ساعدنا ومنهم من قال يفسر بالمعطوف بكل حال.
ولو قال خمسة عشر درهما فالكل دراهم لانه لاعطف وانما هما اسمان جعلا واحدا فالمذكور تفسير له ولو قال خمسة وعشرون درهما فظاهر المذهب ان الكل دراهم لان لفظ الدراهم فيه لا يجب به شئ زائد بل هو تفسير لبعض الكلام والكلام يحتاج إلى التفسير فيكون تفسيرا للكل وقال ابن خيران والاصطخري الخمسة مجملة والعشرون مفسرة بالدراهم لمكان العطف وعلى هذا الخلاف قوله مائة وخمسة عشرون درهما وقوله الف ومائة وخمسة وعشرون درهما والف وثلاثة أثواب ومائة وأربعة دنانير وقوله مائة ونصف درهم.
ولو قال درهم ونصف أو عشرة دراهم ونصف فوجهان أيضا (قال) الاصطخرى وجماعة من الاصحاب النصف مبهم لانه معطوف على ما تقدم مفسر به فلايتأتى فيه (وقال) الاكثرون الكل دراهم لجريان العادة به حتى انه من قال درهم ونصف درهم عد ذلك تطويلا منه زائدا على قدر الحاجة.
ولو قال نصف ودرهم فالنصف مبهم ولو قال مائة وقفيز حنطة فالمائة مبهمة بخلاف قوله مائة وثلاثة دراهم لان الدراهم تصلح تفسيرا للكل والحنطة لا تصلح تفسيرا للمائة لانه لا يصلح أن يقال مائة حنطة ولو قال على الف درهم برفعهما وتنوينهما فسر الالف بما لا تنقض قيمته عن درهم كأنه قال الالف مما قيمة الالف منه درهم.

(11/130)


قال (الرابع إذا قال على درهم يلزمه درهم فيه ستة دوانيق عشرة منه تساوى سبعة مثاقيل وهى دراهم الاسلام.
فان فسر بالناقص في الوزن متصلا قبل (ح) .
وان كان منفصلا لم يقبل إلا إذا كان التعامل به غالبا ففيه وجهان.
وعليه يخرج التفسير بالدراهم المغشوشة.
ولو فسر بالفلوس لم يقبل بحال.
وكذا لو قال على دريهمات أو دراهم صغار وفسر بالناقص لم يقبل.
ولو قال على
دراهم يلزمه ثلاثة) .
ذكرنا في الزكاة ان الدرهم الاسلامي المعتبر به نص الزكاة والديات وغيرها عشرة من الدراهم سبع مثاقيل وكل واحد منها ستة دوانيق ونزيد الآن ان كل دانق ثمان حبات وخمسا حبة فيكون الدرهم الواحد خمسين حبة وخمسى حبة والمراد من الحبة حبة الشعير المتوسطة التى لم نقشر لكن قطع من طرفها مادق وطال والدينار اثنان وسبعون حبة منها كذا نقل عن رواية أبى عبيد القاسم وحكاه الخطابى عن ابن سريج وفى حلية الرويانى ان الدانق ثمان حبات فعلى هذا يكون الدرهم ثمانية وأربعون حبة.
إذا عرفت ذلك ففى الفصل مسائل (احداها) إذا قال على درهم أو الف درهم ثم قال وهى ناقصة فدراهم طبرية الشام الواحد منها أربعة دوانيق فأما أن يتفق الاقرار في بلد دراهمه تامة أو بلد دراهمه ناقصة ان كان الاول فاما أن يذكره منفصلا أو متصلا فان ذكره متصلا فطريقان (أصحهما) القبول كما لو استثني وكانه استشنى من كل درهم دانقين (والثانى) وبه قال ابن خيران أنه على قولين بناء على أن الاقرار هل يتبعض وقد يوجه القبول بما سبق والمنع بأن اللفظ صريح فيه وما كل لفظ يتضمن نقصانا يصلح للاستشناء ألا ترى أنه لو قال على الف بل خمسمائة يلزمه الالف وان ذكره منفصلا لم يقبل وعليه وزن درهم الاسلام إلا أن يصدقه المقر له لان لفظ الدراهم صريح في القدر المعلوم وعرف البلد مؤيد له واختار الرويانى أنه يقبل لان اللفظ محتمل له والاصل براءة الذمة وحكاه عن جماعة من

(11/131)


الاصحاب وهو غريب وان كان الثاني فان ذكره متصلا قبل لان اللفظ والعرف يصدقان وان ذكره منفصلا فوجهان (أحدهما) لا يقبل ويحمل مطلق قراره على وزن الاسلام وهذا كما أن نصب الزكاة لا تختلف باختلاف البلاد (وأظهرهما) وهو المحكى عن نصه أنه يقبل حملا لكلامه على نقد البلاد لان للعرف أثرا بينا في تقييد الالفاظ باهل العرف وصار كما في المعاملات ويجرى الخلاف فيما إذا أقر في بلد وزن دراهمه أكثر من وزن دراهم الاسلام مثل غزنه انه يحمل اقراره على دراهم البلد أو على دراهم الاسلام (ان قلنا) بالاول فلو قال عنيت دراهم الاسلام منفصلا لم يقبل وان قاله متصلا ففيه الطريقان السابقان (والاصح) القبول مطلقا وقد ذكرنا فيه خلافا إذا كان الاقرار في بلد وزن دراهمه كامل (وقوله) وان كان منفصلا لم يقبل
يجوز اعلامه - بالواو - كما قاله الرويانى (الثانية) الدراهم عند الاطلاق إنما تستعمل في النقرة فلو أقر بدارهم وفسرها بالفلوس لم يقبل والتفسير بالدراهم المغشوشة كالتفسير بالناقصة لان نقرتها لا تبلغ وان الدراهم فيعود فيه التفصيل المذكور في الناقصة ولو فسر بجنس ردئ من الفضة أو قال أردت من سكة كذا وهى غير جارية في تلك البلد قبل كما لو قال على ثوب ثم فسره بجنس ردئ أو بمالا يعتاد أهل البلد لبسه ويخالف مالو فسر بالناقصة لان يرفع شيئا مما أقر به وههنا بخلافه ويخالف البيع حيث يحمل على سكة البلد لان البيع انشاء معاملة والغالب أن المعاملة في كل بلد تقع بما يروج فيها ويتعامل الناس بها إقراره اخبار عن سابق ربما ثبت بمعاملة في تلك البلدة وربما ثبت بغيرها فوجب الرجوع إلى ارادته ولانه لابد من صيانة البيع عن الجهالة والحمل على ما يروج في البلد اصلح طريق تنتفى به الجهالة والاقرار لا تجب صيانته عن الجهالة وقال المزني لا يقبل تفسيره بغير سكة البلد وحكاه الشيخ أبو حامد عن غيره من الاصحاب (الثالثة) إذا قال على دريهم أو دريهمات أو درهم صغير أو دراهم صغار ففيه اضطراب رواية الذى ذكره الامام رحمه الله وصاحب الكتاب أنه كما لو

(11/132)


قال درهم أو دراهم فيعود في التفسير بالنقص التفصيل السابق وليس التقييد بالصغر كالتقييد بالنقصان لان لفظ الدراهم صريح في الوزن والوصف بالصغر يجوز أن يكون من حيث الشكل ويجوز أن يكون بالاضافة إلى الدراهم البغلية وساعدهما صاحب التهذيب على ما ذكره في الدريهم وقال في قوله درهم صغير ان كان بطبرية لزمه نقد البلد وان كان ببلد وزنه وزن مكة فعليه وزن مكة وكذلك ان كان بغزنة ولك أن تقول الجواب فيما إذا كان بطبرية لا يلائم الجواب فيما إذا كان بغزنة لانه اما أن يعتبر اللفظ أو عرفت البلد ان اعتبرنا اللفظ فيجب الوزن بالطبرية وان اعتبرنا عرف البلد فيجب نقد البلد نقرة وقال الشيخ أبو حامد ومن تابعه إذا قال دريهم أو درهم صغير لزمه درهم من الدراهم الطبرية لانها أصغر من دراهم الاسلام وهى أصغر من البغلية على ما بينا في الزكاة فهى صغر الصغيرين باليقين فيؤخذ باليقين ولم يفرق بين بلدة وبلدة ويشبه أن يكون الاظهر من هذه الاختلافات ما تضمنه الكتاب ولانا لا نفرق بين أن يقول مال وبين أن يقول مال صغير
وكذلك في الدراهم وهو ظاهر ما ذكره في المختصر وولو قال على درهم كبير فعلى قياس مافى الكتاب هو كما لو قال درهم ونقله الشيخ أبو حامد وهو أفقه وقال في التهذيب ان كان ببلد وزنه وزن مكة أو طبرية لزمه وزن مكة وان كان بغيره لزمه من نقد البلد وفيه الاشكال الذى ذكرناه (الرابعة) عرفت أن قدر الدراهم وجنسه ماذا أما من حيث العدد فإذا قال على دراهم يلزمه ثلاثة ولا يقبل تفسيره بأقل منها وكذلك لو قال على دراهم كثيرة أو عظيمة ويجئ فيه الوجه المذكور في المال العظيم والكثير ولو قال على أقل اعداد الدراهم لزمه درهمان لان العدد هو المعدود وكل معدود متعدد فيخرج عنه الواحد ولو قال على مائة درهم عددا لزمه مائة درهم بوزن الاسلام صحاح قال في التهذيب ولا يشترط أن يكون كل واحد ستة دوانق وكذلك في البيع ولا يقبل مائة من العدد ناقصة الوزن

(11/133)


الا أن يكون نقد البلد عدده ناقصة فظاهر المذهب القبول ولو قال على مائة عدد من الدراهم فههنا يعتبر العدد دون الوزن.
قال (ولو قال على من واحد إلى عشرة فالاصح أنه يلزمه تسعة وقيل ثمانية وقيل عشرة ولو قال درهم في عشر ولم يرد الحساب لم يلزمه إلا واحد) .
إحدى مسألتي الفصل إذا قال له على من درهم إلى عشرة ففيما يلزمه ثلاثة أوجه (أحدها) عشرة ويدخل الطرفان فيه كما يقال من فلان إلى فلان لا يرضى أحد بكذا (والثانى) تسعة لان الملتزم زائد على الواحد والواحد مبدأ العدد والالتزام فيبعد اخراجه عما يلزمه (والثالث) ثمانية ولا يدخل الطرفان كما لو قال بعتك من هذه الجدار إلى الجدار لايدخل الجداران في البيع والاول أصح عند صاحب التهذيب وقال الشيخ أبو حامد والعراقيون الاصح الثاني ووافقهم صاحب الكتاب واحتج له الشيخ أبو حامد بأنه لو قال لفلان من هذه النخلة إلى هذه النخلة تدخل النخلة الاولى في الاقرار دون الاخيرة وما ينبغى أن يكون الحكم في هذه الصورة كما ذكر بل هو كما لو قال بعتك من هذا الجدار إلى هذا الجدار (وقوله) في الكتاب ثمانية وعشرة معلمان - بالحاء - لان مذهب أبى حنيفة رحمه الله كالوجه الثاني وبه قال أحمد رحمه الله.
ولو قال على مابين درهم إلى عشرة فالمشهور
أنه يلزمه ثمانية توجيها بأن ما بمعنى الذى كأنه قال له العدد الذى يقع بين الواحد والعشرة وهو صريح في اخراج الطرفين وذكره ابن الحداد حكاية عن نصه ونقل في المفتاح عن نصه أنه يزمه تسعة ووجه بأن الحد إذا كان من جنس المحدود يدخل فيه فيضم الدرهم العاشر إلى الثمانية وحكى أبو خلف السلمى عن القفال أنه يلزمه عشرة والمقصود بيان غاية ما عليه فحصل في المسألة ثلاث أوجه كما في الصورة الاولى ولم يفرقوا بين أن يقول مابين واجد إلى عشرة وبين أن يقول مابين واحد وعشرة

(11/134)


وربما سووا بينهما ويجوز أن يفرق ويقطع بالثمانية في الصيغة الاخرى (الثانية) إذا قال على درهم في عشرة ان أراد الظرف لم يلزمه الا واحد وان أراد الحساب فعليه عشرة وان أراد المعية فعلية احد عشر درهما وان أطلق لم يلزمه الا واحد أخذا باليقين وفيما إذا قال أنت طالق واحدة في اثنتين في قول آخر أنه يحمل على الحساب وان أطلق لانه أظهر في الاستعمال وذلك القول عائد ههنا وان لم يذكروه ولفظ الكتاب يفتقر إلى تأويل لانه حكم بأنه لا يلزمه الا واحد إذا يرد الحساب وله شرط وهو أنه يريد المعية.
قال (الخامس إذا قال له عندي زيت في جرة أو سيف في غمد لا يكون مقرا بالظرف (ح) .
ولو قال له عندي غمد فيه سيف أو جرة فيها زيت لم يكن مقرا الا بالظرف.
وعلى قياس ذلك قوله فرس في اصطبل.
وحمار على ظهره اكاف.
وعمامة في رأس عبد ونظائره.
ولو قال له عندي خاتم وجاء به وفيه فص وقال ما أردت الفص فالظاهر انه لا يقبل.
ولو قال جارية فجاء بها وهى حامل ففى استثناء الحمل وجهان) .
الاضافة إلى الظرف صور تبينها فصول هذا النوع والاصل المقرر فيها أن الاقرار بالمظروف لا يقتضى الاقرار بالظرف وبالعكس أيضا وأصل هذا الاصل البناء على اليقين فإذا قال لفلان عندي زيت في جرة أو سيف في غمد لا يكون مقرا بالجرة والغمد وكذا لو قال ثوب في منديل أو تمره في جراب أو لبن في كوز أو طعام في سفينة لاحتمان أن يريد في جرة أو منديل لى وكذا لو قال غصبت زيتا ثم رأيناه في جرة لا يكون مقرا الا بغصب الزيت ولو قال عندي غمد فيه سيف أو جرة
فيها زيت أو جراب فيه تمر فهو اقرار بالظرف دون المظروف وعلى هذا القياس إذا قال فرس في اصطبل أو حمار على ظهر اكاف أو دابة عليها سرج أو زمام أو عبد على رأسه عمامة أوفى وسطه منطقة أو في رجليه خف فلا

(11/135)


يكون مقرا الا بالدابة والعبد وعند أبى حنيفة الاقرار بالمظروف في الظرف يكون اقرارا بهما إذا كان مما يحرز في الظرف غالبا كالزيت في الجرة والتمر في الجراب دون الفرس في الاصطبل وقل صاحب التلخيص إذا قال عبد على رأسه عمامة أو عليه قميص أو في رجله خف فهو اقرار بما مع العبد لان العبد له يد على ملبوسه وما في يد العبد فهو في يد سيده فإذا أقر بالعبد للغير كان مافى يده لذلك الغير بخلاف المنسوب إلى الفرس وعامة الاصحاب على أنه لافرق بينهما وذكر الامام رحمه الله أنه قال ذلك في التخليص وفى المفتاح أجاب بما يوافق قول الجمهور وهو وهم بل جوابه في المفتاح كجوابه في التلخيص ولو قال عندي دابة مسرجة أو دار مفروشة لم يكن مقرا بالسرج ولا الفرش بخلاف ما إذا قال سرجها وفرشها وبخلاف ما لو قال ثوب مطرز لان الطراز جزء من الثوب ومنهم من قال ان ركب عليه بعد النسج فهو على وجهين نذكرهما في أخوات المسألة ولو قال فص في خاتم فهو اقرار بالفص دون الخاتم ولو قال خاتم فيه فص ففى كونه مقرا بالفص وجهان (أصحهما) ما ذكره في التهذيب أنه ليس بمقر لجواز أن يريد فيه فص لى فصار كالصورة السابقة (والثانى) أنه يكون مقرا بالفص لان الفص من الخاتم حتى لو باعه دخل فيه بخلاف تلك الصورة ولو اقتصر على قوله عندي خاتم ثم قال بعد ذلك ما أردت الفص فد ذكر صاحب الكتاب فيه وجهين (أحدهما) أنه يقبل منه لان اسم الخاتم يطلق مع نزع الفص (وأصحهما) الذى ينبغى أن يقطع به أنه لا يقبل لان الفص متناول باسم الخاتم فهو رجوع عن بعض المقر به ولو قال حمل في بطن جارية لم يكن مقرا بالجارية وكذا لو قال نعل في حافر دابة وعروة على قمقمة ولو قال جارية في بطنها حمل أو دابة في حافرها نعل وقمقمة عليها عروة فوجهان كما في قوله خاتم فيه فص ويشبه أن يترتب الوجهان في مسألة الكتاب على الوجهين في صورة الحمل وهى ماذا قال هذه الجارية لفلان وكانت حاملا

(11/136)


يتناول الاقرار الحمل فيه وجهان (أحدهما) نعم كما في البيع وبه أجاب القفال (وأظهرهما) لا وله ان يقول لم أرد الحمل بخلاف البيع لان الاقرار اخبار عن سابق وربما كانت الجارية له دون الحمل بان كان الحمل موصى به وسلم القفال أنه لو قال هذه الجارية لفلان إلا حملها يجوز بخلاف البيع (فان قلنا) الاقرار بالجارية يتناول الحمل ففيه الوجهان المذكوران في الصورة السابقة والا فيقطع بانه لا يكون مقرا بالحمل كما إذا قال جارية في بطنها حمل ولو قال ثمرة على شجرة لم يكن مقرا بالشجرة ولو قال شجرة عليها ثمرة فليرتب ذلك على أن الثمرة هل تدخل في مطلق الاقرار بالشجرة وهى لا تدخل بعد التأبير كما في البيع وفى فتاوى القفال أنها تدخل وهو بعيد وقيل التأبير وجهان (أظهرهما) وهو الذى أطلقه في التهذيب أنها لا تدخل أيضا لان الاسم لا يتناولها في البيع والبيع ينزل على المعتاد وذكر القفال وغيره لضبط الباب أن ما يدخل تحت البيع المطلق يدخل تحت الاقارير ومالا فلا قال القفال

(11/137)


إلا الثمار المؤبرة وما ذكرنا من المسائل يقتضى أن يقال في الضبط مالا يتبع في البيع ولا يتناوله الاسم ففيه وجهان (وقوله) في الكتاب لا يكون مقرا بالظرف معلم - بالحاء - لان عند أبى حنيفة رحمه الله الاقرار بالمظروف في الظرف اقرار بهما إذا كان ذلك مما يحرز في الظرف غالبا كالتمر في الجراب والزيت في الجرة بخلاف الفرس في الاصطبل.
قال (ولو قال الف في هذا الكيس ولم يكن فيه شئ لزمه الالف.
فان كان الالف ناقصا يلزمه الاتمام عند القفال.
ولا يلزمه عند أبى زيد للحصر.
ولو قال الالف الذى في الكيس لا يلزمه الاتمام.
فان لم يكن فيه شئ فهل يلزمه الالف فوجهان) .

(11/138)


إذا قال على الف في هذا الكيس لزمه سواء كان فيه شئ أو لم يكن فيه شئ أصلا لان قوله على يقتضى اللزوم ولا يكون مقرا بالكيس على ما عرفت وان كان فيه دون الالف ففيه وجهان قال أبو زيد لا يلزمه إلا ذلك القدر لحصر المقر به وقال القفال يلزمه الاتمام كما أنه لو لم يكن فيه شئ يلزمه الالف وهذا أقوى ولو قال على الالف الذى في هذا الكيس فان كان فيه دون الالف لم يلزمه
إلا ذلك القدر لجمعه بين التعريف والاضافة إلى الكيس وعن أبى على وجه آخر ضعفوه أنه يلزمه الاتمام ويمكن أن يخرج هذا على الخلاف في أن الاشارة تقدم أم اللفظ وان لم يكن في الكيس شئ ففيه وجهان ويقال قولان بناء على ما إذا حلف ليشربن ماء من هذا الكوز ولا ماء فيه هل تنعقد يمينه ويحنث أم لا.

(11/139)


قال (ولو قال له في هذا العبد الف درهم إن فسر بارش الجنابة قبل.
وان فسر بكون العبد مرهونا فالاظهر أنه يقبل.
ولو قال وزن في شراء عشره الفا وأنا اشتريت جميع الباقي بألف قبل ولا يلزمه إلا عشر العبد) .
إذا قال لفلان في هذا العبد الف درهم فهذا لفظ مجمل فيسأل عنه إن قال أردت أنه جني عليه أو على ماله جناية أرشها الف قبل وتعلق الالف برقبته وان قال انه رهن عنده بألف على ففيه وجهان (أحدهما) أنه لا يقبل لان اللفظ يقتضى كون العبد محلا للالف ومحل الدين الذمة لا المرهون وانما المرهون وثيقة له وعلى هذا إذا نازعه المقر له وأخذناه بالالف الذى ذكره في التفسير وطالبناه للاقرار الجملى بتفسير صالح (وأظهرهما) القبول لان الدين وان كان في الذمة فله تعلق ظاهر بالمرهون فصار كالتفسير بأرش الجناية ولو قال انه وزن في شراء عشره الفا وأنا اشتريت الباقي بألف أو بما دون الالف قبل لانه محتمل ولا يلزمه بهذا الاقرار الا عشر العبد وان قال أردت انه وزن في ثمنه الفا قيل

(11/140)


له هل وزنت شيئا فان قال لا فالعبد كله للمقر له وان قال نعم سئل عن كيفية الشراء أكان دفعة واحدة أم لا فان قال دفعة واحدة سئل عن قدر ما وزن فان قال وزنت الفا أيضا فالعبد بينهما وان قال وزنت الفين فثلثا العبد له والثلث للمقر له وعلى هذا القياس ولا نظر إلى قيمته خلافا لمالك رحمه الله حيث قال لو كان يساوى الفين وقد زعم أنه وزن الفين والمقر له الفا يكون العبد بينهما بالسوية ولا يقبل قوله انى وزنت الفين في ثلثه وقد يعبر عن مذهبه بأن المقر له من العبد ما يساوى الفا وان قال اشتريناه دفعتين ووزن في شراء عشره مثلا الفا وأنا اشتريت تسعة اعشاره بالف قبل لانه
يحتمل ولو قال أردت به أنه أوصى له بألف من ثمنه قبل البيع ودفع له الف ثمنه وليس له دفع الالف من ماله وان فسرنا به دفع إليه الالف ليشترى له العبد ففعل فان صدقه المقر له فالعبد له وان

(11/141)


كذبه فقد رد اقراره بالعبد وعليه رد الالف الذى أخذه وان قال أردت أنه أقرضه ألفا فصرفته إلى ثمنه قبل ولزمه الالف وتوجيه الخلاف المذكور فيما إذا فسره بالرهن يقتضى عوده ههنا ولو قال له على من هذا العبد الف درهم فهو كما لو قال في هذا العبد ولو قال من ثمن هذا العبد الف درهم فكذلك ذكره في التهذيب ولو قال على درهم في دينار فهو كما لو قال الف في هذا العبد فان أراد النفى معه لزماه.
قال (ولو قال له في هذا المال الف أو في ميراث أبى الف لزمه ولو قال له في مالى الف أو في ميراثي من أبى الف لم يلزمه للتناقض) .
قال الشافعي رضى الله عنه في المختصر لو قال له في ميراث أبى الف درهم كان اقرارا منه على أبيه بدين ولو قال له في ميراثي من أبى الف درهم كانت هبة الا أن يريد اقرارا وما الفرق

(11/142)


قيل انه الصورة الثانية أضاف الميراث إلى نفسه وما يكون له لا يصيره لغيره بالاقرار فكان كما لو قال دارى أو مالى لفلان وفي الاول لم يضف الميراث إلى نفسه فكان مقرا بتعلق الالف بالتركة وهذا ما أشار إليه صاحب الكتاب بقوله للتناقض ولك أن تمنع التناقض بين اضافة الميراث إلى نفسه وبين تعلق دين الغير به فان تركة على كل مديون مملوكه لورثته على الصحيح والدين يتعلق بها وقال الاكثرون الفرق أنه إذا قال في ميراث أبى فقد أثبت حق المقر له في التركة وذلك لا يحتمل الا شيئا واجبا فان التبرعات التى لا تلزم ترتفع بالموت ولا تتعلق بالتركة وإذا قال في ميراثي من أبى فقد أضاف التركية إلى نفسه ثم جعل المقر به شيئا منها وأضافه إليه وذلك قد يكون بطريق لازم وقد يكون بطريق التبرع وإذا فسر بالتبرع قبل واعتبره فيه شرطه وعن صاحب التقريب الاشارة إلى التسوية بين الصورتين كأنه قل وخرج فان كان كذلك جاز إعلام قوله في الكتاب أو في ميراث أبى
- بالوار - والمذهب المشهور الفرق بمثله ولو قال له في هذه الدار نصفها فهو إقرار وان قال له في دارى

(11/143)


نصفها فهو وعد هبة حكاه الشيخ أبو علي عن النص أيضا واشتهر عن نصه أنه لو قال له في مالى الف درهم كان اقرارا ولو قال من مالى كان وعد هبة لااقرارا وهذا الموضع البحث فيه من وجهين (أحدهما) أن هذا النص في قوله في مالى يخالف ما نقلناه في قوله في ميراثي وفى دارى فما حال هذه النصوص (والثانى) انه لافرق بين في ومن وهل المذهب الظاهر ما نص عليه أم الاول فللاصحاب طريقين فيما إذا قال في مالى الف درهم منهم من قال فيه قولان (أحدهما) أنه وعد هبة لاضافة المال إلى نفسه (والثانى) أنه اقرار لان قوله له يقتضى الملك وبوعد الهبة لا يحصل الملك ومنهم من قطع بأنه وعد هبة وحمل ما روى عن النص الاخير على خطأ النساخ وربما تأوله على ما إذا أتى بصيغة التزام فقال على في مالى الف درهم فانه يكون إقرارا على ما سيأتي وإذا أثبتنا الخلاف فعن الشيخ أبى على أنه يطرد فيما إذا قال في دارى نصفها وامتنع من طرده فيما إذا قال في ميراثي من أبى وعن صاحب التقريب وغيره أنه يلزمه تخريجه فيه بطريق الاولى لان قوله في ميراثي من أبى أولى بأن يجعل

(11/144)


اقرارا من قوله في مالى أو في دارى لان التركه مملوكه للورثة مع تعلق الدين بها فيحسن اضافة الميراث إلى نفسه مع الاقرار بالدين بخلاف المال والدار (واما) الثاني فمنهم من قال لافرق ولم يثبت هذا النص أو أوله ومنهم من فرق بان في تقتضي كون مال المقر ظرفا لمال المقر له وقوله من مالى يقتضى الفصل والتبعيض وهو ظاهر في الوعد بانه يقطع شيئا من ماله فإذا فرقنا بينهما لزمه مثله في الميراث والدار لا محالة والظاهر انه لافرق بينهما وان الحكم في قوله في مالى كما ذكرنا أولا في ميراثي واستبعد الامام رحمه الله ان تخريج الخلاف فيما إذا قال له في داري نصفها لانه إذا أضاف الكل إلى نفسه لم ينتظم الاقرار ببعضه كمالا ينتظم منه الاقرار بكله بأن يقول دارى لفلان وتخصص طريقة الخلاف بما إذا لم يكن المقر به جزءا من مسمى ما أضافه إلى نفسه كقوله في مالى ألف درهم أو في دارى ألف ولا يخفى عليك مما ذكرنا حاجة قوله في الكتاب لم يلزمه التناقض إلى الاعلام - بالواو - وحيث قلنا في هذه الصورة إنه وعد هبة لااقرار
فذلك فيما لم يذكر كلمة التزام فأما إذا ذكر بأن يقول على ألف درهم في هذا المال أو في مالى أو في

(11/145)


ميراث أبى أو في ميراثي أو دارى أو عبدى أو في هذا العبد فهو إقرار بكل حال ولو قال له في ميراثي عن أبى أو في مالى كذا بحق لزمني أو بحق ثابت وما أشبهه فهو كما لو قال على فيكون اقرارا بكل حال ذكره ابن القاص (واعلم) أن قضية قولنا ان قوله على في هذا المال أو في هذا العبد ألف درهم قرار له بالالف وان لم يبلغ ذلك المال الفا وربما يخطر ذلك الخلاف المذكور فيما إذا قال لفلان على ألف في هذا الكيس وكان فيه دون الالف إلا أن ظرفية العبد للدراهم ليست كظرفيه الكيس لها فيمكن أن يختلفا في الحكم لكن لو قال في هذا العبد ألف درهم من غير كلمة على وفسره بأنه أوصى له بألف من ثمنه فلم يبلغ ثمنه الفا فلا ينبغى أن يجب عليه تتمة الالف بحال.
قال (السادس إذا قال له على درهم درهم درهم لم يلزمه الا درهم واحد لاحتمال التكرار.
ولو قال درهم ودرهم أو درهم لزمه درهما لامتناع التكرار.
ولو قال درهم مع درهم أو درهم تحت درهم أو فوق درهم لا يلزمه إلا واحد تقديره مع درهم لى بخلاف نظيره من الطلاق.
ولو قال

(11/146)


درهم قبل درهم أو بعد درهم لزمه درهمان إذ التقدم والتأخر لا يحتمل إلا في الوجوب.
ولو قال درهم ودرهم ودرهم وقال أردت بالثالث تكرار الثاني قبل.
ولو قال أردت بالثالث تكرار الاول لم يقبل لتخلل الفاصل.
وكذا في قوله طالق وطالق وطالق.
فإذا أطلق ففى الطلاق قولان (أحدهما) يلزمه ثلاثة لصورة اللفظ (والثانى) ثنتان لجرى العادة في التكرار.
والاظهر في الاقرار أنه يلزمه عند الاطلاق ثلاثة لانه أبعد عن قبول التأكيد اعتيادا.
ولو قال على درهم فدرهم يلزمه درهم واحد.
ولو قال أنت طالق فطالق يقع طلقتان.
وتقدير الاقرار فدرهم لازم.
وقيل بتخريج فيه من الطلاق ولو قال درهم بل درهمان فدرهمان.
ولو قال درهم بل ديناران فدرهم وديناران.
إذ إعادة الدرهم في الدينار غير ممكن) .
في الفصل صور نذكرها مع ما يناسبها وان احتجنا إلى تقدير وتأخير فعلناه (الاولى) لو قال له على
درهم درهم درهم لم يلزمه إلا درهم واحد لاحتمال ارادة التأكيد بالتكرار وكذا لو كرر عشرا فصاعدا

(11/147)


ولو قال درهم ودرهم أو درهم ثم درهم لزمه درهمان لاقتضاء العطف المغايرة ولو قال درهم ودرهم ودرهم لزمه بالاول والثانى درهمان وأما الثالث فان أراد به درهما آخر لزمه وان قال أردت به تكرار الثاني قبل ولا يلزمه الا درهمان وان قال أردت به تكرار الاول فوجهان ذكرهما في النهاية (وأظهرهما) وهو المذكور في الكتاب أنه لا يقبل ويلزمه ثلاثة لان التكرار انما يؤكد به إذا لم يتخلل بينهما فاصل وهذا الحكم فيما إذا قال أنت طالق وطالق وطالق ففى الطلاق قولان ينظر في أحدهما إلى صورة اللفظ وفى الثاني إلى احتمال التكرار وجريان العادة وسيعود ذكرهما في الطلاق وفى الاقرار طريقان (قال) ابن خيران انه على قولين في الطلاق (وقطع) الاكثرون بأنه يلزمه ثلاثة وفرقوا بأن دخول التأكيد في الطلاق أكثر منه في الاقرار لانه لا يقصد به التخويف والتهديد ولانه يؤكد بالمصدر فيقال هي طالق طلاقا والاقرار بخلافه وعلى هذا لو كرر عشر مرات أو أكثر لزمه من الدراهم بعدد ما كرر ولو قال على درهم ثم درهم ثم درهم فهو كما لو قال درهم ودرهم ودرهم ولو

(11/148)


قال درهم ودرهم ثم درهم لزمه ثلاثة لا محالة (الثانية) إذا قال على درهم مع درهم أو معه درهم أو فوق درهم أو فوقه درهم أو تحت درهم أو تحته درهم فرواية المزني في المختصر انه لا يلزمه الا درهم واحد لجواز ان يريد مع درهم لى أو فوق درهم لى وايضا فقد يريد فوقه الجودة وتحته الرداءة وبهذه الرواية اخذ أكثر الاصحاب وهى التى اوردها في الكتاب ووراء هذا مذهبان للاصحاب (احدهما) انه يلزمه درهمان واختلف القائلون به فمن ناسب له إلى النص في رواية الربيع ومن قائل انه مخرج واختلف هؤلاء فقيل هو مخرج من الطلاق فانه لو قال انت طالق طلقه مع طلقة أو فوق طلقة تقع طلقتان وقيل هو مخرج مما لو قال علي درهم قبل درهم فانه يلزمه درهمان ومن قال بالاول فانه اعتذر عن قوله قبل درهم وأما الطلاق فالفرق أن لفظه الصريح موقع فإذا أنشأه عمل عمله والاقرار اخبار عن سابق فإذا كان فيه اجمال روجع حتى يبين أنه عم اخبر (والذهب الثاني) قال الداركى ان قال درهم معه درهم أو فوقه درهم لزمه
درهمان لرجوع الكناية إلى الاول الذى التزمه ولو قال درهم على عليه درهم أو على درهم فهو كما لو قال

(11/149)


فوقه درهم أو فوق درهم ولو قال على درهم قبل درهم فرواية المزني وبها أجاب الاكثرون انه يلزمه درهمان بخلاف الصورة السابقة والفرق ان الفوقية والتحتية يرجعان إلى المكان ويتصف بهما نفس الدرهم فلا بد من امر يرجع إليه التقديم والتأخير وليس ذلك الا الوجوب عليه وفيه قول آخر انه لا يلزمه الا درهم منهم من حكاه نصا عن رواية الربيع ومنهم من خرجه من الصورة السابقة وسوى بينهما جميعا فجعلهما على قولين ولمن قال به ان يقول القبلية والبعدية كما يكونان بالزمان يكونان بالرتبة وغيرها ثم هب أنهما زمانيان وان نفس الدرهم لا يتصف بهما لكن يجوز رجوعهما إلى غير الواجب بان يريد درهما مضروبا قبل درهم وما أشبهه ثم هب انهما راجعان إلى الواجب لكن يجوز أن يريد لزيد درهم وجب له قبله وجوب درهم لعمرو وفى المسألة وجه آخر عن ابن خيران وغيره انه ان قال قبله درهم وبعده درهم لزمه درهمان وان قال قبل درهم وبعد درهم لم يلزمه الا درهم واحد لاحتمال

(11/150)


ان يريد قبل لزوم درهم أو بعد درهم كان لازما (وقوله) في الكتاب لا يلزم الا واحد يجوز اعلامه مع - الواو - بالحاء والالف - اما الحاء فلان عند أبى حنيفه رحمه الله يلزم درهمان فيما إذا قال فوق درهم واما الالف فلان عند احمد يلزمه في جميع الصور درهمان (الثالثة) إذا قال له على أو عندي درهم فدرهم ان أراد العطف لزمه درهمان والا فالنص أنه لا يلزمه الا درهم ونص فيما إذا قال انت طالق فطالق انه يقع طلقتان فنقل ابن خيران الجواب من كل واحدة إلى الاخرى وجعلهما على قولين (أحدهما) يلزمه ودرهمان يقع طلقتان لان الفاء حرف عطف كالواو وثم (والثاني) لا يلزمه الا واحد ولا يقع إلا طلقه لان الفاء قد تستعمل لغير العطف فيؤخذ باليقين وذهب الاكثرون إلى تقرير النصين وفرقوا بوجهين (أحدهما) أنه يحتمل في الاقرار أن يريد فدرهم لازم أو فدرهم أجود والاقرار اخبار والانشاء أقوى وأسرع نفوذا ولهذا لو أقر اليوم بدرهم وغدا بدرهم لا يلزمه الا درهم ولو تلفظ بالطلاق في اليومين وقعت طلقتان وهذا أظهر في المذهب لكن لابن خيران ان يمنع الفرق الاول ويقول يجوز أن يريد فطالق مهجورة

(11/151)


أو لاتراجع ويجوز أن يريد فطالق حرمتك وما أشبهه (وأما) الثاني فانه يناقض الفرق المذكور في مسألة درهم ودرهم وطالق وطالق (وقوله) في الكتاب يلزمه درهم واحد معلم - بالحاء والالف - لان عندهما يلزمه درهمان (وقوله) يقع طلقتان يجوز اعلامه - بالواو - لانه لم يذكر طريقة النقل والتخريج بتمامها حتى يستغنى عن الاعلام وانما ذكر التخريج من الطلاق في الاقرار ورأيت في بعض الشروح ان ابن أبى هريرة حكى قولا منصوصا للشافعي رضى الله عنه أنه يلزمه درهمان ويتأيد هذا القول بما إذا قال درهم ودرهم فانه يلزمه درهمان ولا يمتنع فيه مثل التقديرات المذكورة في الفاء ولو قال على درهم فقفيز حنطة فلا يلزمه الا درهم أو يلزمانه جمعيا فيه هذا الخلاف وذكر أبو العباس الرويانى في الجرجانيات ان قياس ما ذكرنا في الطلاق أنه إذا قال بعتك بدرهم فدرهم يكون بائعا بدرهمين لانه انشاء (الرابعة) قال على درهم بل دهم لم يلزمه الا درهم لجواز أن يقصد الاستدراك فيتذكر أنه لا حاجة إليه فيعيد الاول ولو قال درهم لابل درهم اولا درهم فكذلك ولو قال درهم لابل درهمان أو قفيز حنطة لابل فقيزان لم يلزمه الا درهمان وقفيزان لان بل للاستدراك ولا يمكن ان يكون المقصود

(11/152)


هاهنا نفي المذكور اولا لاشتمال الدرهمين على الدرهم والقفيزين على القفيز وانما المقصود نفى الاقتصار على الواحد واثبات الزيادة عليه وهذا يشكل بما إذا قال انت طالق طلقة بل طلقتين فانه يقع الثلاثة ولا أدرى لم لم يتصرفوا فيهما ههنا تصرفهم فيما سبق من المسائل ثم ما ذكرناه مفروض فيما إذا أرسل ذكر المقر به أما إذا قال له عندي هذا القفيز بل هذان القفيزان لزمه الثلاث لان القفيز المعين لايدخل في القفيزين المعينين وكذلك لو اختلف جنس الاول والثانى مع الارسال بان قال على درهم بل ديناران أو قفيز حنطة بل قفيزا شعير لزمه الدرهم والديناران أو قفيز الحنطة وقفيز الشعير لان الاول غير داخل في الثاني فهو راجع عن الاول مثبت الثاني والرجوع لا يقبل وما اقر به ثانيا يلزمه ولو قال درهمان بل درهم أو عشرة بل تسعة يلزمه الدرهمان والعشرة لان الرجوع عن الاكثر لا يقبل ولا يدخل الاقل فيه ولو قال دينار بل ديناران بل ثلاثة يلزمه ثلاثة ولو قال دينار بل ديناران بل
قفيز بل قفيزان لزمه ديناران وقفيزان ولو قال دينار وديناران بل قفيز وقفيزان فثلاثة دنانير وثلاثة أقفزة وقس على ما ذكرنا ما شئت.

(11/153)


قال (السابع إذا قال يوم السبت على ألف وقال ذلك يوم الاحد لم يلزمه الا ألف واحد.
الا أن يضيف إلى سببين مختلفين.
فلو أضاف أحدهما إلى سبب وأطلق الآخر نزل المطلق على المضاف.
وكذلك لو قامت الحجة على اقرارين بتاريخين جمع بينهما.
وكذلك إذا كان بلغتين احداهما بالعجمية والاخرى بالعربية.
وكذلك لو شهد على كل واحد شاهد واحد فالاصح أنه يجمع نظرا إلى المخبر عنه.
وفى الافعال لا يجمع أصلا.
القول الجملى في الفصل أن تكرير الاقرار لا يقتضي تعدد المقر به لان الاقرار إخبار ألا ترى أنه يحتمل فيه الابهام ولو كان انشاء لما احتمل وتعدد الخبر لا يقتضى تعدد المخبر عنه فيجمع إلا إذا عرض ما يمنع الجمع والتنزيل على واحد فحينئذ يحكم بالمغايرة وفيه مسألتان (إحداهما) إذا إقر لزيد يوم السبت بألف وأقر له يوم الاحد بألف لم يلزمه إلا ألف واحد سواء اتفق الاقراران في مجلس واحد أو مجلسين وسواء كتب به صكا وأشهد عليه شهودا على التعاقب أو كتب صكا بألف وأشهد عليه ثم

(11/154)


كتب صكا بألف وأشهد عليه وبه قال مالك وأحمد رحمهما الله خلافا لابي حنيفة رحمه الله فيما إذا كتب صكين وأشهد عليهما وفيما إذا أقرفى مجلسين ومن أصحابه من لا يفرق بين المجلس والمجلسين ولو أقر في أحد اليومين بالالف وفى الآخر بخمسمائة دخل الاقل في الاكثر ولو أقر مرة بالعربية وأخرى بالعجمية لم يلزمه إلا واحد ولا اعتبار باختلاف اللغات والعبارات.
وإذا لم يمكن الجمع كما إذا أقر في يوم السبت بألف من ثمن عبد ويوم الاحد بألف من ثمن جارية أو قال مرة صحاح ومرة مكسرة لزمه الالفان ولم يجمع وكذا لو قال قبضت منه يوم السبت عشرة ثم قال قبضت منه يوم الاحد عشرة أو طلقتها يوم السبت طلقة ثم قال طلقتها يوم الاحد طلقة ولو قال يوم السبت طلقتها طلقة ثم أقر يوم الاحد بطلقتين لم يلزمه إلا طلقتان ولو أضاف أحد الاقرارين إلى سبب أو وصف الدرهم بصفة وأطلق الاقرار الآخر نزل المطلق
على المضاف لامكانه (وقوله) في الكتاب وكذا لو قامت الحجة على الاقرارين بتاريخين جمع بينهما كان الغرض منه الاشارة إلى تكرير الاشهاد والصك لا تأثير له والا فالحجة على الاقرارين لا توجب

(11/155)


تعدد المقر به (المسألة الثانية) لو شهد شاهد على أنه أقر يوم السبت بألف أو بغصب تلك الدار وآخر يوم الاحد لفقنا بين الشهادتين وأثبتنا الالف والغصب لان الاقرار لا يوجب حقا بنفسه انما هو اخبار عن ثابت فينظر إلى المخبر عنه وإلى اتفاقهما على الاخبار عنه وكذا لو شهد أحدهما على اقراره بألف بالعربية والآخر على اقراره بالعجمية ولو شهد شاهد أنه طلق يوم السبت وآخر أنه طلقها يوم الاحد لم تثبت شهادتهما لانهما لم يتفقا على شئ واحد وليس هو اخبار حتى ينظر إلى المقصود والمخبر عنه وعن صاحب التقريب ان من الاصحاب من جعل الاقرارين والطلاقين على قولين بالنقل والتخريج قال الامام رحمه الله (أما) التخريج من الطلاق في الاقرار فهو قريب في المعنى وان بعد في النقل لان الشاهدين لم يشهدا على شئ واحد بل شهد هذا على اقرار وشهد ذاك على اقرار آخر والمقصود من اشتراط العدد في الشهادة زيادة التوثق والاستظهار وإذا شهد كل واحد على شئ لم يحصل هذا المقصود فاتجه أن لا يحكم بقولهما (وأما) التخريج من الاقرار في الطلاق فبعيد نقلا ومعنى لان من

(11/156)


طلق اليوم ثم طلق غدا والمرأة رجعية فزعم أنه أراد طلقة واحدة لم يقبل منه فكيف يجمع بين شهادة شاهد على طلاق اليوم وشهادة آخر على طلاق الغد حتى لو شهد أحدهما أنه قذف يوم السبت أو بالعربية والثانى على أنه قذف يوم الاحد أو بالعجمية لم يثبت بشهادتهما شئ أو شهد احدهما على اقراره بانه يوم السبت قذف أو بالعربية قذفه والثانى على اقراره بانه يوم الاحد قذفه أو بالعجمية قذفه فلا تلفيق ايضا لان المقر به شيئان مختلفان وقد قطع به الشيخ أبو محمد ولو شهد شاهد بالف من ثمن مبيع وآخر بالف من قرض أو شهد أحدهما بالف استقرضه يوم السبت وآخر بالف استقرضه يوم الاحد لم تثبت شهادتهما لكن للمدعى أن يعين أحدهما ويستأنف الدعوى عليه ويحلف مع الذى شهد له وله أن يدعيهما ويحلف مع كل واحد من الشاهدين وإن كانت الشهادتان على الاقرار شهد
احدهما أنه أقر بألف من ثمن مبيع وشهد الثاني على إقراره بألف من قرض ففي ثبوت الالف وجهان (الظاهر) انه لا يثبت أيضا وربما بنو الوجهين على الوجهين فما إذا ادعى عليه الفا من ثمن مبيع فقال المدعى عليه لك على ألف ولكن من قرض هل يحل للمدعى أخذ الالف لاتفقاقهما على ولاختلافهما في

(11/157)


الجهة (ان قلنا) اختلاف الجهة يمنع الاخذ لم يثبت الالف والا ثبت ولو ادعى الفا فشهد أحد الشاهدين على أنه ضمن الفا والثانى على أنه ضمن خمسمائة في ثبوت خمسمائة قولان عن ابن سريج وهذا قريب من التخريج المذكور في الانشاءات أو هو هو ولو شهد أحد شاهدى المدعى عليه أن المدعي استوفى الدين والآخر على أنه أبرأه فلا يلفق على المذهب ولو شهد الثاني على أنه برئ إليه منه قال أبو عاصم العبادي يلفق لان اضافة البراءة إلى المديون عبارة عن ايفائه وقيل بخلافه.
(فرع) أورده في هذا الموضع ادعى رجل ألفين وشهد له شاهد بألفين وآخر بألف ثبت الالف وله أن يحلف مع الذى شهد بالالفين ويأخذ الكل وكذا الحكم لو كانت الشهادتان على الاقرار وقال أبو حنيفة رحمه الله انه لا يثبت الالف وسلم أنه لو شهد أحدهما بثلاثين والآخر بعشرين العشرون كالالف والالفين وفيه وجه لان لفظ الثلاثين لا يشتمل على العشرين ولفظ الالفين يشتمل على الالف وربما سمع أحد الشاهدين بالالف وغفل عن الآخر ولو ادعى الفا فشهد له شاهد بألف والآخر بألفين فالثاني شهد بالزيادة قبل أن يستشهد ففى مصيره بذلك مجروحا وجهان

(11/158)


ان لم يصر مجروحا فشهادته في الزيادة مردودة وفى المدعى قولا تبعيض الشهادة وقطع بعضهم بثبوت الالف وخص الخلاف بالتبعيض بما إذا اشتملت الشهادة على ما يقتضى الرد كما إذا شهد لنفسه ولغيره فأما إذا زاد على المدعى فقوله في الزيادة ليس بشهادة بل هو كما لو أتى بلفظ الشهادة في غير مجلس الحكم (وان قلنا) انه يصير مجروحا فقد ذكر في التهذيب أنه يحلف مع شاهد الالف ويأخذه قال الامام رحمه الله تعالى انه على هذا الوجه بما يصير مجروحا في الزيادة فاما الالف المدعى فلا جرح في الشهادة عليه لكن إذا ردت
الشهادة في الزائد كانت الشهادة في المدعى على قولى التبعي ض فان لم نبعضها فلو اعاد الشهادة بالف قبلت لموافقتها الدعوى وهل يحتاج إلى إعادة الدعوى قال فيه وجهان (أظهرهما) المنع ونختم الباب بخاتمتين (احدهما) في فروع لائقة بالباب (منها) لو اقر بجميع في يده أو ينسب إليه صح فلو تنازعا في شئ انه هل كان في يده يومئذ فالقول قول المقر وعلى المقر له البينة ولو قال ليس لى مما في يدك الا ألف صح وعمل

(11/159)


بمقتضاه ولو قال لاحق لى في شئ مما في يد فلان ثم الدعى شيئا منه وقال لم اعلم كونه في يده يوم الاقرار صدق بيمينه ولو قال لفلان على درهم أو دينار لزمه احدهما وطولب بالتعيين وعن رواية الشيخ أبى على وجه ضعيف انه لا يلزمه شئ ولو قال على الف أو على زيد أو على عمر ولم يلزمه شئ وكذا لو قال على سبيل الاقرار انت طالق اولا فان ذكره في معرض الانشاء طلقت كما لو قال أنت طالق طلاقا لا يقع عليك ولو قال على الف درهم والا لفلان على الف دينار لزمه وهذا للتأكيد والاقرار المطلق يلزمه ويؤاخذ به المقر على المذهب المشهور وخرج فيه وجه أنه لا يلزمه حتى يسأل المقر عن سبب اللزوم لان الاصل براءة الذمة والاقرار ليس موجبا في نفسه وأسباب الوجوب مختلف فيها فربما ظن ما ليس بموجب موجبا وهذا كما أن الجرح المطلق لا يقبل وكما لو اقر بان فلانا وارثه لا يقبل حتى يبين جهة الوراثة ولو قال وهبت منك كذا أو خرجت منه إليك لم يكن مقرا بالقبض لجواز أن يريد الخروج منه بالهبة وعن القفال أنه مقر بالقبض لانه نسب إلى نفسه ما يشعر بالاقباض بعد العقد المفروغ عنه ولو أقر الآن بعين مال لابنه فيمكن أن يكون مستند اقراره ما يمنع الرجوع

(11/160)


ويمكن أن يكون مستنده مالا يمنع وهو الهبة فهل له الرجوع عن الماوردى وأبى الطيب أنهما أفتيا بثبوت الرجوع تنزيلا الاقرار على أضعف الملكين وأدنى السببين لما ينزل على أقل المقدارين عن الشيخ العبادي أنه لا رجوع لان الاصل بقاء الملك للمقر له ويمكن أن يتوسط فيقال أن أقر بانتقال الملك منه إلى الابن فالامر كما قال القاضيان وان أقر بالملك المطلق فالامر كما قال العبادي ولو أقر في وثيقة انه لا دعوى له على فلان ولا طلب بوجه من الوجوه ولا سبب من الاسباب ثم قال انما اردت في عمامته أو قميصه لافى داره وكرمه قال القاضى
أبو سعيد بن يوسف هذا موضع تردد والقياس أنه يقبل لان غايته تخصيص عموم وهو محتمل (الثانية) المقر به المجهول قد تمكن معرفته من غير رجوع إلى المقر وتفسيره وذلك بان يحيله على معروف وذلك ضربان (أحدهما) أن يقول له على من الدراهم بوزن هذه الصنجة أو بالعدد المكتوب في كتاب كذا أو بقدر ما باع به فلان عبده وما أشبه ذلك فيرجع إلى ما أحال عليه (والثانى) أن يذكر ما يمكن استخراجه من الحساب فمن أمثلته مسألة المفتاح وهو أن يقول لزيد على الف درهم إلا نصف مالا بينه على ولا بينه على الف إلا ثلث ما لزيد على ولمعرفته طرق (أحدها) أن يجعل لزيد شيئا ويقول للابن الف إلا ثلث شئ فيأخذ نصفه وهو خمسمائة الا سدس شئ ويسقط من الالف يبقى خمسمائة وسدس شئ وذلك يعدل شيئا فالمفروض لزيد لانه جعل له الفا إلا نصف ما لابنه

(11/161)


فسقط سدس شئ لسدس شئ يبقى خمسة أسداس شئ في مقابلة خمسمائة فيكون الشئ التام ستمائة وهو ما لزيد فإذا أخذت ثلثها وهو مائتين وأسقطته من الالف فبقي ثمانمائة وهى ما أقر به للاثنين (والثانى) أن يجعل لزيد ثلاثا أشياء لاستثنائه الثلث منه ويسقط ثلثها من الالف المضاف إلى الابن فيكون لهما الف ناقص شئ، ثم تأخذ نصفه وهو خمسمائه قصة نصف شئ وتزيده على ما فرضناه لزيد وهو ثلاثة أشياء تكون خمسمائة وستين ونصف شئ وذلك يعدل الالف درهم فسقط خمسمائة بخمسمائة تبقى خمسمائة في مقابلة ستين ونصف شئ فيكون الشئ ما بين وقد كان لزيد ثلاثة أشياء فهى اذن ستمائة (والثالث) أن تقول استثني من أحد الاقرارين النصف ومن الآخر الثلث فيضرب مخرج احدهما في مخرج الآخر يكن ستة ثم ينظر في الجزء المستثني من الاقرارين وكلاهما واحد فتضرب واحدا في واحد يكون واحد اتنقصه من الستة يبقى خمسة فتحفظها وتسميها المقسوم عليه ثم تضرب ما يبقى من مخرج كل واحد من الجزءين بعد اسقاطه في مخرج الثاني وذلك بان تضرب ما يبقي في مخرج النصف بعد النصف وهو واحد في مخرج الثلث وهو ثلاثة يحصل ثلاثة تضربها في الالف المذكور في الاقرار يكون ثلاثة آلاف تقسمها على العدد المقسوم عليه وهو خمسة يخرج نصيب الواحد وهو ستمائة وهو ما لزيد وتضرب ما يبقى في مخرج الثلث بعد الثلث وهو اثنان في مخرج النصف وهو اثنان يكون اربعة تضربها في الالف يكون اربعة ألاف تقسمها على
الخمسة يخرج من القسمة ثمانمائة فهو ما للابن.
ولو قال لزيد على عشره إلا ثلثي ما لعمرو ولعمرو عشرة

(11/162)


إلا ثلاثة أرباع ما لزيد تضرب المخرج في المخرج يحصل اثنى عشر ثم تضرب أحد الجزءين في الباقي وهو اثنين في ثلاثة يكن ستة تسقطها من اثني عشر يبقى ستة تضرب الباقي في مخرج الثلث بعد اخراج الثلثين وهو واحد في اربعة يكون اربعة تضربها في العشرة المذكوة في الاقرار يكون اربعين تقسمها على الستة يكون ستة وثلثين وذلك ما أقر به لزيد ثم يضرب واحد وهو الباقي في مخرج الربع بعد اخراج الارباع الثلاثة في ثلاثة يكون ثلاثة تضربها في العشرة يكون ثلاثين تقسمها على الستة يكون خمسة وهو ما أقر به لعمرو والطريقان الاولان يجريان في أمثال هذه الصور بأسرها (وأما) الطريق الثالثة فانه لا تطرد فيما إذا اختلف المبلغ المذكور في الاقرارين وتخرج فيما إذا كانت الاقارير ثلاثة فصاعدا مثل أن يقول لزيد عشرة الا نصف ما لعمرو ولعمرو عشرة الا ثلث مالبكر ولبكر عشرة الاربع ما لزيد إلى تطويل لا يؤثر ذكره في هذا الموضع.
ولو قال لزيد على عشرة الا نصف ما لعمرو ولعمرو ستة الا ربع ما لزيد يكون مقرا لزيد بثمانية ولعمرو باربعة ولو قال لزيد على عشرة الا نصف ما لعمرو ولعمرو عشرة الاربع ما لزيد يكون مقرا لزيد بخمسة وخمسة أسباع ولعمرو ثمانية وأربعة أسباع وقد يصور صدور كل اقرار من شخص بان يدعى مالا على زيد وعلى عمرو فيقول زيد لك على عشرة الا نصف مالك على عمرو ويقول عمرو لك على عشرة الا ثلث ما على زيد فطريق الحساب لا يختلف.

(11/163)


(الباب الثالث.
في تعقيب الاقرار بما يرفعه) قال (وله صور (الاولى) إذ قال على الف من ثمن خمر أو خنزير أو من ضمان شرط فيه الخيار ففى لزومه قولان يجريان في تعقيب الاقرار بما ينتظم لفظا في العادة ويبطل حكمه.
وكذلك إذا قال على الف من ثمن عبد ان سلم سلمت.
فعلى قول لا يطالب الا بتسليم العبد.
وعلى قول يؤاخذ بأول الاقرار.
ولو قال الف لا يلزم يلزمه لانه غير منتظم.
وقيل قولان.
ولو قال على الف
قضيته فالاصح انه يلزمه.
وقيل قولان.
ولو قال الف ان شاء الله فالاصح أنه لا يلزمه.
وقيل قولان.
ولو قال الف مؤجل فالاصح أنه لا يطالب في الحال.
وقيل قولان.
ولو ذكر الاجل بعد الاقرار لم يقبل.
ولو قال الف مؤجل من جهة تحمل العقل قبل قولا واحدا.
ولو قال من جهة القرض لم يقبل قولا واحدا.
ولو قال على الف ان جاء رأس الشهر فهو على القولين إذ وقع لزوم الاقرار بالتعليق.
ولو قال ان جاء رأ س الشهر فعلى الف لم يلزمه أصلا.
لان الاقرار المعلق باطل (الثانية) إذا قال له على الف ثم جاء بألف وقال هو وديعة عندي قبل.
لانه يتصور أن يكون مضمونا عليه بالتعدي وكان لازما عليه.
ولا يقبل قوله في سقوط الضمان لو ادعى التلف بعد الاقرار وفيه قول آخر أنه لا يقبل تفسيره بالوديعة أصلا فيلزمه الف آخر.
وهو اظهر فيما إذ قال على وفى ذمتي أو قال الف دينا) .

(11/164)


يعقب الاقرار بما ينافيه اما بالاستثناء أو غيره (والثانى) ينقسم إلى ما يرفعه أصلا والى غيره (والاول) ينقسم إلى مالا ينتظم لفظا فيلغو والى ما ينتظم فان كان مفصولا لم يقبل وان كان موصولا ففيه خلاف بالترتيب هذا عقد الباب وإذا مرت بك مسائله عرفت أن كل واحدة من أي قبيل هي (أما) الاستثناء فسيأتي حكمه فمن المسائل إذا قال لفلان على الف من ثمن خمر أو كلب أو خنزير نظر ان وقع قوله من ثمن خمر منفصلا عن قوله على الف فتلزمه الالف وان كان موصولا ففيه قولان (أحدهما) وهو اختيار المزني وأبى اسحق انه يقبل ولا يلزمه شئ لان الكل كلام واحد فيعتبر بآخره ولا يتبعض كلامه (والثانى) لا يقبل فيعتبر األه ويلغى آخره لانه وصل باقراره ما يرفع فاشبه ما إذا قال على الف لا تلزمني أو فصل قوله عن ثمن خمر عن الاقرار وبهذا قال أبو حنيفة رحمه الله فعلى هذا لو قال المقر كان ذلك من ثمن خمر وظننته لازما فله تحليف المقر له على نفيه ويجرى القولان فيما إذا وصل باقراره ما ينتظم لفظه في العادة ولكنه يبطل حكمه شرعا إذا أضاف المقر به إلى بيع فاسد كالبيع باجل مجهول وخيار مجهول أو قال تكفلت ببدن فلا شرط الخيار أو ضمنت لفلان كذا بشرط الخيار وما أشبه ذلك في كلام الائمة ذكر مأخذين لهذا الخلاف

(11/165)


(أحدهما) بناءه على القولين في تبعيض الشهادة إذا شهد لابنه واجنبي ولك أن تقول هذا لا يشبه مسألة الشهادة لان الشهادة للاجنبي والشهادة للابن أمران لاتعلق لاحدهما بالآخر وأنما قرن بينهما الشاهد لفظا والخلاف فيها شبيه بالخلاف في تفريق الصفقة وأما ههنا فالمذكور أولا مستند إلى المذكور آخرا ولكنه فاسد في نفسه مفسد للاول ولهذا لو قدم ذكر الخمر فقال لفلان على من ثمن الخمر الف لم يلزمه شئ بحال وفى الشهادة لافرق بين أن يقدم الابن أو الأجنبي ثم هب انهما متقاربان لكن ليس بناء الخلاف في الاقرار على الخلاف في الشهادة بأولى من القلب والعكس (والثانى) أنه يجوز بناء هذا الخلاف على الخلاف في حد المدعى والمدعى عليه (ان قلنا) المدعي من لو سكت تر ك فههنا لو سكت عن قوله من ثمن خمر لترك فهو باضافته إلى الخمر مدع فلا يفبل قوله ويحلف المقر له (وان قلنا) المدعى من يدعى أمرا باطنا قبل قول المقر لان الظاهر معه وهو براءة الذمة والمقر له هو الذي يدعى أمرا باطنا وهو زوال أصل البراءة ولك أن تقول لو صح هذا البناء لما افترق الحال بين أن يضيفه إلى الخمر موصولا أو مفصولا ولوجب أن يخرج التعقب بالاستثناء على هذا الخلاف وقال الامام رحمه الله بعد ذكر القولين كنت أود لو فصل بين أن يكون المقر جاهلا بان

(11/166)


ثمن الخمر لا يلزم وبين أن يكون عالما فيعذر الجاهل دون العالم لكن لم يصر إليه أحد من الاصحاب.
(ومنها) إذا قال على الف من ثمن عبد لم أقبضه إذا سلمه سلمت الالف ففيه طريقان (أحدهما) أن قبول قوله من ثمن عبد لم أقبضه على القولين السابقين وفى قول يقبل ولا يطالب بالالف الا بعد تسليم العبد وفى قول يؤاخذ بأول الاقرار ولا يحكم بثبوت الالف ثمنا وهذا ما أورده في الكتاب (وأصحهما) القطع بالقبول وثبوته ثمنا ويفارق صور القولين فان المذكور آخرا منها يرفع المقر به وههنا بخلافه وعلى هذا فلو قال على الف من ثمن عبد واقتصر عليه ثم قال مفصولا لم أقبض ذلك العبد قبل أيضا لانه علق الاقرار بالعبد والاصل فيه عدم القبض نعم لو اقتصر على قوله لفلان على الف ثم قال مفصولا هو من ثمن عبد لم اقبضه لم يقبل ولا فرق عندنا بين أن يعين العبد فيقول على الف
من ثمن هذا العبد إذا سلمه سلمت الالف وبين أن يطلق فيقول من ثمن عبد وقال أبو حنيفة رحمه الله ان عين قبل وأن اطلق للم يقبل ولزمه الالف (ومنها) لو قال على الف قضيته ففيه طريقان (أحدهما) القطع بلزوم الالف لقرب اللفظ من عدم الالتزام فان ما قضاه لا يكون عليه بخلاف قوله من ثمن الخمر فانه ربما يظن لزومه وهذا أصح عند صاحب الكتاب (وأصحهما) عند الجمهور أنه على القولين لان مثله يطلق في العرف والتقدير كان له على الف فقضيته ويجرى الطريقان فيما إذا قال لفلان على الف ابرأنى عنه ولو ادعى عليه الفا فقال قد قضيته فالمشهور ما ذكرناه في الباب الاول وهو انه اقرار وجعله أبو على البندنيجى بمثابة ما لو قال على الف قضيته (ومنها) إذا قال على الف ان شاء الله فالصحيح أنه لا يلزمه شئ لانه لم يلزم بالاقرار وقد علقه على المشيئة وهى غيب عنا وأيضا فان الاقرار اخبار عن واجب سابق والواقع لا يتعلق بالغير وعن صاحب التقريب ان من الاصحاب

(11/167)


من جعله على الخلاف فيما إذا قال من ثمن خمر لانه لو اقتصر على أول الكلام لكان اقرارا جازما ولو خرجوا طريقا آخر جازما باللزوم لكان قريبا بناء على أن تعليق السابق لا ينتظم وبهذا قال احمد.
ولو قال على الف ان شئت أو شاء فلان فالمشهور بطلان الاقرار وقال الامام رحمه الله الوجه تخريجه على القولين لانه نفي بآخر كلامه مقتضى أوله قال وليس ذلك كقوله ان شاء الله وان شاء زيد فان مثل هذا الكلام يطللق للالتزام في المستقبل ألا ترى أنه لو قال لك على كذا ان رددت عبدى الابق كان ذلك التزاما في المستقبل ولو قال على الف إذا جاء رأس الشهر أو إذا قدم فلان اطلق مطلقون أنه لا يكون اقرارا لان الشرط لا أثر له في ايجاب المال والواقع لا يعلق بالشرط وذكر الامام رحمه الله وغيره أنه على القولين لان صدر الكلام صيغة التزام والتعليق يرفع حكمه ويمكن أن يكون اطلاق من أطلق اقتصارا على الاظهر من القولين في المسألة وهذا إذا أطلق وقال قصدت التعليق أما إذا قال قصدت به كونه مؤجلا إلى رأس الشهر فسيأتي ولو قدم التعليق فقال ان جاء رأس الشهر قبل فعلى الف لم يلزمه شئ لانه لم توجد صيغة التزام جازمة نعم لو قال أردت به التأجيل برأس الشهر قبل وفى التتمة حكاية وجه أن مطلقه يحمل على التاجيل برأس الشهر وبهذا أجاب
فيما إذا أخر صيغة التعليق فقال على الف إذا جاء رأس الشهر ولم يذكر غيره فيجوز أن يعلم لذلك قوله في الكتاب لم يلزمه أصلا - بالواو - وكذا قوله في الصورة الاولى فهو على قولين أيضا ولعلك تقول ما حكيت في صورة التعليق افهمني أن ظاهر المذهب بطلان الاقرار فيما إذا قال من ثمن الخمر والخنزير ان الاصح عند العراقيين وغيرهم لزوم ما أقر به فهل من فارق (والجواب) أنه يمكن أن يقال دخول الشرط على الجملة يصير الجملة جزأ من الجملة الشرطية والجملة إذا صارت جزأ من جملة أخرى

(11/168)


تغير معناها (وقوله) من ثمن خمر أو خنزير لا يغير معنى صدر الكلام وانما هو بيان جهته فلا يلزم من أن لايبعض الاقرار عند التعليق بل يلغى تحرزا من اتخاذ جزء الجملة جملة برأسها أن لا ينبعض في الصورة الاخرى (ومنها) لو قال على الف مؤجل إلى وقت كذا نظر ان ذكر الاجل مفصولا لم يقبل وان ذكره موصولا ففيه طريقان كالطريقين فيما إذا قال ألف من ثمن عبد لم أقبضه والظاهر القبول وبه قال أحمد وإذا قلنا لا يقبل فالقول قول المقر له مع يمينه في نفى الاجل وبه قال أبو حنيفة رحمه الله واعلم لذلك (قوله) في الكتاب لا يطالب في الحال بالحاء قال الامام وموضع الطريقين ما إذا كان الدين المقر به مطلقا أو مستندا إلى سبب وهو بحيث يتعجل ويتأجل (أما) إذا استند إلى جهة لاتقبل التأجيل كما إذا قال ألف أقرضنيه مؤجلا فيلغو ذكر الاجل بلا خلاف وان أسند إلى جهة يلازمها التأجيل كالدية المضروبة على العاقلة فان ذكر ذلك في صدر إقراره بان قال قتل ابن عمى فلانا خطأ ولزمني من دية ذلك القتل كذا مؤجلا إلى سنة انتهاؤها كذا فهو مقبول لا محالة وان قال علي كذا م جهة تحمل العقل مؤجلا إلى وقت كذا فطريقان (أحدهما) القطع بالقبول لانه كذلك يثبت (والثانى) أنه على القولين والطريق الاول هو المذكور في الكتاب لكن الثاني أظهر لان أول كلامه ملزم لو اقتصر عليه وهو في الاسناد إلى تلك الجهة مدع كما في التأجيل.
(فرع) لو قال بعتك أمس كذا فلم تقبل فقال قد قبلت فهو على قولى تبعيض الاقرار ان بعضناه فهو مصدق بيمينه في قوله قبلت وكذا الحكم فيما إذا قال لعبده أعتقتك على ألف فلم تقبل ولامرأته خالعتك على الف فلم تقبلي وقالا قبلنا.
(فرع) إذا قال إنى الآن بما ليس على لفلان على الف أو ما طلقت امرأتي ولكن أقر بطلاقها فأقول طلقتها عن الشيخ أبى عاصم أنه لا يصح اقراره وقال صاحب التتمة الصحيح انه كما قال على الف لا يلزمني لفلان ولو قال على الف وزعم أنه وديعة فاما أن يذكر ذلك منفصلا أو متصلا (الحالة الاولى) وهى المذكورة في الكتاب أن يذكره منفصلا فان اتى بألف بعد اقراره وقال أردت هذا وهو وديعة عندي فقال المقر له هو وديعة ولى عليك الف آخر دينا وهو الذى

(11/169)


أردته باقرارك ففيه قولان (أحدهما) وبه قال أبو حنيفة رحمه الله وأحمد أن القول قول المقر له فما أتى به وديعة وعليه الف دينا لان كلمة علي تقتضي الثبوت في الذمة ولهذا ولو قال على ما على فلان كان ضامنا والوديعة لا تثبت في الذمة فلا يجوز التفسير بها (وأصحهما) أن القول قول المقر مع يمينه لان الوديعة يجب حفظها والتخلية بينها وبين المالك فلعله أراد بكلمة على الاخبار عن هذا الواجب ويحتمل أيضا أنه تعدى فيها حتى صارت مضمونة عليه فلذلك قال هي على وأيضا فقد تستعمل على بمعنى عندي وفسر بذلك قوله تعالى مخبرا (ولهم على ذنب) وحكى الامام طريقة قاطعة بالقول الثاني والمشهور اثبات القولين وقد نسبهما الشيخ أبو حامد إلى نصه في الام ولو كان قد قال على الف في ذمتي أو ألف دينا ثم جاء بألف وفسر كما ذكرنا فان لم تقبل في الصورة الاولى فههنا أولى وان قبلنا هناك فوجهان (أحدهما) يقبل لجواز أن يريد الالف في ذمته ان تلفت الوديعة لانى تعديت فيها (وأصحهما) أنه لا يقبل والقول قول المقر له مع يمينه لان العين لا تثبت في الذمة (وقوله) في الكتاب تفريعا على قبول التفسير بالوديعة فلا يقبل قوله في سقوط الضمان لو ادعى التلف أراد به ما ذكره الامام من أن الاصحاب قالوا الالف مضمون وليس بأمانة لان قوله على يتضمن الالزام فلو ادعى تلف الالف الذى زعم أنه وديعة لم يسقط الضمان عنه ولو ادعى رده لم يصدق لانه ضامن وانما يصدق المؤمن والمفهوم من هذا الكلام أنه لا يصدق في دعوى تلفه بعد الاقرار أو رده لكن فيه إشكال توجيها ونقلا أما التوجيه فان كلمة على يجوز أن يريد بها صيرورتها مضمونة عليه لتعديه ويجوز أن يريد بها وجوب الحفظ والتخلية ويجوز أن يريد بها عندي كما سبق وهذان المعنيان لا
ينافيان الامانة وأما النقل فلان قضية ايراد غيرهما أنه ان ادعى أنه تلف أو رده قبل الاقرار لم يصدق لان التالف والمردود لا يكون عليه بمعنى من المعاني فان ادعى التلف بعد الاقرار فيصدق وقد صرح به صاحب الشامل في موضعين من الباب (الحالة الثانية) أن يذكره على الاتصال فيقول لفلان على الف وديعة وتأويل كلامه على ما مر وعن الشيخ أبى اسحق أنه على القولين فيما لو قال على

(11/170)


الف قضيته وهو متوجه تفريعا على عدم القبول حالة الانفصال (وإذا قلنا) القبول فإذا أتى بألف وقال هذا هو فبع به وان لم يأت بشئ وادعى التلف أو الرد ففى القبول وجهان بناهما في التهذيب على تأويل كلمة على ان حملناها على وجوب الحفظ قبل وهو الاصح وان حملناها على صيرورته مضمونا عليه فلا يحوز ان يثبت في الحالة الاولى مثل هذا الخلاف نظرا إلى المعنيين ولو قال معى أو عندي الف فهو محتمل للامانة مصدق في قوله انه كان وديعة وفى دعوى التلف والرد ولو قال له عندي الف درهم مضاربة دينا أو وديعة دينا فهو مضمون عليه ولا يقبل قوله في دعوى التلف والرد نص عليه ووجهوه بان كونه دينار عبارة عن كونه مضومنا فان قال أردت به أنه دفعه إلى مضاربة أو وديعة بشرط الضمان لم يقبل قوله لان شرط الضمان في الامانة لا يوجب الضمان هذا إذا فسر منفصلا وان فسره متصلا ففيه قولا تبعيض الاقرار ولو قال عندي الف عارية فهى مضمونة عليه صححنا اعارة الدارهم أو أفسدناها لان الفاسد كالصحيح في الضمان ولو قال دفع إلى الفا ثم فسره بوديعة وزعم تلفها في يده صدق بيمينه وكذا لو قال أخذت منه الفا وقال أبو حنيفة رحمه الله إذ قال اخذت منه الفا ثم فسره بوديعة وقال المأخوذ منه بل غصبته فالقول قول المقر له لان الاخذ منه قد لا يكون برضاه ودفعه يكون برضاه وعن القفال انه قال المذهب عندي انه يفرق بين اللفظين كما قال أبو حنيفة رحمه الله ولو ذكره على الاتصال فقال أخذت من فلان الفا وديعة فعند أبى حنيفة لا يقبل وعلى ما ذكره القفال يجئ فيه القولان في تبعيض الاقرار وظاهر المذهب لا يخفى.
قال (الثالثة إذا قال هذه الدار لك عارية قبل لان الاضافة باللام تحتمل العارية إذا وصل به.
وقيل وفيه قولان.
ولو قال هي لك هبة ثم قال أردت هبة قبل القبض قبل أيضا ولو قال وهبت وأقبضت.
أو رهنت أو قبضت ثم قال كذبت لم يقبل.
ولو قال ظنت أن القبض بالقول قبض.
أو شهدت على الصك على العادة.
وهل تقبل دعواه ليحلف الخصم فيه خلاف.
ولو أقر ثم قال لقنت بالعربية وهو عجمى لا يفهم قبل دعواه بالتحليف) .

(11/171)


الفصل يشتمل على ثلاث مسائل (احدها) إذا قال هذه الدار لك عارية فهو اقرار بالاعارة وله الرجوع عنها وقال صاحب القريب هي لك اقرار بالمالك لو اقتصر عليه وذكر العارية معه ينافيه فيكون على القولين في تبعيض الاقرار واجابوا عنه الاضافة باللام تقتضي الاختصاص بالملك أو غيره فان تجردت وامكن الحمل على الملك حمل عليه لانه اظهر وجوه الاختصاص وان وصل بها وذكر وجها آخر من الاختصاص أو لم يمكن الحمل على الملك كقولنا الجل للفرس حمل عليه ولو قال هذه الدار لك هبة عارية باضافة الهبة إلى العارية أو هبة سكني فهو كما لو قال لك عارية بلا فرق (الثانية) الاقرار بالهبة لا يتضمن الاقرار بالقبض على المشهور وفى الشامل ذكر خلاف في المسالة إذا كانت العين في يد الموهوب منه وقال اقبضتني ولو قال وهبته وخرجت منه إليه فقد مر ان الظاهر انه ليس باقرار بالقبض ايضا وكذا لو قال وهبت منه وملكها قاله في التهذيب اما إذا اقر بالقبض مع الهبة فقال وهبت واقبضت أو سلمته منه أو حازه منى لزمه الاقرار فلو عاد وانكر القبض وذكر لاقراره تأويلا أو لم يذكره فهو كما ذكرنا في الرهن إذا قال رهنت واقبضته ثم عاد وانكر المذكور في الرهن انه له تحليفه وقيل لا يحلفه الا ان يذكر للاقرار تأويلا (وقوله) في الكتاب أو رهنت واقبضت كالمكرر لانه اورده ثم الا انه اورد الخلاف ههنا فيما إذا ذكر لاقراره تاريلا وهناك اجاب بالاصح وهو انه يحلف ولو اقر ببيع أو هبة وقبض ثم قال كان ذلك فاسدا واقررت لظنى الصحة لم يصدق لكن له تحليف المقر له فان نكل حلف المقر وحكم ببطلان البيع والهبة ولو اقر باتلاف مال على انسان واشهد عليه ثم قال كنت عازما على الاتلاف فقدمت الاشهاد على الاتلاف لم يلتفت إليه بحال بخلاف مالو اشهد على نفسه ثم قال
كنت عازما على ان استقرض منه فقدمت الاشهاد على الاستقراض لان هذا معتاد وذلك غير معتاد (الثالث) اقرار اهل كل لغة بلغتهم إذا عرفوها صحيحة فلو اقر عجمى بالعربية أو بالعكس وقال لم افهم معناه ولكن لقنته فتلقنته صدق بيمينه ان كان ممن يجوز ان لا يعرفه وكذلك الحكم في جميع العقود والحلول وكذا لو اقر ثم قال كنت يوم الاقرار صغيرا وهو محتمل صدق بيمينه إذ

(11/172)


الاصل الصغر وكذلك لو قال كنت مجنونا وقد عهد له جنون ولو قال كنت مكرها وثم امارات الاكراه من حبس أو توكيل فكذلك وان لم تكن امارة لم يقبل قوله والامارة انما تثبت باقرار المقر له أو بالبينة وانما تؤثر إذا كان الاقرار لمن ظهر منه الحبس والتوكيل اما إذا كان في حبس زيد لم يقدح ذلك في الاقرار لعمرو ولو شهد الشهود على إقراره وتعرضوا لبلوغه وصحة عقله واختياره فادعي المقر خلافه لم يقبل لما فيه من تكذيب الشهود ولا يشترط في الشهادة التعرض للبلوغ والعقل والطواعية والحرية الرشد ويكتفي بان الظاهر وقوع الشهادة على الاقرار الصحيح وفى مجهول الحرية قول انه يشترط التعرض للحرية وخرج منه اشتراط التعرض لسائر الشروط والمذهب الاول قال الائمة وما يكتب في الوثائق انه اقرطائعا مع صحة عقله وبلوغه احتياط ولا تقيد به شهادة الاقرار لكون طائعا واقام الشهود عليه بينة على كونه مكرها قدم بينة الاكراه ولا تقبل الشهادة على الاكراه مطلقا بل لابد من التفصيل (وقوله) في الكتاب في مسالة التلقين تقبل دعواه التحليف انما قيد اللفظ فيما لا يصدق فيه الشخص لكنه يحلف فيه الخصم وههنا هو مصدق على ما بينا.
قال (الرابعة إذا قال الدار لزيد بل لعمرو وسلم إلى زيد ويغرم لعمرو في اقيس القولين.
ولو قال غصبتها من زيد وملكها لعمروا ويبرا بالتسليم إلى زيد فلعله مرتهن أو مستاجر) .
فيها مسالتان (احداهما) إذا قال غصبت هذه الدار من زيد لابل من عمرو أو قال غصبت هذه الدار من زيد وغصبها زيد من عمرو أو قال هذه الدار لزيد لابل لعمرو فئسلم الدار لزيد وهل يغرم المقر قيمتها لعمرو فيه قولان منصوصان (احدهما) وهو الذى نقله في المختصر في الصورة الاولى انه لا يغرم لانه اعترف للثاني بما يدعيه وانما منع الحكم من قبوله وايضا فان الاقرار الثاني صادف ملك الغير فلا يلزمه شئ كما لو اقر لعمرو
بالدار التى هي في يد زيد لعمرو (والثانى) انه يغرم وبه قال احمد لانه حال عمرو وبين داره باقراه الاول والحيلولة تثبت الضمان بالاتلاف الا ترى انه لو غصبت عبدا فابق من يده ضمنه وهذا اصح عند الاكثرين وفى الصورة الثالثة طريقة قاطعة بانه يجب الغرم مذكورة في التهذيب والتتمة موجهة بانه لم يقر بجناية في ملك الغير بخلاف الصورتين الاولتين فانه اقر فيهما بالغصب فضمن لذلك وقال أبو حنيفة رحمه

(11/173)


الله إذا قال غصبت هذه الدار من فلان بل من فلان غرم للثاني ولو قال هذه لفلان بل لفلان لا يغرم للثاني فيجوز ان يعلم لذلك (قوله) في الكتاب ويغرم لعمرو بالحاء ويجوز ان يعلم (قوله) على اقيس القولين بالواو اشارة إلى الطريقة القاطعة بنفي الغرم واختلفوا في الموضع القولين حيث ثبتنا فقال قائلون هما مخصومان بما إذا انتزعها الحاكم من يد المقر وسلمها إلى زيد فاما إذا سلمها إلى زيد بنفسه غرمها لعمرو بلا خلاف وقال آخرون يجريان في الحالين لان سبب انتزاع القاضي ايضا اقراره ولو باع عينا واقبضها واستوفى الثمن ثم قال كنت قد بعته من فلان أو غصبته لم يقبل قوله على المشترى وفى غرامته القيمة للمقر له طريقان (احدهما) انه على القولين (اصحهما) عند صاحب التهذيب ورواه الماسرخسى عن ابن ابى هريرة القطع بانه يغرم لتفويته عليه بتصرفه وتسليمه لانه استوفى عوضه وللعوض مدخل في الضمان الا ترى انه لو غر بحرية امة فنكحها واحبلها ثم اجهضت بجناية جان يرغم المثرر المغرور الجنين لمالك الجارية لانه ياخذ الغرة ولو سقط ميتا من غير جناية لا يغرم وينبنى على هذا الخلاف ان المدعى العين المبيعة هل له دعوى القيمة عللى البائع مع بقاء العين في يد المشترى (ان قلنا) لو اقر يغرمه القيمة فله دعواها والا فلا ولو كان في يد انسان عين فانتزعهاا منه مدع بيمينه بعد نكول صاحب اليد ثم جاء آخر يدعيها هل له طلب القيمة من الاول (ان قلنا) النكول ورد اليمين كالبينة فلا كما لو كان الانتزاع بالبينة وان جعلناهها كلاقرار ففى سماع دعوى الثاني عليه القيمة الخلاف (الثانية) إذا قال غضبت هذه الدار من زيد وملكها لعمرو سلمت الدار إلى زيد لانه اعترف له باليد (والظاهر) كونه حقاا فيها ثم الخصومة في الدار تكون بين زيد وعمرو ولاتقبل شهادة المقر لعمرو لانه غاصب وفى غرامته لعمرو طريقان (احدهما) انه على القولين فيما إذا قال غصبتها من زيد المقر لا
بل من عمرو واختاره في التهذيب (واصحهما) القطع بانه لا يرغم لان الاقرارين هناك متنافين والاقرار الاول مانع من الحكم بالثاني وههنا لا منافاة لجواز ان يكون الملك لعمر وتكون في يد زيد باجارة أو رهن أو وصية بالمنافع فيكون الآخذ منه غاصبا منه ولو اخر ذكر الغصب فقال هذه الدار ملكها لعمرو وغصبتها من زيد فوجهان (اظهرهما) ان الحكم كما في الصورة الاولى لعدم التنافى

(11/174)


فتسلم إلى زيد ولا يغرم لعمرو (والثانى) انه إذا اقر بالملك اولا لم يقبل إقراره باليد لغيره فتسلم إلى عمرو وفى الغرم لزيد القولان هكذا اطلقوه وفيه مباحثة لانا إذا غرمنا المقر في الصورة السابقة للثاني فانا نغرمه القيمة لانه اقر بالملك وههنا جعلناه مقرا باليد دون الملك فلا وجه لتغريمه القيمة بل القياس ان يسأل عن يد اكانت باجارة أو برهن أو غيرهما فان اسندهها إلى الاجارة غرم قيمة المنفعة وان اسندها إلى الرهن غرم قيمة المرهون ليتوثق به في دينه وكانه اتلف المرهون ثم ان وفى الدين من موضع آخر فترد القيمة عليه (وقوله) في الكتاب يبرأ بالتسليم إلى زيد يجوز اعلامه بالواو لانه اراد البراءة عن الغرم لعمرو على ما هو بين في الوسيط وقد عرفت الخلاف فيه.
(فرع) إذا قال غصببت هذه العين من احدكما فيطالب بالتعيين فانه عين احدهما سلمت إليه وهل للثاني تحليفه ينبنى على انه لو اقر للثاني هل يغرم له القيمة (ان قلنا) لا فلا (وان قلنا) نعم فنعم لانه ربما يقر له إذا عرضت اليمين عليه فيغرم فعلى هذا ان نكل ردت اليمين على الثاني وإذا حلف فليس له الا القيمة ومنهم من قال (ان قلنا) النكول ورد اليمين كالاقرار منن المدعى عليهه فالجواب كذلك اماا إذا قلنا كالبينة فتنتزع الدار من الاول وتسلم إلى الثاني ولا غرم عليهه للاول وعلى هذا فله التحليف (وان قلنا) لا يرغم القيمة لو اقر للثاني طمعا في ان ينكل فيحلف المدعى وياخذذ العين وان قال المقر لا ادرى من ايكما غصبت واصر عليه فان صدقاه فالعين موقوفة بينهما حتى يتبين المالك أو يصطلحا وكذا ان كذباه وحلف لهما على نفى العلم هذا ظاهر المذهب في الفرع وللشيخ ابى على فيه تطويل في شرح الفروع لكنه لم يتنقح لى تنقيح كلامه فتركته.
قال (الخامسة إذا استثنى عن الاقرار مالا يستغرق صح كقوله على عشرة الا تسعة يلزمهه واحد.
ولو قال عشرة الا تسعة الا ثمانية يلزمه تسعة لان الاستثناء من النفى اثبات كما انه منن الاثبات نفى) .
الكلام من هذا الموضع إلى آخر الباب في الاستثناء وهو جائز في الاقرار والطلاق وغيرهما بشرط ان يكون متصلا ولا يكون متفرقا فان سكت بعد الاقرار طويلا أو تكلم بكلام اجنبي عما هو فيهه ثم استثنى لم ينفع الاستثناء ولو استغرق فقال عشرة الا عشرة فعليه العشرة

(11/175)


لان هذا الاستثناء غير منتظم في البيان ولو قال على عشرة الا تسعة أو سواء واحد صح الاستثناء ولزمه في الصورة الاولى درهم وفى الثانية تسعة ولا فرق بين استثناء الاقل من الاكثر وبين عكسه وعن احمد انه لا يجوز استثناء الاكثر من الاقل (فقوله) في الكتاب يلزمه واحد يصح اعلامه بالالف لذلك ويصح اعلامه بالميم لان في التتمة ان مالكا لا يصح عنده استثناء الآحاد من العشرات ولا المئين من الالوف وانما يصح استثناء العشرات من المئين والالوف وفى الذخيرة للبندنيجى ان مالكا لا يصحح الاستثناء في الاقرار اصلا ثم الاستثناء من الاثبات نفى ومن النفى اثبات لانه مشتق من الثنى وهو الصرف انما يكون من الاثبات إلى النفى وبالعكس فلو قال عشرة الا تسعة الا ثمانية فعليه تسعة المعنى الا تسعة لا يلزم الا ثمانية فتلزم فتكون الثمانية والواحد الباقي من العشرة والطريق فيه وفى نظائره ان يجمع كل ما هو اثبات وكل ما هو نفى فيسقط المنفى من المثبت فيكون الباقي هو الواجب فالعشرة في الصورة المذكورة والثمانية مثبتتان يجمعهما وبسقط التسعة المنفية من المجموع يبقى تسعة ولو قال عشرة الا تسعة الا ثمانية الا سبعة وهكذا إلى الواحد فعليه خمسة لان الاعداد المثبتة ثلاثون والمنفية خمسة وعشرون قال الامام وطريق تمييز المثبتات من المنفيات ان ينظر إلى العدد المذكور اولا فان كان شفعا فالاوتار منفية والاشفاع مثبتة وان كان وترا فالعكس ولهذا شرط وهو ان تكون الاعداد المذكورة على التوالى الطبيعي أو يتلو كل شفع منها وترا وبالعكس ولو قال ليس لفلان على شئ الا خمسة فعليه خمسة ولو قال ليس له على عشرة الا خمسة لم يلزمه شئ عند الاكثرين لان عشرة الا خمسة خمسة فكأنه قال ليس على خمسة وفى النهاية وجه آخر انه يلزمه خمسة بناء على ان الاستثناء من النفى اثبات ولو اتى باستثناء بعد
استثناء والثانى مستغرق صح الاول وبطل الثاني مثاله قال على عشرة الا خمسة الا عشرة أو عشرة الا خمسة الا خمسة يلزمه خمسة وان كان الاول مستغرقا كقوله عشرة الا عشرة الااربعة فيه ثلاثة اوجه (احدها) يلزمه عشرة ويبطل الاستثناء الاول لاستغراقه والثانى يلزمه اربعة ويصح الاستثناء آن لان الكلام انما يتم بآخره وآخره يخرج الاول عن كونه مستغرقا ويصيره كانه استثنى من

(11/176)


اول الكلام ستة قال في الشامل وهذا اقيس (والثالث) يلزمه ستة لان الاستثناء الاول باطل لاستغراقه فيكون وجوده كعدمه ويرجع الاستثناء إلى اول الكلام ولو قال على عشرة الا عشرة الا خمسة فعلى الوجه الاول يلزمه عشرة وعلى الاخيرين خمسة هذا إذا لم يكن في الاستثناء عطف اما إذا قال عشرة الا خمسة والا ثلاثة أو على عشرة الا خمسة وثلاثة فهما جمعا مستثنيان من العشرة ولا يلزمه الا درهمان فان كان العدد ان بحيث لو جمعا حصل الاستغارق كما إذا قال على عشرة الا سبعة وثلاثة فيلزمه عشر لان الواو تجمعهما وتوجب الاستغراق أو يخص الثاني بالبطلان لان الاول صح استثناؤه والثانى مثل العدد الباقي فهو المستغرق فيه وجهان قال الشيخ أبو على (اصحهما) الثاني وراى ان يفرق بين قوله عشرة الا سبعة وثلاثة وبين قوله عشرة الا سبعة الا ثلاثة فيقطع في الصورة الثانية بالبطلان لانهما استثنا آن مستقلان فيحصل من ذلك وجه ثالث فارق ومهما كان في المستثنى والمستثنى منه عدد ان معطوف احدهما على الاخر ففى الجمع بينهما وجهان كما الصورة السابقة اصحهما ويحكى عن نصه في الطلاق وبه اجاب ابن الحداد والاكثرون انه لا يجمع لان الوالو العاطفة وان اقتضت الجمع لكنها لا تخرج الكلام عن كونه ذا جملتين من جهة اللفظ والاستثناء ويدور على اللفظ مثاله إذا قال على درهمان ودرهم الا درهمان ان لم يجمعه لزمه ثلاثة لانه استثنى درهمان من درهم وان جمعنا لزمه درهم فكان الاستثناء مستغرقا ولو قال ثلاثة الا درهما ودرهمين فان لم نجمع لزمه درهمان وان جمعتا فثلاثة ولو قال درهم فدرهم ودرهم الا درهما ودرهما ودرهما لزمه

(11/177)


ثلاثة على الوجهين لاناا ان جمعنا جمعنا من الطرفين وان لم نجمع كان مستثنيا درهما من درهم وحكم
هذه الصورة في الطلاق كحكمها في الاقرار وقد ذكر صاحب الكتاب اكثرها في الطلاق ولو قال على عشرة الا خمسة أو ستة قال في التتمة يلزمه اربعة لان الدرهم الزائد مشكوك فيه فصار كما لو قال خمسة أو ستة يلزمه الا خمسة ويمكن ان يقال يلزمه خمسة لانه اثبت العشرة واستثنى منه خمسة واستثنى درهم زاد مشكوك فيه فلو قال على درهم غير دانق فقضية النحو وبه قال بعض الاصحاب انه ان نصب غير فعليه خمسة دوانيق لانه استثناء والا فعليه درهم تمام إذ المعنى عليه درهم لاداقنق وقال الاكثرون السابق إلى فهم اهل العرف منه الاستثناء فيحمل عليه وان أخطأ في الاعراب والله اعلم.
قال (السادسة الاستثناء من غير الجنس صحيح كقوله على الف درهم لاوب معناه قيمة ثوب.
ثم ليفسر بما ينقص قيمته عن الالف.
فلو استغرق بطل تفسيره في وجه.
واصل استثناؤه في وجه) .
الاستثناء من غير جنس صحيح كما إذا قال على الف درهم الا ثوبا أو عبدا وقال مالك وابو حنيفة لا يصح الا المكيل والموزون والمعدود ويستثنى بعضها من بعض مع اختلاف الجنس وقال احمد لا يصح ذلك بحال وحجة المذهب مشهورة في الاصول ثم عليه ان يبين ثوبا وتستغرق قيمته الالف فان استغرق فالتفسير لغو وفى الاستثناء وجهان (احدهما) انه لا يبطل لانه صحيح من حيث اللفظ وانما الخلل

(11/178)


فيما فسر به اللفظ فيقال له هذا التفسير غير صحيح ففسره صحيح (والثانى) انه يبطل الاستثناء ويلزمه الالف لانه بين ما اراد باللفظ فكأنه تلفظ به والوجه الاول اصح عند صاحب التهذيب وقال الامام وغيره الثاني اصح وهو الاشبه ويصح استثناء المجمل من المجمل والمجمل من المفضل وبالعكس فالاول كما إذا قال الف الا شيئا فيبين جنس الالف أو لا ثم يفسر الشئ بما لا يستغرق الالف من الجنس الذى بينه المفسر به (والثانى) كما إذا قال شئ الا درهما يفسر الشئ بما يزيد على الدرهم وان قل وكذا لو قال الف الا درهما ولا يلزمه من استثناء الدرهم ان يكون الالف درهم ومهما بطل التفسير هذا الصورة ففى بطلان الاستثناء الوجهان وان اتفق اللفظ في المستثني والمستثني منه
كما إذا قال على شئ الا شيئا أو مال الا مالا فقد حكي الامام الامام عن القاضى وجهين (احدهما) انه يبطل الاستثناء كما لو قال على عشرة الا عشرة (والثانى) لا يبطل لوقوعه على القليل والكثير فلا يمتنع حمل الثاني على اقل ما يتمول وحمل الاول على الزائد على اقل ما يتمول قال وفى هذا التردد غفلة لانا ان الغينا استثناءه اكتفينا باقل ما يتمول وان صححناه الزمناه ايضا اقل ما يتمول فيتفق الجوابان ويمكن ان يقال حاصل الواجب لا يختلف لكن التردد غير خال عن الفائدة فانما إذا ابطلنا الاستثناء لم نطالبه الا بتفسير اللفظ الاول وان نبطله طالباه بتفسيرهما وله آثار في الامتناع من التفسير وكون التفسير الثاني التفسر الثاني صالح للاستثناء الاول وما وما اشبه ذلك.
قال (السابعة الاستثناء عن العين صحيح كقوله هذه الدار لفلان الا ذلك البيت.
والخاتم

(11/179)


الا الفص.
وهؤلاء العبيد الا واحدا.
ثم له التعيين.
فان ماتوا الا واحدا فقال هو المستثني قبل.
وقيل فيه قولان) .
صحته من المطلقان كما إذا قال هذه الدار لفلان الا هذا البيت وهذا القميص الا كميه وهذه الدراهم الا هذا الواحد وهذا القطيع الا هذه الشاة ونظائره وفيه وجه انه لا يصح لان الاستثناء المعتاد هو الاستثناء من الاعداد المطلقة واما المعينات فالاستثناء فيها غير معهود ولانه إذا اقر بالمعين كان ناصا على ثبوت الملك فيه فيكون الاستثناء بعده رجوعا والاول ظاهر المذهب وقد نص عليه في بعض الصور المذكورة واقتصر فب الكتاب ههنا على ما هو الظاهر لكنه قال في الطلاق لو قال اربعتكن طوالق الا ثلاثة لم يصح هذا الاستثناء عند القاضى الحسين كما لو قال هؤلاء الا عبد الاربعة لفلان إلا هذا الواحد لم يصح لان الاستثناء في المعين لا يعتاد وأجاب بعدم الصحة من غير ذكر الخلاف والكلام في مسألة الطلاق يأتي في موضعه ولو قال هؤلاء العبيد لفلان الا واحدا فالمستثنى منه معين والمستثنى غير معين وهو الصحيح إذا جوزنا الاستثناء من المعين والرجوع إليه في غير المعين فان ماتوا إلا واحدا فقال هو الذى أردته بالاستثناء قبل قوله مع يمينه لانه محتمل وفيه وجه أنه لا يقبل للتهمة وندرة مثل مثل هذا الاتفاق وهو ضعيف باجماع من نقله (وقوله) في الكتاب قبل وقيل فيه قولان يقتضى أولا أن
يكون الخلاف قولا وثانيا إثبات طريقين طريقة جازمة وطريقة خلافية وفيهما نظر من جهة النقل ولو قال غصبتهم إلا واحدا فماتوا الا واحدا فقال هو المستثنى قبل بلا خلاف لان أثر الاقرار ينفى

(11/180)


في الضمان وكذا لو قتلوا في الصورة الاولى الا واحدا لان حقه يثبت في القيمة فلو قال هذه الدار لفلان وهذا البيت منها لى أو هذا الخاتم لفلان وفصه لى قبل لانه اخراج بعض مما يتناوله اللفظ فكان كالاستثناء وقد فرغنا من شرح أبواب الكتاب سوى الاخير ونذكر قبل الشروع فيه مسائل وفروع بقيت علينا مما يورد تعدد في الاقرار وان كان بعضها أجبنا عنه (منها) جارية في يد انسان جاء غيره وقال بعتك هذه الجارية بكذا أو سلمتها اليك فأد الثمن وقال من في يده بل زوجتنيها على صداق كذا وهو على فاما أن يجرى هذا التنازع وصاحب اليد لم يولدها أو يجرى بعد أن أولدها (فاما) في الحالة الاولى فيحلف كل واحد منهما على نفي ما يدعيه الآخر فان حلفا سقط دعوى الثمن والنكاح ولا مهر سواء دخل بها صاحب اليد أو لم يدخل لانه وان أقر بالمهر لمن كان مالكا فهو منكر له وتعود الجارية إلى المالك ثم أحد الوجهين أنها تعود إليه كما يعود المبيع إلى البائع كما لافلاس المشتري بالثمن (والثانى) أنها تعود بجهة أنها لصاحب اليد بزعمه وهو يستحق الثمن عليه فقد ظفر بغير جنس حقه من ماله فعلى هذا يبيعها ويستوفى ثمنها فان فضل شئ فهو لصاحب اليد ولا يحل له وطؤها وعلى الاول يحل له وطؤها والتصرف فيها ولا بد من التلفظ بالفسخ وان حلف أحدهما دون الآخر نظر ان حلف مدعى الثمن على نفى التزويج ونكل صاحب اليد عن اليمين على نفى الشراء حلف المدعى اليمين المردودة على المشتري ووجب الثمن وان حلف صاحب اليد على نفى الشراء ونكل الآخر على نفى التزويج حلف صاحب اليد المردودة على النكاح وحكم له بالنكاح وبان رقبتها للآخر ثم لو ارتفع النكاح بطلاق أو

(11/181)


غيره حلت للسيد في الظاهر وكذا في الباطن ان كان كاذبا وعن القاضى الحسين أنه إذا نكل أحدهما عن اليمين المعروضة عليه اكتفى من الثاني بيمين واحدة يجمع فيها بين النفى والاثبات والمذهب الاول (الحالة الثانية) إذا كان قد أولدها صاحب اليد فالولد حر والجارية أم ولد باعتراف المالك القديم
وهو يدعى الثمن فيحلف صاحب اليد على نفيه فان حلف على نفى الشراء لسقط عنه الثمن المدعى وهل يرجع المالك عليه بشئ فيه وجهان (أحدهما) أنه يرجع بأقل الامرين من الثمن أو المهر لانه يدعي الثمن وصاحب اليد مقر له بالمهر فالاقل منهما متفق عليه (والثانى) لا يرجع بشئ لان صاحب اليد أسقط الثمن عن نفسه بيمينه والمهر الذى يقر به لا يدعيه الآخر ولا يتمكن من المطالبة به وهل لصاحب اليد تحليف المالك على نفى الزوجية بعد ما حلف على نفى الشراء فيه وجهان (أحدهما) لا لانه لو ادعى ملكها وتزويجها يعد اعترافه بأنها أم ولد لآخر لم يقبل فكيف يحلف على ما لو أقر به لم يقبل (والثانى) نعم طمعا في أن ينكل فيحلف ويثبت له بالنكاح فلو نكل صاحب اليد عن اليمين على نفى الشراء حلف المالك القديم المردودة واستحق الثمن وعلى كل حال فالجارية مقررة في يد صاحب اليد فانها أم ولده أو زوجته وله وطؤها في الباطن وفى الظاهر وجهان (أحدهما) الحل ووجه المنع أنه لا يدري أنه يطأ زوجته أو أمته اعتذر الامام عن هذا النص فقال ليس المنع في هذه الصورة لاختلاف الجهة بل لان الملك في زمن الخيار للمشترى على قول وإذا ثبت الملك انفسخ النكاح والملك الثابت ضعيف لا يقيد حل الوطئ ونفقتها

(11/182)


على صاحب اليد إن جوزنا له الوطئ وإلا فوجهان ذكرهما أبو إسحق (احدهما) أنه على المالك القديم لانها كانت عليه فلا يقبل قوله في سقوطها وإن قبل هما عليه وهو زوال الملك وزوال الاستيلاد (وأصحهما) أنها في كسب الجارية ولا يكلف بها المالك القديم كما لا يكلف بنفقة الولد وان كانت حريته مستفادة من قوله أيضا فعلى هذا لو لم يكن لها كسب كانت من محاويج المسلمين ولو ماتت الجارية قبل موت المستولد ماتت رقيقة وللمالك القديم اخذ الثمن مما تركته من اكتسابها لان المستولد يقول انها باسرها له وهو يقول انها للمستولدة وله عليه الثمن فيأخذ حقه منها والفاضل موقوف لا يدعيه أحد وإن ماتت بعد موت المستولد ماتت حرة وما لها لوارثها النسيب فان لم يكن فهو موقوف لان الولاء لا يدعيه واحد منهما وليس للمالك القديم أخذ الثمن من تركتها لان الثمن بزعمه على المستولدة وهى قد عتقت فلا يؤدى دينه بما جمعته بعد
الحرية هذا كله فيما إذا أصرا على كلاهما أما إذا رجع المالك القديم وصدق صاحب اليد لم يقبل في حرية الولد وثبوت الاستيلاد ويكون اكتسابها له مادام المستولد حيا فإذا مات عتقت وكان اكتسابها له ولو رجع المستولد وصدق المالك القديم لزمه الثمن وكان ولاؤها له (ومنها) اقرار الورثة على الميت بالدين والعين مقبول كاقراره ولو اقر بعض الورثة عليه بدين وانكر البعض فقولان القديم وبه قال أبو حنيفة رحمه الله ان على المقر أيضا جميع الدين من نصيبه من التركة إن كان وافيا والاصرف جميع نصيبه إليه لان الدين مقدم على الميراث فإذا أقر بدين على الميت لا يحل له شئ

(11/183)


من التركة ما بقى شئ من الدين ويحكى هذا عن ابن سريج واختاره القاضى الرويانى والجديد أنه لا يلزمه من الدين الا نسبة نصيبه من التركة لان الوارث لايقر بالدين على نفسه وانما يقر على الميت بحكم الخلافة عنه وأيضا فان أحد الشريكين في العبد المشترك إذا أقر بجناية لم تلزمه الا بحصته فكذلك ههنا وقال بعض المتلقين عن الشيخ ابن عاصم يجب القطع بأن على المقر توفية جميع الدين مما في يده عند الامكان فان المقر في نصيبه لا يتقاعد عن الأجنبي في جملة التركة ولو أقر أجنبي بدين في التركة يستغرقها لزمه اقراره حتى لو وقعت التركة يوما من الدهر الزم بصرفها إلى ذلك الدين والقولان محمولان على أن باقراره ثبت جميع الدين على الميت تبعا لثوبته على المقر أم لا يثبت الا حصته وفائدته التقدم على الوصية فعلى قول يتقدم جميع الدين المقر به على الوصايا وعلى قول حصته والمشهور الاول (وإذا قلنا) بالجديد فلو مات المنكر ووارثه المقر فهل نلزمه جميع لنقر به الآن فيه وجهان (أصحهما) نعم لحصول جميع التركة في يده ويتفرع على القولين فرعان (أحدهما) لو شهد بعض الورثة بدين على المورث (ان قلنا) لا يلزمه بالاقرار الا حصته تقبل (وان قلنا) الجميع لم تقبل لانه متهم باسقاط بعض الدين عن نفسه ولا فرق بين أن تكون الشهادة بعد الاقرار أو قبله لانه متهم بالعدول من طريق الاقرار إلى طريق الشهادة وعليه اظهار ما على مورثه بأحد الطريقين وعند أبى حنيفة ان شهد قبل الاقرار قبل وان شهد بعده فلا (الثاني) كيس في يد رجلين فيه ألف درهم فقال أحدهما لثالث لك نصف ما في الكيس فيحمل اقراره على النصف الذى في يده أو على نصف ما في يده وهو ربع الجميع فيه وجهان بناء على القولين السابقين وبني على
الخلاف فيما إذا أقر أحد الشريكين في العبد المشترك بالسوية بنصفه أنه يحمل على نصيبه أم يوزع النصف

(11/184)


المقر بة على النصفين وهذا الخلاف الثاني مذكور في الكتاب في باب العتق (ومنها) مات عن اثنين فأقر أحدهما بأن أباه أوصى لزيد بعشرة فهو كما لو أقر عليه بدين فعلى القديم تتعلق كل العشرة بثلث نصيبه وعلى الجديد يتعلق نصف العشرة بثلث نصيبه وبه قال أبو حنيفة بخلاف ما قال في الاقرار بالدين ولو أقر أحدهما بأنه أوصى بربع ماله وانكر الآخر فعلى المقر أن يدفع ربع ما في يده إلى الموصى له ولو أقر بأنه أوصى بعين من أعيان أمواله نظر ان لم يقتسما التركة فنصيب المقر في تلك العين يصرف إلى الموصى له وان كانت في يد المنكر فللموصى له أخذ نصف القيمة من المقر لانه فوته عليه بالقسمة ولو شهد المقر للموصي له قبلت شهادته ويغرم المشهود عليه نصف قيمة العين كما لو خرج بعض أعيان التركة مستحقا (ومنها) لو قال لعبد أعتقتك على ألف وطالبه بالالف فأنكر العبد وحلف سقط دعوى المال ويحكم بعتق العبد لاقراره وكذلك لو قال بعت منك ابنك بكذا فأنكر فكذلك لاعترافه بصيرورته حرا إذا دخل في ملك أبيه (ومنها) إذا قال لفلان عندي خاتم ثم جاء بخاتم وقال هذا الذى أقررت به فعن الشافعي رضى الله عنه أنه قال في موضع لا يلزمه التسليم قال الاصحاب الاول محمول على ما إذا صدقه المقر له والثانى على ما إذا قال الذى أقررت به غيره وليس هذا لى فلا يسلم ما جاء

(11/185)


به إليه والقول قول المقر في نفى غيره.
(الباب الرابع في الاقرار بالنسب.
ومن هو من أهل الاقرار) قال (إذا قال لغيره هذا ابني به شرط أن لا يكذبه الحس بأن يكون أكبر سنا منه.
أو الشرع بأن يكون مشهور النسب.
أو المقر له بأن يكون بالغا فينكر.
فلو استلحق مجهولا بالغا ووافقه لحق.
ولو كان صغيرا لحق في الحال حتى يتوارثان في الصغر.
فلو بلغ وأنكر ففى اعتبار انكاره بعد الحكم به خلاف.
ولو مات صبى وله مال فاستلحقه ثبت نسبه وورث.
وان كان بالغا فاستلحقه بعد الموت ففيه خلاف.
لان تأخيره إلى الموت يوشك أن يكون خوفا من انكاره) .
الاقرار بالنسبة لا يصح الا إذا كان المقر بالصفات المعتبرة في المقرين كما سبق ثم لا يخلو اما ان يلحق النسب بنفسه أو بغيره (القسم الاول) أن يلحق النسب بنفسه فيشترط فيه أمور (أحدها) أن لا يكذبه الحس ويكون ما لديه ممكنا فلو كان في ممن لا يتصور أن يكون ولدا للمستحق بأن كان أكبر سنا منه أو كان المستحق أكبر ولكن بقدر لا يولد لمثله فلا اعتبار باقراره ولو قدمت

(11/186)


امرأه من الروم أو غيرها من بلاد الكفر ومعها صبى فادعاه رجل من المسلمين لحقه إن احتمل أنه خرج إليها أو أنها قدمت قبل ذلك وان لم ينقدح احتمال لم يلحقه (والثانى) ان لا يكذبه الشرع بان يكون المستلحق معروف النسب من غيره لان النسب الثابت من شخص لا ينتقل إلى غيره ولا فرق بين أن يصدقه المستلحق أو يكذبه وفيما جمع من الفتاوى القفال أن المنفى باللعان لا يصح استلحاقه لان فيها شبهة للملاعن (والثالث) أن يصدقه المقر له إذا كان ممن يعتبر تصديقه فان استلحق بالغا فكذبه لم يثبت النسب إلا أن يقيم عليه بينة فان لم تكن بينة حلفه فان حلف سقط دعواه فان نكل المدعى وثبت نسبه حتى يرث نسبه وكذا لو قال رجل لآخر أنت أبى فالقول قول المنكر مع يمينه وان استلحق صغيرا ثبت نسبه حتى يرث منه الصغير لو مات ويرث هو لو مات الصفير وان استلحق صغيرا فلما بلغ كذبه ففيه وجهان (أحدهما) أنه يندفع النسب لانا إنما حكمنا به حين لم يكن انكار (وأظهرهما) أنه لا يندفع لان النسب مما يحتاط له فإذا حكم ثبوته لم يتأثر بالانكار كما لو ثبت بالبينة وعلى هذا فلو أراد المقر تحليفه قال ابن الصباغ ينبغى أن لا يمكن منه لانه لو رجع لم يقبل فلا معنى لتحليفه ولو استلحق مجنونا فافاق وأنكر فهو على الوجهين ولو استلحق مجنونا فافاق وأنكر فهو على الوجهين ولو استلحق صبيا بعد موته لحقه كان له

(11/187)


مال أو لم يكن ولم ينظر إلى التهمة بطلب المال بل يورث لان أمر النسب مبني على التغلب ولهذا نثبته لمجرد الامكان حتى أنه لو قتله ثم استلحقه قبل ويحكم بسقوط القصاص وقال أبو حنيفة رحمه الله لايلحقه (وأما) إذا كان بالغا ففيه وجهان لان شرط لحقوق البالغ تقديقه ولا تصديق ولان تأخير الاستلحاق إلى موت يوشك ان يكون خوفا من انكاره وهذا أظهر عند القاضى الحسين وصاحب
التهذيب والاكثرون على أنه يلحقه كالصغير ومنعوا كون التصديق شرطا على الاطلاق بل هو شرط إذا كان المستلحق أهلا للتصديق (وأما الكلام الثاني) فهو تمسك بالتهعمة وقد بينا أنه لااعتبار بها في النسب ويجرى الوجهان فيما إذا استلحق مجنونا طرأ جنونه بعد ما بلغ عاقلا ولو ازدحم اثنان فصاعدا على الاستلحاق نظران كان المستلحق بالغا ثبت نسبه ممن صدقه وان كان صبيا لم يلحق بواحد منهما بل الحكم ما هو مذكور في الكتاب في باب اللقيط فإذا عدم زحمة الغير شرط رابع للحوق وهذا كله فيما إذا كان ذكرا حرا (أما) استلحلق المرأة والعبد فسيأتيان في اللقيط ولو استلحق عبد الغير أو معتقته لم يلحقه ان كان صغيرا محافطة على حق الولاء للسيد بل يحتاج إلى البينة وان كان بالغا وصدقه ففيه خلاف نذكره هناك ولو استلحق عبدا في يده نظر ان لم يوجد الامكان بان

(11/188)


كان أكبر سنا منه كفى قوله وان وجد فان كان مجهول النسب لحقه إن كان صغيرا وحكم بعتقه وكذا إن كان بالغا وصدقه وان كذبه لم يثبت النسب وفى العتق وجهان وكذا لو كان المستلحق معروف النسب من غيره (وأما) لفظ الكتاب فقوله التحق به يجوز اعلامه - بالميم - لان البندنيجى حكى عن مالك أنه ان شاع في الناس انه استلحق من ليس ولدا له لم يلحقه وان اجتمعت الشرائط التى ذكرناها (وقوله) أو المقر له ليس فيه الاعتبار عدم التكذيب وهو معتبر لكنه غير مكفى به بل المعتبر تصديقه عند الامكان صرح به صاحب الشامل وغيره وقضيته أنه لو سكت لم يثبت النسب (وقوله) فلو استلحق مجهولا بالغا لفظ المجهول لاضرورة إليه في هذا الموضع فانه قد بين اشتراطه من قبل وإذا كنا في شرط لم نحتج فيه إلى التعرض لسائر الشرائط إلا للايضاح.
(فرع) لو استلحق بالغا عاقلا ووافقه ثم رجعا قال ابن أبى هريرة رحمه الله يسقط النسب كما لو أقر بمال ورجع وصدقه المقر له وعن الشيخ أبى حامد أنه لا يسقط لان النسب المحكوم بثبوته لا يرتفع بالاتفاق كما لو ثبت بالفراش.
قال (ولو كان له أمتان ولكل واحدة ولد ولا زوج لهما فقال أحدهما ابني علقت به أمه في

(11/189)


ملكي طولب بالتعيين.
فان عين ثبت نسبه وعتقه وأمية الولد للام.
فان مات كان تعيين الوارث كتعيينه.
فان عجزنا عنه فالحاق القائف كتعيينه.
فان عجزنا فيقرع بينهما فمن خرجت قرعته عتق ولم يثبت نسبه ولا ميراثه إذ القرعة لاتعمل إلا في العتق.
وهل يقرع بين الامتين للاستيلاد فيه خلاف من حيث أن أمية الولد فرع النسب وقد أيس عنه.
وهل يوقف نصيب ابن من الميراث فيه خلاف لانه نسب أيس من ظهوره فيمتنع التوريث به.
ولو كانت له أمة لها ثلاثة أولاد فقال أحدهم ابني فان عين الاصغر تعيين.
وان عين الاوسط عتق معه الاصغر وثبت نسبهما.
الا أن يدعى استبراء بعد ولادة الاوسط ورأينا ذلك نافيا للنسب.
فان مات قبل البيان وعجزنا عن تعيين الوارث والقائف أقرع بينهم.
وأدخل الصغير في القرعة.
وفائدة خروج القرعة عليه اقتصار العتق عليه والا فهو عتيق في كل حال.
وفى وقف الميراث الخلاف الذى مضى) .
في الفصل مسألتان تقدم أن من له جارية ذات ولد إذا قال هذا ولدى من هذه الجارية ثبت نسبه عند الامكان وهل تكون الجارية أم ولد فيه قولان ويقال وجهان (أحدهما) لا لاحتمال أنه استولدها بالنكاح ثم ملكها وحينئذ لا تكون أم ولد على أحد القولين (والثانى) نعم

(11/190)


لان الظاهر انه استولدها في الملك لانه حاصل محقق والنكاح غير معلوم والاصل فيه العدم وللمسألة خروج ظاهر على قول يقابل الاصل والظاهر وما الاظهر من الخلاف في المسألة ذكر الشيخ أبو حامد وجماعة أن الثاني أظهر وهو ظاهر نصه في المختصر لكن الاول أقرب إلى القياس وأشبه بقاعدة الاقرار وهى البناء على اليقين ولقربه أعرض الاكثرون عن الترجيح وأرسلوا ذكر الخلاف ومن ذهب البه لم يصعب عليه جعل النص على الصورة الآتية ولو قال انه ولدى ولدته في ملكي فطريقان (أحدهما) القطع بثبوت أمية الولد لتصريحه بالولادة في الملك (وأصحهما) أنه على القولين لاحتمال أن يحبلها قبل الملك بالنكاح ثم يشتريها وتلد بالملك ولو قال انه ولدى استولدتها به في ملكي أو علقت به في ملكى انقطع الاحتمال وكانت أم ولد له لا محالة وكذا لو قال هذا ولدى منها وهى في ملكى منذ عشرين سنة وكان الولد ابن سنة وهذا كله مفروض إذا لم تكن الام مزوجة ولا فراشا
أما إذا كانت مزوجة لم ينسب الولد إلى السيد ولم يعتد باستلحاقه للحوقه بالزوج وان كانت فراشا له فان أقر بوطئها فالولد يلحقه بحكم الفراش لا بالاقرار ولا يعتبر فيه الا الامكان ولافرق في الاقرار بالاستيلاد بين أن يكون في الصحة أو في المرض لان انشاءه نافذ في الحالتين إذ تبين ذلك فالمسألة

(11/191)


الاولى إذا كان له امتان لكل واحدة منهما ولد فقال أحدهما ولدى فللامتين أحوال (احداها) أن لا تكون واحدة منهما مزوجة ولا فراشا للسيد فيؤمر بالتعيين كما لو أقر بطلاق احدى امرأتيه فإذا عين أحدهما ثبت نسبه وكان حرا وورثه وهل أمه أم ولد له وان صرح بأنه استولدها في النكاح لم تصرأم ولد وان أضافه إلى وطئ شبهة ففيه قولان يذكران في موضعهما ولو قال استولدتها بالزنا مفصولا عن الاستلحاق لم يقبل وكانت أمية الولد على القولين فيما إذا أطلق الاستلحاق وان وصله باللفظ قال في التهذيب لا يثبت النسب ولا أمية الولد ولك أن تقول ينبغى أن يخرج على قولى تبعيض الاقرار ولو ادعت الامة الاخرى أن ولدها هو الذى استلحقه وأنها التى استولدها فالقول قول السيد مع يمينه ولو ان السيد مات قبل التعيين قام ورثته مقامه في التعيين وحكم تعيينهم حكم تعينه في النسب والحرية والارث وتكون أم المعين مستولدة ان ذكر السيد ما يقتضى ثبوت الاستيلاء والاسئلوا وحكم بيانهم حكم بيان المورث فان قالوا لا نعلم أنه بما استولدها فعلى الخلاف فيما إذا أطلق المستلحق استلحاقه ولو لم يكن وارث أو قال الورثة لا نعلم عرض الولدان على القائف فايهما الحقه به

(11/192)


لحق والحكم في النسب والحرية والارث كتعين المورث أو الوارث وفى الاستيلاد كما وأطلق الاستلحاق ويجوز ظهور الحال للقائف مع موت المستلحق بان كان قد رآه أو بان يرى قبل الدفن أو بان يرى عصبته فيجد الشبه فان عجز عن الاستفادة من القائف لعدمه أو لالحاقه الولدين به أو نفسيهما أو أشكل الامر عليه أقرعنا بينهما لنعرف الحر منهما ولا ينتظر بلوغ الولدين حتى ينتسبا بخلاف ما لو تنازع اثنان في ولد ولا قائف لان الاشتباه ههنا في أن الولد أيهما فلو اعتبر الانتساب فربما انتسب كل واحد منهما إليه فلا يرتفع الاشكال ولا يحكم لمن خرجت قرعته بالنسب والميراث لان القرعة على خلاف القياس
وانما ورد الخبر بها في العتق فلا تعمل في النسب والميراث.
نعم هل يوقف نصيب ابن بين من خرجت القرعة له وبين الآخر فيه وجهان ثانى توجيههما (والاظهر) منهما في المسألة الثانية واختيار المزني أنه يوقف (واما الاستيلاد) فهو على التفصيل السابق فان لم يوجد من السيد ما يقتضيه لم يثبت وان وجد فهل تحصل أمية الولد في أم ذلك الولد بخروج القرعة حكى الامام فيه وجهين وقال المذهب أنها لا تحصل لانها نتبع النسب فإذا لم يجعله ولدا لم يجعلها أم ولد والذى أورده الاكثرون أنها تحصل لان المقصود العتق والقرعة عاملة فيه فكما تفيد حريته تفيد حريتها وعلى هذا الخلاف يحمل قوله في الكتاب وهل يقرع بين الامتين في الاستيلاد فيه خلاف وقد يتبادر إلى الفهم من ظاهره اخراج القرعة بهما مرة أخرى ولا يفعل ذلك إذ لا يؤمن خروج القرعة على غير التى خرج لولدها.
(فرعان) أحدهما حيث يثبت الاستيلاد فالولد حر الاصل لاولاء عليه وحيث لا يثبت فعليه الولاء إلا

(11/193)


إذا نسبه إلى وطئ شبهه وقلنا انها لا تصير أم ولد إذا ملكها بعد ذلك (والثانى) إذا لم يثبت الاستيلاد ومات السيد ورث الولد أمه وعتقت عليه وهذا إذا تعين لا بالقرعة وان كان معه وارث آخر عتق نصيبه عليه ولم يشتر هذا تمام الكلام في الصورة الاولى وهى المذكورة في الكتاب (الثانية) إذا كانت الامتان مزوجتين لم يقبل قول السيد وولد كل أمة يلحق بزوجها وان كانت فراشا للسيد فان كان قد أقر بوطئها لحقه الولدان بحكم الفراش (الثالثة) إذا كانت أحداهما مزوجة لم يتعين أقراره في الاخرى بل يطالب بالتعيين فان عين ولد المزوجة لم يقبل وان عين ولد الاخرى قبل وثبت نسبه وان كانت احداهما فراشا له لم يتعين اقراره في ولدها بل يؤمر بالتعيين فان عين في ولد الاخرى لحقه بالاقرار والولد الآخر ملحق به بالفراش (المسألة الثانية) إذا قال من له أمة لها ثلاثة أولاد أحد هؤلاء ولدى والتصوير فيما إذا لم تكن مزوجة ولا فراشا للسيد قبل ولادتهم فيطالب بالتعيين فمن عينه منهم فهو نسيب حر وارث والقول في الاستيلاد على التفصيل الذى مر ثم إذا كان المعين الاصغر فالاكبران رقيقان فلكل واحد منهما أن يدعى انه الولد والقول قول المنكر مع يمينه فان كان المعين الاوسط فالاكبر رقيق وأمر الصبى مبنى على استيلاد الامة فإذا لم نجعلها مستولدة فهو رقيق كالام
وان جعلناها مستولدة فينظر ان لم يدع الاستبراء بعد الاوسط فقد صارت فراشا له بالاوسط فيلحقه الاصغر ويرثه وادعى الاستبراء فينبنى على أن نسب ملك اليمين هل ينتفى بدعوى الاستبراء فيه خلاف مذكور في اللعان (وان قلنا) لا ينتفى فهو كما لو لم يدع الاستبراء (وان قلنا) ينتفى فلا يلحقه الاصغر وفى حكمه وجهان (أظهرهما) انه كالام يعتق بوفاة السيد لانه ولد أم ولد

(11/194)


وأم الولد إذا ولدت من زوج أو زنا عنق بعتقها (والثانى) أنه يكون قنا لان ولد أم الولد قد لا يكون كذلك كما لو أحبل الراهن الجارية المرهونة وقلنا انها لا تصير أم ولد له فبيعت في الحق وولدت أولادا ثم ملكها وأولادها فانا نحكم بأنها أم ولد على الصحيح والاولاد أرقاء لا يأخذون حكمها وأيضا فانه إذا أحبل جاريه بالشبهة ثم أتت بأولاد من زوج أو زنا ثم ملكها وأولادها تكون أم ولد له على قول والاولاد لا يأخذون حكمها وأذا أمكن ذلك لم يلزمه من ثبوت الاستيلاء أن يأخذ الولد حكمها بالشك والاحتمال ولصاحب الوجه الاول أن يقول الاولاد في الصورتين ولدوا قبل الحكم بالاستيلاد فالاصغر ولد بعد الحكم بالاستيلاد على أن بعظهم حكى في صورة الرهن وجها أن الاولاد يأخذون حكمها ولا يبعد أن يجئ مثله في صورة الاحبال بالشبهة وذكر في التتمة وجها آخر فيما إذا لم يكن يدع الاستبراء أنه لا يثبت نسبه ويكون حكمه حكم الام يعتق بموت السيد لان الاستبراء حصل بالاوسط ولم أر لغيره ذكر وان كان المعين الاكبر فالقول في حكم الاوسط والاصغر كما ذكرناه في الاصغر إذا عين الاوسط ولو مات السيد قبل التعيين عين وارثه فان لم يكن وارث أو قال لاأعرف عرضوا على القائف ليعين والحكم على التقديرين كما لو عين السيد فان تعذر معرفة القائف نص أنه يقرع بينهم لمعرفة الحرية وثبوت الاستيلاد على التفصيل الذى سبق واعترض المزني في المختصر بأن الاصغر حر بكل حال عند موت السيد لانه اما ان يكون هو المقر أو يكون أو يكون ولد أم الولد يعتق بموت السيد وان كان حرا بكل حال وجب أن لايدخل في القرعة أيضا لاحتمال أنها لا تخرج على غيره فيلزم ارقاقه واختلف الاصحاب في الجواب عنه فسلم بعظهم حريته وقالوا انه لايدخل في القرعة ليرق

(11/195)


ان خرج لغيره بل ليرق غيره ان خرجت عليه ويقتصر العتق عليه وهذا ما ذكره في الكتاب ومنعها آخرون بناء على أنها وان كانت أم ولد فولد أم الولد يحوز أن يكون رقيقا (والاظهر الاول) وهو عين الوجه الاول المذكور فيما إذا عين الاوسط وادعى الاستبراء بعده وقلنا انه ينتفى به النسب ثم إذا أقرعنا بينهم وخرجت القرعة لواحد منهم فهو حر والمشهور ان النسب والميراث لا يثبتان كما ذكرنا في المسألة الاولى وعن المزني في المختصر الكبير ان الاصغر نسيب بكل حال لانه بين أن يكون هو المراد بالاستلحاق وبين أن يكون ولد أمته التى صارت فراشا له بولادة من قبل وجرى الاصحاب على رأيهم في الطعن على اعتراضاته متبادرين لكن الحق المطابق لما تقدم أن يفرق بين ما إذا كان السيد قد ادعى الاستبراء قبل ولادة الاصغر وبين مااذا لم يدعه ويساعده في الحاله الثانية وإذا ثبت النسب ثبتت الحريه لا محالة وحيث لانحكم بثبوت النسب فهل يوقف الميراث فيه وجهان (أحدهما) نعم لانا بتيقين ان أحدهما ابنه وان لم تفد القرعة تعيينه فأشبه ما إذا طلق احدى امرأتيه ومات قبل البيان حيث يوقف نصيب امرأة (والثانى) لا لانه اشكال دفع الناس من زوائه فأشبه ما إذا غرق المتوارثان فلم يدر أنهما ماتا معا أو على التعاقب لا توريث ولا وقف وهذا أصح عند الاكثرين واختار المزني الوقف واختلف الرواية عنه في كيفيته ففى رواية ابن خزيمة وجماعة أنه إذا كان له ابن معروف النسب يدفع إليه ربع الميراث ويدفع ربعه إلى الاصغر ويوقف النصف وفى رواية ابن عبد ابن المروزى في آخرين أنه يدفع نصف الميراث إلى المعروف النسب ويوقف النصف للمجهول واعلم أن الرواية الاولى مبنية على ما ذهب إليه المزني من أن الاصغر نسيب بكل حال فهو والمعروف ابنان يقينا فيدفع النصف اليهما ويوقف النصف

(11/196)


بينهما وبين الاكبرين فيجوز أن يكون الاوسط ابنا دون الاكبر والرواية الثانية اختيار للشافعي رضى الله عنه جوابا على أنه لا يثبت نسب واحد منهم على التعيين ولكن يعلم أن فيهم ابنا فيقف النصف له ويدفع النصف إلى الابن المعروف وأما لفظ الكتاب (فقوله) فقال أحدهم ابني أراد ما إذا ذكر معه ما يقتضى الاستيلاد على أمة صور في المسألة الاولى حيث قال فقال أحدهما انى علقت به في ملكى ألا ترى أنه حكم بعتق الاصغر عند تعيين الاوسط وانما يكون كذلك إذا ثبت الاستيلاد
(وقوله) عتق معه الاصغر يجوز اعلامه بالواو للوجه المنقول عن التهذيب (وقوله) أقرع بينهم بالحاء لان الحكاية عن أبى حنيفة أن الاصغر حر كله ويعتق من الاوسط ثلثاه لانه حر في الحالتين وهما إذا عينه أو عين الاكبر فالاكبر رقيق في حاله وهى إذا عين الاصغر ومن الاكبر ثلثه لانه حر في حالة وهي إذا عين فيه رقيق في حالتين وهما إذا عين في الاوسط أو الاصغر قال ويعتق من الام ثلثاها لانه قد عتق ثلثا ولدها (وقوله) وان دخل الصغير في القرعة اعلم بالزاى لما تقدم ويجوز أن يعلم بالواو أيضا لانه نقل في النهاية وجها عن بعض الاصحاب أن الصغير يخرج عن القرعة قال وهو ضعيف لانه انما يقرع بين عبدين يتعين ان فيهم حرا ومن الجائز أن يكون المستلحق الاصغر ويكون الاكبر ان رقيقان فكيف يقرع بينهما وقوله والا فهو عتق بكل حال معلم - بالواو - لما مر.
قال (أما إذا أقر باخوة غيره أو بعمومته فهو اقرار بالنسب على الغير فلا يقبل إلا من وارث مستغرق.
كمن مات وخلف ابنا واحدا فأقر باخ آخر ثبت نسبه وميراثه.
وان كان معه زوجة اعتبر موافقتهما (و) لشركتهما في الارث.
وكذا موافقته المولى (و) المعتق.
وان خلف بنتا واحدة وهى معتقة ثبت النسب باقرارها لانها مستغرقة.
فان لم تكن معتقة فوافقها الامام ففيه

(11/197)


خلاف لان الامام ليس بوارث انما هو نائب.
ولو خلف اثنين فاقر أحدهما بأخ ثالث وأنكر الآخر لم يثبت النسب ولا الميراث (ح) على القول المنصوص.
وقيل انه يثبت باطنا وفى الظاهر خلاف فلو مات وخلف ابنا مقرا فهل يثبت الآن فيه خلاف.
لان اقرار الفرع مسبوق بانكار الاصل.
وكذا الخلاف فيما إذا لم يخلف إلا الاخ المقر.
ولو كان ساكتا فمات فأقر ابنه ثبت لا محالة.
والاخ الكبير مع الصغير لا ينفرد بالاقرار بالنسب على الاصح.
ولو أقر بشخص فأنكر المقر له نسب المقر فقيل انه لا يشارك لان موجب قوله أن من أقر له ليس من أهل الاقرار.
وقيل إنه يستحق الكل) .
القسم الثاني أن يلحق النسب بغيره مثل أن يقول هذا أخى ابن أبى أو ابن أمي أو بعمومة غيره فيكون ملحقا للنسب بالجد والكلام في فصلين (أحدهما) في ثبوت النسب ويثبت النسب
بهذا الالحاق بالشرائط المقدمة فيما إذا لحق بنفسه وبشرائط أخر (أحدها) أن يكون الملحق به ميتا فما دام حيا ليس لغيره الالحاق به وان كان مجنونا (والثانية) أن لا يكون الملحق به قد نفى المقر به أما إذا نفاه ثم استلحقه وارثه بعد موته ففيه وجهان (أحدهما) اللحوق كما لو استلحقه المورث بعد مانفاه بلعان وغيره (والثانى) المنع لانه نسب قد سبق الحكم ببطلانه ففى الحاقه بعد الموت الحاق عار بنسبه وشرط الوارث أن يفعل ما فيه حظ الموروث لا ما يضر به ولم يورد صاحب التهذيب من الوجهين الا الثاني ولا معظم العراقيين الا الاول وهو الاشبه (والثالثة) صدور الاقرار من الورثة الحائزين للتركة وفيه مسائل (أحدها) اقرار الاجانب لا يثبت به النسب ولو مات مسلم عن ابن كافر أو قاتل أو رقيق

(11/198)


لم يقبل اقراره عليه بالنسب كما لا يقبل اقراره عليه بالمال ولو كان له ابنان مسلم وكافر لم تعتبر موافقة الكافر ولو كان الميت كافرا كفى استلحاق الكافر ولا فرق في ثبوت النسب بين أن يكون المقر به كافرا أو مسلما (الثانية) لو مات وخلف ابنا واحدا وأقر بأخ آخر يثبت نسبه ولو مات وخلف ابنين أو ابنتين أو بنات فلابد من اتفاقهم جميعا وكذلك تعتبر موافقة الزوج والزوجة لانهما من الورثة وفيهما وجه لان الزوجية تنصرم بالموت ولان المقر به النسب ولا شركة لهما في النسب ويجرى مثل هذا الخلاف في المعتق ولو خلف بنتا واحدة فان كانت حائزة بان كانت معتقه يثبت النسب باقرارها وان لم تكن حائزة ووافقها الامام فوجهان جاريان فيما إذا مات من لا وارث له فالحق الامام به مجهولا والخلاف مبني على أن الامام له حكم الوارث أم لا والذى أجاب به العراقيون انه يثبت النسب بموافقة الامام ثم هذا الكلام فيما إذا ذكر الامام ذلك لا على وجه الحكم أما إذا ذكر على وجه الحكم (فان قلنا) أنه يضئ لعلم نفسه ثبت النسب والا فلا (الثالثة) لافرق بين أن تكون حيازة الملحق تركة المحلق به بغير واسطة أو بواسطة كما إذا أقر بعمومة مجهول وهو حائز لتركة أبيه الحائز لتركة جده الملحق به فان كان قد مات أبوه قبل جده والوارث ابن الابن فلا واسطة (الرابعة) البالغ من الوارثين لا ينفرد بالاقرار ونقل الامام وجها أنه ينفرد ويحكم بثبوت السنب في الحال وربما يوجه بأن أمر النسب خطر فالظاهر من حال كامل الحال من الورثة أن يعتنى به ولا يجازف فيه وعلى الاول ينتظر بلوغ الصبى
فإذا بلغ الصبى ووافق البالغ ثبت النسب حينئذ فان مات قبل البلوغ نظر أن لم يخلف سوى المقر ثبت النسب وان لم يجدد اقراره وان خلف ورثة سواه اعتبر موافقتهم وإذا كان أحد الوارثين مجنونا فهو كما لو كان أحدهم صبيا ولو خلف بالغين عاقلين وأقر أحدهما وأنكر الآخر ثم مات ولم يخلف

(11/199)


الا أخاه المقر فاظهر الوجهين أنه يثبت النسب لان جميع الميراث قد صار له وثانيهما المنع لان اقرار الفرع مسبوق بانكار الاصل ويجرى الخلاف فيما إذا أخلف المنكر وارثا فاقر ذلك الوارث والوجهان عند القاضي الحسين مبنيان على الوجهين في استلحاق من نفاه المورث ولو أقر أحد الاثنين وسكت الآخر ثم مات الساكت وابنه مقر ثبت النسب لا محالة لان اقراره غير مسبوق بتكذيب الاصل (الخامسة) لو أقر الوارث المستغرق بأخوة مجهول فأنكر المجهول نسب المعروف لم يتأثر بقوله النسب المشهور وفيه وجه أن المقر يحتاج إلى البينة على نسبه لاعترافه بنسب المجهول وانكاره اياه والمذهب الاول وفى ثبت نسب المجهول وجهان (وجه المنع) أن المقر ليس بوارث بزعمه (والثانى) وهو الاصح انه يثبت لحكمنا بأنه وارث حائز ولو أقر باخوة مجهول ثم أنهما أقرا بسنب ثالث وأنكر الثالث نسب الثاني ففى سقوط نسب الثاني وجهان (أصحهما) السقوط لانه ثبت بنسب الثالث فاعتبر موافقته لثبوت نسب الثاني ولو اقر باخوة مجهولين فصدق كل واحد منهما الاخر ثبت نسبهما وان كذب كل واحد منهما الآخر فوجهان (أصحهما) ثبوت النسب لوجود الاقرار ممن يجوز التركة فان صدق أحدهما وكذبه الآخر ثبت نسب المصدق دون المكذب هذا إذا لم يكن المجهولان توأمين فان كانا توأمين فلا أثر لتكذيب أحدهما الآخر فإذا أقر الوارث بأحدهما ثبت نسب كليهما (السادسة) إذا أقر بنسب من يحجب المقر كما إذا مات عن أخ أو عم فاقر بان للميت فاحد الوجهين انه لا يثبت نسبه لانه لو ثبت لورث ولو ورث لحجب المقر وإذا حجب خرج عن الاهلية

(11/200)


للاقرار وإذا بطل الاقرار بطل النسب (وأصحهما) الثبوت لان ثبوت النسب بمجرده لا يرفع الاقرار وانما يلزم ذلك من التوريث وسيأتى الكلام في الفصل الثاني ثم التوريث قد ينتفى
باسباب وموانع ولا يبعد أن يكون هذا منها.
(الفصل الثاني في ثبوت الميراث) قال (والمقر يحتاج إلى البينة.
ولو أقر الاخ بابن لاخيه الميت فالظاهر أنه يثبت النسب دون الميراث إذ لو ثبت لحرم الاخ وخرج عن أهلية الاقرار.
وقيل انهما يثبتان.
وقيل أنهما لا يثبتان) .
المقر به لا يخلو أما أن يكون ممن لا يحجب المقر عن الميراث أو ممن يحجبه أو يحجب بعض الورثة المقرين دون البعض (الحالة الاولى) إذا لم يحجب المقر فيشتركان في التركة على فرائض الله تعالى ولو أقر أحد الابنين المستغرقين بأخ وأنكر الآخر فظاهر المذهب وهو المنصوص أنه لا يرث لان

(11/201)


الارث فرع النسب وانه غير ثابت كما سبق وإذا لم يثبت الاصل لم يثبت الفرع وعن صاحب التقريب حكاية وجه تخريج أن المقر له يرث ويشارك المقر بما في يده ورأيت ذلك لابن سريج وبه قال أبو حنيفة رحمه الله ومالك وأحمد رحمهما الله ويتأيد بمسائل (منها) لو قال أحد الابنين فلانة بنت أبينا وأنكر الآخر حرم على المقر نكاحها مع أنه فرع النسب الذي لم يثبت ولو قال أحدهما لعبد في التركة إنه ابن ابينا هل يحكم بعتقه فيه وجهان (ومنها) لو قال أحد شريكي العقار لثالث بعت منك نصيبي فأنكر لا يثبت الشراء وفي ثبوت الشفعة للشريك خلاف (ومنها) لو قال لزيد على عمرو كذا وأنا به ضامن فانكر عمرو ففي مطالة المقر بالضمان خلاف (والاصح) المطالبة (ومنها) إذا اعترف الزوج بالخلع وأنكرت المرأة ثبتت البينونة وان لم يثبت المال الذي هو الاصل (وإذا قلنا) بظاهر المذهب كذلك في ظاهر الحكم (فأما) في الباطن فهل على المقر إذا كان صادقا أن يشركه فيما في يده فيه وجهان (أحدهما) لا كما في الظاهر (والثاني) نعم قال ابن الصباغ وهو الصحيح لانه عالم باستحقاقه محرم عليه منع حقه منه وعلى فيه وجهان (أحدهما) بنصف ما في

(11/202)


يده لان قضية البنتين التسوية فلا يسلم لاحدهما شئ والا ويسلم للآخر مثله والثالث بزعمهما غصبهما بعض حقهما وبها قال أبو حنيفة رحمه الله (وأصحهما) وبه قال مالك رحمه الله وأحمد
بثلث ما في يده لان حق الثالث بزعم المقر شائع فيما في يده ويد صاحبه فله الثلث من هذا وله الثلث من ذاك ويقال الوجهان مبنيان من القولين فيما إذا أقر أحد الابنين بدين على أبيه فانكر الآخر هل على المقر توفية جميع الدين مما في يده أم لا يلزمه إلا القسط (فان قلنا بالثاني) لم يلزمه إلا الثلث لجعلنا الحق الثابت بالاقرار شائعا في التركة ولكل واحد من الوجهين عبارة تجرى مجرى الضابط لاخوات هذه الصورة فالعبارة على وجه النصف اننا ننظر في أصل المسألة على قول المنكر ونصرف إليه نصيبه منها ثم نقسم الباقي بين المقر والمقر به فان انكسر صححناه بالضرب فاصل المسألة في الصورة التى نحن فيها اثنان على قول المنكر يدفع إليه واحدا منهما يبقى واحد لا ينقسم على اثنين نضرب اثنين في أصل المسألة يكون أربعة سهمان منها من منكر ولكل واحد من الآخرين سهم وعلى وجه الثلث نأخذ أصل المسألة على قول المنكر وأصلها على قول المقر ونضرب أحدهما

(11/203)


في الآخر ونقسم الحاصل باعتبار مسألة الانكار فيدفع نصيب المنكر منه إليه باعتبار الاقرار ويدفع نصيب المقر منه إليه ويدفع الباقي إلى المقر به ومسألة الانكار فيما نحن فيه من اثنين ومسألة الاقرار من ثلاثة فنضرب أحدهما في الآخر يكون ستة ثلاثة منها للمنكر وسهمان للمقر وواحد للمقر له ولو كانت المسألة بحالها وأقر أحد الابنين بآخرين فعلى الوجه الاول المسألة على قول المنكر من اثنين يدفع نصيبه إليه يبقى واحد لا ينقسم على ثلاثة يضرب ثلاثة في اثنين يكون ستة ثلاث منها للمنكر ولكل واحد من الباقين واحد وعلى الوجه الثاني أصلها على قول المنكر من اثنين وعلى قول المقر من أربعة يضرب أحدهما في الآخر يكون ثمانية اربعة منها للمنكر واثنان للمقر ولكل واحد من المقر بهما سهم وعن صاحب التقريب يصرف بالتوسط بين الوجهين وهو أن ينظر فيما حصل في يد المقر أحصل بقسمة اجبر المنكر عليها أم بقسمة وهو مختار فيها أما على تقدير الاجبار (فالجواب) ما ذكرنا في الوجه الثاني وأما على تقدير الاختيار فينظر ان كان عالما عند القسمة بان معهما ثالث مستحقا (والجواب) ما ذكرناه في الوجه الاول لانه معتد بتسليم نصف حقه الثابت إليه فيغرمه ما حصل في يد

(11/204)


صاحبه كما يغرم الحاصل في يده فان لم يكن عالما حينئذ ثم علم فوجهان يوجه أحدهما بانه لا تقصير منه (والثانى) بانه لافرق بين العلم والجهل فيما يرجع الي الغرم (الحالة الثانية) إذا كان المقر به ممن يحجب المقرين عن الميراث أو بعضهم كما لو كان للوارث في الظاهر أخا أو ابن عم أو معتقا فاقر بابن للميت فان لم نثبت نسبة فذاك وان أثبتناه ففى الميراث وجهان (أظهرهما) المنع لانه لو ورث لحجب الاخ ولو حجبه لخرج عن أهلية الاقرار وإذا بطل الاقرار فلا نسب ولا ميراث فإذا يلزم من توريثه منعه (والثاني) وبه قال ابن سريج أنه يرث ويحجب المقر وهو اختيار صاحب التقريب وابن الصباغ وجماعة ومنعوا لزوم بطلان الاقرار من حرمانه وقالوا المعتبر كونه وارثا لولا اقراره ذلك لا ينافي خروجه عن الوارثية بالاقرار كما أن المعتبر كونه حائزا للتركه لو أقر الابن المستغرق في الظاهر بأخوة غيره قبل وتشاركا في الارث كذلك ههنا ولو خلف بنتا هي مقتنعة فاقرت بأخ ففي ميراثه وجهان تفريعا على الوجه الاول في المسألة (أحدهما) يرث ويكون المال بينهما اثلاثا لان توريثها لا يحجبها (والثانى) لا لانه عن عصوبة الولاء فصار كما لو خلف بنتا ومعتقا وأقر بابن للميت لا يثبت

(11/205)


لحجبه المعتق ولو أدعي المجهول على أخى الميت أنه ابن الميت فانكر الاخ ونكل عن اليمين فحلف المدعى المردودة ثبت نسبه ثم ان جعلنا النكول ورد اليمين كالبينة ورث وحجب الاخ وان جعلناهما كالاقرار ففيه الخلاف المذكور فيما إذا أقر الاخ ولو مات عن بنت وأخت فاقرنا بابن للميت فنصيب الاخت على الوجه الاظهر يسلم لها لانه لو ورث الابن لحجبها وعلى الثاني ياخذ متفى يدها كله وهدا الحكم فيما إذا خلف زوجة وأخا فأقر بابن يكون للزوجة الربع على الوجه الاظهر وهذا الابن لا ينقض حكمها كما لا يسقط الاخ ولنعد إلى ما يتعلق بلفظ الكتاب (أما) قوله فلا يقبل الامن وارث مستغرق معلم - بالحاء والميم - وكذلك قوله ثبت نسبه وميراثه لان عند أبى حنيقة في روايته المشهورة لا يشترط اقرار جميع الورثة وإنما المعتبر عدد الشهادة فإذا لم يكن الا ابن واحد لم يثبت النسب باقراره فإذا خلف أبناء فأقر اثنان منهم كفى وبه قال مالك (وقوله) اعتبر موافقتهما معلم - بالواو - وكذلك قوله موافقة المولى المعتق (وقوله) ولان الامام ليس بوارث انما هو

(11/206)


نائب أي نائب المسلمين في أخذ حقهم وحفظه وهو اشارة إلى ما سبق أن الامام هل له حكم الوارث أم لا (وقوله) ولا الميرا ث عند قوله لم يثبت النسب ولا الميراث على القول المنصوص إلى الميراث معلم - بالالف - وحده وأما أن النسب لا يثبت فلا خلاف فيه (وأعلم) أن حاصل الخلاف في المسألة طريقان جمعهما صاحب التقريب (أحدهما) أن الارث يثبت باطنا وفى الظاهر خلاف (والثانى) أنه لا يثبت ظاهرا إلا أن المقابل للقول المنصوص هو المخرج الذى عزاه بعضهم إلى ابن سريج على ما بينه في الوسيط وانما خرج ابن سريج ذلك في الارث الظاهر وإذا كان جازما بثبوته باطنا فيكون قوله بعد ذلك وقيل يثبت باطنا وفى الظاهر خلاف غير ما ذكره مرة فلا ينبغى أن بقول وقيل لا يثبت ظاهرا وفى الباطن خلاف إن اراد الطريقة الاخرى والاوجه الثلاثة التي ذكرناها في الميرا ث إذا أقر لشخص وأنكر المقر له نسب المقر حاصلة من الخلاف الذى أسلفناه في أن النسب المقر هل يتأثر بانكار المقر له وان لم يتأثر فهل يثبت نسب المجهول (فقوله) لا يشارك مبني على أن نسب المقر بحالة ونسب المقر له يثبت

(11/207)


(وقوله) وقيل انهما يشتركان ولا يبالى بتكذيبه مبنى على أن نسب المقر بحاله ونسب المقر له يثبت والوجه الآخر مبني على أن نسب المقر يتأثر بانكار المجهول (وأما) الوجوه الثلاثة المذكورة فيما إذا أقر الاخ بابن لاخيه الميت فلا يخفى عليك خروجها مما مر إذا جمع بين النسب والميراث وقد وقع في شرح الفصل تغيير ترتيب بعض المسائل للحاجة إليه فلا يبالى به.
(فرع) إقرار الورثة بزوج أو زوجة للميت مقبول وعلى القديم قول أنه لا يقبل فلو أقر أحد الابنين المستغرقين وأنكر الآخر فالتوريث على ما ذكرنا فيما إذا أقر أحدهما بأخ وأنكر الآخر.
(فرع) لو أقر انسان وقال فلان أخى ثم فسر بالاخوة من الرضاع حكي القاضى الرويانى عن أبيه أن الاشبه بالمذهب أن لا يقبل لانه خلاف الظاهر ولهذا لو فسر باخوة الاسلام لا يقبل.
(فرع) في فتاوى القفال أنه إذا أقر على أبيه بالولاء فقال هو معتق فلان ثبت الولاء عليه إن كان المقر مستغرقا كما في النسب والله تعالى أعلم بالصواب.

(11/208)