الفتاوى الكبرى الفقهية على مذهب الإمام الشافعي

أبواب: الوديعة - قسم الفيء والغنيمة - قسم الصدقات - خصائصه صلى الله عليه وسلم

باب الوديعة
وسئل في مستودع مأذون له من المودع في دفع الوديعة إلى شخصين معينين ليسافرا بها إلى مكان معين فطلب الشخصان الوديعة من المستودع في غيبة المودع فسافرا بها إلى غير تلك الجهة المعينة فصدقهما المستودع على الإذن المذكور لكن التمس منهما البينة بالإذن فشهد لهما ولد المستودع وأجنبي وقبلهما الحاكم وسلم إليهما الوديعة ثم حضر المودع وأنكر الإذن في الدفع فأقام المستودع البينة المحكوم بها فهل الدفع المذكور للسفر إلى غير الجهة المعينة جائز أم لا؟ وهل شهادة الولد على والده بالإذن مقبولة؟. فأجاب بقوله: إذا ثبت عند الحاكم الشرعي إذن المودع للوديع في الدفع إلى المذكورين فألزم الحاكم الوديع بالدفع إليهما بريء ولا مطالبة للمودع عليه وإن لم يثبت إذن المودع

 

ج / 3 ص -476-        كذلك أثم الوديع بالدفع إليهما وصار به ضامنا وتقبل شهادة ولده عليه بالإذن له إذا طالباه بتسليم الوديعة إليهما على وفق إذن المودع فامتنع وأما بعد أن سلمها لهما وطلب المالك تضمينه لإنكاره الإذن فلا تقبل شهادة ولده له حينئذ بالإذن له، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وسئل عن قولهم لو وضع ثيابه في الحمام ولم يستحفظ الحمامي فسرقت لم يضمنها هل يؤخذ منه أن الضيف إذا دخل بيت المضيف ووضع ثيابه ونحوها في البيت المذكور ولم يستحفظ رب البيت فسرقت أنه لا يضمنها أو لا يؤخذ؟ فإن قلتم نعم فذاك وإلا فما الفرق؟. فأجاب بقوله: لا يضمن صاحب المنزل ثياب الضيف المذكور.
وسئل عما إذا استودع رجل آخر عينا وطلب صاحب العين وديعته في مكة المشرفة شرفها الله تعالى يدعي أنه أودعها فيها فقال المودع ما أودعتني إلا في زبيد مثلا فلا يلزمني نقلها إليك فمن المصدق منهما؟. فأجاب بقوله: الواجب على الوديع هو التخلية بين الوديعة ومالكها ولا يلزمه نقلها إليه فإن ادعى المالك أنه أودعه بمكة فنقلها إلى غيرها وادعى الوديع أنه لم يتعد بنقل الوديعة من البلد التي أودعه فيها كان المالك مدعيا عليه خيانة والأصل عدمها فيصدق الوديع بيمينه في عدمها، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وسئل عما إذا قال الأمين أوصلت الأمانة لمالكها أو لوكيله أو لحاكم شرعي عند الضرورة أو لأمين آخر عند فقد أولئك هل يقبل قوله في ذلك مع يمينه والحال أن كلا ممن ذكر غائب غيبة طويلة في بلاد بعيدة والأمين في بلدة أخرى بينهما نحو سنة مثلا ولم يبرح الأمين ولم يسافر أصلا وإذا أقام شخص وكيلا وجعل عليه ناظرا وجعل تحت يد وكيله أعيانا على سبيل الوديعة أو غيرها فإذا رأى الناظر خللا في تصرف الوكيل كبيعه بغير إذنه أو تلفا في المال فاقتضى رأيه أن يأخذ ما تحت يده من الوديعة وغيرها خشية على بقية ذلك فهل له ذلك أم لا وإذا عزل الوكيل نفسه أو مات هل للناظر أن يستولي على ما تحت يده من الأعيان أو يتولى أمر ذلك الحاكم الشرعي ويكون نظره باقيا على حاله ولا يتصرف الحاكم في شيء إلا بإذنه وإذا قلتم له قبض ذلك دون الحاكم الشرعي وامتنع هل يضمن أو لا؟. فأجاب بقوله: لا يقبل من الأمين دعوى الرد إلا إن كان على مؤتمنه وإن كانت الدعوى مع وارثه وأما على غير المؤتمن فلا تقبل دعواه الرد عليه وقياس ما قاله العبادي في الوصي والمشرف عليه أن الموكل إن قال لوكيله لا تعمل إلا بإذن فلان أو نحو ذلك لم يعمل إلا بإذنه فإن قصر بما يقتضي عزله لم يجز للناظر التصرف بل يرفع الأمر للقاضي لينصب قيما ليكون المال تحت يده ويد الناظر ولا يتصرفان فيه إلى حضور الموكل والفرق بين هذا ونظيره في الوصيتين واضح.
وسئل عن رجل عنده رهن أو وديعة في حرز هو دار يسكنها فأراد الانتقال منها إلى

 

ج / 3 ص -477-        أخرى من تلك المحلة تصلح حرزا لما عنده لكنها دون الأولى في الإحراز أيام سكناه لها وبعد الانتقال لا تكون حرزا فهل يجب عليه البقاء في الأولى لأجل ما عنده أو لا؟ استصحابا لأصل حرزيتها ولا يضمن إن ضاعت أو يدفعه لقاض أو أمين وإن لم تكن نقلته سفرا أو لمالكه إن حضر وإن كان رهنا وتفوت وثيقته أو يلزمه نقله معه في سكنه لأنه أحرز من الأول حينئذ بل الأول الآن غير حرز ويكون قول الأئمة يضمن بنقلها إلى حرز دونها من دار أخرى مرادا به حال بقاء ذلك فيها وقد ذكروا جواز النقل لخوف أو نحوه وكيف يقال ننظر البقاء في الأولى وهو محسن أو نائب عن يد المالك بلا التزام أو بجواز تركه فيها فضلا عن منعه من النقل وهي بعد الانتقال غير حرز أفتونا مأجورين؟. فأجاب بقوله: إذا لم يعين المالك حرزا للوديعة أو نحوها فالنقل لغير دارها تارة يكون لغير عذر وتارة يكون لعذر فإذا كان لغير عذر حامل عليه كان سببا للضمان إن كان المنقول إليه دون الأول في الإحراز سواء أكان الثاني حرزا لمثلها أم لا ووجه تضمينه بذلك أنه عرضها للتلف بما تعاطاه من النقل المذكور فأدير الهلاك الواقع بها على أقرب أسبابه وأخصها وهو النقل بل لا سبب ظاهر للهلاك حينئذ غير النقل الذي هو في الحقيقة نوع تعد لأن الغرض أنه غير محتاج إليه وأنه أدون من الأول إحرازا فكان النقل إليه سببا للهلاك كما تقرر إذ لو بقيت بالأول الأحرز لم تتلف بخلاف ما إذا نقلها إلى حرز مثل الحرز الأول أو أعلى منه إحرازا فإنه لا يضمن بالنقل وإن حصل الهلاك به ولو إلى قرية أخرى لا سفر بينهما ولا خوف ولا نهي من المالك لأنه غير متعد به عرفا ولا شرعا إذا لو بقيت بالأول لتلفت أيضا لأن الغرض أن الثاني مثله أو أعلى ولأن الغرض لا يتفاوت بذلك وإن كان لعذر كان نقلها لظن أنها ملكه أو لأجل سفر أو خوف عليها من نحو لصوص أو نهب أو حريق أو هدم فلا ضمان عليه بذلك وإن نقلها إلى حرز مثلها الأدون من الأول إحرازا لأنه في هذه الحالة لا ينسب للتعدي بوجه فلم يقتض فعله الضمان لجواز نقلها حينئذ بل وجوبه إلى حرز مثلها ويتعين مثل الحرز الأول إن وجده خلافا لما يوهمه كلام بعضهم إذا تقرر ذلك كله الذي صرحوا به علم منه أن من أودع أو رهن شيئا فجعله في مسكنه الذي هو حرز له لذاته أو بواسطة سكناه فيه ثم أراد الانتقال منه إلى سكن آخر كذلك فإن لم يخف عليه لو تركه في المسكن الأول لكونه حرزا لمثله بعد ذهابه منه لم يجز له نقله إلا إلى مثله أو أعلى منه لا إلى دونه وإن خاف عليه لو تركه في الأول وجب عليه نقله إلى مثل الحرز الأول إن وجده وإلا فإلى حرز مثله وكلام الأئمة لا يخالف شيئا مما قرر بل ما قررته هو عين كلامهم كما علمت من تلخيصه الذي ذكرته وبه تندفع ترديدات السائل التي أبداها بل قوله ويكون قول الأئمة يضمن بنقلها إلى حرز دونها الخ، فيه نظر بل عدم فهم كلامهم على وجهه إذ قوله إلى حرز دونها صوابه إلى حرز دونه أي دون حرزها الذي هي فيه وإن لم يكن دونها كما

 

ج / 3 ص -478-        قدمته مع ما يخرج به وبتأمل هذا مع ما قررته قبله يعلم أيضا بقاء كلام الأئمة على ظاهره الذي ذكرته وأنه لا يحتاج إلى أن يراد به ما ذكره السائل وقوله وكيف الخ جوابه أنه وإن كان محسنا لكنه ورط نفسه بالتزامه الحفظ ووضعه نحو الوديعة فيما نقلها منه إلى غيره ففصلنا فيه بين أن ينقل لأدون أو لغيره لعذر أو لغيره كما قدمت ذلك كله وإحسانه لا يدفع ذلك على أنه ليس عليه في النقل إذا ألزمناه به ضرر لأن أجرته إن احتيج إليها على المالك لا على نحو الوديع، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وسئل عن شخص ادعي عليه بأمانة فأنكرها ثم إنه أقر بها وادعى دفعها فهل يقبل قوله بعد إنكاره وتقبل بينته أو لا؟. فأجاب بقوله: إذا أنكر الوديع الإيداع ثم أقر به أو شهدت عليه به بينة ثم ادعى التلف أو الرد قبل الإنكار فإن كانت صيغة إنكاره لا شيء لك عندي أو لا وديعة لك عندي أو لا يلزمني تسليم شيء إليك أي التخلية بينك وبينها صدق في جميع هذه الصور بيمينه وإن كانت صيغة إنكاره لم ترد عيني لم يصدق إن ادعى الرد فإن ادعى التلف صدق في حصوله لكن يلزمه للمالك مثلها إن كانت مثلية وقيمتها إن كانت متقومة وللوديع إقامة البينة على ما ادعاه من تلف أو رد ثم إن شهدت البينة بحصولهما قبل إنكاره الإيداع فلا مطالبة للمالك عليه وإن شهدت بالتلف بعد الإنكار ضمنها لتعديه بالإنكار، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وسئل عمن له الإيداع من ولي ووصي وقيم وحاكم حيث ادعى الوديع عليه رد الوديعة وأنكره وحلف الوديع فالمولى عليه إذا انفك عنه الحجر يطالب من منهما بماله؟. فأجاب بقوله: إذا أودع من ذكر وجوزنا له الإيداع وأشهد عليه فإن الوديع ثقة فلا مطالبة للمولى عليه لا على وليه والوديع قد برئت ذمته من الوديعة بيمينه والولي لم يوجد مبرئ له فهو مطالب بها حتى يدع وجها مبرئا له منها وإلا ضمنها وإن اختل شرط من ذلك فله مطالبة كل منهما لفساد الإيداع فتكون يد كل منهما يد ضمان هذا ما ظهر لي من متفرقات كلامهم وهو الحق الذي لا محيد عنه إن شاء الله تعالى.

باب قسم الفيء والغنيمة
وسئل رضي الله تعالى عنه عن الغنائم التي لا تقسم على وفق الشرع كغنائم هذا الزمان هل يجوز التصرف فيها للغانمين أو غيرهم أم لا؟ وإن قلتم لا فما حكم الله فيها في هذا العصر المأيوس من الإمام العادل أو من الإنصاف وما المصلحة في التصرف فيها وهل في الأئمة من جوزه بغير تخميس ولا قسمة شرعية وما الحكم فيما يأخذه من الحربيين والرعايا المسلمين في مراكب يصرفون لها من أموالهم باستئجار العساكر وتهيئة العدد كما هو الواقع الآن في أرض مليبار هل يكون غنيمة كسائر الغنائم أم لا؟ فإن قلتم: نعم فهل

 

ج / 3 ص -479-        لصارف المال فيه حق أو لا؟ وإن قلتم لا فما الحكم فيه فهل يملكه الآخذ أو الصارف للمال أو غيرهما وإن وجد فيه امرأة فمن الذي يزوجها القاضي أو أحد الآخذين أو لا؟ وهل يشترط في قسمة الغنائم وتخميسها الإمام أو نائبه أو القاضي أو يكفي الغانمون وحدهم أو عدل آخر؟ فصلوا لنا تفصيلا تاما واشرحوا مزيلا للإشكال فإن المسألة قد عمت بها البلوى في قطر مليبار في هذا الزمن جزاكم الله سبحانه وتعالى خيرا. فأجاب بقوله: الغنيمة مال أو اختصاص أخذ من حربيين بقتال أو إيجاف خيل أو ركاب أو نحوهما كالسفن سواء أخذ حال القتال أو بعد انهزامهم عنه ولو قبل شهر السلاح حين التقى الصفان ومنها ما صالحونا عليه عند القتال وما أخذ بنحو سرقة فقد قال الشيخان في الروضة وأصلها ما حاصله أنه لو دخل واحد أو جماعة ولو بغير إذن الإمام دار الحرب فسرق أو اختلس أو التقط من مالهم فهو غنيمة مخمسة لا يختص به الآخذ تنزيلا لدخوله دارهم وتغريره بنفسه منزلة القتال وإن أخذه على وجه السوم ثم جحد أو هرب اختص به ولم يخمس قال الأذرعي وقولهم دخل دارهم جرى على الغالب وإلا فلو أخذ من مالهم في دارنا ولا أمان لهم كان الحكم كذلك قال الشيخان ومن قهر منا حربيا وأخذ ماله كان غنيمة مخمسة فلا يختص به الآخذ ولو قدم كافر هدية إلى الإمام أو غيره والحرب قائمة كان غنيمة مخمسة لأنه فعله خوفا بخلاف ما لو قدمها إليه والحرب غير قائمة فإنها تكون له ا هـ. وفي المأخوذ على صورة السرقة والاختلاس وجه ضعيف أنه يختص به الآخذ قال الشيخان وليكن هذا الوجه مخصوصا بما إذا دخل واحد أو نفر يسير دار الحرب وأخذوا فأما إذا أخذ بعض الجيش بسرقة واختلاس فيشبه أن يكون غلولا ثم حكم الغنيمة أنها تخمس فخمسها لخمسة أحدها المصالح العامة كسد الثغور وعمارة الحصون والقناطر والمساجد وأرزاق القضاة والعلماء والأئمة والمؤذنين وغيرهم من كل ذي نفع عام يعود على الإسلام ويجب تقديم الأهم فالأهم والأهم مطلقا هو سد الثغور والثاني بنو هاشم والمطلب غنيهم وفقيرهم كالإرث ويعمهم وجوبا إلا إن قل بحيث لا يسد مسدا بالتوزيع فيقدم الأحوج فالأحوج ويخص أهل كل ناحية بما فيها. نعم للإمام أن ينقل بقدر ما يحتاج إليه في التسوية بين المنقول إليهم وغيرهم الثالث اليتامى وهم كل صغير لا أب له ويجب تعميمهم لا التسوية بينهم ويشترط فقرهم والرابع والخامس المساكين وابن السبيل فهؤلاء الخمسة يستحقون الخمس أخماسا وأما الأربعة الأخماس الباقية من الغنيمة فهي للغانمين للآية ولفعله صلى الله عليه وسلم لذلك في أرض خيبر ولما صح أنه سئل عنها فقال لله خمسها وأربعة أخماسها للجيش فما أحد أولى به من أحد إذا تقرر ذلك علم منه أنه لا يجوز للغانمين التصرف في الغنيمة قبل قسمتها لأنها مشتركة بينهم وبين أهل الخمس المذكورين والشريك لا يجوز له التصرف في المشترك بغير إذن شريكه وإذن هؤلاء متعذر لعدم إمكانه وأنه لا فرق في توقف تصرف الغانمين على القسمة بين أن يكون الإمام عادلا

 

ج / 3 ص -480-        أو جائرا فيجب رفع الأمر في الغنائم إليه أو إلى أحد من نوابه الذين لهم ولاية على ذلك بطريق العموم أو الخصوص ليتولى قسمتها بين الغانمين وأهل الخمس إذ لا يجوز للغانمين الاستبداد بالغنيمة لأن الشريك لا يستبد بقسمة المشترك بل لا بد أن يقاسمه شريكه إن تأهل وإلا قام وليه مقامه في القسمة والشركاء هنا لا يمكن مقاسمتهم لما مر فينوب الإمام عنهم لأن ولاية التفرقة عليهم له أو لنائبه الذي فوض إليه ذلك نعم لمن ظفر بعد القسمة بالخمس الذي للخمسة السابقين وخشي استيلاء الإمام أو أحد من الظلمة عليه وأن لا يوصله لمستحقيه أن يستولي عليه ثم إن كان يحسن قسمته على مستحقيه شرعا جاز له أن يتولى ذلك بنفسه وله إذا كان مستحقا أن يأخذ ما يحتاجه وإن لم يحسن قسمته دفعه إلى أحد من أهل العلم والصلاح ليتولى قسمته على مستحقيه وعلم مما تقرر أيضا أن استحقاق أهل الخمس له من الغنيمة منصوص عليه في كتاب الله تعالى وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فلا يسع أحدا مخالفة ذلك. وأن ما يؤخذ من الحربيين في المراكب المذكورة غنيمة مخمسة لا يختص به الآخذون بل يكون أربعة أخماسه لهم وخمسه للخمسة السابقين وأن المرأة الموجودة فيه تكون رقيقة فيكون أربعة أخماسها للغانمين وخمسها للخمسة المذكورين ولا يجوز تزويجها ما دامت كذلك لأن من ملاكها من لا يمكن إذنه بخلاف ما لو انتقلت إلى ملك أحد من الغانمين فإنه هو أو وليه يزوجها أو إلى بيت المال فإن القاضي يزوجها وأنه لا بد في قسمة الغنائم من الإمام أو نائبه السابق ومنه القاضي إن شملت توليته ذلك نصا أو عرفا كأن يقال له على عادة من تقدمه وتكون عادة من تقدمه النظر في أمر الغنائم وما يتعلق بها واعلم أن التعبير بالإيجاف فيما مر إنما سلكوه تبركا بلفظ الآية وإلا فمفهومه ومنطوقه غير مراد إذ لو جلوا عن مال خوفا بسبب حصول خيلنا وركابنا وضرب معسكرنا بدارهم كان فيئا لا غنيمة مع وجود الإيجاف ولا فرق فيما مر بين من عليه جهاد وغيره فلو غزا نحو صبيان أو عبيد كان لهم مما غنموه أربعة أخماسه بحسب نفعهم ويتبعهم صغار السبي في الإسلام هذا إن لم يحضر معهم كامل وإلا كانت أربعة أخماس الغنيمة له ورضخ لهم وما حصله أهل الذمة من أهل الحرب بقتال أو نحو سرقة اختصوا به فلا يخمس عليهم بل يفوزون بجميعه وبهذا يتضح ما اعتمده النووي وغيره من حل وطء السراري اللاتي يجلبن اليوم وذلك أنه لم يتحقق أن جالبهن من بلد الحرب مسلم حتى يكون خمسها لأهل الخمس فلا يحل وطؤها بل يحتمل ذلك، ويحتمل أن جالبها ذمي فلا تخمس عليه بل يملكها جميعا ويحل له ولمن انتقلت إليه وطؤها وإذا احتمل واحتمل فالأصل الحل وأيضا فجلب المسلم مانع من حل الوطء والأصل عدم المانع حتى يتحقق ثبوته على أنه لا يلزم من كون جالبها مسلما حرمتها لاحتمال أنه أخذها بسوم وهرب ومن كانت كذلك يحل وطؤها لما مر أن الأخذ كذلك لا تخميس على فاعله هذا ما تلخص في هذه المسألة مع الاشتغال وشغل البال ولولا ذلك لكانت تحتمل من البسط أزيد من هذا بكثير لكن لعل

 

ج / 3 ص -481-        فيه وفاء بمقصود السائل فإن كان كذلك فبها ونعمت وإلا فباب تجديد السؤال مفتوح وإن شط المزار وبعدت الديار فإن من اعتنى بما يعود عليه منه نفع بذل جهده في تحصيله حتى يسهل الله تعالى له حصوله أو حصول شيء منه بحسب بذل همته وصفاء طويته وكمال قابليته، والله تعالى أعلم.
وسئل عن ذمي خلف ورثة لا يستغرقون تركته فهل الباقي لبيت المال مطلقا أو إن ترافعوا إلينا؟ وقد أفتى بعضهم بأن لنائب بيت المال أخذه من غير ترافع ونقله عن السبكي في كتابه كشف الغمة في توريث أهل الذمة. فأجاب بقوله: ما نقل عن السبكي ظاهر وإن لم يتيسر لي الآن الوقوف عليه للاشتغال بالموسم وعوارضه وكلام الأئمة في باب الفيء مصرح به فإنهم عدوا من جملة الفيء مال الذمي المذكور ولو توقف على مرافعة لم يتم لهم عده من ذلك إلا بشرطها فإطلاقهم عده منه من غير تعرض لمرافعة صريح في أنها ليست بشرط على أن اشتراطها هنا لا معنى له وقد أشار الزركشي إلى ذلك بقوله يجرى في إرث الذمي أحكام الإسلام أي إلا أن الفرق بينهما أن المسلم الذي لا وارث له ينتقل ماله لبيت المال إرثا والذمي الذي لا وارث له ينتقل ماله لبيت المال فيئا والتغاير بينهما ظاهر معلوم من كلامهم، والله سبحانه وتعالى أعلم.

باب قسم الصدقات
وسئل إذا أراد الفرع أن يعطي أصله من سهم الفقراء أو المساكين شيئا من فطرته أو عكسه والحال أنه ليس في نفقته ذلك الوقت لكونه مستغنيا بما لا يمتنع معه إطلاق اسم الفقر أو المسكنة فهل له ذلك أم لا؟. فأجاب: بأنه يجوز إعطاء الأصل والفرع باسم الفقر أو المسكنة إذا لم يلزمه نفقته وقت الإعطاء لأنه إنما امتنع عليه إعطاؤه عند لزوم مؤنته له لأن في الإعطاء حينئذ إسقاط واجب عليه فكأنه صرف مال نفسه لنفسه وأما حيث لم تلزمه نفقته فلا محذور في إعطائه من زكاته فجاز له ذلك بل ينبغي أن يكون إعطاؤه أفضل من إعطاء غيره كما شمله كلامهم في مواضع أخر.
وسئل هل يجوز للمالك أن يصرف من زكاته إلى الأيتام الفقراء الحاضرين عند القسم لتعسر مراجعة القاضي ونصب من يقبض لهم أو لا؟. فأجاب بقوله: لا يجوز صرف الزكاة إلا إلى ولي نحو الصبي ولا يجوز صرفها ولا يعتد به لغير الولي مطلقا، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وسئل رضي الله تعالى عنه عما حكي عن الفقيه أحمد بن موسى نفع الله سبحانه وتعالى به أنه قال ثلاث مسائل لا يفتى بها على مذهب الإمام الشافعي بل على مذهب

 

ج / 3 ص -482-        الإمام أبي حنيفة وهن نقل الزكاة ودفع زكاة شخص إلى صنف واحد وإلى شخص واحد وقال الأصبحي في فتاويه في الجواب عن ذلك اعلم أن ما حكي عن الفقيه أحمد بن موسى نفع الله سبحانه وتعالى به قد حكي مثله عن غيره من أكابر الأئمة كالشيخ أبي إسحاق والشيخ يحيى بن أبي الخير والفقيه الأحنف وغيرهم وإليه ذهب أكثر المتأخرين وإنما دعاهم إلى ذلك عسر الأمر وقد قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] ا هـ. فما نقل عن هؤلاء الأئمة صحيح هذا النقل فما تحقيق ذلك وهل يجوز تقليدهم في ذلك أم لا؟. فأجاب ما نقل عن الأئمة المذكورين لا بأس به في التقليد فيه لعسر الأمر فيه سيما الأخيرتان ومعنى القول بأنها لا يفتى فيها على مذهب الإمام الشافعي أنه لا بأس لمن استفتى في ذلك أن يرشده مستفتيه إلى السهولة والتيسر ويبين له وجه ذلك بذكر الشروط عند الشافعي رضي الله تعالى عنه فإن وطن نفسه على تحمل تلك المشاق ورعاية مذهبه فهو الأولى والأحرى لكثرة الخلاف في جواز التقليد وعسر استيفاء شروطه إذ يلزم من قلد إماما في مسألة أن يعرف جميع ما يتعلق بتلك المسألة في مذهب ذلك الإمام ولا يجوز له التلفيق مثال ذلك من قلد مالكا رضي الله تعالى عنه في طهارة الكلب يلزمه أن يجري على مذهبه في مراعاة سائر ما يقول به من النجاسات كالمني ويلزمه أن يراعي مذهبه في الطهارة كالوضوء والغسل فيمسح رأسه كلها في وضوئه ويوالي في وضوئه وغسله ويدلك أعضاءه فيهما وكذلك يلزمه أن يراعي مذهبه في الصلاة فيأتي بجميع ما يوجبه فيها ومتى لم يفعل ذلك كأن مسه كلب فلم يسبع ثم مسح بعض رأسه في وضوئه وصلى كانت صلاته باطلة بالإجماع لأنه لم يجز على ما قاله الشافعي وحده رضي الله تعالى عنه ولا على ما قاله مالك وحده رضي الله تعالى عنه. وإنما لفق بين المذهبين فكانت طهارته من النجاسة على مذهب مالك ووضوءه على مذهب الشافعي وكل من الطهارتين مشترط للصلاة فلم يصل على واحد من المذهبين لأنه متى حصل تلفيق في التقليد كان التقليد باطلا وكذا المأتي به ملفقا باطل بالإجماع كما مر فليتفطن لهذه القاعدة فإن كثيرين يقلدون الأئمة في بعض المسائل ولا يراعون ذلك فيقعون في ورطة التلفيق فتبطل أفعالهم بالإجماع وحيث اتفق مالك مثلا وبعض أصحابنا على حكم مخالف للمذهب وأراد الإنسان التقليد في ذلك الحكم فالأولى تقليد مالك لأنه مجتهد مطلق بالإجماع وأما بعض الأصحاب فليس مجتهدا كذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وسئل هل يحل أخذ الزكاة لمن اشتغل بعلم شرعي يشتري بها كتبا وكل ما يعينه على طلب العلم أو لا؟. فأجاب بقوله: إن من اشتغل عن كسبه الحلال اللائق به الذي يكفيه ويكفي ممونه بتعلم شرعي أو آلة له وكان يتأتى منه أو بتعلم القرآن دون نوافل العبادات جاز له أن يأخذ من الزكاة بقدر كفايته وكفاية ممونه اللائقة بهم العمر الغالب ثم ما أخذه يصير ملكه فله أن يصرفه في شراء كتب علوم الشرع وآلاتها، والله سبحانه وتعالى أعلم.

 

ج / 3 ص -483-        وسئلت عن قول المنهاج والمسكين من قدر على مال أو كسب الخ هل المراد كفايته سنة أو العمر الغالب وكم مقدار الكفاية؟. فأجبت بقولي: المراد كفايته العمر الغالب على الأصح والمراد بالكفاية كفاية نفسه وممونه حال إعطائه الزكاة الكفاية اللائقة به وبهم عرفا مأكلا ومشربا وملبسا ومسكنا وغيرها من سائر وجوه الكفايات نعم يبقى النظر فيما لو كان عنده صغار ومماليك وحيوانات فهل نعتبرهم في العمر الغالب لأن الأصل بقاؤهم وبقاء نفقتهم عليه أو بقدر ما يحتاجه بالنسبة إلى الأطفال ببلوغهم وإلى الأرقاء بما بقي من أعمارهم الغالبة وكذلك الحيوانات للنظر في ذلك مجال وكلامهم يومئ إلى الأول لكن الثاني أقوى مدركا فإن تعذر العمل به تعين الأول.
وسئلت رجل عليه زكاة أفرزها ونوى فسرقها أو غصبها مستحق فهل يقع الموقع أو لا فما فائدة أخذها منه وردها إليه؟. فأجبت: لا يقع المسروق ولا المغصوب الموقع ولو بعد النية والإفراز لأنه بهما لم يخرج عن ملك المالك إذ له الإخراج من غيره فإذا أخذه مستحق لم يملكه لأنه باق على ملك المالك ولم يرض بأخذه إياه فيلزمه أن يرده أو بدله إليه ثم المالك مخير بين الدفع له والدفع لغيره، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وسئل عن شخص إذا أراد أن يدفع زكاة ماله أخذ من يدفع إليه الزكاة من أولاده أو بعض أقاربه أو صديقه ثم دفع إليهم تلك الزكاة ثم بعد الدفع أعطاهم من الزكاة شيئا قليلا أو لم يعطهم شيئا ثم إنهم ردوا باقي الزكاة عليه أو على بعض عياله وأراد أن ينتفع بها فهل يحل له ذلك أو لا؟ لكون الذين دفعه إليهم محتاجين لذلك ولقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"أغنوهم عن الطلب في ذلك اليوم" ولم يحصل لهم ذلك ولكونه لم يأخذ بعض أولاده أو صديقه إلا لكونه يعلم أنه إذا دفع إليهم الزكاة أنهم يردونها لبعض عياله ملكا وإلا لم يدفع إليهم فهل هذه الحيلة صحيحة أو لا؟ ا هـ. وقد حكي أن أبا يوسف كان يهب ماله لزوجته في آخر الحول ويستوهب مالها لإسقاط الزكاة فحكي ذلك لأبي حنيفة فقال ذلك من فقهه وصدق فإن ذلك فقه الدنيا ولكن مضر به في الآخرة أعظم من كل جناية ومثل هذا العلم هو الضار ا هـ. فإذا كان رجل عندنا غني عن الزكاة فوهب ماله لزوجته حتى يصير فقيرا أو مسكينا فهل يكون كما ذكر عن أبي يوسف أو لا؟ فإن قلتم: نعم فذاك وإن قلتم لا فما الفرق ا هـ. وإذا كان أهل بلادنا يشترطون على الفقيه أنا ما نعطيك الزكاة إلا أن تصيف معنا أو يعطيهم دراهم ولو لم يعطهم دراهم لم يعطوه الزكاة فإن قلتم نعم فالمسئول منكم زجرهم عن ذلك وبسط الجواب والمسئول منكم أخبرونا كم صاع النبي صلى الله عليه وسلم بمكيال مكة أو غير ذلك فإنا نريد كلاما في ذلك وإنا نريد البيان منكم؟. فأجاب: إن من يعطي زكاته لمن يرد بعضها إليه إن كان ذلك بشرط أن يردوا عليه أو على بعض عياله أو غيرهم ذلك حالة الإعطاء فالإعطاء باطل والزكاة مستقرة في ذمته لا يبرأ منها عن شيء بل إن مات ولم يؤدها

 

ج / 3 ص -484-        أداء صحيحا عوقب عليها العقاب الشديد كما دلت عليه الآيات والأحاديث الكثيرة الشهيرة منها قوله تعالى: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ} [التوبة: 35] الآية ومنها قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [التوبة: 77] وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جبينه وجنبه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي الله سبحانه وتعالى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار" وإن كان ذلك الرد بغير شرط وإنما هو تبرع من الآخذين كان قبول المالك له مكروها كراهة شديدة، لأن المتصدق يكره له أن يتملك صدقته ممن دفعها إليه كراهة شديدة وقد شبهه صلى الله عليه وسلم بالكلب يرجع في قيئه ثم الحيلة في إسقاط الزكاة اختلف العلماء فيها اختلافا كثيرا فقال مالك وأحمد بن حنبل وإسحاق أن من احتال على إسقاط الزكاة عنه في أثناء الحول لا تسقط عنه الزكاة بل هي باقية في ذمته يعاقب عليها في الآخرة العقاب الشديد ومتى اطلعنا على إنسان أنه يفعل ذلك عاقبناه عليه وعزرناه التعزير الشديد الزاجر له ولأمثاله وأخذنا الزكاة منه قهرا عليه وقال الشافعي وأبو حنيفة وغيرهما أنها بقصد الفرار من الزكاة مكروهة لكن خالف الشافعي جماعة من أصحابه كالدارمي وصاحب الإبانة والمسعودي فشذوا وقالوا: إنها حرام كما قال به مالك وأحمد وإسحاق وحكاه الإمام عن بعضهم وتبع هؤلاء الغزالي في وسيطه ووجيزه فقال: إنها حرام وقال ابن الصلاح يكون آثما بقصده لا بفعله وأبداه الأذرعي بحثا وقال في الخادم: إنه مسيء وقال الغزالي في الإحياء: لا تبرأ الذمة منها باطنا وحكي عن أبي يوسف أنه كان يفعل ذلك ثم قال: العلم قسمان ضار ونافع وهذا من الفقه الضار وتبعه الزركشي في قواعده فقال: ومن الحكم ما يؤخذ به في الظاهر دون الباطن كما إذا باع المال الزكوي فرارا من الزكاة تسقط في الظاهر وهو مطالب بالزكاة فيما بينه وبين الله سبحانه وتعالى وكذلك إذا طلق المريض زوجته فرارا من الإرث وكذا إذا أقر لبعض ورثته بقصد حرمان الباقين قال الكمال بن أبي شريف وما في الإحياء هو المتجه وقال الماوردي إنه مسيء إذا تقرر ذلك علم منه أنه لا ينبغي لمن عنده أدنى عقل ومروءة ودين أن يرتكب شيئا من هذه الحيل التي قد تكون سببا للخزي في الدنيا والآخرة وربما قصد الغافل المغرور بها توفير ماله وتنميته ويكون ذلك سببا لمحقه وزواله عن قرب أو عدم البركة فيه فلا ينتفع به هو ولا ذريته وربما عومل فيه وفي ذريته بما يسيئه ويغيظه فيسلط عليهم الشيطان أعوانه حتى ينفقونه في المحارم واللذات والشهوات القبيحة المحرمة كما لا يخفى

 

ج / 3 ص -485-        ذلك على من جرب أحوال الناس سيما أبناء التجار ونحوهم من ذوي الأموال الذين لم يؤدوا منها حق الله سبحانه وتعالى ولم يجروا فيها على سنن الاستقامة ويأتي جميع ما تقرر في الغني إذا احتال على أن يجعل نفسه فقيرا أو مسكينا حتى يحل له أخذ الزكاة فيحرم عليه ذلك أو يكره له على ما مر وعلى الأول فلا يحل له ما أخذه من الزكاة بل تبقى ذمته معلقة به في الآخرة وأما ما يفعله أهل بلادكم من اشتراطهم على الفقيه أنهم لا يعطونه الزكاة مع كونه مستحقا لها إلا إلا أضاف معهم أو أعطاهم دارهم فهذا حرام عليهم بإجماع المسلمين فيعاقبون عليه العقاب الشديد في الدنيا والآخرة وليت شعري ما لهؤلاء الفاعلين لهذه الخصلة الذميمة القبيحة الشنيعة خلاق ولا مروءة ولا دين وكيف يليق هذا ممن يظهر أنه يخرج الزكاة ولو لم يظهر ذلك لكان خيرا له فإنه لا اعتداد بإخراجه ولا ينفعه منه شيء بل الزكاة باقية مستقرة في ذمته يحاسبه الله سبحانه وتعالى عليها إن شاء بما يستحقه ويناسبه من تجرئه على الله سبحانه وتعالى وعلى دينه عافانا الله سبحانه وتعالى عليها من هؤلاء وأفعالهم القبيحة الشنيعة الدالة على سواد قلوبهم وفساد أعمالهم ونياتهم وقد ذكر ابن عبد السلام تحريرا جيدا للصاع بالعدس فكل شيء وسع من العدس خمسة أرطال وثلث فهو صاع لأن المنصور عاير الصاع النبوي بالعدس فجاء كذلك وتفاوت أنواع العدس يسير لا يحتفل بمثله فكل صاع وسع من العدس ذلك اعتبر الإخراج به في الفطرة وغيرها ولا مبالاة بتفاوت الحبوب في الميزان ا هـ. والرطل الذي وزنه المراد به البغدادي وهو مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم وقال السبكي اعتبرت القدح المصري بالمد الذي حررته فوسع مدين وسبعا تقريبا فالصاع قد حان بالصاع المصري إلا سبعي مد ا هـ. والصاع المصري مقارب للكيلة وفي هذه المسألة كلام طويل لا يحتمله هذا المحل وما ذكرته لكم ملخص شيء منه وما ذكره السبكي أوجه من قول جمع أن الصاع قد حان بالمصري لكن ما قالوه هو الأحوط، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وسئل أدام الله تعالى النفع بكم آمين كم حد المسافة التي يحرم نقل الزكاة إليها وما دونها لا يحرم؟. فأجاب بقوله: الذي يظهر حد الأولى بما يجوز القصر فيه والثانية بما لا يجوز القصر فيه بجامع أن الملحظ في القصر أن يكون بمحل منقطع عن دار الإقامة غير منسوب إليها وهذا الملحظ في النقل فاستويا فيما ذكر كما هو ظاهر، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
وسئل رضي الله تعالى عنه من لم يفضل عن كفاية عياله حرم عليه التصدق هل المراد كفايتهم على الدوام أو غيره فما هو؟. فأجاب بقوله: المراد كفاية يومهم وليلتهم فمتى فضل عن كفاية اليوم والليلة شيء جاز التصدق منه ومتى لم يفضل عن كفايته ذلك شيء حرم التصدق منه، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

 

ج / 3 ص -486-        وسئل أدام الله تعالى النفع بعلومه عن قولهم في صدقة التطوع يحرم على الغني أخذها إلا أظهر الفاقة أو سأل فلو أظهرها لخوف الظلمة على ماله فهل له قبول ما يعطى من غير سؤال وهل طلب العارية كالسؤال وإذا سأل التافه كسؤال قلم أو شربة ماء هل حكمه كذلك أم لا؟ وهل المراد الغني بكفاية سنة أو أقل وإذا كان يتيسر الإعطاء في وقت دون وقت فهل له السؤال في وقت تيسره لما يحتاجه مستقبلا وهل سؤال السلطان من بيت المال كغيره أم لا؟. فأجاب بقوله: يجوز له إذا خاف الظلمة على ماله أن يظهر الفاقة وأن يسأل لكن ما يعطاه يجب عليه رده لمالكه وليس طلب العارية كالسؤال فيما يظهر لجريان العادة بأن الغني وغيره يسألانها فليس في طلبها إذلال للنفس ولا تغرير للغير وظاهر كلامهم حرمة السؤال على الغني وإن سأل تافها وليس ببعيد لأن الكلام فيما ليس بينه وبين المسئول مباسطة الأصدقاء المستلزمة للعلم بمسامحتهم لما سأل فيه أصدقاؤهم ولو أغنياء أما من بينه وبين المسئول تلك المباسطة المستلزمة لذلك من غير حياء قطعا فظاهر أنه لا يحرم عليه السؤال حينئذ وقول السائل وهل المراد الغني الخ، جوابه ذكرته في شرح الإرشاد وعبارته والذي يظهر ضبط الغني هنا بمن معه كفاية يومه وليلته أخذا مما يأتي والذي رأيته في الإحياء ضبطه بما يوافق ما ذكرته فقال بأن يجد ما يأكل هو ومن في كفالته يومهم وليلتهم وسترهم عن الناس وما يحتاجون إليه بعد يومه وليلته ينظر فإن كان السؤال متيسرا عند نفاذ ذلك لم يجز وإلا جاز له أن يطلب ما يحتاج إليه لسنة ا هـ. قال الأذرعي وينبغي جواز طلب ما يحتاج إليه إلى وقت يعلم بالعادة تيسر السؤال والاستغناء به ولا يتجاوز والدفع لمظهر الفاقة وإن لم يسأل إما مكروه أو حرام ا هـ. وقيل يحل السؤال للغني مع الكراهة قال النووي وشرط حله على هذا القول الضعيف أن لا يذل نفسه وأن لا يلح وأن لا يؤذي المسئول وإلا حرم اتفاقا وأفتى ابن الصلاح بحرمته مع ذلك وإن احتاج وقال الإمام هو مع الإيذاء حرام مطلقا ومع الحاجة جائز والتعفف عنه أولى ولغير حاجة مكروه وواجب عند الضرورة وفي الإحياء أن الأخذ مع العلم بأن باعثه الحياء منه أو من حاضر ولولاه ما أعطي حرام إجماعا ولا يملكه انتهت عبارة الشرح المذكورة ومن له ببيت المال حق له أن يسأل السلطان وإن كان غنيا ومن لا حق له لا يجوز له أن يسأل شيئا منه لأن ناظر بيت المال كولي اليتيم وهو لا يجوز له التبرع بشيء منه، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وسئل هل يجوز للمالك أن يصرف من زكاته إلى الأيتام الفقراء الحاضرين عند القسمة لتعسر أو تعذر مراجعة القاضي في نصيب من يقبض لهم ولو روجع لقسمها المالك قبل عود جوابه وقد يتعذر وجود المنصوب وبقاؤه في الجرين عند قسمة كل مالك؟. فأجاب بقوله: لا يجوز للمالك صرف شيء من زكاته إلى صغير ولا إلى سفيه وإنما يدفع لوليه فإن فرض تعذر ولي يقبض له أو قاض ينصب له وليا لذلك كان ذلك أمرا نادرا فلا

 

ج / 3 ص -487-        يقول عليه ولا ينظر إليه واختيار بعضهم جواز الدفع لا يجوز تقليده فيه ولا العمل به لأن ذلك شيء شاذ خارج عن المذهب وقائله المذكور ليس مجتهدا فيتعين إلغاؤه والإعراض عنه رأسا، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وسئل عما ذكروه في حد المسكين من أنه من قدر على مال أو كسب يقع موقعا من كفايته ولا يكفيه هل المراد عدم الكفاية في ذلك اليوم أو كل السنة أو العمر الغالب فإن قلتم بالأخير كما صححه النووي رحمه الله تعالى فما حده وما حد الغني الذي لا يجوز معه أخذ الزكاة فإذا كان رجل عمره عشرون سنة مثلا ولم يكن كاسبا وعنده عشرة آلاف مثلا ومؤنته كل سنة ألف مثلا فهل يجوز له أخذ الزكاة أو لا؟ فإن قلتم يجوز فما الحد الذي يجوز أخذه وكم يعطي الدافع له والحالة هذه؟. فأجاب بقوله: من تحقق بالفقر أو المسكنة لا يخلو إما أن يكون يحسن حرفة أو تجارة أو لا يحسن شيئا من ذلك ومن لا يحسن شيئا إما أن يكون معه شيء أو لا فأما من له حرفة فإنه يعطى ثمن آلات حرفته التي يقوم دخلها بخرجه على الدوام فإن لم يف دخلها بخرجه كملنا له الزائد بأن نضم إلى ثمن تلك الآلات شراء محل نعطيه له يقوم دخله مع دخل الحرفة بكفايته وكفاية ممونه بحسب اللائق به وبهم على الدوام أيضا وأما من يحسن التجارة فإنه يعطى رأس مال يكفيه ربحه بأن يكون ذلك الربح الحاصل منه بحسب العادة بقدر ما يحتاجه هو وممونه كما ذكر ولا يتقيد ذلك بحد وذكرهم إعطاء البقال والجوهري والصيرفي وغيرهم أشياء مخصوصة ذكروها وحددوها إنما هو لأن ذلك كان مناسبا لعرف زمنهم كما أشاروا إلى ذلك بقولهم عقب تلك المقادير تقريبا وأما من معه مال وهو لا يكفيه العمر الغالب بأن يكون لو وزعه على ما بقي من عمره باعتبار الغالب الذي يعيش إليه أكثر الناس وهو ما بين الستين والسبعين لا يكفيه بل ينقص عن ذلك أو ليس معه شيء ولا يحسن كل منهما حرفة ولا تجارة فإنه يعطى كفاية العمر الغالب بأن يشترى له أرض أو عقار يكفيه كما مر غلتها على الدوام ففي المثال المذكور في السؤال يضم إلى العشرة الآلاف التي معه قدر بحيث لو اشترى بهما محل كفاه دخله على الدوام. ومحله كما علم مما تقرر ما إذا كانت تلك العشرة الآلاف يفي ربحها بخرجه إن كان يحسن تجارة أو لا يشتري بها ما يكفيه غلته إن لم يحسن شيئا ففي هاتين الصورتين يضم إليها ما يشتري به ما تكفيه غلته أما إذا كانت تلك العشرة الآلاف يمكن أن يشتري بها ما تكفيه غلته أو يمكنه أن يتجر فيها بما يفي ربحه بخرجه فلا يعطى شيئا من الزكاة لأنه الآن غني والحاصل أنا نعتبر إنفاق عين المال الذي باليد إلا في صورة واحدة وهي أن يكون معه مال ولا يحسن فيه تجارة ولا كسبا ولو أنفقه بقية عمره لم يكفه الكفاية السابقة فهذا مسكين فيعطى شيئا يضم إلى ذلك المال ويشترى له به ما تكفيه غلته وأما ما عدا هذه الصورة فمن له حرفة أو تجارة ولا يكفيه دخلها فإنه يكمل له بأن يشترى له ما يضم ربحه إلى ربح حرفته أو تجارته بحيث يكفيه هذا حاصل المعتمد الذي يتعين الاعتناء بفهمه

 

ج / 3 ص -488-        وتحريره في هذه المسألة فإنه قد كثر فيها اختلاف أنظار الأئمة فيها وتغليظ بعضهم لبعض في بعض تفاصيلها، ومن ثم شنع بعض من لم يمعن النظر على الأئمة فيها وقال إن الملوك يأخذون الزكاة لأنه ليس معهم ما يكفيهم العمر الغالب وما درى أنه هو الأحق بالتشنيع لأنه لو تأمل ما قررناه لعلم أن الملوك ونحوهم لا يأخذون شيئا فإن لهم من الفيء والمتاجر وغيرهما ما يفي دخله بخرجهم وكل من له ذلك فهو غني ومن ليس له ذلك إما فقير أو مسكين وكذلك يندفع بما تقرر ما أشار إليه بعض الأئمة من أن إعطاء العمر الغالب يلزم عليه حرمان أكثر المستحقين إذ الغالب أنه لا يوجد من الزكاة ما يكفي مستحقيها العمر الغالب ووجه اندفاع هذا ما علمت أن أحدا من الفقراء والمساكين لا يعطى حيث اتسع المال نقدا وإنما يشترى له به ما يفي دخله بخرجه فإن قل المال أعطي كل ما تيسر له.
وسئل هل يشارك القادم بعد الحول الموجودين عنده وهل يجوز التوكيل في قبض الزكاة و من يكتسب بعض السنة فقط هل يجوز له الأخذ؟. فأجاب بقوله: إن كانوا غير محصورين شاركهم القادم لأنهم إنما يستحقونها بالقسمة وإن انحصروا في ثلاثة من كل صنف لم يشاركهم لأنهم ملكوها يوم الوجوب ومن ثم لو طرأ غناهم بعده لم يؤثر ومن مات منهم بعده أعطي نصيبه لوارثه ولو غنيا لأنه إنما يأخذها بطريق التلقي عن المستحق لها وقت الوجوب لوجود وصف الاستحقاق فيه ومن ثم جوز السبكي الاعتياض عنها حينئذ لأنها بدخول وقت وجوبها بلغت محلها وملكها مستحقها فاعتياضه عنها بعد ذلك اعتياض عن مملوك لا عن زكاة يتفرع على ذلك أن المزكي لو كان وارث الكل أو بعضهم سقط بموت المستحق بعد الوجوب قدر الزكاة عن المزكي لأنه انتقل إليه بالموت من غير احتياج لتقدير قبض لئلا يلزم عليه أنه قابض مقبض لنفسه وهو متعذر شرعا ومن غاب وقت الوجوب ووكل من يقبض له وقت القسمة اختلف المتأخرون فيه والأوجه وفاقا لابن رزين وغيره لأن الملك يقع للموكل وهو غائب فلو وقع الدفع مع غيبته كان فيه نقل الزكاة فإن كان حاضرا وقت الوجوب وهو من محصورين صح توكيله لأنه ملك كما مر أو من غير محصورين لم يصح لأنه إنما يستحق بيوم القسمة وهو ليس حاضر عندها فيلزم على أخذ الوكيل له نقل الزكاة نظير ما مر ومن يكتسب وقت تصفية الحبوب دون ما بعدها ولم يكن له صنعة أخرى تكفيه يأخذ ما يحتاجه للعمر الغالب بخلاف ما إذا كان له صنعة أخرى تكفيه فإنه لا يعطى شيئا باسم الفقر أو المسكنة بل بنحو الغرم لأنه لا يقدر على وفاء دينه غالبا بالكسب إلا بالتدريج فلم يكلف له.
وسئل بما لفظه: كم حد الغني الذي يحرم معه أخذ الزكاة والغنى والتوسط المعتبرين فيمن يعقل واليسار والتوسط المعتبرين في النفقة؟. فأجاب بقوله: حد الأول أن يكون معه

 

ج / 3 ص -489-        مال يكفيه ويكفي من تلزمه مؤنته العمر الغالب باعتبار المؤن اللازمة اللائقة به وبهم عرفا فيما يظهر فلو كان له مال يكفيه ربحه يوما بيوم أو صنعة جائزة يكفيه دخلها كذلك أو غلة مواضع كذلك فهو غني فلا يحل له الأخذ من الزكاة بنحو الفقر أو المسكنة والغني في الثاني هو من يملك فاضلا عما يترك له في الكفارة نصابا وهو عشرون دينارا والمتوسط من يملك دون العشرين وفوق ربع دينار والمعسر في الثالث من لا يملك ما يخرجه عن المسكنة وإن قدر على كسب واسع فالقدرة عليه لا تخرجه عن الإعسار في النفقة وإن أخرجته عن استحقاق سهم المساكين في الزكاة ويفرق بأن في ذلك عملا بالأصل فيهما إذ الأصل ثم حرمة أخذ الزكاة حتى يتحقق مسوغ ومع القدرة على الكسب لا مسوغ والأصل هنا عدم وجوب الزائد على المد حتى يتحقق موجب ولم يتحقق بالقدرة على الكسب والمتوسط من يملك ما يخرجه عن المسكنة لكنه متى كلف بالدين صار مسكينا والموسر من يملك ذلك ولو كلفهما لم يصر مسكينا.
وسئل هل يفضل الذكر الصدقة؟. فأجاب بقوله: في الأحاديث ما يصرح بتفضيله عليها أخرج الحاكم والترمذي:
"ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إعطاء الذهب والورق وأن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم"، قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: "ذكر الله". والترمذي سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة؟. قال: "الذاكرون الله كثيرا والذاكرات"، قلت: يا رسول الله ومن الغازي في سبيل الله؟ قال: "لو ضرب بسيفه في الكفار والمشركين حتى ينكسر ويختضب دما لكان الذاكرون الله أفضل منه درجة"، والبيهقي: "لأن أقعد مع قوم يذكرون الله سبحانه وتعالى منذ صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل".

باب خصائصه صلى الله عليه وسلم
وسئل رضي الله تعالى عنه هل تحريم الشعر خاص بنبينا صلى الله عليه وسلم؟. فأجاب بقوله: زعم بعضهم عدم الخصوصية وظاهر كلامه أنه قال ذلك بحثا بدليل تعليله لما قاله بقوله إذ المعنى الذي حرم لأجله الشعر عليه صلى الله عليه وسلم موجود في بقية الأنبياء فلا فارق بينه وبينهم في ذلك ا هـ. وما ادعاه ممنوع بل ادعاؤه لذلك عجيب فإن المعنى الذي حرم على نبينا صلى الله عليه وسلم لأجله التوصل إلى تعلم الشعر وروايته هو أن أهل زمن بعثته كانوا فصحاء العرب وفرسان ميادين بلاغتها وكان الشعر من أعلى فخرهم إذ يتوصل به صاحبه إلى كل كمال عندهم وكانوا لا يعدون فصيحا وبليغا غير مجيده فاقتضت الحكمة الإلهية تحريم هذا عليه صلى الله عليه وسلم وأن يكون أميا محضا لا يقرأ ولا يكتب حتى تنقطع قالة الناس أي العقلاء الذين لم

 

ج / 3 ص -490-        يسلبوا مشاعر الهداية فيه وفيما أتى به من القرآن وتتمحض معجزته وفصاحته التي قهرت سائر الفصحاء وجميع البلغاء والشعراء ولو جاز له صلى الله عليه وسلم الشعر ما تمت تلك الكلمات الباهرات وهذا كله لا يوجد في غيره من الأنبياء صلى الله عليه وعليهم وسلم فكيف يلحقون به في ذلك فتأمله.
[تم الجزء الثالث من فتاوى العلامة ابن حجر الفقهية الكبرى ويليه الجزء الرابع وأوله كتاب النكاح]