الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل

كتاب الوصايا
باب الوصايا
...
كتاب الوصايا :
قوله: وهي الأمر بالتصرف بعد الموت والوصية بالمال هي التبرع به بعد الموت.
هذا الحد هو الصحيح جزم به في الوجيز وغيره.
وصححه في الشرح وغيره.
وقدمه في المستوعب وغيره.
وقال أبو الخطاب هي التبرع بما يقف نفوذه على خروجه من الثلث.
فعلى قوله: تكون العطية في مرض الموت وصية والصحيح خلافه.
قال في المستوعب وفي حده اختلاف من وجوه.
أحدها: أنه يدخل فيه تبرعه بهباته وعطاياه المنجزة في مرض موته وذلك لا يسمى وصية.
ويخرج منه وصية بما زاد على الثلث فإنها وصية صحيحة موقوفة على إجازة الورثة.
ويخرج منه أيضا وصية بفعل العبادات وقضاء الواجبات والنظر في أمر الأصاغر من أولاده وتزويج بناته ونحو ذلك.
تنبيه: قوله: وتصح من البالغ الرشيد عدلا كان أو فاسقا رجلا أو امرأة مسلما أو كافرا.
هذا صحيح بلا نزاع في الجملة.
وقد شمل العبد وهو صحيح ذكره الأصحاب منهم المصنف وغيره فإن كان فيما عدا المال فصحيح.
وإن كان في المال فإن مات قبل العتق فلا وصية على المذهب لانتفاء ملكه.
وإن قيل يملك بالتمليك صحت ذكره بعض الأصحاب.
والمكاتب والمدبر وأم الولد كالقن.
وشمل كلامه أيضا المحجور عليه لفلس فتصح حتى لو كانت الوصية بعين من ماله لأنه قد يتحول ما بقي من الدين فلا يتعين المال الأول إذن للغرماء.
وإن مات قبل ذلك لغت الوصية.

(7/138)


قال في الكافي وغيره هذا إذا لم يعاين الموت.
فأما إذا عاين الموت لم تصح وصيته لأن الوصية قول ولا قول له والحالة هذه.
وتقدم في آخر الباب الذي قبله قبل قوله: والحامل عند المخاض ما يتعلق بذلك فليراجع.
قوله: مسلما كان أو كافرا تصح وصية المسلم بلا نزاع.
وكذا تصح وصية الكافر مطلقا على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب وقطع به في الفروع وغيره.
وقيل لا تصح من مرتد.
وأطلق الوجهين في الرعايتين والحاوي الصغير.
تنبيه: شمل كلام المصنف صحة وصية العبد وهو صحيح صرح به المصنف وغيره من الأصحاب فينفذ فيما عدا المال.
وأما المال فإن مات قبل العتق فلا وصية على المذهب.
وإن قيل يملك صحت ذكره بعض الأصحاب نقله الحارثي.
قلت وهو ضعيف.
وإن مات بعد العتق نفذت بلا خلاف.
والمكاتب والمدبر وأم الولد كالقن.
فلو قال متى عتقت ثم مت فثلثي لفلان نفذ نقله الحارثي.
قوله: ومن السفيه في أصح الوجهين.
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وصححه في الفائق والحارثي وغيرهما.
وقدمه في المغنى والشرح والفروع وغيرهم.
والوجه الثاني: لا تصح منه حكاه أبو الخطاب.
وذكر المجد في شرحه أنه المنصوص.
قلت وهو ضعيف.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
تنبيه: محل الخلاف فيما إذا أوصى بمال.

(7/139)


أما وصيته على أولاده فلا تصح قولا واحدا لأنه لا يملك التصرف بنفسه فوصيته أحق وأولى قاله في المطلع.
قلت ظاهر كلام كثير من الأصحاب في باب الموصى إليه صحة وصيته بذلك وهو أولى بالصحة من الوصية بالمال.
والظاهر أن الذي حداه إلى ذلك تعليل الأصحاب بكونه محجورا عليه في تصرفاته أو لكونه محتاجا إلى الثواب وتصرفه في هذه محض مصلحة من غير ضرر لأنه إن عاش لم يذهب من ماله شيء.
ولا يلزم من ذلك أن الوصية على أولاده لا تصح.
اللهم إلا أن يكون في المسألة نقل خاص.
قوله: ومن الصبي العاقل إذا جاوز العشر.
إذا جاوز الصبي العشر صحت وصيته على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية الجماعة وعليه الأصحاب.
حتى قال أبو بكر لا يختلف المذهب أن من له عشر سنين تصح وصيته انتهى.
وعنه تصح إذا بلغ اثني عشرة سنة نقلها ابن المنذر.
ونقل الأثرم لا تصح من ابن اثني عشرة سنة فلم يطلع أبو بكر على ذلك وقيل لا تصح حتى يبلغ وهو احتمال في الكافي.
قوله: ولا تصح ممن له دون السبع.
يعني ممن لم يميز على ما تقدم في كتاب الصلاة.
وفيما بينهما روايتان يعني فيما بين السبع والعشر.
وأطلقهما أبو بكر عبد العزيز وصاحب المستوعب والفروع والفائق والحاوي الصغير وتجريد العناية.
إحداهما: لا تصح وهو ظاهر كلام الخرقي وصاحب الوجيز وصححه في التصحيح.
قال ابن أبي موسى لا تصح وصية الغلام لدون عشر ولا إجازته قولا واحدا واختاره أبو بكر.
وقدمه في المحرر والرعايتين والنظم وشرح ابن رزين.
وجزم به في المنور ومنتخب الأدمى.

(7/140)


واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
وقال في القواعد الأصولية هذا المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال الحارثي هذا الأشهر عنه.
والرواية الثانية: تصح وهو المذهب.
وقال القاضي وأبو الخطاب تصح وصية الصبي إذا عقل.
قال المصنف في العمدة وتصح الوصية من الصبي إذا عقل.
وجزم به في التسهيل وصححه في الخلاصة.
وقدمه في الكافي والمذهب وإدراك الغاية.
قال الحارثي لم أجد هذه منصوصة عن الإمام أحمد رحمه الله.
وقيل تصح وصية بنت تسع اختاره أبو بكر وابن أبي موسى.
وقيل تصح لسبع منهما.
قوله: وفي السكران وجهان.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير.
أحدهما: لا تصح وهو الصحيح من المذهب صححه في التصحيح والمغنى والشرح والنظم والفائق والحارثي.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الكافي وغيره.
والوجه الثاني: تصح وصيته.
ويأتي في أول كتاب الطلاق أن في أقوال السكران وأفعاله خمس روايات أو ستا.
قوله: ولا تصح وصية من اعتقل لسانه بها.
وهو المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب منهم القاضي وابن عقيل وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وعنه التوقف ويحتمل أن تصح.
يعني إذا اتصل بالموت وفهمت إشارته.
ذكره ابن عقيل وأبو الخطاب في الهداية واختاره في الفائق.

(7/141)


قلت وهو الصواب.
قال الحارثي وهو الأولى.
واستدل له بحديث رض اليهودي رأس الجارية وإيمائها إليه.
قوله: وإن وجدت وصية بخطه صحت.
هذا المذهب مطلقا.
قال الزركشي نص عليه الإمام أحمد رحمه الله واعتمده الأصحاب وقاله الخرقي.
وقدمه في المغنى والشرح والمحرر والرعايتين والفروع وغيرهم.
وقال القاضي في شرح المختصر ثبوت الخط يتوقف على معاينة البينة أو الحاكم لفعل الكتابة لأن الكتابة عمل والشهادة على العمل طريقها الرواية نقله الحارثي.
ويحتمل أن لا تصح حتى يشهد عليها.
وقد خرج ابن عقيل ومن بعده رواية بعدم الصحة أخذا من قول الإمام أحمد رحمه الله فيمن كتب وصيته وختمها وقال اشهدوا بما فيها أنه لا تصح أي شهادتهم على ذلك.
فنص الإمام أحمد في الأولى: بالصحة وفي الثانية: بعدمها حتى يسمعوا ما فيه أو يقرأ عليه فيقر بما فيه.
فخرج جماعة منهم المجد في محرره وغيره في كل منهما رواية من الأخرى وقد خرج المصنف في باب كتاب القاضي إلى القاضي من الأولى في الثانية وقال هنا يحتمل أن لا يصح حتى يشهد عليها فهو كالتخريج من الثانية في الأولى.
والصحيح من المذهب التفرقة.
فتصح في الأولى ولا تصح في الثانية وعليه جماهير الأصحاب.
وقيل تصح في الثانية أيضا اختاره المصنف والشارح وصاحب الفائق ويأتي النصان في كلام المصنف في باب حكم كتاب القاضي إلى القاضي.
تنبيه: معنى قول الإمام أحمد رحمه الله فيمن كتب وصيته وختمها وقال اشهدوا بما فيها أنها لا تصح أي لا تصح شهادتهم على ذلك.
قلنا العمل بخطه في هذه الوصية فحيث علم خطه إما بإقرار أو ببينة فإنه يعمل بها كالأولى بل هي من أفراد العمل بالخط في الوصية.
نبه على ذلك شيخنا في حواشي الفروع وهو واضح.
قلت في كلام الزركشي إيماء إلى ذلك.
فإنه قال وقد يفرق بأن شرط الشهادة العلم وما في الوصية والحال هذه غير معلوم.

(7/142)


أما لو وقعت الوصية على أنه لو وصى فليس في نص الإمام أحمد رحمه الله تعالى ما يمنعه.
ثم بعد ذلك يعمل بالخط بشرطه انتهى.
قوله: والوصية مستحبة.
هذا المذهب في الجملة وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وعنه تجب لقريب غير وارث اختاره أبو بكر.
ونقل في التبصرة عن أبي بكر وجوبها للمساكين ووجوه البر.
قوله: لمن ترك خيرا وهو المال الكثير.
يعنى في عرف الناس على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وقطع به ابن عبدوس في تذكرته.
وقال المصنف والذي يقوى عندي أنه متى كان المتروك لا يفضل عن غني الورثة لا تستحب الوصية واختاره في الفائق.
وقيل هو من كان له أكثر من ثلاثة آلاف.
وهو ظاهر ما جزم به في المستوعب.
وقال في الوجيز تسن لمن ترك ورثة وألف درهم فصاعدا لا دونها وقاله أبو الخطاب وغيره.
فائدة: المتوسط في المال هو المعروف في عرف الناس بذلك على الصحيح من المذهب جزم به في الرعاية الصغرى وقدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل المتوسط من له ثلاثة آلاف درهم والفقير من له دونها.
وجزم جماعة من الأصحاب أن المتوسط من ملك من ألف إلى ثلاثة آلاف ومنهم صاحب الهداية والمذهب والمستوعب.
وقيل الفقير من له دون ألف ونقله ابن منصور.
قال في الفروع قال أصحابنا هو فقير.
قوله: بخمس ماله.
يعنى يستحب لمن ترك خيرا الوصية بخمس ماله.
وهذا المذهب جزم به في الوجيز وشرح ابن منجا والشرح.

(7/143)


وقدمه في الفروع والفائق.
وقال الناظم يستحب لمن له مال كثير ووارثه غني الوصية بخمس ماله.
وقيل بثلث ماله عند كثرته اختاره القاضي وأبو الخطاب وابن عقيل قاله في الفائق.
قال الحارثي وهو المنصوص.
وقال في الإفصاح تسن الوصية بدون الثلث.
وقال في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعايتين وغيرهم يستحب للغني الوصية بثلث ماله والمتوسط بالخمس.
ونقل أبو طالب إن لم يكن له مال كثير ألفان أو ثلاثة أوصى بالخمس ولم يضيق على ورثته وإن كان له مال كثير فالربع أو الثلث.
وأطلق في الغنية استحباب الوصية بالثلث لقريب فقير فإن كان القريب غنيا فللمساكين وعالم ودين قطعه عن السبب القدر وضيق عليهم الورع الحركة فيه وانقلب السبب عندهم فتركوه ووقفوا بالحق انتهى.
وكذا قيد المصنف في المغنى استحباب الوصية بالثلث لقريب فقير قال في الفروع مع أن دليله عام.
قوله: ويكره لغيره إن كان له ورثة.
أي تكره الوصية لغير من ترك خيرا.
فتكره للفقير الوصية مطلقا على الصحيح من المذهب.
نقل ابن منصور لا يوصى بشيء.
قال في الوجيز لا يسن لمن ترك أقل من ألف درهم وقدمه في الفروع وقيل تكره إذا كان ورثته محتاجين وإلا فلا.
قال في التبصرة رواه ابن منصور وقاله في المغنى وغيره.
وجزم به في الرعايتين والنظم والوجيز والفائق والحاوي الصغير والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة.
قلت وهو الصواب.
وتقدم إطلاقه في الغنية استحباب الوصية بالثلث.
وتقدم ما اختاره المصنف.

(7/144)


قوله: فأما من لا وارث له فتجوز وصيته بجميع ماله.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب منهم أبو بكر والقاضي والشريف وأبو الخطاب والشيرازي والمصنف وغيرهم وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم وصححه في النظم وغيره.
وعنه لا تجوز إلا بالثلث نص عليه في رواية ابن منصور.
قال أبو الخطاب في الانتصار هذه الرواية صريحة في منع الرد وتوريث ذوي الأرحام.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب.
وقيل تجوز بماله كله إذا كان وارثه ذا رحم.
قال الشارح وهو ظاهر كلام الخرقي.
وأطلق في الفائق في ذوي الأرحام وجهين.
قال في القاعدة التاسعة والأربعين بعد المائة بناهما بعض الأصحاب على أن الحق لغير معين.
وبناهما القاضي على أن بيت المال هل هو جهة ومصلحة أو وارث.
فإن قيل هو جهة ومصلحة جازت الوصية بجميع ماله.
وإن قيل هو وارث فلا تجوز إلا بالثلث وتابعه في الفروع وغيره ويأتي الكلام في ذلك مستوفى في آخر باب أصول المسائل فعلى المذهب لو مات وترك زوجا أو زوجة لا غير وأوصى بجميع ماله ورد بطلت في قدر فرضه من الثلثين فيأخذ الموصي له الثلث ثم يأخذ أحد الزوجين فرضه من الباقي وهو الثلثان فيأخذ الربع إن كان زوجة ويأخذ النصف إن كان زوجا ثم يأخذ الموصى له الباقي من الثلثين وهذا هو الصحيح من المذهب.
اختاره الشارح وصاحب الفائق.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع.
وجزم به في المحرر والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقيل لا يأخذ الموصى له مع أحد الزوجين سوى الثلث.
وقدمه في الشرح والفائق.
قلت هو ظاهر كلام المصنف وصاحب الوجيز وغيرهما حيث قالوا ولا يجوز لمن له وارث الوصية بزيادة على الثلث.

(7/145)


فائدتان:
إحداهما: وكذا الحكم لو كان الوارث واحدا من أهل الفروض وقلنا بعدم الرد قاله في الرعاية وغيرها.
الثانية: لو أوصى أحد الزوجين للآخر فله على الرواية الأولى المال كله إرثا ووصية على الصحيح من المذهب.
وقيل لا تصح.
وله على الرواية الثانية: الثلث بالوصية ثم فرضه من الباقي والبقية لبيت المال.
قوله: ولا يجوز لمن له وارث الوصية بزيادة على الثلث لأجنبي ولا لوارثه بشيء إلا بإجازة الورثة.
يحرم عليه فعل ذلك على الصحيح من المذهب نص عليه.
وجزم به في المحرر والوجيز وشرح ابن منجا وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم وقدمه في الفروع والفائق.
وقيل يكره له ذلك.
قال في الفروع وقال في التبصرة يكره.
قلت وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والنظم وغيرهم.
وجزم به في الرعاية الكبرى في الثانية وقدمه في الأولى.
وعنه يكره في صحته من كل ماله نقله حنبل.
قلت الأولى الكراهة.
ولو قيل بالإباحة لكان له وجه.
قوله: إلا بإجازة الورثة.
يعنى أنها تصح بإجازة الورثة فتكون موقوفة عليها.
وهذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب صححه في الفروع وغيره وجزم به في المحرر والوجيز وغيرهما.
قال المصنف والشارح هذا ظاهر المذهب.
قال الزركشي هو المشهور والمنصوص في المذهب.

(7/146)


حتى إن القاضي في التعليق وأبا الخطاب في خلافه والمجد وجماعة لم يحكوا فيه خلافا.
وعنه الوصية باطلة وإن أجازها الورثة إلا أن يعطوه عطية مبتدأه واختاره بعض الأصحاب.
وهو وجه في الفائق في الأجنبي ورواية في الوارث.
تنبيه: يستثنى من كلام المصنف إذا أوصى بثلثه يكون وقفا على بعض ورثته فإنه يصح على الصحيح من المذهب على ما تقدم في الهبة.
وفيه قول اختاره المصنف بعدم الصحة.
فيكون ظاهر كلام المصنف موافقا لما اختاره.
قوله: إلا أن يوصى لكل وارث بمعين بقدر ميراثه فهل تصح على وجهين.
وأطلقهما في المغنى والشرح وشرح ابن منجا والفائق.
أحدهما: تصح وهو الصحيح.
قال في الفروع وتصح معاوضة مريض بثمن مثله.
وعنه مع وارث بإجازة اختاره في الانتصار لفوات حقه من المعين.
ثم قال ومثلها وصية لكل وارث بمعين بقدر حقه.
صححه في التصحيح والحارثي.
وقدمه في المحرر وإدراك الغاية والرعايتين والحاوي الصغير.
والوجه الثاني: لا تصح إلا بإجازة الورثة صححه في المذهب والنظم.
قوله: وإن لم يف الثلث بالوصايا تحاصوا فيه وأدخل النقص على كل واحد بقدر وصيته.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه يقدم العتق ولو استوعب الثلث.
فعليهما هل يبدأ بالكتابة لأنه المقصود بها أو لأن العتق تغليبا ليس للكتابة فيه وجهان ذكرهما القاضي والمصنف والحارثي وغيرهم.
قوله: وإجازتهم تنفيذ في الصحيح من المذهب وهو كما قال.
قال في القواعد الفقهية أشهر الروايتين أنها تنفيذ.
قال الزركشي هذا المشهور والمنصور في المذهب وجزم به جماعة منهم القاضي في التعليق وأبو الخطاب في خلافة الصغير والمجد وغيرهم انتهى.

(7/147)


قال في الفائق وغيره والإجازة تنفيذ في أصح الروايتين.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال الشارح لأن ظاهر المذهب أن الوصية للوارث والأجنبي بالزيادة على الثلث صحيحه موقوفة على إجازة الورثة.
فعلى هذا تكون إجازتهم تنفيذا وإجازة محضة يكفي فيها قول الوارث أجزت أو أمضيت أو نفذت انتهى.
وعنه ما يدل على أن الإجازة هبة مبتدأة قال في الفروع وخصها في الانتصار بالوارث.
قال الشارح وقال بعض أصحابنا الوصية باطلة.
فعلى هذا تكون هبة انتهى وأطلقهما أبو الفرج.
تنبيهان:
أحدهما: قيل هذا الخلاف مبني على أن الوصية بالزائد على الثلث هل هي باطلة أو موقوفة على الإجازة كما تقدم.
وتقدم كلام الشارح قريبا عن بعض الأصحاب وهو الذي قطع به الزركشي وغيره.
وقيل بل هو مبني على القول بالوقف.
أما على البطلان فلا وجه للتنفيذ.
قال في القواعد وهذا أشبه.
قلت وهو الصواب.
الثاني: لهذا الخلاف فوائد كثيرة ذكرها ابن رجب في قواعده وغيره من الأصحاب.
فمنها على المذهب لا يفتقر إلى شروط الهبة من الإيجاب والقبول والقبض ونحوه بل يصح بقوله: أجزت وأنفذت وأمضيت ونحو ذلك.
وعلى الثانية: تفتقر إلى الإيجاب والقبول ذكره ابن عقيل وغيره وكلام القاضي يقتضي أن في صحتها بلفظ الإجازة وجهين.
قال المجد والصحة ظاهر المذهب.
ومنها لا تثبت أحكام الهبة على المذهب فلو كان المجيز أبا للمجاز له لم يكن له الرجوع فيه.
وعلى الثانية: له الرجوع.
ومنها هل يعتبر أن يكون المجاز معلوما للمجيز.

(7/148)


ففي الخلاف للقاضي والمحرر والفروع وغيرهم هو مبنى على الخلاف وطريقة المصنف في المغنى أن الإجازة لا تصح بالمجهول ولكن هل يصدق في دعوى الجهالة على وجهين.
ومن الأصحاب من قال إن قلنا الإجازة تنفيذ صحت بالمجهول ولا رجوع وإن قلنا هي هبة فوجهان.
ومنها لو كان للمجاز عتقاء كان الولاء للموصى تختص به عصبته على المذهب.
وعلى الثانية: الولاء لمن أجاز ولو كان أنثى.
فائدة: لو كسب الموصى بعتقه بعد الموت وقبل الإعتاق فهو له على الصحيح من المذهب.
وذكره القاضي وابن عقيل وصاحب المحرر وغيرهم.
وقدمه في القاعدة الثانية والثمانين.
وقال المصنف في المغنى في آخر باب العتق كسبه للورثة كأم الولد انتهى.
ولو كان الموصى بعتقه أمة فولدت قبل العتق وبعد الموت تبعها الولد كأم الولد وقدمه في القواعد وقال هذا هو الظاهر.
وقال القاضي في تعليقه لا تعتق.
ومنها لو كان وقفا على المجيزين فإن قلنا الإجازة تنفيذ صح الوقف ولزم وإن قلنا هبة فهو كوقف الإنسان على نفسه.
ومنها لو حلف لا يهب فأجاز لم يحنث على المذهب وعلى الثانية: يحنث.
ومنها لو قبل الوصية المفتقرة إلى الإجازة قبل الإجازة ثم أجيزت.
فإن قلنا الإجازة تنفيذ فالملك ثابت له من حين قبوله.
وإن قلنا هي هبة لم يثبت الملك إلا بعد الإجازة ذكره القاضي في خلافه ومنها أن ما جاوز الثلث من الوصايا إذا أجيز هل يزاحم بالزائد الذي لم يجاوزه أولا مبني على الخلاف.
ذكره في المحرر ومن تابعه.
قال في القواعد واستشكل توجيهه على الأصحاب وهو واضح فإنه إذا كان معنا وصيتان إحداهما: مجاوزة للثلث والأخرى لا تجاوزه كنصف وثلث وأجاز الورثة الوصية المجاوزة للثلث خاصة.
فأن قلنا الإجازة تنفيذ زاحم صاحب النصف صاحب الثلث بنصف كامل فيقسم الثلث بينهما على خمسه لصاحب النصف ثلاثة أخماسه وللآخر خمساه ثم يكمل لصاحب النصف

(7/149)


نصفه بالإجازة.
وإن قلنا الإجازة ابتداء عطية فإنما يزاحم بثلث خاص إذ الزيادة عليه عطية محضة من الورثة لم تتلق من الميت فلا يزاحم بها الوصايا فيقسم الثلث بينهما نصفين ثم يكمل لصاحب النصف ثلثه بالإجازة أي يعطى ثلثا زائدا على السدس الذي أخذه من الوصية.
قال وهذا مبنى على القول بأن الإجازة عطية أو تنفيذ.
فيفرع على هذا القول بإبطال الوصية بالزائد على الثلث وصحتها كما سبق انتهى.
وقد تكلم القاضي محب الدين ابن نصر الله البغدادي على هذه المسألة في كراسة بما لا طائل تحته.
وما قاله ابن رجب صحيح واضح.
وقال الزركشي وقد يقال إن عدم المزاحمة إنما هو في الثلثين ولأن الهبة تختص بهما والمجيز يشرك بينهما فيهما.
أما الثلث فيقسم بينهما على قدر أنصبائهما انتهى.
قلت الذي يظهر أن هذا أقوى وأولى وهو موافق لقواعد المذهب في أن الثلث يقسم على قدر أنصبائهم مطلقا.
وقد ذكر المصنف مسائل من ذلك في باب الوصية بالأنصباء والأجزاء كما لو أوصى لواحد بثلث ماله ولآخر بربعه أو له بكل ماله ولآخر بنصفه.
فقد قطع هو وغيره أنهم إذا ردوا الزائد على الثلث يكون الثلث على قدر أنصبائهم.
الثلث ويأخذ من الثلث بمقدار ما يأخذه لوردوا فعلى هذا المزاحمة في الثلث بالزائد على.
البناء الذي ذكره صاحب المحرر وغيره طريقة في المسألة وصاحب القواعد إنما [...]
لكن يمكن أن يقال ليس في كلام المحرر البناء على القول بأنها ابتداء عطية [...]
مسكوت عنه أو يقال بناؤه على أنه تنفيذ يدل على خلاف ذلك على [...]
خلافه ينبني عليه ولذلك قال في شرح المحرر كلامه يقتضي انعكاس [...]
ومنها لو أجاز المريض في مرض موته وصية موروثة.

(7/150)


فإن قلنا إجازته عطية فهي معتبرة من ثلثه.
وإن قلنا هي تنفيذ فللأصحاب طريقان.
أحدهما: القطع بأنها من الثلث أيضا قاله القاضي في خلافه والمجد.
والطريق الثاني: المسألة على وجهين وهي طريقة أبي الخطاب في انتصاره وهما منزلان على أصل الخلاف في حكم الإجازة.
قال في القواعد وقد ينزلان على أن الملك هل ينتقل إلى الورثة في الموصى به أم تمنع الوصية الانتقال وفيه وجهان.
فإن قلنا تنتقل إليهم فالإجازة من الثلث وإلا فهي من رأس ماله.
ومنها إجازة المفلس قال في المغنى هي نافذة وهو منزل على القول بالتنفيذ وجزم به في الفروع.
قال في القواعد ولا يبعد على القاضي في التي قبلها أن لا ينفذ.
وقاله المصنف في المغنى في الشفعة.
ومنها إجازة السفيه نافذة على المذهب لا على الثانية: ذكره في الفروع وقال المصنف والشارح لا تصح إجازته مطلقا وكذا صاحب الفائق.
قوله: ومن أوصى له وهو في الظاهر وارث فصار عند الموت غير وارث صحت الوصية له وإن أوصى له وهو غير وارث فصار عند الموت وارثا بطلت لأن اعتبار الوصية بالموت.
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وأكثرهم لم يحك فيه خلافا أن الاعتبار في الوصية بحال الموت.
قال في القاعدة السابعة عشر بعد المائة: وحكى بعضهم خلافا ضعيفا أن الاعتبار بحال الوصية كما حكى أبو بكر وأبو الخطاب رواية أن الوصية في حال الصحة من رأس المال ولا تصح عن الإمام أحمد رحمه الله وإنما أراد العطية المنجزة كذلك قال القاضي انتهى.
وقال في الرعايتين وقيل تبطل الوصية فيهما.
قوله: ولا تصح إجازتهم وردهم إلا بعد موت الموصى وما قبل ذلك لا عبرة به.
هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقدمه في الفروع وغيره.

(7/151)


وعنه تصح إجازتهم قبل الموت في مرضه.
خرجها القاضي أبو حازم من إذن الشفيع في الشراء.
قال في القاعدة الرابعة: الإمام أحمد رحمه الله شبهه في موضع بالعفو عن الشفعة فخرجه المجد في شرحه على روايتين.
واختارها صاحب الرعاية والشيخ تقي الدين رحمه الله.
قوله: ومن أجاز الوصية يعنى إذا كانت جزءا مشاعا.
ثم قال إنما أجزت لأنني ظننت المال قليلا فالقول قوله مع يمينه وله الرجوع بما زاد على ظنه في أظهر الوجهين.
وهو المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والمحرر والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
والوجه الثاني: ليس له الرجوع.
اختاره أبو الخطاب وغيره.
وهو احتمال في الهداية.
وتقدم في الفوائد: هل يشترط أن يكون المجاز معلوما.
تنبيه: قوله: إلا أن تقوم عليه بينة.
يعنى تشهد بأنه كان عالما بزيادته فلا يقبل قوله.
وكذا لو كان المال ظاهرا لا يخفى عليه لا يقبل قوله.
وكلام المصنف وغيره ممن أطلق مقيد بذلك وهذا إذا قلنا الإجازة تنفيذ.
فأما إذا قلنا هي هبة مبتدأة فله الرجوع فيما يجوز الرجوع في مثله في الهبة.وقد تقدم قريبا في الفوائد.
قوله: وإن كان المجاز عينا وكذا لو كان مبلغا مقدرا.
فقال ظننت باقي المال كثيرا لم يقبل قوله في أظهر الوجهين.
وهذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغنى والشرح والمحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
والوجه الثاني: يقبل قوله.

(7/152)


قال الشيخ تقي الدين رحمه الله لو قال ظننت قيمته ألفا فبان أكثر قبل قوله وليس نقضا للحكم بصحة الإجازة ببينة أو إقرار.
قال وإن أجاز وقال أردت أصل الوصية قبل انتهى.
قوله: ولا يثبت الملك للموصى له إلا بالقبول بعد الموت فأما قبوله ورده قبل الموت فلا عبرة به.
اعلم أن حكم قبول الوصية كقبول الهبة على ما تقدم في بابه.
قال الإمام أحمد رحمه الله الهبة والوصية واحد قاله في الفروع والزركشي وغيرهما.
وقال في القواعد الفقهية نص الإمام أحمد رحمه الله في مواضع على أنه لا يعتبر للوصية قبول فيملكه قهرا كالميراث.
وهو وجه للأصحاب حكاه غير واحد انتهى.
وذكر الحلواني عن أصحابنا أنه يملك الوصية بلا قبوله كالميراث.
وقال في المغنى ومن تابعه وطؤه الأمة الموصى بها قبول كرجعه وبيع خيار.
وقال في الرعاية وقيل يكفي الفعل قبولا.
وقال في القاعدة التاسعة والأربعين: واختار القاضي وابن عقيل أنها لا تلزم في المبهم بدون قبض.
وخرج المصنف في المغنى وجها ثالثا أنها لا تلزم بدون القبض سواء كان مبهما أو لا كالهبة.
وقال في القاعدة الخامسة والخمسين: والأظهر أن تصرف الموصى له في الوصية بعد الموت يقوم مقام القبول لأن سبب الملك قد استقر له استقرارا لا يملك إبطاله واقتصر عليه.
فائدة: لا يصح بيع الموصى به قبل قبوله من وارثه ذكره في الفروع في باب التدبير.
ويجوز التصرف في الموصى به بعد ثبوت الملك وقبل القبض باتفاق من الأصحاب فيما نعلمه قاله في القاعدة الثانية والخمسين.
وتقدم في آخر باب الخيار في البيع.
تنبيه: مراده إذا كان الموصى له واحدا أو جمعا محصورا.
فأما إذا كانوا غير محصورين كالفقراء أو المساكين مثلا أو لغير آدمي كالمساجد والقناطر ونحوهما فلا يشترط القبول قولا واحدا.
وسيأتي قريبا متى يثبت الملك له إذا قبل.

(7/153)


فوائد:
إحداها: يستقر الضمان على الورثة بمجرد موت موروثهم إذا كان المال عينا حاضرة يتمكن من قبضها على الصحيح من المذهب.
قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية ابن منصور في رجل ترك مائتي دينار وعبدا قيمته مائة وأوصى لرجل بالعبد فسرقت الدنانير بعد موت الرجل وجب العبد للموصى له وذهبت دنانير الورثة.
وهكذا ذكره الخرقي وأكثر الأصحاب.
وقال القاضي وابن عقيل في كتاب العتق لا يدخل في ضمانهم بدون القبض لأنه لم يحصل في أيديهم ولم ينتفعوا به أشبه الدين والغائب ونحوهما مما لم يتمكنوا من قبضه.
فعلى هذا إن زادت التركة قبل القبض فالزيادة للورثة وإن نقصت لم يحسب النقص عليهم وكانت التركة ما بقي.
ذكره في القاعدة الحادية والخمسين وعلله.
الثانية: قوله: فإن مات الموصى له قبل موت الموصى بطلت الوصية بلا نزع.
لكن لو مات الموصى له بقضاء دينه قبل موت الموصى لم تبطل الوصية بلا نزاع لأن تفريغ ذمه المدين بعد موته كتفريغها قبله لوجود الشغل في الحالين كما لو كان حيا ذكره الحارثي.
الثالثة: لا تنعقد الوصية إلا بقوله: فوضت أو وصيت إليك أو إلى زيد بكذا أو أنت أو هو أو جعلته أو جعلتك وصيي أو أعطوه من مالي بعد موتي كذا أو ادفعوه إليه أو جعلته له أو هو له بعد موتي أو هو له من مالي بعد موتي ونحو ذلك.
تنبيه: قوله: وإن ردها بعد موته بطلت أيضا بلا نزاع.
لكن لو ردها بعد قبوله وقبل القبض لم يصح الرد مطلقا على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع والفائق والزركشي وصححه الحارثي قال في المجد هذا المذهب.
وقيل يصح رده مطلقا اختاره القاضي وابن عقيل.
وقيل يصح رده في المكيل والموزون بعد قبوله وقبل قبضه.
جزم به المصنف والشارح.
قال الزركشي إن كان الرد بعد القبول والقبض لم يصح الرد وكذا لو كان بعد القبول وقبل القبض على ظاهر كلام جماعة.

(7/154)


وأورده المجد مذهبا.
فائدة: إذا لم يقبل بعد موته ولا رد فحكمه حكم متحجر الموات على ما مر في بابه قاله في الفروع.
وقال في القاعدة العاشرة بعد المائة: لو امتنع من القبول أو الرد حكم عليه بالرد وسقط حقه من الوصية.
وقاله في الكافي وجزم به الحارثي.
قوله: وإن مات بعده وقبل الرد والقبول قام وارثه مقامه ذكره الخرقي.
هذا المذهب نص عليه في رواية صالح قاله المجد.
واختاره المصنف والشارح وغيرهما.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والفروع والفائق والرعايتين والحاوي الصغير.
وقال القاضي تبطل الوصية على قياس قوله.
يعنى في خيار الشفعة وخيار الشرط وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله نقلها عبد الله وابن منصور.
واختاره ابن حامد والقاضي وأصحابه.
وقدمه في القاعدة الرابعة والأربعين بعد المائة وقال اختاره القاضي والأكثرون.
وحكى الشريف أبو جعفر وأبو الخطاب وجها أنها تنتقل إلى الوارث بلا قبول كالخيار.
قوله: وإن قبلها بعد الموت ثبت الملك حين القبول في الصحيح.
وهو المذهب قاله المصنف وغيره وأومأ إليه الإمام أحمد رحمه الله تعالى ونصره القاضي وأصحابه وقدمه في الفروع.
قال الشارح وابن منجا هذا الصحيح من المذهب ونصره الشارح ويحتمل أن يثبت الملك حين الموت.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والخلاصة والمحرر والفائق.
قال في العمدة ولو وصى بشيء فلم يأخذه الموصي له زمانا قوم وقت الموت لا وقت الأخذ انتهى.
وقال في الوجيز ويثبت الملك بالقبول عقب الموت.

(7/155)


وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب.
وقيل الخلاف روايتان.
واختار أبو بكر في الشافي أن الملك مراعي.
فإذا قبل تبينا أن الملك ثبت له من حين الموت.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
وحكى الشريف عن شيخه أنه قال هذا ظاهر كلام الخرقي.
قلت ويحتمله كلام الوجيز المتقدم بل هو ظاهر في ذلك.
قال في المستوعب وهذا هو الوجه الذي قبله بعينه وهو كما قال.
وحكى وجه بأنه من حين الموت بمجرده نقله الحارثي.
فعلى الأول: يكون قبل القبول للورثة على الصحيح من المذهب.
كما صرح به المصنف هنا.
واختاره هو وابن البنا والشيرازي والشارح.
وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
وقيل يكون على ملك الميت وهو مقتضى قول الشريف وأبي الخطاب في خلافيهما.
قال الحارثي والقول بالبقاء للميت قال به أبو الخطاب والشريف أبو جعفر والقاضي أبو الحسين وغيرهم انتهى.
وأطلقهما الزركشي وصاحب القواعد فيها.
وقال وأكثر الأصحاب قالوا يكون للموصى له وهو قول أبي بكر والخرقي ومنصوص الأمام أحمد رحمه الله تعالى انتهى.
تنبيه: لهذا الخلاف فوائد كثيرة ذكرها الأصحاب.
وذكر المصنف هنا بعضها.
منها حكم نمائه بين الموت والقبول.
فإن قلنا هو على ملك الموصى له فهو له يحتسب عليه من الثلث.
إن قلنا هو على ملك الميت فتتوفر به التركة فيزداد به الثلث.
فعلى هذا لو وصى بعبد لا يملك غيره وثمنه عشرة فلم تجز الورثة فكسب بين الموت والقبول خمسة دخله الدور.
فتجعل الوصية شيئا فتصير التركة عشرة ونصف شيء تعدل الوصية والميراث وهما ثلاثة أشياء فيخرج الشيء أربعة بقدر خمسي العبد وهو الوصية وتزداد التركة من العبد درهمين.

(7/156)


فأما بقيته فزادت على ملك الورثة وجها واحدا قاله في المحرر وغيره وإن قلنا هو على ملك الورثة فهو لهم خاصة.
وذكر القاضي في خلافه أن ملك الموصى له لا يتقدم القبول وإن النماء قبله للورثة مع أن العين باقية على حكم ملك الميت فلا يتوفر الثلث.
وذكر أيضا إذا قلنا إنه مراعى وأنا نتبين بقبول الموصى له ملكه له من حين الموت فإن النماء يكون للموصى له معتبرا من الثلث.
فإن خرج من الثلث مع الأصل فهما له وإلا كان له بقدر الثلث فإن فضل شيء من الثلث كان له من النماء.
وقال في القاعدة الثانية والثمانين: إذا نما الموصى بوقفه بعد الموت وقبل إيقافه فأفتى الشيخ تقي الدين رحمه الله أنه يصرف مصرف الوقف لأن نماءه قبل الوقف كنمائه بعده.
وأفتى به الشيخ عماد الدين السكري الشافعي.
قال الدميري وهو الظاهر وأجاب بعضهم بأنه للورثة.
قلت قد تقدم في كتاب الزكاة عند السائمة الموقوفة ما يشابه ذلك.
وهو إذا أوصى بدراهم في وجوه البر أو ليشتري بها ما يوقف فاتجر بها الوصي فقالوا ربحه مع أصل المال فيما وصى به وإن خسر ضمن النقص نقله الجماعة.
وقيل ربحه إرث.
ومنها لو نقص الموصى به في سعر أو صفة.
فقال في المحرر إن قلنا يملكه بالموت اعتبرت قيمته من التركة بسعره يوم الموت على أدنى صفاته من يوم الموت إلى القبول.
وإن قلنا يملكه من حين القبول اعتبرت قيمته يوم القبول سعرا وصفة انتهى.
قال في القواعد والمنصوص عن الإمام أحمد رحمه الله في رواية ابن منصور وذكره الخرقي أنه تعتبر قيمته يوم الوصية.
ولم يحك في المغنى فيه خلافا.
فظاهره أنه تعتبر قيمته بيوم الموت على الوجوه كلها.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله هذا قول الخرقي وقدماء الأصحاب.
قال وهو أوجه من كلام المجد انتهى.
قلت وهو الصحيح من المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وغيره.
قال في الفروع ويقوم بسعره يوم الموت.

(7/157)


ذكره جماعة ثم ذكر ما في المحرر.
وقال في الترغيب وغيره وقت الموت خاصة انتهى.
ويأتي ذلك في كلام المصنف في باب الموصى به في قوله: وإن لم يأخذه زمانا قوم وقت الموت لا وقت الأخذ.
ومنها لو كانت الوصية بأمة فوطئها الوارث قبل القبول وأولدها صارت أم ولد له ولا مهر عليه وولده حر لا يلزمه قيمته وعليه قيمتها للموصى له.
هذا إن قلنا إن الملك لا يثبت إلا من حين القبول ويملكها الورثة.
وإن قلنا لا يملكها الوارث لم تصر أم ولد.
ومنها لو وطئها الموصى له قبل القبول وبعد الموت.
فإن قلنا الملك له فهي أم ولده وإلا فلا.
ومنها لو وصى له بزوجته فأولدها قبل القبول لم تصر أم ولد له وولده رقيق للوارث ونكاحه باق إن قلنا لا يملكها.
وإن قلنا يملكها بالموت فولده حر وتصير أم ولده ويبطل نكاحه بالموت.
ومنها لو وصى له بأبيه فمات قبل القبول فقبل ابنه وقلنا يقوم الوارث مقامه في القبول عتق الموصى به حينئذ ولم يرث شيئا إذا قلنا إنما يملكه بعد القبول.
وإن قلنا يملكه بالموت فقد عتق به فيكون حرا عند موت أبيه فيرث منه.
ومنها لو كانت الوصية بمال في هذه الصورة.
فإن قلنا يثبت الملك بالموت فهو ملك للميت فتوفى منه ديونه ووصاياه.
وعلى الوجه الآخر هو ملك للوارث الذي قبل ذكره في المحرر.
قال في القواعد ويتخرج وجه آخر أنه يكون ملكا للموصى له على كلا الوجهين لأن التمليك حصل له فكيف يصح الملك ابتداء لغيره.
ومنها لو وصى لرجل بأرض فبنى الوارث فيها وغرس قبل القبول ثم قبل الموصى له.
ففي الإرشاد إن كان الوارث عالما بالوصية قلع بناؤه وغرسه مجانا وإن كان جاهلا فعلى وجهين.
قال في القواعد وهو متوجه على القول بالملك بالموت.
أما إن قيل هي قبل القبول على ملك الوارث فهو كبناء المشتري الشقص المشفوع وغرسه فيكون محترما يتملك بقيمته.
قلت وهو الصواب.
ومنها لو بيع شقص في شركة الورثة والموصى له قبل قبوله.

(7/158)


فإن قلنا الملك له من حين الموت فهو شريك للورثة في الشفعة وإلا فلا حق له فيها.
ومنها جريانه من حين الموت في حول الزكاة.
فإن قلنا يملكه الموصى له جرى في حوله.
وإن قلنا للورثة فهل يجري في حولهم حتى لو تأخر القبول سنة كانت زكاته عليهم أم لا لضعف ملكهم فيه وتزلزله وتعلق حق الموصى له به فهو كمال المكاتب.
قال في القواعد فيه تردد.
قلت الثاني أولى.
قوله: وإذا قال في الموصى به هذا لورثتي أو ما أوصيت به لفلان فهو لفلان كان رجوعا بلا خلاف أعلمه.
وإن أوصى به لآخر ولم يقل ذلك فهو بينهما هذا المذهب.
قال في القواعد الفقهية: هذا المشهور في المذهب.
وجزم به الخرقي وصاحب العمدة والمحرر والوجيز والشرح والمذهب والنظم والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في الفروع والفائق والرعايتين والحاوي الصغير والمستوعب والحارثي.
وقيل هو للثاني خاصة اختاره ابن عقيل.
ونقل الأثرم يؤخذ بآخر الوصية.
وقال في التبصرة هو للأول.
فعلى المذهب أيهما مات أو رد قبل موت الموصى كان للآخر قاله الأصحاب فهو اشتراك تزاحم.
قوله: وإن باعه أو وهبه أو رهنه كان رجوعا.
إذا باعه أو وهبه كان رجوعا بلا نزاع.
وكذا إن رهنه على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وقطع به القاضي وابن عقيل.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغني والشرح والفروع وغيرهم.
وقيل ليس برجوع.

(7/159)


فوائد:
إحداها: لو أوجبه في البيع أو الهبة فلم يقبل فيهما أو عرضه لبيع أو رهن أو وصى ببيعه أو عتقه أو هبته كان رجوعا على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
واختاره القاضي وابن عقيل والمصنف نقله الحارثي.
وصححه في المحرر والنظم فيما إذا أوجبه في البيع أو وهبه ولم يقبل.
وقيل ليس برجوع كإيجاره وتزويجه ومجرد لبسه وسكناه وكوصيته بثلث ماله فيتلف أو يبيعه ثم يملك مالا غيره فإنه في ذلك لا يكون رجوعا.
وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
وأطلقهما في الصغرى والحاوي الصغير فيما إذا أوجبه في بيع أو هبة أو رهن فلم يقبل.
الثانية: لو قال ما أوصيت به لفلان فهو حرام عليه فرجوع ذكره في الكافي واقتصر عليه الحارثي ونصره.
الثالثة: لو وصى بثلث ماله ثم باعه أو وهبه لم يكن رجوعا لأن الموصى به لا ينحصر فيما هو حاضر بل فيما عند الموت قاله الحارثي.
قلت فيعايي بها.
قوله: وإن كاتبه أو دبره أو جحد الوصية فعلى وجهين.
إذا كاتبه أو دبره أطلق المصنف فيهما وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والمغنى والشرح والرعايتين والحاوي الصغير.
أحدهما: هو رجوع وهو المذهب صححه في التصحيح والمحرر والنظم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
واختاره القاضي وابن عقيل والمصنف في الكتابة وصححه الحارثي فيهما.
والوجه الثاني: ليس ذلك برجوع.
وأطلق فيما إذا جحد الوصية الوجهين.
وأطلقهما في المغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع وشرح الحارثي.
أحدهما: ليس برجوع وهو المذهب صححه في التصحيح.

(7/160)


وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم وقدمه في الكافي.
والوجه الثاني: هو رجوع وصححه في النظم.
وقيد الخلاف بما إذا علم وهو مراد من أطلق والله أعلم.
قوله: وإن خلطه بغيره على وجه لا يتميز أو أزال اسمه فطحن الحنطة أو خبز الدقيق أو جعل الخبز فتيتا أو نسج الغزل أو نجر الخشبة بابا ونحوه أو انهدمت الدار وزال اسمها فقال القاضي هو رجوع وذكر أبو الخطاب فيه وجهين.
اعلم أنه إذا خلطه بغيره على وجه لا يتميز أو أزال اسمه فطحن الحنطة وخبز الدقيق ونحوه.
وكذا لو زال اسمه بنفسه كانهدام الدار أو بعضها.
فقال القاضي هو رجوع وهو المذهب صححه في التصحيح والمحرر والنظم.
واختاره ابن عقيل والمصنف والشارح وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل ليس برجوع قدمه في الهداية واختاره.
وقدمه في المذهب والمستوعب وصححه في الخلاصة.
وقال في القاعدة الثانية والعشرين: لو وصى له برطل من زيت معين ثم خلطه بزيت آخر فإن قلنا هو اشتراك لم تبطل الوصية.
وإن قلنا هو استهلاك بطلت.
والمنصوص في رواية عبد الله وأبي الحارث أنه اشتراك.
واختاره ابن حامد والقاضي وغيرهما قاله قبل ذلك.
وأما إذا عمل الخبز فتيتا أو نسج الغزل أو عمل الثوب قميصا أو ضرب النقرة دراهم أو ذبح الشاة أو بنى أو غرس ففيه وجهان.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
وأطلقهما في الكافي والنظم في البناء والغراس.
أحدهما: هو رجوع وهو الصحيح اختاره القاضي وابن عقيل في غير البناء والغراس والمصنف والشارح مطلقا.
وصححه في التصحيح فيما ذكره المصنف.

(7/161)


وجزم به في الوجيز وقدمه في الكافي في غير البناء والغراس وصححه في النظم في غير البناء والغراس وصححه الحارثي فيهما.
والوجه الثاني: ليس برجوع اختاره أبو الخطاب وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب.
قال في الخلاصة لم يكن رجوعا في الأصح.
فائدتان:
إحداهما: لو وصى له بدار فانهدمت فأعادها فالمذهب بطلان الوصية.
قال في القواعد هذا المشهور ولا تعود بعود البناء.
ويتوجه عودها إن أعادها بآلتها القديمة.
وفيه وجه آخر لا تبطل الوصية بكل حال.
الثانية: وطء الأمة ليس برجوع إذا لم تحمل على الصحيح من المذهب.
وجزم به في الوجيز والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والنظم والكافي.
وقدمه في المغنى وشرح الحارثي.
وفي المغنى احتمال بالرجوع.
وقال في الرعاية الكبرى وإن أوصى بأمة فوطئها وعزل عنها وقيل أو لم يعزل عنها ولم تحبل فليس برجوع.
وذكر ابن رزين فيه وجهين.
قوله: وإن أوصى له بقفيز من صبرة ثم خلط الصبرة بأخرى لم يكن رجوعا.
سواء خلطه بدونه أو بمثله أو بخير منه وهذا المذهب.
جزم به في المحرر والكافي وشرح ابن منجا.
قال في الهداية فإن أوصى بطعام فخلطه بغيره لم يكن رجوعا.
وقدمه في المغنى والشرح والحارثي وابن رزين في شرحه.
وقيل هو رجوع مطلقا وصححه الناظم في خلطه بمثله.
وأطلقهما في القاعدة الثانية والعشرين وقال هما مبنيان على أن الخلط هل هو استهلاك أو اشتراك.
فإن قلنا هو اشتراك لم يكن رجوعا وإلا كان رجوعا.
قلت تقدمت هذه المسألة في كتاب الغصب في كلام المصنف.

(7/162)


والصحيح من المذهب أنه اشتراك.
وقيل هو رجوع إن خلطه بجزء منه وإلا فلا.
وجزم به في النظم وغيره.
واختاره صاحب التلخيص وغيره.
قال الحارثي وهو مفهوم إيراد القاضي في المجرد.
وأطلق في الفروع فيما إذا خلطه بخير منه الوجهين.
قال في الرعايتين وإن أوصى بقفيز منها ثم خلطها بخير منها فقد رجع وإلا فلا.
قال في الكبرى قلت إن خلطها بأردأ منها صفة فقد رجع وإن خلطها بمثلها في الصفة فلا.
وقيل لا يرجع بحال.
فائدة: لو أوصى له بصبرة طعام فخلطها بطعام غيرها ففيه وجهان مطلقان.
وأطلقهما في الرعايتين.
أحدهما: لا يكون رجوعا جزم به في الحاوي الصغير إلا أن تكون النسخة مغلوطة.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر.
والوجه الثاني: لا يكون رجوعا.
قال الحارثي لو خلط الحنطة المعينة بحنطة أخرى فهو رجوع.
قطع به المصنف والقاضي وابن عقيل وصاحب التلخيص وغيرهم انتهى فهذا هو المذهب صححه الحارثي.
وقال في الرعاية الكبرى وقيل إن خلطها من الطعام بمثلها قدرا وصفة فعدم الرجوع أظهر.
وإن اختلفا قدرا أو صفة أو احتمل ذلك فالرجوع أظهر لتعذر الرجوع بالموصى به.
قوله: وإن زاد في الدار عمارة أو انهدم بعضها فهل يستحقه الموصى له على وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغنى والشرح وشرح ابن منجا والقواعد الفقهية وشرح الحارثي.
وأطلقهما في الفروع فيما إذا زاد فيها عمارة.
أحدهما: يستحقه صححه في التصحيح والنظم.
والثاني: يستحقه قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.

(7/163)


وقال في التبصرة فيما إذا زاد في الدار عمارة لا يأخذ نماء منفصلا وفي متصل وجهان.
وقال في الرعاية الكبرى وقلت الأنقاض له والعمارة إرث.
وقيل إن صارت فضاء في حياة الموصى بطلت الوصية وإن بقي اسمها أخذها إلا ما انفصل منها.
فائدتان:
إحداهما: لو بنى الوارث في الدار وكانت تخرج من الثلث فقيل.
يرجع على الموصى له بقيمة البناء قدمه في الرعاية الكبرى.
وقيل لا يرجع وعليه أرش ما نقص من الدار عما كانت عليه قبل عمارته وأطلقهما في الفروع.
وإن جهل الوصية فله قيمته غير مقلوع.
الثانية: لو أوصى له بدار دخل فيها ما يدخل في البيع قاله الأصحاب.
ونقل ابن صدقة فيمن أوصى بكرم وفيه حمل فهو للموصى له.
ونقل غيره إن كان يوم وصى به له فيه حمل فهو له.
قال في عيون المسائل لا يلزم الوارث سقى ثمرة موصى بها لأنه لم يضمن تسليم هذه الثمرة إلى الموصى له بخلاف البيع.
قوله: وإن وصى لرجل ثم قال إن قدم فلان فهو له فقدم في حياة الموصى فهو له بلا نزاع.
وإن قدم بعد موته فهو للأول في أحد الوجهين.
وهو المذهب صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز وغيره.
واختاره القاضي وقدمه في الفروع والخلاصة والحاوي الصغير واختاره القاضي.
وفي الآخر هو للقادم وهو احتمال في الهداية.
وأطلقهما في المذهب والشرح.
قوله: وتخرج الواجبات من رأس المال أوصى بها أو لم يوص فإن وصى معها بتبرع اعتبر الثلث من الباقي بعد إخراج الواجب.
على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
ونقل ابن إبراهيم في حج لم يوص به وزكاة وكفارة من الثلث.

(7/164)


ونقل أيضا من رأس ماله مع علم الورثة.
ونقل عنه في زكاة من كله مع الصدقة.
فائدتان:
إحداهما: إذا لم يف ماله بالواجب الذي عليه تحاصوا على الصحيح من المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه.
وعنه تقدم الزكاة على الحج اختاره جماعة.
ونقل عبد الله يبدأ بالدين وذكره جماعة قولا كتقديمه بالرهينة.
وتقدم ذلك والذي قبله بأتم من هذا في أواخر كتاب الزكاة في كلام المصنف فليراجع.
وتقدم إذا وجب عليه الحج وعليه دين وضاق المال عن ذلك في أواخر كتاب الحج.
الثانية: المخرج لذلك وصيه ثم وارثه ثم الحاكم على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقيل الحاكم بعد الوصى وهو احتمال لصاحب الرعاية.
فإن أخرجه من لا ولاية له عليه من ماله بإذن أجزأ وإلا فوجهان وأطلقهما في الفروع.
قلت الصواب الإجزاء.
وتقدم في حكم قضاء الصوم ما يشهد لذلك.
وأطلقهما أيضا في الرعايتين والحاوي الصغير.
قوله: وإن قال أخرجوا الواجب من ثلثي فقال القاضي يبدأ به فإن فضل من الثلث شيء فهو لصاحب التبرع وإلا بطلت الوصية.
يعني وإن لم يفضل شيء بطلت الوصية وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق وغيرهم وصححه الناظم.
واختاره القاضي وابن عقيل قاله الحارثي.
وقال أبو الخطاب يزاحم به أصحاب الوصايا وتابعه السامري.
قال الشارح فيحتمل ما قال القاضي ويحتمل ما قاله المصنف هنا.
يعني أنه يقسم الثلث بينهما ويتمم الواجب من رأس المال فيدخله الدور.

(7/165)


وإنما قال المصنف فيحتمل على هذا لأن المزاحمة ليست صريحة في كلام أبي الخطاب لأن قول القاضي يصدق عليه أيضا.
قال في الفروع وقيل بل يتزاحمان فيه ويتمم الواجب من ثلثيه.
وقيل من رأس ماله.
وقال في الفائق وقيل يتقاصان ويتمم الواجب من رأس المال.
وقيل من ثلثيه.

(7/166)


باب الموصى له :
قوله: تصح الوصية لكل من يصح تمليكه من مسلم وذمي ومرتد وحربي.
تصح الوصية للمسلم والذمي بلا نزاع لكن إذا كان معينا.
أما غير المعين كاليهود والنصارى ونحوهم فلا تصح صرح به الحارثي وغيره وقطع به.
وكذا الحربي نص عليه والمرتد على الصحيح من المذهب.
أما المرتد فاختار صحة الوصية له أبو الخطاب وغيره وقدمه المصنف هنا.
قال الأزجى في منتخبه والفروع تصح لمن صح تملكه.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة.
وقال ابن أبي موسى لا تصح لمرتد.
وأطلقهما في المذهب والمحرر والشرح والرعايتين والنظم والحاوي الصغير والفائق.
واختار في الرعاية إن بقي ملكه صح الإيصاء له كالهبة له مطلقا وإن زال ملكه في الحال فلا.
قال في القاعدة السادسة عشر: فيه وجهان بناء على زوال ملكه وبقائه.
فإن قيل بزوال ملكه لم تصح الوصية له وإلا صحت وصحح الحارثي عدم البناء.
وأما الحربي فقال بصحة الوصية له جماهير الأصحاب.
وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم.
قال في الفروع هذا المذهب.

(7/166)


قال في الرعاية هذا الأشهر كالهبة إجماعا.
وقيل لا تصح.
وقال في المنتخب تصح لأهل دار الحرب نقله ابن منصور.
قال في الرعاية وعنه تصح لحربي في دار حرب.
قال الحارثي والصحيح من القول أنه إذا لم يتصف بالقتال والمظاهرة صحت وإلا لم تصح.
فائدة: لا تصح لكافر بمصحف ولا بعبد مسلم.
فلو كان العبد كافرا أو أسلم قبل موت الموصى بطلت.
وإن أسلم بعد العتق بطلت أيضا إن قيل بتوقف الملك على القبول وإلا صحت.
ويحتمل أن تبطل قاله في المغنى.
تنبيهان:
أحدهما: قوله: وتصح لمكاتبه ومدبره.
هذا بلا نزاع لكن لو صحت وضاق الثلث عن المدبر بدئ بنفسه فيقدم عتقه على وصيته على الصحيح من المذهب.
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والحارثي والفائق والفروع والمغنى والشرح ونصراه.
وقال القاضي يعتق بعضه ويملك من الوصية بقدر ما عتق منه.
الثاني: قوله: وتصح لأم ولده بلا نزاع.
كوصيته أن ثلث قريته وقف عليها ما دامت على ولدها نقله المروذي رحمه الله تعالى.
فائدة: لو شرط عدم تزويجها فلم تتزوج وأخذت الوصية ثم تزوجت. فقيل تبطل قدمه ابن رزين في شرحه بعد قول الخرقي وإذا أوصى لعبده بجزء من ماله.
قال في بدائع الفوائد: قبل آخره بقريب من كراسين قال في رواية أبي الحارث ولو دفع إليها مالا يعنى إلى زوجته على أن لا تتزوج بعد موته فتزوجت ترد المال إلى ورثته.
قال في الفروع في باب الشروط في النكاح وإن أعطته مالا على أن لا يتزوج عليها رده إذا تزوج ولو دفع إليها مالا على أن لا تتزوج بعد موته فتزوجت ردته إلى ورثته نقله الحارثي انتهى.
فقياس هذا النص أن أم ولده ترد ما أخذت من الوصية إذا تزوجت فتبطل الوصية بردها وهو ظاهر ما اختاره الحارثي.

(7/167)


وقيل لا تبطل كوصيته بعتق أمته على أن لا تتزوج فمات وقالت لا أتزوج عتقت.
فإذا تزوجت لم يبطل عتقها قولا واحدا عند الأكثرين.
وقال الحارثي يحتمل الرد إلى الرق وهو الأظهر ونصره.
وأطلقهما في الفروع والمغنى والشرح والرعاية الكبرى والحارثي.
قوله: وتصح لعبد غيره.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه لا تصح الوصية لقن زمنها ذكره ابن عقيل.
تنبيهان:
أحدهما: يستثنى من كلام المصنف وغيره ممن أطلق الوصية لعبد وارثه وقاتله فإنها لا تصح لهما ما لم يصر حرا وقت نقل الملك قاله في الفروع وغيره وهو واضح.
الثاني: ظاهر كلام المصنف صحة الوصية له سواء قلنا يملك أو لا يملك.
وصرح به ابن الزاغوني في الواضح وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
والذي قدمه في الفروع أنها لا تصح إلا إذا قلنا يملك.
فقال وتصح لعبد إن ملك.
وتقدم التنبيه على ذلك في كتاب الزكاة في فوائد العبد هل يملك بالتمليك؟
قوله: فإن قبلها فهي لسيده.
مراده إذا لم يكن حرا وقت موت الموصى.
فإن كان حرا وقت موته فهي له وهو واضح.
وإن عتق بعد الموت وقبل القبول ففيه الخلاف المتقدم في الفوائد: المتقدمة في الباب الذي قبله.
وإن لم يعتق فهي لسيده على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
قال الحارثي ويتخرج أنها للعبد.
ثم قال وبالجملة فاختصاص العبد أظهر.
وقال ابن رجب المال للسيد.
نص عليه في رواية حنبل.
وذكره القاضي وغيره.
وبناه ابن عقيل وغيره على الخلاف في ملك السيد.

(7/168)


فائدة: لو قبل السيد لنفسه لم يصح جزم به في الترغيب.
ولا يفتقر قبول العبد إلى إذن سيده على الصحيح من المذهب نص عليه في الهبة وعليه جماهير الأصحاب.
وقيل بلى اختاره أبو الخطاب في الانتصار.
قوله: وتصح لعبده بمشاع.
وهذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وعنه لا تصح لقن زمن الوصية كما تقدم.
ووجه في الفروع في صحة عتقه ووصيته لعبده بمشاع روايتين من قوله لعبده أنت حر بعد موتي بشهر في باب المدبر.
فائدتان:
الأولى: لو وصى له بربع ماله وقيمته مائة وله سواه ثمانمائة عتق وأخذ مائة وخمسة وعشرين هذا الصحيح.
ويتخرج أن يعطى مائتين تكميلا لعتقه بالسراية من تمام الثلث.
قال في الرعاية الكبرى قلت ويحتمل أن يعتق ربعه ويرث بقيته.
ويحتمل بطلان الوصية لأنها لسيده الوارث انتهى.
الثانية: تصح وصيته للعبد بنفسه أو برقبته ويعتق بقبول ذلك إن خرج من الثلث وإلا عتق منه بقدر الثلث.
قوله: وإن وصى له بمعين أو بمائة لم تصح.
هذا المذهب قاله في الفروع وغيره.
وصححه المصنف والشارح وغيرهما.
قال الزركشي هذا المشهور من الروايات.
قال ابن رجب أشهر الروايتين عدم الصحة.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
بل عليه الأصحاب.
وحكى عنه أنها تصح.

(7/169)


وصرح بهذه الرواية ابن أبي موسى ومن بعده.
قال الحارثي وهو المنصوص.
فعليها يشترى من الوصية ويعتق وما بقي فهو له.
جزم به في الكافي وغيره وقدمه في الرعاية وغيرها.
وقيل يعطى ثلث المعين إن خرجا معه من الثلث.
فإن باعه الورثة بعد ذلك فالمائة لهم إن لم يشترطها المبتاع قاله جماعة من الأصحاب.
قال في الفروع إذا وصى له بمعين فعنه كما له.
وعنه يشترى ويعتق.
وكونه كما له قطع به ابن أبي موسى.
تنبيه: من الأصحاب من بنى الروايتين هنا على أن العبد هل يملك أولا.
فإن قلنا يملك صحت وإلا فلا.
وهي طريقة ابن أبي موسى والشيرازي وابن عقيل وغيرهم.
وأشار إلى ذلك الإمام أحمد رحمه الله في رواية صالح.
ومنهم من حمل الصحة على أن الوصية القدر المعين أو المقدر من التركة لا بعينه فيعود إلى الجزء المشاع.
قال ابن رجب في فوائده وهو بعيد جدا.
وتقدم ذلك في كتاب الزكاة في العبد هل يملك بالتمليك أم لا.
قوله: وتصح للحمل إذا علم أنه كان موجودا حين الوصية.
هذا بلا نزاع لكن هل الوصية له تعلق على خروجه حيا وهو اختيار القاضي وابن عقيل في بعض كلامه أو يثبت الملك له من حين موت الموصي وقبول الولي له.
واختار ابن عقيل أيضا في بعض كلامه فيه وجهان.
وصرح أبو المعالي ابن منجا بالثاني وقال ينعقد الحول عليه من حين الملك إذا كان مالا زكويا وكذلك في المملوك بالإرث.
وحكى وجها آخر أنه لا يجري في حول الزكاة حتى يوضع للتردد في كونه حيا مالكا كالمكاتب.
قال في القواعد ولا يعرف هذا التفريع في المذهب.

(7/170)


قوله: بأن تضعه لأقل من ستة أشهر إن كانت ذات زوج أو سيد يطؤها أو لأقل من أربع سنين إن لم تكن كذلك في أحد الوجهين.
يعنى إن لم تكن ذات زوج ولا سيد يطؤها.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب وشرح ابن منجا والفروع والفائق.
أحدهما: تصح الوصية له إذا وضعته لأقل من أربع سنين بالشرط المتقدم وهو المذهب.
قال في الوجيز وتصح لحمل تحقق وجوده قبلها وصححه في التصحيح.
وجزم به في الكافي والمغنى والشرح وقدمه في الخلاصة.
والوجه الثاني: لا تصح الوصية لأنه مشكوك في وجوده ولا يلزم من لحوق النسب صحة الوصية.
ويأتي كلامه في المحرر وغيره.
تنبيهان:
أحدهما: لأقل من ستة أشهر إن كانت ذات زوج أو سيد يطؤها.
وكذا قال في المغنى وجماعة.
وقال القاضي في المجرد وابن عقيل في الفصول إن أتت به لدون ستة أشهر من حين الوصية صحت سواء كانت فراشا أو بائنا لأنا نتحقق وجوده حال الوصية.
قال الحارثي وهو الصواب جزما وهو كما قال.
الثاني: قوله: أو لأقل من أربع سنين هذا بناء منه على أن أكثر مدة الحمل أربع سنين وهو المذهب على ما يأتي في كلام المصنف مصرحا به في أول كتاب العدد.
وأما إذا قلنا إن أكثر مدة الحمل سنتان فبأن تضعه لأقل من سنتين.
والشارح رحمه الله جعل الوجهين اللذين ذكرهما المصنف مبنيان على الخلاف في أكثر مدة الحمل.
والأولى: أن الخلاف في صحة الوصية وعدمها وعليه شرح ابن منجا وهو الصواب.
فائدة: قال المصنف وغيره فإن كانت فراشا لزوج أو سيد إلا أنه لا يطؤها لكونه غائبا في بلد بعيد أو مريضا مرضا يمنع الوطء أو كان أسيرا أو محبوسا أو علم الورثة أنه لم يطأها أو أقروا بذلك فإن أصحابنا لم يفرقوا بين هذه الصورة وبين ما إذا كان يطؤها.
قال المصنف ويحتمل أنها متى أتت به في هذه الحال أو وقت يغلب على الظن أنه كان موجودا حال الوصية مثل أن تضعه لأقل من غالب مدة الحمل أو تكون أمارات الحمل ظاهرة,

(7/171)


أو أتت به على وجه يغلب على الظن أنه كان موجودا بإمارات الحمل بحيث يحكم لها بكونها حاملا صحت الوصية له انتهى.
قلت وهذا هو الصواب.
وجزم به في الكافي.
قال الزركشي وجزم به في المغنى.
وليس كذلك وقد تقدم لفظه.
قال في الرعاية الكبرى ولا تصح الوصية للحمل إلا أن تضعه لدون ستة أشهر من حين الوصية.
وقيل إذا ما وضعته بعدها لزوج أو سيد ولم يلحق نسبه إلا بتقدير وطء قبل الوصية صحت له أيضا انتهى.
وقال في الفروع فإن أتت به لأكثر من ستة أشهر ولا وطء فوجهان ما لم يجاوز أكثر مدة الحمل.
وقال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير والفائق ولا تصح وصية لحمل إلا أن يولد حيا قبل نصف سنة منذ وصى له.
وإن ولد بعدها قبل أكثر مدة الحمل ما لم يلحق الواطئ نسبه إلا بوطء قبل الوصية صحت وإلا فلا.
وإن ولد لأكثر مدة الحمل فأقل ولا وطء إذا فوجهان.
وقال في الكبرى ولا تصح له إلا أن يولد حيا قبل نصف سنة منذ الوصية وإن ولد بعدها قبل أكثر مدة الحمل إذا لم يلحق فلا تصح الوصية له وإن كانت بائنا فكذلك.
وقيل لا تصح الوصية وإن ولدته بعد أكثر مدة الحمل من حين الفرقة وأكثر من ستة أشهر من حين الوصية لم يلحقه فلا تصح الوصية له.
وإن ولدته لأقل من أربع سنين منذ الفرقة لحقه وصحت.
وإن وصى لحمل من زوج أو سيد يلحقه صحت.
وإن كان منفيا بلعان أو بدعوى الاستبراء فلا.
وإن كانت فراشا لزوج أو سيد وما يطؤها لبعد أو مرض أو أسر أو حبس لحقه وصحت الوصية.
وقيل وكذا إن وطئها.
ويحتمل أن يلحقه إن ظننا أنه كان موجودا حين الوصية انتهى.
تنبيه: قول المصنف لأقل من ستة أشهر ولأقل من أربع سنين وكذا قال الأصحاب.

(7/172)


قال ابن منجا في شرحه ولم يذكر المصنف بأن تضعه لستة أشهر أو لأربع سنين ولا بد منها.
فإنها إذا وضعته لستة أشهر أو لأربع سنين علم أيضا أنه كان موجودا لاستحالة أن يولد ولد لأقل من ستة أشهر.
وتبع في ذلك المصنف في المغنى.
والصواب ما قاله المصنف هنا والأصحاب.
ولذلك قال الزركشي انعكس على ابن منجا الأمر انتهى.
فائدتان:
إحداهما: لو وصى لحمل امرأة فولدت ذكرا وأنثى تساويا في ذلك.
وأما الوصية بالحمل فتأتي في كلام المصنف في أول باب الموصى به.
الثانية: لو قال إن كان في بطنك ذكر فله كذا وإن كان أنثى فكذا فكان فيه ذكر وأنثى فلهما ما شرط.
ولو كان قال إن كان ما في بطنك ذكر فله كذا وإن كان ما في بطنك أنثى فله كذا فكان فيه ذكر وأنثى فلا شيء لهما قاله في الفروع.
وإن كان خنثى في المسألة الأولى فقال في الكافي له ما للأنثى حتى يتبين أمره.
قوله: وإن وصى لمن تحمل هذه المرأة لم تصح.
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل تصح.
وجزم ابن رزين بصحة الوصية للمجهول والمعدوم وصحتها بهما أيضا.
قال في القواعد الفقهية لا تصح لمعدوم بالأصالة ك من تحمل هذه الجارية صرح به القاضي وابن عقيل.
وفي دخول المتجدد بعد الوصية وقبل موت الموصى روايتان.
وذكر القاضي فيمن وصى لمواليه وله مدبرون وأمهات أولاد أنهم يدخلون وعلل بأنهم أموال حال الموت والوصية تعتبر بحال الموت.
وخرج الشيخ تقي الدين رحمه الله على الخلاف في المتجدد بين الوصية والموت قال بل هذا متجدد بعد الموت فمنعه أولى.

(7/173)


وأفتى الشيخ تقي الدين أيضا بدخول المعدوم في الوصية تبعا كمن وصى بغله ثمره للفقراء إلى أن يحدث لولده ولد.
فائدة: لو وصى بثلثه لأحد هذين أو قال لجارى أو قريبي فلان باسم مشترك لم تصح الوصية على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
وعنه تصح كقوله: أعطوا ثلثي أحدهما في أصح الوجهين.
قال في القواعد الأصولية فيما إذا قال لجارى أو قريبي فلان باسم مشترك أصح الروايتين عند الأصحاب لا تصح للإبهام.
واختار الصحة في غير الأولى: القاضي وأبو بكر في الشافي وابن رجب.
وتقدم في التي قبلها كلام ابن رزين.
وجزم المصنف في فتاويه بعدم الصحة في المسألة الأولى.
فعلى القول بالصحة فقيل يعينه الورثة جزم به في الرعاية الكبرى.
وقيل يعين بقرعة قطع به في القواعد الفقهية وهو الصواب.
وأطلقهما في الفروع وقواعد الأصول.
فعلى المذهب لو قال عبدي غانم حر بعد موتي وله مائة وله عبدان بهذا الاسم عتق أحدهما: بقرعة ولا شيء له نقله يعقوب وحنبل.
وعلى الثانية: هي له من ثلثه اختاره أبو بكر.
تنبيه: قال في القاعدة الخامسة بعد المائة: محل الخلاف فيما إذا قال لجارى فلان باسم مشترك إذا لم يكن قرينه.
فإن كان ثم قرينه أو غيرها أنه أراد معينا منهما وأشكل علينا معرفته.
فهنا تصح الوصية بغير تردد ويخرج المستحق منهما بالقرعة في قياس المذهب.
قوله: وإن قتل الوصي الموصى بطلت الوصية.
هذا المذهب اختاره أبو بكر والقاضي وابن أبي موسى وأبو الخطاب والمصنف والشارح وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق وغيرهم.
قال في القواعد بطلت رواية واحدة على أصح الروايتين.
وعنه لا تبطل اختاره ابن حامد.
قال الحارثي اختاره ابن حامد وأبو الخطاب والشريف أبو جعفر وابن بكروس وغيرهم.

(7/174)


قوله: وإن جرحه ثم أوصى له فمات من الجرح لم تبطل في ظاهر كلامه.
وهو المذهب اختاره ابن حامد وأبو الخطاب والشريف أبو جعفر وابن بكروس والمصنف والشارح وصاحب الفائق وغيرهم.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقيل تبطل اختاره أبو بكر والقاضي.
وجزم به ابن أبي موسى.
قوله: وقال أصحابنا في الوصية للقاتل روايتان.
قاله في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل في الحالين روايتان.
وقال في الفروع وقال جماعة في الوصية للقاتل روايتان سواء أوصى له قبل الجرح أو بعده.
إحداهما: تصح اختارها ابن حامد.
والثانية: لا تصح اختارها أبو بكر.
فتلخص لنا في صحة الوصية للقاتل ثلاثة أوجه الصحة مطلقا اختاره ابن حامد وعدمها مطلقا اختاره أبو بكر.
والفرق بين أن يوصى له بعد الجرح فيصح وقبله لا يصح وهو الصحيح من المذهب.
ويأتي نظير ذلك في باب العفو عن القصاص فيما إذا أبرأ من قتله من الدية أو وصى له بها.
وقال في الرعاية وقيل الوصية والتدبير كالإرث.
ويأتي في كلام المصنف في باب الموصى به إذا قتل وأخذت الدية هل تدخل في الوصية أم لا.
فائدة: مثل هذه المسألة لو دبر عبده وقتل سيده أو جرحه خلافا ومذهبا قاله الأصحاب.
وقال في الرعاية الكبرى وقيل يبطل تدبير العبد دون الأمة.
وقال في الفروع فإن جعل التدبير عتقا بصفة فوجهان وأطلقهما.
ويأتي هذا آخر التدبير محررا.

(7/175)


قوله: وإن وصى لصنف من أصناف الزكاة أو لجميع الأصناف صح ويعطى كل واحد منهم القدر الذي يعطاه في الزكاة.
وهذا المذهب وجزم به المصنف والشارح وابن منجا في شرحه وغيرهم.
قال في الفروع في كتاب الوقف فيما إذا وقف على الفقراء لا يجوز إعطاء الفقير أكثر مما يعطى من الزكاة في المنصوص.
وقدمه في المغنى وغيره هناك وقدمه في النظم هنا.
وقال وقيل يعطى كل صنف ثمن وقيل يجوز.
فاختار أبو الخطاب وابن عقيل جواز زيادة المسكين على خمسين وإن منعناه منها في الزكاة ذكروه في الوقف وهذا مثله.
قال الحارثي هنا وهو الأقوى وتقدم ذلك.
وتقدم أيضا أنه لو وقف على الفقراء دخل المساكين وكذا عكسه يدخل الفقراء.
وتقدم هناك قول بعدم الدخول.
وحكم القدر الذي يعطى كل واحد ممن أصناف الزكاة من الوصية حكم ما يعطى من الوقف عليهم على ما تقدم فليعاود.
فائدة: قال في الفائق وغيره الرقاب والغارمون وفي سبيل الله وابن السبيل مصارف الزكاة.
وكذا قال في الفروع في كتاب الوقف.
فيعطى في فداء الأسرى لمن يفديهم.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله أو يوفى ما استدين فيهم انتهى.
قلت أما إذا أوصى لجميع أصناف الزكاة كما قال المصنف هنا فإنهم يعطون بأجمعهم.
وكذا لو أوصى لأصناف الزكاة فتعطى الأصناف الثمانية.
أعنى أنهم أهل للإعطاء لدخولهم في كلامه.
وحكم إعطائهم هنا كالزكاة.
وصرح بذلك المصنف في المغنى والشارح وصاحب الحاوي الصغير.
وقالوا ينبغي أن يعطى لكل صنف ثمن الوصية كما لو أوصى لثمان قبائل.
وفرقوا بين هذا وبين الزكاة حيث يجوز الاقتصار على صنف واحد أن آية الزكاة أريد فيها بيان من يجوز الدفع إليه والوصية أريد بها بيان من يجب الدفع إليه.

(7/176)


قال في الرعاية الكبرى وإن وصى لأصناف الزكاة الثمانية فلكل صنف الثمن ويكفي من كل صنف ثلاثة.
وقيل بل واحد.
ويستحب إعطاء من أمكن منهم بقدر الحاجة وتقديم أقارب الموصى ولا يعطى إلا مستحق من أهل بلده انتهى.
قال الحارثي وظاهر كلام الأصحاب جواز الاقتصار على البعض كالزكاة.
والأقوى أن لكل صنف ثمنا.
قال والمذهب جواز الاقتصار على الشخص الواحد من الصنف.
وعند أبي الخطاب لا بد من ثلاثة لكن لا تجب التسوية.
قوله: وإن أوصى لفرس حبيس ينفق عليه صح وإن مات الفرس رد الموصي به أو باقيه إلى الورثة هذا المذهب نص عليه وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغنى والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق وغيرهم.
وقيل يصرف إلى فرس آخر حبيس وهو احتمال لأبي الخطاب.
قوله: وإن أوصى في أبواب البر صرف في القرب.
هذا المذهب اختاره المصنف وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والنظم وغيرهم.
وقيل عنه يصرف في أربع جهات في أقاربه والمساكين والحج والجهاد.
قال ابن منجا في شرحه وهي المذهب.
وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة.
وقيد في الفائق وغيره الأقارب بالذين لا يرثون وهو كما قال.
وعنه فداء الأسرى مكان الحج.
ونقل المروذي فيمن أوصى بثلثه في أبواب البر يجزأ ثلاثة أجزاء جزء في الحج وجزء في الجهاد وجزء يتصدق به في أقاربه.
زاد في التبصرة والمساكين.

(7/177)


وعنه يصرف في الجهاد والحج وفداء الأسرى.
قال المصنف عن هذه الروايات وهذا والله أعلم ليس على سبيل اللزوم والتحديد بل يجوز صرفه في الجهات كلها.
قال في الفروع والأصح لا يجب ذلك.
وذكر القاضي وصاحب الترغيب أن قوله: ضع ثلثي حيث أراك الله أو في سبيل البر والقربة يصرفه لفقير ومسكين وجوبا.
قلت هذا ظاهر كلام كثير من الأصحاب لحكايتهم الخلاف وإطلاقهم.
فعلى المذهب أفضل القرب الغزو فيبدأ به نص عليه.
قال في الفروع ويتوجه ما تقدم في أفضل الأعمال.
يعنى الذي حكاه من الخلاف في أول صلاة التطوع.
وتقدم التنبيه: على ذلك في الوقف.
فائدتان:
إحداهما: لو قال ضع ثلثي حيث أراك الله فله صرفه في أي جهة من جهات القرب والأفضل صرفه إلى فقراء أقاربه.
فإن لم يجد فإلى محارمه من الرضاع فإن لم يجد فإلى جيرانه.
وتقدم قريبا عن القاضي وصاحب الترغيب وجوب الدفع إلى الفقراء والمساكين في هذه المسألة.
الثانية: لا يشترط في صحة الوصية القربة على الصحيح من المذهب خلافا للشيخ تقي الدين رحمه الله.
فلهذا قال لو جعل الكفر أو الجهل شرطا في الاستحقاق لم يصح فلو وصى لأجهل الناس لم يصح.
وعلل في المغنى الوصية لمسجد بأنه قربة.
قال في الفروع فدل على اشتراطها.
وقال في الترغيب تصح الوصية لعمارة قبور المشايخ والعلماء.
وقال في التبصرة إن أوصى لما لا معروف فيه ولا بر ككنيسة أو كتب التوراة لم يصح ذكر ذلك في الفروع في أوائل كتاب الوقف.

(7/178)


قوله: وإن وصى أن يحج عنه بألف صرف في حجة بعد أخرى حتى تنفد.
سواء كان راكبا أو راجلا وهذا المذهب.
جزم به في المحرر والوجيز والمنور والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والنظم والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى.
وعنه تصرف في حجة لا غير والباقي إرث.
ونقل ابن إبراهيم بعد الحجة الأولى تصرف في الحج أو في سبيل الله.
وقال في الفصول من وصى أن يحج عنه بكذا لم يستحق ما عين زائدا على النفقة لأنه بمثابة جعالة واختاره ولا يجوز في الحج.
واختار أبو محمد الجوزي أنه إن وصى بألف يحج بها يصرف في كل حجة قدر نفقته حتى ينفد ولو قال حجوا عنى بألف فما فضل فللورثة.
وقد تقدم في باب الإجارة أن الإجارة لا تصح على الحج ونحوه على الصحيح من المذهب فيعطى هنا لأجل النفقة.
فعلى المذهب إن لم تكف الألف أو البقية بعد الإخراج حج به من حيث يبلغ على الصحيح من المذهب نص عليه.
وجزم به في المحرر وقدمه في الشرح والفروع والفائق والكافي.
وقيل يعان به في حجة اختاره القاضي.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
قال ابن عبدوس في تذكرته وبقيتها لعاجزة عن حجة لمصلحتها انتهى.
وعنه يخير فإن تعذر فهو إرث قاله في الرعاية وغيره.
قال الحارثي وفيه وجه ببطلان الوصية إذا لم تكف الحج.
فائدتان:
إحداهما: إذا كان الحج تطوعا أجزأ أن يحج عنه من الميقات على الصحيح.
صححه في الحاوي الصغير.
قال في الرعاية الكبرى وهو أولى.
وقدمه في الرعاية الصغرى والفائق.
وقدمه في الفروع وغيره في كتاب الحج.
قال الحارثي وهو أقوى.

(7/179)


واختاره أبو بكر وصاحب التلخيص والمحرر.
وقيل لا تجزئ إلا من محل وصيته كحجه بنفسه.
وجزم به في الكافي وقدمه في الرعاية الكبرى.
لكن قال عن الأولى: هو أولى كما تقدم.
وتقدم ذلك في كتاب الحج قبيل قوله: ويشترط لوجوب الحج على المرأة وجود محرمها.
الثانية: إن كان الموصى قد حج حجة الإسلام كانت الألف من ثلث ماله.
وإن كانت عليه حجة الإسلام فنفقتها من رأس المال والباقي من الثلث.
قوله: فإن قال يحج عنى حجة بألف دفع الكل إلى من يحج عنه.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغنى والمحرر والشرح والوجيز وغيرهم.
وقدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير والفائق والمستوعب.
وقيل البقية من نفقة الحجة إرث جزم به في التبصرة.
وحكاه الحارثي رواية وقدمه في الهداية.
وصححه في الخلاصة وأطلقهما في المذهب.
قوله: فإن عينه في الوصية فقال يحج عني فلان بألف فأبى الحج وقال أصرفوا لي الفضل لم يعطه وبطلت الوصية.
يعنى من أصلها إذا كان تطوعا.
وهذا أحد الوجهين وهو احتمال في المغنى والشرح والرعاية.
وهو ظاهر ما جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة فإن كلامهم ككلام المصنف.
وجزم به في المحرر والمنور وصححه الحارثي.
والوجه الثاني: تبطل في حقه لا غير ويحج عنه بأقل ما يمكن من نفقة أو أجرة والبقية للورثة وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وفي بعض نسخ المقنع لم يعطه وبطلت الوصية في حقه وعليها شرح الشارح.
وذكرها ابن منجا في المتن ولم يشرحها بل علل البطلان فقط.

(7/180)


فعلى هذه النسخة مع أن النسخة الأولى لا تأبى ذلك يكون المصنف قد جزم بهذا الوجه هنا.
وجزم به في الكافي والنظم والوجيز والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفائق والمغنى والشرح ونصراه.
واختاره ابن عقيل وأطلقهما في الفروع.
وذكر الناظم قولا أن بقية الألف للذي حج.
تنبيه: محل هذا الخلاف إذا كان الموصى قد حج حجة الإسلام.
أما إذا لم يكن حج حجة الإسلام وأبى من عينه فإنه يقام غيره بنفقة المثل والفضل للورثة ولا تبطل قولا واحدا وهو واضح ويحسب الفاضل في الثلث عن نفقة مثله أو أجرة مثله للفرض.
فوائد:
منها لو قال يحج عنى زيد بألف فما فضل فهو وصية له إن حج.
ولا يعطى إلى أيام الحج قاله الإمام أحمد رحمه الله ويحتمل أن الفضل للوارث.
ومنها لا يصح أن يحج وصى بإخراجها.
نص عليه الإمام أحمد رحمه الله في رواية أبي داود وأبي الحارث وجعفر النسائي وحرب رحمهم الله.
قال لأنه منفذ فهو كقوله: تصدق عنى به لا يأخذ منه.
ومنها لا يحج وارث على الصحيح من المذهب نص عليه في رواية أبي داود رحمه الله.
وقدمه في الفروع وشرح الحارثي.
واختار جماعة من الأصحاب بلى يحج عنه إن عينه ولم يزد على نفقته منهم الحارثي.
وجزم به المصنف في المغني والشارح وشرح ابن رزين.
وفي الفصول إن لم يعينه جاز.
ومنها لو أوصى أن يحج عنه بالنفقة صح.
ومنها لو وصى بثلاث حجج إلى ثلاثة في عام واحد صح وأحرم النائب بالفرض أولا إن كان عليه فرض.
ومنها لو وصى بثلاث حجج لم يكن له أن يصرفها إلى ثلاثة يحجون عنه في عام واحد.

(7/181)


قاله في الرعايتين.
قال ويحتمل أن تصح إن كانت نفلا.
وتقدم في حكم قضاء رمضان وكتاب الحج أيضا هل يصح حج الأجنبي عن الميت حجة الإسلام بدون إذن وليه أم لا.
وقال في الفروع في باب حكم قضاء الصوم حكى الإمام أحمد عن طاوس جواز صوم جماعة عنه في يوم واحد ويجزئ عن عدتهم من الأيام.
قال وهو أظهر واختاره المجد.
قال فدل ذلك على أن من أوصى بثلاث حجج جاز صرفها إلى ثلاثة يحجون عنه في سنة واحدة.
وجزم ابن عقيل بأنه لا يجوز لأن نائبة مثله.
وذكره في الرعاية قولا ولم يذكر قبله ما يخالفه.
ذكره في فصل استنابة المعضوب من باب الإحرام وهو قياس ما ذكره القاضي في الصوم انتهى كلامه في الفروع.
ولم يستحضر تلك الحال ما ذكره في باب الموصى به أو رآه بعد ذلك وقد أطلق وجهين في صحة ذلك.
ثم وجدت الحارثي نقل عن القاضي وابن عقيل والسامري صحة صرف ثلاث حجج في عام واحد وقال وهو أولى.
قوله: فإن وصى لأهل سكته فهو لأهل دربه.
هذا المذهب جزم به في المغني والوجيز والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والمستوعب والهداية والمذهب والخلاصة وغيرهم.
وقدمه في الرعاية الكبرى والفروع وغيرهما.
وقيل هما أهل المحلة الذين يكون طريقهم بدربه.
فائدة: يعتبر في استحقاقه سكناه في السكة حال الوصية نص عليه.
وجزم به في المستوعب وغيره.
وقدمه في الفروع واختاره ابن أبى موسى.
وقال في المغنى ويستحق أيضا لو طرأ إلى السكة بعد الوصية.
وقال في القاعدة السابعة بعد المائة: وفي دخول المتجدد بعد الوصية وقبل موت الموصى روايتان.

(7/182)


ثم قال والمنصوص فيمن أوصى أن يتصدق في سكة فلان بكذا وكذا فسكنها قوم بعد موت الموصى قال إنما كانت الوصية للذين كانوا.
ثم قال ما أدري كيف هذا قيل فيشبه هذا الكورة قال لا الكورة وكثرة أهلها خلاف هذا المعنى ينزل قوم ويخرج قوم يقسم بينهم انتهى.
قوله: وإن وصى لجيرانه تناول أربعين دارا من كل جانب.
هذا المذهب نص عليه وعليه أكثر الأصحاب.
منهم أبو حفص والقاضي وأصحابه والمصنف والشارح.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والفروع والفائق والرعايتين والحاوي الصغير والمستوعب والهداية والمذهب والخلاصة.
وقال أبو بكر مستدار أربعين دارا.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
قال في المستوعب وقال أبو بكر وقد قيل مستدار أربعين دارا.
قال في الفائق بعد قول أبى بكر وقيل من أربعة جوانب.
قال الشارح عن قول أبى بكر يعني من كل جانب.
وعنه جيرانه مستدار ثلاثين دارا ذكرها في الفروع.
وقال في الفائق تناول أربعين دارا من كل جانب.
وعنه ثلاثين ذكرها أبو الحسين.
فظاهر هذه الرواية مخالف للتي قبلها لكن فسرها الحارثي بالأول.
ونقل ابن منصور لا ينبغي أن يعطى هنا إلا الجار الملاصق.
وقيل يرجع فيه إلى العرف.
قلت وهو الصواب إن لم يصح الحديث.
وقد استدل المصنف والشارح للمذهب بالحديث فيه وقال هذا نص لا يجوز العدول عنه إن صح وإن لم يثبت فالجار هو المقارب ويرجع في ذلك إلى العرف انتهيا.

(7/183)


قوله: وإن وصى لأقرب قرابته وله أب وابن فهما سواء والأخ والجد سواء.
هذا المذهب بلا ريب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغنى والشرح والمحرر والفروع وغيرهم.
ويحتمل تقديم الابن على الأب والأخ على الجد.
وقيل يقدم الجد على الأخ.
تنبيه: قوله: والأخ من الأب والأخ من الأم سواء.
بلا نزاع وهذا مبني على القول بأن الأخ من الأم يدخل في القرابة على ما تقدم في كتاب الوقف قاله في الفروع وغيره وكذا الحكم في أبنائهما.
وكذا يحمل ما قاله في المغنى والكافي أن الأب والأم سواء.
قوله: والأخ من الأبوين أحق منهما.
وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال في الفروع ويتوجه رواية أنه كأخيه لأبيه لسقوط الأمومة كالنكاح وجزم به في التبصرة.
قلت واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.
ذكره في القاعدة العشرين بعد المائة لكن ذكره في الوقف.
فائدتان:
إحداهما: الأب أولى من ابن الابن على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع والحارثي.
وقطع به في المغنى وغيره.
وقدم في الترغيب أن ابن الابن أولى.
قال وكل من قدم قدم ولده إلا الجد فإنه يقدم على بني إخوته وأخاه لأبيه فإنه يقدم على ابن أخيه لأبويه.
الثانية: يستوي جداه وعماه كأبويه على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع.
وقيل يقدم جده وعمه لأبيه.

(7/184)


قوله: ولا تصح الوصية لكنيسة ولا بيت نار.
هذا المذهب وعليه الأصحاب قاطبة وقطع به أكثرهم.
وذكر القاضي أنه لو أوصى بحصر البيع وقناديلها وما شاكل ذلك ولم يقصد إعظامها أن الوصية تصح لأن الوصية لأهل الذمة صحيحة.
قلت وهذا ضعيف.
ورده الشارح واقتصر عليه في الرعاية وقال فيه نظر.
وروى عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل على صحة الوصية من الذمى لخدمة الكنيسة.
قال في الهداية ومن تبعه وإن وصى لبناء كنيسة أو بيعة أو كتب التوراة والإنجيل لم تصح الوصية.
ونقل عبد الله ما يدل على صحتها.
قال في الرعايتين لم تصح على الأصح.
ثم قال قلت تحمل الصحة على وصية ذمى بما يجوز له فعله من ذلك انتهى.
قلت وحمل الرواية على غير ظاهرها متعين.
قوله: ولا لكتب التوراة والإنجيل ولا لملك ولا لميت.
بلا نزاع وقال في الرعاية ولا تصح لكتب توراة وإنجيل على الأصح.
وقيل إن كان الموصى بذلك كافرا صح وإلا فلا.
وتقدم قريبا في فائدة: هل تشترط القرابة في الوصية أم لا.
تنبيه: قوله: ولا لبهيمة.
إن وصى لفرس حبيس صح إذا لم يقصد تمليكه كما صرح به المصنف قبل ذلك.
وإن وصى لفرس زيد صح ولزم بدون قبول صاحبها ويصرفها في علفه.
ومراد المصنف هنا تمليك البهيمة.
قوله: وإن وصى لحى وميت يعلم موته فالكل للحى.
وهو أحد الوجهين.
ونقل عن الإمام أحمد رحمه الله ما يدل عليه.
واختاره في الهداية والكافي.
وجزم به في الوجيز وصححه في النظم.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب.

(7/185)


ويحتمل أن لا يكون له إلا النصف وهو المذهب.
جزم به في المذهب وغيره.
وقدمه في المستوعب والخلاصة والمحرر والمغنى والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
قال الحارثي هذا المذهب وعليه عامة الأصحاب.
حتى أبو الخطاب في رؤوس المسائل.
ونص عليه من رواية ابن منصور.
وقال في الرعاية الكبرى وتتوجه القرعة بين الحي والميت.
تنبيه: محل الخلاف إذا لم يقل هو بينهما فإن قاله كان له النصف قولا واحدا.
قوله: وإن لم يعلم فللحى نصف الموصى به بلا نزاع.
فوائد:
إحداها: لو وصى له ولجبريل أو له وللحائط بثلث ماله كان له الجميع على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقدمه في الفروع والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
وقيل له النصف وهو احتمال للقاضي.
قلت هي شبيهة بالتي قبلها.
الثانية: لو وصى له وللرسول صلى الله عليه وسلم بثلث ماله قسم بينهما نصفان على الصحيح من المذهب نص عليه.
وقدمه في الفروع والفائق.
وجزم به في الرعايتين والحاوي الصغير والتلخيص.
وقيل الكل له.
فعلى المذهب يصرف ما للرسول في المصالح قاله في الفروع.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق يصرف في الكراع وفي السلاح والمصالح.
الثالثة: لو وصى له ولله قسم نصفان على الصحيح من المذهب قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق والفروع.
وقيل كله له كالتي قبلها جزم به في الكافي.

(7/186)


الرابعة: لو وصى لزيد وللفقراء بثلثه قسم بين زيد والفقراء نصفين نصفه له ونصفه للفقراء على الصحيح من المذهب.
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع.
وقال في الرعاية الكبرى قلت إذا أوصى لزيد وللفقراء فهو كأحدهم فيجوز أن يعطى أقل شيء انتهى.
ولو كان زيد فقيرا لم يستحق من نصيب الفقراء شيئا نص عليه في رواية ابن هانئ وعلي ابن سعيد وهو المذهب وعليه الأصحاب.
ونقل القاضي الاتفاق على ذلك.
مع أن ابن عقيل في فنونه حكى عنه أنه خرج وجها بمشاركتهم إذا كان فقيرا ذكره في القاعدة السابعة عشر بعد المائة.
قوله: وإن وصى لوارثه وأجنبى بثلث ماله فرد الورثة فللأجنبى السدس بلا نزاع أعلمه.
وإن وصى لهما بثلثي ماله فكذلك عند القاضي.
يعني إذا رد الورثة نصف الوصية وهو ما جاوز الثلث من غير تعيين فيكون للأجنبي السدس والسدس للوارث.
هذا المذهب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وشرح ابن منجا واختاره ابن عقيل.
وعند أبي الخطاب له الثلث كله كما لو رد الورثة وصيته.
وقيل السدس للأجنبي ويبطل الباقي فلا يستحق الوارث فيه شيئا.
فوائد:
إحداها: لو ردوا نصيب الوارث كان للأجنبي الثلث كاملا على الصحيح من المذهب.
قدمه في الفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل له السدس ورده بعضهم.
الثانية: لو أجازوا للوارث وحده فله الثلث بلا نزاع.
وكذا إن أجازوا للأجنبي وحده فله الثلث على الصحيح من المذهب.
قدمه في الرعايتين والحارثي.
وقيل له السدس فقط.

(7/187)


الثالثة: لو ردوا وصية الوارث ونصف وصية الأجنبي فله السدس على الصحيح من المذهب وهو ينزع إلى قول القاضي.
وقدمه في الرعاية وغيرها.
وقيل له الثلث وهو ينزع إلى قول أبي الخطاب.
قوله: وإن وصى بماله لابنيه وأجنبي فردا وصيته فله التسع عند القاضي.
وهو الصحيح من المذهب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
وعند أبي الخطاب له الثلث.
قال في الرعاية الكبرى وهو أقيس.
قال في الفائق ويحتمل أن يكون له السدس جعلا لهما صنفا.
قوله: وإن وصى لزيد وللفقراء والمساكين بثلثه فلزيد التسع والباقي لهما.
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
وقال في الفروع قلت ويحتمل أن له السدس لأنهما هنا صنف انتهى.
قلت يتخرج فيه أيضا أن يكون كأحدهم فيعطى أقل شيء كما قاله صاحب الرعاية على ما تقدم قريبا.
فوائد:
الأولى: لو وصى له ولإخوته بثلث ماله فهو كأحدهم قدمه في الرعاية الكبرى وقال ويحتمل أن له النصف ولهم النصف.
قال الحارثي أظهر الوجهين أن له النصف.
وقال في الفروع ولو وصى له وللفقراء بثلثه فنصفان.
وقيل هو كأحدهم كله وإخوته في وجه.
فظاهر ما قدمه أن يكون له النصف وهو احتمال في الرعاية وهو المذهب.
وتقدم قريبا إذا أوصى له وللفقراء أو له ولله أو له وللرسول وما أشبه ذلك.
الثانية: لو وصى بدفن كتب العلم لم تدفن قاله الإمام أحمد رحمه الله وقال ما يعجبني.

(7/188)


ونقل الأثرم لا بأس.
ونقل غيره يحسب من ثلثه وعنه الوقف.
قال الخلال الأحوط دفنها.
الثالثة: لو وصى بإحراق ثلث ماله صح وصرف في تجمير الكعبة وتنوير المساجد ذكره ابن عقيل واقتصر عليه في الفروع.
قلت الذي ينبغي أن ينظر في القرائن فإن كان من أهل الخير ونحوهم صرف في ذلك وإلا فهو لغو.
الرابعة: قال ابن عقيل وابن الجوزي لو وصى بجعل ثلثه في التراب صرف في تكفين الموتى.
ولو وصى بجعله في الماء صرف في عمل سفن للجهاد.
قلت وهذا من جنس ما قبله.
وقال ابن الجوزي إما من عنده وأما حكاية عن الإمام الشافعي رحمه الله ولم يخالفه لو أن رجلا وصى بكتبه من العلم لآخر فكان فيها كتب الكلام لم تدخل في الوصية لأنه ليس من العلم وهو صحيح.

(7/189)


باب الموصى به :
قوله: تصح الوصية بالمعدوم كالذي تحمل أمته أو شجرته أبدا أو مدة معينة.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
فإن حصل شيء فهو له وإلا بطلت.
قال في الفروع ويعتبر إمكان الموصى به.
وفي الترغيب وغيره واختصاصه.
فلو وصى بمال غيره لم يصح ولو ملكه بعد.
وتصح بزوجته ووقت فسخ النكاح فيه الخلاف.
وبما تحمل شجرته أبدا أو إلى مدة ولا يلزم الوارث السقى لأنه لم يضمن تسليمها بخلاف مشتر.
ومثله بمائة لا يملكها إذن.

(7/189)


وفي الروضة إن وصى بما تحمل هذه الأمة أو هذه النخلة لم تصح لأنه وصية بمعدوم.
والأشهر وبحمل أمته ويأخذ قيمته نص عليه.
وقيل ويدفع أجرة حضانته انتهى كلام صاحب الفروع.
وقيل لا تصح الوصية بحمل أمته.
قوله: وتصح بما فيه نفع مباح من غير المال كالكلب والزيت النجس فإن لم يكن له مال فللموصي له ثلث ذلك.
يعني إذا لم تجز الورثة وهذا بلا نزاع.
قوله: وإن كان له مال فجميع ذلك للموصي له وإن قل في أحد الوجهين.
وصححه في التصحيح وجزم به في الخلاصة والوجيز والحاوي الصغير إلا أن تكون النسخة مغلوطة.
وقدمه في الهداية والمستوعب.
قال الحارثي وهو الأظهر عند الأصحاب.
وفي الآخر له ثلثه.
وهو المذهب قدمه في الرعايتين والفروع والفائق واختاره في المحرر.
وأطلقهما في المذهب والشرح وشرح ابن منجا.
قال الحارثي ويحتمل وجها ثالثا وهو أن يضم إلى المال بالقيمة فتقدر المالية فيه كتقديرها في الجزء في بعض الصور ثم يعتبر من الثلث كأنه مال قال وهذا أصح.
فوائد:
إحداها: الكلب المباح النفع كلب الصيد والماشية والزرع لا غير على الصحيح من المذهب.
قال الزركشي هذا الأشهر.
قال في الرعاية الكبرى في الصيد.
وقيل أو بستان وقاله في الرعايتين في آدابهما.
وقيل وكلب البيوت أيضا وهو احتمال للمصنف فعليه تصح الوصية أيضا.

(7/190)


وأما الجرو الصغير فيباح تربيته لمن يباح اقتناؤه له على الصحيح من المذهب صححه في الفروع والرعاية الصغرى في آدابهما والمصنف والشارح وغيرهم.
وقدمه في الكافي فتصح الوصية به.
وقيل لا تجوز تربيته فلا تصح الوصية به.
وأطلقهما في الرعاية الكبرى.
أما إن كان عنده ما يصيد به ولم يصد به أو يصيد به عند الحاجة إلى الصيد أو لحفظ ماشية أو زرع إن حصلا فخلاف قاله في الفروع.
وذكره في المغني والشرح احتمالين مطلقين ذكره في البيع.
قلت الذي يظهر أن ذلك كالجرو الصغير.
وقدم في الكافي الجواز.
وقدمه ابن رزين وجعل في الرعاية الكلب الكبير الذي لا يصيد به لهوا كالجرو الصغير وأطلق الخلاف فيه.
وجزم بالكراهة في آداب الرعايتين.
وقال في الواضح الكلب ليس مما يملكه.
وفي طريقة بعض الأصحاب إنما يصح لملك اليد الثابت له كخمر تخلل ولو مات من في يده خمر ورث عنه فلهذا يورث الكلب نظرا إلى اليد حسا.
الثانية: تقسم الكلاب المباحة بين الورثة والموصى له والموصى لهما بالعدد فإن تشاحوا فبقرعة.
ويأتي في باب الصيد تحريم اقتناء الكلب الأسود البهيم وجواز قتله وكذا الكلب العقور.
الثالثة: لو أوصى له بكلب وله كلاب.
قال في الرعاية له أحدها بالقرعة وجزم به ابن عبدوس في تذكرته.
وعنه بل ما شاء الورثة انتهى.
قلت وهذا هو الصواب وأطلقهما الحارثي.
تنبيه: أفادنا المصنف رحمه الله بقوله: وتصح بما فيه نفع مباح كالزيت النجس أن ذلك على القول بجواز الاستصباح به وهو المذهب على ما تقدم في كتاب البيع.
أما على القول بعدم الجواز فما فيه نفع مباح فلا تصح الوصية به وهو صحيح صرح به المصنف والشارح وغيرهما.
وظاهر كلامه في الرعاية الكبرى الإطلاق وإنما جعل التقييد بما قال المصنف من عنده.

(7/191)


قوله: وتصح الوصية بالمجهول كعبد وشاة بلا نزاع.
ويعطى ما يقع عليه الاسم فإن اختلف الاسم بالحقيقة والعرف كالشاة هي في العرف للأنثى يعني الأنثى الكبيرة والبعير والثور هو في العرف للذكر يعني الذكر الكبير وحده وفي الحقيقة للذكر والأنثى غلب العرف.
هذا اختيار المصنف وصححه الناظم.
وجزم به في الوجيز.
وقدم في الرعايتين أن الشاة للأنثى.
وجزم به في التبصرة في البعير والثور.
وقال المصنف العبد للذكر المعروف.
وقدمه في الفروع في باب الوقف والحارثي هنا.
وعند القاضي وغيره لا يشترط كونه ذكرا.
وقال في الفروع في الوقف فيما إذا أوصى بعبد في إجزاء خنثى غير مشكل وجهان جزم الحارثي أنه لا يدخل في مطلق العبد.
وقال أصحابنا تغلب الحقيقة وهو المذهب فيتناول الذكور والإناث والصغار والكبار.
وأطلق في الشرح في البعير وجهين.
وقال القاضي في الخلاف الشاة اسم لجنس الغنم يتناول الصغار والكبار.
قوله: والدابة اسم للذكر والأنثى من الخيل والبغال والحمير.
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب وقطع به كثير منهم.
فتتقيد يمين من حلف لا يركب دابة بها.
وفي الترغيب وجه في وصية بدابة يرجع إلى عرف البلد.
وذكر أبو الخطاب في التمهيد في الحقيقة العرفية أن الدابة اسم للفرس عرفا وعند الإطلاق ينصرف إليه.
وذكره في الفنون عن أصولي يعني بنفسه.
قال لأن لها نوع قوة من الدبيب ولأنه ذو كر وفر.
فوائد:
الحصان والجمل والحمار للذكر والناقة والبقرة والحجرة والأتان للأنثى وأما الفرس فللذكر والأنثى.

(7/192)


قال في الفائق قلت والبغل للذكر والبغلة تحتمل وجهين انتهى.
ولو قال عشرة من إبلى وغنمى فهو للذكر والأنثى على الصحيح.
وقال المصنف والشارح يحتمل أنه إن قال عشرة بالهاء فهو للذكور وبعدمها للإناث.
والرقيق للذكر والأنثى والخنثى.
قوله: وإن وصى له بغير معين كعبد من عبيده صح ويعطيه الورثة ما شاءوا منهم في ظاهر كلامه.
هو إحدى الروايتين ونص عليه في رواية ابن منصور وهو المذهب.
اختاره القاضي وأبو الخطاب والشريف أبو جعفر في خلافيهما والشيرازي والمصنف وابن عبدوس في تذكرته.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وصححه في النظم.
وقال الخرقي يعطي واحد بالقرعة.
وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.
اختاره ابن أبي موسى وصاحب المحرر وأطلقهما في الفروع.
وقال في التبصرة هاتان الروايتان في كل لفظ احتمل معنيين قال ويحتمل حمله على ظاهرهما.
فائدة: قال القاضي في هذه المسألة يعطيه الورثة ما شاءوا من عبد أو أمة.
قلت وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
وقال المصنف الصحيح عندي أنه لا يستحق إلا ذكرا وهو المذهب كما تقدم وظاهر النظم الإطلاق.
قوله: فإن لم يكن له عبيد لم تصح الوصية في أحد الوجهين.
وهو المذهب صححه في التصحيح والنظم وجزم به في الوجيز.
قال الحارثي المذهب البطلان.
وقدمه في المحرر والفروع والرعايتين والحاوي الصغير.
وتصح في الآخر ويشتري له ما يسمى عبدا.
وأطلقهما في الشرح والفائق.
فعلى المذهب لو ملك عبيدا قبل موته فهل تصح الوصية فيه وجهان.
وأطلقهما في الشرح والفروع والفائق وشرح الحارثي.

(7/193)


أحدهما: تصح وهو الصحيح جزم به في الحاوي الصغير وقدمه في الرعايتين.
والثاني: لا تصح كمن وصى لعمرو بعبد زيد ثم ملكه.
فائدة: لو وصى بأن يعطي مائة من أحد كيسي فلم يوجد فيهما شيء استحق مائة على الصحيح من المذهب نص عليه.
قال في الفروع استحق مائة على المنصوص.
وجزم به في الرعايتين.
وهو ظاهر ما جزم به الحارثي.
وقيل لا يستحق شيئا.
قوله: وإن كان له عبيد فماتوا إلا واحدا تعينت الوصية فيه.
وهو الصحيح من المذهب.
جزم به في المغنى والشرح والفائق والرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
وقدمه في الفروع والرعاية الكبرى وقيل يتعين بالقرعة قال في الرعاية الكبرى ويتوجه أن يقرع بين الحي والميت.
فائدة: لو لم يكن له إلا عبد واحد صحت وتعينت فيه على الصحيح من المذهب قاله القاضي وابن عقيل والمصنف وغيرهم.
وقال الحارثي قياس المذهب بطلان الوصية ولو تلف رقيقه كلهم قبل موت الموصي بطلت الوصية.
ولو تلفوا بعد موته من غير تفريط فكذلك.
قوله: وإن قتلوا كلهم فله قيمة أحدهم على قاتله إما بالقرعة أو باختيار الورثة على الخلاف المتقدم قاله الأصحاب.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير وإن قتلوا في حياته بطلت وإن قتلوا بعد موته أخذت قيمة عبد من قاتله وقاله في النظم وغيره.
فيحمل كلام المصنف على ذلك.
قوله: وإن وصى له بقوس وله أقواس للرمي والبندق والندف فله قوس النشاب لأنه أظهرها إلا أن يقترن به قرينه تصرفه إلى غيره.
هذا المذهب صححه المصنف وغيره.

(7/194)


وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع والفائق والرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
قال الحارثي وهو الأصح.
وعند أبي الخطاب له واحد منها كالوصية بعبد من عبيده.
واختاره في الهداية وأطلقهما في المذهب.
وقيل له واحد منها غير قوس البندق وأطلقهن في الفائق.
وقيل له ما يرمي به عادة.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير فله قوس النشاب.
وقيل والنبل قال في المذهب فيه وجهان.
أحدهما: تنصرف الوصية إلى قوس النشاب والنبل على قول القاضي.
فوائد:
إحداها: يعطى قوسا معمولة بغير وتر على الصحيح من المذهب.
قدمه في المغنى والشرح والفروع والفائق.
قال الحارثي وهو الأظهر.
وقيل يعطي قوسا مع وتره.
جزم به في الترغيب وبه جزم القاضي وابن عقيل قاله الحارثي.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير.
الثانية: قوس النشاب هو الفارسي وقوس النبل هو العربي وقوس جرخ وقوس بمجرى وهو الذي يوضع في مجراة السهم فيخرج من المجرى وقوس البندق هو قوس جلاهق.
الثالثة: لو كان له أقواس من جنس أو قوس نشاب ونبل وقلنا يعطي من كل منهما أعطى أحدها: بالقرعة قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقيل بل برضى الورثة.
قوله: وإن وصى له بكلب أو طبل وله منها مباح ومحرم انصرف إلى المباح وإن لم يكن له إلا محرم لم تصح الوصية.
بلا نزاع في ذلك وتقدم حكم ما إذا تعددت الكلاب قريبا.

(7/195)


قوله: وتنفذ الوصية فيما علم من ماله وما لم يعلم.
جزم به في المغنى والشرح وغيرهما ولا أعلم فيها خلافا.
قوله: وإن وصى بثلثه فاستحدث مالا دخل ثلثه في الوصية.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمغنى والشرح وغيرهم.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والنظم والفائق وغيرهم.
وعنه يدخل المتجدد مع علمه به أو قوله: بثلثي يوم أموت وإلا فلا.
تنبيه: قد يدخل في كلامه لو نصب أحبولة قبل موته فوقع فيها صيد بعد موته فإن الصيد يكون للناصب فيدخل ثلثه في الوصية وهو صحيح وهو المذهب وقدمه في الفروع.
وقال في الانتصار وغيره لا يدخل ويكون كله للورثة.وأطلقهما في الرعاية.
قوله: وإن قتل وأخذت ديته فهل تدخل في الوصية على روايتين.
وأطلقهما الخرقي والزركشي وابن رزين في شرحه والشرح والهداية في باب ميراث القاتل.
إحداهما: تدخل فتكون من جملة التركة وهو المذهب.
قال الإمام أحمد رحمه الله قد قضى النبي صلى الله عليه وسلم أن الدية ميراث.
واختاره القاضي وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره.وصححه في التصحيح وشرح الحارثي وغيرهما.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع وغيرهم.
قال في الخلاصة في باب ميراث القاتل وتؤخذ ديون المقتول ووصاياه من ديته على الأصح.
ويأتي كلامه في الرعايتين والحاوي والفائق في التي بعدها ومال إليه الزركشي.
والرواية الثانية: لا تدخل فتكون للورثة خاصة.
وقيل يقضي منها الدين أيضا على الرواية الثانية.
وهو ظاهر ما قطع به المصنف في المغنى والشارح وابن رزين في شرحه.
فإنهم قالوا على الرواية الثانية وكذلك يقضي منها ديونه ويجهز منها.

(7/196)


وطريقة المجد وصاحب الفروع وغيرهما أن وفاء الدين مبنى على الروايتين إن قلنا له قضيت ديونه وإن قلنا للورثة فلا وهو المذهب.وأما تجهيزه فإنه منها بلا نزاع.
ويأتي ما يشابه ذلك في أثناء باب العفو عن القصاص.
تنبيه: مبنى الخلاف هنا على أن من تحدث على ملك الميت أو على ملك الورثة فيه روايتان.
والصحيح من المذهب أنها تحدث على ملك الميت.
قوله: وإن وصى بمعين بقدر نصف الدية فهل تحسب الدية على الورثة على وجهين.
بناء على الروايتين المتقدمتين قاله الشارح وابن منجا والحارثي.
وقال في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق ودية المقتول عمدا أو خطأ تركة تقضي منها ديونه وفي وصيته وجهان.
ولو وصى بمعين قدر نصف الدية فالدية محسوبة على الورثة من ثلثيه.
وقيل لا وعنه ديته لهم فلا حق فيها لوصية ولا دين.
وقيل يقضي منها الدين فقط.
قوله: وتصح الوصية بالمنفعة المفردة فلو وصى لرجل بمنافع أمته أبدا أو مدة معينة صح.
بلا نزاع أعلمه وللورثة عتقها بلا نزاع ولهم بيعها مسلوبة المنفعة على الصحيح من المذهب.
قال ابن منجا وغيره هذا المذهب وصححه في النظم.
وقدمه في المستوعب والمغنى والمحرر والشرح والحارثي والفروع والهداية والمذهب والخلاصة والمستوعب وغيرهم.
وقطع به القاضي وابن عقيل.
وقيل لا يصح بيعها مطلقا.
وقيل يصح لمالك نفعها لا غير اختاره أبو الخطاب وغيره.
وأطلقهن في الفائق.

(7/197)


وهن في الكافي احتمالات مطلقات.
تنبيه: قوله: وللورثة عتقها يعني مجانا.
أما عتقها عن كفارة فلا يجزئ على الصحيح من المذهب.
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
وقيل يجزئ كعبد مؤجر.
وأطلقهما في التلخيص وشرح الحارثي.
ومتى قلنا بالجواز إما مجانا وإما عن كفارة على هذا القول فانتفاع رب الوصية به باق.
فائدة: صحة كتابتها مبنى على صحة بيعها هنا.
قوله: ولهم ولاية تزويجها.
يعني للورثة الذين يملكون رقبتها والصحيح من المذهب أن وليها مالك رقبتها.
جزم به في الكافي والمغنى والشرح وغيرهم.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والحارثي وصححه وغيرهم.
وقيل وليها مالك رقبتها ومالك المنفعة جميعا.
فعلى المذهب لا يزوجها إلا بإذن مالك المنفعة.
قاله في المغنى والشرح والمحرر والفروع وغيرهم.
قوله: وأخذ مهرها في كل موضع وجب.
يعني لملاك الرقبة ذلك وهذا اختيار المصنف وابن عقيل.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وقال أصحابنا مهرها للوصي.
يعني للموصى له بنفعها وهو المذهب.
جزم به في المنور وغيره.
وقدمه في المحرر وغيره.
وصححه في النظم والحارثي وغيرهما.
قال في الفائق هذا قول الجمهور وأطلقهما في الفروع.

(7/198)


وهذه المسألة من غير الغالب الذي ذكرناه في الخطبة من المصطلح في معرفة المذهب.
قوله: وإن وطئت بشبهة فالولد حر وللورثة قيمة ولدها عند الوضع على الواطئ يعني لأصحاب الرقبة.
وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب جزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وقيل يشترى بها ما يقوم مقامها.
وأطلقهما في الشرح وشرح الحارثي.
قوله: وإن قتلت فلهم قيمتها في أحد الوجهين.
وتبطل الوصية وهو المذهب صححه في التصحيح وغيره.
وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم.
وفي الأخرى يشتري بها ما يقوم مقامها.
قدمه في الهداية والتبصرة والمذهب والمستوعب والخلاصة.
واختاره القاضي والمصنف وغيرهما وأطلقهما في الشرح.
تنبيه: ينبني على الخلاف ما إذا عفا عن قاتلها هل تلزمه القيمة أم لا قاله في الفروع.
فائدة: لو قتلها الورثة لزمهم قيمة المنفعة ذكره في الانتصار عند الكلام على الخلع بمحرم.
قلت وعموم كلام المصنف وغيره من الأصحاب أن قتل الوارث كقتل غيره.
قوله: وليس لواحد منهما وطؤها.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وقال في الترغيب في جواز وطء مالك الرقبة وجهان.
فائدة: لو وطئها واحد منهما فلا حد عليه وولده حر.
فإن كان الواطئ مالك الرقبة صارت أم ولد وإلا فلا.
وفي وجوب قيمة الولد عليه الوجهان.
وكذا المهر على ما تقدم من اختيار المصنف واختيار الأصحاب.
وقيل يجب الحد على صاحب المنفعة إذا وطىء.

(7/199)


فعلى هذا يكون ولده مملوكا وهو احتمال في المغنى وغيره.
قال في القاعدة الخامسة والثلاثين بعد المائة: لا يجوز للوارث وطؤها إذا كان موصى بمنافعها على أصح الوجهين وهو قول القاضي خلافا لابن عقيل.
قوله: وإن ولدت من زوج أو زنا فحكمه حكمها.
هذا أحد الوجهين.
جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي وشرح ابن منجا.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق والشرح.
وقال المصنف والشارح ويحتمل أن يكون لمالك الرقبة.
قدمه في المحرر والفروع والنظم وجزم به في المنور.
وهذا المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة.
قال في القاعدة الحادية والعشرين الولد هل هو كالجزء أو كالكسب والأظهر أنه كجزء.
ثم قال مفرعا على ذلك لو ولدت الموصى بمنافعها.
فإن قلنا الولد كسب فكله لصاحب المنفعة.
وإن قلنا هو جزء ففيه وجهان.
أحدهما: أنه بمنزلتها.
والثاني: أنه للورثة لأن الأجزاء لهم دون المنافع.
قوله: وفي نفقتها ثلاثة أوجه.
وهن احتمالات في الهداية.
وأطلقهن في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والكافي وشرح ابن منجا.
قال في الفروع وفي نفقتها وجهان انتهى.
أحدهما: أنه في كسبها فإن عدم ففي بيت المال قال المصنف وتبعه الشارح فإن لم يكن لها كسب فقيل تجب في بيت المال قال الحارثي هو قول الأصحاب وقال المصنف عن القول أنه يكون في كسبها هو راجع إلى إيجابها على صاحب المنفعة وهذا الوجه للقاضي في المجرد.
والوجه الثاني أنها على مالكها يعني على مالك الرقبة.

(7/200)


وهو الذي ذكره الشريف أبو جعفر مذهبا للإمام أحمد رحمه الله.
وجزم به في الوجيز وأبو الخطاب في رؤوس المسائل وابن بكروس وغيرهم وعند القاضي مثله.
وقدمه في الرعايتين والفائق والحاوي الصغير.
والوجه الثالث: أنه على الموصى وهو مالك المنفعة وهو المذهب.
صححه في التصحيح واختاره المصنف والشارح.
وجزم به في المنور ومنتخب الأزجى.
وقدمه في الخلاصة والمحرر والنظم وتجريد العناية.
قوله: وفي اعتبارها من الثلث وجهان.
وأطلقهما في المغنى والشرح وشرح ابن منجا والفروع وشرح الحارثي.
أحدهما: يعتبر جميعها من الثلث وهو الصحيح.
وهو ظاهر كلامه في الوجيز وصححه في التصحيح.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
والوجه الثاني: تقوم بمنفعتها ثم تقوم مسلوبة المنفعة فيعتبر ما بينهما اختاره القاضي.
وقدمه في الخلاصة والنظم.
وقيل إن وصى بمنفعة على التأبيد اعتبرت قيمة الرقبة بمنافعها من الثلث لأن عبدا لا منفعة له لا قيمة له.
وإن كانت الوصية بمدة معلومة اعتبرت المنفعة فقط من الثلث اختاره في المستوعب.
وأطلقهما في الفروع أيضا.
فقال وهل يعتبر خروج ثمنها من ثلثه أو ما قيمتها بنفعها وبدونه.
فيها وجهان وإن وصى بنفعها وقتا فقيل كذلك وقيل يعتبر وحده من ثلثه لإمكان تقويمه مفردا انتهى.
وأطلقهن في الهداية والمذهب والمستوعب.
فائدة: لو مات الموصى له بنفعها كانت المنفعة لورثته على الصحيح من المذهب.
جزم به في الانتصار في الأجرة بالعقد.
وقال ويحتمل مثله في هبة نفع داره وسكناها شهرا تسليمها انتهى.وقدمه في الفروع.
وقيل بل لورثة الموصى.
قلت وينبغي أن يكون الحكم كذلك فيما إذا مات الموصى له برقبتها أن تكون الرقبة لوارثه.

(7/201)


قوله: وإن وصى لرجل بمكاتبه صح ويكون كما لو اشتراه.
على ما يأتي في باب الكتابة وهذا بلا نزاع.
وإن وصى له بمال الكتابة أو بنجم منها صح.
وهذا المذهب وعليه الأصحاب.
إلا أن القاضي قال في الخلاف فيمن مات وعليه زكاة إن الوصية لا تصح بمال الكتابة والعقل لأنه غير مستقر.
فائدتان:
إحداهما: لو قال ضعوا نجما من كتابته فلهم وضع أي نجم شاءوا.
وإن قال ضعوا ما شاء المكاتب فالكل على الصحيح من المذهب إذا شاء.
وقيل لا كما لو قال ضعوا ما شاء من مالها.
وإن قال ضعوا أكثر ما عليه ومثل نصفه وضع عنه فوق نصفه وفوق ربعه يعني بشرط أن يكون مثل نصف الموضوع أولا.
الثانية: لو أوصى لمكاتبه بأوسط نجومه وكانت النجوم شفعا متساوية القدر تعلق الوضع بالشفع المتوسط كالأربعة المتوسطة منها الثاني والثالث.وكالستة المتوسط منها الثالث والرابع.
قال في القواعد الأصولية ذكره أبو محمد المقدسي وغيره.
قوله: وإن وصى له بمال الكتابة أو بنجم منها صح.
بلا نزاع وللموصى له الاستيفاء والإبراء ويعتق بأحدهما: والولاء للسيد.
فإن عجز فأراد الوارث تعجيزه وأراد الموصى له إنظاره فالقول قول الوارث.
وكذا إذا أراد الوارث إنظاره وأراد الموصى له تعجيزه فالحكم للوارث.
قوله: وإن وصى برقبته لرجل وبما عليه لآخر صح فإن أدى عتق وإن عجز فهو لصاحب الرقبة وبطلت وصية صاحب المال فيما بقي عليه.
إذا أدى لصاحب المال أو أبرأه منه عتق وبطلت الوصية على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.
قال الشارح ويحتمل أن لا تبطل وصية صاحب الرقبة ويكون الولاء له لأنه أقامه مقام نفسه ومال إليه وقواه.
فإن عجز فسخ صاحب الرقبة كتابته وكان رقيقا له وبطلت وصية صاحب المال.

(7/202)


وإن كان قبض من مال الكتابة شيئا فهو له.
قوله: ومن أوصى له بشيء بعينه فتلف قبل موت الموصي أو بعده بطلت الوصية بلا نزاع.
وإن تلف المال كله غيره بعد موت الموصي فهو للموصي له بلا نزاع.
قوله: وإن لم يأخذه زمانا قوم وقت الموت لا وقت الأخذ.
يعني إذا أوصى له بشيء معين فنما وهذا المذهب مطلقا نص عليه.في رواية ابن منصور.
وقطع به الخرقى والمصنف والشارح وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله قول الخرقى هو قول قدماء الأصحاب وهو أوجه من قول الجد يعني الآتي.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقال في المحرر إن قلنا يملكه بالموت اعتبرت قيمته من التركة بسعره يوم الموت على أدنى صفاته من يوم الموت إلى القبول سعرا وصفة انتهى.
فبنى ذلك على أن الملك بين الموت والقبول هل هو للموصى له أو للورثة على ما تقدم في كتاب الوصايا في الفوائد: المبنية على قوله: وإن قبلها بعد الموت ثبت الملك حين القبول وذكرنا هذا هناك أيضا.
قوله: وإن لم يكن له شيء سوى المعين إلا مال غائب أو دين في ذمه موسر أو معسر فللموصي له ثلث الموصى به وكلما اقتضى من الدين شيء أو حضر من الغائب شيء ملك من الموصى به بقدر ثلثه حتى يملكه كله وكذلك الحكم في المدبر.
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وقدمه في المغنى والشرح ونصراه.
وذكره الخرقى في المدبر وقدمه في الفائق والحارثي.
وقال قاله الأصحاب وصححه.

(7/203)


وقيل لا يدفع إليه شيء بل يوقف لأن الورثة شركاؤه في التركة فلا يحصل له شيء ما لم يحصل للورثة مثلاه.
قلت وهذا بعيد جدا فإنه إذا أخذ ثلث هذا المعين يبقى ثلثاه فإن لم يحصل من المال الغائب والدين شيء البتة فللورثة الباقي من هذا الموصى به فما يحصل للموصى له شيء إلا وللورثة مثلاه.
غايته أنه غير معين ولا يضر ذلك.
فعلى المذهب تعتبر قيمة الحاصل بسعره يوم الموت على أدنى صفته من يوم الموت إلى يوم الحصول.
قوله: وإن وصى له بثلث عبد فاستحق ثلثاه فله الثلث الباقي.
يعني إذا خرج من ثلث التركة قاله الأصحاب.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في المغنى والشرح والوجيز وشرح الحارثي والفائق وغيرهم.
وقدمه في الفروع وغيره.
وقيل له ثلث ثلثه لا غير.
فائدة: مثل ذلك لو أوصى بثلث صبرة من مكيل أو موزون فتلف أو استحق ثلثاها خلافا ومذهبا.
قوله: وإن وصى له بثلث ثلاثة أعبد فاستحق اثنان أو ماتا فله ثلث الباقي.
هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والفروع والفائق والحارثي وغيرهم.
وقيل جميعه له إذا لم يجاوز ثلث قيمتها.
قوله: وإن وصى له بعبد لا يملك غيره قيمته مائة ولآخر بثلث ماله وملكه غير العبد مائتان فأجاز الورثة فللموصى له بالثلث ثلث المائتين وربع العبد وللموصى له بالعبد ثلاثة أرباعه.
وهذا المذهب أعني في المزاحمة في العبد وعليه الأصحاب الخرقى فمن بعده.
قال الشارح وهو قول سائر الأصحاب.
قال ابن رجب وتبع الخرقى على ذلك ابن حامد والقاضي والأصحاب.

(7/204)


ثم قال فهذا قد يحمل على ما إذا كانت الوصيتان في وقتين مختلفين ولا إشكال على هذا.
وإن حمل على إطلاقه وهو الذي اقتضاه كلام الأكثرين فهو وجه آخر.
ثم قال ونصوص الإمام أحمد رحمه الله وأصوله مخالفة لذلك.
ثم قال وقد ذكر ابن حامد أن الأصحاب استشكلوا مسألة الخرقى وأنكروها عليه ونسبوه إلى التفرد بها.
ذكر ذلك في القاعدة التاسعة عشر بعد المائة.
قوله: وإن ردوا فقال الخرقي للموصى له بالثلث سدس المائتين وسدس العبد وللموصى له بالعبد نصفه.
وهذا الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
قال الحارثي هو قول الخرقي ومعظم الأصحاب.
قال الزركشي هو قول جمهور الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المحرر والنظم والزركشي وغيرهم.
قال المصنف وعندي أنه يقسم الثلث بينهما على حسب مالهما في حال الإجازة لصاحب الثلث خمس المائتين وعشر العبد ونصف عشره ولصاحب العبد ربعه وخمسه.
وهو تخريج في المحرر.
قال في القاعدة الخامسة عشر: وفي تخريج صاحب المحرر نظر وذكره.
قوله: وإن كانت الوصية بالنصف مكان الثلث فردوا فلصاحب النصف ربع المائتين وسدس العبد ولصاحب العبد ثلثه.
وهذا اختيار المصنف وجزم به في الوجيز.
فوافق المصنف هنا وخالفه في التي قبلها وهو غريب.
وقال أبو الخطاب لصاحب النصف خمس المائتين وخمس العبد ولصاحب العبد خمساه وهو قياس قول الخرقي وهو الصحيح.
قال الزركشي وهو قول الجمهور.
قوله: وإن وصى لرجل بثلث ماله ولآخر بمائة ولثالث بتمام الثلث على المائة فلم يزد الثلث.

(7/205)


يعني الثلث الثاني.
عن المائة بطلت وصية صاحب التمام وقسم الثلث بين الآخرين على قدر وصيتهما وإن زاد على المائة فأجاز الورثة نفذت الوصية على ما قال الموصى وإن ردوا فلكل واحد نصف وصيته عندي.
وجزم به في الوجيز.
وقدمه في النظم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
وقال القاضي ليس لصاحب التمام شيء حتى تكمل المائة لصاحبها ثم يكون له ما فضل عنها ويجوز أن يزاحم به ولا يعطى كولد الأب مع ولد الأبوين في مزاحمة الجد.
قال الحارثي الأصح ما قال القاضي واختاره في المحرر إذا جاوز الثلث مائتين.
قال في الفروع وقيل إن جاوز المائتين فللموصى له بالثلث: نصف وصيته له وللموصى له بالمائة: مائة وللثالث: نصف الزائد.
وإن جاوز مائة فللموصى له الأول: نصف وصيته وللموصى له الثاني: بقية الثلث مع معادلته بالثالث انتهى.
وقال في المحرر وعندي تبطل وصية التمام ها هنا ويقتسم الآخران الثلث كأن لا وصية لغيرهما كما إذا لم يجاوز الثلث مائة.
وأطلقهما في الشرح.
وقيل إن جاوز الثلث مائتين فللموصى له بثلث ماله نصف وصيته ولصاحب المائة مائة وللثالث نصف الزائد.
وأطلقهن في الفروع.

(7/206)


باب الوصية بالأنصباء والأجزاء :
قوله: إذا وصى بمثل نصيب وارث معين فله مثل نصيبه مضموما إلى المسألة.
هذا المذهب وعليه الأصحاب وقطع به كثير منهم.
وفي الفصول احتمال ولو لم يرثه ذلك الذي أوصى بمثل نصيبه لمانع به من رق وغيره.
وقال في الفائق والمختار له مثل نصيب أحدهم غير مزاد ويقسم الباقي.
فإذا وصى بمثل نصيب ابنه وله ابنان فله الثلث على المذهب وله النصف على ما

(7/206)


اختاره في الفائق ويقسم النصف الباقي بين الابنين وله قوة.
قوله: وإن وصى له بنصيب ابنه فكذلك في أحد الوجهين.
يعني له مثل نصيبه في أحد الوجهين وهو المذهب.
جزم به القاضي في الجامع الصغير والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي.
ومال إليه المصنف والمجد والشارح وغيرهم.
قال في المذهب وغيره صحت الوصية في ظاهر المذهب.
قال الحارثي هو الصحيح عندهم.
وفي الآخر لا تصح الوصية.
وهو الذي ذكره القاضي.
قال الزركشي قاله القاضي في المجرد.
قال الحارثي لكن رجع عنه.
فائدة: لو وصى له بمثل نصيب ولده وله ابن وبنت فله مثل نصيب البنت نقله ابن الحكم واقتصر عليه في الفروع.
قوله: وإن وصى له بضعف نصيب ابنه أو بضعفيه فله مثله مرتين وإن وصى له بثلاثة أضعافه فله ثلاثة أمثاله.
قال المصنف هذا هو الصحيح عندي.
واختاره الشارح وصاحب الحاوي الصغير.
وقال أصحابنا ضعفاه ثلاثة أمثاله وثلاثة أضعافه أربعة أمثاله كلما زاد ضعفا زاد مرة واحدة.
وهذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
قوله: وإن وصى بمثل نصيب وارث لو كان فله مثل ماله لو كانت الوصية وهو موجود فإذا كان الوراث أربعة بنين فللموصى له السدس وإن كانوا ثلاثة فله الخمس.
هذا الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب.

(7/207)


وقال الحارثي وعن بعض أصحابنا إقامة الوصى مقام الابن المقدر انتهى.
قوله: ولو كانوا أربعة فأوصى بمثل نصيب خامس لو كان إلا مثل نصيب سادس لو كان فقد أوصى له بالخمس إلا السدس بعد الوصية.
هكذا موجود في النسخ المعروفة المشهورة.
ووجد في نسخة مقروءة على المصنف وعليها خطة لو كانوا أربعة فأوصى بمثل نصيب أحدهم إلا مثل نصيب ابن خامس لو كان.
قال الناظم وفي بعض النسخ المقروءة على المصنف وصى بمثل نصيب أحدهم إلا مثل نصيب ابن سادس لو كان.
قال فعلى هذا يصح أنه وصى بالخمس إلا السدس.
قال في الفروع كذا قال.
وهو كما قال صاحب الفروع.
فإنه على ما قاله الناظم في النسخة المقروءة على المصنف إنما يكون أوصى له بالخمس إلا السبع على ما قاله الأصحاب في قواعدهم فلذلك لم يرتضه صاحب الفروع منه.
واعلم أن النسخ المعروفة المعتمد عليها ما قلناه أولا وعليها شرح الشارح وابن منجا.
لكن قوله: فقد أوصى بالخمس إلا السدس مشكل على قواعد الأصحاب ومخالف لطريقتهم في ذلك وأشباهه.
بل قياس ما ذكره الأصحاب في هذه المسألة أن يكون قد أوصى له بالسدس إلا السبع فيكون له سهم من اثنين وأربعين.
وكذا قال الحارثي وصاحب الفروع وغيرهما.
لكن في الفروع سهمان من اثنين وأربعين وهو سبقة قلم والله أعلم.
وأجاب الحارثي عن ذلك فقال قولهم: أوصى بالخمس إلا السدس صحيح.باعتبار أن له نصيب الخامس المقدر غير مضموم وأن النصيب هو المستثنى وهو طريقة الشافعية انتهى.
قلت وهو موافق لما اختاره في الفائق فيما إذا أوصى له بمثل نصيب وارث على ما تقدم.
قال في الفروع وما قاله الحارثي صحيح يؤيده أن في نسخة مقروءة على الشيخ أربعة أوصى بمثل نصيب أحدهم إلا بمثل نصيب ابن خامس لو كان فقد أوصى له بالخمس إلا السدس.
قال ويوافق هذا قول ابن رزين في ابنين ووصى بمثل نصيب ابن ثالث لو كان له الربع.

(7/208)


وإلا مثل نصيب رابع لو كان من واحد وعشرين انتهى.
فكأن صاحب الفروع فسر النسخة الأولى المعتمدة المشكلة على طريقة الأصحاب بهذه النسخة.
والذي يظهر بل هو كالصريح في ذلك أن معناهما مختلف وأن النسخة الأولى تابع فيها طريقة أصحاب الإمام الشافعي رحمه الله.
وهذه النسخة تبع فيها طريقة الأصحاب ولعله في النسخة الأولى اختار ذلك أو يكون ذلك مجرد متابعة لغيره فلما ظهر له ذلك اعتمد على النسخة الموافقة لقواعد المذهب والأصحاب وهو أولى.
فتلخص لنا أن المصنف وجد له ثلاث نسخ مختلفة قرئت عليه.
إحداها: الأولى وهي المشكلة على قواعد الأصحاب ولذلك أجاب عنها الحارثي.
والثانية: ما ذكرها الناظم وتقدم ما فسرها به.
والتفسير أيضا مشكل على قواعد الأصحاب ولذلك رده في الفروع.
وتقدم أن قواعد الأصحاب تقتضي على هذه النسخة أنه أوصى بالخمس إلا السبع وتفسيره موافق لطريقه أصحاب الإمام الشافعي وما اختاره في الفائق.
والثالثة: فيها أوصى بمثل نصيب أحدهم إلا بمثل نصيب ابن خامس فهذه النسخة صحيحة على قياس طريقة الأصحاب ويكون قد أوصى له بالخمس إلا السدس وهو موافق لما فسر وأولى من النسخ المعروفة والله أعلم.
قوله: وإن أوصى له بسهم من ماله ففيه ثلاث روايات.
وظاهرة الهداية والمستوعب إطلاقهن.
وأطلقهن في المذهب وتجريد العناية.
إحداهن: له السدس بمنزلة سدس مفروض.
إن لم تكمل فروض المسألة أو كانوا عصبة أعطى سدسا كاملا.
وإن كملت فروضها أعيلت به وإن عالت أعيل معها وهو المذهب.
نقلها ابن منصور وحرب وعليه أكثر الأصحاب منهم القاضي وأصحابه كالشريف وأبي الخطاب وابن عقيل والشيرازي وغيرهم.
وفسر الزركشي كلام الخرقى بذلك.
قال الحارثي هذا أصح عند عامة الأصحاب.
وجزم به في الوجيز ومنتخب الأزجى وغيرهما.

(7/209)


وقدمه في النظم والفروع والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
وهو من المفردات قال ناظمها :
من قال في الإيصا لزيد سهم ... فالسدس يعطى حيث كان القسم
والرواية الثانية: له سهم مما تصح منه المسألة ما لم يزد على السدس.
والرواية التي ذكرها الخرقي وغيره ليس فيها ما لم يزد على السدس بل قالوا يعطى سهما مما تصح منه الفريضة.
لكن قال القاضي معناه ما لم يزد على السدس فإن زاد عليه أعطى السدس ورد الحارثي ما قال القاضي.
قال في الفروع وعنه له سهم واحد مما تصح منه المسألة مضموما إليها اختاره الخرقى انتهى.
قلت ليس الأمر كما قال فإن الخرقى قال وإذا أوصى له بسهم من ماله أعطى السدس.
وقد روى عن أبي عبد الله رواية أخرى يعطي سهما مما تصح منه الفريضة انتهى فالظاهر أنه سبقة قلم.
والرواية الثالثة: له مثل نصيب أقل الورثة ما لم يزد على السدس.
واختار الخلال وصاحبه له مثل نصيب أقل الورثة سواء كان أقل من السدس أو أكثر.
قال في الهداية في تتمة الرواية فإن زاد على السدس أعطى السدس وهو قول الخلال وصاحبه انتهى.
وقيل يعطى سدسا كاملا.
أطلقه الإمام أحمد رحمه الله في رواية حرب.
وأطلقه الخرقى وصاحب الروضة والمحرر وجماعة.
وهو كالصريح في المنور فإنه قال وإن وصى بسهم من ماله أعطى سدسه.
وقال المصنف في المغنى والشارح والذي يقتضيه القياس أنه إن صح أن السهم في لسان العرب السدس أو صح الحديث وهو أنه عليه أفضل الصلاة والسلام أعطى رجلا أوصى له بسهم من ماله السدس فهو كما لو أوصى بسدس من ماله وإلا فهو كما لو أوصى بجزء من ماله على ما اختاره الإمام الشافعي وابن المنذر رحمهما الله تعالى أن الورثة يعطوه ما شاءوا.
تنبيه: قول المصنف في الرواية الثانية والثالثة ما لم يزد على السدس.
قاله القاضي وجماعة من الأصحاب منهم المصنف.

(7/210)


وأطلق الباقون الروايتين وقواه الحارثي.
قال في الرعايتين والحاوي الصغير على الرواية الثانية والثالثة: له السدس وإن جاوزه الموصى به.
قوله: وإن وصى لرجل بجميع ماله ولآخر بنصفه فالمال بينهما على ثلاثة إن أجيز لهما والثلث على ثلاثة مع الرد.
هذا المذهب وعليه الأصحاب.
وفي الترغيب وجه فيمن أوصى بماله لوارثه ولآخر بثلثه وأجيز فللأجنبي ثلثه ومع الرد هل الثلث بينهما على أربعة أو على ثلاثة أو هو للأجنبي فيه الخلاف.
قوله: فإن أجيز لصاحب المال وحده فلصاحب النصف التسع والباقي لصاحب المال في أحد الوجهين.
وهو المذهب صححه في التصحيح والمحرر.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الفروع وغيره.
وفي الآخر ليس له إلا ثلثا المال الذي كان له في حال الإجازة لهما ويبقى التسعان للورثة.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وأطلقهما في الشرح والفائق والقواعد.
تنبيه: قوله: ليس له إلا ثلثا المال التي كانت له في حال الإجازة.
كذا وجد بخط المصنف رحمه الله.
وكان الأصل أن يقول إلا ثلثا المال اللتان كانتا له في حال الإجازة بتثنية التي وبضمير التثنية في كان لأن الصفة والضمير يشترط مطابقة كل واحد منهما لمن هو له وإنما أفردا وأنثا باعتبار المعنى أي السهام الستة التي كانت له نص على ذلك في المطلع.
قوله: وإن أجازوا لصاحب النصف وحده فله النصف على الوجه الأول وهو المذهب.
وعلى الوجه الثاني: له الثلث ولصاحب المال التسعان.
والوجهان الآتيان في كلام المصنف بعد هذا مبنيان على الوجهين المتقدمين وقد علمت المذهب منهما.

(7/211)


قوله: إذا اخلف ابنين وأوصى لرجل بثلث ماله ولآخر بمثل نصيب ابن ففيها وجهان.
وأطلقهما في المغنى والكافي والمحرر والشرح والفروع.
أحدهما: لصاحب النصيب ثلث المال عند الإجازة وعند الرد يقسم الثلث بين الوصيين نصفين وهو المذهب.
قال في الهداية هذا قياس المذهب عندي.
وجزم به في الوجيز وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
والوجه الثاني: لصاحب النصيب مثل ما يحصل لابن وهو ثلث الباقي وذلك التسعان عند الإجازة وعند الرد يقسم الثلث بينهما على خمسة.
وهو احتمال في الهداية وقدمه في المستوعب.
قال الحارثي وهذا أصح بلا مرية.
قوله: وإن كان الجزء الموصي به النصف خرج فيها وجه ثالث وهو أن يكون لصاحب النصيب في حال الإجازة ثلث الثلثين وفي الرد يقسم الثلث بينهما على ثلاثة عشر لصاحب النصف تسعة ولصاحب النصيب أربعة والمذهب الأول.
قال الحارثي عن الوجه الثالث: وليس بالقوى وأطلقهن في الشرح.
والمسائل المفرعة بعد ذلك مبنية على الخلاف هنا وقد علمت المذهب هنا.
فائدة: جليلة قوله: وإن خلف أما وبنتا وأختا وأوصى بمثل نصيب الأم وسبع ما يبقى ولآخر بمثل نصيب الأخت وربع ما يبقى ولآخر بمثل نصيب البنت وثلث ما يبقي فقل مسألة الورثة من ستة وهي بقية مال ذهب ثلثه فزد عليه مثل نصفه ثلاثة ثم رد مثل نصيب البنت يكن اثني عشر فهي بقية مال ذهب ربعه فزد عليه مثل ثلثه ومثل نصيب الأخت صارت ثمانية عشر وهي بقية مال ذهب سبعه فزد عليه سدسه ومثل نصيب الأم يكن اثنين وعشرين.
هذه الطريقة تسمى طريقة المنكوس وهي غير مطردة.
ولنا فيها طريقة مطردة ولم أرها مسطورة في كلام الأصحاب ولكن أفادنيها بعض مشايخنا.
وذلك أن نقول انكسر معنا على ثلاثة وأربعة وسبعة.

(7/212)


وهذه الأعداد متباينة فاضرب بعضها في بعض تبلغ أربعة وثمانين ثلثها ثمانية وعشرون وربعها أحد وعشرون وسبعها اثني عشرة ومجموع ذلك أحد وستون يبقى بعد ذلك ثلاثة وعشرون وهو النصيب فاحفظه.
ثم تأتي إلى نصيب البنت وهو ثلاثة تلقى ثلثه وهو واحد يبقى اثنان وتلقى من نصيب الأخت ربعه وهو نصف سهم يبقى سهم ونصف وتلقى من نصيب الأم سبعه وهو سبع سهم يبقى ستة أسباع فتجمع الباقي بعد الذي ألقيته من أنصباء الثلاثة يكون أربعة أسهم وسبعين ونصف سبع فتضيفها إلى المسألة وهي ست يكون المجموع عشرة أسهم وسبعين ونصف سبع فاضرب ذلك في الأربعة والثمانين التي حصلت من مخرج الكسور يكون ثمانمائة وسبعين ومنها تصح.
للموصي له بمثل نصيب الأم سهم من ستة مضروب في النصيب وهو ثلاثة وعشرون يكون ذلك ثلاثة وعشرون سهما وله سبع الباقي من الثمانمائة والسبعين وهو مائة وأحد وعشرون بلغ المجموع له مائة وأربعة وأربعين.
وللموصى له بمثل نصيب الأخت سهمان من ستة مضروبان في النصيب تبلغ ستة وأربعين وله ربع الباقي من الثمانمائة والسبعين وقدره مائتان وستة يكون المجموع له مائتين واثنين وخمسين.
وللموصى له بمثل نصيب البنت ثلاثة مضروبة في ثلاثة وعشرين تبلغ تسعة وستين وله ثلث الباقي من الثمانمائة والسبعين وقدره مائتان وسبعة وستون يكون المجموع له ثلاثمائة وستة وثلاثين.
فمجموع سهام الموصى لهم سبعمائة واثنان وثلاثون سهما والباقي للورثة وقدره مائة وثمانية وثلاثون سهما.
للأم السدس من ذلك وقدره ثلاثة وعشرون سهما.
وللأخت الثلث وقدره ستة وأربعون سهما.
وللبنت النصف وقدره تسعة وستون سهما والله أعلم.
وإن أردت أن تعطى الموصى له بمثل نصيب البنت وثلث ما يبقى أولا أو الموصى له بمثل نصيب الأخت وربع ما يبقى فافعل كما قلنا يصح العمل معك.بخلاف طريقة المصنف فإنها لا تعمل إلا على طريقة واحدة وهي التي ذكرها.
فأحببت أن أذكر هذه الطريقة لتعرف وليقاس عليها ما شابهها لاطرادها والله الموفق.
واستمر بنا على هذه الطريقة مدة طويلة إلى سنة سبع وسبعين وثمانمائة ثم سافرت إلى بيت المقدس للزيارة وكان فيها رجل من الأفاضل المحررين في الفرائض والوصايا فسألته عن هذه المسألة فتردد فيها وذكر لنا طريقة حسنة موافقة لقواعد الفرضيين.
وكنت قبل ذلك قد كتبت الأولى في التنقيح كما في الأصل.

(7/213)


فلما تحرر عندنا أن الطريقة التي قالها هذا الفاضل أولى وأصح أضربنا عن هذه التي في الأصل.
وأثبتنا هذه وهي المعتمد عليها.
وقد تبين لي أن هذه الطريقة التي في الأصل غير صحيحة وإنما هي عمل لتصح قسمتها مطلقا من غير نظر إلى ما يحصل لكل واحد.
وقد كتبت عليها ما يبين ضعفها من صحتها في غير هذا الموضع ويعرف بالتأمل عند النظر وأثبت هذه الطريقة وضربت على الأولى التي في الأصل هنا فليحرر.

(7/214)


باب الموصى إليه :
فائدة: الدخول في الوصية للقوى عليها قربة.
وقال في المغنى قياس مذهبه أن ترك الدخول أولى انتهى.
قلت وهو الصواب لا سيما في هذه الأزمنة.
تنبيه: شمل قوله: تصح وصية المسلم إلى كل مسلم عاقل عدل.
العدل العاجز إذا كان أمينا وهو صحيح وهو المذهب.
قطع به أكثر الأصحاب وحكاه المصنف والشارح إجماعا.
لكن قيده صاحب الرعاية بطريان العجز وقدمه في الفروع.
وقال في الترغيب لا تصح واختار ابن عقيل إبداله.
وقال في الكافي للحاكم إبداله.
قوله: وإن كان عبدا.
تصح الوصية إلى العبد لكن لا يقبل إلا بإذن سيده.
ذكره القاضي في التعليق ومن بعده.
وتصح إلى عبد نفسه قاله ابن حامد.
وتابعه في الكافي والرعايتين والفائق وغيرهم.
وقطع به الزركشي وغيره.
قال في القواعد الأصولية هذا مذهبنا.
قال في الفروع تصح الوصية إلى رشيد عدل ولو رقيق.
قال القاضي قياس المذهب يقتضي ذلك.

(7/214)


تنبيهان:
الأول: يحتمل أن يكون مراد المصنف بالعدل العدل مطلقا فيشمل مستور الحال وهو المذهب.
ويحتمل أن يريد العدل ظاهرا وباطنا وهو قول في المذهب.
الثاني: ظاهر كلام المصنف عدم صحة وصية المسلم إلى كافر وهو صحيح وهو المذهب وعليه الأصحاب.
وذكر المجد في شرحه أن القاضي ذكر في تعليقه ما يدل على أنه اختار صحة الوصية نقله الحارثي.
قوله: أو مراهقا.
قطع المصنف هنا بصحة الوصية إلى المراهق وهو إحدى الروايتين.
قال القاضي قياس المذهب صحة الوصية إلى المميز.
وجزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وشرح ابن منجا ومنتخب الأدمى.
قال في القواعد الأصولية قال هذا كثير من الأصحاب.
قال الحارثي هو قول أكثر الأصحاب.
وعنه لا تصح إليه حتى يبلغ وهو المذهب.
اختاره المصنف والشارح والمجد وغيرهم.
قال في الوجيز مكلف.
وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والنظم والفائق وغيرهم.
وجزم به في المنور وغيره وأطلقهما الزركشي.
قال في الكافي وفي الوصية إلى الصبي العاقل وجهان.
تنبيه: ظاهر تقييد المصنف بالمراهق أنها لا تصح إلى مميز قبل أن يراهق وهو ظاهر كلامه في الهداية وغيرها.
وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الرعاية والمحرر والفروع والفائق وغيرهم.
وعنه تصح قاله كثير من الأصحاب.
قال القاضي هذا قياس المذهب كما تقدم.

(7/215)


ويأتي هل يصح أن يوصى إليه عند بلوغه قبل أن يبلغ وهو الوصي المنتظر.
فائدتان:
إحداهما: لا تصح الوصية إلى السفيه على الصحيح من المذهب وعنه تصح.
الثانية: لا نظر لحاكم مع وصى خاص إذا كان كفؤا في ذلك.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن أوصى إليه بإخراج حجة أن ولاية إخراجها والتعيين للناظر الخاص إجماعا وإنما للولي العام الاعتراض لعدم أهليته أو فعله محرما.
قال في الفروع فظاهره لا نظر ولا ضم مع وصى متهم وهو ظاهر كلام جماعة.
وتقدم كلامه في ناظر الوقف في كتاب الوقف.
ونقل ابن منصور إذا كان الوصي متهما لم تخرج من يده ويجعل معه آخر.
ونقل يوسف ابن موسى إن كان الوصي متهما ضم إليه رجل يرضاه أهل الوقف يعلم ما جرى ولا تنزع الوصية منه.
ثم إن ضمه بأجرة من الوصية توجه جوازه ومن الوصي فيه نظر بخلاف ضمه مع فاسق قاله في الفروع.
قوله: ولا تصح إلي غيرهم.
قدم المصنف هنا أنها لا تصح إلى فاسق وهو صحيح وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب.
منهم القاضي وعامة أصحابه منهم الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما.
والشيرازي وابن عقيل في التذكرة وابن البنا وغيرهم.
واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في الوجيز.
وقدمه في الكافي والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والهداية والخلاصة والنظم.
ونصره المصنف والشارح.
وعنه تصح إلى الفاسق ويضم إليه الحاكم أمينا.
قاله الخرقى وابن أبي موسى.
وقدمه في الفروع والفائق.
وهذا من غير الغالب الذي قدمه في الفروع.
قال القاضي هذه الرواية محمولة على من طرأ فسقه بعد الوصية.
وقيل تصح إلى الفاسق إذا طرأ عليه ويضم إليه أمين.

(7/216)


اختاره جماعة من الأصحاب.
وعنه تصح إليه من غير ضم أمين حكاها أبو الخطاب في خلافة.
قلت وهو بعيد جدا.
قال في الخلاصة ويشترط في الوصي العدالة.
وعنه يضم إلى الفاسق أمين.
ويأتي هل تصح الوصية إلى الكافر في آخر الباب.
قوله: وإن كانوا على غير هذه الصفات ثم وجدت عند الموت فهل تصح على وجهين.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمحرر والزركشي والقواعد الفقهية.
أعلم أن في هذه المسألة أوجها.
أحدها: يشترط وجود هذه الصفات عند الوصية والموت وما بينهما.
وهو احتمال في الرعاية وقول في الفروع ووجه للقاضي في المجرد.
والثاني: يكفي وجودها عند الموت فقط وهو أحد وجهي المصنف.
صححه في التصحيح وجزم به في الوجيز والمنور.
والثالث: يعتبر وجودها عند الموت والوصية فقط وهو المذهب وهو ظاهر كلام ابن عبدوس في تذكرته.
ونصره المصنف والشارح.
وقدمه في النظم والفروع.
ويحتمله الوجه الثاني للمصنف.
والرابع: يكفي وجودها عند الوصية فقط وهو احتمال في الرعاية وتخريج في الفائق.
وهو ظاهر ما قدمه في تجريد العناية ويضم إليه أمين.
قال في الرعاية ومن كان أهلا عند موت الموصى لا عند الوصية إليه فوجهان ومن كان أهلا عند الوصية إليه فزالت عند موت الموصى بطلت.
قلت ويحتمل أن يضم إليه أمين.
فإن كان أهلا عند الوصية ثم زالت ثم عادت عند الموت صحت وفيها احتمال كما لو زالت بعد الموت ثم عادت انتهى.

(7/217)


قوله: وإذا أوصي إلى واحد وبعده إلى آخر فهما وصيتان. نص عليه.
إلا أن يقول قد أخرجت الأول نص عليه.
وليس لأحدهما: الانفراد بالتصرف إلا أن يجعل ذلك إليه.
نص عليه وذكر الحارثي ما يدل على رواية بالجواز.
وتقدم الكلام فيما إذا جعل النظر في الوقف لاثنين أو كان لهما بأصل الاستحقاق في كتاب الوقف بعد قوله: ويرجع إلى شرط الواقف وهذا يشبه ذلك.
فائدة: لو وصى إلى اثنين في التصرف وأريد اجتماعهما على ذلك.
قال الحارثي من الفقهاء من قال ليس المراد من الاجتماع تلفظهما بصيغ العقود بل المراد صدوره عن رأيهما ثم لا فرق بين أن يباشر أحدهما: أو الغير بإذنهما ولم يخالف الحارثي هذا القائل.
قلت وهو الظاهر وأنه يكفي إذن أحدهما: الوكيل في صدور العقد مع حضور الآخر ورضاه بذلك.
ولا يشترط توكيل الاثنين كما هو ظاهر كلامه الأول.
قوله: فإن مات أحدهما: أقام الحاكم مقامة أمينا.
وكذا لو وجد ما يوجب عزلة بلا نزاع.
قال المصنف أو غاب لكن لو ماتا أو وجد منهما ما يوجب عزلهما ففي الإكتفاء بواحد وجهان وأطلقهما في الكافي والمغني والشرح والفروع والحاوي الصغير والزركشي.
قال في الفائق ولو ماتا جاز إقامة واحد في أصح الروايتين قال في الرعاية الكبرى وإن وجد منهما ما يوجب عزلهما جاز أن يقيم الحاكم بدلهما واحدا في الأصح.
وقال في الرعاية الصغرى وإن ماتا جاز أن يقيم الحاكم واحدا في الأصح.
قال ابن رزين في شرحه فإن تغير حالهما فله نصب واحد.
وقيل لا ينصب إلا اثنين.
تنبيه: هذه الأحكام المتقدمة إذا لم يجعل لكل واحد منهما التصرف منفردا.
فأما إن جعل لكل واحد منهما التصرف منفردا كما صرح به المصنف فمات أحدهما أو خرج من أهلية الوصية لم يكن للحاكم أن يقيم مقامه إلا أن يعجز عن التصرف وحده.

(7/218)


وإن ماتا معا أو خرجا من الوصية فللحاكم أن يقيم واحدا.
ولو حدث عجز لضعف أو علة أو كثرة عمل ونحوه ولم يكن لكل واحد منهما التصرف منفردا ضم إليه أمين جزم به في المغنى والشرح.
قال ابن رزين ضم إليه أمين ولم ينعزل إجماعا.
وقيل له ذلك وأطلقهما في الفروع.
قوله: وكذلك إن فسق.
يعني أقام الحاكم مقامه أمينا وينعزل.
فشمل كلام المصنف صورتين.
إحداهما: أن يكون وصيا منفردا.
الثانية: أن يكون مضافا إلى وصى آخر.
واعلم أن هذا مبنى على الصحيح من المذهب من أن الفاسق لا تصح الوصية إليه وينعزل إذا طرأ عليه الفسق كما تقدم التنبيه: عليه.
وعنه يضم إليه أمين.
قدمه في الفروع والفائق كما تقدم.
وقيل يضم إليه هنا أمين وإن أبطلنا الوصية إلى الفاسق لطريانه.
اختاره جماعة من الأصحاب كما تقدم.
فوائد:
لو وصى إليه قبل أن يبلغ ليكون وصيا بعد بلوغه أو حتى يحضر فلان أو إن مات فلان ففلان وصى صح ويصير الثاني وصيا عند الشرط ذكره الأصحاب ويسمى الوصى المنتظر.
قال في المستوعب لو أوصى إلى المرشد من أولاده عند بلوغه فإن الوصية تصح ويسمى الوصى المنتظر انتهى.
وكذا لو قال أوصيت إليه سنة ثم إلى فلان للخبر الصحيح أميركم زيد فإن قتل فجعفر فإن قتل فعبد الله ابن رواحة والوصية كالتأمير.
قال في الفروع ويتوجه لا.
يعني ليست الوصية كالتأمير لأن الوصية استنابة بعد الموت فهي كالوكالة في الحياة.
ولهذا هل للوصي أن يوصى ويعزل من وصى إليه.
ولا تصح إلا في معلوم وللوصى عزلة وغير ذلك كالوكيل.

(7/219)


فلهذا لا يعارض ذلك ما ذكره القاضي وجماعة من الأصحاب إذا قال الخليفة الإمام بعدي فلان فإن مات ففلان في حياتي أو إذا تغير حاله فالخليفة فلان صح.
وكذا في الثالث والرابع:.
وإن قال فلان ولي عهدي فإن ولى ثم مات ففلان بعده لم يصح للثاني.
وعللوه بأنه إذا ولى وصار إماما حصل التصرف وبقي النظر والاختيار إليه فكان العهد إليه فيمن يراه.
وفي التي قبلها جعل العهد إلى غيره عند موته أو تغير صفاته في الحالة التي لم يثبت للمعهود إليه إمامه.
قال في الفروع وظاهر هذا أنه لو علق ولى الأمر ولاية حكم أو وظيفة بشرط شغورها أو بشرط فوجد الشرط بعد موت ولى الأمر والقيام مقامه أن ولايته تبطل وأن النظر والاختيار لمن يقوم مقامه.
يؤيده أن الأصحاب اعتبروا ولاية الحكم بالوكالة في مسائل وأنه لو علق عتقا أو غيره بشرط بطل بموته.
قالوا لزوال ملكة فتبطل تصرفاته.
قال في المغنى وغيره ولأن إطلاق الشرط يقتضي الحياة انتهى كلام صاحب الفروع.
وظاهر كلامه صحة ولاية الحكم والوظائف بشرط شغورها أو بشرط إذا وجد ذلك قبل موت ولى الأمر وهو ظاهر كلامه.
قوله: ويصح قبوله للوصية في حياة الموصى وبعد موته.
بلا نزاع وتقدم صفة الإيجاب والقبول.
قوله: وله عزل نفسه متى شاء.
هذا المذهب مطلقا وعليه أكثر الأصحاب.
قال في القاعدة الستين: أطلق كثير من الأصحاب أن له الرد بعد القبول في حياة الموصى وبعده.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في الكافي والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق وشرح الحارثي ونصره.
وقيل له ذلك إن وجد حاكم وإلا فلا ونقله الأثرم.
وقدمه في المحرر والنظم.

(7/220)


وعنه ليس له ذلك بعد موته بحال ولا قبله إذا لم يعلمه بذلك.
وعنه ليس له ذلك بعد موته ذكرها ابن أبي موسى قاله في الفروع.
قال في القواعد وحكى ابن أبي موسى رواية ليس له الرد بحال إذا قبلها.
ومن الأصحاب من حملها على ما بعد الموت.
وحكاهما القاضي في خلافه صريحا في الحالين.
قوله: وليس للوصي أن يوصى إلا أن يجعل ذلك إليه.
وهو المذهب اختاره أبو بكر والقاضي وابن عبدوس في تذكرته.
قال الشارح وهو الظاهر من قول الخرقى.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وصححه في النظم وغيره.
وقدمه في الفائق وغيره.
قال الحارثي هذا أشهر الروايتين.
قال ابن منجا في شرحه هذا المذهب وهو أصح انتهى.
قال في القواعد الأصولية أشهرهما عدم الجواز.
قال الحارثي لو غلب على الظن أن القاضي يسند إلى من ليس أهلا أو أنه ظالم اتجه جواز الإيصاء قولا واحدا بل يجب لما فيه من حفظ الأمانة وصون المال عن التلف والضياع انتهى.
وعنه له ذلك وقدمه ابن رزين في شرحه.
ويكون الثاني وصيا لهما قاله جماعة منهم صاحب المستوعب.
قال الحارثي وهو مشكل.
وقال القاضي يكون الثاني وصيا عن الأول فلو طرأ للأول ما يخرجه عن الأهلية انعزل الثاني لأنه فرعه.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي والمغنى والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والقواعد في القاعدة التاسعة والستين.
قال في الرعاية الكبرى فإن أطلق فروايتان.
وقيل فيما يتولاه مثله.
وقال في الرعاية الصغرى وإن أطلق فروايتان فيما يتولاه مثله.
فاختلف نقله في محل الروايتين.

(7/221)


ويأتي في أركان النكاح هل للوصى في النكاح أن يوصى به.
فائدة: إن نهاه الموصى عن الإيصاء لم يكن له أن يوصى وله أن يوصى إلى غيره بإذنه فيما وصاه به على الصحيح من المذهب.
وقيل ليس له ذلك.
وقيل إن أذن له في الوصية إلى شخص معين جاز وإلا فلا.
وأما جواز توكيل الوصى فقد تقدم في كلام المصنف في باب الوكالة.
تنبيه: شمل قوله: ولا تصح الوصية إلا في معلوم يملك الموصى فعله.
الإيصاء بتزويج موليته ولو كانت صغيرة وهو صحيح وله إجبارها كالأب على الصحيح من المذهب.
وذلك على ما يأتي في كلام المصنف في باب أركان النكاح والخلاف فيه.
قال المجد في شرحه بعد ذكر الخلاف في الوصية بالنكاح وعلى هذا تصح الوصية بالخلافة من الإمام وبه قال الإمام الشافعي رحمه الله.
قلت وقطع به الحارثي وغيره.
تنبيه: آخر ظاهر قوله: والنظر في أمر الأطفال.
أنه لا يصح أن يجعله وصيا على البالغ الرشيد من أولاده وغيرهم من الوراث وهو صحيح.
وكذا لا يصح الإيصاء إليه باستيفاء دينه مع بلوغ الوارث رشده ولو مع غيبته.
ومفهوم قوله: يملك الموصى فعله أنه لا يصح الإيصاء بما لا يملك فعله وهو صحيح.
فلا تصح وصية المرأة بالنظر في حق أولادها الأصاغر ونحو ذلك.
قاله في الوجيز وغيره.
قوله: وإذا أوصى بتفريق ثلثه فأبى الورثة إخراج ثلث ما في أيديهم.
وكذا لو جحدوا ما في أيديهم.
أخرجه كله مما في يده.
وهو المذهب جزم به في الوجيز.
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق والهداية والمستوعب والخلاصة وشرح ابن رزين.
وعنه يخرج ثلث ما في يده ويحبس باقيه ليخرجوا ثلث ما معهم.
وأطلقهما في المغنى والشرح والمحرر والنظم.
وذكر أبو بكر في التنبية أنه لا يحبس الباقي بل يسلمه إليهم ويطالبهم بثلث ما في أيديهم وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله.

(7/222)


وأطلقهن في الفروع.
قال المصنف وتبعه الشارح ويمكن حمل الروايتين الأولتين على إختلاف حالين فالأولى: محمولة على ما إذا كان المال جنسا واحدا والثانية: محمولة على ما إذا كان المال أجناسا فإن الوصية تتعلق بثلث كل جنس.
وقال في الرعاية وقيل إن كانت التركة جنسا واحدا أخرج الثلث كله مما معه وإلا أخرج ثلثه فقط.
فائدة: لو ظهر دين يستغرق التركة أو جهل موصى له فتصدق بجميع الثلث هو أو حاكم ثم ثبت ذلك لم يضمن على الصحيح من المذهب.
قال في الرعاية الكبرى قلت بل يرجع به لوفاء الدين وعنه يضمن.
قوله: وإن أوصاه بقضاء دين معين فأبى ذلك الورثة قضاه بغير علمهم.
يعني إذا جحدوا الدين وتعذر ثبوته أو أبوا الدفع وهذا المذهب.
جزم به في الوجيز وقدمه في المغنى والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والنظم.
قال ابن منجا هذا المذهب.
وعنه لا يقضيه بغير علمهم إلا ببينه.
وأطلقهما في الفروع والفائق.
وقال في الرعاية وغيره وعنه يقضيه إن أذن له فيه حاكم.
قال في المستوعب والهداية اختاره أبو بكر.
وعنه فيمن عليه دين لميت وعلى الميت دين أنه يقضى دين الميت إن لم يخف تبعة.
وهذه الرواية عامة في الموصى إليه وغيره.
فإن كان الذي عليه الدين غير الموصى إليه ويعلم أن الميت الذي له الدين عليه دين لآخر وجحده الورثة فقضاه مما عليه ففيه ثلاث روايات.
إحداهن هذه أعني يقضيه إن لم يخف تبعة.
والثانية: لا يقضيه ولا يبرأ بذلك قدمه ابن رزين في شرحه.
والثالثة: يبرأ بالدافع بالقضاء باطنا.
ووهى هذه الرواية الناظم.
وأطلقهن في الفائق وأطلق الأخيرتين في الفروع.
وقدم في الرعايتين والحاوي الصغير جواز قضائه مطلقا في الباطن.
فائدة: لو أقام الذي له الحق بينة شهدت بحقه فهل يلزم الموصى إليه الدفع إليه بلا حضور حاكم فيه روايتان.

(7/223)


وأطلقهما في المغنى والشرح والرعاية والفائق والنظم والفروع.
لكن جعلهما في المغنى والشرح في جواز الدفع لا في لزوم الدفع.
قال ابن أبي المجد في مصنفه لزمه قضاؤه بدون حضور حاكم على الأصح.
وقدمه ابن رزين في شرحه.
فائدة: يجوز لمن عليه دين لميت أن يدفع إلى من أوصى له به إذا كان معينا وإن شاء دفعه إلى وصى الميت ليدفعه إلى الموصى له به وهو أولى.
فإن لم يوص به ولا بقبضه عينا لم يبرأ إلا بدفعه إلى الموصى إليه والوارث معا.
وقيل أو الموصى إليه بقبض حقوقه.
وهو احتمال في الرعاية.
وإن صرف أجنبي الموصى به لمعين وقيل أو لغيره في جهته لم يضمنه.
وإن وصاه بإعطاء مدع دينا بيمينه نفذه من رأس ماله قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله. ونقل ابن هانئ ببينة ونقله عبد الله.
ونقل عبد الله أيضا يقبل مع صدق المدعي.
تنبيه: قوله: وتصح وصية الكافر إلى مسلم.
بلا نزاع لكن بشرط أن لا يكون في تركته خمر ولا خنزير.
قوله: وإلى من كان عدلا في دينه.
يعني أن وصية الكافر إلى كافر تصح إذا كان عدلا في دينه وهو المذهب.
جزم به في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الأزجى.
وقدمه ابن منجا في شرحه وابن رزين في شرحه.
قال الحارثي الأظهر الصحة واختاره القاضي.
قال المجد وجدته بخطه وقيل لا تصح.
قال في المستوعب ولا تصح الوصية إلى كافر.
قال في المذهب ولا تصح إلا إلى مسلم.
وكذا هو ظاهر كلامه في الهداية.
وأطلقهما في الفصول والكافي والمغنى والبلغة والمحرر والنظم والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق والزركشي.
وظاهر كلام المجد وجماعة أنه لو كان غير عدل في دينه أن فيه الخلاف الذي في المسلم.

(7/224)


قوله: وإذا قال ضع ثلثي حيث شئت أو أعطه من شئت لم يجز له أخذه ولا دفعه إلى ولده.
هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب ونص عليه.
وجزم به في الوجيز وغيره.
وقدمه في المغنى والشرح والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفروع والفائق.
وقال اختاره الأكثرون في الولد.
ويحتمل جواز ذلك لتناول اللفظ له.
ويحتمل جواز ذلك مع القرينة فقط.
واختار المصنف والمجد جواز دفعه إلى ولده.
قال الحارثي وهو المذهب.
والصحيح من المذهب أنه لا يجوز.
قال في المحرر ومنعه أصحابنا.
تنبيه: مفهوم قوله: لم يجز له أخذه ولا دفعه إلى ولده جواز أخذ والده وأقاربه الوارثين سواء كانوا أغنياء أو فقراء وهذا اختيار المصنف والمجد.
قال الحارثي وهو المذهب.
والصحيح من المذهب أنه لا يجوز دفعه إليهم نص عليه كولده وقدمه في الفروع.
واختار جماعة من الأصحاب أنه لا يجوز دفعه إلى ابنه فقط.
وذكر جماعة من الأصحاب أنه لا يعطي الولد ولا الوالد منهم صاحب النظم.
وذكر ابن رزين في منع من يمونه وجها.
فائدة: قال في الفائق وليس له دفعه إلى ورثة الموصى ذكره المجد في شرح الهداية.
ونص عليه في رواية أبي الصقر وأبي داود وقاله الحارثي.
قوله: وإن دعت الحاجة إلى بيع بعض العقار لقضاء دين الميت أو حاجة الصغار وفي بيع بعضه نقص فله البيع على الكبار والصغار.
يعني إذا امتنع الكبار من البيع أو كانوا غائبين.
وهذا المذهب نص عليه.
وجزم به في المحرر والوجيز والمنور ومنتخب الأزجى.
وقدمه في الرعايتين والنظم والحاوي الصغير والفروع وشرح الحارثي.

(7/225)


قال في الفائق والمنصوص الإجبار على بيع غير قابل للقسمة إذا حصل بيع بعضه نقص ولو كان الكل كبارا وامتنع البعض.
نص عليه في رواية الميموني وذكره في الشافي.
واختاره شيخنا لتعلق الحق بنصف القيمة للشريك لا بقيمة النصف.انتهى كلام صاحب الفائق.
ويحتمل أنه ليس له البيع على الكبار وهو أقيس.
فاختاره المصنف والشارح.
قلت وهو الصواب لأنه لا يزال الضرر بالضرر.
وقيل يبيع بقدر حصة الصغار وقدر الدين والوصية إن كانت.
وقال في الرعاية قلت إن قلنا التركة لا تنتقل إليهم مع الدين جاز بيعه للدين والوصية.
فائدتان:
إحداهما: لو كان الكل كبارا وعلى الميت دين أو وصية باعه الموصى إليه إذا أبوا بيعه وكذا لو امتنع البعض نص عليه في رواية الميموني.
وتقدم ذلك في كلام صاحب الفائق.
الثانية: لو مات شخص بمكان لا حاكم فيه ولا وصى جاز لمسلم ممن حضره أن يحوز تركته ويعمل الأصلح فيها من بيع وغيره.
على الصحيح من المذهب وعليه الأكثر.
وقيل لا يبيع الإماء ذكره في الفروع.
وقال في الرعاية وقيل يبيع ما يخاف فساده والحيوان ولا يبيع رقيقة إلا حاكم.
وعنه يلي بيع جواريه حاكم إن تعذر نقلها إلى ورثته أو مكاتبتهم ليحضروا ويأخذوها انتهى.
ويكفنه من التركة إن كانت ولم تتعذر وإلا كفنه من عنده ورجع على التركة إن كانت وإلا على من تلزمه نفقته إن نوى الرجوع ولم يوجد حاكم.
فإن تعذر إذنه أو أبى الإذن رجع على الصحيح من المذهب.
وقيل فيه وجهان كإمكانه ولم يستأذنه ولم ينو مع إذنه.

(7/226)