الإقناع
في فقه الإمام أحمد بن حنبل ج /
3 ص -2-
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الوقف
وهو تحبيس مالك مطلق التصرف ماله المنتفع به مع بقاء عينه بقطع تصرف
الواقفة وغيره في رقبته يصرف ريعه إلى جهة بر
تقربا1 إلى الله تعالى وهو مسنون ويصح بقول
وفعل دال عليه عرفا مثل أن يجعل أرضه مقبرة
ويأذن في الدفن فيها أو يبني بنيانا على هيئة
مسجد ويأذن للناس في الصلاة فيه إذنا عاما أو
أذن أو أقام فيه أو يبني بيتا لقضاء حاجة
الإنسان والتطهير ويشرعه لهم أو يملأ خابية
ماء على الطريق ولو جعل سفل بيته مسجد أو
انتفع بعلوه أو عكسه أو وسطه ولو لم يذكر
استطراقا صح ويستطرق كما لو باع أو أجر بيتا
من داره2 وصريحه وقفت وحبست وسبلت ويكفي أحدها
وكنايته تصدقت وحرمت وأبدت ولا يصح بالكناية
إلا أن ينويه أو يقرن به أحد الألفاظ الخمسة
فيقول تصدقت صدقة موقوفة أو محبسة أو مسبلة أو
مؤبدة أو محرمة أو يقول هذه محرمة موقوفة أو
محبسة أو مسبلة أو مؤبدة أو يصفها بصفات الوقف
فيقول لا تباع ولا توهب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ذكر التقرب إلى الله تعالى لبيان الأصل في
مشروعيته أو لبيان ما يحصل به الثواب للواقف
وليس شرطا لصحة الوقف.
2 الاستطراق تعيين الطريق.
ج /
3 ص -3-
ولا تورث أو يقول تصدقت بأرضي على فلان والنظر
لي أيام حياتي أو لفلان ثم من بعده لفلان وكذا
لو قال تصدقت به على فلان ثم من بعده على ولده
أو على فلان أو تصدقت به على قبيلة كذا أو
طائفة كذا ولو قال تصدقت بداري على فلان ثم
قال بعد ذلك أردت الوقف ولم يصدقه فلان لم
يقبل قول المتصدق في الحكم.
ولا يصح إلا بشروط - أحدها: أن يكون في عين معلومة يصح
بيعها: غير مصحف ويمكن الانتفاع بها دائما مع
بقاء عينها عرفا كإجارة واستغلال ثمرة ونحوه
عقارا كان أو شجرا أو منقولا كالحيوان والأثاث
والسلاح والمصحف وكتب العلم ونحوه ويصح وقف
المشاع1 فلو وقفه مسجدا ثبت فيه حكم المسجد في
الحال فيمنع منه الجنب ثم القسمة متعينة هنا
لتعينها طريقا للانتفاع بالموقوف ويصح وقف
الحلي للبس والعارية ولو أطلق وقفه لم يصح ولا
يصح الوقف في الذمة كقوله وقفت عبدا أو دارا
ولا مبهم غير معين كأحد هذين ولا وقف أم ولد
فأن وقف على غيرها على أن ينفق عليها منه مدة
حياته أو الرابع لها مدة حياته صح ولا وقف كلب
وحمل منفرد ومرهون وخنزير وسباع البهائم التي
لا تصلح للصيد وكذا جوارح الطير ويصح وقف
المكاتب فإذا أدى بطل الوقف ووقف الدار ونحوها
وأن لم يذكر حدودها إذا كانت معروفة لا وقف
مالا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ويعتبر في وقف المشاع ذكر مقداره ليكون
معلوما ليكون معلوما ولو اجمالا.
ج /
3 ص -4-
ينتفع به مع بقائه دائما كالأثمان1 إلا تبعا
كفرس بسرج ولجام مفضضين فيباع ذلك وينفق عليه
ونص عليه في الفرس الحبيس ولا مطعوم ومشروب
غير ماء ولا شمع ورياحين ولو وقف قنديل نقد
على مسجد لم يصح وهو باق على ملك صاحبه فيزكيه
ولو تصدق بدهن على مسجد ليوقد فيه جاز وهو من
باب الوقف - قاله الشيخ.
الثاني: - أن يكون على بر من مسلم أو ذمي
كالفقراء والمساكين والحج والغزو وكتابة الفقه
والعلم والقرآن والسقايات والقناطر وإصلاح
الطرق والمساجد والمدارس والبيمار شتانات
والأقارب من مسلم وذمي ونحو ذلك من القرب2 ولا
يصح على مباح ومكروه ومعصية ويصح على ذمي غير
قريبه وشرط استحقاقه ما دام ذميا لاغ ويستمر
له إذا أسلم كمع عدم هذا الشرط ولا يصح وقف
الستور لغير الكعبة ويصح وقف عبده على حجرة
النبي صلى الله عليه وسلم لإخراج ترابها
وإشعال قناديلها وإصلاحها لا لإشعالها وحده
وتعليق ستورها الحرير والتعليق وكنس الحائط
ونحو ذلك - ذكره في الرعاية3 ولا يصح على
كنائس وبيوت نار وبيع وصوامع وديورة ومصالحها
ولو من ذمي بل على من ينزلها من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وذلك يفيد اشتراط بقاء العين.
2 ذكرنا أول الباب أن الوقف صحيح ولو لم يعينه
قربة وهنا يشترطون كونه على بر: ولا منافاة
بين الكلامين فإن الاشتراط لحصول الثواب لا
للصحة على أن الوقف المطلق لا يخلو من بر
كالوقف على الأولاد والأقارب.
3 وقف العبد على الحجرة صحيح لإخراج التراب
وإصلاحها وأما الاشعال وحده أو تعليق الستور
فلا لعدم اعتبار ذلك من القرب عندنا.
ج /
3 ص -5-
مار ومجتاز بها فقط ولو كان من أهل الذمة1 ولا
على كتابة التوراة والإنجيل ولو من ذمي ووصية
كوقف في ذلك ولا على الأغنياء وقطاع الطريق
وجنس الفسقة والمغاني ولا على التنوير على قبر
وتبخيره ولا من يقيم عنده أو يخدمه أو يزوره -
قاله في الرعاية - ولا على بناء مسجد عليه ولا
وقف البيت الذي فيه القبر مسجدا ولا على حربي
ومرتد ولا على نفسه كل الغلة له أو لولده أو
غيره مدة حياته أو مدة معينة أو استثنى الأكل
أو النفقة عليه وعلى عياله أو الانتفاع لنفسه
وعياله ونحوهم ولو بسكنى مدة حياتهم أو أن
يطعم صديقه صح سواء قدر ذلك أو أطلقه فلو مات
المشروط في أثناء المدة المعينة فلو رثته باقي
المدة ولهم إجارتها للموقوف عليه ولغيره ولو
وقف على الفقراء فافتقر شمله وتناول منه ولو
وقف مسجدا أو مقبرة أو بئرا أو مدرسة لعموم
الفقهاء أو لطائفة منهم أو رباطا أو غيره
للصوفية مما يعم فهو كغيره في الاستحقاق
والانتفاع لكن من كان من الصوفية جماعا للمال
ولم يتخلق بالأخلاق المحمودة ولا تأدب بالآداب
الشرعية غالبا لا آداب وضعية أو فاسقا لم
يستحق شيئا - قاله الشيخ وقال: الصوفي الذي
يدخل في الوقف على الصوفية يعتبر له ثلاثة
شروط: الأول أن يكون عدلا في دينه: الثاني أن
يكون ملازما لغالب الآداب الشرعية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 عللوا ذلك بجواز التصدق على الذمي ولكن
لوخصهم بالوقت فارجح القولين عدم الصحة لبطلان
الوقف على اليهود والنصارى.
ج /
3 ص -6-
في غالب الأوقات وأن لم تكن واجبة كآداب الأكل
والشرب واللباس والنوم والسفر والصحبة
والمعاملة مع الخلق إلى غير ذلك من آداب
الشريعة قولا وفعلا ولا يلتفت إلى ما أحدثه
بعض المتصوفة من الآداب التي لا أصل لها في
الدين من التزام شكل مخصوص في اللبسة ونحوها
مما لا يستحب في الشريعة: الثالث أن يكون
قانعا بالكفاية من الرزق بحيث لا يمسك ما يفضل
عن حاجته في كلام طويل في كتاب الوقف من
الفتاوى المصرية ولا يشترط في الصوفي لباس
الخرقة المتعارفة عندهم من يد شيخ ولا رسوم
اشتهر تعارفها بينهم فما وافق منها الكتاب
والسنة فهو حق وما لا فهو باطل ولا يلتفت إلى
اشتراطه: قاله الحارثي
الثالث: - أن يقف على معين يملك ملكا مستقرا
فلا يصح على مجهول كرجل ومسجد ونحوهما ولا على
ميت وجن ورقيق كقن ومدبر وأم ولد ومكاتب ولا
على حمل أصالة لا تبعا كعلى أولادي أو أولاد
فلان أو انتقل الوقف إلى بطن من أهل الوقف
وفيهم حمل فيستحق بوضعه من ثمر وزرع ما يستحق
مشتر ولا يصح على معدوم أصلا كمن سيولد أو
يحدث لي أو لفلان ويصح تبعا ولا على ملك
كجبريل ونحوه ولا على بهيمة وأن قال وقفت كذا
أو سكت ولم يذكر مصرفه فالأظهر بطلانه لأن
الوقف يقتضي التمليك ولأن جهالة المصرف مبطلة
فعدم ذكره أولى
الرابع: - أن يقف ناجزا فأن علقه بشرط غير
موته لم يصح وأن قال هو بعد موتي صح ويكون
لازما ويعتبر من ثلثه وأن شرط شرطا فاسدا
كخيار فيه وتحويله وتغيير شرطه وبيعه وهبته
ومتى شاء أبطله
ج /
3 ص -7-
ونحوه لم يصح الوقف ولو شرط البيع عند خرابه
وصرف الثمن في مثله أو شرطه للمتولي بعده فسد
الشرط فقط.
الخامس: - أن يكون الواقف ممن يصح تصرفه في
ماله وهو المكلف الرشيد
فصل: وإذا كان الوقف على غير معين
فصل: - وإذا كان الوقف على غير معين كالمساكين أو من لا يتصور منه
القبول كالمساجد والقناطر لم يفتقر إلى القبول
من ناظرها ولا غيره وكذا أن كان على آدمي
معين1 ولا يبطل بره كسكوته ومن وقف شيئا
فالأولى أن يذكر في مصرفه جهة تدوم كالفقراء
ونحوهم فأن اقتصر على ذكر جهة تنقطع كأولاده
صح ويصرف منقطع الابتداء كوقفه على من لا يجوز
ثم على من يجوز أو الوسط في الحال إلى من بعده
وإن وقف على من لا يصح الوقف عليه ولم يذكر له
مالا صحيحا بطل الوقف ويصرف منقطع الآخر كما
لو وقف على جهة تنقطع ولم يذكر له مالا أو على
من يجوز ثم على من لا يجوز ثم على من لا يجوز
وكذا ما وقفه وسكت أن قلنا يصح - إلى ورثة
الواقف نسبا غنيهم وفقيرهم بعد انقراض من يجوز
الوقف عليه وقفا عليهم على قدر إرثهم
فيستحقونه كالميراث ويقع الحجب بينهم فلبنت مع
ابن الثلث ولأخ من أم مع أخ لأب السدس وجد وأخ
لأبوين أو لأب يقتسمان نصفين وأخ وعم ينفرد به
الأخ وعم وابن عمر ينفرد به العم فأن لم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لعدم اشتراط القبول ممن وقف عليه بدليل
الوقف على الأجيال المستقبلة.
ج /
3 ص -8-
يكن له أقارب أو كان له فانقرضوا فللفقراء
والمساكين موقوفا عليهم وأن انقطعت الجهة
الموقوف عليها في حياة الواقف رجع إليه وقفا
عليه ويعمل في صحيح الوسط فقط بالاعتبارين وأن
قال وقفته سنة أو إلى سنة أو إلى يوم يقدم
الحاج ونحوه لم يصح وهو الوقف المؤقت وأن قال
على أولادي سنة أو مدة حياتي ثم على الفقراء
صح وأن قال على الفقراء ثم على أولادي صح
للفقراء فقط ولا يشترط للزومه إخراجه عن يده
بل يلزم بمجرد اللفظ ويزول ملكه عنه.
فصل: يزول ملك الواقف عن العين الموقوفة
فصل: يزول ملك الواقف عن العين الموقوفة
وينتقل الملك فيها إلى الله تعالى إن كان
الوقف على مسجد ونحوه وإلى الموقوف عليه أن
كان آدميا معينا أو جمعا محصورا فينظر فيه هو
أو وليه بشرطه وله تزويج الأمة أن لم يشترطه
لغيره ويلزمه بطلبها يأخذ المهر ولا يتزوجها
ولا يعتقه فان اعتقه لم ينفذ فأن كان نصفه
وقفا ونصفه طلقا فاعتق صاحب الطلق لم يسر عتقه
إلى الوقف وعليه فطرته وزكاته كالماشية ونفقته
أن لم يكن له كسب ويقطع سارق الوقف وسارق
نمائه إذا كان الوقف على معين ويملك الموقوف
عليه نفعه وصوفه ونحوه وغلته وكسبه ولبنه
وثمرته وليس له وطء الأمة ولو أذن فيه الواقف
فأن وطئها فلا حد ولا مهر وولده حر وعليه
قيمته يوم الوضع يشتري بها قن يقوم مقامه
وتصير أم ولد وتعتق بموته وتجب قيمتها في
تركته يشتري بها مثلها فتكون وقفا بمجرد
الشراء وله تملك
ج /
3 ص -9-
زرع غاصب بالنفقة حيث يتملك رب الأرض ويتلقاه
البطن الثاني ومن بعده من أهل الوقف من الواقف
من البطن الذي قبله فإذا امتنع البطن الأول من
اليمين مع شاهده لإثبات الوقف فلمن بعدهم
الحلف وإذا وطئ الموقوفة أجنبي ولو عبدا بشبهة
يظنها حرة فأولدها فهو حر وعليه المهر لأهل
الوقف وقيمة الولد تصرف في مثله وأن كان من
زوج أو زنا فهو وقف معها وأن تلفت به أو
أتلفها متلف ولو من أهل الوقف أو بعضها كقطع
فعليه القيمة يشتري بها مثلها أو شقص يكون
وقفا بمجرد الشراء - ويأتي - وأن قتل ولو عمدا
فليس له عفو ولا قود بل يشتري بقيمته بدله فأن
قطعت يده أو بعض أطرافه عمدا فللقن استيفاء
القصاص لأنه حقه وأن عفا أو كان القطع لا يوجب
القصاص وجب نصف قيمته وأن جنى الوقف خطأ
فالأرش على موقوف عليه أن كان معينا ولم يتعلق
برقبته كأم الولد ولم يلزم الموقوف عليه أكثر
من قيمته كأم الولد وأن كان غير معين
كالمساكين إذا جنى ففي كسبه وأن جنى على ثلاثة
ثم على المساكين فمن مات منهم رجع نصيبه إلى
من بقي فإذا ماتوا فللمساكين وأن وقف على
ثلاثة ولم يذكر له مالا فمن مات منهم فحكم
نصيبه حكم المنقطع كما لو ماتوا جميعا1 وأن
قال وقفته على أولادي وعلى المساكين فهو بين
الجهتين نصفين لاقتضاء الإضافة التسوية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وقيل يصرف نصيب من مات للباقين ولكل من
القولين وجه يطول ايضاحه.
ج /
3 ص -10-
فصل: ويرجع إلى شرط واقف
فصل: ويرجع إلى شرط واقف فلو تعقب جملا عاد
إلى الكل واستثناء كشرط وكذا مخصص من صفة وعطف
بيان وتوكيد وبدل ونحوه وجار ومجرور نحو على
أنه: وبشرط أنه ونحوه ويجب العمل به في عدم
إيجاره وقدر المدة وقسمة على الموقوف عليه في
تقدير الاستحقاق وتقديم كالبداءة ببعض أهل
الوقف دون بعض نحو وقفت على زيد وعمرو وبكر
ويبدأ بالدفع إلى زيد أو وقفت على طائفة كذا
ويبدأ بالأصلح أو الأفقة أو نحوه وتأخير وهو
عكس التقديم وجمع كجعل الاستحقاق مشتركا في
حالة واحدة وترتيب كجعل استحقاق بطن مرتبا على
آخر فالتقديم بقاء أصل الاستحقاق للمؤخر على
صفة أن له ما فضل وإلا سقط والمراد إذا كان
للمقدم شيء مقدر فحينئذ أن كانت الغلة وافرة
حصل بعده فضل وإلا فلا والترتيب عدم استحقاق
المؤخر مع وجود المقدم وتسوية كقوله الذكر
والأنثى سواه ونحوه وتفضيل كقوله للذكر مثل حظ
الأنثيين ونحوه ولو جعل شرط الواقف عمل بعادة
جارية ثم عرف في مقادير الصرف كفقهاء المدارس
ثم التساوي وأن شرط إخراج من شاء بصفة وإدخال
بصفة ومعناه جعل الاستحقاق والحرمان مرتبا على
وصف مشترط فترتب الاستحقاق كالوقف بشرط كونهم
فقراء أو صلحاء وترتب الحرمان أن يقول ومن فسق
منهم أو استغنى ونحوه فلا شيء له أو إخراج من
شاء من أهل الوقف وإدخال من شاء منهم صح: لا
إدخال من شاء من غيرهم كشرطه تغيير شرط وكما
لو شرط
ج /
3 ص -11-
ألا ينتفع به ولو وقف على أولاده وشرط أن من
تزوج من البنات فلا حق لها أو على زوجته ما
دامت عازبة صح ويأتي في الحضانة باتم من هذا
قال الشيخ: كل متصرف بولاية إذا قيل يفعل ما
يشاء فإنما هو إذا كان فعله لمصلحة شرعية حتى
لو صرح الواقف بفعل ما يهواه أو ما يراه مطلقا
فشرط باطل على الصحيح المشهور قال: على الناظر
بيان المصلحة فيعمل بما ظهر ومع الاشتباه أن
كان عالما عادلا ساغ له اجتهاده: وقال لو شرط
الصلوات الخمس على أهل مدرسة في القدس كان
الأفضل لأهلها أن يصلوا في الأقصى الصلوات
الخمس ولا يقف استحقاقهم على الصلاة في
المدرسة وكان يفتى به ابن عبد السلام وغيره
انتهى - وأن خصص المدرسة بأهل مذهب أو بلد أو
قبيلة تخصصت وكذلك الرباط والخانقاه كالمقبرة
وأما المسجد فأن عين لأمامته أو نظره أو
الخطابة شخصا تعين وأن خصص الإمامة بمذهب
تخصصت به ما لم يكن في شيء من أحكام الصلاة
مخالفا لصريح السنة أو ظاهرها سواء كان لعدم
الإطلاع أو تأويل وأن خصص المصلين فيه بمذهب
لم يختج / 3 ص - خلافا لصاحب التلخيج / 3 ص -
قال الشيخ قول الفقهاء: نصوص الواقف كنصوص
الشارع: يعني في الفهم والدلالة لا في وجوب
العمل مع أن التحقيق أن لفظه ولفظ الموصي
والحالف والناذر وكل عاقد يحمل على عادته في
خطابه ولغته التي يتكلم بها وافقت لغة العرب
أو لغة الشارع أولا: وقال والشروط إنما يلزم
الوفاء بها إذا لم تفض إلى الإخلال بالمقصود
الشرعي ولا تجوز المحافظة على
ج /
3 ص -12-
بعضها مع فوات المقصود بها وقال: ومن شرط في
القربات أن يقدم فيها الصنف المفضول فقد شرط
خلاف شرط الله كشرطه في الإمامة غير إلا علم
وقال لا يجوز أن ينزل فاسق في جهة دينية
كمدرسة وغيرها مطلقا لأنه يجب الإنكار وعقوبته
فكيف ينزل وقال أيضا أن نزل مستحق تنزيلا
شرعيا لم يجر صرفه بلا موجب صرعى وقال: في
واقف وقف مدرسة وشرط ألا يصرف ريعها لمن له
وظيفة بجامكية ولا مرتب في جهة أخرى أي جامكية
في مكان آخر أن لم يكن في الشرط مقصود شرعي
خالص أو راجح كان باطلا كما لو شرط عليهم نوعا
من المطعم والملبس والمسكن الذي لم تستحبه
الشريعة ولا يمنعهم الناظر من تناول كفايتهم
من جهة أخرى مرتبون فيها وليس هذا إبطالا
للشرط لكنه ترك للعمل به انتهى - وأن شرط ألا
ينزل فاسق ولا شرير ولا متجوه ونحوه عمل به -
قال الشيخ الجهات الدينية مثل الخوانق
والمدارس وغيرها لا يجوز أن ينزل فيها فاسق
سواء كان فسقه بظلمه الخلق وتعديه عليهم بقوله
وفعله أو فسقه بتعديه حدود الله يعني ولو لم
يشرطه الواقف وهو صحيح وقال: لو حكم حاكم
بمحضر لوقف فيه شروط ثم ظهر كتاب الوقف غير
ثابت وجب ثبوته والعمل به أن أمكن وقال: أيضا
لو أقر الموقوف عليه أنه لا يستحق في هذا
الوقف إلا مقدارا معلوما ثم ظهر شرط الواقف
بأنه يستحق أكثر حكم له بمقتضى شرط الواقف ولا
يمنع من ذلك الإقرار المتقدم انتهى - ولو سبل
ماء للشرب لم يجز الوضوء منه ولا الغسل قال في
الفروع
ج /
3 ص -13-
فشرب ماء موقوف للوضوء يتوجه عليه وأولى ويجوز
للأغنياء الشرب من الماء الذي يسقي في السبيل
ويجوز ركوب الدابة لسقيها وعلفها.
فصل: ويرجع إلى شرطه أيضا في الناظر فيه
فصل: ويرجع إلى شرطه أيضا في الناظر فيه
والإنفاق عليه وسائر أحواله فأن عين الإنفاق
عليه من غلته أو غيرها عمل به وأن لم يعينه
وكان ذا روح فمن غلته فأن لم يكن له غله فعلى
الموقوف عليه المعين فأن تعذر بيع وصرف في عين
أخرى تكون وقفا لمحل الضرورة فأن عدم الغلة
لكونه ليس من شأنه أن يؤجر كالعبد يخدمه
والفرس يغزو عليه أو يركبه أو جر بقدر نفقته
وكذا لو احتاج خان مسبل أو دار موقوفة لسكنى
الحاج أو الغزاة إلى مرمة أو جر منه بقدر ذلك
وأن كان الوقف على غير معين كالمساكين ونحوهم
فنفقته في بيت المال فأن تعذر بيع كما تقدم
وأن مات العبد فمؤنة تجهيزه على ما قلنا في
نفقته على ما تقدم وأن كان ما لا روح فيه
كالعقار ونحوه لم تجب عمارته على أحد إلا بشرط
كالطلق فأن شرط الواقف عمارته عمل به مطلقا
ومع الإطلاق تقدم على أرباب الوظائف - وقال
الشيخ الجمع بينهما حسب الإمكان أولى وللناظر
الأستدانة على الوقف بلا إذن حاكم لمصلحة
كشرائه للوقف نسيئة أو بنقد لم يعينه ويتعين
صرف الوقف إلى الجهة التي عينها الواقف ويجوز
صرف الموقوف على بناء المسجد لبناء منارته
وإصلاحها وبناء منبره وأن يشتري منه سلم للسطح
وأن يبني منه ظلة ولا يجوز في بناء مرحاض
وزخرفة مسجد ولا في شراء مكانس1
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لأن المرحاض والمكانس لا تدخل في بناء
المسجد.
ج /
3 ص -14-
ومجارف - قال الحارثي: وأن وقف على مسجد أو
مصالحه جاز صرفه في نوع العمارة وفي مكانس
ومجارف ومساحي وقناديل ووقود ورزق إمام ومؤذن
وقيم: وفي فتاوى الشيخ إذا وقف على مصالح
الحرم وعمارته فالقائمون بالوظائف التي يحتاج
إليها المسجد من التنظيف والحفظ والفرش وفتح
الأبواب وإغلاقها ونحو ذلك يجوز الصرف إليهم
وما يأخذه الفقهاء من الوقف كرزق من بيت المال
لا كجعل ولا كأجرة في أصحها: قال وكذلك المال
الموقوف على أعمال البر والموصى به أو المنذور
وقال أيضا من أكل المال بالباطل قوم لهم رواتب
أضعاف حاجاتهم: وقوم لهم جهات معلومها كثير
يأخذونه ويستنيبون بيسير قال: والنيابة في مثل
هذه الأعمال المشروطة جائزة ولو عينه الواقف
إذا كان النائب مثل مستنيبه وقد يكون في ذلك
مفسدة راجحة - كالأعمال المشروطة في الإجارة
على عمل في الذمة.
فصل: فأن لم يشترط ناظرا أو شرطه لإنسان
فصل: فأن لم يشترط ناظرا أو شرطه لإنسان فمات
فليس للواقف ولاية النصب ويكون النظر للموقوف
عليه أن كان آدميا معينا وجمعا محصورا: كل
واحد على حصته وغير المحصور كالوقف على جهة لا
تنحصر كالفقراء والمساكين أو على مسجد أو
مدرسة أو رباط أو قنطرة ونحو ذلك فللحاكم أو
من يستنيبه ووظيفة الناظر حفظ الوقف وعمارته
وإيجاره وزرعه ومخاصمة فيه وتحصيل ريعه من
أجرة أو زرع أو ثمر والاجتهاد في تنميته وصرفه
في جهاته من عمارة وإصلاح وإعطاء مستحق ونحوه
وله وضع يده عليه والتقرير في وظائفه ذكروه في
ج /
3 ص -15-
ناظر المسجد فينصب من يقوم بوظائفه من إمام
ومؤذن وقيم وغيرهم كما أن للناظر الموقوف عليه
نصب من يقوم بمصلحته من جاب ونحوه وأن أجر
الناظر بأنقص من أجرة المثل صح وضمن النقص ولا
تنفسخ الإجارة لو طلب بزيادة - قال المنقح لو
غرس أو بنى فيما هو وقف عليه وحده فهو له
محترم وأن كان شريكا أو له النظر فقط فغير
محترم ويتوجه أن أشهد وإلا فللوقف ولو غرسه
للوقف أو من الوقف فوقف ويتوجه في غرس أجنبي
أنه للوقف بنيته انتهى - ويأكل ناظر الوقف
بمعروف نصا وظاهره ولو لم يكن محتاجا قاله في
القواعد - وقال الشيخ له أخذ أجرة عمله مع
فقره - وتقدم في الحجر - ويشترط في الناظر
المشروط إسلام وتكليف وكفاية في التصرف وخبرة
فيه وقوة عليه لا الذكورية ولا العدالة ويضم
إلى ضعيف قوي أمين فأن كان التنظر لغير
الموقوف عليه أو لبعضهم وكانت ولايته من حاكم
أو ناظر فلا بد من شرط العدالة فيه فأن لم يكن
عدلا لم تصح ولايته وأزيلت يده فأن فسق أو أصر
متصرفا بخلاف الشرط الصحيح عالما بتحريمه فسق
وأزيلت يده فأن عاد إلى أهليته عاد حقه كما لو
صرح به وكالموصوف قاله الشيخ - وقال: متى فرط
سقط مما له بقدر ما فوته من الواجب - وفي
الأحكام السلطانية في العامل يستحق ما له أن
كان معلوما فأن قصر فترك بعض العمل لم يستحق
ما قابله وأن كان بجناية منه استحقه ولا يستحق
الزيادة وأن كان مجهولا أجرة مثله فأن كان
مقدرا في الديوان وعمل به جماعة فهو أجرة
المثل وأن شرط لناظر أجرة فكلفته عليه
ج /
3 ص -16-
حتى يبقى أجرة مثله وأن لم يسم له شيئا فقياس
المذهب أن كان مشهورا بأخذ الجاري على عمله
فله جاري عمله وإلا فلا شيء له وله الأجرة من
وقت نظر فيه وأن كانت ولايته من واقف وهو فاسق
أو عدل ففسق صح وضم إليه أمين وأن كان النظر
للموقوف عليه إما بجعل الواقف النظر له أو
لكونه أحق به لعدم ناظر فهو أحق بذلك إذا كان
مكلفا رشيدا رجلا كان أو امرأة عدلا أو فاسقا
لأنه ينظر لنفسه وأن كان الوقف لجماعة رشيدين
فالنظر للجميع: لكل إنسان في حصته فأن كان
الموقوف عليه صغيرا أو سفيها أو مجنونا قام
وليه في النظر مقامه كملكه الطلق ولو شرط
الواقف النظر لغيره ثم عزله لم يصح عزله إلا
أن يشترطه لنفسه فأن شرط النظر لنفسه ثم جعله
لغيره أو أسنده أو فوضه إليه فله عزله ولناظر
بالأصالة وهو الموقوف عليه والحاكم نصب ناظر
وعزله وأما الناظر المشروط فليس له نصب ناظر
ولا الوصية بالنظر ما لم يكن مشروطا له ولو
أسند النظر إلى اثنين فأكثر أو جعله الحاكم أو
الناظر إليهما لم يصح تصرف أحدهما مستقلا بلا
شرط وأن شرطه لكل منهما صح واستقل به ولو
تنازع ناظران في نصب إمام نصب أحدهما زيدا
والآخر عمرا أن لم يستقلا لم تنعقد الإمامة
وأن استقلا وتعاقبا انعقدت للأسبق وأن اتحدا
أو استوى المنصوبان قدم أحدهما بقرعة ولا نظر
لحاكم مع ناظر خاص لكن للحاكم النظر العام
فيعترض عليه أن فعل ما لا يسوغ وله ضم أمين
إليه مع تفريطه أو تهمته ليحصل المقصود وأن
شرط الواقف ناظرا أو مدرسا ومعيدا وإماما لم
يجز أن يقوم شخص
ج /
3 ص -17-
بالوظائف كلها وتنحصر فيه - وقال الشيخ أن
أمكن أن يجمع بين الوظائف لواحد فعل - وما
بناه أهل الشوارع والقبائل من المساجد
فالإمامة لمن رضوا به لا اعتراض للسلطان عليهم
وليس لهم بعض الرضا به عزله ما لم يتغير حاله
وليس له أن يستنيب أن غاب - قال الحارثي وإلا
صح أن للإمام النصب أيضا لكن لا ينصب إلا برضا
الجيران وكذلك الناظر الخاص لا ينصب من لا
يرضاه الجيران وقال أيضا ليس لأهل المسجد مع
وجود إمام أو نائبه نصب ناظر في مصالحه ووقفه
فأن لم يوجد كالقرى الصغار والأماكن النائية
أو وجد وكان غير مأمون أو ينصب غير مأمون فلهم
النصب تحصيلا للغرض ودفعا للمفسدة وكذا ما
عداه من الأوقاف لأهله نصب ناظر فيه لذلك وأن
تعذر النصب من جهة هؤلاء فلرئيس القرية أو
المكان النظر والتصرف - وأن نزل مستحق تنزيلا
شرعيا لم يجز صرفه منه بلا موجب شرعي وتقدم
قريبا ومن لم يقم بوظيفته غيره من له الولاية
لمن يقوم بها إذا لم يتب الأول ويلتزم الواجب
ولا يجوز أن يؤم في المساجد السلطانية وهي
الكبار الأمن ولاه السلطان أو نائبه لئلا
يفتات عليه فيما وكل إليه - قال القاضي وأن
غاب من ولاه فنائبه أحق ثم من رضيه أهل المسجد
لتعذر إذنه - وأن علق الواقف الاستحقاق بصفة
استحق من اتصف بها فأن زالت منه زال استحقاقه
فلو وقف على المشتغلين بالعلم استحق من اشتغل
به فأن ترك الاشتغال زال استحقاقه فأن عاد
استحقاقه وأن شرط الواقف في الصرف الناظر
للمستحق كالمدرس والمعيد
ج /
3 ص -18-
والمتفقهة بالمدرسة مثلا فلا أشكال في توقف
الاستحقاق على نصب الناظر له وأن لم يشترط بل
قال ويصرف الناظر إلى مدرس أو معيد أو متفقهة
بالمدرسة لم يتوقف الاستحقاق على نصب بل لو
انتصب مدرس أو معيد بالمدرسة وأذعن له الطلبة
بالاستفادة وتأهل لذلك استحق ولم تجز منازعته
لوجود الوصف المشروط وكذا لو أقام طالب
بالمدرسة متفقها ولو لم ينصبه ناصب كذا لو شرط
الصرف المطلق إلى إمام مسجد أو مؤذن أو قيمه
فأم إمام ورضيه الجيران أو قام بخدمة المسجد
قائم ونحو ذلك قال الشيخ: ولو وقف على مدرس
وفقهاء فللناظر ثم الحاكم تقدير أعطيتهم فلو
زاد النماء فهو لهم وليس تقدير الناظر أمرا
حتما كتقدير الحاكم بحيث لا يجوز له أو لغيره
زيادته ونقصه لمصلحة - وأن قيل أن المدرس لا
يزاد ولا ينقص بزيادة النماء ونقصه للمصلحة
كان باطلا لأنه لهم فالحكم بتقديم مدرس أو
غيره باطل لم نعلم أحد يعتد به قال به ولا بما
يشبهه ولو نفذه حاكم وإنما قدم القيم ونحوه
لأن ما يأخذه أجرة ولهذا يحرم أخذه فوق أجرة
مثله بلا شرط - قال في الفروع: وجعل الإمام
والمؤذن كالقيم بخلاف المدرس والمعيد والفقهاء
فأنهم من جنس واحد وقال الشيخ أيضا: لو عطل
مغل مسجد سنة تقسطت الأجرة المستقبلة عليها
وعلى السنة الأخرى لتقوم الوظيفة فيهما فأنه
خير من التعطيل ولا ينقص الإمام بسبب تعطيل
الزرع بعض العام قال في الفروع فقد أدخل مغل
سنة في سنة وأفتى غير واحد منا في زمننا فيما
نقص عما قدره الواقف كل شهر أنه يتمم مما بعد
وحكم به بعضهم
ج /
3 ص -19-
بعد سنين ورأيت غير واحد لا يراه انتهى - ومن
شرط لغيره النظر أن مات فعزل نفسه أو فسق
فكموته لأن تخصيصه للغالب وأن شرط النظر
للأفضل من أولاده فهو له فأن أبى القبول أنتقل
إلى من يليه فأن تعين أحدهم أفضل ثم صار فيهم
من هو أفضل أنتقل إليه لوجود الشرط فيه فأن
استوى اثنان اشتركا وللإمام النصب لأجل
المصالح العامة قال الشيخ أن أطق النظر لحاكم
شمل أي حاكم سواء كان مذهبه مذهب حاكم البلد
زمن الواقف أو لا وإلا لم يكن له النظر إذا
انفرد وهو باطل اتفاقا انتهى - فأن تعدد
الحكام كان للسلطان أن يوليه من شاء من
المتأهلين ولو فوضه حاكم لم يحز لآخر نقضه
وتعين بصرف الوقف فلا يصرف في غيره وأن شرط
الواقف ألا يؤجر وقفه صح واتبع شرطه وكذا لو
شرط ألا يزاد في عقد الإجارة على مدة قدرها
ولا اعتراض لأهل الوقف على من ولاه الواقف أمر
الوقف إذا كان أمينا ولم مساءلته عما يحتاجون
إلى علمه من أمور وقفهم حتى يستوي علمهم فيه
وعلمه ولهم مطالبته بإنتساخ كتاب الوقف لتكون
نسخة في أيديهم وثيقة وله إنتساخه والسؤال عن
حاله وأجرة تسجيل كتاب الوقف من الوقف ولولي
الأمر أن ينصب ديوانا مستوفيا لحساب أموال
الأوقاف عند المصلحة كما له أن ينصب دواوين
لحساب الأموال السلطانية كالفيء وغيره وله أن
يفرض له على عمله ما يستحقه مثله من مال يعمل
بمقدار ذلك المال وإذا قام المستوفي بما عليه
من العمل استحق ما فرض له ولو وقف داره على
مسجد وعلى إمام يصلي فيه
ج /
3 ص -20-
كان للإمام نصف الريع كما لو وقفها على زيد
وعمرو ولو وقفها على مساجد القرية وعلى إمام
يصلي في واحد منها كان الريع بينه وبين كل
المساجد نصفين.
فصل: وأن وقف على ولده أو أولاده أو ولد غيره
فصل: وأن وقف على ولده أو أولاده أو ولد غيره ثم على المساكين فهو
لولده الذكور والأناث والخناثي بينهم بالسوية
وأن حدث للواقف ولد بعد وقفه استحق كالموجودين
- اختاره ابن أبي موسى وأفتى به ابن الزغواني
وهو ظاهر كلام القاضي و ابن عقيل و جزم به في
المبهج خلافا لما في التنقيح - ويدخل ولد بنيه
وجد وإحالة الوقف أولا ولا يدخل ولد البنات
كوصية ويستحقونه مرتبا كقوله بطنا بعد بطن وأن
قال وقفت على ولدي وولد ولدي ما تناسلوا
وتعاقبوا الأعلى فالأعلى والأقرب أو الأول
فالأول أو البطن الأول ثم البطن الثاني أو على
أولادي ثم على أولادي أو على أولادي فإذا
انقرضوا فعلى أولاد أولادي فترتيب جملة على
مثلها لا يستحق البطن الثاني شيئا قبل انقراض
الأول وكذا قوله قرنا بعد قرنا قاله في
التلخيص ولو قال بعد الترتيب على أولاده ثم
على أنسالهم وأعقابهم استحقه أهل العقب مرتبا
لا مشتركا ولو رتب بين أولاده وأولادهم بثم:
ثم قال ومن توفي عن ولد فنصيبه لولده استحق كل
ولد بعد أبيه نصيبه ولو قال على أولادي ثم على
أولاد أولادي على أنه من توفي منهم عن غير ولد
فنصيبه لأهل درجته استحق كل ولد نصيب أبيه
بعده كالتي قبلها ومتى بقي واحد من البطن
الأول كان الجميع له وكذا حكم وصية
ج /
3 ص -21-
إذا وجدوا موت الموصي فأن كان ولده أو ولد
غيره قبيلة ليس فيهم أحد من صلبه أو قال على
أولادي أو ولدي وليس له إلا أولاد أولاد أو
قال: ويفضل الولد الأكبر أو الأفضل أو الأعلم
على غيرهم أو قال فإذا خلت الأرض من عقبي عاد
إلى المساكين أو قال على ولد ولدي غير ولد
البنات أو غير ولد فلان أو قال يفضل البطن
الأعلى على الثاني أو عكسه أو يفضل الأعلى
فالأعلى وأشباه ذلك أو قال على أولادي
وأولادهم فلا ترتيب واستحقوا مع آبائهم وأن
قال على أولادي وأولادهم ما تعاقبوا وتناسلوا
على أ ه من مات منهم عن ولد عاد ما كان جاريا
عليه على ولده كان دليلا على الترتيب بين كل
والد وولده فإذا مات عن ولد انتقل إلى ولده
سهمه سواء بقي من البطن الأول أحدا أو لم يبق
وأن رتب بعضهم دون بعض فقال على أولادي ثم على
أولادي وأولادهم ما تناسلوا وتعاقبوا أو على
أولادي وأولاد أولادي وأولاد أولادهم ما
تناسلوا ففي المسألة الأولى يختص به الأولاد
فإذا انقرضوا صار مشتركا بين من بعدهم وفي
الثانية يشترك البطنان الأولان دون غيرهم فإذا
انقرضوا اشترك فيه من بعدهم وإذا قال على ولدي
وولد ولدي ثم على المساكين دخل البطن الأول
والثاني ولم ويدخل الثالث وأن قال على ولدي
وولد ولدي دخل ثلاثة بطون دون من بعدهم ولو
كان له ثلاثة بنين فقال وقفت على ولدي فلان
وفلان وعلى ولد ولدي كان الوقف على المسميين
وأولادهما وأولاد الثالث الذي لم يذكره لدخوله
في عموم ولدي ولا شيء للثالث وكذا على ولدي
فلان وفلان يشمل ولد ولده وإذا
ج /
3 ص -22-
وقف على فلان فإذا انقرض أولاده فعلى المساكين
كان من بعد موت فلان لأولاده ثم من بعدهم
للمساكين ولا يدخل وله البنات إلا بصريح كقوله
على أن لولد الإناث سهما ولولد الذكور سهمين
ونحوه أو بقرينه كقوله من مات منهم عن ولد
فنصيبه لولده أو قال على ولدي فلان وفلان
وفلانة وأولادهم أو قال فإذا خلت الأرض ممن
ينسب إلى من قبل أب أو أم فللمساكين أو قال
على البطن الأول من أولادي ثم على الثاني
والثالث وأولادهم والبطن الأول بنات ونحو ذلك
فأن قيد فقال على أولادي لصلى أو من ينتسب لي
لم يدخلوا وأن رتب بين أولاده وأولادهم بثم ثم
قال ومن مات عن ولد فنصيبه لولده استحق كل ولد
بعد أبيه نصيب أبيه الأصلي والعائد مثل أن
يكون ثلاثة أخوة فيموت أحدهم عن ولد ويموت
الثاني عن غير ولد فنصيبه لأخيه الثالث فإذا
مات الثالث عن ولد استحق جميع ما كان في يد
أبيه من الأصلي والعائد إليه من أخيه وبالواو
للاشتراك1 فإذا زاد على أنه أن توفي أحد من
أولاد الموقوف عليه ابتداء في حياة والده وله
ولد ثم مات الأب عن أولاده لصلبه وعن ولد
لصلبه الذي مات أبوه قبل استحقاقه فله معهم ما
لأبيه لو كان حيا فهو صريح في ترتيب الأفراد
وأن قال على أن نصيب من مات عن غير ولد لمن في
درجته والوقف مرتب فهو لأهل البطن الذي هو
منهم من أهل الوقف وكذا أن كان مشتركا بين
البطون فأن لم يوجد في درجته أحد فكما لو لم
يذكر الشرط فيشترك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 عطف على قوله سابقا رتب بين أولاده وأولادهم
بثم.
ج /
3 ص -23-
الجميع في مسألة الاشتراك ويختص الأعلى به في
مسألة الترتيب وأن كان الوقف على البطن الأولى
على أن نصيب من مات منهم من غير ولد لمن في
درجته فكذلك فيستوي في ذلك كله أخوته وبنو عمه
وبنو بني عم أبيه ونحوهم إلا أن يقول يقدم
الأقرب فالأقرب إلى المتوفى ونحوه فيختص به
وليس من الدرجة من هو أعلى ولا أنزل وإن شرط
أن نصيب المتوفى عن غير ولد لمن في درجته
استحقه أهل الدرجة وقت وفاته وكذا من سيوجد
منهم فأن حدث من هو أعلى من الموجودين وكان
الشرط في الوقف استحقاق الأعلى فالأعلى أخذه
منهم
فصل: والمستحب أن يقسم الوقف على أولاده
فصل: والمستحب أن يقسم الوقف على أولاده للذكر مثل حظ الأنثى واختار
الموفق مثل حظ الأنثيين فأن فضل بعضهم على بعض
أو خص بعضهم بالوقف دون بعض فأن كان على طريق
الأثرة كره1 وأن كان على أن بعضهم له عيال أو
به حاجة أو خص المشتغلين بالعلم أو ذا الدين
دون الفساق أو المريض أو من له فضيلة من أجل
فضيلته فلا بأس وأن وقف على بنيه أو بني فلان
اختص به الذكور إلا أن يكونوا قبيلة فيدخل فيه
النساء دون أولادهن من غيرهم - والحفيد والسبط
ولد الابن والبنت - ولا يدخل مولى بني هاشم في
الوصية لهم لأنه ليس منهم حقيقة ولو قال
الهاشمي على أولادي وأولاد أولادي الهاشميين
لم يدخل من أولاد بنته من ليس هاشميا ويجدد حق
حمل بوضعه من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لأن ذلك يحدث التنافس بين المستحقين ويبعثهم
على التقاطع وهذا لا يلائم القربة المقصودة.
ج /
3 ص -24-
ثمر وزرع كمشتر وتقدم أول الباب ويشبه الحمل
أن قدم إلى ثغر موقوف عليه فيه أو خرج منه إلى
بلد موقوف عليه فيه وقيامه من نزل في مدرسة
ونحوه وشجر الجوز الموقوف أن أدرك أن قطعه في
حياة البطن الأول فهو له وأن مات وبقي في
الأرض مدة حتى زاد كانت الزيادة حادثة من
منفعة الأرض التي للبطن الثاني ومن الأرض التي
لورثة الأول فإما أن تقسم الزيادة على قدر
القيمتين وإما أن يعطي الورثة أجرة الأرض
للبطن الثاني وأن غرسه البطن الأول من مال
الوقف ولم يدرك إلا بعد انتقاله إلى البطن
الثاني فهو لهم وليس لورثة الأول فيه شيء -
قاله الشيخ - وأن وقف على عقبه أو نسله أو ولد
ولده أو ذريته دخل فيه ولد البنين وأن نزلوا
ولا يدخل ولد البنات بغير قرينة كما تقدم1 وأن
وقف على قرابته أو قرابة فلان فهو للذكر
والأنثى من أولاده وأولاد أبيه وجده وجد أبيه:
أربعة آباء: يستوي فيه ذكر وأنثى وصغير وكبير
وغني وفقير ولا يدخل فيه من يخالف دينه دينه
كما يأتي قريبا ولا أمة ولا قرابته من قبلها
إلا أن يكون في لفظه ما يدل على إرادة ذلك
كقوله ويفضل قرابتي من جهة أبي على قرابته من
جهة أمي أو قوله إلا ابن خالتي فلانا أو نحو
ذلك أو قرينة تخرج بعضهم عمل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ذهب كثير ممن يعتد بهم من علماء المذهب إلى
دخول البنات كاولاد البنين. واستدلوا لذلك
بأدلة منها قول النبي صلى الله عليه وسلم في
الحسين بن السيدة فاطمة: "إن ابني هذا سيد:
ولكن تأول الآخرون في هذه الأدلة ورجحوا ما
ذهب إليه المصنف.
ج /
3 ص -25-
بها - ويأتي في الوصايا حكم أقرب قرابته أو
الأقرب إليه - وأهل بيته وقومه ونسباؤه وأهل
وآلة كقرابته والعترة العشيرة وهي قبيلته وذوو
رحمه قرابته من جهة أبويه ولو جاوزوا أربعة
آباء فيصرف إلى كل من يرث بفرض أو عصبة أو
بالرحم والأشراف أهل بيت النبي صلى الله عليه
وسلم - قال الشيخ: وأهل العراق كانوا لا يسمون
شريفا إلا من كان من بني العباس وكثير من أهل
الشام وغيرهم لا يسمون شريفا إلا من كان علويا
انتهى - وجمع المذكر السالم كالمسلمين وضميره
يشمل النساء لا عكسه وأن قال لجماعة أو لجمع
من الأقرب إليه فثلاثة ويتمم مما بعد الدرجة
الأولى والأيامي والعزاب والبكر والثيب
والعانس والأخوة والعمومة يشمل الذكر والأنثى
والأخوات للإناث اللاتي فارقهن أزواجهن بموت
أو حياة وبكر ومن لم يتزوج ورجل ثيب وامرأة
ثيبة إذا كانا قد تزوجا والثيوبة زوال البكارة
ولو من غير زوج والرهط ما دون العشرة من
الرجال خاصة لغة وأهل الوقف المتناولون له
والعلماء حملة الشرع من غني وفقير: لاذ وأدب
ونحو ولغة وتصريف وعلم كلام وطب وحساب وهندسة
وهيئة وتعبير رؤيا وقراءة قرآن وإقرائه
وتجويده وذكر ابن رزين فقهاء ومتفقهة كعلماء
وأهل الحديث من عرفه ولو حفظ أربعين حديثا لا
من سمعه والقراء الآن حفاظ القرآن وفي الصدر
الأول هم الفقهاء وأعقل الناس الزهاد - قال
ابن الجوزي: وليس ما الزهد ترك ما يقيم النفس
ج /
3 ص -26-
ويصلح أمرها ويعينها على طريق الآخرة فأنه زهد
الجهال وإنما هو ترك فضول العيش وما ليس
بضرورة في بقاء النفس وعلى هذا كان النبي صلى
الله عليه وسلم وأصحابه - واليتيم من لم يبلغ
ولا أب له ولو جهل بقاء أبيه فالأصل بقاؤه في
ظاهر كلامهم وأن وقف على أهل قريته أو قرابته
أو أخوته ونحوهم أو وصى لهم لم يدخل فيهم من
يخالف دينه إلا بقرينة كالصريح وإن كانوا كلهم
كفارا وفيهم مسلم واحد والباقي كفار والواقف
مسلم دخلوا1 وإن كان فيهم كافر على غير دين
الواقف الكافر لم يدخل وإن وقف على جماعة
حصرهم واستيعابهم وجب تعميمهم والتسوية بينهم
كما لو أقر لهم وإن أمكن حصرهم في ابتدائه ثم
تعذر كوقف على رضي الله عنه عمم من أمكن منهم
وسوى بينهم وإن لم يمكن حصرهم ابتداء
كالمساكين والقبيلة الكبيرة كبني هاشم وبني
تميم جاز التفضيل والاقتصار على واحد منهم
كالوقف على المسلمين كلهم أو على إقليم كالشام
ومدينة كدمشق وأن وقف على الفقراء أو المساكين
تناول الآخر2 ومن وجد فيه صفات استحق بها ولو
وقف على أصناف الزكاة أو صنفين فأكثر أو
الفقراء أو المساكين جاز الاقتصار على صنف
كزكاة ولا يعطي فقير أكثر مما يعطاه من زكاة3
وإن وقف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لأن إطلاق لفظ القرابة على واحد خاص من بين
هذا الجمع بعيد.
2 إذا ذكر أحد المصنفين وحده شمل الآخر وان
ذكرا معاً فبينهما فارق في المعنى وهذه قاعدة
في المذهب.
3 وهو ما يكفيه ويكفي عائلته سنة فقط.
ج /
3 ص -27-
على مواليه وله موال من فوق أو من أسفل اختص
الوقف بهم وأن كان له موال من فوق ومن أسفل
تناول جميعهم فيستوون فيه وإن عدم الموالي
لموالي العصبة والشاب والفتى من البلوغ إلى
الثلاثين والكهل من حد الشباب إلى الخمسين
والشيخ منها إلى السبعين والهرم منها إلى
الموت وأبواب البر والقرب كلها وأفضلها الغزو
ويبدأ به والوصية كالوقف في هذا الفصل ويأتي
في باب الموصى له ذكر ألفاظ لم تذكر هنا كلفظ
الجيران وأهل السكة وغير ذلك فليراجع هناك لأن
الوقف كالوصية.
فصل: والوقف عقد لازم لا يجوز فسخه
فصل: والوقف عقد لازم لا يجوز فسخه بإقالة ولا
غيرها ويلزم بمجرد القول بدون حكم حاكم ولا
يصح بيعه ولا هبته ولا المناقلة به نصا إلا أن
تتعطل منافعه المقصودة منه بخراب أو غيره بحيث
لا يورد شيئا أو يورد شيئا لا يعد نفعا وتتعذر
عمارته وعود نفعه ولو مسجدا حتى بضيقه على
أهله وتعذر توسيعه أو خراب محلته أو كان موضعه
قذرا فيصح بيعه وشجرة يبست وجذع انكسر أو بلى
أو خيف الكسر أو الهدم وبيع ما فضل من نجارة
خشبه ونحاتته ولو شرط عدمه إذن فشرط فاسد
ويصرف ثمنه في مثله أو بعض مثله في جهته وهي
مصرفه فأن تعطلت صرف في جهة مثلها فإذا وقف
على الغزاة في مكان فتعطل فيه الغزو وصرف إلى
غيرهم من الغزاة في مكان آخر كما سيأتي قريبا
ويجوز نقل آلة المسجد الذي يجوز بيعه وانقاضه
إلى مثله أن احتاجها وهو أولى من بيعه ويصير
حكم المسجد للثاني ويصح بيع بعضه لا صلاح ما
بقي أن اتحد الواقف كالجهة أن كان عينين أو
عينا ولم تنقص القيمة بتشقيص وإلا
ج /
3 ص -28-
بيع الكل وأفتى عبادة بجواز عمارة وقف من آخر
أي من ريعه على جهته ويجوز اختصار آنية إلى
أصغر منها وإنفاق الفضل على الإصلاح ويجوز
تجديد بناء المسجد لمصلحة لا قسمه مسجدين
ببابين إلى دربين مختلفين ويجوز نقض منارته
جعلها في حائطه لتحصينه وحكم فرس حبيس إذا لم
يصلح لغزو وكوقف فيباع ويشترى بثمنه ما يصلح
للغزو وبمجرد شراء البدل يصير وقفا كبدل أضحية
ورهن أتلف والاحتياط وقفه ويبيعه حاكم أن كان
على سبل الخيرات وإلا فناظره الخاص والأحوط
إذن حاكم له فأن عدم فحاكم ويجوز بيع آلته
وصرفها في عمارته وما فضل عن حاجة المسجد من
حصره وزيته ومغله وانقاضه وآلته وثمنها جاز
صرفه إلى مسجد آخر محتاج والصدقة بها على
فقراء المسلمين - قال الشيخ: وفي سائر المصالح
وبناء مساكن لمستحق ريعه القائم بمصلحته -
وفضل غلة موقوف على معين استحقاقه مقدر يتعين
إرصاده ذكره أبو الحسين واقتصر عليه الحارثي -
قال الشيخ: أن علم أن ريعه يفضل دائما وجب
صرفه لأن بقاءه فساد وإعطاؤه فوق ما قدر له
الواقف جائز قال: ولا يجوز لغير الناظر صرف
الفاضل ومن وقف على ثغر فاختل صرف في ثغر مثله
وعلى قياسه مسجد ورباط ونحوهما ونص فيمن وقف
على قنطرة فانحرف الماء أو انقطع: يرصد لعله
يرجع ويحرم حفر بئر وغرس شجرة في مسجد فأن فعل
قلعت وطمت فان لم تقلع فثمرها لمساكين المسجد
ويتوجه جواز حفر بئر إن كان فيه مصلحة ولم
يحصل به ضيق - قال في الرعاية: لم يكره أحمد
حفرها فيه - وإن
ج /
3 ص -29-
كانت الشجرة مغروسة قبل بنائه ووقفها معه فأن
عين مصرفها عمل به وإلا فكوقف منقطع ولا يجوز
نقل المسجد مع إمكان عمارته بدون العمارة
الأولى ويجوز رفعه إذا أراد أكثر أهله ذلك
وجعل تحت سفله سقاية وحوانيت - قال في الفنون:
لا بأس بتغيير حجارة الكعبة أن عرض لها مرمة
لأن كل عصر احتاجت فيه إليه قد فعل ولم يظهر
نكير ولو تعينت الآلة لم يجز كالحجر الأسود
ولا يجوز نقله ولا يقوم غيره مقامه ولا ينتقل
النسك معه ويكره نقل حجارتها عند عمارتها إلى
غيرها كما لا يجوز ضرب تراب المساجد لبناء في
غيره بطريق الأولى قال: ولا يجوز أن تعلى
أبنيتها زيادة على ما وجد من علوها قال في
الفروع: ويتوجه جواز البناء على قواعد عليه
الصلاة والسلام يعني إدخال الحجر في البيت لأن
النبي صلى الله عليه وسلم لولا المعارض في
زمنه لفعله كما في حديث عائشة قال ابن هبيرة
فيه: يدل على جواز تأخير الصواب لأجل قالة
الناس ورأى مالك و الشافعي تركه لئلا يصير
البيت ملعبة للملوك.
باب الهبة والعطية
الهبة تمليك جائز التصرف مالا معلوما أو
مجهولا تعذر علمه موجودا مقدورا على تسليمه
غير واجب في الحياة بلا عوض بما يعد هبة عرفا
من لفظ هبة وتمليك ونحوهما وتنعقد بإيجاب
وقبول وبمعطاة بفعل يقترن بما يدل عليها
فتجهيز ابنته بجهاز إلى زوجها تمليك وتقدم أول
البيع.
ج /
3 ص -30-
والعطية تمليك عين في الحياة بلا عوض
وهبة التلجئة باطلة توهب في الظاهر وتقبض مع
إتفاق الواهب والموهوب له على أنه ينزعه منه
إذا شاء ونحو ذلك من الحيل التي تجعل طريقا
إلى منع الوارث أو الغريم حقوقهم.
وأنواع الهبة صدقة وهدية ونحلة - وهي العطية -
ومعانيها متقاربة تجري فيها أحكامها فأن قصد
بإعطائه ثواب الآخرة فقط فصدقه وأن قصد إكراما
وتوددا ومكافاة فهدية وإلا فهبة وعطية ونحلة.
وهي مستحبة إذا قصد بها وجه الله تعالى كالهبة
للعلماء والفقراء والصالحين وما قصد به صلة
الرحم لا مباهاة ورياء وسمعة فتكره - قال
الشيخ: والصدقة أفضل الهبة إلا أن يكون في
الهبة معنى تكون به أفضل من الصدقة مثل
الإهداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم محبة
له ومثل الإهداء لقريب يصل به رحمه أو لأخ له
في الله فهذا قد يكون أفضل من الصدقة انتهى -
ووعاء هدية كهي مع عرف كقوصرة الثمر ومن أهدى
ليهدى له أكثر فلا بأس لغير النبي صلى الله
عليه وسلم.
ويعتبر أن تكون من جائز التصرف وهي كبيع في
تراخي قبول وتقدمه وغيرهما ولا تقتضي عوضا ولو
مع عرف كان يعطيه ليعارضه أو يقضي له حاجة وأن
شرط فيها عوضا معلوما صارت بيعا فيثبت فيها
خيار وشفعة ونحوهم وأن شرط ثوابا مجهولا لم
تصح الهبة وحكمها حكم البيع الفاسد ويردها
الموهوب له بزيادتها المتصلة والمنفصلة وأن
اختلفا في شرط عوض فقول منكر وأن قال وهبتني
ما بيدي وقال
ج /
3 ص -31-
بعتكه ولا بينة: حلف كل منهم على ما أنكر ولا
يصح البيع ولا الهبة ويصح أن يهب شيئا ويستثني
نفعه مدة معلومة وأن يهب أمة ويستثني ما في
بطنها وتلزم بقبضها بإذن واهب لا قبلهما ولو
في غير مكيل ونحوه إلا ما كان في يد متهب
كوديعة وعارية وغصب ونحوه فيلزم بعقد ولا
يحتاج إلى مدة يتأتى قبضه فيها ولا إلى إذن في
القبض ولا يصح قبض إلا بإذن واهب والإذن لا
يتوقف على اللفظ بل المناولة والتخلية إذن
ولواهب الرجوع في إذن وهبة قبل قبض مع الكراهة
ويبطل إذن الواهب بموت أحدهما ويقبض لطفل أبوه
فقط من نفسه فيقول وهبت ولدي كذا وقبضته له لا
يحتاج إلى قبول ولا يصح قبض طفل ولو مميزا ولا
قبض مجنون لأنفسهما ولا قبولهما بل وليهما
الأمين يقوم مقامهما ثم وصى ثم حاكم أمين كذلك
أو من يقيمونه مقامهم وعند عدمهم يقبض له من
يليه من أم وقريب وغيرهما نصا وتقدم آخر باب
ذكر أهل الزكاة لكن يصح منهما قبض المأكول
الذي يدفع مثله للصغير وأن كان الواهب لهما
أحد الثلاثة غير الأب لم يتول في طرفي العقد
وكل من يقبل ويقبض هو وأن كان الأب غير مأمون
أو مجنونا أو لا وصي له قبل له الحاكم ولو
أتخذ الأب دعوة ختان وحملت هدايا إلى داره فهي
له إلا أن يوجد ما يقتضي الاختصاص بالمختون
فيكون له وهذا كثياب الصبيان ونحوهما مما يختص
بهم وكذا لو وجد ما يقتضي اختصاص الأم فيكون
لها مثل كون المهدي من أقاربها أو معارفها
وخادم الفقراء الذي يطوف لهم في الأسواق ما
حصل له لا يختص به وما يدفع من
ج /
3 ص -32-
صدقة إلى شيخ زاوية أو رباط الظاهر أنه لا
يختص به وله التفضيل في القسم بحسب الحاجة وأن
كان الشيء يسيرا لم تجر العادة بتفريقه اختص
هوبه - ذكره الحارثي - والهبة من الصبي لغيره
باطلة ولو إذن فيها الولي وكذا السفيه وتجوز
من العبد بإذن سيده وله أن يقبل الهبة والهدية
بغير إذنه وأن مات واهب قبل إقباض ورجوع قام
وارثه مقامه في إذن ورجوع
وتبطل بموت متهب قبل القبض ولو وهب الغائب هبة
وأنفذها مع رسول الموهوب له أو وكيله ثم مات
الواهب أو الموهوب له قبل وصولها لزم حكمها
وكانت للموهوب له لأن قبضهما كقبضه وأن أنفذها
الواهب مع رسوله نفسه ثم مات قبل وصولها إلى
الموهوب له أو مات الموهوب له بطلت وكانت
للواهب أو وثته لعدم القبض وليس للرسول حملها
بعد موت الواهب إلى الموهوب له إلا أن يأذن
الوارث وكذا حكم هدية وأن مات المتهب أو
الواهب قبل القبول أو ما يقوم مقامه بطل العقد
فصل: وأن أبرأ غريم غريمه من دينه أو وهبه له
فصل: وأن أبرأ غريم غريمه من دينه أو وهبه له أو أحله منه أو أسقطه
عنه أو تركه أو ملكه له أو تصدق به عليه أو
عفا عنه صح وبرئت ذمته ولو كان المبرأ منه
مجهولا لهما أو لأحدهما سواء جهلا قدره أو
وصفه أو هما ولو لم يتعذر علمه أو لم يقبله
المدين أو رده أو كان قبل حلول الدين وأن
أبرأه ونحوه يعتقد أنه لا شيء له عليه ثم تبين
أن له عليه صحت البراءة كما تصح من المعلوم
وظاهر كلامهم عمومه في جميع الحقوق
ج /
3 ص -33-
المجهولة وصرح به في الفروع آخر القذف لكن لو
جهله ربه وعلمه من عليه الحق وكتمه خوفا من
أنه لو علمه لم يبرئه لم تصح البراءة وإن
أبرأه من درهم إلى ألف صح فيه وفيما دونه ولا
يصح الإبراء من الدين قبل وجوبه ومن صور
البراءة من المجهول لو أبرأه من أحدهما أو
أبرأ أحدهما ويؤخذ بالبيان ولا يصح مع إبهام
المحل كأبرأت أحد غريمي ولا تصح هبة الدين
لغير من هو في ذمته وتقدم آخر السلم وتصح هبة
المشاع من شريكه ومن غيره منقولا كان أو غيره
ينقسم أولا وإن وهب أو تصدق أو وقف أو وصى
بأرض أو باعها أحتاج أن يحدها كلها ويعتبر
لقبضه إذن الشريك وتقدم آخر الخيار في البيع
ويكون نصفه مقبوضا تملكا ونصف الشريك أمانة
وإن أذن له في التصرف مجانا فكعارية وإن كان
بأجرة فكمأجور وإن تصرف بلا إذن ولا إجارة أو
قبضه بغير إذن الشريك فكغاصب وتصح هبة مصحف
وكل ما يصح بيعه فقط واختار جمع وكلب ونجاسة
مباح نفعهما ولا تصح هبة مجهول لا يتعذر علمه
كالحمل في البطن واللبن في الضرع والصوف على
الظهر ومتى أذن له في جز الصوف وحلب الشاة كان
إباحة وأن وهب دهن سمسمه أو زيت زيتونه أو
جفته قبل عصرهما لم يصح ولو قال: خذا من هذا
الكيس ما شئت كان له أخذ ما به جميعا وخذا من
هذه الدراهم ما شئت لم يملك أخذها كلها ولا
تصح هبة المعدوم كالذي تحمله أمته أو شجرته
فأن تعذر علم المجهول صحت هبته كصلح ولا هبة
ما لا يقدر على تسلميه ولا تعليقها على شرط
مستقبل غير الموت نحو
ج /
3 ص -34-
إن مت - بفتح التاء - فأنت في حل فأن ضم التاء
صح وكان وصية ولا شرط ما ينافي مقتضاها نحو
ألا يبيعها ولا يهبها أو يشرط أن يبيعها أو
يهبها بشرط أن يهب فلانا شيئا وتصح هي ولا يصح
توقيتها كقوله وهبتك هذا سنة: إلا العمري
والرقي - وهما نوعان من أنواع الهبة يفتقران
إلى ما تفتقر إليه سائر الهبات كقوله أعمرتك
هذه الدار أو الفرس أو الجارية أو أرقبتكها أو
جعلتها لك عمرك أو حياتك أو ما حييت أو ما عشت
أو نحو هذا أو عمري أو رقي أو ما بقيت
أعطيتكها عمرك - ويقبلها فتصح وتكون للمعمر -
بفتح الميم - ولو رثته من بعده كتصريحه فأن لم
يكن له ورثة فلبيت المال وأن أضافها إلى عمر
غير لم تصح ونصه لا يطأ الجارية المعمرة وحمل
على الورع وأن شرط رجوعها بلفظ الأقارب أو
غيره إلى المعمر - بكسر الميم - عند موته أو
النية أن مات قبله أو إلى غيره فهي الرقي أو
رجوعها مطلقا أو إلى ورثته أو قال هي لآخرنا
موتا صح العقد دون الشرط وتكون للمعمر - بفتح
الميم - ولو رثته من بعده كالأول ولا ترجع إلى
المعمر والمرقب ولا يصح أعمار المنفعة ولا
أرقابها فلو قال سكني هذه الدار لك عمرك أو
غلة هذا البستان أو خدمة هذا العبد أو منحتك
عمرك فعارية له الرجوع فيها متى شاء في حياته
وبعد موته ويصح أعمار منقول وأرقابه من حيوان
كعبد وجارية ونحوهما وغير حيوان.
فصل: ويجب على الأب والأم وغيرهما التعديل
فصل: ويجب على الأب والأم وغيرهما التعديل بين
من يرث بقرابة من ولد وغيره في عطيتهم: لا في
شيء تافه: بقدر إرثهم إلا في
ج /
3 ص -35-
نفقة وكسوة فتجب النفقة - قال الشيخ لا يجب
على المسلم التسوية بين أولاد الذمة انتهى -
وله التخصيص بإذن الباقي فأن خص بعضهم أو فضله
بلا إذن إثم وعليه الرجوع أو إعطاء الآخر ولو
في مرض الموت حتى يستووا كما لو زوج أحد ابنيه
في صحته وأدى عنه الصداق ثم مرض الأب فأنه
يعطي ابنه الآخر كما أعطى الأول ولا يحسب من
الثلث لأنه تدارك للوجوب أشبه قضاء الدين وأن
مات قبل التسوية ثبت للمعطي ما لم تكن العطية
في مرض الموت والتسوية هنا القسمة للذكر مثل
حظ الأنثيين والرجوع المذكور يختص بالأب دون
الأم وغيرها وتحرم الشهادة على التخصيص
والتفضيل تحملا وأداء ولو بعد موت المخصص
والمفضل إن علم وكذا كل عقد مختلف فيه فاسد
عند الشاهد وتكره على عقد نكاح محرم بنسك
وتقدم في محظورات الإحرام وقيل إن أعطاه لمعنى
فيه من حاجة أو زمانه أو أعمى أو كثرة عائلة
أو لاشتغاله بالعلم ونحوه ومنع بعض ولده لفسقه
أو بدعته أو لكونه يعصي الله بما يأخذه ونحوه
جاز التخصيص أختاره الموفق وغيره ولا يكره قسم
ماله بين وراثه ولو أمكن أن يولد له فأن حدث
له وارث سوى بينه وبينهم وجوبا أو أن ولد له
ولد بعد موته استحب للمعطي أن يساوي المولود
الحادث بعد أبيه ويستحب التسوية بينهم في
الوقف وتقدم في باب الوقف وإن وقف ثلثه في
مرضه على بعض وارثه أو وصى بوقفه عليهم جاز
ويجري مجرى الوصية ولا يصح وقف مريض على أجنبي
أو وارث بزيادة على الثلث ولا يجوز لواهب ولا
يصح أن يرجع في هبته ولو صدقه وهدية
ج /
3 ص -36-
ونحلة أو نقوطا أو حمولة في عرس ونحوه أو تعلق
بالموهوب رغبة الغير بأن ناكح الولد أو داينه
لو جود ذلك بعد لزومها كالقيمة1 إلا الأب
الأقرب ولو أسقط حقه من الرجوع ولو أدعى اثنان
مولودا فوهباه أو وهبه أحدهما شيئا فلا رجوع
وأن ثبت اللحاق بأحدهما ثبت الرجوع.
ويشترط لرجوع الأب شروط ثلاثة: أحدها أن تكون
عينا باقية في ملك الابن فلا رجوع في دينه على
الولد بعد الإبراء ولا في منفعة أباحها له بعد
الاستيفاء كسكنى دار ونحوها فأن خرجت العين عن
ملكه ببيع أو هبة أو وقف أو بغير ذلك ثم عادت
إليه بسبب جديد كبيع أو هبة أو وصية أو إرث أو
نحوه لم يملك الرجوع وإن عادت كفسخ البيع بعيب
أو إقالة أو فلس المشتري أو بفسخ خيار الشرط
أو المجلس أو دبر العبد أو كاتبه ملك الرجوع
وهو مكاتب وما أخذه الابن من دين الكتابة لم
يأخذه منه أبوه.
الثاني: أن تكون العين باقية في تصرف الولد
فأن تلفت فلا رجوع في قيمتها وإن استولد الأمة
أو كان وهبها له للاستعفاف لم يملك الرجوع وإن
رهن العين أو أفلس وحجر عليه فكذلك فأن زال
المانع ملك الرجوع وكل تصرف لا يمنع الابن
التصرف في الرقبة كالوصيلة والهبة قبل القبض
والوطء المجرد عن الإحبال والتزويج والإجارة
والمزارعة عليها وجعلها مضاربة في عقد شركة لا
يمنع الرجوع وكذلك العتق المعلق وإذا رجع وكان
التصرف لازما كالإجارة والتزويج والكتابة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي لا يجوز له ذلك كما لا يجوز رجوعه بقيمة
الموهوب.
ج /
3 ص -37-
فهو باق بحاله وأن كان جائزا كالوصية والهبة
قبل القبض بطل والتدبير والعتق المعلق بصفة لا
يبقي حكمها في حق الأب ومتى عاد إلى الابن عاد
حكمها وأن وهبه الولد لولده لم يملك1 الرجوع
إلا أن يرجع هو
الثالث: ألا يزيد زيادة متصلة تزيد في قيمتها
كالسمن والكبر والحمل وتعلم صنعة أو كتابة أو
قرآن وأن زاد ببرئه من مرض أو صمم منع الرجوع
وأن اختلف الأب وولده في حدوث زيادة فقول الأب
ولا تمنع المنفصلة كولد البهيمة وثمرة الشجرة
وكسب العبد والزيادة للولد فأن كانت ولد أمة
امتنع الرجوع لتحريم التفريق وأن وهبه حاملا
فولدت في يد الابن فالولد زيادة متصلة وأن
وهبه حائلا ثم رجع فيها حاملا فأن زادت قيمتها
فزيادة متصلة وأن وهبه نخلا فحملت فقبل
التأثير زيادة متصلة وبعده منفصلة وأن تلف بعض
العين أو نقصت قيمتها أو أبق العبد أو أرتد
الولد لم يمنع الرجوع ولا ضمان على الابن فيما
تلف منها ولو بفعله وأن جنى العبد جناية يتعلق
أرشها برقبته فللأب الرجوع فيه ويضمن أرش
الجناية فأن جنى على العبد فرجع الأب فيه فأرش
الجناية عليه للابن وصفة الرجوع أن يقول: قد
رجعت فيها أو ارتجعتها أو رددتها ونحوه من
الألفاظ الدالة على الرجوع علم الولد أو لم
يعلم ولا يحتاج إلى حكم حاكم وأن تصرف الأب
فيه بعد قبض الابن أو وطئ الجارية ولو نوى به
الرجوع لم يكن رجوعا بغير قول وأن سأل امرأته
هبة مهرها فوهبته أو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 فاعل يملك يعود على الواهب الأول وهو الجد.
ج / 3 ص -38-
قال أنت طالق أن لم تبرئيني فأبرأته ثم ضرها
بطلاق أو غيره فلها الرجوع لا أن تبرعت به من
غير مسئلة.
فصل: ولأب فقط إذا كان حرا أن يتملك من مال ولده
ما شاء
فصل: ولأب فقط إذا كان حرا أن يتملك من مال ولده ما شاء مع حاجة
الأب وعدمها في صغر وكبره وسخطه ورضاه وبعلمه
وبغيره دون أم وجد وغيرهما: بشروط أحدها: أن
يكون فاضلا عن حاجة الولد لئلا يضره فليس له
أن يتملك سريته وأن لم تكن أم ولد لأنها ملحقة
بالزوجات ولا ما تعلقت حاجته به الثاني: ألا
يعطيه لولد آخر الثالث: ألا يكون في مرض موت
أحدهما الرابع: أن لا يكون الأب كافرا والابن
مسلما لا سيما إذا كان الابن كافرا ثم أسلم
قاله الشيخ وقال: الأشبه أن الأب المسلم ليس
له أن يأخذ من مال ولده الكافر شيئا الخامس:
أن يكون عينا موجودة ويحصل تملكه بقبض مع قول
أو نية وهو السادس ولا يصح تصرفه فيه قبل ذلك
ولو عتقا ولا يملك إبراء نفسه ولا إبراء غريم
ولده ولا تملكه ما في ذمة نفسه ولا ذمة غريم
ولده ولا قبضه منهما لأن الولد لم يملكه ولو
أقر بقبض دين ولده فأنكر الولد أو أقر رجع على
غريمه ورجع الغريم على الأب - قال الشيخ: لو
أخذ من مال ولده شيئا ثم انفسخ سبب استحقاقه
بحيث وجب رده إلى الذي كان مالكه مثل أن يأخذ
صداق ابنته ثم يطلق الزوج أو يأخذ ثمن السلعة
التي باعها الولد ثم ترد السلعة أو يأخذ
المبيع الذي اشتراه الولد ثم يفلس بالثمن ونحو
ذلك فالأقوى في جميع الصور أن للمالك الأول
الرجوع على الأب - ويأتي
ج /
3 ص -39-
في الصداق لو تزوجها على ألف لها وألف لأبيها
- وأن وطئ جارية ولده فأحبلها صارت أم ولد له
وولده حر لا تلزمه قيمته ولا مهر ولا حد ويعزر
ويلزمه قيمتها أن لم يكن الابن وطئها ولا
ينتقل الملك فيها أن كان الابن استولدها فلا
تصير أم ولد للأب وأن كان الابن وطئها ولو لم
يستولدها لم يملكها الأب ولم تصر أم ولد له
وحرمت عليهما ولا يحد وأن وطئ أمة أحد أبويه
لم تصر أم ولد وولده قن ويحد وليس لولد ولا
لورثته مطالبة أبيه بدين قرض ولا ثمن مبيع ولا
قيمة متلف ولا أرش جناية ولا ما انتفع به من
ماله ولا أن يحيل عليه بدينه ولا بغير ذلك إلا
بنفقته الواجبة زاد في الوجيز: وحبسه عليها
وله مطالبته بعين مال له في يده ويجري الربا
بينهما ويثبت له في ذمته الدين ونحوه - قال في
الموجز: لا يملك إحضاره في مجلس الحكم فأن
أحضره فأدعى فأقر أو قامت بينة لم يحبس1 وإن
وجد عين ماله الذي أقرضه أو باعه ونحوه بعد
موته فله أخذه أن لم يكن انتقد ثمنه ولا يكون
ميراثا بل له دون سائر الورثة ولا يسقط دينه
الذي عليه بموته فيؤخذ من تركته وتسقط جنايته
ولو قضى الأب الدين الذي عليه لولده في مرضه
أو وصى بقضائه فمن رأس ماله ولولد الولد
مطالبة جده بماله في ذمته وكذا الأم ولا
اعتراض للأب على تصرف الولد في مال نفسه بعقود
المعاوضات وغيرها.
والهدية تذهب الحقد وتجلب المحبة ولا ترد وأن
قلت كذراع أو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يريد فادعى الولد بدين فأقر به الأب.
ج /
3 ص -40-
كراع خصوصا الطيب مع انتفاء مانع القبول ويسن
أن يثيب عليها فأن لم يستطع فليذكرها ويثن على
صاحبها ويقول جزاك الله خيرا ويقدم في الهدية
الجار القريب بابه على البعيد ويجوز ردها
لأمور مثل أن يريد أخذها بعقد معاوضة لحديث
جابر في جمله أو يكون المعطي لا يقنع بالثواب
المعتاد أو تكون بعد السؤال واستشراف النفس
لها أو لقطع المنة وقد يجب الرد كهدية صيد
لمحرم.
فصل: عطية المريض في غير مرض الموت
فصل: عطية المريض في غير مرض الموت ولو مخوفا أو في غير مخوف كرمد
ووجع ضرس وصداع وجرب وحمى يسيرة ساعة أو نحوها
والإسهال اليسير من غير دم ونحوه ولو مات به
أو صار مخوفا ومات به كصحيح وفي مرض الموت
المخوف كالبرسام ووجع القلب والرئة وذات الجنب
والطاعون في بدنه أو وقع ببلده أو هاجت به
الصفراء أو البلغم والقولنج1 والحمى المطبقة
والرعاف الدائم والقيام المتدارك وهو الإسهال
المتواتر والفالج في ابتدائه والسل في انتهائه
وما قال مسلمان عدلان من أهل الطب لا واحد و
لو لعدم عند إشكاله أنه مخوف - فعطاياه ولا
لأجنبي بزيادة على الثلث إلا بإجازة الورثة
فيهما إلا الكتابة فلو حاباه فيها جاز وتكون
من رأس المال وكذا لو وصى بكتابة بمحاباة
وإطلاقها يكون بقيمته وفرع في المستوعب على
العتق فقال: وينفذ العتق في مرض الموت في
الحال ويعتبر خروجه من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الوقلنج هو احتباس الطعام في بعض الأمعاء.
والفالج أشبه بالشلل.
ج /
3 ص -41-
الثلث لا حين العتق فلو أعتق في مرضه أمة تخرج
من الثلث حال العتق لم يجز أن يتزوجها إلا أن
يصح من مرضه وأن وهبها حرم على المتهب وطؤها
حتى يبرأ الواهب أو يموت والاستيلاد في المرض
لا يعتبر من الثلث فأنه من قبيل الاستهلاك في
مهور الأنكحة وطيبات الأطعمة ونفائس الثياب
والتداوي ورفع الحاجات ويقبل إقرار المريض به
ولو وهب في الصحة وأفيض في المرض فمن الثلث
فأما الأمراض الممتدة كالسل والجذام وحمى
الربع والفالج في دوامه فأن صار صاحبها صاحب
فراش فهي مخوفة وإلا فعطاياه كصحيح والهرم إن
صار صاحب فراش فكمخوف ومن كان بين الصفين عند
التحام حرب هو فيه واختلطت الطائفتان للقتال
سواء كانتا متفقتين في الدين أو لا وكانت كل
واحدة منهما مكافئة للأخرى أو إحداهما مقهورة
وهو منها فكمرض مخوف فأما القاهرة بعد ظهورها
أو كان كل من الطائفتين متميزة لم يختلطوا
وبينهما رمي سهام أولا فليس بمخوف ومن كان في
لجة البحر عند هيجانه أو قدم ليقتل قصاصا أو
غيره أو أسر عند عادته القتل أو حامل عند مخاض
حتى تنجو من نفاسها مع ألم ولو بسقط تام الخلق
بخلاف المضغة إلا أن يكون ثم مرض أو ألم أو
حبس ليقتل أو جرح جرحا موحيا مع ثبات عقله
فكمرض مخوف وحكم من ذبح أو أبينت حشوته وهي
أمعاؤه لا خرقها فقط كميت ولو علق صحيح عتق
عبد فوجد شرطه في مرضه ولو بغير اختياره فمن
ثلثه وإن اختلف الورثة وصاحب العطية هل أعطيها
في الصحة أو المرض فقولهم وأن كانت في رأس
ج /
3 ص -42-
الشهر واختلفا في مرض المعطي فيه فقول المعطي
وإن عجز الثلث عن التبرعات المنجزة بدئ بالأول
فالأول منها ولو كان فيها عتق فأن تساوت بأن
وقعت دفعة واحدة قسم الثلث بين الجميع بالحصص
وإذا قال المريض أن أعتقت سعدا فسعيد حر ثم
اعتق سعدا عتق سعيد أن خرج من الثلث وأن لم
يخرج إلا أحدهما عتق سعد وحده ولم يقرع بينهما
ولو رق بعض سعد لعجز الثلث عن كله فات إعتاق
سعيد وأن بقي من الثلث بعد إعتاق سعد ما يعتق
به بعض سعيد تمام الثلث منه وأن قال أن أعتقت
سعدا فسعيد وعمرو حر أن ثم أعتق سعدا ولم يخرج
من الثلث إلا أحدهم عتق سعد وحده وإن خرج من
الثلث اثنان أو واحد وبعض آخر عتق سعد وأقرع
بين سعيد وعمرو فيما بقي من الثلث ولو خرج من
الثلث اثنان وبعض الثالث أقرعنا بينهما لتكميل
الحرية في أحدهما وحصول التشقيص في الآخر وأن
قال أن أعتقت سعدا فسعيد حر أو فسعيد وعمرو
حران في حال أعتاقي فالحكم سواء ولو رق بعض
سعد لفات شرط عتقهما فأن كان الشرط في الصحة
والأعتاق في المرض فالحكم على ما ذكرناه وأن
قال أن تزوجت فعبدي حر فتزوج في مرضه بأكثر من
مهر المثل فالزيادة محاباة فتعتبر من الثلث
فأن لم يخرج من الثلث إلا المحاباة أو العبد
قدمت المحاباة وأن اجتمعت عطية ووصية وضاق
الثلث عنهما ولم تجز جميعهما قدمت العطية ولو
قضى مريض بعض غرمائه صح ولم يكن لبقة الغرماء
الاعتراض عليه ولم يزاحم المقضي الباقون ولو
لم
ج /
3 ص -43-
تف تركته ببقية الديون وما لزم المريض في مرضه
من حق لا يمكن دفعه وإسقاطه كأرش جناية عبده
وما عاوض عليه بثمن المثل ولو مع وارث وما
يتغابن الناس بمثله فمن رأس المال ولا يبطل
تبرعه بإقراره بعده بدين ولو حابى وراثه بطلت
في قدرها أن لم تجز الورثة وصحت في غيرها
بقسطه وللمشتري الفسخ وأن كان له شفيع فله
أخذه فأن أخذه فلا خيار للمشتري ولو باع
المريض أجنبيا وحاباه وله شفيع وارث أخذها أن
لم يكن حيلة لأن المحاباة لغيره ويعتبر الثلث
عند الموت فلو أعتق عبدا لا يملك غيره ثم ملك
مالا فخرج من ثلثه تبينا أنه عتق كله وأن صار
عليه دين يستغرقه لم يعتق منه شيء.
فصل: وتفارق العطية الوصية في أربعة أشياء
فصل: وتفارق العطية الوصية في أربعة أشياء -
أحدها - أن يبدأ بالأول فالأول منها: والوصية
يسوي بين متقدمها ومتأخرها الثاني - لا يصح
الرجوع في العطية: بخلاف الوصية - الثالث -
يعتبر قبوله للعطية عند وجودها: والوصية
بخلافه - الرابع - أن الملك يثبت في العطية من
حينها ويكون مراعي: فإذا خرجت من ثلثه عند
موته تبينا أنه كان ثابتا من حينه فلو أعتق أو
وهب رقيقا في مرضه فكسب ثم مات سيده فخرج من
الثلث: كان كسبه له أن كان معتقا وللموهوب له
أن كان موهوبا وأن خرج بعضه فلهما1 من كسبه
بقدره فلو أعتق عبدا لا مال له سواه فكسب مثل
قيمته قبل موت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مرجع الضمير هو الموهوب له. والعبد المعتق
إذا نفذ العتق في بعضه
ج /
3 ص -44-
سيده فقد عتق منه شيء وله من كسبه شيء ولورثة
سيده شيآن1 فصار العبد وكسبه نصفين فيعتق منه
نصفه وله نصف كسبه وللورثة نصفهما: فلو كان
العبد يساوي عشرة فكسب قبل الوفاة مثلها عتق
منه شيء وله من الكب شيء وللورثة شيآن: فيعتق
نصفه ويأخذ خمسة وللورثة نصفه وخمسة وأن كسب
مثلي قيمته صار له شيآن وعتق منه شيء وللورثة
شيآن فيعتق منه ثلاثة أخماسه وله ثلاثة أخماس
من كسبه والباقي للورثة وأن كسب نصف قيمته عتق
منه شيء وله نصف شيء من كسبه وللورثة شيآن:
فيعتق منه ثلاثة أسباعه وله ثلاثة أسباع كسبه
والباقي للورثة وأن كان موهوبا لإنسان فله من
العبد بقدر ما عتق منه وبقدره من كسبه وأن
أعتق جارية ثم وطئها بنكاح أو غيره ومهر مثلها
نصف قيمتها فكما لو كسبت نصف قيمتها: يعتق
منها ثلاثة أسباعها: سبع بملكها له بمهرها:
وسبعان بإعتاق المتوفى ولو وهبها لمريض آخر لا
مال له فوهبها الثاني للأول صحت هبة الأول في
شيء وعاد إليه بالهبة الثانية ثلثه وبقي لورثة
الآخر ثلثا شيء وللأول شيآن فلهم ثلاثة
أرباعها ولورثة الثاني ربعها ولو باع مريض
قفيزا لا يملك غيره يساوي ثلاثين بقفيز يساوي
عشرة وهما جنس واحد فيحتاج إلى تصحيح البيع في
جزء منه مع التخلص من الربا فأسقط قيمة الرديء
من الجيد ثم أنسب الثلث إلى الباقي وهو عشرة
من عشرين تجده نصفها فيصح البيع في نصف الجيد
بنصف الرديء ويبطل فيما بقي حذرا من ربا الفضل
ولا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 شيء من رقبة العبد وهو ما لم ينفذ فيه
العتق. وشيء من كسبه.
ج /
3 ص -45-
شيء للمشتري سوى الخيار وأن شئت في عملها
فأنسب ثلث الأكثر من المحاباة فيصح البيع
فيهما بالنسبة وهو هنا نصف الجيد بنصف الرديء
وأن شئت فاضرب ما حاباه في ثلاثة يبلغ ستين ثم
أنسب قيمة الجيد إليها فهو نصفه فيصح بيع نصف
الجيد بنصف الرديء وأن شئت فقل قدر المحاباة
الثلثان ومخرجهما ثلاثة فخذ للمشتري سهمين منه
وللورثة أربعة: ثم أنسب المخرج إلى الكل
بالنصف فيصح بيع نصف أحدهما بنصف الآخر
وبالجبر يصح بيع شيء من الأعلى بشيء من الأدنى
قيمته ثلث شيء من الأعلى فتكون المحاباة بثلثي
شيء منه فألقها منه يبقى قفيزا لا ثلثي شيء
يعدل مثل المحاباة منه وهو شيء وثلث شيء فإذا
جبرت وقابلت عدل شيئين فالشيء نصف قفيز فلو لم
يفض إلى الربا كما لو باعه عبدا يساوي ثلاثين
لا يملك غيره بعشرة ولم تجز الورثة صح بيع
ثلثه بالعشرة والثلثان كالهبة فيرد الأجنبي
نصفهما وهو عشرة ويأخذ عشرة بالمحاباة وأن
كانت المحاباة مع وارث صح البيع في ثلثه ولا
محاباة ولهما فسخه وإذا أفضى إلى إقالة بزيادة
أو ربا فضل فكالمسألة الأولى وقدم في الفروع
وغيره في المسألة الأولى أن له ثلثه بالعشرة
وثلثه بالمحاباة لنسبتهما من قيمته فيصح بقدر
النسب وأن أصدق امرأة عشرة لا مال له غيرها
وصداق مثلها خمسة فماتت قبله ثم مات فلها
بالصداق خمسة وشيء بالمحاباة رجع إليه نصف ذلك
بموتها صار له سبعة ونصف إلا نصف شيء يعدل
شيئين: أجبرها بنصف شيء وقابل يخرج الشيء
ثلاثة: فلورثته ستة
ج /
3 ص -46-
ولورثتها أربعة وأن مات قبلها ورثته وسقطت
المحاباة ولو وهبها كل ماله فماتت قبله
فلورثته أربعة أخماسه ولورثتها خمسة ويأتي في
الخلع له تتمة أن شاء الله وللمريض لبس الناعم
وأكل الطيب لحاجة وأن فعله لتفويت الورثة منع
من ذلك.
فصل: لو ملك ابن عمه فأقر في مرضه أنه أعتقه
فصل: لو ملك ابن عمه فأقر في مرضه أنه أعتقه
في صحته أو ملك من يعتق عليه بهبة أو وصية عتق
من رأس ماله وورث فلو اشترى ابنه بخمسمائة وهو
يساوي ألفا فقدر المحاباة من رأس ماله ولو
اشترى من يعتق على وارثه صح وعتق عليه وارثه
وأن دبر ابن عمه عتق ولم يرث ولو قال أنت حر
آخر حياتي عتق وورث وليس عتقه وصية له ولو
أشترى من يعتق عليه ممن يرث أو أعتق ابن عمه
في مرضه عتق من الثلث وورث وأن لم يخرج من
الثلث عتق منه بقدره ويرث بقدر ما فيه من
الحرية ولو أعتق أمته وتزوجها في مرضه ورثته
وتعتق أن خرجت من الثلث ويصح النكاح وإلا عتق
قدره وبطل النكاح ولو أعتقها وقيمتها مائة ثم
تزوجها وأصدقها مائتين لا مال له سواهما وهما
مهر مثلها ثم مات صح العتق ولم تستحق الصداق
لئلا يفضي إلى بطلان عتقها ثم يبطل صداقها وأن
تبرع بثلث ماله ثم أشترى إياه من الثلثين صح
الشراء ولم يعتق فإذا مات عتق على الورثة أن
كانوا ممن يعتق عليهم ولا يرث لأنه لم يعتق في
حياته. |