الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل

كتاب البيع
وهو مبادلة مال ولو في الذمة أو منفعة مباحة كممر الدار بمثل أحدهما على التأبيد غير ربا وقرض وله صورتان ينعقد بهما: إحداهما الصيغة القولية وهي غير منحصرة في لفظ بعينه بلى كل ما أدى معنى البيع فمنها الإيجاب من بائع فيقول بعتك أو ملكتك ونحوهما كوليتك أو أشركتك فيه أو وهبتكه ونحوه والقبول بعده من مشتر بلفظ دال على الرضا فيقول ابتعت أو قبلت أو رضيت وما في معناه كتملكته أو اشتريته أو أخذته ونحوه ويشترط أن يكون القبول على وفق الإيجاب في القدر والنقد وصفته والحلول والأجل فلو قال بعتك بألف صحيحة فقال اشتريت بألف مكسرة ونحوه لم يصح ولو قال بعتك بكذا فقال أنا آخذه بذلك لم يصح فإن أخذته منك أو بذلك صح ولا ينعقد بلفظ السلم والسلف قاله في التلخيص فإن تقدم القبول على الإيجاب صح بلفظ أمر أو ماض مجرد عن استفهام ونحوه ومعه لا يصح ماضيا مثل أبعتني أو مضارعا مثل أتبيعني فإن قال بعني

 

ج / 2 ص -57-    بكذا أو اشتريت منك بكذا فقال بعتك ونحوه أو قال بارك الله لك فيه أو هو مبارك عليك أو أن الله قد باعك أو قال أعطنيه بكذا فقال أعطيتك أو أعطيت صح وإن قال البائع للمشتري اشتراه بكذا أو ابتعه بكذا فقال اشتريته أو ابتعته لم يصح حتى يقول البائع بعد بعتك أو ملكتك قاله في الرعاية ولو قال بعتك أو قبلت إن شاء الله صح ويأتي وإن تراجى أحدهما على الآخر صح ما داما في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه عرفا وإلا فلا وإن كان غائبا عن المجلس فكاتبه أو راسله إني بعتك أو بعت فلانا داري بكذا فلما بلغه الخبر قبل صح.
والثانية: الدلالة الحالية - وهي المعاطاة - تصح في القليل والكثير ونحوه أعطني بهذا الدرهم خبزا فيعطيه ما يرضيه أو يقول البائع خذ هذا بدرهم فيأخذه ومنها لو ساومه سلعة بثمن فيقول خذها أو هي لك أو أعطيتكها أو يقول كيف تبيع الخبز فيقول كذا بدرهم فيقول خذ درهما أو زنه أو وضع ثمنه عادة وأخذه ونحو ذلك مما يدل على بيع أو شراء ويعتبر في المعاطاة معاقبة القبض أو الإقباض للطلب لأنه إذا اعتبر عدم التأخير في الإيجاب والقبول اللفظي ففي المعاطاة أولى وكذا هبة وهدية وصدقة فتجهيز بنته بجهاز إلى بيت زوج تمليك ولا بأس بذوق المبيع عند الشراء مع الإذن

شروط البيع - الأول
وشروط البيع سبعة - أحدها التراضي به منهما وهو أن يأتي به اختيارا مالم يكن بيع تلجئة وأمانة بأن يظهرا بيعا لم يريداه باطنا بل

 

ج / 2 ص -58-    خوفا من ظالم ونحوه فباطل وإن لم يقولا في العقد تبايعنا هذا تلجئة قال الشيخ: بيع الأمانة الذي مضمونه اتفاقهما على أن البائع إذا جاءه بالثمن أعاد عليه ملك ذلك ينتفع به المشتري بالإجارة والسكنى ونحو ذلك وهو عقد باطل بكل حال ومقصودهما إنما هو الربا بإعطاء دراهم إلى أجل ومنفعة الدار هي الربح والواجب رد المبيع إلى البائع وإن يرد المشتري ما قبضه منه لكن يحسب له منه ما قبضه المشتري من المال الذي سموه أجرة وكذا بيع الهازل ويقبل منه بقرينة مع يمينه فإن باعه خوفا من ظالم أو خاف ضيعته أو نهبه أو سرقته أو غصبه من غير تواطؤ صح بيعه قال الشيخ: ومن استولى على ملك رجل بلا حق فطلبه فجحده أو منعه إياه حتى يبيعه على هذا الوجه فهذا مكره بغير حق فإن كانا أو أحدهما مكرها لم يصح إلا أن يكره كالذي يكرهه الحاكم على بيع ما له لوفاء دينه فيصح وإن اكره على وزن مال فباع ملكه صح ولو كره الشراء وهو بيع المضطرين ومن قال لآخر اشترني من زيد فاني عبده فاشتراه فبان حرا لم يلزمه العهدة حضر البائع أو غاب كقوله اشتر منه عبده هذا ويؤدب هو وبائعه ويرد ما أخذه وعنه يؤخذ البائع والمقر بالثمن فإن مات أحدهما أو غاب أخذ الآخر بالثمن واختاره الشيخ ويتوجه هذا في كل غار ولو كان الغار أنثى حدت ولا مهر ويلحقه الولد ولو اقرأنه عبده فرهنه فكبيع.

فصل: الثاني
أن يكون العاقد جائز التصرف وهو البالغ الرشيد إلا الصغير المميز والسفيه فيصح تصرفهما بإذن وليهما ولو في الكثير وحرم،

 

ج / 2 ص -59-    إذنه لهما لغير مصلحة ولا يصح منهما قبول هبة ووصية بلا إذن - واختار الموفق وجمع صحته من مميز كعبد - ويصح تصرف صغير ولو دون تمييز ورقيق وسفيه بغير إذن في يسير وشراء رقيق في ذمته واقتراضه لا يصح كسفيه وتقبل من مميز هدية أرسل بها وأذنه في دخول الدار ونحوها قال القاضي: ومن كافر وفاسق إذا ظن صدقه

فصل: أن يكون المبيع مالا وهو ما فيه منفعة
مباحة لغير حاجة أو ضرورة فيجوز بيع بغل وحمار وعقار ودود قز وبزره وما يصاد عليه كبومة شباشبا1 ويكره فعل ذلك وديدان لصيد سمك وعلق لمص دم وطير لقصد صوته كبلبل وهزاز وببغاء وهي الدرة ونحوها ونحل منفردا عن كوّاراته بشرط كونه مقدورا عليه وفيها معها وبدونها إذا شوهد داخلا إليها فيشترط معرفته بفتح رأسها ومشاهدته وخفاء بعضه لا يمنع الصحة كالصبرة ولا يصح بيعها بما فيها من عسل ونحل ولا بيع ما كان مستورا بأقراصه ويجوز بيع هر وعنه لا يجوز بيعه اختاره في الهدى و الفائق و صححه في القواعد الفقهية ويجوز بيع فيل وسباع بهائم وجوارح طير يصلحان لصيد معلمة أو تقبله وولده وفرخه وبيضه لاستفراخه وقرد لحفظ لا للعب وكره أحمد بيعه وشراءه ومرتد وجان عمدا أو خطأ على نفس أو ما دونها أوجبت القصاص أولا: ولجاهل الخيار ويأتي آخر خيار

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هو طائر يتخذه الصيادون شركا: فيخيطون عينيه ويتركونه ملقى فيأتي الطير فيقع عليه.

 

ج / 2 ص -60-    العيب ومريض ولو مايؤسا منه ولجاهل الخيار وقاتل في محاربة متحتم قتله بعد القدرة ومتحتم قتله بكفر وأمة لمن به عيب يفسخ به النكاح كجذام وبرص وهل لها منعه من وطئها؟ يحتمل وجهين: أولهما ليس لها منعه وبه قالت الشافعية حكاه عنهم ابن العماد في كتاب التبيان فيما يحل ويحرم من الحيوان ولبن آدمية ولو حرة ويكره ولا يصح بيع لبن رجل ولا خمر ولو كانا ذميين ولا كلب ولو مباح الاقتناء ومن قتله وهو معلم أساء لأنه فعل محرما ولا غرم عليه لأن الكلب لا يملك ويحرم اقتناؤه كخنزير ولو لحفظ البيوت ونحوها إلا كلب ماشية وصيد وحرث إن لم يكن أسود بهيما أو عقورا ويأتي في الصيد ويجوز تربية الجرو الصغير لأجل الثلاثة ومن اقتنى كلب صيد ثم ترك الصيد مدة وهو يريد العودة إليه لم يحرم اقتناؤه في مدة تركه وكذا لو حصد الزرع أبيح اقتناؤه حتى يزرع زرعا آخر وكذا لو هلكت ماشية أو باعها وهو يريد شراء غيرها فله إمساك كلها لينتفع به في التبني يشتريها ومن مات وفي يده كلب فورثته أحق به ويجوز إهداء الكلب المباح والإتابة عليه ولا يصح بيع منذور عتقه - قال ابن نصر الله نذر تبرر - ولا ترياق يقع فيه لحوم الحيات ولا سموم قاتلة كسم الأفاعي فأما السم من الحشائش والنبات فإن كان لا ينتفع به أو كان يقتل قليله لم يجز بيعه وإن انتفع به وأمكن التداوي بيسيره كالسقمونيا ونحوها جاز بيعه ويحرم بيع مصحف ولو في دين ولا يصح كبيعه لكافر فإن ملكه بإرث أو غيره ألزم بإزالة يده عنه وكذا إجارته ورهنه ويلزم بذله لمن احتاج إلى القراءة

 

ج / 2 ص -61-    فيه ولم يجد مصحفا غيره ولا تجوز القراءة فيه لا إذن ولو مع عدم الضرر ولا يكره شراؤه لأنه استنقاذ ولا إبداله لمسلم بمصحف آخر ولو وصى ببيعه أو بيع ويجوز نسخه باجرة ولا يقطع بسرقته ويجوز وقفه وهبته والوصية به وتقدم بعض أحكامه في نواقض الوضوء ويصح شراء كتب زندقة ليتلفها لا خمر ليريقها ولأن في الكتب مالية الورق1 ولا يصح بيع آلة لهو ولا حشرات سوى ما تقدم كفأر وحيات وعقارب ونحوها ولا ميتة ولا شيء منها ولو لمضطر إلا سمكا وجرادا ونحوهما ولا دم خنزير وصنم ولا سباع بهائم وجوارح طير لا تصلح لصيد كنمر وذئب ودب وسبع وغراب وحدأة ونسر وعقعق ونحوها ولا سرجين نجس2 وأدهان نجسة العين من شحوم الميتة وغيرها ولا يحل الانتفاع بها باستصباح ولا غيره ولا بيع نصف معين من إناء وسيف ونحوهما ولا بيع أدهان متنجسة ولو لكافر لحديث: "إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه" ولا يجوز الاستصباح بها في غير مسجد على وجه لا تتعدى نجاسته وإن تدفع إلى كافر في فكاك مسلم ويعلم الكافر بنجاستها لأنه ليس بيعا حقيقة وإن اجتمع من دخانه شيء فهو نجس فإن علق بشيء عفى عن يسيره ويصح بيع نجس يمكن تطهيره كثوب ونحوه ويجوز بيع كسوة الكعبة إذا خلعت وتقدم ولا يصح بيع الحر ولا ما ليس بمملوك كالمباحات قبل حيازتها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هذا تعليل لجواز شراء كتب الزندقة بخلاف الخمر فلا مالية فيها حتى يصح شراءها.
2 السرجين بكسر السين: الروث.

 

ج / 2 ص -62-    وتملكها ولو باع أمة حاملا بحر قبل وضعه صح فيها1.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إنما صح للعلم با لمبيع  وهو الأمة. وحهالة الحمل لا تمنع لعدم دخوله في البيع وكونه حرا كذلك لا يمنع لأنه مستثنى من البيع با لشرع.

فصل: الرابع: أن يكون مملوكا
كالبائعة ملكا تاما حتى أسير أو مأذونا له في بيعه وقت إيجاب وقبول ولو لم يعلم بأن ظنه لغيره فبان قد ورثه أو قد وكل فيه - كموت أبيه وهو وارثه أو توكيله1 فإن باع ملك غيره بغير إذنه ولو بحضرته وسكوته أو اشترى له بعين ماله شيئا بغير إذنه لم يصح وإن اشترى له في ذمته بغير إذنه صح إن لم يسمه في العقد سواء نقد الثمن من مال الغير أو لا فإن أجازه من اشترى له ملكه من حين العقد وإلا لزم من اشتراه فيقع الشراء له وإن حكم بصحة مختلف فيه كتصرف فضولي بعد إجازته صح من الحكم لا من حين العقد2 ولا يصح بيع معين لا يملكه ليشتريه ويسلمه بل موصوف غير معين بشرط قبضه أو قبض ثمنه في مجلس العقد كسلم ويأتي قريبا ولا يصح بيع ما فتح عنوة ولم يقسم وتصح إجازته كأرض الشام والعراق ومصر ونحوها لأن عمر رضي الله عنه وقفها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صح التصرف قبل العلم بإرثه أو الوكالة فيه: لأن العبرة في المعاملات بما في نفس الأمر فلا اشتراط للعلم بذلك وقوله: أو توكيله فاعل بفعل مقدر تقديره أو بان الخ.
2 الفضولي هو من يشتري أو يبيع بدلا عن شخص معين لم يأذن له، وتصرفه باطل بخلاف من اشترى في ذمته كما ذكر قبل ذلك. ولو حكم حاكم بصحة تصرف الفضولي إذا أجيز بعد كان بمقتضى مذهب الحاكم تصرفه صحيحا من حين الحكم فقط وقبل ذلك باطل. وقيل يكون صحيحا من حين العقد.

 

ج / 2 ص -63-    على المسلمين وأقرها في أيدي أربابها بالخراج الذي ضر به أجرة لها في كل عام ولم يقدر عمر مدتها لعموم المصلحة فيها ويصح بيع المساكن الموجودة حال الفتح أو حدثت بعده وآلتها منها أو من غيرها كبيع غرس محدث وكذا إن رأى الإمام المصلحة في بيع شيء منها فباعه أو وقفه أو أقطعه إقطاع تمليك - وقال في الرعاية في حكم الأراضي المغنومة وله إقطاع هذه الأرض والدور والمعادن إرفاقا لا تمليكا ويأتي ومثله لو بيعت وحكم صحته حاكم يراه قاله الموفق وغيره - إلا أرضنا من العراق فتحت صلحا على أنهم لهم وهي الحيرة وألّيس وبانقيا وأرض بني صلوبا ولا يصح وقف غيره ونفعه والمراد منه باق - ويأتي في الوقف - ولا يصح بيع رباع مكة وهي المنازل ودار الإقامة ولا الحرم كله وكذا بقاع المناسك وأولى إذ هي كالمساجد لأنها فتحت عنوة ولا إجارة ذلك فإن سكن باجرة لم يأثم بدفعها ولا يملك ماء عد: وهو الذي له مادة لا تنقطع كمياه العيون ونقع البئر ولا ما في معدن جار كملح وقار ونقط ونحوها ولا كلأ وشوك نبت في أرضه قبل حيازته بملك أرض فلا يصح بيعه ولا يدخل في بيعها كأرض مباحة ولكن صاحب الأرض أحق به لكونه في أرضه قاله الموفق وغيره ومن حاز من ذلك شيئا ملكه إلا أنه يحرم دخول ملك غيره بغير إذنه لأجل أخذ ذلك إن كان محوطا عليها وإلا جاز بلا ضرر ولو استأذنه حرم منعه إن لم يحصل ضرر وسواء كان ذلك موجودا في الأرض خفيا أو حدث بها بعد ملكها ولو حصل في أرضه سمك أو عشش

 

ج / 2 ص -64-    فيها طائر لم يملكه - ويأتي في الصيد - والمصانع المعدة لمياه الأمطار وجرى إليها ماء من نهر غير مملوك يملك ماؤها بحصوله فيها ويجوز بيعه إذا كان معلوما ولا يحل أخذ شيء منه بغير إذن مالكه والطلول التي تجتنى منها النحل ككلأ وأولى ولا حق على أهل النحل لأهل الأرض التي يجني منها - قال الشيخ: لأن ذلك لا ينقص من ملكهم شيئا - فأما المعادن كمعادن الذهب والفضة والصفر والرصاص والكحل وسائر الجواهر كالياقوت والزمرد والفيروزج ونحوها فتملك بملك الأرض على ما يأتي ويجوز لربها بيعه ولا تؤخذ بغير إذنه ويستوي الموجود فيها قبل ملكها خفيا وما حدث بعده كما تقدم.

فصل: الخامس: أن يكون مقدورا على تسليمه
فلا يصح بيع آبق علم مكانه أو جهله ولو لقادر على تحصيله وكذا جمل شارد وفرس غائر ونحوهما ولا نحل وطير في الهواء يألف الطير الرجوع أولا ولا سمك في لجة ماء فإن كان الطير في مكان مغلق ويمكن أخذه منه أو السمك في ماء صاف يشاهد فيه غير متصل بنهر ويمكن أخذه منه صح ولو طالت مدة تحصيله ولا يصح بيع مغصوب إلا لغاصبه أو قادر أخذه منه فإن عجز عن تحصيله فله الفسخ.

فصل: السادس: أن يكون معلوما لهما
برؤية تحصل بها معرفته مقارنة له وقت العقد أو لبعضه إن دلت على بقيته وإلا فلا تكفي رؤية أحد وجهي ثوب غير منقوش ورؤية وجه الرقيق وظاهر الصبرة

 

ج / 2 ص -65-    المتساوية الأجزاء من حب وقز وتمر ونحوها وما في ظروف وأعدال من جنس واحد متساوي الأجزاء ونحو ذلك ولا يصح بيع إلا نموذج بأن يريه صاعه ويبيعه الصبرة على أنها من جنسه وما عرف بلمسه أو شمه أو ذوقه فكرؤيته ويحصل العلم بمعرفته ويصح بصفة وهو نوعان أحدهما بيع عين معينة سواء كانت العين غائبة مثل أن يقول بعتك عبدي التركي ويذكر صفاته أو حاضرة مستورة كجارية منتقبة وأمتعة في ظروفها أو نحو ذلك فهذا ينفسخ العقد عليه برده على البائع وتلفه قبل قبضته ويجوز التفريق قبل قبض الثمن وقبل المبيع كحاضر ويجوز تقديم الوصف في بيع الأعيان على العقد كما يجوز تقديم الرؤية ذكره القاضي محل وفاق - وكذلك يجوز تقديم الوصف في السلم على العقد ولا فرق بينهما فلو قال: أريد أن أسلفك في كر حنطة1 ووصفه بالصفات فلما كان بعد ذلك قال قد أسلفتك في كر حنطة على الصفات التي تقدم ذكرها وعجل الثمن جاز،
والثاني: بيع موصوف غير معين ويصفه بصفة تكفي في السلم إن صح السلم فيه مثل أن يقول: بعتك عبدا تركيا ثم يستقصي صفات السلم فيه فهذا في معنى السلم فمتى سلم إليه عبدا على غير ما وصفه له فرده أو على ما وصف له فأبدله لم يفسد العقد ويشترط في هذا النوع قبض المبيع أو قبض ثمنه في مجلس العقد وبرؤية متقدمة بزم لا يتغير فيه المبيع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الكر بضم الكاف وتشديد الراء يطلق على مكيال عراقي. وقد يقدر بستين قفيزا أو أربعين أدربا:اهـ قاموس.

 

ج / 2 ص -66-    يقينا أو ظاهرا مع غيبة المبيع ولو في مكان بعيد لا يقدر على تسليمه في الحال لكن يقدر على استحضاره غير آبق ونحوه ثم إن وجده لم يتغير فلا خيار له وإن وجده متغيرا فله الفسخ على التراخي ويسمى خيار الخلف في الصفة إلا أن يوجد منه ما يدل على الرضا من سوم ونحوه لا بركوب الدابة في طريق الرد ومتى أبطل حقه من رده فلا أرش له وإن اختلفا في الصفة أو التغير فالقول قول المشتري وإن كان يفسد في الزمن أو يتغير يقينا أو ظاهرا أو شكا لم يصح ولو قال: بعتك هذا البغل بكذا فقال اشتريته فبان فرسا أو حمارا لم يصح ولا يصح استصناع سلعة لأن باع ما ليس عنده على غير وجه السلم1 ويصح بيع أعمى وشراؤه بالصفة كما تقدم نصا كتوكيله بصيرا وله خيار الخلف في الصفة وبما يمكنه معرفته بغير حدسة البصر كشم ولمس وذوق وإن اشترى ما لم يره وما لم يوصف له أو رآه ولم يعلم ما هو أو ذكره له م صفته ما لا يكفي في السلم لم يصح البيع وحكم ما لم يره بائع حكم مشتر فيما تقدم ولا يصح بيع الحمل مفردا وهو بيع المضامين والمجر2 ولا مع أمة: بأن يعقد عليه معها ومطلق البيع يشمله تبعا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ومن ذلك ما هو فاش بيننا: كأن تدفع العربون على أن يصنع لك حذاء بمائة أو ينسج لك ثوبا بمائتين وذلك غير بيع العربون بالجواز فإن المبيع في الثاني يكون معلوما غايته أن باقي الثمن مؤجل يحضره.
2 المضامين جمع مضمون: وهو ما في صلب الفحل من ماء التلقيح والمجر بفتح الميم وكسرها مع سكون الجيم وفتحها ما في بطن الناقة.

 

ج / 2 ص -67-    كالبيض واللبن ولا بيع ما في أصلاب الفحول ولا عسب الفحل1 ولا بيع حبل الحبلة ومعناه نتاج النتاج ولا اللبن في الضرع والبيض في الطير والمسك في الفار والنوى في التمر والصوف على الظهر ولا ما قد تحمل هذه الشجرة أو الشارة ولا بيع الملامسة والمنابذة بان يبيعه شيئا ولا يشاهده فيقول أي ثوب لمسته أو نبذته أو لمست أو بنذت فهو بكذا ولا بيع مستور في الأرض يظهر ورقه فقط كلفت وفجل وجزر وقلقاس وبصل وثوم ونحوه قبل قلعه ومشاهدته ويصح بيع ورقه المنتفع به ولا بيع ثوب مطوي ولا ثوب نسج بعضه على أن ينسج بقيته فإن خص اللحمة وباعها مع الثوب وشرط على البائع نسجها صح إذ هو اشتراط منفعة البائع على ما يأتي في الشروط في البيع ولا يصح بيع العطاء قبل قبضه وهو قسطه في الديوان ولا رقعة به ولا بيع معدن وحجارته والسلف فيه ولا بيع الحصاة - وهو أن يقول: ارم هذه الحصاة فعلى أي ثوب وقعت فهو لك بكذا أو يقول بعتك من هذه الأرض قدر ما تبلغ هذه الحصاة إذا رميتها بكذا أو يقول بعتك هذا بكذا على أني متى رميت هذه الحصاة وجب البيع - وكلها فاسدة2 ولا بيع عبد غير معين ولا عبد من عبدين أو من عبيد ولا شاة من قطيع ولا شجرة في بستان ولا هؤلاء العبيد إلا واحدا غير معين ولا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ما في أصلاب الفحول هو معنى المضامين وعسب الفحل هو ضرابه للأنثى.
2 فساد هذه البيوع لما ورد فيها من الأحاديث الكثيرة، ولما فيها من الجهالة والغرر وذلك ينافي ما اشترط في المبيع من علم به وقدرة على تسليمه الخ.

 

ج / 2 ص -68-    هذا القطيع إلا شاة غير معينة ولو تساوت القيمة في ذلك كله وإن استثنى معينا من ذلك يعرفانه جاز.

فصل: وإن باعه قفيزا من هذه الصبرة
وهي الكومة المجموعة من طعام وغيره صح إن تساوت أجزاؤها وكانت أكثر من قفيز ككلها أو جزء مشاع منها سواء علما مبلغ الصبرة أو جهلاه للعلم بالمبيع في الأولى بالقدر في الثانية بالأجزاء وكذا رطل من دن أو من زبرة حديد ونحوه وإن تلفت إلا واحد فهو المبيع ولو فرق قفزانها وباع واحدا مبهما مع تساوي أجزائها صح وإلا فلا وإن قال بعتك قفيزا من هذه الصبرة إلا مكوكا1 جاز لأنهما معلومان وإن قال بعتك هذه الصبرة بأربعة دراهم إلا بقدر صح وصار كأنه قال بعتك ثلاثة أرباع هذه الصبرة بأربعة دراهم وإن قال إلا ما يساوي درهما لم يصح وإن اختلف أجزاء الصبرة كصبرة بقال القرية والمحدر من قرية إلى قرية بجمع ما يبيع به من البر مثلا أو الشعير المختلف الأوصاف وباع قفيزا منها لم يصح وإن باعه الصبرة إلا قفيزا أو إلا أقفزة لم يصح أن جهلا قفزانها وإلا صح واستثناء صاع من ثمرة بستان كاستثناء قفيز من صبرة ولو استثنى مشاعا من صبرة أو حائط كشك أو ربع أو ثلاثة أثمان صح البيع والاستثناء وإن باعه ثمرة الشجرة إلا صاعا لم يصح ويصح بيع الصبرة جزافا مع جهلهما أو علمهما ومع علم بائع وحده يحرم ويصح ولمشتر الرد وكذا علم مشتر وحده ولبائع الفسخ ولا يشترط

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المكوك مكيال كالويبة في اصطلاحنا.

 

ج / 2 ص -69-    معرفة باطن الصبرة ولا تساوي موضعها ولا يحل لبائعها أن يغشها بان يجعلها على دكة أو ربوة أو حجر ينقصها أو يجعل الرديء أو المبلول في باطنها وإذا وجد ذلك ولم يكن للمشتري به علم فله الخيار بين الفسخ وأخذ تفاوت ما بينهما وإن ظهر تحتها حفرة أو باطنها خيرا من ظاهرها فلا خيار للمشتري وللبائع الخيار إن لم يعلم كما لو باع بعشرين درهما فوزنها بصنجة ثم وجد الصنجة زائدة كان له الرجوع وكذا مكيال زائد ولا يشترط معرفة عدد رقيق وثياب ونحوهما إذا شاهده صبرة وكلما تساوت أجزاؤه من حبوب وأدهان ومكيل وموزون ولو أثمانا فحكمه حكم الصبرة فيما ذكر فيها وما لا تتساوى أجزاؤه كأرض وثوب ونحوهما فتكفي فيه الرؤية ولو قال بعتك هذه الدار وأراه حدودها أو جزءا مشاعا منها كالثلث ونحوه أو عشرة أذرع وعين الطرفين صح وإن عين ابتداءها ولم يعين انتهاءها لم يصح نصا وكذا من ثوب ومثله يعني نصف دارك التي تلي داري - قال أحمد لأنه لا يدري إلى أين ينتهي - وإن قصد الإشاعة صح وإن باعه أرضا إلا جريبا أو جريبا من أرض وهما يعلمان جربانها صح وكان مشاعا فيها وإلا لم يصح وكذا الثوب وإن باعه أرضا من هنا إلى هنا صح وإن قال بعتك من هذا الثوب من هذا الموضع إلى هذا صح فإن كان القطع لا ينقصه أو شرطه البائع قطعاه وإن كان ينقصه وتشاحا صح وكانا شريكين فيه وإن باعه نصفا معينا من حيوان لم يصح - وتقدم

 

ج / 2 ص -70-    بعضه وإن باعه حيوانا مأكولا إلا رأسه وجلده وأطرافه صح سفرا وحضرا وإن باع ذلك منفردا لم يصح والذي يظهر أن المراد بعدم الصحة إذا لم تكن الشاة للمشتري فإن كانت له صح كبيع الثمرة قبل بدو صلاحها لمن الأصل له فإن امتنع مشتر من ذبحه لم يجبر إذا أطلق العقد ولزمته قيمة المستثنى تقريبا فإن اشترط البائع الذبح ليأخذ المستثنى لزم المشتري الذبح ودفع المستثنى - قاله في شرح المحرر - وللمشتري الفسخ لعيب يختص هذه المستثنى وإن استثنى حمله من حيوان أو أمة أو شحمه أو رطلا من لحمه أو شحمه أو باعه سمسما واستثنى كسبه أو شيرجه أو قطنا واستثنى حبه لم يصح كبيع ذلك منفردا وكذا الطحال والكبد ونحوهما ولو استثنى مشاعا معلوما من شاة كربع صح لا ربع لحمها ويصح بيع حامل بحر وتقدم وبيع حيوان مذبوح وبيع لحمه في جلده وبيع جلده وحده ولو عد ألف جوزة ووضعها في كيل ثم فعل مثل ذلك بلا عد لم يصح ويصح بيع ما مأكوله في جوفه كرمان وبيض وجوز ونحوها وبيع الباقلا والجوز واللوز ونحوه في قشره مقطوعا وفي شجره والطلع قبل تشققه وبيع الحب المشتد في سنبله مقطوعا وفي شجره.

فصل: السابع: أن يكون الثمن معلوما
حال العقد ولو صبرة بمشاهدة وبوزن صنجة لا يعلمان وزنها وبما يسع هذه الكيل ولو كان بموضع فيه كيل معروف وبنفقة عبده شهرا فلو فسخ العقد رجع بقيمة المبيع عند تعذر معرفة الثمن ولو أسرا ثمنا بلا عقد ثم عقداه

 

ج / 2 ص -71-    بآخر فالثمن الأول1 وإن عقداه سرا بثمن وعلانية بآخر بالأول وإن باعه السلعة برقمها أي المكتوب عليها أو بما باع به فلان ولم يعلماه أو احدهما أو بألف درهم ذهبا وفضة أو أسقط لفظة درهم أو بما ينقطع به السعر أو بدينار مطلق وفي البلد نقود كلها رائجة لم يصح وإن كان فيه نقد واحد أو نقود واحدها الغالب صح وانصرف إليه وإن باعته بعشرة صحاحا أو أحد عشرة مكسرة أو بعشرة نقدا أو عشرين نسيئة لم يصح مالم يتفرقا على أحدهما ولا بمائة على أن أراهن بها وبالقرض الذي لك هذا2 وإن باعه الصبرة كل قفيز بدرهم والقطيع كل شاة بدرهم والثوب كل ذراع بدرهم صح لأمنها كل قفيز بدرهم ونحوه3 وإن قال بعتك هذه الصبرة بعشرة دراهم على أن أزيدك قفيزا أو أنقصك قفيزا لم يصح لأنه لا يدري أيزيده أم ينقصه ولو قال على أن أزيدك قفيزا لم يصح وإن قال على أن أزيدك قفيزا من هذه الصبرة الأخرى أو وصفه صفة يعلم بها صح وإن قال على أن أنقصك قفيزا لم يصح وإن قال بعتكها كل قفيز بدرهم على أن أزيدك قفيزا من هذه الصبرة الأخرى لم يصح،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صورة ذلك أن يتفق اثنان في سلعة على أنها بعشرة ثم يعقد أن بيعها جهرة على أنها بعشرين ثم يختلف البائع فالثمن هو ما أسراه أولا.
2 إنما يطل ذلك لأنه من قبيلي البيعتين في بيعة وهو باطل ولأن الثمن هو مائة وجزء من منفعة الوثيقة رهنا وذلك الجزء مجهول أدى إلى الجهالة بالثمن.
3 وجه البطلان في ذلك أن لفظه من تدل على التبعيض ولفظة كل تدل على تعدد المبيع. وربما كان البعض غير متعدد فيكون ذلك جهلا بالمبيع بخلاف ما لو حذفت لفظة من فإن البيع يكون واقعا على الصبرة جميعا.

 

ج / 2 ص -72-    ولو قصد أني أحط ثم قفيز من الصبرة لا احتسب به لم يصح1 وإن علما قدر قفزانها أو قال هذه عشرة أقفزة بعتكها كل قفيز بدرهم على أن أزيدك قفيزا من هذه الصبرة أو ووصفه بصفة يعلم بها صح لأن معناه بعتك كل قفيز وعشر قفيز بدرهم وإن لم يعلم القفيز أو جعله هبة لم يصح وإن أراد إني لا احتسب عليك بثمن قفيز منها صح وإن قال على أن أنقصك قفيزا صح لأن معناه بعتك تسعة أقفزة بعشرة دراهم ومالا تتساوى أجزاؤه كأرض وثوب وقطيع غنم فيه نحو من مسائل الصبرة وإن باعه بمائة درهم إلا دينارا أو إلا قفيزا من حنطة أو غيره لم يصح ويصح بيع دهن وعسل وخل ونحوه في ظرفه معه موازنة كل رطل بكذا سواء علما مبلغ كل منهما أو لا وإن احتسب بزنة الظرف على مشتر وليس مبيعا وعلما مبلغ كل منهما صح وإلا فلا لجهالة الثمن فإن باعه جزافا بظرفه أو دونه أو باعه إياه في ظرفه كل رطل بكذا على أن يطرح منه وزن الظرف صح وإن اشترى زينا أو سمنا في ظرف فوجد فيه ربا صح البيع في الباقي بقسطه وله الخيار ولم يلزمه بدل الرب2.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لأن القفيز المنقوص أو المزاد في هذه الصور الثلاثة أدى إلى الجهالة في الثمن بالنسبة للباقي فبطل البيع.
2 الرب بضم الراء ثقل الزيت والسمن.

 

ج / 2 ص -73-    فصل:- في تفريق الصفقة:
وهو أن يجمع بين ما يصح بيعه وما لا يصح صفقة واحدة بثمن واحد وله ثلاث صور: إحداها باع معلوما ومجهولا تجهل قيمته فلا مطمع في معرفته ولم يقل كل منهما بكذا كقوله: بعتك هذه الفرس وما في بطن هذه الفرس الأخرى بكذا فلا يصح فإن لم يتعذر علمه أو قاله كل منهما بكذا صح في المعلوم بقسطه وفي قول كل منهما بكذا بما سماه.
والثانية: باع مشاعا بينه وبين غيره بغير إذن شريكه كعبد مشترك بينهما أو ما ينقسم عليه الثمن بالأجزاء كقفيزين متساو بين لهما فيصح في نصيبه بقسطه وللمشتري الخيار إذا لم يكن عالما وله الأرش أن أمسك فيما ينقصه التفريق - ذكره في المغني وغيره في الضمان - ولو وقع العقد على شيئين يفتقر إلى القبض فيهما فتلف أحدهما قبل قبضه فقال القاضي للمشتري الخيار بين إمساك الباقي بحصته وبين الفسخ.
والثالثة: باع عبده وعبد غيره بغير إذنه أو عبدا وحرا أو خلا وخمرا صفقة واحدة فيصح في عبده وفي الخل بقسطه على قدر قيمة المبيعين ويقدر الخمر خلا والحر عبدا ولمشتر الخياران جهل الحال وقت العقد وإلا فلا خيار له ولا خيار للبائع وإن وقع العقد على مكيلي أو موزون فتلف بعضه قبل قبضه لم ينفسخ العقد في الباقي سواء كانا من جنس واحد أو من جنسين ويأتي في الخيار في البيع وإن باع عبده وعبد غيره بإذنه بثمن واحد صح ويقسط على قدر القيمة ومثله بيع عبديه لاثنين بثمن واحد لكل واحد منهما عبد أو اشتراهما منهما أو من وكيلهما أ كان لاثنين عبدان لكل واحد منهما عبد فباعاهما لرجلين بثمن واحد ومثله الإجارة ولو اشتبه عبده بعيد غيره لم يصح بيع أحدهما قبل القرعة وإن جمع مع بيع إجارة أو صرفا

 

ج / 2 ص -74-    أو خلعا أو نكاحا بعوض واحد صح فيهن ويقسط الثمن على قيمتهما ومهر مثل في خلع ونكاح كقيمة وإن جمع بين كتابة وبيع فكاتب عبده وباعه شيئا صفقة واحدة مثل أن يقول بعتك عبدي هذا وكاتبتك بمائة كل شهر عشرة بطل البيع وصحت الكتابة بقسطها كما تقدم.

فصل:- ويحرم ولا يصح البيع ولا الشراء قليله وكثيره ممن تلزمه الجمعة
ولو كان أحد العاقدين وكره للآخر أو وجد أحد شقي البيع بعد الشروع في ندائها الثاني الذي عند الخطبة قال المنقح أو قبله لمن منزله بعيد بحيث أنه يدركها فإن كان في البلد جامعان تصح الجمعة فيهما فسبق نداء أحدهما لم يجز البيع قبل نداء الآخر صححه في الفصول ويحرم الصناعات كلها ويستمر التحريم إلى انقضاء الصلاة ومحله إن لم تكن ضرورة أو حاجة كمضطر إلى طعام أو شراب إذا وجده يباع أو عريان وجد سترة تباع أو ما للطهارة وكذا كفن ميت ومؤنة بتجهيزه إذا خيف عليه الفساد بالتأخير ووجود أبيه ونحوه يباع مع من لو تركه معه ذهب وشراء مركوب لعاجز وضرير لا يجد قائما ونحوه ووجد ذلك يباع وكذا لو تضايق وقت مكتوبة غيرها ولو أمضى بيع خيار أو فسخه صح كسائر العقود من النكاح والإجارة والصلح وغيرها وتحرم مساومة ومناداة ونحوهما مما يشغل كالبيع ويكره شرب الماء بثمن حاضر أو في الذمة ولا يصح بيع ما قصد به الحرام كعنب وعصير لمتخذهما خمرا ولو لذمي ولا سلاح ونحوه في فتنة أو لأهل حرب أو لقطاع طريق إذا علم ذلك ولو بقرائن ويصح بيع السلاح لأهل العدل لقتال البغاة وقطاع الطريق

 

ج / 2 ص -75-    ولا يصح بيع مأكول ومشروب ومشموم لمن يشرب عليه مسكرا ولا أقداح ونحوها لمن يشربه بها وبيض وجوز ونحوها لقمار ولا بيع غلام وأمة لمن عرف دبر أو للغناء وكذا إجارتهما ومن اتهم بغلامه فدبره وهو فاجر معلن أحيل بينهما كمجوسي تسلم أخته ويخاف أن يأتيها ولا يجوز شراء البيض والجوز الذي اكتسبوه من القماء ولا أكله ويصح البيع ممن قصد ألا يسلم الميبع أو ثمنه ولا يصح بيع عبد مسلم لكافر ولو كان وكيلا لمسلم إلا أن يعتق عليه بملكه وإن أسلم عبد الذمي أجبر على إزالة ملكه عنه ولا تكفي كتابته ويدخل العبد المسلم في ملك الكافر ابتداء بالإرث واسترجاعه بإفلاس المشتري وإذا رجع في هبته لولده وإذا رد عليه بعيب وإذا اشترى من يعتق عليه كما تقدم وإذا باعه بشرط الخيار مدة وأسلم العبد فيها وإذا وجد الثمن المعين معيبا فرده وكان قد أسلم العبد وفيما إذا ملكه الحربي وفيما إذا قال الكافر لشخص اعتق عبدك المسلم عني وعلى ثمنه ففعل كما يأتي في باب الولاء ويحرم سومه على سوم أخيه مع رضا البائع صريحا وهو أن يتساوما في غير المناداة فأما المزايدة في المنادة فجائزة ويصح البيع وكذا سوم إجازة وكذا استئجاره على إجازة أخيه في مدة خيار ويحرم ولا يصح بيعه على بيع أخيه زمن الخيارين وهو أن يقول لمن اشترى سلعة بعشرة أنا أعطيك خيرا منها بثمنها أو أعطيك مثلها بتسعة أو يعرض عليه سلعة يرغب فيها المشتري لينفسخ البيع ويعقد معه ولا شراؤه على شرائه: وهو أن يقول لمن باع سلعة بتسعة عندي

 

ج / 2 ص -76-    فيها عشرة ليفسخ ويعقد معه وكذا اقتراضه على اقتراضه وإتهابه على اتهابه وكذا افتراضه - بالفاء - في الديوان وطلبه العمل من الولايات ونحو ذلك وكذا المسافاة والمزارعة والجعالة ونحو ذلك وكذا بيع حاضر لباد لبقاء النهي عنه بخمسة شروط: أن يحضر البادي - وهو من يدخل البلد من غير أهلها ولو غير بدوي - لبيع سلعته - بسعر يومها جاهلا بالسعر - وبقصده حاضر عارف بالسعر - وبالناس إليها حاجة فإن اختل شرط منها صح البيع ويصح شراؤه له وإن أشار حاضر على باد ولم يباشر له بيعا لم يكره وإن استشاره البادي وهو جاهل بالسعر لزمه بيانه له لوجوب النصح.

فصل:- ومن باع سلعة بنسيئة
أو بثمن لم يقبضه صح وحرم عليه شراؤها ولم يصح نصا بنفسه أو بوكيله بأقل مما باعها بنقد أو نسيئة ولو بعد حل اجله نصا1 إلا أن تتغير صفتها بما ينقصها أو يقبض ثمنها وإن اشتراها أبوه أو ابنه ونحوهما ولا حيلة أو اشتراها من غير مشتريها أو بمثل الثمن أو بنقد آخر غير الذي باعها به أو اشتراها بعوض أو باعها بعوض ثم اشتراها بنقد صح ولم يحرم وإن قصد بالعقد الأول الثاني بطلا - قاله الشيخ: وقال هو قول أحمد و أبي حنيفة و مالك: قال في الفروع: ويتوجه أنه مراد من أطلق - وهذه المسألة تسمى العينة لأن مشتري السلعة إلى أجل يأخذ بدلها عينا أي نقدا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لم يجز شراء السلعة في هذه الصورة لأن ذلك وسيلة إلى الربا وقد ورد الحديث أيضا ببطلانه عن عائشة رضي الله عنها.

 

ج / 2 ص -77-    حاضرا وعكسها مثلها - قال الشيخ: ويحرم على صاحب الدين أن يمتنع من انتظار المعسر حتى يقلب عليه الدين ومتى قال أما تقلب وأما أن تقوم معي إلى عند الحاكم وخاف أن يحبسه الحاكم لعدم ثبوت إعساره عنده وهو معسر فقلب على هذا الوجه كانت هذه المعاملة حراما غير لازمة باتفاق المسلمين فإن الغريم مكره عليها بغير حق ومن نسب جواز القلب على المعسر بحيلة من الحيل إلى مذهب بعض الأئمة فقد اخطأ في ذلك وغلظ وإنما تنازع الناس في المعاملات الاختيارية مثل التورق والعينة انتهى - ولو احتاج إلى نقد فاشترى ما يساوي مائة بمائة وخمسين فلا بأس وهي مسألة التورق وإن باع ما يجري فيه الربا نسيئة ثم اشترى بثمنه الذي في ذمته قبل قبضته من جنسه أو ما لا يجوز بيعه به نسيئة لم يجز فإن اشتراه بثمن آخر وسلمه إليه ثم أخذه منه وفاء أو لم يسلمه إليه بل اشترى في ذمته وقاصه جاز ويحرم التسعير وهو أن يسعر الإمام على الناس سعرا ويجبرهم على التبايع به ويكره الشراء منه وإن هدد من خالف حرم وبطل ويحرم قوله بع كالناس وأوجب الشيخ إلزامهم المعارضة بثمن المثل وأنه لا نزاع فيه لأنه مصلحة عامة لحق الله تعالى ولا تتم مصلحة الناس إلا بها كالجهاد وكره أحمد البيع والشراء من مكان ألزم الناس بهما فيه لا الشراء ممن اشترى منه ويحرم الاحتكار في قوت الآدمي فقط وهو أن يشتريه للتجارة ويحبسه ليقل فيغلو ويصح الشراء ولا يحرم في الأدام كالغسل والزيت ونحوهما ولا علف

 

ج / 2 ص -78-    البهائم - وفي الرعاية الكبرى وغيرها أن من جلب شيئا أو استغله من ملكه أو مما استأجره أو اشترى زمن الرخص ولم يضيق على الناس إذن أو اشتراه نم بلد كبير كبغداد والبصرة ونحوهما فله حبسه حتى يغلو وليس بمحتكر نصا وترك ادخاره لذلك أولى انتهى ويجبر المحتكر على بيعه كما يبيع الناس فإن أبى وخيف التلف فرقه الإمام ويردون مثله وكذا سلاح ولا يكره ادخاره قوت لأهله ودوابه سنة وسنتين نصا وإذا اشتدت المخمصة في سنة المجاعة وأصابت الضرورة خلقا كثيرا وكان عند بعض الناس قدر كفايته وكفاية عياله لم يلزمه بذله للمضطرين وليس لهم أخذه منه - ويأتي آخر الأطعمة - ومن ضمن مكانا ليبيع فيه ويشتري وحده كره الشراء منه بلا حاجة ويحرم عليه أخذ زيادة بلا حق ويستحب الإشهاد في البيع إلا في قليل الخطر كحوائج البقال والعطار وشبهها ويحرم البيع والشراء في المسجد فإن فعل فباطل وتقدم في الاعتكاف.

باب الشروط في البيع وأقسامها
فصل:- وهي جمع شرط ومعناه هنا إلزام أحد المتابعين الآخر بسبب العقد ما له فيه منفعة ويعتبر لترتيب الحكم عليه مقارنته للعقد قاله في الانتصار هي ضربان:
الأول: صحيح لازم - وهو ثلاثة أنواع: أحدهما شرط مقتضى عقد البيع كالتقابض وحلول الثمن وتصرف كل واحد منهما فيما يصير إليه

 

ج / 2 ص -79-    ونحوه فلا يؤثر ذكره فيه: الثاني شرط من مصلحة العقد كاشتراط صفة في الثمن كتأجيله أو بعضه أو رهن معين ولو المبيع أو ضمين معين به وليس له طلبهما بعد العقد لمصلحة أو اشتراط صفة في البيع ككون العبد كاتبا أو خصيا أو ذا صنعة يعينها أو مسلما أو الأمة بكرا أو تحيض أو الدابة هملاجة أو لبونا أو غزيرة اللبن أو الفهد صيودا أو الطير مصوتا أو يبيض أو يجيء من مسافة معلومة أو الأرض خراجها كذا فيصح لازما فإن وفا به وإلا فله الفسخ أو راش فقد الصفة فإن تعذر رد تعين أرش وإن شرط أن الطير يوقظه للصلاة أو أن الدابة تحلب كل بوم كذا أو الكبش مناطحا أو الديك مناقرا أو اشتراط الغناء أو الزنا في الرقيق لم يصح الشرط وإن شرط العبد كافرا أو الأمة ثيبا كافرة أو أحدهما فبانت أعلى فلا فسخ له كما شرطها سبطة فبانت جعدة أو جاهلة فبانت عالمة وإن شرطها حاملا ولو أمة صح لكن إن ظهرت الأمة حائلا فلا شيء له وإن شرط أنها تحمل أو تضع الولد في وقت بعينه لم يصح وإن شرطها حائلا فبانت حاملا فله الفسخ في الأمة فقط لأنه عيب في الآدميات لا في غيرها - زاد في الرعاية والحاوي إن لم يصر باللحم ويأتي في خيار العيب - ولو أخبره بائع بصفة فصدقه بلا شرط فلا خيار له ذكره أبو الخطاب الثالث شرط بائع نفعا معلوما في المبيع كسكنى الدار شهرا وكحملان البعير إلى موضع معلوم فيصح كحبسه على ثمنه لا وطء الأمة ودواعيه وله إجارة ما استئناه وإعارته لمن يقوم مقامه لا لمن هو أكثر منه ضررا أو إن تلفت العين قبل استيفاء بائع له بفعل

 

ج / 2 ص -80-    مشتر أو تفريطه لزمه أجرة مثله لا إن تلف بغير ذلك أو شرط مشتر نفع بائع في مبيع كحمل الحطب أو تكسيره أو خيطاطة ثوب أو تفصيله أو حصاد زرع أو جز رطبة ونحوه صح إن كان معلوما ولزم البائع فعله فلو شرط الحمل إلى منزله وهو لا يعرفه لم يصح وإن باع المشتري العين المستثنى نفعها صح البيع وتكون في يد المشتري الثاني مستثناة أيضا وإن كان عالما بذلك فلا خيار له كمن اشترى أمة مزوجة أو دار مؤجرة وإلا فله الخيار وإن جمع بين شرطين ولو صحيحين لم يصح البيع إلا أن يكونا من مقتضاه أو من مصلحته ويصح تعليق فسخ بشرط ويأتي تعليق خلع بشرط وإن أراد المشتري أن يعطي البائع ما يقوم مقام المبيع في المنفعة أو يعوضه عنها لم يلزمه قبول وإن تراضيا على ذلك جاز وإن أقام البائع مقامه من يعمل العمل فله ذلك لأنه بمنزلة الأجير المشترك وإن أراد بذل العوض عن ذلك لم يلزم المشتري قبوله وإن أراد المشتري أخذ العوض عنه لم يلزم البائع بذله وإن تراضيا على ذلك جاز وإن تعذر العمل بتلف المبيع أو استحق أو بموت البائع رجع المشتري بعوض ذلك وإن تعذر بمرض أقيم مقامه من يعمل والأجر عليه كالإجارة.

فصل:- الضرب الثاني
فاسد يحرم اشتراطه وهو ثلاثة أنواع: أحدها أن يشترط أحدهما على صاحبه عقدا آخر كسلف أو قرض أو بيع أو إجارة أو شركة أو صرف الثمن أو غيره فيبطل البيع وهو بيعتان في بيعة المنهي عنه - قال أحمد - وكذلك كل ما كان في معنى ذلك

 

ج / 2 ص -81-    مثل أن يقول على أن تزوجني أبنتك أو على أن أزوجك ابنتي وكذا على أن تنفق على عبدي أو داري أو على حصتي من ذلك قرضا أو مجانا الثاني: شرط في العقد ما ينافي مقتضاه نحو أن يشترط إلا خسارة عليه أو متى نفق المبيع و إلا رده أو إلا يبيع ولا يهبه ولا يعتقه أو أن أعتق فلا ولاء له أو يشترط أن يفعل ذلك أو وقف المبيع فهذا لا يبطل البيع والشرط باطل في نفسه إلا العتق فيصح ويجبر عليه إن أباه لأنه حق لله تعالى كالنذر فإن امتنع اعتقه حاكم عيه وإن شرط رهنا فاسدا كخمر ونحوه وخيارا أو أجلا مجهولين أو تأخير تسليم مبيع بلا انتفاع لغا الشرط وصح البيع ويلزم الرهن في بابه وللذي فات غرضه في الكل علم بفساد الشرط أولا - الفسخ أو أرش ما نقص من الثمن بإلغائه إن كان بائعا أو ما زاد إن كان مشتريا الثالث: أن يشترط شرطا يلعق البيع عليه كقوله: بعتك أن جئتني بكذا أو أن رضي فلان أو يقول للمرتهن إن جئتك بحقك في محله وإلا فالرهن لك مبيعا بمالك فلا يصح البيع إلا بعت وقبلت إن شاء الله فيصح وإلا بيع العربون وإجارته فيصح وهو أن يشتري شيئا أو يستأجره ويعطي البائع أو المؤجر درهما أو أكثر من المسمى ويقول إن أخذته فهو من الثمن وإلا فالدرهم لك فإن تم العقد فالدرهم من الثمن وإلا فلبائع ومؤجر وإن دفع إليه الدرهم قبل البيع وقال: لا تبع هذه السلعة لغيري وإن لم اشتراها فالدرهم لك ثم اشتراها منه وحسب الدرهم من الثمن صح وإن لم يشترها فلصاحب الدرهم الرجوع فيه ومن علق عتق رقبة ثم باعه عتق ولم ينتقل الملك وإن

 

ج / 2 ص -82-    خلعتك فأنت طالق ففعل لم تطلق وإن قال لزيد إن بعتك هذا العبد فهو حر فقال زيد: إن اشتريته منك فهو حر ثم اشتراه عتق على البائع من ماله قبل القبول.

فصل:- وإن قال: بعتك على أن تنقدني الثمن إلى ثلاثة
أو مدة معلومة وإلا فلا بيع بيننا صح وينفسخ إن لم يفعل وهو تعليق فسخ على شرط كما تقدم وبعتك على أن تنقدني الثمن إلى ثلاثة أو أكثر فإن لم تفعل فلي الفسخ أو قال: اشتريت على أن تسلمني المبيع إلى ثلاث فإن لم تفعل فلي الفسخ صح وله الفسخ إذا فات شرطه وإن باعه سعلة وشرط الراءة من كل عيب أو من عيب كذا إن كان أو بشرط البراءة من الحمل أو مما يحدث بعد العقد وقبل التسليم فالشرط فاسد لا يبرأ به سواء كان العيب ظاهرا أو لم يعلمه المشتري أو باطنا وكذا لو أبرأه من جرح لا يعلم عوده ويصح العقد وإن سمي العيب ووافق المشتري عليه وأبرأه بريء وإن باعه أرضا أو دارا أو ثوبا على أنه عشرة أذرع فبان أكثر فالبيع صحيح والزائد للبائع مشاعا ولكل منهما الفسخ إلا أن المشتري إذا أعطى الزائد مجانا فلا فسخ له وإن اتفقا على إمضائه لمشتر يعوض جاز وإن بان أق فكذلك والنقص على البائع ولمشتر الفسخ وله إمضاء البيع بقسطه من الثمن برضا البائع وإلا فله الفسخ وإن بذاك مشتر جميع الثمن لم يملك البائع الفسخ وإن اتفقا على تعريضه عنه جاز وإن باع صبرة على أنها عشرة أقفزة فبانت أحد عشر فالبيع صحيح والزائد للبائع مشاعا ولا خيار للمشتري وإن بانت تسعة فالبيع صحيح وينقص من الثمن
 

 

ج / 2 ص -83-    بقدره ولا خيار له أيضا والمقبوض بعقد فاسد لا يملك به ولا ينفذ تصرف فيه ويضمنه كالغصب ويلزمه رد الماء المنفصل والمتصل وأجرة مثله مدة بقائه في يده وإن نقص ضمن نقصه وإن تلف فعليه ضمانه بقيمته وإن كانت أمة فوطئها فلا حد عليه وعليه مهر مثلها وارش بكارتها والولد حر وعليه قيمته يوم وضعه وإن سقط ميتا لم يضمنه وعليه ضمان نقص الولادة وإن ملكها الواطئ لم تصر أم ولد: ويأتي في أواخر الخيار في البيع والغصب.

باب الخيار في البيع والتصرف والقبض والإقالة
الخيار: اسم مصدر اختار وهو طلب خير الأمرين وهو على سبعة أقسام: أحدها خيار المجلس فيثبت ولو لم يشترطه في البيع وفي الشركة فيه وفي الصلح على مال والإجارة على عين ولو كانت مدتها تلي العقد أو نفع في الذمة وفي الهبة إذا شرط فيها عوضا معلوما بمعنى أنه يقع جائزا سواء كان فيه خيار شرط أم لا غير كتابة وتولي طرفي عقد بيع وطرفي عقد هبة بعوض وغير قسمة إجبار لأنها إفراز حق لا بيع وغير شراء من يعتق عليه - قال المنقح: أو يعترف بحريته قبل الشراء - ويثبت فيما قبضه شرط لصحته كصرف وسلم وبيع مال الربا بجنسه ولا يثبت في بقية العقود كالمساقاة والمزارعة والحوالة والإقالة والأخذ بالشفعة والجعالة والشركة والوكالة والمضاربة والعارية والهبة

 

ج / 2 ص -84-    بغير عوض والوديعة والوصية قبل الموت ولا في النكاح والوقف والخلع والإبراء والعتق على مال والرهن والضمان والكفالة ولكل من المتبايعين الخيار ما لم يتفرقا بأبدانهما عرفا ولو أقاما فيه شهرا أو أكثر ولو كرها لا إن تفرقا كرها ومعه لا يسقط ويبقى الخيار في مجلس زال إلا كراه فيه فإن أكره أحدهما انقطع خيار صاحبه ويبقى الخيار للكره منهما في المجلس الذي زال فيه إلا كراه حتى يتفرقا عنه فإن رأيا سبعا أو ظالما خشياه فهربا فزعا منه أو حملهما سيل أو فرقتهما ريح فكإكراه قاله ابن عقيل - ومتى تم العقد وتفرقا لم يكن لواحد منهما الفسخ إلا بعيب أو خيار كخيار شرط أو غبن على ما يأتي أو بمخالفة شرط صحيح اشترط وإن تبايعا على الاختيار بينهما أو قال البائع بعتك على الأخيار بيننا فقال المشتري: قبلت ولم يزد على ذلك أو اسقطا الخيار بعده مثل أن يقول كل منهما بعد العقد: اخترت إمضاء العقد أو التزامه سقط أو الأخيار لأحدهما بمفرده أو أسقطه أو قاله لصاحبه أختر سقط وبقي خيار صاحبه ويبطل خيارهما بموت أحدهما وبهربه من الآخر لا بجنونه وهو على خياره إذا أفاق ولو خرس أحدهما قامت إشارته مقام نطقه فإن لم تفهم إشارته أو جن أو أغمي عليه قام أبوه أو وصيه أو الحاكم مقامه ولو الحقا بالعقد خيارا بعد لزومه لم يلحق والتفرق بأبدانهما عرفا يختلف باختلاف مواضع البيع فإن كان في فضاء واسع أو مسجد كبير إن صححنا البيع فيه أو سوق - فبأن يمشي أحدهما مستدبرا لصاحبه خطوات بحيث لا يسمع كلامه المعتاد وفي سفينة كبيرة بان

 

ج / 2 ص -85-    يصعد أحدهما إلى أعلاها وينزل الآخر في أسفلها وفي صغيرة بأن يخرج أحدهما منها ويمشي وفي دار كبيرة ذات مجالس وبيوت: بخروجه من بيت إلى بيت أو مجلس أو صفة ونحوه بحيث يعد مفارقا له وفي صغيرة بأن يصعد أحدهما السطح أو يخرج منها وإن بنى بينهما في المجلس حائط من جداره أو غيره أو أرخيا بينهما سترا أو ناما أو قاما فمضيا جميعا ولم يتفرقا فالخيار بحاله وسواء قصد بالمفارقة لزوم البيع أو حاجة أخرى لكن تحرم الفرقة بغير إذن صاحبه خشية فسخ البيع.

فصل:- الثاني خيار الشرط:
وهو أن يشترطا في العقد أو يعده في زمن من الخيارين لا بعد لزومه - مدة معلومة فيثبت فيها وإن طالت فلو كان المبيع لا يبقى إلى مضيها: كطعام رطب بيع وحفظ ثمنه وإن شرط حيلة ليربح فيما أقرضه حرم نصا ولم يصح البيع فإن أراد أن يقرضه شيئا يخاف أن يذهب فاشترى منه شيئا وجعل له الخيار ولم يرد الحيلة: فقال أحمد: جائز فإذا مات فلا خيار لورثته وقوله محمول على مبيع لا ينتفع إلا بإتلافه أو على أن المشتري لا ينتفع بالمبيع مدة الخيار فيجر قرضه نفعا ولا يصح الخيار مجهولا مثل أن يشترطاه أبدا أو مدة مجهولة أو أجلا مجهولا كقوله: متى شئت لو شاء زيد أو قدم أو هبت الريح أو نزل المطر أو قال أحدهما: لي الخيار ولم يذكر مدته أو شرطه خيارا ولم يعينا مدته أو إلى الحصاد أو الجذاذ فيلغو ويصح البيع وتقدم في الباب قبله وإن شرطه إلى العطاء وأراد وقت

 

ج / 2 ص -86-    العطاء وكان معلوما صح وإن أراد نفس العطاء فمجهول ولا يثبت إلا في البيع وصلح بمعناه وإجازة الذمة أو على مدة لا تلي العقد لا أن وليته ويثبت في قسمة تراض لا إجبار كما تقدم في خيار المجلس وإن شرطاه إلى الغد لم يدخل في المدة ويسقط بأوله وإلى الظهر أو صلاة الظهر يسقط بأول وقتها وإن شرطه إلى طلوع الشمس أو إلى غروبها صح كتعليق طلاق وعتق عليهما فإن شك في طلوعها أو غروبها بغيم فحتى يتيقن وإن جعله إلى طلوعها من تحت السحاب أو إلى غيبتها تحته لم يصح لجهالته ولا يثبت في بيع: القبض شرط لصحته كصرف وسلم نحوهما1 وإن شرطاه مدة على أن يثبت يوما ولا يثبت يوما صح في اليوم الأول فقط2 وإن شرطاه مدة فابتداؤها من حين العقد وإن شرطاه من حين التفرق لم يصح لجهالته وإن شرطه لزيد ولم يقل دوني أو له لزيد صح وكان اشتراطا لنفسه توكيلا لزيد فيه ويكون لكل واحد من المشترط ووكيله الذي شرط له الخيار - الفسخ وإن قال له دوني لم يصح وإن كان المبيع عبدا فشرط الخيار له صح سواء شرطه له

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يفيدك هذا الكلام أن اشتراط الخيار بين المتعلقدين ى يطرد في كل بيع. من ذلك أن السلم وبيع الربوي بجنسه وصرف النقد بآخر يشترط فيها كلها القبض لأحد العوضين: كما في السلم، أو لكليهما كما في الباقي، ومقتضى ذلك ألا تبقى بين المتعاقدين علقة إذا تفرقا وهذا ينافيه اشتراط الخيار وبناء عليه فلو شرطاه أو شرطه أحدهما فالشرط لاغ لأنه ينافي مقتضى هذه العقود.
2 وذلك بديهي لأنه في اليوم الثاني لخيار والعقد لازم ففي اليوم الثالث لا يتأتى انتقال العقد من اللزوم إلى التعليق ثانيا.

 

ج / 2 ص -87-    البائع أو المشتري وإن قال بعتك على أن استأمر فلانا وجد ذلك بوقت معلوم صح وله الفسخ قبل أن يستأمر وإن شرط ه وكيل فهو لموكله وإن شرطه لنفسه ثبت لهما وإن شرطه لنفسه دون موكله أو لأجنبي لم يصح وأما خيار المجلس فيخص الوكيل فإن حضر الموكل في المجلس وحجر على الوكيل في الخيار رجعت حقيقة الخيار إلى الموكل وإن شرطا الخيار لأحدهما أو لهما ولو متفاوتا صح وإن اشترى شيئين وشرط الخيار في أحدهما بعينه صح فإن فسخ فيه البيع رجع بقسط من الثمن وإن شرطاه في أحدهما لا بعينه أو لأحد المتعاقدين لا بعينه فمجهول لا يصح ولمن له الخيار الفسخ من غير حضور صاحبه ولا رضاه أطلقه الأصحاب وعنه برد الثمن أن فسخ البائع وجزم به الشيخ كالشفيع - وقال: وكذا التملكات القهرية كأخذ الغراس والبناء من المستعير والمستأجر والزرع من الغاصب قاله في الإنصاف وهذا هو الصواب الذي لا يعدل عنه خصوصا في زمننا هذا وقد كثرت الحيل ويحتمل أن يحمل كلام من أطلق على ذلك انتهى - وإن مضت المدة ولم يفسخ بطل خيارهما ولزم البيع وينتقل الملك في المبيع زمن الخيارين ولو قبل قبضته إن لم يكن مكيلا ونحوه ولم يمنعه منه البائع أو كان وقبضه مشتر - فمن ضمانه ويبطل خياره فيعتق قريبه وينفسخ نكاح ويخرج فطرته ويلزمه مؤنة الحيوان والعبيد ولو باع نصابا من الماشية بشرط الخيار حولا زكاة

 

ج / 2 ص -88-    المشتري ويحنث البائع إذا حلف ألا يبيع ولو باع محل صيدا بشرط الخيار ثم أحرم في مدته فليس له الفسخ1 ولو باع الملتقط اللقطة بعد الحول ثم جاء ربها في مدة الخيار وجب فسخ البيع وردها إليه ولو باعت الزوجة الصداق قبل الدخول بشرط الخيار ثم طلقها الزوج: فالأولى عدم لزوم استردادها ولو تغيب في مدة الخيار لم يرد به إلا أن يكون غير مضمون على المشتري لانتفاء القبض ولو باع أمة بشرط الخيار ثم فسخ البيع وجب على البائع الاستبراء ولو استبرأها المشتري في مدة خياره كفاه ذلك ولا يثبت الأخذ بالشفعة في مدة الخيار ولو باع أحد الشريكين شقصا بشرط الخيار فباع الشفيع حصته في مدة الخيار استحق المشتري الأول انتزاع شقص المبيع في يد مشتريه لأنه شريك الشفيع حال بيعه وينتقل الثمن المعين والمقبوض إلى البائع زمن الخيار فما حصل في المبيع من كسب أو أجرة أو نماء منفصل ولو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 عدم جواز الفسخ لمن دخل في الإحرام مبني على أمرين: أحدهما أن المحرم ليس له أن يصيد ولا أن يمتلك الصيد. وذلك واضح مسلم، والثاني أن الرجوع وهو محرم فيما باعه وهو حلال يعتبر تملكا لمصيد كان على ذمة المشتري منذ اشتراه ولذلك منع الرجوع. وصاحب الكشاف عقب على ذلك الكلام حيث ذكر المصنف في باب الإحرام أن رجوع البائع في الصيد وهو في إحرامه جائز لأن ذلك استبقاء لملك وليس تملكا جديدا. ويترجح عندي أن المحرم ليس له أن يرجع ابتداء لأن ذلك تملك كما يقول المصنف ولكن لو رد عليه المشتري كان ملزما بقبوله لدخوله في ملكه قهرا عنه كالموروث، وذلك يستطاع التوفيق بين كلامي المصنف هنا وهناك فيما قد يبدو من تضارب والله أعلم.

 

ج / 2 ص -89-    من عينه كثمرة وولد ولبن ولو في يد بائع قبل قبضه وهو أمانه عنده فلمشتر أمضيا العقد أو فسخاه والنماء المتصل تابع للمبيع والحمل الموجود وقت العقد مبيع فإذا ولد في مدة الخيار ثم ردها على البائع لزم رده.

فصل:- ويحرم تصرفهما في مدة الخيارين
في ثمن معين أو كان في الذمة ثم صار إلى البائع ثم صار إلى البائع وفي ثمن1 سواء كان الخيار لهما أو لأحدهما أو لغيرهما: إلا إذا كان الخيار للمشتري وحده وتصرف في المبيع وإلا ما تحصل به تجربة المبيع كركوب الدابة لينظر سيرها وحلب الشاة ليعلم قدر لبنها والطحن على الرحى ونحو ذلك وإن كان الثمن في الذمة وتصرف البائع فيه بحوالة أو مقاصة لم يصح فإن تصرف المشتري ببيع أو هبة ونحوهما والخيار له وحده نفذ تصرفه وسقط خياره وكذا إن كان لهما أو للبائع وحده وتصرف بالعتق كما يأتي أو تصرف بإذن البائع أو معه لا مع أجنبي بلا إذنه وإن تصرف البائع لم ينفذ تصرفه ولو عتقا سواء كان الخيار له وحده أو لا إلا بإذن المشتر ويكون توكيلا للبائع ومسقطا لخيار المشتري2 ووكيلهما مثلهما وإذا لم ينفذ تصرفهما فتصرف مشتر ووطؤه وقبلته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا في الأصل، ولعل الصواب أو في مثمن صار إلى المشتري فإن ذلك ما تقتضيه القابلة بين ما صار إلى البائع وما صار إلى المشتري ثم حرمه التصرف لتعلق حق كل منهما بما في يد الآخر إلا ما استثناه عقب ذلك.
2 لم ينفذ تصرف البائع لما عرفت أن المبيع صار ملكا للمشتري من حين العقد حتى مع وجود خيار الشرط أو غيره.

 

ج / 2 ص -90-    ولمسه لشهوة وسومه إمضاء وإبطال لخياره ومتى بطل خياره بتصرفه فخيار البائع باق بحاله إلا أن يكون تصرف بإذن البائع فيسقط وتصرف بائع ليس فسخا وإن استخدم المشتري المبيع ولو لغير استعلام لم يبطل خياره وكذا إن قبلته الجارية المبيعة ولو لشهوة ولم يمنعها أو استدخلت ذكره وهو نائم ولم تحبل كما لو قبلت البائع وإن اعتقه المشتري نفذ عتقه وبطل خيارهما وإن تلف المبيع قبل القبض وكان مكيلا ونحوه بطل البيع وبطل معه الخيار وإن كان بعده أو فيما عدا مكيل ونحوه بطل أيضا خيارهما وأما ضمان ذلك وعدمه فيأتي آخر الباب ووقف المبيع كبيع وإن وطىء المشتري الجارية فأحبلها صارت أم ولد له وولده حر ثابت النسب وإن وطئها البائع فعليه الحد إن علم زوال ملكه وتحريم وطئه نصا وولده رقيق لا يلحقه نسبه وعليه المهر ولا تصير أم ولد له وقيل لا حد عليه اختاره جماعة وإن لم يعلم لحقه النسب وولده حر وعليه قيمته يوم ولادته1 ولا بأس بنقد الثمن وقبض المبيع في مدة الخيار لكن لا يجوز التصرف غير ما تقدم ويأتي في الباب - آخر الخيار السابع لذلك تتمة ومن مات منهما بطل خياره وحده ولم يورث إن لم يكن طالب به قبل موته فإن طالب به قبله ورث كشفعة وحد قذف وإن جن أو أغمي عليه قام وليه مقامه وإن خرس فلم تفهم إشارته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إنما لحقه نسب الولد إذا لم يمكن عالما بالحكم لأن الوطء إذن وطء شبهة.

 

ج / 2 ص -91-    فمجنون وإن مات في خيار المجلس بطل خياره وخيار صاحبه كما تقدم ولم يورث.

فصل:- الثالث خيار الغبن
ويثبت في ثلاث صور: إحداها إذا تلقى الركبان: وهو القادمون من السفر بجلوبة: وهي ما يجلب للبيع وإن كانوا مشاة ولو بغير قصد التلقي واشترى منهم أو باعهم شيئا فلهم الخيار إذا هبطوا السوق وعلموا إنهم قد غبنوا غبنا يخرج عن العادة - الثانية في النجش: وهو أن يزيد السلعة من لا يريد شراءها وهو حرام لما فيه من تغرير المشتري وخديعته ويثبت له الخيار إذا غبن المذكور ولو بغير مواطأة من البائع أو زاد بنفسه فيخير بين رد وإمساك - قال ابن رجب في شرح النواوية ويحط ما غبن به من الثمن ذكره الأصحاب: قال المنقح ولم نره لغيره وهو قياس خيار العيب والتدليس على قول انتهى - اختاره مع ومن النجش: أعطيت فيها كذا وهو كاذب - الثالثة المسترسل: وهو الجاهل بالقيمة من بائع ومشتر ولا يحسن يماكس فله الخيار إذا غبن الغبن المذكور ويقبل قوله مع يمينه أنه جاهل بالقيمة ما لم تكن قرينة تكذبه وأما من له خبرة بسعر المبيع ويدخل على بصيرة بالغبن ومن غبن لاستعجاله في البيع ولو توقف ولم يستعجل لم يغبن فلا خيار لهما وكذا إجارة فإن فسخ في أثنائها كان الفسخ رافعا للعقد من أصله ويرجع المؤجر على المستأجر بالقسط من أجرة المثل لا من المسمى وإن كان قبض الأجرة رجع عليه مستأجر بالقسط من المسمى

 

ج / 2 ص -92-    من الأجرة في المستقبل وبما زاد من أجرة المثل في الماضي إن كان هو المغبون وإن كان المؤجر فيما نقص عن أجرة المثل في الماضي والغبن محرم والعقد صحيح فيهن وغبن أحد الزوجين في مهر مثل لا فسح فيه فليس كبيع ويحرم تغرير مشتر بأن يسومه كثيرا ليبذل قريبا منه ذكره الشيخ وهو كخيار العيب في الفورية وعدمها ومن قال عند العقد لاخلابة أي لا خلابة أي لا خديعة فله الخيار إذا خلب نصا.

فصل: الرابع خيار التدليس
فعله حرام للغرور والعقد صحيح ولا أرش فيه غير الكتمان وهو ضربان أحدهما كتمان العيب والثاني فعل يزيد به الثمن وإن لم يكن عيبا كتحمير وجه الجارية وتسويد شعرها وتجعيده وجمع ماء الرحى وإرساله عند عرضها وتحسين وجه الصبرة وتصنع النساج وجه الثوب وصقال الإسكاف وجه المتاع ونحوه وجمع اللبن في ضرع بهيمة الأنعام وهو التصرية فهذا يثبت للمشتري خيار الرد إن لم يعلم به أو الإمساك وكذا لو حصل ذلك من غير قصد كحمرة وجه الجارية بخجل أو تعب ونحوهما ولا يثبت بتسويد يد كف عبد وثوبه ليظن أنه كاتب أو حداد ولا بعلف شاة أو غيرها ليظن أنها حامل ولا بتدليس ما لم يختلف به الثمن كتبيض الشعر وتسبيطه أو كانت الشاة عظيمة الضرع خلقة فظنها كثيرة اللبن وإن تصرف في البيع بعد علمه بالتدليس بطل رده ويرد مع المصراة في بهيمة الأنعام عوض اللبن الموجود حال العقد ويتعدد بتعدد المصراة صاعا من تمر سليم ولو زادت قيمته على المصراة أو نقصت

 

ج / 2 ص -93-    عن قيمة اللبن فإن لم يجد التمر فقيمته موضع العقد واختار الشيخ يعتبر في كل بلد صاع من غالب قوته فإن كان اللبن باقيا بحاله بعد الحلب لم يتغير - رده ولزم قبوله ولا شيء عليه كردها قبل الحلب وقد أقر له بالتصرية أو شهد به من تقبل شهادته وإن تغير اللبن بالحموضة لم يلزم البائع قبوله وإن رضي بالتصرية فامسكها ثم وجد بها عيبا ردها به ولزمه صاع التمر عوض اللبن ومتى علم التصرية خير ثلاثة أيام منذ علم بين إمساكها بلا أرش وبين ردها مع صاع تمر كما تقدم فإن مضت ولم يرد بطل الخيار وخيار غيرها من التدليس على التراخي كخيار عيب وإن صار لبنها عادة أو زال العيب لم يملك الرد في قياس قوله: إذا اشترى أمة مزوجة فطلقها الزوج أي بائنا لم يملك الرد وإن كانت التصرية في غير بهيمة الأنعام فله الرد مجانا.

فصل:- الخامس خيار العيب
وهو نقص عين المبيع كخصاء ولو لم تنقص به القيمة بل زادت قيمته عادة في عرف التجار وفي الترغيب وغيره نقيصة يقتضي العرف سلامة المبيع عنها: كمرض وذهاب جارحة أو سن من كبيرة أو زيادة كالأصبع الزائدة أو الناقصة والعمى والعور والحول والخوص والسبل: وهو الزيادة في الأجفان والطرش والخرس والصم والفزع والصنان والبخر في الأمة والعبد والبهق والبرص والجذام والفالج والكلف والعفل والقرن والفتق والرتق والاستحاضة والجنون والسعال والبحة وكثرة الكذب والتخنيث التزوج في الأمة والدين في رقبة العبد والسيد معسر والجنابة الموجبة

 

ج / 2 ص -94-    للقود وكونه خنثى والثآليل والبثور1 وآثار القروح والجروح والشجاج والجدر2 والحفر وهو وسخ يركب أصول الأسنان والتلوم فهيا والوسم وشامات ومحاجم في غير موضعها وبشرط يشين وإهمال الأدب والوقار في أماكنهما نصا ولعل المراد في غير الجلب والصغير والاستطالة على الناس والحمق من كبير فيهما وهو ارتكاب الخطأ على بصيرة يظنه صوابا وزنا من بلغ عشرا فصاعدا عبدا كان أو أمة ولواطة: فاعلا ومفعولا وسرقته وشربه مسكرا وإباقه بوله في فراش وحمل الأمة دون البهيمة زاد في الرعاية والحاوي إن لم يضر باللحم وعدم ختان كبير لا في أنثى وصغير وكونه أعسر لا يعمل باليمين عملها المعتاد وتحريم عام كأمة مجوسية بخلاف أخته من الرضاع وحماته ونحوهما وكون الثوب غير جديد مالم يظهر اثر الاستعمال والزرع والغرس والإجارة أو في المبيع ما يمنع الانتفاع به غالبا كسبع أو نحوه في ضيعة أو قرية أو حية أو نحوها في دار أو حانوت والجار السوء قاله الشيخ وبق ونحوه غير معتاد بالدار واختلاف الأضلاع والأسنان وطول أحدى ثديي الأنثى وخرم شنوفها وأكل الطين والوكع وهو إقبال الإبهام على السبابه من الرجل حتى يرى أصلها خارجا كالعقدة وكون الدار ينزلها الجند وليس الفسق من جهة الاعتقاد والتغفيل عيبا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الثآليل جمع ثؤلول. والبثور جمع بثر ومعناهما النتوءات التي تبدو على الجلد وهي عديدة الأشكال إلا أن الأولى تكون صلبة والثانية تكون غالبا أشبه بالحفر أو آثار الجدري.
2 هو جفاف اللبن.

 

ج / 2 ص -95-    وكذا الثيوبة ومعرفة الغناء والحجامة وكونه ولد زنا وكون الجارية لا تحسن الطبخ ونحوه أو لا تحيض والكفر وعجمة اللسان والفافاء والتمتام والإرث والقرابة والألثغ والإحرام والصيام وعدة البائن لا الرجعية ومن العيوب عثرة المركوب وكدمه ورفسه وقوة رأسه وحرنة وشموسه وكيه أو بعينه ظفرة أو بإذنه شق قد خيط أو بحلقه تغانغ أو غدة أو عقدة أو به زور وهو نتو الصدر عن البطن أو بيده أو رجله شقاق أو بقدمه فدع: وهو نتو وسط القدم أو به وحس وهو ورم حول الحافر أو خروج العرقوب في الرجلين عن قدم في اليمين أو الشمال وهو الكوع أو بعقبهما صكك: وهو تقاربهما أو بالفرس خيف وهو كون أحدى عينيه زرقاء والأخرى كحلاء.

فصل:- فمن اشترى معيبا لم يعلم عيبه ثم علم بعيبه:
علم البائع بعينه فكتمه أو لم يعلم أو حدث به عيب بعد عقد وقبل قبض فيما ضمانه على بائع كمكيل وموزون معدود ومزروع وثمر على شجر ونحوه - خير بين ردو عليه مؤنة رده وأخذ الثمن كاملا حتى لو وهبه ثمنه أو ابرأه منه وبين إمساك مع أرش ولو لم يتعذر الرد رضى البائع أو سخط ما لم يفض إلى ربا كشراء حلى فضة بزنته دارهم أو قفيز مما يجري فيه الربا بمثله ثم وجد معيبا فله الرد أو الإمساك مجانا وإن تعيب أيضا عند مشتر فسخ حاكم البيع ورد البائع الثمن ويطالب بقيمة المبيع لأنه لا يمكن إهمال العيب بلا رضا ولا أخذ أرش وإن اشترى حيوانا أو غيره فحدث به عيب عند مشتر قبل مضي ثلاثة أيام

 

ج / 2 ص -96-    أو حدث في الرقيق برص أو جنون أو حذام قبل مضي سنة فمن ضمان المشتري وليس له رد نصا وإن ظهر على عيب في الحلي أو القفيز بعد تلفه عنده فسخ العقد ورد الموجود وهو الثمن وتبقى قيمة المبيع في ذمته ولا فسخ بعيب يسير كصداع وحمى يسيرة وسقط آيات يسيرة في مصحف للعادة كغبن يسير: وكيسير التراب والعقد في البر قال ابن الزاغوني: لا ينقص شيء من أجرة الناسخ بعيب يسير وإلا فلا أجرة لما وضعه في غيره مكانه وعليه نسخه في مكانه ويلزمه قيمة ما أتلفه بذلك من الكاغد وإن ظهر في المأجور عيب فلا ارش له ويأتي في الإجارة والأرش قسط ما بين قيمة الصحيح والمعيب فيرجع بنسبته من ثمنه فيقوم المبيع صحيحا ثم يقوم معيبا فإذا كان الثمن مثلا مائة وخمسين فقوم المبيع صحيحا بمائة معيبا بتسعين فالعيب نقص عشرة نسبتها إلى قيمته صحيحا عشر فينسب ذلك إلى المائة وخمسين تجده خمسة عشر وهو الواجب للمشتري ولو كان الثمن خمسين وجب له خمسة ولو اسقط المشتري خيار الرد بعوض بذله له البائع وقبله جاز وليس من الأرش في شيء ونص عليه مثله في خيار معتقة تحت عبد وما كسب قبل الرد فللمشتري وكذلك نماؤه المنفصل فقط كالثمرة واللبن وإن حملت بعد الشراء فنماء متصل وإن حملت بعد الشراء وولدته بعده فنماء منفصل ولا يرده إلا لعذر كولد أمة ويأخذ قيمته والنماء المتصل للبائع كالسمن والكبر وتعلم صنعة والثمرة قبل ظهورها ومنه إذا صار الحب زرعا والبيضة فرخا ووطء المشتري الثيب

 

ج / 2 ص -97-    لا يمنع الرد فله ردها مجانا وله بيعها مرابحة بلا خيار كما لو كانت مزوجة فوطئها الزوج فإن زوجها المشتري فوطئها الزوج ثم أراد ردها بالعيب فإن كان النكاح باقيا فهو عيب وإن كان قد زال فكوطء السيد وإن زنت في يد المشتري ولم يكن عرف ذلك منها فهو عيب حادث حكمه كالعيوب الحادثة ولو اشترى متاعا فوجده خيرا مما اشترى فعليه رده إلى بائعه كما لو وجده أردأ كان له رده ولعل محل ذلك إذا كان البائع جاهلا به وإن وطىء البكر أو تعيبت أو غيرها عنده ولو بنسيان صنعة أو كتابة أو قطع ثوب خير بين الإمساك وأخذ الأرش وبين الرد مع أرش العيب الحادث عنده ويأخذ الثمن والواجب رد ما نقص قيمتها الواطىء: فإذا كانت قيمتها بكرا مائة وثيبا ثمانين رد معها عشرين لأنه بفسخ العقد يصير مضمونا عليه بقيمته بخلاف أرش العيب الذي يأخذه المشتري إلا إن يكون البائع دلس العيب أي كتمه عن المشتري فله رده بلا أرش ويأخذ الثمن كاملا - قال أحمد في رجل اشترى عبدا فأبق فأقام بينة أن إباقه كان موجودا في يد البائع: يرجع على البائع بجميع الثمن لأنه غر المشترى ويتبع البائع عبده - وكذا لو دلس البائع ثم تلف عند المشترى رجع بالثمن كله على البائع نصا وسواء تعيب أو تلف بفعل الله: كالمرض أو بفعل المشتري: كوطء البكر أو أجنبي: مثل أن يجني عليه أو بفعل العبد: كالسرقة وسواء كان مذهبا للجملة أو بعضها وإن زال العيب الحادث عنده رده ولا شيء معه وإن زال رده لم يرجع مشتر على بائع بما دفعه له.

 

ج / 2 ص -98-    فصل:- وإن اعتق أو عتق عليه
أو قتل أو استولد الأمة أو تلف المبيع ولو بفعله: كأكله ونحوه أو باعه أو وهبه أو رهنه أو وقفه غير عالم بعيبه - تعين الأرش ويكون ملكا له لكن لو رد عليه فله رده أو ارشه ولو أخذ منه أرشه فله الأرش1 ولو باعه مشتر لبائعه له كان له رده على البائع الثاني ثم للثاني رده عليه وفائدته اختلاف الثمنين2 وإن فعل ذلك عالما بعيبه أو تصرف بما يدل على الرضا من وطء وسوم وإيجار واستعمال حتى ركوب دابة لغير خبرة و رد ونحوه ولم يختر الإمساك قبل تصرفه فلا أرش له كرد وعنه له الأرش: كإمساك - قال في الرعاية الكبرى والفروع وهو أظهر وقال في القاعدة العاشرة بعد المائة: هذا قول ابن عقيل وقال عن القول الأول: فيه بعد قال الموفق:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يعني لو باع المشتري ما اشتراه ولم يكن ظهر على عيبه ثم أخذ المشتري الثاني أرش العيب فللمشتري الأول وهو الذي دفع الأرش أن يأخذه من البائع الأول وقد نبه صاحب الكشاف إلى أن ذلك مجرد تمثيل فلا يفهم منه أن المشتري الأول لا يرجع بالأرش إلا إذا غرمه للثاني، بل له على أي حال كان لأنه حقه. وهو تنبيه حق.
2 يريد: فائدة الرد من الجانبين تظهر عند اختلاف الثمن حين البيع الثاني عن الثمن البيع الأول وصورة ذلك: أن يبيعك زيد فرسه بعشرة جنيهات وقبل أن تعلم بعيبه بعته أنت لزيد بخمسة عشر ثم ظهر لزيد عيب الفرس فله رده عليك ليأخذ الخمسة عشر ولك بعد أن ترد عليك لتأخذه العشرة أو يتقاص زيد معك ليمسك فرسه ويأخذ منك الخمسة الزائدة ويدع لك ما دفعته.وعند اتحاد الثمن لا رجوع لزيد حيث لا فائدة. ولا أرش له لأن المفروض أن العيب قديم وحاصل عنده.

 

ج / 2 ص -99-    قياس المذهب أن له الأرش بكل حال وصوبه في الإنصاف - وإن باع بعضه فله أرش الباقي لا رده وله أرش المبيع وإن صبغه أو نسجه فله الأرش ولا رد وإن أنعل الدابة ثم أراد ردها بالعيب نزع النعل فإن كان النزع يعيبها لم ينزع ولم يكن له قيمته على البائع ويهمله إلى سقوط ونحوه ولو باع شيئا بذهب ثم أخذ عنه دراهم ثم رده المشتري بعيب قديم رجع المشتري بالذهب لا بالدراهم وإن اشترى ما مأكوله في جوفه فكسره فوجده فاسدا ولا قيمة لمكسوره كبيض دجاج وبطيخ لا نفع فيه رجع بالثمن كله وليس عليه رد المبيع إلى البائع لأنه لا فائدة فيه وإن كان الفاسد في بعضه رجع بقسطه وإن كان لمكسوره قيمة كبيض نعام وجوز هند خير فإن رده رد ما نقصه ولو كان الكسر بقدر الاستعلام وإن كسره كسرا لا تبقي معه قيمته تعين الأرش ولو اشترى ثوبا فنشره فوجده معيبا: فإن كان مما لا ينقصه النشر رده وإن كان ينقصه كالهنسجاني الذي يطوي على طاقين فكجوز هند1 وله أخذ أرشه إن أمسكه وخيار عيب وخلف في الصفة ولإفلاس المشتري على التراخي فمن علم العيب وأخر الرد لم يبطل خياره: إلا إن يوجد منه ما يدل على الرضا وتقدم قريبا ولا يفتقر الرد إلى رضا البائع ولا حضوره ولا حكم حاكم قبل القبض أو بعده وإن اشترى اثنان شيئا وشرطا الخيار أو وجداه معيبا فرضي أحدهما فللآخر رد نصيبه كشراء واحد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مراده أن عليه الأرش للنقص الحاصل بنشره.

 

ج / 2 ص -100-  من اثنين: فله رده عليهما ورد نصيب أحدهما وإمساك نصيب الآخر فإن كان أحدهما غائبا رد على الحاضر حصته بقسطها من الثمن ويبقى نصيب الغائب في يده حتى يقدم ولو كان أحدهما باع العين كلها بوكالة الآخر فالحكم كذلك: سواء كان الحاضر الوكيل أو الموكل وإن قال بعتكما فقال أحدهما: قبلت جاز على ما مر1 وإن ورث اثنان خيار عيب فرضي أحدهما سقط حق الآخر من الرد2 وإن اشترى واحد معينين أو طعاما في وعاءين صفقة واحدة فليس له إلا ردهما معا أو إمساكهما والمطالبة بالأرش وإن تلف أحدهما فله رد الباقي بقسطه من الثمن والقول في قيمة التالف قوله مع يمينه وإن كان أحدهما معيبا وأبى الأرش فله رد بقسطه ولا يملك رد السليم إلا أن ينقصه تفريق: كمصراعي باب وزوجي خف أو يحرم كجارية و ولدها ونحوه فليس له رد أحدهما بل ردهما أو الأرش وإن كان البائع الوكيل فللمشتري رده على الوكيل فإن كان العيب مما يمكن حدوثه فأقر به الوكيل وأنكره الموكل لم يقبل إقراره على موكله3 بخلاف خيار الشرط فإذا رده المشتري على الوكيل لم يملك الوكيل رده على الموكل وإن أنكره الوكيل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يعني كان قبول أحدهما نفاذا للبيع في نصف السلعة.
2 إنما سقط حق الآخر مع سقوط حق من رضي لأن حقه لو بقي لأدى إلى تشقيص المبيع على صاحبه في حين أنه خرج من ملكه دفعة واحدة والتشقيص ضرر وهو ممنوع.
3 لأن التوكيل قاصر على البيع فلإقرار على البيع خارج عنه بخلاف خيار الشرط فإنه يملك عقده مع المشتري.

 

 

ج / 2 ص -101-  فتوجهت اليمين عليه فنكل فرده عليه بنكوله لم يملك رده على موكله وإن اختلفا عند من حدث العيب مع احتمال قول كل كخرق ثوب ورفوه ونحوهما فقول مشتر مع يمنيه على البت فيحلف بالله أنه اشتراه وبه هذا العيب أو أنه ما حدث عنده وله رده إن لم يخرج عن يده إلى يد غيره ومنه لو اشترى جارية على أنها بكر و وطئها وقال: لم أصبها بكرا فقوله مع يمينه وإن اختلفا قبل وطئه أريت النساء الثقات ويقبل قول امرأة ثقة وإن لم يحتمل إلا قول أحدهما: كالأصبع الزائد والشجة المندملة التي لا يمكن حدوث مثلها والجرح الطري الذي لا يحتمل كونه قديما فالقول قول من يدعي ذلك بغير يمين ويقبل قول بائع: أن المبيع ليس المردود إلا في خيار الشرط فقول مشتر ويقبل قول مشتر مع يمينه في عين ثمن معين بعقد: أنه ليس الذي دفعه إليه وقول قابض مع يمينه في ثابت في الذمة من ثمن مبيع وقرض وسلم وغير ذلك مما هو في ذمته إن لم يخرج عن يده وإن باع أمة بعبد ثم وجد بالعبد عيبا فله الفسخ واسترجاع الأمة أو قيمتها لعتق مشتر لها وكذلك سائر السلع المبيعة إذا علم بها بعد العقد وليس لبائع الأمة التصرف فيها قبل الاسترجاع بالقول لأن ملك المشتري عليه تام مستقر فلو أقدم البائع واعتق الأمة أو وطئها لم يكن ذلك فسخا بغير قول ولم ينفذ عتقه ومن باع عبدا يلزمه عقوبة من قصاص أو غيره يعلم المشتري ذلك فلا شيء له وإن علم بعد البيع فله الرد أو الأرش وإن لم يعلم حتى قتل تعين له الأرش على البائع وإن قطع فكما لو عاب عنده على ما تقدم وإن كانت الجناية موجبة لمال

 

ج / 2 ص -102-  أو للقود فعفا عنه إلى مال والسيد: وهو البائع: معسر قدم حق المجني عليه فيستوفيه ومن رقبة الجاني وللمشتري الخيار إن لم يكن عالما فإن فسخ رجع بالثمن وكذا إن لم يفسخ وكانت الجناية مستوعبة لرقبة العبد فأخذ بها وإن تكن مستوعبة رجع بقدر أرشه وإن كان عالما بعيبه لم يرجع بشيء وإن كان السيد موسرا تعلق الأرش بذمته ويزول الحق عن رقبة العبد والبيع لازم ويأتي في الإجارة لو غرس أو بنى مشتر ثم فسخ البيع بعيب.

فصل:- السادس خيار يثبت في التولية والشركة المرابحة والمواضعة:
إذا أخبره بزيادة في الثمن أو نحو ذلك ولا بد في جميعها من معرفة المشتري رأس المال وهو أنواع من البيع فتصح بألفاظها وبلفظ البيع وهي البيع بتخيير الثمن وبيع المساومة أسهل منها نصا فالتولية البيع برأس المال فيقول البائع: وليتكه أو بعتكه برأس ماله أو بما اشتريته به أو برقمه المعلوم عندهما: وهو الثمن المكتوب عليه والشركة بيع بعضه بقسطه من الثمن: نحو أشركتك في نصفه أو ثلثه ونحوه كقوله هو شركة بيننا فلو قال لمن قال له أشركني فيه: أشركتك انصرف إلى نصفه وإن لقيه آخر فقال: أشركني وكان الآخر عالما بشركة الأول فشركه فله نصف نصيبه وهو الربع وإن لم يكن عالما صح وأخذ نصيبه كله وهو النصف وإن كانت السلعة لاثنين فقال لهما آخر: أشركاني فيها فأشركاه معا فله الثلث وإن أشركه أحدهما فنصف نصيبه وإن أشركه كل واحد منهما منفردا كان له النصف ولكل واحد منهما

 

ج / 2 ص -103-  الربع ولو اشترى قفيزا من طعام فقبض نصفه فقال له آخر: بعني نصفه فباعه انصرف إلى النصف المقبوض وإن قال: أشركني في هذا القفيز بنصف الثمن ففعل لم تصح الشركة إلا فيما قبض منه وهو النصف فيكون لكل واحد الربع بربع الثمن والمرابحة: أن يبيعه بثمنه وربح معلوم فيقول: رأس مالي فيه مائة بعتكه بها وبح عشرة فيصح بلا كراهة ويكون الثمن مائة وعشرة وكذا قوله: على أن أرابح في كل عشرة درهما أو قال بعتكه ده زيادة أوده دوازده1 ويكره نصا والمراضعة عكس المرابحة ويكره فيها فيقول بعتكه بها ووضعية درهم من كل عشرة2 فيحط منه عشرة ويلزم المشتري تسعون درهما وإن قال ووضعية درهم لكل عشرة كان الحط من أحد عشر: كعن كل عشرة فيلزمه تسعون درهما وعشرة أجزاء من أحد عشر جزءا من درهم ومن أخبر بثمن فعقد به ثم ظهر الثمن أق فللمشتري حط الزيادة في المرابحة وحظها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من صيغ المرابحة قوله: بعتكه ده زيادة يعني العشرة أحد عشر  وقوله: بعتكه ده دو أزده يعني العشرة اثنى عشر وتلك عبارات أعجمية وحيث كان مفهومها معلوما للمتبايعين جاز مراعاة للشرط السابق وهو العلم برأس المال ومع جواز المرابحة بهذه الصيغ فهي مكروهة كالصيغة السابقة وهي قوله: بعتكه بثمنه كذا على أن أربح في كل عشرة درهما وعلة الكراهة ما فيه من الشبه اللفظي ببيع الدراهم مثلها وزيادة.
2 لو قال بعتكه بثمنه مائة ووضيعة عشرة لكانت الصيغة بعيدة عن الكراهة ولكن لما قال ووضيعة درهم من كل عشرة كان شبيها بقوله في المرابحة على أن أربح في كل عشرة درهما. وقد عرفت جوازه مع علة الكراهة  فيه فكذلك هنا كأنه قال بعتك العشرة بتسعة والحكم هو بعيبه.

 

ج / 2 ص -104-  من الربح وينقصه في المواضعة ويلزم البيع بالباقي وإن بان مؤجلا وقد كتمه بائع في تخبيره ثم علم مشتر أخذ به مؤجلا ولا خيار فلا يملك الفسخ فيهن1 ولو قال مشتراه مائة ثم قال: غلطت والثمن زائد عما أخبرت به فالقول قوله مع يمينه بطلب مشتر اختاره الأكثر فيحلف أنه لم يكن يعلم وقت البيع أن ثمنها أكثر فإن حلف خير مشتر بين الرد: ودفع الزيادة وإن نكل عن اليمين أو أقر لم يكن له غير ما وقع عليه العقد وقدم في التقيح أنه لا يقبل إلا ببينة ثم قال وعنه يقبل قول معروف بالصدق وهو اظهر انتهى ولا يحلف مشتر بدعوى بائع عليه علم الغلط وخالف الموفق و الشارح وإن باع بدون ثمنها عالما لزمه وإن اشتراه بدنانير وأخبر أنه اشتراه بدراهم وبالعكس أو اشتراه بعرض فأخبر أنه اشتراه بثمن أو بالعكس وأشباه ذلك أو ممن لا تقبل شهادته له: كأبيه وابنه أو مكاتبه أو بأكثر من ثمنه حيلة: كشرائه من غلام كأنه حر أو من غيره وكتمه في تخبيره فللمشتري الخيار:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قوله ولا خيار فلا يملك الفسخ فيهن، يريد به  أن المشتري في التولية والشركة والمرابحة. والمواضعة إذا علم بزيادة في الثمن المعقود عليه أو تأجيل كان أخفاه البائع فليس له سوى حط الزيادة من الثمن والأخذ بالتأجيل. والبيع لازم ووجه ذلك أن لزوم البيع لا يلحق به ضرر بل ازداد خيرا بحط الزيادة والأخذ بالتأجيل وأنت تذكر أن المصنف عقد هذا الفصل لبيان في هذه الصورة خيارا فكلامه أو لا غير ملتئم مع ما هنا ويجدر بك أن تعلم أن في المذهب روايتين إحداهما بثبوت الخيار في هذه الصور الأربع، عليها جرى المصنف في أول كلامه. والثانية بعدم الخيار وبها أخذ في كلامه هنا و الله أعلم.

 

ج / 2 ص -105-  إذا علم: بين الإمساك والرد وإن اشترى شيئين صفقة واحدة ثم أراد بيع أحدهما بتخيير الثمن أو اشترى اثنان شيئا وتقاسماه وأراد أحدهما بيع نصيبه مرابحة: فإن كان من المتقومات التي لا ينقسم عليها الثمن بالأجزاء كالثياب ونحوها لم يجز حتى يبين الحال على وجهه لكن لو اسلم في ثوبين بصفة واحدة فأخذهما على الصفة فله بيع أحدهما مرابحة بحصته من الثمن لأن الثمن ينقسم عليهما نصفين باعتبار القيمة وكذلك لو أقاله في أحدهما أو تعذر تسليمه كان له نصف الثمن وإن حصل في أحدهما زيادة على الصفة جرت مجرى الحادث بعد البيع وإن لم يبين فللمشتري الخيار بين الرد والإمساك وإن كان من المتماثلات التي ينقسم عليها الثمن بالأجزاء كالبر والشعير المتساويين جاز بيع بعضه مرابحة بقسطه من الثمن وإن اشترى شيئا بثمن لرغبة تخصه: كحاجة إلى إرضاع لزمه أن يخبر بالحال ويصير كالشراء بثمن غال لأجل الموسم الذي كان حال الشراء وإذا أراد البائع الإخبار بثمن السلعة وكانت بحالها لم تتغير أو زادت زيادة متصلة: كسمن وتعلم صنعة أخبر بثمنها سواء غلت أو رخصت فإن أخبره بدون ثمنها ولم يبين الحال لم يجز لأنه كذب وإن تغيرت بنقص بمرض أو جناية عليه أو تلف بعضه أو بولادة أو عيب أو بأخذ المشتري بعضه: كالصوف واللبن الموجود ونحوه أخبر بالحال وإن حط البائع بعض الثمن عن المشتري أو زاده في الأجل أو المثمن أو زاد المشتري أو حط له في الأجل في مدة الخيارين لحق بالعقد وأخبر به في الثمن وإن حط البائع كل الثمن فهو هبة وما كان

 

ج / 2 ص -106-  بعد ذلك لا يلحق به: كخيار وأجل وكما لو جنى ففداه المشتري ولو كان في مدة الخيارين وكالأدوية والمؤنة والكسوة فإنه لا يخبر به في الثمن وإن أخبر بالحال فحسن ولا يخبر بأخذ نماء واستخدام ووطء ثيب إن لم ينقصه وما أخذ أرشا لعيب أو جناية عليه أخبر به على وجهه ولو كان في مدة الخيارين وهبة مشتر لوكيل باعه كزيادة ومثله عكسه فإن اشترى ثوبا بعشرة وقصره أو نحوه بعشرة بنفسه أو غيره أخبر به على وجهه فقط ومثله أجرة مكانه وكيله ووزنه وحمله وخياطته وعلف الدابة ولا يجوز أن يخبر بعشرين ولا أن يقول تحصل على بها وإن اشتراه بعشرة ثم باعه بخمسة عشر ثم اشتراه بعشرة لم يبعه مرابحة بل يخير بالحال ويحط الربح من الثمن الثاني ويخبر أنه تقوم عليه بخمسة ولا يخبر أنه اشتراه بخمسة لأنه كذب1 وقيل يجوز أنه اشتراه بعشرة وهو أصوب وعلى الثاني لو لم يبق شيء اخبر بالحال ولو اشتراه بخمسة عشر ثم باعه بعشرة ثم اشتراه بأي ثمن كان بينه ولم يضم الخسارة إلى الثمن الثاني ولو اشترى نصف شيء بعشرة واشترى غيره باقيه بعشرين ثم باعه مرابحة أو مواضعة أو تولية صفقة واحدة فالثمن لهما بالتساوي كمساومة ولو اشترى اثنان ثوبا بعشرين ثم بذلك لهما فيه نصيب صاحبه بذلك السعر أخبر في المرابحة بأحد وعشرين: لا اثنين وعشرين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وجه ذلك أن الخمسة التي ربحها تعتبر نماء منفصلا للمبيع فكان عليه أن يخبر به. وقد رجح علماء المذهب القول الثاني الذي بعد هذا وحملوا ذلك على الوجه على أنه استحباب من الإمام لا على وجه اللزوم.

 

ج / 2 ص -107-  فصل:- السابع خيار يثبت لاختلاف المتابعين
فمتى اختلفا في قدر ثمن أو أجرة ولا بينة أو لهما تحالفا ولو كانت السلعة تالفة لأن كلا منهما مدع ومدعي عليه صورة وكذا حكما لسماع بينتهما ولا تسمع إلا بينة المدعي باتفاقنا: إلا إذا كان بعد قبض بمن وفسخ عقد بإقالة أو رد معيب فقول بائع1 وفي كتابه بقول سيد ويأتي فيبدأ بيمين بائع ثم مشتر يجمعان فيهما نفيا وإثباتا ويقدمان النفي فيحلف البائع ما بعته بكذا وإنما بعته بكذا ثم المشتري ما اشتريته بكذا وإنما اشتريته بكذا وإن نكل أحدهما لزمه ما قاله صاحبه بيمينه وكذا لون نكل مشتر عن الإثبات فقط بعد حلف بائع2 فإن نكلا صرفهما الحاكم وإن تحالفا فرضي أحدهما يقول صاحبه أقر العقد وإلا فلكل منهما الفسخ بلا حاكم ولا ينفسخ بنفس التخالف ولا باباء كل واحد منهما الأخذ بما قال صاحبه وإن كانت السلعة تالفة وتحالفا إلى قيمة مثلها إن كانت مثلية وإلا فقيمتها فيأخذ مشتر الثمن: إن كان قد قبض: إن لم يرض بقول بائع وبائع القيمة فإن تساويا وكانا من جنس تقاصا وتساقطا وإلا سقط الأقل ومثله من الأكثر وإن اختلفا في القيمة أو في صفة أو قدر فقول مشتر بيمينه فلو وصفها بعيب كبرص وخرق ثوب وغيرهما فقول من ينفيه بيمينه وإن ماتا أو أحدهما ورثتهما بمنزلتهما وإن كان الموت بعد التحالف وقبل الفسخ وإن كان قبله وكان الوارث حضر العقد وعلمه حلف على البت وإن لم يعلم حلف على نفي العلم وإذا فسخ العقد في التحالف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد فقول بائع مع يمينه لأنه منكر ما يدعيه المشتري.
2 وكذا لو نكل عن النفي فإن المطلوب في اليمين أن يجتمع فيها النفي والإثبات وكذا الحكم في جانب البائع.

 

ج / 2 ص -108-  انفسخ ظاهرا أو باطنا في حقهما ولو مع ظلم أحدهما وإن اختلفا في صفة ثمن أخذ نقد البلد ثم غالبه رواجا فإذا استوت فالوسط وإن اختلفا في أجل أو رهن أو قدرهما سوى أجل في سلم لما يأتي أو شرط صحيح أو فاسد يبطل العقد أو لا أو في ضمين فقول من ينفيه نص عليه في دعوى عدم الإذن ودعوى البائع الصغر ومثله دعوى إكراه أو جنون لأنه إذا ادعى أحدهما صحة العقد والآخر فساده صدق مدعي الصحة بيمينه وإن اختلفا في قدر مبيع فقال: بعتني هذين بثمن واحد فقال: بل أحدهما أو عينه فقال: بعتني هذا فقال: بل هذا فقول بائع وكذا حكم إجارة ولا يبطل البيع بجحوده ولو ادعى بيع الأمة ودفع الثمن فقال: بل زوجتكما فقد اتفقا على إباحة الفرج له وتقبل دعوى النكاح بيمينه وإن قال البائع: لا أسلم المبيع حتى اقبض ثمنه وقال المشتري: لا اسلم حتى أقبض المبيع والثمن عين من نقد أو عرض جعل بينهما عدل يقبض منهما ثم يسلم إليهما فيسلم المبيع أولا ثم الثمن ومن امتنع منهما من تسليم ما عقد عليه مع إمكانه حتى تلف ضمنه كغاصب وإن كان دينا حالا فنصه لا يحبس المبيع على قبض ثمنه فيجبر بائع على تسليم مبيع ثم مشتر على تسليم ثمنه الحال إن كان معه في المجلس ويجبر بائع على تسلم مبيع في مؤجل وإن كان غائبا عنه في البلد حجر على مشتر في المبيع وبقية ماله من غير فسخ حتى يحضر الثمن وكذا إن كان خارجه دون مسافة القصر وإن كان أو بعضه مسافته فصاعدا أو المشتري معسرا ولو ببعض الثمن فللبائع الفسخ في الحال والرجوع في عين ماله كمفلس،

 

ج / 2 ص -109-  وإن كان موسرا مماطلا فليس له الفسخ وقال الشيخ: له الفسخ قال في الإنصاف وهو الصواب وكل موضع قلنا له الفسخ فإنه يفسخ بغير حكم حاكم وكل موضع قلنا يحجر عليه فذلك إلى الحاكم وكذا مؤجر بنقد حال وإن هرب المشتري قبل وزن الثمن وهو معسر فللبائع الفسخ في الحال وإن كان موسرا قضاه الحاكم من ماله إن وجد وإلا باع المبيع وقضى ثمنه وليس للبائع الامتناع من تسليم المبيع بعد قبض الثمن لأجل الاستبراء ولو طالب المشتري البائع بكفيل لئلا تظهر حاملا لم يكن له ذلك وإن كان بيع خيار لهما أو لأحدهما لم يملك البائع مطالبته بالنقد ولا مشتر قبض مبيع في مدة خيار بغير إذن صريح من البائع.

فصل:- ومن اشترى شيئا بكيل
أو وزن أو عد أو ذرع ملكه ولزم بالعقد ولو كان قفيزا من صبرة أو رطلا من زبرة ولم يصح تصرفه فيه قبل قبضه ولو من بائعه ببيع ولا إجارة ولا هبة ولو بلا عوض ولا رهن ولو بعد قبض ثمنه ولا الحوالة عليه ولا به ولا غير ذلك حتى يقبضه ويصح عتقه وجعله مهرا ويصح الخلع عليه والوصية به فلو قبضه جزافا مكيلا كان أو نحوه لعلمهما قدره: بان شاهدا كيله ونحوه ثم باعه به من غير اعتبار صح وإن أعلمه بكيله ونحوه فقبضه ثم باعه به لم يجز و كذا أن قبضه جزافا أو كان مكيلا فقبضه وزنا وإن قبضه مصدقا لبائعه بكيله ونحوه بريء من عهدته ولا يتصرف قبل اعتباره لفساد القبض وإن لم يصدقه قبل قوله في قدره إن كان المبيع أو بعضه مفقودا أو اختلفا في بقائه على حاله وإن اتفقا

 

ج / 2 ص -110-  على بقائه على حاله وأنه لم يذهب منه شيء أو ثبت ببينة اعتبر بالكيل فإن وافق الحق أو زاد أو نقص يسيرا لا يتغابن الناس بمثله فلا شيء على البائع والمبيع بزيادته للمشتري وإن زاد أو نقص كثيرا يتغابن بمثله فالزيادة للبائع والنقصان عليه والمبيع بصفة أو برؤية سابقة من ضمان البائع حتى يقبضه مشتر ولا يجوز للمشتري التصرف فيه قبل قبضه ولو غير مكيل ونحوه وإن تلف المكيل ونحوه أو بعضه بآفة سماوية قبل قبضه فهو من مال بائع وينفسخ العقد فيما تلف ويخير مشتر في الباقي بين أخذه بقسطه من الثمن وبين رده فلو باع ما اشتراه بما يتعلق به حق توفيه من مكيل ونحوه كما لو اشترى شاة أو شقصا بطعام فقبض الشاة وباعها أو أخذ الشقص بالشفعة ثم تلف الطعام قبل قبضه انفسخ العقد الأول دون الثاني ولم يبطل الأخذ بالشفعة ويرجع البائع الأول على مشتري الشاة أو الشقص بقيمة ذلك ويأخذ المشتري من الشفيع مثل الطعام لأنه الذي وقع عليه العقد لتعذر الرد فيهما وإن أتلفه غير مشتر بائعا كان أو غيره خير مشتر بين الفسخ وأخذ الثمن وللبائع مطالبة متلفه ببدله وبين إمضاء وينقد هو الثمن ويطالب متلفه بمثله إن كان مثليا وإلا فبقيمته وإتلاف مشتر ولو غير عمد ومتهب بإذنه كقبضه ويسعر عليه الثمن وكذا حكم ثمر على شجر قبل جذاذه ويأتي قريبا لو غصب الثمن وإن اختلط بغيره ولم يتميز لم ينفسخ وهما شريكان في المختلط وإن نما ولو بكيل أو نحوه في يد البائع قبل قبضه فللمشتري لأنه من ملكه وهو أمانة في يد البائع لا يضمنه إذا تلف بغير تفريط ولو

 

ج / 2 ص -111-  باع شاة بشعير فأكلته قبل قبضه: فإن لم تكن الشاة بيد أحد انفسخ البيع كالآفة السماوية وإن كانت بيد المشتري أو البائع أو بيد أجنبي فمن ضمان من هي في يده وما عدا مكيل ونحوه كعبد وصبرة ونصفهما يجوز التصرف فيه قبل قبضه ببيع وإجارة وهبة ورهن وعتق وغير ذلك فإن تلف فمن ضمان مشتر تمكن من قبضه أم لا إذا لم يمنعه منه بائع ولمن اشترى منه المطالبة بتقبيضه من شاء من البائع الأول أو الثاني ويصح قبضه قبل نقد الثمن وبعده ولو بغير رضا البائع ولو كان غير معين والثمن الذي ليس في الذمة كثمن وما في الذمة له أخذ بدله لاستقراره وحكم كل عوض ملك بعقد ينفسخ بهلاكه قبل قبضه: كأجرة معينة وعوض معين في صلح بمعنى بيع ونحوهما حكم عوض في بيع في جواز التصرف ومنعه وكذا ما لا ينفسخ بهلاكه قبل قبضه: كعوض طلاق وخلع وعتق على مال ومهر ومصالح به عن دم عمد وأرش جناية وقيمة متلف ونحوه لكن يجب بتلفه مثله أو قيمته وإلا فسخ وإن تعين مالكه في مورث أو وصية أو غنيمة لم يعتبر قبضه وله التصرف فيه قبله لعدم ضمانه بعقد معاوضة: كمبيع مقبوض ووديعة ومال شركة وعارية وما قبضه شرط لصحة عقده كصرف وسلم لا يصح تصرف فيه قبل قبضه ويحرم تعاطيهما عقدا فاسدا فلا يملك به ولا ينفذ تصرفه ويضمنه وزيادته بقيمته كمغصوب لا بالثمن.

 

ج / 2 ص -112-  فصل: ويحصل القبض فيما بيع بكيل
أو وزن أو عد أو ذرع بذلك بشرط حضور مستحق او نائبه فإذا ادعى بعد ذلك نقصان  ما اكتاله أو اتزانه ونحوه أو أنهما غلطا فيه أو ادعى البائع زيادة لم يقبل قولهما ويأتي ذلك آخر السلم وتكره زلزلة الكيل ولو اشترى جوزا وعددا معلوما فعد في وعاء ألف جوزة فكانت ملأه ثم اكتال الجواز بذلك الوعاء بالحساب فليس بقبض وتقدم في كتاب البيع ويصح قبض وكيل من نفسه لنفسه إلا ما كان من غير جنس ماله ويصح استنابة من عليه الحق للمستحق في القبض ووعاؤه كيده ولو قال: اكتل من هذه الصبرة قدر حقك ففعل صح ويأتي لذلك تتمة آخر السلم ولو إذن لغريمه في الصدقة عند بدينه أو صرفه أو المضاربة به لم يصح ولم يبرأ ومؤنة توفية المبيع من أجرة كيل ووزن وعد وزرع ونقد على باذله من بائع ومشتر كما أن على بائع الثمرة سقيها والمراد بالنقاد بل قبض البائع له لأن عليه تسليم الثمن صحيحا أما بعد قبضه فعلى البائع لأنه ملكه بقبضه فعليه أن يبين أنه معيب ليرده وأجرة نقله على مشتر وأما ما كان من العوضين متميزا لا يحتاج إلى كيل ووزن ونحوهما فعلى المشتري مؤنته ويتميز الثمن عن المثمن بدخول باء البديلة ولو كان المثمن أحد النقدين ولو غصب البائع الثمن أو أخذه بلا إذن لم يكن قبضا إلا مع المقاصة ولا ضمان على نقاد حاذق أمين في خطأ ويحصل القبض في صبرة وفيما ينقل بنقله وفيما يتناول بتناوله وفيما عدا ذلك من عقار ونحوه بتخليته مع عدم مانع لكن يعتبر في جواز قبض مشاع بنقل إذن شريكه فيسلم الكل إليه ويكون سهمه في يد القابض أمانة ويأتي في الهبة فإن أبى

 

ج / 2 ص -113-  نصب الحاكم من يقبض ولو سلمه بلا إذن فالبائع غاصب فإن علم المشتري ذلك فقرار الضمان عليه وإلا فعلى البائع وكذا أن جعل الشركة وفي المغني و الشرح في الرهن لا يكفي هنا التسليم إن قلنا استدامة القبض شرط.

فصل:- والإقالة للنادم مشروعة
وهي فسخ تصح في المبيع ولو قبل قبضه من مسلم وغيره ومن مكيل وموزون وبعد نداء الجمعة ومن مضارب وشريكه تجارة بغير إذن فيما اشتراه لظهور المصلحة كما يملك الفسخ بالخيار ومن كل في بيع فباع أو وكل في شراء فاشترى لم يملك الإقالة بغير إذن الموكل وتصح في الإجارة ومن مؤجر وقف إن كان الاستحقاق له ومن مفلس بعد حجر بلا شروط بيع لمصلحة لو وهب والد ولده شيئا ثم باعه الولد ثم رجع إليه لم يمنع رجوع الأب ولو باع أمة ثم أقال فيها قبل القبض أو بعده ولم يتفرقا لم يجب استراء ولو تقايلا في بيع فاسد لا تلزم المشتري ويبقى في يده أمانة كوديعة وتصح بلفظها وبلفظ مصالحة وظاهر كلام كثير من الأصحاب وبلفظ بيع وما يدل على معاطاة خلافا ل القاضي ولا خيار فيها ولا شفعة ولا ترد بعيب ولو قال: اقلني ثم غاب لم تصح لاعتبار رضاه ولا يحنث بها من حلف أو علق طلاقا أو عتقا لا يبيع ولا يبر بها من حلف بذلك ليبيعن وتصح مع ثلث ثمن لا لبيع ولا مع موت متعاقدين أو أحدهما ولا بزيادة على الثمن أو قبض منه أو بغير جنسه والملك باق للمشتري فما

 

ج / 2 ص -114-  حصل من كسب أو نماء منفصل فهو للمشتري وفي إجارة غين فيها كما تقدم.

باب الربا والصرف والحيل
الربا محرم وهو من الكبائر وهو تفاضل في أشياء ونساء في أشياء ومختص بأشياء.
وهو نوعان:- ربا الفضل: وربا النسيئة فأما ربا الفضل فيحرم في كل مكيل وموزون ولو يسيرا لا يتأتى كيله: كتمرة بتمرة أو تمرة بتمرتين ولا وزنه: كما دون الأرزة من الذهب والفضة مطعوما كان أو غير مطعوم فتكون العلة في النقدين كونهما موزني جنس ويجوز إسلامهما1 في الموزون من غيرهما سوى ما فاته: لا ربا فيه بحال ولو قيل هو مكيل لعدم تموله عادة ولا يجرى في مطعوم لا يكال ولا يوزن: كالمعدودات من التفاح والرمان والبطيخ والجوز والبيض ونحوها ولا فيما لا يوزن لصناعته: كالخواتم واللجم والاسطال والإبر والسكاكين والثياب والأكسية من حرير وقطن وغيرهما فيجوز بيع سكين بسكينتين وأبرة بأبرتين ونحوه وكذا فلس بفلسين وجيد الربوى ورديئه وتبره ومضروبه وصحيحه ومكسوره في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يعني جعلهما عوض السلم. وإنما جاز للمشقة والحاجة إلى التعامل بهما وقوله بعد: سوى ما فاته: يريد به سوى ما خرج منهما عن الوزن فلا يجري فيه الربا وعلل ذلك بعدم ممولة. ولكن بعضهم عارض في ذلك لأن علة الربا ليست هي التمول حتى يكون الحكم منفيا عند عدمها.

 

ج / 2 ص -115-  جواز البيع متماثلا وتحريمه متفاضلا سواء: إلا بمثله وزنا وجوز الشيخ بيع مصنوع مباح كخاتم بيع بجنسه بقيمته حالا جعلا للزائد في مقابلة الضعة ونساء مالم يقصد كونها ثمنا وقال: وما خرج عن القوت بالصنعة كنسا فليس بربوي1 وإلا فجنس بنفسه وجهل التساوي حالة العقد: كعلم التفاضل فلو باع بعضه ببعض جزافا أو كان من أحد الطرفين حرم ولم يصح كقوله: بعتك هذه الصبرة بهذه الصبرة وهما من جنس واحد وهما يجهلان كيلهما أو وكيل إحداهما: وإن علما كيلهما وتساويهما صح وإن قال: بعتك هذه الصبرة بهذه الصبرة مكايلة صاعا بصاع أو مثلا بمثل فكيلتا فبان تساويهما في الكيل صح وإلا فلا وإن كانتا من جنسين مثلا بمثل فكيلتا فكانتا سواء صح البيع وإن تفاضلتا فرضي صاحب الزيادة بدفعها إلى الآخر مجانا أو رضي صاحب الناقصة بها مع نقصها اقر العقد وإن تشاحا فسخ ولا يباع ما أصله الكيل بشيء من جنسه وزنا ولا ما أصله الوزن كيلا إلا إذا علم تساويهما في معياره الشرعي فإن اختلف الجنس جاز بيع بعضه ببعض كيلا أو وزنا وجزافا متفاضلا: كذهب بفضة وتمر بزبيب وحنطة بشعير وأشنان بملح وجص بنورة ونحوه والجنس ما له اسم خاص يشمل أنواعا والنوع هو الشامل لأشياء مختلفة بأشخاصها: كذهب وفضة وبر وشعير وتمر وملح فكل شيئين فأكثر أصلهما واحد فهما جنس واحد وإن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 النسا على وزن كلا كما ضبطه الكشاف ولم أجد لها معنى فيما ليدينا من كتب اللغة. وإنما وجدت ناسه على وزن خاصة وهي الخبز المجفف كثيرا.

 

ج / 2 ص -116-  اختلفت مقاصدهما: كدهن ورد وزنبق1 وياسمين ونحوها إذا كانت كلها من دهن واحد فهي جنس واحد والتمر يشتمل على النوى وهما جنسان واللبن يشتمل على المخيض والزبد: وهما جنسان فما داما متصلين فهما جنس واحد وإذا ميز أحدهما على الآخر صارا جنسين وكذلك اللبن: فضان ومعز نوع جنس وسمين ظهر وجنب ولحم أحمر جنس واحد والشحم والإلية والكبد والطحال أجناس ويحرم بيع جنس منها بعضه ببعض متفاضلا وبيع خل عنب بخل زبيب ولو متماثلا به أوله2 ويجوز بيع دبس متساويا3 ولا يجوز بيع لحم بحيوان من جنسه ويصح بحيوان غير جنسه: كبعير مأكول ولا يصح بيع حب بدقيقة ولا بسويقه ولا دقيق حب بسويقة ولا خبز بحب: كبر بسويقه ولا خبز وزلابية وهريسة وفالوذج4 ونشا ونحوها بحبه ولا بدقيقه كيلا ولا وزنا ولا أصله بعصيره: كزيتون بزيته ونحوه ولا خالصه ومشوبه بمشوبه: كحنطة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الزنبق بفتح الزاي وسكون النون يطلق على دهن الياسمين وعلى نوع من الورد والأخير هو المراد.
2 خل الزبيب يحتوي على الماء عادة خل العنب. فلعل المصنف يريد بقوله متماثلا به أن خل العنب يكون ممزوجا بالماء كالآخر وبقوله: أوله التماثل في القدر ويكون المعنى حرمة البيع ولو اتحدا وصفا وقدرا.
3 الدبس: بكسر الدال وسكون الياء عسل التمر وعسل النحل.
4 الفاذلوج وما سيذكر بعد من السنبوسك والحريرة والخشكانك أسماء لما يتخذ من دقيق البر: وهي تشبه ما نسميه نحن كنافة، وبسبوسة، وبقلاوة، وقطايف، وهكذا.

 

ج / 2 ص -117-  بحنطة فيها شعير يقصد تحصيله أو فيها زوان أو تراب يظهر أثره إلا اليسير1 ولا يصح بيع عسل بعسل فيه شمعه ولا لبن بكشك ولا حب جيد بمسوس بل بخفيف وعتيق ولا رطبه بيابسه كالرطب التمر والعنب بالزبيب والحنطة المبلولة أو الرطبة باليابسة: إلا في العرايا ويأتي ومطبوخة وما فيه من الملح والماء غير المقصود لا يضر: كالملح في الشيرج كيلا فإن كان فيه من غيره من فروع الحنطة مما هو مقصود: كالهريسة والحريرة والفالوذج وخبز الأبازير فلا يجوز والخشكانك والسنبوسك ونحوه ولا بيع نوع منه بنوع آخر ويجوز بيع الرطب والعنب واللبأ والأقط والسمن ونحوه بمثله متساويا والتساوي بين الأقط والأقط وبين الرطب والرطب بالكيل ونشائه بنشائه إذا استويا في النشاف أو الرطوبة وزنا متساويا وفي المبهج لا يجوز فطير بخمير ورطب برطبه ولا يصح بيع زبد بسمن ويجوز أن بمخيض لا بلبن وفروعه كاللبا ونحوه ولا بيع لبن بمخيض ولا بيع أصل بفرعه أو جامد أو بمصل أو جبن أو أقط ولا يصح بيع المحاقلة: وهو بيع الحب المشتد في سبله بحب من جنسه ويصح بغير جنسه مكيلا كان أو غيره ولا المزابنة: وهي التي رخص فيها: وهي بيع الرطب في رؤس النخل خرصا بمآله يابسا بمثله من التمر كيلا معلوما لا جزافا فما دون خمسة أو سق لمن جاء وبه حاجة إلى أكل الرطب ولا نقد معه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الزوان بفتح الزاي وضمها وكسرها مع تخفيف الواو ما يخالط القمح وهو ما يسمى عند بعض الناس  بخزا بفتح الياء وسكون الخاء.

 

ج / 2 ص -118-  فيصح ولو غير موهوب لبائعه1 فإن كان خمسة أو سق فأكثر بطل في الجميع ويشترط فيها حلول وقبض من الطرفين في مجلس بيعها فالقبض في نخل بتخليته وفي تمر بكيله ولو أسلم أحدهما ثم مشيا معا إلى الآخر فتسلمه صح ولو باع رجل عارية من رجلين فأكثر وفيها أكثر من خمسة جاز فلا ينفذ في حق البائع بل ينفذ في حق المشتري وإن اشترى عريتين فأكثر من رجلين فأكثر وفيهما أقل من خمسة أو سق جاز ولا يجوز بيع العرية لغني لو باعها أو اشتراها بخرصها رطبا لم يجز ولو احتاج إلى أكل التمر ولا ثمن معه إلا الرطب لم يبعه به فلا تعتبر حاجة البائع ولا يباع الرطب الذي على الأرض بتمر ولا يصح بيع ربوي بجنسه ومع أحدهما أو معهما من غير جنسهما: كمد عجوة و درهم بمثلهما أو بمدين ولو دفع إليه درهمين وقال: أعطني بهذا الدرهم فلوسا وبالآخر نصفين: صرف نصف وإن باع نوعي جنس أو نوعا بنوع منه أو نوعين أو قراضة وصحيحا بصحيحين أو بقراضتين أو حنطة حمراء وسمراء بيضاء أو تمرا برنيا ومعقليا بإبراهيمي ونحوه صح وما لا يقصد عادة ولا يباع مفردا كذهب مموه به سقف دار فيجوز بيع الدار بذهب وكذا ما لا يؤثر في كيل أو وزن فيما يبع بجنسه لكونه يسيرا: كالملح فيما يعمل فيه أو كثيرا إلا أنه لمصلحة المقصود كالماء في خل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قوله ولو غير موهوب لبائعه: رد على ما اشترط في بيع العرايا أن يكون التمر المبيع على رؤس النخل موهو بالبائعه. فإن ذلك خلاف مفادا لحديث الوارد في هذه الرخصة.

 

ج / 2 ص -119-  التمور وخل الزبيب فلا يمنع بيعه بمثله: لا بيعه بخل العنب لأنه كبيع التمر بالرطب وإن كان كثيرا وليس من مصلحته كاللبن المشروب بالماء بمثله والأثمان المغشوشة بغيرها لم يجز وإن باع دينارا مغشوشا بمثله وعلم تساوي الغش الذي فيهما جاز لتمائلهما في المقصود وفي غيره ولا يمنع بيع نخلة عليها رطب أو تمر بمثلها أو برطب ولا يصح بيع تمر منزوع التوى بما نواه فيه لاشتمال أحدهما على ما ليس من جنسه وكذا أن نزع النوى ثم باع النوى والتمر المنزوع نواه بنوى وتمر لم يصح ويصح بيع لبن شاة ذات لبن ودرهم فيه نحاس بنحاس أو بمثله متساويا وإن باع منزوع النوى بمنزوع جاز ومرجع الكيل عرف المدينة والوزن عرف مكة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وما لا عرف له اعتبر عرفه في موضعه فإن اختلفت البلاد اعتبر الغالب1 فإن لم يكن رد إلى أقرب الأشياء به شبها بالحجاز فإن تعذر رده رجع إلى عرف بلده والبر والشعير مكيلان ونحوهما ويجوز التعامل بكيل لم يعهد ومن الموزون الذهب والفضة والنحاس الحديد والرصاص والزئبق والكتان والقطن والحرير والقز والشعير والوبر والصوف والغزل واللؤلؤ والزجاج والطين الأرمني الذي يؤكل دواء واللحم والشحم والشمع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الرجوع إلى عرف مكة والمدينة على عهد النبوة لا نزاع به. فإذا لم يكن للشيء عرف في مكة والمدينة على عهد النبوة ففي الأمر وجهان أحدهما يرجع فيه إلى ما يشبهه بالبلدين- والثاني يرجع إلى عرف كل بلد على حدته. فإذا لم يكن له عرف في موضعه رجع إذن إلى ما يشبهه بالمدينتين.

 

ج / 2 ص -120-  والزعفران والعصفر والدرس والورس والخبز والجبن والعنب والزبد ونحوه وغير المكيل الموزون: كالثياب والحيوان والجوز والبيض والرمان والقثاء والخيار وسائر الخضر والبقول والسفرجل والتفاح والكمثرى والخودع والخودج ونحوهما.

فصل:- وأما ربا النسيئة:
فكل شيئين ليس أحدهما نقدا: بأن باع مدبر بجنسه أو بشعير ونحوه أو بنحاس ونحوه - لا يجوز النساء فيهما فيشترط الحلول والقبض في المجلس فإن تفرقا قبله بطل العقد وإن كان أحدهما نقدا ولو في صرف فلوس نافقة به وإن اختلفت العلة فيهما كما لو باع مكيلا بموزون - جاز التفرق قبل القبض والنساء وما كان مما ليس بمكيل ولا موزون: كثياب وحيوان وغيرهما يجوز النساء فيه متساويا أو متفاضلا ولا يصح بيع كالىء بكالىء وله صور منها بيع ما في الذمة حالا من عروض وأثمان بثمن إلى أجل لمن هو عليه أو لغيره ومنها لو كان لكل واحد من اثنين دين على صاحبه من غير جنسه: كالذهب والفضة وتصارفا ولم يحضرا شيئا أو كان عنده أمانة جاز ولا يجبر أحدهما على ما لا يريده ولو كان لرجل على رجل دينار فقضاه دراهم شيئا بعد شيء: فإن كان يعطيه كل درهم بحسابه من الدينار صح فإن لم يفعل ثم تحاسبا بعد وصارفه بها وقت المحاسبة لم يجز وإن صارفه عما في ذمته ولو كان مؤجلا بعين مقبوضة بالمجلس صح.

 

ج / 2 ص -121-  فصل: في المصارف
وهي بيع نقد بنقد والقبض في المجلس شرط لصحته فإن طال المجلس أو تماشيا مصطحبين إلى منزل أحدهما أو إلى الصراف فتقابضا عنده جاز ويجوز في الذمم بالصفة لأن المجلس كحالة العقد فمتى افترقا قبل التقابض أو افترقا عن مجلس السلم قبل قبض رأس ماله بطل العقد وإن قبض البعض فيهما ثم افترقا كفرقه خيار المجلس بطل فيما لم يقبض فقط ولو وكل المتصارفان أو أحدهما من يقبض له فتقابض الوكيلان قبل تصرف الموكلين جاز وإن تفرقا قبل القبض بطل الصرف: افترق الوكيلان أولا ولو كان عليه دنانير ودراهم فوكل غريمه في بيع داره واستيفاء دينه من ثمنها فباعها بغير جنس ما عليه لم يجز أن يأخذ منها قدر حقه لأنه لم يأذن له في مصارفة نفسه وإن مات أحد المتصارفين قبل التقابض بطل لا بعده وإن تصارفا على عينين من جنسين ولو بوزن متقدم أو أخبار صاحبه وظهر غصب أو عيب في جميعه ولو يسيرا من غير جنسه: كنحاس في الدراهم والمس1 في الذهب بطل العقد وإن ظهر في بعضه بطل العقد فيه فقط فإن كان العيب من جنسه: كالسواد في الفضة الخشونة وكونها تنفطر عند الضرب أو أن سكنها مخالفة لسكة السلطان - فالعقد صحيح وله الخيار فإن رده بطل وإن أمسكه فله أرشه في المجلس وكذا بعده أن جعل من غير جنس الثمن وكذا سائر أموال الربا أن بيعت بغير جنسها فلو باع تمرا بشعير فوجد بأحدهما عيبا فأخذ أرشه درهما ونحوه جاز ولو بعد التفرق وإن تصارفا في الذمة على جنسين والعيب من جنسه: فإن وجد فيه قبل التفرق فالعقد صحيح وله أخذ بدله أو أرشه قبل التفرق وإن وجد بعد التفرق لم يبطل العقد أيضا وله إمساكه مع أرش ورده

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 بقول صاحب الكشاف: المس نوع من النحاس ولم أعثر عليه في كتب اللغة.

 

ج / 2 ص -122-  وأخذ بدله في مجلس الرد فإن تفرقا قبل اخذ بدله في مجلس الرد بطل فلو ظهر بعضه معيبا فحكمه ما لو وجد جميعه وإن كان من غير جنسه فالعقد صحيح وله رده قبل التفرق وأخذ بدله وبعده يفسد العقد وإن عين أحدهما دون الآخر فلكل حكم نفسه وكذا الحكم فيهما إذا كانت المصارفة أو ما يجري فيه الربا من جنس واحد: إلا أنه لا يصح أخذ أرش ومتى فضة بدينار ونصف ودفع إلى البائع دينارين ليأخذ قدر حقه منه فأخذه ولو بعد التفرق صح والزائد أمانة في يده ولو صارفه خمسة دراهم بنصف دينار فأعطاه دينارا صح ويكون نصفه له والباقي أمانة في يده ويتفرقان ثم أن صارفه بعد ذلك للباقي له منه أو اشترى به منه شيئا أو جعله سلما في شيء أو وهبه إياه جاز ولو اقترض الخمسة منه وصارفه بها عن الباقي أو صارفه دينارا ثم اقترض منه ودفعها عن الباقي صح بلا حيلة ومن عليه دينار فقضاه دراهم متفرقة: كل نقدة بحسابها من الدينار صح وإلا فلا ويصح اقتضاء نقد من آخر أن حضر أحدهما أو كان أمانة عنده والآخر في الذمة مستقر بسعر يومه ولا يشترط حلول وإن كان في ذمتيهما فاصطرفا لم يصح وتقدم بعضه ولو كان لرجل على رجل عشرة دنانير فوفاه نقدا فوجدها أحد عشر كان الدينار الزائد في يد القابض مشاعا مضمونا لمالكه وإن كان له عنده دينار وديعة فصارفه به وهو معلوم بقاؤه أو مظنون صح الصرف وإن ظن عدمه لم يصح وإن شك فيه صح فإن تيقن عدمه

 

ج / 2 ص -123-  حين العقد تبينا أن العقد وقع باطلا والدراهم والدنانير تتعين بالتعيين في جميع عقود المعارضات: كبيع وصلح بمعناه وأجرة وصداق وعوض عتق وخلع وما صولح به عن دم عمد أو غيره فلا يصح ولا يجوز للمشتري إبدالها ويبطل العقد بكونها مغصوبة ويملكها بائع بمجود التعيين فيصح تصرفه فيها قبل قبضها وإن تلفت فمن ضمانه وإن وجدها البائع معيبة من غير جنسها بطل العقد فقط ومن جنسها خير بين فسخ وإمساك بلا أرش إن كان العقد على جنس وإلا فله أخذ أرش في المجلس وبعده أن جعلاه من غير جنس الثمن كما تقدم ويحصل التعيين بالإشارة كقوله: بعتك هذا الثوب بهذه الدراهم أو بهذه فقط من غير ذكر الدراهم أو بعتك هذا بهذا يحرم الربا بين المسلمين وبين المسلم والحربي في دار الإسلام ودار الحرب ولو لم يكن بينهما أمان ما لم يكن بينه وبين رقيقه ولو مدبرا أو أم ولد ومكاتبا في مال الكتابة ونجوز المعاملة بمغشوش من جنسه لم يعرف وكذا بغير جنسه وكذا يجوز ضربه إذا كان شيئا اصطلحوا عليه: كالفلوس ولأنه لا تغرير فيه لكن يكره وإن اجتمعت عنده دراهم زيوف فإنه يسلبها ولا يبيعها ولا يخرجها في معاملة ولا صدقة فإن قابضها ربما خلطها بدراهم جيدة وأخرجها على من لا يعرف حالها فيكون تغريرا للمسلمين وكان ابن مسعود يكسر الزيوف وهو على بيت المال وتقدم بعض ذلك في زكاة الذهب وتقدم كلام الشيخ في الكيمياء - وقال: لا يجوز

 

ج / 2 ص -124-  بيع الكتب التي تشتمل على معرفة صناعتها ويجوز إتلافها انتهى - ويحرم قطع درهم ودينار وكره ولو لصياغة وإعطاء سائل إلا أن يكون رديئا أو يختلف في شيء منها هل هو جيد أو رديء فيجوز كسره استظهارا لحاله وتكره كتابة القرآن على الدرهم والدينار والحياصة قال أبو المعالي: ونثرها على الراكب وأول ما ضربت الدراهم على عهد الحجاج ولا يجوز بيع تراب الصاغة والمعدن بشيء من جنسه والحيل التي تحرم حلالا أو تحلل حراما كلها محرمة لا تجوز في شيء من الدين وهي أن يظهر عقدا يريد به محرما مخادعة وتوصلا إلى فعل ما حرم الله أو إسقاط واجب أو دفع حق فمنها لو أقرضه شيئا وباعه سلعة بأكثر من قيمتها أو اشترى منه سلعة بأقل من قيمتها توسلا إلى أخذ العوض عن القرض ومنها أن يستأجر أرض البستان بأمثال أجرتها ثم يساقيه على ثمر شجر بجزء من ألف للمالك والباقي للعامل ولا يأخذ المالك منه شيئا ولا يريدان ذلك وإنما قصدهما بيع الثمرة قبل وجودها بما سمياه والعامل لا يقصد سوى ذلك وربما لا ينتفع بالأرض التي سمى الأجرة في مقابلتها وقد ذكر ابن القيم في أعلام الموقعين من ذلك صورا كثيرة جدا يطول ذكرها فلتعاود.

باب بيع الأصول والثمار
الأصول: أرض ودور وبساتين ونحوها إذا باع دارا تناول البيع أرضها بمعدنها الجامد وبناءها وسقفها ودرجها وفناءها وما فيها من شجر وعريش: وهو ما تحمل عليها الكروم وما اتصل بها

 

ج / 2 ص -125-  لمصلحتها: كسلاليم ورفوق مسمرة وأبواب منصوبة وخوابي مدفونة للانتفاع بها وأجرنة مبنية وحجر رحى سفلاني منصوبة وكذا وما كان في الأرض من الحجارة المخلوقة أو مبنيا كأساسات الحيطان المنهدمة والآجر وإن كان ذلك يضر بالأرض وينقصها: كالصخر المضر بعروق الشجر فهو عيب يثبت للمشتري الخيار بين الرد والإمساك مع الأرش إذا لم يكن عالما وإن كان الحجارة والآجر مودعا فيها للنقل عنها فهو للبائع ويلزمه نقلها وتسوية الأرض وإصلاح الحفر وإن كان قلعها يضر بالأرض ويتطاول فهو عيب كما تقدم ولا يتناول البيع أيضا ما كان مودعا فيها من كنز مدفون ولا منفصلا عنها وكذا رحى غير منصوبة وخوابي موضوعة من غير أن يطين عليها ولو كان من مصلحة المتصل بها كمفتاح وحجر رحى فوقاني إذا كان السفلاني منصوبا ومعدن جار أو ماء نبع في بئر وعين لا نفس البئر ونحوه فإنه لمالك الأرض فإن كان فيها متاع له لزمه نقله منها بحسب العادة فلا يلزمه ليلا ولا جمع الحمالين فإن طالت مدة نقله عرفا نقل جماعة فوق ثلاثة أيام فعيب فتثبت اليد عليها وإن كانت مشغولة بمتاعة وكذا كل موضع يعتبر فتثبت اليد عليها وإن كانت مشغولة بمتاعة وكذا كل موضع يعتبر فيه القبض كرهن ونحوه - قال في المغني - في الرهن وإن خلى بينه وبينها من غير حائل: بان فتح له باب الدار وسلم إليه مفتاحها صح التسليم ولو كان فيها قماش للراهن - وكذا لو رهنه دابة عليها حمل للراهن وسلمها إليه به ولا أجرة لمدة نقله وإن أبى النقل فللمشتري إجباره على تفريغ ملكه وإن ظهر في الأرض معدن جامد فله الخيار وإن باع أو رهن أرضا أو بستانا

 

ج / 2 ص -126-  أو أر أو أوصى به أو أوقفه أو أصدقه أو جعله عوضا في خلع أو وهبه دخل أرض وغراس وبناء ولو لم يقل بحقوقها: لا شجر مقطوع ومقلوع فإن قال: بعتك هده الدار وثلث بنائها أو وثلث غراسها ونحوه لم يدخل في البيع إلا الجزء المسمى وكذلك لو قال: بعتك نصف الأرض وربع الغراس ويدخل ماؤها تبعا ولو قرية لم تدخل مزارعها إلا بذكرها أو بقرينة: كمساومة على أرضها وذكر الزرع والغرس فيها وذكر حدودها أو بذل ثمن لا يصلح إلا فيها وفي أرضها ونحوه وقاله الموفق وغيره وإن لم تكن قرينة فالبيع يتناول البيوت والحصن والدائر عليها وأما الغراس بين بنيانها فحكمه حكم الغراس في الأرض فيدخل كما تقدم ولا يدخل زرع ولا بذره وإن باعه شجرة فله تبقيتها في أرض البائع كثمر على شجر ويثبت له حق الاجتياز وله الدخول لمصالحها فلا يدخل منبتها من الأرض بل يكون له حق الانتفاع في الأرض فلو انقلعت أو بادت لم يملك إعادة غيرها مكانها وإن كان في الأرض زرع يجذ مرة بعد أخرى: كالرطبة والبقول سواء كان مما يبقى كالهندبا أو أكثر كالرطبة أو تتكرر ثمرة: كالقثاء والباذنجان أو زهرة كبنفسج ونرجس وورد وياسمين ونحوها فالأصول للمشتري وكذلك أوراقه وغصونه فهو كورق الشجر وأغصانه والجزة واللقطة الظاهرتان والزهر الظاهر منه للبائع إلا أن يشترطه المبتاع وعلى البائع قطع ما يستحقه منه في الحال وإن كان فيها زرع لا يحصد إلا مرة نبت

 

ج / 2 ص -127-  أولا: كبر وشعير وقطنيات ونحوها: كجزر وفجل وثوم وبصل ونحوه أو قصب سكر وكذا القصب الفارسي إلا أن عروقه للمشتري لم يدخل وهو لبائع يبقى إلى حصاد وقلع بلا أجرة إن لم يشترطه مشتر فإن اشترطه فهو له فضلا كان أو ذا حب مستترا أو ظاهرا معلوما أو مجهولا ويأخذه بائع أول وقت أخذه ولو كان بقاؤه انفع له ويؤخذ القصب الفارسي في أول وقته الذي يقطع فيه وعليه إزالة ما يبقى من عروقه المصرة بالأرض كذرة وكذا إن لم يضر بها وتسوية الحفر وإن ظن مشتر دخول زرع البائع أو ثمر على شجر وأدعى الجهل به ومثله يجهله فله الفسخ ولو كان في الأرض بذر فحكمه حكم الشجر علقت عروقه أولا إذا أريد به الدوام في الأرض وإن لم يرد به الدوام بل النقل إلى موضع آخر - ويسمى الشتل - أو كان أصله لا يبقى في الأرض فكزرع فإن لم يعلم المشتري بذر الأرض ونحوه فله فسخ البيع ومضاربة فإن تركه البائع للمشتري أو قال: أنا أحوله وأمكن ذلك في زمن يسير لا يضر بمنافع الأرض فلا خيار للمشتري وكذلك إن اشترى نخلا فيها طلع فبان قد تشقق فله الخيار فإن تركها له البائع فلا خيار له وإن قال أنا أقطعها إن لم يسقط خياره ولو باع الأرض بما فيها من البذر صح فيدخل تبعا وإن ذكره قدره وصفته كان أولى والحصاد ونحوه على البائع فإن حصده قبل أو أن الحصاد لينتفع بالأرض في غيره لم يملك الانتفاع بها: كما لو باع دارا فيها متاع لا ينقل في العادة إلا في شهر فتكلف نقله في يوم لينتفع بالدار في غيره بقية الشهر.

 

ج / 2 ص -128-  فصل:- ومن باع نخلا قد تشقق طلعه
ولو لم يؤبر أو طلع فحال تشقق يراد للتلقيح أو صالح به أو جعله صداقا أوض عوخلع أو أجرة أو رهنه أو وهبه أو أخذه بتشققه فالتمر فقط دون العراجين ونحوها لمعط متروكا في النخل إلى الجذاذ وذلك حين تناهى حلاوة ثمرتها وفي غير النخل حين يتناهى إدراكه: سواء استحقها بشرطه أو بطهورها ما لم تجر عادة بأخذه أي ثمر النخل بسرا أو كان بسره خيرا من رطبه فإنه يجزه حين تستحكم حلاة بسره وإن قيل أن بقاءه في شجره خير له أبقى فإن لم يشترط قطعه ولم تتضرر الأصول ببقائه1 فإن شرط قطعه أو تضرر الأصل اجبر على القطع هذا إن لم يشترطه آخذ الأصل: بخلاف وقف ووصية فإن الثمرة تدخل فيها كفسخ لعيب ومقايلة في بيع ورجوع أب في هبة - قاله في المغني ومن تابعه لأن الطلع المتشقق عنده زيادة متصلة لا تتبع في الفسوخ انتهى - لكن يأتي في الهبة أن الزيادة المتصلة تمنع الرجوع فيحمل ما هنا على ما إذا كان الطلع موجودا حال الهبة ولم يزد وصرح القاضي و ابن عقيل أيضا في التفليس والرد بالعيب أنه زيادة متصلة وذكره منصوص أحمد فلا تدخل الثمرة في الفسخ ورجوع الأب وغير ذلك وهو المذهب على ما ذكروه في هذه المسائل ولو اشترط أحدهما جزءا من الثمرة معلوما صح فيه اشتراطا جميعها فمن اشترطها منهما فهي له قبل أن تتشقق أو بعده وكذلك الشجر إذا كان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يظهر أن في الكلام سقطة لفظ: هو جواب أن الشرطية. ولعل تقديره: أبقى والمقام يرشد إلى ذلك للمتأمل.

 

ج / 2 ص -129-  فيه ثمر باد عند العقد كعنب وتين وتوت ورمان وجوز وما ظهر من نوره ويتناثر: كمشمش وتفاح وسفرجل ولوز وما خرج من أكمامه: كورد وقطن وما قبل ذلك فهو للمشتري فإن اختلفا: هل بدأ بيع أو بعده؟ فقول بائع والورق للمشتري: سواء كان ورق توت يقصد أخذه لتربية دود القز أو نحوه وإن ظهر بعض الثمرة أو تشقق طلع بعض نخل فما ظهر لبائع وما لم يظهر أو يتشقق فلمشتر سواء كان من نوع ما تشقق أو غيره إلا في الشجرة الواحدة فالكل لبائع ونص أحمد ومفهوم الحديث: عمومها يخالفه ولبائع ولمشتر سقى ما له إن كان فيه مصلحة لحاجة وغيرها ولو تضرر الآخذ فلا يمنعان وأيهما التمس السقي فمؤنته عليه ولا يلزم أحدهما سقى ما للآخر.

فصل:- ولا يصح بيع الثمرة قبل بدو صلاحها
ولا الزرع قبل اشتداد حبه إلا بشرط القطع في الحال إن كان منتفعا به حينئذ ولم يكن مشاعا بان يشتري نصف الثمرة قبل بدو صلاحها مشاعا أو نصف الزرع قبل اشتداد حبه مشاعا فلا يصح شرط القطع لأنه لا يمكن قطعه إلا بقطع ما يملكه وليس له ذلك إلا أن يبيعه مع الأصل بان يبيع الثمرة مع الشجرة أو يبيع الزرع مع الأرض أو يبيع الثمرة لمالك الأصل أو الزرع لمالك الأرض فيجوز وإن شرطه عليه القطع في الحال صح ولا يلزم مشتريا الوفاء به لأن الأصل له وكذا حكم رطبه ويقول فلا يباع مفردا بعد بدو صلاحه الأجزة جزة بشرط جذه

 

ج / 2 ص -130-  في الحال وإن اشترى الثمرة شرط القطع ثم استأجر الأصول أو استعارها لتبقيتها إلى الجذاذ لم يصح ولا يباع القثاء ونحوه إلا لقطة لقطة: إلا أن يبيعه مع أصله ولو لم يبع مع أرضه وإن باعه دون أصله فإن لم يبد صلاحه لم يصح إلا بشرط قطعه في الحال إن كان ينتفع به ويصح بيع هذه الأصول التي تتكرر ثمرتها من غير شرط القطع: صغارا كانت الأصول أو كبارا: مثمرة أو غير مثمرة والقطن إن كان له أصل يبقى في الأرض أعواما: كقطن الحجاز فحكمه حكم الشجر فيجوز إفراده بالبيع وإن بيعت الأرض دخل في البيع وثمره كالقطع أن تفتح فلبائع وإلا فلمشتر وإن كان يتكرر زرعه كل عام فزرع ومتى كان جوزه ضعيفا رطبا لم يقو ما فيه لم يصح بيعه إلا بشرط القطع: كالزرع الأخضر وإن قوى حبه واشتد جاز بيعه بشرط التبقية: كالزرع إذا اشتد حبه وكذا الباذنجان والحصاد واللقاط والجذاذ على المشتري فإن شرطه على البائع صح وإن باعه مطلقا فلم يذكر قطعا ولا تبقية أو باعه بشرط التبقية لم يصح وإن اشترى حصيدا قطعه ثم نبت أو سقط من الزرع حب فنبت في العام المقبل: ويسمى الزريع فلصاحب الأرض وإن شرط القطع ثم أخره حتى بدا صلاح الثمرة أو طالت الجذة أو اشترى عرية ليأكلها رطبا فأخر حتى أثمرت أو الزرع حتى اشتد بطل البيع بمجرد الزيادة والأصل والزيادة للبائع: لكن يعفى عن يسيرها عرفا: كاليوم واليومين وإن تلفت بحائه قبل التمكن من أخذه ضمنه بائع وإلا فعلى مشتر ولو باع شجرا فيه ثمر له ونحوه فلم يأخذه حتى حدثت ثمرة أخرى فلم

 

ج / 2 ص -131-  تتميز فهما شريكان بقدر ثمرة كل واحد منهما فإن لم يعلم قدرها اصطلحا والبيع صحيح وإن أخر خشب مع شرطه فنما وغلظ فالبيع لازم ويشتركان في الزيادة.

فصل:- وإذا بدا صلاح الثمرة
واشتد الحب جاز بيعه مطلقا وبشرط التبقية وللمشتري تبقيته إلى الحصاد والجذاذ ويلزم البائع سقيه ويجبر إن أبى ولو تضرر الأصل ولمشتريه تعجيل قطعه وبيعه قبل أخذه وإن تلفت ثمرة ولو في غير النخل أو بعضها ولو أقل من الثلث بجائحة سماوية: وهي ما لا يصنع لآدمي فيها: كريح ومطر وثلج وبرد برد وجليد وصاعقة ولو بعد قبضها وتسلمها بالتخلية رجع على بائع الثمرة التالفة: لكن يسامح في تلف يسير لا ينضبط ويوضع من الثمن بتلف البعض بقدر التالف وإن تعيبت بها من غير تلف خير بين إمضاء مع أرش وبين رد وأخذ الثمن كاملا وإن اختلفا في التلف أو قدره فقول بائع ومحل الجائحة ما لم يشترها مع أصلها أو يؤخرها عن وقت أخذها فإن كان ذلك فمن ضمان مشتر وما له أصل يتكرر حمله: كقثاء وخيار وباذنجان وشبهها: كشجر وثمره فيما تقدم من جائحة وغيرها وإن أتلفه آدمي معين أو بمسكر ولو صول1 خير مشتر بين فسخ وإمضاء ومطالبة متلف وإن تلف الجميع بالجائحة بطل العقد ويرجع المشترى بجميع الثمن وفي الأجوبة المصرية لو استأجر بستانا أو أرضا وساقاه على الشجرة بجزء من ألف جزء إذا تلف الثمر بجراد ونحوه من الآفات السماوية فإنه يجب وضع الجائحة عن المستأجر المشتري فيحط

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا في الأصل.

 

ج / 2 ص -132-  عنه العوض بقدر ما تلف: سواء كان العقد فاسدا أو صحيحا وإن اشترى الثمرة قبل بدو صلاحها بشرط القطع بجائحة بعد تمكنه من قطعها فمن ضمانه وإن لم يتمكن فمن ضمان بائع وإن استأجر أرضا فزرعها فتلف الزرع فلا شيء على المؤجر وصلاح بعض ثمرة شجرة صلاح لها ولسائر النوع الذي في البستان الواحد لا الجنس ولو أفرز ما لم يبد صلاحه مما لا بدا صلاحه وباعه لم يصح وإذا اشتد بعضه حب الزرع جاز بيع جميع ما في البستان من نوعه: كالشجرة فصلاح تمر النخل أن يحمر أو يصفر والعنب أن يتموه بالماء الحلو وما يظهر ثمره: فما واحدا من سائر الثمرة أن يظهر فيه النضج ويطيب وفي حب أن يشتد أو يبيض.

 

ج / 2 ص -133-  فصل:- ومن باع رقيقا له مال
ملكه سيده إياه أو خصه به أو عليه حلى فماله وحليه للبائع: إلا أن يشترطه أو بعضه المبتاع فيكون به ما اشترط فإن كان قصده المال اشترط عليه وسائر شروط البيع وله الفسخ بعيب ماله كهو وإن لم يكن قصده المال وقصد ترك المال للرقيق لينتفع به وحده لم يشترط فإن كان عليه ثياب فقال أحمد: ما كان للجمال فهو للبائع وما كان للبس المعتاد فهو للمشتري ويدخل حذاء الفرس ومقود دابة ونعلها ونحوهن في مطلق البيع وإذا اشترط مال الرقيق ثم رده بإقالة أو خيار أو عيب رد ماله فإن تلف ماله وأراد رده فعليه ما تلف عنده ولا يفرق بينه وبين امرأته ببيعه بل النكاح باق.

باب السلم والتصرف في الدين وما يتعلق به
وهو عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض في المجلس ويشترط له ما يشترط للبيع: إلا أنه يجوز في المعدوم ويصح بلفظ بيع وسلم وسلف وبكل ما يصح به البيع ولا يصح إلا بشروط سبعة:- أحدها أن يكون فيما يمكن ضبط صفاته من المكيل من حبوب وغيرها والموزون من الإخباز واللحوم النيئة ولو مع عظمه أن عين موضع القطع: كلحم فخذ وجنب وغير ذلك ويعتبر قوله إذا اسلم في بقر أو غنم أو ضان أو معز جذع أو ثنى ذكر أو أنثى خصي أو غيره رضيع أو فطيم معلوف أو راعية سمين أو هزيل ويلزم قبول اللحم بعظامه: كالنوى في التمر فإن كان السلم في طير لحم لم يحتج إلى ذكر الأنوثية والذكورية: إلا أن يختلف بذلك: كلحم الدجاج ولا إلى ذكر موضع القطع: إلا أن يكون كبيرا يؤخذ منه بعضه ويلزمه إذا أسلم في لحم طير قبول الرأس والساقين ويذكر في السمك النوع: بركي أو غيره والكبر والصغر والسمن والهزال والطري والملح ولا يقبل الرأس والذنب وله ما بينهما ولا يصح في اللحم المطبوخ ولا المشوي ويصح في الشحوم المذروع من الثياب وأما المعدود المختلف فيصح في الحيوان منه ولو آدميا: لا في الحوامل من الحيوان ولا في شاة لبون ولا في أمة وولدها أو أختها أو عمتها أو خالتها لندرة جمعهما في الصفة ولا في فواكه معدودة فأما

 

ج / 2 ص -134-  المكيلة: كالرطب ونحوه والموزونة: كالعنب ونحوه فيصح فيه ولا يصح في بقول وجلود ورؤس وأكارع وبيض ورمان ونحوها ولا في أوان مختلفة رؤس وأوساط: كقماقم وأصطال ضيقة رؤس وقيل يصح حيث أمكن ضبطها ويصح فيما يجمع أخلاطا معقودة متميزة: كثياب منسوجة من نوعين ونشاب ونبل مريشين وخفاف ورماح ومستورة ونحوها: لا فيما يجمع أخلاطا غير متميزة كقسي مشتملة على خشب وقرن وعصب وتور ونحوها ويصح في شهد وزنا ولا يصح فيما لا ينضبط: كالجواهر كلها من در وياقوت وعقيق وشبهه ولا في عين من عقار شجر نابت وغيرهما وما لا ينفعه خلط: كلبن مشرب أو لا يتميز: كمغشوش من أثمان ومعاجين وطوب وند وغالية ويصح فيما يترك فيه شيء غير مقصود لمصلحة ويصح في أثمان ويكون رأس المار غيرها لأن كل ما لين حرن النساء فيها لا يجوز أن يسلم أحدهما في الآخر ويصح في فلوس عددية أو وزنية ولو كان رأس مالها أثمانا لأنها عوض وهذا أصوب: لكن إن كانت وزينة فاسلم فيها موزونا: كصوف ونحوه لم يصح لاجتماعهما في علة ربا النسيئة ويصح في عرض بعرض فلو جاءه بعين ما أخذ منه عند محله لزمه قبوله أن اتحد صفة ومنه لو أسلم جارية صغيرة في كبيرة فجاء المحل وهي على صفة المسلم فيه فاحضرها لزمه قبولها فإن فعل ذلك حيلة لينتفع بالعين أو ليطأ الجارية ثم يردها بغير عوض لم يجز.

 

ج / 2 ص -135-  فصل:- الثاني أن يصفه بما يختلف به الثمن
ظاهرا فيذكر جنسه ونوعه فيقول: برني أو معقلي ونحوه وقدر حبه صغارا أو كبارا ولونه أن اختلف: كالطبرزذ1 يذكر بلده فيقول: كوفي أو بصري وحداثته وقدمه فإن أطلق العتيق أجزأ أي عتيق كان ما لم يكن مسوسا ولا منشفا ولا متغيرا وإن شرط عتيق عام أو عامين فهو على ما شرط فيقول: حديث أو قديم وجودته وداءته فيقول: جيد أو رديء والرطب: كالتمر في هذه الأوصاف إلا الحديث والعتيق وله من الرطب ما أرطب كله ولا يأخذ مشدحا2 ولا ما قارب أن يتم وهكذا ما يشبهه من العنب والفواكه كذلك سائر الأجناس يذكر فيها ما يختلف به الثمن كالجنس والجودة والرداءة والقدر شرط في كل مسلم فيه ويميز مختلف نوع وسن حيوان وذكوريته وسمنه وراعيا وبالغا وضدها ويذكر اللون إن كان النوع الواحد مختلفا ويرجع في سن الرقيق إليه إن كان بالغا وإلا فالقول قول سيده فإن لم يعلم رجع في ذلك إلى أهل الخبرة على ما يغلب على ظنونهم تقريبا ويصف البر بأربعة أوصاف النوع فيقول: كموني والبلد فيقول: حوراني أو بقاعي - وصغار الحب أو كباره وحديث أو عتيق وإن كان النوع يختلف ألوانه ذكره ولا يسلم فيه إلا مصفى وكذلك الشعير والقطنيات وسائر الحبوب ويصف العسل بالبلد: كربيعي أو صيفي أبيض أو أشقر أو أسود جيد أو رديء وله مصفى ويذكر آلة صيد: أحبولة أو كلبا فهدا أو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يقول صاحب الكشاف: الطبرزذ نوع من التمر منه الأسود والأحمر.
2 المشدخ بضم الميم وتشديد الدال مفتوحة البسر يغمر حتى يلين ويتشدخ.

 

ج / 2 ص -136-  غيرها لأن الأحبولة يوجد الصيد فيها سليما ونكهة الكلب أطيب من الفهد ويذكر في الرقيق قدرا: خماسي أو سداسي1 أسود أو أبيض أعجمي أو فصيح وكحلا أو دعجا وتكلثم وجه وبكارة وثيوبة ونحوها وكون الجارية خميصة ثقيلة الآذان سمينة ونحو ذلك مما يقصد ولا يطول ولا ينتهي الوجود فإن استقصى الصفات حتى انتهى إلى حال يندر وجود المسلم فيه بتلك الصفات بطل ولا يحتاج في الجارية إلى ذكر الجعودة والسبوطة كما لا تراعي صفات الحسن والملاحة فإن ذكر شيئا من ذلك لزمه وتضبط الإبل بأربعة أوصاف: النتاج فيقول من نتاج بني فلان والسن بنت مخاض بنت لبون ونحوه واللون بيضاء أو حمراء أو زرقاء وذكر أو أنثى وأوصاف الخيل كأوصاف الإبل وأما البغال والحمير فينسبها إلى بلدها لأنها لا تنسب إلى نتاج والبقر والغنم أن عرف لها نتاج تنسب إليه وإلا فهي كالحمير ولا بد من ذكر النوع في هذه الحيوانات فيقول في الإبل: بختية أو عرابية وفي الخيل عربية أو هجين أو برذون وفي الغنم ضان أو معز إلا البغال والحمير فلا أنواع فيها ويضبط الثمن بالنوع من ضان أو غيره واللون أبيض أو أصفر وحيد أو رديء قال القاضي ويذكر المرعى ولا يحتاج إلى ذكر حديث أو عتيق لأن الإطلاق يقتضي الحديث ولا يصلح السلم في عتيقه لأنه عيب ولا ينتهي إلى حد يضبط به ويصف الزبد بأوصاف السمن ويزيد زبد يومه أو أمه ولا يلزمه قبول متغير من السمن والزبد ولا رقيق: إلا أن تكون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قوله خماسي يعني خمسة أشبار مثلا.

 

ج / 2 ص -137-  رقته للحر ويصف اللبن بالمرعي والنوع ولا يحتاج إلى اللون ولا حلب يومه لأن إطلاقه يقتضي ذلك ولا يلزمه قبول متغير ويصح السلم في المخيض نصا ويصف الجبن بالنوع والمرعى ورطب أو يابس جيد أو رديء ويصف اللباء ويسلم فيه وزنا بصفات اللبن ويزيد اللون ويذكر الطبخ وعدمه ويصف غزل القطن والكتان بالبلد واللون والغلظ والرقة والنعومة والخشونة ويصف القطن بذلك ويجعل مكان الغلظ والدقة: طويل الشعرة أو قصيرها وإن شرط فيه منزوع الحب جاز وإن أطلق كان له بحبه: كالتمر بنواه ويصف الابرسيم1 بالبلد واللون والغلظ والدقة ويصف الصوف بالبلد واللون وطويل الشعرة أو قصيرها والزمان: خريفي أو ربيعي من ذكره أو أنثى وعليه تسليمه نقيا من الشوك والبعر ولو لم يشترط وكذلك الشعر والوبر ويضبط الرصاص والنحاس والحديد والنعومة والخشونة واللون إن كان يختلف ويزيد في الحديد ذكرا أو أنثى فإن الذكر أحد وأمضى وتضبط الأواني غير مختلفة الرؤس والأوساط وبقدرها وطولها وسمكها ودورها: كالأسطال القائمة الحيطان ويضبط القصاع والأقداح من الخشب بذكر نوع خشبها من جوز أو توت وقدرها في الصغر والكبر والعمق والضيق والثخالة والرقة وإن أسلم في سيف ضبط بنوع حديده وطوله وعرضه ودقته وغلظه وبلده وقديم الطبع أو حديثه ماض أو غيره ويصف قبيعته وجفنه ويضبط البناء بذكر نوعه ورطوبته أو يبسه وطوله أو دوره أوسمطه وعرضه ويلزمه أن يدفع إليه من طرف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الابريسم بفتح السين نوع من الحرير.

 

ج / 2 ص -138-  إلى طرف بذلك والعرض أو الدور وإن كان أحد طرفيه أغلظ مما وصف له فقد زاده خيرا وإن كان أدق لم يلزمه وإن ذكر الوزن أو سمحا أو لم يذكر جاز وله سمح خال من العقد وإن كان الخشب للقسي ذكر هذه الأوصاف وزاد سهليا والحوط أقوى من القلبية ويذكر فيما للوقود الغلظ واليبس والرطوبة والوزن ويذكر فيما لضب النوع والغلظ وسائر ما يحتاج إلى معرفته ويذكر في النشاب والنبل نوع خشبه وطوله وقصره ودقته وغلظه ولونه ونصله وريشه ويضبط حجارة الأرحية: بالدور والثخانة والبلد والنوع إن كان يختلف وإن كان للبناء ذكر اللون والقدر والنوع والوزن ويذكر في حجارة الآنية النوع واللون والقدر واللبن والوزن ويصف البلور بأوصافه ويصف الآجر واللبن بموضع التربة والدور والثخانة ويذكر في الجص والنورة اللون والوزن ولا يقبل ما أصابه الماء فجف ولا ما قدم قدما يؤثر فيه ويضبط العنبر باللون والبلد وإن شرط قطعة أو قطعتين جاز وإلا فله إعطاؤه صغارا ويصف العود الهندي ببلده وما يعرف به ويضبط اللبان والمصصكى1 وصمغ الشجر وسائر ما يصح السلم فيه مما يختلف به ويقول في الخبز: خبز بر أو شعير أو دخن أو أرز والنشافة والرطوبة واللون فيقول: حواري أو خشكار2 والجردة والرداة ويذكر في طير لونا ونوعا وكبرا،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المصطكى بفتح الميم و الطاء و الكاف نوع من اللبان الرومي ا هـ قاموس و هي ما بعرف لدينا بالمستكه.
2 الحواري بضم الحاء و تشديد الواو: الخالص من النخالة و الخشكار عكسه.

 

ج / 2 ص -139-  وصغرا وجودة ورداءة وما يختلف به الثمن لا يحتاج إلى ذكره فإن شرط الأجود أو الأردأ لم يصح وإن جاءه بدون ما وصف أو نوع آخر فله أخذه ولا يلزمه وإن جاءه بجنس آخر لم يجز له أخذه وبأجود من نوع: لزمه قبوله فإن قال خذه وزدني درهما لم يجز وإن جاء بزيادة في القدر فقال ذلك صح وإن قبض ووجد عيبا فله إمساكه مع أرشه أو رده ويضبط الثياب فيقول: كتان أو قطن والبلد والطول والعرض والصفاقة والرقة والغلظ والنعومة والخشونة ولا يذكر الوزن فإن ذكره لم يصح وإن ذكر الخام والمقصور فله شرطه وإن لم يذكره جاز وله خام وإن ذكر مغسولا أو ليسا لم يصح وإن أسلم في ثوب مختلف الغزل: كقطن وكتان أو قطن ابريسم وإن كانت الغزول مضبوطة بأن يقول السدي ابريسم واللحمة كتان أو نحوه صح ويصح السلم في الكاغد1 ويضبطه بذكر الطول والعرض والرقة والغلظ واستواءء الصفة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الكاغد بفتح الغين الورق.

فصل:- الثالث أن يذكر قدره
بالكيل في المكيل والوزن في الموزون والذرع في المذروع والعد في المعدود يصح السلم فيه فإن أسلم في كيل وزنا أو في موزون كيلا لم يصح وعنه يصح اختاره الموفق وجمع ولا يصح في المذروع إلا بالذراع ولا بد أن يكون المكيال ونحوه معلوما عند العامة فإن شرط مكيالا أو ميزانا أو ذراعا

 

ج / 2 ص -140-  بعينه أو صنجة بعنيها غير معلومات أو أسلم في مثل هذا الثوب ونحوه لم يصح: لكن لوعين مكيال رجل أو ميزانه أو صنجته أو ذراعه صح ولم يتعين ويسلم في معدود مختلف يتقارب: غير حيوان عددا وفي غيره وزنا أن صح السلم فيه وتقدم قريبا.

فصل:- الرابع أن يشترط أجلا معلوما له
وقع في الثمن عادة كالشهر وفي الكافي أو نصفه ونحوه فإن اختلفا في قدره أو في مضيه أو مكان التسليم فقول مسلم إليه وإن اختلفا في أداء المسلم فيه فقول المسلم أو في قبض الثمن فقول المسلم إليه فإن اتفقا وقال أحدهما: كان في المجلس قبل التفرق وقال الآخر: بعده فقول من يدعي القبض في المجلس فإن أقاما بينتين بما ادعياه أو أقام مدعي القبض في المجلس بينة به وأقام الآخر بينة بضد ذلك قدمت أيضا بينته وإن أسلم حالا أو مطلقا لم يصح: إلا أن يعقد بلفظ البيع فيصح حالا ويكون بيعا بالصفة وتقدم وإن أسلم إلى أجل قريب كاليومين والثلاثة لم يصح: إلا أن أسلم في شيء يؤخذ منه كل يوم جزء معلوما فيصح فإن قبض البعض وتعذر قبض الباقي رجع بقسطه من الثمن ولا يجعل للباقي فضلا على المقبوض وإن أسلم في جنس واحد إلى أجلين أو في جنسين إلى أجل صح أن بين قسط كل أجل وثمن كل جنس وإلا فلا وإن أسلم جنسين في جنسين في جنس واحد لم يصح حتى يبين حصة كل جنس من المسلم فيه ولا بد أن يكون الأجل مقدارا من معلوم فإن أسلم أو باع أو شرط الخيار مطلقا أو إلى الحصاد أو جذاذ ونحوهما لم يصح الشرط والعقد في السلم ولا الشرط في البيع والخيار ويصح

 

ج / 2 ص -141-  البيع فيهما وتقدم في الشروط في البيع وإن قال إلى شهر كذا أو محله شهر كذا أو فيه صح وحل بأوله وإن قال تؤديه فيه لم يصح وإلى أوله أو آخره يحل بأول جزء فإن قال إلى ثلاثة أشهر كان إلى انقضائها وينصرف إلى الأشهر الهلالية وإلى شهر رومي كشباط ونحوه أوعيد لهم ولم يختلف: كالنيروز وعيد الفطير وإلى العيد أو ربيع أو جمادي أو النفر مما يشترك فيه شيإن لم يصح1 وإلى عيد الفطر أو النحر أو يوم عرفة أو عاشوراء أو نحوها صح ومثله الإجارة وإن جاء بالمسلم فيه في محله لزمه قبضه كالمبيع المعين ولو تضرر بقبضه وإن احضره بعد محل الوجوب فكما لو احضر المبيع بعد تفرقهما وإن احضره قبل محله فإن كان فيه ضرر لكونه مما يتغير: كالفاكهة التي يصح السلم فيها أو كان قديمه دون حديثه: كالحبوب أو كان حيوانا أو ما يحتاج في حفظه إلى مؤنة: كالقطن ونحوه أو كان الوقت مخوفا فيخشى على ما يقبضه لم يلزم المسلم قبوله وإن لم يكن في قبضه ضرر ولا يتغير: كالحديد والرصاص والزيت والعسل ونحوها لزمه قبضه وحيص قلنا يلزمه القبض وامتنع منه قيل له: أما أن تقبض حقك وأما أن تبرىء منه فإن أبى رفع الأمر إلى الحاكم فقبضه له وبرئت ذمة المسلم إليه فيه وكذا كل دين لم يحل إذا أتى به ويأتي إذا عجل الكتابة قبل محلها لكن لو أراد قضاء دين عن غيره فلم يقبله رب الدين أو أعسر زوج بنفقة زوجته فبذلها أجنبي فلم تقبل لم يجبر: إلا أن يكون وكيلا كتمليكه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قوله مما يشترك فيه شيئان يعني: فإنه مشترك بين شهرين والنفر فإنه مشترك بين اليوم الثاني والثالث من أيام التشريق. الخ.

 

ج / 2 ص -142-  للزوج أو المديون وليس للمسلم إلا أقل ما يقع عليه الصفة وعلى المسلم إليه أن يسلم الحبوب نقية من التبن والعقد وغير جنسها فإن كان فيه تراب ونحوه يأخذ موضعا من المكيال لم يجز وإن كان يسيرا لا يؤثر لزمه أخذه ولا يلزمه أخذ التمر ونحوه إلا جافا ولا يلزم أن يتناهى جفافه ولا يلزمه أن يقبل معيبا فإن قبضه فوجده معيبا فله إمساكه مع الأرش كما تقدم وله رده والمطالبة بالبدل كالمبيع.

فصل:- الخامس أن يكون المسلم فيه عام الوجود في محله
سواء كان موجودا حال العقد أو معدوما فإن كان لا يوجد فيه أو لا يوجد إلا نادرا كالسلم في الرطب والعنب إلى غير وقته لم يصح وإن أسلم في ثمرة نخلة بعينها أو في ثمرة بستان بعينه: بدا إصلاحه أولا أو في زرعه: استحصد أولا أو قرية صغيرة أو نتاج فحل فلان أو غنمه ونحوه لم يصح وإن أسلم إلى محل يوجد فيه عاما فانقطع وتعذر حصوله أو بعضه أما لغيبة المسلم إليه أو بعجزه عن التسليم حتى عدم المسلم فيه أو لم تحمل الثمار تلك السنة وما أشبهه خير بين صبر وفسخ في الكل أو البعض المتعذر ويرجع برأس مال أو عوضه إن كان معلوما وإن أسلم ذمي إلى ذمي في خمر ثم أسلم أحدهما رجع المسلم فأخذ رأس ماله.

فصل:- السادس أن يقبض رأس ماله في مجلس العقد
أو ما في معنى القبض: كما لو كان عنده أمانة أ عين مغصوبة لا بما في ذمته فإن قبض البعض ثم افترقا قبل قبض الباقي صح فيما قبض بقسطه وبطل فيما لم يقبض وتقدم في الصرف ويشترط كونه معلوما

 

ج / 2 ص -143-  الصفة والقدر فلا يصح بصبرة ولا بما لا يمكن ضبطه بصفة: كجوهر ونحوه فإن فعل فباطل ويرجع إن كان باقيا و إلا فبقيمته فإن اختلفا فيها فقول مسلم إليه فإن تعذر فقيمة مسلم فيه مؤجلا ولو قبض رأس مال السلم المعين ثم افترقا فوجده معيبا من غير جنسه أو ظهر مستحقا بغصب أو غيره بطل العقد وإن كان العيب من جنسه فله إمساكه وأخذ أرش عيبه أو رده وأخذ بدله في مجلس الرد وإن كان العقد على مال الذمة فله المطالبة ببدله في المجلس ولا يبطل العقد برده وإن تفرقا ثم علم عيبه فرده لم يبطل أن قبض البدل في مجلس الرد وإن تفرقا عن مجلس الرد قبل قبض البدل بطل وإن وجد بعض الثمن رديئا ففي المردود ما ذكرناه من التفصيل.

فصل:- السابع أن يسلم في الذمة
فإن أسلم في عين لم يصح لأنه ربما تلف قبل أو أن تسلميه ولا يشترط ذكر مكان الإيفاء إلا أن يكون موضع العقد لا يمكن الوفاء فيه: كبرية وبحر ودار حرب ويجب مكان العقد مع المشاحة وله أخذه في غيره إن رضيا لا مع أجرة حمله إليه كأخذ بدل السلم ويصح شرطه فيه ويكون تأكيدا وفي غيره ولا يصح بيع المسلم فيه قبل قبضه ولو لمن هو في ذمته ولا هبته ولا هبة دين غيره لغير من هو في ذمته ويأتي في الهبة ولا أخذ غير مكانه ولا الحوالة به ولا عليه ولا برأس مال سلم بعد فسخه ويأتي في الحوالة ويأتي في الهبة البراءة من

 

ج / 2 ص -144-  الدين والمجهول وفي الشركة القبض من الدين المشترك يصح بيع دين مستقر من ثمن وقرض ومهر بعد دخول وأجرة استوفى نفعها أو فرغت مدتها وأرش جناية وقيمة متلف ونحوه لمن هو في ذمته ورهنه عنده بحق له: إلا أرش مال سلم بعد فسخ وقبل قبض لكن إن كان من ثمن مكيل أوموزون باعه النسيئة فإنه لا يصح أن يأخذ عوضه ما يشارك المبيع في علة ربا فضل أو نسيئة حسما لمادة ربا النسيئة وتقدم آخر كتاب البيع ويشترط أن يقبض عوضه في المجلس أن باعه بما لا بياع به نسيئة أو بموصوف في الذمة وإلا فلا ولا يصح بيعه لغيره ولا بيع دين الكتابة ولا غيره غير مستقر ولا يصح بيع الدين من الغريم بمثله لأنه نفس حقه1 ولو قال في دين السلم صالحني منه على مثل الثمن صح وكان إقالة وتصح الإقالة في المسلم فيه وفي بعضه ولا يشترط فيه قبض رأس مال السلم ولا عوضه إن تعذر في مجلس الإقالة2 ومتى انفسخ عقده بإقالة أو غيرها لزمه رد الثمن الموجود وإلا مثله ثم قيمته وإن أخذ بدله ثمنا وهو ثمن فصرف: يشترط فيه التقابض وإن كان عرضا فأخذ عنه عرضا أو ثمنا فبيع: يجوز فيه التفرق قبل القبض وإن كان لرجل سلم وعليه سلم من جنسه فقال لغريمه اقبض سلمي لنفسك ففعل لم يصح قبضه لنفسه إذ هو حالة سلم ولا للأمر لأنه لم يجعله وكيلا والمقبوض باق على مالك الدافع وإن قال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مثال هذا أن يكون لك على زيد دينار فتبيع لزيد هذا الدينار بمثله.
2 لم يشترط القبض في مجلس الإقالة لأنها ليست بيعا حتى يلزم فيها ما يلزم فيه.

 

ج / 2 ص -145-  أقبضه لي ثم اقبضه لنفسك صح فيصح قبض وكيل من نفسه لنفسه نصا: إلا ما كان من غير جنس ماله وعكسه وهو استنابة من عليه الحق للمستحق وتقدم آخر خيار البيع ولو قال الأول للثاني: احضر اكتيالي منه لأقبضه لك ففعل لم يصح قبضه للثاني ويكون قابضا لنفسه ولو قال: أن اقبضه لنفسي وآخذه بالكيل الذي تشاهده صح وكان قبضا لنفسه ولم يكن قبضا للغريم المقول له ذلك لأنه لا يباح له التصرف بدون كيل ثان لا بمعنى أنه لا تبرأ ذمة الدافع وإن كاله ثم تركه وسلمه إلى غريمه فقبضه صح القبض لهما وإن دفع زيد لعمر دراهم فقال: اشتر لك بها مثل الطعام الذي علي ففعل لم يصح وإن قال اشتر لي طعاما ثم اقبضه لنفسك ففعل صح الشراء ولم يصح القبض لنفسه وإن قال: اقبضه لي ثم اقبضه لنفسك ففعل صح ولو دفع له كيسا وقال: استوف منه قدر حقك ففعل صح ولو أذن لغريمه في الصدقة عنه بدينه الذي له عليه أو في صرفه أو المضاربة به أو قال أعزله وضارب به لم يصح ولم يبرا ولو قال له: تصدق عني بكذا أو أعط فلانا كذا ولم يقل من ديني صح وكان اقتراضا كما لو قاله لغريمه ويسقط من الدين بمقداره للمقاصة ومن ثبت له على غريمه مثل ماله عليه قدرا وصفة وحالا ومؤجلا أجلا واحدا لا حالا ومؤجلا - تساقطا أو بقدر الأقل ولو بغير رضاهما: إلا إذا كانا أو أحدهما دين سلم ولو تراضيا ومن عليها دين من جنس واجب نفقتها لم يحتسب به مع عسرتها ويأتي في النفقات ومتى نوى مديون بأدائه

 

ج / 2 ص -146-  وفاء دينه بريء وإلا فتبرع وإن وفاه حاكم قهرا كفت نيته أن قضاه من مديون ويجب أداء ديون الآدميين على الفور عند المطالبة ولا يجب بدونها على الفور قال ابن رجب: إذا لم يكن عين له وقت الوفاء ويأتي أول الحجز وإذا كان عليه لم يعلم به صاحبه وجب عليه إعلامه ولا يقبض المسلم فيه إلا بما قدر به من كيل وغيره فإن قبضه جزافا ومثله لو قبض المكيل وزنا أو الموزون كيلا أو اكتال له في غيبته ثم قال خذ هذا قدر حقك فقبضه بذلك - اعتبره بما قدر به أولا ولا يتصرف في حقه قبل اعتباره ثم يأخذ قدر حقه منه فإن زاد فالزائد في يده أمانة يجب رده وإن كان ناقصا طالب بالنقص والقول قوله في قدره مع يمينه ويسلم إليه ملء المكيال ويحمله ولا يكون ممسوحا ما لم تكن عادة ولا يدق ولا يهزه وإن قبضه كيلا أو وزنا ثم ادعى غلطا ونحوه لم يقبل قوله: وكذا حكم ما قبضه من مبيع أو دين آخر ولا يصح أخذ رهن ولا كفيل وهو الضمين بمسلم فيه ولا بثمنه.

باب القرض
وهو دفع مال إرفاقا لمن ينتفع به ويرد بدله ونوع من السلف لارتفاق به ويصح بلفظ قرض وسلف وبكل لفظ يؤدي معناهما كقوله: ملكتك هذا على أن ترد لي بدله أو توجد قرينة دالة على إرادته فإن قال ولم يذكر البدل ولم توجد قرينة فهو هبة فإن اختلفا فالقول قول الآخذ.

 

ج / 2 ص -147-  وهو عقد لازم في حق المقرض جائز في حق المقترض ولا يثبت فيه خيار وهو المرافق المندوب إليها في حق المقرض لما فيه من الأجر العظيم مباح للمتقرض ولا أثم على من سئل فلم يقرض وليس هو من المسألة المذمومة وينبغي أن يعلم المقرض بحاله ولا يغره من نفسه ولا يستقرض إلا ما يقدر أن يؤديه: إلا الشيء اليسير الذي لا يتعذر مثله وكره الشراء بدين ولا وفاء عنده إلا اليسير وكذا الفقير يتزوج الموسرة ينبغي أن يعلمها بحاله لئلا يغرها ويشترط معرفة قدره بمقدار معروف فلو اقترض دراهم أو دنانير غير معروفة الوزن لم يصح وإن كانت عددية يتعامل بها عددا جاز قرضها عددا ويرد بدلها عددا ولو اقترض مكيلا أو موزنا جزافا أو قدره بمكيال بعينه أو صنجة بعينها غير معروفين عند العامة لم يصح كالسلم.
ويشترط وصفه وإن يكون المقرض ممن يصح تبرعه ومن شأنه أن يصادف ذمة فلا يصح قرض جهة كمسجد ونحوه وقال في الفروع في باب الوقف و للناظر الاستدانة عليه بلا إذن حاكم لمصلحة: كشراء له نسيئة أو بنقد لم يعينه ويصح في كل عين يجوز بيعها إلا الرقيق فقط ولا يصح قرض المنافع وجوزه الشيخ مثل أن يحصد معه يوما ويحصد الآخر معه يوما ويسكنه دارا ليسكنه الآخر بدلها ويتم بقبول ويملك ويلزم بقبضه مكيلا كان أو موزونا أو معدودا أو مذروعا أو غير ذلك وله الشراء به من مقرضه ولا يملك المقرض استرجاعه مالم يفلس القابض ويحجز عليه وله طلب بدله في الحال ولا يلزم المقترض رد عينه فإن ردها

 

ج / 2 ص -148-  عليه لزمه قبوله إن كان مثليا: وهو المكيل والموزون وإلا فلا ولو تغير سعره ما لم يتعيب أو فلوسا أو مكسورة فيحرمها السلطان فله القيمة وقت قرض من غير جنسه إن جرى فيه ربا فضل: كما لو اقرضه دراهم مكسورة فحرمها السلطان أعطى قيمتها ذهبا وعكسه بعكسه وكذا لو كانت ثمنا معينا لم يقبضه البائع في وقت عقد أو رد مبيعا ودام أخذ ثمنه ويجب رد مثل في مكيل وموزون سواء زادت قيمته عن وقت القرض أو نقصت فإن أعوز المثل لزم قيمته يوم إعوازه ويجب قيمة ما سوى ذلك من جواهر أو غيرها يوم قبضه ولو اقترض خبزا أو خميرا عددا أو رد عددا بلا قصد زيادة ولا جودة ولا شرطهما جاز ولو اقترض تفاريق لزمه أن يردها جملة ويصح قرض الماء كيلا وكذا قرضه لسقي الماء إذا قدر بأنبوبة وسئل أحمد عن عين بين قوم لهم نوبات في أيام يقترض أحدهما الماء من نوبة صاحب الخميس ليسقي به ويرد عليه يوم السبت؟ فقال: إذا كان محدودا يعرف كم يخرج منه فلا بأس وإلا أكرهه ويثبت العوض في الذمة حالا وإن أجله ويحرم الإلزام بتأجيله وكذا كل دين حال أو حل أجله ولا يلزم الوفاء به لأنه وعد لكن ينبغي له أن يفي بوعده وأختار الشيخ صحة تأجيله ولزومه إلى أجله سواء كان فرضا أو غيره ويجوز شرط الرهن والضمين فيه وإن شرط الوفاء انقص مما اقترض أو شرط أحدهما على الآخر أن يبيعه أو يؤجره أو يقرضه لم يجز كشرط زيادة وهدية وشرط ما يجر نفعا: نحو أن يسكنه المقترض داره مجانا أو رخيصا أو يقبضه خيرا منه أو في بلد آخر أو يبيعه شيئا

 

ج / 2 ص -149-  يرخصه عليه أو يعمل له عملا أو ينتفع بالرهن أو يساقيه على نخل أو يزارعه على ضيعة أو يسكنه المقرض عقارا بزيادة على أجرته أو يبيعه شيئا بأكثر من قيمته أو يستعمله في صنعة ويعطيه انقص من أجرة مثله ونحوه وإن فعله بغير شرط بعد الوفاء أو قضى أكثر أو خيرا منه في الصفة أو دونه بتراخيهما بغير مواطأة أو أهدى له هدية أو علم منه الزيادة لشهرة سخائه وكرمه جاز ولو أراد إرسال نفقة إلى عياله فأقرضها رجلا ليوفيها لهم فلا بأس إذا لم يأخذ عليها شيئا وإن فعل شيئا مما فيه نفع قبل الوفاء لم يجز: ما لم ينو احتسابه من دينه أو مكافأته عليه إلا أن تكون العادة جارية بينهما به قبل القرض وكذا الغريم فلو استضافه حسب له ما أكل وهو في الدعوات كغيره ولو اقرض فلاحه في شراء بقر يعمل عليها في أرضه أو بذر فيه: فإن شرط ذلك في القرض لم يجز وإن كان بلا شرط أو قال: أقرضني ألفا وادفع إلى أرضك أزرعها بالثلث حرم أيضا وجوزه الموفق وجمع ولو اقرض من له عليه بر شيئا يشتر به ثم يوفيه إياه جاز ولو قال: إن مت بضم التاء فأنت في حل فوصية صحيحة وبفتحها لا يصح لأنه إبراء معلق بشرط ولو جعل له جعلا على اقتراضه له بجاهه جاز لا أن جعل له جعلا على ضمانه له قال أحمد: ما أحب أن يقترض بجاهه ولو اقرض غريمه المعسر ألفا ليوفيه منه ومن دينه الأول كل وقت شيئا أو قال أعطني بديني رهنا وأنا أعطيك ما تعمل فيه وتقضيني ويبقى كل ويكون الرهن عن الدينين أو عن أحدهما جاز والكل حال وإن أقرضه أو غصبه أثمانا أو غيرها فطالبه المقرض أو المغصوب منه ببدلها ببلد آخر

 

ج / 2 ص -150-  لزمه: إلا ما لحمله مؤنة وقيمته في بلد القرض والغصب انقص فيلزمه أداء قيمته فيه وله بقيمته في بلد المطالبة وإن كانت قيمته في البلدين سواء أو في بلد القرض أكثر لزمه أداء المثل وإن كان من المتقومات فطالبه بقيمته في بلد القرض لزمه أداؤها ولو بذل المقترض أو الغاصب ما في ذمته ولا مؤنة لحمله لزم قبوله مع أمن البلد والطريق فإن كان المغصوب باقيا لم يجبر ربه على قبوله بحال1.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد إذا كان المغصوب باقيا بعينه ورد الغاصب بدله لم يجب على ربه قبوله ما دامت العين التي غصبت منه باقية.

باب الرهن
وهو توثقة دين بعين يمكن أخذه أو بعضه منها أو من ثمنها إن تعذر الوفاء من غيرها ويجوز في الحضر كالسفر وهو لازم في حق الراهن جائز في حق المرتهن يجوز عنده مع الحق وبعده: لا قبله والمرهون كل عين معلومة جعلت وثيقة حق يمكن استيفاؤه منها أو من ثمنها والمراد كل عين يجوز بيعها حتى المؤجر والمكاتب ويكن من الكسب كما كان وما أداه رهن معه فإن عجز كان هو وكسبه رهنا وإن عتق كان ما أداه بعد عقد الرهن رهنا فأما المعلق عتقه بصفة: فإن كانت توجد قبل حلول الدين لم يصح رهنه وإلا صح1 وإن كانت تحتمل الأمرين كقدوم زيد صح أيضا وتصح زيادة رهن ويكون حكمها حكم الأصل لا زيادة دينه: كالزيادة في الثمن ويصح الرهن ممن يصح بيعه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وجه ذلك أنه بمجرد تحقق الصفة التي علق عليها العتق صار العبد حرا فإذا حل موعد الرهن ولم يسدد فليس ممكنا بيع العتيق لحريته.

 

ج / 2 ص -151-  وتبرعه ولو كان من غير من عليه الدين فيجوز أن يرهن مال نفسه على دين غيره ولو بغير رضاه: كما يجوز أن يضمنه وأولى وهو نظير إعارته للرهن وصرح به الشيخ فلا يصح من سفيه ومفلس ومكاتب وعبد ولو مأذونا لهم في تجارة ونحوهم ولا يصح معلقا بشرط ولا بدون إيجاب وقبول أو ما يدل عليهما ولا بد من معرفته وقدره وصفته وجنسه وملكه ولو منافعه: بأن يستأجر شيئا أو يستعير ليرهنه بإذن ربه فيهما ولو لم يبين لهما قدر الدين: لكن ينبغي أن يذكر المرتهن والقدر الذي يرهنه به وجنسه ومدة الرهن: ومتى شرط شيئا من ذلك فخالف ورهنه بغيره لم يصح الرهن وإن أذن له في رهنه بقدر من المال فنقص عنه صح وبأكثر صح في القول المأذون فيه فقط ولمعير أن يكلف راهنه فكه في محل الحق وقبله وله الرجوع قبل إقباضه المرتهن: لا المؤجر قبل مضي مدة الإجارة ويباع إن لم يقض الراهن الدين فإن بيع رجع1 بمثله في المثلى وإلا بأكثر الأمرين من قيمته أو ما بيع به ولو تلف ضمن المستعير فقط. وإن فك المعير أو المؤجر الرهن وأدى الذي عليه بإذن الراهن رجع به عليه وإن قضاه متبرعا لم يرجع بشيء وإن قضاه بغير إذنه ناويا الرجوع رجع فإن قال: أذنت لي في رهنه بعشرة فقال بل بخمسة فالقول قول المالك ولو رهنه دارا فانهدمت قبل قبضها لم ينفسخ عقد الرهن وللمرتهن الخيار إن كان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إذا كان الرهن غير ملك للراهن: بأن كان مستأجرا له أو مستعيرا ثم حل الأجل وبيع ليوفى منه الدين رجع صاحبه الأصلي على راهنه على نحو ما وضح المصنف.

 

ج / 2 ص -152-  الرهن مشروطا في البيع ويصح بكل دين واجب أو مآله إلى الوجوب حتى على مضمونه: كالغصوب والعواري والمقبوض على وجه السوم والمقبوض بعقد فاسد قال في الفائق: قلت وعليه يخرج الرهن على عواري الكتب الموقوفة ونحوها انتهى ويصح على نفع إجارة في الذمة: كخياطة ثوب وبناء دار ونحو ذلك لا على دية على عاقلة قبل الحلول وبعده يصح ولا على دين كتابة وجعل في جعالة وعوض في مسابقة قبل العمل وبعده يصح فيهما ولا عهدة مبيع وعوض غير ثابت في الذمة: كثمن معين وأجرة معينة في إجارة ومعقود عليه فيها إذا كان منافع معينة كدار وعبد ودابة لحمل شيء معين إلى مكان معلوم ويصح رهن ما يسرع فساده بدين حال أو مؤجل فإن كان مؤجلا وكان الرهن مما يمكن تجفيفه كالعنب فعلى الراهن تجفيفه وإن كان مما لا يجفف كالبطيخ و الطبيخ وشرط بيعه وجعل ثمنه رهنا فعل ذلك وإن أطلقا بيع أيضا وإن شرط لا يباع لم يصح كما لو شرط عدم النفقة على الحيوان وحيث يباع: فإن كان جعل للمرتهن بيعه أو إذن له فيه بعد العقد أو اتفقا على أن غيره يبيعه باعه وإلا باعه الحاكم وجعل ثمنه رهنا إلى الحلول وكذلك الحكم أن رهنه ثيابا فخاف تلفها أو حيوانا فخاف موته ويصح رهن المشاع من الشريك ومن أجنبي وثم أن كمما لا ينقل كالعقار خلى بينه وبينه وإن لم يحضر الشريك وإن كان مما ينقل فرضي الشريك والمرتهن بكونه في يد أحدهما أو غيرهما جاز وإلا جعله حاكم في يد أمين أمانة أو باجرة وله أن يؤجره ويصح أن يرهن بعض نصيبه

 

ج / 2 ص -153-  من المشاع: كأن يرهن نصف نصيبه أو نصيبه من عين مثل نصف دار فيرهن نصيبه من بيت منها بعينه لشريكه أو غيره ولو كان مما تمكن قسمته بالأرفق ولا رد عوض فإن اقتسما فوقع المرهون لغير الراهن لم تصح القسمة قطع به الموفق و الشارح ويصح رهن القن المرتد والعاقل في المحاربة والجاني: عمدا كانت الجناية أو خطأ على النفس أو دونها فإن كان المرتهن عالما بالحال فلا خيار له وإن لم يكن عالما ثم علم بعد إسلام المرتد وفداء الجاني فكذلك لأن العيب زال وإن علم قبل ذلك فله رده وفسخ البيع إن كان مشروطا في العقد وإن اختار إمساكه فلا أرش له وكذل لا أرش له لو لم يعلم قتل العبد بالردة أو القصاص أو أخذ بالجناية ويصح رهن المدبر والحكم فيما إذا علم وجود التدبير أو لم يعلم كالحكم في العبد الجاني فإن مات السيد قبل المدبر بطل الرهن وإن عتق بعضه بقي الرهن فيما بقي وإن لم يكن للسيد ما يفضل عن وفاء الدين بيع المدبر في الدين وبطل التدبير وإن كان الدين لا يستغرقه بيع منه بقدر الدين وعتق ثلث الباقي وباقيه للورثة ويحرم رهن مال يتيم لفاسق ويصح رهن مبيع بعد قبضه وكذا قبله في غير مكيل وموزون ومعدود ومذروع ولو على ثمنه وتقدم حكم المكيل ونحوه وما لا يصح بيعه: كالمصحف وأم الولد والوقف والعين المرهونة والكلب ولو ما لا يقدر على تسلمه والمجهول الذي لا يصح بيعه لا يصح رهنه فلو قال رهنتك أحد هذين العبدين أو نحوهما لم يصح للجهالة أو عبدي الآبق أو هذا الجراب أو البيت أو هذه الخريطة بما فيها لم يصح،

 

ج / 2 ص -154-  وإن لم يقل بما فيها صح للعلم بها ولا مالا يجوز بيعه من أرض الشام والعراق ونحوهما مما فتح عنوة وكذا حكم بنائها منها فإن كان من غير أجزائها أو رهن الشجر الممدود فيها صح ولا رهن مال غيره بغير إذنه فإن رهن عينا يظنها لغيره: نحو أن يرهن عبد أبيه فيتبين أنه قد مات وصار العبد ملكه بالميراث صح ولا رهن المبيع في مدة الخيار: إلا أن يرهنه المشتري والخيار له وحده فيصح ويبطل خياره ولو أفلس المشتري فرهن البائع عين ماله التي له الرجوع فيها قبل الرجوع أو رهن الأب العين التي وهبها لولده قبل رجوعه لم يصح: لكن يصح رهن الثمرة قبل بدو صلاحها من غير شرط القطع والزرع الأخضر والأمة دون ولدها وعكسه ويباعان ويوفي الدين من المرهون منهما والباقي للراهن فإذا كانت الجارية هي المرهونة وكانت قيمتها مائة مع كونها ذات ولد وقيمة الولد خمسين فحصتها ثلثا الثمن فإن لم يعلم المرتهت بالولد ثم علم فله الخيار في الرد والإمساك فإن أمسك فلا شيء له غيرها وإن ردها فله فسخ البيع إن كانت مشروطة فيه وإن تعيب الرهن أو استحال العصير خمرا قبل القبض فللبائع الخيار بين قبضه معيبا ورضاه بلا رهن فيما إذا تخمر العصير وبين فسخ البيع ورد الرهن وإن علم بالعيب بعد قبضه فكذلك وليس له مع إمساكه الأرش من أجل العيب وإن رهن ثمرة إلى محل فحدث فيه ثمرة أخرى لا تتميز فالرهن باطل وإن رهنها بدين حال أو شرط قطعها عند خوف اختلاطها جاز فإن لم يقطعها حتى اختلطت لم يبطل الرهن فإن سمح الراهن ببيع الجميع

 

ج / 2 ص -155-  على أنه رهن أو اتفقا على قدر منه جاز وإن اختلفا أو تشاحا فقول الراهن مع يمينه ولو رهن العبد المأذون له من يعتق على السيد لم يصح لأنه صار حرا بشرائه ولو رهن الوارث تركة الميت أو باعها وعلى الميت دين ولو من زكاة صح فإن قضي الحق من غيره فالرهن بحاله وإلا فللغر ماء انتزاعه والحكم فيه كالحكم في الجاني وكذا الحكم لو تصرف في التركة ثم رد عليه مبيع باعه الميت بعيب ظهر فيه أو حق تعلق تجدده بالتركة: مثل أن وقع إنسان أو بهيمة في بئر حفره في غير ملكه بعد موته لأن تصرفه صحيح لكن غير نافذ فإن قضي الحق من غيره وإلا فسخ البيع والرهن ويصح رهن عبد مسلم لكافر إذا اشترط كونه في يد مسلم عدل ومثله كتب الحديث والتفسير ولا يلزم الرهن في حق الراهن إلا بالقبض للمرتهن أو وكيله أو من اتفقا عليه وليس له قبضه إلا بإذن الراهن فإن قبضه بغير إذن لم يثبت حكمه وكان بمنزلة ما لم يقبض فلو استناب المرتهن الراهن في القبض لم يصح وعبد الراهن وأم ولده كهو: لكن تصح استنابة مكاتب وعبده المأذون له وصفة قبضه كمبيع فإن كان منقولا فقبضه نقله أو تناوله: موصوفا كان أو معينا لعبد وثوب وصبرة وإن كان مكيلا فبكيله وإن كان موزونا فبوزنه أو مذروعا فبذرعه أو معدودا فبعده وإن كان غير منقول كعقار وثمر على شجر وزرع في أرض فبالتخلية بينه وبين مرتهنه من غير حائل ولو رهنه دارا فخلى بينه وبينها وهما فيها ثم خرج الراهن صح القبض لوجود التخلية وقبل قبضه جائز غير لازم فلو تصرف فيه راهن قبله

 

ج / 2 ص -156-  بهبة أو بيع أو عتق أو جعله صداقا أو عوضا في خلع أو رهنه ثانيا نفذ تصرفه وبطل الرهن الأول سواء اقبض الهبة والبيع والرهن الثاني أو لم يقبضه وإن دبره أو أجره أو كاتبه أو زوج الأمة لم يبطل الرهن ولو أذن في قبضه ثم تصرف قبله نفذ أيضا وإن امتنع من إقباضه لم يجبر: لكن أن شرطه في عقد بيع وامتنع من إقباضه فللبائع فسخ البيع ولو رهنه ما هو في يده وزال الضمان كما لو كان غير مضمون عليه: كالوديعة ونحوها ويلزم الرهن بمجرد ذلك ولا يحتاج إلى أمر زائد على ذلك كهبة فإن جن أحد المتراهنين قبل القبض أو مات لم يبطل الرهن ويقوم ولي المجنون مقامه فإن كان المجنون هو الراهن هنا فعل وليه ما فيه الحظ له من التقبيض وعدمه وإن كان المرتهن قبضه وليه وإن مات قام وارثه مقامه فإن مات الراهن لم يلزم ورثته تقبيضه فإن لم يكن على المستدين سوى هذا الدين فللورثة تقبيض الرهن وإن كان عليه دين سواه فليس للورثة تخصيص المرتهن بالرهن وسواء فيما ذكرنا ما بعد الإذن في القبض وما قبله لأن الإذن يبطل بالموت والجنون والإغماء والحجر فلو حجر على الراهن بفلس قبل التسليم لم يكن له تسليمه وإن كان لسفه فكما لو زال عقله بجنون وإن أغمي عليه لم يكن للمرتهن قبض الرهن وليس لأحد تقبيضه لأن المغمي عليه لا تثبت عليه الولاية وانتظرت إفاقته وإن خرس وكانت له كتابة مفهومة أو إشارة معلومة فكمتكلم وإلا لم يجز القبض وإن كان أحد هؤلاء قد إذن في القبض بطل حكمه لأن إذنهم يبطل بما عرض لهم واستدامة قبضه

 

ج / 2 ص -157-  شرط في لزومه فإن أخرجه المرتهن باختياره إلى الراهن زال لزومه وبقي كأنه لم يوجد فيه قبض: سواء أخرجه بإجارة أو إعارة أو إيداع أو غير ذلك فإن رده إليه باختياره بحكم العقد السابق وإن أزيلت يده بغير حق: كالغصب والسرقة وإباق العبد وضياع المتاع ونحوه فلزومه باق وإن أقر الراهن بالتقبيض ثم أنكر وقال: أقررت بذلك ولم أكن أقبضت شيئا أو أقر المرتهن بالقبض ثم أنكره - فقول المقر له1 فإن طلب المنكر يمينه فله ذلك وإن اختلفا في القبض فقال المرتهن: قبضته وأنكر الراهن فقول صاحب اليد وإن اختلفا في الإذن فقال الراهن: أخذته بغير إذني فقال: بل بإذنك وهو في يد المرتهن فقول الراهن: جزم به في الكافي وإن قال: أذنت لك ثم رجعت قبل القبض فأنكر المرتهن فقوله ولو رهنه عصيرا فتخمر زال لزومه ووجبت إراقته2 فإن أريق بطل العقد فيه ولا خيار للمرتهن وإن عاد خلا لزمه بحكم العقد السابق وإن أجره أو أعاره لمرتهن أو غيره بإذنه فلزومه باق: لكنه يصير في العارية مضمونا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 صورة إقرار الراهن وإنكاره ثانيا. أن يكون الثوب الرهن مثلا تحت يد زيد المرتهن، ثم يقر محمد الراهن أنه هو الذي أقبض زيد الثوب ويعود فينكر أنه أقبضه. فالمعتد به هو إقراره الأول دون إنكاره وعلى ذلك يكون استيلاء زيد على الثوب بحق شرعي لا كما كان يقتضيه الإنكار لو أخذنا به وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا عذر لمن أقر". وعلى نحو ذلك توضيح إقرار المرتهن وإنكاره.
2 معنى زوال اللزوم أنه لا يحسب الخمر على المرتهن ما لا تحت يده كما لو كان غير خمر مثلا ولا يجب دفع رهن آخر بدله.

 

ج / 2 ص -158-  فصل:- وتصرف راهن في رهن لازم1
بغير إذن مرتهن بما يمنع ابتداء عقده كهبة و وقف وبيع ورهن ونحوه - لا يصح: إلا العتق مع تحريمه فإنه ينفذ ولو معسرا ويؤخذ من موسر قيمته وقت عتقه رهنا مكانه ومتى أيسر معسر بقيمته قبل حلول الدين أخذت منه وجعلت رهنا وإن أيسر بعده طولب بالدين فقط وإن أذن فيه أو في غيره مما تقدم صح وبطل الرهن وإن إذن في البيع ففيه تفصيل يأتي قريبا وله إخراج زكاته مه بلا إذن مرتهن إن عدم غيره ومتى أيسر جعل بدله رهنا وله غرس أرض إذا كان الدين مؤجلا ووطء بشرط أو إذن مرتهن وإجارة وإعارته بإذنه أيضا والرهن يحرم بدونه2 ولا يمنع من إصلاح الرهن ودفع الفساد عنه كمن سقي الشجر وتلقيح وإنزاء فحل على إناث ومداواة وفصد ونحوه وفتح رهصة التبزيع3 لأن ذلك مصلحة للرهن وزيادة في حق المرتهن من غير ضرر عليه فلم يملك المنع منه: وكذا تعليم قن صناعة ودابة السير،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قوله لازم صفة رهن. وقوله بعد: لا يصح خبر عن قوله السابق: وتصرف راهن.
2 يريد أن عقد الرهن يقتضي تحريم التصرفات المذكورة: من وطء وإجارة وإعارة، بدون إذن المرتهن.
3 الرهصة بوزن رحمة لها معان كثيرة منها الصدع في ساق الحيوان والإنسان والمراد منها هنا ما يحصل في حافر الفرس من أسفله فيحتاج إلى عمل البيطار. والتبزيع لم نعثر له على معنى. وإنما وجدت البزع بمعنى الخفيف والجريء. فلعل المصنف تكلف استعمال التبزيع بمعنى ذلك وتكون الإضافة إليه على معني اللام. أي فتح الرهصة للتخفيف.

 

ج / 2 ص -159-  وإن كان الرهن فحولا لم يكن له إطراقها بغير رضا المرتهن: إلا أن تتضرر بتركه فيجوز: كالمداواة ويمنع من قطع أصبع زائدة وسلعة فيها خطر ويمنع من ختانه إلا مع دين مؤجل يبرأ قبل أجله والزمان معتدل لا يخاف عليه فيه وللمرتهن مداواة ماشية لمصلحة وليس للراهن الانتفاع بالرهن باستخدام ولا وطء الأمة ولو آيسة أو صغيرة ولا سكنى ولا التصرف فيه بإجارة ولا إعارة ولا غير ذلك بغير رضا المرتهن وتكون منافعه معطلة فإن كانت دارا أغلقت وإن كان عبدا أو غيره تعطلت منافعه حتى يفك الرهن ويصح رهن الأمة المزوجة وليس له تزويج الأمة المرهونة فإن فعل لم يصح ولا وطؤها فإن فعل فلا حد عليه ولا مهر وإن أتلف جزءا منها أو نقصها: مثل إن افتض البكر أو أفضاها فعليه قيمة ما أتلف فإن شاء جعله رهنا معها وإن شاء جعله قضاء من الحق إن لم يكن حل وإن كان قد حل جعله قضاء لا غير وإن أولدها بأن أحبلها بعد لزوم الرهن و ولدت ما تصير به أم ولد خرجت من الرهن وأخذت منه قيمتها حين أحبلها فجعلت رهنا: إلا أن يكون الوطء بإذن المرتهن فإن إذن ثم رجع فكمن لم يأذن وإن اختلفا في الإذن فالقول قول من ينكر وإن أقر المرتهن بالأذن وأنكر كون الولد من الوطء المأذون فيه أو قال: هو من زوج أو زنا فقول الراهن بغير يمين وإن اعترف المرتهن بالأذن في الوطء وبالوطء وبالولادة ويمضي مدة بعد الوطء يمكن أن تلده فيها اعتبر مضي ستة أشهر من وطئه و لو أذن في ضربها

 

ج / 2 ص -160-  فضربت فتلفت فلا ضمان عليه وإذا رهنها فبانت حائلا أو حاملا بولد لا يلحق الراهن فالرهن بحاله وكذلك إن كان يلحق به لكن لا تصير به أم ولد: مثل أن وطئها وهي زوجته ثم ملكها ثم رهنها وإن بانت حاملا بما تصير به أم ولد بطل الرهن ولا خيار للمرتهن ولو كان مشروطا في البيع وإن أقرا الراهن بالوطء بعد لزوم الرهن قبل في حقه ولا يقبل في حق المرتهن1 وإن أذن مرتهن لراهن في بيع الرهن بشرط أن يجعل ثمنه رهنا مكانه أو إذن في بيعه بعد حلول الدين صح البيع وبطل الرهن في عينه وصار الثمن رهنا ويأخذ الدين الحال منه وما سواه يبقى رهنا إلى اجله وبدونهما: أي حلول الدين أو شرط ثمنه رهنا يبطل الرهن بالبيع فإن اختلفا في الأذن فقول مرتهن فإن أقر به واختلفا في شرط جعل ثمنه رهنا فقول الراهن وإن أذن له في بيعه بشرط أن يعجل دينه من ثمنه صح البيع ولغا الشرط ويكون الثمن رهنا وللمرتهن الرجوع في كل تصرف أذن فيه قبل وقوعه فإن ادعى أنه رجع قبل البيع لم يقبل لأنه تعلق به حق ثالث ولو ثبت رجوعه وتصرف الراهن جاهلا رجوعه لم ينفذ تصرفه ونماء الرهن منفصلا كان أو متصلا وكسبه وغلاء ثمنه وصوفه ولبنه وورق شجرة المقصود ومهره وأرش الجناية عليه الموجبة للمال وما يسقط من ليفه وسعفه وعراجينه وزرجون الكرم2

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 معنى قبول إقرار الراهن في حقه وحده أن نسب الولد لو ظهر بها حمل يلحقه وعدم قبوله في حق المرتهن إن هذا الإقرار لا يبطل الرهن وتظل الأمة في حوزته حتى يثبت ما يقتضي إخراجها من الرهن ببينة أو حمل فتكون قيمتها حينئذ مكانها على ما تقدم.
2 الزرجون بفتح الزاي والراء القضبان.

 

ج / 2 ص -161-  وما قطع من الشجر من حطب وانقاض الدار تكون رهنا في يد من الرهن في يده كالأصل فتباع معه إذا بيع وتأتي الجناية الموجبة للقصاص وإذا رهن أرضا أو دارا أو غيرهما تبعه في الرهن ما يتبع في البيع من شجر وغيره وما لا فلا.

فصل:- ومؤنة الرهن من طعامه
وكسوته ومسكنه وحفظه وكفنه وبقية تجهيزه أن مات وأجرة مخزنه إن كان مخزونا وسقيه وتلقيحه وزباره1 وجذاذه ورعي ماشية ورده من إباقه ومداواته لمرض أو جرح وختانه - على الراهن فإن تعذر أخذ ذلك من الراهن بيع منه فيما يجب عليه فعله بقدر الحاجة فإن خيف استغراقه بيع كله وعلى الراهن تجفيف الثمرة إذا احتاجت إليه والحق مؤجل وإن كان حالا بيعت وإن اتفقا على بيعها وجعل ثمنها رهنا بمؤجل جاز فإن اختلفا قدم قول من يستبقيها: إلا أن تكون مما تقل قيمته بالتجفيف وقد جرت العادة ببيعه رطبا فيباع ويجعل ثمنه رهنا وإن اتفقا على قطعها في وقت جاز: حالا كان الحق أو مؤجلا أو كان الأصلح القطع أو الترك ويقدم قول من طلب الأصلح إن كان ذلك قبل حلول الحق: وإلا قول من طلب القطع وإن كانت الثمرة مما لا ينتفع بها قبل كمالها لم يجز قطعها قبله ولم يجبر عليه وإن أراد الراهن السفر بالماشية ليرعاها في مكان آخر وكان لها في مكانها مرعى تتماسك به فللمرتهن منعه وإن أجدب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الزبار: تقليم الأغصان الرديئة.

 

ج / 2 ص -162-  مكانها فلم تجد ما تتماسك به فله السفر بها: إلا أنها تكون في يد عدل يرضيان به أو ينصبه الحاكم ولا ينفرد الراهن بها فإن امتنع الراهن من السفر بها فللمرتهن نقلها وإن أراد السفر بها واختلفا في مكانها قدم من يعين الأصلح فإن استويا قدم قول المرتهن وأيهما أراد نقلها عن البلد مع خصبه إلى مثله أو أخصب منه لم يكن له ذلك وإن اتفقا عليه جاز ولا يجبر الراهن على مداواة الرهن ولا إنزاء الفحل على الإناث ونحو ذلك ما لا يحتاج إليه لبقاء الرهن وإن جربت الماشية فللراهن دهنها بما يرجى نفعه ولا يخاف ضرره كالقطران والزيت اليسير وإن خيف ضرره كالكثير فللمرتهن منعه وهو أمانة في يد المرتهن ولو قبل العقج كما بعد الوفاء أو الإبراء وإن تلف بغير تعد منه أو تفريط فلا شيء عليه كما لو تلف تحت يد العدل وليس عليه رده: كالوديعة فإن سأله مالكه دفعه إليه لزم من هو في يده من المرتهن أو العدل دفعه إليه إذا أمكنه فإن لم يفعل صار ضامنا وإن تعدى فيه أو فرط زال ائتمانه: كوديعة ويصير مضمونا والرهن بحاله ولا يسقط بهلاكه شيء من دينه: كدفع عبد يبيعه ويأخذ حقه من ثمنه وكحبس عين مؤجرة بعد الفسخ على الأجرة ويتلفان بخلاف حبس البائع المبيع المتميز على ثمنه فإنه يسقط بتلفه وإذا تلف الرهن لم يلزم الراهن أن يرهن مكانه رهنا آخر وإن قضي بعض دينه أو أبرأه منه وببعضه رهن أو كفيل وقع مما نواه الدافع أو المبرىء والقول قوله في النية واللفظ فإن أطلق صرفه إلى أيهما شاء وإن تلف

 

ج / 2 ص -163-  بعض الرهن فباقيه رهن بجميع الدين ولو عينين تلفت إحداهما ولا ينفك شيء من الرهن ولو أمكن قسمته حتى يقضي جميع الدين حتى ولو قضي أحد الوارثين ما يخصه من دين رهن ويقبل قوله في التلف دون الرد وإن ادعاه بحادث ظاهر قبل قوله فيه ببينة تشهد بالحادث ثم قوله في تلفه به بدونها وإن رهنه عند رجلين فوفي أحدهما أو رهنه رجلان شيئا فوفاه أحدهما أنفك في نصيبه: كتعدد العقد فإن أراد من انفك نصيبه مقاسمة المرتهن وكان الرهن مما لا تنقصه القسمة فله ذلك وإلا فلا ويقيد في يد المرتهن بعضه رهن وبعضه وديعة وإذا حل الدين لزم الراهن الإيفاء فإن امتنع من وفائه فإن كان الراهن إذن للمرتهن أو العدل في بيعه باعه و وفى الدين: لكن لو باعه العدل اشترط إذن المرتهن ولا يحتاج إلى تجديد إذن الراهن ويجوز للعدل أو المرتهن بيع قيمة الرهن كأصله بالأذن الأول فإن لم يكن أذن أو أذن ثم عزله رفع الأمر إلى حاكم فيجبره على وفاء الدين أو بيع الرهن فإن لم يفعل حبسه أو عزره ليبيعه فإن أبى باعه عليه وقضى الدين وحكم الغائب حكم الممتنع من الوفاء قال الشيخ: ومتى لم يكن بيع الرهن إلا بخروج المديون من الحبس أو يمشي معه هو أو وكيله.

فصل:- وإذا قبض الرهن من تراضي المتراهنان
أن يكون على يده صح قبضه وكان وكيلا للمرتهن وقام قبضه مقام قبض المرتهن في اللزوم به إذا كان ممن يجوز توكيله: وهو الجائز التصرف مسلما كان أو كافرا

 

ج / 2 ص -164-  عدلا أو فاسقا ذكرا أو أنثى: لا صبيا فإن فعلا فقبضه وعدمه سواء ولا عبدا بغير إذن سيده ولا مكاتبا بغير جعل وإن شرط جعله في يد اثنين لم يكن لأحدهما الانفراد بحفظه ويمكن اجتماعهما في الحفظ: بان يجعلاه في مخزن عليه لكل واحد منهما قفل فإن سلمه أحدهما إلى الآخر فعليه ضمان النصف فإن مات أحدهما أو تغيرت حله بفسق أو ضعف عن الحفظ أو عداوة - أقيم مقامه عدل يضم إلى الآخرة وليس للراهن ولا للمرتهن إذا لم يتفقا ولا للحاكم نقل الرهن عن يد من تشارطا أن يكون على يده إن كان عدلا ولم تتغير حاله عن الأمانة ولا حدثت بينه وبين أحدهما عداوة وله رده عليهما وعليهما قبوله فإن امتنعا اجبرهما الحاكم فإن دفعه إلى أمين من غير امتناعهما ضمن الحاكم والأمين معا وكذلك لو تركه العدل عند آخر مع وجودهما ضمن العدل والقابض فإن امتنعا ولم يجد حاكما فتركه عند عدل آخر لم يضمن وإن امتنع أحدهما لم يكن له دفعه إلى الآخر فإن فعل ضمن فإن كانا غائبين أو نغيبا وكان للعدل عذر من مرض أو سفر أو نحوه دفعه فقبضه أو اقبضه الحاكم عدلا فإن لم يجد حاكما أودعته ثقة فإن أودعه الثقة مع وجود الحاكم ضمن وإن لم يكن له عذر وكانت الغيبة دون مسافة القصر فكما لو كانا حاضرين وإن كان أحدهما غائبا وحده فحكمهما حكم الغائبين وليس له دفعه إلى الحاضر منهما وكل موضع قلنا يجوز له دفعه إلى أحدهما إذا دفعه إليه فعليه رده إلى يده فإن لم يفعل ضمن حق الآخر وإن اتفقا على

 

ج / 2 ص -165-  نقله عن يده جاز وكذلك لو كان الرهن في يد المرتهن فلم تتغير حاله لم يكن للراهن ولا للحاكم نقله عن يده فإن تغير حال العدل بفسق أو ضعف أو حدثت عداوة بينه وبينهما أو بينه وبين أحدهما فلمن طلب نقله عن يده ذلك ويضعانه في يد من اتفقا عليه فإن اختلفا وضعه الحاكم عند عدل وإن اختلفا في تغيير حاله بحث الحاكم وعمل بما ظهر له: وهكذا لو كان في يد المرتهن فتغيرت حاله في الثقة والحفظ فللراهن رفعه عن يده إلى الحاكم ليضعه في يد عدل وإن مات العدل أو المرتهن لم يكن لورثتهما إمساكه إلا برضاهما فإن اتفقا عليه أو على عدل يضعانه عنده فلهما ذلك وإن اختلف عند موت العدل أو اختلف الراهن ورثة المرتهن رفعا الأمر إلى الحاكم ليضعه بيد عدل وإن أذن الراهن والمرتهن للعدل في البيع أو أذن الراهن للمرتهن فيه وعين نقدا تعين وإلا لم يبع إلا بنقد البلد فإن كانت فيه نقود باع بأغلبها فإن تساوت باع بجنس الدين فإن لم يكن فيه جنس الدين باع بما بدا أنه أصلح فإن تساوت عين حاكم وإن اختلف الراهن والمرتهن على العدل في تعيين النقد لم يسمع قول واحد منهما ويرفع العدل الأمر إلى الحاكم فيأمره ببيعه بنقد البلد: سواء كان من جنس الحق أو لم يكن وافق قول أحدهما أو لا وحكمه في البيع حكم الوكيل في وجوب الاحتياط والمنع من البيع بدون ثمن المثل وغير ذلك: لكن لا يبيع ها نساء ومتى خالف لزمه ما يلزم الوكيل المخالف وإن قبض الثمن فتلف في يده من غير تعد ولا تفريط: ويقبل قوله في تلفه: فمن ضمان الراهن.

 

ج / 2 ص -166-  فصل:- وإن استحق الرهن المبيع
رجع المشتري على الراهن أن أعلمه العدل أنه وكيل وإلا فعلى العدل: وهكذا كل وكيل باع ما ل غيره فإن علم المشتري بعد تلف الثمن في يد العدل رجع أيضا على الراهن ولا شيء على العدل فأما المرتهن فقد بان له أن عقد الرهن كان فاسدا: فإن كان مشروطا في البيع ثبت له الخيار فيه وإلا سقط حقه وإن كان الراهن مفلسا حيا أو ميتا كان المرتهن والمشتري أسوة الغرماء وإن خرج مستحقا بعد دفع الثمن إلى المرتهن رجع المشتري على المرتهن وإن كان المشتري رده بعيب لم يرجع على المرتهن ولا على العدل ويرجع على الراهن وإن كان العدل حين باعه لم يعلم المشتري أنه وكيل كان الرجوع عليه ويرجع هو على الراهن إن أقر العدل بالعيب أو ثبت ببينة وإن أنكر فقوله مع يمينه فإن نكل فقضي عليه بالنكول ورجع المشتري عليه لم يرجع العدل على الراهن لأنه يقول أن المشتري ظلمه وإن تلف المبيع في يد المشتري ثم بان مستحقا قبل وزن ثمنه فللمغصوب منه تضمين من شاء من الغاصب والعدل والمرتهن والمشتري ويستقر الضمان على المشتري ولو لم يعلم لأن التلف في يده وإن ادعى العدل دفع الثمن إلى المرتهن فأنكر ولم يكن قضاه ببينة ولا حضور راهن ضمن كما لو أمره بالأشهاد فلم يفعل ولا يقبل قوله عليهما في تسليمه لمرتهن فيحلف مرتهن ويرجع على أيهما شاء فإن رجع على العدل لم يرجع العدل على أحد وإن رجع على راهن رجع على العدل وإن دفعه

 

ج / 2 ص -167-  العدل إلى المرتهن بحضرة الراهن أو ببينة وسواء كانت حاضرة أو غائبة حية أو ميتة إن صدقه المرتهن لم يرجع عليه - ويأتي حكم الوكيل - وإن غصب المرتهن الرهن من العدل ثم رده إليه زال عنه الضمان ولو كان الرهن في يد المرتهن فتعدى ثم زال التعدى أو سافر به ثم رده لم يزل عنه الضمان وإذا استقرض ذمي من مسلم مالا فرهنه خمرا لم يصح: سواء جعله في يد ذمي أو غيره فإن باعها الراهن أو نائبه الذمي وجاء المقرض بثمنها لزمه قبوله فإن أبى قيل له: أما أن تقبض وأما أن تبرىء وإن جعلها في يد مسلم فباعها المسلم لم يجبر المرتهن على قبول الثمن وإن شرط أن يبيع المرتهن أو العدل الرهن صح ولم يؤثر فيه: وكذا كل شرط وافق مقتضى العقد وإن عزلهما أو مات - عزلا: علما أولم يعلما وإن أتلف الرهن في يد العدل أجنبي فعلى المتلف بدله يكون رهنا في يده بمجرد الأخذ وله المطالبة به فإن كان البدل من جنس الدين وقد أذن له في وفائه من ثمن الرهن ملك إيفاءه منه وإن شرط شرطا لا يقتضيه العقد: كالمحرم والمجهول المعدوم وما لا يقدر على تسلميه ونحوه أو ينافيه: نحو إلا يباع عند حلول الحق أو لا يباع ما خيف تلفه أو بيعه بأي ثمن كان أو لا يبيعه إلا بما يرضيه أو ينتفع به الراهن والمرتهن أو كونه مضمونا على المرتهن أو العدل أو لا يقبضه إن جاءه بحقه في محله وإلا فالرهن له بالدين أو الراهن بمبيع له بالدين الذي له عليه أو لا يستوفي الدين من ثمنه أو شرطا الخيار للراهن أو لا يكون العقد لازما في حقه أو توقيت الرهن أو يكون الرهن يومأ ويوما لا أو كون

 

ج / 2 ص -168-  الرهن في يد الراهن - فالشرط فاسد والرهن صحيح: لكن إذا لم يكن مقبوضا فغير لازم وإن كان مجهولا أو محرما ونحوه فباطل وإذا رهنه أمة وشرط كونها عند امرأة أو ذي محرم لها أو كونها في يد المرتهن أو أجنبي على وجه لا يفضى إلى الخلوة بها: مثل أن يكون لهما زوجات أو سراري أو نساء من محارمهما في دارهما جاز وإن لم يكن كذلك فسد الشرط لإفضائه إلى الخلوة المحرمة ولا يفسد الرهن ويجعلها الحاكم على يد من يجوز أن تكون عنده وإن كان مرتهن العبد امرأة لا زوج لها فشرطت كونه عندها على وجه يفضي إلى خلوته بها لم يجز أيضا وإن قال الغريم رهنتك عبدي هذا على أن تزيد لي في الأجل كان باطلا وإذا فسد الرهن وقبضه المرتهن فلا ضمان عليه وكل عقد كان صحيحا مضمونا أو غير مضمون ففاسده كذلك فإن كان مؤقتا أو شرط أنه يصير للمرتهن بعد انقضاء مدته صار بعد ذلك مضمونا لأنه مقبوض بحكم بيع فاسد وحكم الفاسد العقود حكم الصحيح في الضمان.

فصل:- وإذا اختلفا في قدر الدين الذي به الرهن
نحو أن يقول الراهن رهنتك عبدي هذا بألف فقال المرتهن: بل بألفين أو في قدر الرهن نحو أن يقول رهنتك هذا فقال المرتهن: وهذا أيضا فقول راهن بيمينه أو رده أو قال: رهنتك بالمؤجل من الألفين فقال: بل بالحال أو قال: ببعض الدين فقال المرتهن بل بكله أو قال: أقبضتك عصيرا في عقد شرط فيه رهنه فقال: بل خمرا أو اختلفا في عين الرهن: نحو رهنتك هذا فقال المرتهن ك بل هذا فقول الراهن مع يمينه وإن اختلفا في تلف العين أو في قيمتها حيث لزمت المرتهن فقوله وإن ابرأه المرتهن من أحد الدينين

 

ج / 2 ص -169-  واختلفا في تعيينه فقول مرتهن وإن قال: رهنتك هذا العبد فقال: بل هذه الجارية خرج العبد من الرهن وحلف الراهن أنه ما رهنه الجارية وخرجت من الرهن أيضا وإن ادعى المرتهن أنه قبضه منه قبل قوله إن كان بيده ولو كان بيد رجل عبد فقال الآخر: رهنتني عبدك هذا بألف فقال: بل غصبته أو هو وديعة عندك أو عارية فقول السيد: سواء اعترف السيد بالدين أو جحده ولو قال: أرسلت وكيلك فرهن عندي هذا على ألفين قبضهما مني فقال: ما أذنت له إلا في رهنه بألف: فإن صدق الرسول الراهن حلف الرسول ما رهنه إلا بألف ولا قبض إلا ألفا ولا يمين على الراهن فإذا حلف الوكيل برئا جميعا أي الرسول والراهن وإن نكل فعليه الألف المختلف فيه ولا يرجع به على أحد وإن صدق المرتهن فقول الراهن مع يمينه فإن نكل قضي عليه بالألف ويدفع إلى المرتهن وإن حلف بريء وعلى الرسول الألف ويبقى الرهن بالألف وإن عدم الوكيل أو تعذر أحلافه فعلى الراهن اليمين أنه ما أذن في رهنه إلا بألف ولا قبض أكثر منه وبقي الرهن بألف ولو قال: رهنتك عبدي الذي بيدك بألف قال: بل بعتنيه بها أو قال: بعتكه به فقال: بل رهنتنيه ولا بينة حلف كل منهما على نفي ما ادعى عليه به وسقط ويأخذ الراهن وهنه ويبقى الألف بلا رهن وكل أمين يقبل قوله في الرد فطلب منه فليس له تأخيره حتى يشهد عليه ولو قلنا يحلف وكذا مستعير ونحوه لا حجة عليه وإن كان عليه حجة فله تأخيره: كدين بحجة فإذا قبض الوديعة ببينة

 

ج / 2 ص -170-  دفعها ببينة ولا يلزمه دفع الوثيقة بل الإشهاد بأخذه قال في الترغيب: لا يجوز للحاكم إلزامه به وكذا الحكم في تسليم بائع كتاب ابتياعه إلى مشتر - ويأتي أخر الوكالة - وإن أقر الراهن أنه اعتق العبد قبل رهنه وكذبه المرتهن عتق وأخذت منه قيمته إن كان موسرا وجعلت رهنا: كما لو باشر عتقه وإن أقر انه كان جنى أو أنه باعه أو غصبه قبل على نفسه ولم يقبل على المرتهن: إلا أن يصدقه ويلزم المرتهن اليمين أنه ما يعلم ذلك فإن نكل قضي عليه.

فصل:- وإذا كان مركوبا أو محلوبا
فله أن يركب ويحلب حيوانا ولو أمة مرضعة بغير إذن راهن بقدر نفقته نصا متحريا للعدل في ذلك وسواء أنفق مع تعذر النفقة من الراهن بغيبة أو امتناع أو مع القدرة على أخذ النفقة منه أو استثنائه ولا ينهكه فإن فضل من اللبن شيء باعه المأذون له وإلا باعه الحاكم وإن فضل من النفقة شيء1 رجع به على راهن وإن لم يرجع: إذا أنفق: على الراهن في غير هذه الصورة في ظاهر كلامهم وإن كان متطوعا لم يرجع: ولا يجوز للمرتهن في غير المركوب والمحلوب فلا ينفق على العبد والأمة ويستخدمهما بقدر النفقة2 وللمرتهن أن ينتفع بالرهن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 معنى قوله: فإن فضل من النفقة شيء ألا يكفي ثمن لبنها لنفقتها بل أكملها من عنده.
2 يريد ليس له أن ينفق على العبد والجارية ثم يستخدمها بقدر نفقتها كما كان له ذلك في المركوب والمحلوب.

 

ج / 2 ص -171-  بإذن راهن مجانا ولو بمحاباة: ما لم يكن الدين قرضا وإن استأجره المرتهن أو استعاره لم يخرج بذلك عن الرهن لأن القبض مستدام: لكن يصير في العارية مضمونا وإن انتفع بغير أذن الراهن فعليه أجرته وإن تلف الرهن ضمنه لتعديه وإن انفق على الرهن بغير أذن راهن مع إمكانه فمتبرع ولو نوى الرجوع وإن عجز عن استئذانه رجع بالأقل مما أنفق ونفقة مثله إذا نوى الرجوع و لو قدر على استئذان حاكم ولم يستأذنه ولم يشهد وكذا وديعة وجمال ونحوها إذا هرب صاحبها وتركها في يد مكتر - وتأتي هذه في الإجارة - وإن انهدمت الدار فعمرها المرتهن بغير أذن الراهن لم يرجع به ولو نوى الرجوع: لكن له أخذ أعيان آلته.

فصل:- وإن جنى الرهن
جناية موجبة للمال على بدن أو مال تستغرق قيمته تعلق أرشها برقبته وقدمت على حق المرتهن وخير سيده بين فدائه بالأقل من قيمته أو أرش جنايته ويبقى الرهن بحاله وبين بيعه في الجناية أو تسليمه إلى ولي الجناية فيملكه ويبطل الرهن فيهما فإن لم يستغرق الأرش قيمته بيع منه بقدره وباقيه رهن فإن تعذر بيع بعضه بيع كله ويكون باقي ثمنه رهنا وإن فداه مرتهن بأذن راهن غير متبرع رجع به وإلا لم يرجع و لو نوى الرجوع حتى ولو تعذر استئذانه لأن المالك لم يجب عليه الافتداء هنا فإن فداه المرتهن وشرط أن يكون رهنا بالفداء مع الدين الأول يصح: كما لو رهنه بدين سوى هذا1 وإن كانت جنايته موجبة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وجه ذلك أن رقبة العبد رهينة بالدين الأول، والمشغول لا يشغل.

 

ج / 2 ص -172-  للقصاص في النفس فلوليها استيفاؤه فإن اقتص بطل الرهن كما لو تلف وإن كانت في طرف اقتص منه وبقي الرهن في باقيه ولو عفا على مال تعلق برقبة العبد ولو صار كالجناية الموجبة للمال - ويأتي حكم جنايته عمدا وخطا في مقادير الديات بأتم من هذا - وإن جنى المرهون بأذن سيده وكان يعلم تحريم الجناية وأنه لا يجب عليه قبول ذلك من سيده فكالجناية بغير أذنه وإن كان صبيا أو أعجميا لا يعلم ذلك فالجاني هو السيد يتعلق به موجب الجناية ولا يباع العبد فيها موسرا كان السيد أو معسرا وحكم إقرار العبد بالجناية حكم إقرار غير المرهون وإن جنى عليه جناية موجبة للقصاص أو غيره فالخصم سيده فإن أخر المطالبة لغيبة أو عذر من غيره فللمرتهن المطالبة - ويأتي آخر الوديعة بعض ذلك - ولسيده القصاص بأذن مرتهن وبدونه إن أعطاه ما يكون رهنا فإن اقتص في نفس أو دونها أو عفا على مال فعليه قيمة اقلهما قيمة تجعل رهنا مكانه وإن كانت الجناية على سيد العبد: فإن كانت إتلاف مال أو موجبة للمال فهو هدر وإن كانت موجبة للقود وكانت على ما دون النفس وعفا السيد على مال أو غير مال سقط القصاص ولم يجب المال وإن اقتص فعليه قيمته تكون رهنا مكانه أو قضاء عن الدين وكذلك إن كانت الجناية على النفس فاقتص الورثة وتجب عليهم القيمة وليس لهم العفو على مال عفوا فعلى ما ذكرناه1 وإن جنى العبد المرهون على عبد سيده: فإن لم يكن مرهونا فكالجناية على

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد سقط القصاص بالعفو وسقط المال لأنه عائد عليهم من مملوكهم فكأنه واجب عليهم لأنفسهم ولا نتيجة لذلك، وقد تقدم لك قريبا نظير هذا.

 

ج / 2 ص -173-  طرف سيده وإن كان مرهونا عند مرتهن القاتل والجناية موجبة للقصاص فإن اقتص السيد بطل الرهن في المجني عليه1 وعليه قيمة المتقص منه وإن عفا على مال أو كانت موجبة للمال وكان رهنا بحق واحد فجنايته هدر2 وإن كان كل واحد منهما رهنا منفرد فإن كان الحقان سواء وقيمتهما سواء فالجناية هدر وإن اختلف الحقان واتفق القيمتان: مثل أن يكون دين أحدهما ودين الآخر مائتين3 وقيمة كل واحد منهما مائة: فإن كان دين القاتلك أكثر لم ينقل إلى دين المقتول وإن كان دين المقتول أكثر نقل إلى القاتل بحاله ولا يباع وإن اتفق الدينان واختلف القيمتان بان يكون دين كل واحد منهما مائة وقيمة أحدهما مائة والآخر مائتين فإن كانت قيمة المقتول أكثر بقي بحاله وإن كانت قيمة الجاني أكثر بيع منه بقدر جنايته يكون رهنا بدين المجني عليه والباقي رهن بدينه وإن اتفقا على تبقيته ونقل الدين إليه صار مرهونا بهما فإن حل أحد الدينين بيع بكل حال وإن اختلف الدينان والقيمتان: كأن يكون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 معنى بطلان الرهن أن السيد لا يلزم برهن آخر مكانه حيث لم يكن التعدي بسبب من جهته، والدين باق في ذمته إلى أجله.
2 إنما كان هدرا لأن الدين متعلق بكل منهما، فموت أحدهما لا يؤثر في تعلقه بالآخر. ولا شيء على سيدها، ونظير ذلك ما لو تلف بعض الرهن أو جميعه بآفة سماوية، فغاية الرهن أنه وثيقة، وانعدام الوثيقة لا يضر بالدين.
3 المثال غير كاف في إيضاح اختلاف الحقين لأنه قدرين أحدهما بمائتين ولم يفرض قدرا للثاني ويمكنك اعتبار الدين لمن لم يقدر له المصنف أي مبلغ  شئت سوى المائتين حتى يظهر اختلافهما.

 

ج / 2 ص -174-  أحد الدينين خمسين والآخر ثمانين وقيمة أحدهما مائة والآخر مائتين: فإن كان دين المقتول أكثر نقل إليه وإلا فلا1 وأما إن كان المجني عليه رهنا عند غير مرتهن القاتل واقتص السيد بطل الرهن في المجني عليه وعليه قيمة المقتص منه تكون رهنا وإن عفا على مال ثبت المال في رقبة العبد: فإن كان الأرش لا يستغرق قيمته بيع منه بقدر الأرش يكون رهنا عند مرتهن المجني عليه وباقيه رهن عند مرتهنه وإن لم يمكن بيع بعضه بيع كله وقسم ثمنه بينهما على حسب ذلك يكون رهنا وإن كان يستغرق قيمته نقل الجاني فجعل رهنا عند الآخر وإن كذبه المرتهن وصدقه الراهن فله الأرش ولا حق للمرتهن فيه وإن صدقه المرتهن وحده تعلق حقه بالأرش وله قبضه فإذا قضي الراهن الحق أو أبراه المرتهن رجع الأرش إلى الجاني ولا شيء للراهن فيه وإن استوفى حقه من الأرش لم يملك الجاني مطالبة الراهن لأنه مقر له باستحقاقه وإن كان الرهن أمة فضرب بطنها فألقت جنينا فما وجب فيه وأخذ فهو رهن معها وإن كانت بهيمة ففيه ما نقصها لا غير وإن كانت الجناية موجبة للمال فما قبض منه جعل مكانه: فإن عفا السيد عن المال صح في حقه ولم يصح في حق المرتهن فيؤخذ من الجاني الأرش فيدفع إلى المرتهن فإذا انفك الرهن بأداء راهن أو إبراء راد إلى الجاني ما أخذ منه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 معنى نقل الدين من المقتول إلى القاتل في الأمثلة السالفة أن يصير القاتل رهنا بدين المقتول بدل الدين الذي كان هو رهنا به.

 

ج / 2 ص -175-  وإن استوفاه من الأرش رجع جان على راهن وإن وطىء المرتهن الجارية المرهونة من غير شبهة فعليه الحد والمهر وولده رقيق للراهن رهنا مع أمه وإن وطئها بأذن راهن وادعى الجهالة وكان مثله يجهل ذلك: كمن نشأ ببادية أو حديث عهد بإسلام فلا حد عليه ولا مهر وولده حر لا يلزمه قيمته وإن كان عالما بتحريمه فلا مهر وعليه الحد وولده رقيق وإن وطئها من غير أذن راهن جاهلا التحريم فلا حد وولده حر وعليه الفداء والمهر وله بيع رهن جهل ربه إن أيس من معرفته والصدقة بثمنه بشرط ضمانه ولا يستوفى حقه من الثمن نصا وعنه بلى ولو باعها الحاكم ووفاه جاز ويأتي في الغصب لو بقيت في يده غصوب ونحوها لا يعرف أربابها.

باب الضمان والكفالة وما يتعلق بهما
الضمان: التزام من يصح تبرعه أو مفلس برضاهما ما وجب أو يجب على غيره مع بفائه عليه: غير ضمان مسلم جزيته وكفالته من هي عليه فلا يصح فيهما ويصح بلفظ ضمين وكفيل وقبيل وحميل وصبير وزعيم وضمنت دينك أو تحملته وضمنت إيصاله أو هو على نحوه فإن قال أنا أؤدي أو أحضر لم يصر ضامنا - وقال الشيخ: قياس المذهب يصح بكل لفظ فهم منه الضمان عرفا: مثل زوجه وأنا أؤدي الصداق أو بعه وأنا أعطيك أو أتركه ولا تطالبه وأنا أعطيك ونحو ذلك - وإن ضمن وهو مريض مرضا غير مخوف أو مخوفا ولم

 

ج / 2 ص -176-  يتصل به الموت فكالصحيح ويصح الضمان من اخرس بإشارة مفهومة ولا يثبت بكتابته منفردة عن إشارة يفهم بها أن قصد الضمان لأنه قد يكتب عبثا و تجربة قلم ومن لا تفهم إشارته لا يصح ضمانه وكذلك سائر تصرفاته ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما لثبتوته في ذمتيهما جميعا ومطالبتهما معا في الحياة والموت ولو كان المضمون عنه باذلا: فإن أحال رب الحق أو أحيل أو زال العقد بريء الضامن والكفيل وبطل الرهن إن كان فإن بريء المضمون عنه بريء الضامن وإن بريء الضامن أو أقر ببراءته كقوله: برئت من الجين أو أبراتك لم يكن مقرا بالقبض ولم يبرا مضمون عنه والقائل برئت إلى من الدين مقر بقبضته ووهبتك الحق تمليك له فيرجع على مديون ويصح أن يضمن الحق عن الواحد اثنان فأكثر سواء ضمن كل واحد جميعه أو جزءا منه فإن قال: كل واحد منا ضامن من لك الألف فهو ضمان اشتراك في انفراد له مطالبتهما معا بالألف ومطالبة أحدهما به فإن قضاه أحدهما لم يرجع إلا على المضمون عنه فإن أبرا المضمون عنه بريء الجميع وإن أبرا أحد الضامنين بريء وحده وإن ضمن أحدهما صاحبه لم يصح وإن قال: ضمنا لك الألف فهو بينهما بالحصص فكل واحد منهما ضامن لحصته ولو تكفل بالواحد اثنان صح ويصح أن يتكفل كل واحد من الكفيلين بالآخر فلو سلمه أحدهما بريء كفيله به لا من إحضار المكفول1

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يعني إذا برئ أحد الكفلين بتسليم الدين فإن زميله في الكفالة لا يبرأ من كفالة المدين وإن كان قد برئ من كفالته لزميله الذي سلم وخرج من الكفالة.

 

ج / 2 ص -177-  وإن كفل المكفول به الكفيل لم يصح1 وإن كفل به في غيره صح ولو ضمن ذمي لذمي عن ذمي خمرا فاسلم المضمون له أو المضمون عنه بريء هو والضامن وإن أسلم الضامن بريء وحده ولا يصح إلا من جائز التصرف: إلا المحجوز عليه لفلس فيصح ضمانه ويتبع بعد فك الحجر عنه فلا يصح من مجنون ولا مبرسم ولا صبي ولا مميز فلو ضمن وقال: كان قبل بلوغي وقال خصمه: بل بعده فالقول قول المضمون له وتقدم مثله في الخيار في البيع وكذا لو ادعى الجنون ولو عرف له حال جنون ولا يصح من سفيه ولا من عبد بغير إذن سيده ولو كان مأذونا له في التجارة ويصح بأذنه ويتعلق بذمة السيد فإن أذن له في الضمان فيكون القضاء من المال الذي في يده صح ويكون ما في ذمته متعلقا بالمال الذي في يد العبد كتعلق حق الجناية برقبة الجاني: كما لو قال الحر: ضمنت لك هذا الدين على أن تأخذ من مالي هذا صح ولا يصح ضمان المكاتب لغيره أذن سيده كالقن ولا يصح إلا برضا الضامن ولا يعتبر رضا المضمون له ولا المضمون عنه ولا معرفة الضامن لهما ولا كون الحق معلوما ولا واجبا إذا كان مآله إلى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لأن المكفول به أصل في الدين. والكفيل فرع، ومن حق الفرع إذا أدى الدين أن يرجع به على الأصل حيث نواه فلو جاز أن يتكفل الأصل بفرعه في الدين الذي حصلت لأجله الكفالة لكان الأصل فرعا وهذا يؤدي إلى جواز رجوعه بالدين على فرعه الذي هو كفيل في الأصل وذلك واضح البطلان. ولا يفوتك أن المدين لو تكفل بكفيله في دين آخر يكون على الكفيل فلا شيء فيه لأن كلا منهما أصل في دين وفرع في آخر وهو غرض المصنف بعد.

 

ج / 2 ص -178-  العلم والوجوب فلو قال: ضمنت لك ما على فلان أو ما على فلان على أو ما تداينه به أو ما يقر به أو ما تقوم به البينة أو ما يخرجه الحساب بينكما ونحوه صح ومنه ضمان السوق: وهو أن يضمن ما يلزم التاجر من دين وما يقبضه من عين مضمونة له - قاله الشيخ وقال: وتجوز كتابته والشهادة به لمن لم ير جوازه لأنه محل اجتهاد واختار صحة ضمان حارس ونحوه وتجار حرب ما يذهب من البلد أو البحر وإن غايته ضمان ما لم يجب وضمان المجهول كضمان السوق وهو أن يضمن الضامن ما يجب على التجار للناس من الديون وهو جائز عند أكثر العلماء كمالك و أبي حنيفة و أحمد وقال: الطائفة الواحدة الممتنعة من أهل الحرب التي ينصر بعضها بعضا تجري مجرى الشخص الواحد في معاهداتهم وإذا شورطوا على أن تجارهم يدخلون دار الإسلام بشرط ألا يأخذوا للمسلمين شيئا وما أخذوه كانوا ضامنين له والمضمون يؤخذ من أموال التجار جاز ذلك ويجب على ولي الأمر إذا أخذوا مالا لتجار المسلمين أن يطالبهم بما ضمنوه ويحبسهم على ذلك كالحقوق الواجبة انتهى - ولا تصح الكفالة ببعض الدين مبهما ولا بدين السلم وتقدم في بابه وإن قال: ما أعطيته فهو على ولا قرينة فهو لما وجب في الماضي وله إبطال الضمان قبل وجوبه.

فصل: ويصح ضمان دين الضامن:
نحو أن يضمن الضامن آخر فيثبت الحق في ذمم الثلاثة أيهم قضاه برئت ذممهم كلها وإن أبرأ الغريم المضمون عنه بريء الضامنان وإن أبرأ الضامن الأول بريء الضامنان

 

ج / 2 ص -179-  ولم يبرأ المضمون عنه وإن أبرأ الثاني بريء وحده ومتى حصلت براءة الذمة بالإبراء فلا رجوع فيها والكفالة كالضمان في هذا المعنى ويصح ضمان دين الميت ولو غير مفلس ولا تبرأ ذمته قبل القضاء وضمان كل دين صح أخذ الرهن به فإن أدى الدين الضامن الأول رجع على المضمون عنه وإن أداه الثاني وهو ضامن الضامن رجع على الضامن الأول وهو على الأصل ويصح المهر قبل الدخول وبعده ولو عن ابنه الصغير كالكبير وضمان عهدة بائع لمشتر: بأن يضمن عنه الثمن متى خرج المبيع مستحقا أو رد بعيب أو أرش العيب وعن مشتر للبائع: بان يضمن الثمن الواجب قبل تسليمه أو إن ظهر به عيب أو استحق فضمان العهدة في الموضعين ضمان الثمن أو بعضه عن أحدهما للآخر وألفاظ ضمان العهدة ضمنت عهدته أو ثمنه أو دركه أو يقول للمشتري: ضمنت خلاصك منه أو متى خرج المبيع مستحقا فقد ضمنت لك الثمن ولو بنى المشتري فنقضه المستحق فالأنقاض للمشتري ويرجع بقيمة التالف على البائع ويدخل في ضمان العهدة في حق ضامنها ولو خالف المشتري فساد البيع بغير استحقاق المبيع1 أو كون العوض معيبا2 أو شك في كمال الصنجة3 أو جودة جنس الثمن فضمن ذلك صريحا صح كضمان العهدة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كأن يدعي البائع فيما بعد أنه كان مكرها على البيع أو كان صغيرا لا يحسن التصرف.
2 يريد أو خاف أحد المتبايعين أن يظهر فيما اعتاضه من ثمن أو مثمن عيب.
3 يعني شك المشتري. وقوله: أو جودة جنس الثمن يريد بالشاك هنا البائع.

 

ج / 2 ص -180-  ويصح ضمان نقص الصنجة ونحوها ويرجع بقوله مع يمينه و ولد المقبوض على وجه السوم كهو1 ولا يصح ضمان دين الكتابة ولا ضمان الأمانات كالوديعة والعين المؤجرة والشركة والمضاربة والعين المدفوعة إلى الخياط والقصار ونحوها: إلا أن يضمن التعدي فيها ويصح ضمان الأعيان المضمونة كالغصوب والعواري والمقبوض على وجه السموم من بيع وإجارة فلو ضمن مقبوضا على وجه سوم: بان يساوم إنسانا على عين ويقطع ثمنها أو لم يقطعه ثم يأخذها ليريها أهله فإن رضوها وإلا ردها ضمنه إذا تلف وصح ضمانه فيهما: إلا أن أخذه بأذن ربه ليريه أهله فإن رضوه أخذه وإلا رده من غير مساومة ولا قطع ثمن فلا يضمنه إذا تلف بغير تفريط ولا يصح ضمانه - قال الشيخ: لو تغيب مضمون عنه: أطلقه في موضع وقيده في آخر بقادر على الوفاء: فامسك الضامن وغرم شيئا بسبب ذلك وأنفقه في الحبس رجع به على المضمون عنه - ويأتي أول الحجر ويصح ضمان الجعل في الجعالة وفي المسابقة وفي المناضلة لأنه يؤول إلى اللزوم إذا عمل العمل: لا ضمان العمل فيها: ويصح ضمان أرش الجناية نقودا كانت كقيم المتلفات أو حيوانا كالديات ويصح ضمان نفقة الزوجة مستقبلة كانت أو ماضية ويلزمه ما يلزم الزوج ولو زاد على نفقة المعسر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سيوضح لك المصنف بعد معنى السوم وقد عللوا الضمان في ذلك بأنه مقبوض على وجه البدل فهو محسوب عليه لو تلف وليس من قبيل الأمانات.

 

ج / 2 ص -181-  فصل:- وإن قضى الضامن الدين أو أحال به متبرعا لم يرجع  بشيء:
ضمنه بأذنه أو بغير أذنه وناويا الرجوع يرجع ولو كان الضمان والقضاء أو أحدهما بغير أذن المضمون عنه وإن لم ينو رجوعا ولا تبرعا بل ذهل عن قصد الرجوع وعدمه لم يرجع وكذا حكم من أدى عن غيره دينا واجبا: لا زكاة ونحوها1 ويرجع الضامن بأقل الأمرين مما قضى: حتى قيمة عرض عرضه به2 أو قدر الدين وللضامن مطالبة المضمون عنه بتخليصه قبل الأداء إذا طولب به إن كان ضمن بإذنه وإلا فلا: لكن إن أدى الدين فله المطالبة بما أدى وإذا كان له ألف على رجلين: على كل واحد منهما نصفه وكل واحد منهما ضامن عن صاحبه فابرأ الغريم أحدهما من الألف بريء منه وبريء صاحبه من ضمانه وبقي عليه خمسمائة وإن قضاه أحدهما خمسمائة أو أبراه الغريم منها وعين القضاء بلفظه أو نية عن الأصل أو الضمان انصرف إليه وإن أطلق صرفه إلى ما شاء منهما كما تقدم والمعتبر في القضاء لفظ القضاء3 ونيته وفي الإبراء لفظ المبريء ونيته ومتى اختلفوا في ذلك فالقول قول من أعتبر لفظه ونيته وإن أدعى ألفا على حاضر وغائب وإن كلا منهما ضامن عن صاحبه فإن اعترف الحاضر بذلك فله أخذ الألف منه فإذا قدم الغائب واعترف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 نحو الزكاة الكفارة والنذر فليس لمن دفعها عن غيره بدون إذنه أن يرجع ولو نوى الرجوع فإنها تحتاج إلى نية من صاحبها أو توكيل ولم يوجد ذلك ولهذا لم تقع الموقع.
2 يعني لو دفع الضامن من لرب الدين عرضا ماليا عن دينه النقدي فإنه حين الرجوع تعتبر قيمة العرض لا ذاته.
3 الأظهر لفظ القاضي بدل القضاء، والمراد بالقاضي دافع الدين لا الحاكم.

 

ج / 2 ص -182-  رجع عليه صاحبه بنصفه إن أنكر فقوله مع يمينه1 وإن كان الحاضر أنكر فقوله مع يمينه فإن قامت عليه ببينة فاستوفى الألف منه لم يرجع على الغائب بشيء2 فإن اعترف الغائب ورجع الحاضر عن إنكاره فله الاستيفاء منه وإن لم تقم على الحاضر بينة حلف وبريء وإن اعترف لزمه دفع الألف3 وإن ادعى الضامن أنه قضى الدين وأنكر المضمون له ولا بينة وحلف لم يرجع ضامن على مضمون عنه ولو صدقه: إلا أن يكون بحضرته أو إشهاد و لو مات الشهود أو غابوا إن صدقه المضمون عنه أو ثبت وإن اعترف المضمون له بالقضاء وأنكر المضمون عنه لم يسمع إنكاره وإن قضى المؤجل قبل اجله لم يرجع حتى يحل وإن مات المضمون عنه أو الضامن لم يحل الدين وإن ماتا فكذلك إن وثق الورثة وإلا حل ويصح ضمان الحال مؤجلا فلصاحب الحق مطالبة المضمون عنه في الحال دون الضامن وإن ضمن المؤجل حالا صح ولم يلزمه قبل أجله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أنما أخذ بقوله: ويمينه حيث لم يكن لزميله الحاضر بينة.
2 لأن إنكار الحاضر يعد اعترافا ببراءة الغائب فلم يكن له مطالبته بشيء.
3 يريد بالمعترف هنا الذي كان غائبا وحضر وحيث دفع لاعترافه فليس له الرجوع على الحاضر الذي لم يعترف ولم تقم عليه بينة.

فصل:- الكفالة
التزام رشيد برضاه إحضار مكفول به تعلق به حق مالي إلى مكفول حاضرا كان المكفول به أو غائبا بأذنه وبغير أذنه ولو صبيا ومجنونا ولو بغير أذن وليهما ويصح إحضارهما مجلس الحكم للشهادة عليهما بالإتلاف وتنعقد بألفاظ الضمان كلها وإن ضمن معرفته

 

ج / 2 ص -183-  أخذ به ومعناه: أني أعرفك من هو وأين هو كأنه قال: ضمنت لك حضوره فإن لم يعرفه ضمن وإن عرفه فليس عليه أن يحضره وتصح ببدن من عليه دين لازم1 يصح ضمانه معلوما كان الدين أو مجهولا2 من كان يلزمه الحضور إلى مجلس الحكم ولو محبوسا لكون المحبوس يمكن تسليمه بأمر الحاكم ثم يعيده إلى الحبس بالحقين جميعا وإن كان محبوسا عند غير الحاكم لم يلزمه تسليمه محبوسا لأن ذلك الحبس يمنعه استيفاء حقه وتصح بالأعيان المضمونة كالغصوب والعواري ولا تصح بالأمانات إلا بشرط التعدي ولا بزوجة لزوجها ولا بشاهد ليشهد له ولا إلى أجل مجهول ولو في ضمان كمجيء المطر وهبوب الرياح لأنه ليس له وقت يستحق مطالبته فيه وإن جعله إلى الحصاد أو الجذاذ فكأجل في بيع والأولى صحته هنا ولا تصح ببدن من عليه حد أو قصاص لإقامة الحد لأنه لا يجوز استيفاؤه من الكفيل: كحد زنا وسرقة وقذف إلا لأجل مال بالدفع وغرم السرقة ولا تصح بغير معين: كأحد هذين ولا بالمكاتب من أجل دين الكتابة وإن كفل بجزء شائع من إنسان: كثلثه وربعه ونحوهما أو عضو منه: كوجهه ويده ورجله و نحوه أو روحه أو نفسه أو كفل بإنسان على أنه إن جاء به

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يعني لازما في حال الكفالة أو يؤل إلى اللزوم.
2 المراد بالمجهول ما يؤل إلى العلم. وقوله: من كان يلزمه الخ بيان لقوله سابقا ببدن من عليه دين لازم، فكأنه قال وهو من كان الخ وذلك للاحتراز عن الوالد فلا يجوز للولد أن يكلفه لأن الأمر قد يستدعي إحضار المكفول إلى مجلس الحكم والولد لا يملك ذلك على أبيه ولا رفع الدعوى عليه إلا في النفقة الواجبة.

 

ج / 2 ص -184-  وإلا فهو كفيل آخر أو ضامن ما عليه أو إذا قدم الحاج فانا كفيل بفلان شهرا ضح ولو قال: كفلت ببدن فلان على أن يبرئ فلان الكفيل أو على أن يبرئه من الكفالة فسد الشرط والعقد وكذا لو قال: كفلت لك بهذا الغريم على أن تبرئني من الكفالة بفلان أو ضمنت لك هذا الدين على أن تبرئني من ضمان الدين الآخر أو على أن تبرئني من الكفالة بفلان وكذا لو شرط في الكفالة أو الضمان أن يتكفل المكفول به آخر أو يضمن دينا عليه أو يؤجره داره ونحوه ولا تصح إلا برضا الكفيل ولا يعتبر رضا مكفول له ولا مكفول به وتصح حالة ومؤجلة: كالضمان والثمن فإن أطلق كانت حالة: كالضمان لأن كل عقد يدخله الحلول اقتضى إطلاقه الحلول فإن عين تسليمه في مكان لزمه تسليمه فيه وإن وقعت الكفالة مطلقة وجب تسليمه وكان العقد كالمسلم وإذا تكفل حالا فله مطالبته بإحضاره فمتى احضره مكان العقد لتعيينه فيه أو لكون الكفالة وقعت مطلقة أو أحضره في مكان عينه غيره بعد حلول اجل الكفالة أو أحضره قبله ولا ضرر في قبضه وسلمه أو سلم مكفول به نفسه في محله بريء ولو لم يقل: قد برئت إليك منه أو قد سلمته إليك أو قد أخرجت نفسي من كفالته: ما لم تكن هناك يد حائلة ظالمة وإن أحضره وأمتنع من تسلمه بريء ولو لم يشهد على امتناعه من تسلمه وإن كانت الكفالة مؤجلة لم يلزمه إحضاره قبل أجلها قال الشيخ: إن كان المكفول في حبس الشرع فسلمه إليه فيه بريء ولا يلزمه إحضاره منه إليه عند أحد من الأئمة ويمكنه الحاكم من الإخراج ليحاكم غريمه

 

ج / 2 ص -185-  ثم يرده وإن مات مكفول به سواء توانى الكفيل في تسليمه حتى مات أولا أو تلفت العين المكفول بها بفعل الله تعالى قبل المطالبة بها بريء الكفيل: لا بموت الكفيل فيؤخذ من تركته ما كفل به فإن كان دينا مؤجلا فوثق ورثته برهن أو ضمين وإلا حل ولا بموت المكفول له وورثته كهو في المطالبة بإحضاره وإن ادعى الكفيل براءة المكفول به من الدين وسقوط الكفالة أو قال: لم يكن عليه دين حين كفلته فقول المكفول له مع يمينه وإذا طالب الكفيل المكفول به بالحضور معه لزمه ذلك إن كانت الكفالة بأذنه أو طالبه صاحب الحق بإحضاره معه لزمه ذلك إن كانت الكفالة بأذنه أو طالبه صاحب الحق بإحضاره وإلا فلا فإن كان المكفول به غائبا غيبة تعلم غير منقطعة ولو مرتدا لحق بدار الحرب أمهل بقدر ما يمضي ويحضره وإن لم يعلم فيها خبره لزمه الدين من غير إمهال فإن مضى ولم يحضره إما لتوان أو لهربه واختفائه أو لامتناعه أو لغير ذلك بحيث تعذر إحضاره مع حياته لزمه ما عليه من الدين: إلا إذا شرط البراءة منه وكذا عوض العين الملزوم بها إذا لم يشرط إلا مال عليه بتلفها فإن اشترط بريء والسجان ونحوه ممن هو وكيل على بدن الغريم بمنزلة الكفيل للوجه1 عليه إحضار الخصم فإن تعذر إحضاره ضمن عليه - قاله الشيخ وقال: وإذا لم يكن الوالد ضامنا لولده ولا له عنده مال لم يجز لمن له على الولد حق أن يطالب والده بما عليه: لكن أن أمكن الوالد معاونة صاحب الحق على إحضار ولده

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قوله: بمنزلة الكفيل للوجه يعني به بمنزلة من تكفل بوجه فلان وقد تقدم لك أنه يكون ملزما بإحضار بدنه وهو ما صرح به.

 

ج / 2 ص -186-  بالتعريف بمكان ونحوه لزمه - ثم قدر على المكفول به1 فظاهر كلامهم أنه في رجوعه عليه كضامن وأنه لا يسلمه أي المكفول له ثم يسترد ما أداه بخلاف مغصوب تعذر إحضاره مع بقائه لامتناع بيعه وإن كفل اثنان واحدا فسلمه أحدهما لم يبرأ الآخر وإن أسلم نفسه برئا وإن كفل واحد غريما لاثنين فأبرأه أحدهما لم يبرأ من الآخر وإن كفل الكفيل كفيل آخر صح فإن بريء الأول بريء الثاني ولا عكس وإن كفل الثاني ثالث بريء كل منهم ببراءة من قبله ولا عكس كضمان ولو كفل اثنان واحدا وكفل كل واحد منهما كفيل آخر فاحضره أحدهما بريء هو ومن تكفل به وبقي الآخر ومن تكفل به ومتى أحال رب الحق أو أحيل أو زال العقد بريء الكفيل وبطل الرهن لأن الحوالة استيفاء في المعنى وتقدم أول الباب ولو خيف من غرق السفينة فألقى بعض من فيها متاعه في البحر لتخف لم يرجع به على أحد ولو نوى الرجوع ويجب الإلقاء إن خيف تلف الركاب بالغرق ولو قال بعض أهلها: الق متاعك فالقاه فلا ضمان على الآمر وإن قال القه وأنا ضامنه ضمن وحده وإن قال كل واحد منا ضامن لك متاعك أو قيمته ضمن القائل الحصة ضمان الجميع سواء كانوا يسمعون قوله فسكتوا أو قالوا: لا تفعل أو لم يسمعوا وإن رضوا بما قال لزمهم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قوله: ثم قدر معطوف على قوله: فإن تعذر إحضاره.

 

ج / 2 ص -187-  وكذا الحكم في ضمانهم ما عليه من دين ولو قال لزيد: طلق زوجتك وعلى ألف أو مهرها لزمه ذلك بالطلاق قاله في الرعاية وقال: لو قال بع عبدك من زيد بمائة وعلى مائة أخرى لم يلزمه شيء.

باب الحوالة
وهي عقد إرفاق لا خيار له فيه وليست بيعا بل تنقل المال من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه فلا يملك المحتال على المليء ولا المحتال برضاه إذا لم يشترط يسار المحتال عليه وجهله أو ظنه مليئا الرجوع على المحيل بحال أي سواء أمكن استيفاء الحق أو تعذر لمطل أو فلس أو موت وكذا الجحود صرح به في الفروع وغيره ولعل المراد إذا كان المحتال يعلم الدين أو صديق المحيل عليه أو ثبت ببينة ثم ماتت ونحوه أما ظنه عليه فجحد ولم يمكن إثباته فله الرجوع عليه وتصح بلفظها أو معناها الخاج / 2 ص - ولا تصح إلا بشروط - أحدها أن يحيل على دين مستقر في ذمة المحال عليه ولو عل الضامن بما ضمنه ووجب أو في ذمة ميت وفي الرعاية الصغرى و الحاويين إن قال: أحلتك بما عليه صح لا أحلتك به عليه أي الميت وتصح على المكاتب بغير مال الكتابة وإن حال على مال الكتابة ولو حل أو السلم أو رأس ماله بعد فسخه - وتقدم - أو الصداق قبل الدخول أو الأجرة بالعقد قبل استيفاء المنافع أو فراغ المدة أو بثمن المبيع على المشتري في مدة الخيار أو على عين من وديعة أو مضاربة أو على استحقاق في وقف أو على ناظرة أو على ولي بيت

 

ج / 2 ص -188-  المال أو أحال ناظر الوقف بعض المستحقين على جمعه ونحوه: لم يصح ولا يشترط استقرار المحال به: فإن أحال المكاتب سيده أو الزوج امرأته أو المشتري البائع بثمن المبيع في مدة الخيارين صح1 ولا تصح بمسلم فيه ولا برأس ماله بعد فسخ ولا بجزية وإن أحال من لا دين عليه شخصا على من له عليه دين فهي وكالة بلفظ الحوالة تثبت فيها أحكامها وإن أحال من عليه دين على من لا دين عليه فهو اقتراض فلا يصارفه2 فإن قبض المحتال منه الدين رجع على المحيل لأنه قرض3 وإن أبرأه منه لم تصح البراءة لأنها براءة لمن لا دين عليه وإن وهبه إياه بعد أن قبضه منه رجع المحال عليه على المحيل وإن أحال من لا دين عليه على من لا دين عليه فهي وكالة في اقتراض أيضا وليس شيء من ذلك حوالة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد خيار المجلس، وخيار الشرط فإن الثمن وإن لم يكن مستقرا في مدة أحدهما ولكن الحوالة به جائزة وقد شبهوا ذلك بدفع الدين قبل أجله.
2 حيث اعتبر ذلك وكالة في قرض، فليس لهذا الوكيل أن يتسلم بدل الذهب الذي أحيل به فإن موكله لم يأذن له في هذا وذلك معنى عدم المصارفة.
3 يريد رجع المحال عليه بما دفعه على الحيل الذي اعتبرناه مقترضا.

الثاني: تماثل الدينين:
في الجنس كأن يحيل من عليه ذهب بذهب ومن عليه فضة بفضة فلو أحال من عليه ذهب بفضة أو بالعكس لم يصح: وفي الصفة فلو أحال من عليه صحاح بمكسرة أو من عليه غورية بسليمانية لم يصح: والحلول والتأجيل فإن كان أحدهما حالا

 

ج / 2 ص -189-  والآخر مؤجلا أو كان أحدهما إلى شهرين لم تصح الحوالة1 ولو كان الحقان حالين فشرط المحتال أن يؤخره أو بعضه إلى أجل لم تصح أيضا2 فيشترط ذلك كما لو شرط في المقاصة - وتقدم آخر السلم: والقدر فلا تصح بعشرة على خمسة ولا عكسه وتصح بخمسة من العشرة على الخمسة وبالخمسة على خمسة من العشرة ولا يضر اختلاف سببي الدينين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قد اعتبروا التفاوت بين الدينين في الأجل بمثابة الفضل الذي يخرج الحوالة عن كونها عقد أرفاق إلى كوتهاريا ولهذا لم تصح إذن، ولو قال المصنف أو كان أحدهما إلى شهر والثاني إلى شهرين لكان أتم وأظهر.
2 صاحب الكشاف يرى صحة الحوالة مع بطلان الشرط ويقرران القول بالبطلان مما انفرد به المصنف.

الثالث:  أن تكون بمال معلوم على مال معلوم
مما يصح السلم فيه من المثليات وغيرها: كمعدود ومذروع - قال الشيخ: الحوالة على ماله في الديوان أذن في الاستيفاء فقط - وللمحتال الرجوع ومطالبة محيله.

الرابع: أن يحيل برضاه
ولا يعتبر رضا المحال عليه ولا رضا المحتال إن كان المحال عليه مليئا فيجب أن يحتال فإن امتنع أجبر على قبولها ويبرأ المحيل بمجرد الحوالة قبل الأداء وقبل إجبار المحتال على قبولها وتعتبر الملاءة في المال والقول والبدن وفعله وتمكنه من الأداء - ففي المال: القدرة على الوفاء وفي القول: ألا يكون مماطلا وفي البدن إمكان حضوره مجلس الحكم فلا يلزم أن يحتال على والده ولا على من هو في غير بلده ولا يصح أن يحيل على أبيه متى صحت فرضيا بخير منه أو بدون أو تعجيله أو تأجيله أو عوضه جاز، وإن

 

ج / 2 ص -190-  رضي وأشترط اليسار أو لم يرض فبان معسرا فله الرجوع على المحيل وإذا أحال المشتري البائع بالثمن أو أحال البائع عليه به فبان البيع باطلا كظهور العبد المبيع حرا: فإن كان ببينة1 فالحوالة باطلة وإن كان باتفاق المحيل والمحتال عليه على حريته من غي بينة: فإن صدقهما المحتال فكذلك وإن كذبهما لم يقبل قولهما عليه أشبه ما لو باع المشتري العبد ثم اعترف هو وبائعه أنه كان حرا لم يقبل قولهما على المشتري الثاني وإن أقاما بينة لم تسمع لأنهما كذباها بدخولهما في التبايع وإن أقام العبد بحريته قبلت وبطلت الحوالة وإن صدقهما المحتال وأدعى أن الحوالة بغير ثمن العبد فقوله مع يمينه إذ لم يكن لهما بينة وإن اتفق المحيل والمحتال على حريته وكذبهما المحتال عليه لم يقبل قولهما عليه في حرية العبد وتبطل الحوالة والمحال عليه يعترف للمحتال بدين لا يصدقه فيه فلا يؤخذ منه شيئا وإن اعترف المحتال والمحال عليه بحرية العبد عتق لإقرار من هو في يده بحريته وبطلت الحوالة بالنسبة إليهما ولم يكن للمحتال رجوع على المحيل لأنه معترف ببراءته وإن فسخ البيع بعيب أو إقالة أو خيار أو انفسخ النكاح ونحوه بعد قبض المحتال مال الحوالة لم تبطل وللمشتري الرجوع على البائع في مسألتي حوالته والحوالة عليه: لا على من كان عليه الدين في المسألة الأولى ولا على من أحيل عليه في الثانية2 وإن كان الفسخ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد فإن كان ظهور العيب.
2 قد يحيل المشتري البائع بالثمن المستحق له فيستوفيه بنفسه، وقد يحيل البائع .. =

 

ج / 2 ص -191-  قبل القبض لم تبطل الحوالة أيضا كما لو أخذ بالثمن عرضا1 ويرجع المشتري على البائع بالثمن ويأخذه البائع من المحال عليه وللبائع أن يحيل المشتري على البائع بالثمن ويأخذه البائع من المحال عليه وللبائع أن يحيل المشتري على من أحاله المشتري عليه في الصورة الأولى2 وللمشتري أن يحيل المحتال عليه على البائع في الثانية3 فإذا أحال رجلا على زيد بألفه فأحاله زيد بها على عمرو صح وهكذا لو أحال الرجل عمرو على زيد بما ثبت له في ذمته فلا يضر تكرار المحال والمحيل وإذا قال: أحلتك قال بل وكلني أو قال: وكلتك قال بل أحلتني،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= على المشتري من يستوفي له الثمن فإذا أظهر بطلان البيع رجع المشتري على البائع وليس له الرجوع على مدينه الذي حول البائع عليه في الصورة الأولى ولا على الذي حوله البائع فاستوفى الثمن من المشتري في الصورة الثانية، وهذا توضيح مرتب لقول المصنف لا على من كان عليه الدين في المسألة الأولى، ولا على من أحيل عليه في الثانية.
1 يريد أن الحوالة نافذة وإن كان البيع قد انفسخ قبل أن يقبض المحتال ماله، وعلى هذا يدفع المشتري للمحتال ثم يرجع على البائع: كما لو كان أعطاه عن الثمن عرضا فإنه لا يرجع عليه إلا بالثمن الذي تعاقدا عليه لا بالعرض المأخوذ بدلا عنه ومغزى هذا أن قبض العرض صحيح فكذلك مال الحوالة للمحتال.
2 تقدم لك أن المشتري قد يحيل البائع ليستوفي بنفسه، فلو فرض بطلان البيع وأن المشتري رجع على البائع، ولم يكن البائع قبض الثمن الذي تحول به، فللبائع وأن يحول المشتري حين رجوعه من كان هو محتالا عليه أو لا من جهة المشتري وذلك هو مراده بقوله في الصورة الأولى.
3 وتقدم لك أيضا أن البائع قد يحيل غيره على المشتري ليستوفي دينه من الثمن فإذا بطل البيع كذلك، واستحق المشتري أن يرجع على البائع بالثمن ولم يكن دفعه للمحال عليه من جهة البائع، فله الحق في تحويل هذا ثانيا على البائع وذلك تفريع على المسألة التي قصدها في الثانية.

 

ج / 2 ص -192-  فقول مدعي الوكالة وكذا إن اتفقا على أنه قال أحلتك أو قال: أحلتك بديني أو بالمال الذي قبل فلان وأدعى أحدهما أنه أريد بها الوكالة وأنكر الآخر1 وإن قال أحلتك بدينك و اتفقا على ذلك وأدعى أحدهما أنه أريد بها الوكالة فقول مدعي الحوالة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إنما ترجحت دعوى الوكالة لأنها ل تستدعي انتقال الدين من ذمة إلى ذمة كما تقتضي الحوالة والأصل بقاؤه.

باب الصلح وحكم الجوار
الصلح: التوفيق والسلم: وهو معاقدة يتوصل بها إلى موافقة بين مختلفين - وهو أنواع: ومن أنواعه: الصلح في الأموال: وهو المراد هنا ولا يقع في الغالب2 إلا عن انحطاط من رتبة إلى ما دونها على سبيل المداراة لبلوغ بعض الغرض وهو من أكبر العقود فائدة ولذلك حسن فيه الكذب ويكون بين مسلمين وأهل حرب وبين أهل بغي وعدل وبين زوجين وبين متخاصمين في غير مال - وهو في الأموال.
قسمان:- أحدهما صلح على الإقرار: وهو نوعان - أحدهما الصلح على جنس الحق: مثل أن يقر له بدين فيضع عنه بعضه أو بعين فيهب له بعضها ويأخذ الباقي فيصح إن كان فيضع عنه بعضه أو بعين فيهب له بعضها ويأخذ الباقي فيصح إن كان بغير لفظ الصلح لأن الأول إبراء والثاني هبة يعتبر له شروط الهبة ويصح إن لم يكن شرط: مثل أن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إنما ترجحت دعوى الوكالة لأنها ل تستدعي انتقال الدين من ذمة إلى ذمة كما تقتضي الحوالة والأصل بقاؤه.
2 فاعل يقع يعود على الصلح المطلق لا على الصلح في الأموال وقوله: بعد ويكون بين مسلمين الخ تكميل لبقية الأنواع.

 

ج / 2 ص -193-  يقول: على أن تعطيني الباقي أو يمنعه حقه بدونه ولا يصح ذلك ممن لا يملك التبرع: كالمكاتب والمأذون له وولي اليتيم وناظر الوقف ونحوهم إلا في حال الإنكار وعدم البينة ويصح عما أدعى على موليته وبه بينة وإن صالح من مؤجل ببعضه حالا لم يصح: إلا في كتابة1 وإن وضع بعض الحال وأجل باقيه صح الإسقاط دون التأجيل لأنه وعد2 وإن صالح عن الحق بأكثر منه من جنسه: مثل أن يصالح عن دية الخطأ أو عن قيمة متلف بأكثر منها من جنسها لم يصح كمثلى وإن صالحه بعرض قيمته أكثر منها صح فيهما ويصح عن المثلى بأكثر من قيمته وإن صالحه ببعض بيت أقر له به أو على أن يسكنه سنة أو يبني له فوقه غرفة لم يصح وإن أسكنه كان تبرعا منه: متى شاء أخرجه منها ولو أعطاه بعض داره بناء على هذا: فمتى شاء انتزعه منه وإن فعل ذلك على سبيل المصالحة معتقدا أن ذلك وجب عليه بالصلح رجع عليه بأجرة ما كان في يده من الدار وإن بنى فوق البيت غرفة أجبر على نقضها وأداء السكنى مدة مقامه في يده وله أخذ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لم يصح لأن ذلك في معنى الربا بخلاف مسألة المكاتب فإنه لا ربا بين العبد وسيده.
2 صح الأسقاط لأنه عن طيب نفس فهو تبرع، ولم يصح التأجيل في الباقي وقد علله بقوله: لأنه وعد يعنى أن تأجيل بعض الحال مع الأسقاط بمثابة الوعد فلم يكن الفاء به وإنما أخذنا بالأسقاط لما عرفت أنه تبرع وهو جائز في كل وقت ممن كان أهلا له وبهذا ظهر لك أن الصحة وعدمها هنا بمعنى اللزوم أو عدمه.

 

ج / 2 ص -194-  آلته وإن اتفقا على أن يصالحه صاحب البيت عن بنائه بعوض جاز وإن بنى الغرفة بتراب من أرض صاحب البيت وآلاته فليس له أخذ بنائه لأنه ملك صاحب البيت وإن أراد نقض البناء لم يكن له ذلك إذا أبرأه المالك من ضمان ما يتلف به1 وإن قال: أقر لي بديني وأعطيك منه مائة ففعل صح الإقرار ولم يصح الصلح وإن صالح إنسانا مكلفا ليقر له بالعبودية أو امرأة مكلفة لتقر له بالزوجية لم يصح2 وإن دفع المدعي عليه العبودية أو الزوجية إلى المدعي مالا صلحا عن دعواه صح فإن ثبت الزوجية بعد ذلك بإقرارها أو بينة فالنكاح باق بحاله ولم يكن ما أخذه صلحا: خلعا وإن دفعت إليه مالا ليقر لها بما وقع من طلاقها صح وحرم عليه الأخذ ولو طلقها ثلاثة أو أقل فصالحها على مال لتترك دعواها لم يجز.
النوع الثاني:- أن يصالح عن الحق المقر بغير جنسه فهو معاوضة فإن كان بأثمان عن أثمان فصرف له حكمه وبعرض عن نقد أو عن العرض بنقد أو بعرض - فبيع وعن دين يصح بغير جنسه بأكثر من الدين وأقل بشرط القبض ويحرم بجنسه إذا كان مكيلا أو موزونا بأكثر أو أقل على سبيل المعاوضة: لا على سبيل الإبراء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد إذا أبرأه من ضمان ما يتلف بالبناء لو بقي في الأرض المغصوبة، وإن لم يبرئه فله نقضه حيث لم تكن أنقاض البناء من أرض مالكها.
2 لم يصح الصلح في هاتين الصورتين لأنه يحل حراما، وإنما جاز أخذ العوض عنهما كما سيذكره بعد لقطع الخصومة: ما لم يكن المدعي عالما بكذب نفسه فأخذ العوض حرام عليه.

 

ج / 2 ص -195-  أو الحطيطة وإن كان بمنفعة: كسكنى دار وخدمة عبد أو على أن يعمل له عملا معلوما فإجارة: تبطل بتلف الدار وموت العبد: لا عتقه كسائر الإجازات فإن كان قبل استيفاء شيء من المنفعة رجع بما صالح عنه وإن كان بعد استيفاء بعضها رجع بقسط ما بقي وإن صالحه على أن يزوجه أمته وكان ممن يجوز له نكاح الإماء صح1 وكان المصالح عنه صداقها فإن أنفسخ النكاح قبل الدخول بأمر يسقط الصداق رجع الزوج بما صالح عنه وإن طلقها قبل الدخول رجع بنصفه وإن صالح عن عيب مبيع بشيء صح فإن بان أنه ليس بعيب أو زال سريعا كما يأتي - رجع بما صالح به وإن صالحت المرأة بتزويج نفسها صح وكان ما أقرت به من دين أو عين صداقا لها وإن كان الصلح عن عيب أقرت به في مبيعها وانفسخ نكاحها بما يسقط به صداقها رجع عليها بأرشه وإن لم ينفسخ النكاح وتبين عدم العيب: كبياض في عين العبد ظنته عمى وزال سريعا بغير كلفة وعلاج ولم يحصل به تعطيل نفع رجعت بأرشه لا بمهر مثلها وإن صالح عما في الذمة بشيء في الذمة لم يجز التفرق قبل القبض لأنه بيع دين بدين وإن أدعى زرعا في يد رجل فأقر له به ثم صالحه على دراهم جاز على الوجه الذي يجوز بيع الزرع على ما ذكر في البيع2 ويصح الصلح عن المجهول بمعلوم إذا كان مما لا يمكن معرفته للحاجة - نصا - سواء كان عينا أو دينا أو كان الجهل من الجانبين: كصلح

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 والذي يصح له نكاح الأمة هو عادم مهر الحرة الخائف من العنت.
2 يريد أن يكون بعد اشتداد الحب أو بشرط القطع في الثمار التي بدا صلاحها.

 

ج / 2 ص -196-  الزوجة عن صداقها الذي لا بينة لها به ولا علم لها ولا للورثة بمبلغه وكذلك الرجلان بينهما معاملة وحساب قد مضى عليه زمن طويل ولا علم لكل منهما بما عليه لصاحبه أو من هو عليه لا علم له بقدره ولو علمه صاحب الحق ولا بينة له - بنقد ونسيئة فأن أمكن معرفته ولم تتعذر: كتركة موجودة صولح بعض الوارث عن ميراثه منها لم يصح الصلح ولا تصح البراءة من عين بحال.

فصل:- القسم الثاني1 الصلح على الإنكار:
بان يدعي عليه عينا في يده أو دينا في ذمته فينكره أو يسكت وهو يجهله ثم يصالحه على مال فيصح بنقد ونسيئة ويكون المال المصالح به بيعا في حق المدعي فإن وجد فيما أخذه عيبا فله رده وفسخ الصلح وإن كان بيعا في حق المدعي فإن وجد فيما أخذه عيبا فله رده وفسخ الصلح وإن كان شقصا مشفوعا ثبتت فيه الشفعة ويكون إبراء في حق المنكر لأنه دفع إليه المال افتداء ليمينه ودفعا للضرر عنه فإن وجد بالمصالح عنه عيبا لم يرجع به على المدعي وإن كان شقصا لم تثبت فيه الشفعة ولو دفع المدعي عليه إلى المدعي ما ادعاه أو بعضه مصالحة به لم يثبت فيه حكم البيع ولا الشفعة ومتى كان أحدهما عالما بكذب نفسه فالصلح باطل في حقه وما أخذه حرام عليه ولا يشهد له إن علم ظلمه وإن صالح عن المنكر أجنبي بإذنه أو بغير أذنه أعترف للمدعي بصحة دعواه أو لم يعترف صح سواء كان دينا أو عينا ولو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تقدم أن الصلح في الأموال هو المقصود في هذا الباب وقد سلف الكلام على تقسيمه إلى قسمين: أحدهما: الصلح على الإقرار وقد تقدم بنوعيه، وثانيهما: هو المذكور في هذا الفصل.

 

ج / 2 ص -197-  لم يذكر أن المنكر وكله ويرجع مع الإذن فقط وإن صالح الأجنبي المدعي لنفسه لتكون المطالبة له غير معترف بصحة الدعوى أو معترفا بها والمدعي به دين أو عين عالما بعجزه عن استنقاذها لم يصح فيهن لكونه شراء ما لم يثبت لبائع أو دين لغير من هو في ذمته أو مغصوب لا يقدر على تخليصه وتقدم حكمهن في السلم والبيع و إن علم أو ظن القدرة عليه أو عدمها ثم تبين القدرة صح في العين فقط ثم إن تجز عن ذلك فهو مخير بين فسخ الصلح وإمضائه.

فصل:- ويصح الصلح عن كل ما يجوز أخذ العوض عنه:
سواء كان مما يجوز بيعه أم لا فيصح عن القصاص بديات وبدية وبأقل منها وبكل ما ثبت مهرا حالا أو مؤجلا وعن سكنى دار وعيب المبيع ولو صالح عن القصاص بعبد أو غير فخرج مستحقا أو حرا رجع بقيمته وإن علما كونه مستحقا أو حرا أو كان مجهولا: كدار وشجرة بطلت التسمية ووجبت الدية أو أرش الجرح وإن صالح عن دار أو عبد بعوض فبان العوض مستحقا أو حرا رجع في الدار أو ما صالح عنه أو بقيمته إن كان تالفا لأن الصلح هنا بيع حقيقة إذا كان عن إقرار وإن كان عن إنكار رجع بالدعوى ولو صالح سارقا أو شاربا أو زانيا ليطلقه ولا يرفعه للسلطان أو شاهدا على ألا يشهد عليه بحق آدمي أو بحق الله: كزكاة ونحوها أو بما يوجب حدا أو على إلا يشهد عليه الزور أو شفيعا عن شفعته أو مقذوفا

 

ج / 2 ص -198-  أو صالح بعوض عن خيار لم يصح الصلح وتسقط الشفعة وحد القذف وإن صالحه على موضع قناة من أرضه يجري فيها الماء وبينا موضعها وعرضها وطولها جاز ولا حاجة إلى بيان عمقه لأنه إذا ملك الموضع كان له إلى تخومه1 فله أن ينزله ما شاء وإن كان إجارة اشترط ذكر العمق وإن صالحه على إجراء الماء في ساقية من أرض رب الأرض مع بقاء ملكه عليها فهو إجارة للأرض ويشترط فيه تقدير المدة وسائر شروط الإجارة ويعلم تقدير الماء بتقدير الساقية وإن كانت الأرض في يد رجل بإجارة جاز له أن يصالح رجلا على إحراء الماء فيها في ساقية محفورة مدة لا تجاوز مدة الإجارة وإن لم تكن الساقية محفورة لم يجز أن يصالحه على ذلك لأنه لا يجوز إحداث ساقية في أرض في يده بإجارة فإن كانت الأرض في يده وقفا عليه فكالمستأجر وكذا المستعير وإن صالحه على إجراء ماء سطحه من المطر على سطحه أو في أرضه من سطحه أو في أرضه عن أرضه جاز إذا كان ما يجري ماؤه معلوما: إما بالمشاهدة وإما بمعرفة المساحة لأن الماء يختلف بصغر السطح والأرض وكبرهما ويشترط معرفة الموضع الذي يخرج منه إلى السطح ولا تفتقر إلى ذكر المدة لدعوى الحاجة فيجوز العقد على المنفعة في موضع الحاجة غير مقدر مدة كنكاح لكن قال في القواعد: ليس بإجارة محضة لعدم تقدير المدة بخلاف الساقية فكانت بيعا تارة وإجارة أخرى وإن كانت الأرض

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 التخوم مفرد مؤنث في المعنى جمعه ومفرده يتحدان في هذا اللفظ وقد يكون مفرده على وزن عتق، ومعناه الحدود الفاصلة بين أرضين اهـ قاموس.

 

ج / 2 ص -199-  أو السطح الذي يجري عليه الماء مستأجرا أو عارية لم يجز أن يصالح على إجراء الماء عليه بغير أذن مالكه ويحرم إجراء ماء في ملك إنسان بلا أذنه ولو مع عدم تضرره أو تضرر أرضه ولو كان مضطرا إلى ذلك ولو صالحه على أن يسقي أرضه من نهره أو عينه مدة ولو معينة لم يصح لعدم ملكه الماء وإن صالحه على سهم منهما كشك ونحوه جاز وكان بيعا للقرار والماء تابع له ويصح أن يشتري ممرا في ملك غيره أو موضعا في حائط يفتحه بابا وبقعة يحفرها بئرا وعلو بيت يبني عليه بنيانا موصوفا وكذا لو كان البيت غير مبني إذا وصف العلو والسفل ويصح فعل ذلك صلحا أبدا وإجارة مدة معلومة ومتى زال فله إعادته: سواء زال لسقوطه أو سقوط الحائط أو غير ذلك ويرجع بأجرة مدة زواله عنه وله الصلح على زواله أو عدم عوده.

فصل:- وإن حصل في هوائه أو هواء جدار له فيه شركة أغصان شجر غيره
فطالبه بإزالتها لزمه فإن أبى لم يجبر لأنه ليس من فعله ويضمن ربها ما تلف بها بعد المطالبة ولمن حصلت في هوائه إزالتها بلا حكم حاكم فإن أمكنه إزالتها بلا إتلاف ولا قطع ومن غير مشقة ولا غرامة: مثل أن يلويها ونحوه لم يجز له إتلافها فإن أتلفها في هذه الحالة غرمها وإن لم يمكنه إزالتها إلا بقدر ونحوه فله ذلك ولا شيء عليه وإن صالح عن ذلك بعوض لم يصح: رطبا كان الغصن أو يابسا وفي المغني اللائق بمذهبنا صحته واختاره

 

ج / 2 ص -200-  ابن حامد و ابن عقيل وجزم به جماعة وإن اتفقا على أن الثمرة له أو بينهما جاز ولم يلزم وفي المبهج في الأطعمة ثمرة غصن في هواء طريق عام للمسلمين وإن امتد من عروق شجرة إلى أرض جاره فأثرت ضررا كتأثيره في المصانع وطي الآبار وأساس الحيطان أو منعها من نبات شجر أو زرع لصاحب الأرض أو لم يؤثر - فالحكم في قطعه والصلح عنه كالحكم في الأغصان1 إلا أن العروق لا ثمر لها فإن اتفقا على أن ما نبت من عروقها لصاحب الأرض أو جزءا معلوما منه فكالصلح على الثمرة فإن مضت مدة ثم أبى صاحب الشجرة دفع نباتها إلى صاحب الأرض فعليه أجرة المثل وصلح من مال حائطه أو زلق خشبه إلى ملك غيره كغصن2 ولا يجوز أن يخرج إلى طريق نافذ جناحا: وهو الروشن3 ولا ظلة ولا ساباطا: وهو سقيفة بين حائطين أمام أو نائبه: إن لم يكن فيه ضرر وانتفاء الضرر في الساباط بحيث يمكن عبور محمل ونحوه تحته قال الشيخ: والساباط الذي يضر بالمارة: مثل أن يحتاج الراكب أن يحني رأسه إذا مر هناك وإن غفل عن نفسه رمى عمامته أو شج رأسه ولا يمكن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يشير إلى ما تقدم أول الفصل من التفصيل فيما يترتب على ذلك من جواز المطالبة وجواز قطعه عند حصول الضرر منه من غير عوض، فراجع التفصيل.
2 يريد كالغصن في عدم جواز الصلح عليه لأنه ليس من فعله وقد تقدم لك خلاف صاحب المغني ومن وافقه في ذلك وميلهم إلى الجواز.
3 الروشن: هو ما يمتد من البناء على أطراف الخشب أعني ما يسمى عندنا برجا بضم الباء، والظلة: هي ما يقام من البناء ليستظل به الناس.

 

 

ج / 2 ص -201-  أن يمر هناك جمل عال إلا كسر قتبه والجمل المحمل لا يمر هناك فمثل هذا الساباط لا يجوز إحداثه على طريق المارة باتفاق المسلمين بل يجب على صاحبه إزالته فإن لم يفعل كان على ولاة الأمور إلزامه بإزالته حتى يزول الضرر ولو كان الطريق منخفضا ثم أرتفع على طول الزمان وجب إزالته إذا كان الأمر على ما ذكر وقال: ومن كانت له ساحة يلقي فيها التراب والحيوان وتضرر الجيران بذلك فإنه يجب على صاحبها أن يدفع ضرر الجيران: إما بعمارتها أو بإعطائها لمن يعمرها أو يمنع أن يلقى فيها ما يضر بالجيران وقال: لا يجوز لأحد أن يخرج في طريق المسلمين شيئا من أجزاء البناء حتى أنه ينهى عن تجصيص الحائط: إلا أن يدخل في حده بقدر غلظ الجص انتهى - ولا يجوز أن يبني في الطريق دكانا ولو كان الطريق واسعا ولو بإذن إمام ولا أن يفعل ذلك في ملك إنسان ولا هوائه ولا درب غير نافد إلا بإذن أهله ويضمن ما تلف به ولا يسقط شيء من ضمانه بتأكل أصله فإن صالح عن ذلك بعوض صح ولو في الجناح والساباط بشرط كون ما يخرجه معلوم المقدار في الخروج والعلو ولا يجوز أن يحفر في الطريق النافذ بئرا لنفسه: سواء جعلها لماء المطر أو استخراج منها ماء ينتفع به وإن أراد حفرها للمسلمين لنفعهم في طريق ضيق أو كانت في ممر الناس بحيث يخاف سقوط إنسان فيها أو دابة أو يضيق عليهم ممرهم لم يجز وإن حفرها في زاوية من طريق واسع وجعل عليها ما يمنع الوقوع فيها جاز: كتمهيدها وبناء رصيف فيها وفي درب غير نافذ لا يجوز إلا بإذن أهله ولو صالح أهل

 

ج / 2 ص -202-  الدرب عن ذلك بعوض جاز: سواء حفرها لنفسه أو للسبيل وكذا إن فعل ذلك في ملك إنسان وإذا كان ظهر داره في درب غير نافذ ففتح بابا لغير الإستطراق جاز له لأن له رفع جميع حائطه ولا يجوز الإستطراق إلا بأذنهم وإن صالحهم جاز ويجوز في درب نافذ - قال الشيخ: وإن كان له باب في درب غير نافذ يستطرق منه استطراقا خاصا مثل أبواب السر التي يخرج منها النساء أو الرجل المرة بعد المرة هل له أن يستطرق منها استطراقا عاما؟ ينبغي إلا يجوز هنا انتهى - ويحرم إحداثه في ملكه ما يضر بجاره ويمنع منه إذا فعله: كابتداء إحيائه: كحفر كنيف إلى جنب حائط جاره وبناء حمام يتأذى بذلك ونصب تنور يتأذى باستدامة دخانه وعمد دكان قصارة أو حدادة يتأذى بكثرة دقه وبهز الحيطان ورحى وحفر بئر ينقطع بها ماء بئر جاره وسقى واشتعال نار يتعديان إليه ونحو ذلك ويضمن ما تلف به بخلاف طبخه وخبزه فيه ويمنع من إجراء ماء الحمام في نهر غيره وإن كان هذا الذي حصل منه الضرر سابقا1: مثل من له في ملكه مدبغة ونحوها فأحيا إنسان إلى جانبه مواتا أو بناه دارا يتضرر بذلك لم يلزمه إزالة الضرر وليس له منعه من تعلية داره ولو أفضى إلى سد الفضاء عنه أو خاف نقص أجرة داره وإن حفر بئرا في ملكه فانقطع ماء بئر جاره أمر بسدها ليعود ماء البئر الأول فإن لم تعد كلف صاحب البئر الأول حفر البئر التي سدت لأجله من ماله ولو ادعى أن بئره فسدت من خلاء جاره أو بالوعته وكانت البئر أقدم منها طرح

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد سابقا في الوجود على ملك الجار.

 

ج / 2 ص -203-  في الخلاء أو البالوعة نفط: فإن لم يظهر طعمه ولا رائحته في البئر علم أن فسادها بغيره وإن ظهر فيها ذلك كلف صاحب الخلاء والبالوعة نقل ذلك إن لم يمكن إصلاحه ولو كان لرجل مصنع فأراد جاره غرس شجرة مما تسرى عروقه: كشجرتين ونحوه فيشق حائط مصنع جاره ويتلفه لم يملك ذلك وكان لجاره منعه وقلعها أن غرسها ولو كان بابه في آخر درب غير نافذ ملك نقله إلى أوله إن لم يحصل منه ضرر: كفتحه مقابل باب غيره ونحوه ولم يملك نقله إلى داخل منه إن لم يأذن من فوقه1 أو يكون أعارته إن أذنوا وحيث نقله إلى أول الدرب فله رده إلى موضعه الأول2 ولو كان له داران متلاصقان ظهر كل واحد منهما إلى ظهر الأخرى وباب كل واحدة منهما في درب غير نافذ فرفع الحاجز بينهما وجعلهما دارا واحدة جاز وإن فتح من كل واحدة منهما بابا إلى الأخرى ليتمكن من التطرق من كل واحدة منهما إلى الدار جاز ولو كان في الدرب بابان فقط لرجلين: أحدهما قريب من باب الزقاق والآخر من داخله فتنازعا في الدرب حكم بالدرب من أوله إلى الباب الذي يليه بينهما وبما بعده إلى صدر الدرب للآخر يختص به ملكا له وله أن يجعله دهليزا لنفسه وإن يدخله في داره على وجه لا يضر بجاره ولا يضع على حائطه شيئا وليس له أن يفتح في حائط جاره ولا الحائط المشترك روزنة ولا طاقا ولا غيرهما من التصرفات حتى يضرب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد من فوقه في المدخل أعني من كان أدخل منه في الزقاق.
2 هذا تفريع على قوله ولو كان بابه في آخر درب، لا على قوله: ولم يملك نقله الخ.

 

ج / 2 ص -204-  وتدا ولا أنه يعليه ولا يحدث عليه سترة ولا حائطا ولا خصا يحجز به بين السطحين إلا بإذن صاحبه وإن صالحه عن ذلك بعوض جاز وله الاستناد إليه وإسناد شيء لا يضره والجلوس في ظله ونظره في ضوء سراجه بلا إذن - قال الشيخ: العين والمنفعة التي لا قيمة لها عادة لا يصح أن يرد عليها عقد بيع وإجارة اتفاقا: كمسألتنا - ولو كان له حق ماء يجري على سطح جاره لم يجز له تعلية سطحه ليمنع الماء ولو كثر ضرره وليس له وضع خشبه على حائط جاره أو المشترك إلا عند الضرورة: بإلا يمنكه التسقيف إلا به فيجوز ولو ليتيم ومجنون: ما لم يتضرر الحائط وليس له منعه منه إذن فإن أبى أجبره الحاكم وإن صالحه عنه بشيء جاز وكذا حكم جدار مسجد ومن ملك وضع خشبه على حائط فزال بسقوطه أو قلعه أو سقوط الحائط فله إعادته بشرطه ومتى وجده أو بناءه أو مسيل مائه ونحوه في حق غيره أو ماء: مجرى سطحه على سطح ولم يعلم سببه - فهو له لأن الظاهر وضعه بحق فإن اختلفا فقول صاحب الخشب والبناء والمسيل مع يمينه فإن زال فله إعادته وله أخذ عوض عنه ولو كان له وضع خشبه على جدار غيره لم يملك إجارته ولا إعارته ولا بيعه ولا المصالحة عنه للمالك ولا لغيره لأنه أبيح له من حق غيره لحاجته ولو أراد صاحب الحائط أعارته أو إجارته على وجه يمنع هذا المستحق من وضع خشبه لم يملك ذلك ولو أراد هدم الحائط لغير حاجة لم يملك ذلك وإن احتاج إلى ذلك للخوف من انهدامه أو لتحويله إلى مكان آخر أو لغرض صحيح

 

ج / 2 ص -205-  ملك ذلك ولو أذن صاحب الحائط لجاره في البناء على حائطه أو وضع سترة أو خشبه عليه في الموضع الذي لا يستحق وضعه جاز وصار عارية لازمة - ويأتي - وإن أذن في ذلك بأجرة جاز: سواء كانت إجارة أو صلحا على وضعه على التأبيد ومتى زال فله أعادته ويشترط معرفة البناء والعرض والطول والسمك والآلات من الطين واللبن أو الطين والآجر وما أشبه ذلك وإذا سقط الحائط الذي عليه البناء أو الخشب في أثناء مدة الإجارة سقوطا لا يعود انفسخت الإجارة فيما بقي من المدة ورجع من الأجر بقسط ما بقي من المدة وإن أعيد رجع من الأجرة بقدر مدة السقوط وإن صالحه مالك الحائط على رفع خشبه أو بقائه بشيء معلوم جاز: سواء كان ما صالحه به مثل العوض الذي صولح به على وضعه أو أقل أو أكثر وكذلك لو كان له مسيل ماء في أرض غيره أو ميزاب أو غيره فصالح صاحب الأرض مستحق ذلك بعوض ليزيله عنه جاز وإن كان الخشب أو الحائط قد سقط فصالحه بشيء على ألا يعيده جاز.

فصل:- ويلزم إعلاء الجارين بناء سترة تمنع مشارفة الأسفل
كما لو كانت السترة قديمة فانهدمت فإنه يجب أعادتها فإن استويا اشتركا وأيهما أبى أجبر مع الحاجة إلى السترة فإن كان سطح أحدهما أعلى من سطح الآخر فليس لصاحب الأعلى الصعود على سطحه على وجه يشرف على سطح جازه: إلا أن يبني سترة تستره كما تقدم ولا يلزم الأعلى سد طاقته إذا لم ينظر منها ما يحرم نظره من جهة جاره ويجبر

 

ج / 2 ص -206-  الشريك على العمارة مع شريكه في الأملاك والأوقاف المشتركة فإن انهدم حائطها أو سقفهما فطلب أحدهما صاحبه ببنائه معه أجبر فإن امتنع أخذ الحاكم من ماله وانفق عليه وإن لم يكن له عين وكان له متاع باعه وانفق منه فإن لم يكن له اقترض عليه وانفق وإن انفق الشريك بإذنه أو أذن حاكم أو بنية رجوع رجع على حصة الشريك وكان بينهما كما كان قبل انهدامه وإن استهدم جدارهما أو سقفهما وخيف ضرره نقضاه وجوبا فإن أبى أحدهما أجبره الحاكم - ويأتي في الغصب ضمان ما تلف به - وأيهما هدمه أذن بغير أذن صاحبه فلا شيء عليه: كما لو أنهدم بنفسه وإن اتفقا على بناء الحائط المشترك بينهما نصفين: وملكه بينهما النفقة كذلك: على أن ثلثه لأحدهما وللآخر الثلثان لم يصح لأنه يصالح على بعض ملكه ببعض وإن اتفقا على أن يحمله كل واحد منهما ما شاء لم يجز لجهالة الحمل ولا يجبر على بناء حاجز بين ملكيهما ولو انهدم سفل علوه لغيره انفرد صاحب السفل ببنائه واجبر عليه وإن كان علو العلو طبقة ثالثة فصاحب الوسط مع من فوقه كمن تحته معه وإذا كان نهر أو بئر أو دولاب أو ناعورة1 أو قناة بين جماعة واحتاج إلى عمارة أو كرى أو سدشق فيه أو إصلاح حائط أو شيء منه كان غرم ذلك بينهم على حسب ملكهم فيه ويجبر الممنتع وليس لأحدهم منع صاحبه من عمارته فإن عمره فالماء بينهم على الشركة فإن كان بعضهم أدنى إلى أوله من بعض اشترك الكل في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الناعورة: الساقية

 

ج / 2 ص -207-  كريه وإصلاحه حتى يصلوا إلى الأول ثم لا شيء على الأول ويشترك الباقون حتى يصلوا إلى الثاني ثم لا شيء عليه ويشترك من بعده وكلما انتهى العمل إلى موضع واحد منهم لم يكن عليه فيما بعده شيء ومتى هدم مشتركا من حائط أو سقف قد خشى سقوطه ووجب هدمه فلا شيء عليه: كما لو انهدم بنفسه وإن كان لغير ذلك لحاجة أو غيرها: التزم إعادته أو لا فعليه إعادته ولو اتفقا على بناء حائط بستان فبنى أحدهما فما تلف من الثمرة بسبب إهمال الآخر ضمنه الذي أهل قاله الشيخ ولو كان السفل لواحد والعلو لآخر فالسقف بينهما لا لصاحب العلو.

الحجر وأقسامه
وهو منع الإنسان من التصرف في ماله وهو على ضربين:- حجر لحق الغير: كحجر على مفلس: ومريض على ما زاد على الثلث وعبد و مكاتب و مشتر إذا كان الثمن في البلد أو قريبا منه بعد تسليمه المبيع وراهن ومشتر بعد طلب شفيع ومرتد غير ذلك على ما يأتي: فنذكر منه ههنا الحجر على المفلس: وهو من ماله له ولا ما يدفع به حاجته وشرعا من لزمه أكثر من ماله.
وحجر لحظ نفسه: كحجر على صغير ومجنون وسفيه فحجر المفلس منع الحاكم من عليه دين حال يعجز عنه ماله الموجود مدة الحجر من التصرف فيه ومن لزمه دين مؤجل حرمت مطالبته به قبل اجله وإن أراد سفر طويلا يحل الدين قبل فراغه أو بعده: مخوفا كان أو غيره وليس به رهن يفي به ولا كفيل ملئ فلغريمه منعه في غير

 

ج / 2 ص -208-  جهاد متعين حتى يوثقه بأحدهما فلو أراد المدين ضامنه معا السفر منعهما ومنع أحدهما: أيهما شاء حتى يوثق بما ذكر وكذلك لو كان الضامن غير ملئ فله أن يطلب منه ضامنا مليئا أو رهنا ولو كان بالدين رهن لا تفي قيمته به فله أن يطلب زيادة الرهن حتى تبلغ قيمة الجميع قدر الدين أو يطلب منه ضامنا بما يبقي من الدين بعد قيمة الرهن وإن أراد سفرا وهو عاجز عن وفاء دينه فلغريمه منعه حتى يقيم كفيلا ببدنه قاله الشيخ ولا يملك تحليل محرم وإن كان دينه وهو قادر على وفائه وطلب منه فسافر قبل وفائه لم يجز له أن يترخص بقصر ولا غيره فإن كان عاجز عن وفاء شيء منه حرمت مطالبته والحجر عليه وملازمته وإن كان له مال يفي بدينه الحال لم يحجر عليه ولو كان عليه دين مؤجل غيره وعلى الحاكم أن يأمره بوفائه إن طلبه الغرماء منه ويجب على قادر وفاؤه على الفور بطلب ربه أو عند أجله إن كان مؤجلا وإلا فلا فإن كان له سلعة فطلب أن يمهله حتى يبيعها ويوفيه من ثمنها أمهل بقدر ذلك وكذلك إن أمكنه أن يحتال لوفاء دينه باقتراض ونحوه وطلب أن يرسم عليه حتى يفعل ذلك وجبت أجابته إلى ذلك ولم يجز معه منه بحبسه1 وكذا أن طلب تمكينه منه محبوس أو توكل فيه قاله الشيخ ولو مطل حتى شكى عليه فما غرمه فعلى المماطل وفي الرعاية: لو احضر مدعي به ولم يثبت للمدعي لزمه مؤنة إحضاره ورده وإلا لزما المنكر وقال الشيخ: لو تغيب مضمون عنه فغرم الضامن بسببه أو غرم بسبب كذب عليه عند ولي الأمر رجع على المتسبب فإن أبى من له مال يفي بدينه الوفاء حبسه الحاكم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الترسيم عليه بمعنى مراقبته.

 

ج / 2 ص -209-  وليس له إخراجه حتى يتبين له أمره أو يبرأ من غريمه بوفاء أو إبراء أو يرضى بإخراجه فإن أصر باع ماله وقضى دينه - وقال جماعة إذا أصر على الحبس وصبر عليه ضربه الحاكم قال في الفصول وغيره: يحبسه فإن أبى عزره قال: ويكرر حبسه وتعزيره حتى يقبضه قال الشيخ: نص عليه الأئمة من أصحاب أحمد وغيرهم ولا أعلم فيه نزاعا لكن لا يزاد في كل يوم على أكثر التعزير إن قبل بتقديره وقال: ومن طولب بأداء حق فطلب إمهالا أمهل بقدر ذلك كما تقدم في كلامه لكن أن خاف غريمه منه احتاط عليه بملازمته أو كفيل أو ترسيم عليه وإن ادعى من عليه الدين الإعسار وأنه لا شيء معه فقال المدعي للحاكم: المال معه وسال تفتيشه وجب على الحاكم إجابته إلى ذلك وإن صدقه غريمه لم يحبس ووجب إنظاره ولم تجز ملازمته وإن أكذبه وكان دينه عن عوض: كالبيع والقرض أو عرف له مال سابق والغالب بقاء ذلك أو عن غير عوض: كأرش جناية وقيمة متلف ومهر أو ضمان أو كفالة أو عوض خلع وأقر أنه ملئ حبس إلا أن يدعى تلفا ونحوه أو يسال سؤاله ويصدقه فلا فإن أنكر وأقام بينة بقدرته أو حلف أنه لا يعلم عسرته أو أنه موسر أو ذو مال ونحوه حبس فإن لم يحلف حلف المدين وخلى سبيله إلا أن يقيم بينة تشهد له وإن كان الحق عليه ثبت في غير مقابلة مال أخذه: كأرش جناية وقيمة متلف ومهر أو ضمان وكفالة أو عوض خلع ولم يعرف له مال ولم يقر أنه ملئ - حلف أنه لا مال له وخلى فإن

 

ج / 2 ص -210-  شهدت بنفاد ماله أو بتلفه ولم تشهد بعسرته حلف أنه لا مال له في الباطن وإن شهدت بإعساره اعتبر فيها أن تكون ممن تخبر باطن حاله لأنها شهادة على نفي قبلت للحاجة ويكتفي فيها باثنين ولا يحلف معها لأنه تكذيب للبينة ويكفي في الحالين أن تشهد بالتلف أو الإعسار أو تسمع قبل حبسه وبعده ولو بيوم ولو قامت بينة للمفلس قال معين فأنكر ولم يقر به لأحد أو قال: هو لزيد فكذبه زيد قضى منه دينه وإن صدقه زيد لم يقض منه الدين ويكون لزيد مع يمينه ويحرم على المعسر أن يحلف أنه لا حق له ويتأول وإن كان له مال لا يفي بدينه فسأل غرماؤه كلهم أو بعضهم الحاكم الحجر عليه لزمه إجابتهم: لا إجابة المعسر إذا طلب من الحاكم الحجر على نفسه ويستحب إظهار الحجر عليه لتجنب معاملته والإشهاد عليه لينتشر ذلك وربما عزل الحاكم أو مات فيثبت الحجر عليه عند الآخر فلا يحتاج إلى ابتداء حجر ثان وكل ما فعله المفلس في ماله قبل الحجر عليه من البيع والهبة والإقرار وقضاء بعض الغرماء وغير ذلك فهو نافذ ولو استغرق جميع ماله مع أنه يحرم إن أضر بغريمه.

فصل:- ويتعلق بالحجر عليه أربعة أحكام.
أحدها - تعلق حق الغرماء بماله فلا يقبل إقراره عليه ولا يصح تصرفه فيه حتى ما يتجدد له من ماله من أرش جناية وأرث ونحوهما

 

ج / 2 ص -211-  ولو عتقا أو صدقه بشيء كثير أو يسير: إلا بتدبير1 وله رد ما اشتراه قبل الحجر لعيب أو خيار غير متقيد بما لاحظ ويكفر هو وسفيه بصوم فإن فك حجره قبل تكفيره وقدر كفر بغيره فإن كان المفلس صانعا: كالقصار والحائك في يده متاع فاقر به لا ربا به لم يقبل وتباع العين التي في يده وتقسم بين الغرماء وتكون قيمتها واجبة على المفلس إذا قدر عليها فإن توجهت على المفلس يمين فنكل عنها فقضى عليه فكإقراره يلزم في حقه دون الغرماء وإن تصرف في ذمته بشراء أو ضمان أو إقرار صح ويتبع به بعد فك الحجر عنه لأن الحجر متعلق بماله لا بذمته ولا يشاركون غرماءه قبل الحجر سواء نسب ما أقر به إلى ما قبل الحجر أو بعده: وسواء علم من عامله بعد الحجر أنه محجور عليه أم لا وإن ثبت عليه حق ببينة شارك صاحبه الغرماء وإن جنى جناية موجبة للمال شارك المجني عليه الغرماء وإن كانت موجبة للقصاص فعفى صاحبها إلى مال أو صالحه المفلس على مال شارك الغرماء وإن جنى عبده المجني عليه بثمنه على الغرماء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وفي معنى التدبير الوصية، فتصرفه بواحد منهما جائز، وذلك لأنه بالموت ينفك عنه الحجر ويبدأ بسداد حقوق غرمائه، فإذا بقى من ثلث المال ما يتسع لنفاذ تدبيره ووصيته نفذا، وإلا فهما لغو.

 

ج / 2 ص -212-  فصل:- الحكم الثاني أن من وجد عنده عينا باعها إياه
ولو بعد الحجر عليه غير عالم به أو عين قرض أو رأس مال سلم، أو غير ذلك حتى عينا مؤجرة ولو نفسه أو غيرها ولم يمض من المدة شيء - فهو أحق بها: إن شاء ولو بعد خروجها من ملكه وعودها إليه بفسخ أو شراء أو نحو ذلك فلو اشتراها ثم باعها ثم اشتراها فهي لأحد البائعين بقرعة فإن بذل الغرماء لصاحب السلعة الثمن من أموالهم أو خصوه به من مال المفلس ليتركها أو قال المفلس: أنا أبيعها وأعطيك ثمنها لم يلزمه قبوله وإن دفعوا إلى المفلس الثمن فبذله له لم يكن له الفسخ1 ومن استأجر أرضا للزرع فأفلس قبل مضي شيء من المدة فللمؤجر فسخ الإجارة وإن كان بعد انقضائها أو مضي بعضها2 لم يملك الفسخ تنزيلا للمدة منزلة المبيع ومضى بعضها بمنزلة تلف بعضها ومن اكترى من يحمل له متاعا إلى بلد ثم أفلس المكترى قبل حمل شيء فللمكري الفسخ3 وإن أصدق امرأة عينا ثم أنفسخ نكاحها بسبب يسقط صداقها أو فارقها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد لم يكن لرب السلعة أن يفسخ البيع بالرجوع في العين، وذلك لأن الفسخ كان له حين عجز السفيه المشتري عن الثمن، وحيث أمكنه دفعه فقط سقط حق بائعها. ومن هذا تعلم أن الكلام مفروض في حالة عدم دفع المشتري الثمن.
2 يشير إلى أن الرجوع في العين مبني على بقائها كاملة، فإذا انعدمت أو تلف بعضها فلا رجوع فيها، فكذلك مدة الإجارة بالنسبة للعين المؤجرة، إذا كانت كلها باقية فله الفسخ وإلا فلا، وستعلم ذلك ضمن الشروط التي سيذكرها قريبا.
3 المكتري بكسر الراء: هو المؤجر، والمكرى بفتح الراء: هو الأجير.

 

ج / 2 ص -213-  قبل الدخول فرقة تنصف الصداق: وقد أفلست ووجد عين ماله فهو أحق به.
بشرط أن يكون المفلس حيا إلى حين أخذه1 - ولم ينقد من ثمن المبيع شيئا ولا أبراه من بعضه - والسلعة بحالها - ولم يزل ملكه عن بعضها بتلف ولا غيره فإن تلف جزء منها: كبعض أطراف العبد أو ذهبت عينه أو جرح أو وطئت البكر أو تلف بعض الثوب أو انهدم بعض الدار ونحوه لم يكن للبائع الرجوع وإن باع بعض المبيع أو وهبه أو وقفه فكتلفه هذا إن كانت عينا واحدة في مبيع وإن كانت عينين: كعبدين ونحوهما وبقي واحدة رجع فيها: وكون السلعة بحالها: لم تتغير صفتها بما يزيل أسمها: كنسيج غزل وخبز دقيق وعمل زيت صابونا وقطع قميصا ونجر خشب أبوابا وعمل شريط ابرا وطحن حب أو حبا فصار زرعا أو عكسه أو نوى فنبت شجرا أو بيضا فصار فراخا ولم يخلطها بما لا تتميز2 - ولم يتعلق بها حق من شفعة أو جناية: بان يشتري عبدا ثم يفلس بعد تعلق أرش الجناية برقبته فإن ابرأ الغريم من الجناية فللبائع الرجوع وكذا لو اسقط الشفيع أو المرتهن حقه أو رهن ونحوه لكن إن كان الرهن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هذا أول شرط من سبعة شروط لا يملك رب العين الرجوع فيها إلا إذا توفرت جميعها وقد ميزناها لك بفاصلة أمام كل واحد منها.
2 قوله سابقا: وكون السلعة بحالها إلى قوله: ولم ويخلطها بما لا تتميز: معترض بين ذكر الشروط وهذا الاعتراض كله تفسير للشرط الثالث المتقدم: وهو قوله: والسلعة بحالها.

 

ج / 2 ص -214-  أكثر من الدين فما فضل منه رد على المال وليس لبائعه الرجوع في الفاضل وإن كان المبيع عينين فرهن إحداهما ملك البائع الرجوع في الأخرى: كما إذا تلفت أحدى العينين ولو مات الراهن وضاقت تركته عن الديون قدم المرتهن برهنه ولو رهن بعض العبد لم يكن للبائع الرجوع في باقيه ولم يكن صيدا والبائع محرم فلا يأخذه حال إحرامه - ولم تزد زيادة متصلة: كسمن وكبر وتعلم صنعة وكتابة وقرآن وتجدد حمل لا أن ولدت فإن وجد شيء من ذلك منع الرجوع ووطء الثيب ما لم تحمل وتزويج الأمة لا يمنع الرجوع وهي على نكاحها - ويشترط أيضا أن يكون البائع حيا1 وإن كان الثمن مؤجلا رجع فيها فأخذها عند حلول الأجل: فتوقف إليه ويصح الرجوع فيها وفي غيرها بالقول على التراضي فسخا بلا حكم حاكم إذا كملت الشروط ولو حكم حاكم بكونه أسوة الغرماء نقض حكمه نصا ولا يفتقر الرجوع إلى شروط البيع من المعرفة والقدرة على تسليمه فلو رجع في آبق صح وصار له فإن قدر أخذه وإن تلف فمن ماله وإن بان تلفها حين استرجاعه بطل رجوعه فأما الزيادة المنفصلة: كالولد والثمرة والكسب والنقص بهزال أو نسيان صنعة أو كتابة أو كبر أو تغير عقله أو كان ثوبا فخلق: فلا يمنع الرجوع فيأخذه ولو ناقصا جميع حقه والزيادة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هذا هو الشرط السابع، ومقتضاه أن صاحب العين لو مات سقط الحق في الرجوع ولكن ذلك مختلف فيه، فبعض علماء المذهب يرون انتقال الحق إلى الورثة.

 

ج / 2 ص -215-  لبائع1 وإن صبغ الثوب أو قصره أولت السويق بزيت لم يمنع الرجوع: ما لم ينقص والزيادة عن قيمة الثوب والسويق للمفلس ولو كانت السلعة صبغا فصبغ به أو زيتا فلت به أو مسامير فسمر بها بابا أو حجرا فبنى عليه أو خشبا فسقف به فلا رجوع فإن كن الصبغ والثوب لواحد رجع في الثوب وحده ويكون المفلس شريكا بزيادة الصبغ ويضرب بائع الصبغ بثمنه مع الغرماء وإن اشترى رفوفا ومسامير من واحد وسمرها بها رجع فيهما وإن غرس الأرض أو بنى فيها فله الرجوع فيها ودفع قيمة الغراس والبناء فيملكه أو قلعه وضمان نقصه: إلا أن يختار المفلس والغرماء القلع فيلزمهم إذن تسوية الأرض وأرش نقصها الحاصل به ويضرب به البائع مع الغرماء وله الرجوع فيها ولو قبل القلع ودفع قيمة الغراس والبناء أو قلعة وإن امتنعوا من القلع لم يجبروا عليه وإن أبوا القلع وأبى دفع القيمة سقط الرجوع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قوله: والنقص بهزال معطوف على المبتدأ وهو قوله: فأما الزيادة وقوله: جميع حقه في معنى الحال من ضمير المفعول في قوله: أخذه جميع حقه. ومراده: أن الزيادة المنفصلة والنقص لا تأثير لهما في رجوعه، ولكن فريقا من العلماء ينازع في استحقاق رب العين للزيادة المنفصلة وينتصرون للرواية عن الإمام بأن النماء المنفصل حق للمفلس، ويمنع صاحب المغني قياس ذلك على النماء المتصل، والمصنف مع من يرى الرأي الأول ولذتك صرح بعد أن علم هذا من الكلام السابق بقوله: والزيادة لبائع.

 

ج / 2 ص -216-  فصل:- الحكم الثالث: بيع الحاكم ماله وقسم ثمنه على الفور
ويجب عليه ذلك إن كان مال المفلس من غير جنس الديون فإن كان ديونهم من جنس الأثمان أخذوها وإن كان فيهم من دينه من غير جنس الأثمان وليس في مال المفلس من جنسه ورضي أن يأخذ عوضه من الأثمان جاز وإن امتنع وطلب جنس حقه اشترى له بحصته من الثمن من جنس دينه ولو أراد الغريم الأخذ من المال المجموع وقال المفلس: لا أقضيك إلا من جنس دينك قدم قول المفلس ولا يحتاج إلى استئذان المفلس في البيع: لكن يستحب أن يحضره أو وكيله ويحضر الغرماء وإن باعه من غير حضورهم كلهم جاز ويأمرهم الحاكم أن يقيموا مناديا ينادي على المتاع فإن تراضوا بثقة إمضاء وإن اختار المفلس رجلا واختار الغرماء آخر أقر الثقة فإن كانا ثقتين قدم المتطوع فإن كانا متطوعين ضم أحدهما إلى الآخر وإن كانا بجعل قدم أوثقهما وأعرفهما وإن تساويا قدم من يرى ويستحب أن يبيع كل شيء في سوقه ويجوز في غيره وربما أدى الاجتهاد إلى أنه أصلح بشرط أن يبيعه بثمن مثله المستقر في وقته أو أكثر فإن زاد في السلعة أحد في مدة الخيار لزم الأمين الفسخ وإن كان بعد لزومه استحب له سؤال المشتري الإقالة واستحب للمشتري الإجابة ويجب أن يترك له من ماله ما تدعو إليه حاجته من مسكن وخادم: إن لم يكونا عين مال الغرماء فإن كانا لم يترك له منه شيء ولو كان محتاجا: لكن إن كان له داران يستغني بإحداهما بيعت الأخرى وإن كان له مسكن واسع عن سكنى مثله بيع واشترى له مسكن مثله ورد الفضل على الغرماء وكذلك ثيابه إذا كانت رفيعة لا يلبس مثله مثلها وإن كانت إذا بيعت

 

ج / 2 ص -217-  واشترى له كسوة لا يفضل عنها شيء تركت وشرط الخادم إلا يكون نفيسا ويترك له أيضا آلة حرفة فإن لم يكن صاحب حرفة ترك له ما يتجر به لمؤنته وينفق عليه وعلى من تلزمه نفقته من ماله بالمعروف: وهو أدنى ما ينفق على مثله وأدنى ما يسكنه مثله من مأكل ومشرب وكسوة إلى أن يفرغ من قسمه بين غرمائه: إن لم يكن له كسب يفي بذلك وإن كان كسبه دون نفقته كملت من ماله ويجهز هو ومن تلزمه مؤنته: غير زوجته ماله أن مات مقدما على غيره كما تقدم ويكفن في أثواب كما كان يلبس في حياته وقدم في الرعاية في ثوب واحد وإن تلف شيء من ماله تحب يد الأمين أو بيع شيء من ماله وأودع ثمنه فتلف عند المودع فمن ضمان المفلس ويبدأ بيع أقله بقاء وأكثره مؤنة فيبيع أولا ما يسرع إليه الفساد: كالطعام الرطب ثم الحيوان ثم الأثاث ثم العقار وبيع بنقد البلد وتقدم في الرهن نظيره ويعطى مناد وحافظ المتاع والثمن والحمالون أجرتهم من مال المفلس تقدم على ديون الغرماء: إن لم يوجد متبرع ونظيره ما يستدان على تركه الميت لمصلحة التركة فإنه مقدم على الديون الثابتة في ذمة الميت ويبدأ بالمجني عليه إذا كان الجاني عبد المفلس كانت الجناية قبل الحجر أو بعده فيدفع إليه الأقل من الأرش أو ثمن العبد ولا شيء له غيره وإن لم يف بأرش الجناية وإن كان الجاني المفلس فالمجني عليه أسوة الغرماء ثم بمن له رهن لازم فيختص بثمنه وإن فضل له فضل ضرب به مع الغرماء وإن فضل منه فضل

 

ج / 2 ص -218-  رد عليه المال ثم بمن له عين مال أو عين مؤجرة أو مستأجرها من مفلس فيأخذها وكذا مؤجر نفسه وإن بطلت الإجارة في أثناء المدة ضرب له بما بقي مع الغرماء ولو باع شيئا أو باعه وكيله وقبض الثمن فتلف وتعذر رده وخرجت السلعة مستحقة ساوى المشتري الغرماء وإن أجر دارا أو بعيرا بعينه أو شيئا غيرهما بعينه ثم أفلس لم تنفسخ الإجازة بالفلس كان المستأجر أحق بالعين التي استأجرها من الغرماء حتى يستوفي حقه فإن ملك البعير أو انهدمت الدار قبل انقضاء المدة انفسخت الإجارة ويضرب مع الغرماء ببقية الأجرة وإن استأجر جملا في الذمة ثم أفلس المؤجر فالمستأجر أسوة الغرماء وإن اجر دارا ثم أفلس فاتفق المفلس والغرماء على البيع قبل انقضاء مدة الإجارة فلهم ذلك ويبيعونها مستأجرة فإن اختلفوا قدم قول من طلب البيع في الحال فإذا استوفى المستأجر تسلم المشتري وإن اتفقوا على تأخير البيع حتى تنقضي مدة الإجارة فلهم ذلك ولو باع سلعة ولو مكيلا أو موزونا: قبض ثمنها أولا ثم أفلس قبل تقبيضها فالمشتري أحق بها من الغرماء وإن كان على المفلس دين سلم فوجد المسلم الثمن بعينه فهو أحق به كما تقدم وإن لم يجده: فإن حال قبل القسمة ضرب مع الغرماء بقيمة المسلم فيه فإن كان في المال من جنس حقه أخذ منه بقدر ما يستحقه وإن لم يكن فيه من جنس حقه عزل له من المال قدر حقه فيشتري به المسلم فيه فيأخذه وليس له أن يأخذ المعزول بعينه1 فإن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لم يجز له أخذ المعزول لأنه يكون حينئذ عوضا عن المسلم فيه والعوض عن المسلم فيه غير جائز.

 

ج / 2 ص -219-  أمكنه أن يشتري بالمعزول أكثر ما قدر له لرخص المسلم فيه اشترى له بقدر حقه ويرد الباقي على الغرماء ثم يقسم الباقي1 بين باق الغرماء على قدر ديونهم ولا يلزمهم بيان ألا غريم سواهم فإن كان فيهم من له دين مؤجل لم يحل ولم يوقف له شيء ولا يرجع على الغرماء إذا حل: لكن إن حل قبل القسمة شاركهم وإن حل بعد قسمة البعض شارك في الباقي ويضرب فيه بجميع دينه ويضرب باقي الغرماء ببقية ديونهم ومن مات وعليه دين مؤجل لم يحل إذا وثق الورثة أو غيرهم برهن أو كفيل ملئ على أقل الأمرين من قيمة التركة أو الدين: كما لا تحل الديون التي له بموته2 فتختص أرباب الديون الحالة بالمال فإن تعذر التوثق لعدم وارث أو غيره حل فيأخذه كله وحكم من طرأ عليه جنون حكم المفلس والميت في حلول واحد بقدر حصته فلو كان ألف اقتسمه غريماه نصفين ثم ظهر ثالث دينه كدين أحدهما رجع على كل واحد بثلث ما قبضه وظاهر كلامهم يرجع على من أتلف ما قبضه بحصته ولا يمنع الدين انتقال التركة إلى الورثة ويتعلق حق بها كلها وإن لم يستغرقها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد الباقي من مال المفلس بعد القدر المعزول لرب السلم.
2 إنما لم يحل الدين عند موت المدين إذا وثق الورثة لأن الأجل حق للمدين يرثه عنه خلفاؤه في التركة، وأما إذا لم يوثقوا فمنعا لتضرر صاحب الدين صارحا ليدرك حقه من التركة قبل فواته عليه.

 

ج / 2 ص -220-  الدين: سواء كان دينا لآدمي أو دينا لله تعالى: ثبت في الحياة أو تجدد بعد الموت بسبب يقتضي الضمان كحفر بئر ونحوه - وتأتي تتمته في كتاب الوصايا وآخر القسمة - والدين باق في ذمة الميت في التركة حتى يوفي ويصح تصرف الورثة في التركة بشرط الضمان ويضمنون الأقر: من قيمة التركة أو الدين فإن تعذر وفاؤه فسخ تصرفهم وإن بقي على المفلس بقية أجبر المحترف على الكسب وإيجار نفسه فيما يليق بمثله لقضاء ما بقي عليه مع الحجر عليه إلى الوفاء وإيجار موقوف عليه وإيجار أم ولده إن استغنى عنها لا إن لزمه حج وكفارة ولا يجبر على قبول هبة وصدقة ووصية ولو كان المتبرع ابنا ولا يملك غير المدين وفاء دينه مع امتناعه ولا يملك الحاكم قبض ذلك1 لوفائه بلا أذن لفظي أو عرفي ولا يجبر على تزويج أم ولد ولا امرأة على نكاح أو رجل على خلع ولا على رد مبيع وإمضائه وأخذ دية عن قود ونحوه ولا تسقط بعفوه على غير مال أو مطلقا أو مجانا ولا يجبرون أيضا على ذلك لأجل نفقة واجبة ولا يمنعون أخذ الزكاة لأجله ولا ينفك الحجر عنه إلا بحكم حاكم إن بقي عليه شيء وإلا انفك وإذا فك عنه الحجر فليس لأحد مطالبته ولا ملازمته حتى يملك مالا فإن جاء الغرماء عقب فك الحجر عنه فادعوا أن له مالا لم يقبل إلا ببينة فإن ادعوا بعد مدة أن في يده مالا أو ادعوا ذلك عقب فك الحجر عنه وبينوا سببه أحضره الحاكم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مرجع الإشارة: الهبة والوصية، والصدقة.

 

ج / 2 ص -221-  وسأله فإن أنكر فقوله مع يمينه وإن أقر وقال: هو لفلان وصدقه حلف المقر له وإلا أعيد الحجر عليه إن طلب الغرماء ذلك وإن أقر أنه لغائب أقر في يده حتى يحضر الغائب ثم نسأله كما تقدم في الحاضر وإذا انفك عنه فلزمته ديون وحجر عليه شارك غرماء الحجر الأول غرماء الحجر الثاني في ماله وإن كان للمفلس حق له به شاهد وحلف معه ثبت المال وتعلقت به حقوق الغرماء فإن أبى أن يحلف معه لم يجبر ولم يكن لغرمائه أن يحلفوا.

فصل:- الحكم الرابع
انقطاع المطالبة عنه فمن أقرضه شيئا أو باعه لم يملك مطالبته حتى ينفك عنه الحجر. فصل:- الضرب الثاني - المحجور عليه لحظه: وهو الصبي والمجنون والسفيه فلا يصح تصرفهم في أموالهم ولا ذممهم قبل الإذن ومن دفع إليهم ماله ببيع أو قرض رجع فيه ما كان باقيا وإن أتلفوه أو تلف في أيديهم لم يضمنوا وكان من ضمان مالكه: علم بالحجر أو لم يعلم وإن جنوا فعليهم أرش الجناية ويضمنون ما لم يدفع إليهم إذا أتلفوه - ويأتي حكم وديعة وعارية وعبد - ومن أعطوه مالا لم يضمنه: كمغصوب أخذه ليحفظه لربه ومتى عقل المجنون وبلغ الصبي ورشدا ولو بلا حكم انفك الحجر عنهما بلا حكم ودفع إليهما مالهما ويستحب أن يكون الدفع بإذن قاض وبينة بالرشد وبالدفع ليأمن التبعة ولا ينفك قبل ذلك بحال ويحصل البلوغ بإنزال المني يقظة أو مناما

 

ج / 2 ص -222-  باحتلام أو جماع أو غير ذلك أو بلوغ خمس عشرة سنة أو نبات الشعر الخشن القوي حول القبل دون الزغب الضعيف وتزيد الجارية بالحيض والحمل لأن حملها دليل إنزالها فيحكم ببلوغها منذ حملت ويقدر ذلك بما قبل وضعها بستة أشهر لأنه اليقين إذا كانت توطأ وإن طلقت وكانت لا توطأ فولدت لأكثر مدة الحمل فاقل منذ طلقت فقد بلغت قبل الفرقة وخنثى بسن أو نبات حول الفرجين أو مني من أحدهما أو حيض من فرج أو هما من فرج واحد أو مني من ذكره وحيض من فرجه ولا اعتبار بغلظ الصوت وفرق الأنف1 ونهود الثدي وشعر الإبط ونحو ذلك والرشد: الصلاح في المال لا غير ولا يدفع إليه مال قبله ولو صار شيخا ولا يدفع إليه حتى يختبر بما يليق به ويؤنس رشده فإن كان من أولاد التجار: وهو من يبيع ويشتري فبان بتكررا منه فلا يغبن غالبا غبنا فاحشا وإن يحفظ ما في يده من صرفه فيما لا فائدة فيه: كالقمار والغناء وشراء المحرمات ونحوه وليس الصدقة به وصرفه في باب بر ومطعم وشرب وملبس ومنكح لا يليق إلا به تبذيرا إذ لا إسراف في الخير ويختبر ابن المزارع بما يتعلق بالزراعة والقيام على العمال والقوام وابن المحترف بما يتعلق بحرفته وابن الرئيس والصدر الكبير والكاتب الذين يصان أمثالهم عن الأسواق بأن تدفع إليه نفقته مدة لينفقها في مصالحه فإن صرفها في مصارفها ومرافقها واستوفى على وكيله فيما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 فريق الأنف هو الانقسام الذي تحس به في أرنبته إذا ضغطت عليها قليلا.

 

ج / 2 ص -223-  وكل فيه واستقصى عليه دل ذلك على رشده وسواء رشده الولي أولا - قال الشيخ: وإن وزع في الرشد فشهد شاهدان قبل لأنه قد يعلم بالاستفاضة ومع عدمها له اليمين على وليه أنه لا يعلم رشده - ولو تبرع وهو تحت الحجر فقامت بينة برشده نفذ والأنثى يفوض إليها ما يفوض إلى ربة البيت من الغزل والإستغزال بأجرة المثل وتوكيلها في شراء الكتان ونحوه وحفظ الأطعمة من الهر والفأر وغير ذلك فإن وجدت ضابطة لما في يدها ومستوفية من وكيلها فهي رشيدة ووقت الاختبار قبل البلوغ ولا يختبر إلا المراهق المميز الذي يعرف البيع والشراء والمصلحة والمفسدة وبيع الاختبار وشراؤه صحيح.

فصل:- وتثبت الولاية على صغير ومجنون
لأب بالغ رشيد عاقل حر عدل ولو ظاهرا ولو كافرا على ولده الكافر بان يكون عدلا في دينه ثم بعد الأب وصيه ولو بجعل وثم متبرع ثم لحاكم فلو لم يوص الأب إلى أحد أقام الحاكم أمينا في النظر لليتيم فإن لم يوجد حاكم فأمين يقوم به والجد والأم وسائر العصبات لا ولاية لهم ولا يجوز لوليهما أن يتصرف في مالهما إلا على وجه الحظ لهما فإن تبرع أو حابى أو زاد على النفقة عليهما أو على من تلزمهما مؤنته بالمعروف ضمن ولوليهما الإنفاق عليهما من مالهما بغير إذن حاكم: كلقيط ولو أفسد نفقته دفعها إليه يوما بيوم فإن أفسدها أطعمة معاينة ولو أفسد كسوته ستر عورته فقط في بيت إن لم يمكن التحيل ولو بتهديد وزجر وصياح عليه ومتى أراه الناس البسه،

 

ج / 2 ص -224-  فإذا عاد نزع ويقيد المجنون بالحديد لخوف ولا يصح أن يرتهن أو يشتري من مالهما أو يبيعهما إلا الأب - ويأتي - ويجب على وليهما إخراج زكاة مالهما وفطرتهما من مالهما ولا يصح إقراره عليهما ولا أن يأذن لهما في حفظ مالهما ويستحب إكرام اليتيم وإدخال السرور عليه ودفع الإهانة عنه فجبر قلبه من أعظم مصالحه قاله الشيخ ولوليهما مكاتبة رقيقهما وعتقه على مال إن كان فيه حظ كما تقدم: مثل أن تكون قيمته ألفا فيكاتبه على ألفين أو يعتقه عليهما ونحو ذلك وإن كان على مال بقدر قيمته أو أقل لم يجز كعتقه مجانا وله تزويج رقيقهما من عبيد وإماء لمصلحة والسفر بمالهما لتجارة وغيرها في مواضع أمنه في غير بحر ولا يدفعه إلا إلى الأمناء ولا يغرر به وله المضاربة به بنفسه ولا أجرة له والربح كله للمولى عليه والتجارة بمالهما أولى من تركها وله دفعه مضاربة إلى أمين بجزء من الربح وله إبضاعه: وهو دفعه إلى من يتجر به والربح كله للمولى عليه وبيعه نسيئا لملئ وقرضه لمصلحة فيهما: كحاجة سفر أو خوف بأحدهما أولى1 فإن تلف لم يضمن - قال القاضي: ومعنى الحظ أن يكون للصبي مال في بلد فيريد نقله إلى بلد آخر فيقرضه من رجل في ذلك البلد ليقتضيه بدله في بلده يقصد به حفظه من الغرر في نقله - أو يخاف عليه الهلاك من نهب أو غرق أو غيرهما أو يكون مما يتلف بتطاول مدته أو حديثه خيرا من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قوله: وبهما أو بأحدهما، مرجع الضمير فيه إلى الرهن والكفيل.

 

ج / 2 ص -225-  قديمه: كالحنطة ونحوهما فيقرضه خوفا من السوس أو تنقص قيمته وأشباه ذلك وإن لم يكن فيه حظ لم يجز وإن أراد أن يودع ماله وكل موضع قلنا له قرضه فلا يجوز إلا لأمين ولا يقرضه لمودة ومكافأة ولا يقترض وصي ولا حاكم منه شيئا وله هبته بعرض ورهنه عند ثقة لحاجة ولوليهما شراء العقار لهما وبناؤه بما جرت عادة أهل بلد به - وفي المغني وغيره نقلا عن الأصحاب: يبنيه بالآجر والطين لا باللبن وإن كان الشراء أحط من البناء وهو ممكن تعين تقديمه وله شراء الأضحية ليتيم له مال كثير من ل اليتيم وتحرم صدقته بشيء منها وتقدم ومتى كان خلط قوته أرفق به والين لعيشه في الخبز: وليكن في حصول الأدم: فهو أولى وإن كان إفراده أرفق به أفرده ويجوز تركه في المكتب وتعليمه الخط والرماية والأدب وما ينفعه وأداء الأجرة عنه وإن يسلمه في صناعة إذا كانت مصلحة ومداواته وحمله ليشهد الجماعة: باجرة فيهما لا أذن حاكم إذا رأى المصلحة في ذلك كله وله بيع عقارهما لمصلحة ولو لم يحصل زيادة على ثمن مثله وأنواع المصلحة كثيرة: إما لاحتياج إلى نفقة أو كسوة أو قضاء دين أو ما لابد منه وليس له ما تندفع به حاجته أو يخاف عليه الهلاك بغرق أو خراب ونحوه أو يكون في بيعه غبطة: وهي أن يبذل فيه زيادة كثيرة على ثمن مثله ولا يتقيد بالثلث أو يكون في مكان لا ينتفع به أو نفعه قليلا فيبيعه ويشتري له في مكان يكثر نفعه أو يرى

 

ج / 2 ص -226-  شيئا يباع في شرائه غبطة ولا يمكنه شراؤه إلا ببيع عقاره وقد تكون داره في مكان يتضرر الغلام بالمقام فيه لسوء الجوار أو غيره فيبيعها ويشتري له بثمنها دارا يصلح له المقام بها أشباه هذا مما لا يخصر وإن وصى لأحدهما بمن يعتق عليه ولا تلزمه نفقته لإعسار الموصي له أو غير ذلك وجب على الولي قبول الوصية1 وإلا لم يجز له قبولها وللولي أن يأذن للصغيرة أن تلعب بلعب غير مصورة أي بلا رأس وله شراؤها من مالها نصا ومن ماله أولى - وتقدم في ستر العورة بعضه - وإن لم يمكن الولي تخليص حق موليه إلا برفعه إلى وال يظلمه فله رفعه كما لو لم يمكن رد المغصوب إلا بكلفة عظيمة2.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قوله: لإعسار الموصي له يريد به أن يكون المحجور عليه غير ملزم بنفقة من وصى له به لكون المحجور عليه لا يتسع ماله لتحمل النفقة، أو لعدم إعسار الموصي به الذي يعتق على الصغير والمجنون مثل أبيهما أو أخيهما أو من في معنى ذلك.
2 يريد بقوله: فله رفعه، أن الولي له أن يقدم من عنده حق المحجور عليه إلى الحاكم ولو كان الحاكم ظالما، ولا شيء على الولي في ذلك لأن المدين بالحق هو الذي جر ذلك على نفسه.

فصل:- ومن بلغ سفيها أو مجنونا
فالنظر لوليه قبله وإن فك عنه الحجر فعاوده السفه أو جن أعيد الحجر عليه فإن فسق السفيه ولم يبذر لم يحجر عليه ولا يحجر عليهما ولا ينظر في أموالهما إلا الحاكم ولا ينفك عنهما إلا بحكمه والشيخ الكبير إذا اختل

 

ج / 2 ص -227-  عقله حجر عليه بمنزلة الجنون ومن حجر عليه استحب إظهاره عليه والإشهاد عليه لتجتنب معاملته وإن رأى الحاكم أن يأمر مناديا ينادي بذلك ليعرفه الناس فعل ولا يصح تزوجه إلا بأذن وليه إن لم يكن محتاجا إليه والأصح ويتقيد بمهر المثل وإن عضله الولي بالزواج استقل به فلو علم أنه يطلق اشترى له أمة - ويأتي تزويج وليه له - وينفق عليه ويكسى بالمعروف فإن أفسد ذلك فعل به كما تقدم في الصبي والمجنون ويصح تدبيره ووصيته: لأعتقه وهبته ووقفه وله المطالبة بالقصاص والعفو على مال ولا يصح على غير مال ويصح استيلاده وتعتق الأمة المستولدة بموته حكمه في الحال وإن قبض عوض الخلع لم يصح قبض فلو أتلفه لم يضمن ولا تبرأ المرأة بدفعها إليه ويصح ظهاره و إيلاؤه ولعانه ونفي النسب به وإن أقر بما يوجب القصاص وطلب إقامته كان لربه استيفاؤه فإن عفا على مال صح والصواب ألا يجب المال في الحال وسقط القصاص وإن أقر بنسب ولد صح ولزمته أحكامه من النفقة وغيرها: كنفقة الزوجة ولا يفرق السفيه زكاة ماله بنفسه بل وليه ولا تصح شركته ولا حوالته ولا الحوالة عليه ولا ضمانه ولا كفالته ويصح منه نذر كل عبادة بدنية من حج وغيرها: لا نذر عبادة مالية وإن أحرم بحج فرض صح والنفقة من ماله تدفع إلى ثقة ينفق عليه في الطريق وإن كان تطوعا وكانت نفقته في السفر كنفقته في الحضر أو

 

ج / 2 ص -228-  أزيد لكن يكتسب الزائد لم يمنعه وليه ودفع النفقة إلى ثقة كما تقدم وإلا فله تحليله ويتحلل بالصيام كالمعسر - وتقدم في كتاب الحج وإن لزمته كفارة يمين أو كفارة غيرها كفر بالصوم وإن أعتق أو أطعم لم يجزه ولم ينفذ فإن فك عنه الحجر قبل تكفيره كفر بما يكفر به الرشيد: لا إن فك بعد التكفير وإن أقر بمال صح ولم يلزمه في حال حجره وحكم تصرف ولي السفيه كحكم تصرف ولي الصغير والمجنون.

فصل:- وللولي المحتاج غير الحاكم وأمينه أن يأكل من مال المولي عليه
الأقل من أجرة مثله أو قدر كفايته ولو لم يقدره حاكم ولا يلزمه عوضه إذا أيسر وإن كان غنيا لم يجز له ذلك إذا لم يكن أبا فإن فرض للولي الحاكم شيئا جاز له أخذه مجانا ولو مع غناه ولا يقرأ في مصحف اليتيم إن كان يخلقه ويأكل ناظر وقف بمعروف نصا إذا لم يشترط الواقف له شيئا وظاهره ولو لم يكن محتاجا - قاله في القواعد وقال الشيخ: له أخذ أجرة عمله مع فقره - والوكيل في الصدقة لا يأكل منها شيئا لأجل العمل ومتى زال الحجر فأدعى على الولي تعديا أو ما يوجب ضمانا ونحوه بلا بينة فقول ولي حتى في قدر نفقة عليه وكسوة أو على ماله أو عقاره1 بالمعروف من ماله ما لم يعلم كذبه أو تخالف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قوله: أو على ماله أو عقاره – معطوف على الضمير المجرور في قوله: في قدر نفقة عليه والمعنى أن قول الولي مقبول في إخباره بما أنفقه على موليه وعلى ماله كحيوان وعلى عقاره في عمارته مثلا.

 

ج / 2 ص -229-  عادة وعرفا لكن لو قال الوصي: أنفقت عليك ثلاث سنين وقال اليتيم بل مات أبي منذ سنتين وأنفقت على من أوان موته فقول اليتيم ويقبل قول ولي أيضا في وجود ضرورة وغبطة ومصلحة وتلف ويحلف غير حاكم ويقبل قوله في دفع المال إليه بعد رشده وعقله إن كان متبرعا وإلا فلا وليس لزوج حجر على امرأته الرشيدة في تبرع بشيء من مالها ولو زاد على الثلث.

فصل:- لولي مميز وسيد عبد الأذن لهما في التجارة
فينفك عنهما الحجر فيما أذن لهما فيه فقط وفي النوع الذي أمرا به فقط وظاهر كلامهم أنه كمضارب في البيع نسيئة ونحوه وإن أذن لهما فيه وليس لأحد منهما أن يؤكل فيما يتولى مثله بنفسه وإن أذن له في جميع أنواع التجارة لم يجز أن يؤجر نفسه ولا يتوكل لغيره ولو لم يقيد عليه وإن وكل فكوكيل ومتى عزل سيد قنه انعزل وكيله والمجنون والطفل دون التمييز لا يصح تصرفهما بإذن ولا غيره ويصح شراء العبد من يعتق على سيده لرحم أو غيره1 وشراء امرأة سيده وزوج صاحبة المال وينفسخ نكاحهما2 وإن رآه سيده أو وليه يتجر فلم ينهه لم يصر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 غير الرحم كان يقول السيد لعبد: إذا اشتريتك فأنت حر ثم يذهب العبد المأذون له من سيده هذا فيشتري ذلك العبد المعلق عتقه على شرائه وبعض شيوخ المذهب يجمع جواز ذلك ويعلله بأنه في معنى التبرع والمأذون له لا يملك التبرع.
2 إذا اشترى العبد زوجة سيده المملوكة، أو كان العبد مملوكا لسيده وأذنته............ =

 

ج / 2 ص -230-  مأذونا له وإذا تصرف غير المأذون له ببيع أو شراء بعين المال أو في ذمته أو بقرض لم يصح ثم إن وجد ما أذن1 من بيع أو غيره فلربه أخذه منه ومن السيد إن كان بيده وحيث كان فإن تلف في يد السيد أو غيره رجع عليه بذلك وإن شاء كان متعلقا برقبة العبد وإن أهلكه العبد تعلق برقبته يفديه سيده: أو يسلمه: إن لم يعتقه فإن أعتقه لزم السيد الذي عليه قبل العتق: لا أرش الجناية كله إذا كان أكثر من قيمته ويضمنه بمثله إن كان مثليا وإلا بقيمته ويتعلق دين مأذون له في التجارة بذمة سيده بالغا وحكم ما استدانه أو اقترضه بأذن السيد حكم ما استدانه للتجارة بأذنه ويبطل الأذن بالحجر على سيده وبموته وجنونه المطبق وتتعلق أروش جناياته وقيم متلفاته برقبته سواء كان مأذونا له أو لا ولا فرق فيما لزمه من الدين بين أن يكون في التجارة المأذون فيها أو فيما يؤذن له فيه: مثل أن يأذن له في التجارة في البر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=  فاشترى زوجها من مالها صح الشراء وانفسخ النكاح بين الزوجين في الصورتين وذلك لدخول من اشتراه العبد في ملك سيده الذي هو الزوج في المثال الأول، أو الزوجة في المثال الثاني، والزوجية الملك لا يجتمعان فتغلب الملك على الزوجية، لأن الملك قد ينحل بعتق المملوك والشارح متشوق إلى العتق فترجح سببه، بخلاف الزوجية فإنها لا تكون وسيلة إلى العتق.
1 كذا في الأصل، ولكنك إذا راعيت أن الكلام مسوق لبيان الحالة التي لا يصح فيها تصرف العبد والمميز، وجواز الرجوع عليهما بما اشترياه مثلا ظهر لك أن الصواب في العبارة أن يقال: ثم إن وجد ما لم يؤذن فيه بدلا من قوله: ثم إن وجد ما أذن فيه ونائب الفاعل على تصويبنا يعود على غير المأذون له المتقدم ذكره، والله أعلم.

 

ج / 2 ص -231-  فيتجر في غيره لأنه لا ينفك عن التغرير إذ يظن الناس أنه مأذون له في ذلك أيضا وإذا باع السيد عبده المأذون له شيئا لم يصح1 وإذا ثبت عليه دين أو أرش جناية ثم ملكه من له الدين أو الأرش سقط عنه ذلك وإن حجر عليه وفي يده مال ثم أذن له فأقر به صح ولا يملك عبد بتمليك ولا غيره - وتقدم في كتاب الزكاة - وما كسب غير مكاتب فلسيده وله معاملة عبد ولو لم يثبت كونه مأذونا له ومن وجد بما اشتراه من قن عيبا فقال: أنا غير مأذون لي في التجارة لم يقبل ولا يعامل صغير إلا في مثل ما يعامل مثله ولا يبطل أذن بإباق وتدبير وإيلاد وكتابة وحرية وأسر وجنس بدين وغصب ولا يصح تبرع مأذون له بدراهم وكسوة ثياب ونحوها ويجوز له هدية مأكول وإعارة دابة وعمل دعوة ونحوه بلا إسراف ولغير مأذون له الصدقة من قوته برغيف ونحوه إذا لم يضر به وللمرأة الصدقة من بيت زوجها بنحو ذلك إلا أن يمنعها أو يكون بخيلا فتشك في رضاه فيحرم فيهما كصدقة الرجل بطعام المرأة فإن كان في بيت الرجل من يقوم مقام امرأته كجاريته وأخته وغلامه المتصرف في بيت سيده وطعامه فهو كزوجته وإن كانت المرأة ممنوعة من التصرف في بيت زوجها: كالتي يطعمها الفرض ولا يمكنها من طعامه فهو كما لو منعها بالقول.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لم يصح لما تقدم لك نظيره من أن العبد وما بيده ملك لسيده، فإذا باعه السيد شيئا فكأنه يبيع لنفسه.

 

ج / 2 ص -232-  باب الوكالة
وهي استنابة جائز التصرف مثله فيما تدخله النيابة وتصح بكل قول يدل على الأذن: كوكلتك أو فوضت إليك أو أذنت لك فيه أو بعه أو أعتقه أو كاتبه ونحو وكل قول أو فعل من الوكيل يدل على القبول ولو لم يعلم بها ويصح قبولها على الفور والتراخي: بأن يوكله في بيع شيء فيبيعه بعد سنة أو يبلغه أنه وكله منذ شهر فيقول قبلت وكذا سائر العقود الجائزة مضاربة ومساقاة ونحوها في أن القبول يصح بالفعل ولو أبى الوكيل أن يقبل فكعز له نفسه1 ويعتبر تعيين وكيل - قال في الانتصار: فلو وكل زيدا وهو لا يعرفه أو لم يعرف الوكيل موكله لم يصح - وتصح مؤقتة ومعلقة بشرط: نحو إذا قدم الحاج فافعل كذا أو إذا جاء الشتاء فاشتر لنا كذا أو إذا طلب أهلي منك شيئا فادفعه إليهم وإذا دخل رمضان فقد وكلتك في كذا أو فأنت وكيلي ونحوه ولا يصح التوكيل في شيء إلا ممن يصح تصرفه فيه لنفسه: سوى توكيل أعمى ونحوه في عقد ما يحتاج إلى رؤية - وتقدم في البيع - ومثله التوكيل: سوى توكل حر واجد الطول في قبول نكاح أمة لمن تباح له وتوكل غني في قبض زكاة لفقير وقبول نكاح أخته ونحوها من أبيه لأجنبي طلاق امرأة نفسها وغيرها بالوكالة فيصح فيهن - ولا يصح في بيع ما سيملكه ولا طلاق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ريد لا تصير وكالة صحيحة نافذة حيث ردها بالاباء.

 

ج / 2 ص -233-  من يتزوجها ولا توكيل العبد والسفيه في غير ما لهما فعله وتصح وكالة المميز بأذن وليه كتصرفه بأذنه ويصح التوكيل في كل حق آدمي من العقود والفسوخ حاضرا كان الموكل أو غائبا ولو بغير رضا الخصم حتى في صلح وإقرار ولا بد من تعيين ما يقر به وإلا رجع في تفسيره إلى الموكل ولو أذن له أن يتصدق بمال لم يجز له أن يأخذ منه لنفسه إذا كان من أهل الصدقة ولا لأجل العمل - وتقدم في الحجر ويصح في عتق وإبراء ولو لغريمه وعبده ويملكانه لأنفسهما بالوكالة الخاصة لا العامة فلو وكل العبد في إعتاق عبيده أو امرأته في طلاق نسائه لم يملك العبد إعتاق نفسه ولا المرأة طلاق نفسها وإن وكله في إبراء غرمائه لم يكن له أن يبرئ نفسه: كما لو وكل في حبسهم لم يملك حبس نفسه ويصح في طلاق ورجعة وحوالة ورهن وضمان وكفالة وشركة ووديعة ومضاربة وجعالة مساقاة وإجارة وقرض وصلح وهبة وصدقة ووصية وكتابة وتدبير وإيقاف وقسمة وحشيش ونحوهما: سوى ظهار ولعان وإيمان ونذور وإيلاء وقسامة وقسم بين زوجات وشهادة والتقاط واغتنام ومعصية وجزية ورضاع ونحوه مما لا تدخله النيابة وله أن يوكل من يقبل له النكاح: لكن يشترط لصحة عقده تسمية الموكل في صلب العقد فيقول: قبلت هذا النكاح لفلان أو لموكل فلان فإن قال: قبلت هذا النكاح ونوى أنه قبله لموكله ولم يذكره لم

 

ج / 2 ص -234-  م يصح وله أن يوكل من يزوج موليته ولو غير مجبر لأن ولايته ثابتة بالشرع من غير جهة المرأة والذي يعتبر أذنها فيه هو التزويج وهو غير ما يوكل فيه - ويأتي في أركان النكاح - إذا كان الوكيل ممن يصح منه ذلك لنفسه ولموليته1 ألا توكل حر واحد الطول في قبول نكاح أمة لمن تباح له فيصح كما تقدم وتصح في كل حق لله تعالى تدخله النيابة من العبادات: كتفرقة صدقة وزكاة ونذر وكفارة وحج وعمرة وركعتا طواف تدخل تبعا لهما بخلاف عبادة بدنية محضة: كصلاة وصوم و طهارة من حدث ونحوه فلا تصح والصوم المنذور يفعل عن الميت وليس ذلك بوكالة ويصح قوله: اخرج زكاة مالي من مالك ويصح في إثبات الحدود واستيفائها وله استيفاء بحضرة موكل وغيبته ولو في قصاص وحد قذف والأولى بحضوره فيهما وليس لوكيل توكيل فيما يتولى مثله بنفسه إلا بأذن موكل أو يقول له: أصنع ما شئت أو تصرف كيف شئت فيجوز وإن أذن تعين أن يكون الوكيل الثاني أمينا إلا مع تعيين الموكل الأول فإن وكل أمينا فصار خائنا فعليه عزله وكذا وصى يوكل وحاكم يتولى القضاء في ناحية فيستنيب غيره وما يعجز عنه لكثرته له التوكيل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هذا الشرط راجع إلى قوله سابقا: وله أن يوكل من يقبل له النكاح، وإلى قوله ثانيا: وله أن يوكل من يزوج موليته، وقد استثنى منه توكيل الحر في قبول نكاح الأمة.

 

ج / 2 ص -235-  في جميعه: كتوكيله فيما لا يتولى مثله بنفسه ويكون من وكل وكيل الوكيل وإن قال الموكل للوكيل: وكل عنك صح وكان وكيل وكيله وإن قال وكل عني أو أطلق صح وكان وكيل موكله وحيث قلنا أن الوكيل الثاني وكيل الموكل فإنه ينعزل بعزله وبموته ونحوه1 ولا يملك الوكيل الأول عزله ولا ينعزل بموته وحيث قلنا وكيل الوكيل فإنه ينعزل بعزلهما2 وبموتهما وكذا أوص إلى من يكون وصيا لي ولا يوصي وكيل مطلقا3 ويأتي ويصح توكيل عبد غيره بأذن سيده ولا يصح بغير أذن سيده ولو في إيجاب النكاح وقبوله وإن وكله بأذنه في شراء نفسه من سيده أو في شراء عبد غيره صح فلو قال: اشتريت نفسي لزيد وصدقاه صح ولزم زيد الثمن وإن صدقه السيد وكذبه زيد نظرت فإن كذبه في الوكالة حلف وبرئ وللسيد فسخ البيع واسترجاع عبده وإن صدقه في الوكالة وقال: ما اشتريت نفسك إلا لنفسك فقال: بل لزيد فكذبه عتق ولزمه الثمن في ذمته للسيد وللمكاتب أن يوكل فيما يتصرف فيه بنفسه وله أن يتوكل بجعل وليس له أن يتوكل بغير جعل إلا بأذن سيده.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد أن الوكيل الثاني ينعزل بعزل الموكل إياه، فالإضافة من قبيل إضافة المصدر لمفعوله. وكذا ينعزل بموت الموكل أو جنونه.
2 قوله: بعزلهما يعني عزل الموكل أو الوكيل الأول للوكيل الثاني، فالكلام على حذف مفعول، تقديره بعزلهما إياه، كما ينعزل بموتهما أو موت أحدهما.
3 معنى الإطلاق أنه لا فرق بين أن يكون الوكيل مأذونا له في الوكيل أو غير مأذون، فإن الإيصاء لا يدخل في حدود التوكيل إلا إذا صرح به الموكل.

 

ج / 2 ص -236-  فصل:- والوكالة عقد جائز
من الطرفين تبطل بفسخ أحدهما فلو قال لوكيله: كلما عزلتك فقد وكلتك فهي الوكالة الدورية وهي صحيحة وانعزل كلما وكلتك فقد عزلتك فقط1 وهي فسخ معلق بشرط2 وتبطل الوكالة بموت الموكل أو الوكيل لكن لو وكل ولي اليتيم وناظر الوقف أو عقد عقدا جائرا غيرها: كالشركة والمضاربة لم تنفسخ بموته لأنه متصرف على غيره وتبطل بجنون مطبق من أحدهما وبالحجر عليه لسفه فيما لا يتصرف فيه وبفلس موكل فيما حجر عليه فيه وبفسق فيما ينافيه فقط كإيجاب في نكاح وإن كان وكيلا فيما تشترط فيه الأمانة: كوكيل ولي اليتيم وولي الوقف على المساكين ونحوه انعزل بفسقه وفسق موكله وكذلك كل عقد جاز من الطرفين كشركة ومضاربة وجعالة - ويأتي - ولا تبطل النوم والسكر الذي يفسق به في غير ما ينافيه ولا بالإغماء والتعدي كلبس ثوب وركوبه دابة ونحوهما ويصير بالتعدي ضامنا فلو وكل في بيع ثوب فلبسه صار ضامنا فإذا باعه صح بيعه وبرئ من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الوكالة الدورية توكيل معلق على العزل فكلما وجد العزل وجد التوكيل  كما هو مقتضى التعليق، لذلك إذا قال الموكل عزلتك فلا ينعزل بل يدور التوكيل، بخلاف ما لو قال كلما وكلتك  فقد عزلتك فإنه ينعزل حيث جعل العزل معلقا على التوكيل، وهو معنى قوله: فقط.
2 قوله: وهي فسخ معلق مرجع الضمير فيه إلى كلمة كلما وكلتك فقد عزلتك إذ العزل معلق على التوكيل يوجد عند وجوده كما أو ضحناه لك في الكلمة المتقدمة على هذا.

 

ج / 2 ص -237-  ضمانه فإذا قبض الثمن صار أمانة في يده غير مضمون عليه فإن رده عليه بعيب عاد الضمان ولو دفع إليه مالا ووكله أن يشتري به شيئا فتعدى في الثمن صار ضامنا فإذا اشترى به وسلمه زال الضمان وقبضه للمبيع قبض أمانة فإن رده بعيب وقبض الثمن عاد مضمونا عليه وتبطل بتلف العين التي وكل في التصرف فيها وبدفعه عوضا لم يؤمر بدفعه واقتراضه المال الذي بيده كتلفه1 كما إذا دفع إليه دينارا وكله في الشراء به فاستقرض الوكيل الدينار وعزل دينارا عوضه واشترى به فيصير كالشراء له من غير أذن لأن الوكالة بطلت والدينار الذي عزله عوضا لا يصير للموكل حتى يقبضه فإذا اشترى للموكل به شيئا وقف على إجازته فإن أجازه صح ولزمه الثمن وإلا لزم الوكيل وتبطل بردة موكل ولا وكيل ولو لحق بدار حرب إلا فيما ينافيها ويصح توكيل المسلم كافرا فيما يصح تصرفه فيه: ذميا كان أو مستأمنا أو حربيا أو مرتدا وإن وكله في طلاق امرأته فوطئها أو قبلها ونحوه أو في عتق عبده فكاتبه أو دبره بطلت ولا يبطل توكيله عبده بعتقه ولا بيعه وهبته وكتابته وإباقه وكذا إن وكل عبد غيره فاعتقه السيد أو باعه لكن في صورة البيع إن رضي المشتري ببقائه على الوكالة إن لم يكن المشتري الموكل وإلا بطلت2 ولا تبطل بطلاق امرأة ولا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد وتبطل بافتراضه المال الذي كان وكيلا فيه، كما تبطل بتلفه.
2 يريد إذا كان العبد وكيلا عن زيد بإذن سيده ثم باعه السيد أو وهبه فبقاء الوكالة موقوف على إذن المشتري إلا أنه إذا كان المشتري هو زيد الذي وكل العبد فالوكالة صحيحة على حالها.

 

ج / 2 ص -238-  بجحود الوكالة من أحدهما ولا بسكناه داره بعد أن وكله في بيعها ونحوه وينعزل الوكيل بموت موكل وعزله قبل عمله به فيضمن أن تصرف لبطلان تصرفه - إلا ما يأتي في باب العفو عن القصاج / 2 ص - ويقبل قوله إن كان عزله بلا بينة ويقبل قوله أنه أخرج زكاته قبل دفع وكيله إلى الساعي وتؤخذ منه إن كانت بيده وإلا فلا ولا ينعزل مودع قبل علمه ولو قال شخص لآخر: اشتر كذا بيننا فقال نعم ثم قال لآخر: نعم فقد عزل نفسه من وكالة الأول ويكون ذلك له وللثاني وتنفسخ شركة ومضاربة بعزله قبل العلم ومتى صح العزل في الكل كان ما بيده أمانة وكذلك عقود الأمانات كلها: كالوديعة والرهن إذا انتهت أو انفسخت والهبة إذا رجع فيها الأب - ويأتي في آخر باب صريح الطلاق وكناياته قبول قول موكل: أنه رجع قبل طلاق وكيله وعتقه ورهنه - وإذا وقعت الوكالة مطلقة ملك التصرف أبدا: ما لم تنفسخ ويحصل فسخها بقوله: فسخت الوكالة أو أبطلتها أو نقضتها أو أزلتك أو صرفتك أو عزلتك عنها أو ينهاه عن فعل ما أمره به وما أشبه ذلك من الألفاظ المقتضية عزله والمؤدية معناه أو يعزل الوكيل نفسه أو يوجد ما يقتضي فسخها حكما على ما ذكرنا أو يوجد ما يدل على الرجوع عن الوكالة: كوطء امرأته بعد توكيله في طلاقها وحقوق العقد متعلقة بالموكل1 لأن الملك ينتقل إليه ابتداء ولا يدخل في ملك الوكيل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 حقوق العقد هي ما يترتب عليه: كقبض المبيع، وتسليم الثمن، والرد بعيب كما تفهم من أمثلته التالية.

 

ج / 2 ص -239-  فلا يعتق قريب وكيل عليه ولا يطالب في الشراء بالثمن ولا في البيع بتسليم المبيع بل يطالب بهما الموكل ولو وكل مسلم ذميا في شراء خمر أو خنزير لم يصح التوكيل ولا الشراء ولا يصح إقرار الوكيل على موكله لا عند الحاكم ولا عند غيره ولا صلحه عنه ولا الإبراء عنه: إلا أن يصرح بذكر ذلك في توكيله ويرد الموكل بعيب ويضمن العهدة1 ونحو ذلك وإذا وكل اثنين لم يجز لأحدهما الانفراد بالتصرف: إلا أن يجعل ذلك إليه وإن غاب أحدهما لم يكن للآخر أن يتصرف ولا للحاكم ضم أمين إليه ليتصرفا وفارق ما لو مات أحد الوصيين حيث يضيف الحاكم إلى الوصي أمينا ليتصرف لكون الحاكم له النظر فإن له النظر في حق الميت واليتيم ولهذا لو لم يوص إلى أحد أقام الحاكم أمينا في النظر لليتيم وإن حضر الحاكم أحد الوكيلين والآخر غائب فادعى الوكالة لهما وأقام بينة سمعها الحاكم وحكم بثبوت الوكالة لهما ولم يملك الحاضر التصرف وحده فإذا حضر الآخر تصرفا معا ولا يحتاج إلى إقامة بينة وجاز الحكم المتقدم للغائب تبعا للحاضر كما يجوز أن يحكم بالوقف الذي ثبت لمن لم يخلق لأجل من يستحقه في الحال2

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ضمان العهدة يكون على البائع إذا ظهرت العين مستحقة لا على وكيله في البيع وكذلك يكون على المشتري إذا ظهر الثمن مستحقا لا على وكيله في الشراء. ومن هذا تعلم أن ضمان العهدة معناه التزام الضامن من رد ما استولى عليه إذا ظهر أن العوض الذي يذل من جهته مستحق للغير.
2 مثال ذلك أن يكون الوقف على ذرية زيد مثلا فإن لم يكن مولودا حين الوقف يستحق فيه حين وجوده تبعا لمن كانوا موجودين وقتئذ وبهذا يظهر لك أن اللام في قوله: لمن لم يخلق لام التعدية، وأن اللام في قوله: لأجل من يستحقه لام التعليل.

 

ج / 2 ص -240-  وإن جحد الغائب الوكالة أو عزل نفسه لم يكن للآخر أن يتصرف وجميع التصرفات في هذا سواء ولا يصح بيع وكيل لنفسه ولا شراؤه منها لموكله ولو زاد على مبلغ ثمنه في النداء أو وكل من يبيع وكان هو أحذ المشترين إلا بأذنه فيصح تولي طرفي عقد فيهما كأبي الصغير وتوكيله في بيعه وآخر في شرائه1 ومثله نكاح ويأتي ودعوى ويصح بيعه لأخوته وأقاربه لا لولده و والده ومكاتبه ونحوهم إلا بأذن وكذا حاكم وأمينه ووصي وناظر ومضارب وشريك عنان ووجوه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد كما إذا وكله إنسان في بيع شيء ووكله آخر في شراء هذا الشيء فيصبح لهذا الوكيل أن يتولى طرفي العقد.

فصل:- ولا يصح أن يبيع نساء
ولا بغير نقد البلد ولا بغير غالبه إن كان فيه نقود فإن تساوت فبالأصلح هذا إذا لم يبين الموكل نقدا فإن عينه أو قال حالا تعين ولا أن يبيع بعرض ولا نفع مع الإطلاق وليس لوكيل في بيع تقليبه على مشتر إلا بحضرته وإلا ضمن ولا بيعه ببلد آخر فيضمن ويصح ومع مؤنة نقل لا وليس له العقد مع فقير ولا قاطع طريق إلا أن يأمره وإن باع هو مضارب بدون ثمن المثل أو بأنقص مما قدره له صح وضمنا النقص كله إن كان مما لا يتغابن به عادة فأما ما يتغابن الناس بمثله: كالدرهم في العشوة فمعفو عنه إذا لم يكن الموكل قد قدر الثمن ويضمن الكل في القدر فإن قال بعه بعشرة وباعه بتسعة ضمن الواحد ولا يضمن عبد لسيده ولا صبي لنفسه ويصح

 

ج / 2 ص -241-  البيع ولو حضر من يزيد على ثمن مثل لم يجز بيعه به فإن باع بثمن المثل فحضر من يزيد في مدة خيار لم يلزمه فسخ وإذا باع بأكثر منه صح: سواء كانت الزيادة من جنس الثمن الذي أمره به أو لم تكن وبعه بدرهم فباعه بدينار أو اشتراه بدرهم صح لأنه مأذون فيه عرفا: لا أن باعه بثوب يساوي دينارا وإن قال: بعه بمائة درهم فباعه بمائة ثوب قيمتها أكثر من الدراهم أو بثمانين درهما وعشرين ثوبا لم يصح وإن قال اشتره بمائة ولا تشتره بدونها فخالفه لم يجز وإن قال اشتره بمائة ولا تشتره بخمسين صح شراؤه بما بينهما وبدون الخمسين واشتر لي نصفه بمائة ولا تشتره جميعه فاشتري أكثر من النصف وأقل من الكل بمائة صح وبعه بألف نساء فباعه به حالا يصح و لو استضر بقبض الثمن في الحال: ما لم ينهه وإن وكله في الشراء فاشترى بأكثر من ثمن المثل مما لا يتغابن به عادة أو بأكثر مما قدره له صح وضمن الزائد ومثله مضارب وإن وكله في بيع عبد بمائة فباع نصفه بها صح وله بيع النصف الآخر وكذا لو وكله في بيع عبدين بمائة فباع أحدهما بها وله بيع الآخر وإن وكله في بيع شيء فباع بعضه بدون ثمن الكل لم يصح: ما لم يبع الباقي أو يكن عبيدا أو صبرة ونحوهما فيصح مفرقا: ما لم يأمره ببيعه صفقة واحدة وإن اشتراه بما قدره له مؤجلا: أو قال: أشتر لي شاة بدينار فاشترى به شاتين تساوي إحداهما دينارا أو اشتري شاة تساوي دينارا بأقل منه صح وكان للموكل وإن لم تساوه لم يصح وإن باع أحدى الشاتين: لا كلتيهما بغير إذن

 

ج / 2 ص -242-  صح إن كانت الباقية تساوي دينارا ولا يملك الوكيل في البيع والشراء شرط الخيار للعاقد معه وله شرطه لنفسه ولموكله وليس له شراء معيب فإن فعل غير عالم فله الرد وإن فعله عالما لزمه ما لم يرض الموكل وليس له ولا لموكله رده وإن اشترى بعين المال فكشراء فضولي وله وللموكل رده فإن حضر الموكل رد الوكيل ورضي بالعيب لم يكن للوكيل رده وإن لم يحضر فأراد الوكيل الرد فقال له البائع توقف حتى يحضر الموكل فربما رضي بالعيب لم يلزمه ذلك فلو اسقط الوكيل خياره فحضر موكله فرضي به لزمه وإلا فله رده ولو ظهر به عيب فأنكر البائع أن الشراء وقع للموكل لزم الوكيل وليس له رده فإن قال البائع: موكلك قد رضي بالعيب فالقول قول الوكيل مع يمينه أنه لا يعلم ذلك ويرده ويأخذ حقه في الحال ولو ادعى الغريم أن الموكل عزل الوكيل في قضاء الدين أو ادعى موت الموكل حلف الوكيل على نفي العلم فإن رده فصدق الموكل البائع في الرضا بالعيب لم يصح الرد وهو باق للموكل ولا يسمع قوله لوكيل غائب إذا حلف أن لك مطالبتي أو أنه ما عزلك ويسمع قوله: أنت تعلم ذلك فيحلف ورضا الموكل الغائب بالعيب عزل لوكيله عن رده ولو قال: موكلك أخذ حقه أو ابرأني لم يقبل فإن حلف طالبه وأخذ ولم يؤخر فيحلف الموكل.

 

ج / 2 ص -243-  فصل:- وإن وكله في شراء معين فاشتراه ووجده معيبا
فله الرد قبل إعلام موكله وإن علم عيبه قبل الشراء فليس شراؤه وإن قال: اشتر لي بهذه الدراهم ولم يفعل بعينها جاز أن يشتري له في ذمته وبعينها وإن قال: اشتر لي بعين هذا الثمن فاشترى في ذمته صح البيع ولم يلزم الموكل وعكسه يصح ويلزمه ويقبل إقرار الوكيل بعيب فيما باعه وإن أمره ببيعه في سوق بثمن فباعه به في آخر صح: إن لم ينهه ولم يكن له فيه غرض وإن قال: بعه من زيد فباعه من غيره لم يصح وإن وكله في التصرف في زمن مقيد لم يملك التصرف قبله ولا بعده فلو قال: بع ثوبي غدا لم يجز قبله ولا بعده وإن وكله في بيع شيء ملك تسليمه ولم يملك قبض ثمنه فإن تعذر قبضه لم يلزمه شيء: كما لو ظهر المبيع مستحقا أو معيبا: كحاكم وأمينه1 إلا أن يأذن له في قبض الثمن أو تدل عليه قرينة: مثل توكيله في بيع ثوب في سوق غائب عن الموكل أو موضع يضيع الثمن بترك قبض الوكيل ونحوه فمتى ترك قبضه ضمنه وكذلك لو أفضى إلى ربا لم يحضر الموكل وكذا الحكم في قبض سلعة وكل في شرائها وإن أمره بقبض دراهم أو دينار لم يصارف بغير إذن وإن أخذ رهنا أساء ولم يضمن ولا يسلم المبيع قبل ثمنه حيث جاز القبض ا حضوره فإن سلمه قبل قبضه ضمن وكذا وكيل في شراء وقبض مبيع وإن كان له عذر: مثل أن ذهب لينقد ونحوه فلا ضمان عليه وإن وكله في شراء شيء ملك تسليم ثمنه قال أخر تسلميه فلا عذر ضمنه فإن اشترى عبدا فنقد ثمنه فخرج العبد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد أن الحاكم وأمينه لا يضمنان الثمن إذا باعا عن الغائب مثلا، فكذلك الوكيل في البيع.

 

ج / 2 ص -244-  مستحقا فله المخاصمة في ثمنه إن دلت قرينة على ذلك: كبعده عن موكله ونحوه وإن وكله في بيع فاسد: كشرطه على وكيل إلا يسلم المبيع لم يصح ولم يملكه ولم يملك الصحيح وإن وكله في كل قليل وكثير لم يصح وإن وكله في بيع ماله كله أو ما شاء منه أو المطالبة بحقوقه كلها أو الإبراء منها أو فيما شاء منها صح وإن قال: أشتر لي ما شئت أو اشتر لي عبدا بما شئت لم يصح حتى يذكر النوع وقدر الثمن وإن وكله في مخاصمة غرمائه صح وإن جهلهم الموكل والوكيل وإن وكله في الخصومة صح ولم يكن وكيلا في القبض ولا في الإقرار على موكله: كإقراره عليه بقود وقذف وكالولي ولهذا لا يصح منهما يمين - وفي الفنون لا تصح الوكالة ممن علم ظلم موكله في الخصومة - ولا شك فيما قال وكذا ظن ظلمه أيضا وإلا فبعيد جدا القول به مع ظن ظلمه وإن وكله في القبض كان وكيلا في الخصومة وإن وكله في قبض الحق من إنسان تعين قبضه منه أو من وكيله: لا من وارثه وإن قال: حقي الذي عليه أو قبله فمنه أو من وارثه وإن قال: أقبضه اليوم لم يملك قبضه غدا وله إثبات وكالته مع غيبة موكله وإن أمره بدفع ثوب إلى قصار معين فدفعه ونسيه لم يضمنه وإن أطلق المالك ودفعه إلى من لا يعرف عينه ولا اسمه ولا دكانه ضمنه الوكيل لتفريطه ولوكيل في شراء حنطة أو طعام بر فقط لا دقيقة وإن وكله في الإيداع فأودع ولم يشهد لم يضمن إذا أنكر المودع وإن وكل مودعا أو غيره في قضاء دين ولم يأمره بإشهاد فقضاء في غيبته ولم يشهد فأنكر الغريم ضمن الوكيل - قال القاضي وغيره سواء صدقه الموكل أو كذبه:

 

ج / 2 ص -245-  كما لو أمره بالإشهاد فلم يفعل: إلا أن يقضيه بحضرة الموكل أو يأذن له في القضاء بغير إشهاد وإن قال: أشهدت فماتوا أو أذنت فيه بلا بينة أو قضيت بحضرتك فأنكر الموكل فقوله.

فصل:- والوكيل أمين
لا ضمان عليه فيما تلف في يده من ثمن ومثمن وغيرهما بغير تفريط ولا تعد: سواء كان يجعل أم لا فلو قال: بعت الثوب وقبضت الثمن فتلف فأنكره الموكل أو قال: بعته ولم تقبض شيئا أو اختلفا في تعديه أو تفريطه أو تفريطه في الحفظ أو مخالفة أمر موكله: مثل أن يدعى أنك حملت على الدابة فوق طاقتها أو حملت عليها شيئا لنفسك أو فرطت في حفظها أو لبست الثوب أو أمرتك برد المال فلم تفعل أو يدعى الهلاك من غير تفريط ونحو ذلك - فقول وكيل مع يمينه وكذا كل من كان بيده شيء لغيره على سبيل الأمانة كالأب والوصي وأمين الحاكم والشريك والمضارب والمرتهن والمستأجر ويقبل إقراره بأنه تصرف في كل ما وكل فيه وأوفى عقد النكاح ولو وكل في شراء عبد فاشتراه واختلفا في كل ما وكل فيه ولو في عقد نكاح ولو وكل في شراء عبد فاشتراه واختلفا في قدر الثمن فقال: اشتريته بألف فقال الموكل: بل بخمسمائة فقول الوكيل وإن اختلفا في رد عين أو ثمنها إلى موكل: فقول وكيل مع يمينه إن كان متبرعا وكذا وصى وعامل وقف وناظره متبرعين ولا بجعل فيهن وأجير ومستأجر ولا يقبل قول وكيل في رده إلى ورثة موكل ولا ورثة وكيل في دفعه إلى موكل أو ورثته ولا قول وكيل في دفع مال الموكل إلى غير من أتمنه بأذنه وكذا قول كل من ادعى

 

ج / 2 ص -246-  الرد إلى غير من أتمنه ومن أدعى من وكيل ومرتهن ومضارب ومودع التلف بحادث ظاهر: كحريق ونهب جيش ونحوه لم يقبل إلا ببينة تشهد بالحادث في تلك الناحية ثم يقبل قوله في التلف - وتقدم في الرهن - ولا ضمان بشرط1 وإن قال وكيل أو مضارب: أذنت لي في البيع نساء أو في الشراء بكذا أو أذنت لي في البيع بغير نقد البلد فأنكره أو قال: وكلتني في شراء عبد فقال: بل في شراء أمة أو اختلفا في صفة الأذن فقولهما ولو وكله في بيع عبد فباعه نسيئة فقال الموكل ما أذنت في بيعه إلا نقدا فصدقه الوكيل والمشتري فسد البيع وله مطالبة من شاء منهما بالعبد إن كان باقيا وبقيمته إن تلف فإن أخذ القيمة من الوكيل رجع على المشتري بها وإن أخذها من المشتري لم يرجع على أحد وإذا قبض الوكيل ثمن المبيع فهو أمانة في يده لا يلزمه تسليمه قبل طلبه ولا يضمنه بتأخيره فإن أخر رده بعد طلبه أو أنه كان تلف لم يقبل قوله ولو ببينة وإن صدقه الموكل برئ وإن لم يعده برده لكن منعه أو مطله مع إمكانه ثم أدعى الرد أو التلف لم يقبل قوله إلا ببينة وإن أنكر قبض المال ثم ثبت ببينة أو اعتراف فأدعى الرد أو التلف لم يقبل ولو أقام بينة فإن كان جحوده: أنك لا تستحق على شيئا أو ما لك عندي شيء سمع قوله: إلا أن يدعي رده أو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد لو وكل زيد عمرا بشرط أن يكون عمرو ضامنا  بيده فلا ضمان عليه إلا فيما يفرط فيه أو يتعدى والشرط لاغ لاأثر له لأنه ينافي ما يقتضيه العقد من الأمانة.

 

ج / 2 ص -247-  تلفه بعد قوله: ما لك عندي شيء وإن قال: وكلتني أن أتزوج لك فلانة ففعلت وصدقته المرأة فأنكره فقول المنكر بغير يمين ويلزمه تطليقها إن لم يتزوجها1 ولا يلزم الوكيل شيء ولو مات لم يرثه الآخر فإن ادعته المرأة فأنكره حلف وبريء لأنها تدعي الصداقة في ذمته ولو أدعى أن فلانا الغائب وكله في تزويج امرأة فتزوجها له ثم مات الغائب لم ترثه المرأة: إلا بتصدق الورثة أو يثبت ببينة وإن أقر الموكل بالتوكيل في التزويج وأنكر أن يكون الوكيل تزوج له فالقول قول الوكيل وإن وكله أن يتزوج له امرأة فتزوج له غيرها أو تزوج له بغير أذنه فالعقد فاسد لو أجازه وإن أدعى البائع أنه باع مال غيره بغير أذنه فأنكر المشتري أو قال المشتري: أنك بعت مال غيرك بغير أذنه فأنكر البائع وقال: ما بعت - ملكي أو بعت مال موكلي بإذنه فقول المنكر وإن اتفق البائع والمشتري على ما يبطل البيع وقال الموكل: بل البيع صحيح فقوله ولا يلزمه رد ما أخذ من العوض ويجوز التوكل بجعل معلوم وبغير جعل ويستحق الجعل مع الإطلاق قبل قبض الثمن: ما لم يشترط عليه الموكل ولو قال: بع ثوبي بعشرة فما زاد فلك صح ولا يصح بجعل مجهول ويصح تصرفه بالأذن وله أجرة مثله وإذا قال لرجل: اشتر لي بديني عليك طعاما أو أسلفني ألفا من مالك في كر طعام ففعل لم يصح2 فإن قال: اشتر لي في ذمتك أو أسلف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يلزمه تطليقها لنتأكد من خلوها من الزوجية وليندفع احتمال صدقها
2 لم يصح في الأولى لأنه وكله في الشراء بالدين الذي له وهذا تصرف في الدين قبل قبضه وذلك غير جائز، وفي الثانية لأنه وكله في الشراء بقرض لم يقبضه منه والتصرف قي القبض قبل قبضه غير جائز أيضا.

 

ج / 2 ص -248-  لي ألفا في كر طعام وأقبض الثمن عني من مالك أو من الدين الذي لي عليك صح1 ولو كان له على رجل دراهم فأرسل إليه رسولا يقبضها فبعث إليه مع الرسول دينارا فضاع مع الرسول فمن مال باعث لأنه لم يأمره بمصارفته: ألا أن يخبر الرسول الغريم أن رب الدين أذن له في قبض الدينار عن الدراهم فيكون من ضمان الرسول ولو كان لرجل عند آخر دنانير وثياب إليه رسولا فقال: خذ دينارا وثوبا فأخذ دينارين وثوبين فضاعت فضمان الدينار والثوب الزائدين على الباعث: أي الذي أعطاه الدينارين والثوبين ويرجع به على الرسول وإذا وكله في قبض زوجته ونقلها إلى داره أو في بيع عبده أو في قبض دار له في يد رجل ثم غاب فأقامت الزوجة البينة أنه طلقها والعبد أنه اعتقه ومن في يده الدار أنه ملكها منه زالت الوكالة وإن وكله في عتق عبده ثم كاتبه سيده انعزل الوكيل ولو باع له وكيله ثوبا فوهب له المشتري منديلا في مدة الخيارين فهو لصاحب الثوب لأنه زيادة في الثمن فلحق به.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وإنما صح هنا لأنه وكله في المثال الأول منها أن يشتري له في الذمة وفي الثاني والثالث لأنه وكله في القبض عنه والشراء له وكلها صحيحة.

فصل:- فإن كان عليه حق أو عنده وديعة لإنسان
فادعى آخر أنه وكيل صاحبه في قبضه فصدقه لم يلزمه الدفع إليه وإن كذبه لم يستحلف: كدعوى وصية به فإن دفع إليه فأنكر صاحب الحق الوكالة حلف ورجع على الدافع وحده إن كان دينا وهو على الوكيل

 

ج / 2 ص -249-  مع بقائه أو تعديه في تلف أو تفريط وإن لم يتعد فيه مع تلفه لم يرجع الدافع وإن كان عينا: كوديعة ونحوها فوجدها أخذها وله مطالبة من شاء بردها فإن طلب الدافع فالمدافع مطالبة الوكيل بها وأخذها من يده وإن كانت تالفة أو تعذر ردها فله تضمين من شاء منها ولا يرجع بها من ضمنه على الآخر: إلا أن يكون الدافع دفعها إلى توكيل من غير تصديق فيرجع على الوكيل وإن ضمن الوكيل لم يرجع على الدافع وإن صدقه: لكن إن كان الوكيل تعدى عليها وفرط استقر الضمان عليه فإن ضمن لم يرجع على أحد وإن ضمن لدافع رجع عليه ولو شهد بالوكالة اثنان فقال أحدهما: قد عزله لم تثبت الوكالة فإن قاله بعد حكم الحاكم بصحتها أو قاله واحد غيرهما ثبت فإن قالا جميعا كان قد عزله ثبت العزل وإن شهد شاهد أنه وكله يوم الجمعة وشاهداه وكله يوم السبت أو شهد أحدهما أنه وكله بالعربية وآخر أنه بالعجمية أو شهد أحدهما أنه قال وكلتك والآخر أنه قال: أذنت لك في التصرف أو أنه قال: جعلتك وكيلا أو جريت لم تتم الشهادة1 وإن شهد أحدهما أنه أقر بتوكيله يوم الجمعة وشهد الآخر أنه أقر يوم السبت أو شهد أنه أقر بالوكالة بالعجمية والآخر أنه أقر بالعربية أو شهد أحدهما أنه وكله والآخر أنه أذن له في التصرف أو قال أحدهما: أشهد أنه أقر عندي أنه وكله وقال الآخر: أشهد أنه أقر عندي أنه جريه أو أنه أوصى إليه بالتصرف في حياته - تمت الشهادة وثبتت الوكالة بذلك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الجري بتشديد الياء- الوكيل.

 

ج / 2 ص -250-  وإن شهد أحدهما أنه وكله في بيع عبده وشهد الآخر أنه وكله وزيدا أو شهد أنه وكله في بيعه وقال الآخر: وكله في بيعه وقال لاتبعه حتى تستأمرني أو تستأمر فلانا لم تتم الشهادة وإن شهد أحدهما أنه وكله في بيع عبده والآخر أنه وكله في بيع عبده وجاريته حكم بالوكالة في العبد وكذا لو شهد أحدهما أنه وكله في بيعه لزيد والآخر أنه وكله في بيعه لزيد وإن شاء لعمر ولا تثبت الوكالة والعزل بخبر واحد فإن شهد اثنان بلا دعوى الوكيل أن فلانا الغائب وكل فلانا الحاضر فقال الوكيل ما علمت هذا وأنا أتصرف عنه ثبتت الوكالة وإن قال: ما أعلم صدق الشاهدين لم تثبت وكالته وإن قال: ما علمت وسكت قيل له: فسر فإن فسر بالأول ثبتت وإن فسر بالثاني لم تثبت وتقبل شهادة الوكيل على موكله وله فيما لم يوكله فيه فإن شهد بما كان وكيلا فيه بعد عزله لم تقبل أيضا: سواء كان خاصم فيه بالوكالة أو لم يخاصم وإذا كانت أمة بين نفسين فشهدا أن زوجها وكل في طلاقها أو شهدا بعزل الوكيل في الطلاق لم تقبل ولا تقبل شهادة ابن الرجل ولا أبويه له بالوكالة ويثبت العزل بها لأنهما يشهدان لمن لا يدعيها فإن قبض الوكيل فحضر الموكل وادعى أنه كان قد عزل الوكيل وإن حقه باق في ذمة الغريم وشهد له ابناه لم تقبل شهادتهما وإن ادعى مكاتب الوكالة فشهد له سيده وابنا سيده أو أبواه لم تقبل و إذا حضر رجلان عند الحاكم فأقر أحدهما أن الآخر وكله ولم يسمعه شاهدان مع الحاكم ثم غاب الموكل حضر الوكيل فقدم خصما لموكله وقال: أنا وكيل فلان فأنكر

 

ج / 2 ص -251-  الخصم كونه وكيلا لم تسمع دعواه حتى تقوم البينة بوكالته لأن الحاكم لا يحكم بعلمه ولو حضر رجل وادعى على غائب مالا في وجه وكيله فأنكره فأنكره فأقام بينة بما ادعاه حلفه الحاكم وحكم له بالمال فإذا حضر الموكل وجحد الوكالة وأدعى أنه كان قد عزله لم يؤثر ذلك في الحكم وإن ادعى أن صاحب الحق أحاله به فكدعوى وكالة ووصية على ما تقدم وإن ادعى أنه مات وأنا وارثه لا وارث له غيري لزمه الدفع إليه مع التصديق: لا الإنكار ويلزمه اليمين مع الإنكار أنه لا يعلم صحة ما قاله: عينا كان أو دينا وديعة أو غيرها ومن طلب منه حق وامتنع من دفعه حتى يشهد القابض على نفسه بالقبض وكان الحق عليه بغير بينة لم يلزم القابض الأشهاد وإن كان الحق ثبت ببينة وكان من عليه الحق يقبل قوله في الرد: كالمودع والوكيل بغير جعل فكذلك وإن كان ممن لا يقبل قوله في الرد أو مختلف في قبول قوله: كالغاصب والمستعير والمرتهن لم يلزمه تسليم ما قبله إلا بالإشهاد ومتى شهد على نفسه بالقبض لم يلزم تسليم الوثيقة بالحق إلى من عليه الحق وتقدم بعضه في الرهن وإذا شهد بالوكالة رجل وامرأتان أو شاهد وحلف مع ثبت ذلك إن كانت الوكالة في المال ومن أخبر بوكالة وظن صدقه تصرف وضمن.