مختصر المزني في فروع الشافعية ط العلمية

ص -183-     كتاب اللقطة.
قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا مالك عن ربيعة عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: "جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة فقال:
"اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها"1 وعن عمر رضي اللة عنه نحو ذلك2 قال الشافعي رحمه الله: وبهذا أقول والبقر كالإبل لأنهما يردان المياه وإن تباعدت ويعيشان أكثر عيشهما بلا راع فليس له أن يعرض لواحد منهما والمال والشاة لا يدفعان عن أنفسهما فإن وجدهما في مهلكه فله أكلهما وغرمهما إذا جاء صاحبها وقال فيما وضعه بخطه: لا أعلمه سمع منه والخيل والبغال والحمير كالبعير لأن كلها قوي ممتنع من صغار السباع بعيد الأثر في الأرض ومثلها الظبي للرجل والأرنب والطائر لبعده في الأرض وامتناعه في السرعة قال: ويأكل اللقطة الغني والفقير ومن تحل له الصدقة وتحرم عليه قد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ابي بن كعب رضي الله عنه وهو من أيسر أهل المدينة أو كأيسرهم وجد صرة فيها ثمانون دينارا أن يأكلها3 وأن عليا رضي الله عنه ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنه وجد دينارا فأمره أن يعرفه فلم يعرف فأمره النبي بأكله فلما جاء صاحبه أمره بدفعه إليه وعلي رضي الله عنه ممن تحرم عليه الصدقة لأنه من صلبية بني هاشم4 قال الشافعي رحمه الله: ولا أحب لأحد ترك لقطة وجدها إذاكان أمينا عليها فعرفها سنة على أبواب المساجد والأسواق ومواضع العامة ويكون أكثر تعريفه في الجمعة التي أصابها فيها فيعرف عفاصها ووكاءها ووعدها ووزنها وحليتها ويكتبها ويشهد عليها فإن جاء صاحبها وإلا فهي له بعد سنة على أنه متى جاء صاحبها في حياته أو بعد موته فهو غريم إن كان استهلكها وسواء قليل اللقطة وكثيرها فيقول: من ذهبت له دنانير إن كانت دنانير ومن ذهبت له دراهم إن كانت دراهم ومن ذهب له كذا ولا يصفها فينازع في صفتها أو يقول جملة: إن في يدي لقطة فإن كان موليا عليه لسفه أو صغر ضمها القاضي إلى وليه وفعل فيها ما يفعل الملتقط فإن كان عبدا أمر بضمها إلى سيده فإن علم بها السيد فأقرها في يديه فهو ضامن لها في رقبة عبده قال فيما وضع بخطه: لا أعلمه سمع منه لا غرم على العبد حتى يعتق من قبل أن له أخذها قال المزني: الأول أقيس إذا كانت في الذمة والعبد عندي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر الأم 4/79.
2 انظر الأم 4/80.
3 انظر الأم 4/79.
4 انظر الأم 4/82.

 

ص -184-     ليس بذي ذمة قال الشافعي رحمه الله: فإن لم يعلم بها السيد فهي في رقبته إن استهلكها قبل السنة وبعدها دونه مال السيد لأن أخذه اللقطة عدوان إنما يأخذ اللقطة من له ذمة قال المزني: هذا أشبه بأصله ولا يخلو سيده من أن يكون علمه فإقراره إياها في يده يكون تعديا فكيف لا يضمنها في جميع ماله أو لا يكون تعديا فلا تعدو رقبة عبده؟ قال الشافعي رحمه الله: وإن كان حرا غير مأمون في دينه ففيها قولان أحدهما: أن يأمر بضمها إلى مأمون ويأمر المأمون والملتقط بالإنشاد بها والقول الاخر: لا ينزعها من يديه وإنما منعنا من هذا القول لأن صاحبها لم يرضه قال المزني: فإذا امتنع من هذا القول لهذه العلة فلا قول له إلا الأول وهو أولى بالحق عندي وبالله التوفيق قال المزني رحمه الله: وقد قطع في موضع آخر بأن على الإمام إخراجها من يده لا يجوز فيها غيره وهذا أولى به عندي قال الشافعي والمكاتب في اللقطة كالحر لأن ماله يسلم له والعبد نصفه حر ونصفه عبد فإن التقط في اليوم الذي يكون فيه مخلى لنفسه أقرت في يده وكانت بعد السنة له كما لوكسب فيه مالا كان له وإن كان في اليوم الذي لسيده أخذها منه لأن كسبه فيه لسيده قال: ويفتي الملتقط إذا عرف الرجل العفاص والوكاء والعدد والوزن ووقع في نفسه أنه صادق أن يعطيه ولا أجبره عليه إلا ببينة لأنه قد يصيب الصفة بأن يسمع الملتقط يصفها ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "اعرف عفاصها ووكاءها" والله أعلم1 لأن يؤدي عفاصها ووكاءها معها وليعلم إذا وضعها في ماله أنها لقطة وقد يكون ليستدل على صدق المعرف أرأيت لو وصفها عشرة أيعطونها ونحن نعلم أن كلهم كاذب إلا واحدا بغير عينه فيمكن أن يكون صادقا وإن كانت اللقطة طعاما رطبا لا يبقى فله أن يأكله إذا خاف فساده وبغرمه لربه وقال: فيما وضعه بخطه: لا أعلمه سمع منه إذا خاف فساده أحببت أن يبيعه ويقيم على تعريفه قال المزني: هذا أولى القولين به لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل للملتقط شأنك بها إلا بعد سنة إلا أن يكون في موضع مهلكة كالشاة فيكون له أكله ويغرمه إذا جاء صاحبه وقال فيما وضع بخطه: لا أعلمه سمع منه إذا وجد الشاة أو البعير أو الدابة أو ما كانت بالمصر أو في قرية فهي لقطة يعرفها سنة وإذ حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضوال الإبل فمن أخذها ثم أرسلها ضمن قال: ولا جعل لمن جاء بآبق ولا ضالة إلا أن يجعل له وسواء من عرف بطلب الضوال ومن لا يعرف به ولو قال لرجل: إن جئتني بعبدي فلك كذا ولآخر مثل ذلك ولثالث مثل ذلك فجاؤوا به جميعا فلكل واحد منهم ثلث ما جعله له اتفقت الأجعال أو اختلفت.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قوله لأن يؤدي الخ كذا بأصلين بأديدنا ولعله سقط منه "قد يكون لأن يؤدي الخ" بدليل ما بعده وحرر اهـ مصححه.

باب التقاط المنبوذ يوجد معه الشيء بما وضع بخطه لا أعلمه سمع منه ومن مسائل شتى سمعتها منه لفظا.
قال الشافعي رحمه الله فيما وضع بخطه: ما وجد تحت المنبوذ من شيء مدفون من.

 

ص -185-     ضرب الإسلام أو كان قريبا منه فهو لقطة أو كانت دابة فهي ضالة فإن وجد على دابته أو على فراشه أو على ثوبه مال فهو له وإن كان ملتقطه غير ثقة نزعه الحاكم منه وإن كان ثقة وجب أن يشهد بما وجد له وأنه منبوذ ويأمره بالإنفاق منه عليه بالمعروف وما أخذ ثمنه المتقط وأنفق منه عليه بغير أمر الحاكم فهو ضامن فإن لم يوجد له مال وجب على الحاكم أن ينفق عليه من مال الله تعالى فإن لم يفعل حرم تضييعه على من عرفه حتى يقام بكفالته فيخرج من بقي من المأثم ولو أمره الحاكم أن يستسلف ما أنفق عليه يكون عليه دينا فما ادعى قبل منه إذا كان مثله قصدا قال المزني: لا يجوز قول أحد فيما يتملكه على أحد لأنه دعوى وليس كالأمين يقول فيبرأ قال الشافعي ولو وجده رجلان فتشاحاه أقرعت بينهما فمن خرج سهمه دفعته إليه وإن كان الآخر خيرا له إذا لم يكن مقصرا عما فيه مصلحته وإن كان أحدهما مقيما بالمصر والآخر من غير أهله دفع إلى المقيم وإن كان قرويا وبدويا دفع إلى القروي لأن القرية خير له من البادية وإن كان عبدا وحرا دفع إلى الحر وإن كان مسلما ونصرانيا في مصر به أحد من المسلمين وإن كان الأقل دفع إلى المسلم وجعلتة مسلما وأعطيته من سهمان المسلمين حتى يعرب عن نفسه فاذا أعرب عن نفسه فامتنع من الإسلام لم يبن لي أن أقلته ولا أجبره على الإسلام وإن وجد في مدينة أهل الذمة لا مسلم فيهم فهو ذمي في الظاهر حتى يصف الإسلام بعد البلوغ ولو أراد الذي التقطه الطعن به فإن كان يؤمن أن يسترقه فذلك له وإلا منعه وجنايته خطأ على جماعة المسلمين والجناية عليه على عاقلة الجاني فإن قتل عمدا فللإمام القود أو العقل وإن كان جرحا حبس له الجارح حتى يبلغ فيختار القود أو الأرش فإن كان معتوها فقيرا أحببت للإمام أن يأخذ له الأرش وينفقه عليه وهو في معنى الحر حتى يبلغ فيقر فإن أقر بالرق قبلته ورجعت عليه بما أخذه وجعلت جنايته في عنقه ولو قذفه قاذف لم أحد له حتى أسأله فإن قال: أنا حر حددت قاذفه وإن قذف حرا حد قال المزني رحمه الله: وسمعته يقول اللقيط حر1 لأن أصل الآدميين الحرية إلا من ثبتت عليه العبودية ولا ولاء عليه كما لا أب له فإن مات فميراثه لجماعة المسلمين قال المزني: هذا كله يوجب أنه حر قال المزني رحمه الله: وقوله المعروف أنه لا يحد القاذف إلا أن تقوم بينة للمقذوف أنه حر لأن الحدود تدرأ بالشبهات قال الشافعي رحمه الله: ولو ادعاه الذي وجده ألحقته به فإن ادعاه آخر أريته القافة فإن ألحقوه بالاخر أريتهم الأول فإن قالوا: إنه ابنهما لم ننسبه إلى أحدهما حتى يبلغ فينتسب إلى من شاء منهما وإن لم يلحق بالاخر فهو ابن الأول قال: ولو ادعى اللقيط رجلان فأقام كل واحد منهما بينة أنه كان في يده جعلته للذي كان في يده أولا وليس هذا كمثل المال ودعوة المسلم والعبد والذمي سواء غير أن الذمي إذا ادعاه ووجد في دار الإسلام فألحقته به أحببت أن أجعله مسلما في الصلاة عليه وأن آمره إذا بلغ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر الأم 4/87.

 

ص -186-     بالإسلام من غير إجبار وقال في كتاب الدعوى: إنا نجعله مسلما لأنا لا نعلمه كما قال قال المزني: عندي هذا أولى بالحق لأن من ثبت له حق لم يزل حقه بالدعوى فقد ثبت للإسلام أنه من أهله وجرى حكمه عليه بالدار فلا يزول حق الإسلام بدعوى مشرك قال الشافعي رحمه الله: فإن أقام بينة أنه ابنه بعد أن عقل ووصف الإسلام ألحقناه به ومنعناه أن ينصره فإذا بلغ فامتنع من الإسلام لم يكن مرتدا نقلته وأحبسه وأخيفه رجاء رجوعه قال المزني رحمه الله: قياس من جعله مسلط أن لا يرده إلى النصرانية قال الشافعي رحمه الله: ولا دعوة للمرأة إلا ببينة فإن أقامت امرأتان كل واحدة منهما بينة أنه ابنها لم أجعله ابن واحدة منهما حتى أريه القافة فإن ألحقوه بواحدة لحق بزوجها ولا ينفيه إلا باللعان قال المزني رحمه الله: مخرج قول الشافعي في هذا أن الولد للفراش وهو الزوج فلما ألحقته القافة بالمرأة كان زوجها فراشا يلحقه ولدها ولا ينفيه إلا بلعان قال الشافعي رحمه الله: وإذا ادعى الرجل اللقيط أنه عبده لم أقبل البينة حتى تشهد أنها رأت أمة فلان ولدته وأقبل أربع نسوة وإنما منعني أن أقبل شهوده أنه عبده لأنه قد يرى في يده فيشهد أنه عبده وقال في موضع آخر: إن أقام بينة أنه كان في يده قبل التقاط الملتقط أرفقته له قال المزني: هذا خلاف قوله الأولى وأولى بالحق عندي من الأول قال الشافعي رحمه الله: وإذا بلغ اللقيط فاشترى وباع ونكح وأصدق ثم أقر بالرق لرجل ألزمته ما يلزمه قبل إقراره وفي إلزامه الرق قولان أحدهما: أن إقراره يلزمه في نفسه وفي الفضل من ماله عما لزمه ولا يصدق في حق غيره ومن قال أصدقه في الكل قال لأنه مجهول الأصل ومن قال القول الأول قاله في امرأة نكحت ثم أقرت بملك لرجل لا أصدقها على إفساد النكاح ولا ما يجب عليها للزوج وأجعل طلاقه إياها ثلاثا وعدتها ثلاث حيضر وفي الوفاة عدة أمة لأنه ليس عليها في الوفاة حق يلزمها له وأجعل ولده قبل الإقرار ولد حرة وله الخيار فإن أقام على النكاح كان ولده رقيقا وأجعل ملكها لمن أقرت له بأنها أمته قال المزني رحمه الله: أجمعت العلماء أن من أقر بحق لزمه ومن ادعاه لم يجب له بدعواه وقد لزمتها حقوق بإقرارها فليس لها إبطالها بدعواه قال الشافعي رحمه الله: ولا أقر اللقيط بأنه عبد لفلان وقال الفلان ما ملكته قط ثم أقر لغيره بالرق بعد لم أقبل إقراره وكان حرا في جميع أحواله.

اختصار الفرائض مما سمعته من الشافعي ومن الرسالة ومما وضعته علي نحو مذهبه لأن مذهبه في الفرائض نحو قول زيد بن ثابت باب من لا يرث.
قال المزني: وهو من قول الشافعي: لا ترث العمة والخالة وبنت الأخ وبنت العم والجدة أم أب الأم والخال وابن الأخ للأم والعم أخو الأب للأم والجد أبو الأم وولد البنت وولد الأخت ومن هو أبعد منهم والكافرون والمملوكون والقاتلون عمدا أو خطأ ومن عمي موته كل هؤلاء لا يرثون ولا يحجبون ولا ترث الإخوة والأخوات من قبل الأم مع الجد.

 

ص -187-     وإن علا ولا مع الولد ولا مع ولد الابن وإن سفل ولا ترث الإخوة ولا الأخوات من كانوا مع الأب ولا مع الابن ولا مع ابن الابن وإن سفل ولا يرث مع الأب أبواه ولا مع الأم جدة وهذاكله قول الشافعي ومعناه.

باب المواريث.
قال المزني رحمه الله: وللزوج النصف فإن كان للميت ولد أو ولد ولد وإن سفل فله الربع وللمرأة الربع فإن كان للميت ولد أو ولد ولد وإن سفل فلها الثمن والمرأتان والثلاث والأربع شركاء في الربع إذا لم يكن ولد وفي الثمن إذا كان ولد وللأم الثلث فإن كان للميت ولد أو ولد ولد أو اثنان من الإخوة أو الأخوات فصاعدا فلها السدس إلا في فريضتين إحداهما: زوج وأبوان والأخرى: امرأة وأبوان فإنه يكون في هاتين الفريضتين للأم ثلث ما يبقى بعد نصيب الزوج أو الزوجة وما بقي فللأب وللبنت النصف وللابنتين فصاعدا الثلثان فإذا استكمل البنات الثلثين فلا شيء لبنات الابن إلا أن يكون للميت ابن ابن فيكون ما بقي له ولمن في درجته أوأقرب إلى الميت منه من بنات الابن ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين فإن لم يكن للميت إلا ابنة واحدة وبنت ابن أو بنات ابن فللابنة النصف ولبنت الابن أو بنات الابن السدس تكملة الثلثين وتسقط بنات ابن الابن إذا كمن أسفل منهن إلا أن يكون معهن ابن ابن في درجتهن أو أبعد منهن فيكون ما بقي له ولمن في درجته أو أقرب إلى الميت منه من بنات الابن ممن لم يأخذ من الثلثين شيئا للذكر مثل حظ الأنثيين ويسقط من أسفل من الذكر فإن لم يكن إلا ابنة واحدة وكان مع بنت الابن أو بنات الابن ابن ابن في درجتهن فلا سدس لهن ولكن ما بقي له ولهن للذكرمثل حظ الأنثيين وإن كان مع البنت أو البنات للصلب ابن فلا نصف ولا ثلثين ولكن المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ويسقط جميع ولد الابن وولد الابن بمنزلة ولد الصلب في كل إذا لم يكن ولد صلب وبنو الإخوة لا يحجبون الأم عن الثلث ولا يرثون مع الجد و لواحد الإخوة والأخوات من قبل الأم السدس وللاثنين فصاعدا الثلث ذكرهم وأنثاهم فيه سواء وللأخت للأب والأم والنصف وللأختين فصاعدا الثلثان فإذا استوفى الأخوات للأب والأم الثلثين فلا شيء للأخوات للأب إلا أن يكون معهن أخ فيكون له ولهن ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين فإن لم يكن إلا أخت واحدة لأب وأم وأخت أو أخوات لأب فللأخت للأب والأم النصف وللأخت أو الأخوات للأب السدس تكملة الثلثين وإن كان مع الأخت أو الأخوات للأب أخ لأب فلا سدس لهن ولهن وله ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين وإن كان مع الأخوات للأب والأم أخ للأب والأم فلا نصف ولا ثلثين ولكن المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وتسقط الإخوة والأخوات للأب والإخوة والأخوات للأب بمنزلة الإخوة والأخوات للأب والأم إذا لم يكن أحد من الإخوة والأخوات للأب والأم إلا فريضة وهي زوج وأم وإخوة لأم وإخوة لأب وأم فيكون للزوم النصف وللأم السدس وللإخوة من الأم.

 

ص -188-     الثلث ويشاركهم الإخوة للأب والأم في ثلثهم ذكرهم وأنثاهم سواء فإن كان معهم إخوة لأب لم يرثوا وللأخوات مع البنات ما بقي إن بقي شيء وإلا فلا شيء لهن ويسمين بذلك عصبة البنات وللأب مع الولد وولد الابن السدس فريضة وما بقي بعد أهل الفريضة فله وإذا لم يكن ولد ولا ولد ابن فإنما هو عصبة له المال وللجدة والجدتين السدس قال: وإن قرب بعضهن دون بعض فكانت الأقرب من قبل الأم فهي أولى وإن كانت الأبعد شاركت في السدس وأقرب اللائي من قبل الأب تحجب بعداهن وكذلك تحجب أقرب اللائي من قبل الأم بعداهن.

باب أقرب العصبة.
قال المزني رحمه الله: وأقرب العصبة البنون ثم بنو البنين ثم الأب ثم الإخوة للأب والأم إن لم يكن جد فإن كان جد شاركهم في باب الجد ثم الإخوة للأب ثم بنو الإخوة للأب والأم ثم بنو الإخوة للأب فإن لم يكن أحد من الإخوة ولا من بنيهم ولا بني بنيهم وإن سفلوا فالعم للأب والأم ثم العم للأب ثم بنو العم للأب والأم ثم بنو العم للأب فإن لم يكن أحد من العمومة ولا بنيهم ولا بني بنيهم وإن سفلوا فعم الأب للأب والأم فإن لم يكن فعم الأب للأب فإن لم يكن فبنوهم وبنو بنيهم على ما وصفت من العمومة وبنيهم وبني بنيهم فإن لم يكونوا فعم الجد للأب والأم فإن لم يكن فعم الجد للأب فإن لم يكن فبنوهم وبنو بنيهم على ما وصفت في عمومة الأب فإن لم يكونوا فأرفعهم بطنا وكذلك نفعل في العصبة إذا وجد أحد من ولد الميت وإن سفل لم يورث أحد من ولد ابنه وإن قرب وإن وجد أحد من ولد ابنه وإن سفل لم يورث أحد من ولد جده وإن قرب وإن وجد أحد من ولد جده وإن سفل لم يورث أحد من ولد أبي جده وإن قرب وإن كان بعض العصبة أقرب بأب فهو أولى لأب كان أو لأب وأم وإن كانوا في درجة واحدة إلا أن يكون بعضهم لأب وأم فالذي لأب وأم أولى فإذا استوت قرابتهم فهم شركاء في الميراث فإن لم تكن عصبة برحم يرث فالمولى المعتق فإن لم يكن فأقرب عصبة مولاه الذكور فإن لم يكن فبيت المال.

باب ميراث الجد.
قال الشافعي: والجد لا يرث مع الأب فإن لم يكن أب فالجد بمنزلة الأب إن لم يكن الميت ترك أحدا من ولد أبيه الأدنين أو أحدا من أمهات أبيه وإن عالت الفريضة إلا في فريضتين زوج وأبوين أو امرأة وأبوين فإنه إذا كان فيها مكان الأب جد صار للأم الثلث كاملا وما بقي فللجد بعد نصيب الزوج أو الزوجة وأمهات الأب لا يرثن مع الأب ويرثن مع الجد وكل جد وإن علا فكالجد إذا لم يكن جد دونه في كل حال إلا في حجب أمهات الجد وإن بعدن فالجد يحجب أمهاته وإن بعدن ولا يحجب أمهات من هو أقرب منه.

 

ص -189-     باب ميراث المرتد.
قال: وميراث المرتد لبيت مال المسلمين ولا يرث المسلم الكافر واحتج الشافعي في المرتد بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم"1 واحتج على من ورث ورثته المسلمين ماله ولم ثررثه منهم فقال: هل رأيت أحدا لا يرث ولده إلا أن يكون قاتلا ويرثه ولده؟ وإنما أثبت الله المواريث للأبناء من الآباء حيث أليت المواريث للاباء من الأبناء قال المزني رحمه الله: قد زعم الشافعي أن نصف العبد إذا كان حرا يرثه أبوه إذا مات ولا يرث هذا النصف من أبيه إذا مات أبوه فلم يورثه من حيث ورث منه والقياس على قوله أنه يرث من حيث يورث وقال: في المرأة إذا طلقها زوجها ثلاثا مريضا فيها قولان: أحدهما: ترثه والاخر: لا ترثه والذي يلزمه أن لا يورث لأنه لا يرثها بإجماع لانقطاع النكاح الذي به يتوارثان فكذلك لا ترثه كما لا يرثها لأن الناس عنده يرثون من حيث يورثون ولا يرثون من حيث لا يورثون.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر الأم 4/90, 115.

 

ص -190-     باب ميراث المشتركة.
قال الشافعي رحمه الله: قلنا في المشتركة زوج وأم وأخوين لأم وأخوين لأب وأم للزوج النصف وللأم السدس وللأخوين للأم الثلث و يشركهم بنو الأب والأم لأن الأب لما سقط سقط حكمه وصار كأن لم يكن وصاروا بني أم معا قال: وقال لي محمد بن الحسن: هل وجدت الرجل مستعملا في حال ثم تأتي حالة أخرى فلا يكون مستعملا؟ قلت: نعم ما قلنا نحن وأنت وخالفنا فيه صاحبك من أن الزوج ينكح المرأة بعد ثلاث تطليقات ثم يطلقها فتحل للزوج قبله ويكون مبتدئا لنكاحها وتكون عنده على ثلاث ولو نكحها بعد طلقة لم تنهدم كما تنهدم الثلاثة لأنه لما كان له معنى في إحلال المرأة هدم الطلاق الذي تقدمه إذا كانت لا تحل إلا به ولما لم يكن له معنى في الواحدة والثنتين وكانت تحل لزوجها بنكاح قبل زوج لم يكن له معنى فنستعمله قال: إن لنقول بهذا فهل تجد مثله في الفرائض؟ قلت: نعم الأب يموت ابنه وللابن إخوة فلا يرثون مع الأب فإن كان الأب قاتلا ورثوا ولم يرث الأب من قبل أن حكم الأب قد زال ومن زال حكمه فكمن لم يكن.

باب ميراث ولد الملاعنة.
قال الشافعي رحمه الله: وقلنا وإذا مات ولد الملاعنة وولد الزنا ورثت أمه حقها وإخوته لأمه حقوقهم ونظرنا ما بقي فإن كانت أمه مولاة ولاء عتاقة كان ما بقي ميراثا لموالي أمه وإن كانت عربية أو لا ولاء لها كان ما بقي لجماعة المسلمين وقال بعض الناس فيها بقولنا إلا في خصلة إذا كانت عربية أو لا ولاء لها فعصبته عصبة أمه واحتجوا برواية لا تثبت وقالوا: كيف لم تجعلوا عصبته عصبة أمه كما جعلتم مواليه موالي أمه؟ قلنا: بالأمر الذي لم نختلف فيه نحن ولا أنتم ثم تركتم فيه قولكم أليس المولاة المعتقة تلد من مملوك؟ أليس ولدها تبعا لولائها كأنهم أعتقوهم وشقل عنهم موالي أمهم ويكونون أولياء في التزويج لهم؟ قالوا: نعم قلنا: فإن كانت عربية أتكون عصبتها عصبة ولدها يعقلون عنهم أو يزوجون البنات منهم؟ قالوا: لا قلنا: فإذا كان موالي الأم يقومون مقام العصبة في ولد مواليهم وكان الأخوال لا يقومون ذلك المقام في بني أختهم فكيف أنكرت ما قلنا والأصل الذي ذهبنا إليه واحد؟.

باب ميراث المجوس.
قال الشافعي رحمه الله: إذا مات المجوسي وبنته امرأته أوأخته أمه نظرنا إلى أعظم السببين فورثناها به وألقينا الآخر وأعظمهما أثبتهما بكل حال فإذا كانت الأم أختا ورثناها بأنها أم وذلك لأن الأم تثبت في كل حال والأخت قد تزول وهكذا جميع فرائضهم على هذه المسألة وقال: بعض الناس: أورثها من الوجهين معا قلنا: فإذا كان مع أخت.

 

ص -191-     باب ذوي الأرحام.
قال الشافعي رحمه الله: احتجاج الشافعي فيمن يؤول الآية في ذوي الأرحام قال لهم الشافعي: لو كان تأويلها كما زعمتم كنتم قد خالفتموها قالوا: فما معناها؟ قلنا: توارث الناس بالحلف والنصرة ثم توارثوا بالإسلام والهجرة ثم نسخ الله تبارك وتعالى بقوله:
{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ}1 على ما فرض الله لا مطلقا ألا ترى أن الزوج يأخذ أكثر مما يأخذ ذوو الأرحام ولا رحم له؟ أو لا ترى أنكم تعطون ابن العم المال كله دون الخال وأعطيتم مواليه جميع المال دون الأخوال فتركتم الإرحام وأعطيتم من لا رحم له؟.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الأحزاب: 6.

باب الجد يقاسم الإخوة.
قال الشافعي رحمه الله: إذا ورث الجد مع الإخوة للأب والأم أو للأب قاسمهم ما كانت المقاسمة خيرا له من الثلث فإدا كان الثلث خيرا له منها أعطيه وهذا قول زيد وعنه قبلنا أكثر الفرائض وقد روي هذا القول عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم أنهم قالوا فيه مثل قول زيد بن ثابت2 وهو قول الأكثر من فقهاء البلدان فإن قال قائل: فإنا نزعم أن الجد أب لخصال منها: أن الله تبارك وتعالى: قال: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ}3 فأسمى الجد في النسب أبا ولم ينقصه المسلمون من السدس وهذا حكمهم للأب وحجبوا بالجد بني الأم وهكذا حكمهم في الأب فكيف جاز أن تفرقوا بين أحكامه وأحكام الأب فيما سواها؟ قلنا: إنهم لم يجمعوا بين أحكامهما فيها قياسا منهم للجد على الأب لأنه لو كان إنما يرث باسم الأبوة لورث ودونه أب أو كان قاتلا أو مملوكا أو كافرا فالآبوة تلزمه وهو غير وارث وإنما ورثناه بالخبر في بعض المواضع دون بعض لا باسم الأبوة ونحن لا ننقص الجدة من السدس أفترى ذلك قياسا على الأب يحجبون بها الإخوة من الأم بابنة ابن متسفلة؟ أفتحكمون لها بحكم الأب وهذا يبين أن الفرائض تجتمع في.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 انظر الأم 4/108.
3 سورة الحج: 78.

 

ص -192-     بعض الأمور دون بعض؟ وقلنا: أليس إنما يدلي الجد بقرابة أب الميت بأن يقول الجد أنا أبو أب الميت والأخ أنا ابن أبي الميت فكلاهما يدلي بقرابة أبي الميت؟ قلنا: أفرأيتم لو كان أبوه الميت في تلك الساعة أيهما كان أولى بميراثه؟ قالوا: يكون لأخيه خمسة أسداس ولجده سدس قلنا: فإذا كان الأخ أولى بكثرة الميراث ممن يدليان بقرابته فكيف جاز أن يحجب الذي هو أولى بالأب الذي يدليان بقرابته بالذي هو أبعد؟ ولولا الخبر كان القياس أن يعطي الأخ خمسة أسهم والجد سهما كما ورثناهما حين مات ابن الجد وأبو الأخ.