الروض
المربع شرح زاد المستقنع ط دار الفكر
كتاب النكاح
مدخل
مدخل
...
13- كتاب النكاح
هو لغة: الوطء والجمع بين الشيئين وقد يطلق
على العقد وإذا قالوا نكح فلانة أو بنت فلان:
أرادوا تزوجها وعقد عليها وإذا قالوا: نكح
امرأته لم يريدوا إلا المجامعة.
وشرعا: عقد يعتبر فيه لفظ إنكاح أو تزويج في
الجملة والمعقود عليه منفعة الاستمتاع.
"وهو سنة" لذي شهوة لا يخاف زنا من رجل وامرأة
لقوله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من
استطاع منكم الباءة1 فليتزوج فإنه أغض للبصر
وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه
له وجاء" 2 رواه الجماعة ويباح لمن لا شهوة له
كالعنين3 والكبير " وفعله مع الشهوة أفضل من
نوافل العبادة" لاشتماله على مصالح كثيرة
كتحصين فرجه وفرج زوجته والقيام بها وتحصيل
النسل وتكثير الأمة وتحقيق مباهاة النبي صلى
الله عليه وسلم وغير ذلك ومن لا شهوة له نوافل
العبادة أفضل له.
"ويجب" النكاح "على من يخاف زنا بتركه" ولو
ظنا من رجل وامرأة لأنه طريق إعفاف نفسه
وصونها عن الحرام ولا فرق بين القادر على
الإنفاق والعاجز عنه ولا يكتفي بمرة بل يكون
في مجموع العمر ويحرم بدار حرب إلا لضرورة
فيباح لغير أسير.
ـــــــ
1 الباءة: القدرة على نفقات الزواج والمهر
واستطاعة الوطء.
2 وجاء: بكسر ومد رض عروق البيضتين حتى تنفضخ
فيكون شبيها بالخصاء وفي الحديث أيضا أن النبي
صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين موجوأين وقد
شبه الصيام هنا بالوجاء لأنه يقطع الرغبة إلى
الجماع لما له من تأثير في إضعاف الشهوة إلى
الجماع فالمعنى بالتالي أن الصيام جنة ودرع
يحمي صاحبه من الانحراف إلى الزنا إذا ازدادت
به الرغبة إلى النكاح ولا يقدر على تكاليف
الزواج.
3 العنين: المصاب يضعف انتصاب عضوه أو اكتمال
هذا الانتصاب فهو بالتالي غير قادر على الجماع
وربما في فترات متباعدة جدا.
(1/331)
"ويسن نكاح
واحدة" لأن الزيادة عليها تعريض للمحرم قال
الله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ
تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ
حَرَصْتُمْ} 1 دينة لحديث أبي هريرة مرفوعا:
"تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها
ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك" 2 متفق
عليه أجنبية3 لأن ولدها يكون أنجب ولأنه لا
يأمن الطلاق فيفضي مع القرابة إلى قطيعة الرحم
بكر لقوله صلى الله عليه وسلم لجابر: "فهلا
بكرا تلاعبها وتلاعبك" متفق عليه "ولود" أي من
نساء يعرفن بكثرة الأولاد لحديث أنس يرفعه:
"تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم
يوم القيامة" رواه سعيد "بلا أم" لأنه ربما
أفسدتها عليه ويسن أن يتخير الجميلة لأنه أغض
لبصره.
"و" يباح "له" أي لمن أراد خطبة امرأة وغلب
على ظنه إجابته " نظر ما يظهر غالبا" كوجه
ورقبة ويد وقدم لقوله صلى الله عليه وسلم:
"إذا خطب أحدكم امرأة فقدر أن يرى منها بعض ما
يدعوه إلى نكاحها فليفعل" رواه أحمد وأبو داود
"مرارا" أي يكرر النظر "بلا خلوة" إن أمن
ثوران الشهوة ولا يحتاج إلى إذنها. ويباح نظر
ذلك ورأس وساق من أمة وذات محرم ولعبد نظر ذلك
من مولاته ولشاهد ومعامل نظر وجه مشهود عليه
ومن تعامله وكفيها لحاجة ولطبيب ونحوه نظر
ولمس ما دعت إليه حاجة ولامرأة نظر من امرأة
ورجل إلى ما عدا ما بين سرة وركبة ولا يحرم
خلوة ذكر غير محرم بامرأة.
"ويحرم التصريح بخطبة المعتدة" كقوله: أريد أن
أتزوجك لمفهوم قوله تعالى: {وَلا جُنَاحَ
عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ
خِطْبَةِ النِّسَاءِ} وسواء كانت المعتدة " من
وفاة والمبانة" حال الحياة " دون التعريض"
فيباح لما تقدم ويحرم التعريض كالتصريح لرجعية
ـــــــ
1 سورة النساء من الآية "129".
2 تربت يداك: لفظة تقال في معرض الدعاء بالخير
أو بالشر استنكارا لفعل أو قول وهي تعني
امتلأت يداك بالتراب ولأن التراب فيه الزرع
والخير فهو دعاء بالخير وفي الحالة الثانية
تعني انقلب كل ما تلمسه إلى تراب والمقصود هنا
تزوج ذات الدين وقد عد الزواج بها ظفرا وقوله
تربت يداك بعدها تعني أغناك الله بها عن مال
الأولى وحسب الثانية وجمال الثالثة لأن المال
يذهب والمغني هو رب العالمين والحسب هو العمل
الصالح والجمال يزول أثره مع الأيام كما يذبل
مع تقدم العمر أما ذات الدين فلا تنقضي
معاملتها الحسنة لزوجها وإحسانها في بيتها
وحفظها لنفسها في غيبته ومحافظتها على ماله
أبدا بل آثار أفعالها يراها كل يوم أوضح من
الآخر.
3 أي من غير أقاربه الأقربين كابنة العم وابنة
الخال لأن الزواج بين الأقارب يحمل مخاطر
عديدة للنسل الجديد.
(1/332)
ويباحان لمن
أبانها بدون الثلاثة لأنه يباح له نكاحها في
عدتها كرجعية فإن له رجعتها في عدتها ويحرمان
أي التصريح والتعريض منها على غير زوجها فيحرم
على الرجعية أن تجيب من خطبها في عدتها تصريحا
أو تعريضا وأما البائن فيباح لها إذا خطبت في
عدتها التعريض دون التصريح والتعريض: إني في
مثلك لراغب وتجيبه إذا كانت بائنا و ما يرغب
عنك ونحوهما كقوله: لا تفوتيني بنفسك وقولها:
إن قضي شيء كان فإن أجاب ولي مجبرة ولو تعريضا
لمسلم أو أجابت غير المجبرة لمسلم حرم على
غيره خطبتها بلا إذنه لحديث أبي هريرة مرفوعا:
"لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو
يترك" رواه البخاري والنسائي وإن رد الخاطب
الأول أو أذن أو ترك أو استأذن الثاني الأول
فسكت أو جهلت الحال بأن لم يعلم الثاني إجابة
الأول جاز للثاني أن يخطب.
"ويسن العقد يوم الجمعة مساء" لأن فيه ساعة
الإجابة ويسن بالمسجد ذكره ابن القيم ويسن أن
يخطب قبله " بخطبة ابن مسعود" وهي: إن الحمد
لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ
بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد
الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد
أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله ويسن أن يقال لمتزوج: بارك الله لكما
وعليكما وجمع بينكما في خير وعافية فإذا زفت
إليه قال: "اللهم إني أسألك خيرها وخير ما
جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها
عليه".
(1/333)
فصل في أركان النكاح
وأركانه أي أركان النكاح ثلاثة:
أحدها - " الزوجان الخاليان من الموانع"
كالمعتدة1.
"و" الثاني - "الإيجاب" وهو اللفظ الصادر من
الولي أو من يقوم مقامه.
"و" الثالث - "القبول" وهو اللفظ الصادر من
الزوج أو من يقوم مقامه.
"ولا يصح" النكاح "ممن لا يحسن" اللغة
"العرببة بغير لفظ: زوجت أو أنكحت" لأنهما
اللفظان اللذان ورد بهما القرآن ولأمته أعتقتك
وجعلت عتقك صداقك ونحوه لقصة صفية. "" لا يصح
قبول إلا بلفظ: " قبلت هذا النكاح أو تزوجتها
أو قبلت" أو رضيت.
ـــــــ
1 والمتزوج بأربعة كلهن على ذمته.
(1/333)
ويصح النكاح من
هازل وتلجئة "ومن جهلهما" أي عجز عن الإيجاب
والقبول بالعربية "لم يلزمه تعلمها وكفاه
معناهما الخاص بكل لسان" لأن المقصود هنا
المعنى دون اللفظ لأنه غير متعبد بتلاوته
وينعقد من أخرس بكتابة وإشارة مفهومة "فإن
تقدم القبول" على الإيجاب لم يصح لأن القبول
إنما يكون للإيجاب فمتى وجد قبله لم يكن قبولا
"وإن تأخر" أي تراخى القبول "عن الإيجاب صح ما
داما في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه" عرفا
ولو طال الفصل لأن حكم المجلس حكم حالة العقد
وإن تفرقا قبله أي قبل القبول أو تشاغلا بما
يقطعه عرفا بطل الإيجاب للإعراض عنه وكذا لو
جن أو أغمي عليه قبل القبول لا إن نام.
فصل
"وله شروط "أربعة:
"أحدها: تعيين الزوجين" لأن المقصود في النكاح
التعيين فلا يصح بدونه كزوجتك بنتي وله غيرها
حتى يميزها وكذا لو قال: زوجتها ابنك وله بنون
"فإن أشار الولي إلى الزوجة أو سماها" باسمها
"أو وصفها بما تتميز به" كالطويلة أو الكبيرة
صح النكاح لحصول التمييز "أو قال: زوجتك بنتي
وله" بنت "واحدة لا أكثر صح" النكاح لعدم
الإلباس ولو سماها بغير اسمها ومن سمي له في
العقد غير مخطوبته فقبل يظنها إياها لم يصح.
فصل
الشرط " الثاني: رضاهما" فلا يصح إن أكره
أحدهما بغير حق كالبيع "إلا البالغ المعتوه"
فيزوجه أبوه أو وصيه في النكاح "و" إلا
"المجنونة والصغيرة والبكر ولو مكلفة لا
الثيب" إذا تم لها تسع سنين "فإن الأب ووصيه
في النكاح يزوجانهم بغير إذنهم" كثيب دون تسع
لعدم اعتبار إذنهم "كالسيد مع إمائه" فيزوجهن
بغير إذنهن لأنه يملك منافع بضعهن "و" كالسيد
مع "عبده الصغير" فيزوجه بغير إذنه كولده
الصغير "ولا يزوج باقي الأولياء" كالجد والأخ
والعم "صغيرة دون تسع" بحال بكرا كانت أو ثيبا
"ولا" يزوج غير الأب ووصيه في النكاح "صغيرا"
إلا الحاكم لحاجة ولا يزوج غير الأب ووصيه فيه
كبيرة عاقلة بكرا أو ثيبا "ولا بنت تسع" سنين
كذلك "إلا بإذنهما" لحديث أبي هريرة مرفوعا:
"تستأمر اليتيمة في نفسها فإن سكتت فهو إذنها
وإن أبت لم تكره" رواه أحمد وإذن بنت تسع
معتبر لقول عائشة: "إذا بلغت الجارية تسع سنين
فهي امرأة" رواه أحمد
(1/334)
ومعناه في حكم
المرأة "وهو" الإذن "صمات البكر" ولو ضحكت أو
بكت "ونطق الثيب" بوطء في القبل لحديث أبي
هريرة يرفعه: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا
تنكح البكر حتى تستأذن" قالوا: يا رسول الله
وكيف إذنها قال: "أن تسكت" متفق عليه. ويعتبر
في استئذان تسمية الزوج على وجه تقع به
المعرفة.
فصل
الشرط " الثالث: الولي" لقوله صلى الله عليه
وسلم: "لا نكاح إلا بولي" رواه الخمسة إلا
النسائي وصححه أحمد وابن معين.
"وشروطه" أي شروط الولي:
"التكليف" لأن غير المكلف يحتاج لمن ينظر له
فلا ينظر لغيره.
"والذكورية" لأن المرأة لا ولاية لها على
نفسها فغيرها أولى.
"والحرية" لأن العبد لا ولاية له على نفسه
فغيره أولى.
"والرشد في العقد" بأن يعرف الكفء ومصالح
النكاح لا حفظ المال فرشد كل مقام بحسبه.
"واتفاق الدين" فلا ولاية لكافر على مسلمة ولا
لنصراني على مجوسية لعدم التوارث بينهما سوى
ما يذكر كأم ولد لكافر أسلمت وأمة كافرة لمسلم
والسلطان يزوج من لا ولي لها من أهل الذمة.
"والعدالة" ولو ظاهرة لأنها ولاية نظرية فلا
يستبد بها الفاسق إلا في سلطان وسيد يزوج أمته
إذا تقرر ذلك.
"فلا تزوج امرأة نفسها ولا غيرها" لما تقدم.
"ويقدم أبو المرأة" الحرة "في إنكاحها" لأنه
أكمل نظرا وأشد شفقة "ثم وصيه فيه" أي في
النكاح لقيامه مقامه "ثم جدها لأب وإن علا"
الأقرب فالأقرب لأن له إيلادا وتعصيبا فأشبه
الأب "ثم ابنها ثم بنوه وإن نزلوا" الأقرب
فالأقرب لما روت أم سلمة أنها لما انقضت عدتها
أرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم
يخطبها فقالت: يا رسول الله ليس أحد من
أوليائي شاهدا قال: "ليس من أوليائك شاهد ولا
غائب يكره ذلك" فقالت: قم يا عمر فزوج رسول
الله صلى الله عليه وسلم فزوجه رواه النسائي
"ثم أخوها لأبوين" ثم لأب كالميراث "ثم بنوهما
كذلك" وإن نزلوا يقدم من لأبوين على من لأب إن
استووا في الدرجة الأقرب فالأقرب "ثم عمها
(1/335)
لأبوبن ثم لأب
لما تقدم ثم بنوهما كذلك على ما سبق في
الميراث1 "ثم أقرب عصبته بسبب كالإرث" فأحق
العصبات بعد الإخوة بالميراث أحقهم بالولاية
لأن مبنى الولاية على الشفقة والنظر وذلك
معتبر بمظنته وهو القرابة "ثم المولى المنعم"
بالعتق لأنه يرثها ويعقل عنها "ثم أقرب عصبته
نسبا" على ترتيب الميراث ثم إن عدموا فعصبة
ولاء على ما تقدم "ثم السلطان" وهو الإمام أو
نائبه قال أحمد: والقاضي أحب إلي من الأمير في
هذا فإن عدم الكل زوجها ذو سلطان في مكانها
فإن تعذر وكلت وولي أمة سيدها ولو فاسقا ولا
ولاية لأخ من أم ولا لخال ونحوه من ذوي
الأرحام.
"فإن عضل" الولي "الأقرب" بأن منعها كفئا
رضيته رغب بما صح مهرا ويفسق به2 إن تكرر أو
لم يكن الأقرب "أهلا" لكونه طفلا أو كافرا أو
فاسقا أو عبدا "أو غاب" الأقرب "غيبة منقطعة
لا تقطع إلا بكلفة ومشقة" فوق مسافة القصر أو
جهل مكانه زوج الحرة الولي الأبعد لأن الأقرب
هنا كالمعدوم. " وإن زوج الأبعد أو" زوج
"أجنبي" ولو حاكما "من غير عذر" للأقرب "لم
يصح" النكاح لعدم الولاية من العاقد عليها مع
وجود مستحقها فلو كان الأقرب لا يعلم أنه عصبة
أو أنه صار أو عاد أهلا بعد مناف صح النكاح
استصحابا للأصل ووكيل كل ولي يقوم مقامه غائبا
وحاضرا بشرط إذنها للوكيل بعد توكيله إن لم
تكن مجبرة ويشترط في وكيل ولي ما يشترط فيه
ويقول الولي أو وكيله لوكيل الزوج: زوجت موكلك
فلانا فلانة ويقول وكيل الزوج: قبلته لفلان أو
لموكلى فلان وإن استوى وليان فأكثر سن تقديم
أفضل فأسن فإن تشاحوا أقرع ويتعين من أذنت له
منهم ومن زوج ابنه ببنت أخيه ونحوه صح أن
يتولى طرفي العقد ويكفي: زوجت فلانا فلانة
وكذا ولي عاقلة تحل له إذا تزوجها بإذنها كفى
قوله: تزوجتها.
فصل
الشرط "الرابع: الشهادة" لحديث جابر مرفوعا:
"لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" رواه البرقاني
وروي معناه عن ابن عباس أيضا. " فلا يصح"
النكاح إلا بشاهدين عدلين ولو
ـــــــ
1 وليس للعم ومن دونه أن يزوج موليته بغير كفء
إن لم ترضاه وكان للمولى الأقرب الذي يليه في
درجة القرابة أو يساويه أن يفسخ العقد ويستحق
من يزوج موليته بغير كفء العقوبة الشرعية وليس
لعم ومن دونه أن يجبر موليته البالغة الراشدة
أن تتزوج ممن لا ترغب به ولو كان من الأكفاء
ففي غيره أولى وإن لم يكن لها مولى آخر يفسخ
العقد كان لها أن تطلب ذلك من السلطان وفي
أيامنا إلى القاضي أو رأس جهاز القضاء الشرعي
في بلدها.
2 يفسق به: أي يعتبر عمله فسقا ويعتبر فاسقا
لتكرار إعضاله لتزويجها.
(1/336)
ظاهرا لأن
الغرض إعلان النكاح "ذكرين مكلفين سميعين
ناطقين" ولو أنهما ضريران أو عدوا الزوجين ولا
يبطله تواص بكتمانه ولا تشترط الشهادة بخلوها
من الموانع أو إذنها والاحتياط الإشهاد فإن
أنكرت الإذن صدقت قبل دخول لا بعده "وليست
الكفاءة وهي" لغة: المساواة وهنا دين أي أداء
الفرائض واجتناب النواهي "ومنصب وهو النسب
والحرية" وصناعة غير زرية ويسار بحسب ما يجب
لها "شرطا في صحته" أي صحة النكاح لأمر النبي
صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس أن تنكح
أسامة بن زيد فنكحها بأمره متفق عليه بل شرط
للزوم " فلو زوج الأب عفيفة بفاجر أو عربية
بعجمي" أو حرة بعبد "فلمن لم يرضى من الزوجة
أو الأولياء" حتى من حدث "الفسخ" فيفسخ أخ مع
رضى أب لأن العار عليهم أجمعين وخيار الفسخ
على التراخي لا يسقط إلا بإسقاط عصبة أو بما
يدل على رضاها من قول أو فعل.
(1/337)
باب المحرمات في النكاح
مدخل
...
1- باب المحرمات في النكاح
وهن ضربان أحدهما من تحرم على الأبد وقد ذكره
بقوله: " تحرم أبدا الأم وكل جدة" من قبل الأم
أو الأب "وإن علت" لقوله تعالى: {حُرِّمَتْ
عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} 1 " والبنت وبنت
الابن وبنتاهما" أي بنت البنت وبنت بنت الابن
"من حلال وحرام وإن سفلت" وارثة كانت أو لا
لعموم قوله تعالى: {وَبَنَاتُكُمْ} 1 "وكل
أخت" شقيقة كانت أو لأب أو لأم لقوله تعالى:
{وَأَخَوَاتُكُمْ} 1 "وبنتها" أي بنت الأخت
مطلقا وبنت ابنها "وبنت ابنتها" وإن نزلت
لقوله تعالى: {وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} 1 "وبنت
كل أخ وبنتها وبنت ابنه" أي ابن الأخ "وبنتها"
أي بنت بنت ابن أخيه "وإن سفلت" لقوله تعالى:
{وَبَنَاتُ الْأَخِ} 1 "وكل عمة وخالة وإن
علتا" من جهة الأب أو الأم لقوله تعالى:
{وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ} 1.
"والملاعنة على الملاعن" ولو أكذب نفسه فلا
تحل له بنكاح ولا ملك يمين.
"ويحرم بالرضاع" ولو محرما "ما يحرم بالنسب"
من الأقسام السابقة لقوله صلى الله عليه وسلم:
"يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" متفق عليه
"إلا أم أخته" وأم أخيه من رضاع "و" إلا "أخت
ابنه" من رضاع فلا تحرم المرضعة ولا بنتها على
أبي المرتضع وأخيه من نسب ولا أم المرتضع
وأخته من نسب على أبي المرتضع أو ابنه الذي هو
أخو المرتضع لأنهن في مقابلة من يحرم
بالمصاهرة لا بالنسب.
ـــــــ
1 سورة النساء من الآية "23".
(1/337)
"ويحرم"
بالمصاهرة: بـ " العقد" وإن لم يحصل دخول ولا
خلوة "زوجة أبيه" ولو من رضاع "وزوجة كل جد"
وإن علا لقوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا
نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} 1 و تحرم
أيضا بالعقد "زوجة ابنه وإن نزل" ولو من رضاع
لقوله تعالى: {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} 2 "
دون بناتهن" أي بنات حلائل آبائه وأبنائه "و"
دون "أمهاتهن" فتحل له ربيبة والده وولده وأم
زوجة والده وولده لقوله تعالى: {وَأُحِلَّ
لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} 3 "وتحرم" أيضا
"أم زوجته وجداتها" ولو من رضاع "بالعق"د
لقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} 4 و
تحرم أيضا الربائب وهن "بنتها" أي بنت الزوجة
"وبنات أولادها" الذكور والإناث وإن نزلن من
نسب أو رضاع "بالدخول" لقوله تعالي:
{وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ
مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ
بِهِنَّ} 5 "فإن بانت الزوجة" قبل الدخول ولو
بعد لخلوة "أو ماتت بعد الخلوة" أبحن أي
الربائب لقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا
دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}
5. ومن وطىء امرأة بشبهة أو زنا حرم عليه أمها
وبنتها وحرمت على أبيه وابنه.
ـــــــ
1 سورة النساء من الآية "22".
2 سورة النساء من الآية "23".
3 سورة النساء من الآية "24".
4 سورة النساء من الآية "23".
5 سورة النساء من الآية "23".
(1/338)
فصل في الضرب الثاني من المحرمات
"وتحرم الى أمد أخت معتدته وأخت زوجته
وبنتاهما" أي بنت أخت معتدته وبنت أخت زوجته
"وعمتاهما وخالتاهما" وإن علتا من نسب أو رضاع
وكذا بنت أخيهما وكذا أخت مستبرأته وبنت أخيها
أو أختها أو عمتها أو خالتها لقوله تعالى:
{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} 6
وقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تجمعوا بين
المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها" متفق
عليه عن أبي هريرة ولا يحرم الجمع بين أخت شخص
من أبيه وأخته من أمه ولا بين مبانة شخص وبنته
من غيرها ولو في عقد.
"فإن طلقت" المرأة "وفرغت العدة أبحن" أي
أختها أو عمتها أو خالتها أو نحوهن لعدم
المانع.
ـــــــ
6 سورة النساء من الآية "23".
(1/338)
ومن وطىء أخت
زوجته بشبهة أو زنا حرمت عليه زوجته حتى تنقضي
عدة الموطوءة "فإن تزوجهما" أي تزوج الأختين
ونحوهما في عقد واحد لم يصح "أو" تزوجهما في
"عقدين معا بطلا" لأنه لا يمكن تصحيحه فيهما
ولا مزية لإحداهما على الأخرى وكذا لو تزوج
خمسا في عقد واحد أو عقود معا "فإن تأخر
أحدهما" أي أحد العقدين بطل متأخر فقط لأن
الجمع حصل به "أو وقع" العقد الثاني "في عدة
الأخرى وهي بائن أو رجعية بطل" الثاني لئلا
يجتمع ماؤه في رحم أختين أو نحوهما وإن جهل
أسبق العقدين فسخا ولإحداهما نصف مهرها بقرعة
ومن ملك أخت زوجته ونحوها صح ولا يطؤها حتى
يفارق زوجته وتنقضي عدتها ومن ملك نحو أختين
صح وله وطء أيهما متى شاء وتحرم به الأخرى حتى
تحرم الموطوءة بإخراج عن ملكه أو تزويج بعد
استبراء وليس لحر أن يتزوج بأكثر من أربع ولا
لعبد أن يتزوج بأكثر من اثنتين.
"وتحرم المعتدة" من الغير لقوله تعالى: {وَلا
تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى
يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} 1 "و" كذا "
المستبرأة من غيره" لأنه لا يؤمن أن تكون
حاملا فيفضي إلى اختلاط المياه واشتباه
الأنساب و تحرم الزانية على زان وغيره "حتى
تتوب وتنقضي عدتها" لقوله تعالى:
{وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ
أَوْ مُشْرِكٌ} 2 وتوبتها أن تراود فتمتنع
"و" تحرم "مطلقته ثلاثا حتى يطأها زوج غيره"
بنكاح صحيح لقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا
فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى
تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} 3 "و" تحرم
"المحرمة حتى تحل" من إحرامها لقوله صلى الله
عليه وسلم: "لا ينكح المحرم ولا ينكح لا يخطب"
رواه الجماعة إلا البخاري ولم يذكر الترمذي
الخطبة.
"ولا ينكح كافر مسلمة" لقوله تعالى: { وَلا
تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا}
4 ولا ينكح مسلم ولو عبدا كافرة لقوله تعالى:
{وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى
يُؤْمِنَّ} 4 إلا حرة كتابية أبواها كتابيان
لقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ
قَبْلِكُمْ} 5 "ولا ينكح حر مسلم أمة مسلمة
إلا أن يخاف عنت العزوية لحاجة المتعة أو
الخدمة" لكونه كبيرا أو مريضا أو نحوهما ولو
مع صغر زوجته الحرة أو غيبتها أو مرضها "ويعجز
عن طول" أي مهر "حرة وثمن أمة" لقوله تعالى:
{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً} 6
الآية واشتراط العجز عن ثمن الأمة اختاره جمع
كثير قال في التنقيح وهو أظهر وقدم
ـــــــ
1 سورة البقرة من الآية "235".
2 سورة النور من الآية "3".
3 سورة البقرة من الآية "230".
4 سورة البقرة من الآية "221".
5 سورة المائدة من الآية "5".
6 سورة النساء من الآية "25".
(1/339)
أنه لا يشترط
وتبعه في المنتهى "ولا ينكح عبد سيدته" قال
ابن المنذر: أجمع أهل العلم عليه. "ولا" ينكح
"سيد أمته" لأن ملك الرقبة يفيد ملك المنفعة
وإباحة البضع فلا يجتمع معه عقد أضعف منه.
"وللحر نكاح أمة أبيه" لأنه لا ملك للابن فيها
ولا شبهة ملك "دون" نكاح "أمة ابنه" فلا يصح
نكاحه أمة ابنه لأن الأب له التملك من مال
ولده كما تقدم "وليس للحرة نكاح عبد ولدها"
لأنه لو ملك زوجها أو بعضه لانفسخ النكاح وعلم
مما تقدم أن للعبد نكاح أمة ولو لابنه وللأمة
نكاح عبد ولو لابنها "وإن اشترى أحد الزوجين"
الزوج الآخر أو ملكه بإرث أو غيره أو ملك
"ولده الحر أو" ملك "مكاتبه" أي مكاتب أحد
الزوجين أو مكاتب ولده "الزوج الآخر أو بعضه
انفسخ نكاحهما" ولا ينقص بهذا الفسخ عدد
الطلاق "ومن حرم وطؤها بعقد" كالمعتدة
والمحرمة والزانية والمطلقة ثلاثا "حرم" وطؤها
"بملك يمين" لأن النكاح إذا حرم لكونه طريقا
إلى الوطء فلأن يحرم الوطء بطريق الأولى "إلا
أمة كتابية" فتحل لدخولها في عموم قوله تعالى:
{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} 1 "ومن جمع
بين محللة ومحرمة في عقد صح فيمن تحل" وبطل
فيمن تحرم فلو زوج أيما ومزوجة في عقد صح في
الأيم لأنها محل النكاح "ولا يصح نكاح خنثى
مشكل قبل تبين أمره" لعدم تحقق مبيح النكاح.
ـــــــ
1 سورة النساء من الآية "3".
(1/340)
باب الشروط في النكاح والعيوب في النكاح
مدخل
...
2- باب الشروط في النكاح والعيوب في النكاح
والمعتبر من الشروط ما كان في صلب العقد أو
اتفقا عليه قبله وهي قسمان: صحيح وإليه أشار
بقوله: " إذا شرطت طلاق ضرتها أو أن لا يتسرى
أو أن لا يتزوج عليها أو" أن " لا يخرجها من
دارها أو بلدها" أو أن لا يفرق بينها وبين
أولادها أو أبويها أو أن لا ترضع ولدها الصغير
" أو شرطت نقدا معينا" تأخذ منه مهرها أو شرطت
"زيادة في مهرها صح" الشرط وكان لازما فليس
للزوج فكه بدون إبانتها ويسن وفاؤه به "فإن
خالفه فلها الفسخ" على التراخي1 لقول عمر للذي
قضى عليه بلزوم الشرط حين قال: إذا يطلقننا:
مقاطع الحقوق عند الشروط ومن شرط أن لا يخرجها
من منزل أبويها فمات أحدهما بطل الشرط.
ـــــــ
1 أي أن مرور الزمن لا يسقط الشرط إلا إن سقطت
أسبابه وموجباته.
(1/340)
القسم الثاني:
فاسد1 وهو أنواع:
أحدها - نكاح الشغار وقد ذكره بقوله: " وإذا
زوجه وليته على أن يزوجه الأخر وليته ففعلا"
أي زوج كل منهما الآخر وليته "ولا مهر" بينهما
"بطل النكاحان" لحديث ابن عمر أن النبي صلى
الله عليه وسلم نهى عن الشغار متفق عليه
والشغار: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه
الآخر ابنته وليس بينهما صداق متفق عليه.
وكذا لو جعلا بضع كل واحدة مع دراهم معلومة
مهرا للأخرى "فإن سمي لهما" أي لكل واحدة
منهما "مهر" مستقل غير قليل بلا حيلة "صح"
النكاحان ولو كان المسمى دون مهر المثل وإن
سمى لإحداهما دون الأخرى صح نكاح من سمي لها
فقط.
الثاني - نكاح المحلل واليه الإشارة بقوله: "
وإن تزوجها بشرط أنه متى حللها للأول طلقها أو
نواه" أي التحليل "بلا شرط" يذكر في العقد أو
اتفقا عليه قبله ولم يرجع بطل النكاح2 لقوله
صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بالتيس
المستعار" قالوا: بلى يا رسول الله قال: "هو
المحلل لعن الله المحلل والمحلل له" رواه ابن
ماجة
"أو قال" ولي: "زوجتك إذا جاء رأس الشهر أو إن
رضيت أمها" أو نحوه مما علق فيه النكاح على
شرط مستقبل فلا ينعقد النكاح غير زوجت أو قبلت
إن شاء الله فيصح كقوله: زوجتكها إن كانت بنتي
أو إن انقضت عدتها وهما يعلمان ذلك أو إن شيءت
فقال: شيءت وقبلت ونحوه فإنه صحيح أو قال ولي:
زوجتك وإذا جاء غد أو وقت كذا فطلقها أو وقته
بمدة بأن قال: زوجتكها شهرا أو سنة أو يتزوج
الغريب بنية طلاقها إذا خرج بطل الكل وهذا
النوع هو نكاح المتعة قال سبرة: أمرنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة عام الفتح
حين دخلنا مكة ثم لم نخرج حتى نهانا عنها رواه
مسلم.
فصل
"وإن شرط أن لا مهر لها أو أن لا نفقة" لها
"أو شرط أن يقسم لها أقل من ضرتها أو أكثر"
منها "أو شرط فيه" أي في النكاح " خيارا أو"
شرط " إن جاء بالمهر في وقت كذا وإلا فلا نكاح
بينهما" أو شرطت أن يسافر بها أو أن تستدعيه
لوطء عند إرادتها أو لا تسلم نفسها إلى مدة
كذا ونحوه "بطل الشرط" لمنافاته مقتضى العقد
وتضمنه إسقاط حق يجب به قبل
ـــــــ
1 أي إن وقع الدخول فالشرط باطل و النكاح ثابت
ولها مهر مثلها وإن لم يقع الدخول فالنكاح
باطل.
2 ولا يحل لها بمثل هذا النكاح أن تعود إلى
زوجها.
(1/341)
انعقاده "وصح
النكاح" لأن هذه الشروط تعود إلى معنى زائد في
العقد لا يشترط ذكره ولا يضر الجهل به فيه
"وإن شرطها مسلمة" أو قال وليها: زوجتك هذه
المسلمة أو ظنها مسلمة ولم تعرف بتقدم كفر
فبانت كتابية فله الفسخ لفوات شرطه "أو شرطها
بكرا أو جميلة أو نسيبة أو" شرط " نفي عيب لا
يفسخ به النكاح" بأن شرطها سميعة أو بصيرة
"فبانت بخلافه فله الفسخ" لما تقدم وإن شرط
صفة فبانت أعلى منها فلا فسخ ومن تزوج امرأة
وشرط أو ظن أنها حرة ثم تبين أنها أمة فإن كان
ممن يحل له نكاح الإماء فله الخيار وإلا فرق
بينهما وما ولدته قبل العلم حر يفديه بقيمته
يوم ولادته وإن كان المغرور عبدا فولده حر -
أيضا - يفديه إذا عتق ويرجع زوج بالفداء
والمهر على من غره ومن تزوجت رجلا على أنه حر
أو تظنه حرا فبان عبدا فلها الخيار. "وإن
عتقت" أمة "تحت حر فلا خيار لها" لأنها كافأت
زوجها في الكمال كما لو أسلمت كتابية تحت مسلم
"بل" يثبت لها الخيار إن عتقت كلها "تحت عبد"
كله لحديث بريرة وكان زوجها عبدا أسود رواه
البخاري 1 وغيره عن ابن عباس وعائشة رضي الله
عنهم فتقول: فسخت نكاحي أو اخترت نفسي ولو
متراخيا ما لم يوجد منها دليل رضى كتمكين من
وطء أو قبلة ونحوها ولو جاهلة ولا يحتاج فسخها
لحاكم فإن فسخت قبل دخول فلا مهر وبعده هو
لسيدها.
(1/342)
فصل في العيوب في النكاح
وأقسامها ثلاثة: قسم يختص بالرجل وقد ذكره
بقوله: "ومن وجدت زوجها مجبوبا" قطع ذكره كله
"أو" بعضه "وبقي له ما لا يطأ به فلها الفسخ
وإن ثبتت عنته بإقراره أو" ثبتت "ببينة على
إقراره أجل سنة" هلالية "منذ تحاكمه" روي عن
عمر وعثمان وابن مسعود والمغيرة بن شعبة لأنه
إذا مضت فصول الأربعة ولم يزل علم أنه خلقة
"فإن وطئ فيها" أي في السنة "وإلا فلها الفسخ"
ولا يحتسب عليه منها ما اعتزلته فقط " وإن
اعترفت أنه" وطئها في القبل في النكاح الذي
ترافعا فيه ولو مرة فليس بعنين لاعترافها بما
ينافي العنة وإن كان ذلك بعد ثبوت العنة فقد
زالت "ولو قالت في وقت: رضيت به عنينا سقط
خيارها أبدا" لرضاها به كما لو تزوجته عالمة
عنته.
"و" القسم الثاني يختص بالمرأة وهو "الرتق"
بأن يكون فرجها مسدودا لا يسلكه ذكر بأصل
الخلقة "والقرن" لحم زائد ينبت في الرحم فيسده
"والعفل" ورم في اللحمة التي بين مسلكي المرأة
فيضيق منها فرجها فلا ينفذ فيه الذكر "والفتق"
انخراق ما بين سبيلها أو
(1/342)
ما بين مخرج
بول ومني "واستطلاق بول ونحوه" أي غائط منها
أو منه "وقروح سيالة في فرج" و استحاضة.
"و" من القسم الثالث وهو المشترك "باسور
وناصور" وهما داآن بالمقعدة.
"و" من القسم الأول "خصاء" أي قطع الخصيتين
"وسل" لهما1 "ووجاء" 2 لهما لأن ذلك يمنع
الوطء أو يضعفه.
"و" من المشترك "كون أحدهما خنثى واضحا" أما
المشكل فلا يصح نكاحه كما تقدم "وجنون ولو
ساعة وبرص وجذام" وقرع رأس له ريح منكرة وبخر
فم "يثبت بكل واحد منهما الفسخ" لما فيه من
النفرة ولو حدث بعد العقد والدخول كالإجارة
"أو كان بالآخر عيب مثله" أو مغاير له لأن
الإنسان يأنف من عيب غيره ولا يأنف من عيب
نفسه.
ومن رضي بالعيب بأن قال: رضيت به "أو وجدت منه
دلالته" من وطء أو تمكين منه "مع علمه" بالعيب
فلا خيار له ولو جهل الحكم أو ظنه يسيرا فبان
كثيرا لأنه من جنس ما رضي به.
"ولا يتم" أي لا يصح "فسخ أحدهما إلا بحاكم"
فيفسخه الحاكم بطلب من ثبت له الخيار أو يرده
إليه فيفسخه "فإن كان" الفسخ "قبل الدخول فلا
مهر" لها سواء كان الفسخ منه أو منها لأن
الفسخ إن كان منها فقد جاءت الفرقة من قبلها:
وإن كان منه فإنما فسخ لعيبها الذي دلسته عليه
فكأنه منها "و" إن كان الفسخ "بعده" أي بعد
الدخول أو الخلوة فـ "لها" المهر المسمى في
العقدة لأنه وجب بالعقد واستقر بالدخول فلا
يسقط "ويرجع به على الغار إن وجد" لأنه غره
وهو قول عمر والغار: من علم العيب وكتمه من
زوجة عاقلة وولي ووكيل وإن طلقت قبل دخول أو
مات أحدهما قبل الفسخ فلا رجوع على الغار.
"والصغيرة والمجنونة والأمة لا تزوج واحدة
منهن بمعيب" يرد به في النكاح لأن وليهن لا
ينظر لهن إلا بما فيه الحظ والمصلحة فإن فعل
لم يصح إن علم وإلا صح ويفسخ إذا علم وكذا ولي
صغير أو مجنون ليس له تزويجهما بمعيبة ترد في
النكاح فإن فعل فكما تقدم "فإن رضيت" العاقلة
"الكبيرة مجبوبا أو عنينا لم تمنع" لأن الحق
في الوطء لها دون غيرها "بل" يمنعها وليها
العاقد من تزوج "مجنون ومجذوم وأبرص" لأن في
ذلك
ـــــــ
1 وسل الخصيتين يكون بسبب شق في الصفن يخرجان
منه ويبقى الصفن فارغا والصفن هو الكيس الحاوي
للخصيتين.
2 الوجاء هو الرض وقد سبق شرحه في أول هذا
الكتاب.
(1/343)
عارا عليها
وعلى أهلها وضررا يخشى تعديه إلى الولد "ومتى"
تزوجت معيبا لم تعلمه ثم " علمت العيب" بعد
عقد لم تجبر على فسخ أو كان الزوج غير معيب
حال العقد ثم "حدث به" العيب بعده "لم يجبرها
وليها على الفسخ" إذا رضيت به لأن حق الولي في
ابتداء العقد لا في دوامه.
(1/344)
3-
باب نكاح الكفار
من أهل الكتاب وغيرهم
"حكمه كنكاح المسلمين" في الصحة ووقوع الطلاق
والظهار والإيلاء ووجوب المهر والنفقة والقسم
والإحصان وغيرها ويحرم عليهم من النساء من
تحرم علينا " ويقرون على فاسده" أي فاسد
النكاح " إذا اعتقدوا صحته في شرعهم" بخلاف ما
لا يعتقدون حله فلا يقرون عليه لأنه ليس من
دينهم "ولم يرتفعوا إلينا" لأنه صلى الله عليه
وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر ولم يعترض عليهم
في أنكحتهم مع علمه أنهم يستبيحون نكاح
محارمهم "فإن أتونا قبل عقده عقدناه على
حكمنا" بإيجاب وقبول وولي وشاهدي عدل منا قال
تعالى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ
بِالْقِسْطِ} 1 "وإن أتونا بعده" أي بعد العقد
فيما بينهم "أو أسلم الزوجان" على نكاح لم
نتعرض لكيفية صدوره من وجود صيغة أو ولي أو
غير ذلك "و" إذا تقرر ذلك فإن كانت " المرأة
تباح إذا" أي وقت الترافع إلينا أو الإسلام
كعقد في عدة فرغت أو على أخت زوجة ماتت أو كان
وقع العقد بلا صيغة أو ولي أو شهود "أقرا" على
نكاحهما لأن ابتداء النكاح حينئذ لا مانع منه
فلا مانع من استدامته "وإن كانت" الزوجة "ممن
لا يجوز ابتداء نكاحها" حال الترافع أو
الإسلام كذات محرم أو معتدة لم تفرغ عدتها أو
مطلقته ثلاثا قبل أن تنكح زوجا غيره "فرق
بينهما" لأن ما منع ابتداء العقد منع استدامته
"وإن وطئ حربى حربية فأسلما" أو ترافعا إلينا
"وقد اعتقداه نكاحا أقرا" عليه لأنا لا نتعرض
لكيفية النكاح بينهم وإلا يعتقداه نكاحا "فسخ"
أي فرق بينهما لأنه سفاح فيجب إنكاره "ومتى
كان المهر صحيحا أخذته" لأنه الواجب "وإن كان
فاسدا" كخمر أو خنزير "وقبضته استقر" فلا شيء
لها غيره لأنهما تقابضا بحكم الشرك " وإن لم
تقبضه" ولا شيئا منه فرض لها مهر المثل لأن
الخمر ونحوه لا يكون مهرا لمسلمة فيبطل وإن
قبضت البعض وجب قسط الباقي من مهر المثل "و"
إن "لم يسم" لها مهر "فرض لها مهر" المثل لخلو
النكاح عن التسمية.
ـــــــ
1 سورة المائدة من الآية "42".
(1/344)
فصل
"وإن أسلم الزوجان معا" بأن تلفظا بالإسلام
دفعة واحدة فعلى نكاحهما لأنه لم يوجد منهما
اختلاف دين "أو" أسلم "زوج كتابية" كتابيا كان
أو غير كتابي "فعلى نكاحهما" لأن للمسلم
ابتداء نكاح الكتابية "فإن أسلمت هي" أي
الزوجة الكتابية تحت كافر قبل دخول انفسخ
النكاح لأن لمسلمة لا تحل لكافر "أو" أسلم
"أحد الزوجين غير الكتابيين" كالمجوسيين يسلم
أحدهما قبل الدخول بطل النكاح لقوله تعالى:
{فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} 1
وقوله: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ
الْكَوَافِرِ} 1 "فإن سبقته" بالإسلام "فلا
مهر" لمجئ الفرقة من قبلها "وإن سبقها"
بالإسلام "فلها نصفه" أي نصف المهر لمجيء
الفرقة من قبله وكذا إن أسلما وادعت سبقه أو
قالا: سبق أحدنا ولا نعلم عينه.
"وإن أسلم أحدهما" أي أحد الزوجين غير
الكتابيين أو أسلمت كافرة تحت كافر "بعد
الدخول وقف الأمر على انقضاء العدة" لما روى
مالك في موطئه عن ابن شهاب قال: كان بين إسلام
صفوان بن أمية وامرأته بنت الوليد بن المغيرة
نحوا من شهر أسلمت يوم الفتح وبقي صفوان حتى
شهد حنينا والطائف وهو كافر ثم أسلم ولم يفرق
النبي صلى الله عليه وسلم بينهما واستقرت عنده
امرأته بذلك النكاح قال ابن عبد البر: شهرة
هذا الحديث أقوى من إسناده وقال ابن شبرمة:
كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم يسلم الرجل قبل المرأة والمرأة قبل الرجل
فأيهما أسلم قبل انقضاء العدة فهي امرأته فإن
أسلم بعد العدة فلا نكاح بينهما "فإن أسلم
الآخر فيها" أي في العدة "دام النكاح" بينهما
لما سبق "وإلا" يسلم الآخر حتى انقضت "بان
فسخه" أي فسخ النكاح " منذ أسلم الأول" من
الزوج أو الزوجة ولها نفقة العدة إن أسلمت
قبله ولو لم يسلم.
"وإن كفرا" أي ارتدا أو ارتد " أحدهما بعد
الدخول وقف الأمر على انقضاء العدة" كما لو
أسلم أحدهما فإن تاب من ارتد قبل انقضائها
فعلى نكاحهما وإلا تبينا فسخه منذ ارتد. "و"
إن ارتدا أو أحدهما "قبله" أي قبل الدخول
"بطل" النكاح لاختلاف الدين ومن أسلم وتحته
أكثر من أربع فأسلمن أو كن كتابيات اختار منهن
أربعا إن كان مكلفا وإلا وقف الأمر حتى يكلف
وإن أبى الاختيار أجبر بحبس ثم تعزبر وإن أسلم
وتحته أختان اختار منهما واحدة.
ـــــــ
1 سورة الممتحنة من الآية "10".
(1/345)
4-
باب الصداق
يقال: أصدقت المرأة ومهرتها وأمهرتها وهو عوض
يسمى في النكاح أو بعده. "يسن تخفيفه" لحديث
عائشة مرفوعا: "أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة"
رواه أبو حفص بإسناده. "و" تسن "تسميته في
العقد" لقطع النزاع وليست شرطا لقوله تعالى:
{لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ
النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ
تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} 1.
ويسن أن يكون "من أربعمائة درهم" من الفضة وهي
صداق بنات النبي صلى الله عليه وسلم إلى
"خمسمائة" درهم وهي صداق أزواجه صلى الله عليه
وسلم وإن زاد فلا بأس و لا يتقدر الصداق "بل
كل ما صح" أن يكون "ثمنا أو أجرة صح" أن يكون
"مهرا وإن قل" لقوله صلى الله عليه وسلم:
"التمس ولو خاتما من حديد" متفق عليه "وإن
أصدقها تعليم قرآن لم يصح" الإصداق لأن الفروج
لا تستباح إلا بالأموال لقوله تعالى: {أَنْ
تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} 2 وروى البخاري
أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج رجلا على
سورة من القرآن ثم قال: "لا تكون لأحد بعدك
مهرا" بل يصح أن يصدقها تعليم معين من "فقه
وأدب" كنحو وصرف وبيان ولغة ونحوها "وشعر مباح
معلوم" ولو لم يعرفه ثم يتعلمه ويعلمها وكذا
لو أصدقها تعليم صنعة أو كتابة أو خياطة ثوبها
أو رد قنها من محل معين لأنها منفعة يجوز أخذ
العوض عليها فهي مال "وإن أصدقها طلاق ضرتها
لم يصح" لحديث: "لا يحل لرجل أن ينكح امرأة
بطلاق أخرى" "ولها مهر مثلها" لفساد التسمية "
ومتى بطل المسمى" لكونه مجهولا كعبد أو ثوب أو
خمر أو نحوه "وجب مهر المثل" بالعقد لأن
المرأة لا تسلم إلا ببدل ولم يسلم البدل وتعذر
رد العوض فوجب بدله ولا يضر جهل يسير فلو
أصدقها عبدا من عبيده أو فرسا من خيله ونحوه
فلها أحدهم بقرعة وقنطارا من نحو زيت أو قفيزا
من نحو بر لها الوسط.
فصل
"وإن أصدقها ألفا إن كان أبوها حيا وألفين إن
كان ميتا وجب مهر المثل" لفساد التسمية
للجهالة إذا كانت حالة الأب غير معلومة ولأنه
ليس لها في موت أبيها غرض صحيح "و" إن تزوجها
"على إن كانت لي زوجة بألفين أو لم تكن" لي
زوجة "بألف يصح" النكاح "بالمسمى" لأن خلو
المرأة من ضرة من أكبر أغراضها المقصودة لها
وكذا إن تزوجها على ألفين إن أخرجها من بلدها
أو دارها وألف إن لم يخرجها "وإذا أجل الصداق
ـــــــ
1 سورة البقرة من الآية "236".
2 سورة النساء من الآية "24".
(1/346)
أو بعضه" كنصفه
أو ثلثه "صح" التأجيل "فإن عين أجلا" أنيط به
"وإلا" يعينا أجلا بل أطلقا "فمحله الفرقة"
البائنة بموت أو غيره عملا بالعرف والعادة.
"وإن أصدقها مالا مغصوبا" يعلمانه كذلك "أو"
أصدقها "خنزيرا ونحوه" كخمر صح النكاح كما لو
لم يسم لها مهرا و " وجب" لها "مهر المثل" لما
تقدم وإن تزوجها على عبد فخرج مغصوبا أو حرا
فلها قيمته يوم عقد لأنها رضيت به إذ ظنته
مملوكا "وإن وجدت" المهر "المباح معيبا" كعبد
به نحو عرج "خيرت بين" إمساكه "مع أرشه و" بين
رده وأخذ "قيمته" إن كان متقوما وإلا فمثله
وإن أصدقها ثوبا وعين ذرعه فبان أقل خيرت بين
أخذه مع قيمة ما نقص وبين رده وأخذ قيمة
الجميع ولمتزوجة على عصير بان خمرا مثل
العصير.
"وإن تزوجها على ألف لها وألف لأبيها" أو على
أن الكل للأب "صحت التسمية" لأن للوالد الأخذ
من مال ولده لما تقدم ويملكه الأب بالقبض مع
الزوجة الألف وأبيها الألف رجع عليها "بالألف"
دون أبيها وكذا إذا شرط الكل له وقبضه بالنية
ثم طلق قبل الدخول رجع عليها بقدر نصفه "ولا
شيء على الأب لهما" أي للمطلق والمطلقة لأنا
قدرنا أن الجميع صار لها ثم أخذه الأب منها
فتصير كأنها قبضته ثم أخذه منها "ولو شرط ذلك"
أي الصداق أو بعضه "لغير الأب" كالجد والأخ
"فكل المسمى لها" أي للزوجة لأنه عوض بضعها
والشرط باطل.
"ومن زوج بنته ولو ثيبا بدون مهر مثلها صح"
ولو كرهت لأنه ليس المقصود من النكاح العوض
ولا يلزم أحدا تتمة المهر " وإن زوجها به" أي
بدون مهر مثلها "ولي غيره" أي غير الأب
"بإذنها صح" مع رشدها لأن الحق لها وقد أسقطته
وإن لم تأذن في تزويجها بدون مهر مثلها لغير
الأب "ف" لها "مهر المثل" على الزوج لفساد
التسمية بعدم الإذن فيها وإن "زوج ابنه الصغير
بمهر المثل أو كثر صح" لازما لأن المرأة لم
ترض بدونه وقد تكون مصلحة الابن في بدل
الزيادة ويكون الصداق "في ذمة الزوج" إن لم
يعين في العقد "وإن كان" الزوج "معسرا لم
يضمنه الأب" لأن الأب نائب عنه في التزويج
والنائب لا يلزمه ما لم يلتزمه كالوكيل فإن
ضمنه غرمه ولأب قبض صداق محجور عليها لا رشيدة
ولو بكرا إلا بإذنها وإن تزوج عبد بإذن سيده
صح وتعلق صداق ونفقه وكسوة ومسكن بذمة سيده
وبلا إذنه لا يصح فإن وطئ تعلق مهر المثل
برقبته.
(1/347)
فصل
"وتملك المرأة" جميع " صداقها بالعق" كالبيع
وسقوط نصفه بالطلاق لا يمنع وجوب جميعه بالعقد
ولها أي للمرأة "نماء" المهر "المعين" من كسب
وثمر وولد ونحوها ولو حصل "قبل القبض" لأنه
نماء ملكها "وضده بضده" أي ضد المعين كقفيز من
صبرة ورطل من زبدة بضد المعين في الحكم فنماؤه
له وضمانه عليه ولا تملك تصرفا فيه قبل في
قبضه كمبيع "وإن تلف" المهر المعين قبل قبضه
"فمن ضمانها" فيفوت عليها "إلا أن يمنعها
زوجها قبضه فيضمنه" لأنه بمنزلة الغاصب إذا
"ولها التصرف فيه" أي في المهر المعين لأنه
ملكها إلا أن يحتاج لكيل أو وزن أو عد أو ذرع
فلا يصح تصرفها فيه قبل قبضه كمبيع بذلك
"وعليها زكاته" أي زكاة المعين إذا حال عليه
الحول من العقد وحول المبهم من تعيين.
"وإن طلق" من أقبضها الصداق "قبل الدخول أو
الخلوة فله نصفه" أي نصف صداق حكما أي قهرا
كالميراث لقوله تعالى: {وَإِنْ
طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ
تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ
فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} 1 " دون
نمائه" أي نماء المهر "المنفصل" قبل الطلاق
فتختص به لأنه نماء ملكها والنماء بعد الطلاق
لها2 " وفي" النماء "المتصل" كسمن عبد أمهرها
إياه وتعلمه صنعة إذا طلق قبل الدخول والخلوة
"له نصف قيمته" أي قيمة العبد "بدون نمائه"
المتصل لأنه نماء ملكها فلا حق له فيه فإن
اختارت رشيدة دفع نصفه زائدا لزمه قبوله وإن
نقص بنحو هزال خير رشيد بين أخذ نصفه بلا أرش
وبين نصف قيمته وإن باعته أو وهبته و أقبضته
أو رهنته أو أعتقته تعين له نصف القيمة وأيهما
عفا لصاحبه عما وجب له وهو جائز التصرف صح
عفوه وليس لولي العفو عما وجب لمولاه ذكرا كان
أو أنثى "وإن اختلف الزوجان" أو ولياهما "أو
ورثتهما" أو أحدهما وولي الآخر أو ورثته "في
قدر الصداق أو عينه أو فيما يستقر به" من دخول
أو خلوة أو نحوهما "فقوله" أي قول الزوج أو
وليه أو وارثه بيمينه لأنه منكر والأصل براءة
ذمته وكذا لو اختلفا في جنس الصداق أو صفته و
إن اختلفا في قبضه ف القول قولها أو قول وليها
أو وارثها مع اليمين حيث لا بينة له لأن الأصل
عدم القبض وإن تزوجها على صداقين سر وعلانية
أخذ بالزائد مطلقا وهدية زوج ليست من المهر
فما قبل عقد إن وعدوه ولم يفوا رجع بها.
ـــــــ
1 سورة البقرة من الآية "237".
2 إذ صار يملك نصفه فله بالتالي نصف النماء
الحاصل بعد الطلاق.
(1/348)
فصل
"يصح تفويض البضع بأن يزوج الرجل ابنته
المجبرة" بلا مهر " أو تأذن المرأة لوليها أن
يزوجها بلا مهر" فيصح العقد ولها مهر المثل
لقوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ
طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ
تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ
فَرِيضَةً} 1. "و" يصح أيضا " تفويض المهر بأن
يزوجها على ما يشاء أحدهما" أي أحد الزوجين
"أو" يشاء " أجنبي فـ" يصح العقد و لها مهر
المثل بالعقد لسقوط التسمية بالجهالة ولها طلب
فرضه "ويفرضه" أي مهر المثل "الحاكم بقدره"
بطلبها لأن الزيادة عليه ميل على الزوج والنقص
منه ميل على الزوجة وإن تراضيا ولو على قليل
صح لأن الحق لا يعدوهما ويصح أيضا إبراؤها من
مهر المثل قبل فرضه لأنه حق لها فهي مخيرة بين
إبقائه وإسقاطه.
"ومن مات منهما" أي من الزوجين " قبل الإبانة"
2 و الخلوة "والفرض" فلها المثل و "ورثه
الأخر" لأن ترك تسمية الصداق لا يقدح في صحة
النكاح "ولها مهر" مثلها من نسائها أي
قراباتها كأم وخالة وعمة فيعتبره الحاكم بمن
تساويها منهن القربى فالقربى في مال وجمال
وعقل وأدب وسن وبكارة أو ثيوبة فإن لم يكن لها
أقارب فبمن تشابهها من نساء بلدها "فإن طلقها"
أي المفوضة أو من سمي لها مهر فاسد "قبل
الدخول" والخلوة "فلها المتعة بقدر يسر زوجها
وعسره" لقوله تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى
الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ
قَدَرُهُ} 3 فأعلاها خادم وأدناها كسوة تجزئها
في صلاتها "ويستقر مهر المثل" للمفوضة ونحوها
"بالدخول" والخلوة ولمسها ونظره إلى فرجها
بشهوة وتقبيلها بحضرة الناس وكذا المسمى يتقرر
بذلك و يتنصف المسمى بفرقة من قبله كطلاقه
وخلعه وإسلامه ويسقط كله بفرقة من قبلها
كردتها وفسخها لعيبه واختيارها لنفسها بجعله
لها بسؤالها.
"وإن طلقها" أي الزوجة مفوضة كانت أو غيرها
"بعده" أي بعد الدخول "فلا متعة" لها بل لها
المهر كما تقدم "وإذا افترقا" في النكاح
"الفاسد" المختلف فيه "قبل الدخول والخلوة فلا
مهر" ولا متعة سواء طلقها أو مات عنها لأن
العقد الفاسد وجوده كعدمه و إن افترقا "بعد
أحدهما" أي الدخول أو الخلوة أو ما يقرر
الصداق مما تقدم "يجب المسمى" لها في العقد
قياسا على الصحيح وفي بعض ألفاظ حديث عائشة:
"ولها الذي أعطاها بما أصاب منها"
ـــــــ
1 سورة البقرة من الآية "236".
2 أي قبل إيضاح قيمة المهر كم هو أو قبل أن
يتضح إن حصلت خلوة أولا.
3 سورة القرة من الآية "236".
(1/349)
"ويجب مهر
المثل لمن وطئت" في نكاح باطل مجمع على بطلانه
كالخامسة أو وطئت "بشبهة أو زنا كرها" لقوله
صلى الله عليه وسلم: "فلها المهر بما استحل من
فرجها" أي نال منه وهو الوطء ولأنه إتلاف
للبضع بغير رضى مالكه فأوجب القيمة وهي المهر
ولا "يجب معه" أي مع المهر أرش بكارة لدخوله
في مهر مثلها لأنه يعتبر ببكر مثلها فلا يجب
مرة ثانية ولا فرق فيما ذكر بين ذات المحرم
وغيرها والزانية المطاوعة لا شيء لها إن كانت
حرة ولا يصح تزويج من نكاحها فاسد قبل طلاق أو
فسخ فإن أباهما زوج فسخه حاكم.
"وللمرأة" قبل دخول "منع نفسها حتى تقبض
صداقها الحال" مفوضة كانت أو غيرها لأن
المنفعة المعقود عليها تتلف بالاستيفاء فإذا
تعذر استيفاء المهر عليها لم يمكنها استرجاع
عوضها ولها النفقة زمنه "فإن كان" الصداق
"مؤجلا" ولم يحل "أو حال قبل التسليم" لم تملك
منع نفسها لأنها رضيت بتأخيره "أو سلمت نفسها
تبرعا" أي قبل الطلب بالحال "فليس لها" بعد
ذلك "منعها" أي منع نفسها لرضاها بالتسليم
واستقر الصداق ولو أبى الزوج تسليم الصداق حتى
تسلم نفسها وأبت تسليم نفسها حتى يسلم الصداق
أجبر زوج ثم زوجة ولو أقبضه لها وامتنعت بلا
عذر فله استرجاعه " فإن أعسر" الزوج "بالمهر
الحال فلها الفسخ" إن كانت حرة مكلفة "ولو بعد
الدخول" لتعذر الوصول إلى العوض بعد قبض
المعوض كما لو أفلس المشتري ما لم تكن تزوجته
عالمة بعسرته ويخير سيد الأمة لأن الحق له
بخلاف ولي صغيرة ومجنونة "ولا يفسخه" أي
النكاح لعسرته بحال مهر إلا حكم كالفسخ لعنة
ونحوها للاختلاف فيه ومن اعترف لامرأة أن هذا
ابنه منها لزمه لها مهر مثلها لأنه الظاهر
قاله في الترغيب.
(1/350)
5-
باب وليمة العرس
أصل الوليمة: تمام الشئ واجتماعه ثم نقلت
لطعام العرس خاصة لاجتماع الرجل والمرأة "تسن"
الوليمة بعقد "بشاة فأقل" من شاة لقوله صلى
الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف حين قال له:
تزوجت "أولم ولو بشاة" وأولم النبي صلى الله
عليه وسلم على صفية بحيس وضعه على نطع صغير
كما في الصحيحين عن أنس لكن قال جمع: يستحب أن
لا تنقص عن شاة.
"وتجب في أول مرة" أي في اليوم الأول "إجابة
مسلم يحرم هجره" بخلاف نحو رافضي متجاهر
بمعصية إن دعاه "إليها" أي إلى الوليمة "إن
عينه" الداعي "ولم يكن ثم" أي في محل الوليمة
"منكر" لحديث أبي هريرة يرفعه: "شر الطعام
طعام الوليمة يمنعها من يأتيها ويدعى إليها من
يأباها ومن لا يجيب فقد عصى الله ورسوله" رواه
مسلم. فإن دعاه
(1/350)
الجفلى" - بفتح
الفاء - كقوله: يا أيها الناس هلموا إلى
الطعام لم تجب الإجابة أو دعاه "في اليوم
الثالث" كرهت إجابته لقوله صلى الله عليه
وسلم: "الوليمة أول يوم حق والثاني معروف
والثالث رياء رسمعة" رواه أبو داود وغيره.
وتسن في ثاني يوم لذلك الخبر "أو دعاه ذمي" أو
من في ماله حرام "كرهت الإجابة" لأن المطلوب
إذلال أهل الذمة والتباعد عن الشبهة وما فيه
الحرام لئلا يواقعه وسائر الدعوات مباحة غير
عقيقة فتسن ومأتم فتكره والإجابة إلى غير
الوليمة مستحبة غير مأتم فتكره "ومن صومه
واجب" كنذر وقضاء رمضان إذا دعي للوليمة حضر
وجوبا و " دعا" استحبابا "وانصرف" لحديث أبي
هريرة يرفعه: "إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان
صائما فليدع وأن كان مفطرا فليطعم" رواه أبو
داود "و" الصائم "المتنفل" إذا دعي أجاب و
"يفطر إن جبر" قلب أخيه المسلم وأدخل عليه
السرور لقوله صلى الله عليه وسلم لرجل اعتزل
عن القوم ناحية وقال: إني صائم: "دعاكم أخوكم
وتكلف لكم كل ثم صم يوما مكانه إن شئت" "ولا
يجب" على من حضر "الأكل" ولو مفطرا لقوله صلى
الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم فليجب فإن شاء
أكل وإن شاء ترك" قال في شرح المقنع: حديث
صحيح.
ويستحب الأكل لما تقدم "وإباحته" أي إباحة
الأكل "متوقفة على صريح إذن أو قرينة" ولو من
بيت قريب أو صديق لم يحرزه عنه لحديث ابن عمر:
"من دخل على غير دعوة دخل سارقا وخرج مغيرا"
والدعاء إلى الوليمة وتقديم الطعام إذن فيه
ولا يملكه من قدم إليه بل يهلك على ملك صاحبه.
وإن علم المدعو أن ثم أي في الوليمة "منكرا"
كزمر وخمر وآلات لهو وفرش حرير ونحوها فإن كان
"يقدر على تغييره حضر وغيره" لأنه يؤدي بذلك
فرضين إجابة الدعوة وإزالة المنكر "وإلا" يقدر
على تغييره "أبى" الحضور لحديث عمر مرفوعا:
"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على
مائدة يدار عليها الخمر" رواه الترمذي "وإن
حضر" من غير علم بالمنكر "ثم علم به أزاله"
لوجوبه عليه ويجلس بعد ذلك " فإن دام" المنكر
"لعجزه" أي المدعو "عنه انصرف" لئلا يكون
قاصدا لرؤيته وسماعه "وإن علم" المدعو " به"
أي بالمنكر ولم يره "ولم يسمعه خير" بين
الجلوس والأكل والانصراف لعدم وجوب الإنكار
حينئذ.
"وكره النثار والتقاطه" لما يحصل فيه من
النهبة والتزاحم وأخذه على هذا الوجه فيه
دناءة وسخف "ومن أخذه" أي أخذ شيئا كل من
النثار "أو وقع في حجره" منه شيء "ف" هو له
قصد تملكه أو لا لأنه قد حازه ومالكه قصد
تمليكه لمن حازه " ويسن إعلان النكاح" لقوله
صلى الله عليه وسلم: "أعلنوا النكاح" وفي لفظ:
"أظهروا النكاح" رواه ابن ماجة "و" يسن الدف
أي الضرب به إذا كان لا حلق به ولا صنوج "فيه"
أي في النكاح "للنساء" وكذا ختان
(1/351)
وقدوم غائب
وولادة وإملاك لقوله صلى الله عليه وسلم: "فصل
ما بين الحلال والحرام الصوت والدف في النكاح"
رواه النسائي. وتحرم كل ملهاة سوى الدف كمزمار
وطنبور وجنك وعود قال في المستوعب و الترغيب:
سواء استعمل لحزن أو سرور.
تتمة - في جمل من آداب الأكل والشرب:
تسن التسمية جهرا على أكل وشرب والحمد إذا فرغ
وأكله مما يليه بيمينه بثلاث أصابع وتخليل
ماعلق بأسنانه ومسح الصحفة وأكل ما تناثر وغض
طرفه عن جليسه وشربه ثلاثا مصا ويتنفس خارج
الإناء وكره شربه من فم سقاء وفي أثناء طعام
بلا عادة وإذا شرب ناوله الأيمن ويسن غسل يديه
قبل طعام متقدما به ربه وبعده متأخرا به ربه
وكره رد شيء من فمه إلى الإناء وأكله حارا أو
من وسط الصحفة أو أعلاها وفعله ما يستقذره من
غيره ومدح طعامه وتقويمه وعيب الطعام وقرانه
في تمر مطلقا1 وأن يفاجأ قوما عند وضع طعامهم
تعمدا وأكله كثيرا حيث يؤذيه أو قليلا بحيث
يضره.
ـــــــ
1 قران الطعام والتمر: أن يأكل الطعام التمر
معا في لقمة واحدة.
(1/352)
باب عشرة النساء
مدخل
...
6- باب عشرة النساء
العشرة - بكسر العين -: الاجتماع يقال لكل
جماعة: عشرة ومعشر. وهي هنا: ما يكون بين
الزوجين من الألفة والانضمام.
"ويلزم" كلا من "الزوجين العشرة" أي معاشرة
الآخر "بالمعروف" فلا يمطله بحقه ولا يتكره
لبذله ولايتبعه أذى ومنة لقوله تعالى:
{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} 1 وقوله:
{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ
بِالْمَعْرُوفِ} 2. وينبغي إمساكها مع كراهته
لها لقوله تعالى: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ
فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ
اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} 3 قال ابن
عباس: ربما رزق منها ولدا فجعل الله فيه خيرا
كثيرا
"ويحرم مطل كل واحد" من الزوجين "بما يلزمه"
للزوج "الأخر والتكره لبذله" أي بذل الواجب
لما تقدم.
"وإذا تم العقد لزم تسليم" الزوجة "الحرة التي
يوطأ مثلها" وهي بنت تسع ولو كانت
ـــــــ
1 سورة النساء من الآية "19".
2 سورة البقرة من الآية "228".
3 سورة النساء من الآية "19".
(1/352)
نضوة الخلقة
ويستمتع بمن يخشى عليها كحائض "في بيت الزوج"
متعلق يتسليم "إن طلبه" أي طلب الزوج تسليمها
"ولم تشترط" في العقد "دارها أو بلدها" فإن
اشترطت عمل بالشرط لما تقدم ولا يلزم ابتداء
تسليم محرمة ومريضة وصغيرة وحائض ولو قال: لا
أطأ وإن أنكر أن وطأه يؤذيها فعليها البينة "
وإذا استمهل أحدهما" أي طلب المهلة ليصلح أمره
"أمهل العادة وجوبا" طلبا لليسر والسهولة "لا
لعمل جهاز" - بفتح الجيم وكسرها - فلا تجب
المهلة له لكن في الغنية تستحب الإجابة لذلك
"ويجب تسليم الأمة" مع الإطلاق "ليلا" فقط
لأنه زمان الاستمتاع للزوج وللسيد استخدامها
نهارا لأنه زمن الخدمة وإن شرط تسليمها نهارا
أو بذله سيد وجب على الزوج تسلمها نهارا أيضا.
"ويياشرها" أي للزوج الاستمتاع بزوجته في قبل
ولو من جهة العجيزة "ما لم يضر بها" ،
"ويشغلها عن فرض" باستمتاعه ولو على تنور أو
ظهر قتب وله أي للزوج "السفر بالحرة" مع الأمن
لأنه صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا
يسافرون بنسائهم "ما لم تشترط ضده" أي أن لا
يسافر بها فيوفي لها بالشرط وإلا فلها الفسخ
كما تقدم والأمة المزوجة ليس لزوجها ولا سيدها
سفر بها بلا إذن الآخر ولا يلزم الزوج لو
بوأها سيدها مسكنا أن يأتيها فيه ولسيد سفر
بعبده المزوج واستخدامه نهارا.
"ويحرم وطؤها في الحيض" لقوله تعالى:
{فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ...}
1 الآية وكذا بعده قبل الغسل "و" في "الدبر"
لقوله صلى الله عليه وسلم : "إن الله لا
يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في أعجازهن"
رواه ابن ماجة
ويحرم عزل بلا إذن حرة أو سيد أمة "وله
إجبارها" أي للزوج إجبار زوجته "على غسل حيض"
ونفاس وجنابة إذا كانت مكلفة و غسل "نجاسة"
واجتناب محرمات وإزالة وسخ ودرن "وأخذ ما
تعافه النفس من شعر وغيره" كظفر ومنعها من أكل
ما له رائحة كريهة كبصل وكراث لأنه يمنع كمال
الاستمتاع وسواء كانت مسلمة أو ذمية ولا تجبر
على عجن أو خبز أو طبخ أو نحوه "ولا تجبر
الذمية على غسل الجنابة" في رواية والصحيح من
المذهب له إجبارها عليه كما في الإنصاف وغيره
وله منع ذمية من دخول بيعة وكنيسة وشرب ما
يسكرها لا ما دونه ولا تكره على إفساد صومها
أو صلاتها أو سبتها.
فصل
ويلزمه أي الزوج "أن يبيت عند الحرة ليلة من
أربع" ليال إذا طلبت أكثر لأن
ـــــــ
1 سورة البقرة من الآية "222".
(1/353)
أكثر ما يمكن
أن يجمع معها ثلاثا مثلها وهذا قضاء كعب بن
سوار عند عمر بن الخطاب واشتهر ولم ينكر وعند
الأمة ليلة من سبع لأن أكثر ما يجمع معها ثلاث
حرائر وهي على النصف "و" له "أن ينفرد إن
أراد" الانفراد "في الباقي" إذا لم يستغرق
زوجاته جميع الليالي فمن تحته حرة له الانفراد
في ثلاث ليال من كل أربع ومن تحته حرتان له أن
ينفرد في ليلتين وهكذا.
"ويلزمه الوطء إن قدر" عليه "كل ثلث سنة مرة"
بطلب الزوجة حرة كانت أو أمة مسلمة أو ذمية
لأن الله تعالى قدر ذلك بأربعة أشهر في حق
المؤلي فكذلك في حق غيره لأن اليمين لا توجب
ما حلف عليه فدل أن الوطء واجب بدونها "وإن
سافر فوق نصفها" أي نصف سنة في غير حج أو غزو
واجبين أو طلب رزق يحتاجه "وطلبت قدومه وقدر
لزمه" القدوم "فإن أبى أحدهما" أي الوطء في كل
ثلث سنة مرة أو القدوم إذا سافر فوق نصف سنة
وطلبته "فرق بينهما الحاكم" بطلبها وكذا إن
ترك المبيت كالمؤلي ولا يجوز الفسخ في ذلك كله
إلا بحكم حاكم لأنه مختلف فيه.
"وتسن التسمية عند الوطء وقول ما ورد" لحديث
ابن عباس مرفوعا: "لو أن أحدكم حين يأتي أهله
قال: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب
الشيطان ما رزقتنا فولد بينهما ولد لم يضره
الشيطان أبدا" متفق عليه
"ويكره" الوطء متجردين لنهيه صلى الله عليه
وسلم عنه في حديث عتبة بن عبد الله عند ابن
ماجة وتكره "كثرة الكلام" حالته لقوله صلى
الله عليه وسلم: "لا تكثروا الكلام عند مجامعة
النساء فإن منه يكون الخرس والفأفأة " " و"
يكره "النزع قبل فراغها" لقوله صلى الله عليه
وسلم: "ثم إذا قضى حاجته فلا يعجلها حتى تقضي
حاجتها" .
"و" يكره "الوطء بمرأى أحد" أو مسمعه أي بحيث
يراه أحد أو يسمعه غير طفل لا يعقل ولو رضيعا
"و" يكره "التحدث به" أي بما جرى بينهما لنهيه
صلى الله عليه وسلم عنه رواه أبو داود وغيره
وله الجمع بين وطء نسائه أو مع إمائه بغسل
واحد لقول أنس: سكبت لرسول الله صلى الله عليه
وسلم من نسائه غسلا واحدا في ليلة واحدة.
"ويحرم جمع زوجتيه في مسكن واحد1 بغير رضاهما"
لأن عليهما ضررا في ذلك لما بينهما من الغبرة
واجتماعهما يثير الخصومة.
"وله منعها" أي منع زوجته "من الخروج من
منزله" ولو لزيارة أبويها أو عيادتهما أو حضور
جنازة أحدهما ويحرم عليها الخروج بلا إذنه
لغير ضرورة "ويستحب إذنه" أي إذن الزوج لها في
الخروج " إن تمرض محرمه" كأخيها وعمها أو مات
لتعوده "وتشهد جنازته" لما
ـــــــ
1 أي في غرفة واحدة.
(1/354)
في ذلك من صلة
الرحم وعدم إذنه يكون حاملا لها على مخالفته
وليس له منعها من كلام أبويها ولا منعهما من
زيارتها "وله منعها من إجارة نفسها" لأنه يفوت
بها حقه فلا تصح إجارتها نفسها إلا بإذنه وإن
أجرت نفسها قبل النكاح صحت ولزمت "و" له منعها
"من إرضاع ولدها من غيره إلا لضرورته" أي
ضرورة الولد بأن لم يقبل ثدي غيرها فليس له
منعها إذا لما فيه إهلاك نفس معصومة وللزوج
الوطء مطلقا ولو أضر بمستأجر أو مرتضع.
(1/355)
فصل في القسم
"و" يجب "عليه" أي على الزوج "أن يساوى يين
زوجاته في القسم" لقوله تعالى:
{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} 1 وتمييز
إحداهما ميل2 ويكون ليلة وليلة إلا أن يرضين
بأكثر ولزوجة أمة مع حرة ليلة من ثلاث
"وعماده" أي القسم "الليل لمن معاشه النهار
والعكس بالعكس" فمن معيشته بليل كحارس يقسم
بين نسائه بالنهار ويكون النهار في حقه كالليل
في حق غيره وله أن يأتيهن وأن يدعوهن إلى محله
وأن يأتي بعضا ويدعو بعضا إذا كان مسكن مثلها.
"ويقسم" وجوبا "لحائض و نفساء ومريضة ومعيبة"
بنحو جذام "ومجونة مأمونة" وغيرها كمن آلى و
ظاهر منها ورتقاء ومحرمة ومميزة لأن القصد
السكن والأنس وهو حاصل بالمبيت عندها وليس له
بداءة في قسم ولا سفر بإحداهن بلا قرعة إلا
برضاهن.
"وإن سافرت زوجة بلا إذنه أو بإذنه في حاجتها
أو أبت السفر معه أو" أبت "المبيت عنده في
فراشه فلا قسم لها ولا نفقة" لأنها عاصية
كالناشز وأما من سافرت لحاجتها ولو بإذنه
فلتعذر الاستمتاع من جهتها ويحرم أن يدخل إلى
غير ذات ليلة فيها إلا لضرورة وفي نهارها إلا
لحاجة فإن لبث أو جامع لزمه القضاء3.
"ومن وهبت قسمها لضرتها بإذنه" أي إذن الزوج
جاز "أو" وهبته "له فجعله لـ" زوجة "أخرى جاز"
لأن الحق في ذلك للزوج والواهبة وقد رضيا فإن
رجعت الواهبة "قسم لها مستقبلا" لصحة رجوعها
فيه لأنها هبة لم تقبض بخلاف الماضي فقد استقر
حكمه.
ـــــــ
1 سورة النساء من الآية "19".
2 أي هو تفضيل لها غير جائز.
3 أي أن يقسم بغيرها مثلها أو ينقص يوما من
أيامها خلال الشهر.
(1/355)
ولزوجة بذل قسم
ونفقة لزوج ليمسكها ويعود حقها برجوعها وتسن
تسوية زوج في وطء بين نسائه وفي قسم بين
إمائه.
"ولا قسم" واجب على سيد "لإمائه وأمهات
أولاده" لقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا
تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُكُمْ} 1 "بل يطأ" السيد "من شاء"
منهن "متى شاء" وعليه أن لا يعضلهن إن لم يرد
استمتاعا بهن.
"وإن تزوج بكرا" ومعه غيرها "أقام عندها سبعا"
ولو أمة "ثم دار" على نسائه "و" إن تزوج ثيبا
أقام عندها ثلاثا ثم دار لحديث أبي قلابة عن
أنس: من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام
عندها سبعا وقسم وإذا تزوج الثيب أقام عندها
ثلاثا ثم قسم قال أبو قلابة: لو شيءت لقلت: إن
أنسا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم رواه
الشيخان. "وإن أحبت" الثيب أن يقيم عندها
"سبعا فعل وقضى مثلهن" أي مثل السبع "للبواقي"
من ضراتها لحديث أم سلمة أن النبي صلى الله
عليه وسلم لما تزوجها أقام عندها ثلاثة أيام
وقال: "إنه ليس بك هوان على أهلك فإن شئت سبعت
لك وان سبعت لك سبعت لنسائي" رواه أحمد ومسلم
وغيرهما.
ـــــــ
1 سورة النساء من الآية "3".
(1/356)
فصل في النشوز
وهو معصيتها إياه فيم يجب عليها مأخوذ من
النشز وهو ما ارتفع من الأرض فكأنها ارتفعت
وتعالت عما فرض عليها من المعاشرة بالمعروف
فإذا ظهر منها أماراته بأن لا تجيبه إلى
الاستمتاع أو تجيبه متبرمة متثاقلة أو متكرهة
وعظها أي خوفها من الله تعالى وذكرها ما أوجب
الله عليها من الحق والطاعة وما يلحقها من
الإثم بالمخالفة فإن أصرت على النشوز بعد
وعظها هجرها في المضجع أي ترك مضاجعتها ما شاء
وهجرها في الكلام ثلاثة أيام فقط لحديث أبي
هريرة مرفوعا: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق
ثلاثة أيام" فإن أصرت بعد الهجر المذكور ضربها
ضربا غير مبرح أي شديد لقوله صلى الله عليه
وسلم : "لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم
يضاجعها في آخر اليوم" ولا يزيد على عشرة
أسواط لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يجلد
أحدكم فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله"
متفق عليه ويجتنب الوجه والمواضع المخوفة وله
تأديبها على ترك الفرائض وإن ادعى كل ظلم
صاحبه أسكنهما حاكم قرب ثقة يشرف عليهما
(1/356)
ويلزمهما لحق
فان تعذرا وتشاقا بعث الحاكم عدلين يعرفان
الجمع والتفريق والأولى من أهلهما يوكلانهما
في فعل الأصلح من جمع وتفريق بعوض أو دونه.
(1/357)
7-
باب الخلع
وهو فراق الزوجة بعوض1 بألفاظ مخصوصة سمي بذلك
لأن المرأة تخلع نفسها من الزوج كما تخلع
اللباس قال تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ
وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} 2.
"من صح تبرعه" وهو الحر الرشيد غير المحجور
عليه "من زوجة وأجنبي صح بذله لعوضه" ومن لا
فلا لأنه بذل مال في مقابلة ما ليس بمال ولا
منفعة فصار كالتبرع "فإذا كرهت" الزوجة "خلق
زوجها أو خلقه" أبيح الخلع والخلق - بفتح
الخاء -: صورته الظاهرة - وبضمها -: صورته
الباطنة "أو" كرهت "نقص دينه أو خافت إثما
بترك حقه أبيح الخلع" لقوله تعالى: {فَإِنْ
خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ
فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ
بِهِ} 3
وتسن إجابتها إذا لا مع محبته لها فيسن صبرها
وعدم افتدائها وإلا يكن حاجة إلى الخلع بل
بينهما الاستقامة "كره ووقع" لحديث ثوبان
مرفوعا: "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير
ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة" رواه الخمسة
غير النسائي "فإن عضلها ظلما للافتداء" أي
لتفتدي منه "ولم يكن" ذلك" لزناها أو نشوزها
أو تركها فرضا ففعلت" أي افتدت منه حرم ولم
يصح لقوله تعالى: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ
لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ
إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ
مُبَيِّنَةٍ} 4 فإن كان لزناها أو نشوزها أو
تركها فرضا جاز وصح لأنه ضرها بحق "أو خالعت
الصغيرة والمجنونة والسفيهة" ولو بإذن ولي
"أو" خالعت "الأمة بغير إذن سيدها لم يصح"
الخلع لخلوه عن بذل عوض ممن يصح تبرعه "ووقع
الطلاق رجعيا إن" لم يكن تمام عدده و كان
الخلع المذكور "بلفظ الطلاق أو نيته" لأنه لم
يستحق به عوضا فإن تجرد عن لفظ الطلاق ونيته
فلغو ويقبض عوض الخلع زوج رشيد ولو مكاتبا أو
محجورا عليه لفلس وولي الصغير ونحوه ويصح
الخلع ممن يصح طلاقه.
ـــــــ
1 أي بتعويض تؤديه المرأة إلى الرجل.
2 سورة البقرة من الآية "187".
3 سورة البقرة من الآية "229".
4 سورة النساء من الآية "19".
(1/357)
فصل
"والخلع بلفظ صريح الطلاق أو كنايته" أي كناية
الطلاق "وقصده" به الطلاق "طلاق بائن" لأنها
بذلت العوض لتملك نفسها وأجابها لسؤالها "وإن
وقع" الخلع "بلفظ الخلع أو الفسخ أو الفداء"
بأن قال: خلعت أو فسخت أو فاديت "ولم ينوه
طلاقا كان فسخا لا ينقص عدد الطلاق" روي عن
ابن عباس واحتج بقوله تعالى: {الطَّلاقُ
مَرَّتَانِ} ثم قال: {فَلا جُنَاحَ
عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}1 ثم قال:
{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ
بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} 2
فذكر تطليقتين والخلع وتطليقة بعدهما فلو كان
الخلع طلاقا لكان رابعا وكنايات الخلع: باريتك
وأبرأتك وأبنتك لا يقع بها إلا بنية أو قرينة
كسؤال وبذل عوض ويصح بكل لغة من أهلها لا
معلقا
"ولا يقع بمعتدة من خلع طلاق ولو واجهها"
الزوج "به" روي عن ابن عباس وابن الزبير ولأنه
لا يملك بعضها فلم يلحقها طلاقه كالأجنبية.
"ولا يصح شرط الرجعة فيه" أي في الخلع ولا شرط
خيار ويصح الخلع فيهما " وإن خالعها بغير عوض"
لم يصح لأنه لا يملك فسخ النكاح لغير مقتض
يبيحه أو خالعها "بمحرم" يعلمانه كخمر وخنزير
ومغصوب "لم يصح" الخلع ويكون لغوا لخلوه عن
العوض.
"ويقع الطلاق" المسؤول على ذلك " رجعيا إن كان
بلفظ الطلاق أو نيته" لخلوه عن العوض وإن
خالعها على عبد فبان حرا أو مستحقا صح الخلع
وله قيمته ويصح على رضاع ولده ولو أطلقا
وينصرف إلى حولين أو تتمتها فإن مات رجع ببقية
المدة يوما فيوما وما صح مهرا من عين مالية
ومنفعة مباحة "صح الخلع به" لعموم قوله تعالى:
{ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ
بِهِ} 3.
"ويكره" خلعها "بأكثر مما أعطاها" لقوله صلى
الله عليه وسلم في حديث جميلة: "ولا تزداد"
ويصح الخلع إذا لقوله تعالى: {فَلا جُنَاحَ
عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}. "وإن
خالعت حامل بنفقة عدتها صح" ولو قلنا النفقة
للحمل لأنها في التحقيق في حكم المالكة لها
مدة الحمل "ويصح" الخلع "بالمجهول كالوصية"
ولأنه إسقاط لحقه من البضع وليس بتمليك شيء
والإسقاط يدخله المسامحة "فإن خالعته على حمل
شجرتها أو" حمل "أمتها أو ما في يدها أو بيتها
من دراهم أو متاع أو على عبد" مطلق ونحوه "صح"
الخلع وله ما يحصل وما في بيتها أو يدها "وله
مع عدم
ـــــــ
1 سورة البقرة من الآية "229".
2 سورة البقرة من الآية "230".
3 سورة البقرة من الآية "229".
(1/358)
الحمل" فيما
إذا خالعها على نحو حمل شجرتها "و" مع عدم
"متاع" فيما إذا خالعها على ما في بيتها من
المتاع "و" مع عدم "العبد" لو خالعها على ما
في بيتها من عبد " أقل مسماه" أي أقل ما يطلق
عليه الاسم من هذه الأشياء لصدق الاسم به وكذا
لو خالعها على عبد مبهم أو نحوه له أقل ما
يتناوله الاسم "و" له "مع عدم الدراهم" فيما
إذا خالعها على ما بيدها من الدراهم "ثلاثة"
دراهم لأنها أقل الجمع.
فصل
"وإذا قال" الزوج لزوجته أو غيرها: "متى"
أعطيتني ألفا "أو إذا" أعطيتني ألفا "أو إن
أعطيتني ألفا فأنت طالق طلقت بائنا بعطيته"
الألف "وإن تراخى" الإعطاء لوجود المعلق عليه
ويملك الألف بالإعطاء وإن قال: إن أعطيتني هذا
العبد فأنت طالق فأعطته إياه طلقت ولا شيء له
إن خرج معيبا وإن بان مستحق الدم فقتل فأرش
عيبه ومغصوبا أو حرا هو أو بعضه لم تطلق لعدم
صحة الإعطاء وإن قال: أنت طالق وعليك ألف أو
بألف ونحوه فقبلت بالمجلس بانت واستحقه وإلا
وقع رجعيا ولا ينقلب بائنا لو بذلته بعد "وإن
قالت: اخلعني على ألف أو" اخلعني "بألف أو"
اخلعني "ولك ألف" ففعل أي خلعها - ولو لم يذكر
الألف - "بانت واستحقها" من غالب نقد البلد إن
أجابها على الفور لأن السؤال كالمعاد في
الجواب و إن قالت: "طلقني واحدة بألف فطلقها
ثلاثا استحقها" لأنه أوقع ما استدعته وزيادة
"وعكسه بعكسه" فلو قالت: طلقني ثلاثا بألف
فطلق أقل منها لم يستحق شيئا لأنه لم يجبها
لما بذلت العوض في مقابلته إلا في واحدة بقيت
من الثلاث فيستحق الألف ولو لم تعلم ذلك لأنها
كملت وحصلت ما يحصل به الثلاث من البينونة
والتحريم حتى تنكح زوجا غيره.
"وليس للأب خلع زوجة ابنه الصغير أو المجنون
ولا طلاقها" لحديث: "إنما الطلاق لمن أخذ
بالساق" رواه ابن ماجة والدارقطني "ولا" للأب
"خلع ابنته الصغيرة بشئ من مالها" لأنه لاحظ
لها في ذلك وهو بذل للمال في غير مقابلة عوض
مالي فهو كالتبرع وإن بذل العوض من ماله صح
كالأجنبي ويحرم خلع الحيلة ولا يصح "ولا يسقط
الخلع غيره من الحقوق" فلو خالعته على شيء لم
يسقط مالها من حقوق زوجية وغيرها بسكوت عنها
وكذا لو خالعته ببعض ما عليه لم يسقط الباقي
كسائر الحقوق "وإن علق طلاقها بصفة" كدخول "
الدار ثم أبانها فوجدت الصفة" حال بينونتها
"ثم نكحها" أي عقد عليها بعد وجود الصفة
"فوجدت" الصفة "بعده" أي
(1/359)
بعد النكاح
"طلقت" وكذا لو حلف بالطلاق ثم بانت ثم عادت
الزوجية ووجد المحلوف عليه فتطلق لوجود الصفة
ولا تنحل بفعلها حال البينونة ولو كانت الأداة
لا تقتضي تكرار لأنها لا تنحل إلا على وجه
يحنث به لأن اليمين حل وعقد والعقد يفتقر إلى
الملك فكذا الحل والحنث لا يحصل بفعل الصفة
حال البينونة فلا تنحل اليمين به "كعتق" فلو
علق عتق قنه على صفة ثم باعه فوجدت ثم ملكه ثم
وجدت عتق لما سبق "وإلا" توجد الصفة بعد
النكاح والملك "فلا" طلاق ولا عتق بالصفة حال
البينونة وزوال الملك لأنهما إذا ليسا محلا
للوقوع.
(1/360)
|