العدة شرح العمدة

كتاب الفرائض وهي قسمة الميراث، والوارث ثلاثة أقسام: ذو فرض، وعصبة، وذو رحم، فذو الفرض عشرة: الزوجان، والأبوان، والجد، والجدة، والبنات، وبنات الابن، والأخوات، والإخوة من الأم، فللزوج النصف إذا لم يكن للميتة ولد، فإن كان لها ولد فله الربع، ولها الربع واحدة كانت أو أربعا، إذا لم يكن له ولد، فإن كان له ولد فلهن الثمن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
[كتاب الفرائض]
وروى أبو هريرة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «تعلموا الفرائض فإنها من دينكم، وهي أول ما ينسى» رواه ابن ماجه، ولفظه: «تعلموا الفرض وعلموه فإنه نصف العلم، وهو ينسى، وهو أول شيء ينزع من أمتي» . وعن عبد الله أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «تعلموا الفرائض وعلموها الناس، فإني امرؤ مقبوض، وإن العلم سيقبض حتى يختلف الرجلان في الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما» (رواه الدارقطني) وقال عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إذا تحدثتم فتحدثوا بالفرائض، وإذا لهوتم فالهوا بالرمي. والأصل في الفرائض ثلاث آيات في سورة النساء: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] والآية التي في آخرها ومعناها (قسمة المواريث. والوارث ثلاثة أقسام: ذو فرض، وعصبة، وذو رحم. فذو الفرض عشرة: الزوجان، والأبوان، والجد، والجدة، والبنات، وبنات الابن، والأخوات، والإخوة من الأم. فللزوج النصف إذا لم يكن للميتة ولد، فإن كان لها ولد) أو ولد ابن (فله الربع، ولها الربع واحدة كانت أو أربعًا إذا لم يكن له ولد) أو ولد ابن، (فإن كان له معهن ولد فلهن الثمن) الواحدة والأربع سواء بإجماع من أهل العلم. والأصل فيه قوله سبحانه: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12]

(1/337)


فصل: وللأب ثلاثة أحوال: حال له السدس وهي مع ذكور الولد، وحال يكون عصبة وهي مع عدم الولد، وحال له الأمران مع إناث الولد
فصل: والجد كالأب في أحواله وله حال رابع وهو مع الإخوة والأخوات للأبوين أو للأب فله الأحظ من مقاسمتهم كأخ أو ثلث جميع المال
(1) فإن كان معهم ذو المال
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
وإنما جعل للجماعة مثل ما للواحدة لأنه لو جعل لكل واحدة الربع وهن أربع لأخذن جميع المال وزاد فرضهن على فرضي الزوج.

[فصل في أحوال الأب في الميراث]
فصل: (وللأب ثلاثة أحوال: حال له السدس، وهو مع ذكور الولد) لقوله سبحانه: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11] (وحال يكون عصبة، وهي مع عدم الولد) لقوله سبحانه: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11] أضاف المال إليهما ثم جعل للأم الثلث فكان الباقي للأب. (وحال له الأمران) يعني يجتمع له الفرض والتعصيب، (وهي مع إناث الولد) أو ولد الابن فله السدس لقوله: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11] ولهذا كان للأم السدس مع البنت بإجماع، ثم يأخذ "الأب" ما بقي بالتعصيب، لما روى ابن عباس قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر» متفق عليه، والأب أولى رجل ذكر بعد الابن وابنه، وأجمع أهل العلم على هذا فليس فيه اختلاف نعلمه.

(فصل: والجد كالأب في أحواله) يعني الجد أبا الأب، لأنه بمنزلة الأب (وله حال رابع وهو مع الإخوة والأخوات للأبوين أو للأب فله الأحظ من مقاسمتهم كأخ أو ثلث جميع المال) وهذا مذهب زيد بن ثابت - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فعلى هذا إن كان الإخوة اثنين أو أربع أخوات أو أخًا أو أختين فالثلث والمقاسمة سواء، فأعطه ما شئت منهما، وإن نقصوا عن ذلك فالمقاسمة أحظ له فقاسم به، وإن زادوا فالثلث خير له فأعطه إياه، وسواء كانوا من أب أو أبوين.

مسألة 1: (فإن كان معهم ذو فرض أخذ فرضه، ثم كان للجد الأحظ من المقاسمة أو ثلث

(1/338)


(2) وولد الأبوين كولد الأب في هذا إذا انفردوا، فإن اجتمعوا عادّوا ولد الأبوين الجد بولد الأب ثم أخذوا ما حصل لهم، إلا أن يكون ولد الأبوين مع أختا واحدة فتأخذ النصف وما فضل فلولد الأب
(3) فإن لم يفضل عن الفرض إلا السدس أخذه الجد وسقط الإخوة إلا في الأكدرية، وهي زوج وأم وأخت وجد، فإن للزوج النصف، وللأم الثلث، وللجد السدس، وللأخت النصف، ثم يقسم نصف الأخت وسدس الجد بينهما على ثلاثة فتصح من سبعة وعشرين، ولا يعول من مسائل الجد سواها ولا يفرض لأخت مع جد في غيرها
(4) ولو لم يكن فيها زوج كان للأم الثلث والباقي بين الأخت والجد على ثلاثة، وتسمى الخرقاء لكثرة اختلاف الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فيها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
الباقي أو سدس جميع المال) أما كونه لا ينقص عن سدس جميع المال فلأنه لا ينقص عن ذلك مع الولد الذي هو أقوى، فمع غيره أولى. وأما إعطاء ثلث الباقي إذا كان أحظ له فلأن له الثلث مع عدم الفروض، فما أخذ بالفرض فكأنه ذهب من المال فصار ثلث الباقي بمنزلة جميع المال. وأما المقاسمة فهي له مع عدم الفروض، فكذلك مع وجودها، فعلى هذا متى زاد الإخوة عن اثنين أو من يعدلهم من الإناث فلا حظ له في المقاسمة، ومتى نقصوا عن ذلك فلا حظ له في ثلث ما بقي، ومتى زادت الفروض عن النصف فلا حظ له في ثلث ما بقي، وإن نقصت عن النصف فلا حظ له في السدس.

مسألة 2: (وولد الأبوين كولد الأب في هذا إذا انفردوا، فإن اجتمعوا عادّوا ولد الأبوين الجد بولد الأب، ثم أخذوا ما حصل لهم، إلا أن يكون ولد الأبوين أختًا واحدة فتأخذ منهم تمام نصف المال، ثم ما فضل فهو لهم) ولا يمكن أن يفضل لهم أكثر من السدس لأن أولى ما للجد الثلث وللأخت النصف فالباقي بعدهما هو السدس.

مسألة 3: (وإن لم يفضل عن الفرض إلا السدس أخذه الجد وسقط الإخوة إلا في الأكدرية، وهي: زوج وأم وأخت وجد، فللزوج النصف وللأم الثلث وللجد السدس وللأخت النصف، ثم يقسم نصف الأخت وسدس الجد بينهما على ثلاثة فتصح من سبعة وعشرين، ولا يعول من مسائل الجد سواها، ولا يفرض لأخت مع جد في غيرها) .

مسألة 4: (وإن لم يكن فيها زوج كان للأم الثلث، والباقي بين الأخت والجد على ثلاثة، وتسمى الخرقاء لكثرة اختلاف الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فيها) وكان الأقوال: خرقها الصديق ومن

(1/339)


(5) ولو كان معهم أخ أو أخت لأب صحت من أربعة وخمسين، وتسمى مختصرة زيد
(6) فإن كان معهم أخ آخر من أب صحت من تسعين وتسمى تسعينية زيد
(7) ولا خلاف في إسقاط الإخوة من الأم وبني الإخوة.
فصل: وللأم أربعة أحوال: حال لها السدس وهي مع الولد أو الاثنين فصاعدا من
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
وافقه: تسقط الأخت. وقول زيد وموافقيه: للأم الثلث والباقي بين الجد والأخت على ثلاثة وتصح من تسعة. وقول علي: للأخت النصف وللأم الثلث وللجد السدس. وقول عثمان: المال بينهم أثلاثًا لكل واحد منهم ثلث. وعن عمر وعبد الله: للأخت النصف وللأم السدس والباقي الجد. وعن عبد الله رواية أخرى: للأخت النصف والباقي بين الجد والأم نصفان فتكون من أربعة، وهي إحدى مربعات ابن مسعود، وهي مثلثة عثمان.

مسألة 5: (ولو كان معهم أخ أو أخت لأب لصحت من أربعة وخمسين، وتسمى مختصرة زيد) وهي أن تكون أم وأخت لأبوين وأخ وأخت لأب وجد، فللأم السدس من ستة، يبقى خمسة للجد ثلثها، فتضرب المسألة في ثلاثة تكون ثمانية عشر: للأم ثلاثة وللجد خمسة وللأخت للأبوين تسعة ويبقى سهم للأخ وللأخت على ثلاثة فتصح من أربعة وخمسين، وتسمى مختصرة زيد لأنه لو قاسم الجد الأخ والأخت لانتقلت إلى ستة وثلاثين "يأخذ الجد عشرة والأم ستة والأخت للأبوين ثمانية عشر" ثم يبقى سهمان على ثلاثة لا تصح فتضربها في ستة وثلاثين تصير مائة وثمانية ثم ترجع بالاختصار إلى أربعة وخمسين، فلذلك سميت مختصرة زيد.

مسألة 6: (فإن كان معهم أخ آخر) أو أختان (من أب صحت من تسعين وتسمى تسعينية زيد) وهي أن تكون أم وأخت لأبوين وأخوات وأخت لأب وجد، أصلها من ستة، للأم سهم فيبقى خمسة، للجد ثلثها فتنتقل إلى ثمانية عشر، للأم ثلاثة وللجد خمسة وللأخت للأبوين تسعة، ويبقى سهم الأخوين والأخت من الأب على خمسة تضربها في ثمانية عشر تكن تسعين فلهذا سميت تسعينية زيد.

[فصل في أحوال الأم في الميراث]
مسألة 7: (ولا خلاف في إسقاط الأخوة من الأم وبني الأخوة) .
فصل: (وللأم أربعة أحوال: حال لها السدس وهي مع الولد أو الاثنين فصاعدًا من الإخوة والأخوات) لقوله سبحانه: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11]

(1/340)


الإخوة والأخوات وحال لها ثلث الباقي بعد فرض أحد الزوجين وهي مع الأب وأحد الزوجين، وحال لها ثلث المال وهي فيما عدا ذلك، وحال رابع وهي إذا كان ولدها منفيا باللعان أو كان ولد زنا فتكون عصبته، فإن لم تكن فعصبتها عصبة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
ثم قال: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11] (والحال الثاني لها ثلث الباقي بعد فرض أحد الزوجين وهي مع الأب وأحد الزوجين) وهي أن يكون زوج وأبوان أو زوجة وأبوان، قضى فيها عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بأن لها ثلث الباقي بعد فرض الزوجين، وتسمى العمريتين لذلك، واتبعه على ذلك عثمان وعبد الله بن مسعود وزيد، وروي ذلك عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. (الحال الثالث: لها ثلث المال وهي فيما عدا ذلك) يعني أن لها الثلث بشرطين: أحدهما: عدم الولد وولد الابن، والثاني: عدم الاثنين فصاعدًا من الإخوة والأخوات بغير خلاف نعلمه بين أهل العلم. (الحال الرابع: وهي إذا كان ولدها منفيًا باللعان أو ولد زنا فتكون عصبة له، فإن لم تكن فعصبتها عصبة) لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جعل ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها» رواه أبو داود. وروى واثلة بن الأسقع عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «تحوز المرأة ثلاثة مواريث: عتيقها، ولقيطها، وولدها الذي لاعنت عليه» رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، ولأنها قامت مقام أبيه في انتسابه إليها فقامت مقامه في حيازتها ميراثه، ولأن أقارب الأم قرنوا بها فلا يرثون معها كأقارب الأب معه، وعنه أن عصبته عصبة أمه، اختارها الخرقي، يروى ذلك عن علي وابن عباس وابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر» (رواه البخاري) وأولى الرجال به أقارب أمه، وعن عمر أنه ألحق ولد الملاعنة بعصبة أمه، وعن علي أنه لما رجم المرأة دعا أولياءها فقال: هذا ابنكم ترثونه ولا يرثكم، وإن جنى جناية فعليكم، حكاه أحمد عنه. ولأن الأم لو كانت عصبة كأبيه لحجبت إخوته، ولأنه لما كان مولاها مولى أولادها كذا يجب أن تكون عصبتها عصبتهم كالأب.

(1/341)


فصل: وللجدة - إذا لم تكن أم - السدس واحدة كانت أو أكثر إذا تحاذين
(8) فإن كان بعضهن أقرب من بعض فهو لقرباهن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
[فصل في ميراث الجدة]
(فصل: وللجدة - إذا لم تكن أم - السدس واحدة كانت أو أكثر إذا تحاذين) قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن للجدة السدس إذا لم يكن للميتة أم، وروى قبيصة بن ذؤيب قال: «جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق تطلب ميراثها فقال: ما لك في كتاب الله شيء، وما أعلم لك في سنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيئًا، ولكن ارجعي حتى أسأل الناس. فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أعطاها السدس، فقال: هل معك غيرك؟ فشهد لي محمد بن مسلمة، فأمضاه لها أبو بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. فلما كان عمر جاءت الجدة الأخرى فقال: ما لك في كتاب الله شيء، وما كان القضاء الذي قضى به أبو بكر إلا في غيرك، وما أنا بزائد في الفرائض شيئًا، ولكن هو ذلك السدس، فإن اجتمعتما فهو لكما، وأيكما خلت به فهو لها» . رواه مالك في موطئه وأبو داود وابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وقوله: واحدة كانت أو أكثر، يعني أن ميراثهن السدس وإن كثرن، وذلك إجماع منهم. ووجهه الحديث المذكور، وأن عمر شرك بينهما فيه. وروي نحوه عن أبي بكر. فروى سعيد: حدثنا سفيان وهشيم عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد قال: جاءت الجدتان إلى أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فأعطى أم الأم الميراث دون أم الأب، فقال له عبد الرحمن بن سهل بن حارثة - وكان شهد بدرًا -: يا خليفة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أعطيت التي إن ماتت لم يرثها ومنعت التي لو ماتت ورثها، فجعل أبو بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - السدس بينهما. وقوله: "إذا تحاذين" يعني إذا كانتا في القرب سواء، فلا خلاف بين أهل العلم فيما علمناه في توريثهما كأم الأم وأم الأب، وقد دل عليه ما تقدم من الحديث، مثال ذلك: أم أم وأم أب السدس بينهما إجماعًا، أم أم أم وأم أم أب وأم أبي أب وأم أبي أم السدس بين الثلاث الأوَل وسقطت الأخرى لأنها تدلي بغير وارث.

مسألة 8: (فإن كان بعضهن أقرب من بعض فهو لقرباهن) لأنها جدة قربى فتحجب

(1/342)


(9) وترث الجدة وابنها حي
(10) ولا يرث أكثر من ثلاث جدات: أم الأم، وأم الأب، وأم الجد)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
البعدى كالتي من قبل الأم، فإنه لا خلاف بينهم علمناه في أن الجدات إذا كان بعضهن أقرب من بعض وكانت إحداهما أم الأخرى أن الميراث للقربى، ولأن الجدات أمهات يرثن ميراثًا واحدًا من جهة واحدة، فإذا اجتمعن فالميراث لأقربهن كالآباء والأبناء والإخوة والبنات، وكل قبيل إذا اجتمعوا فالميراث لأقربهم. مسائل من ذلك: أم أم وأم أم أب المال للأولى لأنها أقرب، أم أب وأم أم أم المال للأولى في قول الخرقي، وفي الرواية الأخرى بينهما. أم أب وأم أم وأم جد المال للأوليين. أم أم وأم أب وأم أم أم وأم أبي أب المال للأوليين في قول الجميع.

مسألة 9: (وترث الجدة وابنها حي) وهو ظاهر مذهب الإمام أحمد، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وعنه لا ترث. ولا خلاف في توريثها مع ابنها إذا كان عمًا أو عم أب لأنها لا تدلي به. ووجه ذلك أنها تدلي به فلا ترث معه كأم الأم مع الأم، ودليل الرواية الأولى ما روى ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: «أول جدة أطعمها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السدس الجدة مع ابنها وابنها حي» أخرجه الترمذي، ورواه سعيد بن منصور، ولفظه: «إن أول جدة أطعمت السدس أم أب مع ابنها» ، ورواه الثوري وغيره عن أشعث عن ابن سيرين قال: «أول جدة أطعمها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أم أب مع ابنها» . مسائل من ذلك: أم أب وأب لها السدس والباقي له. وعلى الرواية الأخرى المال له دونها. أم أم وأم أب وأب السدس بينهما، وعلى القول الآخر السدس لأم الأم والباقي للأب. ثلاث جدات متحاذيات وأب، السدس بينهن على الأولى، وهو لأم أم الأم على الصحيح من القول الثاني، وعلى الوجه الآخر لأم أم الأم ثلث السدس والباقي للأب.

مسألة 10: (ولا يرث أكثر من ثلاث جدات) : " ولا يرث أكثر من ثلاث جدات " "متحاذيات" (أم أم وأم أب وأم جد) وروى ابن عبد البر بإسناده حديثًا عن ابن عيينة عن منصور عن إبراهيم: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورث ثلاث جدات، ثنتين من قبل الأب وواحدة من

(1/343)


(11) ومن كان من أمهاتهن وإن علون
(12) ولا ترث جدة تدلي بأب بين أمين، ولا بأب أعلى من الجد
(13) فإن خلف جدتي أمه وجدتي أبيه سقطت أم أبي أمه والميراث للثلاث الباقيات
(فصل: وللبنت النصف)
(14) وللبنتين فصاعدا الثلثان
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
قبل الأم» . وأخرجه الدارقطني وسعيد بن منصور. وروي عن ابن عباس أنه ورث الجدات وإن كثرن إذا كن في درجة واحدة إلا من أدلت باب غير وارث كأم أب الأم، ويحتمله كلام الخرقي، لأنه سمى ثلاث جدات متحاذيات، ثم قال: وإن كثرن فعلى ذلك. واحتجوا بأن هذه الزائدة جدة أدلت بوارث فوجب أن ترث كالثلاث. مسائل من ذلك: أم أم وأم أب السدس بينهما إجماعًا، أم أم أم وأم أم أب وأم أبي أب وأم أبي أم، السدس للثلاث الأول. أم أم أم أم وأم أم أم أب وأم أم أبي أب وأم أبي أب أب أبي وأم أم أبي أم وأم أبي أم أم وأم أبي أب وأم أبي أم أم أب، السدس للثلاث الأول عند الإمام أحمد والأربع عند آخرين، ولا يرث من قبل الأم إلا واحدة، ولا يرث من قبل الأب إلا اثنتان.

مسألة 11: (ومن كان من أمهاتهن وإن علون) يرثن للخبر.

مسألة 12: (ولا ترث جدة تدلي باب بين أمين) لأنه أب غير وارث (ولا ترث جدة تدلي باب أعلى من الجد) للخبر الذي رواه ابن عبد البر عن إبراهيم.

مسألة 13: (فإذا خلف جدتي أمه وجدتي أبيه سقطت أم أبي أمه) لأنها أدلت باب غير وارث وإنما هو من ذوي الأرحام (والميراث للثلاث الباقيات) لما سبق.

[فصل في ميراث البنت]
(فصل: وللبنت النصف) إجماعًا إذا انفردت لقوله سبحانه: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: 11] وقضى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بنت وبنت ابن وأخت، للبنت النصف.

مسألة 14: (وللابنتين فصاعدًا الثلثان) أجمعوا على ذلك سوى رواية شاذة عن ابن عباس أن فرضهما النصف، والصحيح الأول وإن كثرن، لقوله سبحانه: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11] و "فوق" زائدة كقوله سبحانه: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ} [الأنفال: 12] وذلك أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما نزلت هذه الآية أرسل إلى أخي سعد بن الربيع فقال: أعط ابنتي سعد

(1/344)


(15) وبنات الابن بمنزلتهن إذا عدمن، فإن اجتمعن سقط بنات الابن إلا أن يكون معهن أو نزل منهن ذكر فيعصبهن فيما بقي
(16) وإن كانت بنت واحدة وبنات ابن فللبنت النصف ولبنات الابن - واحدة كانت أو أكثر من ذلك- السدس تكملة الثلثين إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
الثلثين وأمهما الثمن وما بقي فهو لك. وهذا تفسير الآية وتبيين لمعناها. وقال سبحانه في الأخوات: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} [النساء: 176] فالبنتان أولى.

مسألة 15: (وبنات الابن بمنزلتهن إذا عدمن) أجمعوا على ذلك في إرثهن وحجبهن لمن تحجبه البنات وجعل الأخوات معهن عصبة، وإذا استكملن الثلثين سقط من أسفل منهن إلا أن يكون معهن ذكر، والأصل قوله سبحانه: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] وولد البنين أولاد، قال سبحانه: {يَا بَنِي آدَمَ - يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة: 26 - 40] . (فإن اجتمعن سقط بنات الابن إلا أن يكون معهن أو أنزل منهن ذكر فيعصبهن فيما بقي) أجمع أهل العلم على أن بنات الصلب متى استكملن الثلثين سقط بنات الابن ما لم يكن بإزائهن أو أسفل منهن ذكر فيعصبهن، والأصل في ذلك أن الله سبحانه لم يفرض للأولاد إذا كن نساء إلا الثلثين، وهؤلاء لم يخرجن عن كونهن أولادًا نساء، وقد ذهب الثلثان لولد الصلب فلم يبق لهن شيء، ولا يمكن أن يشاركن بنات الصلب لأنهن دون درجتهن. فإن كان مع بنات الابن ابن في درجتهن كأخيهن أو ابن عمهن أو أنزل منهن كابن أخيهن أو ابن ابن عمهن عصبهن في الباقي فكان بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين لقوله سبحانه: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] فهؤلاء قد دخلوا في عموم هذا اللفظ ولهذا تناولهم الاسم لو لم يكن بنات، وإن كل ذكر وأنثى يقتسمان المال إذا لم يكن معهم ذو فرض وجب أن يقتسما الفاضل عنه كالابن والبنت للصلب.

مسألة 16: (وإن كانت بنت واحدة وبنات ابن فللبنت النصف ولبنات الابن - واحدة كانت أو أكثر من ذلك- السدس تكملة الثلثين إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي) أما كونها إذا كانت واحدة فلها النصف فمجمع عليه لقوله سبحانه: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: 11] ، وأما إذا كان مع البنت الواحدة بنت ابن أو بنات ابن فلهن السدس فلأن الله

(1/345)


فصل: (17) والأخوات من الأبوين كالبنات في فرضهن
والأخوات من الأب معهن كبنات الابن مع البنات، سواء ولا يعصبهن إلا أخوهن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
سبحانه قال: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: 11] ففرض للبنات كلهن الثلثين، وبنات الصلب وبنات الابن نساء من الأولاد فكان لهن الثلثان بفرض الكتاب، واختصت بنت الصلب بالنصف لأنه مفروض لها والاسم متناول لها حقيقة، فيبقى لبنت الابن تمام الثلثين، فلهذا قال الفقهاء: يكملن الثلثين، وهذا مجمع عليه أيضًا. وروى هزيل بن شرحبيل الأزدي قال: «سأل أبو موسى عن ابنة وابنة ابن وأخت فقال: للابنة النصف وما بقي فللأخت. فأتى ابن مسعود فسأله وأخبره بقول أبي موسى فقال: لقد ضللت إذًا وما أنا من المهتدين، ولكن أقضي فيها بقضاء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: للابنة النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت. فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود، فقال: لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحبر فيكم» . متفق عليه بنحو من هذا المعنى. قال: إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن، وهذا متفق عليه أيضًا لم يخالف فيه إلا ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فقال: لبنات الابن الأضر بهن من المقاسمة أو السدس، فإن كان السدس أقل من الحاصل لهن بالمقاسمة فلهن السدس، وإن كانت المقاسمة أضر بهن وأقل من السدس فلهن المقاسمة. ولنا أنه يقاسمهما لو لم يكن غيرهما فيقاسمهما، وإن كان معهن بنت الصلب كما لو كانت المقاسمة أضر عليهن.

[فصل في ميراث الأخت الشقيقة]
فصل: (والأخوات للأبوين كالبنات في فرضهن) يعني للواحدة النصف إذا انفردت وللاثنتين فصاعدًا الثلثان، لقوله سبحانه: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} [النساء: 176] .

مسألة 17: (والأخوات من الأب معهن كبنات الابن مع البنات سواء) لأنهن في معناهن، فإن الله سبحانه فرض للأخوات كما فرض للبنات: للواحدة النصف، وللاثنتين الثلثان، والمراد بالآية ولد الأبوين أو ولد الأب بإجماع أهل العلم، وأما سقوط الأخوات من الأب باستكمال الأخوات من الأبوين الثلثين فلأن الله سبحانه إنما فرض للأخوات الثلثين، فإذا أخذه ولد الأبوين لم يبق مما فرض الله سبحانه للأخوات شيء يستحقه ولد

(1/346)


(18) والأخوات مع البنات عصبة لهن ما فضل وليست لهن معهن فريضة مسماة «لقول ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في بنت وبنت ابن وأخت: أقضي فيها بقضاء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للبنت النصف، ولبنت الابن السدس، وما بقي فللأخت»
فصل: والإخوة والأخوات من الأم ذكرهم وإناثهم، لواحدهم السدس وللاثنين السدسان، فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
الأب، فإن كانت واحدة من أبوين فلها النصف كالبنت الواحدة بنص الكتاب، ويبقى من الثلثين المفروضة للأخوات سدس يكمل به الثلثان فيكون للأخوات من الأب كبنات الابن مع البنات من الصلب، ولذلك قال الفقهاء: تكملة الثلثين، فإن كان ولد الأب ذكورًا أو إناثًا فالباقي بينهم، لقوله سبحانه: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 176] ولا يفارق ولد الأب مع ولد الأبوين ولد الصلب إلا في أن بنت الابن يعصبها ابن أخيها ومن هو أنزل منها، والأخت من الأب لا يعصبها إلا أخوها.

مسألة 18: (والأخوات مع البنات عصبة كالإخوة لهن ما فضل وليست لهن معهن فريضة مسماة) لقوله سبحانه: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] فشرط في فرضها عدم الولد، فاقتضى أن لا يفرض لها مع وجوده، ولما سبق من حديث الهزيل وهي فتيا ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - التي قضى فيها بقضاء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، متفق عليه بمعناه.

[فصل في ميراث الأخوة لأم]
فصل: (والإخوة والأخوات من الأم سواء ذكرهم وأنثاهم، لواحدهم السدس وللاثنين الثلث، فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث) لقوله سبحانه: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12] يعني ولد الأم بإجماع أهل العلم، وفي قراءة عبد الله " وله أخ أو أخت من أم ".

(1/347)


باب الحجب يسقط ولد الأبوين بثلاثة: بالابن، وابنه، والأب
(19) ويسقط ولد الأب بهؤلاء الثلاث، وبالأخ من الأبوين
(20) ويسقط ولد الأم بأربعة: بالولد ذكرا أو أنثى، وولد الابن، والأب، والجد
(21) ويسقط الجد بالأب، وكل جد بمن هو أقرب منه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
[باب الحجب]
(يسقط ولد الأبوين بثلاثة: بالابن، وابنه، والأب) لأن الله سبحانه شرط في توريثهم عدم الولد بقوله سبحانه: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] فلم يجعل لها مسمى مع الولد، وإنما أخذت الفاضل عن البنات، والابن لا يفضل عنه شيء فتسقط به، وكذلك ابنه لأنه ابن، ويسقطون بالأب لأنهم يدلون به، وكل من أدلى بشخص سقط به، إلا ولد الأم والجدة "الأم لا من" جهة الأب.

مسألة 19: (ويسقط ولد الأب بهؤلاء الثلاثة) لذلك (وبالأخ من الأبوين) لما روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أنه قضى بالدين قبل الوصية، وإن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات الرجل يرث أخاه لأبيه ولأمه دون أخيه لأمه» أخرجه الترمذي.

مسألة 20: (ويسقط ولد الأم بأربعة: بالولد ذكرًا كان أو أنثى، وولد الابن، والأب، والجد) لأن الله سبحانه شرط في توريثهم كون الموروث كلالة بقوله سبحانه: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: 12] والكلالة من لا ولد له في قول بعضهم، وفي قول: هو اسم لمن عدا الوالد والولد من الوارث، فيدل على أنهم لا يرثون مع والد ولا ولد.

مسألة 21: (ويسقط الجد بالأب، وكل جد بمن هو أقرب منه) لأنه يدلي به، كما تسقط الجدات بالأم لكونهن أمهات يدلين بها، ويسقط ولد الابن بالابن لأنه يدلي به إن

(1/348)


باب العصبات وهم كل ذكر يدلي بنفسه أو بذكر آخر، إلا الزوج والمعتقة وعصباتها، وأحقهم بالميراث أقربهم، وأقربهم الابن ثم ابنه وإن نزل، ثم الأب ثم أبوه وإن علا ما لم يكن إخوة، ثم بنو الأب ثم بنوهم وإن نزلوا، ثم بنو الجد ثم بنوهم، وعلى هذا لا يرث بنو أب أعلى مع بني أب أدنى منه وإن نزلوا
(22) وأولى كل بني أب أقربهم إليه
(23) فإن استوت درجاتهم فأولاهم من كان لأبوين
(24) وأربعة منهم يعصبون أخواتهم ويقتسمون ما ورثوا {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] وهم: الابن، وابنه، والأخ من الأبوين، أو من الأب)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
كان أباه، وإن كان عمه فهو أقرب منه فيكون أولى بالميراث لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما أبقت الفروض فلأولى رجل ذكر» .

[باب العصبات]
(وهم كل ذكر يدلي بنفسه أو بذكر آخر، إلا الزوج والمعتقة وعصباتها. وأحقهم بالميراث أقربهم) ويسقط به من بعده لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما أبقت الفروض فلأولى رجل ذكر» (وأقربهم الابن وابنه وإن نزل) لأن الله سبحانه بدأ بهم بقوله: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] والعرب تبدأ بالأهم فالأهم، (ثم الأب) لأن سائر العصبات يدلون به. (ثم الجد أبو الأب وإن علا ما لم يكن إخوة) فإن اجتمعوا فقد مضى ذكرهم في فصل أحوال الجد. (ثم بنو الأب) وهم الإخوة، (ثم بنوهم وإن نزلوا، ثم بنو الجد) وهم الأعمام (ثم بنوهم) وإن نزلوا، ثم بنو جد الأب وهم أعمام الأب، ثم بنوهم وإن نزلوا. (وكذلك أبدًا لا يرث بنو أب أعلى مع بني أب أقرب منه وإن نزلت درجتهم) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر» .

مسألة 22: (وأولى ولد كل أب أقربهم إليه) للخبر.

مسألة 23: (فإن استوت درجتهم فأولاهم من كان لأبوين) لحديث علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

مسألة 24: (وأربعة من الذكور يعصبون أخواتهم) فيمنعونهن الفرض (ويقتسمون

(1/349)


(25) ومن عداهم ينفرد الذكور بالميراث كبني الإخوة والأعمام وبنيهم
(26) وإذا انفرد العصبة ورث المال كله
(27) فإن كان معه ذو فرض بدأ به وكان الباقي للعصبة لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر» فإن استغرقت الفروض المال سقط العصبة، كزوج وأم وإخوة لأم وإخوة لأبوين فللزوج النصف، وللأم السدس، وللإخوة للأم الثلث، ويسقط الإخوة للأبوين، وتسمى المشتركة والحمارية
(28) ولو كان مكانهم أخوات لكان لهن الثلثان وتعول إلى عشرة وتسمى أم الفروخ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
ما ورثوا {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] وهم الابن، وابنه، والأخ من الأبوين، أو من الأب) ، لقوله سبحانه: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] وقوله سبحانه: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 176] .

مسألة 25: (ومن عدا هؤلاء من العصبات ينفرد الذكور بالميراث) دون الإناث (كبني الإخوة والأعمام وبنيهم) لأن أخواتهم من ذي الأرحام.

مسألة 26: (وإن انفرد العصبة ورث المال كله) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما أبقت الفروض فلأولى رجل ذكر» .

مسألة 27: (وإذا اجتمع ذو فرض وعصبة بدئ بذي الفرض فأخذ فرضه، وما بقي للعصبة) للخبر، (فإن استغرقت الفروض المال سقط العصبة كزوج وأم وإخوة لأم وإخوة لأب وأم أو لأب، فللزوج النصف، وللأم السدس، وللإخوة من الأم الثلث، وسقط الإخوة من الأبوين) لأنهم عصبة وقد تم المال بالفروض (وتسمى المشتركة) لأن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شرك بين ولد الأم وولد الأبوين في الثلث فقسم بينهم بالسوية (وتسمى الحمارية) لأنه قيل: هب أن أباهم كان حمارًا فما زادهم ذلك إلا قربًا، روي أن ذلك قيل لعمر بعدما أسقطهم فشرك بينهم.

مسألة 28: (ولو كان مكانهم أخوات كان لهن الثلثان وتعول إلى عشرة وتسمى أم الفروخ) لأنها عالت بثلثيها، وهي أن يكون زوج وأم وإخوة لأم وأخوات لأبوين أو لأب أصلها من ستة، فيكون للزوج النصف ثلاثة، وللأم سدس سهم، وللإخوة من الأم الثلث سهمان، وللأخوات الثلثان أربعة صارت عشرة.

(1/350)


وإذا كان الولد خنثى اعتبر بمباله، فإن بال من ذكره فهو رجل، وإن بال من فرجه فهو امرأة، وإن بال بينهما استويا فهو مشكل له نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى، وكذلك الحكم في ديته وجرحه وغيرهما، ولا ينكح بحال
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
[فصل في ميراث الخنثى]
فصل: (وإن كان الولد خنثى اعتبر بمباله) وينقسم إلى مشكل وغيره، فالذي تتبين فيه علامات الذكور أو علامات الإناث فيكشف حاله ويعلم أنه رجل أو امرأة ليس بمشكل، والذي لا علامة فيه مشكل فيعتبر بمباله، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الخنثى يورث من حيث يبول (إن بال من حيث يبول الرجل فهو رجل وإن بال من حيث تبول المرأة فهو امرأة) وفي حديث " عمر " عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يورث الخنثى من حيث يبول» ولأن خروج البول أعم العلامات لأنها توجد من الصغير والكبير، وسائر العلامات إنما توجد بعد الكبر مثل نبات اللحية وخروج المني والحيض (فإن بال منهما جميعًا واستويا فهو مشكل له نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى) قاله ابن عباس. ولأن حالتيه تساويتا فوجب التسوية بين حكمهما كما لو تداعى نفسان دارًا في أيديهما ولا بينة لهما (وكذلك الحكم في ديته) يعني أنه إذا قتل خطأ وجب فيه نصف دية ذكر ونصف دية أنثى (وكذلك جراحه، ولا ينكح بحال) لأنه ليس برجل فينكح امرأة ولا امرأة فتنكح رجلًا.
1 -
مسألة 29: فإن كان مع الخنثى بنت وابن جعلت للبنت أقل عدد له نصف وهو سهمان وللذكر أربعة وللخنثى ثلاثة، وقال أصحابنا: تعمل المسألة على أنه ذكر ثم على أنه أنثى، ثم تضرب إحدى المسألتين في الأخرى إن تباينتا أو وفقهما إن اتفقتا أو تجتزئ بإحداهما إن تماثلتا أو بأكثرهما إن تناسبتا، ثم تضرب ذلك في اثنين لأجل الحالين فما بلغ فمنه تصح، ثم لك في القسمة طريقان: أحدهما: أن تجمع سهام كل واحد من المسألتين ثم تدفع إليه نصف ذلك. الطريق الثاني: أن تضرب ما لأحدهما من مسألة الذكورية في مسألة الأنوثية أو في وفقها وما له من مسألة الأنوثية في مسألة الذكورية أو في وفقها، وإن تماثلتا جمعت ما له منهما، وإن تناسبتا فله نصيبه من أكثرهما بغير ضرب ونصيبه من أقلهما مضروبًا في مخرج نسبة إحداهما إلى الأخرى. مثاله: ابن وولد خنثى، مسألة الذكورية من اثنين ومسألة الأنوثية من ثلاثة تضربها في اثنين تكن ستة ثم في اثنين

(1/351)


باب ذوي الأرحام وهم كل قرابة ليس بعصبة ولا ذي فرض، ولا ميراث لهم مع عصبة ولا ذي فرض إلا مع أحد الزوجين فإن لهم ما فضل عنه من غير حجب ولا معاولة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
تكن اثني عشر، فإذا أردت القسمة فقل: لو كان الخنثى ذكرًا كان له ستة ولو كان أنثى كان له أربعة فله نصفهما خمسة، وللابن ثمانية لو كان الخنثى أنثى وستة إذا كان ذكرًا فله نصف ذلك سبعة. وبالطريق الأخرى للخنثى من مسألة الذكورية سهم في مسألة الأنوثية وله سهم من مسألة الأنوثية في مسألة الذكورية اثنان صار له خمسة. وكذلك يفعل في الابن. وإنما كان كذلك لأن للابن النصف بيقين، وللخنثى الثلث بيقين، يبقى سهمان يتداعيانهما فتقسم بينهما نصفين. وكان الثوري في هذا الفصل يجعل للذكر أربعة وللأنثى اثنين وللخنثى ثلاثة، فإن كان ابن وولد خنثى فهي من سبعة، وإن كانت بنت وولد خنثى فهي من خمسة، فإن كان معهم عم فله السدس، وهو قول لا بأس به.

[باب ذوي الأرحام]
(وهم كل قرابة ليس بذي فرض ولا عصبة) وهم أحد عشر صنفًا: ولد البنات، وولد الأخوات، وبنات الإخوة، وبنات الأعمام، وبنو الإخوة من الأم، والعم من الأم، والعمات من جميع الجهات، والأخوال، والخالات، وأبو الأم، وكل جدة أدلت باب بين أمين أو باب أعلى من الجد. فهؤلاء ومن أدلى بهم يسمون ذوي الأرحام (ولا ميراث لهم مع ذي فرض ولا عصبة، إلا مع أحد الزوجين فإن لهم ما فضل عنه من غير حجب ولا معاولة) ويقسم الباقي بينهم كما لو انفردوا، لأن الله سبحانه فرض للزوج والزوجة ونص عليهما فلا يحجبان بذوي الأرحام وهم غير منصوص عليهم. مثاله: زوج وبنت بنت وبنت أخ، للزوج النصف والباقي بينهما نصفان كما لو انفردا، وقيل يقسم بينهم على قدر سهام من يدلون به مع أحد الزوجين على الحجب والعول ثم يفرض، للزوج فرضه كاملًا من غير حجب ولا عول، ثم يقسم الباقي بينهم على قدر سهامهم. ومثاله في هذه المسألة أن تقول: للزوج الربع وللبنت سهمان ولبنت الأخ سهم. ثم تفرض للزوج النصف

(1/352)


(30) ويرثون بالتنزيل فيجعل كل إنسان منهم بمنزلة من أدلى به، فولد البنات وولد بنات الابن والأخوات بمنزلة أمهاتهم، وبنات الإخوة والأعمام وبنو الإخوة من الأم كآبائهم، والعمات والعم من الأم كالأب، والأخوال والخالات وأبو الأم كالأم (31) فإن كان معهم اثنان فصاعدا من جهة واحدة فأسبقهم إلى الوارث أحقهم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
والنصف الآخر بينهما على ثلاثة وتصح من ستة. وإنما يقع الخلاف في مسألة فيها من يدلي بذي فرض ومن يدلي بعصبة، وأما إن أدلى جميعهم بذي فرض أو عصبة فلا فرق، زوجة وابنتا ابنتين وابنتا أختين للزوجة الربع ولبنتي الابنتين ثلثا الباقي والباقي لبنتي الأختين تصح من ثمانية، وعلى القول الآخر تصح من ستة وخمسين للزوجة ربعها أربعة عشر ولبنتي البنتين اثنان وثلاثون والأخريين عشرة أصلها من أربعة وعشرين للزوجة الثمن وللبنتين الثلثان ولبنتي الأختين خمسة، ثم تدفع للزوجة الربع وتقسم الباقي على سهام المدلى بهم وهي أحد وعشرون للبنتين ستة عشر وللأختين خمسة، فالأحد وعشرون ثلاثة أرباع فكملها بأن تزيد عليها ثلثها سبعة صارت ثمانية وعشرين إلا أن خمسة على الأختين لا تصح فتضربها في ثمانية وعشرين صارت ستة وخمسين، للزوجة ربعها أربعة عشر ولبنتي البنتين اثنان وثلاثون وللأخريين عشرة.

مسألة 30: (ويورثون بالتنزيل فيجعل كل إنسان منهم بمنزلة من أدلى به، فولد البنات وبنات الابن والأخوات كأمهاتهم، وبنات الإخوة والأعمام وولد الإخوة من الأم كآبائهم، والعمات والعم من الأم كالأب) وعنه كالعم (والأخوال والخالات وآباء الأم كالأم) ثم يجعل نصيب كل وارث لمن أدلى به. ودليل أن العمة بمنزلة العم أنه روي عن عليّ، ودليل أنها بمنزلة الأب ما روى الإمام أحمد بإسناده عن الزهري أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «العمة بمنزلة الأب إذا لم يكن بينهما أب، والخالة بمنزلة الخال إذا لم يكن بينهما أم» ولأن الأب أقوى جهاتها فنزلت بمنزلته، كما أن بنت الأخ تدلي بابيها لا بأخيها، وبنت العم تدلي بابيها لا بأخيها، وقد قيل: العمة بمنزلة الجد، وقيل: بمنزلة الجدة، وإنما صار هذا الاختلاف لإدلائها بأربعة جهات وارثات: فالأب والعم أخواها، والجد والجدة أبواها، والصحيح الأول لما سبق.
مسألة 31: (فإن كان معهم اثنان فصاعدًا من جهة واحدة فأسبقهم إلى الميراث أحق) مثاله خالة وأم أبي أم، الميراث للخالة لأنها تلقي الأم بأول درجة.

(1/353)


(32) فإن استووا قسمت المال بين من أدلوا به وجعلت مال كل واحد منهم لمن أدلى به، وساويت بين الذكور والإناث إذا استوت جهاتهم منه، فلو خلف ابن بنت وبنت بنت أخرى وابنا وبنت بنت أخرى قسمت المال بين البنات على ثلاثة ثم جعلته لأولادهن للابن الثلث وللبنت الثلث وللابن والبنت الأخرى الثلث الباقي بينهما نصفين، وإن خلف ثلاث عمات متفرقات وثلاث خالات متفرقات فالثلث بين الخالات على خمسة والثلثان بين
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 32: (وإن استووا قسمت المال بين من أدلوا به وسويت بين الذكر والأنثى إذا استوت جهاتهم منه، فلو خلف ابن بنت وبنت بنت أخرى وابنًا وبنت بنت أخرى قسمت المال بين البنات على ثلاثة ثم جعلته لأولادهن للابن الثلث وللبنت الثلث وللابن والبنت الأخرى الثلث الباقي بينهما نصفين) أصلها من ثلاث وتصح من ستة، وإنما استوى الذكر والأنثى من ذوي الأرحام في الميراث لأنهم يرثون بالرحم المحض فاستوى الذكر والأنثى كولد الأم، وعنه للذكر مثل حظ الأنثيين لأن ميراثهم يعتبر بغيرهم فلا يجوز حملهم على ذوي الفروض لأن ذوي الأرحام يأخذون المال كله ولا على العصبة البعيد لأن ذكرهم ينفرد بالميراث دون الإناث، فثبت أنهم يعتبرون بالأقرب من العصبات. ويجاب عن هذا بأنهم معتبرون بذوي الفروض وإنما يأخذون كل المال بالفرض والرد، وهذا إذا كان أبوهم واحدًا وأمهم واحدة. وقال الخرقي: يسوى بينهم إلا الخال والخالة فإن للخال الثلثين وللخالة الثلث، روي ذلك عن عثمان بن عفان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، (فإن خلف ثلاث عمات مفترقات وثلاث خالات مفترقات فالثلث بين الخالات على خمسة والثلثان بين العمات على خمسة وتصح من خمسة عشر) لأن أصلها من ثلاثة: للخالات سهم وللعمات سهمان، إلا أن سهم الخالات بينهن على خمسة لأنهن أخوات الأم، للخالة التي من قبل الأب والأم ثلاثة، وللخالة التي من قبل الأب سهم، وللأخرى سهم بالفرض والرد. وسهم على خمسة لا يصح، وكذا العمات من أخوات الأب والثلثان بينهن على نحو الثلث بين الخالات بالفرض والرد، فصارت سهامهن كأنها رءوس تنكسر عليها سهامها، وخمسة تجزئ عن خمسة فتضرب خمسة في أصل المسألة وهي ثلاثة تكن خمسة عشر: للخالات خمسة على ثلاثة: للتي من قبل الأب والأم ثلاثة وللأخرى سهم وللأخرى سهم. وللعمات عشرة: للتي من قبل الأب والأم ستة وللأخرى سهمان وللأخرى سهمان.

(1/354)


العمات على خمسة وتصح من خمسة عشر
(33) وإن اختلفت جهات ذوي الأرحام نزلت البعيد حتى يلحق بوارثه ثم قسمت على ما ذكرنا
(34) والجهات ثلاث: البنوة، والأمومة، والأبوة
باب أصول المسائل وهي سبعة: فالنصف من اثنين، والثلث والثلثان من ثلاثة، والربع وحده أو مع النصف من أربعة، والثمن وحده أو مع النصف من ثمانية، فهذه الأربعة لا عول فيها، وإذا كان مع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 33: (وإن اختلفت جهات ذوي الأرحام نزلت البعيد حتى يلحق بوارثه ثم قسمت على ما ذكرنا) مثاله: بنت بنت وابن أخت وثلاث خالات مفترقات، فبنت البنت بمنزلة البنت لها النصف وابن الأخت بمنزلة أمه له النصف، والثلاث خالات أخوات الأم لهن نصف السدس بينهن على خمسة وتصح من خمسة وثلاثين. وإن كان معهم عمة أخذت الباقي وأسقطت ابن الأخت لأنها بمنزلة الأب وهو يسقط الإخوة. ومن نزل العمة عما جعل لها الباقي لابن الأخت لأنها مع البنت عصبة وهي أقرب من العم، ومن نزلها جدًا صحت من تسعين، للخالات السدس على خمسة، والثلث بين الأخت والعمة على ثلاثة، فتضرب ثلاثة في خمسة عشر ثم في ستة تكن تسعين. ومن نزلها جدة لم يعطها شيئًا لأن الخالات بمنزلة الأم وهي تسقط الجدة.

مسألة 34: (والجهات ثلاث: البنوة، والأمومة، والأبوة) ، وذكرها أبو الخطاب خمسة زاد العمومة والأخوة. أما العمومة فلا تصلح جهة لأنا لو قلنا إنها جهة أفضى إلى تقديم بنت العمة، وإن بعدت، على بنت العم، وقد روي عن الإمام أحمد خلافه، ويفضي إلى إسقاط بنت العم من الأبوين ببنت العم من الأم، وهذا بعيد، فإن العم فرع للأب وبه قرب إلى الميت فهو كالجد وكالجدة مع الأم، وأما الأخوة فلو قلنا: إنها جهة لأفضى إلى إسقاط بنت الأخ ببنت العمة وبنت العم، وإن بعدت فلا تكون جهة. والله أعلم. ذكر ذلك شيخنا في المذاكرة.

[باب أصول المسائل]
(وهي سبعة: فالنصف وحده من اثنين، والثلث والثلثان، من ثلاثة، والربع وحده أو مع النصف من أربعة، والثمن وحده أو مع النصف من ثمانية، فهذه الأربعة لا عول فيها، وإذا

(1/355)


النصف ثلث أو ثلثان أو سدس فهي من ستة وتعول إلى عشرة، وإن كان مع الربع أحد هذه الثلاثة فهي من اثني عشر وتعول إلى سبعة عشر، وإن كان مع الثمن سدس أو ثلثان فهي من أربعة وعشرين وتعول إلى سبعة وعشرين
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
كان مع النصف ثلث أو ثلثان أو سدس فهي من ستة وتعول إلى عشرة، وإن كان مع الربع أحد هذه الثلاثة فهي من اثني عشر وتعول إلى سبعة عشر، وإن كان مع الثمن سدس أو ثلثان فهي من أربعة وعشرين وتعول إلى سبعة وعشرين) وجملة ذلك أن الفروض في كتاب الله ستة، وهي نوعان: النصف والربع والثمن، والثلثان والثلث والسدس، وهي تخرج من سبعة أصول: أربعة لا تعول، وثلاثة تعول، لأن كل فرض انفرد فأصله من مخرجه، وإن اجتمع معه فرض من جنسه فأصلها من مخرج أقلهما لأن مخرج الكبير داخل في مخرج الصغير، فإن اجتمع معه فرض من غير جنسه ضربت مخرج أحدهما في مخرج الآخر إن لم يتوافقا، فما ارتفع فهو أصل لهما أو وفق أحدهما في جميع الأجزاء إن توافقا، فلذلك صارت الأصول سبعة كما ذكرنا، فالأربعة الأول لا تعول لأن العول فرع ازدحام الفروض ولا يوجد ذلك هاهنا، وإن اجتمع مع الفرض من غير جنسه كالنصف يجتمع معه أحد الثلاثة السدس أو الثلث أو الثلثان فأصلهما من ستة، لأنك إذا ضربت مخرج النصف في مخرج الثلث صارت ستة ويدخل العول في هذا الأصل لازدحام الفروض فيه، وإن اجتمع مع الربع أحد الثلاثة فأصلها من اثني عشر لأنك إذا ضربت مخرج الربع في مخرج الثلث أو وفق مخرج السدس كانت اثني عشر، وإن اجتمع مع الثمن سدس أو ثلثان فأصلها من أربعة وعشرين لما ذكرناه، وتعول هذه الأصول الثلاثة، ومعنى العول نقص الفروض لازدحامها وضيق المال عنها، وطريق العمل فيها أن تأخذ لكل واحد فرضًا من أصل مسألته ثم تجمع السهام كلها فتقسم المال عليها، فيدخل النقص على كل ذي فرض بقدر فرضه كما تصنع في الوصايا الزائدة على الثلث، وفي قسمة مال المفلس على ديونه، وإذا ثبت هذا فأصل ستة يتصور عوله إلى عشرة ولا تعول إلى أكثر منها، ومثاله: أولاد زوج وأخت لأبوين وأخت لأب: للزوج النصف ثلاثة، وللأخت للأبوين ثلاثة، وللأخت لأب سهم، عالت إلى سبعة، فإن كان مكان الأخت من الأب أم فلها الثلث فتعول إلى ثمانية، فإن كان معها ثلاث أخوات مفترقات عالت إلى تسعة، وإن

(1/356)


باب الرد وإن لم تستغرق الفروض المال ولم يكن عصبة فالباقي يرد عليهم على قدر فروضهم إلا الزوجين، فإن اختلفت فروضهم أخذت سهامهم من أصل مسألتهم ستة ثم جعلت عدد سهامهم من أصل مسألتهم، فإن انكسر على بعضهم ضربته في عدد سهامهم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
كان الأخوات ستًا عالت إلى عشرة، وأصل اثني عشر تعول إلى سبعة عشر لا غير، ومثاله: زوج وأم وابنتان أصلها من اثني عشر وتعول إلى ثلاثة عشر، فإن كان معهم أب عالت إلى خمسة عشر، فإن كن ثلاث زوجات وجدتين وأربع أخوات لأم وثمانية لأب عالت إلى سبعة عشر لكل واحدة سهم، وأصل أربعة وعشرين تعول إلى سبعة وعشرين ولا تعول إلى أكثر من ذلك، ومثاله: زوجة وأبوان وابنتان، للابنتين الثلثان ستة عشر، ولكل واحد من الأبوين السدس أربعة، وللزوجة الثمن ثلاثة، وتسمى البخيلة لقلة عولها، وتسمى المنبرية لأن عليًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سئل عنها على المنبر فقال: صار ثمنها تسعًا، ومضى في خطبته.

[باب الرد]
(إذا لم تستغرق الفروض المال ولم يكن عصبة فالباقي يرد عليهم على قدر فروضهم، إلا الزوجين) فإن كان المردود عليه واحدًا أخذ المال كله بالفرض والرد كأم وجد أو بنت أو أخت، وإن كانوا جماعة من جنس واحد كجدات وأخوات قسمته عليهم على عددهم كالبنين والإخوة وسائر العصبات (وإن اختلفت فروضهم أخذت سهامهم من ستة ثم جعلت سهامهم أصل مسألتهم) مثاله: بنت وأم، للبنت النصف ثلاثة وللأم السدس سهم فتصح من أربعة، وإن كانت أخت وجدة فكذلك (فإن انكسر على فريق منهم ضربته في عدد سهامهم) لأنه أصل مسألتهم. وتنحصر مسائل أهل الرد في أربعة أصول: الأول: أصل اثنين كجدة وأخ من أم، للجدة السدس وللأخ السدس، أصلها من اثنين يقسم المال عليهما فيصير لكل واحد نصف المال. وإن كانت الجدات ثلاثًا فلهن سهم لا ينقسم عليهن، اضرب عددهن في أصل المسألة وهو اثنان تصير ستة للأخ من الأم النصف ثلاثة ولهن ثلاثة لكل واحدة سهم. الثاني: أصل ثلاثة، مثاله: أم وأخ من أم من ثلاثة للأم سهمان وللأخ سهم. ومثله: أم وأخوات لأم، فإن كان الإخوة ثلاثًا ضربت عددهم في أصل المسألة وهي

(1/357)


(35) وإن كان معهم أحد الزوجين أعطيته سهمه من أصل مسألته وقسمت الباقي على مسألة أهل الرد، فإن انقسم وإلا ضربت مسألة الرد في مسألة الزوج ثم تصحح بعد ذلك على ما سنذكره
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
ثلاثة تكن تسعة ومنها تصح جدة وأختان لأم. الثالث: أصل أربعة، بنتان وأختان وأخت لأبوين وأخت لأب أو لأم بنت وبنت ابن، فإن كانت بنات الابن أربعًا فلهن سهم لا ينقسم عليهن، اضربهن في أصل مسألتهن وهو أربعة تكن ستة عشر ومنها تصح جدة وبنت جدة وأخت. الأصل الرابع: أصل خمسة، أم وأخت لأبوين، أخت لأبوين وأخت لأم وجدة، أخت لأب وجدة وأخت لأم، بنت وبنت ابن وأم أو جدة، ثلاث أخوات مفترقات.

مسألة 35: (وإن كان معهم أحد الزوجين أعطيته سهمًا من أصل مسألته وقسمت باقي مسألته على مسألة أهل الرد، فإن انقسم وإلا ضربت مسألة الرد في مسألة الزوج ثم تصحح على ما يأتي) مثاله: زوجة وأم وأخت لأم: للزوجة الربع سهم، ويبقى ثلاثة على فريضة أهل الرد وهي ثلاثة فيصح الجميع من أربعة. زوجة وأم وأخوان لأم كذلك، زوجة وأم وثلاث إخوة لأم لا تصح سهام الإخوة عليهم فيضرب عددهم في أربعة تكن اثني عشر ومنها تصح، وإن لم تنقسم فأصل مسألة الزوج على فريضة أهل الرد، فاضرب فريضة أهل الرد في فريضة أحد الزوجين فما بلغ فإليه تنتقل المسألة، فإذا أردت القسمة فلأحد الزوجين فريضة أهل الرد ولكل واحد من أهل الرد سهامه من مسألته مضروبة في فاضل فريضة الزوج، فما بلغ فهو له إن كان واحدًا، وإن كانوا جماعة قسمته عليهم، فإن لم ينقسم ضربته أو وفقه فيما انتقلت إليه المسألة وتصح على ما يأتي، وينحصر ذلك في خمسة أصول: أحدها: زوج وجدة وأخ لأم، للزوج النصف أصلها من اثنين للزوج سهم يبقى سهم على مسألة الرد وهي اثنان فاضربها في اثنين تكن أربعة. الأصل الثاني: زوجة وجدة وأخ لأم أصلها من أربعة، للزوجة الربع يبقى ثلاثة على اثنين لا تصح، تضربها في أربعة فتصير ثمانية. الأصل الثالث: زوج وبنت وبنت ابن وأم أو جدة: مسألة الزوج من أربعة، للزوج سهم يبقى ثلاثة على أربعة لا تصح، فتضربها في أربعة تكن ستة عشر ومنها تصح. الأصل الرابع: زوجة وبنت وبنت ابن وأم أو جدة: مسألة الزوجة من ثمانية ثم تنتقل إلى اثنين وثلاثين. الأصل الخامس: زوجة وبنت وبنت ابن وجدة، أصلها من ثمانية

(1/358)


(36) وليس في مسألة يرث فيها عصبة عول ولا رد
باب تصحيح المسائل إذا انكسر سهم فريق عليهم ضربت عددهم أو وفقه إن وافق سهامهم في أصل مسألتهم أو عولها إن عالت أو نقصها إن نقصت، ثم يصير لكل واحد منهم مثل ما كان
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
ثم تنتقل إلى أربعين. وفي جميع ذلك إذا انكسر على فريق منهم ضربته فيما انتقلت إليه المسألة، مثاله: أربع زوجات وإحدى وعشرون بنتًا وأربع عشرة جدة، أصلها من ثمانية وتنتقل إلى أربعين: للزوجات فريضة الرد خمسة، لا تصح عليهن ولا توافق عددهن، وللبنات أربعة أسهم من فريضة الرد مضروبة في فاضل فريضة الزوجات وهي سبعة تكن ثمانية وعشرين توافق عددهن بالأسباع، فرجعن إلى ثلاثة وللجد سهم في سبعة بسبعة يوافق عددهن بالأسباع، فيرجعن إلى اثنين والاثنان يدخلان في عدد الزوجات لأنهن ضعفهن فتضرب أربعة في ثلاثة تكن اثني عشر في أربعين تكن أربعمائة وثمانين ومنها تصح، فإذا أردت القسمة فكل من له شيء من أربعين مضروب في اثني عشر فما بلغ فهو نصيبه.

مسألة 36: (وليس في مسألة يرث فيها عصب عول ولا رد) لأن العصبة إذا انفرد أخذ المال كله، وإن كان معه أحد من أصحاب الفروض أخذ الباقي إن فضل عن الفروض فلا يبقى رد.

[باب تصحيح المسائل]
(إذا انكسر سهم فريق عليهم ضربت عددهم أو وفقه إن وافق سهامهم في أصل مسألتهم أو عولها إن عالت أو نقصها إن نقصت، ثم يصير لكل واحد منهم مثل ما كان لجماعتهم أو وفقه) مثاله: زوج وأم وثلاثة إخوة أصلها من ستة، للزوج النصف ثلاثة، وللأم السدس سهم، يبقى للإخوة سهمان لا ينقسم عليهم ولا يوافق، فاضرب عددهم في أصل المسألة تكن ثمانية عشر سهمًا للزوج ثلاثة في ثلاثة بتسعة، وللأم سهم في ثلاثة بثلاثة، وللإخوة سهمان في ثلاثة ستة لكل واحد سهمان، فما كان لجماعتهم صار لواحدهم، فإن كان الإخوة أربعة وافقهم سهامهم بالنصف فتضرب نصفهم وهو اثنان في المسألة تكن اثني عشر، وعند القسمة تضرب سهام كل واحد من ستة في اثنين لأنه وفق عددهم وهو جزء السهم.

(1/359)


لجميعهم أو وفقه
(37) وإن انكسر على فريقين فأكثر وكانت مماثلة أجزأك أحدهما، وإن كانت متناسبة أجزأك أكثرها، فإن تباينت ضربت بعضها في بعض، وإن توافقت ضربت وفق أحدهما في الآخر ثم وفقت بين ما بلغ وبين الثالث وضربته أو وفقه في الثلث ثم ضربته في المسألة ثم كل من له شيء من المسألة مضروب في العدد الذي ضربته في المسألة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 37: (وإن انكسر على فريقين أو أكثر) لم يخل من أربعة أقسام: أحدها: أن يكونا متماثلين كثلاثة وثلاثة فيجزئك ضرب أحدهما في المسألة، مثاله: ثلاثة إخوة لأم وثلاثة لأب، لولد الأم الثلث والثلث الباقي لولد الأب، أصلها من ثلاثة وسهم على ثلاثة لا ينقسم، وسهمان على ثلاثة لا ينقسم ولا يوافق، فتضرب أحد العددين في أصل المسألة تصير تسعة: لولد الأم ثلاثة وستة للإخوة للأب. ولو كان ولد الأب ستة وافقتهم سهامهم بالنصف فيرجع عددهم إلى ثلاثة وكان العمل فيها كما سبق. القسم الثاني: أن يكون العددان متناسبين، وهو أن ينسب أحدهما إلى الآخر بجزء من أجزائه كنصفه أو ثلثه فيجزيك ضرب الأكثر منهما في المسألة. مثاله: جدتان وأربعة إخوة لأب، للجدتين السدس وللإخوة ما بقي، أصلها من ستة وعددهم لا يوافق سهامهم وعدد الجدات نصف عدد الإخوة فاجتزئ بالأكثر وهو أربعة تضربها في ستة تكن أربعة وعشرين سهمًا، للجدات أربعة وللإخوة خمسة في أربعة وعشرين لكل واحد خمسة. ولو كان عدد الإخوة عشرين لوافقت سهامهم بالأخماس فيرجع عددهم إلى أربعة يدخل فيها عدد الجدات فتضرب الأربعة في ستة تكن أربعة وعشرين. القسم الثالث: أن يكون العددان متباينين تضرب بعضها في بعض فما بلغ ضربته في المسألة ويسمى جزء السهم، مثاله: أم وثلاثة إخوة لأم وأربعة إخوة لأب، أصلها من ستة للأم سهم ولولد الأم سهمان لا يوافقهم، ولولد الأب ثلاثة كذلك، فهما متباينان فتضرب أحدهما في الآخر تكن اثني عشر ثم في أصل المسألة تكن اثنين وسبعين، ثم كل من له شيء من ستة مضروب في اثني عشر فما بلغ فهو له. القسم الرابع: أن يكون العددان متفقين بنصف أو ثلث أو ربع، فيجزئك ضرب وفق أحدهما في الآخر فما بلغ ضربته في المسألة. مثاله: أربع جدات وستة إخوة يتفقان بالنصف، فيضرب نصف أحدهما في جميع الآخر يكن اثني عشر تضربها في المسألة

(1/360)


باب المناسخات إذا لم تقسم تركة الميت حتى مات بعض ورثته وكان ورثة الثاني يرثونه على حسب ميراثهم من الأول قسمت التركة على ورثة الثاني وأجزأك
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
تكن اثنين وسبعين. وإن كان الكسر على ثلاثة أعداد كثمانية وعشرة واثني عشر فهذا يسمى الموقوف، وفي عمله طريقان: أحدهما: أن تضرب وفق أحد العددين في جميع الآخر، ثم ما بلغ وافقت بينه وبين الثالث، ثم ضربت وفق أحد العددين في جميع الآخر فما بلغ ضربته في المسألة. الطريق الثاني: أن يقف واحد من الثلاثة ثم توافق بينه وبين الآخر ثم تردهما إلى وفقيهما ثم تعمل في الوفقين عملك في العددين الأصليين، إن كانا متماثلين اجتزأت بأحدهما، وإن كانا متناسبين اجتزأت بأكثرهما، وإن كانا متباينين ضربت أحدهما في الآخر، وإن كانا متوافقين ضربت وفق أحدهما في جميع الآخر ثم في الموقوف، فما بلغ فهو جزء السهم تضربه في أصل المسألة فما بلغ فمنه تصح المسألة. مثاله: ست جدات وتسع بنات وخمسة عشر عمًا، بالطريق الأول يوافق من الستة والتسعة فتضرب ثلث أحدهما في الآخر تكن ثمانية عشر توافق بينهما وبين الخمسة عشر وتضرب ثلث أحدهما في الآخر تكن تسعين وهو جزء السهم. وبالطريق الثاني توقف الستة وتوافق بينهما وبين التسعة فترجع إلى ثلاثة ثم توافق بينهما وبين الخمسة عشر فترجع إلى خمسة ثم تضرب ثلاثة في خمسة تكن خمسة عشر ثم في ستة الموقوفة تكن تسعين ثم تضرب تسعين في ستة وهي أصل المسألة تصير خمسمائة وأربعين.

[باب المناسخات]
(إذا لم تقسم تركة الميت حتى مات بعض ورثته وكان ورثة الثاني يرثونه على حسب ميراثهم من الأول قسمت التركة على ورثة الثاني وأجزأك) وذلك بأن يكونوا عصبة لهما. مثاله: أربعة بنين وثلاث بنات، مات بنت بنت ثم ابن ثم بنت أخرى ثم ابن آخر وبقي ابنان وبنت، فاقسم المسألة على خمسة. وكذلك تقول في أبوين وزوجة وابن وبنتين، مات ابن ثم ماتت الزوجة ثم ماتت بنت ثم مات الأب ثم الأم، فقد صارت المواريث كلها بين الابن والبنت الباقيين ثلاثًا واستغنيت عن عمل المسائل.

(1/361)


(38) وإن اختلف ميراثهم صححت مسألة الثاني وقسمت عليها سهامه من الأولى، فإن انقسم صحت المسألتان مما صحت منه الأولى، وإن تنقسم ضربت الثانية أو وفقها في الأولى، ثم كل من له شيء من الأولى أخذه مضروبا في الثانية أو وفقها، ومن له شيء في الثانية أخذه مضروبا في سهام الميت الثاني أو وفقها، ثم تفعل فيما زاد من المسائل كذلك أيضا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 38: (وإن اختلف ميراثهم صححت مسألة الثاني وقسمت عليها سهامه من الأولى، فإن انقسم صحت المسألتان مما صحت منه الأولى. وإن لم تنقسم ضربت الثانية أو وفقها في الأولى. ثم كل من له شيء من الأولى مضروب في الثانية أو في وفقها، ومن له شيء من الثانية مضروب في السهام التي مات عنها الميت الثاني أو في وفقها، ثم تفعل فيما زاد من المسائل كذلك) مثال ما يصح: أم وعم مات العم عن بنت وعصبة الأولى من ثلاثة والثانية من اثنين، وله من الأولى سهمان تصح على مسألته فصحت المسألتان من ثلاثة، ثلاث أخوات مفترقات ماتت الأخت من الأبوين خلفت ابنين ومن خلفت، تصح المسألتان من خمسة.
ومثال ما يوافق: أم وابنان وبنت، مات أحد الابنين وخلف من خلف، الأولى من ستة للابن منها سهمان وقد خلف جدته وأخاه وأخته، فمسألتهم من ثمانية عشر يوافق سهميه بالنصف فاضرب نصف المسألة وهو تسعة في الأولى وهي ستة تكن أربعة وخمسين: للأم من الأولى سهم في تسعة وفق الثانية ولها من الثانية ثلاثة في سهم صارت اثني عشر، وللابن الباقي سهمان في تسعة، ومن الثانية عشرة في سهم صار له ثمانية وعشرون ولأخته أربعة عشر.
ومثال ما لا يوافق: زوج وأم وست أخوات مفترقات ماتت إحدى الأختين من الأم وخلفت من خلفت، الأولى من عشرة والثانية من ستة وتصح من ستين، وإن مات ثالث فصحح مسألته ثم انظر ما صار له من الأوليين، فإن انقسم على مسألته فقد صحت الثلاث مما صحت منه الأوليان، وإن لم تنقسم وإلا ضربت مسألته أو وفقها فيما صحت منه الأوليان وعملت على ما ذكرنا، وكذلك تصنع في الرابع والخامس وما بعده.

(1/362)


باب موانع الميراث وهي ثلاثة: أحدها: اختلاف الدين، فلا يرث أهل ملة أهل ملة أخرى لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم» ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يتوارث أهل ملتين شتى»
(39) والمرتد لا يرث أحدا وإن مات فماله فيء الثاني: الرق، فلا يرث
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
[باب موانع الميراث]
(وهي ثلاثة: أحدها: اختلاف الدين، فلا يرث أهل ملة أهل ملة أخرى، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم» متفق عليه من حديث أسامة بن زيد) .

مسألة 39: (والمرتد لا يرث أحدًا) لأنه ليس بمسلم فيرث المسلمين ولا يثبت له حكم الدين الذي ينتقل إليه فيرث أهله، ولا يرثه أحد لذلك (فإذا مات فماله فيء) في بيت مال المسلمين وهو قول ابن عباس، وعن الإمام أحمد ما يدل على أنه لورثته من المسلمين، روي ذلك عن أبي بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وعلي وابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، ولأن ردته بمنزلة موته فيرثونه حين ارتد وينتقل إليهم بردته كما ينتقل ميراث الميت بموته، وعنه لأهل دينه الذي اختاره لأنه صار إلى دينهم فيرثونه كما يرثون من كان أصليًا في دينهم، والصحيح الأول لما سبق من الحديث، ولأنه كافر فلا يرثه المسلم كالكافر الأصلي، أو مال مرتد فلا يورث كالذي اكتسبه في حال ردته، ولا يصح جعله لأهل دينه لأنه لا يرثهم فلا يرثونه كغيرهم من أهل الأديان.
(الثاني: الرق، فلا يرث العبد أحدًا ولا له مال يورث) وقد أجمعوا على أنه لا يورث فإنه لا مال له يورث عنه، ومن قال: يملك بالتمليك فملكه غير مستقر يزول إلى سيده إذا زال ملكه عن الرقبة بدليل قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من باع عبدًا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه

(1/363)


العبد أحدا ولا له مال يورث
(40) ومن كان بعضه حرا ورث وورث، وحجب بقدر ما فيه من الحرية الثالث: القتل، فلا يرث القاتل المقتول بغير حق
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
المبتاع» وأكثرهم على أنه لا يرث، روي ذلك عن علي وزيد، وحكي عن طاوس أنه يرث ويكون لسيده كما لو أوصى له. ولنا أن فيه نقصًا منع كونه موروثًا فمنع كونه وارثًا كالمرتد، ويفارق الوصية فإنها تصح لمولاه، والميراث لا يصح لمولاه فافترقا.

مسألة 40: (ومن كان بعضه حرًا ورث وورث، وحجب بقدر ما فيه من الحرية) لما روى عبد الله بن أحمد بإسناد عن ابن عباس أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في العبد يعتق بعضه: «يرث ويورث على مقدار ما عتق منه» (رواه الترمذي) فإذا خلف أمًا وبنتًا نصفها حر وأبًا حرًا فللبنت بنصف حريتها نصف ميراثها وهو الربع، وللأم مع حريتها ورق البنت الثلث، والسدس مع حرية البنت، فقد حجبتها بحريتها عن السدس، فبنصف حريتها تحجبها عن نصفه ويبقى لها الربع لو كانت حرة، فلها بنصف حريتها نصفه وهو الثمن، والباقي للأب. وإن شئت نزلتهم أحوالًا كتنزيل الخناثى فتقول: إن كانتا حرتين فالمسألة من ستة للبنت النصف ثلاثة وللأم السدس سهم والباقي للأب، وإن كانتا رقيقتين فالمال للأب، وإن كانت البنت وحدها حرة فلها النصف، وإن كانت الأم وحدها حرة فلها الثلث، وكلها تدخل في الستة تضربها في الأربعة الأحوال تكن أربعة وعشرين، للأم ثلاثة وهي الثمن وللبنت ستة وهي الربع والباقي للأب، وترجع بالاختصار إلى ثمانية.
(والثالث: القتل، فلا يرث القاتل المقتول بغير حق) لما روى الإمام أحمد ومالك عن عمر قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «ليس لقاتل شيء» " وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نحوه، ورواهما ابن عبد البر في كتابه، وروى ابن عباس قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من قتل قتيلًا فإنه لا يرثه وإن لم يكن له وارث غيره وإن كان والده أو ولده، فليس لقاتل ميراث» رواه الإمام أحمد، ولأن توريث القاتل يفضي

(1/364)


(41) وإن قتله بحق كالقتل حدا أو قصاصا أو قتل العادل الباغي عليه فلا يمنع ميراثه
باب مسائل شتى إذا مات عن حمل يرثه وقفت ميراث اثنين ذكرين إن كان ميراثهما أكثر، وإلا ميراث اثنين، وتعطي كل وارث اليقين وتقف الباقي حتى يتبين
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
إلى تكثير القتل لأن الولد ربما استعجل موت مورثه ليأخذ ماله، وأجمعوا على أن قاتل العمد لا يرث إلا شيئًا شاذًا، يروى عن سعيد بن المسيب وابن جبير وهو رأي الخوارج، وأكثرهم يرى أن القاتل القتل الخطأ لا يرث المقتول، روي عن جماعة من الصحابة، وورّثه قوم من المال دون الدية لأن ميراثه ثابت بالكتاب والسنة خصص منه قاتل العمد بالإجماع، فيجب أن يبقى فيما عداه على مقتضى المنصوص، ولنا الأحاديث، ولأن من لا يرث من الدية لا يرث من غيرها كقاتل العمد والرقيق، والعمومات مخصصة بما ذكرنا.

مسألة 41: (وإن قتله بحق كالقتل حدًا أو قصاصًا أو قتل العادل الباغي لم يمنع ميراثه) لأنه فعل مأذون فيه فلم يمنع الميراث كما لو أطعمه أو سقاه فمات، ولأنه حرم في محل الوفاق كيلا يفضي إلى اتخاذ القتل المحرم، وحرمان الميراث هاهنا ربما يمنع من استيفاء الحد الواجب، والتوريث لا يفضي إلى اتخاذ قتل محرم فهو ضد للأصل غير مساو له في معناه.

[باب مسائل شتى]
(إذا مات عن حمل يرثه وقفت له ميراث ذكرين إن كان ميراثهما أكثر، وإلا ميراث اثنيين، فتعطي كل وارث اليقين وتقف الباقي حتى يتبين) مثاله: رجل مات وخلف، أمة حاملًا وبنتًا، يدفع للبنت الخمس ويوقف الباقي وهو نصيب ذكرين، فإن كان بدل البنت ابن أعطي الثلث ويوقف الباقي. أبوان وأمة حامل لهما السدسان ويوقف الباقي. ومتى زادت الفروض على الثلث كان نصيب الإناث أكثر، مثاله: امرأة حامل وأبوان، تعطى الزوجة ثلاثة والأبوان ثمانية من سبعة وعشرين، ويوقف الباقي. زوج وأم حامل من الأب، يدفع للزوج ثلاثة من ثمانية، وللأم سهم، ويوقف الباقي. امرأة حامل وأبوان وبنت، يعطى للزوجة ثلاثة من سبعة وعشرين وللأبوين ثمانية من سبعة وعشرين وهو أقل ميراثهم، وتعطى البنت خمسًا من ثلاثة عشر من أربعة وعشرين لأنه أقل ميراثها، فتضرب خمسة في

(1/365)


(42) وإن كان في الورثة مفقود لا يعلم خبره أعطيت كل وارث اليقين، ووقفت الباقي حتى يعلم حاله
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
أربعة وعشرين تكن مائة وعشرين لها منها ثلاثة عشر، فإذا أردنا أن نعطي الزوجة والأبوين وافقنا بين السبعة وعشرين وبين المائة وعشرين ثم ترد أحدهما إلى وفقهما تسعة ثم تضربها في الأخرى تكن ألفًا وثمانين، ثم تعطي الزوجة ثلاثة في وفق الأخرى، وهو أربعون، مائة وعشرون، وللأبوين ثمانية في أربعين تكن ثلاثمائة وعشرين كل واحد مائة وستون، وللبنت ثلاثة عشر في تسعة تكن مائة وسبعة عشر. فإن ولدت ذكرين فقد أخذت البنت حقها وتزاد الزوجة مثل ثمن ما معها خمسة عشر فيصير معها ثمن كامل، ويزاد الأبوان مثل ثمن ما معهما أربعين فيصير معهما ثلث كامل من ألف وثمانين. وإن ولدت ذكرًا وأنثى فسهم الزوجة والأبوين على حاله كما ولدت ذكرين، وتزاد البنت مثل ربع ما معها تسعة وعشرين وربع يصير لها مائة وستة وأربعون وربع. وإن ولدت ذكرًا واحدًا فسهم الزوجة والأبوين على حاله وتزاد البنت مثل ثلثي ما معها، أعني المائة وسبعة عشر؛ لأن لها ثلث الباقي وقد أخذت الخمس فهو بقية مال ذهب خمساه فيزاد عليه ثلثاه وهو ثمانية وسبعون صار لها مائة وخمسة وتسعون. وإن ولدت أنثى واحدة فسهم الأبوين والزوجة من سبعة وعشرين على حاله، وتأخذ البنت مثل سهم الأبوين. وإن ولدت أنثيين لم يتغير إلا سهم البنت يصير لها ثلث الستة عشر وهو خمسة وثلث في أربعين تكن مائتين وثلاثة عشر وثلث سهم. وإن لم تلد شيئًا أخذت الزوجة ثمنًا كاملًا والأبوان ثلثًا كاملًا وللبنت نصف لا غير، وفضل معها سهم تدفعه إلى الأب فيصير لها خمسة من أربعة وعشرين، وقد صحت كلها بعد كسر الأسهم: البنت فيه كسر ثلث سهم فيما إذا ولدت ابنتين، وربع سهم فيما إذا ولدت ذكرًا وأنثى فتضرب مخرج الثلث ثلاثة ومخرج الربع أربعة فيصير اثني عشر تضربها في ألف وثمانين، وكل من له شيء من ألف وثمانين مضروب في اثني عشر، فتصير المسألة كلها من اثني عشر ألفًا وتسعمائة وستين سهمًا. والله أعلم.

مسألة 42: (وإن كان في الورثة مفقود لا يعلم خبره أعطيت كل وارث اليقين ووقف الباقي حتى يعلم حاله) وهي رواية عن الإمام أحمد ينتظر أبدًا، وهو محمول على أنه ينتظر مدة لا يعيش في مثلها، وهو قول أكثرهم، وهذا إذا كان في غيبة ظاهرها

(1/366)


(43) إلا أن يفقد في مهلكة أو من بين أهله فينتظر أربع سنين ثم يقسم
(44) وإن طلق المريض في مرض الموت المخوف امرأته طلاقا يتهم فيه لقصد حرمانها عن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
السلامة كالسفر للتجارة أو طلب علم، وعنه ينتظر تمام تسعين سنة مع سنة من يوم ولد، لأن الغالب أنه لا يعيش أكثر من هذا، وقيل: مائة وعشرين، وقيل: سبعين.

مسألة 43: (إلا أن يفقد في مهلكة أو من بين أهله فينتظر أربع سنين) لأنها أكثر مدة الحمل، (فإن لم يظهر له خبر قسم ماله) واعتدت زوجته للوفاة ثم تزوجت، نص عليه، وقال الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يوقف ماله أبدًا حتى تمضي مدة لا يعيش في مثلها. ولنا إجماع الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - على تزويج امرأته بعد أربع سنين، وإذا ثبت ذلك في النكاح مع الاحتياط للأبضاع ففي المال أولى، ولأن الظاهر هلاكه فجاز قسمة ماله كما لو مضت مدة لا يعيش في مثلها، فإذا كان في الورثة مفقود دفعت إلى كل وارث اليقين ووقفت الباقي كما ذكرنا، فتعمل المسألة على أنه حي ثم على أنه ميت ثم تضرب إحداهما في الأخرى أو في وفقها إن اتفقتا، ثم تضرب ما لكل واحد من إحدى المسألتين في الأخرى أو في وفقها "إن اتفقتا" فتدفع إليه أقل النصيبين وتقف الباقي. مثاله: زوج وأم وجدة وأخت وأخ مفقود، مسألة الوجود من ثمانية عشر، ومسألة العدم من سبعة وعشرين يتفقان بالاتساع فاضرب تسع إحداهما في الأخرى تكن أربعة وخمسين: للزوج من مسألة الوجود تسعة في ثلاثة سبعة وعشرون، ومن مسألة العدم تسعة في سهمين ثمانية عشر تدفعها إليه لأنها اليقين. وللأم في مسألة الوجود ثلاثة في ثلاثة تسعة ومن مسألة العدم ستة في اثنين اثنا عشر فتدفع إليها تسعة لأنها اليقين. وللأخت من مسألة الوجود سهم في ثلاثة بثلاثة ومن مسألة العدم أربعة في اثنين ثمانية فتدفع إليها الثلث، وللجد من مسألة الوجود ثلاثة في ثلاثة تسعة ومن مسألة العدم ثمانية في اثنين ستة عشر فتدفع إليه التسعة يبقى خمسة عشر موقوفة، فإن بان الأخ حيًا دفعت إليه ستة لأن له من مسألة الوجود اثنين مضروبًا في وفق مسألة العدم ثلاثة، ودفعت إلى الزوج تسعة لأن له من مسألة الوجود سبعة وعشرين، معه ثمانية عشر بقي له تسعة، ونصيب الأم السدس لا غير وقد أخذته، وكذا الأخت. وإن بان الأخ ميتًا دفعنا إلى الأم ثلاثة وإلى الجد سبعة وإلى الأخت خمسة وعلى هذا العمل.

مسألة 44: (وإن طلق المريض في مرض الموت المخوف امرأته طلاقًا يتهم فيه بقصد

(1/367)


الميراث لم يسقط ميراثها ما دامت في عدته
(45) وإن كان الطلاق رجعيًا توارثا في العدة سواء كان في الصحة أو في المرض
(46) وإن أقر الورثة كلهم بمشارك لهم في الميراث فصدقهن، أو كان صغيرا مجهول النسب ثبت نسبه ورثه
(47) وإن أقر به بعضهم لم يثبت نسبه
(48) وأمر له فضل ما في يد المقر عن ميراثه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
حرمانها الميراث) مثل أن طلقها ابتداء في مرضه بائنًا ثم مات في مرضه ذلك (ورثته ما دامت في العدة) لما روي أن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ورّث تماضر بنت الأصبغ الكلبية من عبد الرحمن بن عوف، وكان طلقها في مرض موته فبتها، واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكر فكان إجماعًا، ولأنه قصد قصدًا فاسدًا في الميراث فعورض بنقيض قصده كالقاتل، وهل ترث بعد انقضاء العدة؟ فيه روايتان: إحداهما: ترثه لأن عثمان ورث امرأة عبد الرحمن بعد انقضاء العدة، ولأنه فار من ميراثها فورثته كالمعتدة. والثانية: لا ترثه لأن آثار النكاح زالت بالكلية فلم ترثه كما لو تزوجت، ولأن ذلك يفضي إلى توريث أكثر من أربع زوجات بأن تزوج أربعًا بعد انقضاء عدة المطلقة وذلك غير جائز.

مسألة 45: (وإن كان الطلاق رجعيًا توارثا في العدة سواء كان في الصحة أو في المرض) لأن الرجعية زوجة.

مسألة 46: (وإن أقر الورثة كلهم بمشارك لهم في الميراث فصدقهم أو كان صغيرًا مجهول النسب ثبت نسبه وإرثه) لأن الورثة يقومون مقام الميت في ماله وحقوقه وهذا من حقوقه، وسواء كان الورثة واحدًا أو جماعة ذكرًا أو أنثى؛ لأنه حق ثبت بالإقرار فلم يعتبر فيه العدد كالدين، ولأنه قول لا تعتبر فيه العدالة فلا يعتبر فيه العدد كإقرار الموروث.

مسألة 47: (وإن أقر بعضهم لم يثبت نسبه) لأنه لا يرث المال كله، ولو كان المقر عدلًا؛ لأنه إقرار من بعض الورثة، فإن شهد منهم عدلان أنه ولد على فراشه وأن الميت أقر به ثبت نسبه وشاركهما في الإرث، لأنهما لو شهدا على غير موروثهما قبل فكذلك على موروثهما.

مسألة 48: (وعلى المقر أن يدفع إلى المقر له فضل ما في يده عن ميراثه) فإذا أقر أحد الاثنين بأخ فله ثلث ما في يده، وإن أقر بأخت فلها خمس ما في يده، لأن التركة بينهم أثلاثًا أو أخماسًا فلا يستحق المقر له مما في يده إلا الثلث أو الخمس كما لو ثبت

(1/368)


باب الولاء الولاء لمن أعتق وإن اختلف بينهما لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما الولاء لمن أعتق» وإن عتق عليه برحم أو كتابة أو تدبير أو استيلاء فله عليه الولاء، وعن أولاده من حرة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
نسبه ببينة، ولأنه إقرار بحق يتعلق بحصته وحصة أخيه فلا يلزمه أكثر مما يخصه كالإقرار بالوصية وكإقرار أحد الشريكين على مال الشركة بدين، ولأنه لو شهد معه أجنبي بالنسب ثبت، ولو لزمه أكثر من حصته لم تقبل شهادته لأنه مجر بها نفعًا إلى نفسه لكونه يسقط عن نفسه ببعض ما يستحقه عليه، وفارق ما إذا غصب بعض الشركة وهما اثنان، لأن كل واحد منهما يستحق النصف من كل جزء من الشركة، وهاهنا يستحق الثلث فافترقا، فإن لم يكن في يده فضل فلا شيء للمقر له لأنه لم يقر له بشيء.

[باب الولاء]
(كل من أعتق عبدًا أو عتق عليه برحم أو كتابة أو تدبير أو استيلاء أو وصية بعتقه فله عليه الولاء) لما روى ابن عمر عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «الولاء لمن أعتق» وروى أنه «نهى عن بيع الولاء وعن هبته» متفق عليهما. وأجمعوا على أن من أعتق عبدًا أو عتق عليه ولم يعتقه سابقه أن له عليه الولاء (ويثبت الولاء للمعتق على المعتق وعلى أولاده من زوجة معتقة أو أمة) أما ثبوت الولاء على المعتق مجمع عليه، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الولاء لمن أعتق» . وأما ثبوته على أولاده فلأنه ولي نعمتهم وعتقهم بسببه، ولأنهم فرع والفرع يتبع الأصل بشرط أن يكونوا من زوجة معتقة أو من أمته، فإن كانت أمهم حرة الأصل فلا ولاء على ولدها لأنهم يتبعونها في الحرية والرق فيتبعونها في عدم الولاء وليس عليها ولاء. وإن كان أبوهم حر الأصل فلا ولاء عليهم أيضًا، ولكن يشترط أن لا يكون قد ثبت عليهم ملك مالك فإن كان قد ثبت عليهم ملك وعتقوا فولاؤهم لمن أعتقهم لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الولاء لمن أعتق» (ويثبت له الولاء على معتقي معتقيه ومعتقي أولاده وأولادهم ومعتقيهم أبدًا ما تناسلوا) لأنه ولي نعمتهم وبسببه عتقوا أشبه ما لو باشرهم بالعتق.

(1/369)


معتقة أو أمة، وعلى معتقيه ومعتقي أولاده وأولادهم ومعتقيهم أبدا ما تناسلوا
(49) ويرثهم إذا لم يكن له من يحجبه عن ميراثهم ثم عصباته من بعده
(50) ومن قال: أعتق عبدك عني وعلي ثمنه ففعل، فعلى الآمر ثمنه وله ولاؤه
(51) وإن لم يقل " عني " فالثمن عليه والولاء للمعتق
(52) ومن أعتق عبده عن حي بلا أمره أو عن ميت فالولاء للمعتق وإن أعتقه عنه بأمره فالولاء للمعتق عنه بأمره
(53) وإذا كان أحد الزوجين الحرين حر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 49: (ويرثهم إذا لم يكن له من يحجبه من ميراثهم ثم عصباته من بعده) فمتى كان للمعتق عصبة من أقاربه أو ذو فرض تستغرق فروضهم المال فلا شيء للمولى المنعم، لما روى سعيد عن الحسن قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الميراث للعصبة، فإن لم يكن عصبة فللمولى» ، وعنه «أن رجلًا أعتق عبدًا فقال للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ما ترى في ماله؟ قال: "إن مات ولم يدع وارثًا فهو لك» ولأن النسب أقوى من الولاء بدليل أنه لا يتعلق به التحريم والنفقة وسقوط القصاص ورد الشهادة ويتعلق ذلك بالنسب، ولا نعلم في هذا خلافًا. ثم يرث به عصباته من بعده الأقرب فالأقرب، فإذا مات العبد بعد موت مولاه ورثه أقرب عصبة مولاه دون ذوي الفروض، لأن الولاء كالنسب والنسب إلى العصبات، ولأنه كنسب المولى من أخ أو عم فيرثه ابن المولى دون ابنته كما يرث عمه، ويقدم الأقرب فالأقرب من العصبات لما روى سعيد بن المسيب أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «المولى أخ في الدين وولي نعمة، يرثه أولى الناس بالمعتق» ، ولأن عصبات الميت يرث منهم الأقرب فالأقرب فكذلك عصبات المولى.

مسألة 50: (ومن قال: أعتق عبدك عني وعلي ثمنه ففعل فعلى الأمر ثمنه وله ولاؤه) لأنه نائب عنه في العتق فهو كالوكيل.

مسألة 51: (وإن لم يقل عني " فالثمن عليه والولاء للمعتق) لأنه لم يعتقه عن غيره فأشبه ما لو لم يجعل له جعلًا.

مسألة 52: (ومن أعتق عبده عن حي بلا أمره أو عن ميت فالولاء للمعتق) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الولاء لمن أعتق» (وإن أعتقه عنه بأمره فالولاء للمعتق عنه بأمره) لأنه عتق عليه فأشبه ما لو باشر عتقه.

مسألة 53: (وإذا كان أحد الزوجين الحرين حر الأصل فلا ولاء على ولدهما) لما

(1/370)


الأصل فلا ولاء على ولدهما
(54) وإن كان أحدهما رقيقا تبع الولد الأم في حريتها ورقها، فإن كانت الأم رقيقة فولدها رقيق لسيدها، فإن اعتقهم فولاؤهم له لا يخرج عنه بحال، وإن كان الأب رقيقا والأم معتقة فأولادها أحرار وعليهم الولاء لمولى أمهم، فإن أعتق العبد سيده ثبت له عليه الولاء وجر إليه ولاء أولاده
(55) وإن اشترى أباه عتق عليه وله ولاؤه وولاء إخوته، ويبقى ولاؤه لموالي أمه لأنه لا يجر ولاء نفسه
(56) فإن اشترى أبوهم عبدًا فأعتقه ثم مات الأب فميراثه بين أولاده للذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا مات عتيقه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
سبق في أول الباب، ولأن حرية الأب تقطع الولاء عن موالي الأم بعد ثبوته، فإذا كان حرًا منع ثبوتها لأن المنع أسهل من الرفع.

مسألة 54: (وإذا كان أحدهما رقيقًا تبع الولد الأم في حريتها أو رقها) لأنه إن كانت أمهم رقيقة وأبوهم حر تبعوا الأم لأنهم عبيد لسيدها ونفقتهم عليه، وإن كان أبوهم رقيقًا وأمهم حرة تبعوا أمهم في الحرية لأنهم يتبعونها في الرق ففي الحرية أولى. (وإن كانت الأم رقيقة فولدها رقيق لسيدها، فإن أعتقهم فولاؤهم له لا يخرج عنه بحال) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الولاء لمن أعتق» (وإن كان الأب رقيقًا والأم معتقة فولدها أحرار وعليهم الولاء لمولى أمهم) لأنه ولي نعمتهم لأنهم عتقوا بسبب عتقه أمهم (فإن أعتق العبد سيده ثبت له عليه الولاء وجر إليه ولاء أولاده) عن مولى أمهم، لأن الأب لما كان مملوكًا لم يكن يصلح وارثًا ولا واليًا في النكاح ولا يعقل، فكان ابنه كولد الملاعنة انقطع نسبه عن أبيه فثبت الولاء لمولى أمه وانتسب إليها، فإذا عتق العبد صلح الانتساب إليه وعاد وارثًا عاقلًا وليًا، فعادت النسبة إليه وإلى مواليه بمنزلة ما لو استلحق الملاعن ولده، وهو قول جمهور الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.

مسألة 55: (وإن اشترى أحد الأولاد أباه عتق عليه وله ولاؤه وولاء إخوته) للخبر، ولأنه سبب الإنعام عليهم فكان له ولاؤهم كما لو باشرهم بالعتق (ويبقى ولاؤه لموالي أمه لأنه لا يكون مولى نفسه) يعقل عنها ويرثها.

مسألة 56: (فإن اشترى أبوهم عبدًا فأعتقه ثم مات الأب فميراثه بين أولاده بالنسب للذكر مثل حظ الأنثيين، فإذا مات عتيقه بعده فميراثه للذكور دون الإناث) لأنهم أقرب عصبة موالاة، فيرثونه دون ذوي الفروض، لأن الولاء كالنسب، والنسب إلى العصبات،

(1/371)


بعده فميراثه للذكور دون الإناث
(57) ولو اشترى الذكور والإناث أباهم فعتق عليهم، ثم اشترى أبوهم عبدًا فأعتقه، ثم مات الأب ثم مات عتيقه، فميراثهما على ما ذكرنا في التي قبلها
(58) وإن مات الذكور قبل موت العتيق ورث الإناث من ماله بقدر ما أعتقن من أبيهن، ثم يقسم الباقي بينهن وبين معتق الأم، فإن اشترين نصف الأب وكانوا ذكرين وأنثيين
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
ولأنه كنسب المولى من أخ أو عم فيرثه ابن المولى دون ابنته كما يرث ابن عمه دون ابنة عمه ويرثه ابن أخيه دون ابنته.

مسألة 57: (ولو اشترى الذكور والإناث أباهم فعتق عليهم، ثم اشترى أبوهم عبدًا فأعتقه، ثم مات الأب ثم مات عتيقه، فميراثهما على ما ذكرنا في التي قبلها) ودليلها دليل التي قبلها.

مسألة 58: (وإن مات الذكور قبل موت العتيق ورث الإناث من ماله بقدر ما أعتقن من أبيهن، ثم يقسم الباقي بينهن وبين معتق الأم، فإن اشترين نصف الأب وكانوا ذكرين وأنثيين فلهن خمسة أسداس الميراث ولمعتق الأم سدسه، لأن لهن نصف الولاء والباقي بينهن وبين معتق الأم أثلاثًا) لأن النصف الباقي كان للاثنين لكل واحد منهما الربع، فلما مات الأول منهما كان نصيبه لمواليه وهم أختاه وأخوه، وموالي أمه لكل واحد منهم ربعه، فلما مات الثاني منهما فنصيبه بينهم كذلك، إلا أننا أسقطنا ذكر نصيب الميت الأول منهما قطعًا للدور، ولأننا لو قسمنا سهمه لعاد إلى الأحياء من الموالي وهم الأختان وموالي الأم أثلاثًا فقسمنا النصف الباقي بين الثلاثة أثلاثًا لكل واحد منهم سدس، فصار للأختين السدسان مع النصف الذي لهما وهي خمسة أسداس ولموالي الأم سدس أصلها من أربعة، وتصح من ثمانية وأربعين لأن الولاء بينهم على أربعة: للبنتين سهمان ولكل ابن سهم، فإذا مات أحد الابنين عن سهم فهو مقسوم بين أخيه وأختيه وموالي أمه من أربعة لكل واحد الربع، وسهم على أربعة لا يصح فتضرب أربعة في أربعة تكن ستة عشر: للبنتين عشرة وللأختين خمسة ولموالي الأم سهم، فإذا مات الأخ الآخر عن خمسة قسمناها على ثلاثة للأختين وموالي الأم، تركنا ذكر سهم الميت أولًا قطعًا للدور، وخمسة على ثلاثة لا تصح فنضرب ثلاثة في ستة عشر تكن ثمانية وأربعين، للأختين أربعون سهمًا منها أربعة وعشرون سهمًا النصف، ولهما من ستة عشر اثنان في ثلاثة ستة صارت ثلاثين، يبقى خمسة

(1/372)


فلهن خمسة أسداس الميراث ولمعتق الأم السدس لأن لهن نصف الولاء والباقي بينهن وبين معتق الأم أثلاثا
(59) فإن اشترى ابن المعتقة عبدا فأعتقه ثم اشترى العبد أبا معتقه جر ولاء معتقه وصار كل واحد منهما مولى الآخر، ولو أعتق الحربي عبدا فأسلم وسباه العبد وأخرجه إلى دار الإسلام ثم أعتقه صار كل واحد منهما مولى الآخر
باب الميراث بالولاء الولاء لا يورث، وإنما يرث به أقرب عصبات المعتق
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
عشر لهما ولموالي الأم أثلاثًا، لهما عشرة ولموالي الأم خمسة، ولهم ثلاثة أيضًا صارت ثمانية وهي سدس والأربعون خمسة أسداس فصحت من ذلك.

مسألة 59: (فإن اشترى ابن المعتقة عبدًا فأعتقه ثم اشترى العبد أبا معتق فأعتقه جر ولاء معتقه وصار كل واحد منهما مولى الآخر) وذلك أنه إذا أعتق صار له ولاؤه لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الولاء لمن أعتق» فإذا أعتق هذا العبد أبا معتقه صار له الولاء على معتقه بولائه على أبيه (ومثله ما لو أعتق الحربي عبدًا فأسلم ثم أسر سيده وأعتقه فلكل واحد منهما ولاء صاحبه) وكما جاز أن يشتركا في النسب فيرث كل واحد منهما صاحبه كذلك الولاء.

[باب الميراث بالولاء]
(الولاء لا يورث، وإنما يرث به أقرب عصبة المعتق) فإذا مات السيد قبل مولاه لم ينتقل الولاء إلى عصبته لأن الولاء كالنسب لا يورث، فهو باق للمعتق أبدًا لا يزول، بدليل قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما الولاء لمن أعتق» وإنما يرث عصبة المولى مولى المولى بولاء معتقه لا نفس الولاء، وهو قول الجمهور. وشذ شريح فقال: يورث كما يورث المال. ولنا ما روى سعيد بإسناده عن الزهري عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «المولى أخ في الدين، ومولى نعمة، وأولى الناس بميراثه أقربهم من المعتق» ، ولأنه إجماع الصحابة لم يظهر عنهم خلافه فلا يجوز مخالفته، ولا يصح اعتبار الولاء بالمال لأن الولاء لا يورث بدليل أنه لا يرث منه ذوو الفروض وإنما يورث به، فينتظر أقرب الناس إلى سيده يوم موت المولى المعتق فيكون هو الوارث للمولى دون غيره، كما أن السيد لو مات في تلك الحال ورثه وحده، فلو مات المولى وخلف ابن مولاه وابن ابن مولاه كان ميراثه لابن مولاه لأنه أقرب عصبات سيده.

(1/373)


60 - ولا يرث النساء من الولاء إلا ما أعتقن أو أعتقه من أعتقن
(61) وكذلك كل فرض إلا الأب والجد لهما السدس مع الابن وابنه
(62) والولاء للكبر، فلو مات المعتق وخلف ابنين وعتيقه فمات أحد الابنين عن ابن ثم مات عتيقه فماله لابن المعتق، إن مات الابنان بعده وقبل المولى وخلف أحدهما ابنا والآخر تسعة فولاؤه بينهم على عددهم لكل واحد عشرة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
مسألة 60: (ولا يرث النساء بالولاء إلا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن) وهذا ليس فيه خلاف بينهم، وقد نص النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ذلك، «فإن عائشة لما أرادت شراء بريرة لتعتقها وأراد أهلها اشتراط ولائها قال لها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "اشتريها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق» متفق عليه. وفي حديث «تحوز المرأة ثلاثة مواريث: عتيقها ولقيطها وولدها الذي لاعنت عليه» قال الترمذي: حديث حسن. ولأن المعتقة منعمة بالإعتاق كالرجل فوجب أن تساويه في الميراث وترث معتق معتقها لأنها السبب في الإنعام عليه، أشبه ما لو باشرته بالعتق، فأما من أعتقه أبوها فلا ترثه لأنه بمنزلة أخي أبيها أو عمه لا ترثه ويرثه أخوها.

مسألة 61: (وكذلك كل ذي فرض إلا الأب والجد لهما السدس مع الابن وابنه) الجد يرث الثلث مع الإخوة إذا كان أحظ له، فإذا مات المعتق وخلف أبا معتقه وابن معتقه فلأبي معتقه السدس وما بقي فللابن، نص عليه، وكذلك في جد المعتق وابنه، فإن ترك أخا معتقه وجد معتقه فالولاء بينهما نصفين، فإن كانا أخوين فالولاء بينهما أثلاثًا للجد الثلث، وإن كانوا أكثر من اثنين قسم بينهم مال المعتق كما يقسم مال المعتق لو مات؛ لأنه ميراث بين الجد والإخوة أشبه الميراث بالنسب، فإن كان معهم أخوات لم يعتد بهن لأنهن لا يرثن منفردات فلا يعتد بهم كالإخوة من الأم.

مسألة 62: (والولاء للكبر، فلو مات المعتق وخلف ابنين وعتيقه فمات أحد الابنين عن ابن، ثم مات عتيقه فماله لابن المعتق) لأن الولاء لأقرب عصبة المعتق، والابن أقرب من ابن ابن (وإن مات الابنان بعده وقبل مولاه وخلف أحد الابنين ابنًا وخلف آخر تسعة كان الولاء بينهم على عددهم لكل واحد منهم عشرة) روي ذلك عن جماعة من الصحابة، قال: الولاء للكبر، وتفسيره أنه يرث المولى المعتق من عصبات سيده أقربهم إليه

(1/374)


(63) وإذا أعتقت المرأة عبدا ثم ماتت فولاؤه لابنها، وعقله على عصبتها
باب العتق وهو تحرير العبد
(64) ويحصل بالقول والفعل، فأما القول فصريحه لفظ العتق
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
يوم موت العبد، قال ابن سيرين: إذا مات المعتق نظر أقرب الناس إلى الذي أعتقه فيجعل ميراثه له. وإذا مات السيد قبل مولاه لم ينتقل الولاء إلى عصبته لأن الولاء كالنسب لا يورث وإنما يورث به، فهو باق للمعتق أبدًا لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما الولاء لمن أعتق» .

مسألة 63: (وإذا أعتقت المرأة عبدا ثم ماتت فولاؤه لابنها، وعقله على عصبتها) لما «روى زياد بن أبي مريم أن امرأة أعتقت عبدًا ثم توفيت وتركت ابنًا لها وأخاها، ثم توفي مولاها من بعدها فأتى أخو المرأة وابنها إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ميراثه فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ميراثه لابن المرأة" فقال أخوها: لو جر جريرة كانت علي، ويكون ميراثه لهذا؟ قال: "نعم» .