مختصر المزني في فروع الشافعية ط العلمية

ص -287-     كتاب العدد عدة المدخول بها من الجامع من كتاب العدد ومن كتاب الرجعة والرسالة.
قال الشافعي رحمه الله: قال الله تعالى:
{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}1 قال: والأقراء عنده الأطهار والله أعلم بدلالتين أولاهما: الكتاب الذي دلت عليه السنة والأخرى اللسان قال: قال الله تعالى: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}2 وقال عليه الصلاة والسلام في غير حديث لما طلق ابن عمر امرأته وهي حائض: "يرتجعها فإذا طهرت فليطلق أو ليمسك"3 وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل عدتهن أو في قبل عدتهن"4 الشافعي شك فأخبر صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى أن العدة الأطهار دون الحيض وقرأ {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} وهو أن يطلقها طاهرا لأنها حينئذ تستقبل عدتها ولو طلقت حائضا لم تكن مستقبلة عدتها إلا من بعد الحيض والقرء اسم وضع لمعنى فلما كان الحيض دما يرخيه الرحم فيخرج والطهر دما يحتبس فلا يخرج كان معروفا من لسان العرب أن القرء الحبس تقول العرب: هو يقري الماء في حوضه وفي سقائه وتقول: هو يقري الطعام في شدقه وقالت عائشة رضي الله عنها: هل تدرون ما الأقراء الأقراء الأطهار لما وقالت: إذا طعنت المطلقة في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه والنساء بهذا أعلم4 وقال زيد بن ثابت وابن عمر: إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت وبرىء منها ولا ترثه ولا يرثها5 قال الشافعي والأقراء الأطهار والله أعلم ولا يمكن أن يطلقها طاهرا إلا وقد مضى بعض الطهر وقال الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}6 وكان شوال وذو القعدة كاملين وبعض ذي الحجة كذلك الأقراء طهران كاملان وبعض طهر وليس في الكتاب ولا في السنة للغسل بعد الحيضة الثالثة معنى تنقضي به العدة ولو طلقها طاهرا قبل جماع أو بعده ثم حاضت بعده بطرفة فذلك قرء وتصدق على ثلاثة قروء في أقل ما يمكن وأقل ما علمناه من الحيض يوم وقال في موضمع آخريوم وليلة قال المزني رحمه الله: وهذا أولى لأنه زيادة في الخبر والعلم وقد يحتمل قوله يوما بليلة فيكون المفسر من قوله يقضي على المجمل وهكذا أصله في العلم قال الشافعي رحمه الله: وإن علمنا أن طهر امرأة أقل من خمسة عشر جعلنا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة البقرة: 228.
2 سورة الطلاق: 1.
3 انظر الأم 5/200, 264.
4 انظر الأم 5/303 وسورة الطلاق: 1.
5 انظر الأم 5/303.
6 سورة البقرة: 197.

 

ص -288-     القول فيه قولها1 وكذلك تصدق على الصدق ولو رأت الدم في الثالثة دفعة ثم ارتفع يومين أو ثلاثة أو أكثر فإن كان الوقت الذي رأت فيه الدفعة في أيام حيضها ورأت صفرة أو كدرة أو لم تر طهرا حتى يكمل يوما وليلة فهو حيض وإن كان في غير أيام الحيض فكذلك إذا أمكن أن يكون بين رويتها الدم والحيض قبله قدر طهر وإن رأت الدم أقل من يوم وليلة لم يكن حيضا ولو طبق عليها فإن كان دمها ينفصل فيكون في أيام أحمر قانئا محتدما كثيرا وفي أيام بعده رقيقا إلى الصفرة فحيضها أيام المحتدم الكثير وطهرها أيام الرقيق القليل إلى الصفرة وإن كان مشتبها كان حيضها بقدر أيام حيضها فيما مضى قبل الاستحاضة وإن ابتدأت مستحاضة أو نسيت أيام حيضها تركت الصلاة يوما وليلة واستقبلنا بها الحيض من أول هلال يأتي عليها بعد وقوع الطلاق فإذا هل هلال الرابع انقضت عدتها ولو كانت تحيض يوما وتطهر يوما ونحو ذلك جعلت عدتها تنقضي بثلاثة أشهر وذلك المعروف من أمر النساء أنهن يحضن في كل شهر حيضة فلا أجد معنى أولى بعدتها من الشهور ولو تباعد حيضها فهي من أهل الحيض حتى تبلغ السن التي من بلغها لم تحض بعدها من المؤيسات اللاتي جعل الله عدتهن ثلاثة أشهر فاستقبلت ثلاثة أشهر2 وقد روي عن ابن مسعود وغيره مثل هذا وهو يشبه ظاهر القرآن وقال عثمان لعلي وزيد في امرأة حبان بن منقذ طلقها وهو صحيح وهي ترضع فأقامت تسعة عشر شهرا لا تحيض ثم مرض: ما تريان قالا: نرى أنها ترثه إن مات ويرثها إن ماتت فإنها ليست من القواعد اللائي يئسن من المحيض وليست من الأبكار التي لم يبلغن المحيض ثم هي على عدة حيضها ما كان من قليل وكثير فرجع حبان إلى أهله فأخذ ابنته فلما فقدت الرضاع حاضت حيضتين ثم توفي حبان قبل الثالثة فاعتدت عدة المتوفى عنها وورثته3 وقال عطاء كما قال الله تعالى: {فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ}4 قال الشافعي رحمه الله: في قول عمر رضي الله عنه في التي رفعتها حيضتها ئنتظر تسعة أشهر فإن بان بها حمل فذلك وإلا اعتدت بعد التسعة ثلاثة أشهر5 ثم حلت يحتمل قوله في امرأة قد بلغت السن التي من بلغها من نسائها يئسن فلا يكون مخيالفا لقول ابن مسعود رضي الله عنه وذلك وجه عندنا6 قال: وإن مات صبي لا يجامع مثله فوضعت امرأته قبل أربعة أشهر وعشر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قوله: "وكذلك تصدق على الصدق " كذا في النسخة ولم نجده في كلام الأم في هذا الباب ويؤخذ من عبارتها أنها تصدق في دعوى ما يكون مثله أي مثل حيضها الذي اعتادته قبل الطلاق ولعله المراد وحرر اهـ كتبه مصححه.
2 انظر الأم 5/306.
3 انظر الأم 5/307.
4 انظر الأم 5/307.
5 انظر الأم 5/307.
6 انظر الأم 5/308.

 

ص -289-     أتمت أربعة أشهر وعشرا لأن الولد ليس منه فإن مضت قبل أن تضع حلت منه وإن كان1 بقي له شيء يغيب في الفرج أو لم يبق له وكان والخصي ينزلان لحقهما الولد واعتدت زوجتاهما كما تعتد زوجة الفحل وإن أرادت الخروج كان له منعها حيا ولورثته ميتا حتى تنقضي عدتها وإن طلق من لا تحيض من صغر أو كبر في أول الشهر أو آخره اعتدت شهرين بالأهلة وإن كان تسعا وعشرين وشهرا ثلاثين ليلة حتى يأتي عليها تلك الساعة التي طلقها فيها من الشهر ولو حاضت الصغيرة بعد انقضاء الثلاثة الأشهر فقد انقضت عدتها ولو حاضت قبل انقضائها بطرفة خرجت من اللائي لم يحضن واستقبلت الأقراء قال: وأعجب من سمعت به من النساء يحضن نساء تهامة يحضن لتسع سنين فتعتد إذا حاضت من هذه السن بالأقراء فإن بلغت عشرين سنة أو أكثر لم تحض قط اعتدت بالشهور ولو طرحت ما تعلم أنه ولد مضغة أو غيرها حلت قال المزني رحمه الله: وقال في كتابين: لا تكون به أم ولد حتى يبين فيه من خلق الإنسان شيء وهذا أقيس قال: ولو كانت تحيض على الحمل تركت الصلاة واجتنبها زوجها ولم تنقض بالحيض عدتها لأنها ليست معتدة به وعدتها أن تضع حملها ولا تنكح المرتابة وإن أوفت عدتها لأنها لا تدري ما عدتها فإن نكحت لم يفسخ ووقفناه فإن برئت من الحمل فهو ثابت وقد أساءت وإن وضعت بطل النكاح قال المزني رحمه الله: جعل الحامل تحيض ولم يجعل لحيضها معنى يعتد به كما تكون التي لم تحض تعتد بالشهور فإذا حدث الحيض كانت العدة بالحيض والشهور كما كانت تمر عليها وليست بعدة وكذلك الحيض يمر عليها وليس كل حيض عدة كما ليس كل شهور عدة ولو كانت حاملا بولدين فوضعت الأول فله الرجعة ولو ارتجعها وخرج بعض ولدها وبقي بعضه كانت رجعة ولا تخلو حتى يفارقها كله ولو أوقع الطلاق فلم يدر أقبل ولادها أم بعده فقال وقع بعد ما ولدت فلي الرجعة وكذبته فالقول قوله لأن الرجعة حق له والخلو من العدة حق لها ولم يدر واحد منهما كانت العدة عليها لأنها وجبت ولا نزيلها إلا بيقين والورع أن لا يرتجعها ولو طلقها فلم يحدث لها رجعة ولا نكاحا حتى ولدت لأكثر من أربع سنين فأنكره الزوج فهو منفي باللعان لأنها ولدته بعد الطلاق لما لا يلد له النساء قال المزني رحمه الله: فإذا كان الولد عنده لا يمكن أن تلده منه فلا معنى للعان به ويشبه أن يكون هذا غلطا من غير الشافعي وقال في موضع آخر: لو قال لامرأته كلما ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ولدين بينهما سنة طلقت بالأول وحلت للأزواج بالآخر ولم نلحق به الآخر لأن طلاقه وقع بولادتها ثم لم يحدث لها نكاحا ولا رجعة ولم يقر به فيلزمه إقراره فكان الولد منتفيا عنه بلا لعان وغيرممكن أن يكون في الظاهرمنه قال المزني رحمه الله: فوضعها لما لا يلد له النساء من ذلك أبعد وبأن لا يحتاج إلى لعان به أحق قال: ولو ادعت المرأة أنه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قوله "بقى له" أي للمجبوب كما هي ظاهر العبارة كتبه مصححه.

 

ص -290-     راجعها في العدة أو نكحها إن كانت بائنا أوأصابها وهي ترى أن له عليها الرجعة لم يلزمه الولد وكانت اليمين عليه إن كان حيا وعلى ورثته على علمهم إن كان ميتا ولو نكح في العدة وأصيبت فوضعت لأقل من ستة أشهر من نكاح الآخر وتمام أربع سنين من فراق الأول فهو للأول ولو كان لأكثر من أربع سنين من فراق الأول لم يكن ابن واحد منهما لأنه لم يمكن من واحد منهما قال المزني رحمه الله؟ فهذا قد نفاه بلا لعان فهذا والذي قبله سواء قال: فإن قيل: فكيف لم ينف الولد إذا أقرت أمه بانقضاء العدة ثم ولدت لأكثر من ستة أشهر بعد إقرارها قيل: لما أمكن أن تحيض وهي حامل فتقر بانقضاء العدة على الظاهر والحمل قائم لم ينقطع حق الولد بإقرارها بانقضاء العدة وألزمناه الأب ما أمكن أن يكون حملا منه وكان الذي يملك الرجعة ولا يملكها في ذلك سواء لأن كلتيهما تحلان بانقضاء للأزواج وقال في باب اجتماع العدتين والقافة: إن جاءت بولد لأكثر من أربع سنين من يوم طلقها الأول إن كان يملك الرجعة دعا له القافة وإن كان لا يملك الرجعة فهو للثاني قال المزني رحمه الله: فجمع بين من له الرجعة عليها ومن لا رجعة له عليها في باب المدخول بها وفرق بينهما بأن تحل في باب اجتماع العدتين والله أعلم.

لا عدة على التي لم يدخل بها زوجها.
قال الشافعي رحمه الله: قال الله تعالى:
{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ}1 الآية قال: والمسيس الإصابة2 وقال ابن عباس وشريح وغيرهما: لا عدة عليها إلا بالإصابة بعينها لأن الله تعالى قال3 هكذا قال الشافعي وهذا ظاهر القرآن فإن ولدت التي قال زوجها: لم أدخل بها لستة أشهر أو لأكثر ما يلد له النساء من يوم عقد نكاحها لحق نسبه وعليه المهر إذا ألزمناه الولد حكمنا عليه بأنه مصيب ما لم تنكح زوجا غيره ويمكن أن يكون منه قال: ولو خلا بها فقال: لم أصبها وقالت: قد أصابني ولا ولد فهي مدعية والقول قوله مع يمينه وإن جاءت بشاهد بإقراره أحلفتها مع شاهدها وأعطيتها الصداق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة البقرة: 237.
2 انظر الأم 5/311.
3 انظر الأم 5/311.

باب العدة من الموت والطلاق وزوج غائب.
قال الشافعي رحمه الله: وإذا علمت المرأة يقين موت زوجها أو طلاقه ببينة أو أي علم اعتدت من يوم كانت فيه الوفاة والطلاق وإن لم تعتد حتى تمضي العدة لم يكن عليها غيرها لأنها مدة وقد مرت عليها وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"تعتد من يوم تكون الوفاة أو الطلاق" وهو قول عطاء و ابن المسيب و الزهري4.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
4 انظر الأم 5/312, 313.

 

ص -291-     باب في عدة الأمة.
قال الشافعي رحمه الله: فرق الله بين الأحرار والعبيد في حد الزنا فقال في الإماء:
{فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ} الآية وقال تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}1 وذكر المواريث فلم يختلف أحد لقيته أن ذلك في الأحرار دون العبيد وفرض الله العدة ثلاثة أشهر وفي الموت أربعة أشهر وعشرا وسن صلى الله عليه وسلم أن تستبرأ الأمة بحيضة2 وكانت العدة في الحرائر استبراء وتعبدا وكانت الحيضة في الأمة استبراء وتعبدا ولم أعلم مخالفا ممن حفظت عنه من أهل العلم في أن عدة الأمة نصف عدة الحرة فيما له نصف معدود فلم يجز إذا وجدنا ما وصفنا من الدلائل على الفرق فيما ذكرنا وغيره إلا أن نجعل عدة الأمة نصف عدة الحرة فيما له نصف فأما الحيضة فلا يعرف لها نصف فتكون عدتها فيه قرب الأشياء من النصف إذا لم يسقط من النصف شيء وذلك حيضتان وأما الحمل فلا نصف له كما لم يكن للقطع نصف فقطع العبد والحر قال عمر رضي الله عنه: يطلق العبد تطليقتين وتعتد الأمة حيضتين فإن لم تحض فشهرين أو شهرا3 ونصفا قال: ولو أعتقت الأمة قبل مضي العدة أكملت عدة حرة لأن العتق وقع وهي في معاني الأزواج في عامة أمرها ويتوارثان في عدتها بالحرية ولو كانت تحت عبد فاختارت فراقه كان ذلك فسخا بغير طلاق وتكمل منه العدة من الطلاق الأول ولو أحدث لها رجعة ثم طلقها ولم يصبها بنت على العدة الأولى لأنها مطلقة لم تمسس قال المزني رحمه الله: هذا عندي غلط بل عدتها من الطلاق الثاني لأنه لما راجعها بطلت عدتها وصارت في معناها المتقدم بالعقد الأول لا بنكاح مستقبل فهو في معنى من ابتدأ طلاقها مدخولا بها: ولو كان طلاقا لا يملك فيه الرجعة ثم عتقت ففيها قولان أحدهما: أن تبني على العدة الأولى ولا خيار لها ولا تستأنف عدة لأنها ليست في معاني الأزواج والثاني: أن تكمل عدة حرة قال المزني رحمه الله: هذا أولى بقوله ومما يدلك على ذلك قوله في المرأة تعتد بالشهور ثم تحيض إنها تستقبل الحيض ولا يجوز أن تكون في بعض عدتها حرة وهي تعتد عدة أمة وكذلك قال: لا يجوز أن يكون في بعض صلاته مقيما ويصلي صلاة مسافر وقال: هذا أشبه القولين بالقياس قال المزني رحمه الله: وما احتج به من هذا يقضي على أن لا يجوز لمن دخل في صوم ظهار ثم وجد رقبة أن يصوم وهو ممن يجد رقبة ويكفر بالصيام ولا لمن دخل في الصلاة بالتيمم أن يكون ممن يجد الماء ويصلي بالتيمم كما قال لا يجوزأن تكون في عدتها ممن تحيض وتعتد بالشهور في نحو ذلك من أقاويله وقد سوى الشافعي رحمه الله في ذلك بين ما يدخل فيه المرء وبين ما لم يدخل فيه فجعل المستقبل فيه كالمستدبر قال: والطلاق إلى الرجال والعدة بالنساء وهو أشبه بمعنى القرآن مع ما.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الطلاق: 2.
2 انظر الأم 5/314., 315
3 انظر الأم 5/313.

 

ص -292-     ذكرناه من الأثر وما عليه المسلمون فيما سوى هذا من أن الأحكام تقام عليهما ألا ترى أن الحر المحصن يزني بالأمة فيرجم ؤتجلد الأمة خمسين والزنا معنى واحد فاختلف حكمه لاختلاف حال فاعليه فكذلك يحكم للحر حكم نفسه في الطلاق ثلاثا وإن كانت امرأته أمة وعلى الأمة عدة أمة وإن كان زوجها حرا.

عدة الوفاة.
قال الشافعي رحمه الله: قال الله تعالى:
{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ}1 الاية فدلت سنة رسول الله أنها على الحرة غير ذات الحمل لقوله صلى الله عليه وسلم لسبيعة الأسلمية ووضعت بعد وفاة زوجها بنصف شهر "قد حللت فانكحي من شئت"2 قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لو وضعت وزوجها على سريره لم يدفن لحلت3 وقال ابن عمر: إذا وضعت حلت قال: فتحل4 إذا وضعت قبل تطهر من نكاح صحيح ومفسوخ قال الشافعي رحمه الله: وليس للحامل المتوفى عنها نفقة قال جابر بن عبد الله: لا نفقة لها حسبها الميراث5 قال الشافعي رحمه الله: لأن مالكه قد انقطع بالموت وإذا لم تكن حاملا فإن مات نصف النهار وقد مضى من الهلال عشر ليال أحصت ما بقي من الهلال فإن كان عشرين حفظتها ثم اعتدت ثلاثة أشهر بالأهلة ثم استقبلت الشهر الرابع فأحصت عدة أيامه فإذا كمل لها ثلاثون يوما بلياليها فقد أوفت أربعة أشهر واستقبلت عشرا بلياليها فإذا أوفت لها عشرا إلى الساعة التي مات فيها فقد انقضت عدتها وليس عليها أن تأتي فيها بحيض كما ليس عليها أن تأتي في الحيض بشهور ولأن كل عدة حيث جعلها الله إلا أنها إن ارتابت استبرأت نفسها من الريبة ولو طلقها مريضا ثلاثا فمات من مرضه وهي في العدة فقد قيل: لا ترث مبتوتة وهذا مما أستخير الله فيه قال المزني رحمه الله: وقال في موضع آخر وهذا قول يصح لمن قال به قلت فالاستخارة شك وقوله يصح إبطال للشك وقال في اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى: إن المبتوتة لا ترث وهذا أولى بقوله وبمعنى ظاهر القرآن لأن الله تعالى ورث الزوجة من زوج يرثها لو ماتت قبله فلما كانت إن مات لم يرثها وإن مات لم تعتد منه عدة من وفاته خرجت من معنى حكم الزوجة من القرآن واحتج الشافعي رحمه الله على من ورث رجلين كل واحد منهما النصف من ابن ادعياه وورث الابن إن ماتا قبله الجميع فقال الشافعي رحمه الله: إنما يرث الناس من حيث يورثون يقول الشافعي: فإن كانا يرثانه نصفين بالبنوة فكذلك يرثهما نصفين بالأبوة قال المزني رحمه الله: فكذلك إنما ترث المرأة الزوج من حيث يرث الزوج المرأة بمعنى النكاح فإذا ارتفع النكاح بإجماع ارتفع حكمه والموارثة به ولما.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة البقرة: 234.
2 انظر الأم 5/323, 424.
3 انظر الأم 5/324.
4 انظر الأم 5/324.
5 انظر الأم 5/324.

 

ص -293-     أجمعوا أنه لا يرثها لأنه ليس بزوج كان كذلك أيضا لا ترثه لأنها ليست بزوجة وبالله التوفيق قال الشافعي رحمه الله: فإن قيل قد ورثها عثمان قيل: وأقد أنكر ذلك عبد الرحمن بن عوف في حياته على عثمان رضي الله عنهما إن مات أن يورثها منه وقال ابن الزبير: لو كنت أنا لم أر أن ترث مبتوتة وهذا اختلاف وسبيله القياس وهو ما قلنا1 قال الشافعي ولو طق إحدى امرأتيه ثلاثا فمات ولا تعرف اعتدتا أربعة أشهر وعشرا تكلم كل واحدة منهما فيها ثلاث حيض.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر الأم 5/200, 221, 327.

باب مقام المطلقة في بيتها والمتوفي عنها من كتاب العدد غيره.
قال الشافعي رحمه الله: قال الله تعالى في المطلقات:
{لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}2 وقال صلى الله عليه وسلم لفريعة بنت مالك حين أخبرته أن زوجها قتل وأنه لم يتركها في مسكن يملكه: "امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله"3 وقال ابن عباس: الفاحشة المبينة أن تبذو على أهل زوجها4 فإذا بذت فقد حل إخراجها قال الشافعي رحمه الله: هو معنى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أمر به فاطمة بنت قيس أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم5 مع ما جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها أرسلت إلى مروان في مطلقة انتقلها "اتق الله واردد المرأة إلى بيتها"6 قال مروان: أما بلغك شأن فاطمة فقالت: لا عليك أن تذكر فاطمة فقال: إن كان بك شر فحسبك ما بين هذين من الشر وعن ابن المسيب: تعتد المبتوتة في بيتها فقيل له: فأين حديث فاطمة بنت قيس فقال: قد فتنت الناس كانت في لسانها ذرابة فاستطالت على أحمائها فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم7 قال الشافعي رحمه الله تعالى: فعائشة ومروان و ابن المسيب يعرفون حديث فاطمة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم كما حدثت ويذهبون إلى أن ذلك إنما كان للشر وكره لها ابن المسيب وغيره أنها كتمت السبب الذي به أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت غير زوجها خوفا أن يسمع ذلك سامع فيرى أن للمبتوتة أن تعتد حيث شاءت قال الشافعي رحمه الله تعالى: فلم يقل لها النبي صلى الله عليه وسلم اعتدي حيث شئت بل خصها إذا كان زوجها غائبا فبهذا كله أقول فإن طلقها فلها السكنى في منزله حتى تنقضي عدتها يملك الرجعة أو لا يملكها فإن كان بكراء فهوعلى المطلق وفي مال الزوج الميت ولزوجها إذا تركها فيما يسعها من المسكن وتستر بينه وبينها أن يسكن في سوى ما يسعها وقال في كتاب النكاح و الطلاق: لا يغلق عليه وعليها حجرة إلا أن يكون معها ذو محرم بالغ من الرجال وإن كان على زوجها دين لم يبع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 سورة الطلاق: 1.
3 انظر الأم 5/157, 328.
4 انظر الأم 5/349.
5 انظر الأم 5/156, 340.
6 انظر الأم 5/341.
7 انظر الأم 5/341.

 

ص -294-     مسكنها حتى تنقضي عدتها وذلك أنها ملكت عليه سكنى ما يكفيها حين طلقها كما يملك من يكتري وإن كان في منزل لا يملكه ولم يكتره فلأهله إخراجها وعليه غيره إلا أن يفلس فتضرب مع الغرماء بأقل قيمة سكناها وتتبعه بفضله متى أيسر وإن كانت هذه المسائل في موته ففيها قولان أحدهما: ما وصفت ومن قاله احتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم لفريعة: "امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله"1 والثاني: أن الاختيار للورثة أن يسكنوها فإن لم يفعلوا فقد ملكوا دونه فلا سكنى لها كما لا نفقة لها ومن قاله قال إن قول النبي صلى الله عليه وسلم لفريعة: "امكثي في بيتك" ما لم يخرجك منه أهلك لأنها وصفت أن المنزل ليس لزوجها قال المزني: هذا أولى بقوله لأنه لا نفقة لها حاملا وغير حامل وقد احتج بأن الملك قد انقطع عنه بالموت قال المزني: وكذلك قد انقطع عنه السكنى بالموت وقد أجمعوا أن من وجبت له نفقة وسكنى من ولد ووالد على رجل فمات انقطعت النفقة لهم والسكنى لأن ماله صار ميراثا لهم فكذلك امرأته وولده وسائر ورثته يرثون جميع ماله قال: ولورثته أن يسكنوها حيث شاءوا إذا كان موضعها حرزا وليس لها أن تمتنع وللسلطان أن يخصها حيث ترضى لئلا يلحق بالزوج من ليس له ولو أذن لها أن تنتقل فنقل متاعها وخدمها ولم تنتقل ببدنها حتى مات أو طلق اعتدت في بيتها الذي كانت فيه ولوخرج مسافرا بها أوأذن لها في الحج فزايلت منزله فمات أو طلقها ثلاثا فسواء لها الخيار في أن تمضي لسفرها ذاهبة وجاثية وليس عليها أن ترجع إلى بيته قبل أن تقضي سفرها ولا تقيم في المصر الذي أذن لها في السفر إليه إلا أن يكون أذن لها في المقام فيه أو النقلة إليه فيكون ذلك عليها إذا بلغت ذلك المصر فإن كان أخرجها مسافرة أقامت ما يقيم المسافر مثلها ثم رجعت وأكملت عدتها ولوأذن لها في زيارة أو نزهة كعليها أن ترجع لأن الزيارة ليست مقاما ولا تخرج إلى الحج بعد انقضاء العدة ولا إلى مسيرة يوم إلا مع ذي محرم إلا أن يكون حجة الإسلام وتكون مع نساء ثقات ولو صارت إلى بلد أو منزل بإذنه ولم يقل لها أقيمي ولا لا تقيمي ثم طلقها فقال لم أنقلك وقالت نقلتني فالقول قولها إلا أن تقر هي أنه كان للزيارة أو مدة تقيمها فيكون عليها أن ترجع وتعتد في بيته وفي مقامها قولان2 أحدهما: أن تقيم إلى المدة كما جعل لها أن تقيم في سفرها إلى غاية قال: وتنتوي البدوية حيث ينتوي أهلها لأن سكن أهل البادية إنما هو سكنى مقام غبطة وظعن غبطة وإذا دلت السنة على أن المرأة تخرج من البذاء على أهل زوجها كان العذر في ذلك المعنى أو أكثر قال: ويخرجها السلطان فيما يلزمها فإذا فرغت ردها ويكتري عليه إذا غاب ولا نعلم أحدا بالمدينة فيما مضى أكرى منزلا إنما كانوا يتطوعون بإنزال منازلهم وبأموالهم مع منازلهم ولو.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر الأم 5/328.
2 قوله: "أحدهما الخ" كذا في الأصل ولم يذكر له ثانيا وذكره في الأم فقال: "والثاني أن هذه زيادة لا نقلة إلى مدة فعليها الرجوع الخ" وانظر كتبه مصححه.

 

ص -295-     تكارت فإن طلبت الكراء كان لها من يوم تطلبه وما مضى حق تركته فأما امرأة صاحب السفينة إذا كانت مسافرة معه فكالمرأة المسافرة إن شاءت مضت وإن شاءت رجعت إلى منزله فاعتدت به.

باب الإحداد من كتابي العدد القديم والجديد.
قال الشافعي رحمه الله: ولما "قال صلى الله عليه وسلم:
"لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا"1 وكانت هي والمطلقة التي لا يملك زوجها رجعتها معا في عدة وكانتا غير ذواتي زوجين أشبه أن يكون على المطلقة إحداد كهو على المتوفى عنها والله أعلم فأحب ذلك لها ولا يبين أن أوجبه عليها لأنهما قد تختلفان في حال وإن اجتمعتا في غيره ولو لم يلزم القياس إلا باجتماع كل الوجوه بطل القياس قال المزني رحمه الله: وقد جعلهما في الكتاب القديم في ذلك سواء وقال فيه: ولا تجتنب المعتدة في النكاح الفاسد وأم الولد ما تجتنب المعتدة ويسكن حيث شئن قال الشافعي رحمه الله: وإنما الإحداد في البدن وترك زينة البدن وهو أن تدخل على البدن شيئا من غيره زينة أو طيبا يظهر عليها فيدعو إلى شهوتها فمن ذلك الدهن كله في الرأس وذلك أن كل الأدهان في ترجيل الشعر وإذهاب الشعث سواء وهكذا المحرم يفتدي بأن يدهن رأسه أو لحيته بزيت لما وصفت وأما مد يديها فلا بأس إلا الطيب كما لا يكون بذلك بأس للمحرم وإن خالفت المحرم في بعض أمرها وكل كحل كان زينة فلا خير فيه لها فأما الفارسي وما أشبهه إذا احتاجت إليه فلا بأس لأنه ليس بزينة بل يزيد العين مرها وقبحا وما اضطرت إليه مما فيه زينة من الكحل اكتحلت به ليلا وتمسحه نهارا وكذلك الدمام "دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم سلمة وهي حاد على أبي سلمة فقال: "ما هذا يا أم سلمة؟ فقالت إنما هو صبر فقال عليه السلام: "اجعليه بالليل وامسحيه بالنهار"2 قال الشافعي الصبر يصفر فيكون زينة وليس بطيب فأذن لها فيه بالليل حيث لا يرى وتمسحه بالنهار حيث يرى وكذلك ما أشبهه قال: وفي الثياب زينتان إحداهما جمال اللابسين وتستر العورة قال الله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} فالثياب زينة لمن لبسها فإذا أفردت العرب التزين على بعض اللابسين دون بعض فإنما من الصبغ خاصة ولا بأس أن تلبس الحاد كل ثوب من البياض لأن البياض ليس بمزين وكذلك الصوف والوبر وكل ما نسج على وجهه لم يدخل عليه صبغ من خز أو غيره وكذلك كل صبغ لم يرد به تزيين الثوب مثل السواد وما صبغ ليقبح لحزن أو لنفي الوسخ عنه وصباغ الغزل بالخضرة يقارب السواد لا الخضرة الصافية وما في معناه فأما ما كان من زينة أو وشي في ثوب وغيره فلا تلبسه الحاد وكذلك كل حرة وأمة كبيرة أو صغيرة مسلمة أو ذمية ولو تزوجت نصرانية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر الأم 5/334.
2 انظر الأم 5/334.

 

ص -296-     نصرانيا فأصابها أحلها لزوجها المسلم ويحصنها لأنه زوج ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين زنيا1 ولا يرجم إلا محصنا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ    
1 انظر الأم 5/325.

اجتماع العدتين والقافة.
قال الشافعي رحمه الله: فإذا تزوجت في العدة ودخل بها الثاني فإنها تعتد بنية عدتها من الأول ثم تعتد من الثاني واحتج في ذلك بقول عمر2 وعلي3 وعمر بن عبد العزيز رحمة الله عليهم قال الشافعي لأن عليها حقين بسبب الزوجين وكذلك كل حقين لزما من وجهين قال: ولو اعتدت بحيضة ثم أصابها الثاني وحملت وفرق بينهما اعتدت بالحمل فإذا وضعته لأقل من ستة أشهر من يوم نكحها الاخر فهو من الأول وإن جاءت به لأكثر من أربع سنين من يوم فارقها الأول وكان طلاقه لا يملك فيه الرجعة فهو للاخر وإن كان يملك فيه الرجعة وتداعياه ولم ينكراه ولا واحدا منهما أريه القافة فإن ألحقوه بالأول فقد انقضت عدتها منه وتبتدىء عدة من الثاني وله خطبتها فإن ألحقوه بالثاني فقد انقضت عدتها منه وتبتدىء فتكمل على ما مضى من عدة الأول وللأول عليها الرجعة ولو لم يلحقوه بواحد منهما أو ألحقوه بهما أو لم تكن قافة أو مات قبل يراه القافة أوألقته ميتا فلا يكون ابن واحد منهما وإن كان أوصى له بشيءوقف حتى يصطلحا فيه والنفقة على الزوج الصحيح النكاح ولا آخذه بنفقتها حتى تلده فإن ألحق به الولد أعطيتها نفقة الحمل من يوم طلقها وإن أشكل أمره لم آخذه بنفقته حتى ينتسب إليه فإن ألحق بصاحبه فلا نفقة لها لأنها حبلى من غيره قال المزني رحمه الله: خالف الشافعي في إلحاق الولد في أكثر من أربع سنين بأن يكون له الرجعة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ    
2 انظر الأم 5/336.
3 انظر الأم 5/337.

عدة المطلقة يملك رجعتها زوجها ثم يموت أو يطلق.
قال الشافعي رحمه الله: وإن طلقها طلقة يملك رجعتها ثم مات اعتدت عدة الوفاة وورثت ولو راجعها ثم طلقها قبل أن يمسها ففيها قولان4 أحدهما: تعتد من الطلاق الأخير وهو قول ابن جريج و عبد الكريم و طاوس و الحسن بن مسلم5 ومن قال هذا انبغى أن يقول رجعته مخالفة لنكاحه إياها ثم يطلقها قبل أن يمسها لم تعتد فكذلك لا تعتد من طلاق أحدثه وإن كانت رجعة إذا لم يمسها قال المزني رحمه الله: المعنى الأول أولى بالحق عندي لأنه إذا ارتجعها سقطت عدتها وصارت في معناها القديم بالعقد الأول لا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ    
4 قوله: "أحدهما تعتد الخ" ترك القولان الثاني وفي الأم "والقول الثاني أن العدة من الطلاق الأول ما لم يدخل بها" فتأمل كتبه مصححه.
5 انظر الأم 5/350.

 

ص -297-     بنكاح مستقبل فإنما طلق امرأة مدخولا بها في غير عدة فهو في معنى من ابتدأ طلاقه قال المزني رحمه الله: ولو لم يرتجعها حتى طلقها فإنها تبني على عدتها من أول طلاقها لأن تلك العدة لم تبطل حتى طلق وإنما زادها طلاقا وهي معتدة بإجماع فلا نبطل ما أجمع عليه من عدة قائمة إلا بإجماع مثله أو قياس على نظيره.

امرأة المفقود وعدتها إذا نكحت غيره وغيرذلك.
قال الشافعي رحمه الله: في امرأة الغائب أي غيبة كانت لا تعتد ولا تنكح أبدا حتى يأتيها يقين وفاته وترثه ولا يجوز أن تعتد من وفاته ومثلها يرث إلا ورثت زوجها الذي اعتدت من وفاته وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في امرأة المفقود إنها لا تتزوج1 قال: ولو طلقها وهو خفي الغيبة أو آلى منها أو تظاهر أو قذفها لزمه ما يلزم الزوج الحاضر ولو اعتدت بأمر حاكم أربع سنين ثم أربعة أشهر وعشر أو نكحت ودخل بها الزوج كان حكم الزوجية بينها وبين زوجها الأول بحاله غير أنه ممنوع من فرجها بوطء شبهة ولا نفقة لها من حين نكحت ولا في حين عدتها من الوطء الفاسد لأنها مخرجة نفسها من يديه وغير واقفة عليه ومحرمة عليه بالمعنى الذي دخلت فيه ولم ألزم الواطىء بنفقتها لأنه ليس بينهما شيء من أحكام الزوجين إلا لحوق الولد فإنه فراش بالشهبة وإذا وضعت فلزوجها الأول أن يمنعها من رضاع ولدها إلا اللبأ وما إن تركته لم يعتد غيرها ولا ينفق عليها في رضاعها ولد غيره ولو ادعاه الأول أريته القافة ولو مات الزوج الأول والاخر ولا يعلم أيهما مات أولا بدأت فاعتدت أربعة أشهر وعشرا لأنه النكاح الصحيح الأول ثم اعتدت بثلاثة قروء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر الأم 5/155, 346, 347.

باب استبراء أم الولد من كتابين امرأة المفقود وعدتها إذا نكحت غيره وغيرذلك.
قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال في أم الولد يتوفى عنها سيدها: تعتد بحيضة2 قال الشافعي رحمه الله: ولا تحل أم الولد للأزواج حتى ترى الطهر من الحيضة وقال في كتاب النكاح و الطلاق إملاء على مسائل مالك: وإن كانت ممن لا تحيض فشهر قال: وإن مات سيدها أو أعتقها وهي حائض لم تعتد بتلك الحيضة وإن كانت حاملا فأن تضع حملها وإن استرابت فهي كالحرة المستريبة وإن مات سيدها وهي تحت زوج أو في عدة زوج فلا استبراء عليها لأن فرجها ممنوع منه بشيء أباحه لزوجها فإن ماتا فعلم أن أحدهما مات قبل الآخر بيوم أو.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 انظر الأم 5/316.

 

ص -298-     بشهرين وخمس ليال أو أكثر ولا نعلم أيهما أولا اعتدت من يوم مات الاخر منهما أربعة أشهر وعشرا فيها حيضة وإنما لزمها إحداهما فدا جاءت بهما فذلك أكمل ما عليها قال المزني رحمه الله: هذا عندي غلط لأنه إذا لم يكن بين موتهما إلا أقل من شهرين وخمس ليال فلا معنى للحيضة لأن السيد إذا كان مات أولا فهي تحت زوج مشغولة به عن الحيضة وإن كان موت الزوج أولا فلم ينقض شهران وخمس ليال حتى مات السيد فهي مشغولة بعدة الزوج عن الحيضة وإن كان بينهما أكثر من شهرين وخمس ليال فقد أمكنت الحيضة فكما قال الشافعي قال الشافعي رحمه الله: ولا ترث زوجها حتى يستيقن أن سيدها مات قبل زوجها فترثه وتعتد عدة الوفاة كالحرة والأمة يطوها تستبرأ بحيضة لإن نكحت قبلها فمفسوخ ولو وطىء المكاتب أمته فولدت ألحقته به ومنعته الوطء وفيها قولان أحدهما: لا يبيعها بحال لأني حكمت لولدها بحكم الحرية إن عتق أبوه والثاني: أن له بيعها خاف العجز أو لم يخفه قال المزني رحمه الله: القياس على قوله أن لايبيعها كما لا يبيع ولدها.

باب الاستبراء من كتاب الاستبراء والإملاء.
قال الشافعي رحمه الله: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام سبي أوطاس أن توطأ حامل حتى تضع أو حائل حتى تحيض ولا يشك أن فيهن أبكارا وحرائر كن قبل أن يستأمين وإماء ووضيعات وشريفات وكان الأمر فيهن واحدا1 قال الشافعي رحمه الله: فكل ملك يحدث من مالك لم يجز فيه الوطء إلا بعد الاستبراء لأن الفرج كان ممنوعا قبل الملك ثم حل بالملك فلو باع جارية من امرأة ثقة وقبضتها وتفرقا بعد البيع ثم استقالها فأقالته لم يكن له أن يطأها حتى يستبرئها من قبل أن الفرج حرم عليه ثم حل له بالملك الثاني قال: والاستبراء أن تمكث عند المشتري طاهرا بعد ملكها ثم تحيض حيضة معروفة فإذا طهرت منها فهو الاستبراء وإن استرابت أمسكت حتى تعلم أن تلك الريبة لم تكن حملا ولا أعلم مخالفا في أن المطلقة لوحاضت ثلاث حيض وهي ترى أنها حامل لم تحل إلا بوضع الحمل أو البراءة من أن يكون ذلك حملا فلا يحل له قبل الاستبراء التلذذ بمباشرتها ولا نظر بشهوة إليها وقد تكون أم ولد لغيره ولو لم يفترقا حتى وضعت حملا لم تحل له حتى تطهرمن نفاسها ثم تحيض حيضة مستقبلة من قبل أن البيع إنما تم حين تفرقا عن مكانهما الذي تبايعا فيه ولوكانت أمة مكاتبة فعجزت لم يطأها حتى يستبرئها لأنها ممنوعة الفرج منه ثم أبيح بالعجز ولا يشبه صومها الواجب عليها وحيضتها ثم تخرج من ذلك لأنه يحل له في ذلك أن يمسها ويقبلها ويحرم ذلك في الكتابة كما يحرم إذا زوجها وإنما قلت طهرثم حيضة حتى تغتسل منها لأن النبي صلى الله عليه وسلم دل على أن الأقراء الأطهار بقوله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر الأم 5/224.

 

ص -299-     في ابن عمر يطلقها طاهرا من غير جماع فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء وأمر النبي صلى الله عليه وسلم في الإماء أن يستبرئن بحيضة1 فكانت الحيضة الأولى أمامها طهر كما كان الطهر أمامه الحيض فكان قصد النبي صلى الله عليه وسلم في الاستبراء إلى الحيض وفي العدة إلى الأطهار.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر الأم 5/313.

مختصر ما يحرم من الرضاعة من كتاب الرضاع ومن كتاب النكاح ومن أحكام القرآن.
قال الشافعي رحمه الله: قال الله تعالى فيمن حرم مع القرابة:
{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ}2 وقال صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة"3 قال الشافعي رحمه الله: فبينت السنة أن لبن الفحل يحرم كما تحرم ولادة الأب4 وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن رجل كانت له امرأتان فأرضعت إحداهما غلاما والأخرى جارية هل يتزوج الغلام الجارية فقال: لا اللقاح واحد5 وقال مثله عطاء و طاوس6 قال الشافعي رحمه الله: فبهذا كله نقول فكل ما حرم بالولادة وبسببها حرم بالرضاع وكان به من ذوي المحارم والرضاع اسم جامع يقع على المصة وأكثر إلى كمال الحولين وعلى كل رضاع بعد الحولين فوجب طلب الدلالة في ذلك وقالت عائشة رضي الله عنها: كان فيما أنزل الله تعالى في القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن فكان لا يدخل عليها إلا من استكمل خمس رضعات7 وعن ابن الزبير "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحرم المصة ولا المصتان ولا الرضعة ولا الرضعتان"8 قال المزني رحمه الله: قلت للشافعي: أفسمع ابن الزبير من النبي صلى الله عليه وسلم قال: نعم وحفظ عنه وكان يوم سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن تسع سنين وعن عروة "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر امرأة أبي حذيفة أن ترضع سالما خمس رضعات فتحرم بهن"9 قال: فدل ما وصفت أن الذي يحرم من الرضاع خمس رضعات كما جاء القرآن بقطع السارق فدل صلى الله عليه وسلم أنه أراد بعض السارقين دون بعض وكذلك أبان أن المراد بمائة جلدة بعض الزناة دون بعض لا من لزمه اسم سرقة وزنا وكذلك أبان أن المراد بتحريم الرضاع بعض المرضعين دون بعض واحتج فيما قال النبي لسهلة بنت سهل لما قالت له: كنا نرى سالما ولدا وكان يدخل علي وأنا فضل وليس لنا إلا بيت واحد فماذا تأمرني فقال عليه السلام: فيما بلغنا: "أرضعيه خمس رضعات فيحرم بلبنها" ففعلت فكانت تراه ابنا من الرضاعة10 فأخذت بذلك عائشة رضي الله عنها فيمن أحبت أن يدخل عليها من.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 سورة النساء: 23.
3 انظر الأم 5/221.
4 انظر الأم 5/39.
5 انظر الأم 5/39.
6 انظر الأم 5/39.
7 انظر الأم 5/44.
8 انظر الأم 5/44.
9 انظر الأم 5/44,46, 47.
10 انظر الأم 5/45, 47.

 

ص -300-     الرجال وأبى سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس وقلن: ما نرى الذي أمر به صلى الله عليه وسلم إلا رخصة في سالم وحده وروى الشافعي رحمه الله أن أم سلمة قالت في الحديث: هو لسالم خاصة1 قال الشافعي رحمه الله تعالى: فإذا كان خاصا فالخاص مخرج من العام والدليل على ذلك قول الله جل ثناؤه: {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} فجعل الحولين غاية وما جعل له غاية فالحكم بعد مضي الغاية خلاف الحكم قبل الغاية كقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} فإذا مضت الأقراء فحكمهن بعد مضيها خلاف حكمهن فيها قال المزني: وفي ذلك دلالة عندي على نفي الولد لأكثر من سنتين بتأقيت حمله وفصاله ثلاثين شهرا كما نفى توقيت الحولين الرضاع لأكثر من حولين قال الشافعي رحمه الله تعالى: وكان عمر رضي الله عنه لا يرى رضاع الكبير يحرم2 وابن مسعود3 وابن عمر رضي الله عنهما4 وقال أبو هريرة رضي الله عنه: لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء قال: ولا يحرم من الرضاع إلا خمس رضعات متفرقات كلهن في الحولين قال: وتفريق الرضعات أن ترضع المولود ثم تقطع الرضاع ثم ترضع ثم تقطع كذلك فإذا رضع في مرة منهن ما يعلم أنه وصل إلى جوفه ما قل منه وما كثر فهي رضعة وإن التقم الثدي فلها قليلا وأرسله ثم عاد إليه كانت رضعة واحدة كما يكون الحالف لا يأكل بالنهار إلا مرة فيكون يأكل ويتنفس بعد الازدراد ويعود يأكل فذلك أكل مرة وإن طال وإن قطع ذلك قطعا بينا بعد قليل أو كثير ثم أكل حنث وكان هذا أكلتين ولو أنفد ما في إحدى الثديين ثم تحول إلى الأخرى فأنفد ما فيها كانت رضعة واحدة والوجور كالرضاع وكذلك السعوط لأن الرأس جوف ولو حقن به كان فيها قولان أحدهما أنه جوف وذلك أنها تفطر الصائم والآخر أن ما وصل إلى الدماغ كما وصل إلى المعدة لأنه يغتذى من المعدة وليس كذلك الحقنة قال المزني رحمه الله: قد جعل الحقنة في معنى من شرب الماء فأفطر فكذلك هوفي القياس في معنى من شرب اللبن وإذ جعل السعوط كالوجور لأن الرأس عنده جوف فالحقنة إذا وصلت إلى الجوف عندي أولى وبالله التوفيق وأدخل الشافعي رحمه الله تعالى على من قال إن كان ما خلط باللبن أغلب لم يحرم وإن كان اللبن الأغلب حرم فقال: أرأيت لوخلط حراما بطعام وكان مستهلكا في الطعام أما يحرم فكذلك اللبن قال الشافعي رحمه الله: ولو جبن اللبن فأطعمه كان كالرضاع ولا يحرم لبن البهيمة إنما يحرم لبن الآدميات قال الله تعالى جل ثناؤه: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}5 وقال: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}6 قال: ولو حلب منها رضعة خامسة ثم ماتت فأوجره صبي كان ابنها ولو.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر الأم 5/45, 47.
2 انظر الأم 5/49.
3 انظر الأم 5/49.
4 انظر الأم 5/49.
5 سورة النساء: 23.
6 سورة الطلاق: 6.

 

ص -301-     رضع منها بعد موتها لم يحرم لأنه لا يحل لبن الميتة ولو حلب من امرأة لبن كثير ففرق ثم أوجر منه صبي مرتين أو ثلاثة لم يكن إلا رضعة واحدة وليس كاللبن يحدث في الثدي كلما خرج منه شيء حدث غيره ولو تزوج صغيرة ثم أرضعتها أمه أو ابنته من نسب أو رضاع أو امرأة ابنه من نسب أو رضاع بلبن ابنه حرمت عليه الصغيرة أبدا وكان لها عليه نصف المهر ورجع على التي أرضعتها بنصف صداق مثلها لأن كل من أفسد شيئا لزمه قيمة ما أفسد بخطأ أو عمد ولوأرضعتها امرأة له كبيرة لم يصبها حرمت الأم لانها من أمهات نسائه ولا نصف مهر لها ولا متعة لأنها المفسدة وفسد نكاح المرضعة بلا طلاق لأنها صارت وأمها في ملكه في حال ولها نصف المهر ويرجع على التي أرضعتها بنصف مهر مثلها ولو تزوج ثلاثا صغارا فأرضعت امرأة اثنين منهن الرضعة الخامسة معا فسد نكاح الأم ونكاح الصبيتين معا ولكل واحدة منهما نصف المهر المسمى ويرجع على امرأته بمثل نصف مهركل واحدة منهما وتحل له كل واحدة منهما على الانفراد لأنهما ابنتا امرأة لم يدخل بها فإن أرضعت الثالثة بعد ذلك لم تحرم لأنها منفردة قال: ولو أرضعت إحداهن الرضعة الخامسة ثم الأخريين الخامسة معا حرمت عليه والتي أرضعتها أولا لأنهما صارتا أما وبنتا في وقت واحد معا وحرمت الأخريان لأنهما صارتا أختين في وقت معا ولو أرضعتهما متفرقتين لم يحرما معا لأنها لم ترضع واحدة منهما إلا بعد ما بانت منه هي والأولى فيثبت نكاح التي أرضعتهما بعد ما بانت الأولى ويفسد نكاح التي أرضعتها بعدها لأنها أخت امرأته فكانت كامرأة نكحت على أختها قال المزني رحمه الله: ليس ينظر الشافعي في ذلك إلا إلى وقت الرضاع فقد صارتا أختين في وقت معا برضاع الآخرة منهما قال المزني رحمه الله: ولا فرق بين امرأة له كبيرة أرضعت امرأة له صغيرة فصارتا أما وبنتا في وقت معا وبين أجنبية أرضعت له امرأتين صغيرتين فصارتا أختين في وقت معا ولو جاز أن تكون إذا أرضعت صغيرة ثم صغيرة كامرأة نكحت على أختها لزم إذا نكح كبيرة ثم صغيرة فأرضعتها أن تكون كامرأة نكحت على أمها وفي ذلك دليل على ما قلت أنا وقد قال في كتاب النكاح القديم: لو تزوج صبيتين فأرضعتهما امرأة واحدة بعد واحدة انفسخ نكاحهما قال المزني رحمه الله: وهذا وذاك سواء وهو بقوله أولى قال الشافعي رحمه الله: ولو كان للكبيرة بنات مراضع أو من رضاع فأرضعن الصغار كلهن انفسخ نكاحهن معا ورجع على كل واحدة منهن بنصف مهر التي أرضعت قال المزني رحمه الله: ويرجع عليهن بنصف مهر امرأته الكبيرة إن لم يكن دخل بها لأنها صارت جدة مع بنات بناتها معا وتحرم الكبيرة أبدا ويتزوج الصغار على الانفراد ولو كان دخل بالكبيرة حرمن جميعا أبدا ولو لم يكن دخل بها فأرضعتهن أم امرأته الكبيرة أو جدتها أو أختها أو بنت أختها كان القول فيها كالقول في بناتها في المسألة قبلها ولو أن امرأة أرضعت مولودا فلا بأس أن تتزوج المرأة المرضعة أباه ويتزوج الأب ابنتها أو أمها على الانفراد لأنها لم ترضعه ولو شك أرضعته خمسا أو أقل لم يكن ابنا لها بالشك.

 

ص -302-     باب لبن الرجل والمرأة.
قال الشافعي رحمه الله: واللبن للرجل والمرأة كما الولد لهما والمرضع بذلك اللبن ولدهما قال: ولو ولدت ابنا من زنا فأرضعت مولودا فهو ابنها ولا يكون ابن الذي زنى بها وأكره له في الورع أن ينكح بنات الذي ولده من زنا فإن نكح لم أفسخه لأنه ليس ابنه في حكم النبي صلى الله عليه وسلم قضى عليه الصلاة والسلام بابن وليدة زمعة لزمعة وأمر سودة أن تحتجب منه لما رأى من شبهه بعتبة فلم يرها وقد حكم أنه أخوها لأن ترك رؤيتها مباح وإن كان أخاها1 قال المزني رحمه الله: وقد كان أنكر على من قال يتزوج ابنته من زنا ويحتج بهذا المعنى وقد زعم أن رؤية ابن زمعة لسودة مباح وإن كرهه فكذلك في القياس لا يفسخ نكاحه وإن كرهه ولم يفسخ نكاح ابنه من زنا بناته من حلال لقطع الأخوة فكذلك في القياس لو تزوج ابنته من زنا لم يفسخ وإن كرهه لقطع الأبوة وتحريم الأخوة كتحريم الأبوة ولا حكم عنده للزنا لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"وللعاهر الحجر"2 فهو في معنى الأجنبي وبالله التوفيق قال الشافعي ولو تزوج امرأة في عدتها فأصابها فجاءت بولد فأرضعت مولودا كان ابنها وأري المولود القافة فبأيهما ألحق لحق وكان المرضع ابنه وسقطت أبوة الاخر ولو مات فالورع أن لا ينكح ابنة واحد منهما ولا يكون محرما لها ولو قالوا المولود هو ابنهما جبر إذا بلغ على الانتساب إلى أحدهما وتنقطع أبوة الآخر ولوكان معتوها لم يلحق بواحد منهما حتى يموت وله ولد فيقومون مقامه في الانتساب إلى أحدهما أو لا يكون له ولد فيكون ميراثه موقوفا ولو أرضعت بلبن مولود نفاه أبوه باللعان لم يكن أبا للمرضع فإن رجع لحقه وصار أبا للمرضع ولو انقضت عدتها بثلاث حيض وثبت لبنها أو انقطع ثم تزوجت زوجا فأصابها فثاب لها لبن ولم يظهر بها حمل فهو من الأول ولوكان لبنها ثبت فحملت من الثاني فنزل بها لبن في الوقت الذي يكون لها فيه لبن من الحمل الاخر كان اللبن من الأول بكل حال لأنا على علم من لبن الأول وفي شك من أن يكون خلطه لبن الاخر فلا أحرم بالشك وأحب للمرضع لو توقى بنات الزوج الآخر قال المزني رحمه الله عليه: هذا عندي أشبه قال الشافعي رحمه الله: ولو انقطع فلم يثب حتى كان الحمل الأخر في وقت يمكن من الأول ففيها قولان أحدهما: أنه من الأول بكل حال كما يثوب بأن نرحم المولود أو تشرب دواء فتدر عليه والثاني: أنه إذا انقطع انقطاعا بينا فهو من الاخر وإن كان لا يكون من الآخر لبن ترضع به حتى تلد فهو من الأول في جميع هذه الأقاويل وإن كان يثوب شيء ترضع به وإن قل فهومنهما جميعا ومن لم يفرق بين اللبن والولد قال هو للأول ومن فرق قال هومنهما معا ولو لم ينقطع اللبن حتى ولدت من الآخر فالولادة قطع للبن الأول فمن أرضعت فهو ابنها وابن الزوج الآخر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر الأم 5/5.
2 انظر الأم 5/50.

 

ص -303-     الشهادات في الرضاع والإقرار من كتاب الرضاع ومن كتاب النكاح القديم.
قال الشافعي رحمه الله تعالى: وشهادة النساء جائزة فيما لا يحل للرجال من غير ذوي المحارم أن يتعمدوا النظر إليه لغير شهادة من ولادة المرأة وعيوبها التي تحت ثيابها والرضاع عندي مثله لا يحل لغير ذي محرم أو زوج أن يتعمد أن ينظر إلى ثدييها ولا يمكنه أن يشهد على رضاعها بغيررؤية ثدييها ولا يجوزمن النساء على الرضاع أقل من أربع حرائر بوالغ عدول وهو قول عطاء بن أبي رباح1 لأن الله تعالى لما أجاز شهادتهن في الدين جعل امرأتين يقومان مقام رجل وإن كانت المرأة تنكر الرضاع فكانت فيهن أمها أو ابنتها جزن عليها وإن كانت تدعي الرضاع لم يجز فيها أمها ولا أمهاتها ولا ابنتها ولا بناتها ويجوز في ذلك شهادة التي أرضعت لأنه ليس لها في ذلك ولا عليها ما ترد به شهادتها قال المزني رحمه الله: وكيف تجوز شهادتها على فعلها ولا تجوز شهادة أمها وأمهاتها وبناتها فهن في شهادتهن على فعلها أجوز في القياس من شهادتها على فعل نفسها قال الشافعي رحمه الله: ويوقفن حتى يشهدن أن قد رضع المولود خمس رضعات يخلصن كلهن إلى جوفه وتسعهن الشهادة على هذا لأنه ظاهر علمهن وذكرت السوداء أنها أرضعت رجلا وامرأة تناكحا فسأل الرجل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأعرض فقال:
"وكيف وقد زعمت السوداء أنها قد أرضعتكما؟" قال الشافعي إعراضه صلى الله عليه وسلم يشبه أن يكون لم ير هذا شهادة تلزمه وقوله: "وكيف وقد زعمت السوداء أنها قد أرضعتكما؟" صلى الله عليه وسلم"2 يشبه أن يكره له أن يقيم معها وقد قيل إنها أخته من الرضاعة وهومعنى ما قلنا يتركها ورعا لا حكما ولو قال رجل: هذه أختي من الرضاعة أو قالت: هذا أخي من الرضاعة وكذبته أو كذبها فلا يحل لواحد منهما أن ينكح الاخر ولوأقر بذلك بعد عقد نكاحها فرق بينهما فإن كذبته أخذت نصف ما سمى لها ولوكانت هي المدعية أفتيته أن يتقي الله ويدع نكاحها بطلقة لتحل بها لغيره إن كانت كاذبة وأحلفه لها فإن نكل حلفت وفرقت بينهما.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر الأم 5/55.
2 انظر الأم 5/56.

باب رضاع الخنثى.
قال الشافعي رحمه الله: إن كان الأغلب من الخنثى أنه رجل نكح امرأة ولم ينزل فنكحه رجل فإذا نزل له لبن فأرضع به صبيا لم يكن رضاعا يحرم وإن كان الأغلب أنه امرأة فنزل له لبن من نكاح أو غيره فأرضع صبيا حرم وإن كان مشكلا فله أن ينكح بأيهما شاء وبأيهما نكح به أولاأجزته ولم أجعل له ينكح بالآخر.

 

ص -304-     وجوب النفقة للزوجة من كتاب النفقة ومن كتاب عشرة النساء ومن الطلاق ومن أحكام القرآن ومن النكاح إملاء على مسائل مالك.
قال الشافعي رحمه الله تعالى: قال الله عز وجل:
{ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}1 أي لا يكسر من تعولون قال: وفيه دليل على أن على الزوج نفقة امرأته فأحب أن يقتصر الرجل على واحدة وإن أبيح له أكثر وجاءت هند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وإنه لا يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه سرا وهو لا يعلم فهل علي في ذلك من جناح؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف"2 وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله عندي دينار قال: "أنفقه على نفسك" قال: عندي آخر قال: "أنفقه على ولدك" قال: عندي آخر فقال: "أنفقه على أهلك" قال: عندي آخر قال: "أنفقه على خادمك" قال: عندي آخر قال: "أنت أعلم" قال سعيد المقبري ثم يقول أبو هريرة إذا حدث بهذا الحديث يقول ولدك أنفق علي إلى من تكلني؟ وتقول زوجتك أنفق علي أو طلقني ويقول خادمك أنفق علي أو بعني3 قال الشافعي رحمه الله تعالى: في القرآن والسنة بيان أن على الرجل ما لا غنى بامرأته عنه من نفقة وكسوة وخدمة في الحال التي لا تقدر على ما لا صلاح لبدنها من زمانة ومرض إلا به قال في كتاب عشرة النساء: يحتمل أن يكون عليه لخادمها نفقة إذا كانت ممن لا تخدم نفسها وقال فيه أيضا: إذا لم يكن لها خادم فلا يبين أن يعطيها خادما ولكن يجبر على من يصنع لها الطعام الذي لا تصنعه هي ويدخل عليها ما لا تخرج لإدخاله من ماء وما يصلحها ولا يجاوز به ذلك قال المزني: قد أوجب لها في موضع من هذا نفقة خادم وقاله في كتاب النكاح إملاء على مسائل مالك المجموعة وقاله في كتاب النفقة وهو بقوله أولى لأنه لم يختلف قوله أن عليه أن يزكي عن خادمها فكذلك ينفق عليها قال المزني رحمه الله: ومما يؤكد ذلك قوله: لو أراد أن يخرج عنها أكثر من واحدة أخرجهن قال الشافعي وينفق المكاتب على ولده من أمته وقال في كتاب النكاح: ولو كانت امرأته مكاتبة وليست كتابتهما واحدة ولا مولاهما واحدا وولد له في الكتابة أولاد فنفقتهم على الأم لأنها أحق بهم ويعتقون بعتقها وليس على العبد أن ينفق على ولده من امرأة حرة ولا أمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة النساء: 3.
2 انظر الأم 5/127, 144.
3 انظر الأم 5/127.

قدر النفقة: من ثلاثة كتب.
قال الشافعي رحمة الله عليه: النفقة نفقتان: نفقة الموسع ونفقة المقتر قال الله تعالى:
{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} الآية فأما ما يلزم المقتر لامرأته إن.

 

ص -305-     كان الأغلب ببلدها أنها لا تكون إلا مخدومة عالها وخادما واحدا بما لا يقوم بدن على أقل منه وذلك مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم في كل يوم من طعام البلد الأغلب فيها من قوت مثلها ولخادمها مثله ومكيلة من أدم بلادها زيتا كان أو سمنا بقدر ما يكفي ما وصفت ويفرض لها في دهن ومشط أقل ما يكفيها ولا يكون ذلك لخادمها لأنه ليس بالمعروف لها وقيل في كل جمعة رطل لحم وذلك المعروف لمثلها وفرض لها من الكسوة ما يكسى مثلها ببلدها عند المقتر من القطن الكوفي والبصري وما أشبهه ولخادمها كرباس وما أشبهه وفي البلد البارد أقل ما يكفي البرد من جبة محشوة وقطيفة أو لحاف يكفي السنتين وقميص وسراويل وخمارأو مقنعة ولجاريتها جبة صوف وكساء تلتحفه يدفىء مثلها وقميص ومقنعة وخف وما لا غنى بها عنه ويفرض لها في الصيف قميصا وملحفة ومقنعة وإن كانت رغيبة لا يجزئها هذا دفع إليها ذلك وتزيدت من ثمن أدم ولحم وما شاءت في الحب وإن كانت زهيدة تزيدت فيما لا يقوتها من فضل المكيلة وإن كان زوجها موسعا فرض لها مدان ومن الأدم واللحم ضعف ما وصفت لامرأة المقتر وكذلك في الدهن والمشط ومن الكسوة وسط البغدادي والهروي ولين البصرة وما أشبهه ويحشى لها إن كانت ببلاد يحتاج أهلها إليه وقطيفة وسط ولا أعطيها في القوت دراهم فإن شاءت أن تبيعه فتصرفه فيما شاءت صرفته وأجعل لخادمها مدا وثلثا لأن ذلك سعة لمثلها وفي كسوتها الكرباس وغليظ البصري والواسطي وما أشبهه ولا أجاوزه بموسع من كان ومن كانت امرأته ولامرأته فراش ووسادة من غليظ متاع البصرة وما أشبهه ولخادمها فروة ووسادة وما أشبهه من عباءة أو كساء غليظ فإذا بلي أخلفه وإنما جعلت أقل الفرض في هذا بالدلالة عن النبي صلى الله عليه وسلم دفعه إلى الذي أصاب أهله في شهررمضان عرقا فيه خمسة عشر صاعا لستين مسكينا وإنما جعلت أكثر ما فرضت مدين لأن أكثر ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في فدية الأذى مدان لكل مسكين فلم أقصر عن هذا ولم أجاوز هذا مع أن معلوما أن الأغلب أن أقل القوت مد وأن أوسعه مدان والفرض الذي على الوسط الذي ليس بالموسع ولا المقتر بينهما مد ونصف وللخادمة مد وإن كانت بدوية فما يأكل أهل البادية ومن الكسوة بقدر ما يلبسون لا وقت في ذلك إلا قدر ما يرى بالمعروف وليس على رجل أن يضحي لامرأته ولا يؤدي عنها أجرطبيب ولا حجام.

الحال التي يجب فيها النفقة ومالايجب من كتاب عشرة النساء وكتاب التعريض بالخطبة ومن الإملاء على مسائل مالك.
قال الشافعي رحمه الله: إذا كانت المرأة يجامع مثلها فخلت أو أهلها بينه وبين الدخول بها وجبت عليه نفقتها وإن كان صغيرا لأن الحبس من قبله وقال في كتابين: وقد قيل إذا كان الحبس من قبله فعليه وإذا كان من قبلها فلا نفقة لها ولو قال قائل ينفق لأنها ممنوعة من غيره كان مذهبا قال المزني رحمه الله: قد قطع بأنها إذا لم تخل بينه وبينها.

 

ص -306-     فلا نفقة لها حتى قال: فإن ادعت التخلية فهي غير مخلية حتى يعلم ذلك منها قال الشافعي رحمه الله: ولوكانت مريضة لزمته نفقتها وليست كالصغيرة ولوكان في جماعها شدة ضرر منع وأخذ بنفقتها ولو ارتتقت فلم يقدر على جماعها فهذا عارض لا منع به منها وقد جومعت ولو أذن لها فأحرمت أو اعتكفت أو لزمهانذركفارة كان عليه نفقتها ولو هربت أو امتنعت أو كانت أمة فمنعها سيدها فلا نفقة لها ولا يبرئه مما وجب لها من نفقتها وإن كان حاضرا معها إلا إقرارها أو بينة تقوم عليها ولو أسلمت وثنية وأسلم زوجها في العدة أو بعدها فلها النفقة لأنها محبوسة عليه متى شاء أسلم وكانت امرأته ولوكان هو المسلم لم يكن لها نفقة في أيام كفرها وإن دفعها إليها فلم يسلم حتى انقضت عدتها فلا حق له لأنه تطوع بها وقال في كتاب النكاح القديم: فإن أسلم ثم أسلمت فهما على النكاح ولها النفقة في حال الوقف لأن العقد لم ينفسخ قال المزني رحمه الله: الأول أولى بقوله لأنه تمنع المسلمة النفقة بامتناعها فكيف لا تمنع الوثنية بامتناعها؟ قال الشافعي رحمه الله: وعلى العبد نفقة امرأته الحرة والكتابية والأمة إذا بوئت معه بيتا وإذا احتاج سيدها إلى خدمتها فذلك له ولا نفقة لها قال: ونفقته نفقة المقتر لأنه ليس من عبد إلا وهو فقير لأن ما بيده وإن اتسع لسيد ومن لم تكمل فيه الحرية فكالمملوك قال المزني رحمه الله: إذا كان تسعة أعشاره حرا فهو يجعل له تسعة أعشار ما يملك ويرثه مولاه الذي أعتق تسعة أعشاره فكيف لا ينفق على قدر سعته؟ قال المزني رحمه الله: قد جعل الشافعي رحمه الله من لم تكمل فيه الحرية كالمملوك وقال في كتاب الأيمان: إذا كان نصفه حرا ونصفه عبدا كفر بالإطعام فجعله كالحر ببعض الحرية ولم يجعله ببعض الحرية هاهنا كالحر بل جعله كالعبد فالقياس على أصله ما قلنا من أن الحر منه ينفق بقدر سعته والعبد منه بقدره وكذا قال في كتاب الزكاة: إن على الحر منه بقدره في زكاة الفطر وعلى سيد العبد بقدر الرق منه فالقياس ما قلنا فتفهموه تجدوه كذلك إن شاء الله تعالى.

الرجل لا يجد نفقة: من كتابين.
قال الشافعي رحمه الله: لما دل الكتاب والسنة على أن حق المرأة على الزوج أن يعولها اختمل أن لا يكون له أن يستمتع بها ويمنعها حقها ولا يخليها تتزوج من يغنيها وأن تخير بين مقامها معه وفراقه وكتب عمربن الخطاب رضي الله عنه إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم يأمرهم أن يأخذوهم بأن ينفقوا أو يطلقوا فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما حبسوا وهذا يشبه ما وصفت1 وسئل ابن المسيب عن الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته قال: يفرق بينهما قيل له فسنة؟ قال: سنة2 والذي يشبه قول ابن المسيب سنة أن يكون سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا وجد نفقتها يوما بيوم لم يفرق بينهما وإن لم يجد لم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر الأم 5/132, 154.
2 انظر الأم 5/154.

 

ص -307-     يؤجل أكثر من ثلاث ولا تمنع المرأة في ثلاث من أن تخرج فتعمل أوتسأل فإن لم يجد نفقتها خيرت كما وصفت في هذا القول وإن وجد نفقتها ولم يجد نفقة خادمها لم تخير لأنها تماسك بنفقتها وكانت نفقة خادمها دينا عليه متى أيسر أخذته به ومن قال هذاك مه عندي إذا لم يجد صداقها أن يخيرها لأنه شبيه بنفقتها قال المزني رحمه الله: قد قال: ولوأعسر بالصداق ولم يعسر بالنفقة فاختارت المقام معه لم يكن لها فراقه لأنه لا ضرر على بدنها إذا أنفق عليها في استئخار صداقها قال المزني: فهذا دليل على أن لا خيار لها فيه كالنفقة قال الشافعي ولو اختارت المقام معه فمتى شاءت أجل أيضا لأن ذلك عفو عما مضى ولو علمت عسرته لأنه يمكن أن يوسر ويتطوع عنه بالغرم ولها أن لا تدخل عليه إذا أعسر بصداقها حتى تقبضه واحتج على مخالفه فقال: إذا خيرتها في العنين يؤجل سنة ورضيت منه بجماع مرة فإنما هوفقد لذة ولا صبر لها على فقد النفقة فكيف أقررتها معه في أعظم الضررين وفرقت بينهما في أصغر الضررين؟.

نفقة التي لا يملك زوجها رجعتها وغير ذلك.
قال الشافعي رحمه الله تعالى: قال الله تعالى:
{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ}1 وقال تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}2 فلما أوجب الله لها نفقة بالحمل دل على أن لا نفقة لها بخلاف الحمل ولا أعلم خلافا أن التي يملك رجعتها في معاني الأزواج في أن عليه نفقتها وسكناها وأن طلاقه وإيلاءه وظهاره ولعانه يقع عليها وأنها ترثه ويرثها فكانت الآية على غيرها من المطلقات وهي التي لا يملك رجعتها وبذلك جاءت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في فاطمة بنت قيس بت زوجها طلاقها فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ليس لك عليه نفقة"3 وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: "نفقة المطلقة ما لم تحرم"4 وعن عطاء: ليست المبتوتة الحبلى منه في شيء إلا أنه ينفق عليها من أجل الحبل فإن كانت غيرحبلى فلا نفقة لها5 قال: وكل ما وصفت من متعة أو نفقة أو سكنى فليست إلا في نكاح صحيح فأما كل نكاح كان مفسوخا فلا نفقة حاملا أو غيرحامل فإن ادعت الحمل ففيها قولان أحدهما: أنه لا يعلم بيقين حتى تلد فتعطي نفقة ما مضى لها وهكذا لو أوصى لحمل أو كان الوارث أو الموصى له غائبا فلا يعطى إلا بيقين أرأيت لو أعطيناها بقول النساء ثم أنفس أليس قد أعطينا من ماله ما لم يجب عليه؟ والقول الثاني: أن تحصي من يوم فارقها فإذا قال النساء بها حمل أنفق عليها حتى تضع ولما مضى قال المزني رحمه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الطلاق: 6.
2 سورة الطلاق: 6.
3 انظر الأم 5/343., 344.
4 انظر الأم 5/343.
5 انظر الأم 5/343, 344.

 

ص -308-     الله: هذا عندي أولى بقوله لأن الله عز وجل أوجب بالحمل النفقة وحملها قبل أن تضع قال الشافعي رحمه الله: ولو ظهر بها حمل فنفاه وقذفها لاعنها ولا نفقة عليه فإن أكذب نفسه حد ولحق به الولد ثم أخذت منه النفقة التي بطلت عنه ولوأعطاها بقول القوابل أن بها حملا ثم علم أن لم يكن بها حمل أوأنفق عليها فجاوزت أربع سنين رجع عليها بما أخذت ولوكان يملك الرجعة فلم تقر بثلاث حيض أو كان حيضها يختلف فيطول ويقصر لم أجعل لها إلا الأقصر لأن ذلك اليقين وأطرح الشك قال المزني رحمه الله: إذا حكم بأن العدة قائمة فكذلك النفقة في القياس لها بالعدة قائمة ولو جاز قطع النفقة بالشك في انقضاء العدة لجاز انقطاع الرجعة بالشك في انقضاء العدة قال الشافعي رحمه الله: ولا أعلم حجة بأن لا ينفق على الأمة الحامل ولوزعمنا أن النفقة للحمل كانت نفقة الحمل لا تبلغ بعض نفقة أمة ولكنه حكم الله جل ثناؤه وقال في كتاب الإملاء: النفقة على السيد قال المزني رحمه الله: الأول أحق به لأنه شهد أنه حكم الله وحكم الله أولى مما خالفه قال الشافعي فأما كل نكاح كان مفسوخا فلا نفقة لها ولا سكنى حاملا أو غير حامل وقال في موضع آخر: إلا أن يتطوع المصيب لها بذلك ليحصنها فيكون ذلك بتطوعه وله تحصينها وبالله التوفيق.

باب النفقة على الأقارب من كتاب النفقة ومن ثلاثة كتب.
قال الشافعي رحمه الله: في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بيان أن على الأب أن يقوم بالمؤنة في إصلاح صغار ولده من رضاع ونفقة وكسوة وخدمة دون أمه وفيه دلالة أن النفقة ليست على الميراث وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:
{وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ}1 من أن لا تضار والدة بولدها لا أن عليها النفقة قال: فينفق الرجل على ولده حتى يبلغوا الحلم أو المحيض ثم لا نفقة لهم إلا أن يكونوا زمنى فينفق عليهم إذا كانوا لا يغنون أنفسهم وكذلك ولد ولده وان سفلوا ما لم يكن لهم أب دونه يقدر على أن ينفق عليهم وإن كانت لهم أموال فنفقتهم في أموالهم وإذا لم يجزأن يضيع شيئا منه فكذلك هومن ابنه إذا كان الوالد زمنا لا يغني نفسه ولا عياله ولا حرفة له فينفق عليه ولده وولد ولده وإن سفلوا لأنهم ولد وحق الوالد على الولد أعظم ومن أجبرناه على النفقة بعنا فيها العقار ولا تجبر امرأة على رضاع ولدها شريفة كانت أو دنيئة موسرة كانت أو فقيرة وأحكام الله فيهما واحدة وإذا طلبت رضاع ولدها وقد فارقها زوجها فهي أحق بما وجد الأب أن يرضع به فإن وجد بغير شيء فليس للأم أجرة والقول قول الأب مع يمينه وقال في موضع آخر: إن أرضعت أعطاها أجر مثلها قال المزني رحمه الله: هذا أحب إلي لقول الله جل ثناؤه: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}2.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة البقرة: 233.
2 سورة الطلاق: 6.

 

ص -309-     باب أي الوالدين أحق بالولد من كتب عدة.
قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا سفيان بن عيينة بن زياد بن سعد عن هلال بن أبي ميمونة عن أبي ميمونة "عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خير غلاما بين أبيه وأمه"1 وما جاء عن عمربن الخطاب رضي الله عنه أنه خير غلاما بين أبويه2 وعن عمارة الجرمي قال: خيرني علي رضي الله عنه بين أمي وعمي ثم قال لأخ لي أصغر مني: وهذا أيضا لو قد بلغ مبلغ هذا خيرته وقال في الحديث: وكنت ابن سبع أو ثمان سنين قال الشافعي فإذا استكمل سبع سنين3 ذكرا كان أو أنثى وهو يعقل عقل مثله خير وقال في كتاب النكاح القديم: إذا بلغ سبعا أو ثمان سنين خير إذا كانت دارهما واحدة وكانا جميعا مأمونين على الولد فإن كان أحدهما غير مأمون فهو عند المأمون منهما حتى يبلغ وإذا افترق الأبوان وهما في قرية واحدة فالأم أحق بالولد ما لم تتزوج وعلى أبيه نفقته ولا يمنع من تأديبه ويخرج الغلام إلى الكتاب أو الصناعة إذا كان من أهلها ويأوي إلى أمه فإن اختار أباه لم يكن له منعه من أن يأتي أمه وتأتيه في الأيام وإن كانت جارية لم تمنع أمها من أن تأتيها ولا أعلم على أبيها إخراجها إليها إلا أن تمرض فيؤمر بإخراجها عائدة وإن ماتت البنت لم تمنع الأم من أن تليها حتى تدفن ولا تمنع في مرضها من أن تلي تمريضها في منزل أبيها وإن كان الولد مخبولا فهو كالصغير فالأم أحق به ولا يخير أبدا وإذا خير فاختار أحد الأبوين ثم اختار الآخر حول ولو منعت منه بالزوج فطلقها طلاقا يملك فيه الرجعة أو لا يملكها رجعت على حقها في ولدها لأنها منعته بوجه فإذا ذهب فهي كما كانت فإن قيل: فكيف تعود إلى ما بطل بالنكاح؟ قيل: لوكان بطل ما كان لأمها أن تكون أحق بولدها من أبيهم وكان ينبغي إذا بطل عن الأم أن يبطل عن الجدة التي إنما حقها لحق الأم وقد قضى أبو بكر على عمررضي الله عنهما بأن جدة ابنه أحق به منه4 فإن قيل فما حق الأم فيهم؟ قيل: كحق الآب هما والدان يجدان بالولد فلما كان لا يعقل كانت الأم أولى به على أن ذلك حق للولد لا للأبوين لأن الأم أحنى عليه وأرق من الأب فإذا بلغ الغلام ولى نفسه إذا أونس رشده ولم يجبر على أن يكون عند أحدهما واختار له برهما وترك فراقهما وإذا بلغت الجارية كانت مع أحدهما حتى تزوج فتكون مع زوجها فإن أبت وكانت مأمونة سكنت حيث شاءت ما لم ترريبة واختار لها أن لا تفارق أبويها قال: وإذا اجتمع القرابة من النساء فتنازعن المولود فالأم أولى ثم أمها ثم أمهات أمها وإن بعدن ثم الجدة أم الأب ثم أمها ثم أمهاتها ثم الجدة أم الجد للأب ثم أمها ثم أمهاتها ثم الأخت للأب والأم ثم الأخت للأب ثم الأخت للأم ثم الخالة ثم العمة ولا ولاية لأم أبي الأم لأن قرابتها بأب لا بأم فقاربة الصبي من النساء أولى ولا حق لأحد مع الأب غير الأم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر الأم 5/133.
2 انظر الأم 5/134.
3 انظر الأم 5/134.
4 الأثر أخرجه البيهقي 8/4, 5.

 

ص -310-     وأمهاتها فأما أخواته وغيرهن فإنما حقوقهن بالأب فلا يكون لهن حق معه وهن يدلين به والجد أبو الأب يقوم مقام الأب إذا لم يكن أب أو كان غائبا أو غيررشيد وكذلك أبوأبي الأب وكذلك العصبة يقومون مقام الأب إذا لم يكن أقرب منهم مع الأم وغيرها من أمهاتها وإذا أراد الأب أن ينتقل عن البلد الذي نكح به المرأة كان بلده أو بلدها فسواء والقول قوله إذا قال أردت النقلة وهو أحق بالولد مرضعا كان أو كبيرا وكذلك العصبة إلا أن تخرج الأم إلى ذلك البلد فتكون أولى ولا حق لمن لم تكمل فيه الحرية في ولد الحر وإذا كان ولد الحر مماليك فسيدهم أحق بهم وإذا كانوا من حرة وأبوهم مملوك فهي أحق بهم ولا يخيرون في وقت الخيار.

باب نفقة المماليك.
قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا سفيان عن محمد بن عجلان عن بكر أو بكير بن عبد الله المزنى شك عن عجلان أبي محمد "عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل ما لا يطيق"1 قال: فعلى مالك المملوك الذكر والانثى البالغين إذا شغلهما في عمل له أن ينفق عليهما ويكسوهما بالمعروف وذلك نفقة رقيق بلدهما الشبع لأوساط الناس الذي تقوم به أبدانهم من أي الطعام كان قمحا أو شعيرا أو ذرة أو تمرا وكسوتهم كذلك مما يعرف أهل ذلك البلد أنه معروف صوف أو قطن أو كتان أي ذلك كان الأغلب بذلك البلد وكان لا يسمى مثله ضيقا بموضعه والجواري إذا كانت لهن فراهة وجمال فالمعروف أنهن يكسين أحسن من كسوة اللائي دونهن وقال ابن عباس في المملوكين: أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون قال الشافعي رحمه الله: هذا كلام مجمل يجوز أن يكون على الجواب فيسأل السائل عن مماليكه وإنما يأكل تمرا أو شعيرا ويلبس صوفا فقال: أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون والسائلون عرب ولبوس عامتهم وطعامهم خشن ومعاشهم ومعاش رقيقهم متقارب فأما من خالف معاش السلف فأكل رقيق الطعام ولبس جيد الثياب فلوآسى رقيقة كان أحسن وإن لم يفعل فله ما "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نفقته وكسوته بالمعروف"2 فأما من لبس الوشي والمروي والخز وأكل النقي وألوان لحوم الدجاج فهذا ليس بالمعروف للمماليك وقال عليه السلام: "إذا كفى أحدكم خادمه طعامه حره ودخانه فليدعه فليجلسه معه فإن أبى فليروغ له لقمة فيناوله إياها"3 أو كلمة هذا معناها فلما قال صلى الله عليه وسلم: "فليروغ له لقمة" كان هذا عندنا والله أعلم على وجهين أولاهما بمعناه أن إجلاسه معه أفضل وإن لم يفعل فليس بواجب إذ "قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وإلا فليروغ له لقمة" لأن إجلاسه لو كان واجبا لم يجعل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر الأم 5/145.
2 انظر الأم 5/145.
3 انظر الأم 5/146.

 

ص -311-     له أن يروغ له لقمة دون أن يجلسه معه أويكون بالخيار بين أن يناوله أو يجلسه وقد يكون أمر اختيار غير الحتم وهذا يدل على ما وصفنا من بيان طعام المملوك وطعام سيده والمملوك الذي يلي طعام الرجل مخالف عندي للمملوك الذي لا يلي طعامه ينبغي أن يناوله مما يقرب إليه ولو لقمة فإن المعروف أن لا يكون يرى طعاما قد ولى العمل فيه ثم لا ينال منه شيئا يرد يه شهوته وأقل ما يرد به شهوته لقمة وغيره من المماليك لم يله ولم يره والسنة خصت هذا من المماليك دون غيره وفي القرآن ما يدل على ما يوافق بعض معنى هذا قال الله جل ثناؤه: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ}1 ولم يقل يرزق مثلهم ممن لم يحضر وقيل ذلك في المواريث وغيرها من الغنائم وهذا أوسع وأحب إلي ويعطون ما طابت به نفس المعطي بلا توقيت ولا يحرمون ومعنى لا يكلف من العمل إلا ما يطيق يعني والله أعلم إلا ما يطيق الدوام عليه لا ما يطيق يوما أو يومين أو ثلاثة ونحوذلك ثم يعجز وجملة ذلك ما لا يضر ببدنه الضرر البين وإن عمي أو زمن أنفق عليه مولاه وليس له أن يسترضع الأمة غير ولدها فيمنع منها ولدها إلا أن يكون فيها فضل عن ريه أو يكون ولدها يغتذي بالطعام فيقيم بدنه فلا بأس به وينفق على ولد أم ولده من غيره ويمنعه الإمام أن يجعل على أمته خراجا إلا أن يكون في عمل واجب وكذلك العبد إذا لم يطق الكسب قال عثمان بن عفان رضي الله عنه في خطبته: "لا تكلفوا الصغير الكسب فيسرق ولا الأمة غير ذات الصنعة فتكسب بفرجها"2.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة النساء: 8.
2 انظر الأم 5/148.

صفة نفقة الدواب.
قال الشافعي رحمه الله: ولو كانت لرجل دابة في المصر أو شاة أو بعير علفه بما يقيمه فإن امتنع أخذه السلطان بعلفه أو بيعه فإن كان ببادية غنم أو إبل أو بقر أخذت على المرعى خلاها والرعي فإن أجدبت الأرض علفها أو ذبحها أو باعها ولا يحبسها فتموت هزلأ إن لم يكن في الأرض متعلق وأجبر على ذلك إلا أن يكون فيها متعلق لأنها على ما في الأرض تتخذ وليست كالدواب التي لا ترعى والأرض مخصبة إلا رعيا ضعيفا ولا تقوم للجدب قيام الرواعي قال: ولا تحلب أمهات النسل إلا فضلا عما يقيم أولادهن لا يحلبهن فيمتن هزلا.