الإقناع
في فقه الإمام أحمد بن حنبل كتاب الأيمان
وكفاراتها
مدخل
مدخل
...
كتاب الأيمان
وكفاراتها
وهي جمع يمين وهي: القسم والإيلاء والحلف
بألفاظ مخصوصة فاليمين توكيد الحكم بذكر معظم
على وجه مخصوص وهي وجوابها كشرط وجزاء والحلف
على مستقبل - إرادة تحقيق خبر فيه ممكن
(4/329)
فصل: - واليمين التي تجب بها الكفارة إذا حنث
- وهي اليمين بالله تعالى:
نحو والله وبالله وتالله والرحمن والقديم
الأزلي وخالق الخلق ورازق العالمين ورب
العالمين والعالم بكل شيء ورب السماوات والأرض
والحي الذي لا يموت والأول الذي ليس قبله شيء
والآخر الذي ليس بعده شيء ونحوه مما لا يسمى
به غيره أو صفة: من صفاته كوجه الله وعظمته
وعزته: وإرادته وقدرته وعلمه وجبروته ونحوه
حتى ولو نوى مقدوره ومعلومه ومراده وأما ما
يسمى به غيره تعالى وإطلاقه ينصرف إلى الله
كالعظيم والرحيم والرب والمولى والرازق فإن
نوى به الله أو أطلق كان يمينا فإن نوى غيره
فليس بيمين وما لا يعد من أسمائه ولا ينصرف
إطلاقه إليه ويحتمله كالشيء والموجود والحي
والعالم والمؤمن والواحد والمكرم والشاكر: فإن
لم ينو به الله أو نوى به غيره - لم يكن يمينا
وإن نواه كان يمينا وإن قال: وحق الله وعهد
الله واسم الله وأيمن الله - جمع يمين -
وأمانة الله وميثاقه وكبريائه وجلاله ونحوه
فهو يمين وكذا على عهد الله وميثاقه ويكره
الحلف بالأمانة كراهة تحريم وإن قال: والعهد
والميثاق وسائر ذلك كالأمانة والقدرة والعظمة
والكبرياء والجلال والعزة ولم يضفه إلى الله
لم يكن يمينا: إلا أن ينوي صفة الله وإن قال:
لعمر الله كان يمينا وإن لم ينو - ومعناه
الحلف ببقاء الله وحياته - وإن حلف بكلام الله
أو بالمصحف أو بالقرآن أو بسورة منه أو بآية
أو بحق القرآن فهي يمين فيها كفارة واحدة وكذا
لو حلف بالتوراة أو الإنجيل ونحوهما من كتب
الله وإن قال: أحلف بالله وأشهد بالله أو أقسم
بالله أو أعزم
(4/331)
بالله أو أقسمت
بالله أو شهدت بالله أو حلفت بالله أو آليت
بالله - كان يمينا وإن لم يذكره اسم الله كأن
قال: أحلف أو حلفت أو أشهد أو شهدت إلى آخرها
لم يكن يمينا: إلا أن ينوي وإن قال: نويت
بأقسمت بالله ونحوه الخبر عن قسم ماض أو
بقولي: شهدت بالله - آمنت به أو بأقسم ونحوه
الخبر عن قسم يأتي أو بأعزم - القصد دون
اليمين - دين وقبل حكما ولا كفارة وإن قال:
حلفا بالله أو قسما بالله أو آليت بالله أو
آلي بالله فهو يمين ولو لم ينوها وإن قال:
أستعين أو أعتصم بالله أو أتوكل على الله أو
علم الله أو عز الله أو تبارك الله ونحوه لم
يكن يمينا ولو نوى.
(4/332)
فصل: - وحروف القسم
باء ويليها مظهر أو مضمر و واو يليها مظهر
وتاء تخص اسم الله فإن قال: تالرحمن أو
تالرحيم - لم يكن قسما ويصح القسم بغير حرف
القسم فيقول: الله لأفعلن بالجر والنصب وإن
رفعه كان يمينا: إلا أن يكون من أهل العربية
ولا ينوي به اليمين وإن نصبه بواو أو رفعه
معها أو دونها فيمين: إلا أن لا يريد عربي
وهاء الله يمين بالنية - قال الشيخ: الأحكام
متعلقة بما أراده الناس بالألفاظ الملحونة
كقوله: حلفت بالله رفعا ونصبا و والله بأصوم
وبأصلي ونحوه وكقول الكافر: أشهد أن محمدا
رسول الله برفع الأول ونصب الثاني وأوصيت لزيد
بمائة وأعتقت سالما ونحو ذلك وقال من رام جعل
جميع الناس في لفظ واحد بحسب عادة قوم بعينهم
فقد رام ما لا يمكن عقلا ولا يصح شرعا - انتهى
وهو كما قال ويجاب القسم في الإيجاب بأن خفيفة
وثقيلة وبلام التوكيد،
(4/332)
وبقد وبل عند
الكوفيين وفي النفي بما وإن بمعناها وبلا
وتحذف لا: نحو والله أفعل ويحرم الحلف بغير
الله وصفاته ولو بنى لأنه شرك في تعظيم الله
فإن فعله - استغفر وتاب ولا كفارة في اليمين
به ولو كان الحلف برسول الله صلى الله عليه
وسلم: سواء أضافه إلى الله كقوله: ومعلوم الله
وخلقه ورزقه و بيته أو لم يضفه مثل والكعبة
والنبي وأبى وغير ذلك ويكره بطلاق وعتاق.
(4/333)
فصل: - ويشترط لوجوب الكفارة ثلاثة شروط
-
أحدها: أن تكون اليمين منعقدة وهي التي يمكن
فيها البر والحنث: بأن يقصد عقدها على مستقبل
فلا تنعقد يمين النائم والصغير قبل البلوغ
والمجنون ونحوهم وما عد من لغو اليمين.
فأما اليمين على الماضي فليست منعقدة وهي
نوعان - غموس: وهي التي يحلف بها كاذبا عالما
بغمسه في الإثم ثم في النار ولا كفارة فيها
ويكفر كاذب في لعانه ذكره في الانتصار وإن حلف
على فعل مستحيل لذاته أو غيره كأن قال: والله
لأصعدن السماء أو إن لم أصعد أو لأشربن ماء
الكوز ولا ماء فيه: علم أن فيه ماء أو لا أو
إن لم أشربه أو فإذا هو ميت: علمه أو لم يعلمه
ونحو ذلك - انعقدت يمينه وعليه الكفارة في
الحال وإن قال: والله إن طرت أو لا طرت أو
صعدت السماء أو شاء الميت أو قبلت الحجر ذهبا
أو جمعت بين الضدين أو رددت أمس أو شربت ماء
الكوز ولا ماء فيه ونحوه - فبذا لغو وتقدم في
الطلاق في الماضي والمستقبل
(4/333)
وإن قال: والله
ليفعلن فلان كذا أو لا يفعلن أو حلف على حاضر
فقال: والله لتفعلن كذا أو لا تفعلن كذا فلم
يطعه - حنث الحالف والكافرة عليه لا على من
أحنثه وإن قال: أسألك بالله لتفعلن وأراد
اليمين فكالتي قبلها وإن أراد الشفاعة إليه
بالله فليست بيمين ويسن إبرار القسم كإجابة
سؤال الله ولا يلزم وإن أجابه إلى صورة ما
أقسم عليه دون معناه عند تعذر المعنى فحسن.
والثاني - لغو اليمين: وهو سبقها على لسانه من
غير قصد كقوله لا والله وبلى والله في عرض
حديثه وظاهره ولو في المستقبل ولا كفارة فيها
وإن عقدها على زمن خاص ماض يظن صدق نفسه فبان
بخلافه - حنث في طلاق وعتاق فقط وتقدم آخر
تعليق الطلاق بالشروط وقال الشيخ: وكذا عقدها
على زمن مستقبل ظانا صدقه فلم يكن: كمن حلف
على غيره يظن أنه يطيعه فلم يفعل أو ظن
المحلوف عليه خلاف نية الحالف ونحو ذلك.
الشرط الثاني: أن يحلف مختارا فلا تنعقد يمين
مكره.
الثالث : الحنث في يمينه بأن يفعل ما حلف على
تركه أو يترك ما حلف على فعله ولو معصية
مختارا ذاكرا فإن فعله مكرها أو ناسيا فلا
كفارة ويقع الطلاق والعتاق ناسيا وتقدم وجاهل
كناس.
(4/334)
فصل: - ويصح الاستثناء في كل يمين مكفرة:
كاليمين والظهار والنذر فإذا حلف فقال: إن شاء
الله أو إن أراد الله وقصد بها المشيئة: لا من
أراد بإرادته و أمره أو أراد التحقيق لا
التعليق - لم
(4/334)
يحنث: فعل أو
ترك قدم الاستثناء أو أخره إذا كان متصلا لفظا
أو حكما كانقطاعه بتنفس أو سعال أو عطاس أو
قيء ونحوه ويعتبر نطقه به مرة ولا ينفعه
بالقلب إلا من مظلوم خائف - وقصد الاستثناء
قبل تمام المستثني منه فلو حلف غير قاصد
الاستثناء ثم عرض له بعد فراغه من اليمين
فاستثنى لم ينفعه ولو أراد الجزم فسبق لسانه
إلى الاستثناء من غير قصد أو كانت عادته جارية
به فجرى على لسانه من غير قصد لم يصح وإن شك
فيه فالأصل عدمه وإن قال والله لأشربن اليوم
إن شاء زيد فشاء زيد ولم يشرب حتى مضى اليوم
حنث وإن لم يشأ زيد لم يلزمه يمين فإن لم يعلم
مشيئته لغيبة أو جنون أو موت انحلت اليمين ولا
أشرب إلا أن يشاء زيد فإن شاء فله الشرب وإن
لم يشأ لم يشرب فإن خفيت مشيئته لغيبة أو موت
أو جنون لم يشرب وإن شرب حنث ولأشربن إلا أن
يشاء زيد فإن شرب قبل مشيئة زيد - بر وإن قال
زيد قد شئت أن لا تشرب انحلت يمينه وإن قال:
قد شئت أن تشرب أو ما شئت أن لا تشرب لم تنحل
فإن خفيت مشيئته لزمه الشرب ولا أشرب اليوم إن
شاء زيد ففاق زيد: قد شئت أن لا تشرب فشرب حنث
وإن شرب قبل مشيئته في هذه المواضع - أن يقول
بلسانه: قد شئت وإذا حلف ليفعلن شيئا ونوى
وقتا بعينه تقيد به وإن لم ينوي لم يحنث حتى
ييأس من فعله: إما بتلف المحلوف عليه أو موت
الحالف ونحوه وإن لم تكن له نية لم يحنث اليأس
من فعله، وإذا حلف على يمين
(4/335)
فرأى غيرها
خيرا منها سن له الحنث والتكفير ولا يستحب
تكرار الحلف فإن أفرط كره وإن دعي إلى الحلف
عند الحاكم وهو محق استحب له افتداء يمينه فإن
حلف فلا بأس.
(4/336)
فصل: - وإن حرم أمته أو شيئا من الحلال غير
زوجته
كقوله: ما أحل الله علي حرام - ولا زوجة له أو
هذا الطعام علي حرام أو طعامي علي: كالميتة
لدم ونحوه أو علقه بشرط: مثل إن أكلته فهو علي
حرام أو حرام علي إن فعلت كذا ونحوه - لم يحرم
وعليه كفارة يمين إن فعله وإن قال: هو يهودي
أو نصراني أو كافر أو مجوسي أو يكفر بالله أو
يعبد الصليب أو غير الله أو برئ من الله أو من
الإسلام أو القرآن أو النبي صلى الله عليه
وسلم أو لا يراه الله في موضع كذا إن فعل كذا
أو قال: أنا أستحل الزنا أو شرب الخمر أو أكل
لحم الخنزير أو ترك الصلاة أو الزكاة أو
الصيام ونحوه إن فعلت - لم يكفر وفعل محرما ما
تلزمه التوبة منه وعليه إن فعله كفارة يمين
واختار الموفق و الناظم لا كفارة وإن قال:
عصيت الله أو أنا أعصي الله في كل ما أمرني به
أو محوت المصحف إن فعلت وحنث - لا كفارة وإن
قال: أخزاه الله أو قطع يديه أو رجليه وأدخله
الله النار أو لعنه الله إن فعل أو لأفعلن أو
عبد فلان حر لأفعلن أو إن فعلت كذا فمال فلان
صدقة أو فعلي حجة أو مال فلان حرام عليه أو
فلان برئ من الإسلام ونحوه فلغو وإن قال:
إيمان البيعة تلزمني فهي يمين - رتبها الحجاج
والخليفة المعتمد -
(4/336)
تشتمل على
اليمين بالله تعالى والطلاق والعتاق وصدقة
المال فإن كان الحالف يعرفها ونواها انعقدت
يمينه بما فيها وإن لم يعرفها أو عرفها ولم
ينوها أو نواها ولم يعرفها فلا شيء عليه ولو
قال: أيمان المسلمين تلزمني إن فعلت كذا أو
فعله لزمته يمين الظهار والطلاق والعتاق
والنذر واليمين بالله إذا نوى بها ذلك ولو حلف
بشيء من هذه الخمسة فقال له آخر: يميني مع
يمينك أو أنا على مثل يمينك يريد التزام مثل
يمينه1 إلا في اليمين بالله وإن لم ينو شيئا
لم تنعقد يمينه وإن قال: علي نذر أو يمين أو
قال: علي عهد الله أو ميثاقه إن فعلت كذا
وفعله كفر كفارة يمين وكذا علي نذر ويمين فقط
وإن أخبر عن نفسه بحلف بالله ولم يكن حلف فهي
كذبة لا كفارة عليه فيها.
ـــــــ
1 كذا في الأصل، والذي يظهر لي أن لو المتقدمة
تستدعى تقدير جواب هو: لزمه مثل تلك اليمين،
واستثناؤه يمين الله يدل على أن اللزوم لا
يتناولها وقد عللوا ذلك بأن هذا كناية، ويمين
الله لا تنعقد بالكتابة، وبعضهم همم من غير
فرق.
(4/337)
فصل: - في كفارة اليمين
وفيها تخيير وترتيب فيخير من لزمته بين ثلاثة
أشياء - إطعام عشرة مساكين مسلمين أحرارا ولو
صغارا: جنسا واحدا كان المطعم أو أكثر ا
كسوتهم أو تحري رقبة فمن لم يجد - فصيام ثلاثة
أيام والكسوة ما تجزئ صلاة الآخذ الفرض فيه
للرجل ثوب ولو عتيقا إذا لم تذهب قوته أو قميص
يجزئه أن يصلي فيه الفرض نصا: بأن يجعل على
عاتقه منه شيئا أو ثوبان يأتز بأحدهما ويرتدي
بالآخر ولا يجزئه مئزر وحده ولا سراويل
وللمرأة درع وخمار يجزئها أن تصلي فيهما وإن
أعطاها ثوبا واسعا يمكن أن يستر بدنها ورأسها
أجزأه ويجوز أن يكسوهم من جميع أصناف الكسوة
مما يجوز للآخذ لبسه: من قطن وكتان وصوف وشعر
ووبر
(4/337)
وخز وحرير
وسواء كان مصبوغا أو لا أو خاما أو مقصورا
ويجوز أن يطعم بعضا ويكسو بعضا فإن أطعم
المسكين بعض الطعام وكساه بعض الكسوة أو عتق
نصف عبد وأطعم خمسة أو كساهم أو أطعم وصام لم
يجزئه كبقية الكفارات ولا ينتقل إلى الصوم إلا
إذا عجز كعجزه عن زكاة الفطر ولو كان ماله
غائبا استدان إن قدر وإلا صام والكفارة بغير
الصوم إنما تجب في الفاضل عن حاجته الأصلية
الصالحة لمثله: كدار يحتاج إلى يكناها ودابة
يحتاج إلى ركوبها وخادم يحتاج إلى خدمته فلا
يلزمه بيع ذلك فإن كان له عقار يحتاج إلى
أجرته لمؤنته أو حوائجه الأصلية أو بضاعة يختل
ربحها المحتاج إليه بالتكفير منها أو سائمة
يحتاج إلى نمائها حاجة أصلية أو أثاث يحتاج
إليه أو كتب علم يحتاجها أو ثياب جماع ونحو
ذلك أو تعذر بيع شيء لا يحتاج إليه - انتقل
إلى الصوم وتقدم بعض ذلك في الظهار ويجب
التتابع في الصوم إن لم يكن عذر وتجب كفارة
يمين ونذر على الفور إذا حنث وإن شاء كفر قبل
الحنث فتكون محللة لليمين وإن شاء بعده فتكون
مكفرة فهما في الفضيلة سواء فيما كانت الكفارة
غيره1 ولو كان الحنث حراما ولا يصح تقديمها
على اليمين وإذا كفر بالصوم قبل الحنث لفقره
ثم حنث وهو موسر لم يجزئه ومن كرر يمينا
موجبها واحد على فعل واحد كقوله: والله لا
أكلت والله لا أكلت أو حلف أيمانا كفارتها
واحدة كقوله: والله وعهد الله وميثاقه وكلامه
أو كررها على أفعال مختلفة قبل التكفير، كقوله
ـــــــ
1 قوله: غيره – يريد به فيما كانت كفارته غير
الصوم.
(4/338)
والله لا أكلت
والله لا شربت والله لا لبست فكفارة واحدة
ومثله الحلف بنذور مكررة ولو حلف يمينا واحدة
على أجناس مختلفة كقوله والله لا أكلت ولا
شربت ولا لبست - فكفارة واحدة حنث في الجميع
أو في واحد وتنحل البقية وإن كانت الأيمان
مختلفة الكفارة: كالظهار واليمين بالله فلكل
يمين كفارتها وليس لرقيق أن يكفر بغير صوم ولو
أذن له سيده في العتق والإطعام لأنه لا يملك
وليس لسيده منعه من الصوم ولو أضر به ولو كان
الحلف والحنث بغير إذنه ولا منعه من نذر ويكفر
كافر ولو مرتدا بغير صوم ومن بعضه حر فحكمه في
الكفارة حكم الأحرار وتقدم في الظهار بعض
أحكام لكفارة فليعاود.
(4/339)
باب جامع
الأيمان
مدخل
...
باب جامع الأيمان
يرجع فيها إلى نية حالف إن كان غير ظالم ولفظه
يحتملها ويقبل حكما مع قرب الاحتمال من الظاهر
وتوسطه: لا مع بعده فتقدم نيته في عموم لفظه
وعلى السبب سواء كان ما نواه موافقا لظاهر
اللفظ أو مخالفا له فالموافق الظاهر: أن ينوي
باللفظ موضوعه الأصلي مثل: أن ينوي باللفظ
العام العموم وبالمطلق الإطلاق وبسائر الألفاظ
ما يتبادر إلى الأفهام منها والمخالف يتنوع
أنواعا: منها - أن ينوي بالعام الخاص مثل: أن
يحلف لا يأكل لحما ولا فاكهة ويريد لحما بعينه
وفاكهة بعينها ومنها - أن يحلف على فعل شيء أو
تركه وينوي في وقت مثل: أن يحلف لا يتغذى
ويريد اليوم أو لا أكلت ويريد الساعة أو دعي
إلى غذاء فحلف لا يتغذى ينوي
(4/339)
ذلك الغذاء
اختصت يمينه بما نواه: ومنها - أن ينوي بيمينه
غير ما يفهمه السامع منه كما تقدم في التأويل
في الحلف: ومنها - أن يريد بالخاص العام:
كقوله: لا شربت لفلان الماء من العطش ينوي قطع
كل ما له فيه منة: لا بأقل: كقعود في ضوء ناره
وظل حائطه أو حلف لا يأوي مع زوجته في داره
سماها يريد جفاءها فيعم جميع الدور أو لا يلبس
من غزلها يريد قطع منتها كما يأتي قريبا ومن
شروط انصراف اللفظ إلى ما نواه احتمال اللفظ
له كما تقدم فإن نوى ما لا يحتمله: مثل أن
يحلف لا يأكل خبزا يعني به لا يدخل بيتا لم
تنصرف اليمين إلى المنوي فإن لم ينوي شيئا لا
ظاهر اللفظ ولا غيره رجع إلى سبب اليمين وما
هيتها فلو حلف ليقضينه حقه غدا فقضاه قبله لم
يحنث إذا قصد أن لا يجاوزه، أو كان السبب
يقتضي التعجيل قبل خروج الغد فإن عدما - لم
يبرأ إلا بقضائه في الغد وكذا لآكلن شيئا غدا
أو لأبعينه غدا أو لأشترينه أو لأضربنه ونحوه
وإن قصد مطله فقضاه قبله حنث وإن حلف لا يبيع
ثوبه إلا بمائة فباعه بها أو بأكثر لم يحنث
وبأقل يحنث ولا يبيعه بمائة حنث بها وبأقل ولا
أشترينه بمائة فاشتراه بها أو بأكثر حنث لا
بأقل وإن حلف لا ينقص هذا الثوب عن كذا فقال:
قد أخذته ولكن هب لي كذا فقال أحمد هذا حيلة
قيل له فإن قال البائع: أبيعك بكذا وأهب لفلان
شيئا آخر قال: هذا كله ليس بشيء وكرهه ولا
يدخل دارا ونوى اليوم لم يحنث بالدخول في غيره
ويقبل قوله في الحكم وإن كانت
(4/340)
بطلاق أو عتاق
لم يقبل لتعلق حق الآدمي ولا يلبس ثوبا من
غزلها يقصد قطع منتها فباعه واشترى بثمنه ثوبا
حنث وكذا إن انتفع بثمنه وإن انتفع بشيء من
مالها سوى الغزل وثمنه لم يحنث وإن امتنت عليه
بثوب فحلف لا يلبسه قطعا لمنتها فاشتراه غيرها
ثم كساه إياها أو اشتراه الحالف ولبسه على وجه
لا منة لها فيه فوجهان ولا يولى معها في دار
سماها يريدها ولم يكن للدار سبب يهيج يمينه
فأوى معها في غيرها حنث فإن كان للدار أثر في
يمينه لكراهته سكناها أو خوصم من أجلها أو
امتن عليه بها لم يحنث إذا آوى معها في غيرها
وإن عدم السبب والنية لم يحنث إلا بفعل ما
يتناوله لفظه وهو الإيواء معها في تلك الدار
بعينها والإيواء - الدخول: قليلا كان أو كثيرا
وإن برها بصدقة أو غيرها أو اجتمع معها فيما
ليس بدار ولا يبيت لم يحنث سواء كان للدار سبب
في يمينه أو لم يكن ولا عدت رأيتك تدخلينها
ينوي منعها حنث بدخولها ولو لم يرها وإن حلف
لا يدخل عليها بيتا فدخل عليها فيما ليس ببيت
فكالتي قبلها وإن دخل على جماعة هي فيهم يقصد
الدخول عليها معهم أو لم يقصد شيئا حنث وإن
استثناها بقلبه فكذلك وإن كان لا يعلم أنها
فيه فدخل فوجدها فيه فكما لو دخل عليها ناسيا
وكذلك إن حلف لا يدخل عليها فدخلت عليه فخرج
في الحال فإن أقام حنث.
(4/341)
فصل: - والعبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ
فلو حلف لعامل أن لا يخرج إلا بإذنه ونحوه
فعزل أو على زوجته فطلقها
(4/341)
أو على عبده
فأعتقه أو لا يدخل بلد الظلم فرآه فيه فزال أو
لا أرى منكرا إلا رفعته إلى فلان القاضي أو
الولي فعزل ونحوه: يريد ما دام كذلك أو أطلق -
انحلت يمينه - قال ابن نصر الله: والمذهب عود
الصفة فيحمل - يعني انحلال اليمين - على أنه
نوى تلك الولاية وذلك النكاح أو الملك - انتهى
فلو رأى المنكر في ولايته وأمكنه رفعه فلم
يرفعه حتى عزل حنث بعزله ولو رفعه بع ذلك وإن
مات قبل إمكان رفعه إليه حنث وإن لم يعين
الوالي أذن لم يتعين ولو لم يعلم به الحالف
إلا بعد علم الوالي فمات - لبر: كما لو رآه
معه وإن حلف للص أن لا يخبر به ولا يغمز عليه
فسأله الوالي عن قوم هو معهم فبرأهم وسكت عنه
يقصد التنبيه عليه - حنث: إلا أن ينوي حقيقة
النطق والغمز: أن يفعل فعلا يعلم به أنه هو
اللص ولو حلف ليتزوجن - يبر بعقد صحيح
وليتزوجن عليها ولا نية ولا سبب - لا يبرأ إلا
بدخوله بنظيرتها أو بمن تغمها أو تتأذى بها
فإن تزوج عجوزا زنجية لم يبرأ نصا ولا يتزوج
عليها - حنث بعقد صحيح ولو على غير نظيرتها
وإن حلف لا يكلمها هجرا حنث بوطئها وليطلقن
ضرتها بر برجعي إن لم تكن نية أو قرينة تقتضي
الإبانة.
(4/342)
فصل: - فإن عدم النية وسبب اليمين وما هيجها
رجع إلى التعيين وهو الإشارة.
فإن تغيرت صفة التعيين فذلك خمسة أقسام: -
أحدها - أن تستحيل إجزاؤه بتغير اسمه: كلا
أكلت هذه البيضة فصارت فرخا أو هذه
(4/342)
الحنطة فصارت
زرعا فأكله أو لا شربت هذا الخمر فصار خلا
فشربه – حنث.
الثاني - تغيرت صفته وزال اسمه مع بقاء
أجزائه: كلا أكلت هذا الرطب فصار تمرا أو دبسا
أو خلا أو ناطفا أو غيره من الحلوى أو لا كلمت
هذا الصبي فصار شيخا أو لا أكلت هذا الحمل
فصار كبشا أو هذه الحنطة فصارت دقيقا أو سويقا
أو هريسة أو هذا العجين فصار خبزا أو هذا
اللبن فصار مصلا أو جبنا أو كشكا أو لا دخلت
هذه الدار فصارت مسجدا أو حماما أو فضاء ثم
دخلها أو أكله - حنث في جميع ذلك.
الثالث - تبدلت الإضافة: كلا كلمت زوجة زيد
هذه ولا عبده هذا ولا دخلت داره هذه فطلق
الزوجة وباع العبد، والدار فكلمهما ودخل الدار
حنث.
الرابع - تغير صفته بما يزيل اسمه ثم عادت:
كغصن انكسر ثم أعيد وقلم كسر ثم بري وسفينة
نقضت ثم أعيدت ودار هدمت ثم بنيت ونحوه فإنه
يحنث.
الخامس - تغيرت صفته لما لم يزل اسمه: كلحم
شوي أو طبخ وتمر حديث فعتق وعبد بيع ورجل صحيح
فمرض ونحوه فإنه يحنث وإن قال: لا كلمت سعدا
زوج هند أو سيد صبيح أو صديق عمر أو مالك هذه
الدار أو صاحب الطيلسان أو لا كلمت هند امرأة
سعد أو صبيحا عبده أو عمرا صديقه فطلق الزوجة،
وباع العبد
(4/343)
والدار
والطيلسان وعادى عمرا ثم كلمهم - حنث ولا يلبس
هذا الثوب وكان رداء حال حلفه فارتدى به أو
اتزر أو أعتم أو جعله قميصا أو سراويل أو قباء
فلبسه - حنث وكذلك إن كان سراويل فارتدى أو
اتزر به حنث: لا إذا ائتزر به ولا بطيه وتركه
على رأسه ولا بنومه عليه أو تدثره وإن قال: لا
ألبسه وهو رداء فغير عن كونه رداء ولبس - لم
يحنث وكذلك أن ينوي بيمينه في شيء من هذه
الأشياء ما دام على تلك الصفة والإضافة أو ما
لم يتغير.
(4/344)
فصل: - فإن عدم النية وسبب اليمين وما هيجها
والتعيين
-
رجع إلى ما يتناوله الاسم والاسم يتناول
العرفي والشرعي والحقيقي: وهو اللغوي فيقدم
شرعي ثم عرفي ثم لغوي فالشرعي - ما له موضوع
فيه وموضوع في اللغة: كالصلاة والصوم والزكاة
والحج ونحوه فاليمين المطلقة تنصرف إلى
الموضوع الشرعي ويتناول الصحيح منه: إلا إذا
حلف لا يحج فحج حجا فاسدا فيحنث فإذا حلف لا
يبيع فباع بيعا فاسدا أو لا ينكح غيره فأنكح
نكاحا فاسدا أو حلف ما بعت ولا صليت ونحوه
وكان قد فعله فاسدا لم يحنث: إلا أن يضيف
اليمين إلى شيء لا تتصور فيه الصحة: كحلفه لا
يبيع الحر أو الخمر أو ما باع الحر أو الخمر
أو قال لزوجته: إن سرقت مني شيئا وبعتيه أو
طلقت فلانة الأجنبية فأنت طالق فيحنث بصورة
البيع والطلاق فإن حلف لا يبيع فباع بيعا فيه
الخيار - حنث ولا أبيع ولا أتزوج ولا أؤجر
فأوجب البيع والنكاح والإجارة ولم يقبل
المشتري والمتزوج
(4/344)
والمستأجر - لم
يحنث ولا يتسرى فوطئ جاريته حنث ولو عزل كحلفه
لا يطأ ولا يحج ولا يعتمر - حنث بإحرام ولا
يصوم حنث بشروع صحيح ولو كان حال حلفه صائما
أو حاجا فاستدام أو حلف على غيره لا يصلي وهو
في الصلاة فاستدام - لم يحنث ولا يصوم صوما لم
يحنث حتى يصوم يوما ولا يصلي حنث بتكبيرة
الإحرام ولا يصلي صلاة لم يحنث حتى يفرغ مما
يقع عليه اسم الصلاة ويشمل صلاة الجنازة فيهما
قال القاضي وغيره: الطواف ليس بصلاة في
الحقيقة وإن حلف لا يهب لزيد شيئا ولا يوصي له
ولا يتصدق عليه أو لا يعيره ففعله ولم يقبل
زيد - حنث وإن نذر أن يهب له - بر بالإيجاب
ولا يتصدق عليه فوهبه لم يحنث ولا يهبه فأسقط
عنه دينا أو أعطاه من نذره أو كفارته أو صدقته
الواجبة أو أعاره أو أوصى له لم يحنث فإن تصدق
عليه تطوعا أو أهدى له أو أعمره أو وقف عليه
أو باعه أو حاباه - حنث وإن حلف لا يتصدق
فأطعم عياله لم يحنث.
(4/345)
فصل: - والاسم اللغوي - ما لم يغلب مجازه
فإن حلف لا يأكل اللحم فأكل الشحم أو المخ
الذي في العظام أو الكبدة أو الطحال أو القلب
أو الكرش أو المصران أو الإلية أو الدماغ: وهو
المخ الذي في قحف الرأس أو القانصة أو الكلية
أو الكوارع أو لحم الرأس أو لحم خد الرأس أو
اللسان ونحوه - لم يحنث: إلا أن يكون أراد
اجتناب الدسم ويحنث بأكل لحم ولو كان محرما:
كخنزير وميتة ومغصوب
(4/345)
وبلحم سمك ولحم
قديد ولحم طير وصيد ولا يأكل شحما فأكل شحم
الجوف من الكلى أو غيره أو من شحم الظهر أو
سمينه ونحه أو السنام أو الإلية - حنث: لا
باللحم الأحمر ولا يأكل لبنا فأكل من لبن
الأنعام أو الصيد أو لبن آدمية: حليبا كان أو
رائبا أو مائعا أو مجمدا - حنث إن أكل زبدا أو
سمنا أو كشكا: وهو الذي يعمل من القمح واللبن
أو مصلا أو أقطا أو جبنا - لم يحنث: إن كان
ظاهرا فيه حنث وإن أكل جبنا أو ما يصنع من
اللبن من كشك أو مصل أو أقط ونحوه - لم يحنث
ولا يأكل سمنا فأكل زبدا أو ما يصنع من اللبن
سوى السمن لم يحنث وإن أكل السمن منفردا أو في
عصيدة أو حلوى أو طبيخ من خميص ونحوه يظهر
طعمه فيه - حنث وكذلك إذا حلف لا يأكل لبنا
فأكل طبيخا فيه لبن أو لا يأكل طبيخا فيه خل
يظهر طعمه فيه - حنث ولا يأكل فاكهة حنث بعنب:
ورطب ورمان وسفرجل وتفاح وكمثري وخوخ واترج
ونبق وموز وجميز وبطيخ وكل ثمر شجر غير بري
ولو يابسا: كصنوبر وعناب وجوز ولوز وبندق وتمر
وتوت وزبيب ومشمش وتين وأجاص ونحوه: لا قثاء
وخيرا وخص زيتون وبلوط وبطم وزعرور أحمر وثمر
قيقب وعفص وآس وخوخ الدب وسائر ثمر كل شجر لا
يستطاب ولا قرع وباذنجان وجزر ولفت وفجل
وقلقاس وسنوطل ونحوه وإن حلف لا يأكل رطبا أو
بسرا فأكل مذنبا أو منصفا حنث: كما لو أكل
(4/346)
نصف رطبة بسرة
منفردتين فإن كان الحلف على الرطب فأكل القدر
الذي أرطب من النصف أو كان على البسر فأكل
البسر الذي في النصف - حنث وإن أكل البسر من
يمينه على الرطب أو الرطب من يمينه على البسر
- لم يحنث: وإن حلف واحد ليأكلن رطبا وآخر
ليأكلن بسرا فأكل الحالف على أكل الرطب ما في
المنصف من الرطب وأكل الآخر باقيها - برا
جميعا وليأكل رطبة أو بسرة أو لا يأكل ذلك
فأكل منصفا لم يبر ولم يحنث لأنه ليس فيه رطبة
ولا بسرة ولا يأكل رطبا فأكل تمرا أو بلحا أو
بسرا أو لا يأكل تمرا فأكل بسرا أو بلحا أو
رطبا أو دبسا أو ناطفا - لم يحنث ولا يأكل
عنبا فأكل زبيبا أو دبسا أو هما أو ناطفا أو
لا يكلم شابا فكلم شيخا أو لا يشتري جديا
فاشترى تيسا أو لا يضرب عبدا فضرب عتيقا - لم
يحنث ولا يأكل من هذه البقرة لم يعم ولدا
ولبنا ولا يأكل من هذا الدقيق فأسبغه أو خبزه
فأكله - حنث وحقيقة الغداء والقيلولة قبل
الزوال والعشاء بعده وآخره نصف الليل فلو حلف
لا يتغدى فأكل بعده أو لا يتعشى فأكل لعد نصف
الليل أو لا يتسحر فأكل قبله - لم يحنث
والغداء والعشاء أن يأكل أكثر من نصف شبعة ولا
ينام حنث بأدنى نوم ولا يأكل أدما حنث بأكل ما
جرت العادة بأكل الخبز به من مصطبغ به:
كالطبيخ والمرق والخل والزيت والسمن والسيرج
واللبن الدبس والعسل أو جامد كالشواء والجبن
والباقلاء والزيتون والبيض والملح
(4/347)
والتمر والزبيب
ونحوه والقوت - الخبز وجبه ودقيقه وسويقة
والفاكهة اليابسة واللحم واللبن ونحوه: لا عنب
وحصرم وخل نحوه والطعام - ما يؤكل ويشرب من
قوت وأدم وحلو وجامد ومائع وما جرت العادة
بأكله من نبات الأرض: لا ماء ودواء وورق شجر
ونشارة خشب وتراب ونحوها والعيش في العرف -
الخبز من حنطة.
(4/348)
فصل: - وإن حلف لا يلبس شيئا
فلبس ثوبا أو درعا أو جوشنا: أو خفا أو نعلا
أو عمامة أو قلنسوة - حنث فإن ترك القلنسوة في
رحله أو أدخل يده في الخف أو النعل لم يحنث
ولا يلبس حليا فلبس حلية ذهب أو فضة أو خاتما
ولو في غير الخنصر أو دراهم أو دنانير في
مرسلة ونحوها أو لؤلؤا أو جوهرا في مخنقة أو
منفردا أو منطقة محلاة - حنث: لا سبحا وعقيقا
وحريرا ولو لامرأة: ولا ودعا أو خرز زجاج
ونحوه ولا سيفا محلى دن منطقته ولا يدخل دار
فلان أو لا يركب دابته أو يلبس ثوبه فدخل أو
ركب أو لبس ما هو ملك له أو مؤجره أو مستأجره
أو جعله لعبده - حنث: لا ما استعاره فلان أو
عبده ولا يدخل مسكنه حنث بمستأجر ومستعار
ومغصوب يسكنه لا بملكه الذي لا يسكنه وإن قال:
ملكه - لم يحنث بمستأجر ولا يركب دابة عبد
فلان فركب دابة جعلت برسمه حنث: كحلفه لا يركب
رحل هذه الدابة أو لا يبيعه ولا يدخل دارا
فدخل سطحها حنث: لا إن وقف على
(4/348)
الحائط، أو في
طاق الباب، أو كان في اليمين دلالة لفظية أو
حالية تقتضي اختصاص الإرادة بداخلها مثل: أن
يكون سطح الدار طريقا وسبب يمينه يقتضي ترك
وصلة أهل الدار لم يحنث بالمرور على سطحها وإن
نوى باطن الدار تقيدت به يمينه وإن تعلق بغصن
شجرة في الدار من خارجها لم يحنث فإن صعد حتى
صار في مقابلة سطحها بين حيطانها أو كانت
الشجرة في غير الدار فتعلق بفرع ماد على الدار
في مقابلة سطحها - حنث وإن حلف ليخرجن منها
فصعد سطحها لم يبرأ ولا يخرج منها فصعده لم
يحنث ولا يضع قدمه في الدار أو لا يطؤها أو لا
يدخلها فدخلا راكبا أو ماشيا أو حافيا أو
منتعلا - حنث: لا بدخول مقبرة لأنه العرف وإن
حلف لا يكلم إنسانا حنث بكلام كل إنسان: من
ذكر وأنثى وصغير وكبير وعاقل ومجنون ولا يكلم
زيدا ولا يسلم عليه فإن زجره فقال: تنح أو
اسكت - حنث: إلا أن يكون نوى كلاما غير هذا
وإن صلى بالمحلوف عليه إماما ثم سلم من الصلاة
لم يحنث وإن ارتج في الصلاة ففتح عليه الحالف
لم يحنث ولو كاتبه أو أرسل إليه رسولا حنث:
إلا أن يكون أراد أن لا يشافهه وإن أشار إليه
حنث قاله القاضي وإن ناداه بحيث يسمع فلم يسمع
لتشاغله أو غفلته أو سلم عليه حنث وإن سلم على
قوم هو فيهم ولم يعلم فكناس وإن علم به ولم
ينوه ولم يستثنه بقلبه ولا بلسانه كأن يقول:
السلام عليكم: إلا فلانا - حنث ولا يبتدئه
بكلام فتكلما معا لم يحنث لخلاف لا كلمته حتى
يكلمني أو يبدأني
(4/349)
بكلام فيحنث
بكلامهما معا ولا يكلمه حينا الحين - أشهر إذا
أطلق ولم ينو شيئا وكذا الزمان معرفا وإن قال:
زمنا أو دهرا أو بعيدا أو مليا أو طويلا أو
وقتا أو حقبا - فأقل زمان وإن قال الأبد
والدهر والعمر معرفا فذلك على الزمان كله
والحقب ثمانون سنة والشهور ثلاثة: كالأشهر
والأيام وإن قال: إلى الحول فحول كامل: لا
تتمته وإن حلف لا يتكلم ثلاثة أيام أو ثلاث
ليال دخل في ذلك الأيام التي بين الليالي
والليالي التي بين الأيام ولا يدخل باب هذه
الدار أو قال: لا دخلت من باب هذه الدار فحول
ودخله حنث ولو مع بقاء الأول وإن قلع الباب
ونصب في دار أخرى وبقي الممر حنث بدخوله الممر
فقط ولا يدخل هذه الدار من بابها فدخلها مر
غيره - حنث ولا يكلمه إلى حين الحصاد أو
الجذاذ انتهت يمينه بأوله وإن حلف لا مال له
وله مال ولو غير زكوى من الأثمان والعقارات
والأثاث والحيوان ونحوه أو له دين على ملئ أو
غيره أو ضائع ولم ييأس من عوده أو مغصوب أو
محجور - حنث فإن أيس من عوده: كالذي سقط في
البحر أو كان متزوجا أو وجب له حق شفعة لم
يحنث ولا يفعل شيئا فوكل من يفعله ففعله حنث
إلا أن ينوي ولو توكل الحالف فيما حلف أن لا
يفعله وكان عقدا أضافه إلى الموكل أو أطلق لم
يحنث.
(4/350)
فصل: - والعرفي ما اشتهر مجازه حتى غلب على
حقيقته بحيث لا يعلمها أكثر الناس كالرواية
-
وهي في العرف: اسم للمزادة - وفي الحقيقة اسم
لما يستقى عليه من الحيوانات والظعينة في
العرف:
(4/350)
المرأة، وفي
الحقيقة: اسم للناقة التي يظعن عليها والدابة
في العرف اسم لذوات الأربع من الخيل والبغال
والحمير وفي الحقيقة: اسم لما دب ودرج والعذرة
والغائط في العرف: الفضلة المستقذرة وفي
الحقيقة - العذرة: فناء الدار الغائط: المطمئن
من الأرض فهذا وأمثاله تنصرف يمين الحالف إلى
مجازه دون حقيقته فإن حلف على وطء امرأة تعلقت
يمينه بجماعها ولا يشم الريحان فشم الورد
والبنفسج والياسمين ولو يابسا - حنث ولا يشم
الورد والبنفسج فشم دهنهما أو شم ماء الورد
حنث ولا يشم طيبا فشم نبتا ريحه طيب حنث: لا
فكاهة ولا يأكل رأسا - حنث بأكل كل رأس حيوان
من الإبل الصيود وبأكل رؤوس طيور وسمك وجراد
ولا يأكل بيضا حنث بأكل كل بيض يزايل بائضه:
كثر وجوده كبيض الدجاج أو قل كبيض النعام لأنه
العرف ولا يحنث بأكل بيض السمك والجراد ولو
حلف لا يشرب ماء فشرب ماء ملحا أو ماء نجسا أو
لا يأكل خبزا فأكل خبز الأرز أو الذرة أو
غيرهما في مكان: يعتاد أكله أولا - حنث ولا
يدخل بيتا فدخل مسجدا أو الكعبة أو بيت رحا أو
حماما ا بيت شعر أو أدم أو خيمة - حنث: حضريا
كان الحالف أو بدويا: لا إن دخل دهليز الدار
أو صفتها ولا يركب فركب سفينة حنث ولا يتكلم
فقرأ ولو خارج للصلاة أو سبح الله لم يحنث
وحقيقة الذكر ما نطق به فتحمل يمينه عليه قال
أبو الوفاء: لو حلف لا يسمع كلام الله في فسمع
القرآن حنث إجماعا، وإن
(4/351)
استؤذن عليه
فقال: أدخلوها بسلام آمنين يقصد القرآن لينبهه
لم يحنث وإلا حنث وليضربنه مائة سوط أو عصا أو
ليضربنه مائة ضربة أو مائة مرة فجمعها فضربه
بها ضربة واحدة لم يبرأ ويبرأ بمائة ضربة
مؤلمة وإن قال: بمائة سوط بر وإن حلف لا يضرب
امرأته فخنقها أو نتف شعرها أو عضها تأليما لا
تلذذا - حنث ولو لم ينو في يمينه وإن حلف
ليضربنها ففعل ذلك بر ولا يأكل شيئا فأكله
مستهلكا في غيره: مثل أن لا يأكل لبنا فأكل
زبدا أو لا يأكل سمنا فأكل خبيصا فيه سمن لا
يظهر معه فيه أو لا يأكل بيضا فأكل ناطفا أو
لا يأكل شحما فأكل اللحم الأحمر أو لا يأكل
شعيرا فأكل حنطة فيها حبات شعير لم يحنث وإن
ظهر له شيء من المحلوف عليه حنث ولا يأكل
سويقا فشربه أو لا يشربه فأكله - حنث ولا يأكل
ولا يشرب فمص قصب السكر أو الرمان ونحوه لم
يحنث وكذا لا يأكل سكرا فتركه في فيه حتى ذاب
وابتلعه ولا يطعمه حنث بأكله وشربه ومصه وإن
ذاقه ولم يبلعه لم يحنث ولا يذوقه حنث بأكله
وشربه لأنه ذوق وزيادة وكذلك إن مضغه ورمى به
لأنه قد ذاقه ولا يأكل ولا يشرب من الكوز فصب
منه في إناء وشرب لم يحنث عكسه إن اغترف بإناء
من النهر أو البئر ولا يأكل من هذه الشجرة حنث
بالثمرة فقط ولو لقطها من تحتها وليأكلن أكلة
- بالفتح - لم يبرأ حتى يأكل ما يعده الناس
أكلة والأكلة بالضم اللقمة ولا يتزوج ولا
يتطهر: ولا يتطيب فاستدامه لم يحنث ولا يركب
(4/352)
وهو راكب ولا
يلبس، وهو لابس ولا يلبس من غزلها وعليه شيء
منه أو لا يقوم ولا يقعد أو لا يستتر ولا
يستقبل القبلة وهو كذلك فاستدام ذلك أو لا
يدخل دار أو هو داخلها فأقام فيها أو لا
يضاجعها على فراش وهما متضاجعان فاستدام أو
ضاجعته ودام - حنث وكذا لا يطؤها أو لا يمسك
أو لا يشاركه فدام ولا يدخل على فلان بيتا
فدخل فلان عليه فأقام معه - حنث ما لم يكن له
نية.
(4/353)
فصل: - وإن حلف لا يسكن دارا هو ساكنها أو لا
يساكن فلانا وهو مساكنه
ولم يخرج في الحال بنفسه وأهله ومتاعه المقصود
مع إمكانه - حنث: إلا أن يقيم لنقل متاعه أو
يخشى على نفسه الخروج فيقيم إلى أن يمكنه
الخروج بحسب العادة فلو كان ذا متاع كثير
فنقله قليلا قليلا على العادة بحيث لا يترك
النقل المعتاد لم يحنث وإن أقام أياما ولا
يلزمه جمع دواب البلد لنقله ولا النقل وقت
الاستراحة عند التعب ولا أوقات الصلوات وإن
خرج دون متاعه وأهله حنث لأن الانتقال لا يكون
إلا بالأهل والمال: إلا أن يودع متاعه أو
بعيره أو يزول ملكه عنه أو تأبى امرأته الخروج
معه ولا يمكنه إرراهها أو كان له عائلة
فامتنعوا ولا يمكنه إخراجهم فيخرج وحده - لم
يحنث وإن أكره على المقام لم يحنث وكذا إن كان
في جوف الليل في وقت لا يجد منزلا يتحول إليه
أو يحول بينه وبين المنزل أبواب مغلقة لا
يمكنه فتحها أو خوف على نفسه أو أهله أو ماله
فأقام في طلب النقلة أو انتظار زوال المانع أو
خرج طالبا النقلة فتعذرت عليه لكونه
(4/353)
لا يجد مسكنا
يتحول إليه لتعذر الكراء أو غيره أو لم يجد
بهائم ينقل عليها ولم يمكنه النقلة بدونها
فأقام ناويا للنقلة متى قدر عليها - لم يحنث
وإن أقام أياما وليالي قال الشيخ: والزيارة
ليست سكنى اتفاقا والسفر القصير سفر وإن حلف
لا يساكنه فانتقل أحدهما لم يحنث: وإن بنيا
بينهما حاجزا وهما على حالهما في المساكنة حنث
لأنهما بتشاغلهما ببناء الحاجز قد تساكتا قبل
وجوده بينهما وإن كان في الدار حجرتان كل حجرة
تختص ببابها ومرافقها فسكن كل واحدة حجرة - لم
يحنث وإن كانا في حرجة دار واحدة حالة اليمين
فخرج أحدهما منها وقسماها حجرتين وفتحا لكل
واحد منهما بابا وبينهما حاجز ثم سكن كل واحد
منهما في حجرة لم يحنث وإن سكنا في دار واحدة:
كل واحد في بيت ذي باب وغلق رجع إلى نيته
بيمينه أو إلى سببها وما دلت عليه قرائن أحاله
في المحلوف على المساكنة فيه فإن عدم ذلك حنث
وإن حلف لا ساكنت فلانا في هذه الدار وهما غير
متساكنين فبنيا بينهما حائطا وفتح كل واحد
منهما بابا لنفسه وسكناها - لم يحنث وليخرجن
من هذه البلدة فخرج وحده دون أهله - بر
وليخرجن أو ليدخلن من هذه الدار فخرج دون أهله
لم يبر: كحلفه لا يسكنها أو لا يأويها أو لا
ينزلها وليخرجن أو ليرجلن من البلد أو ليرحلن
عن هذه الدار ففعل فله العود إن لم تكن نية
ولا سبب.
(4/354)
فصل: - وإن حلف لا يدخل دارا فحمل بغير إذنه
فأدخلها وأمكنه الامتناع فلم يمتنع
-
حنث وبضرب ونحوه فدخل لم يحنث
(4/354)
ويحنث
بالاستدامة بعد الإكراه وإن حلف لا يستخدمه
فخدمه وهو ساكت - حنث ولو كان الخادم عبده
وليشرين هذا الماء غدا أو ليضربن غلامه غدا
فتلف المحلوف عليه ولو بغير اختياره قبل الغد
أو فيه ولو قبل التمكن من فعله أو أطلق ولم
يقيده بوقت فتلف قبل فعله حنث حال تلفه وإن
مات الحالف قبل الغد أو جن فلم يفق إلا بعد
خروج الغد لم يحنث وإن ضربه قبله أو فيه ضربا
لا يؤلمه أو بعد موت الغلام أو أفاق الحالف من
جنونه في الغد ولو جزءا يسيرا أو مات فيه أو
هرب الغلام أو مرض هو أو الحالف فلم يقدر على
ضربه - حنث وإن جن الغلام وضربه فيه - بر وإن
ضربه في الغد أو خنقه أو نتف شعره أو عصر ساقه
بحيث يؤلمه - بر وإن حلف ليضربن هذا الغلام
اليوم أو ليأكلن هذا الرغيف اليوم فمات الغلام
أو أتلف الرغيف أو مات الحالف - حنث ولا يكفل
بمال فكفل ببدن وشرط البراءة لم يحنث وإن حلف
من عليه الحق ليقضينه حقه فأبرأه أو أخذ عنه
عوضا لم يحنث وإن حلف من عليه الحق ليقضينه
حقه فأبرأه أو أخذ عنه عوضا لم يحنث وإن مات
المستحق للحق فقضى ورثته لم يحنث وليقضينه حقه
غدا فأبرأه اليوم أو قبل مضيه أو مات ربه
فقضاه لورثته - لم يحنث وليقضينه حقه عند رأس
الهلال أو مع رأسه أو إلى رأسه أو استهلاله أو
عند رأسه أو مع رأسه فقضاه عند غروب الشمس من
آخر الشهر - بر وإلا فلا ولو شرع في عده أو
كيله أو وزنه أو ذرعه فتأخر القضاء لم يحنث:
كما لو حلف ليأكلن هذا الطعام في هذا الوقت
فشرع في أكله فيه وتأخر الفراغ
(4/355)
لكثرته ولا
أخذت حقك مني فأكرهه على دفعه أو أخذه حاكم
فدفعه إلى غريمه فأخذه حنث: كلا تأخذ حقك على:
لا أن أكره قابضه ولا أن وضعه الحالف بين يديه
أو في حجره فلم يأخذه الغريم لأنه لا يضمن مثل
هذا المال ولا صيد يحنث لو كانت يمينه لا
أعطيك لأنه يعد إعطاء إذ هو تمكين وتسليم بحق
فهو كتسليم ثمن ومثمن وأجرة وزكاة ولا أفارقك
حتى أستوفي حقي منك ففارقه مختارا: أبرأه من
الحق أو بقي عليه أو أذن الحالف أو فارقه من
غير إذن أو هرب على وجه يمكنه ملازمته والمشي
معه أو أحاله الغريم بحقه أو فلسه الحاكم وحكم
عليه بفراقه أو كمن فارقه لعلمه بوجوب مفارقته
إلا أن يهرب منه بغير اختياره أو قضاه عن حقه
عرضا ثم فارقه: كلا فارقتك حتى تبرأ من حقي أن
ولي قبلك حق وإن قاضه قدر حقه ففارقه ظنا أنه
قد وفاه فخرج رديئا أو مستحقا فكناس وفعل وكيل
كهو فلو وكل في استيفاء حقه ففارقه الموكل قبل
استيفاء الوكيل حنث وإن فارقه مكرها بمخوف
كالجاء بسبيل ونحوه أو تهديد بضرب ونحوه لم
يحنث ولا فارقتني ففارقه الغريم أو الحالف
طوعا حنث لا كرها ولا افترقنا فهرب حنث: لا إن
أكرها ولا فارقتك حتى أوفيك حقك فأبرأه الغريم
منه فكمكره وإن كان الحق عينا فوهبها له
الغريم فقبلها حنث وإن قبضها منه ثم وهبها
إياه لم يحنث وإن كانت يمينه لا أفارقك ولك في
قبلي حق لم يحنث إذا أبرأه أو وهب العين له أو
أحاله وقدر الفرقة ما عده الناس فراقا: كفرقة
البيع وما نواه بيمينه مما يتحمله لفظه فهو
على ما نواه وتقدم ما له تتعلق بهذا الباب في
الطلاق
(4/356)
باب النذر
مدخل
...
باب النذر
وهو مكروه ولو عبادة لا يأتي بخير ولا يرد
قضاء وهو إلزام مكلف مختار نفسه لله تعالى
بالقول شيئا غير لازم بأصل الشرع: كعلي لله أو
نذرت لله ونحوه فلا تعتبر له صيغة ويصح من
كافر بعبادة فإن نواه الناذر من غير قول لم
يصح: كاليمين وينعقد في واجب: كلله علي صوم
رمضان ونحوه فيكفر إن لم يصمه: كحلفه عليه
وعند الأكثر لا: كلله علي صوم أمس ونحوه من
المحال.
والنذر المنعقدة أقسام:
أحدها : المطلق: كعلي نذر أو لله علي نذر:
أطلق أو قال: إن فعلت كذا ولم ينو شيئا فيلزمه
كفارة يمين.
الثاني : نذر اللجاج والغضب وهو تعليقه بشرط
يقصد المنع منه أو الحمل عليه والتصديق عليه:
كقوله إن كلمتك أو إن لم أضربك فعلي الحج أو
صوم سنة أو عتق عبدي أو مالي صدقة أو إن لم
أكن صادقا فعلي صوم كذا فيخير بين فعله وكفارة
يمين إذا وجد الشرط ولا يضر قوله علي مذهب من
يلزم بذلك أو لا أقلد من يرى الكفارة ونحوه
لأن الشرع لا يتغير بتوكيد ذكره الشيخ ولو علق
الصدقة به ببيعه والمشتري علق الصدقة به
بشرائه فاشتراه - كفر كل منهما كفارة يمين ومن
حلف فقال: علي عتق رقبة فحنث فعليه كفارة
يمين.
الثالث : نذر المباح: كقوله: لله علي أن ألبس
ثوبي أو أركب دابتي فيخير بين فعله وكفارة
يمين: كما لو حلف ليفعلنه فلم يفعل
(4/357)
الرابع : نذر
مكروه: كطلاق ونحوه فيستحب أن يكفر ولا يفعله
فإن فعله فلا كفارة عليه.
الخامس : نذر المعصية: كشرب الخمر وصوم يوم
الحيض والنفاس ويوم العيد وأيام التشريق فلا
يجوز الوفاء به ويقضى الصوم ويكفر فإن وفى به
أثم ولا كفارة.
ومن نذر ذبح معصوم ولو نفسه كفر كفارة يمين
فإن نذر ذبح ولده وكان له أكثر من ولد ولم
يعين واحدا ولا قوله لزمه بعددهم كفارات فإن
نذر فعل طاعة وما ليس بطاعة لزمه فعل الطاعة
ويكفر لغيره ولو كان المتروك خصالا كثيرة
أجزأته كفارة واحدة قال الشيخ: والنذر للقبور
أو لأهل القبور كالنذر لإبراهيم الخليل والشيخ
فلان نذر معصية لا يجوز الوفاء به وإن تصدق
بما نذره من ذلك على من يستحقه من الفقراء
والصالحين كان خيرا له عند الله وأنفع وقال
فيمن نذر قنديل نقد للنبي صلى الله عليه وسلم:
يصرف لجيران النبي صلى الله عليه وسلم قيمته
وأه أفضل من الختمة وقال: وأما من نذر للمساجد
ما تنور به أو يصرف في مصالحها فهذا نذر بر
فيوفى بنذره.
السادس : نذر التبرر كنذر الصلاة والصيام
والصدقة والاعتكاف وعيادة المريض والحج
والعمرة ونحوها من القرب على وجه التقرب سواء
نذره مطلقا أو معلقا: كقوله: إن شفى الله
مريضي أو سلم مالي أو طلعت الشمس - فلله علي
كذا أو فعلت كذا نحو تصدقت بكذا ونص عليه في:
إن قدم فلان تصدقت بكذا - فهذا نذر وإن لم
يصرح بذكر النذر لأن دلالة الحال تدل على
إرادة
(4/358)
النذر، فمتى
وجد شرطه انعقد نذره ولزمه فعله ويجوز فعله
قبله وقال الشيخ فيمن قال: إن قدم فلان أصوم
كذا: "هذا نذر يجب الوفاء به مع القدرة لا
أعلم فيه نزاعا ومن قال ليس بنذر فقد أخطأ"
وقال قول القائل لئن ابتلاني الله لأصبرن ولئن
لقيت العدو لأجاهدن ولو علمت أن العمل أحب إلى
الله لعملته - نذر معلق بشرط: كقول الآخر:
{لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ
لَنَصَّدَّقَنَّ} - الآية ونظير ابتداء
الإيجاب لقاء العدو ويشبهه سؤال الإمارة
فإيجاب المؤمن على نفسه إيجاب لم يحتج إليه
بنذر وعهد وطلب وسؤال جهل منه وظلم وقوله: لو
ابتلاني الله لصبرت ونحو ذلك: إن كان وعدا أو
التزاما ما فنذر وإن كان خبرا عن الحال ففيه
تزكية النفس وجهل بحقيقة حالها انتهى".
ومن نذر التبرر أو حلف بقصد التقرب: كقوله:
والله إن سلم مالي لأتصدقن بكذا فوجد الشرط
لزمه ومن نذر الصدقة بكل ماله أو بمعين وهو كل
ماله أو بألف ونحوه وهو كل ماله أو يستغرق كل
ماله - نذر قربة لا لحاج وغضب - أجزأه ثلثه
ولا كفارة وإن نوى عينا أو مالا دون مال كصامت
أو غيره أخذ بنيته لأن الأموال تختلف عند
الناس وثلث المال معتبر بيوم نذره ولا يدخل ما
تجدد له من المال بعده وإن نذر الصدقة بمال
ونيته ألف مختصة يخرج ما شاء ومصرفه للمساكين
كصدقة مطلقة وإن نذر الصدقة ببعض ماله وبألف
وليست كل ماله - لزمه جميع ما نذره ولو نذر
الصدقة بقدر من المال فأبرأ غريمه من نذره
يقصد به وفاء النذر لم يجزئه إن كان الغريم من
أهل
(4/359)
الصدقة فإن أخذ
منه ثم دفعه إليه أجزأ وتجب كفارة النذر على
الفور وتقدم آخر كتاب الأيمان وإن نذر صياما
أو صيام نصف يوم أو ربعه ونحوه لزمه صوم يوم
بينة من الليل وإن نذر صلاة وأطلق فركعتان
قائما لقادر لأن الركعة لا تجزئ في فرض وإن
عين عددا أو نواه لزمه: قل أو كثر وإن نذر عتق
عبد معين فمت قبل عتقه لم يلزمه عتق غيره
ويكفر وإن قتله السيد فالكفارة فقط وإن أتلفه
غيره فكذلك وللسيد القيمة ولا يلزمه صرفها في
العتق وإن نذر صوم سنة معينة لم يدخل في نذره
رمضان ويوما العيدين وأيام التشريق كالليل وإن
قال: سنة وأطلق لزمه التتابع كما في شهر مطلق
ويأتي ويصوم اثني عشر شهرا سوى رمضان وأيام
النهى ولو شرط التتابع وإن قال: سنة من الآن
أو من وقت كذا فكمعينة وإن نذر صوم الدهر لزمه
وإن أفطر كفر فقط بغير صوم ولا يدخل رمضان
ويوم النهى ويقضى فطره منه لعذره ويصام لظهار
ونحوه منه ويكفر مع صوم ظهار فقط وإن نذر صوم
يوم الخميس فوافق يوم عيد أو حيض أو أيام
التشريق أفطر وقضى وكفر وإن نذر أن يصوم يوما
معينا أبدا ثم جهل فقال الشيخ: يصوم يوما من
الأيام مطلقا - أي يوم كان انتهى وقيا المذهب
وعليه كفارة للتعيين.
(4/360)
فصل: - وإن نذر صوم يوم يقدم فلان
فقدم ليلا فلا شيء عليه ويستحب صوم يوم صبيحته
وإن قدم نهارا أو مفطرا أو يوم عيد أو حيض أو
نفاس - قضى وكفر وإن قدم زيد وهو صائم وكان
(4/360)
قد بيت النية
بخبر سمعه صح صومه وأجزأه وإن نوى حين قدم لم
يجزئه ويقضي ويكفر وإن وافق قدومه يوما من
رمضان فعليه القضاء والكفارة وإن وافق قدومه
وهو صائم عن نذر معين أتمه ولا يلزمه قضاؤه
ويقضي نذر القدوم كصوم في قضاء رمضان أو كفارة
أو نذر مطلق ومثل ذلك في الحكم لو نذر صوم شهر
من يوم يقدم فلان فقدم أول رمضان وعليه نذر
الاعتكاف كالصوم وإن نذر صوم يوم أكل فيه فلغو
وإن وافق يوم نذره وهو مجنون فلا قضاء عليه
ولا كفارة وإن نذر صوم شهر معين فلم يصمه قضى
متتابعا وكفر وإن أفطر منه لغير عذر استأنف
شهرا من يوم فطره وكفر ولعذر يبني ويقضي ما
أفطره متتابعا متصلا بتمامه ويكفر وإن صام
قبله لم يجزئه كالصلاة وكذلك إن نذر الحج في
عام فحج قبله: فإن كان نذره بصدقة مال جاز
إخراجها قبل الوقت الذي عينه: كالزكاة ولو جن
الشهر المعين كله لم يقضه ولم يكفر وصومه في
كفارة الظهار في الشهر المنذور وكفطره فيه:
ويبني من لا يقطع عذره تتابع صوم الكفارة وإن
قال: لله علي الحج في عامي هذا فلم يحج لعذر
أو غيره فعليه القضاء والكفارة وإن نذر صوم
شهر مطلق لزمه التابع وهو مخير: إن شاء صام
شهرا هلاليا من أوله ولو ناقصا وإن شاء ابتدأ
من أثناء الشهر ويلزمه شهر بالعدد ثلاثون يوما
فإن قطعه بلا عذر استأنفه ومع عذر يخير بينه
بلا كفارة وبين البناء ويتم ثلاثين يوما ويكفر
وإن نذر صيام أيام معدودة ولو ثلاثين يوما لم
يلزمه تتابع إلا بشرط أو نية وإن نذر صياما
متتابعا غير معين فأفطر لمرض يجب معه الفطر أو
حيض - خير بين استئنافه
(4/361)
ولا شيء عليه
وبين البناء على صومه فيكفر وإن أفطر لغير عذر
لزمه الاستئناف بلا كفارة وإن أفطر لسفر أو ما
يبيح الفطر مع القدرة على الصوم لم ينقطع
التتابع وإن نذر صياما فعجز عنه لكبر أو مرض
لا يرجى برؤه أو نذره في حال عجزه أطعم لكل
يوم مسكينا وكفر كفارة يمين وإن عجز لعارض
يرجى برؤه انتظر زواله ولا يلزمه كفارة ولا
غيرها وإن صار غير مرجو الزوال صار إلى
الكفارة والفدية وإن نذر صلاة ونحوها وعجز
فعليه كفارة يمين فقط وإن نذر حجا لزمه وإن
نذر المشي أو الركوب إلى بيت الله الحرام أو
موضع من الحرم كالصفا والمروة وأبي قيس أو مكة
وأطلق أو قال: غير حاج ولا معتمر - لزمه
إتيانه في حج أو عمرة من دويرة أهله - أي:
مكانه الذي نذر فيه - إلا أن ينوي من مكان
معين فيلزمه منه على صفة ما نذره من مشي أو
ركوب إلى أن يسعى في العمرة أو يأتي بالتحللين
في الحج ويحرم لذلك من الميقات فإن ترك المشي
المنذور أو الركوب المنذور لعجز أو غيره
فكفارة يمين فإن لم يرد بالمشي أو الركوب
حقيقة ذلك إنما أراد إتيانه في حج أو عمرة
لزمه إتيانه في ذلك ولم يتعين عليه مشي ولا
ركوب وإن نذرهما إلى غير الحرم كعرفة ومواقيت
الإحرام وغير ذلك لم يلزمه ذلك ويكون كنذر
المباح ولو أفسد الحج المنذور ماشيا أو راكبا
وجب قضاؤه ماشيا أو راكبا ويمضي في فاسدة
ماشيا أو راكبا حتى يحل منه وإن فاته الحج سقط
توابع الوقوف والمبيت بمزدلفة وبمنى والرمي
وتحلل بعمرة وإن نذر أن يأتي بيت الله الحرام
أو يذهب إليه أو بحجة أو يزوره لزمه ذلك: إن
شاء ماشيا وإن شاء راكبا ولو نذر
(4/362)
المشي إلى مسجد
المدينة أو الأقصى لزمه ذلك وأن يصلي فيه
ركعتين وإن نذر إتيان مسجد سوى المساجد
الثلاثة ماشيا أو راكبا لم يلزمه إتيانه وإن
نذر الصلاة فيه لزمته الصلاة فيصليها في أي
مكان شاء ولا يلزمه المشي إليه والصلاة فيه
وإن نذر المشي إلى بيت الله ولم يعين بيتا ولم
ينوه انصرف إلى بيت الله الحرام وإن نذر طوافا
أو سعيا فأقله أسبوع وتقدم نذر الصلاة في
المساجد الثلاثة في باب الاعتكاف وإن نذر رقبة
فهي التي تجزئ في الكفارة على ما تقدم في
الظهار: إلا أن ينوي رقبة بعينها فيجزئه ما
عينه لكن لو مات المنذور المعين أو أتلفه قبل
عتقه لزمه كفارة يمين بلا عتق كما تقدم في
الباب وإن نذر الطواف على أربع - طاف طوافين
والسعي كالطواف وكذا لو نذر طاعة على وجه منهي
عنه كنذره صلاة عريانا أو حجا حافيا حاسرا أو
نذرت الحج حاسرة ونحوه فيفي بالطاعة على الوجه
المشروع وتلغى تلك الصفة ويكفر وتقدم معناه
ولا يلزم الوفاء بالوعد ويحرم بلا استثناء.
(4/363)
|