الإقناع
في فقه الإمام أحمد بن حنبل كتاب الأطعمة
الأطعمة
مدخل
...
كتاب الأطعمة
وأحدها طعام وهو: ما يؤكل ويشرب والمراد هنا
بيان ما يحرم أكله وشربه وما يباح والأصل فيها
الحل فيباح كل طعام طاهر لا مضرة فيه من
الحبوب والثمار وغيرها حتى المسك والفاكهة
المسوسة والمدودة
(4/308)
ويباح أكلها
بدودها وباقلا بذبابه وخيرا وقثاء وحبوب وخل
بما فيه تبعا: لا أكل دودها ونحوها أصلا ولا
أكل النجاسات كالميتة والدم والرجيع والبول
ولو كانا طاهرين بلا ضرورة ولا أكل الحشيشة
المسكرة وتسمى حشيشة الفقراء ولا ما فيه مضرة
من السموم وغيرها وفي التبصرة ما يضر كثيره
يحل يسيره ويحرم من الحيوانات الآدمي والحمر
الأهلية ولو توحشت والخنزير وما له ناب يفترس
به: سوى الضبع: كأسد ونمر وذئب وفهد وكلب وابن
آوى وابن عرس وسنور أهلي وبري ونمس وقرد ولو
صغيرا لم ينبت نابه ودب وفيل وثعلب ويحرم
سنجاب وسمور وفنك وما له مخلب من الطير يصيد
به كعقاب وبازي وصقر وشاهين وحدأة وبومة وما
يأكل الجيف: كنسر ورخم ولقلق وعقعق وهو: القاق
وغراب البين والأبقع وما تستخبثه العرب ذوو
اليسار من أهل القرى والأمصار من أهل الحجاز
ولا عبرة بأهل البوادي: كالقنفذ والدلدل وهو
عظيم القنافذ قدر السخلة ويسمى النيص على ظهره
شوك طويل نحو ذراع والحشرات كلها كديدان
وجعلان وبنات وردان وخنافس وأوزاع وصراصر
وحرباء وجراذين وخلد وفأر وحيات وعقارب وخفاش
وخشاف وهو الوطواط وزنبور ونحل ونمل وذباب
وطبابيع وقمل و براغيث ونحوها وهدهد وصرد
وغداف خطاف وأخيل وهو: الشقراق وسنونو وهو نوع
من الخطاف وغيرها مما أمر الشرع بقتله أو نهى
عنه وما لا تعرفه العرب من أمصار
(4/309)
الحجاز وقراها
ولا ذكر في الشرع - يرد إلى أقرب الأشياء شبها
به فإن لم يشبه شيئا منها فمباح وما أحد أبويه
المأكولين مغصوب فكأمه حلا وحرمة وملكا ولو
اشتبه مباح ومحرم - حرما ويحرم متولد من مأكول
وغيره كالبغل والسمع - ولد الضبع من الذئب
والعسبار ولد الذئب من الزنج وهو: الضبعان وهو
ذكر الضباع والدرياب وه: أبو زريق قيل: أنه
متولد من الشقراق والغراب والمتولد بين أهلي
ووحشي وكحيوان من نعجة نصفه خروف ونصفه كلب
ويحرم ما ليس ملكا لآكله ولا أذن فيه ربه ولا
الشارع.
(4/310)
فصل: - وما عدا هذا فمباح:
كمتولد من مأكولين كبغل من حمار وحش وخيل ولو
غير عربية ووبر ويربوع وبقر وحش على اختلاف
أنواعها من الأيل والتيتل والوعل والمها وظباء
وحمر وحش: ولو تأنست وعلفت وأرنب وزرافة
ونعامة وضب وضبع وإن عرف بأكل الميتة فكان
كجلالة قاله في الروضة وبهيمة الأنعام وهي:
الإبل والبقر والجاموس والغنم ودجاج وديوك
وطاووس وببغاء وهي: الدرة وعندليب وسائر الوحش
من الصيود كلها وزاغ وغراب الزرع وهو أحمر
المنقار والرجل وحجل و زرزور وصعوة جمع صعو
وهون: صغار العصافير أحمر الرأس وحمام وأنواعه
من الفواخت والجوازل والرقاطي والدياسي وسماني
وسلوى وقيل هماشئ واحد وعصافير وقنابر وقطا
وحبارى وكركى وكروان وبط وأوز وما أشبهه مما
يلقط
(4/310)
الحب أو يفدى
في الإحرام وغرانيق وطير الماء كله وأشباه ذلك
ويباح جميع حيوانات البحر: إلا الضفدع والحية
والتمساح.
(4/311)
فصل: - وتحرم الجلالة
وهي:
التي أكثر علفها النجاسة ولبنها وبيضها ويكره
ركوبها لأجل عرقها حتى تحبس ثلاثا وتطعم
الطاهر وتمنع من النجاسة: طائرا كانت أو بهيمة
ومثله خروف ارتضع من كلبة ثم شرب لبنا طاهرا
ويجوز أن تعلف النجاسة الحيوان الذي لا يذبح
أو لا يحلب قريبا وإذا عض كلب شاة ونحوها
فكلبت - ذبحت وينبغي ألا يؤكل لحمها وما سقى
بطاهر يستهلك به عين النجاسة به طهر وحل وإلا
فلا ويكره أكل تراب وفحم وطين وهو عيب في
المبيع لأنه يضر البدن به فإن كان منه ما
يتداوى به كالطين الأرمني لم يكره وكذا يسير
تراب وطين ويكره أكل غدة وأذن قلب وبصل وثوم
ونحوهما: ما لم ينضج بطبخ وأكل كل ذي رائحة
كريهة ولو لم يرد دخول المسجد فإن أكله كره له
دخوله ما لم يذهب ريحه وأكل حب ديس بحمر أهلية
وبغال وينبغي أن يغسل ويكره مداومة أكل لحم
وأكل لحم منتن ونيء ويكره الخبز الكبار ووضعه
تحت القصعة.
(4/311)
فصل: - ومن اضطر إلى محرم
مما ذكرنا:
حضرا أو سفرا سوى سم ونحوه: بأن خاف التلف إما
من جوع أو يخاف إن ترك الأكل عجز عن المشي
وانقطع عن الرفقة فيهلك أو يعجز عن الركوب
(4/311)
فصل: - من مر بثمر على شجر أو ساقط تحته لا
حائط عليه ولا ناظر
ولو غير مسافر ولا مضطر - فله أن يأكل منه
مجانا ولو لغير حاجة ولو من غصونه من غير رميه
بشيء ولا ضربه ولا صعود شجرة واستحب جماعة أن
ينادي قبل الأكل ثلاثا: يا صاحب
(4/314)
البستان فإن
أجابه وإلا أكل للخبر وكذا ينادى للماشية
ونحوها ولا يحمل ولا يأكل من مجموع مجنى ولا
ما وراء حائط إلا لضرورة ملتزما عوضه وكثمر -
زرع قائم: كبر يؤكل فريكا عادة وباقلا وحمص
أخضرين ونحوهما مما يؤكل رطبا عادة ولبن ماشية
إذا لم يجد صاحبها فهي كالثمرة بخلاف شعير
ونحوه والأولى في الثمار وغيرها أن لا يأكل
منها إلا بإذن ولا بأس بأكل جبن المجوس وغيرهم
من الكفار ولو كانت أنفحتة من ذبائحهم وكذا
الدروز والتيامنة والنصيرية ولا يجوز أن يشترى
الجوز والبيض الذي اكتسب من القمار لأنهم
يأخذونه بغير حق.
(4/315)
فصل: - يجب على المسلم ضيافة المسلم المسافر
المجتاز إذا نزل به في القرى:
لا الأمصار مجانا يوما وليلة قدر كفايته مع
أدم وفي الواضح لفرسه تبن: لا شعير ولا تجب
للذمي إذا اجتاز بالمسلم فإن أبى فللضيف طلبه
به عند حاكم فإن تعذر جاز له الأخذ من ماله
بقدر ضيافته بغير إذنه وتسن ضيافته ثلاثة أيام
والمراد يومان مع اليوم الأول فما زاد على
الثلاثة فهو صدقة ولا يجب عليه إنزاله في
بيته: إلا أن لا يجد مسجدا أو رباطا ونحوهما
يبيت فيه ولا يخاف منه ومن قدم لضيافته طعاما
لم يجز لهم قسمه لأنه إباحة ويجوز للضيف الشرب
من كوز صاحب البيت والاتكاء على وسادة وقضاء
حاجة في مرحاضه من غير استئذان باللفظ: كطرق
بابه عليه وطرق حلقته قال الشيخ: من امتنع من
الطيبات بلا سبب شرعي
(4/315)
فمذموم مبتدع
وما نقل عن أحمد أنه امتنع من أكل البطيخ لعدم
علمه بكيفية أكل النبي صلى الله عليه وسلم له
– كذب.
(4/316)
باب الذكاة
مدخل
...
باب الذكاة
وهي: ذبح أو نحر مقدور عليه مباح أكله من
حيوان يعيش في البر: لا جراد ونحوه - بقطع
حلقوم ومريء أو عقر إذا تعذر فلا يباح شيء من
الحيوان المقدور عليه: من الصيد والأنعام
والطير إلا بالذكاة إن كان مما يعيش في البر:
إلا الجراد وشبهه ولو مات بغير سبب من كبس
وتغريق فأما السمك وشبهه مما لا يعيش إلا في
الماء فيباح بغير ذكاة: سواء صاده إنسان أو
نبذه البحر أو جزر الماء عنه أو حبس في الماء
بحظيرة حتى يموت أو ذكاة أو عقره في الماء أو
خارجه أو طفا عليه وما كان مأواه البحر وهو
يعيش في البر: ككلب الماء وغيره وسلحفاة
وسرطان ونحو ذلك - لم يبح المقدور عليه منه
إلا بالتذكية وذكاة السرطان أن يفعل به ما
يموت به وكره أحمد شيء من السمك الحي: لا جراد
ويحرم بلغ السمك حيا ويجوز أكل الجراد بما فيه
والسمك بما فيه: بأن يقلى أو يشوى ويؤكل من
غير أن يشق جوفه.
(4/316)
فصل: - ويشترط للذكاة شروط
-
أحدها : أهلية الذابح وهو أن يكون عاقلا قاصدا
التذكية ولو مكرها أو أقلف وتكره ذبيحته فلو
وقعت الحديدة على حلق شاة فذبحتها أو ضرب
إنسانا بسيف فقطع عنق شاة لم تبح ولا تعتبر
إرادة الأكل: مسلما كان الذابح أو كتابيا ولو
(4/316)
فصل: - يسن توجيه الذبيحة إلى القبلة
وكون المذبوح على شقه الأيسر ورفقه به وحمله
على الآلة بقوة وإسراع القطع ويكره إلى غير
القبلة وآلة كالة وأن يحد السكين والحيوان
يبصره أو يذبح شاة وأخرى تنظر إليه ويكره كسر
عنق المذبوح وسلخه وقطع عضو منه ونتف ريشه حتى
تزهق نفسه فإن فعل أساء وأكلت ويكره نفخ اللحم
نصا قال الموفق: مرادهم الذي للبيع لأنه غش
وإن ذبحه فغرق المذبوح في ماء أو وطئ عليه شيء
يقتله مثله لم يحل وعنه يحل اختاره الأكثر وإن
ذبح كتابي ما يحرم عليه يقينا كذي الظفر - وهي
الإبل والنعام والبط - وما ليس بمشقوق الأصابع
أو ما زعم أنه يحرم عليه ولم يثبت عندنا
تحريمه عليه كحال الرئة ونحوها أو يحرم علينا
ومعناه أن اليهود إذا وجدوا الرئة لاصقة
بالأضلاع امتنعوا من أكلها زاعمين تحريمها
ويسمونها اللازقة وإن وجدها غير لاصقة أكلوها
- وإن ذبح حيوانا غيره ما يحل له لم تحرم
علينا الشحوم المحرمة عليهم - وهي شحم الثرب:
شحم رقيق يغشى الكرش والأمعاء وشحم الكليتين
ولنا أن نتملكها منهم بما ينقل الملك والأولى
تركها ولا يحل لمسلم أن يطعمهم شحما من ذبحنا
نصا لبقاء تحريمه عليهم وإن ذبح لعيده أو
لكنيسته أو المجوسي لآلهته أو للزهرة أو
للكواكب: فإن ذبحه مسلم مسميا فمباح وإن ذبحه
الكتابي وسمى الله ولم يذكر غير اسمه حل وكره
وعنه يحرم واختاره الشيخ ولا تؤكل المصبورة
ولا المجثمة وهي الطائر أو الأرنب بجعل غرضا
يرمى حتى يقتل - ولكن يذبح
(4/320)
ثم يرموا إن
شاؤا والمصبورة مثله إلا أن المجثمة لا تكون
إلا في الطائر: وإلا الأرنب وأشباهها
والمصبورة: كل حيوان يحبس للقتل ومن ذبح حيونا
فوجد في بطنه جرادا أو سمكة في حوصلة طائر أو
حبا في بعر جمل ونحوه لم يحرم وكره ويحرم بول
وروث طاهران وتقدم أو الأطعمة ويحل مذبوح
منبوذ بموضع يحل ذبح أكثر أهله ولو جهلت تسمية
الذابح وإسماعيل: الذبيح على الصحيح.
(4/321)
|