الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل

كتاب الحج وشروطه
وهو: قصد مكة للنسك في زمن مخصوص وهو أحد أركان الإسلام وهو فرض كفاية كل عام وفرض سنة تسع عند الأكثرين ولم يحج النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته سوى حجة واحدة وهي حجة الوداع ولا خلاف أنها كانت سنة عشر وكان قارنا بها والعمرة زيارة البيت على وجه مخصوص تجب على المكي كغيره ونصه لا ويجبان في العمر مرة واحدة وعلى الفور بخمسة شروط: الإسلام والعقل فلا يجب على كافر ولو مرتدا ويعاقب عليه وعلى سائر فروع الإسلام كالتوحيد إجماعا ولا يجب عليه باستطاعته في حال ردته فقط ولا تبطل استطاعته بردته وإن حج ثم ارتد ثم أسلم وهو مستطيع لم يلزمه حج وتقدم بعض ذلك في كتاب الصلاة ولا يصح منه ويبطل إحرامه ويخرج منه بردته فيه ولا يجب على المجنون

 

ج / 1 ص -335-  ولا يصح منه إن عقده بنفسه أم عقده له وليه ولا تبطل استطاعته بجنونه ولا إحرامه به كالصوم ولا يبطل الإحرام بالإغماء والموت والسكر ـ والبلوغ ـ والحرية: فلا يجب على الصغير ولا على قن وكذا مكاتب ومدبر وأم ولد ومعتق بعضه ويصح منهم ولا يجزئ حجة الإسلام إلا أن يسلم أو يفيق أو يبلغ أو يعتق في الحج قبل الخروج من عرفة أو بعده قبل فوت وقته إن عاد فوقف ويلزمه العود إن أمكنه وفي العمرة قبل طوافها فيجزئهم قال الموفق وغيره في إحرام العبد والصبي: إنما يعتد بإحرام ووقوف موجودين إذن وما قبله تطوع لم ينقلب فرضا وقال المجد وجمع: ينعقد إحرامه موقوفا فإذا تغير حاله تبين فرضيته ولو سعى قن أو صغير بعد طواف القدوم وقبل الوقوف والعتق والبلوغ وقلنا: السعي ركن ـ وهو المذهب ـ لم يجزئه ولو أعاد السعي لأنه لا يشرع مجاوزة عدده ولا تكراره وخالف الوقوف إذا هو مشروع ولا قدر له محدود وقيل يجزئه إذا أعاد السعي ويحرم المميز بنفسه بإذن وليه وليس له تحليله ولا يصح بغير إذنه وغير المميز يحرم عنه وليه ولو كان الولي محرما أو لم يحج عن نفسه وهو: من يلي ماله ولا يصح من غير الولي من الأقارب ومعنى إحرامه عنه عقده الإحرام له فيصير الصغير بذلك محرما دون الولي وكل ما أمكنه فعله بنفسه كالوقوف والمبيت لزمه: سواء حضره الولي فيهما أو غيره وما عجز عنه فعله عنه الولي لكن لا يجوز أن يرمي عنه إلا من رمى عن نفسه كما في النيابة في الحج وإن كان الولي

 

ج / 1 ص -336-  محرما وقع عن نفسه وإن كان حلالا لم يعتد به وإن أمكن الصبي أن يناول النائب الحصا ناوله وإلا استحب أن توضع الحصاة في كفه ثم تؤخذ منه فترمى عنه فإن وضعها نائب في يده ورمى بها عنه فجعل يده كالآلة فحس وإن أمكنه أن يطوف فعله إلا طيف به محمولا أو راكبا ويصح طواف الحلال به والمحرم طاف عن نفسه أولا لوجود الطواف من الصبي كمحمول مريض ولو يوجد من الحامل إلا النية كحالة الإحرام وتعتبر النية من الطائف به ويأتي في باب دخول مكة وكونه ممن يصح أن يعقد له الإحرام فإن نوى الطواف عن نفسه وعن الصبي وقع عن الصبي كالكبير يطاف به محمولا لعذر ونفقة الحج التي تزيد على نفقة الحضر وكفارته في مال وليه إن كان أنشا السفر به تمرينا على الطاعة وأما سفر الصبي معه للتجارة أو خدمة أو إلى ليستوطنها أو ليقيم بها لعلم أو غيره مما يباح له السفر به في وقت الحج وغيره ومع الإحرام وعدمه ـ فلا نفقة على الولي وعمده هو ومجنون ـ خطأ فلا يجب بفعلها شيء إلا فيما يجب على المكلف في خطأ ونسيان وإن فعل بهما الولي فعلا لمصلحة كتغطية رأسه لبرد أو تطييبه لمرض أو حلق رأسه فكفارته على الولي أيضا وإن وجب في كفارة صوم صام الولي ووطء الصبي كوطء البالغ ناسيا يمضي في فاسده ويلزمه القضاء بعد البلوغ نصا وكذا الحكم إذا تحلل الصبي من إحرامه لفوات أو لإحصار لكن إذا أراد القضاء بعد البلوغ لزمه أن يقدم حجة الإسلام على المقضية فلو خالف

 

ج / 1 ص -337-  وفعل فهو كالبالغ يحرم قبل الفرض بغيره1 ومتى بلغ في الحجة الفاسدة في حال يجزئه عن حجة الفرض لو كانت صحيحة فإن يمضي فيها ثم يقضيها ويجزئه ذلك عن حجة الإسلام والقضاء كما يأتي نظيره في العبد وليس للعبد الإحرام إلا بإذن سيده ولا للمرأة الإحرام نفلا إلا بإذن زوج فإن فعلا انعقد ولهما تحليلهما ويكونان كالمحصر فلو لم تقبل المرأة تحليله أثمت وله مباشرتها فإن كان بإذن أو أحرما بنذر أذن لهما فيه أو لم يأذن وإلا فالخلاف في عزل الوكيل قبل علمه2 ويلزم العبد حكم جنايته كحر معسر3 فإن مات ولو يصم فلسيده أن يطعم عنه وإن أفسد حجه بالوطء لزمه المضي فيه والقضاء ويصح في رقه وليس للسيد منعه من القضاء إن كان شروعه فيما أفسده بإذنه وإن عتق قبل أن يأتي بما لزمه من ذلك لزمه أن يبتدئ بحجة الإسلام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد: أن حجه ينصرف إلى الفرض، وعليه القضاء بعد ذلك.
2 حاصل الخلاف المشار إليه، على ما يأتي، هل الوكيل ينعزل إذا عزله موكله ولو لم يعلم، وتكون تصرفات الوكيل بعد ذلك غير نافذة؟ أو لا ينعزل الوكيل إلا إذا علم، بالعزل؟ رأيان. والأرجح الأول وعلى قياسه لو رجع السيد في إذن العبد فله تحليله ولو لم يكن العبد علم برجوعه. والله أعلم.
3 يريد بجناية العبد هنا. ارتكابه شيئا من محظورات الإحرام.

 

ج / 1 ص -338-  فإن خالف فحكمه كالحر يبدأ بنذر أو غيره قبل حجة الإسلام1 فإن عتق في الحجة الفاسدة في حال يجزئه عن حجة الفرض لو كانت صحيحة فإنه يمضي فيها ثم يقضيها ويجزئه ذلك عن حجة الإسلام والقضاء وإن تحلل لحصر أو حلله سيده لم يتحلل قبل الصوم وليس له منعه منه وإذا فسد حجه صام وكذا إن تمتع أو قرن ولو باعه سيده وهو محرم فمشتريه كبائعه في تحليله وعدمه وله فسخ البيع إن لم يعلم: إلا أن يملك بائعه تحليله فيحلله المشتري وليس للزوج منع امرأته من حج فرض إذا كملت الشروط ونفقتها عليه كقدر نفقة الحضر وإلا فله منعها من الخروج إليه والإحرام به: لا تحليلها إن أحرمت به وليس له منعها ولا تحليلها من العمرة الواجبة وحيث قلنا ليس له منعها فيستحب لها أن تستأذنه وإن كان غائبا كتبت إليه فإن أذن وإلا حجت بمحرم ولا تخرج إلى الحج في عدة الوفاة دون المبتوتة ويأتي في العدد ولو أحرمت بواجب فحلف بالطلاق الثلاث أنها لا تحج العام لم يجز أن تحل2 وليس للوالدين منع ولدهما من حج الفرض ولا نذر ولا تحليله منه ولا يجوز للولد طاعتهما فيه ولهما منعه من التطوع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مراده أن حجه ينصرف إلى حجة الإسلام، وعليه القضاء بعد ذلك في القابل، وقد تقدم لك نظير هذا.
2 توجيه ذلك أن الحج فرض والطلاق مباح فلا تقطع  الأول للثاني وفي المذهب رواية راجحة أنها والحالة هذه كالمحصر فتتحلل به بما يتحلل به المحصر: من دم أو صيام على ما يأتي، ولا لا توقع الطلاق على نفسها وبذلك أفتى الإمام أحمد رضي الله عنه.

 

ج / 1 ص -339-  ومن كل سفر مستحب كالجهاد: ولكن ليس لهما تحليله1 ويلزم طاعتهما في غير معصية لو كانا فاسقين وتحرم طاعتهما فيها ولو أمره والده بتأخير الصلاة ليصلي به أخرها ولا يجوز له منع ولده من سنة راتبة ولولي سفيه مبذر تحليله إن أحرم بنفل وزادت نفقته على نفقة الإقامة ولم يكتسبها وإلا فلا وليس له منعه من حج فرض ولا تحليله منه ويدفع نفقته إلى ثقة ينفق عليه في الطريق ولا يحلل مدين ويأتي في الحج.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يعني ليس لهما تحليل ولدهما من حج التطوع لوجوبه بالشروع فيه.

فصل الشرط الخامس الاستطاعة
وهي: أن يملك زادا أو راحلة لذهابه وعوده أو ما يقدر به على تحصيل ذلك فيعتبر الزاد مع قرب المسافة وبعدها إن احتاج إليه فإن وجده في المنازل لم يلزمه حمله إن وجده يباع بثمن مثله في الغلاء والرخص أو بزيادة يسيرة وإلا لزمه حمله والزاد ـ ما يحتاج إليه: من مأكول ومشروب وكسوة وينبغي أن يكثر من الزاد والنفقة عند إمكانه ليؤثر محتاجا ورفيقا وإن تطيب نفسه بما ينفق ويستحب أن لا يشارك غيره في الزاد وأمثاله اجتماع الرفاق كل يوم على طعام أحدهم على المناوبة أليق بالورع من المشاركة ـ ويشترط أيضا القدرة على وعاء الزاد وتعتبر الراحلة مع بعد المسافة فقط ولو قدر على المشي وهو ما تقصر فيه الصلاة لا فيما دونهما من مكي وغيره ويلزمه المشي: إلا مع عجز لكبر ونحوه ولا يلزمه الحبو إن أمكنه ـ وما يحتاج إليه من آلتها بكراء أو شراء صالحا لمثله عادة لا ختلاف أحوال الناس فإن كان ممن يكفيه الرحل والقتب ولا يخشى السقوط ـ اكتفى

 

ج / 1 ص -340-  بذلك فإن كان ممن لم تجر عادته بذلك أو يخشى السقوط عنها ـ اعتبر وجود محمل وما أشبهه مما لا يخشى سقوطه عنه ولا مشقة فيه وينبغي أن يكون المركوب جيدا وإن لم يقدر على خدمة نفسه والقيام بأمره ـ اعتبر من يخدمه لأنه من سبيله: فإن تكلف الحج من لا يلزمه وأمنه ذلك من غير ضرر يلحق بغيره: مثل من يكتسب بصناعة كالخراز أو مقارنة من ينفق عليه أو يكتري لزاده ولا يسأل الناس ـ استحب له الحج ولم يجب عليه ويكره لمن حرفته المسالة قال أحمد: فيمن يدخل البادية بلا زاد ولا راحلة  لا أحب له ذلك يتوكل على أزواد الناس ؟ ويعتبر كونه فاضلا عما يحتاج إليه: من كتب ومسكن للسكنى أو يحتاج إلى أجرته لنفقته أو نفقة عياله أو بصناعة يختل ربحها المحتاج إليه وخادم ودينه: حالا كان أو مؤجلا لله أو لآدمي ولا بد له منه: لكن إن فضل منه عن حاجته وأمكن بيعه وشراؤه ما يكفيه ويفضل ما يحج به ـ لزمه ويقدم النكاح مع عدم الوسع من خاف العنت نصا ومن احتاج إليه ويعتبر أن يكون له إذا رجع ما يقوم بكفاية عياله على الدوام ـ ولم يعتبر ما بعد رجوعه عليها1 من أجور عقار أو ربح بضاعة أو صناعة ونحوها ولا يصير العاجز مستطيعا يبذل غيره له مالا أو مركوبا ولو ولدا أو والدا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد: أن الكفاية بعد الرجوع ليست معتبرة في وجوب الحج بناء على رواية أخرى هي مرجع الضمير في عليها، وقوله بعد: من أجور عقار الخ بيان للموصول في قوله سابقا. ما يقوم بكفايته.

 

ج / 1 ص -341-  فمن كملت له هذه الشروط وجب عليه الحج على الفور نصا فإن عجز عن السعي إليه لكبر أو زمانة أو مرض لا يرجى برؤه أو ثقل لا يقدر معه يركب إلا بمشقة شديدة أو كان نضو الخلقة: وهو المهزول لا يقدر على الثبوت على الراحلة إلا بمشقة غير محتملة ويسمى المعضوب أو أيست المرأة من محرم ـ لزمه إن وجد نائبا أن يقيم من بلده أو من الموضع الذي أيسر منه من يحج عنه ويعتمر ولو امرأة عن رجل ولا كراهة وقد أجزأ عنه وإن عوفي قبل فراغه أو بعده وإن عوفي قبل إحرام النائب بم يجزئه: كما لو استناب من يرجى زوال علته ولو كان قادرا على نفقة راجل لم يلزمه الحج: وإن كان قادرا ولم يجد نائبا ـ ابتنى بقاؤه في ذمته على إمكان المسير على ما يأتي ومن أمكنه السعي إليه لزمه إذا كان في وقت المسير ووجد طريقا أمنا ولو غيب الطريق المعتاد بحيث يمكن سلوكه بحسب ما جرت به العادة برا كان أو بحرا الغالب في السلامة وإن غلب الهلاك لم يلزمه سوكه وإن سلم فيه قوم وهلك قوم ولا غالب لم يلزمه سلوكه قال الشيخ: أعان على نفسه فلا يكون شهيدا وقال القاضي: يلزمه ويشترط ألا يكون في الطريق خفارة فإن كانت يسيرة لزمه قاله الموفق و المجد وزاد إذا أمن الغدر من المبذول به ولعله مراد من أطلق قال حفيده: الخفارة تجوز عند الحاجة إليها في الدفع عن المخفر ولا تجوز مع عدمها1 ويشترط

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الخفارة: هي ما يأخذه ولي الأمر أو من في حكمه أجرة عن الحراسة وقد قيل في غير الأقناع بعدم وجوب الحج مع وجودها لأنها من قبيل الرشوة فليست واجبة في العبادة وقد روى الأقناع من الروايات الأخرى في وجوب الحج مع وجودها ما تراه، والمجد المذكور هو عبد السلام بن تيمية، وحفيده هو العلامة الجليل تقي الدين بن تيمية المشهور.

 

ج / 1 ص -342-  أن يوجد فيه الماء والعلف على المعتاد فلا يلزمه حمل ذلك لكل سفره فسعة الوقت ـ وهي وإمكان المسير: بأن تكمل الشرائط فيه وفي الوقت سعة يتمكن المسير لأدائه وأمن الطريق بألا يكون فيه مانع من خوف ولا غيره ـ من شرائط الوجوب: كقائد الأعمى ودليل البصير الذي يجهل الطريق ويلزمه أجرة مثله ولو تبرع لم يلزمه للمنة وعنه من شرائط لزوم الأداء اختاره الأكثر يأثم إن لم يعزم على الفعل: كما تقول في طريان الحيض فالعزم في العبادات مع العجز يقوم مقام الأداء في عدم الإثم فإن مات قبل وجود هذين الشرطين أخرج عنه من ماله لمن ينوب عنه على الثاني دون الأول1 ويأتي ومن وجب عليه الحج فتوفي قبله: فرط أو لم يفرط ـ أخرج عنه من جميع ماله حجة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 حاصل هذه الفقرة أن سعة الوقت، وأمن الطريق، وقائد الأعمى، ودليل الجاهل للطريق- مختلف فيها: هل هي شروط في الوجوب بحيث لو لم تتوفر لأحد لم يكن مستطيعا ولا يأثم بعدم العزم على الحج، أو هي شرط في الأداء بمعنى أن من قدر على الزاد والراحلة يكون مستطيعا، ومطالبا بالحج؟ روايتان في ذلك، فعلى الأولى لا يكون مكلفا كما علمت، وعلى الثانية يكون مكلفا ويجب عليه العزم على الفعل بعد تحقق هذه الأمور الأربعة أو ما نقص منها، وحكمه حكم الحائض التي طرأ عليها الحيض بعد دخول الوقت فإنها مكلفة بالعزم على قضاء تلك الفريضة بعد الطهر وإلا فيه آثمة بترك العزم.

 

ج / 1 ص -343-  وعمرة ولو لم يوص به ويكون من حيث وجب عليه ويجوز من أقرب وطنيه ومن خارج بلده دون مسافة القصر لا فوقها ولا يجزئه ويسقط بحج أجنبي عنه ولو بلا إذن ولو مات هو أو نائبه في الطريق حج عنه من حيث مات فيما بقي مسافة وقولا وفعلا وإن صد فعل ما بقي وإن وصى بحج نفل وأطلق ـ جاز من الميقات ما لم تمنع منه قرينة فإن ضاق ماله عن ذلك أو كان عليه دين أخذ للحج بحصته وحج من حيث يبلغ نصا.

فصل ويشترط لوجوب الحج على المرأة
شابة كانت أو عجوزا مسافة قصر ودونها ـ وجود محرم وكذا يعتبر لكل سفر يحاج فيه إلى محرم لا في أطراف البلد مع عدم الخوف وهو معتبر لمن لعورتها حكم وهي بنت سبع سنين فأكثر قال الشيخ: وأما المرأة فيسافر معها ولا يفتقرن إلى محرم لأنه لا محرم لهن في العادة الغالبة انتهى1 ويتوجه في عتقائها من الإماء مثله على ما قله قال في الفروع وظاهر كلامهم ـ اعتبار المحرم للكل وعدمه كعدم المحرم للحرة والمحرم زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح لحرمتها لكن يستثنى من سبب مباح نساء النبي صلى الله عليه وسلم وحرج به أم الموطوءة بشبهة أو زنا وبنتها وخرج بقوله لحرمتها الملاعنة فإن تحريمها عليه عقوبة وتغليظ لا لحرمتها إذا كان ذكرا بالغا عاقلا مسلما ولو عبدا ونفقته عليها ولو كان محرما زوجها فيعتبر أن تملك زادا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا في الأصل، وهو كلام غير مستقيم، ولعل صوابه: وأما إما المرأة فيسافرن الخ. وبذلك يظهر لك أن هذه الفقرة لبيان حكم الإماء مع سيداتهن.

 

ج / 1 ص -344-  وراحلة لها ولو بذلت النفقة لم يلزمه السفر معها وكانت كمن لا محرم لها وليس العبد محرما لسيدته نصا ولو جاز له النظر إليها ولو حجت بغير محرم حرم وأجزأ ويصح من مغصوب وأجير خدمة بأجرة أولا ومن تأجير ويأتي ولا أثم والثواب حسب الإخلاص وإن مات المحرم قبل خروجها لم تخرج وبعده: إن كان قريبا رجعت وإن كان بعيدا أمضت ولو مع إمكان إقامتها ببلد ولو تصر محصرة: لكن إن كان حجها تطوعا وأمكنها الإقامة ببلد فهو أولى وإن كان المحرم الميت زوجها فيأتي له تتمة في العدد ومن عليه حجة الإسلام أو قضاء أو نذر ـ لم يصح ولم يجز أن يحج عن غيره ولا نذره ولا نافلته وانصرف إلى حجة الإسلام ورد ما أخذ والعمرة كالحج في ذلك ومن أتى بواجب أحدهما فله فعل نذره ونفله وحكم النائب كالمنوب عنه فلو أحرم بنذر أو نفل عمن عليه حجة الإسلام وقع عنها ولو استناب عنه أو عن ميت واحدا في فرضه وآخر في نذره في سنة ـ جاز ويحرم بحجة الإسلام قبل الأخرى وأيهما أحرم أولا فعن حجة الإسلام ثم الأخرى عن نذره ولو لم ينوه ويصح أن ينوى الرجل عن المرأة والمرأة عن الرجل في الحج والعمرة وأن ينوب في الحج من أسقطه عن نفسه مع بقاء العمرة في ذمته وأن ينوب في العمرة من أسقطها عن نفسه مع بقاء الحج في ذمته ولا يصح أن ينوب في نسك من لم يكن أسقطه عن نفسه وتصح الإستنابة في حج التطوع وفي بعضه لقادر وغيره ومن أوقع فرضا أو نفلا عن حي بلا إذنه أو لم يؤمر به: كأمره بحج فيعتمر وعكسه لم يجز: كزكاة ويرد ما أخذه ويقع عن الميت ولا إذن له كالصدقة

 

ج / 1 ص -345-  ويتعين النائب بتعيين وصي جعل إليه التعيين فإن أبى عين غيره ويكفي النائب أن ينوي النسك عن المستنيب ولا تعتبر تسميته لفظا نصا وإن جهل اسمه أو نسبه لبى عمن سلم إليه المال ليحج به عنه ويستحب أن يحج عن أبويه إن كانا ميتين أو عاجزين زاد بعضهم إن لم يحجا1 ويقدم أمه لأنها أحق بالبر ويقدم واجب أبيه على نفلها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا في الأصل، ولعل صوابه: إن لم يحجا، وإلا فلم يظهر لي معنى هذه الزيادة.

فصل ومن أراد الحج
فليبادر وليجتهد في الخروج من المظالم ويجتهد في رفيق صالح وإن تيسر أن يكون عالما فليستمسك بغرزه1 ويصلي ركعتين يدعو بعدهما بدعاء الإستخارة ويستخير هل يحج العام أو غيره؟ إن كان الحج نفلا أولا يحج ويصلي في منزله ركعتين ثم يقول: اللهم هذا ديني وأهلي ومالي وولدي وديعة عندك اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل والمال والولد وقال الشيخ: يدعو قبل السلام أفضل ويخرج يوم الخمس قال ابن الزاغوني وغيره: أو اثنين ويبكر ويقول إذا نزل منزلا أو دخل بلدا ما ورد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الغرز على وزن الضرب ومعناه الركاب بكسر الراء، وذلك كناية عن الملازمة.

باب المواقيت
وهي مواضع وأزمنة معينة لعبادة مخصوصة وميقات أهل المدينة ـ ذو الحليفة وبينها وبين مكة عشر مراحل وبينها وبين

 

ج / 1 ص -346-  المدينة ستة أميال وأهل الشام ومصر والمغرب ـ الحجفة وهي قرية كبيرة خربة بقرب رابغ الذي يحرم منه الناس على يسار الذاهب إلى مكة ومن أحرم من رابغ فقد أحرم قبل محاذاة الحجفة بينها وبين مكة ثلاث مراحل وقيل أكثر والثلاثة الباقية بين كل منها وبين مكة مرحلتان وأهل اليمن ـ يلملم ويقال: الملم لغتان وهو جبل وأهل نجد اليمن ونجد الحجاز والطائف ـ قرن وهو جبل وأهل المشرق والعراق وخراسان ـ ذات عرق: وهي قرية خربة قديمة من علاماتها المقابر القديمة وعرق هو الجبل المشرف على العقيق وهذه المواقيت كلها ثبتت بالنص والأفضل أن يحرم من أول الميقات وهو الطرف الأبعد عن مكة وإن أحرم من الطرف الأقرب من مكة جاز وهي لأهلها ولمن مر عليها من غير أهلها ممن يريد حجا أو عمرة فإن مر الشامي أو المدتى أو غيرهما على غير ميقات بلده فإنه يحرم من الميقات الذي مر عليه لأنه صار ميقاته ومن منزله دون الميقات: أي بين الميقات ومكة ـ فميقاته من موضعه فإن كان له منزلان جاز أن يخرج من أقربها إلى مكة والأولى من البعيد وأهل مكة ومن بها من غيرهم: سواء كانوا في مكة أو في الحرم فإذا أرادوا العمرة فمن الحل ومن التنعيم أفضل وهو أدناه ويأتي آخر صفة الحج فإن أحرموا من مكة أو من الحرم انعقد وفيه دم ثم إن خرج إلى الحل قبل إتمامها ولو بعد الطواف أجزأته عمرته وكذا إن لم يخرج قدمه في المغني قال الشيخ و الزركشي: هو المشهور وفوات الإحرام من الميقات لا يقضي

 

ج / 1 ص -347-  البطلان فإن أحرم قارنا فلا دم عليه لأجل إحرامه بالعمرة من مكة تغليبا للحج وإن أرادوا الحج من مكة: مكيا كان أو غيره إذا كان فيها من حيث شاء منها ونصه من المسجد وفي الإيضاح والمبهج: من تحت الميزاب ويجوز من سائر الحرم ومن الحل: كالعمرة ولا دم عليه ومن لم يكن طريقه على ميقات أو عرج عن الميقات: فإذا حاذى أقرب المواقيت إليه ـ أحرم ويستحب الاحتياط مع جهل المحاذاة فإن تساويا في القرب إليه ـ فمن أبعدهما عن مكة ومن لم يحاذ ميقاتا ـ أحرم عن مكة بقدر مرحلتين.

فصل ولا يجوز لمن أراد دخول مكة
أو الحرم أو نسكا ـ يجاوز الميقات بغير إحرام إن كان حرا مسلما مكلفا فلو جاوزه رقيق أو كافر أو غير مكلف ثم لزمهم ـ إن عتق وأسلم وكلف ـ أحرموا من موضعهم ولا دم عليهم: إلا لقتال مباح أو خوف أو حاجة متكررة كحطاب وفيج وناقل الميرة ولصيد واحتشاش ونحو ذلك ومكي يتردد إلى قريته بالحل1 ثم إن بدا له النسك أو لمن لم يرد الحرم أحرم من موضعه ومن تجاوز بلا إحرام لم يلزمه قضاء الإحرام وحيث لزم الإحرام من الميقات لدخول مكة: لا لنسك طاف وسعى وحلق وحل وأبيح للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه دخول مكة محلين ساعة من نهار: وهي من طلوع الشمس إلى صلاة العصر رواه أحمد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قوله: إلا القتال وما عطف عليه مستثنى من قوله سابقا. ولا يجوز لمن أراد دخول مكة الخ.

 

ج / 1 ص -348-  لا قطع شجرة ومن جازوه يريد النسك أو كان النسك فرضه ولو جاهلا أو ناسيا لذلك أو مكرها لزمه أن يرجع فيحرم منه: ما لم يخف فوات الحج أو يخف غيره فإن رجع فأحرم منه فلا دم عليه وإن رجع محرما إلى الميقات لم يسقط برجوعه وإن أفسد نسكه هذا لم يسقط دم المجاوزة ويكره أن يحرم قبل الميقات وبالحج قبل أشهره فإن فعل فهو محرم ولا ينعقد إحرامه بالحج عمرة وميقات العمرة جميع العام ولا يلزمه الإحرام بها يوم النحر وعرفة وأيام التشريق وأشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة فيوم النحر منها وهو يوم الحج الأكبر.

باب الإحرام والتلبية
وهو نية النسك سمي إحراما لأن المحرم بإحرامه حرم على نفسه أشياء كانت مباحة له ويسن لمن يريد أن يغتسل: ذكرا كان أو أنثى ولو حائضا أو نفساء فإن رجتا الطهر قبل الخروج من الميقات استحب تأخير حتى تطهرا وإلا اغتسلتا ويتيمم عادم الماء وتقدم ولا يضر حدثه بعد غسله قبل إحرامه وأن يتنظف بإزالة الشعر: من حلق العانة وقص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظافر وقطع الرائحة الكريهة وأن يتنظف ولو امرأة في بدنه: سواء كان مما تبقى عينه كالمسك أو أثره كالعود والبخور وماء الورد ويستحب لها خضاب بحناء ويكره تطييبه ثوبه فإن طيبه فله استدامته ما لم ينزعه فإن نزعه فليس له

 

ج / 1 ص -349-  لبسه والطيب فيه فإن فعل وأثر الطيب باق أو نقله من موضع من بدنه إلى موضع أو تعمد مسه بيده فعلق بها أو نحاه عن موضعه ثم رده إليه ـ فدى فإن ذاب بالشمس أو بالعرق فسال إلى موضع آخر فلا شيء عليه ويسن أن يلبس ثوبين أبيضين نظيفين: أزار ورداء جديدين أو غسيلين فالرداء على كتفه والإزار في وسطه ويجوز في ثوب واحد وتجرد عن المخيط ويلبس نعلين إن كان رجلا وأما المرأة فلها لبس المخيط بالإحرام والمخيط كل ما يخاط على قدر الملبوس عليه: كالقميص والسراويل والبرنس ولو لبس إزارا موصلا أو اتشح بثوب مخيط أو ائتزر به ـ جاز ثم يحرم عقب صلاة مكتوبة أو نفل ندبا وهو أولى وإن شاء إذا ركب وإن شاء إذا سار ولا يركعه وقت نهى ولا من عدم الماء والتراب ولا ينعقد الإحرام إلا بالنية فهي شرط فيه ويستحب التلفظ بما أحرم فيقصد بنيته نسكا معنيا ونية النسك كافية فلا يحتاج معها إلى تلبية ولا سوق هدى وإن لبى أو ساق هديا من غير نية لم ينعقد إحرامه ولو نطق بغير ما نواه: نحو أن ينوى العمرة فيسبق لسانه إلى الحج أو بالعكس ـ انعقد ما نواه دون ما لفظه وينعقد حال جماعة ويبطل إحرامه1 به ويخرج منه بردة لا بجنون وإغماء وسكر وموت ولا ينعقد مع وجود أحدهما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المراد بالبطلان هنا الفساد. إذ البطلان معناه الخروج منه، والخروج منه لا يكون إلا بالردة، وأما الفساد فإنه لا يخرجه من الحج بل يجب عليه لتمامه وقضاؤه وهذا هو ما يثبت في حق المجامع.

 

ج / 1 ص -350-  وتقدم بعض ذلك فإذا أراد الإحرام نوى بقبله قائلا بلسانه: اللهم إني أريد النسك الفلاني فيسره لي وتقبله مني وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني أو فلي إن أحل وهذا الاشتراط سنة إذا عاقه عدو أو مرض أو ذهاب نفقة أو خطأ طريق ونحوه كان له التحلل وأنه متى حل بذلك فلا شيء عله ويأتي آخر باب الفوات والصار فإن اشترط بما يؤدي معنى الاشتراط كقوله: اللهم إني أريد النسك الفلاني إن تيسر لي وإلا فلا حرج علي: جاز وإن قال: متى شئت أحللته أو أفسدته لم أقضه ـ لم يصح وإن نوى الاشتراط ولم يتلفط به لم يفد ل  قول النبي صلى الله عليه وسلم لضباعة قولي: "محلي من الأرض حيث حبستني".

فصل وهو مخير بين التمتع والأفراد والقران
وأفضلها التمتع ثم الأفراد ثم القرآن وصفة التمتع أن يحم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها ثم يحرم بالحج من مكة أو قريب منها: والأفراد أن يحرم بالحج مفردا فإذا فرغ منه اعتمر عمرة الإسلام إن كانت باقية عليه والقران أن يحرم بهما جميعا أو يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج قبل الشروع في طوافها: إلا لمن معه الهدي فيصح ولو بعد السعي ويصير قارنا ولا يعتبر لصحة إدخال الحج على العمرة الإحرام به في أشهره وإن أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة لم يصح إحرامه بها ولم يصير قارنا وعمل القارن كالمفرد في الأجزاء ويسقط ترتيب العمرة ويصير الترتيب للحج كما يتأخر الحلاق إلى يوم النحر فوطؤه قبل طواف القدوم لا يفسد

 

ج / 1 ص -351-  عمرته أي إذا وطئ وطأ لا يفسد الحج: مثل أن وطئ بعد التحلل الأول فإنه لا يفسد حجه وإذا لم يفسد حجه لم تفسد عمرته ويجب على المتمتع دم نسك لا جبران: بسبعة شروط ـ أحدهما ألا يكون من حاضري المسجد الحرام: وهم أهل مكة والحرم ومن كان من أي من الحرم لا من نفس مكة دون مسافة القصر فمن له منزلان متأهل بهما: أحدهما دون مسافة القصر والآخر فوقها ـ أو مثلها لم يلزمه دم ولو كان إحرامه من البعيد أو كان أكثر إقامته أو إقامة ماله فيه لأن بعض أهله من حاضري المسجد الحرام إن استوطن مكة أفقي فحاضر فإن دخلها متمتعا ناويا الإقامة بها بعد فراغ نسكه أو نواها بعد فراغه منه أو استوطن مكي بلدا بعيدا ثم عاد مقيما متمتعا لزمه دم ـ الثاني: أن يعتمر في أشهر الحج والاعتبار الشهر الذي أحرم فيه لا بالذي حل فيه فلو أحرم بالعمرة في رمضان ثم حل في شوال لم يكن متمتعا وإن أحرم الأفاقي بعمرة في غير أشهر الحج ثم أقام بمكة واعتمر من التنعيم في أشهر الحج وحج من عامه فهو متمتع نصا وعليه دم ـ الثالث: أن يحج من عامه ـ الرابع: ألا يسافر بين الحج والعمرة مسافة قصر فأكثر فإن فعل فأحرم فلا دم ـ الخامس: أن يحل من العمرة قبل إحرامه بالحج فإن أحرم به قبل حله صار قارننا ـ السادس أن يحرم بالعمرة من الميقات أو من مسافة قصر فأكثر من مكة ونصه واختاره الموفق وغيره: إن هذا ليس بشرط وهو الصحيح لأنا نسمي المكي متمتعا ولو لم يسافر ـ السابع: أن ينوي التمتع في ابتداء العمرة،

 

ج / 1 ص -352-  أو أثنائها ولا يعتبر وقوع النسكين عن واحد فلو اعتمر لنفسه وحج عن غيره أو عكسه أو فعل ذلك عن اثنين ـ كان عليه دم المتعة ولا تعتبر هذه الشروط في كونه متمتعا فإن المتعة تصح من المكي لغيره ويلزم دم تمتع وقران بطلوع فجر النحر ويأتي وقت ذبحه ويلزم القارن أيضا دم نسك إذا لم يكن من حاضري المسجد الحرام ولا يسقط دم تمتع وقارن بفساد لنسكهما ولا بفواته وإذا قضى القارن قارنا لزمه دمان: دم لقرانه الأول ودم لقرانه الثاني وإن قضا مفردا لم يلزمه شيء وجزم غير واحد أنه يلزمه دم لقرانه الأول فإذا فرغ أحرم بالعمرة من الأبعد: كمن فسد حجه وإلا لزمه دم وإن قضى متمتعا فإذا تحلل من العمرة أحرم بالحج من أبعد الموضعين: الميقات الأصلي والموضع الذي أحرم منه الأول ويسن لمن كان قارنا أو مفردا فسخ نيتهما بالحج وينويان عمرة مفردة فإذا فرغا منها وحلا أحرما بالحج ليصيرا متمتعين ما لم يكونا ساقا هديا أو وقفا بعرفة فلو فسخا في الحالتين فلغو ولو ساق المتمتع هديا لم يكن له أن يحل فيحرم بحج إذا طاف وسعى لعمرته قبل تحلله بالحلق فإذا ذبحه يوم النحر حل منهما والمعتمر غير المتمتع يحل بكل حال في أشهر الحج وغيرها ولو كان معه هدي فإن كان معه نحره عند المروة وحيث نحره من الحرم جاز والمرأة إذا دخلت متمتعة فحاضت قبل طواف العمرة لم يكن لها أن تدخل المسجد الحرام وتطوف بالبيت فإن خشيت فوات الحج أو خافه غيرها أحرم بالحج وصار قارنا ولم يقض طواف القدوم ويجب دم قران وتسقط عنه العمرة.

 

ج / 1 ص -353-  فصل ومن أحرم مطلقا
بأن نوى نفس الإحرام ولم يعين نسكا ـ صح وله صرفه إلى ما شاء بالنية ولا يجزئه العمل قبل النية والأولى صرفه إلى العمرة وإن أحرم بهما: كإحرامه بمثل ما أحرم به فلان أو بما أحرم به فلان وعلم ـ انعقد إحرامه بمثله فإن كان الأول أحرم مطلقا كان له صرفه إلى ما شاء ولو جهل إحرام الأول فكمن أحرم بنسك ونسيه على ما يأتي وإن شك هل أحرم الأول فكمن لم يحرم فيكون إحرامه مطلقا يصرفه إلى ما شاء فإن صرفه قبل طوافه أوقع طوافه عما صرفه إليه وإن طاف قبل صرفه لم يعتد بطوافه ولو كان إحرام الأول فاسدا فيتوجه كنذره عبادة فاسدة1 وإن أحرم بحجتين أو عمرتين انعقد إحرامه بأحدهما ولغت الأخرى وإن أحرم بنسك أو نذره ونسيه وكان قبل الطواف ـ جعله عمرة استحبابا ويجوز صرفه إلى غيرها وإن جعله قرانا أو إفرادا صح حجا فقط ولا دم عليه وإن جعله عمرة كفسخ حج إلى عمرة يلزمه دم المتعة ويجزئه عنها وإن كان شكه بعد الطواف صرفه إلى العمرة ولا يجعله حجا ولا قرانا لاحتمال أن يكون المنسي عمرة لأنه لا يجوز إدخال الحج على العمرة بعد الطواف لمن لا هدي معه فيسعى ويحلق ثم يحرم بالحج مع بقاء وقته ويتمه ويسقط عنه فرضه ويلزمه دم بكل حال لأنه إن كان المنسي حجا أو قرانا ما فقد حلق فيه في غير أوانه وفيه دم وإن كان معتمرا فقد تحلل ثم حج

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد: انعقد إحرامه وأتى بحج صحيح.

 

ج / 1 ص -354-  وعليه دم المتعة وإن جعله حجا أو قرانا لم يصح ويتحلل بفعل الحج ولم يجزئه عن واحد منهما للشك ولا دم ولا قضاء للشك في سببهما وإن أحرم عن اثنين أو عن أحدهم لا بعينه أو عن نفسه وغيره وقع عن نفسه ويضمن ويؤدب من أخذ من اثنين حجتين للحج عنها في عام واحد وإن استنابه اثنان في عام في نسك فأحرم عن أحدهما بعينه ولم ينسه صح ولم يصح إحرامه للآخر بعده فإن نسى عمن أحرم عنهما وتعذرت معرفته فإن فرط أعاد الحج عنهما وإن فرط الموصي إليه بذلك غرم ذلك وإلا فمن تركة الموصيين إن كان النائب غير مستأجر لذلك وإلا لزماه.

فصل والتلبية سنة
ويسن ابتداؤها عقب إحرامه وذكر نسك فيها وذكر العمرة قبل الحج للقارن فيقول: لبيك عمرة وحجا والإكثار منها ورفع الصوت بها ولكن لا يجهد نفسه في رفعه زيادة على الطاقة ولا يستحب إظهارها في مساجد الحل وأمصاره ولا في طواف القدوم والسعي ويكره رفع الصوت بها حول البيت لئلا يشغل الطائفين عن طوافهم وأذكارهم ويستحب أن يلبي عن أخرس ومريض وصغير ومجنون ومغمي عليه ويسن الدعاء بعدها فيسأل الله الجنة ويتعوذ به من النار ويدعو بما أحب والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يرفع بذلك صوته وصفة التلبية: لبيك اللهم لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ولا تستحب الزيادة عليها ولا يكره ولا يستحب تكرارها

 

ج / 1 ص -355-  في حالة واحدة وقال الموفق و الشارح: تكرارها ثلاثا في دبر الصلاة حسن ولا تشرع بغير العربية لقادر وإلا بلغته ويتأكد استحبابها إذا علا نشزا أو هبط واديا وفي دبر الصلوات المكتوبات ولو في غير جماعة وإقبال الليل والنهار وبالأسحار وإذا التقت الرفاق وإذا سمع ملبيا أو أتى محظورا ناسيا إذا ذكره أو ركب دابته أو نزل عنها أو رأى البيت ويستحب في مكة والبيت وسائر مساجد الحرم كمسجد منى وفي عرفات أيضا وبقاع الحرم ولا بأس أن يلبي الحلال وتلبي المرأة ويعتبر أن تسمع نفسها ويكره جهرها أكثر من سماع رفيقتها ويأتي قطعها آخر باب دخول مكة.

باب محظورات الإحرام
وهي: ما يحرم على المحرم فعله وهي تسعة: أحدهما: إزالة الشعر من جميع بدنه بحلق أو غيره فإن كان له عذر من مرض أو قمل أو قروح أو صداع أو شدة حر لكثرته مما يتضرر بإبقاء الشعر أزاله وفدى كأكل صيد لضرورة ـ الثاني تقليم الأظافر إلا من عذر فمن حلق ثلاث شعرات فصاعدا أو قلم ثلاثة أظفار فصاعدا ولو مخطئا أو ناسيا فعليه دم وفيما دون ذلك في كل واحد طعام مسكين وفي قص بعض الظفر ما في جميعه وكذا قطع بعض الشعر وإن حلق رأسه بإذنه أو سكت ولم ينهه ولو كان الحالق محرما فالفدية عليه كما لو أكره على حلقه بيده ولا شيء على الحالق وإن كان مكرها بيد غيره أو نائما فعلى

 

ج / 1 ص -356-  الحالق ومن طيب غيره فكحالق وإن حلق محرم حلالا أو قلم أظفاره فلا فدية عليه وحكم الرأس والبدن في إزالة العشر والطيب واللبس واحد فإن حلق شعر رأسه وبدنه أو تطيب أو لبس فيهما ففدية واحدة وإن حلق من رأسه شعرتين ومن بدنه شعرة أو بالعكس فعليه دم وإن خرج في عينه شعر فقلعه أو نزل شعر حاجبيه فغطى عينه فأزاله فلا شيء عليه وكذا إن انكسر ظفره فقصه أو قطع إصبعا بظفرها أو قلع جلدا عليه شعرا أو افتصد فزال شعر وإن خلل لحيته أو مشطها أو رأسه فسقط شعر ميت فلا شيء عليه نصا وإن تيقن أنه بان بالمشط أو التخليل فدى وتستحب الفدية مع الشك وله حك بدنه ورأسه برفق ما لم يقطع شعرا وله غسله في حمام وغيره بلا تسريح وغسله بسدر وخطمى ونحوها وإن وقع في أظفاره مرض فأزالها من ذلك المرض فلا شيء عليه وإن انكسر ظفره فأزال أكثر مما انكسر فعليه الفدية.

فصل الثالث تغطية الرأس
والأذانان منه وتقدم ذلك في الوضوء فما كان منه حرم على ذكر تغطيته فإن غطاه أو بعضه حتى أذنيه بلاصق: معتادا أو لا كعمامة وخرقة وقرطاس فيه دواء أو غيره أولا دواء فيه كعصابة ولصداع ونحوه ولو يسيرا وطين طلاه به أو بحناء أو يغره ولو بنورة لعذر أو غيره ـ فعليه الفدية وإن استظل في محمل ونحوه من هودج وعمارية ومحارة حرم وفدى وكذا لو استظل بثوب ونحوه راكبا ونازلا ولا أثر للفصد وعدمه فيما فيه الفدية وما لا فدية فيه ويجوز تلبيد رأسه

 

ج / 1 ص -357-  بعسل وصمغ ونحوه لئلا يدخل غبار أو دبيب أو يصيبه شعث ولا شيء عليه وكذا إن حمل على رأسه شيئا أو وضع يده عليه أو نصب حياله ثوبا لحر أو برد أمسكه إنسان أو رفعه بعود أو استظل بخيمة أو شجرة ولو طرح عليها شيئا يستظل به أو سقف وجدار ولو قصد به الستر وكذا لو غطى وجهه.

فصل الرابع لبس الذكر المخيط
قل أو كثر في بدنه أو بعضه مما عمل على قدره من قميص وعمامة وسراويل وبرنس ونحوها ولو درعا منسوجا أو لبدا معقودا ونحوه كالخفين أو أحدهما للرجلين وكالقفازين لليدين وقال القاضي وغيره: ولو كان غير معتاد كجورب في كف وخف في رأس فعليه الفدية انتهى وران كخف فإن لم يجد إزار لبس سراويل ومثله لو شق إزاره وشد كل نصف على ساق ومتى وجد إزار خلعه وإن اتزر بقميص فلا بأس وإن عدم نعلين أو لم يكن لبسهما لبس خفين ونحوهما من ران و غيره بلا فدية ويحرم قطعهما وعنه يقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين وجوزه جمع قال الموفق وغيره: والأولى قطعهما عملا بالحديث الصحيح وإن لبس مقطوعا دون الكعبين مع وجود نعل حرم وفدى ويباح النعل ولو كانت بعقب وقيد ـ وهو السير المعترض على الزمام ـ ولا يعقد عليه شيئا من منطقة ولا رداء ولا غيرها وليس له أن يجعل لذلك زرار وعروة و لا يخله بشوكة أو إبرة أو خيط ولايغرز أطرافه في إزاره فإن فعل أثم وفدى لأنه كمخيط ويجوز له شد وسط بمنديل وحبل ونحوهما إذا

 

ج / 1 ص -358-  لم يعقده قال أحمد: في محرم حزم عمامته على وسطه: لا يعقدها ويدخل بعضها في بعض إلا إزاره لحاجة ستر العورة و ومنطقته اللذين فيهما نفقته إذا لم يثبت إلا بالعقد وإن لبس المنطقة لوجع ظهر أو حاجة أو لا ـ فدى وله أن يلتحف بقميص ويرتدي به وبرداء موصل ولا يعقده ويفدي بطوع قباء ونحوه على كتفيه ومن به شيء لا يحب أن يطلع عليه أحد أو خاف من برد لبس وفدى ولا تحرم دلالة على طيب ولباس ويأتي قريبا ويتقلد بسيف للحاجة ولا يجوز لغيرها ولا يجوز حمل السلاح بمكة لغير حاجة وله حمل جراب وقربة الماء في عنقه ولا فدية ولا يدخل في صدره والخنثى المشكل إن لبس المخيط أو غطى وجهه وجسده من غير لبس للمخيط فلا فدية وإن غطى وجهه ورأسه أو غطى وجهه ولبس المخيط فدى.

فصل الخامس الطيب
فيحرم عليه بعد إحرامه تطييب بدنه وثيابه ولو من غيره بإذنه ولبس ما صبغ بزغفران أو ورس أو ما غمس في ماء ورد أو بخر بعود ونحوه والجلوس والنوم عليه فإن فرش فوق الطيب ثوبا صفيقا يمنع الرائحة والمباشرة غير ثياب بدنه فلا فدية بالنوم عليه ويحرم الاكتحال والإستعاط والاحتقان بمطيب وشم الأدهان المطيبة كده ورد وبنفسج وخيرى وزنبق والأدهان بها وشم مسك وكافور وعنبر وغالية ماء ورد وزعفران وورس وتبخر بعود ونحوه وأكل وشرب ما فيه طيب يظهر طعمه أو ريحه ولو مطبوخا أو مسته النار حتى لو ذهبت رائحته وبقي طعمه فإن بقي اللون فقط فلا بأس بأكله

 

ج / 1 ص -359-  وإن مس من الطيب ما لا يعلق بيده كمسك غير مسحوق وقطع كافور وعنبر ونحوه فلا فدية فإن شمه فدى وإن علق الطيب بيده كالسحوق والغالية وماء الورد فدى وله شم العود لأنه لا يتطيب به إلا بالتبخير والفواكه كلها: من الأترنج والتفاح والسفرجل وغيرها وكذا نبات الصحراء كشيح وخزامى وقيصوم واذخر ونحوه مما لا يتخذ طيبا وما ينبته الآدمي لغير قصد الطيب كحناء وعصفر وقرنفل ودار صيني ونحوه أو ينبته لطيب ولا يتخذ منه طيب كريحان فارسي ومحل الخلاف فيه وهو الحبق معروف بالشام والعراق ومكة وغيرها وخصه بعض العلماء بالضمران وهو صنف منه قال بعضهم: هو العنبج المعروف بالشام بالريحان الجمام لاستدارته على أصل واحد انتهى ـ وماء ريحان ونحوه كهو والريحان عند العرب هو الآس ولا فدية في شمه وكذا نرجس ونمام وبرم ـ وهو ثمر العضاه: كام غيلان ونحوها ومرزنجوش ويفدي بشم ما ينبته لطيب ويتخذ منه كورد وبنفسج وخيري ـ وهو المثور ـ ولينوفر وياسمين ونحوه ولا فدية بإدهان بدهن غير الكطيب كزيت وشيرج وسمن ودهن البان والساذج ونحوها في رأسه وبدنه وإن جلس عند عطر أو في موضع ليشم الطيب فشمه مثل من قصد الكعبة حال تجميرها أو حمل عقدة فيها مسك ليجد ريحها فدى فإن لم يقصد شمه كالجالس عند عطار لحاجة وكداخل السوق أو داخل الكعبة ليتبرك بها ومن يشتري طيبا لنفسه أو للتجارة ولا يمسه فغير ممنوع ولمشتريه حمله وتقليبه وإذا لم يمسه ولو ظهر ريحه لأنه لم يقصد الطيب وقليل الطيب وكثيره

 

ج / 1 ص -360-  سواء وإذا تطيب ناسيا أو عامدا لزمه إزالته بمهما أمكن من الماء وغيره من المائعات فإن لم يجد فيما أمكنه من الجامدات كحكه بخرقة وتراب وورق شجر ونحوه وله غسله بنفسه ولا شيء عليه لملاقاة الطيب بيده والأفضل الاستعانة على غسله بحلال.

فصل السادس قتل صيد البر المأكول
وذبحه واصطياده وأذاه وهو ما كان وحشيا أصلا لا وصفا فلو تأهل وحشي ضمنه لا إن توحش أهلي ويحرم ويفدي متولد من المأكول وغيره كمتولد بين وحشي وأهلي وبين وحشي وغير مأكول ويأتي حكم غيب الوحشي: فحمام وبط وحشيان وإن تأهلا وبقر وجواميس أهلية وإن توحشت فمن أتلف صيدا أو تلف في يده أو بعضه بمباشرة أو سبب ولو بجناية دابة متصرف فيها فعليه جزاؤه إن كان بيدها أو فمها لا رجلها ويأتي آخر جزاء الصيد ويحرم عليه الدلالة عليه والإشارة والإعانة ولو بإعارة سلاح ليقتله أو ليذبحه به سواء كان معه ما يقتله به أو لا أو يناوله سلاحه أو سوطه أو يدفع إليه فرسا لا يقدر على أخذ الصيد إلا به ويضمنه بذلك ولا ضمان على دال ولا مشير بعد أن رآه من يريد صيده وكذا ولو وجد من المحرم عند رؤية الصيد ضحك أو استشراف ففطن له غيره وكذا لو أعاره آلة لغير الصيد فاستعملها فيه لأن ذلك غير محرم ولا تحرم دلالة على طيب ولباس ولا دلالة حلال محرما على صيد ويضمنه المحرم إلا أن يكون في الحرم فيشتركان في الجزاء كالمحرمين فإن اشترك في قتل صيد حلال ومحرم أو سبع ومحرم في الحل فعلى المحرم الجزاء

 

ج / 1 ص -361-  جميعه ثم إن كان جرح أحدهما قبل صاحبه والسابق الحلال أو السبع فعلى المحرم جزاؤه مجروحا وإن سبقه المحرم وقتله أحدهما فعلى المحرم أرش جرحه وإن كان جرحهما في حالة واحدة أو جرحاه ومات منهما فالجزاء كله على المحرم وإذا دل محرم محرما على صيد ثم دل الآخر آخر كذلك إلى عشرة فقتله العاشر فالجزاء على جميعهن وإن قتله الأول فلاشيء ولو دل حلال حلالا على صيد في الحرم فكدلالة محرم محرما عليه وإن نصب شبكة ونحوها ثم أحرم أو أحرم ثم حفر بئرا بحق كداره ونحوها أو للمسلمين بطريق واسع ـ لم يضمن ما تلف بذلك ما لم يكن حيلة وإلا ضم كالآدمي إذا تلف في هذه المسألة ويحرم على المحرم أكل صيد صاده أو ذبحه أو دل عليه حلالا أو أعانه أو أشار إليه وكذا أكل ما صيد لأجله وعليه الجزاء إن أكله وإن أكل بعضه ضمنه بمثله من اللحم لضمان أصله بمثله من النعم ولا مشقة فيه لجواز عدوله إلى عدله: من طعام أو صوم ولا يحرم عليه أكل غيره فلو ذبح محل صيدا لغيره من المحرمين حرم على المذبوح له لا على غيره من المحرمين وما حرم على محرم لدلالة أو أعانه صياد له ـ ولا يحرم على محرم غيره كحلال وإن قتل المحرم صيدا ثم أكله ضمنه لقتله لا لأكله لأنه ميتة يحرم أكله على جميع الناس وكذا عن حرم عليه بالولاية أو الإعانة عليه أو الإشارة فأكل منه لم يضمن الأكل وبيض الصيد ولبنه مثله فيما سبق ويحرم تنفير الصيد: فإن نفره فتلف أو نقص في حال نفوره ضمن فإن أتلف بيضه ولو بنقله فجعله تحت صيد آخر أو ترك مع

 

ج / 1 ص -362-  بيضه بيضا آخر أو شيئا فنفر عن بيضه حتى فسد ضمنه بقيمته مكانه كلبنه لا المذرو ما فيه فرخ ميت سوى بيض النعام فإن لقشره قيمة فيضمنه وإن باض على فراشه أو متاعه فنقله برفق ففسد فكجراد تفرش في طريقه وإن كسر بيضة فخرج منها فرخ فعاش فلا شيء فيه وإن مات ففيه ما في صغار أولاد المتلف بيضه: ففي فرخ الحمام ـ صغير أولاد الغنم وفي فرخ النعامة حوار وفيما عداها قيمته ولا يحل لمحرم أكل بيض الصيد إذا كسره هو أو محرم غيره ويحل للحلال وإن كسره حلال فكلحم صيد: إن كان أخذه لأجل المحرم لم يبح أكله وإلا أبيح ولو كان الصيد مملوكا ضمنه جزاء وقيمته ولا يملك الصيد ابتداء بشراء ولو بوكيله ولا باتهاب ولا باصطياد فإن أخذه بأحد هذه الأسباب ثم تلف فعليه جزاؤه وإن كان مبيعا فعليه القيمة لمالكه والجزاء وإن أخذه رهنا فعليه الجزاء فقط وإن لم يتلف فعليه رده إلى مالكه فإن أرسله فعليه ضمانه لمالكه ولا جزاء وعليه رد المبيع أيضا ولا يسترد الصيد الذي باعه وهو حلال بخيار ولا عيب في ولا غير ذلك وإن رده المشتري عليه بعيب أو خيار فله ذلك ثم لا يدخل في ملك المحرم ويلزمه إرساله ويملك الصيد بإرث وإن أمسك صيدا حتى تحلل لزمه إرساله فإن تلف أو ذبحه أو أمسك صيد حرم وخرج به إلى الحل أو ذبح محل صيد حرم ضمنه وكان ميتة وإن أحرم أو دخل الحرم بصيد لم يزل ملكه عنه فيرده من أخذه ويضمنه من قبله ويلزمه إرساله في موضع يمتنع فيه وإزالة يده المشاهدة عنه: مثل ما إذا كان في قبضته أو

 

ج / 1 ص -363-  رحله أو خيمته أو قفصه أو مربوطا بحبل معه ونحوه دون يده الحكيمة مثل أن يكون في بيته أو بلده أو يد نائبا في غير مكانه ولا يضمنه وله نقل الملك فيه ومن غصبه لزمه رده: فلو تلف في يده المشاهدة قبل التمكن من إرساله لم يضمنه وإن أرسله إنسان من يده المشاهدة قهرا لم يضمنه ومن أمسك صيدا في الحل فأدخل الحرم أو أمسكه في الحرم فأخرجه إلى الحل لزمه فإن تلف في يده ضمنه وإن قتل صيدا صائلا عليه دفعا عن نفسه خشية تلفها أو مضرة كجرحه أو إتلاف ماله أو بعض حيواناته أو تلف بتخليصه من سبع أو شبكة ونحوها ليطلقه أو أخذه ليخلص من رجله خيطا أو نحوه فتلف بذلك لم يضمنه ولو أخذه ليداويه فوديعة وله أخذ ما لا يضره كيد متاءكلة وإن أزمنه فجزاؤه ولا تأثير لحم ولا إحرام في تحريم حيوان إنسي كبيهمة الأنعام والخيل والدجاج ولا في محرم الأكل غير المتولد كالفواسق ـ وهي الحدأة والغراب إلا بقع وغراب البين والفأرة والحية والعقرب والكلب والعقور ـ بل يستحب قتلها وقتل كل ما طبعه الأذى وإن لم يوجد منه أذى كالأسد والنمر والذئب والفهد وما في معناه والبازي والصقر والشاهين والعقاب والحشرات المؤذية والزنبور والبق والبعوض والبراغيث وكالرخم والبوم والديدان ولا جزاء في ذلك ولا بأس أن يقرد بعيره ـ وهو نوع القراد عنه ـ ويحرم على المحرم لا على الحلال ولو في الحرم قتل قمل وصئبانة من رأسه وبدنه ولو بزئبق ونحوه وكذا رميه ولا جزاء فيه ويحرم صيد البحر والأنهار والآبار والعيون

 

ج / 1 ص -364-  ولو كان ما يعيش في البر والبحر كالسلحفاة والسرطان ونحوهما إلا في الحرم ولو للحلال وطير الماء والجراد من صيد البر: فيضمن بقيمته فإن انفرش في طريقه فقتله لمشيه أو أتلف بيض طير لحاجة كالمشي ـ فعليه جزاؤه وإذا ذبح المحرم الصيد وكان مضطرا فله أكله ولم به مثل ضرورة لحاجة الأكل وهو ميتة في حق غيره ويقدم عليه الميتة ويأتي في الأطعمة وإن احتاج إلى فعل محظور فله فعله وعليه الفداء.

فصل السابع عقد النكاح
فلا يتزوج ولا يزوج غيره بولاية ولا وكالة ولا يقبل النكاح الحلال ولا تزوج المحرمة والنكاح في ذلك كله باطل: تعمده أو لا إلا في حق النبي صلى الله عليه وسلم والاعتبار بحالة العقد: فلو وكل محرم حلالا فعقده بعد حله صح ولو وكل حلال حلالا فعقده بعد أن أحرم لم يصح ولو وكله ثم أحرم لم ينعزل وكيله فإذا حل كان لوكيله عقده ولو وكل حلال حلالا فعقده وأحرم الموكل فقالت الزوجة: وقع في الحرام وقال الزوج: قبله فالقول قوله وإن كان بالعكس فقوله أيضا ولها نصف الصداق ويصح مع جهلهما وقوعه وإن أحرم الإمام الأعظم لم يجز أن يتزوج ولا يزوج أقاربه ولا غيرهم بالولاية العامة ويزوج خلفاؤه وإن أحرم نائبه فكهو وتكره خطبة محرم على نفسه وعلى غيره وخطبة محل محرمة: كخطبة عقده وحضوره وشهادته فيه وتباح الرجعة للمحرم وتصح: كشراء أمة لوطء وغيره ويصح اختار من

 

ج / 1 ص -365-  أسلم على أكثر من أربع نسوة لبعضهن حال الإحرام ولا فدية عليه في شيء من ذلك كله كشراء الصيد.

فصل الثامن الجماع في فرج أصلي
قبلا كان أو دبرا من آدمي أو غيره فمن فعل ذلك قبل التحلل الأول ولو بعد الوقوف فسد نسكهما ولو ساهيا أو جاهلا أو مكرها نصا أو نائمة ويجب به بدنة ولا يفسد بغير الجماع وعليهما المضي في فاسده وحكمه حكم الإحرام الصحيح فيفعل بعد الإفساد كما يفعل قبله: من الوقوف وغيره ويجتنب قبله: من الوطء وغيره وعليه الفدية إذا فعل محظورا بعده والقضاء على الفور ولو نذرا أو نفلا كانا مكلفين وإلا بعده بعد حجة الإسلام على الفور ويصح قضاء عبد في رقه وتقدم حكم إفساد حجه وحج الصبي ـ من حيث أحرما أولا من الميقات أو قبله وإلا لزمهما من الميقات وإن أفسد القضاء قضى الواجب: لا القضاء ونفقة المرأة في القضاء عليها إن طاوعت وإن أكرهت فعلى الزوج وتستحب تفرقتهما في القضاء من الموضع الذي أصابها فيه إلى أن يحلا: بألا يركب معها على بعير ولا يجلي معها في خبائها وما أشبه ذلك بل يكون قريبا منها فيراعي أحوالها لأنه محرمها والعمرة في ذلك كالحج يفسد الوطء قبل الفراغ من السعي لا بعده وقبل حلق ويجب المضي في فاسدها ويجب القضاء والدم وهو شاة لكن إن كان مكيا أو حصل بها مجاورا أحرم للقضاء من الحل: سواء كان قد أحرم بها منه أو من الحرم وإن أفسد المتمتع

 

ج / 1 ص -366-  عمرته ومضى في فاسدها وأتمها خرج إلى الميقات فأحرم منه بعمرة فإن خاف فوت الحج أحرم به من مكة وعليه دم فإذا فرغ من حجه خرج فأحرم من الميقات بعمرة مكان التي أفسدها وعليه هدى يذبحه إذ قدم مكة لما أفسد من عمرته وإن أفسد المفرد حجته وأتمها فله الإحرام بالعمرة من أدنى الحل وإن أفسد القارن نسكه فعليه فداء واحد وإن جامع بعد التحلل الأول وقبل الثاني لم يفسد حجه: قارن كان أو منفردا لكن فسد إحرامه فيمضي إلى الحل فيحرم منه ليطوف للزيادة في إحرام صحيح ويسعى إن لم يكن سعى وتحلل لأن الذي بقي عليه بقية أفعال الحج وليس هذا عمرة حقيقة ويلزمه شاة والقارن كالمفرد فإن طاف للزيارة لم يرم ثم وطئ ـ ففي المغني والشرح: لا يلزمه إحرام من الحل ولا دم عليه لوجود أركان الحج وقال في الفروع: فظاهر كلام جماعة: كما سبق وهو بعد التحلل الأول محرم لبقاء تحريم الوطء المنافي وجوده صحة الإحرام.

فصل التاسع المباشرة فيما دون الفرج
لشهوة بوطء أو قبلة أو لمس وكذا نظر لشهوة فإن فعل فأنزل فعليه بدنة ولم يفسد نسكه كما لو لم ينزل وكما لو لم يكن لشهوة ويأتي تتمة في الباب بعده.

فصل والمرأة إحرامها في وجهها
فيحرم تغطيتة ببرقع أو نقاب أو غيره فإن غطته لغير حاجة فدت والحاجة كمرور رجال قريبا منها تسدل الثوب من فوق رأسها على وجهها ولو مس وجهها ولا يمكنها تغطية جميع الرأس إلا بجز من الوجه لا كشف جميع الوجه إلا

 

ج / 1 ص -367-  بجزء من الرأس ـ فستر الرأس كله أولى ولا تحرم تغطية كفيها ويحرم عليها ما يحرم على الرجل إلا لبس وتظليل المحمل وغيره ويحرم عليها وعلى رجل لبس قفازين أو قفاز واحد وهما كل ما يعمل لليدين إلى الكوعين يدخلهما في لسترهما من الحر: كالجورب للرجلين كما يعمل للبزاة وفيه الفدية كالنقاب قال القاضي: ومثلهما لو لفت على يديها خرقة أو خرقا وشدتها على حناء أولا: كشده على جسده شيئا وظاهر كلام الأكثر لا يحرم وإن لفتها بلا شد فلا بأس ويباح لها خلخال ونحوه من حلي: كسوار ونحوه ولا يحرم عليه لباس زينة وفي الرعاية وغيرها يكره ويكره لهما كحل بإثمد ونحوه لزينة لا لغيرها ولا يكره غيره إذا لم يكن مطيبا ويكره لها خضاب: لا عند الإحرام وتقدم ويجوز لهما لبس المعصفر والكحلي وغيرهما من الأصباغ: إلا أنه يكره للرجل لبس المعصفر ولهما قطع رائحة كريهة بغير طيب والنظر في المرآة لهما جميعا لحاجة كمداوة جرح وإزالة شعر بعينه ويكره لزينة وله لبس خاتم وبط جرح وختان وقطع عضو عند الحاجة وأن يحتجم فإن احتاج في الحجامة إلى قطع شعر فله قطعه وعليه الفدية ويجتنب المحرم ما نهى الله عنه: من الرفث وهو الجماع وكذا التقبيل والغمز وأن يعرض لها بالفحش من الكلام والفسوق: وهو السباب والجدال: وهو المراد فيما لا يعني ويستحب له قلة الكلام: إلا فيما ينفع وأن يشتغل بالتلبية وذكر الله وقراءة القرآن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليم الجاهل

 

ج / 1 ص -368-  ونحو ذلك ويباح له أن يتجر ويصنع ما لم يشغله عن واجب أو مستحب.

باب الفدية
وهي ما يجب بسبب نسك أو حرم وله تقديمها على الفعل المحظور لعذر: كحلق ولبس وتطيب بعد وجود السبب المبيح: ككفارة يمين ويأتي،
وهي على ثلاثة أضرب: أحدهما: على التخيير ـ وهو نوعان أحدهما يخير فيه بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد من بر أو نصف صاع تمرا أو زبيب أو شعير أو ذبح شاة فلا يجزى الخبز واختار الشيخ الأجزاء ويكون رطلين عراقية وينبغي أن يكون بادم ومما يأكل ـ أفضل من بر وشعير وهي فدية حلق الشعر وتقليم الأظفار وتغطية الرأس واللبس والطيب ولو حلق ونحوه لعذر أو غيره.
النوع الثاني: جزاء الصيد يخير فيه بين المثل فإن اختاره ذبحه وتصدق به على مساكين الحرم ولا يجزئه أن يتصدق به حيا وله ذبحه أي وقت شاء فلا يختص بأيام النحر أو تقويم المثل بدراهم بالموضع الذي أتلفه وبقرب ليشتري بها طعام يجزئ في الفطرة وإن أحب أخرج من طعام يملكه بقدر القيمة فيطعم كل مسكين مدا من حنطة أو نصف صاع من غيره أو يصوم عن طعام كل مسكين

 

ج / 1 ص -369-  يوما وإن بقي ما لا يعدل يوما صام يوما ولا يجب التتابع في هذا الصوم ولا يجوز أن يصوم عن بعض الجزاء ويطعم عن بعضه وإن كان مما لا مثل له ـ خير بين أن يشتري بقيمته طعاما فيطعمه للمساكين وبين أن يصوم عن كل طعام مسكين يوما.

فصل الضرب الثاني على الترتيب
وهي ثلاثة أنواع أحدهما: دم متعة وقران فيجب الهدي فإن عدمه موضعه أو وجده ولا ثمن معه إلا في بلده فصيام ثلاثة أيام في الحج ولا يلزمه أن يقترض ولو وجد من يقرضه ويعمل بظنه في عجزه فإن الظاهر من المعسر استمرار إعساره فلهذا جاز الانتقال إلى الصوم قبل زمان الوجوب والأفضل أن يكون آخر الثلاثة يوم عرفة فيصومه للحاجة ويقدم الإحرام بالحج قبل يوم التروية فيكون باليوم السابع من الحجة محرما وهو أولها وله تقديمها قبل إحرامه بالحج بعد أن يحرم بالعمرة ولا قبله ووقت وجوب صوم الأيام الثلاثة ـ وقت وجوب الهدي وتقدم وسبعة إذا رجع إلى أهله ولا يصح صومها بعد إحرامه بالحج قبل فراغه منه ولا في أيام منى لبقاء أعمال من الحج ولا بعدها قبل طواف الزيارة وبعده يصح والاختيار ـ إذا رجع إلى أهله فإن لم يصم الثلاثة قبل يوم النحر صام أيام منى ولا دم عليه فإن لم يصمها فيها ولو لعذر صام بعد ذلك عشرة أيام وعليه دم وكذا إن أخر الهدي عن أيام النحر لغير عذر ولا يجب تتابع ولا تفريق في صوم الثلاثة ولا السبعة ولا بين الثلاثة والسبعة،

 

ج / 1 ص -370-  إذا قضى ومتى وجب عليه الصوم فشرع فيه أو لم يشرع ثم قدر على الهدي لم يلزمه الانتقال إليه وإن شاء انتقل ومن لزمه صوم المتعة فمات قبل أن يأتي به لغير عذر أطعم عنه لكل يوم مسكين وإلا فلا ـ الثاني: المحصر يلزمه الهدي ينحره بنية التحلل مكانه كما يأتي في بابه فإن لم يجد صام عشرة أيام بالنية ثم حل ولا إطعام فيه ـ الثالث: فدية الوطء تجب به بدنة: قارن كان أو مفردا فإن لم يجد صام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع: كدم المتعة لقضاء الصحابة به وشاة إن كان في العمرة ويجب على المرأة المطاوعة مثل ذلك لا المكرهة والنائمة ولا يجب على الواطئ أن يفدي عنها ويقدم ذلك.

فصل الضرب الثالث  الدماء الواجبة
لفوات الحج بعدم وقوفه بعرفة لعذر: حصر أو غيره ولم يشترط أن محلى حيث حبستني أو وجب لترك واجب كترك الإحرام من الميقات أو الوقوف بعرفة إلى الليل وسائر الواجبات فيلزمه من الهدي ما تيسر كدم المتعة في حكمه وحكم الصيام وما وجب للمباشرة في الفرج فما أوجب منه بدنة فحكمها حكم البدنة الواجبة في الفرج وما عدا ما يوجب بدنة بل دما كاستمتاع لم ينزل فيه فإنه يوجب شاة وحكمها حكم فدية الأذى وإن كرر النظر أو قبل أو لمس لشهوة فأمنى أو استمنى فأمنى فعليه بدنة وإن مذى بذلك أو أمنى بنظرة واحدة فشاة وإن لم ينزل أو أنزل عن فكر أو مذى بنظرة من غير تكرار أو احتلم فلا شيء

 

ج / 1 ص -371-  عليه وخطأ كعمده في الكل والمرأة كالرجل مع شهوة.

فصل وإن كرر محظورا من جنس غير صيد
مثل أن حلق أو قلم أو لبس أو تطيب أو وطئ أو غيرها من المحظورات ثم أعاد ثانيا ولو غير الموطوأة أو بلبس مخيط في رأسه أو بدواء مطيب قبل التفكير عن الأول فكفارة واحدة: تابع الفعل أو فرقه فلو قلم ثلاثة أظفار أو قطع ثلاث شعرات في أوقات قبل التفكير لزمه دم وإن كفر عن الأول لزمه عن الثاني كفارة وتتعدد كفارة الصيد بتعدده وإن فعل محظورا من أجناس فعليه لكل واحد فدا وإن حلق أو قلم أو وطئ أو قتل صيدا عامدا أو ناسيا أو مخطئا أو مكرها ولو نائما قلع شعره أو صوب رأسه إلى تنور فأحرق اللهب شعره ـ فعليه الكفارة وإن لبس أو تطيب أو غطى رأسه ناسيا أو جاهلا أو مكرها فلا كفارة ويلزمه غسل الطيب وخلع اللباس في الحال ومتى أخره عن زمن الإمكان فعليه الفدية وتقدم غسل الطيب ومن رفض إحرامه لم يفسد ولم يلزمه دم لرفضه وحكم إحرامه باق فإن فعل محظورا فعليه فداؤه ومن تطيب قبل إحرامه في بدنه فله استدامة ذلك في إحرام وتقدم وليس له لبس ثوب مطيب بعد إحرامه وتقدم وإن أحرم وعليه قميص ونحوه ـ خلعه ولم يشقه فإن استدام لبسه ولو لحظة فوق المعتاد من خلعه ـ فدى فإن لبس بعد إحرامه ثوبا كان مطيبا أو انقطع ريحه أو افترشه ولو تحت حائل غير ثيابه لا يمنع ريحه أو مباشرته إذا رش فيه ماء فاح ريحه - فدى.

 

ج / 1 ص -372-  فصل وكل هدي أو إطعام يتعلق بحرم أو إحرام
كجزاء صيد وما وجب لترك واجب أو فوات أو بفعل محظور في الحرم وهدي تمتع وقران ومنذور ونحوهما ـ يلزم ذبحه في الحرم وتفرقة لحمه فيه أو إطلاقه بعد ذبحه لمساكين من المسلمين إن قدر إلى إيصاله إليهم بنفسه أو بمن يرسله معه وهم: من كان به أو واردا إليه من حاج وغيره ممن له أخذ زكاة لحاجة فإن دفع إلى فقير في ظنه فبان غنيا أجزأه ويجز نحره في أي نواحي الحرم كان قال أحمد:  مكة  ومنى واحد ومراده في الإجزاء لا في التساوي ومنى كلها منحر والأفضل أن ينحر في الحج بمنى وفي العمرة بالمروة وإن سلمه إليهم فنحروه أجزأ وإلا استرده ونحره فإن أبى أو عجز ضمنه فإن لم يقدر على إيصاله إليهم جاز نحره في غير الحرم وتفرقته هو والطعام حيث نحره وفدية الأذى واللبس ونحوهما كطيب ودم المباشرة دون الفرج إذا لم ينزل وما وجب بفعل محظور خارج الحرم ولو لغير عذر فله تفرقتها حيث وجد سببها وفي الحرم أيضا ووقت ذبح فدية الأذى واللبس ونحوهما وما ألحق به حين فعله وله الذبح قبله لعذر وذلك ما وجب لترك واجب ولو أمسك صيدا أو جرحه ثم أخرج جزاءه ثم تلف المجروح أو الممسك أو قدم من أبيح له الحلق فديته قبل الحلق ثم حلق أجزأ ودم الإحصار يخرجه حيث أحصر: وأما الصيام والحق وهدي التطوع وما يسمى نسكا فيجزئه بكل مكان كأضحية وكل دم ذكر يجزئ فيه

 

ج / 1 ص -373-  شاة كأضحية فيجزئ الجذع من الضأن والثني من المعز أو سبع بدنة أو سبع بقرة وإن ذبح بدنة أو بقرة فهو أفضل وتكون كلها واجبة ومن وجبت عليه بدنة أجزأته بقرة: كعكسه ولو في جزاء صيد ونذر ويجزئه عن كل واحدة منها سبع شياة ويجزئه عن سبع شياة بدنة أو بقرة وذكر جماعة: إلا في جزاء الصيد

باب جزاء الصيد
جزاؤه ـ ما يستحق بدله من مثله ومقاربه وشبهه ويجتمع الضمان والجزاء إذا كان ملكا للغير وتقدم ويجوز إخراج الجزاء بعد الجرح وقبل الموت.
وهو ضربان: أحدهما مثل من النعم خلقة لا قيمة فيجب فيه مثله ـ وهو نوعان: أحدهما ما قضت فيه الصحابة ففيه ما قضت: ففي النعامة بدنة وفي كل واحد من حمار الوحش وبقرته والوعل: وهو الأروى بقرة يقال لذكره: الإبل وللمسن منه التيتل ـ بقرة1 وفي الضبع كبش: وهو فحل الضأن وفي الظبي: وهو الغزال ـ عنز وهو الأنثى من المعز ولا شيئ في الثعلب لأنه سبع وفي الوبر والضب جدي مما بلغ من أولاد المعز ستة أشهر وفي اليربوع جفرة من المعز لها أربعة أشهر وفي الأرنب عناق أنثى من أولاد المعز أصغر من الجفرة قاله في الشرح والفروع وفي واحدة الحمام وهو كل ما عب وهدر ـ شاة فيدخل فيه القطا والفواخت والوراشين والقمارى والدباس ونحوها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لفظ بقرة الأول: بيان للوعل. والثاني مبتدأمعطوف على قوله سابقا: بدنة. وخبره مقدم عليه وهو قوله: وفي كل واحد من حمار الوحش الخ.

 

ج / 1 ص -374-  النوع الثاني: ما لم تقض فيه الصحابة فيرجع فيه إلى قول عدلين لقوله تعالى {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} من أهل الخبرة ويجوز أن يكون القاتل أحدهما وأن يكونا القاتلين وحمله ابن عقيل على ما إذا قتله خطأ أو جاهلا بتحريمه وعلى قياسه إذا قتله لحاجة أكله ويضمن كل واحد من الكبير والصغير والصحيح والمعيب والذكر والأنثى والحائل والحامل ـ بمثله وتقدم بعضه وإن فدى الصغير بكبير والذكر بأنثى فهو أفضل ولو جنى على الحامل فألقت جنينها ميتا ضمن نقص الأم فقط كما لو جرحها وإن ألقته حيا لوقت يعيش لمثله ثم مات ففيه جزاؤه ويجوز فداء أعور من عين وأعرج من قائمة ـ باعور وأعرج من أخرى لا فداء أعور بأعرج وعكسه ويجزئ فداء أنثى بذكر كعكسه.

فصل الضرب الثاني
ما لا مثل له فيجب فيه قيمته مكانه وهو سائر الطيور ولو أكبر من الحمام: كالأوز والحبارى والحجل والكبير من طير الماء والكركي وغير ذلك وإن تلف جزء من صيد واندمل وهو متمتع وله مثل ـ ضمنه بمثله لحما من مثله وما لا مثل له ـ ما نقص من قيمته وإن نفر صيدا فتلف بشيء ولو بآفة سماوية أو نقص في حال نفوره ـ ضمنه لا إن تلف بعد نفوره في مكانه بعد أمنه وإن رمى صيدا فأصابه ثم سقط على آخر فماتا ـ ضمنهما فلو مضى المجروح قليلا ثم سقط على آخر ـ وإن جرحه جرحا غير موح فغاب ولم يعلم خبره فعليه ما نقصه فيقوم صحيحا

 

ج / 1 ص -375-  وجريحا غير مندمل ثم يخرج بقسطه من مثله وكذا إن وجده ميتا ولم يعلم موته بجرحه وإن وقع في ماء أو تردى فمات ضمنه إن اندمل غير ممتنع أو جرحه موحيا فعليه جزاء جميعه وكل ما يضمن به الآدمي يضمن به الصيد ـ من مباشرة أو سبب وكذلك ما جنت دابته بيدها أو فمها فأتلفت صيدا فالضمان على راكبها أو قائدها أو سائقها وما جنته برجلها فضمان عليها وتقدم وإن انفلتت فأتلفت صيدا لم يضمنه: كالآدمي وإن نصب شبكة أو حفر بئرا بغير حق فوقع فيها صيد ـ ضمنه وإن نصب شبكة ونحوها قبل إحرامه فوقع فيها صيد بعد إحرامه ـ لم يضمنه: كما لو صاده قبل إحرامه وتركه في منزله فتلف بعد إحرامه وإن نتف ريشه أو شعره أو وبره فعاد فلا شيء عليه فإن صار غير ممتنع: فكالجرح وإن اشترك جماعة في قتل صيد ولو كان بعضهم ممسكا أو متسببا والآخر قائلا فعليهم جزاء واحد وإن كفروا بالصوم إن اشترك حلال ومحرم في قتل صيد حرمي فالجزاء عليها نصفين وهذا الاشتراك الذي هذا حكمه ـ هو الذي يقع فيه الفعل منهما معا أو جرحه أحدهما أو قتل الآخر منهما فإن جرحه أحدهم أو قتله الآخر فعلى الجارح ما نقصه وعلى القاتل جزاؤه مجروحا وإذا قتل القارن صيدا فعليه جزاء واحد.

باب صيد الحرمين ونباتهما
ويحرم صيد حرم مكة على الحلال والمحرم فمن أتلف منه شيئا،

 

ج / 1 ص -376-  ولو كان المتلف كافرا أو صغيرا أو عبدا فعليه ما على المحرم في مثله ولا يلزم المحرم جزاآن وحكم صيده حكم صيد الإحرام مطلقا: إلا القمل فإنه لا يضمن ولا يكره قتله فيه وإن رمى الحلال من الحل صيدا في الحرم أو بعض قوائمه فيه أو أرسل كلبه عليه أو قتل صيدا على غصن في الحرم: أصله في الحل أو أمسك طائر في الحل فهلك فراخه في الحرم: ضمنه لا أمه ولو رمى الحلال صيدا ثم أحرم قبل أن يصيبه ضمنه ولو رمى المحرم صيدا ثم حل قبل الإصابة لم يضمن اعتبار بحالة الإصابة وإن قتل من الحرم صيدا في الحل بسهمه أو كلبه أو صيدا على غصن في الحل: أصله في الحرم أو أمسك حمامته في الحرم فهلك فراخها في الحل ـ لم يضمن وإن كان الصيد والصائد في الحل فرماه بسهمه أو أرسل كلبه عليه فدخل الحرم ثم خرج فقتله في الحل فلا جزاء فيه وإن أرسل كلبه من الحل على صيد في الحل فقتله أو غيره في الحرم أو فعل ذلك بسهمه بأن شطح السهم فدخل الحرم ـ لم يضمن ولا يؤكل كما لو ضمنه ولو جرح من الصيد أو في الحل فمات في الحرم حل ولو يضمن.

فصل ويحرم قطع شجر الحرم
حتى ما فيه مضرة كشوك وعوسج وحشيش حتى شوك وورق وسواك ونحوه ويضمنه: إلا اليابس وما زال بفعل غير آدمي وانكسر لم يبن والإذخر والكمأة والنقع والتمرة وما زرعه آدمي: من بقل ورياحين وزروع وشجر غرس من غير شجر الحرم ـ فيباح أخذه والانتفاع به وبما

 

ج / 1 ص -377-  انكسر من الأغصان وانقلع من الشجر بغير فعل آدمي وكذا الورق الساقط ويجوز رعي حشيش ولا يجوز الإحتشاش للبهائم وإذا قطع ما يحرم قطعه حرم انتفاعه وانتفاع غيره به: كصيد ذبحه محرم ومن قطعه ـ ضمن الشجرة الكبيرة والمتوسطة ببقرة والصغيرة بشاة والحشيش والورق بقيمته والغصن بما نقص وإن استخلف الغصن والحشيش ـ سقط الضمان وكذا لورد شجرة فنبتت1 ويضمن نقصها إن نبتت ناقصة وإن قلع شجرا من الحرم فغرسه في الحل لزمه رده فإن تعذر أو يبست أو قلعها من الحرم فغرسها في الحرم فيبست ـ ضمنها فإن قلعها غيره من الحل بعد أن غرسها هو ضمنها قالعها بخلاف من نفر صيدا فخرج إلى الحل ضمنه منفر لا قاتل2 ويخير بين الجزاء وبين تقويمه ويفعل بثمنه: كجزاء صيد وإن قطع غصنا في الحل: أصله أو بعضه في الحرم ـ ضمنه لا إن قطعه في الحرم وأصله كله في الحل قال أحمد:  لا يخرج من تراب الحرم ولا يدخل إليه من الحل ولا يخرج من حجار مكة إلى الحل والخروج أشد  يعني في الكراهة ولا يكره إخراج ماء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد: لو قلع شجرة من الحرم ثم ردها إليه ثانيا فنبت كما كانت فلا ضمان.
2 إنما استقر الضمان في مسألة الشجرة التي أخرجت من الحل على قالعها دون مخرجها لأن حرمة الشجرة لا تزول عنها بنقلها وحيث كان التلف يفعل الأخير فعليه الضمان. وأما الضمان في الطير فإنما ثبت على مخرجه دون قاتله في الحل لأن الطير بإخراجه من الحرم سقطت حرمته وصار كطير الحل لا شيء فيه، وحيث كان سقوط الحرمة يسبب الإخراج فمخرجه هو المعتدى،  ومن هذا تفهم أن بين الطير والشجر فرقا في سقوط حرمة الطير بإخراجه دون الشجر.

 

ج / 1 ص -378-  زمزم لأنه يستخلف فهو كالثمرة ومكة أفضل من المدينة وتستحب المجاورة بها ولمن هاجر منها ـ المجاورة بها وما خلق الله خلقا أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم وأما نفس تراب تربته فليس هو أفضل من الكعبة بل الكعبة أفضل منه ولا يعرف أحد من العلماء فضل تراب القبر على الكعبة إلا القاضي عياض ولم يسبقه أحد إليه ولا وافقه أحد قط عليه1 وحد الحرم من طريق المدينة ثلاثة أميال عند بيوت السقيا ومن اليمن سبعة عند أضاة لبن ومن العراق كذلك على ثنية خل: وهو جبل بالمقطع ومن الجعرانة تسعة أميال في شعب عبد الله بن خالد ومن جدة عشرة أميال عند منقطع الأعشاش ومن الطائف على عرفات من بطن نمرة سبعة عند طرف عرفة ومن بطن عرفة أحد عشر ميلا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تفضيل الكعبة على قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم غير منظور فيه إلى الجثة الشريفة وأما مع النظر إلى الجثة فليس شيء يعدل قبره في الفضل بحال.

فصل ويحرم صيد المدينة
والأولى ألا تسمى بيثرب فلو صاد وذبح صحت تذكيته ويحرم قطع شجرها وحشيشها ويجوز أخذ ما تدعو الحاجة إليه من شجرها للرحل والقتب وعوارضه وآلة الحرث ونحو ذلك والعارضة لسقف المحمل والمساند من القائمتين اللتين تنصب البكرة عليهما والعارضة بين القائمتين ونحو ذلك ومن حشيشها للعلف ومن أدخل إليها صيدا فله إمساكه وذبحه ولا جزاء في صيدها وحشيشها وحد حرمها ما بين ثور إلى عير: وهو ما بين

 

ج / 1 ص -379-  لابتيها وقدره بريد في بريد نصا وهما جبلان بالمدينة فثور ـ جبل صغير يضرب إلى الحمرة بتدوير خلف أحد جهة الشمال وغير مشهور بها ولا يحرم على المحل صيد وج وشجره: وهو واد بالطائف.

باب دخول مكة
يسن الاغتسال لدخولها ولو لحائض وأن يدخلها نهارا من أعلاها من ثنية كداء وأن يخرج من كدى من الثنية السفلى وأن يدخل المسجد من باب بني شيبة فإذا رأى البيت رفع يديه وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام حينا ربنا بالسلام اللهم زد هذا البيت تعظيما وتشريفا وتكريما ومهابة وبرا وزد من عظمه وشرفه ممن حجه واعتمره تعظيما وتشريفا وتكريما ومهابة وبرا الحمد لله رب العالمين كثيرا كما هو أهله وكما ينبغي لكريم وجهه وعز جلاله والحمد لله الذي بلغني بيته ورآني لذلك أهلا والحمد لله على كل حال اللهم إنك دعوت إلى حج بيتك الحرام وقد جئتك لذلك اللهم تقبل مني وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت يرفع بذلك صوته إن كان رجلا وما زاد من الدعاء فحسن ثم يبتدئ بطواف العمرة إن كان معتمرا ولم يحتج أن يطوف لها طواف قدوم وبطواف القدوم: ويسمي طواف الورود إن كان مفردا أو قارنا وهو تحية الكعبة وتحية المسجد الصلاة وتجزئ عنها الركعتان بعد الطواف فيكون أول ما يبدأ به الطواف إلا إذا أقيمت أو ذكر فريضة فائتة أو خاف فوت ركعتي

 

ج / 1 ص -380-  الفجر أو الوتر أو أحضرت جنازة فيقدمها عليه ثم يطوف والأولى للمرأة تأخيره إلى الليل إن أمنت الحيض والنفاس ولا تزاحم الرجال لتستلم الحجر لكن تشير إليه: كالذي لا يمكنه الوصول إليه ويضطبع بردائه في طواف القدوم وطواف العمرة للمتمتع ومن في معناه: غير حامل معذور في جميع أسبوعه فيجعل وسطه تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر فإذا فرغ من الطواف سواه ولا يضطبع في السعي ويبتدئ الطواف من الحجر الأسود وهو جهة المشرق فيحاذيه أو بعضه بجميع بدنه فإن لم يفعل أو بدأ بالطواف من دون الركن كالباب ونحوه لم يحتسب بذلك الشوط ثم يستلمه أي يمسحه بيده اليمنى ويقبله من غير صوت يظهر للقبلة ونص: ويسجد عليه فإن شق استلمه وقبل يده فإن شق استلمه بشيء وقبله وإن شق أشار إليه بيده أو بشيء واستقبله بوجهه ولا يقبل المشار به: ولا يزاحم فيؤذي أحدا ويقول بسم الله والله أكبر اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم  ويقول ذلك كلما استلمه وزاد جماعة  الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد  فإن لم يكن الحجر موجودا وقف مقابلا لمكانه واستلم الركن وقبله فإن شق استلمه وقبل يده ثم يأخذ على يمينه مما يلي باب البيت ويجعله على يساره ليقرب جانبه الأيسر إليه فأول ركن يمر به يسمى الشامي والعراقي وهو جهة الشام ثم يليه الركن الغربي والشامي وهو جهة المغرب،

 

ج / 1 ص -381-  ثم اليماني جهة اليمن فإذا أتى عليه استلمه ولو يقبله ولا يستلم ولا يقبل الركنين الآخرين ولا صخرة بيت المقدس ولا غيرها من المساجد والمدافن التي فيها الأنبياء والصالحون ويطوف سبعا يرمل في الثلاثة الأول منها ماش: غير راكب وحامل معذور ونفساء ومحرم من مكة أو من قربها فلا يسن هو ولا الإضطباع لهم ولا في غير هذا الطواف ولا يقضيه ولا بعضه في غيره: وهو إسراع المشي مع تقارب الخطى من غير وثب1 والرمل أولى من الدنو من البت بدونه وإن كان لا يتمكن من الرمل أيضا أو يختلط بالنساء فالدنو أولى ويطوف كيفما أمكنه فإذا وجد فرجة رمل فيها وتأخير الطواف له وللدنو أو لأحدهما أولى ويمشي الأربعة أشواط الباقية وكلها حاذى الحجر الأسود والركن اليماني استلمهما وإن شق أشار إليها ويقول كلما حاذى الحجر الأسود: الله أكبر فقط وله القراءة في الطواف فتستحب لا الجهر بها يكره إن غلط المصلي وبين الأسود واليماني: ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ويكثر في بقية طوافه من الذكر والدعاء ومنه: اللهم اجعله حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا ورب اغف وارحم وتجاوز عما تعلم وأنت الأعز الأكرم ويدعو ما أحب ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدع الحديث إلا الذكر والقراءة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما لا بد منه ومن طاف أو سعى راكبا أو محولا لغير عذر لم يجزئه ولعذر يجزئ ويقع الطواف عن المحمول إن نويا عنه أو نوى كل منها عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قوله وهو: يريد به الرمل المتقدم.

 

ج / 1 ص -382-  نفسه وإن نويا عن الحامل وقع عنه وإن نوى أحدهم عن نفسه والآخر لم ينو ـ وقع لمن نوى وإن عدمت النية منهما أو نوى كل منهما عن الآخر لم يصح لواحد منهما وإن حمله بعرفات أجزأ عنهما وإن طاف منسكا: بأن جعل البيت عن يمينه أو على جدار الحجر أو شاذروان الكعبة بفتح الذال: وهو القدر الذي ترك خارجا عن عرض الجدار مرتفعا من الأرض قدر ثلثي ذراع ـ لم يجزئه لأنه منها أو ترك شيئا من الطواف وأن قل أو لم ينو أو خارج المسجد أو محدثا ولو حائضا ويلزم الناس انتظارها لأجله فقط إن أمكن أو نجسا أو شاكا فيه في طهارته لا بعد فراغه منه أو عريانا أو قطعه بفصل طويل عرفا ولو سهوا أو لعذر أو أحدث في بعضه ـ لا يجزئه فتشترط الموالاة فيه وفي سعي وعند الشيخ: الشاذروان ليس من الكعبة بل جعل عماد البيت وعلى الأول لو مس الجدار بيده في موازاة الشاذروان ـ صح طوافه وإن طاف المسجد من وراء حائل: من قبة وغيرها أجزأ وإن طاف على سطحه توجه الأجزاء قاله في الفروع: وإن شك في عدد الأشواط أخذ باليقين ويقبل قول عدلين ويسن فعل سائر المناسك على طهارة وإن قطع الطواف بفصل يسير أو أقمن صلاة مكتوبة أو حضرت جنازة صلى وبنى ويكون البناء من الحجر ولو كان القطع من أثناء الشوط ثم يصلي ركعتين والأفضل خلف المقام وحيث ركعها من المسجد أو غيره جاز ولا شيء عليه وهما سنة مؤكد يقرأ فيهما بعد الفاتحة في الأولى

 

ج / 1 ص -383-  {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثاني: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ولا بأس أن يصليهما إلى غير سترة ويمر بين يديه الطائفون من الرجال والنساء وتقدم وتكفي عنهما مكتوبة وسنة راتبة ويسن الإكثار من الطواف كل وقت وله جمع أسابيع فإذا فرغ منها ركع لكل أسبوع ركعتين والأولى لكل أسبوع عقبه ولا يشرع تقبيل المقام ولا مسحه ـ فرع ـ إذا فرغ المتمتع ثم علم أنه كان على غير طهارة في أحد الطوافين وجهله ـ لزمه الأشد وهو كونه في طواف العمرة فلم تصح ولم يحل منها فيلزمه دم للحلق ويكون قد أدخل الحج على العمرة فيصير قارنا ويجزئه الطواف للحج عن النسكين ولو قدرناه من الحج ـ لزمه إعادة الطواف ويلزمه إعادة السعي على التقديرين لأنه وجد بعد طواف غير معتد به وإن كان وطئ بعد حله من العمرة حكمنا بأنه أدخل حجا على عمرة فاسدة فلا يصح ويلغو ما فعله من أفعال الحج ويتحلل بالطواف الذي قصده للحج من عمرته الفاسدة وعليه دم للحلق ودم للوطء في عمرته ولا يحصل له حج ولا عمرة ولو قدرناه من الحج ـ لم يلزمه أكثر من إعادة الطواف والسعي ويحصل له الحج والعمرة.

فصل ويشترط لصحة الطواف
ثلاثة عشر شيئا: الإسلام والعقل والنية وستر العورة وطهارة الحدث لا لطفل دون التمييز وطهارة الخبث وتكميل السبع وجعل البيت عن يساره والطواف بجميعه وأن يطوف ماشيا مع القدرة وأن يوالي بيته وألا يخرج من المسجد ـ وأن يبتدئ من الحجر الأسود فيحاذيه وسننه عشر استلام الركن وتقبيله أو ما يقوم مقامه من الإشارة واستلام

 

ج / 1 ص -384-  الركن اليماني الإضطباع والرمل والمشي في مواضعه والدعاء والذكر والدنو من البيت وركعتا الطواف وإذا فرغ من ركعتي الطواف وأراد السعي سن عوده إلى الحجر فيستلمه ثم يخرج إلى الصفا من بابه وهو طرف جبل أبي قبيس عليه درج وفوقها أزج كإيوان فيرقى عليه ندبا حتى يرى البيت إن أمكنه فيستقبله ويكبر ثلاثا ويقول ثلاثا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ويقول: لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين له الدين ولوكره الكافرون اللهم اعصمني بدينك وطواعيتك وطواعية رسولك اللهم جنبني حدودك اللهم اجعلني ممن يحبك ويحب ملائكتك وأنبياءك ورسلك وعبادك الصالحين اللهم حببني إليك وإلى ملائكتك وإلى رسلك وإلى عبادك الصالحين اللهم يسر لي اليسرى وجنبني العسرى واغفر لي في الآخرة والأولى واجعلني من أئمة المتقين واجعلني من ورثة جنة النعيم واغفر لي خطيئتي يوم الدين اللهم قلت أدعوني استجب لكم وإنك لا تخلف الميعاد اللهم إذ هديتني للإسلام فلا تنزعني منه ولا تنزعه مني حتى تتوفاني على الإسلام اللهم لا تقدمني للعذاب ولا تؤخرني لسوء الفتن  ولا يلبي ثم ينزل من الصفا ويمشي حتى يحاذي العلم وهو الميل الأخضر المعلق بركن المسجد على يساره نحو ستة أذرع فيسعى ماش سعيا شديدا ندبا بشرط ألا يؤذي ولا يؤذى حتى يتوسط بين الميلين الأخضرين وهما العلم الآخر أحدهما بركن المسجد والآخر بالموضع المعروف بدار

 

ج / 1 ص -385-  العباس فيترك شدة السعي حتى يأتي المروة: وهي أنف قعيقعان فيرقاها ندبا ويستقبل القبلة ويقول عليها ما قال على الصفا ويجب استيعاب ما بينها فإن لم يرقهما الصق عقب رجليه بأسفل الصفا وأصابعهما بأسفل المروة ثم ينقلب إلى الصفا فيمشي في موضع مشيه ويسعى في موضع سعيه إلى الصفا ويفعل ذلك سبعا يحتسب بالذهاب سعية وبالرجوع سعية يفتتح بالصفا ويختم بالمروة فإن بدأ بالمروة لم يحتسب بذلك الشوط ويكثر من الدعاء والذكر فيما بين ذلك ومنه: رب اغفر وارحم واعف عما تعلم وأنت الأعز الأكرم ولا يسن السعي بينهما إلا في حج أو عمرة ويستحب أن يسعى طاهرا من الحدث والنجاسة مستترا وتشترط النية والموالاة والمرأة لا ترقى ولا تسعى شديدا وإن سعى على غير طهارة كره ويشترط تقدم الطواف عليه ولو مسنونا كطواف القدوم فإن سعى بعد طوافه ثم علم أنه طاف غير متطهر لم يجزئه السعي وله تأخير عن طوافه بطواف وغيره فلا تجب الموالاة بينهما فلا بأس أن يطوف أول النهار ويسعى آخره ولا تسن عقب صلاة وإن سعى مع طواف القدوم لم يعده مع طواف الزيارة وإلا سعى بعده فإذا فرغ من السعي فإن كان متمتعا بلا هدي ـ حلق أو قصر من جميع شعره وقد حل ولو كان ملبدا رأسه فيستبيح جميع محظورات الإحرام والأفضل هنا التقصير وليتوفر الحلق للحج ولا يسن تأخير التحلل وإن كان معه هدي أدخل الحج على العمرة وليس له أن يحل ولا يحلق حتى يحج فيحرم به بعد طوافه وسعيه لعمرته كما يأتي ويحل منهما يوم

 

ج / 1 ص -386-  النحر وإن كان معتمرا غير متمتع فإنه يحل ولو كان معه هدي في أشهر الحج أو في غيرها وإن كان حاجا بقي على إحرامه ومن كان متمتعا أو معتمرا قطع التلبية إذا شرع في الطواف ولا بأس بها في طواف القدوم سرا.

باب صفة الحج والعمرة
يستحب لمتمتع حل من عمرته ولغيره من المحلين بمكة ـ الإحرام بالحج يوم التروية: وهو الثامن من ذي الحجة: إلا لمن لم يجد هديا تمتع فيحرم بيوم السابع ليكون آخر تلك الثلاثة يوم عرفة وأن يفعل عند إحرامه1 ما يفعله عند إحرامه من الميقات من غسل وغيره ثم يطوف أسبوعا ويصلي ركعتين ثم يحرم بالحج من المسجد وتقدم في المواقيت ولا يطوف بعد لوادع البيت فلو طاف وسعى بعده لم يجزئه عن السعي الواجب قبل خروجه ولا يخطب يوم السابع بعد صلاة الظهر بمكة ثم يخرج إلى منى قبل الزوال فيصلي بها الظهر مع الإمام ويبيت بها إلى أن يصلي معه الفجر وليس ذلك واجبا ولو صادف يوم جمعة وهو مقيم بمكة ممن تجب عليه وزالت الشمس فلا يخرج قبل صلاتها وقبل الزوال إن شاء خرج وإن شاء أقام حتى يصليها فإن خرج الإمام أمر من يصلي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد بالإحرام هنا: إحرامه من مكة فإن المفروض أنه بمكة منذ بدأ في أعمال العمرة والإحرام الثاني هو إحرام الميقات.

 

ج / 1 ص -387-  بالناس فإذا طلعت الشمس سار من منى إلى عرفة فأقام بنمرة ندبا حتى تزول الشمس ـ ونمرة موضع بعرفة وهو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم على يمينك إذا خرجت من مأزمى عرفة تريد الموقف ـ فإذا زالت الشمس استحب للإمام أو نائبه أن يخطب خطبة واحدة يقصرها ويفتتحها بالتكبير: يعلم الناس فيها مناسكهم من الوقوف ووقته والدفع من عرفات والمبيت بمزدلفة وغير ذلك فإذا فرغ من خطبته نزل فصلى الظهر والعصر جمعا إن جاز له وتقدن بأذان وإقامتين وإن لم يؤذن للصلاة فلا بأس وكذا يجمع غيره ولو منفردا ثم يأتي موقف عرفة ويغتسل له وكله موقف: إلا بطن عرنة فإنه لا يجزئه الوقوف به وحد عرفات من الجبل المشرف على عرنة إلى الجبال المقابلة له إلى ما يلي حوائط بني عامر ويسن أن يقف عند الصخرات وجبل الرحمة ـ واسمه الال ـ على وزن هلال ـ ولا يشرع صعوده ويقف مستقبل القبلة راكبا بخلاف سائر المناسك والعبادات فراجلا ويكثر من الدعاء ومن قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير اللهم اجعل في قلبي نورا وفي بصري نورا وفي سمعي نورا ويسر لي أمري  ويدعو بما أحب ووقت الوقوف من طلوع الفجر يوم عرفة ـ واختار الشيخ وغيره وحكى إجماعا من الزوال يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النحر ـ فمن حصل بعرفة في هذا الوقت ولو لحظة ولو ما رابها أو نائما أو جاهلا بها وهو من أهل الوقوف صح حجه لا مجنون ومغمي عليه وسكران إلا أن يفيقوا وهم

 

ج / 1 ص -388-  بها قبل خروج وقت الوقوف ومن فاته ذلك فاته الحج ويستحب أن يقف طاهرا من الحدثين ويصح وقوف الحائض إجماعا و  وقفت عائشة رضي الله عنها حائضا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم  ولا يشترط ستارة ولا استقبال ولا نية ويجب أن يجمع في الوقوف بين الليل والنهار من وقف نهار فإن دفع قبل غروب الشمس فعليه دم إن لم يعد قبله وإن وافها ليلا فلا دم عليه ووقف بها وإن خاف فوت وقت الوقوف صلى صلاة خائف إن رجا إدراكه ووقفة الجمعة في آخر يومها ساعة الإجابة فإذا اجتمع فضل يوم الجمعة ويوم عرفة كان لهما مزية على سائر الأيام قال في الهدى: وأما ما استفاض على السنة العوام بأنها تعدل ثنتين وسبعين حجة فباطل لا أصل له.

فصل ثم يدفع بعد غروب الشمس بسكينة
قال أبو حكيم: مستغفرا إلى مزدلفة على طريق المازمين مع إمام أو نائبه وهو أمير الحاج فإن دفع قبله كره ولا شيء عليه يسرع في الفجوة ويلبي في الطريق ويذكر الله تعالى فإذا وصلها صلى المغرب والعشاء جمعا قبل حط رحله بإقامة لكل صلاة بلا أذان وإن أذن وأقام للأولى فقط فحسن ولا يتطوع بينهما فإن صلى المغرب في الطريق ترك السنة وأجزأه وإن فاتته الصلاة مع الإمام بها أو بعرفة جمع وحده ثم يبيت بها حتى يصبح ويصلي الفجر وله الدفع قبل الإمام ليس له الدفع قبل نصف الليل ويباح بعده ولا شيء عليه كما لو وافاها بعده وإن جاء بعد الفجر فعليه دم وإن دفع غير رعاة وسقاة قبل نصفه فعليه دم إن لم يعد إليها

 

ج / 1 ص -389-  ولو بعد نصفه وحد المزدلفة ما بين المازمين ووادي محسر فإذا أصبح صلى الصبح بغلس أول وقتها ثم يأتي المشعر الحارم فيرقى عليه إن أمكنه وإلا وقف عنده ويحمد الله ويهلله ويكبره ويدعو ويقول: اللهم كما وفقتنا فيه وأريتنا إياه فوفقنا لذكرك كما هديتنا واغفر لنا وارحما كما وعدتنا بقولك وقولك الحق {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ثم لا يزال يدعو إلى أن يسفر جدا ولا بأس بتقديم الضعفة والنساء.

فصل ثم يدفع قبل طلوع الشمس إلى منى
وعليه السكينة فإذا بلغ وادي محسر أسرع: راكبا كان أو ماشيا قدر رمية حجر ويكون ملبيا إلى أن يرمي جمرة العقبة وهي آخر الجمرات مما يلي منى وأولها مما يلي مكة ويأخذ حصى الجمار من طريقه قبل أن يصل إلى منى أو من مزدلفة ومن حيث أخذه جاز ويكره من منى وسائر الحرم وتكسيره ويكون أكبر من الحمص ودون البندق كحصى الخذف فلا يجزئ صغيرا جدا ولا كبير ويجزي مع الكراهة نجس فإن غسله زالت وحصاة في خاتم إن قصدها ولا فرق بين كون الحصا أبيض أو أسود أو كدانا أو أحمر من مرمر وبرام مرو: وهو حجر الصوان ورخام وسن وغيرها وعدد الحصى سبعون حصاة ولا يتسحب غسله إلا أن يعلم نجاسته فإذا وصل إلى منى ـ وحدها من وادي محسر إلى جمرة العقبة بدا بها راكبا إن كان وإلا ماشيا لأنها تحية منى فرماها بسبع: واحدة

 

ج / 1 ص -390-  بعد واحدة بعد طلوع الشمس ندبا فإن رمى بعد نصف ليلة النحر أجزأت وإن غربت الشمس فبعد الزوال من الغد فإن رماها دفعة واحدة لم يجزئه إلا عن واحدة ويؤدب نصا ويشترط علمه بحصولها في المرمى وفي سائر الرميات ولا يجزئ وضعها بل طرحها ولو أصابت مكانا صلبا في غير المرمى ثم تدحرجت إلى المرمى أو أصابت ثوب إنسان ثم طارت فوقعت في المرى أجزأته وكذا لو نفضها من وقعت على ثوبه فوقعت في المرى نصا وقال ابن عقيل: لا تجزئه لأن حصولها في المرمى بفعل الثاني قال في الفروع: وهو أظهر قال في الإنصاف: قلت وهو الصواب وإن رماها فاختطفها طائر قبل حصولها فيه أو ذهب بها عن المرمى لم يجزئه ويكبر مع كل حصاة ويستبطن الوادي ويقول: اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وعملا مشكورا ويرفع الرامي يمناه حتى يرى بياض إبطه ويومئها على حاجبيه الأيمن وله رميها من فوقها ولا يقف عندها بل يرميها وهو ماش ويقطع التلبية مع رمي أول حصاة منها فإن رمى بذهب أو فضة أو غير الحصا من الجواهر المنطبعة والفيروزج والياقوتا والطين والمدر أو بغير جنس الأرض أو بحجر رمى به فلم يجزئه ثم ينحر هديا إن كان معه: واجبا كان أو تطوعا فإن لم يكن معه هدي وكان عليه هدي واجب اشتراه وإن أحب أن يضحي اشترى ما يضحي به ثم يحلق رأسه ويبدأ بأيمنه ويستقبل القبلة فيه ويكبر وقت الحلق والأولى ألا يشارط الحلاق على أجرة ومن قصر في جميع شعر رأسه لا من كل شعرة بعينها

 

ج / 1 ص -391-  والمرأة تقصر من شعرها على أي صفة كان: من ضفر وعقص وغيرهما قدر أنملة فأقل من رؤس الضفائر وكذا عبد ولا يحلق إلا بإذن سيده لأن الحلق ينقص قيمته ويسن أخذ أظفاره وشاربه ونحوه ومن عدم الشعر استحب أن يمر الموسى على رأسه ثم قد حل له كل شيء من الطيب وغيره إلا النساء: من الوطء والقبلة واللمس لشهوة وعقد النكاح.

فصل ويحصل التحلل الأول باثنين من ثلاثة
رمي وحلق وطواف والثاني بالثالث منها فالحلق والتقصير نسك وإن أخره عن أيام منى فلا دم عليه وإن قدم الحلق على الرمي أو النحر أو طاف للزيارة أو نحر قبل رميه جاهلا أو ناسيا فلا شيء عليه وكذا لو كان عالما لكن يكره وإن قدم الإفاضة على الرمي أجزأه طوافه ثم يخطب الإمام يوم النحر بكرة النهار بمنى خطبة مفتتحة بالتكبير يعلمهم فيها النحر والإفاضة والرمي ثم يفيض إلى مكة فيطوف متمتع لقدومه لعمرته نصا بلا ميل وكذا يطوفه برمل مفرد وقارن لم يكونا دخلا مكة يوم النحر ولا طافاه نصا وقيل: لا يطوف للقدوم أحد منهم اختاره الشيخ الموفق ورد الأول وقال: لا نعلم أحدا وافق أبا عبد الله على ذلك قال ابن رجب: وهو الأصح ثم يطوف للزيارة ويسمي الإفاضة والصدر ويعينه بنيته بعد وقوفه بعرفة وهو الطواف الواجب بالذي به تمام الحج فإن رجع إلى بلده قبله رجع منها محرما فطافه ولا يجزئ عنه غيره وأول وقت طواف الزيارة بعد نصف ليلة النحر والأفضل فعله يوم النحر فإن أخره إلى الليل فلا بأس وإن أخره عنه وعن أيام منى جاز: كالسعي

 

ج / 1 ص -392-  ولا شيء عليه ثم يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعا ولا يكتفي بسعي عمرته أو غير متمتع ولم يكن سعي مع طواف القدوم فإن كان قد سعى لم يسع والسعي ركن في الحج فلا يتحلل إلا بفعله كما تقدم فإن فعله قبل الطواف عالما أو ناسيا أو جاهلا أعاده ثم قد حل له كل شيء ويستحب التطيب عند الإحلال ثم يأتي زمزم فيشرب منها لما أحب ويتضلع زاد في التبصرة: ويرش على بدنه وثوبه ويقول: بسم الله اللهم اجعله لنا علما نافعا ورزقا واسعا وريا وشبعا وشفاء من كل داء واغسل به قلبي واملأه من خشيتك ويسن أن يدخل البيت والحجر منه ويكون حافيا بلا خف ولا نعل بغير سلاح نصا ويكبر ويدعو في نواحيه ويصلي فيه ركعتين ويكثر النظر إليه لأنه عبادة فإن لم يدخله فلا بأس ويتصدق بثياب الكعبة إذا نزعت نصا ومن أراد أن يستشفي بشيء من طيبها فليأت بطيب من عنده فليرقه على البيت ثم يأخذه ولا يأخذ من طيب الكعبة شيئا.

فصل ثم يرجع إلى منى
فيبيت فيها ثلاث ليال ويصلي بها ظهرا يوم النحر ويرمي بالجمرات بها في أيام التشريق كل يوم بعد الزوال إلا السقاة والرعاة فلهم الرمي ليلا ونهارا ولو في يوم واحد أو في ليلة واحدة من أيام التشريق وإن رمى غيرهم قبل الزوال لم يجزئه فيعيده آخر وقت رمي كل يوم إلى المغرب ويستحب قبل صلاة الظهر وألا يدع الصلاة مع الإمام في مسجد منى وهو مسجد الخيف فإن كان الإمام غير مرضى صلى المرء برفقته ويرمي كل جمرة بسبع حصيات: واحدة بعد

 

ج / 1 ص -393-  واحدة فيبدأ بالجمرة الأولى وهي أبعدهن من مكة وتلي مسجد الخيف فيجعلها عن يساره ويرميها ثم يتقدم قليلا لئلا يصيبه الحصا فيقف فيدعو الله رافعا يديه ويطيل ثم يأتي الوسطى فيجعلها عن يمينه ويرميها كذلك ويقف عندها ويدعو ويرفع يديه ثم جمرة العقبة كذلك ويجعلها عن يمينه ويستبطن الوادي ولا يقف عندها ويستقبل القبلة في الجمرات كلها وترتيبها شرط: بأن يرمي أولا التي تلي مسجد الخيف ثم الوسطى ثم العقبة فإن نكسه لم يجزئه وإن أخل بحصاة من الأولى لم يصح رمى الثانية وإن جهل محلها بنى على اليقين يرمي في اليوم الثاني والثالث كذلك وعدد الحصا سبع وإن أخر الرمي كله مع رمي يوم النحر فرماه آخر أيام التشريق أجزأه أداء لأن أيام الرمي كلها بمثابة اليوم الواحد وكان تاركا للأفضل ويجب ترتيبه بنية وكذا لو أخر الرمي كله أو يومين وإن أخر الرمي كله أو جمرة العقبة عن أيام التشريق أو ترك المبيت بمنى ليلة أو أكثر ـ فعليه دم ولا يأتي به كالبيتوتة وفي ترك حصاة ما في شعرة وفي حصاتين ما في شعرتين وليس على أهل سقاية الحاج والرعاء مبيت بمنى ولا بمزدلفة فإن غربت الشمس وهم بمنى لزم الرعاء المبيت دون أهل السقاية وقيل أهل الأعذار من غير الرعاء كالمرضى ومن له مال يخاف ضياعه ونحوه حكمهم حكم الرعاء في ترك البيتوتة وإن كان مريضا أو محبوسا أو له عذر جاز أن يستنيب من يرمي عنه والأولى أن يشهده إن قدر ويستحب أن يضع الحصا في يد النائب ليكون له عمل ولو أغمي على المستنيب لم تنقطع النيابة ويستحب

 

ج / 1 ص -394-  خطبة إمام في اليوم الثاني من أيام التشريق بعد الزوال: يعلمهم فيها حكم التعجيل والتأخير والتوديع ولكل حاج ولو أراد الإقامة بمكة التعجيل إن أحب إلا الإمام المقيم للمناسك فليس له التعجيل لأجل من يتأخر فإن أحب أن يتعجل في ثاني التشريق ـ وهو النفر الأول ـ خرج قبل غروب الشمس ولا يضره رجوعه وليس عليه في اليوم الثالث رمي ويدفن بقية الحصا في المرمى وإن غربت وهو بها فلزم المبيت والرمي من الغد بعد الزوال ثم ينفر وهو النفر الثاني ويسن إذا نفر من منى نزوله بالأبطح ـ وهو المحصب وحده ما بين الجبلين إلا المقبرة ـ فيصلي به الظهرين والعشاءين ويهجع يسرا ثم يدخل مكة.

فصل فإذا أراد الخروج
لم يخرج حتى يودع البيت بالطواف إذا فرغ من جميع أموره إن لم يقم بمكة أو حرمها ومن كان خارجه فعليه الوداع وهو على كل خارج من مكة ثم يصلي ركعتين خلف المقام ويأتي الحطيم ـ وهو تحت الميزاب ـ فيدعو ثم يأتي زمزم فيشرب منها ثم يستلم الحجر ويقيله ويدعو في الملتزم بما يأتي فإن ودع ثم اشتغل بغير شد رحل أو اتجر أو أقام أعاد الوداع لا إن اشترى حاجة في طريقه أو صلى فإن خرج قبله فعليه الرجوع إليه لفعله إن كان قريبا ولم يخف على نفسه أو ماله أو فوات رفقته أو غير ذلك ولا شيء عليه إذا رجع فإن لم يمكنه الرجوع أو أمكنه ولم يرجع أو بعد مسافة قصر فعليه دم رجع أو لا وسواء تركه عمدا أو خطأ أو نسيانا ومتى رجع مع القرب لم يلزم إحرام ويلزمه مع البعد الإحرام بعمرة يأتي بها ثم يطوف للوداع

 

ج / 1 ص -395-  وإن أخر طواف الزيارة أو القدوم فطافه عند الخروج كفاه عنهما ولا وداع على حائض ونفساء ولا فدية إلا أن تطهر قبل مفارقة البنيان فترجع وتغتسل وتودع فإن لم تفعل ولو لعذر فعليها دم فإذا فرغ من الوداع واستلم الحجر وقبله وقف في الملتزم: ما بين الحجر الأسود وباب الكعبة فيلتزمه ملصقا به صدره ووجهه وبطنه ويبسط يديه عليه ويجعل يمينه نحو الباب ويساره نحو الحجر ويدعو بما أحب من خيري والآخرة ومنه  اللهم هذا بيتك وأنا عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على ما سخرت لي من خلقك وسيرتني في بلادك حتى بلغتني إلى بيتك وأعنتني على أداء نسكي فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضا وإلا فمن الآن قبل أن تنآى عن بيتك داري فهذا أوان انصرافي أن أذنت لي غير مستبدل بك ولا ببيتك ولا راغب عنك ولا عن بيتك اللهم فاصحبني العافية في بدني والصحة في جسمي والعصمة في ديني وأحسن منقلبي وارزقني طاعتك ما أبقيتني واجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة إنك على كل شيء قدير  وإن أحب دعاء بغير ذلك ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فإذا خرج ولاها ظهره ولا يلتفت فإن فعل أعاد الوداع استحباب وقد قال مجاهد إذا كدت تخرج من المسجد فالتفت ثم انظر إلى الكعبة فقل: اللهم لا تجعله آخر العهد والحائض تقف على باب المسجد وتدعو بذلك.

فصل إذا فرغ من الحج
استحب له زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه رضي الله عنهما قال أحمد: إذا حج

 

ج / 1 ص -396-  الذي لم يحج قط يعني من غير طريق الشام لا يأخذ على طريق المدينة لأنه إن حدث به حدث الموت كان في سبيل الله وإن كان تطوعا بدأ بالمدينة فإذا دخل مسجدها سن أن يقول ما يقول في دخول غيره من المساجد ثم يصلي تحية المسجد ثم يأتي القبر الشريف فيقف قبالة وجهه صلى الله عليه وسلم مستد القبلة ويستقبل جدار الحجرة والمسمار الفضة في الرخامة الحمراء فيسلم عليه فيقول: السلام عليك يا رسول الله كان ابن عمر رضي الله عنه لا يزيد على ذلك وإن زاد فحسن ولا يرفع صوته ثم يستقبل القبلة والحجرة عن يساره قريبا لئلا يستدبر قبره صلى الله عليه وسلم ويدعو ثم يتقدم من مقام سلامه نحو ذراع على يمينه فيسلم على أبي بكر رضي الله عنه ثم يتقدم نحو ذراع على يمينه أيضا فيسلم على عمر رضي الله عنه ولا يتمسح ولا يمس قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا حائطه ولا يلصق به صدره ولا يقبله قال الشيخ: ويحرم طوافه بغير البيت العتيق اتفاقا قال ابن عقيل و ابن الجوزي: يكره قصد القبور للدعاء: قال الشيخ ووقوفه عندها له أيضا وتستحب الصلاة بمسجده صلى الله عليه وسلم وهي بألف صلاة وبالمسجد الحرام بمائة ألف وفي الأقصى بخمسمائة وحسنات الحرم كصلاته وتعظم السيآت به ويسن أن يأتي مسجد قباء فيصلي فيه إذا أراد الخروج عاد إلى المسجد فيصلي ركعتين وعاد إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فودع وأعاد الدعاء قاله في المستوعب وقال: ويعزم على ألا يعود إلى ما كان عليه من عمل لا

 

ج / 1 ص -397-  يرضي ويسن أن يقول عند منصرفه من حجه متوجها: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ولا بأس أن يقال للحاج إذا قدم: تقبل الله نسكك وأعظم أجرك واخلف نفقتك قال في المستوعب: وكانوا يغتنمون أدعية الحاج قبل أن يتلطخوا بالذنوب.

فصل في صفة العمرة
من كان في الحرم من مكي وغيره خرج إلى الحل فأحرم من أدناه ومن التنعيم أفضل ثم من الجعرانة ثم الجديبية ثم ما بعد ومن كان خارج الحرم دون الميقات ـ من دويرة أهله وإن كان في قرية فمن الجانب الأقرب من البيت ومن الأبعد أفضل وتقدم وتباح كل وقت فلا يكره الإحرام بها يوم عرفة والنحر والتشريق ولا بأس أن يعتمر في السنة مرارا ويكره الإكثار منها والموالاة بينها نصا وهي في غير أشهر الحج أفضل وأفضلها في رمضان ويستحب تكرارها فيه لأنها تعدل حجة وتسمى العمرة حجا أصغر وإن أحرم من الحرم لم يجز وينعقد وعليه دم ثم يطوف ويسعى ثم يحلق أو يقصر ولا يحل قبل ذلك وتجزئ عمرة القارن وعمرة التنعيم ـ عن عمرة الإسلام.

فصل أركان الحج
الوقوف بعرفة وطواف الزيارة والسعي والإحرام وهو النية وواجباتها سبعة: الإحرام من الميقات والوقوف بعرفة إلى الليل والمبيت بمزدلفة إلى ما بعد نصفه

 

ج / 1 ص -398-  والمبيت بمنى والرمي مرتبا والحلاق أو التقصير وطواف الوداع قال الشيخ: وطواف الوداع ليس من الحج وإنما هو لكل من أراد الخروج من مكة وما عداهن سنن وأركان العمرة: الإحرام والطواف السعي وواجباتها: الإحرام من الحل والحلق أو التقصير فمن ترك ركنا أو النية له لم يتم نسكه إلا به لكن لا ينعقد نسك بلا إحرام ويأتي إذا فاته الوقوف ومن ترك واجبا ولو سهوا فعليه دم فإنه عدمه فكصوم ممتعة وإلا طعام عنه على ما تقدم ومن ترك سنة فلا شيء عليه قال ابن عقيل: وتكره تسمية من لم يحج: صرورة لأنه اسم جاهلي وأن يقال حجة الوداع لأنه اسم على ألا يعود ويعتبر في ولاية تسيير الحاج كونه مطاعا ذا رأي وشجاعة وهداية وعليه جمعهم وترتيبهم وحراستهم في المسير والنزول والرفق بهم والنصح ويلزمهم طاعته في ذلك ويصلح بين الخصمين ولا يحكم إلا أن يفوض إليه فيعتبر كونه من أهله وشهر السلاح عند قدوم تبوك ـ بدعة زاد الشيخ محرمة وقال: ومن اعتقد أن الحج يسقط ما عليه من الصلاة والزكاة فإنه يستتاب بعد تعريفه إن كان جاهلا فإن تاب وإلا قتل ولا يسقط حق الآدمي من مال أو عرض أو دم بالحج إجماعا.

باب الإحصار والفوت
سبق لا يدرك والإحصار: الحبس من طلع عليه فجر يوم النحر ولم يقف بعرفة ولو لعذر فاته الحج وسقط عنه توابع الوقوف: كمبيت

 

ج / 1 ص -399-  بمزدلفة ومنى ورمي جمار انقلب إحرامه عمرة نصا فيطوف يسعى ويحلق أو يقصر وسواء كان قارنا أو غيره إن لم يختر البقاء على إحرامه ليحج من قابل ولا تجزئ عن عمرة الإسلام وعليه القضاء ولو نفلا ويلزمه إن لم يكن اشتراط أولا ـ هدي: شاة أو سبع بدنة من حين الفوات: ساقه أولا يؤخره إلى القضاء يذبحه فيه فإن كان الذي فاته الحج قضى قارنا فإن عدم الهدي زمن الوجوب صام عشرة أيام: ثلاثة في الحج ـ أي حج القضاء ـ وسبعة إذا رجع ثم حل والعبد لا يهدي ولو أذن له سيده لأنه لا مال له يجب عليه الصوم المذكور لا الهدي وعلى قياس هذا كل دم لزمه في الإحرام لا يجزئه عنه إلا الصيام وإذا صام فإنه يصوم عن كل مد من قيمة الشاة يوما حيث يصوم الحر ثم حل وإن أخطأ الناس فقفوا في يوم غير يوم عرفة ظنا منهم أنه يوم عرفة أجزأهم وإن أخطأ بعضهم فاته الحج ومن أحرم فحصره عدوه في حج وعمرة من الوصول إلى البيت من البلد أو الطريق قبل الوقوف أو بعده أو منع ظلما أو جن أو أغمي عليه ولم يكن له طريق أمن إلى الحج وفات الحج ـ ذبح هديا: شاة أو سبع بدنة: في موضع حصره: حلا كان أو حرما ينوي به التحلل وجوبا أو حلق أو قصر ثم حل فإن أمكن المحصر الوصول من طريق أخرى لم يبح له التحلل ولزمه سلوكها: بعدت أو قربت خشي الفوات أو لم يخش فإن لم يجد هديا صام عشرة أيام بالنية كمبدله ثم حل ولا إطعام فيه بل يجب مع الهدي إطعام أو تقصير ولا فرق بين الحصر

 

ج / 1 ص -400-  العام في كل الحاج وبين الخاص في شخص واحد: مثل أن يحبس بغير حق أو يأخذه اللصوص ومن حبس بحق أو دين حال قادر على أدائه فليس له التحلل وإذا كان العدو الذي حصر الحاج مسلمين جاز قتالهم وإن أمكن الانصراف من غير قتال فهو أولى وإن كانوا مشركين لم يجب قتالهم إلا إذا بدأوا بالقتال أو وقع النفير فإن غلب على ظن المسلين الظفر استحب قتالهم ولهم لبس ما تجب فيه الفدية إن احتاجوا إليه ويفدون وإلا فتركه أولى فإن أذن لهم العدو في العبور فلم يثقوا بهم فلهم الانصراف وإن وثقوا بهم لزمهم المضي على الإحرام وإن طلب العدو خفارة على تخلية الطريق وكان ممن لا يوثق بأمانه لم يلزمهم بذله وإن وثق والخفارة كثيرة فكذلك بل يكره بذلها إن كان العدو كافرا وإن كانت يسيرة فقياس المذهب وجوب بذله ولو نوى التحلل قبل ذبح هدي أو صوم ورفض إحرامه لم يحل ولزمه دم لتحلله ولكل محظور فعله بعده ولا قضاء على محصر إن كان نفلا ومن حصر عن واجب لم يتحلل وعليه له دم وحجه صحيح وإن صد عن عرفة دون البيت تحلل بعمرة ولا شيء عليه ومن أحصر بمرض أو ذهاب نفقة لم يكن له التحلل وهو على إحرامه حتى يقدر على البيت وإن فاته الحج تحلل بعمرة كغير المرض ولا ينحر هديا معه إلا بالحرم فيبعث به ليذبح فيه والحكم فيه القضاء والهدي كما تقدم ويقضي عنه في رقه كحر وصغير وبالغ ولا يصح إلا بعد البلوغ ولو أحصر في حج فاسد فله التحلل فإن حل ثم زال الحصر وفي وقت سعة فله أن

 

 

ج / 1 ص -401-  يقضي في ذلك العام ومن شرط في ابتداء إحرامه أن يحل متى مرض أو ضاعت نفقته أو نفذت ونحوه أو قال: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ـ فله التحلل بجميع ذلك وليس عليه هدي ولا صوم ولا قضاء ولا غيره وله البقاء على إحرامه فإن: قال إن مرضت ونحوه فأنا حلال فمتى وجد الشرط حل بوجوده.

باب الهدي والأضاحي والعقيقة
الهدي: ما يهدى إلى الحرم من النعم وغيرها والأضحية ما يذبح من بهيمة الأنعام أيام النحر بسبب العيد تقربا إلى الله تعال.
يسن لمن أتى مكة أن يهدي هديا والأفضل فيها إبل ثم بقران أخرج كاملا ثم غنم ثم شرك في بدنة ثم شرك في بقرة ولا يجزئ في الأضحية الوحشي ولا من أحد أبويه وحشي وأفضلها أسمن ثم أغلا ثمنا وذكر وأنثى سواء واقرن ـ أفضل ويسن استسمانها واستحسانها وأفضلها لونا الأشهب وهو الأملح: وهو الأبيض أو ما بياضه أكثر من سواده قاله الكسائي ثم أصفر ثم أسود قال أحمد: يعجبني البياض وقال: أكره السواد ولا يجزئ إلا الجذع من الضأن وهو ماله ستة أشهر والثني مما سواه فثني الإبل ما كمل له خمس سنين وبقر سنتان ومعز سنة ويجزئ أعلى سنا مما ذكر وجذع ضأن أفضل من ثني معز وكل منهما أفضل من سبع بدنة أو بقرة وسبع شياة أفضل من بدنة أو بقرة وزيادة عدد في جنس أفضل من المغالاة مع

 

ج / 1 ص -402-  عدمه فبدنتان بتسعة أفضل من بدنة بعشرة ورجح الشيخ البدنة والخصي راجح على النعجة ورجح الموفق الكبش على سائر النعم وتجزئ الشاة عن واحد وعن أهل بيته وعياله: مثل امرأته وأولاده ومماليكه والبقرة والبدنة عن سبعة فأقل قال الزركشي: الاعتبار أن يشترك الجميع دفعة فلو اشترك ثلاثة في بقرة أضحية وقالوا: من جاء يريد أضحية شاركناه فجاء قوم فشاركوهم لم تجز إلا عن الثلاثة قاله الشيرازي انتهى والمراد إذا أوجبوها على أنفسهم نص عليه والجواميس فيهما كالبقر وسواء أراد جميعهم القربة أو بعضهم القربة والباقون اللحم ويجزئ الاشتراك ولو كان بعضهم ذميا في قياس قوله قاله القاضي ويعتبر ذبحا عنهم ويجوز أن يقتسموا اللحم لأن القسمة ليست بيعا ولو ذبحوها على أنهم سبعة فبانوا ثمانية ذبحوا شاة وأجزأتهم ولو اشترك اثنان في شاتين على الشيوع أجزأ ولو اشترى سبع بقرة ذبحت للحم فهو لحم وليست أضحية.

فصل ولا يجزئ فيهما العوراء
التي انخسفت عينها فإن كان عليها بياض وهي قائمة لم تذهب ـ أجزأت ولا تجزئ عمياء وإن لم يكن عماها بينا ولا عجفاء لا تنقي1 وهي الهزيلة التي لا مخ فيها ولا عرجاء بين ظلعها: وهي التي لا تقدر على المشي مع جنسها إلى المرعى ولا كسيرة ولا مريضة بين مرضها وهو المفسد للحمها: كجرب أو غيره ولا عضباء: وهي التي ذهب أكثر أذنها أو قرنا وتكره معيبة أذن بخرق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لا تنقي بضم التاء وكسر القاف بمعنى لا تسمن.

 

ج / 1 ص -403-  أو شق أو قطع لأقل من النصف وكذا قرن ولا تجزئ الجداء: وهي جافة الضرع ولا هتماء: وهي التي ذهبت ثناياها من أصلها ولا عصماء وهي التي انكسر غلاف قرنها ويجزئ ما ذهب نصف إليتها والجماء: وهي التي خلقت بلا قرن والصمعاء: وهي الصغيرة الأذن وما خلقت بلا أذن والبتراء التي لا ذنب لها: خلقة أو مقطوعا والتي بعينها بياض ولا يمنع النظر والخصي التي قطعت خصيتاه أو سكتا أو رضتا فإن قطع ذكره مع ذلك: وهو الخصي المجبوب لم يجز وتجزئ الحامل.

فصل والسنة نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى
فيطعنها بالحربة في الوهدة التي بين أصل العنق والصدر وذبح بقر وغنم ويجوز عكسه ويأتي ويقول بعد توجيهها إلى القبلة على جنبها الأيسر حين يحرك يده بالذبح: بسم الله والله أكبر اللهم هذا منك ولك وإن قال قبل ذلك وقبل تحريك يده: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين اللهم تقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك ـ فحسن ـ والأفضل تولي صاحبها ذبحها بنفسه وإن وكل من يصح ذبحه ولو ذميا جاز ومسلم أفضل ويكره أن يوكل ذميا ويشهدها ندبا إن وكل ولا بأس أن يقول الوكيل: اللهم تقبل من فلان وتعتبر النية من الموكل إذن وفي الرعاية ينوي عند الزكاة أو الدفع إلى الوكيل: إلا مع التعيين ولا تعتبر تسمية المضحي عنه

 

ج / 1 ص -404-  ومتعة وقران يوم العيد بعد الصلاة ولو قبل الخطبة والأفضل بعدها ولو سبقت صلاة إمام في البلد جاز الذبح أو بعد قدرها بعد حلها في حق من لا صلاة في موضعه كأهل البوادي من أهل الخيام والخركاوات ونحوهم فإن فاتت الصلاة بالزوال ضحى إذن وآخره آخر اليوم الثاني من أيام التشريق وأفضله أول يوم من وقته ويجزئ آخر اليوم الثاني من أيام التشريق وأفضله أول يوم من وقته ويجزئ في ليلتهما مع الكراهة ووقت ما وجب بفعل محذور من حين وجوبه وإن فعله لعذر فله ذبحه قبله وتقدم وكذا ما وجب لترك واجب وإن ذبح قبل وقته لم يجزئه وصنع به ما شاء وعليه بدل الواجب وإن فات الوقت ذبح الواجب قضاء وسقط التطوع.

فصل ويتعين الهدي بقوله
هذا هدي أو بتقليده أو إشعاره مع النية: لا بشرائه ولا بسوقه مع النية فيهما والأضحية بقوله هذه أضحية أو لله فيهما ونحوه من ألفاظ النذر ولو أوجبها ناقصة نقصا يمنع الأجزاء ـ لزمه ذبحها ولم تجزئه عن الأضحية الشرعية ولكن يثاب على ما يتصدق به منها فإن زال عيبها المانع من الأجزاء كبرء المريضة والعرجاء وزوال الهزال ـ أجزأت وإذا تعينا لم يزل ملكه وجاز له نقل الملك فيهما بإبدال وغيره وشراء خير منهما وإبدال لحم بخير منه لا بمثل ذلك ولا دونه وإن علم عيبها بعد التعين ملك الرد وإن أخذ الأرش فكفاضل عن القيمة على ما يأتي وإن بانت مستحقة بعده لزمه بدلها وإن مات بعد تعيينها لم يجز بيعها في دينه ولو لم يكن له وفاء إلا منها ولزم الورثة ذبحها ويقومون مقامه في الأكل والصدقة الهدية وإن أتلفها

 

ج / 1 ص -405-  متلف وأخذت منه القيمة أو باعها من أوجبها ثم اشترى بالقيمة أو الثمن مثلها ـ صارت بنفس الشراء وله الركوب لحاجة فقط بلا ضرر ويضمن نقصها وإن ولدت ذبح ولدها معها: عينها حاملا أو حدث بعده إن أمكن حمله أو سوقه إلى محله وإلا فكهدي عطب ولا يشرب من لبنها إلا ما فضل عن أولادها فإن خالف حرم وضمنه ويجز صوفها ووبرها وشعرها لمصلحة وله أن ينتفع به كلبنها أو يتصدق به وإن كان بقاؤه أنفع لها لكونه يقيها الحر والبرد لم يجز جزه كما لا يجوز أخذ بعض أعضائها ولا يعطي الجازر شيئا منها أجرة بل هدية وصدقة وله أن ينتفع بجلدها وجلها أو يتصدق بهما ويحرم بيعها وبيع شيء منها ولو كانت تطوعا لأنها تعينت بالذبح وإن عين أضحية أو هديا فسرق بعد الذبح فلا شيء عليه وكذا إن عينه عن واجب في الذمة ولو بالنذر وإن تلفت ولو قبل الذبح أو سرقت أو ضلت قبله ـ فلا بد عليه إن لم يفرط وإن عين عن واجب في الذمة وتعيب أو تلف أو ضل أو عطب أو سرق ونحوه ـ لم يجزئه ولزمه بدل ويكون أفضل مما في الذمة إن كان تلفه بتفريطه وإن ذبحها ذابح في وقتها بغير إذن ونواها عن ربها أو أطلق ـ أجزأت ولا ضمان على الذابح وإن نواها عن نفسه مع علمه أنها أضحية الغير لم تجز عن مالكها وإلا أجزأت عن ربها إن لم يفرق الذابح لحمها وإن أتلفها صاحبها ضمنها بقيمتها يوم التلف تصرف في مثلها كإتلاف أجنبي وإن فضل عن القيمة شيء عن شراء المثل اشترى به شاة إن اتسع وإلا اشترى به لحما

 

ج / 1 ص -406-  فتصدق به أو يتصدق بالفضل وإن فقأ عينه تصدق بالأرش وإن عطب في الطريق قبل محله أو في الحرم هدي واجب أو تطوع: بان ينويه هديا ولا يوجبه بلسانه ولا بتقليده وإشعاره وتدوم نيته فيه قبل ذبحه أو عجز عن المشي ـ لزمه نحره موضعه مجزئا وصبغ نعله التي في عنقه في دمه وضرب صفحته ليعرفه الفقراء فيأخذوه ويحرم عليه وعلى خاصة رفقته ولو كانوا فقراء ـ إلا كل منه: ما لم يبلغ محله فإن أكل منه أو باع أو أطعم غنيا أو رفقته ضمنه بمثله لحما وإن أتلفه أو تلف بتفريطه أو خاف عطبه فلم ينحره حتى هلك ـ فعليه ضمانه يوصله إلى فقراء الحرم وإن فسخ في التطوع نيته قبل ذبحه صنع به ما شاء وإن ساقه عن واجب في ذمته ولو يعنيه بقوله: هذا هدي ـ لم يتعين وله التصرف فيه بما شاء فإن بلغ محله سالما فنحره أجزأ عما عينه عنه وإن عطب دون محله صنع به ما شاء وعليه إخراج ما في ذمته وان تعيب هو أو أضحية ذبحه وأجزأه إن كان واجبا بنفس التعيين وأن تعيب بفعله فعليه بدل إن كان واجبا قبل التعيين: بأن عينه عن واجب في الذمة كالفدية والمنذور في الذمة ـ لم يجزئه وعليه بدله: كما لو أتلفه أو تلف بتفريطه ولو كان زائدا عما في ذمته وكذا لو سرق أو ضل ونحوه وتقدم ويذبح واجبا قبل نفل وليس له استرجاع عاطب ومعيب وضال وجد ونحوه بعد ذبح بدل إلى ملكه بل يذبحه وإن غصب شاة فذبحها عما في ذمته لم يجزئه وإن رضي مالكها ولا يبرأ من الهدي إلا بذبحه ونحوه يباح للفقراء الأخذ من الهدي إذا لم يدفعه إليهم

 

ج / 1 ص -407-  بالإذن كقوله من شاء اقتطع أو بالتخلية بينهم وبينه.

فصل سوق الهدي مسنون
ولا يجب إلا بالنذر ويستحب أن يقفه بعرفة ويجمع فيه بين الحل والحرم ويسن إشعار البدن فيشق صفحة سنامها اليمنى أو محله مما لا سنام له من إبل وبقر حتى يسيل الدم وتقلد هي وبقر وغنم نعلا أو آذان القرب أو العرى ولا يسن إشعار الغنم وإذا ساق الهدي قبل الميقات استحب إشعاره وتقليده من الميقات وإذا نذر هديا مطلقا فأقل ما يجزئ شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة فإن ذبح البدنة أو البقرة كانت كلها واجبة وإن نذر بدنة أجزأته بقرة إن أطلق البدنة وإلا لزمه ما نواه فإن عين بنذره أجزأه ما عينه: صغيرا كان  أو كبيرا من حيوان ولو معيبا غير حيوان: كدرهم وعقار وغيرهما والأفضل من بهيمة الأنعام وإن قال: إن لبست ثوبا من غزلك فهو هدي فلبسه ـ أهداه وعليه إيصاله إلى فقراء الحرم ويبيع غير المنقول كالعقار ويبعث ثمنه إلى الحرم وقال ابن عقيل: أو يقومه ويبعث القيمة: إلا أن يعينه لموضع سوى الحرم فيلزمه ذبحه فيه وتفرقة لحمه على مساكينه أو إطلاقه لهم إلا أن يكون الموضع به صنم أو شيء من أمر الكفر أو المعاصي كبيوت النار والكنائس فلا يوف به ويستحب أن يأكل من هديه التطوع ويهدي  ويتصدق أثلاثا كأضحية فإن أكلها كلها ضمن المشروع للصدقة منها كأضحية وإن فرق أجنبي نذرا بلا إذن لم يضمن ولا يأكل من كل واجب ولو بالنذر أو بالتعيين: إلا من دم متعة وقران

 

ج / 1 ص -408-  وما جاز له كله فله هديته وما لا فلا فإن فعل ضمنه بمثله لحما كبيعه وإتلافه ويضمنه أجنبي بقيمته وفي الفصول: لو منعه الفقراء حتى انتن فعليه قيمته.

فصل والأضحية سنة مؤكدة لمسلم
ولو مكاتبا بإذن سيده وبغير إذنه فلا لنقصان ملكه ويكره تركها لقادر عليها وليست واجبة إلا أن ينذرها وكانت واجبة على النبي صلى الله عليه وسلم وذبحها ولو عن ميت وذبح العقيقة ـ أفضل من الصدقة بثمنها ولا يضحي عما في البطن ومن بعضه حر إذا ملك يجزئه الحر فله أن يضحي بغير إذن سيده والسنة أكل ثلثها وإهداء ثلثها ولو لغني ولا يجبان ويجوز الإهداء منها لكافر إن كان تطوعا والصدقة بثلثها ولو كانت منذورة أو معينة ويستحب أن يتصدق بأفضلها ويهدي الوسط ويأكل الأدون وكان من شعار الصالحين تناول لقمة من الأضحية من كبدها أو غيرها تبركا وإن كانت ليتيم فلا يتصدق الولي عنه ولا يهدي منها شيئا ويأتي في الحجر ويوفرها له وكذا المكاتب لا يتبرع منها بشيء فإن أكل أكثر أو أهدى أكثر أو أكلها كلها أو أهداها كلها إلا أوقية تصدق بها ـ جاز لأنه يجب الصدقة ببعضها على فقير مسلم فإن لم يتصدق بشي ضمن أقل ما يقع عليه الاسم بمثله لحما ويعتبر تمليك الفقير فلا يكفي إطعامه ومن أراد التضحية فدخل العشر حرم عليه وعلى من يضحي عنه أخذ شيء من شعره وظفره وبشرته إلى الذبح ولو بواحدة لمن يضحي بأكثر فإن فعل تاب ولا فدية عليه ويستحب حلقه بعد الذبح ولو أوجبها ثم

 

ج / 1 ص -409-  مات قبل الذبح أو بعده قام وارثه مقامه و لا تباع في دينه وتقدم قريبا ونسخ تحريم ادخار لحمها فوق ثلاث فيدخر ما شاء قال الشيخ: إلا زمن مجاعة وقال: الأضحية من النفقة بالمعروف فتضحي المرأة من مال زوجها عن أهل بيتها بلا إذنه ومدين لم يطالبه رب الدين ولا يعتبر التمليك في العقيقة.

فصل والعقيقة وهي النسيكة
وهي التي تذبح عن المولود سنة مؤكدة على الأب: غنيا كان الوالد أو فقيرا عن الغلام شاتان متقاربان سنا وشبها وإن تعذرتا فواحدة فإن لم يكن عنده ما يعق اقترض قال أحمد: أرجو أن يخلف الله عليه قال الشيخ: محله لمن له وفاء ولا يعق غير الأب ولا المولود عن نفسه إذا كبر فإن فعل لم يكره فبهما اختار جمع يعق عن نفسه وقال الشيخ: يعق عن اليتيم كالأضحية وأولى وعن الجارية شاة ـ تذبح يوم سابعه من ميلاده قال في المستوعب و عيون المسائل: ضحوة النهار ويجوز ذبحها قبل السابع ولا يجوز قبل الولادة وإن عق ببدنة أو بقرة لم تجزئه إلا كاملة فلا يجزئ فيها شرك في دم وينوي بها عقيقة ويسمي فيه والتسمية للأب وفي الرعاية يسمي يوم الولادة ويسن أن يحسن اسمه وأحب الأسماء إلى الله ـ عبد الله وعبد الرحمن وكل ما أضيف إلى الله فحسن وكذا أسماء الأنبياء ويجوز التسمية بأكثر من اسم واحد: كما يوضع اسم وكنية ولقب والاقتصار على اسم واحد أولى ويكره حرب ومرة وحزن ونافع ويسار وأفلح ونجيح وبركة ويعلى ومقبل ورافع،

 

ج / 1 ص -410-  ورياح والعاصي وشهاب والمضطجع ونبي ونحوها وكذا ما فيه تزكية كالتقي والزكي والأشرف والأفضل وبرة قال القاضي: وكل ما فيه تفخيم أو تعظيم ويحرم بملك الأملاك ونحوه وبما لا يليق إلا بالله: كقدوس والبر وخالق ورحمن ولا يكره بجبريل وياسين قال ابن حزم: اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله كعبد العزى وعبد عمرو وعبد على وعبد الكعبة وما أشبه ذلك ومثله عبد النبي وعبد الحسين كعبد المسيح قال ابن القيم: وقوله صلى الله عليه وسلم: "أنا ابن عبد المطلب" ـ فليس من باب إنشاء التسمية بل من باب الإخبار بالاسم الذي عرف به المسمى والإخبار بمثل ذلك على وجه تعريف المسمى لا يحرم فباب الأخبار أوسع من باب الإنشاء قال: وقد كان جماعة من أهل الدين يتورعون عن إطلاق قاضي القضاة وحاكم الحكام وهذا محض القياس1 قال: وكذلك تحريم التسمية بسيد الناس وسيد الكل: كما يحرم بسيد آدم ـ انتهى ومن لقب بما يصدق فعله جاز ويحرم: ما لم يقع على مخرج صحيح على أن التأويل في كمال الدين وشرف الدين أن الدين كمله وشرفه قاله ابن هبيرة: ولا يكره التكني بأبي القاسم بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وتجوز تكنيته أباه فلان وأبا فلانة وتكنيتها أم فلان كأم فلانة تكنية الصغير

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد: أن تحريم هؤلاء المتورعين للتسمية بقاضي القضاة وما في معناه قياس منهم لتلك الأسماء على ملك الأملاك وما في معناه مما لا ينبغي إطلاقه إلا على الله وحده جلّ شأنه.

 

ج / 1 ص -411-  ويحرم أن يقال لمنافق أو كافر: يا سيدي ولا يسمي الغلام بيسار ولا رباح ولا نجيح ولا أفلح قال ابن القيم قلت: وفي معنى هذا مبارك ويفلح وخير وسرور ونعمة وما أشبه ذلك ومن المكروهة التسمية بأسماء الشياطين: كخنزب وولهان والأعور والجدع وأسماء الفراعنة والجبابرة: كفرعون وقارون وهامان والوليد ويستحب تغيير الاسم القبيح قال في الفصول: ولا بأس بتسمية النجوم بالأسماء العربة: كالحمل والثور والجدي لأنها أسماء أعلام واللغة وضع فلا يكره كتسمية الجبال والأودية والشجر بما وضعوه لها وليس من حيث تسميتهم لها بأسماء الحيوان كان كذبا وإنما ذلك توسع ومجاز كما سموا الكريم بحرا ويؤذن في أذن المولود اليمنى حين يولد ويقيم في اليسرى ويحنك بتمرة: بأن تمضغ ويدلك بها داخل فمه ويفتح فمه حتى ينزل إلى جوفه منها شيء ويحلق رأسه ذكر لا أنثى يوم سابعه ويتصدق بوزنه ورقا فإن فات ففي أربعة عشر فإن فات ففي أحد وعشرين ولا تعتبر الأسابيع بعد ذلك فيعق بعد ذلك في أي يوم أراد ولا تختص العقيقة بالصغير ولو اجتمع عقيقة وأضحية ونوى بالأضحية عنها أجزأت عنها نصا قال ابن القيم في تحفة الودود في أحكام المولود: كما لو صلى ركعتين ينوي بهما تحية المسجد وسنة المكتوبة أو صلى بعد الطواف فرضا أو سنة مكتوبة وقع عنه وعن ركعتي الطواف وكذلك لو ذبح المتمتع والقارن شاة يوم النحر أجزأ عن دم المتعة وعن الأضحية اه وفي معناه لو اجتمع هدي وأضحية واختار الشيخ

 

ج / 1 ص -412-  لا تضحية بمكة إنما هو الهدي ويكره لطخه من دمها وإن لطخ رأسه بزعفران فلا بأس وقال ابن القيم: سنة وينزعها أعضاء ولا يكسر عظمها وطبخها أفضل من إخراج لحمها نيئا فيطبخ بماء وملح نصا ثم يطعم منها الأولاد والمساكين والجيران قيل لأحمد: فإن طبخت بشيء آخر غير الماء والملح؟ فقال: ما ضر ذلك قال جماعة: ويكون منه بحلو قال أبو بكر: ويستحب أن يعطي القابلة منها فخذا وحكمها حكم الأضحية في أكثر أحكامها: كالأكل والهدية والصدقة والضمان والولد واللبن والصوف والزكاة والركوب وما يجوز من الحيوان وغير ذلك ويجتنب فيها من العيب ما يجتنب في الأضحية ويباع جلدها ورأسها وسواقطها ويتصدق بثمنها بخلاف الأضحية لأن الأضحية أدخل منها في التعبد ويقول عند ذبحها: بسم الله اللهم لك وإليك هذه عقيقة فلان ابن فلان ولا تسن الفرعة وهي: ذبح أول ولد الناقة ولا العتيرة وهي: ذبيحة رجب ولا يكرهان.
  _________________________________________
تم الجزء الأول بحمد الله وعونه، ويليه الجزء الثاني
وأوله كتاب الجهاد