الروض
المربع شرح زاد المستقنع ط دار الفكر
كتاب الفرائض
مدخل
مدخل
...
11- كتاب الفرائض
جمع فريضة بمعنى مفروضة أي مقدرة فهي نصيب
مقدر شرعا لمستحقه وقد حث صلى الله عليه وسلم
على تعلمه وتعليمه فقال: "تعلموا الفرائض
وعلموها الناس فإني امرؤ مقبوض وإن العلم
سيقبض وتظهر الفتن حتى يختلف اثنان في الفريضة
فلا يجدان من يفصل بينهما" رواه أحمد والترمذي
والحاكم ولفظه له.
"وهي" أي الفرائض "العلم بقسمة المواريث" جمع
ميراث وهو المال المخلف عن ميت ويقال له أيضا:
التراث ويسمى العارف بهذا العلم: فارضا وفريضا
وفرضيا وفرائضيا وقد منعه بعضهم ورده غيرهم.
"أسباب الإرث" وهو انتقال مال الميت إلى حي
بعده ثلاثة:
أحدها : "رحم" أي قرابة قربت أو بعدت قال
تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ
أَوْلَى بِبَعْضٍ} 1.
"و" الثاني : "نكاح" وهو عقد الزوجية الصحيح
قال تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ
أَزْوَاجُكُمْ} 2.
"و" الثالث : "ولاء" عتق لحديث: "الولاء لحمة
كلحمة النسب" رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم
وصححه.
والمجمع على توريثهم من الذكور عشرة: الابن
وابنه وإن نزل والأب وأبوه وإن علا والأخ
مطلقا وابن الأخ لا من الأم والعم لغير أم
وابنه والزوج وذو الولاء ومن
ـــــــ
1 الأنفال من الآية "75" وسورة الأحزاب من
الآية "6".
2 سورة النساء من الآية "12".
(1/309)
الإناث سبع:
البنت وبنت الابن وإن نزل والأم والجدة والأخت
والزوجة والمعتقة.
"والورثة" ثلاثة: " ذو فرض وعصبة و" ذو "رحم"
ويأتي بيانهم وإذا اجتمع جميع الذكور ورث منهم
ثلاثة: الابن والأب والزوج وجميع النساء ورث
منهن خمس: البنت وبنت الابن والأم والزوجة
والشقيقة وممكن الجمع من الصنفين ورث الأبوان
والولدان وأحد الزوجين.
"فذوو الفرض عشرة: الزوجان والأبوان والجد
والجدة والبنات" الواحدة فأكثر "وبنات الابن"
كذلك والأخوات من كل جهة كذلك "والإخوة من
الأم" كذلك ذكورا كانوا أو إناثا "فللزوج
النصف" مع عدم الولد وولد الابن "ومع وجود
ولد" وارث "أو ولد ابن" وارث "وإن نزل" ذكرا
كان أو أنثى واحدا أو متعددا "الربع" لقوله
تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ
أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ
وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ
الرُّبُعُ} 1 "وللزوجة فأكثر نصف حاليه فيهما"
فلها الربع مع عدم الفرع الوارث وثمن معه
لقوله تعالى: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا
تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ
فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ
الثُّمُنُ} 1.
"ولكل من الأب والجد السدس بالفرض مع ذكور
الولد أو ولد الابن" أي مع ذكر فأكثر من ولد
الصلب أو ذكر فأكثر من ولد الابن لقوله تعالى:
{وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ
وَلَدٌ} 2 " ويرثان بالتعصيب مع عدم الولد"
الذكر والأنثى "و" عدم "ولد الابن" كذلك لقوله
تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ
وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ}
2 فأضاف الميراث إليهما ثم جعل للأم الثلث
فكان الباقي للأب "و" يرثان بالفرض والتعصيب
مع إناثهما أي إناث الأولاد أو أولاد الابن
واحدة كن أو أكثر فمن مات عن أب وبنت أو جد
فللبنت النصف وللأب أو الجد السدس فرضا لما
سبق والباقي تعصيبا لحديث: "ألحقوا الفرائض
بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر"
فصل
"والجد لأب وإن علا" بمحض الذكور "مع ولد
أبوبن أو" ولد "أب" ذكرا أو أنثى واحدا أو
متعددا " كأخ منهم" في قاسمتهم المال أو ما
أبقت الفروض لأنهم تساووا في الإدلاء بالأب
فتساووا في الميراث وهذا قول زيد بن ثابت ومن
وافقه فجد وأخت له سهمان ولها سهم جد وأخ لكل
سهم جد وأختان له سهمان ولكل منهن سهم جد
ـــــــ
1 سورة النساء من الآية "12".
2 سورة النساء من الآية "11".
(1/310)
وثلاث أخوات له
سهمان ولكل منهن سهم جد وأخ وأخت للجد سهمان
والأخ سهمان والأخت سهم وفي جد وجدة وأخ للجدة
السدس والباقي للجد والأخ مقاسمة والأخ لأم
فأكثر ساقط بالجد كما يأتي
"فإن نقصت" أي الجد "المقاسمة عن ثلث المال"
إذا لم يكن معهم صاحب فرض "أعطيه" أي أعطي ثلث
المال كجد وأخوين وأخت فأكثر له الثلث والباقي
لهم للذكر مثل حظ الأنثيين وتستوي له المقاسمة
والثلث في جد وأخوين وجد وأربع أخوات وجد وأخ
وأختين "ومع ذي فرض" كبنت أو بنت ابن أو زوج
أو زوجة أو أم أو جدة يعطى الجد بعده أي بعد
ذي الفرض واحدا كان أو أكثر " الأحظ من
المقاسمة" كزوجة وجد وأخت من أربعة للجد سهمان
وللزوجة سهم وللأخت سهم أو ثلث مابقي كأم وجد
وخمسة إخوة من ثمانية عشر للأم ثلاثة أسهم
وللجد ثلث الباقي خمسة ولكل أخ سهمان "أو سدس
الكل" كبنت وأم وجد وثلاثة إخوة " فان لم يبق"
بعد ذوي الفروض "سوى السدس" كبنت وبنت ابن وأم
وجد وإخوة "أعطيه" أي أعطي الجد السدس الباقي
"وسقط الإخوة" مطلقا لاستغرق الفروض التركة
إلا الأخت "في الأكدرية" وهي: زوج وأم وأخت
وجد للزوج النصف وللأم الثلث يفضل سدس يأخذه
الجد ويفرض للأخت النصف فتعول لتسعة ثم يرجع
الجد والأخت للمقاسمة وسهامهما أربعة على
ثلاثة عدد رؤوسهما فتصح من سبعة وعشرين للزوج
تسعة وللأم ستة وللجد ثمانية وللأخت أربعة
سميت أكدرية لتكديرها لأصول زيد في الجد
والأخوة "ولا يعول" في مسائل الجد غيرها " ولا
يفرض للأخت معه" أي مع الجد ابتداء "إلا بها"
أي بالأكدرية وأما مسائل المعادة فيفرض فيها
للشقيقة بعد أخذه نصيبه وولد الأب ذكرا كان أو
أنثى واحدا أو أكثر "إذا انفردوا" عن ولد
الأبوين "معه" أي مع الجد "كولد الأبوين" فيما
سبق "فإن اجتمعوا" أي اجتمع الأشقاء وولد الأب
عاد ولد الأبوين الجد بولد الأب "ف" إذا
"قاسموه أخذ عصبة ولد الأبوبن ما بيد ولد
الأب" كجد وأخ شقيق وأخ لأب فللجد سهم والباقي
للشقيق لأنه أقوى تعصيبا من الأخ للأب "و"
تأخذ "أنثاهم" إذا كانت واحدة "تمام فرضها"
وهو النصف "وما بقي لولد الأب" فجد وشقيقة وأخ
لأب تصح من عشرة للجد أربعة وللشقيقة خمسة
وللأخ للأب ما بقي وهو سهم فإن كانت الشقيقات
ثنتين فأكثر لم يتصور أن يبقى لولد الأب شيء
(1/311)
فصل أحوال الأم
"وللأم السدس مع ولد أو ولد ابن" ذكرا أو أنثى
واحدا أو متعددا لقوله تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ
لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا
تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ
يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ} 1 "أو اثنين" فأكثر "من
إخوة أو أخوات" أو منهما لمفهوم قوله تعالى:
{فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ
السُّدُسُ} 1. "و" لها "الثلث مع عدمهم" أي
عدم الولد وولد الابن والعدد من الإخوة
والأخوات لقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ
لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ
الثُّلُثُ} 1. "و" ثلث الباقي وهو في الحقيقة
إما ا"لسدس مع زوج وأبوين" فتصح من ستة "و"
إما "الربع مع زوجة وأبوين وللأب مثلاهما" أي
مثلا النصيبين في المسألتين وتسميان بالغراوين
والعمريتين قضى فيهما عمر بذلك وتبعه عثمان
وزيد بن ثابت وابن مسعود رضي الله عنهم وولد
الزنا والمنفي بلعان عصبته بعد ذكور ولده عصبة
أمه في إرث فقط.
ـــــــ
1 سورة النساء من الآية "11".
(1/312)
فصل في ميراث الجدة
في ميراث الجدة "ترث أم الأم وأم الأب وأم أبي
الأب" فقط "وإن علون أمومة السدس" لما روى
سعيد في سننه عن ابن عيينة عن منصور عن
إبراهيم النخعي أن النبي صلى الله عليه وسلم
ورث ثلاث جدات: ثنتين من قبل الأب وواحدة من
قبل الأم وأخرجه أبو عبيد والدارقطني فإن
انفردت واحدة منهن أخذته وإن اجتمع اثنتان أو
ثلاث و "تحاذين" أي تساوين في القرب أو البعد
من الميت "ف" السدس "لها وحدها" مطلقا وتسقط
البعدى من كل جهة بالقربى. "وترث أم الأب و"
أم " الجد معهما" أي مع الأب والجد "كـ" ما
يرثان "مع العم" روي عن عمر وابن مسعود وأبي
موسى وعمران بن حصين وأبي الطفيل رضي الله عنه
"وترث الجدة" المدلية "بقرابتين" مع الجدة ذات
القرابة لواحدة "ثلثي السدس" وللأخرى ثلثه
"فلو تزوج بنت خاله" فأتت بولد "فجدته أم أم
أم ولدهما وأم أم أبيه وإن تزوج بنت عمته"
فأتت بولد "فجدته أم أم أم وأم أبي أبيه" فترث
بالقرابتين ولا يمكن أن ترث جدة بجهة مع ذات
ثلاث.
(1/312)
فصل في ميراث البنات وبنات الإبن والأخوات
"والنصف فرض بنت" إذا كانت "وحدها" بأن انفردت
عمن يساويها ويعصبها لقوله تعالى: {وَإِنْ
كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} 1 "ثم
هو" أي النصف "لبنت ابن وحدها" إذا لم يكن ولد
صلب وانفردت عمن يساويها أو يعصبها "ثم" عند
عدمهما "لأخت لأبوين" عند انفرادها عمن
يساويها أو يعصبها أو يحجبها "أو" أخت "لأب
وحدها" عند عدم الشقيقة وانفرادها "والثلثان
لثنتين" من الجميع أي من البنات أو بنات الابن
أو الشقيقات أو الأخوات لأب "فأكثر" لقوله
تعالى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ
اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} 1
وأعطى النبي صلى الله عليه وسلم بنتي سعد
الثلثين وقال تعالى في الأختين: {فَإِنْ
كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ
مِمَّا تَرَكَ} 2 " إذا لم يعصبن بذكر"
بإزائهن أو أنزل من بنات الابن عند احتياجهن
إليه كما يأتي فإن عصبن بذكر فالمال أو ما
أبقت الفروض بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين
"والسدس لبنت ابن فأكثر" وإن نزل أبوها تكملة
الثلثين "مع بنت" واحدة لقضاء ابن مسعود
وقوله: إنه قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم
فيها رواه البخاري "ولأخت فأكثر لأب مع أخت"
واحدة "لأبوين" السدس تكملة الثلثين كبنت
الابن مع بنت الصلب "مع عدم معصب فيهما" أي في
مسألتي بنت الابن مع بنت الصلب والأخت لأب مع
الشقيقة فإن كان مع إحداهما معصب اقتسما
الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين "فإن استكمل
الثلثين بنات" بأن كن ثنتين فأكثر سقط بنات
الابن إن لم يعصبن أو استكمل الثلثين "هما" أي
بنت وبنت ابن "سقط من دونهن" كبنات ابن ابن
"ان لم يعصبهن ذكر بإزائهن" أي بدرجتهن "أو
أنزل منهن" من بني الابن ولا يعصب ذات فرض
أعلى منه ولا من هي أنزل منه "وكذا الأخوات من
الأب" يسقطن "مع أخوات لأبوين" اثنتين فأكثر
"إن لم يعصبهن أخوهن" المساوي لهن وابن الأخ
لا يعصب أخته ولا من فوقه "والأخت فاكثر"
شقيقة كانت أو لأب واحدة كانت أو أكثر "ترث ما
فضل عن فرض البنت" أو بنت الابن "فأزيد" أي
فأكثر فالأخوات مع البنات أو بنات الابن عصبات
ففي بنت وأخت شقيقة وأخ لأب للبنت النصف
وللشقيقة الباقي ويسقط الأخ لأب بالشقيقة
لكونها صارت عصبة مع البنت "وللذكر" الواحد
"أو الأنثى" الواحدة أو الخنثى "من ولد الأم
السدس ولاثنين" منهم ذكرين أو انثيين أو
خنثيين أو مختلفين "فأزيد الثلث بينهم
بالسوية" لا يفضل ذكرهم على أنثاهم لقوله
تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً
أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ
فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ
كَانُوا
ـــــــ
1 سورة النساء من الآية "11".
2 سورة النساء من الآية "176"
(1/313)
أَكْثَرَ مِنْ
ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} 1
أجمع العلماء على أن المراد هنا ولد الأم.
ـــــــ
1 سورة النساء من الآية "12".
(1/314)
فصل في الحجب
وهو لغة: المنع واصطلاحا: منع من قام به سبب
الإرث من الإرث بالكلية أو من أوفر حظيه ويسمى
الأول: حجب حرمان وهو المراد هنا. "يسقط
الأجداد بالأب" لإدلائهم به "و" يسقط "
الأبعد" من الأجداد "بالأقرب" كذلك "و" تسقط
"الجدات" من قبل "الأم" والأب بالأم لأن
الجدات يرثن بالولادة والأم أولاهن لمباشرتها
الولادة
و يسقط ولد الابن بالابن ولو لم يدل به لقربه
"و" يسقط " ولد الأبوين" ذكرا كان أو أنثى
"بابن وابن ابن" وإن نزل "وأب" حكاه ابن
المنذر إجماعا " و" يسقط " ولد الأب بهم" أي
بالابن وابنه وإن نزل والأب "وبالأخ لأبوين"
وبالأخت لأبوين إذا صارت عصبة مع البنت أو بنت
الابن و يسقط "ولد الأم بالولد" ذكرا كان أو
أنثى "وبولد الابن" كذلك "وبالأب وأبيه" وإن
علا "ويسقط به" أي بأبي الأب وإن علا" كل ابن
أخ و" كل "عم" وابنه لقربه ومن لا يرث لرق أو
قتل أو اختلاف دين لا يحجب حرمانا ولا نقصانا.
(1/314)
1-
باب العصبات
من العصب وهو الشد سموا بذلك لشد بعضهم أزر
بعض "وهم كل من لو انفرد لأخذ المال بجهة
واحدة" كالأب والابن والعم ونحوهم واحترز
بقوله: بجهة واحدة عن ذي الفرض فإنه إذا انفرد
يأخذه بالفرض والرد فقد أخذه بجهتين "ومع ذي
فرض يأخذ ما بقي" بعد ذوي الفروض ويسقط إذا
استغرقت الفروض التركة فالعصبة من يرث بلا
تقدير ويقدم أقرب العصبة "فأقربهم ابن فابنة
وإن نزل" لأنه جزء الميت "ثم الأب" لأن سائر
العصبات يدلون به "ثم الجد" أبوه "وإن علا"
لأنه أب وله إيلاء "مع عدم أخ لأبوين أو لأب"
فإن اجتمع معهم فعلى ما تقدم " ثم هما" أي ثم
الأخ لأبوين ثم لأب "ثم بنوهما" أي ثم بنو
الأخ الشقيق ثم بنو الأخ لأب وإن نزلوا "أبدا
ثم عم لأبوبن ثم عم لأب ثم بنوهما كذلك" فيقدم
بنو العم الشقيق ثم بنو العم لأب "ثم أعمام
أبيه لأبوين ثم" أعمام أبيه "لأب ثم بنوهم
كذلك" يقدم ابن الشقيق على ابن الأب "ثم أعمام
جدهم ثم بنوهم
(1/314)
2-
باب أصول المسائل
والعول والرد
أصل المسألة مخرج فرضها أو فروضها " والفروض
ستة: نصف وربع وثمن وثلثان وثلث وسدس" هذه
الفروض القرآنية وثلث الباقي ثبت بالاجتهاد.
"و الأصول سبعة" أربعة لا عول فيها وثلاثة قد
تعول "فنصفان" من اثنين كزوج وأخت شقيقة أو
لأب وتسميا باليتيمتين "أو نصف وما بقي" كزوج
وعم "من اثنين" مخرج النصف " وثلثان" وما بقي
من ثلاثة مخرج الثلثين كبنتين وعم "أو ثلث وما
بقي" كأم وأب من ثلاثة مخرج الثلث أو هما أي
الثلثان والثلث كأختين لأم وأختين لغيرها "من
ثلاثة" لتساوي مخرج الفرضين فيكتفى بأحدهما
"وربع" وما بقي كزوج وابن من أربعة مخرج الربع
" أو ثمن وما بقي" كزوجة وابن من ثمانية مخرج
الثمن أو ربع مع النصف كزوج وبنت "من أربعة"
لدخول مخرج النصف في مخرج الربع "و" ثمن مع
نصف كزوجة وبنت عم "من ثمانية" لدخول مخرج
النصف في مخرج الثمن "فهذه أربعة" أصول "لا
تعول" لأن العول: ازدحام الفروض ولا يتصور
وجوده في واحد من هذه الأربعة "والنصف مع
الثلثين" كزوج وأختين لغير أم من ستة لتباين
المخرجين وتعول لسبعة "أو" النصف مع الثلث
كزوج وأم وعم من ستة لتباين المخرجين "أو"
النصف مع "السدس" كبنت وأم وعم من ستة لدخول
مخرج النصف في السدس "أو هو" أي السدس "وما
بقي" كأم وابن "من ستة" مخرج السدس.
"وتعول" الستة "إلى عشرة شفعا ووترا" فتعول
إلى سبعة كزوج وأخت لغير أم وجدة ولثمانية
كزوج وأم وأخت لغيرها وإلى تسعة كزوج وأختين
لأم وأختين لغيرها وإلى عشرة كزوج وأم وأخوين
لأم وأختين لغيرها وتسمى ذات الفروخ لكثرة
عولها "والربع مع الثلثين" كزوج وبنتين وعم من
اثني عثر لتباين المخرجين "أو" الربع مع
"الثلث" كزوجة وأم وعم من اثني عشر كذلك أو
الربع مع السدس كزوج وأم وابن "من اثني عشر"
للتوافق "وتعول" الاثنا عشر "إلى سبعة عشر
وترا" فتعول لثلاثة عشر كزوج وبنتين وأم
ولخمسة عشر كزوج وبنتين وأبوين وإلى سبعة عشر
كثلاث زوجات وجدتين وأربع أخوات لأم وثمان
أخوات لأبوين وتسمى أم الأرامل وأم الفروخ
"والثمن مع السدس" كزوجة وأم وابن من أربعة
وعشرين لتوافق المخرجين "أو" الثمن مع "ثلثين"
كزوجة وبنتين وأخ شقيق "من أربعة وعشرين"
للتباين "وتعول" مرة واحدة "إلى سبعة وعشرين"
ولذلك تسمى البخيلة كزوجة وأبوين وابنتين
وتسمى المنبرية.
(1/316)
"وإن بقي بعد
الفروض شيء ولا عصبة" معهم "رد" الفاضل "على
كل" ذي "فرض بقدره" أي بقدر فرضه لقوله تعالى:
{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى
بِبَعْضٍ} 1 "غير الزوجين" فلا يرد عليهما
لأنهما ليسا من ذوي القرابة فإن كان من يرد
عليه واحدا أخذ الكل فرضا وردا وإن كانوا
جماعة من جنس كبنات أو جدات فبالسوية وإن
اختلف جنسهم فخذ عدد سهامهم من أصل ستة واجعل
عدد السهام المأخوذة أصل مسألتهم فجدة وأخ لأم
من اثنين وأم وأخ لأم من ثلاثة وأم وبنت من
أربعة وأم وبنتان من خمسة وإن كان معهم زوج أو
زوجة قسم الباقي بعد فرضه على مسألة الرد فإن
انقسم كزوجة وأم وأخوين لأم وإلا ضربت مسألة
الرد في مسألة الزوجية كزوج وجدة وأخ لأم أصل
مسألة الزوج من اثنين له واحد يبقى واحد على
مسألة الرد اثنين لا ينقسم فتضرب اثنين في
اثنين فتصح من أربعة للزوج سهمان وللجدة سهم
وللأخ سهم.
ـــــــ
1 سورة الأنفال من الآية "75" وسورة الأحزاب
من الآية "6".
(1/317)
باب التصحيح والمناسخات وقسمة التركات
مدخل
...
التصحيح
3- باب التصحيح والمناسخات وقسمة التركات
التصحيح: تحصيل أقل عدد ينقسم على الورثة بلا
كسر "إذا انكسر سهم فريق" أي صنف من الورثة
"عليهم ضربت عددهم إن باين سهامهم" كثلاث
أخوات لغير أم وعم لهن سهمان على ثلاثة لا
تنقسم وتباين فتضرب عددهن في أصل المسألة فتصح
من تسعة لكل أخت سهمان وللعم ثلاثة "أو" تضرب
"وفقه" أي وفق عددهم "إن وافقه" أي عدد سهامهم
"بجزء كثلث ونحوه" كربع ونصف "وثمن في أصل
المسألة وعولها إن عالت فما بلغ صحت منه"
المسألة كزوج وست أخوات لغير أم أصل المسألة
من ستة وعالت لسبعة وسهام الأخوات منها أربعة
توافق عددهن بالنصف فتضرب ثلاثة في سبعة تصح
من واحد وعشرين للزوج تسعة ولكل أخت سهمان
"ويصير للواحد" من الفريق المنكسر عليه "ما
كان لجماعته" عند كالمثال الأول أو يصير
لواحدهم "وفقه" أي وفق ما كان لجماعته عند
التوافق كالمثال الثاني وإن كان الانكسار على
فريقين فأكثر نظرت بين كل فريق وسهامه وتثبت
المباين ووفق الموافق ثم تنظر بين المثبتات
بالنسب الأربع وتحصل أقل عدد ينقسم عليها فما
كان يسمى جزء السهم تضربه في المسألة بعولها
إن عالت فما بلغ فمنه تصح كجدتين وثلاثة إخوة
لأم ستة أعمام أصلها ستة وجزء سهمها ستة وتصح
من ستة وثلاثين لكل جدة ثلاثة ولكل أخ أربعة
ولكل عم ثلاثة.
ـــــــ
1 سورة الأنفال من الآية "75" وسورة الأحزاب
من الآية "6".
(1/317)
فصل المناسخات
والمناسخات جمع مناسخة من النسخ بمعنى الإبطال
والإزالة والتغيير أو النقل وفي الاصطلاح: موت
ثان فأكثر من ورثة الأول قبل قسم تركته.
"إذا مات شخص ولم تقسم تركته حتى مات بعض
ورثته فإن ورثوه" أي ورثة ورثة الثاني
"كالأول" أي كما يرثون الأول "كإخوة" أشقاء أو
لأب ذكور أو ذكور وإناث ماتوا واحدا بعد واحد
حتى بقي ثلاثة مثلا "فاقسمها" أي التركة "على
من بقي" من الورثة ولا تلتفت للأول "وإن كان
ورثة كل ميت لا يرثون غيره كإخوة لهم بنون
فصحح" المسألة "الأولى واقسم سهم كل ميت على
مسألته" وهي عدد بنيه "وصحح المنكسر كما سبق"
كما لو مات إنسان عن ثلاثة بنين ثم مات الأول
عن ابنين ثم مات الثاني عن ثلاثة ثم الثالث عن
أربعة فالمسألة الأولى من ثلاثة ومسألة الثاني
من اثنين وسهمه يباينها ومسألة الثالث من
ثلاثة وسهمه يباينها ومسألة الرابع من أربعة
وسهمه يباينها والاثنان داخلة في الأربعة وهي
تباين الثلاثة فتضربها فيها فتبلغ اثني عشر
تضربها في ثلاثة تبلغ ستة وثلاثين ومنها تصح
للأول اثنا عشر لابنيه وللثاني اثنا عشر لبنيه
الثلاثة وللثالث اثنا عشر لبنيه الأربعة. "وإن
لم يرثوا الثاني كالأول" بأن اختلف ميراثهم
منهما "صححت" المسألة "الأولى" للميت الأول
وعرفت سهام الثاني منها وعلمت مسألة الثاني
"وقسمت أسهم الثاني" من الأول "على" مسألة
"ورثته فإن انقسمت صحت من أصلها" كرجل خلف
زوجة وبنتا وأخا ثم ماتت البنت عن زوج وبنت
وعم فالمسالة الأولى من ثمانية وسهام البنت
منها أربعة ومسألتها أيضا من أربعة فصحتا من
الثمانية لزوجة أبيها سهم ولزوجها سهم ولبنتها
سهمان ولعمها أربعة: ثلاثة من أخيه وسهم منها
"وإن لم تنقسم" سهام الثاني على مسألته "ضربت
كل الثانية" إن باينتها سهام الثاني "أو" ضربت
"وفقها للسهام" إن وافقتها "في الأولى" فما
بلغ فهو الجامعة "ومن له شيء منها" أي من
الأولى فاضربه فيما ضربته فيها وهو الثانية
عند التباين أو وفقها عند التوافق "ومن له من
الثانية شيء فاضربه فيما تركه الميت" الثاني
أي في عدد سهامه من الأولى عند المباينة "أو
وفقه" عند الموافقة ومن يرث منهما تجمع ماله
منه فما اجتمع "فهو له" مثال الموافقة أن تكون
الزوجة أما للبنت الميتة في المثال السابق
فتصير مسألتها من اثني عشر توافق سهامها
الأربعة من الأولى بالربع فتضرب ربعها ثلاثة
في الأول وهي ثمانية تكن أربعة وعشرين للزوجة
من الأولى سهم في ثلاثة وفق الثانية بثلاثة
ومن الثانية سهمان في واحد وفق سهام البنت
باثنين فيجتمع لها خمسة وللأخ من
(1/318)
الأولى ثلاثة
في ثلاثة وفق الثانية بتسعة ومن الثانية واحد
في واحد بواحد فله عشرة ولزوج الثانية ثلاثة
في واحد بثلاثة ولبنتها ستة. ومثال المباينة
أن تموت البنت في المثال المذكور عن زوج
وبنتين وأم فإن مسألتها تعول لثلاثة عشر تباين
سهامها الأربعة فتضربها في الأولى تكن مائة
وأربعة للزوجة من الأولى سهم في الثانية
بثلاثة عشر ولها من الثانية سهمان مضروبان في
سهامها من الأولى أربعة بثمانية يجتمع لها أحد
وعشرون وللأخ في الأولى ثلاثة في الثانية
بتسعة وثلاثين ولا شيء له من الثانية وللزوج
من الثانية ثلاثة في أربعة باثني عشر ولبنتيها
من الثانية ثمانية في أربعة باثنين وثلاثين
"وتعمل في" الميت "الثالث فأكثر عملك في"
الميت "الثاني مع الأول" فتصحح الجامعة
للأوليين وتعرف سهام الثاني منها وتقسمها على
مسألته فإن انقسمت لم تحتج لضرب وتقسم كما سبق
فإن لم تنقسم فاضرب الثالثة أو وفقها في
الجامعة ثم من له شيء من الجامعة الأولى أخذه
مضروبا في المسألة الثالثة أو وفقها ومن له
شيء من الثالثة أخذه مضروبا في سهامه أو وفقها
وهكذا إن مات رابع فأكثر.
(1/319)
فصل في قسمة التركات
والقسمة: معرفة نصيب الواحد من المقسوم "إذا
أمكن نسبة سهم كل وارث من المسألة بجزء" كنصف
وعشر "فله" أي فلذلك الوارث من التركة
"كنسبته" فلو ماتت امرأة عن تسعين دينارا
وخلفت زوجا وأبوين وابنتين فالمسألة من خمسة
عشر للزوج منها ثلاثة وهي خمس المسألة فله خمس
التركة ثمانية عشر دينارا ولكل واحد من
الأبوين اثنان وهما ثلثا خمس المسألة فيكون
لكل منهما ثلثا خمس التركة اثنا عشر دينارا
ولكل من البنتين أربعة وهي خمس المسألة وثلثا
خمسها فلها كذلك من التركة أربعة وعشرون
دينارا وإن ضربت سهام كل وارث في التركة وقسمت
الحاصل على المسألة خرج نصيبه من التركة وان
قسمت على القراريط هي في عرف أهل مصر والشام
أربعة وعشرون قيراطا فاجعل عددها كتركة معلومة
واقسم كما مر.
(1/319)
4-
باب ذوي الأرحام
وهم كل قريب ليس بذي فرض ولا عصبة "ويورثون
بالتنزيل" أي بتنزيلهم منزلة من أدلوا به من
الورثة "الذكر والأنثى" منهم "سواء" لأنهم لا
يرثون إلا بالرحم المجردة فاستوى
(1/319)
5-
باب ميراث الحمل
بفتح الحاء والمراد ما في بطن الآدمية يقال:
امرأة حامل وحاملة: إذا كانت حبلى "و" ميراث
"الخنثى المشكل" الذي لم تتضح ذكورته ولا
أنوثته "من خلف ورثة فيهم حمل" يرثه "فطلبوا
القسمة وقف للحمل" إن اختلف إرثه بالذكورة
والأنوثة "الأكثر من إرث ذكرين أو أنثيين" لأن
وضعهما كثير معتاد وما زا د عليهما نادر فلم
يوقف له شيء ففي زوجة حامل وابن للزوجة الثمن
وللابن ثلث الباقي ويوقف للحمل إرث ذكرين لأنه
أكثر وتصح من أربعة وعشرين وفي زوجة حامل
وأبوين يوقف للحمل نصيب أنثيين لأنه أكثر
ويدفع للزوجة الثمن عائلا لسبعة وعشرين وللأب
السدس كذلك وللأم السدس كذلك "فإذا ولد أخذ
حقه" من الموقوف "وما بقي فهو لمستحقه" وإن
أعوز شيء بأن وقفنا ميراث ذكرين فولدت ثلاثة
رجع على من هو بيده.
"ومن لا يحجبه" الحمل "يأخذ إرثه" كاملا
"كالجدة" فإن فرضها السدس مع الولد وعدمه "ومن
ينقصه" الحمل "شيئا" يعطى "اليقين" كالزوجة
والأم فيعطيان الثمن والسدس ويوقف الباقي "ومن
يسقط به" أي بالحمل "لم يعط شيئا" للشك في
إرثه "ويرث" المولود ويورث "إن استهل صارخا"
لحديث أبي هريرة مرفوعا: "إذا استهل المولود
صارخا ورث " رواه أحمد وأبو داود "أو عطس أو
بكى أو رضع أو تنفس وطال زمن التنفس أو وجد"
منه "دليل" على "حياته" كحركة طويلة وسعال لأن
هذه الأشياء تدل على الحياة المستقرة "غير
حركة" قصيرة "واختلاج" لعدم دلالتهما على
الحياة المستقرة "وإن ظهر بعضه فاستهل" أي صوت
"ثم مات وخرج لم يرث" ولم يورث كما لو لم
يستهل "وإن جهل المستهل من التوأمين" إذا
استهل أحدهما دون الآخر ثم مات المستهل وجهل
(1/321)
وكانا ذكرا
وأنثى "واختلف إرثهما" بالذكورة والأنوثة
"يعين بقرعة" كما لو طلق إحدى نسائه ولم تعلم
عينها وإن لم يختلف ميراثهما كولد الأم أخرج
السدس لورثة الجنين بغير قرعة لعدم الحاجة
إليها ولو مات كافر بدارنا عن حمل منه لم يرثه
لحكمنا بإسلامه قبل وضعه ويرث صغير حكم
بإسلامه بموت أحد أبويه منه.
"والخنثى" من له شكل ذكر رجل وفرج امرأة أو
ثقب في مكان الفرج يخرج منه البول ويعتبر أمره
ببوله من أحد الفرجين فإن بال منهما فبسبقه
فإن خرج منهما معا اعتبر أكثرهما فإن استويا
فهو "المشكل" فإن رجي كشفه لصغره أعطي ومن معه
اليقين ووقف الباقي لتظهر ذكوريته بنبات لحيته
أو إمناء من ذكره أو تظهر أنوثته بحيض أو تفلك
ثدي أو إمناء من فرج فإن مات أو بلغ بلا أمارة
"يرث نصف ميراث ذكر" إن ورث بكونه ذكرا فقط
كولد أخ وعم خنثى "ونصف ميراث أنثى" إن ورث
بكونه أنثى فقط كولد أب خنثى مع زوج وأخت
لأبوين وإن ورث بهما متفاضلا أعطى نصف
ميراثهما فتعمل مسألة الذكورية ثم مسألة
الأنوثية وتنظر بينهما بالنسب الأربع وتحصل
أقل عدد ينقسم على كل منهما وتضربه في اثنين
عدد حالي الخنثى ثم من له شيء من إحدى
المسألتين فاضربه في الأخرى أو وفقها فابن
وولد خنثى مسألة الذكورية من اثنين والأنوثية
من ثلاثة وهما متباينتان فإذا ضربت إحداهما في
الأخرى كان الحاصل ستة فاضربها في اثنين تصبح
من اثني عشر للذكر سبعة وللخنثى خمسة وان صالح
الخنثى من معه على ما وقف له صح إن صح تبرعه.
(1/322)
6-
باب ميراث المفقود
وهو من انقطع خبره فلم تعلم له حياة ولا موت
"من خفي خبره بأسر أو سفر غالبه السلامة
كتجارة" أو سياحة "انتظر به تمام تسعين سنة
منذ ولد" لأن الغالب أنه لا يعيش أكثر من هذا
وإن فقد ابن تسعين: اجتهد الحاكم "وإن كان
غالبه الهلاك كمن غرق في مركب فسلم قوم دون
قوم أو فقد من بين أهله أو في مفازة مهلكة"
كدرب الحجاز "انتظر به تمام أربع سنين منذ
تلف" أي فقد لأنها مدة يتكرر فيها تردد
المسافرين والتجار فانقطاع خبره عن أهله يغلب
على الظن هلاكه إذ لو كان حيا لم ينقطع خبره
إلى هذه الغاية "ثم يقسم ماله فيهما" أي في
مسألتي غلبة السلامة بعد التسعين وغلبة الهلاك
بعد الأربع سنين فإن رجع بعد قسم ماله أخذ ما
وجد ورجع على من أتلف شيئا به
"فإن مات مورثه قي مدة التربص" السابقة أخذ كل
الإرث إذا أي حين الموت "اليقين" وهو ما لا
يمكن أن ينقص
(1/322)
عنه مع حياة
المفقود أو موته "ووقف ما بقي" حتى يتبين أمر
المفقود فاعمل مسألة حياته ومسألة موته وحصل
أقل عدد ينقسم على كل منهما فيأخذ وارث منهما
لا ساقط في إحداهما اليقين "فإن قدم" المفقود
"أخذ نصيبه" الذي وقف له "وإن لم يأت" أي ولم
تعلم حياته حين موت مورثه "فحكمه" أي حكم ما
وقف له "حكم ماله" الذي لم يخلفه مورثه فيقضى
منه دينه وينفق على زوجته منه مدة تربصه لأنه
لا يحكم بموته إلا عند انقضاء زمن انتظاره
"ولباقي الورثة أن يصطلحوا على ما زاد عن حق
المفقود فيقتسمونه" على حسب ما ينفقون عليه
لأنه لا يخرج عنهم.
(1/323)
7-
باب ميراث الغرقى
جمع غريق وكذا من خفي موتهم فلم يعلم السابق
منهم "إذا مات متوارثان كأخوين لأب بهدم أو
غرق أو غربة أو نار" معا فلا توارث بينهما "و"
إن "جهل السابق بالموت" أو علم ثم نسي "ولم
يختلفوا فيه" بأن لم يدع ورثة كل سبق موت
الآخر "ورث كل واحد" من الغرقى ونحوهم من
الأخر من تلاد ماله أي من قديمه وهو بكسر
التاء "دون ما ورثه منه" أي من الآخر "دفعا
للدور" هذا قول عمر وعلي رضي الله عنهما فيقدر
أحدهما مات أولا ويورث الآخر منه ثم يقسم ما
ورثه على الأحياء من ورثته ثم يصنع بالثاني
كذلك ففي أخوين أحدهما مولى زيد والآخر مولى
عمرو ماتا وجهل الحال يصير مال كل واحد لمولى
الآخر وإن ادعى كل من الورثة سبق موت الآخر
ولا بينة تحالفا ولم يتوارثا.
(1/323)
8-
باب ميراث أهل
الملل
جمع ملة بكسر الميم وهي الدين والشريعة. من
موانع الإرث اختلاف الدين فـ " لا يرث المسلم
الكافر إلا بالولاء" لحديث جابر أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال: "لا يرث المسلم النصراني
إلا أن يكون عبده أو أمته" رواه الدارقطني
وإلا إذا أسلم كافر قبل قسم ميراث مورثه
المسلم فيرث "ولا" يرث "الكافر المسلم إلا
بالولاء" لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يرث
الكافر المسلم ولا المسلم الكافر" متفق عليه
وخص بالولاء فيرث به لأنه شعبة من الرق "و"
اختلاف الدارين ليس بمانع فـ " يتوارث الحربي
والذمي والمستأمن" إذا اتحدت أديانهم لعموم
النصوص "وأهل الذمة يرث بعضهم بعضا مع اتفاق
أديانهم لا مع اختلافها
(1/323)
9-
باب ميراث المطلقة
رجعيا أو بائنا يتهم فيه بقصد الحرمان
"من أبان زوجته في صحته" لم يتوارثا "أو"
أبانها "في مرضه غير المخوف ومات به" لم
يتوارثا لعدم التهمة حال الطلاق "أو" أبانها
في مرضه "المخوف ولم يمت به لم يتوارثا"
لانقطاع النكاح وعدم التهمة بل يتوارثان في
"طلاق رجعي لم تقض عدته" سواء كان في المرض أو
الصحة لأن الرجعية زوجة "وإن أبانها في مرض
موته المخوف متهما بقصد حرمانها" بأن أبانها
ابتداء أو سألته أقل من ثلاث فطلقها ثلاثا "أو
علق إبانتها في صحته على مرضه أو" علق إبانتها
"على فعل له" كدخوله الدار "ففعله في مرضه"
المخوف "ونحوه" كما لو وطىء عاقل حماته بمرض
موته المخوف لم يرثها إن ماتت لقطعه نكاحها
"وترثه" هي "في العدة وبعدها" لقضاء عثمان رضي
الله عنه "ما لم تتزوج أو ترتد" فيسقط ميراثها
ولو أسلمت بعد لأنها فعلت باختيارها ما ينافي
نكاح الأول ويثبت الإرث له دونها إن فعلت في
مرض موتها المخوف ما يفسخ نكاحها مادامت في
العدة إن اتهمت بقصد حرمانه.
(1/324)
10-
باب الإقرار
بمشارك في الميراث
"إذا أقر كل الورثة" المكلفين ولو أنه أي
الوارث المقر "واحد" منفرد بالإرث "بوارث
للميت" من ابن أو نحوه "وصدق" المقر به "أو
كان" المقر به "صغيرا أو مجنونا والمقر به
مجهول النسب ثبت نسبه" بشرط أن يمكن كون المقر
به من الميت وأن لا ينازع المقر في
(1/324)
10-
باب ميراث القاتل
والمبعض والولاء
بفتح الواو والمد أي ولاء العتاق "من انفرد
بقتل مورثه أو شارك فيه مباشرة أو سببا" كحفر
بئر تعديا ونصب سكين بلا حق "لم يرثه إن لزمه"
أي القاتل قود أودية أو كفارة على ما يأتي في
الجنايات لحديث عمر: سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: "ليس للقاتل شيء" رواه مالك
في موطئه وأحمد. " والمكلف وغيره" أي غير
المكلف كالصغير والمجنون في هذا " سواء" لعموم
ما سبق "وإن قتل بحق قودا أو حدا أو كفرا" أي
غير ردة "أو ببغي" أي قطع طريق لئلا يتكرر مع
ما يأتي "أو" بـ "صيالة أو حرابة أو شهادة
وارثه" بما يوجب القتل "أو قتل العادل الباغي
وعكسه" كقتل الباغي العادل ورثه لأنه فعل
مأذون فيه فلم يمنع من الميراث.
"ولا يرث الرقيق" ولو مدبرا أو مكاتبا أو أم
ولد لأنه لو ورث لكان لسيده وهو أجنبي "ولا
يورث" لأنه لا مال له "ويرث من بعضه حر ويورث
ويحجب بقدر ما فيه من الحرية" لقول علي وابن
مسعود: وكسبه وإرثه بحريته لورثته فابن نصفه
حر وأم وعم حران للابن نصف ماله لو كان حرا
وهو ربع وسدس وللأم ربع والباقي للعم.
"ومن أعتق عبدا" أو أمة أو اعتق بعضه فسرى إلى
الباقي وأعتق عليه برحم أو كتابة أو إيلاء أو
أعتقه في زكاة أو كفارة "فله عليه الولاء"
لقوله صلى الله عليه وسلم: "الولاء لمن أعتق"
متفق عليه وله أيضا الولاء على أولاده وإن
سفلوا من زوجة عتيقه أو سريته وعلى من له أو
لهم ولاؤه لأنه ولي نعمتهم وبسببه عتقوا ولأن
الفرع يتبع أصله ويرث ذو الولاء مولاه
(1/325)
"وإن اختلف
دينهما" لما تقدم فيرث المعتق عتيقه عند عدم
عصبة النسب ثم عصبته بعده الأقرب فالأقرب على
ما سبق. " ولا يرث النساء بالولاء إلا من
أعتقن" أي باشرن عتقة أو عتق عليهن بنحو كتابة
"أو أعتقه من أعتقن" أي عتيق عتيقهن وأولادهم
لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا:
"ميراث الولاء للكبر من الذكور ولا يرث النساء
من الولاء إلا ولاء من أعتقن" والكبر بضم
الكاف وسكون الموحدة أقرب عصبة السيد إليه يوم
موت عتيقه. والولاء لا يباع ولا يوهب ولا يوقف
ولا يوصى به ولا يورث فلو مات السيد عن ابنين
ثم مات أحدهما عن ابن ثم مات عتيقه فإرثه لابن
سيده وحده ولو مات ابنا السيد وخلف أحدهما
ابنا والآخر تسعة ثم مات العتيق فإرثه على
عددهم كالنسب ولو اشترى أخ وأخته أباهما فعتق
عليهما ثم ملك قنا فاعتقه ثم مات الأب ثم
العتيق ورثه الابن بالنسب دون أخته بالولاء
وتسمى: مسألة القضاة يروى عن مالك أنه قال:
سألت سبعين قاضيا من قضاة العراق عنها فأخطئوا
فيها.
(1/326)
|