الروض المربع شرح زاد المستقنع ط دار الفكر

كتاب العتق
مدخل
...
12- كتاب العتق
وهو لغة: الخلوص وشرعا: تحرير الرقبة وتخليصها من الرق.
وهو من أفضل القرب لأن الله تعالى جعله كفارة للقتل والوطء في نهار رمضان والأيمان وجعله النبي صلى الله عليه وسلم فكاكا لمعتقه من النار . وأفضل الرقاب أنفسها عند أهلها وذكر وتعدد أفضل ويستحب عتق من له كسب لانتفاعه به وعكسه بعكسه فيكره عتق من لا كسب له1 وكذا من يخاف منه زنا أو فساد وإن علم ذلك منه أو ظن حرم و صريحه نحو: أنت حر أو محرر أو عتيق أو معتق أو حررتك أو أعتقتك
وكناياته نحو: خليتك والحق بأهلك ولا سبيل أو لا سلطان لي عليك وأنت لله أو مولاي وملكتك نفسك ومن أعتق جزءا من رقيق سرى إلى باقيه ومن أعتق نصيبه من مشترك سرى إلى الباقي إن كان موسرا مضمونا بقيمته ومات ملك ذا رحم محرم عتق عليه بالملك ويصح معلقا بشرط فيعتق إذا وجد " ويصح تعليق العتق بموت وهو التدبير" 2 سمي بذلك لأن الموت دبر الحياة ولا يبطل بإبطال ولا رجوع ويصح وقف المدبر وهبته وبيعه ورهنه وإن مات السيد قبل بيعه عتق إن خرج من ثلثه وإلا فبقدره3.
ـــــــ
1 لأنه بعتقه له وهو غير قادر على اكتساب معيشته إنما يجعله عالة على الناس فهو إن كان ذكرا إما أن يستجدي أكف الناس أو يسرق وإن كان امرأة لم تجد إلا الزنا تنال به رزقها في الحالين في عتق العاجز عن الكسب أو من لا مهنة له إنما يسبب الضرر له وللمجتمع.
2 وهو أنه يعبه حريته على أن عليه أن يخدمه مدة حياته ويتحرر بوفائه.
3 أي إن جاوزت قيمته الثلث عتق منه ما يساوي الثلث وسعى بالباقي غير مشقوق عليه.

(1/327)


1- باب الكتابة
وهي مشتقة من الكتب وهو الجمع لأنها تجمع نجوما. وشرعا: " بيع" سيد "عبده

(1/327)


نفسه بمال" معلوم يصح السلم فيه " مؤجل في ذمته" بأجلين فأكثر وتسن الكتابة مع أمانة العبد وكسبه لقوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً} 1 وتكره الكتابة مع عدمه أي عدم الكسب لئلا يصير كلا على الناس. ولا يصح عتق وكتابة إلا من جائز تصرف وتنعقد بكاتبتك على كذا مع قبول العبد وإن لم يقل: فإذا أديت فأنت حر ومتى أدى ما عليه أو أبرأه منه سيده عتق ويملك كسبه ونفعه وكل تصرف يصلح ماله كبيع وإجارة ويجوز بيع المكاتب لقصة بريرة و لأنه قن ما بقي عليه درهم ومشتريه يقوم مقام مكاتبه بكسر التاء فإن أدى المكاتب له أي للمشتري ما بقي من مال الكتابة عتق وولاؤه له أي للمشتري وإن عجز المكاتب عن أداء جميع مال الكتابه أو بعضه لمن كاتبه أو اشتراه عاد قنا فإذا كل نجم ولم يؤده المكاتب فلسيده الفسخ كما لو أعسر المشتري ببعض الثمن ويلزم إنظاره ثلاثا لنحو بيع عرض ويجب على السيد أن يؤدي إلى من وفى كتابته ربعها لما روى أبو بكر بإسناده عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} 2 قال: ربع الكتابة وروي مرفوعا عن علي.
ـــــــ
1 سورة النور من الآية "33".
2 سورة النور من الآية "33".

(1/328)


2- باب أحكام أمهات الأولاد
أصل أم أمهة ولذلك جمعت على أمهات باعتبار الأصل "إذا أولد حر أمته" ولو مدبرة أو مكاتبة "أو" أولد "أمة له ولغيره" ولو كان له جزء يسير منها "أو أمة لولده" كلها أو بعضها لم يكن الابن وطئها قد "خلق ولده حرا" بأن حملت به في ملكه "حيا ولد أو ميتا قد تبين فيه خلق الإنسان" ولو خفيا لا بإلقاء "مضغة أو جسم بلا تخطيط صارت أم ولد له تعتق بموته من كل ماله" ولو لم يملك غيرها لحديث ابن عباس يرفعه: "من وطئ أمته فولدت فهي معتقة عن دبر منه" رواه أحمد وابن ماجه وإن أصابها في ملك غيره بنكاح أو شبهة ثم ملكها حاملا عتق الحمل ولم تصر أم ولد ومن ملك أمة حاملا فوطئها حرم عليه بيع الولد ويعتقه "وأحكام أم الولد" كـ " أحكام الأمة" القن "من وطء وخدمة وإجارة ونحوه" كإعارة وإيداع لأنها مملوكة له مادام حيا " لا في نقل الملك في رقبتها ولا بما يراد له" أي لنقل الملك فالأول كوقف وبيع وهبة وجعلها صداقا ونحوه "و" الثاني كـ "رهن و" كذا "نحوها" أي نحو المذكورات كالوصية بها لحديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع

(1/328)


أمهات الأولاد وقال: "لا يبعن ولا يوهبن ولا يورثن يستمتع منها السيد مادام حيا فإذا مات فهي حرة" رواه الدارقطني. وتصح كتابتها فإن أدت في حياته عتقت وما بقي بيدها لها وإن مات وعليها شيء عتقت وما بيدها للورثة ويتبعها ولدها من غير سيدها بعد إيلادها فيعتق بموت سيدها وإذا جنت فديت بالأقل من قيمتها يوم الفداء أو أرش الجناية وإن قتلت سيدها عمدا أو خطأ عتقت وللورثة القصاص في العمد أو الدية فيلزمها الأقل منها أومن قيمتها كالخطأ وان أسلمت أم ولد كافر منع من غشيانها وحيل بينه وبينها حتى يسلم وأجبر على نفقتها إن عدم كسبها1.
ـــــــ
1 لأنه مسئول عن نفقتها لكونها أمه ولو كانت على غير العادة

(1/329)