الفروع و
معه تصحيح الفروع كتاب البيع
مدخل
مدخل
...
كتاب البيع
ينعقد بالإيجاب والقبول بعده بلفظ دال على
الرضا, وعنه: بعت
ـــــــ
..................................
(6/121)
و:اشتريت فقط,
فلو قال: بعتكه بكذا, فقال: أنا آخذه, لم يصح,
بل أخذته, نقله مهنا, فإن تقدم القبول الإيجاب
بماض أو طلب صح, وعنه: بماض, وعنه: لا, اختاره
الأكثر, كنكاح, نص عليه, وذكر ابن عقيل فيه
رواية, اختاره بعضهم, وإن تراخى عنه في مجلسه
صح إن لم يتشاغلا بما يقطعه عرفا, وإلا فلا.
وكذا نكاح, وعنه: لا يبطل بالتفرق, وعنه: مع
غيبة الزوج.
ويصح بيع المعاطاة, نحو أعطني بدرهم خبزا,
فيعطيه ما يرضيه, أو خذ هذا بدرهم فيأخذه.
وعنه: في اليسير, اختاره القاضي, وعنه:
ـــــــ
...................................
(6/122)
لا, ومثله وضع
ثمنه عادة وأخذه, وكذا هبة, فتجهيز بنته بجهاز
إلى زوج تمليك, في الأصح, وذكر ابن عقيل وغيره
صحة الهبة. ولا بأس بذوقه حال
ـــــــ
.................................
(6/123)
الشراء, نص
عليه, وقال أيضا: لا أدري إلا أن يستأذن.
وله شروط:
"أحدها" الرضا, فإن أكره بحق صح, وإن أكره على
وزن مال فباع ملكه كره الشراء, ويصح على الأصح
وهو بيع المضطر, ونقل حرب تحريمه وكراهته,
وفسره في روايته فقال: يجيئك محتاج فتبيعه ما
يساوي عشرة بعشرين, ولأبي داود1, عن محمد بن
عيسى, عن هشيم, عن صالح بن عامر كذا قال محمد
قال حدثنا شيخ من بني تميم قال: خطبنا علي, أو
قال علي: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع
المضطر, وبيع الغرر, وبيع الثمرة قبل أن تدرك.
صالح لا يعرف, تفرد عنه هشيم, والشيخ لا يعرف
أيضا.
ولأبي يعلى الموصلي في مسنده2: حدثنا روح بن
حاتم, حدثنا هشيم, عن الكوثر بن حكيم, عن
مكحول قال: بلغني عن حذيفة أنه قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم. فذكر الحديث, وفيه
"ألا إن بيع المضطرين حرام, ألا إن بيع
المضطرين حرام" . الكوثر ضعيف بإجماع, قال
أحمد: أحاديثه بواطيل, ليس بشيء. وقال ابن
هبيرة: رأيت بخط ابن عقيل حكى عن كسرى أن بعض
عماله أراد أن يجري نهرا, فكتب إليه أنه لا
يجري إلا في بيت لعجوز, فأمر أن يشتري منها,
فضوعف لها الثمن فلم تقبل, فكتب كسرى أن خذوا
بيتها فإن المصالح الكليات تغفر فيها المفاسد
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 في سننه "3382".
2 لم نقف عليه.
(6/124)
الجزئيات. قال
ابن عقيل: وجدت هذا صحيحا, فإن الله وهو
الغاية في العدل - يبعث المطر والشمس, فإن كان
الحكيم القادر لم يراع نوادر المضار لعموم
المنافع فغيره أولى.
"الثاني" الرشد, وعنه: يصح تصرف مميز ويقف على
إجازة وليه, نقل حنبل: إن تزوج الصغير فبلغ
أباه فأجازه جاز, قال جماعة: ولو أجازه هو بعد
رشده لم يجز. وقال شيخنا: رضاه بقسمه هو قسمة
تراض, وليس إجازة لعقد فضولي, وقال: إن نفذ
عتقه المتقدم أو دل على رضاه به عتق, كمن يعلم
أنه يتصرف كالأحرار, وعنه: لا يقف. ذكرها
الفخر. وفي الانتصار وعيون المسائل: ذكر أبو
بكر صحة بيعه ونكاحه, وفيه نقل ابن مشيش صحة
عتقه إذا عقله, وكذا في عيون المسائل صحة
عتقه, وأن أحمد قاله.وفي المبهج والترغيب: في
عتق محجور عليه وابن عشر وابنة تسع وفي الموجز
ومميز روايتان, وهما في الانتصار: في سبقه.
وقال ابن عقيل: الصحيح عن أحمد لا تصح عقوده,
وأن شيخه قال: الصحيح عندي في عقوده كلها
روايتان, وقدم في التبصرة صحة عتق مميز وسفيه
ومفلس, نقل صالح: إذا بلغ عشرا زوج وتزوج وطلق
وفي طريقة بعض أصحابنا في صحة تصرف مميز
ونفوذه بلا إذن ولي وإبرائه وإعتاقه وطلاقه
روايتان. ويصح تصرفه بإذنه, على الأصح,
والسفيه مثله إلا في عدم وقفه, ويجوز إذنه
لمصلحة, ويصح في يسير منهما, وكذا من دون
المميز في أحد الوجهين "م 1" ومن عبد, وشراؤه
في ذمته واقتراضه لا يصح, كسفيه, في الأصح,
وعنه: يصح ويتبع به بعد عتقه, والروايتان في
إقراره. وللبائع أخذه منه لإعساره.
ـــــــ
"مسألة 1" قوله: ويصح في يسير منهما يعني من
المميز والسفيه وكذا من
(6/125)
ونقل حنبل: من
بائعه بعد ما علم أن مولاه حجر عليه ومنعه لم
يكن له شيء, لأنه هو أتلف ماله
وفي قبولهم هبة ووصية بلا إذن أوجه "الثالث":
يجوز من عبد, نص عليه. وفي المغني1: يصح قبول
مميز "م 2" وكذا قبضه, وفيه احتمال, ويقبل من
مميز, وذكر أبو الفرج: دونه هدية أرسل بها,
وإذنه في دخول دار. في جامع القاضي: ومن فاسق
وكافر, وذكره القرطبي "ع" وقال القاضي أيضا:
إن ظن صدقه, وهذا متجه. قال: وإن حذر من سلوك
طريق
ـــــــ
دون المميز2, في أحد الوجهين, انتهى.
"أحدهما" يصح, وهو الصحيح, قطع به في المغني3
والشرح4 "قلت": وهو الصواب.
والوجه الثاني: لا يصح, قطع به في الرعاية
الكبرى, وهو مفهوم كلام كثير من الأصحاب
"مسألة 2" قوله: وفي قبولهم يعني المميز
والسفيه والعبد هبة ووصية بلا إذن أوجه,
الثالث: يجوز من عبد, نص عليه. وفي المغني1:
يصح قبول مميز, انتهى. وأطلق القبول وعدمه في
السفيه والمميز في الرعايتين والحاويين,
وأطلقهما في الفائق, في الصغير.
"أحدهما" يصح من الجميع "قلت": وهو الصواب,
واختاره في المغني1 والشرح5 والحاوي في قبول
المميز.
ـــــــ
1 6/7.
2 في "ح": "السفيه".
3 6/8.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/12.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/19.
(6/126)
لزم قبوله,
وظاهر كلام غيره: لا, وهو أظهر, ولهذا ذكر في
التمهيد مسألة التعبد بالقياس: أن من أخبر
بلصوص في طريقه وظن صدقه لزمه تركه. وفي واضح
ابن عقيل1 عن المخالف في خبر واحد, ولو حذر
فاسق من طريق وجب قبوله عرفا, فقال: لا نسلم,
لاحتمال قصد تعويقه أو التهزي, والأصل
السلامة. وما سبق من كلامه في الجامع ذكره في
استقبال القبلة, قال: لأن الاستئذان والهدية
موضوعهما على حسن الظن, بدليل قبوله من الصبي,
والقبلة موضوعة على الاحتياط, لعدم قبوله من
الصبي. ويحتج لذلك أن النبي صلى الله عليه
وسلم قبل هدايا المشركين وهي على أيدي كفار2,
لكن قد يقال هذا مع قرينة ربما أفادت العلم
فضلا عن الظن, نحو مكاتبة وعلامة برسالة
وغيرها, فلا يفيد الإطلاق, ولعل هذا أولى.
"الثالث" أن يكون مباح النفع والاقتناء بلا
حاجة, كعقار وبغل وحمار, والقياس فيهما, لا إن
نجسا, قاله في الهداية, ودود قز, وحرمه في
الانتصار, وبزره3. وفيه وجه, وجزم به في عيون
المسائل قال: كبيض
ـــــــ
"والوجه الثاني" لا يصح"4. وقال الحارثي وتبعه
في القواعد الأصولية: لا يصح قبض مميز هبة ولا
قبولها, على أشهر الروايتين, وعليه معظم
الأصحاب "قلت": وهذا المذهب, وقد مر للمصنف في
باب ذكر أصناف الزكاة4" 5.
"والوجه الثالث" يصح من العبد دون غيره, وهو
المنصوص عن الإمام أحمد, وينبغي أن يكون هذا
المذهب
ـــــــ
1 4/363.
2 أخرج البخاري "2616", ومسلم "2469", عن أنس:
أن أكيدر دومة أهدى لللنبي صلى الله عليه وسلم
3 هو: بيض دود القز, تشبيها له ببزر البقل.
"المصباح": "بزر".
4 ليست في "ح".
5 4/373.
(6/127)
ما لا يؤكل,
ولا حشرات وآلة لهو وكلب وخمر ولو كانا ذميين,
ذكره الأزجي عن الأصحاب, وسرجين نجس, وفيه
تخريج من دهن نجس. وقال مهنا: سألت أحمد عن
السلف في البعر والسرجين قال: لا بأس. وأطلق
ابن رزين في بيع نجاسة قولين, وسم قاتل,
مطلقا, وقيل: يقتل به مسلما, ويجوز بيع
السقمونيا1 ونحوه.
وفي بيع علق لمص دم وديدان لصيد سمك وما يصاد
عليه كبومة شباشا2 وجهان "م 3 و 4"
ـــــــ
"مسألة 3 و 4" قوله: وفي بيع علق لمص دم
وديدان لصيد سمك وما يصاد عليه كبومة شباشا
وجهان. انتهى. ذكر مسألتين:
"المسألة الأولى 3" بيع العلق لمص دم وبيع
الديدان لصيد سمك هل يصح أم لا؟ أطلق الخلاف,
وأطلقه في الفائق.
"أحدهما" يصح, وهو الصحيح من المذهب, صححه في
المغني3 والشرح4 والنظم والحاوي الكبير
وغيرهم, وقدمه في الرعاية الكبرى "قلت": وهو
ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
"والوجه الثاني" لا يصح.
"المسألة الثانية 4" بيع ما يصاد عليه كبومة
شباشا هل يصح أم لا؟ أطلق الخلاف, وهما
احتمالان مطلقان في المغني5 والشرح6 والرعاية
الكبرى, وأطلق الوجهين في الحاوي الكبير.
ـــــــ
1 مادة مسهلة تستخرج من تجاويف نبات
السقمونيا. "القاموس": "سقم".
2 طائر يخيط الصائد عينيه ويربطه لتجتمع الطير
إليه. "المطلع" 386, والمعنى: أن يوضع طائر في
الشرك ليصاد به طائر آخر. "شفاء الغليل"
للخفاجي: 139.
3 6/362.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/28.
5 6/361.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/32.
(6/128)
ويجوز بيع طير
لقصد صوته, قاله الجماعة"*", وعند شيخنا: إن
جاز حبسه, وفيه احتمالان لابن عقيل "م 5" وفي
الموجز: لا يصح إجارة ما قصد صوته, كديك
وقمري. وفي التبصرة: لا يصح إجارة ما لا ينتفع
به كغنم ودجاج وبلبل وقمري. وفي الفنون: يكره.
وفي بيع هر
ـــــــ
"أحدهما" يصح مع الكراهة, وقدمه ابن رزين في
شرحه.
"والوجه الثاني" لا يصح, صححه الناظم.
"مسألة 5" قوله: ويجوز بيع طير لقصد1 صوته
ذكره جماعة, وعند شيخنا يجوز إذا جاز حسبه.
وفيه احتمالان لابن2 عقيل انتهى, قال في
الآداب الكبرى: فأما حبس المترنمات من
الأطيار, كالقماري والبلابل, لترنمها في
الأقفاص, فقد كرهه أصحابنا, لأنه ليس من
الحاجات إليه, لكنه من البطر والأشر ورقيق
العيش, وحبسها تعذيب, فيحتمل أن ترد الشهادة
باستدامته, ويحتمل أن لا ترد, ذكره في الفصول,
انتهى. وقال في الفصول في موضع آخر: وقد منع
من هذا أصحابنا وسموه سفها, انتهى. فقطع في
الموضع الثاني بالمنع وأن عليه الأصحاب, وهو
قوي, وقال في باب الصيد: نحن نكره حبسه
للتربية لما فيه من السفه, لأنه يطرب بصوت
حيوان صوته حنين إلى الطيران وتأسف على التخلي
في الفضاء.
"*" تنبيه قوله: ويجوز بيع طير لقصد1 صوته
ذكره جماعة "قلت": من الجماعة صاحب المستوعب
والمغني3 والشرح4 والرعايتين والحاويين والنظم
وشرح ابن رزين وغيرهم, وهو ظاهر ما قدمه
المصنف
ـــــــ
1 في النسخ الخطية و "ط" "لأجل", والمثبت من
"الفروع".
2 في النسخ الخطية و "ط" "ذكرهما ابن" والمثبت
من الفروع.
3 6/359.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/33.
(6/129)
وما يعلم الصيد
أو يقبل التعليم كفيل وفهد وباز وصقر وعقاب
ـــــــ
.................
(6/130)
وشاهين ونحوها
روايتان, فإن جاز ففي فرخه وبيضه وجهان "م 6 -
8"
ـــــــ
"مسألة 6 - 8" قوله: في بيع الهر وما يعلم
الصيد أو1 يقبل التعليم كفيل وفهد وباز وصقر
وعقاب وشاهين ونحو ذلك روايتان, فإن جاز ففي
فرخه وبيضه وجهان, انتهى ذكر المصنف مسائل:
"المسألة الأولى 6" بيع الهر هل يصح أم لا؟
أطلق الخلاف, وأطلقه في الهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة والمقنع2 والتلخيص والبلغة
والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والزركشي
وتجريد العناية وغيرهم.
إحداهما يجوز ويصح, وهو الصحيح, صححه في
التصحيح والكافي3 والنظم وغيرهم, واختاره
الشيخ الموفق والشارح وابن رزين في شرحه
وغيرهم, وقدمه في الحاوي الكبير, وقطع به
الخرقي وصاحب الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي
وغيرهم.
والرواية الثانية لا يصح البيع, واختاره أبو
بكر وابن أبي موسى وصاحب الهدي والفائق
وغيرهم, قال في القواعد الفقهية: لا يجوز بيع
الهر, في أصح الروايتين, للنهي الصحيح عن
بيعه4.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية و "ط": "مما", والمثبت من
الفروع
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/28.
3 3/9
4 أخرج مسلم "1569" "42", عن أبي الزبير قال:
سألت جابرا عن ثمن الكلب والسنور؟ قال: زجر
النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
(6/131)
وإن لم يقبل
الفيل والفهد التعليم لم يجز, كأسد وذئب ودب
وغراب.
ـــــــ
"المسألة الثانية 7" بيع ما يعلم الصيد, كما
مثل المصنف, هل يصح أم لا؟ أطلق الخلاف,
وأطلقه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة
والمقنع والتلخيص والبلغة والرعايتين والحاوي
الصغير والفائق والزركشي وتجريد العناية
وغيرهم. إحداهما يصح, وهو الصحيح, صححه في
التصحيح والكافي والنظم وغيرهم, واختاره الشيخ
والشارح وابن رزين وغيرهم, وقدمه في الحاوي
الكبير, وقطع به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور
ومنتخب الآدمي وغيرهم. والرواية الثانية لا
يصح, اختاره أبو بكر وابن أبي موسى, وحاصله أن
من اختار الصحة هنا اختارها في الهر, إلا صاحب
الهدي والفائق وابن رجب, وأظن والشيخ تقي
الدين, فإنهم اختاروا عدم الجواز في الهر,
لأنه قد ثبت في صحيح مسلم النهي عن بيعه,
والله أعلم. "تنبيه" قوله في المسألة: وما
يعلم الصيد مما يقبل التعليم كفيل, وإلى آخره,
وقال بعد ذلك: فإن لم يقبل الفيل أو الفهد
التعليم لم يجز بيعه كأسد إلى آخره, فلعله
أراد أن تعليم كل شيء بحسبه فتعليم الفيل
للركوب والحمل عليه ونحوهما, وتعليم غيره
للصيد, إلا أنه أراد تعليم الفيل للصيد, وإن
كان ظاهر عبارته الأولى, فإن هذا لم يعهده ولم
يذكره الأصحاب فيما يصاد به, ولشيخنا عليه
كلام في حواشيه.
"المسألة 8 الثالثة" إذا قلنا يصح البيع, فهل
يصح بيع فراخه وبيضه أم لا؟ أطلق
(6/132)
قال في عيون
المسائل: ونسر ونحوها, وقال: ونمر, ويأتي في
الصيد, ونقل مهنا عن أحمد أنه كره بيع الفهود
وجلودها وجلد النمر. وكذا بيع قرد للحفظ "م 9"
وقيل: وغيره, قال مهنا: سألت أحمد عن بيع
القرد وشرائه فكرهه, ويجوز بيع عبد جان, في
المنصوص, كمرتد, فلجاهل أرشه وفي
ـــــــ
الخلاف "قلت": وعلى قياسه ولد الفهد الصغير,
وأطلقه في الرعاية الكبرى في البيض.
أحدهما يصح فيهما إذا كان البيض ينتفع به, بأن
يصير فرخا, وهو الصحيح, اختاره الشيخ والشارح,
وصححه في النظم, وقدمه في الكافي1 والحاوي
الكبير وشرح ابن رزين, قال الزركشي: إن قبل
التعليم جاز, على الأشهر, كالجحش الصغير, قلت:
وهو الصواب.
والوجه الثاني لا يصح. وقال القاضي: لا يجوز
بيع البيض لنجاسته, ورده الشارح, وهو كما قال.
"المسألة مسألة 9" قوله: "وكذا بيع قرد للحفظ"
يعني أن فيه الخلاف المطلق الذي في سباع
البهائم, وأطلقهما في المستوعب والرعايتين
والفائق, وظاهر ما في المغني2 والشرح3 إطلاق
الخلاف كالمصنف:
أحدهما: يصح, اختاره ابن عقيل, وقدمه في
الحاوي الكبير "قلت": هو الصواب, وهو أقبل
للتعليم مما تقدم, وعمومات كلام كثير من
الأصحاب تقتضي ذلك, وقد أطلق الإمام أحمد
كراهة بيع القرد. وقال في آداب الرعايتين:
يكره اقتناء قرد لأجل اللعب, وقيل: مطلقا,
انتهى. وظاهره أن المذهب لا يكره اقتناؤه لغير
اللعب.
والوجه الثاني لا يصح بيعه. وقال الشيخ الموفق
والشارح: وهو قياس قول أبي بكر وابن أبي موسى,
واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
ـــــــ
1 3/10
2 6/361.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/32.
(6/133)
مسألة مرتد
احتمال ثمنه ومريض, وقيل: غير مأيوس. وفي
متحتم قتله لمحاربة ولبن آدمية وقيل: أمة
وجهان "م 10 و 11". قال أحمد: أكره
ـــــــ
"مسألة 10 و 11" قوله: وفي متحتم القتل
للمحاربة ولبن آدمية وقيل: أمة وجهان انتهى
ذكر مسألتين.
"المسألة الأولى" هل يصح بيع المتحتم القتل
للمحاربة أم لا؟ أطلق فيه الخلاف, وأطلقه في
الكافي1 والمقنع2 والمحرر والرعايتين والحاوي
الصغير والفائق وغيرهم.
أحدهما يصح, وهو الصحيح, صححه في المغني3
والشرح2 والنظم والتصحيح وغيرهم, وجزم به في
الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة
والوجيز والمنور وغيرهم, وقدمه في المستوعب
والحاوي الكبير.
ـــــــ
1 3/10
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/34.
3 6/254.
(6/134)
للمرأة أن تبيع
لبنها, واحتج ابن شهاب وغيره بأن الصحابة رضي
الله عنهم قضوا فيمن غر بأمة بضمان الأولاد,
ولو كان للبن قيمة لذكروه. ونقل ابن الحكم
فيمن عنده أمة رهن فسقت ولده لبنا وضع عنه
بقدره. وفي منذور عتقه نظر, قاله القاضي
والمنتخب والأشهر المنع"*" وفي
ـــــــ
والوجه الثاني لا يصح, قال القاضي: إذا قدر
عليه قبل التوبة لم يصح بيعه, لأنه لا قيمة
له, انتهى. وهو قوي.
"المسألة الثانية" هل يصح بيع لبن الآدميات أم
لا؟ أطلق الخلاف, وأطلقه في الهداية والمذهب
ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والكافي1
والمقنع2 والتلخيص والبلغة والرعايتين
والحاويين وتجريد العناية وغيرهم.
أحدهما: يصح مطلقا, وهو الصحيح, وهو ظاهر كلام
الخرقي, صححه الشيخ الموفق والشارح والناظم
وصاحب التصحيح وغيرهم, وجزم به في الوجيز
ومنتخب الآدمي, واختاره ابن حامد وابن عبدوس
في تذكرته.
والوجه الثاني: لا يصح مطلقا, قال الشيخ
الموفق ومن تابعه: ذهب جماعة من أصحابنا إلى
تحريم بيعه, وجزم به في المنور, وقدمه في
المحرر, وقد أطلق الإمام أحمد الكراهة.
والوجه الثالث: يصح من الأمة دون الحرة.
وأطلقهن في الفائق.
"*" تنبيه قوله: وفي منذور عتقه نظر, قاله
القاضي والمنتخب يعني نذر تبرر لا نذر لجاج
وغضب, قاله ابن نصر الله والأشهر المنع,
انتهى. الأشهر هو الصحيح من المذهب, جزم به في
المحرر والفائق والمنور وتذكرة ابن عبدوس
وغيرهم, وقدمه في الرعايتين والنظم. وقيل: يصح
بيعه. قال ابن نصر الله في
ـــــــ
1 3/10.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/34.
(6/135)
جواز بيع
المصحف "و هـ" وكراهته "و م ش" وتحريمه روايات
"م 12" فإن حرم قطع بسرقته ولا يباع في دين,
ولو وصى ببيعه لم يبع, نص
ـــــــ
حواشيه: ولا تردد في جواز بيعه. قال في
الرعايتين: قلت: إن علقه بشرط صح بيعه قبله,
وجزم به في الحاويين, وهو الصواب
"المسألة 12" قوله: وفي جواز بيع المصحف
وكراهته وتحريمه روايات. انتهى.
إحداهن: لا يجوز بيعه, وهو الصحيح, على ما
اصطلحناه. قال الإمام أحمد: لا أعلم في بيعه
رخصة, وجزم به في الوجيز وغيره, واختاره الشيخ
الموفق والشارح وابن رزين وغيرهم, وقدمه في
المغني1 والكافي2 والشرح3 والرعاية الكبرى
والنظم وشرح ابن رزين وغيرهم.
"والرواية الثانية" يجوز بيعه مع الكراهة,
صححه في مسبوك الذهب والخلاصة والتصحيح. قال
في الرواية الكبرى: وهو أظهر. وجزم به في
المنور ومنتخب الآدمي وإدراك الغاية وغيرهم,
وقدمه في الهداية والمستوعب والهادي والمحرر
والرعاية الصغرى والحاويين ونظم المفردات
وغيرهم, واختاره ابن عبدوس وغيره "قلت": وعليه
العمل, ولا يسع الناس غيره, وأطلقهما في
المقنع3.
"والرواية الثالثة" يجوز بيعه من غير كراهة,
وذكرها أبو الخطاب فمن بعده.
"*" تنبيه : قوله: فإن حرم قطع بسرقته, قال
بعض الأصحاب المتأخرين: هذا سهو من المصنف,
وصوابه فإن جاز قطع بسرقته, وإن حرم لم يقطع,
انتهى, وهو
ـــــــ
1 6/367.
2 3/13.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/39.
(6/136)
عليهما, ونقل
ابن إبراهيم بيع التعاويذ أعجب إلي من أن يسأل
الناس, والتعليم أحب إلي من بيع التعاويذ.
وفي القراءة فيه بلا إذن ولا ضرر وجهان "م 13"
وجوزه أحمد لمرتهن, وعنه. وفيه: يكره, ونقل
عبد الله: لا يعجبني بلا إذنه. ويلزم بذله
لحاجة وقيل: مطلقا, وقيل عكسه, كغيره. وإجارته
كبيعه "م 14" وكذا إبداله
ـــــــ
كما قال, "1اللهم إلا أن يريد التحريم مع
الصحة, وهو أولى, وفي عبارته ما يدل عليه,
لأنه قال: وفي جواز بيعه وكراهته وتحريمه.
مراده بقوله: فإن حرم, وهو التحريم الثاني,
يعني مع الصحة1", والله أعلم.
"مسألة 13" قوله: وفي القراءة فيه بلا إذن ولا
ضرر وجهان, انتهى.
"أحدهما" لا يجوز, وهو الصواب, وقدمه في
الرعاية الكبرى في باب الرهن "قلت": وهو ظاهر
كلام كثير من الأصحاب, وهو ظاهر ما قطع به في
المغني2 والشرح3, فإنهما قالا: "والرواية
الثانية" يجوز رهنه, قال الإمام أحمد: إذا رهن
مصحفا لا يقرأ فيه إلا بإذنه, انتهى. ونقل عبد
الله: لا يعجبني بلا إذنه. "والوجه الثاني"
يجوز بشرطه المتقدم, اختاره في الرعاية
الكبرى, ويؤيده أن الإمام أحمد جوز القراءة
فيه للمرتهن, وقد قال في القاعدة التاسعة
والتسعين: تجب إعارة المصحف لمن احتاج إلى
القراءة فيه ولم يجد مصحفا غيره, ونقله القاضي
في الجامع الكبير. وذكر ابن عقيل في كلام مفرد
له: أن الأصحاب عللوا قولهم لا يقطع بسرقة
المصحف, فإن له فيه حق النظر لاستخراج أحكام
الشرع إذا خفيت عليه, وعلى صاحبه بذله لذلك,
انتهى. وهنا يقوى الجواز, وعنه: يكره.
"مسألة 14" قوله: وإجارته كبيعه. انتهى. قد
علمت الصحيح من الروايات التي
ـــــــ
1 ليست في "ح".
2 6/462.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/381.
(6/137)
وشراؤه والأصح
لا يحرمان "م 15" روي عن عمر: رضي الله عنه لا
تبيعوا المصاحف
ـــــــ
في البيع, فكذا يكون الصحيح في الإجارة, كما
قال المصنف وغيره من الأصحاب, والله أعلم.
"مسألة 15" قوله: وكذا إبداله وشراؤه, والأصح
لا يحرمان, انتهى. انتفى التحريم من إطلاق
الخلاف, وبقي رواية الجواز والكراهة, وظاهر
كلامه إطلاق الخلاف فيهما, وأطلقهما في
الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب
والكافي1 والمقنع2 والهادي والتلخيص والبلغة
والحاويين والفائق وغيرهم.
إحداهما لا يكره, وهو الصحيح, فقد رخص الإمام
أحمد في شرائها وجزم به في الوجيز والمنور,
وصححه في التصحيح, وقدمه في المحرر وغيره,
واختاره الشيخ والشارح في الشراء واختار ابن
عبدوس كراهة الشراء, وعدم كراهة الإبدال.
والرواية الثانية يكره, قدمه في الخلاصة
والرعايتين, وذكر أبو بكر في المبادلة هل هي
بيع أم لا روايتين, وأنكر القاضي ذلك وقال: هي
بيع, بلا خلاف, وإنما أجاز أحمد إبدال المصحف
بمثله, لأنه لا يدل على الرغبة عنه ولا على
الاستبدال بعوض دنيوي بخلاف أخذ ثمنه, ذكره في
القاعدة الثالثة والأربعين بعد المئة
ـــــــ
1 3/13
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/39.
(6/138)
ولا تشتروها.
وعن ابن عمر: وددت أن الأيدي تقطع في بيعها,
وعن ابن مسعود وجابر أنهما كرها بيعها
وشراءها. وعن ابن عباس أنه كره بيعه وأنه لا
بأس به. وعنه وعن جابر ابتعها ولا تبعها1. قال
القاضي: ويجوز وقفه وهبته والوصية به واحتج
بنصوص أحمد, ولا يصح بيعه لكافر "هـ ق" ويجوز
نسخه بأجرة, نقله الجماعة. واحتج بقول ابن
عباس, ففيه لمحدث بلا حمل ولا مس روايتان "م
16" وكذا كافر, وفي النهاية: يمنع. وقال أبو
بكر: لا يختلف قول أبي عبد الله أن المصاحف
يكتبها النصارى, على ما روي عن ابن عباس2,
ويأخذ الأجرة من كتبها من المسلمين والنصارى.
وروى الخلال في كتاب المصحف, عن البغوي, عن
أحمد أنه قال: نصارى الحيرة كانوا يكتبونها,
لقلة من كان يكتبها, قيل له: يعجبك هذا؟ قال:
لا, ما يعجبني, قال في الخلاف: يمكن حمله على
أنهم يحملونه في حال كتابتهم. وقال في الجامع:
ظاهره: كراهته
ـــــــ
"مسألة 16" قوله: ويجوز نسخه بأجرة, ونقله
الجماعة ففيه3 لمحدث بلا مس ولا حمل روايتان.
انتهى.
إحداهما يجوز, وهو الصحيح, قطع به الشيخ
الموفق وغيره, واختاره القاضي في التعليق
وغيره, وهو مقتضى كلام الخرقي, وهو ظاهر ما
اختاره الزركشي.
والرواية الثانية: لا يجوز, وللمجد: احتمال
بالجواز للمحدث دون الجنب, وأطلقهن في
الرعاية, وحكاهن أوجها, وقيل: هو كالتقليب,
وقيل: لا يجوز وإن جاز التقليب بالعود.
ـــــــ
1 أخرج هذه الآثار البيهقي في "السنن الكبرى"
6/ 16-17.
2 لم نقف عليه من رواية ابن عباس والذي في
المصاحف ص 133 عن عبد الرحمن بن عوف أنه
استكتب رجلا من أهل الحيرة نصرانيا مصحفا
ومثله عن علقمة.
3 في النسخ الخطية و "ط": "وفي جواز ذلك"
والمثبت من "الفروع".
(6/139)
لذلك, وكرهه
للخلاف, وقال: ويحمل قول أبي بكر يكتبه بين
يديه لا يحمله, وهو قياس المذهب "م 17" أنه
يجوز, لأن مس القلم للحرف كمس العود للحرف,
ويجوز للمحدث تقليب الورق بعود, نقله الجماعة.
ويتوجه من المنع تخريج: لا يجوز نسخه بأجرة,
لاختصاص كون فاعله من أهل القرية, وكرهه ابن
سيرين كتعليم القرآن, قال أحمد: نفس ما في
المصحف يكتب كما في المصحف, يعني لا يخالف
حروفه. وقال القاضي: لا يجوز, وقال بعد كلام
أحمد: إنما اختار ذلك لأنهم أجمعوا على كتبه
بهذه الحروف فلم تحسن مخالفته نقل أبو طالب:
لا تباع كتب العلم, وكرهه "م" وقيل:
ـــــــ
"مسألة 17" قوله: وهما في كافر وفي النهاية
يمنع1 وقال أبو بكر: لا يختلف قول أبي عبد
الله أن المصاحف2 تكتبها النصارى... قال3:
يحمل قول أبي بكر على ما إذا كتبه وهو بين
يديه من غير مس ولا حمل, وهو قياس المذهب.
انتهى, وأطلق الروايتين صاحب التلخيص وابن
تميم وابن حمدان
إحداهما: يجوز, وهو الصحيح, اختاره القاضي في
التعليق وغيره. قال ابن عقيل في التذكرة:
ويجوز استئجار الكافر على كتابة المصحف إذا لم
يحمله, وجزم به في الآداب الكبرى وغيره وقال:
نص عليه, وتقدم كلام أبي بكر والقاضي أيضا
والرواية الثانية: المنع, قيل للإمام أحمد:
يعجبك أن تكتب النصارى المصاحف؟ قال: لا
يعجبني. قال الزركشي: فأخذ من ذلك رواية
بالمنع, انتهى "قلت": رواية المنع
ـــــــ
1 بعدها في النسخ الخطية و"ط": "منه", والمثبت
من الفروع.
2 بعدها في النسخ الخطية و "ط": "يجوز أن",
والمثبت من الفروع.
3 بعدها في النسخ الخطية و"ط": "القاضي",
والمثبت من الفروع.
(6/140)
لا يقطع
بسرقتها محتاج.
ويصح شراء كتب زندقة ونحوها ليتلفها, ذكره في
الرعاية, وذكره في الفنون عن بعض أصحابنا
وزاد: لا خمر ليريقها, لأن في الكتب مالية
الورق, قال ابن عقيل: يبطل بآلة اللهو, وسقط
حكم مالية الخشب وفي جواز الاستصباح بدهن نجس
روايتان "م 18" نقل الجماعة: ما لم يمسه بيده,
ـــــــ
في حق الكافر أقوى من رواية المنع في حق
المسلم, والله أعلم.
"*" تنبيه يحتمل أن قوله "وكذا1 في كافر "لا
يقتضي إطلاق الخلاف بل يكون ذلك مجرد إخبار,
ويحتمل أن الخلاف مطلق عنده, وتقديره:
والروايتان المطلقتان في جواز نسخ المحدث
مطلقتان في جواز ذلك من الكافر, فلذلك صححنا
الخلاف وبينا المذهب, والله أعلم.
"المسألة 18" قوله: وفي جواز الاستصباح بالدهن
النجس روايتان انتهى. وأطلقهما في الهداية
والإيضاح والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب
والمغني2 والكافي3 والمقنع4 والتلخيص والمحرر
ومختصر ابن تميم والشرح3 وشرح ابن منجا
والمذهب الأحمد
ـــــــ
1 في النسخ الخطية و"ط": "وهما", والمثبت من
الفروع
2 13/347.
3 3/16
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/52.
(6/141)
يأخذه بعود.
وخرج منه جواز بيعه, كبيعه لكافر عالم به, في
رواية
الرابع" القدرة على تسليمه. فلا يصح بيع السمك
في الماء "و" والطير في الهواء "و" وقيل: لا
يألف الرجوع, واختاره في الفنون وأنه قول
الجماعة, وأنكره من لم يحقق, فإن أمكن أخذه
ومكانه مغلق أو أخذ سمك في ماء من مكان له
وطالت المدة فلم يسهل أخذه لم يجز, لعجزه في
الحال والجهل بوقت تسليمه, وظاهر الواضح
وغيره: بلى, وهو ظاهر تعليل أحمد بجهالته,
وإلا فوجهان "م 19" وصححه بعضهم في الأولى,
لقصر المدة, ولا بيع مغصوب إلا لغاصبه "و"
وعلى الأصح: أو قادر عليه
ـــــــ
والرعاية الصغرى "1والحاويين والفائق وغيرهم:
إحداهما: يجوز وهو الصحيح صححه في التصحيح
والخلاصة والرعاية الكبرى1" قال الزركشي: هذا
أشهر الروايتين, ونصرها في المغني2, واختارها
الخرقي والشيخ تقي الدين وغيرهما, وجزم به في
الإفادات في باب النجاسة
والرواية الثانية لا يجوز جزم به في الوجيز.
"مسألة 19" قوله: فإن أمكن أخذه يعني الطير
ومكانه مغلق أو أخذ سمك في ماء من مكان له
وطالت المدة فلم يسهل أخذه لم يجز. وظاهر
الواضح وغيره: بلى وإلا فوجهان, انتهى. يعني
إذا طالت المدة وأمكن أخذه ولكن بتعب ومشقة
فهذا محل الوجهين, قاله الشيخ الموفق والشارح:
أحدهما: يصح وهو الصحيح, اختاره الشيخ الموفق
والشارح وغيرهما, وقدمه في الفائق.
والوجه الثاني: لا يصح والحالة هذه, اختاره
القاضي.
ـــــــ
1 ليس في "ص"
2 13/347.
(6/142)
"و هـ" وكذا
آبق, اختاره الشيخ وغيره, وذكره القاضي في
موضع "و هـ" وكذا آبق, اختاره الشيخ وغيره,
وذكره القاضي في موضع "و هـ م" والأشهر المنع.
وإن عجز فله الفسخ.
ويصح بيع النحل بكوارته1 أو فيها مفردا, في
الأصح فيهما, والأكثر إذا شوهد داخلا, قال
جماعة: لا بما فيها من نحل وعسل, وظاهر كلام
بعضهم صحته
"الخامس" معرفته, فلا يصح إلا برؤية مقارنة له
أو لبعضه إن دلت على بقيته, نص عليه, فرؤية
أحد وجهي ثوب خام2 تكفي, لا منقوش ولا بيع
الأنموذج, بأن يريه صاعا ويبيعه الصبرة على
أنها من جنسه, وقيل: ضبط
ـــــــ
"تنبيه" لو لم تطل المدة في تحصيله جاز بيعه,
قطع به في المغني3 والشرح4 والرعايتين
والحاويين وغيرهم, وقاله القاضي وغيره, وظاهر
كلام المصنف أن فيه وجهين مطلقين, وليس الأمر
كذلك, وعلى تقدير أن يكون فيه خلاف فضعيف,
والله أعلم.
ـــــــ
1 شيء يتخذ من القضبان أو الطين ضيق الرأس أو
هو عسلها في الشمع "القاموس". "كور".
2 هو الذي لم يقصر. "المصباح": "خوم".
3 6/290.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/90.
(6/143)
الأنموذج كذكر
الصفات. نقل جعفر فيمن يفتح جرابا ويقول:
الباقي بصفته, إذا جاءه على صفته ليس له رده,
واحتج به القاضي على أنه إذا كان لنوع من
العرض عرف في المعاملة فهو كالوصف, والشرط
كالثمن, قال القاضي وغيره: وما عرفه بلمسه أو
شمه أو ذوقه فكرؤيته, وعنه: ويعرف صفة المبيع
تقريبا, فلا يصح شراء غير جوهري جوهرة, وقيل:
وشمه وذوقه, وعلى الأصح: أو رؤية سابقة بزمن
لا يتغير فيه ظاهرا, وقيل: بغير ظن بقاء ما
اصطرفا به, وعلى الأصح: أو بصفة تكفي في السلم
ق فيصح بيع أعمى وشراؤه, كتوكيله "و" وعنه: أو
لا يكفي "خ" وعنه: وبغير صفة "و هـ" اختاره
شيخنا في موضع, وضعفه أيضا, هذا إن ذكر جنسه,
وإلا لم يصح, رواية واحدة, قاله القاضي وغيره,
فعليها: له خيار الرؤية, على الأصح, وله قبلها
فسخ العقد. وقال ابن الجوزي: كإمضائه.
ولا يبطل العقد بموت وجنون, وللمشتري الفسخ,
بخلاف رؤية سابقة أو صفة, لا مطلقا "هـ ق" على
التراخي إلا بما يدل على الرضا من سوم ونحوه,
لا بركوبه الدابة في طريق الرد, وعنه: على
الفور, وعليها متى أبطل حقه من رده فلا أرش,
في الأصح, فإن اختلفا فيهما قبل قوله مع
يمينه, وفي الرعاية: وفيه نظر. وقال صاحب
المحرر: وقد ذكر القاضي
ـــــــ
.................
(6/144)
وابن عقيل وأبو
الخطاب بعموم كلامه إذا اختلفا في صفة المبيع
هل يتحالفان أو قول البائع؟ فيه روايتان,
وسيأتي, وعند م قول البائع
وبيع موصوف غير معين يصح في أحد الوجهين
اعتبارا بلفظه, والثاني لا, وحكاه شيخنا عن
أحمد, كالسلم الحال. والثالث: يصح إن كان ملكه
"م 20" فعلى الأول حكمه كالسلم, ويعتبر قبضه
أو ثمنه في
ـــــــ
"مسألة 20" قوله: وبيع موصوف غير معين يصح في
أحد الوجهين اعتبارا بلفظه, والثاني: لا,
وحكاه شيخنا عن أحمد, كالسلم الحال, والثالث:
يصح إن كان في ملكه, انتهى.
أحدها: يصح, وهو الصحيح, قطع به القاضي في
الجامع الكبير وصاحب المستوعب والمغني1
والشرح2 والوجيز وغيرهم, قال في النكت: قطع به
جماعة, قال في الرعاية الكبرى: صح البيع, في
الأقيس, انتهى. وذلك لأنه في معنى السلم.
والوجه الثاني: لا يصح, وحكاه الشيخ تقي الدين
رواية, وهو ظاهر ما قطع به في التلخيص, لأنه
اقتصر عليه, "قلت": وهو ظاهر كلام كثير من
الأصحاب.
والوجه الثالث: يصح إن كان في ملكه, وإلا فلا,
اختاره الشيخ تقي الدين "قلت": وهو الصواب,
وهو ظاهر كلام الشيخ في المقنع3 حيث قال: ولا
يجوز أن يبيع ما لا يملكه ليمضي ويشتريه
ويسلمه.
"تنبيه" كان الأحسن أن يقول في العبارة يصح في
أحد الوجوه أو الأوجه, لا في أحد الوجهين,
لأنه ذكر ثلاثة أوجه, والظاهر أنه أراد ما
قلنا ولكن سبق القلم منه أو من الكاتب, والله
أعلم.
ـــــــ
1 6/34.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/95.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/60.
(6/145)
المجلس, في
وجه. وفي آخر: لا "م 21" فظاهره لا يعتبر
تعيين ثمنه, وظاهر المستوعب وغيره: يعتبر, وهو
أولى, ليخرج عن بيع دين بدين, وجوز شيخنا بيع
الصفة والسلم حالا إن كان في ملكه, قال: وهو
المراد بقوله عليه السلام لحكيم بن حزام: "لا
تبع ما ليس عندك" 1 فلو لم يجز السلم حالا
لقال: لا تبع هذا, سواء كان عنده أو لا, وأما
إذا لم يكن عنده فإنما يفعله لقصد التجارة
والربح, فيبيعه بسعر, ويشتريه بأرخص, ويلزمه
تسليمه في الحال, وقد يقدر عليه وقد لا وقد لا
تحصل له تلك السلعة إلا بثمن أعلى مما تسلف
فيندم, وإن حصلت بسعر أرخص من ذلك ندم
ـــــــ
"مسألة 21" قوله: فعلى الأول حكمه كالسلم
ويعتبر قبضه أو ثمنه في المجلس, في وجه, وفي
آخر: لا, انتهى.
الوجه الأول: هو الصحيح, قدمه في المغني2
والشرح3 والرعاية الكبرى وغيرهم وجزم به في
الوجيز. والوجه الثاني: اختاره القاضي, وهو
ظاهر ما جزم به في المستوعب في أول باب السلم,
فإنه قال: الثالث ما لفظه لفظ البيع ومعناه
معنى السلم, كقوله: اشتريت منك ثوبا من صفته
كذا وكذا بهذه الدراهم, ولا يكون موجودا ولا
معينا, فهذا سلم, ويجوز التفرق فيه قبل القبض,
اعتبارا باللفظ دون المعنى, انتهى. ولكن يحتمل
قوله "بهذه الدراهم" أن القبض يحصل في المجلس
والله أعلم. قال المصنف هنا على هذا الوجه:
ظاهره لا يعتبر تعيين ثمنه, وظاهر المستوعب
وغيره: يعتبر, وهو أولى, ليخرج من بيع دين
بدين, انتهى. وهو كما قال, والظاهر أنه عنى
بظاهر المستوعب ما نقلناه عنه.
ـــــــ
1 أخرجه أبو داود "3503", والترمذي "1232",
والنسائي 7/289, وابن ماجه "2187".
2 11/34.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/95.
(6/146)
المسلف. إذ كان
يمكنه أن يشتريه هو بذلك الثمن, فصار هذا من
نوع الميسر والقمار والمخاطرة, كبيع العبد
الآبق والبعير الشارد يباع بدون ثمنه, فإن حصل
ندم البائع, وإن لم يحصل ندم المشتري. وأما
مخاطرة التجارة فيشتري السلعة بقصد أن يبيعها
بربح ويتوكل على الله تعالى في ذلك, فهذا الذي
أحله الله,
وذكر القاضي وأصحابه: لا يصح استصناع سلعة,
لأنه باع ما ليس عنده على غير وجه السلم, وأنه
لا يصح بيع ثوب نسج بعضه على أن ينسج بقيته,
لأن البقية سلم في أعيان, وإن قال: بعتك هذا
البغل, فبان فرسا, لم يصح. وقيل: له الخيار,
وفي الانتصار: مع معرفة مشتر بجنسه منع وتسليم
ولا يصح بيع مجهول مفرد كحمل "ع" وهو بيع
المضامين وهو المجر قيل بفتح الميم وقيل
بكسرها "م 22" ولبن في ضرع "م" وقال شيخنا: إن
ـــــــ
"مسألة 22" قوله: ولا يصح بيع مجهول مفرد
كحمل, وهو بيع المضامين
(6/147)
باعه لبنا
موصوفا في الذمة واشترط كونه من هذه الشاة أو
البقرة جاز, واحتج بما في المسند1 أن النبي
صلى الله عليه وسلم نهى أن يسلم في حائط بعينه
إلا أن يكون قد بدا صلاحه, قال: فإذا بدا
صلاحه وقال أسلمت إليك في عشرة أوسق من تمر
هذا الحائط جاز, كما يجوز أن يقول: ابتعت منك
عشرة أوسق من هذه الصبرة ولكن التمر يتأخر2
قبضه إلى كمال صلاحه, هذا لفظه. قال الأصحاب:
والمسك في فارته كالنوى في التمر, ويتوجه
تخريج واحتمال: يجوز, لأنها وعاء له تصونه
وتحفظه, فيشبه ما مأكوله في جوفه, وتجار ذلك
يعرفونه فيها, فلا غرر, واختاره في الهدي3,
ـــــــ
وهو المجر قيل بفتح الميم وقيل بكسرها انتهى.
الظاهر أن هذا ليس من الخلاف المطلق. إذ
الأصحاب ليس لهم في هذا الكلام, ولا يترتب
عليه حكم شرعي, وإنما مرجعه إلى اللغة. ولكن
المصنف لما لم ير أن أحد القولين أقوى من
الآخر أتى بهذه الصيغة, ليدل على أن كلا
القولين قوي في نفسه, ويحتمل أن يكون أهل
اللغة اختلفوا في الراجح منهما, وهو بعيد.
"تنبيه" تزيد شيئا لم يذكره المصنف, قال أبو
عبيد القاسم بن سلام: المجر بسكون الجيم. وقال
أبو عبيدة والقتيبي: هو بفتحها, والمعنى واحد.
فيصير فيه أربع لغات, من ضرب اثنين في اثنين,
والله أعلم.
ـــــــ
1 برقم "5129", من حديث ابن عمر رضي الله
عنهما.
2 هنا بداية السقط في النسخة "ب".
3 5/728.
(6/148)
قال الأصحاب:
وعبد مبهم في أعبد, وظاهر كلام الشريف وأبي
الخطاب: يصح إن تساوت القيمة. وفي الانتصار:
إن ثبت للثياب عرف وصفة صح إطلاق العقد عليها,
كالنقود, أومأ إليه. وفي مفردات أبي الوفا:
يصح بيع عبد من ثلاثة بشرط الخيار. ولا هؤلاء
العبيد إلا واحدا مبهما, ولا عطاء قبل قبضه
لأنه غرر, ولا رقعة به, وعنه: بيعها بعرض
مقبوض, قال أحمد: لأنه إنما يحتال على رجل مقر
بدين عليه, والعطاء معيب. ونقل حرب في بيعها
بعرض: لا بأس به.
ولا بيع المعدن وحجارته والسلف فيه, نص عليه,
قال أحمد في من يتقبل الآجام1 أو الطرح لا
يدري ما فيه: أشر ما يكون, وأنه لا يصح.
ولا ملامسة ومنابذة, نحو أي ثوب لمسته أو
نبذته أو إن لمست أو نبذت هذا فهو بكذا. ولا
صوف على ظهر, وعنه يجوز بشرط جزه في الحال "و
م". ولا فجل ونحوه قبل قلعه, في المنصوص,
وقثاء ونحوه, إلا لقطة لقطة, نص عليه, إلا مع
أصله, وجوز ذلك شيخنا وقال: هو قول كثير من
أصحابنا "و م" لقصد الظاهر غالبا. ولا ثوب
مطوي.
ويصح بيع الثمار والحبوب المستترة في أكمامها,
قال في التلخيص: على المشهور عنه, سواء كان في
إبقائه فيه صلاح ظاهر أو لم يكن, وإنما نهى
الشارع عن بيع الغرر2
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 الآجام جمع أجمة محركة: الشجر الكثير
الملتف. والطرح محركة: المكان البعيد.
"القاموس" "أجم, طرح".
2 تقدم ص 120.
(6/149)
ورخص في الثمر
بعد بدو صلاحه, قال شيخنا: وبعضه معدوم. ويصح
بيع قفيز من صبرة إن علما زيادتها عليه, وقيل:
ومن صبرة بقال القرية, ولو تلفت إلا قفيزا فهو
المبيع, ولو فرق القفزان فباعه أحدها مبهما
فاحتمالان"م 23" أظهرهما يصح
ـــــــ
"مسألة 23" قوله: ولو فرق القفزان1 ثم باعه
أحدها مبهما ففيه احتمالان, انتهى. وأطلقهما
في القواعد. أحدهما: يصح, قدمه في الرعاية
الكبرى, قال في القاعدة الخامسة بعد المائة:
ظاهر كلام القاضي الصحة, لأنه ذكر في الخلاف
صحة إجارة عين من أعيان متقاربة النفع, لأن
المنافع لا تتفاوت كالأعيان, انتهى "قلت": وهو
الصواب.
والاحتمال الثاني: لا يصح, صححه في التلخيص
"قلت": وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب, ومحل
الخلاف إذا كانت متساوية الأجزاء.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية و"ط": "قفزانها", والمثبت
من الفروع.
(6/150)
قال الأزهري:
الصبرة: الكومة المجموعة من الطعام سميت صبرة
لإفراغ بعضها على بعض, ومنه قيل للسحاب فوق
السحاب: صبير.
وإن باع ذراعا مبهما من أرض أو ثوب لم يصح, في
الأصح, باتفاق الأئمة, قال صاحب المحرر, لأنه
لا معينا ولا مشاعا, إلا أن يعلما ذرع الكل
فيصح مشاعا. وقال القاضي في الثوب: إن نقصه
القطع فلا, وفي
ـــــــ
.................
(6/151)
بيع خشبة في
سقف وفص في خاتم الخلاف, وإن باع عشرة أذرع
وعين
ـــــــ
.................
(6/152)
الابتداء ولم
يعين الانتهاء لم يصح, نص عليه, ومثله: بعتك
نصف هذه الدار الذي يليني, قاله صاحب المحرر.
وإن استثنى من حيوان يؤكل رأسه وجلده وأطرافه
صح, في المنصوص, وإن لم يجز بيعه وحده, لعدم
اعتياده1 ولأن الاستثناء استبقاء وهو يخالف
العقد المبتدأ, لجواز استبقاء المتاع في الدار
المبيعة إلى رفعه المعتاد. وبقاء ملك النكاح
على المعتدة من غيره والمرتدة, ولصحة بيع
الورثة أمة موصى بحملها, لا بيع الحمل. فإن
أبى ذبحه لم يجبر, في المنصوص, وله قيمته,
قاله أحمد: نقل حنبل مثله. وللمشتري الفسخ
بعيب يختص هذا المستثنى, ذكره في الفنون,
ويتوجه: لا, وأنه إن لم يذبحه للمشتري الفسخ,
وإلا فقيمته, كما روي عن علي2, ولعله مرادهم,
ـــــــ
1 في "ط": "اعتباره".
2 من حديث عمر بن راشد قال: باع رجل من الحي
ناقة كانت له مرضت واشترط ثناياها فصحت, فرغب
فيها....فقال علي: اذهبا بها فأقيماها في
السوق فإذا بلغت أقصى ثمنها فأعطه ثمن
"ثناياها" من ثمنها أخرجه عبد الرزاق في
المصنف "14850".
(6/153)
ومثله إن
استثنى حملا من حيوان, أو أمة, أو رطلا من
اللحم, أو الشحم, أو قفيزا من صبرة, أو صاعا
من ثمرة بستان, وقيل: أو شجرة, لم يصح, في
ظاهر المذهب"*" "و هـ ش" كاستثناء الشحم,
وعنه: يصح. نقله ابن القاسم وشندي في حمل,
وذكره أبو الوفاء المذهب في رطل من اللحم,
وجزم به أبو محمد الجوزي في آصع من بستان,
كاستثناء جزء مشاع معلوم, على الأصح, ولو فوق
ثلثها "م" وكبيع صبرة بألف إلا بقدر ربعه لا
ما يساويه, لجهالته. وفي عيون المسائل في: إلا
بقدر ربعه, معناه إلا ربعها, لأنه إذا باعها
بأربعة آلاف فكل ربع بألف, فكأنه باع ثلاثة
أرباعها بأربعة آلاف.
ويصح بيع حيوان مذبوح أو لحمه أو جلده. وفي
التلخيص وغيره: لا يصح بيع لحم في جلد أو معه
اكتفاء برؤية الجلد, بل بيع رءوس
ـــــــ
"تنبيه" قوله: وإن استثنى... صاعا من ثمرة
بستان, وقيل: أو شجرة, لم يصح, في ظاهر
المذهب, انتهى. فقدم أن استثناء صاع من شجرة
يصح, وهي طريقة القاضي في جامعه وشرحه, وقاسها
على سواقط الشاة, وهي إحدى الطريقتين,
والطريقة الأخرى هي كاستثناء صاع من ثمرة
بستان, وهو الصحيح, وهي طريقة الشيخ الموفق
والشارح وابن رزين وصاحب المستوعب والمحرر
والرعايتين والوجيز والحاوي الصغير وغيرهم.
(6/154)
وسموط1. قال
شيخنا في حيوان مذبوح: يجوز بيعه مع جلده
جميعا, كما قبل الذبح, كقول جماهير العلماء,
كما يعلمه إذا رآه حيا, ومنعه بعض متأخري
الفقهاء, ظانا أنه بيع غائب بدون رؤية ولا
صفة, قال شيخنا: وكذلك يجوز بيع اللحم وحده
والجلد وحده. وأبلغ من ذلك أن النبي صلى الله
عليه وسلم وأبا بكر في سفر الهجرة اشتريا من
رجل شاة واشترطا له رأسها وجلدها وسواقطها
وكذلك كان أصحابه عليه السلام يتبايعون2.
"السادس" معرفة الثمن, فلا يصح برقم مجهول, أو
بما ينقطع سعره, أو كما يبيع الناس, على الأصح
فيهن, وصححه شيخنا بثمن المثل, كنكاح,
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 هو مانتف عن الشاة المذبوحة من صوف حار. متن
اللغة: "سمط".
2 هنا انتهى السقط في النسخة "ب".
(6/155)
وأنه مسألة
السعر, وأخذه من مسألة التحالف ومن جهالة
الثمن: بعني هذا بمائة على أن أرهن بثمنه
بالمائة التي علي هذا. ولا بمائة ذهبا وفضة,
وبناه القاضي وغيره على إسلام ثمن في جنسين,
وصحح ابن عقيل إقراره بذلك مناصفة, ويتوجه هنا
مثله "و هـ" ولا بدينار إلا درهما, نقله أبو
طالب "و" وقيل: يصح, فتنقص قيمته, وصححه ابن
عقيل بالمستثنى منه كله, ولا بدينار مطلق
وهناك نقود, والأصح يصح, وله الغالب, فإن عدم
لم يصح, وعنه: يصح, وله الوسط, وعنه: الأدنى,
ولا بعشرة نقدا أو عشرين نسيئة, في المنصوص,
ما لم يفترقا على أحدهما,
ويصح بوزن صنجة1 لا يعلمان وزنها, وصبرة, في
الأصح.
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 هي: عيارة الميزان تعريب سنجة. "معجم
الألفاظ الفارسية" 108.
(6/156)
وصححه في
الترغيب في الثانية, ومثله: ما يسع هذا الكيل,
ونصه: يصح, "ش و م" بموضع فيه كيل معروف.ويصح
بيع الصبرة كل قفيز بدرهم, لا منها, في الأصح
فيهما. وفي عيون المسائل: إن باعه من الصبرة
كل قفيز بدرهم صح, لتساوي أجزائها, بخلاف: من
الدار كل ذراع بدرهم, لاختلاف أجزائها,
ثم قال بعد ذلك: إذا باعه من هذه الصبرة كل
قفيز بدرهم لم يصح,
ـــــــ
.................
(6/157)
لأنه لم يبعه1
كلها ولا قدرا معلوما, بخلاف أجرتك داري كل
شهر بدرهم, يصح في الشهر الأول فقط, للعلم به
وبقسطه من الأجرة. ويصح بيع دهن في ظرف معه
موازنة كل رطل بكذا, مع علمهما بمبلغ كل
منهما, وإلا فوجهان, وصححه صاحب المحرر إن
علما زنة الظرف "م 24" وإن احتسب بزنة الظرف
على المشتري وليس مبيعا وعلما مبلغ كل منهما
صح, وإلا فلا, لجهالة الثمن, أو باعه جزافا
بظرفه أو دونه صح, وإن باعه إياه في ظرفه كل
رطل بكذا على أن يطرح منه وزن الظرف صح "و هـ
م ش" قال صاحب المحرر: لا نعلم فيه خلافا, مع
أنه ذكر ما ذكره صاحب الحاوي من الشافعية: إذا
باعه جامدا في ظرفه كدقيق وطعام موازنة على
شرط حط الظرف, في جوازه وجهان لهم, وذكر أيضا
قول حرب لأحمد: الرجل يبيع الشيء في الظرف مثل
قطن في جواليق2 فيزنه ويلقي للظرف كذا وكذا؟,
قال: أرجو أن لا بأس, ولا بد للناس من ذلك, ثم
قال: وقد حكينا عن القاضي بخلاف ذلك, ولم أجده
ذكر إلا قول القاضي الذي ذكره الشيخ إذا باعه
معه, والله أعلم.
ـــــــ
"مسألة 24" قوله: ويصح بيع دهن ونحوه في ظرف
معه موازنة كل رطل بكذا مع علمهما بمبلغ كل
منهما, وإلا فوجهان, وصححه في المحرر فيما إذا
علما زنة الظرف, انتهى.
أحدهما: يصح مطلقا, وهو الصحيح, صححه الشيخ
والشارح, وقدماه.
"والوجه الثاني" لا يصح, اختاره القاضي في
المجرد, وجزم به في الرعاية الكبرى والحاوي
الكبير.
ـــــــ
1 في "ر": "يبعها".
2 عدل كبير منسوج من صوف أو شعر معرب كواله,
والشوال لغة فيه. "معجم الألفاظ الفارسية"
ص43.
(6/158)
وإن اشترى سمنا
أو زيتا في ظرف فوجد فيه ربا صح في الباقي
بقسطه, وله الخيار, ولم يلزمه بدل الرب.
وإن باع عبدا بينهما, أو عبده وعبد غيره, أو
عبدا وحرا, أو خلا وخمرا, صح فيما يصح إفراده,
في ظاهر المذهب, اختاره الأكثر, وعنه: لا,
واختار الشيخ الصحة في الصورة الأولى. ومتى صح
فقيل بالثمن, والأشهر يقسط على قدر قيمة
العبدين, والخمر قيل يقدر خلا, كالحر عبدا,
وقيل: تعتبر قيمتها عند من لها قيمة عنده "م
25 و 26" وعند صاحب
ـــــــ
"مسألة 25 و 26" قوله: وإن1 باعه عبدا بينهما,
أو عبده وعبد غيره, أو عبدا وحرا, أو خلا
وخمرا, صح ثم قال: ومتى صح فقيل2 بالثمن كله
والأشهر بقسطه على قدر قيمة العبدين, والخمر
قيل يقدر خلا, كالحر يقدر عبدا. وقيل تعتبر
قيمتها عند من لها3 قيمة عنده, انتهى, ذكر
مسألتين.
"المسألة الأولى 25" إذا باعه ذلك وقلنا يصح,
فهل يأخذ ما صح بيعه كله أو يقسطه على قدر
قيمة العبدين؟ أطلق فيه الخلاف, ثم قال:
والأشهر يقسط4, وهو المذهب بلا ريب, وعليه
أكثر الأصحاب, وقيل: يأخذه بالثمن كله "قلت":
وهو ضعيف جدا, وإتيان المصنف بهذه الصيغة فيه
نظر, قال القاضي في المجرد وابن عقيل في
الفصول في باب الضمان: يصح العقد بكل الثمن أو
برد, قال ابن رجب في آخر الفوائد: وهذه في
غاية الفساد, اللهم إلا أن يخص هذا بمن كان
عالما بالحال وإن بعض العقود عليه لا يصح
العقد عليه, فيكون قد دخل على بدل الثمن في
مقابلة ما يصح العقد عليه خاصة كما يقول فيمن
أوصى لحي وميت يعلم
ـــــــ
1 في النسخ الخطية و "ط": "وغذا", والمثبت من
الفروع.
2 بعدها في النسخ الخطية و "ط": "يأخذه" وليست
في الفروع
3 في النسخ الخطية و "ط": "أهلها" والمثبت من
الفروع
4 في النسخ الخطية و "ط": "بقسطه" والمثبت من
الفروع.
(6/159)
الترغيب وغيره:
إن علما بالخمر ونحوه لم يصح, وكذا إن تفرقا
وإن لم يتفرق وكيلاهما في صرف أو سلم عن قبض
بعضه ولو باع معلوما ومجهولا تجهل قيمته مطلقا
لم يصح, فلو قال كل منهما بكذا فوجهان, بناء
على أن علة المنع اتحاد الصفقة أو جهالة الثمن
في الحال "م 27" وإن
ـــــــ
موته: إن الوصية كلها للحي, انتهى. فعلى
المذهب يأخذ عبد البائع بقسطه على قدر قيمة
العبدين, قال المصنف: هذا الأشهر, وذكر القاضي
وابن عقيل وجها في باب الشركة والكتابة من
المجرد والفصول أن الثمن يقسط على عدد المبيع
لا القيمة, ذكراه فيما إذا باع عبدين أحدهما
له والآخر لغيره, كما لو تزوج امرأتين, قال في
آخر الفوائد: وهو بعيد جدا, ولا أظنه يطرد إلا
فيما إذا كانا جنسا واحدا.
"المسألة الثانية 26" هل يقدر الخمر خلا,
كالحر يقدر عبدا؟ أو يعتبر قيمتها عند أهلها؟
أطلق الخلاف, وأطلقه في التلخيص.
أحدهما: يقدر خلا ويقوم, وهو الصحيح, جزم به
في البلغة وغيره, وقدمه في الرعايتين
والحاويين والفائق وغيرهم.
والوجه الثاني: يعتبر قيمتها1 عند أهلها, قال
ابن حمدان: قلت: إن قلنا نضمن لهم, انتهى.
"قلت": وهذا الوجه ضعيف, وأيضا القول بأنه
يأخذه بالثمن كله ضعيف جدا, وإطلاق الخلاف في
ذلك فيه شيء والله أعلم.
"مسألة 27" قوله: ولو باع معلوما ومجهولا تجهل
قيمته مطلقا لم يصح. فلو قال كل منهما بكذا
فوجهان, بناء على أن علة2 المنع اتحاد الصفقة
أو جهالة الثمن في الحال, انتهى. وأطلقهما في
الرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم, قال في
ـــــــ
1 في "ص": "قيمتهما".
2 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
(6/160)
باعه بمائة
ورطل خمر فسد. وفي الانتصار بتخريج صحة العقد
فقط على رواية وفي عيون المسائل: إن سلم أن
العقد يفسد في الجميع فلأن الخمر لا قيمة لها
في حقنا بالاتفاق, وما لا قيمة له لا ينقسم
عليه البدل بل يبقى العقد بالمائة ويبقى الرطل
شرطا فاسدا, فيدخل في العقد, ودخل على الكل
ففسد كله, قال: ولا يلزم إذا اشترى درهما
بدرهم وثوب, فإن العقد يفسد كله, قال ولا يلزم
إذا اشترى درهما بدرهم وثوب, فإن العقد يفسد
كله, لأن الدرهم متى قوبل بالدرهم من حيث
المقابلة وزنا يقدر شرعا فيبطل, فيبقى الثوب
ربا فيفسد العقد, وإن باع عبده وعبد غيره
ـــــــ
التلخيص: أصل الوجهين إن قلنا العلة اتحاد
الصفقة لم يصح البيع, وإن قلنا العلة جهالة
الثمن في الحال صح البيع, وعلى التعليل الأول
يدخل الرهن والهبة والنكاح ونظائرها. انتهى.
فالمصنف تابع صاحب التلخيص على ذلك.
أحدهما: يصح في المعلوم, وهو الصحيح, جزم به
ابن عبدوس في تذكرته, وهو ظاهر ما علل به
الشيخ والشارح وغيرهما "قلت": وهو الصواب.
والوجه الثاني: لا يصح, لما علله به صاحب
التلخيص و المصنف.
"تنبيه" أطلق كثير من الأصحاب الجهالة, وحرر
المصنف فقال: مجهولا تجهل قيمته مطلقا, يعني
بحيث لا يمكن الاطلاع عليها, وهذا هو الصواب.
قال في التلخيص والبلغة: مجهولا لا تطمع في
قيمته, وهو ظاهر كلامه في المغني1 والشرح2
وغيرهما, فإنهم صوروا المجهول بالحمل في
البطن. وقال في الرعايتين. وإن جمع بين معلوم
ومجهول وقيل يتعذر علم قيمته فذكر ذلك قولا,
والصحيح ما قلناه, والله أعلم.
ـــــــ
1 6/335.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/151.
(6/161)
بإذنه بثمن
واحد صح, في المنصوص, فيسقط على قدر القيمة.
ومثله بيع عبديه لاثنين بثمن واحد لكل منهما
عبد, أو اشتراها منهما, وفيها في المنتخب وجه
على عددهما, فيتوجه في غيرها, ومثلها الإجارة.
وإن جمع مع بيع إجارة أو صرفا أو خلعا1 صح
فيهن, نص عليه, وقيل لا يصح وذكره أبو الخطاب
رواية, وبين بيع ونكاح يصح النكاح, في الأصح,
وفي البيع وجهان "م 28" وبين كتابة وبيع يبطل
البيع, في الأصح, وفي الكتابة وجهان "م 29"
وقيل: نصه: صحتها, ويقسط على قيمتهما, وإن
ـــــــ
"المسألة 28" قوله: إن جمع بين بيع ونكاح صح
في النكاح, في الأصح. وفي البيع وجهان انتهى
وأطلقهما في المستوعب والكافي2 والمغني3
والتلخيص والبلغة والمحرر والنظم والحاوي
الكبير والفائق والرعاية الكبرى في موضع.
4 أحدهما يصح البيع, وهو الصحيح, اختاره الشيخ
وغيره, وجزم به في الوجيز وغيره. والوجه
الثاني لا يصح, اختاره ابن عبدوس في تذكرته,
وقدمه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير,
والرعاية الكبرى في موضع آخر, وجزم به في
المنور.
"المسألة 29" قوله: وإن جمع بين بيع وكتابة لم
يصح البيع, في الأصح, وفي الكتابة وجهان,
انتهى. وأطلقهما في الهداية والمذهب والمقنع5
ـــــــ
1 في "ب": "جعلا", ينظر: "شرح منصور البهوتي"
3/154.
2 3/50
3 6/335
4 ليست في "ص"
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/162.
(6/162)
تأخر قبض فيما
يعتبر له ففسخ العقد ففي فسخ الآخر ما سبق
"السابع" أن يكون مملوكا له حتى الأسير, أو
مأذونا فيه وقت إيجابه وقبوله, فلا يصح بيع
معين لا يملكه ليشتريه ويسلمه, وإن باع أو
اشترى بمال غيره أو طلق زوجته أو غير ذلك من
التصرفات قاله شيخنا, وهو ظاهر كلام غيره,
وصرح به ابن الجوزي في طلاق زوجة غيره بلا
إذنه لم يصح, اختاره الأكثر, وعنه: يصح ويقف
على الإجازة "و هـ" قال بعضهم في طريقته: ولو
لم يكن له مجيز في الحال "هـ" وعنه: صحة تصرف
غاصب
ـــــــ
المحرر والنظم والفائق. والرعاية الكبرى في
موضع. قال في الفصول في باب الكتابة والشارح:
وهل تبطل الكتابة؟ ينبني على الروايتين في
تفريق الصفقة. أحدهما يصح, وهو الصحيح, صححه
في المغني والحاويين, واختاره ابن عبدوس في
تذكرته, وهو ظاهر كلام ابن عقيل والشارح
المتقدم, وجزم به في المنور. والوجه الثاني لا
يصح صححه في التصحيح, وجزم به في الوجيز,
وغيره, وقدمه في الرعاية الصغرى والحاويين,
وفي الكبرى في موضع آخر.
(6/163)
والروايات في
عبادته, وإن اشترى له في ذمته صح, على الأصح,
وإن لم يسمه في العقد, وقيل: أو سماه, ثم إن
أجازه المشتري له ملكه من حين العقد, وقيل:
الإجازة, وإلا لزم من اشتراه يقع الشراء له,
كما لو لم ينو غيره. وفي الرعاية: إن سماه
فأجازه لزمه, وإلا بطل, ويحتمل إذن: يلزم
المشتري, وقدمه في التلخيص هـ" إلغاء للإضافة.
وإن قال: بعته من زيد, فقال: اشتريت له, بطل,
ويحتمل يلزمه إن أجازه, وإن حكم بصحته بعد
إجازته صح من الحكم, ذكره القاضي. ويتوجه
كالإجازة. وفي الفصول في الطلاق في نكاح فاسد
أنه يقبل الانبرام والإلزام بالحكم, والحكم لا
ينشئ الملك بل يحققه.
ولا يصح شراؤه بعين ماله ما يملكه غيره ذكره
القاضي واختار الشيخ
ـــــــ
.................
(6/164)
وقوفه على
الإجازة, ومثله شراؤه لنفسه بمال غيره وإن ظنه
لغيره فبان وارثا أو وكيلا فروايتان ذكرهما
أبو المعالي وغيره "م 30"
ولا يصح بيع أرض موقوفة مما فتح عنوة ولم
يقسم, كالشام والعراق ومصر ونحوها. وعنه يصح
"و هـ ق" ذكره الحلواني, اختاره شيخنا, وذكره
قولا لنا, وقال: جوز أحمد إصداقها, وقاله جده
وتأوله القاضي على نفعها, وسأله محمد بن أبي
حرب: يبيع ضيعته التي بالسواد ويقضي
ـــــــ
"المسألة 30" قوله: وإن ظنه لغيره فبان وارثا
أو وكيلا فروايتان. ذكرهما أبو المعالي وغيره,
انتهى. أكثر الأصحاب حكى الخلاف وجهين,
وأطلقهما في المحرر والرعايتين والحاويين
والفائق والقواعد الفقهية والأصولية, والمغني1
في آخر الوقف.
أحدهما: يصح البيع, وهو الصحيح, قال في
التلخيص: صح, على الأظهر, وقدمه في المغني2 في
باب الرهن.
والوجه الثاني: لا يصح, جزم به في المنور, قال
القاضي: أصل الوجهين من باشر امرأة بالطلاق
يعتقدها أجنبية فبانت امرأته, أو واجه بالعتق
من يعتقدها حرة فبانت أمته, في وقوع الطلاق
والحرية روايتان, انتهى. "قلت": قد أطلق
المصنف الخلاف أيضا في هذه المسألة ويأتي
تصحيحها إن شاء الله تعالى في محلها, وللشيخ
زين الدين بن رجب في قواعده قاعدة بذلك فيمن
تصرف في شيء يظن أنه لا يملكه فتبين أنه كان
يملكه.
ـــــــ
1 لم نقف عليه.
2 6/453.
(6/165)
دينه؟ قال: لا.
قلت: يعطيها من صداقها؟ قال: امرأته وغيرها
بالسواد, لكن يسلمها إليها.
ونقل أبو داود: يبيع منه ويحج؟ قال: لا أدري,
أو قال: دعه. وعنه: يصح الشراء, وعنه: لحاجته
وعياله, ونقل حنبل: أمقت السواد والمقام فيه,
كالمضطر يأكل من الميتة ما لا بد منه.
وتجوز إجارتها. وعنه: لا, ذكره القاضي وجماعة,
كرباع مكة,
قال جماعة: أقر عمر1 الأرض في أيدي أربابها
بالخراج الذي ضربه أجرة لها في كل عام, ولم
يقدر مدتها, لعموم المصلحة فيها. وقال في
الخلاف في مسألة اجتماع العشر والخراج: إن
الخراج: على أرض الصلح إذا أسلم أهلها سقط
عنهم بالإسلام, لأنه في معنى الجزية عن
رقابهم, ويجب العشر, كما فعل عمر ببني تغلب2.
وهذا الخراج المختلف فيه على وجه الأجرة عن
الأرض. فإن قيل: كيف يكون أجرة وهي إجارة إلى
مدة مجهولة؟ قيل: إنما لا يصح ذلك في أملاك
المسلمين فأما في أملاك المشركين أو في حكم
أملاكهم فجائز, ألا ترى أن الأمير لو قال: من
دلنا على القلعة الفلانية فله منها جارية, صح
وإن كانت جعالة بجعل مجهول, كذا هذا لما فتح
عمر السواد وامتنع من قسمته بين الغانمين
ووقفه3 عاد بمعناه الأول, فصارت في حكم أملاك
المشركين, فصح ذلك فيها,
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 أخرج أثر عمر أبو يوسف في "الخراج" ص24-25.
2 أخرج هذا الأثر يحيى بن آدم في كتاب
"الخراج" ص68
3 بعدها في النسخ الخطية و "ط": "لأحد".
(6/166)
فإن قيل: لو
كانت أجرة لم تؤخذ عن النخل والكرم, لأنه لا
يصح إجارة تلك الأشياء, قيل: له المأخوذ هناك
عن الأرض إلا أن الأجرة اختلفت لاختلاف
المنفعة, فالمنفعة بالأرض التي فيها النخل
أكثر, كذا قال. وقيل له: لو كان الخراج أجرة
لم يكره أحمد الدخول فيها, وقد كره ذلك قيل:
إنما كره أحمد ذلك لما شاهده في وقته, لأن
السلطان كان يأخذ زيادة على وظيفة عمر, ويضرب
ويحبس, ويصرفه إلى غير مستحقه.
ولا يجوز صرف كلامه إلى الخراج الذي أمرت
الصحابة به ودخلت فيه, وجوزها في الترغيب
مؤقتة, لأن عمر لم يقدر المدة للمصلحة العامة,
احتمل في واقعة كلية. قال: وليس لأحد أخذ شيء
ممن وقع بيده من آبائه, ويقول: أنا أعطي غلته,
لأن الإجارة لا تنفسخ بموت, والمزارعة أولى,
والمؤثر بها أحق, قال شيخنا: بلا خلاف.
وبيع بناء ليس منها وغرس محدث. ونقل المروذي
ويعقوب المنع, لأنه تبع, وهو ذريعة, وذكر ابن
عقيل الروايتين في البناء, وجوزه في غرس, وجوز
جماعة بيع المساكن مطلقا. نقل ابن الحكم: أوصى
بثلث ملكه وله عقار في السواد؟ قال: لا تباع
أرض السواد إلا أن تباع آلتها. و نقل المروذي
المنع, وظاهر كلام القاضي والمنتخب وغيرهما
التسوية, وجزم به صاحب المحرر وإن أعطى إمام
هذه الأرض أو وقفها فقيل: يصح
ـــــــ
.................
(6/167)
وفي النوادر:
لا "م 31" واحتج بنقل حنبل: مثل السواد كمن
وقف أرضا على رجل أو على ولده لا يحل منها شيء
إلا على ما وقف. وفي المغني1: ولو جاز تخصيص
قوم بأصلها لكان من افتتحها أحق, مع أنه ذكر
أن للإمام البيع, لأن فعله كحكم وأنه يصح بحكم
حاكم, كبقية المختلف فيه, نقل حنبل: لا يعجبني
بيع منازل السواد ولا أرضهم, قيل له فإن أراد
السلطان ذلك؟ قال: له ذلك, يصرفه كيف شاء إلا
الصلح لهم ما صولحوا عليه. وقال شيخنا: إذا
جعلها الإمام فيئا صار ذلك حكما باقيا فيها
دائما, فإنها لا تعود إلى الغانمين, وليس
غيرهم مختصا بها وفتح بعض العراق صلحا والحيرة
وأليسا وبانقياء وأرض بني صلوبا.
ولا يملك ماء عد2 وكلأ ومعدن جار بملك الأرض
قبل حيازته "و هـ"
ـــــــ
"مسألة 31" قوله: وإن أعطى الإمام هذه الأرض
لأحد أو وقفها عليه فقيل: يصح. وفي النوادر
لا, انتهى. يعني به أرض ما فتح عنوة ولم يقسم.
قال في الرعاية الكبرى, وفي حكم الأراضي
المغنومة: وله إقطاع هذه الأراضي والدور
والمعادن إرفاقا لا تمليكا, نص عليه. وقال في
المغني3 في باب زكاة الخارج من الأرض: وحكم
إقطاع هذه الأرض حكم بيعها, وقدم في البيع أنه
لا يجوز. وقال أيضا: ولا يخص أحد بملك شيء
منها, ولو جاز تخصيص قوم بأصلها لكان الذين
فتحوها أحق بها "قلت": وهذا هو الصواب بالأولى
من البيع بعدم الصحة ولكن في هذه الأزمنة
الأمر على خلاف ذلك, والله أعلم,
والقول الآخر: يصح ذلك.
ـــــــ
1 6/467.
2 بكسر العين: الماء الذي لا انقطاع له, مثل
ماء العين وماء البئر "المصباح": "عدد".
3 4/196.
(6/168)
فلا يجوز بيعه
"و هـ" كأرض مباحة "ع" فلا يدخل في بيع بل
مشتر أحق به, وعنه: يملكه فيجوز1, لأنه متولد
من أرضه كالنتاج "و ش م" في أرض عادة ربها
ينتفع بها لا أرض بور, وجوزه شيخنا في مقطع
محسوب عليه يريد تعطيل ما يستحقه من زرع وبيع2
الماء, وإنما يجوز في الكلأ ونحوه إذا نبت لا
عامين "و" فعلى الرواية الثانية لا يدخل
الظاهر منه في بيع إلا بشرطه, قال: بحقوقها أو
لا, صرح به أصحابنا,
وذكر صاحب المحرر احتمالا: يدخل, جعلا للقرينة
العرفية كاللفظ, وله الدخول لرعي كلأ وأخذه
ونحوه إذا لم يحط عليها بلا ضرر, نقله ابن
منصور, قال: لأنه ليس لأحد أن يمنعه, وعنه:
مطلقا, نقله المروذي وغيره, وعنه: عكسه, وكرهه
في التعليق والوسيلة والتبصرة, فعلى المذهب:
يملك بأخذه, نص عليه, واختار ابن عقيل عدمه,
وخرجه رواية من أن النهي يمنع التملك ويحرم
منعه, والطلول التي يجني منها النحل كالكلأ
وأولى, ونحل رب الأرض أحق, فله منع غيره إن
أضر به, ذكره شيخنا
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 ليست في الأصل و "ر".
2 في "ب": "نبع".
(6/169)
فصل: ولايصح بيع ماقصد به الحرام
...
فصل: ولا يصح بيع ما قصد به الحرام
كعصير لمتخذه خمرا, قطعا, نقل الجماعة: إذا
علم, وقيل: أو ظنا, واختاره شيخنا, نقل ابن
الحكم: إذا كان عندك يريده للنبيذ فلا تبعه,
إنما هو على قدر الرجل, قال أحمد:
(6/169)
أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم كرهوا بيع العصير وسلاح في
فتنة, لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه,1
قاله أحمد, قال: وقد يكون يقتل به, ويكون لا
يقتل به, وإنما هو ذريعة, له أو الحربي,
ومأكول ومشموم لمن يشرب عليهما المسكر, وأقداح
لمن يشربه فيها, وجوز لقمار, وأمة وأمرد لواطئ
دبر
ويصح بيع من قصد أن لا يسلم مبيعا أو ثمنا,
ذكروه في كتب الخلاف قبيل الجهاد ومن اتهم
بغلامه فدبره فنقل أبو داود: يحال بينهما إذا
كان فاجرا معلنا, وهذا كما نقله أبو داود في
المجوسي تسلم أخته يحال بينهما إذا خافوا عليه
يأتيها, قيل لأحمد: مات وترك سيوفا؟. قال: لا
تباع ببغداد وتباع بالثغر. ويتوجه أنه ندب.
وفي المنثور: منع منه لاستعمالها في الفتن
غالبا, ويحرم فيها.
ولا بيع من تلزمه الجمعة بلا حاجة, وعنه:
وغيره, وعنه: مريض ونحوه بندائها الثاني, وعنه
الأول وعنه أو الوقت, قدمه في المنتخب, وهي في
عيون المسائل والروايتين والترغيب: بالزوال.
وقيل: وبنداء صلاة غيرها وإن تضيق وقتها
فوجهان "م 32" وقيل: إن لم تلزم أحدهما
ـــــــ
المسألة -32 : قوله: وإن تضيق وقتها فوجهان,
انتهى, يعني إذا ضاق وقت الصلاة فباع أو اشترى
قبل فعلها يصح أم لا؟ وأطلق الخلاف, أطلقه في
الرعايتين والحاويين.
"أحدهما" لا يصح, قال في الرعاية: البطلان
أقيس, قال في الفائق بعد ذكر حكم الجمعة: ولو
ضاق وقت صلاة فكذا حكمه في التحريم والانعقاد,
واختاره ابن عبدوس في تذكرته, وجزم به الناظم
وغيره "قلت": وهو الصواب وقواعد المذهب
ـــــــ
1 أخرج البيهقي في السنن الكبرى 5/327, عن
عمران بن حصين قال: نهى رسول الله صلى الله
عليه وسلم عن بيع السلاح في الفتنة.
(6/170)
لم تحرم عليه,
قال في الفصول: يحرم على من تجب عليه ويأثم
فقط, كالمحرم يشتري صيدا من محل, ثمنه حلال
للمحل والصيد حرام على المحرم, كذا قال. وقيل:
يصح في الكل, ويحرم واحد شقيه, كهو,
وتحرم مساومة ومناداة, ولا تحرم باقي العقود,
واختيار إمضاء البيع, في الأصح.
ولا بيع عبد مسلم لكافر, نص عليه, لأنه محرم,
كنكاح واسترقاق "هـ" وعنده: يؤمر ببيعه أو
كتابته, وذكره بعضهم في طريقته رواية, وله رده
بعيب, كما يرثه, زاد بعض أصحابنا في طريقته
ملك الوارث ملك بقاء لا ملك ابتداء وقال: لهذا
يبني حوله على حوله ويرد بالعيب, وإن عتق
بالشراء فروايتان "م 33" وإن وكله مسلم
فوجهان, وقيل: إن سمي الموكل في
ـــــــ
تقتضي ذلك, وهي شبيهة بانعقاد النافلة مع ضيق
الوقت عن فعل الفريضة, والصحيح فيها عدم
الانعقاد, فكذا هنا. والوجه الثاني يصح مع
التحريم. قال في الرعاية: وهو أشهر "قلت": وهو
ظاهر كلام كثير من الأصحاب, لاقتصارهم على
صلاة الجمعة
"المسألة 33" قوله في أحكام شراء الكافر عبدا
مسلما: وإن عتق بالشراء فروايتان, انتهى,
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمغني1
ـــــــ
1 6/368.
(6/171)
العقد صح "م
34" وفي الواضح: إن كفر بالعتق وكل من يشتريه
له
ـــــــ
والكافي1 والمقنع2 والهادي والمحرر والشرح2
والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم
"إحداهما" يصح, وهو الصحيح, قال في الرعاية
الكبرى في أواخر العتق: وإن اشترى الكافر أباه
المسلم صح في الأصح وعتق, انتهى, واختاره ابن
عبدوس في تذكرته, وصححه في التصحيح, وجزم به
في الوجيز, ومال الشيخ الموفق والشارح "قلت".
وهو الصواب. ويغتفر هذا الزمن اليسير لأجل
العتق, والله أعلم.
والرواية الثانية, لا يصح, جزم به في الهداية
والمستوعب والخلاصة والتلخيص وقال: نص عليه,
وقدمه الناظم.
"المسألة 34" قوله: وإن وكله مسلم فوجهان,
وقيل, إن سمي الموكل في العقد صح3 وإلا فلا
انتهى, وأطلقهما في المغني4 والنظم.
"أحدهما" لا يصح, وهو الصحيح, جزم به في
الرعايتين والحاويين وتذكرة ابن عبدوس والفائق
وغيرهم. والوجه الثاني يصح "قلت": وهو قوي.
وقال الأزجي في نهايته: فإن قال: اشتريت
لموكلي, صح, وإن أطلق ولم يعين, لم يصح, وفيه
احتمال
ـــــــ
1 3/59.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/173.
3 بعدها في النسخ الخطية و "ط": "وإلا فلا".
4 6/368.
(6/172)
ويعتقه. وفي
الانتصار لا يبيع آبقا, ويصح أن يوكل فيه من
هو بيده
ويحرم سومه على سوم أخيه مع الرضى صريحا,
وقيل: أو ظاهرا, وقيل: أو تساوى الأمران,
وقيل: ولا يصح, كشرائه وبيعه عليه زمن خيار,
على الأصح, وإن رده أو بذل لمشتر أكثر مما
اشتراها فوجهان "م 35 و 36"
ـــــــ
"المسألة 35 و 36" قوله ويحرم سومه على سوم
أخيه مع الرضا صريحا, وقيل: أو ظاهرا, وقيل:
أو تساوى الأمران وقيل: لا يصح, كشرائه وبيعه
عليه زمن خيار, على الأصح, وإن رده أو بذل
لمشتر بأكثر مما اشتراها فوجهان, انتهى. ذكر
مسألتين.
"المسألة الأولى"-35 : لو رده فهل تحرم
المساومة أم لا؟ أطلق الخلاف, ولم تظهر لي
صورة هذه المسألة. وظاهر عبارته أنه لو ساوم
شخصا سلعة ورده من بيعها صريحا وقلنا يحرم
عليه السوم لو تساوى الأمران فهل يحرم السوم
إذا رده؟ أطلق وجهين فإن كان هذا مراده فالذي
يقطع به أنه لا يحرم مساومة الثاني مع رده,
والله أعلم. ولعله أراد ما قاله في المغني1
والشرح2 وغيرهما أن يقول له: أبيعك خيرا منها
بثمنها, أو يعرض عليه سلعة يرغب فيها المشتري
ليفسخ البيع ويعقد معه, فإن كان أراد ذلك وهو
بعيد فالصحيح أن ذلك ملحق بالبيع والشراء, جزم
به في المغني1 والشرح2 وشرح ابن رزين وغيرهم,
وعبارته لا تعطي ذلك.
"المسألة الثانية" لو بدل لمشتر سلعة بأكثر
مما اشتراها فهل يحرم أم لا؟ أطلق الخلاف, قال
بعضهم: فإن بدل للمشتري أجنبي من البيع سلعة
بأكثر من ثمن الذي اشتراها ففي جواز ذلك
احتمالان, انتهى. "قلت": ظاهر كلام كثير من
الأصحاب عدم3 التحريم في هذه الصورة, ولم يظهر
لي معنى هذه المسألة أيضا, ولا رأيتها
ـــــــ
1 6/306
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/177.
3 ليست في "ص".
(6/173)
وعند شيخنا:
للمشتري الأول مطالبة البائع بالسلعة وأخذ
الزيادة أو عوضها. وقسم في عيون المسائل السوم
كالخطبة على خطبة أخيه
ـــــــ
مسطورة "1إلا ما تقدم عن بعضهم1", ثم رأيت ابن
نصر الله في حواشيه ذكر عن كلام المصنف كله
هنا أنه يحتاج إلى تحرير, وهو كما قال.
"تنبيهان"
"*" أحدهما ظاهر قوله "كشرائه وبيعه عليه زمن
خيار" أن محل ذلك في زمن الخيارين لا غير,
أعني خيار المجلس وخيار الشرط, وجزم به في
المحرر والرعايتين والحاويين وغيرهم, وهو ظاهر
كلام الإمام أحمد في رواية ابن مشيش "قلت":
وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب من تعاليلهم.
وقال ابن رجب في شرح النووية في الحديث الخامس
والثلاثين: ومال الإمام أحمد إلى قول بأنه عام
في الحالين, يعني مدة الخيار وبعدها ولو لزم
العقد, قال: وهو قول طائفة من أصحابنا, وهو
أظهر, لأن المشتري وإن لم يتمكن من الفسخ
بنفسه بعد انقضاء الخيار فإنه إذا. رغب في رد
السلعة الأولى على بائعها فإنه يتسبب إلى ردها
بأنواع من الطرق المقتضية لضرورة ولو بالإلحاح
عليه في المسألة, وما أدى إلى ضرر المسلم كان
محرما, انتهى. وتبع في ذلك الشيخ تقي الدين,
فإنه سئل عن ذلك في المسائل البغدادية, وأجاب
بأن الذي يدل عليه كلام الإمام أحمد وقدماء
أصحابه مثل أبي بكر أنه لا فرق بين زمن الخيار
وعدمه, فما أطلقه أبو الخطاب ذكره أبو بكر,
وكذلك ذكره القاضي وغيره, وإن كان هذا القيد
ذكره جماعة منهم القاضي في بعض المواضع, وابن
عقيل فيما أظن, وأبو حكيم وصاحبه السامري,
وأسعد بن منجى وأبو محمد وأبو البركات وغيرهم,
وأطال في ذلك واختاره, وذكر المسألة أيضا في
كتاب إبطال التحليل1".
"*" التنبيه الثاني" قوله: ويحرم ويبطل تفريق
الملك ببيع وقسمة وغيرهما بين ذي رحم محرم,
انتهى هذا المذهب, وعليه الأصحاب. قال الموفق:
قال أصحابنا
ـــــــ
1 ليست في "ح".
(6/174)
وإن حضر باد
لبيع شيء بسعر يومه جاهلا بسعره وقصده حاضر
يعرف السعر وعنه: أو لا وبالناس إليه حاجة ولم
يذكر أحمد هذا الشرط حرم وبطل, رضوا أو لا, في
ظاهر المذهب. وعنه: لا. وعنه: مثله إن قصد
الحاضر أو وجه به إليه ليبيعه, نقله ابن هانئ.
و نقل المروذي: أخاف أن يكون منه, جزم بهما
الخلال. وإن أشار حاضر على باد ولم يباشر له
بيعا لم يكره "م" ويتوجه إن استشاره وهو جاهل
بالسعر لزمه بيانه, لوجوب النصح, وإن لم
يستشره ففي وجوب إعلامه إن اعتقد جهله به نظر,
بناء على أنه هل يتوقف وجوب النصح على
استنصاحه؟ ويتوجه وجوبه, وكلام الأصحاب لا
يخالف هذا. ويصح شراؤه له, ونقل ابن هانئ: لا
يشتري له.
ويحرم ويبطل تفريق الملك ببيع وقسمة وغيرهما,
كأخذه بجناية بين ذي رحم محرم, رضوا أو لا, نص
عليه. وعنه: قبل البلوغ إلا بعتق وافتداء
أسير, وعنه: وفيهما, وهو ظاهر كلام ابن الجوزي
وغيره, قال الخطابي: لا أعلمهم يختلفون في
العتق, لأنه لا يمنع من الحضانة, ويبطل بيع
ونحوه, وللبائع الفسخ أو الأرش إن ظهر بعد
البيع عدم النسب. وسأله أبو داود: اشترى
جاريتين من السبي على أنهما أختان فإذا ليست
بينهما
ـــــــ
إلا الخرقي: فدخل في ذلك العمة مع ابن أخيها,
والخالة مع ابن أختها. وظاهر كلام الخرقي
اختصاص الأبوين والجدين والأخوين بذلك, نصره
في المغني1 والشرح2. وقيل: ذلك مخصوص
بالأبوين, ولم يذكر المصنف هذين القولين
ـــــــ
1 6/370
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 10/104.
(6/175)
قرابة؟ قال:
إذا ثبت عنده, قلت: بإقرارهما, قال: لا بأس أن
يفرق بينهما, قلت: فيلزمه ردهما إلى المقسم
قال: لم يلزمه قلت: اشترى جارية من السبي معها
أمها فتخلى عن الأم ببلد الروم ليكون أثمن
لابنتها قال: هذه يطمع في إسلامها, وكره أن
يخلي عنها. قلت: فإن تهاون في تعاهدها رجاء أن
تهرب؟ فقال: هذا قد اشتهى أن تهرب, وكأنه كرهه
وبيع التلجئة والأمانة وهو أن يظهرا بيعا لم
يلتزماه باطنا بل خوفا من ظالم دفعا له باطل.
قال القاضي وأصحابه والشيخ: كهازل. وفيه وجهان
"م 37" ففي الانتصار يقبل منه بقرينة, قال في
الرعاية ومن
ـــــــ
"مسألة 37" وقوله: وبيع التلجئة والأمانة باطل
كهازل. وفيه وجهان "انتهى"
"أحدهما" هو باطل, وهو الصحيح, جزم به الشيخ
الموفق والشارح, واختاره القاضي وغيره, وهو
ظاهر ما جزم به في الرعاية الكبرى, قال في
القواعد الفقهية وتبعه في الأصولية: المشهور
البطلان, وهو ظاهر كلام المصنف الأول, وصححه
في الفائق.
"والوجه الثاني" يصح, اختاره أبو الخطاب, قاله
في القواعد الفقهية والأصولية.
"تنبيهان"
"*" الأول ظاهر قوله "كهازل, وفيه وجهان" أن
في بيع التلجئة والأمانة وجهين, واعلم أن
الأصحاب قالوا: إن بيع التلجئة والأمانة باطل,
وهو أن يظهرا بيعا لم يلتزماه باطنا بل خوفا
من ظالم دفعا له عنه, وذكره القاضي وأصحابه,
والشيخ في المغني1, والشارح, وابن حمدان في
الرعاية وغيرهم. وقال في الرعاية أيضا: ومن
خاف أن يضيع ماله أو ينهب أو يسرق أو يغصب أو
يؤخذ ظلما صح بيعه,
ـــــــ
1 6/308.
(6/176)
خاف ضيعة ماله,
أو نهبه أو سرقته أو غصبه أو أخذه ظلما صح
بيعه, وظاهره أنه لو أودع شهادة فقال: اشهدوا
أني أبيعه أو أتبرع به خوفا وتقية أنه يصح "م"
في التبرع, قال شيخنا: من استولى على ملك رجل
بلا حق فطلبه صاحبه فجحده أو منعه إياه حتى
يبيعه إياه فباعه إياه على هذا الوجه فهذا
مكره1 بغير حق فإن أسرا الثمن ألفا بلا عقد,
ثم عقدا بألفين ففي أيهما الثمن وجهان "م 38"
ومن قال لآخر: اشترني من زيد
ـــــــ
فقطع الأصحاب بالأول, ولم نطلع على من قال
بصحة البيع وانتقال الملك إلى المشتري, وكلام
صاحب الرعاية الثاني ليس في بيع التلجئة
والأمانة, والله أعلم.
"*" الثاني: في كلام المصنف نظر, وهو كونه جعل
القياس عليه وهو الهازل أصلا للمقيس وهو
التلجئة والأمانة, وإنما ينبغي أن يكون الأمر
بالعكس, لأن التلجئة والأمانة هما الأصل,
لكونهما لا خلاف فيهما, والهازل فيه الخلاف,
وإنما يقاس على الذي لا خلاف فيه على ما فيه
الخلاف, والله أعلم. وعذره أنه تابع الشيخ في
المغني2, فإن التلجئة والأمانة قاسهما على
الهازل, لكن الشيخ قطع ببطلان بيع الهازل,
فقاس ما لا خلاف فيه على ما لا خلاف فيه عنده,
وهو قياس صحيح. والمصنف حكى الخلاف في الهازل,
وهو المقيس عليه, فحصل ما حصل, ولو قال: "وقال
الشيخ كهازل وفيه وجهان" سلم من ذلك ويكون في
المسألة طريقان, والواقع كذلك.
"مسألة 38" قوله: فإن أسرا الثمن ألفا بلا عقد
ثم عقداه بألفين ففي أيهما الثمن وجهان,
انتهى. وأطلقهما في الرعاية الكبرى والحاويين
"أحدهما" الثمن ما أسراه, قطع به ناظم
المفردات وقال:
بنيتهما على الصحيح الأشهر,
وحكاه أبو الخطاب وأبو الحسين عن القاضي
"قلت": وهو الصواب, وهو قريب
ـــــــ
1 في الأصل: "نكرة".
2 6/308
(6/177)
فإني عبده,
فاشتراه, فبان حرا, لم تلزمه العهدة, حضر
البائع أو غاب, نقله الجماعة, كقوله: اشتر منه
عبد هذا ويؤدب هو وبائعه, لكن ما أخذ المقر
غرمه, نص عليهما.
وسأله ابن الحكم عن رجل يقر بالعبودية حتى
يباع, قال: يؤخذ البائع والمقر بالثمن, فإن
مات أحدهما أو غاب أخذ الآخر بالثمن, واختاره
شيخنا ويتوجه هذا في كل غار, ولو كان الغار
أنثى حدت, ولا مهر, نص عليه, ويلحقه الولد,
وإن أقر أنه عبده فرهنه فتوجه كبيع, ولم ينقل
عن أحمد فيه إلا رواية ابن الحكم, وقال بها
أبو بكر.
ـــــــ
..................................
(6/178)
فصل: يحرم
التسعير, ويكره الشراء به
وإن هدد من خالفه حرم وبطل, في الأصح, مأخذهما
هل الوعيد إكراه؟
ويحرم: بع كالناس. وفيه وجه "و م" وأوجب شيخنا
إلزامهم المعاوضة بثمن المثل "ش" وأنه لا نزاع
فيه, لأنها مصلحة عامة لحق الله, فهي أولى من
تكميل الحرية قال: ولهذا حرم "هـ" وأصحابه من
يقسم بالأجر الشركة لئلا يغلو على الناس, فمنع
البائعين والمشترين والمتواطئين1
ـــــــ
من المعاطاة
والوجه الثاني: الثمن ما أظهراه, قطع به
القاضي في الجامع الصغير, قال ابن نصر الله في
كتاب الصداق: هذا أظهر الوجهين, كالنكاح,
ويأتي في الصداق بأتم من هذا2
ـــــــ
1 في الأصل و "ب": "المتعاطين".
2 8/285.
(6/178)
أولى, وأنه
أولى من تلقي الركبان "1وحرم غيره "م ر" وألزم
بصنعة الفلاحة للجند, وكذا بقية الصناعة1" وأن
ابن الجوزي وغيره ذكروا ذلك, لأن مصلحة الناس
لا تتم إلا بها, كالجهاد وطلب العلم إذا لم
يتعينا,
وكره أحمد البيع والشراء من مكان ألزم الناس
بهما فيه, لا الشراء ممن اشترى منه, وكره
الشراء بلا حاجة من جالس على الطريق ومن بائع
مضطر ونحوه, قال في المنتخب: لبيعه بدون ثمنه.
ويحرم الاحتكار في المنصوص في قوت آدمي وعنه:
وما يأكله الناس, وعنه: أو يضرهم ادخاره
بشرائه في ضيق. وقال الشيخ: من بلده لا جالبا,
والأول قاله القاضي وغيره, ونقل حنبل: الجالب
مرزوق إذا لم يحتكر, وكرهه في رواية صالح فيه.
ويصح شراء محتكر. وفي الترغيب احتمال وفي
كراهة التجارة في الطعام إذا لم يرد الحكرة2
روايتان "م 39" قال القاضي: يكره إن تربص به
ـــــــ
"مسألة 39" قوله: وفي كراهة التجارة في الطعام
إذا لم يرد الاحتكار روايتان, انتهى. قال في
الرعاية الكبرى: ومن جلب شيئا, أو استغله من
ملكه أو مما استأجره, أو اشتراه زمن الرخص,
ولم يضيق على الناس إذن, أو اشتراه من بلد
كبير كبغداد والبصرة ومصر ونحوها, فله حبسه
حتى يغلو. وليس محتكرا, نص عليه. وترك ادخاره
لذلك أولى, انتهى. "قلت": إن أراد بفعل ذلك
وتأخيره مجرد الكسب فقط كره, وإن أراده للتكسب
ونفع الناس عند الحاجة إليه لم يكره, والله
أعلم, وقد ذكر المصنف كلام القاضي وصاحب
الرعاية والشيخ تقي الدين.
فهذه تسع وثلاثون مسألة في هذا الباب قد صححت
بحمد الله.
ـــــــ
1 ليست في الأصل و "ب".
2 في الأصل: "الخلوة".
(6/179)
السعر لا جالبا
يبيع بسعر يومه نقل عبد الله وحنبل: الجالب
أحسن حالا وأرجو أن لا بأس ما لم يحتكر. قال,
أحمد, لا ينبغي أن يتمنى الغلاء. وفي الرعاية:
يكره, واختاره شيخنا. ويجبر المحتكر على بيعه
كما يبيع الناس "ش" فإن أبى وخيف التلف فرقه
الإمام ويردون مثله, ويتوجه: قيمته, وكذا سلاح
لحاجة قاله شيخنا
ولا يكره ادخار قوت أهله ودوابه, نص عليه,
ونقل جعفر: سنة وسنتين ولا ينوي التجارة فأرجو
أن لا يضيق: وذكر في رواية ابن مشيش حديث عمر
أنه عليه السلام أحرز لأهله قوت سنة.1
ومن ضمن مكانا ليبيع ويشتري فيه وحده كره
الشراء منه بلا حاجة, ويحرم عليه أخذ زيادة
بلا حق, ذكره شيخنا.
قال أحمد: استغن عن الناس فلم أر مثله, الغنى
من العافية ودعا لعلي بن جعفر ثم قال لأبيه:
ألزمه السوق وجنبه أقرانه. وقال له رجل: ما
ترى مكاسب الناس؟ فقال: انظروا إلى هذا
الخبيث, يريد أن يفسد على
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 أخرج البخاري "5357", ومسلم "1757", عن ابن
عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبيع نخل
بني النضير ويحبس لأهله قوت سنتهم.
(6/180)
الناس معايشهم.
وقال له رجل: إن لي كفاية, قال: الزم السوق
تصل به الرحم وتعد به على نفسك. وقال: لا
ينبغي أن تدع العمل وتنتظر ما بيد الناس, وقال
عمن فعل هذا: هم مبتدعة قوم سوء يريدون تعطيل
الدنيا. وقد أجاز التوكل لمن استعمل فيه
الصدق, قاله المروزي, وقال: من لم يطمع من
آدمي أن يجيئه بشيء رزقه الله وكان متوكلا.
ـــــــ
.................
(6/181)
باب الشروط في
البيع
مدخل
...
باب الشروط في
البيع
وهي قسمان:
صحيح لازم, فإن عدم فالفسخ أو أرش فقد الصفة.
وقيل: مع تعذر الرد, كالتقايض وتأجيل الثمن أو
بعضه. قاله أحمد, والرهن والضمين المعينين,
وليس له طلبها بعد العقد لمصلحة, ويلزم بتسليم
رهن المعين إن قيل يلزم بالعقد. وفي المنتخب:
هل يبطل بيع لبطلان رهن فيه لجهالة1 الثمن أم
لا؟ كمهر في نكاح, فيه احتمالان, وكون العبد
كاتبا وخصيا وفحلا, والأمة بكرا أو حائضا, نص
عليه, والدابة هملاجة أو لبونا "*" والفهد
صيودا, والأرض خراجها كذا, ذكره القاضي. وقال
ـــــــ
"*" تنبيه : قوله في الشروط الصحيحة: و الدابة
هملاجة أو لبونا, انتهى. ظاهر هذا أنه قطع
بصحة شرط كون الدابة لبونا, وقد جزم به في
المغني2 والكافي3 والشرح4 وغيرهم. وجزم به في
التلخيص: أنه لا يصح شرط كونها لبونا, قال في
الرعاية: وهو أشهر. ولم يذكره المصنف.
ـــــــ
1 في الأصل: "كجهالة".
2 6/166.
3 3/57.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/106.
(6/182)
ابن شهاب: إن
لم تحض فإن كانت صغيرة فليس عيبا فإنه يرجى
زواله, لأنه العادة, بخلاف الكبيرة, لأنها إن
لم تحض طبعا ففقده يمنع النسل, وإن كان لكبر
فعيب, لأنه ينقص الثمن.
وكذا نقد ثمن ولو كان المبيع منقولا غائبا مع
البعد "م" وإن شرط ثيبا أو كافرة وقال أبو
بكر: أو كافرا فلم يكن فلا فسخ, كاشتراط الحمق
ـــــــ
.................
(6/183)
ونحوه, وقيل:
بلى, وذكر أبو الفرج: إن شرط كافرا فلم يكن
روايتين, قال في عيون المسائل: وإن شرط أمة
سبطة فبانت جعدة فلا رد, لأنه لا عيب, بخلاف
العكس, وإن شرطها حاملا1 أو الطير مصوتا أو
يبيض أو يجيء من مسافة كذا أو يوقظه للصلاة
فوجهان "م 1 - 6"
ـــــــ
"مسألة 1 - 6" قوله: وإن شرطها حاملا1 أو
الطير مصوتا أو2 يبيض أو يجيء من مسافة كذا أو
يوقظه للصلاة فوجهان انتهى, اشتمل كلامه على
مسائل
"المسألة الأولى" إذا شرطها حاملا1 وفيها
مسألتان:
"المسألة الأولى" إذا كانت أمة وشرطها حاملا1
فهل يصح أم لا؟ أطلق الخلاف, وأطلقه في المحرر
والرعاية الصغرى والحاوي الصغير
"أحدهما" يصح, وهو الصحيح, قدمه في المغني3
والكافي4
ـــــــ
1 في "ط": "حائلا".
2 بعدها في النسخ الخطية و"ط": "أنه".
3 6/240.
4 3/132.
(6/184)
ولو أخبره
البائع وصدقه بلا شرط فلا خيار, ذكره أبو
الخطاب في
ـــــــ
والشرح1 والرعاية الكبرى وغيرهم, وجزم به في
التلخيص والحاوي الكبير في أواخر التصرية
"قلت" وهو أولى
والوجه الثاني: لا يصح, قال القاضي: قياس
المذهب لا يصح, وصححه الأزجي في نهايته, وجزم
به ابن عبدوس في تذكرته, وصاحب المنور.
"المسألة الثانية" إذا كانت دابة وشرطها
حاملا2 فهل يصح أم لا؟ أطلق الخلاف
"أحدهما" يصح, وهو الصحيح, قدمه في المغني3
والشرح1 ونصراه "قلت": وهو الصواب
"والوجه الثاني" لا يصح. قال في الرعاية: أشهر
الوجهين البطلان, واختاره القاضي, وقدمه في
التلخيص, وجزم به "4في الحاوي الكبير "قلت":
ويحتمل أن يكون الخلاف إنما هو في الأمة لا
الدابة, بدليل ما قبله, لكن يبقى حكم الدابة
الحامل لم يذكره4".
"المسألة الثالثة 3" إذا شرط الطائر مصوتا فهل
يصح أم لا؟ أطلق الخلاف, وأطلقه في الرعاية
الصغرى وشرح ابن منجا
"أحدهما" يصح, وهو الصحيح على المصطلح, جزم به
في العمدة والوجيز ومنتخب الآدمي وغيرهم,
واختاره صاحب المغني والشارح وابن عبدوس في
تذكرته. قال في الفائق: صح في أصح الوجهين,
وقدمه في الكافي5
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/206.
2 في "ط" "حائلا".
3 6/240.
4 في "ح": "في الحاوي الكبير".
5 3/132.
(6/185)
المصراة1.
ويتوجه عكسه. وشرط أنها لا تحمل فاسد, وإن شرط
حائلا
ـــــــ
والمقنع2
"والوجه الثاني" لا يصح, اختاره القاضي, قال
في الرعاية: هذا الأشهر. قال الناظم: هذا
الأقوى, وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك
الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص
والمحرر والمنور وإدراك الغاية وغيرهم, وقدمه
في الحاويين "قلت": قد اتفق عليه الشيخان
بالنسبة إلى الهادي
المسألة الرابعة-4 : إذا شرط الطائر يبيض فهل
يصح أم لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه في الشرح3
"أحدهما" يصح, قال الشيخ في المغني4: الأولى
الصحة "قلت": هي قريبة من المسألة التي قبلها,
وقد جعلها مثلها بل هي أولى بالصحة من التي
قبلها
"والوجه الثاني" لا يصح, وهو قياس قول من قال
بعدم الصحة في التي قبلها.
"المسألة الخامسة" إذا شرط أنه يجيء من مسافة
كذا فهل يصح أم لا؟ أطلق الخلاف, وأطلقه في
المستوعب والخلاصة والمغني4 والتلخيص والمحرر
وشرح ابن منجى والرعاية الصغرى والحاويين
وغيرهم: "أحدهما" يصح, وهو الصحيح, جزم به في
الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم, واختاره
أبو الخطاب في الهداية والشيخ الموفق والشارح
وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم. قال في الفائق:
صح في أصح الوجهين, وقدمه في الكافي5 والمقنع2
وإدراك الغاية وغيرهم
ـــــــ
1 المصراة: التي تصر أخلافها وتحلب أياما حتى
يجتمع اللبن في ضرعها فإذا حلبها المشتري
استفزرها. المطلع ص 236.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/211.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/210.
4 6/241.
5 3/133.
(6/186)
فسخ في الأمة,
وقيل: وغيرها.ويصح شرط البائع نفع المبيع مدة
معلومة, على الأصح, غير الوطء, واحتج في
التعليق والانتصار والمفردات وعيون المسائل
بشراء عثمان من صهيب أرضا وشرط وقفها عليه
وعلى عقبه, وكحبسه على ثمنه والانتفاع به,
والأشهر لا ينتفع وقيل: يلزم تسليمه ثم يرده
إلى بائعه ليستوفي المنفعة, ذكره شيخنا.
ـــــــ
"والوجه الثاني" لا يصح, اختاره القاضي, وصححه
في المذهب ومسبوك الذهب. قال في الرعاية
الكبرى: أشهرهما بطلانه
"المسألة السادسة" إذا شرط أن يوقظه للصلاة
فهل يصح أم لا؟ أطلق الخلاف فيه
"أحدهما" لا يصح, وهو الصحيح. قال في الرعاية:
الأشهر البطلان. قال في الفائق: بطل في أصح
الوجهين, وجزم به في الهداية والمذهب ومسبوك
الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص
والشرح1 وغيرهم, وقدمه في الحاويين
"والوجه الثاني" يصح, ونسبه في الحاويين إلى
اختيار الشيخ الموفق قال في الكافي2: إن شرط
في الديك أنه يصيح في وقت من الليل صح. وقال
بعض أصحابنا: لا يصح, انتهى. فتلخص في هذه
المسألة طريقان: هل هي كالمسائل التي قبلها؟
أو هذه أقوى في البطلان وهي3 طريقة صاحب
المستوعب والشرح والحاويين والفائق وغيرهم وهو
الصواب.
"*" تنبيه : قوله: ويصح شرط البائع نفع المبيع
مدة معلومة, على الأصح, غير الوطء. وكحبسة على
ثمنه والانتفاع به, والأشهر: لا ينتفع, انتهى.
قال ابن نصر الله
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/213.
2 3/133.
3 في "ط": "ونفي".
(6/187)
قال: وإن شرط
تأخير قبضه بلا غرض صحيح لم يجز, وللبائع
إجارته وإعارته كعين مؤجرة, وإن تلف ضمنه
مشتر, ويضمن النفع بأجرة مثله, نقله الأثرم إن
فرط, اختاره الشيخ, واختار القاضي ضمانه مطلقا
بما نقصه البائع لأجل الشرط.
وإن شرط المشتري نفع البائع كحمل المبيع
وحصاده صح, على الأصح.ولم يصح جمعه شرطين, على
الأصح. وعنه ولو كانا من مصلحة العقد, ويصح من
مقتضاه بلا خلاف. وإن رضيا بعوض النفع ففي
جوازه وجهان وهو كأجير, فإن مات أو تلف أو
استحق فللمشتري عوض
ـــــــ
في حواشيه: لعل صوابه: "والأشهر ينتفع" بإسقاط
لا, واستدل عليه بما في المغني1 من التعليل,
ولم يظهر لي ما2 قال, ولو كان مراد المصنف ما
قال المحشي لقال: والانتفاع به في الأشهر
"ظاهر بل عبارته أن في جواز الانتفاع وجهين مع
شرط حبسه على ثمنه وأن الأشهر لا ينتفع.
"مسألة 7" قوله: ولا يصح أن يجمع بين شرطين
منهما, ويصح إذا كانا من مقتضاه وإن رضيا بعوض
النفع ففي جوازه وجهان, انتهى, وهما احتمالان
مطلقان في المغني3 والشرح4 فقالا: وإذا اشترط
المشتري نفع البائع في المبيع فأقام البائع
مقامه من يعمل العمل فله ذلك, وإن أراد بذل
العوض عن ذلك لم يلزم المشتري
ـــــــ
1 6/166.
2 في "ط": "من".
3 6/170.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/226.
(6/188)
ذلك, نص عليه.
وإن قال: بعتك على أن تنقدني ثمنه إلى ثلاث
وإلا فلا بيع, صح. نص عليه, وانفسخ, وقيل بطل
بفواته.
ويصح شرط رهن المبيع على ثمنه, في المنصوص,
فيقول: بعتكه على أن ترهننيه بثمنه: وإن قال:
إن أو إذا رهنتنيه فقد بعتك, فبيع معلق بشرط,
وأجاب أبو الخطاب وأبو الوفاء: إن قال بعتك
على أن ترهنني, لم يصح البيع, وإن قال: إذا
رهنتنيه على ثمنه وهو كذا فقد بعتك, فقال
اشتريت ورهنته عندك على الثمن, صح الشراء
والرهن, وبيع العربون على الأصح,
ـــــــ
قبوله, وإن أراد المشتري أخذ العوض عنه لم1
يلزم البائع بذله, وإن تراضيا عليه احتمل
الجواز واحتمل أن لا يجوز, انتهيا:
"أحدهما" يجوز. وهو الصحيح, جزم به في الرعاية
الكبرى وغيره, وقدمه في شرح ابن رزين وغيره
"قلت" وهو الصواب
والوجه الثاني: لا يجوز ولا يصح.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
(6/189)
وهو دفع بعض
ثمنه ويقول: إن أخذته أو جئت بالباقي وقيل:
وقت كذا وإلا فهو لك, وكذا إجارته.
"القسم الثاني" فاسد يحرم اشتراطه, كتعليقه
بشرط, نحو بعتك إن حبيتني بكذا أو إن رضي زيد,
فلا يصحان, وعنه: صحة عقده, وحكى عنه صحتهما م
اختاره شيخنا في كل العقود والشروط التي لم1
تخالف الشرع, لأن إطلاق الاسم يتناول المنجز
والمعلق والصريح والكناية, كالنذر, وكما
يتناوله بالعربية والعجمية, وقد نقل علي بن
سعيد فيمن باع شيئا وشرط إن باعه فهو أحق به
بالثمن جواز البيع والشرطين, وأطلق ابن عقيل
وغيره في صحة هذا الشرط ولزومه روايتين, قال
شيخنا عنه نحو عشرين نصا على صحة هذا الشرط,
وأنه يحرم الوطء لنقص الملك, وسأله أبو طالب
عمن اشترى أمة بشرط أن يتسرى بها لا للخدمة,
قال: لا بأس به, واحتج أحمد في شرط العتق بخبر
جابر2 وقال: إنما هذا شرط واحد, والنهي إنما
هو عن شرطين, ونقل حرب ما نقله الجماعة: لا
بأس بشرط واحد, قال حرب: ومذهبه على أن قوله
بعتك على أن لا تبيع ولا تهب شرط واحد, وقد
فسر3 أحمد الشرطين بهذين ونحوهما, في رواية
جماعة, فدل على جواز واحد, ويصح تعليق الفسخ
بشرط, ذكره في التعليق والمبهج, وذكر أبو
الخطاب والشيخ لا, قال صاحب الرعاية فيما إذا
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 قصة جابر وبيعه الجمل للنبي صلى الله عليه
وسلم أخرجها البخاري "2097", ومسلم "715"
"71".
3 في "ط": "أفسد".
(6/190)
أجره كل شهر
بدرهم إذا مضى شهر فقد فسختها: إنه يصح,
كتعليق الخلع, وهو فسخ على الأصح, قال في
الفصول والمغني1 في الإقرار: فإن قال: بعتك
بألف إن شئت فشاء لم يصح وقيل: يصح لأنه من
موجب العقد, لأن الإيجاب إذا وجد كان القبول
إلى مشيئة المشتري, ويأتي في الإقرار2. وإن
باع بشرط عقد سلف أو قرض أو شركة أو صرف للثمن
أو غيره لم يصح العقد, على الأصح, قال أحمد:
هذا بيعتان في بيعة, وعنه: بل هو نسيئة بكذا,
وبنقد بكذا, وعنه هذا شرطان في بيع, ونقل أبو
داود: إن اشتراه بكذا إلى شهر كل جمعة درهمان؟
قال: هذا بيعتان في بيع, وربما قال: بيعتان في
بيعة,
وإن شرط مناف مقتضاه قال ابن عقيل وغيره: في
العقد وكذا في الانتصار كابن عقيل في الفاسد
هل ينتقل الملك ويأتي كلام شيخنا في النكاح
نحو أن لا يبيعه ولا يهبه ولا يعتقه, أو إن
أعتقه فالولاء له, أو لا خسارة عليه, أو إن
نفق وإلا رده, أو شرط رهنا فاسدا أو خيارا أو
أجلا
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 7/336-337.
2 11/410.
(6/191)
مجهولين, أو
نفع بائع ومبيع إن لم يصحا, أو تأخير تسليمه
بلا انتفاع, أو فناء الدار لا بحق طريقها, صح
العقد فقط, نص عليه اختاره الشيخ وغيره, كعود
الشرط على غير العاقد, نحو بعتكه على أن لا
ينتفع به فلان, يعني غير المشتري, ذكره ابن
عقيل وغيره وعنه: لا, نصره القاضي وأصحابه.
ولا أثر لإسقاط الفاسد بعد العقد, وعلى الصحة
للفائت غرضه, وقيل: لجاهل فساد الشرط الفسخ أو
أرش نقص الثمن بإلغائه, وقيل: لا أرش, ذكره
شيخنا ظاهر المذهب. وفي صحة شرط العتق روايتان
"م 8" فإن صح فأبى أجبر لأنه حق لله كالنذر,
وقيل: هو حق للبائع فيفسخ, نقل الأثرم: إن أبى
عتقه فله أن يسترده وإن أمضى فلا أرش, في
الأصح,
ـــــــ
"مسألة 8" قوله: وفي صحة شرط العتق روايتان,
انتهى, وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة والمغني1 والمقنع2 والشرح2 والحاويين
والزركشي وغيرهم
"إحداهما" يصح, وهو الصحيح من المذهب, صححه في
التصحيح والفائق والقواعد الفقهية, قال
الناظم: وهو الأقوى, قال ابن منجى في شرحه:
هذا المذهب, قال الزركشي في الكفارات: المذهب
من الروايتين عند الأصحاب جواز ذلك وصحته,
وجزم به في المنور وتذكرة ابن عبدوس, وقدمه في
المحرر والرعايتين. "والرواية الثانية" لا
يصح, قدمه في إدراك الغاية, قال الزركشي في
الكفارات: وهو ظاهر كلام صاحب الوجيز, لأنه
مناف لمقتضى البيع.
ـــــــ
1 6/324.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/237.
(6/192)
وهل له
المطالبة به وإسقاطه؟ على الخلاف "*" قيل:
وشرط الوقف مثله, وتعتبر مقارنة الشرط, ذكره
في الانتصار, ويتوجه كنكاح. وشرط البراءة من
عيب كذا أو كل عيب فاسد لا يبطل العقد ولا
يبرأ منه, في ظاهر المذهب فيهن. قال أبو
الخطاب وجماعة: لأنه خيار يثبت بعد البيع فلا
يسقط قبله, كالشفعة, واعتمد عليه في عيون
المسائل, وعنه: يبرأ إن لم يكتمه, ونقل ابن
هانئ: إن عينه صح, ومعناه نقل ابن القاسم
وغيره: لا يبرأ إلا أن يخبر بالعيوب كلها,
لأنه مرفق في البيع كالأجل والخيار. وفي
الانتصار: الأشبه بأصولنا أن ننصر الصحة,
كبراءة من مجهول وذكره أيضا هو وغيره رواية,
فهذه خمس روايات "*" وفيه في عيب باطن وجرح لا
يعرف غوره احتمالان "م 9 و 10"
ـــــــ
"تنبيهان"
"*" الأول قوله: "وهل له المطالبة به وإسقاطه,
على الخلاف, يعني أن الحق لله أو له, وقدم
المصنف أنه حق لله.
"*" الثاني قوله: فهذه خمس روايات, كذا في
النسخ, قال ابن نصر الله: صوابه أربع روايات,
وهو الظاهر.
"مسألة 9 - 10" قوله في البراءة من كل عيب,
وفيه في عيب باطن وجرح لا يعرف غوره احتمالان,
انتهى شمل كلامه مسألتين:
"المسألة الأولى" هل العيب الباطن كالظاهر أم
لا؟ أطلق الخلاف.
"أحدهما" هو كالعيب الظاهر, وهو الصحيح, قال
في الرعاية الكبرى: والعيب الظاهر والباطن في
ذلك سواء, انتهى. "قلت": وهو ظاهر كلام
الأصحاب, وهو الصواب
(6/193)
وإن باعه على
أنه به وأنه بريء منه صح. وإن باعه أرضا أو
ثوبا على أنه عشرة أذرع فبان أكثر فعنه: يبطل,
جزم به ابن عقيل وعنه: يصح "م 11" فلمشتريه
فسخه, ما لم يسلمه البائع زائدا, وأخذه بثمنه
وقسط الزائد, فإن رضي بالشركة ففي البائع
وجهان "م 12" وإن بان أقل
ـــــــ
والاحتمال الثاني تصح البراءة من ذلك.
"المسألة الثانية" إذا شرط البراءة من جرح لا
يعرف غوره فهل هو كالعيب الظاهر أم لا؟ أطلق
الخلاف.
أحدهما: هو كالعيب الظاهر, وهو الصواب, وهو
ظاهر كلام الأصحاب, وكلام ابن حمدان يشمل هذه
الصورة أيضا.
والقول الثاني تصح البراءة منه, ويحتمل أن
الاحتمال الثاني يكون بعدم الصحة مطلقا ولم نر
من صرح بهذا الخلاف غير المصنف.
"مسألة 11" قوله: وإن باعه أرضا أو ثوبا على
أنه عشرة أذرع فبان أكثر1 فعنه: يبطل, جزم به
ابن عقيل, وعنه: يصح, انتهى. وأطلقهما في
المذهب والمستوعب والمغني2 والتلخيص وشرح ابن
منجا والرعاية الكبرى.
إحداهما: يبطل, جزم به ابن عقيل, قال الناظم:
وهو أولى, وقدمه في المقنع3 والشرح3 والرعاية
الصغرى والحاوي الصغير والفائق وشرح ابن رزين
وغيرهم.
والرواية الثانية: يصح, جزم به في الوجيز
وتذكرة ابن عبدوس والمنور وغيرهم, وقدمه في
المحرر وغيره. "مسألة 12" قوله: فإن رضي
بالشركة ففي البائع وجهان, انتهى. يعني: هل له
ـــــــ
1 في نسخ التصحيح: "أحد عشر" والمثبت من
الفروع.
2 6/211.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/258.
(6/194)
فالروايتان "م
13" فإن أخذه بقسطه فللبائع الفسخ, وإلا فلا,
ولا يجبر أحدهما على معاوضة, ويصح في الصبرة,
ولا خيار للمشتري. وقيل: بلى إن بان أقل
والزائد مشاعا لصاحبه وينقص من الثمن بالقسط.
ـــــــ
خيار الفسخ أم لا؟ وأطلقهما في المغني1
والشرح2.
"أحدهما" له الفسخ, قال الشارح: أولاهما له
الفسخ, وقدمه ابن رزين في شرحه "قلت": وهو
الصواب. والوجه الثاني لا خيار له, وظاهر
تعليل الشيخ ترجيحه.
"مسألة 13" قوله: وإن بان أقل فالروايتان,
انتهى. من أطلق الروايتين في المسألة الأولى
أطلق في هذه, ومن قدم هناك أو صحح فعل هنا
كذلك, وقد علمت الحكم هناك, فكذا هنا. والله
أعلم,
فهذه ثلاث عشرة مسألة.
ـــــــ
1 6/211.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/258.
(6/195)
باب بيع الأصول
والثمار
مدخل
...
باب بيع الأصول
والثمار
إذا باع دارا شمل ما اتصل بها لمصلحتها, كباب
منصوب, ورف مسمور, ورحى منصوبة, وخابية,
مدفونة, ومعدن جامد, وعنه: وجار وقيل: ومفتاح
وحجر رحى فوقاني دون مودع فيها كحجر وكنز
ومنفصل كدلو وقفل, فإن طالت مدة نقله وذكر
جماعة فوق ثلاثة أيام فعيب, والأصح تثبت اليد
عليها, والخلاف في أرض بها زرع البائع. وإن
تركه له ولا ضرر فلا خيار. وفي الترغيب وغيره:
لو قال تركته له ففي كونه تمليكا وجهان, ولا
أجرة مدة نقله, وقيل: مع العلم, وقيل: بلى,
وينقله بحسب العادة, فلا يلزم ليلا وجمع
الحمالين ويسوي الحفر, وإن لم ينضر مشتر
ببقائه ففي إجباره وجهان. "م 1" وإن باع أو
رهن أرضا بحقها
ـــــــ
مسألة 1 : قوله: ويسوي الحفر, وإن لم ينضر
مشتر ببقائه ففي إجباره وجهان, انتهى. وإن لم
ينضر ببقاء الحفر هذا ظاهر كلامه وهو بعيد,
ومراده ما ذكره في الرعاية, فإنه قال: وعليه
تسويته إن أضر عرقه بالأرض, كالقطن والذرة
ونحوهما, وإن كان لا يضر أرض المشتري بقاؤه
فهل له إجبار؟ فيه وجهان, انتهى. فلعل في كلام
المصنف نقصا.
"أحدهما" له إجباره "قلت: " وهو الصواب.
والوجه الثاني" ليس له إجباره "قلت": وهذه
المسألة قريبة مما إذا غرس الغاصب أو بنى,
فإنه يلزمه القلع, فلو وهبها للمغصوب منه
ليدفع عن نفسه, كلفة ذلك فهل يجبر على إبقائه
إذا لم يكن في قلعه غرض صحيح؟ أطلق المصنف في
الغصب1 الوجهين, وقريب منها في الصداق2.
ـــــــ
1 7/232.
2 8/302.
(6/196)
شمل غرسها
وبناءها, كذا إن أطلق, وقيل: لا, كثمرة مؤبرة,
والفرق أنها تراد للنقل, وليست من حقوقها.
وعلى هذا الوجه للبائع تبقيته. وفي الترغيب:
هل يتبعها في الرهن كالبيع إذا قلنا يدخل؟ فيه
الوجهان, لضعفه, وكذا الوصية.
وفي بناء في بستان الوجهان. ولا تدخل مزارع
القرية إلا بذكرها. وقال في المغني1: أو
قرينة, وهو أولى, وشجرها بين بنيانها, وأصول
بقولها كما تقدم, ولا يدخل زرع وبذر, وإن باعه
شجرة فله تبقيتها في أرض البائع كالثمر على
الشجر, قال أبو الخطاب وغيره: ويثبت حق
الاختيار وله الدخول لمصالحها.
وإن باع أرضا فيها زرع أو شجرا بدا ثمره أو
نخلا تشقق طلعه, وعنه: بل أبر فالزرع والثمرة
للبائع بلا أجرة يأخذه أول وقت أخذه حسب
العادة, زاد الشيخ: ولو كان بقاؤه خيرا له,
وقيل: عادته إن لم يشترطه المشتري, وقيل:
يلزمه قطع الثمرة "و هـ" لتضرر الأصل. زاد
الشيخ: كثيرا, في أحد الوجهين. وما لم يتشقق
طلعه لمشتر "هـ" وفي صحة اشتراط بذر تبعا
وجهان, وقيل: إن ذكر قدره ووصفه صح "م 2"
والبذر إن
ـــــــ
"مسألة 2" قوله: وما لم يتشقق طلعه لمشتر, وفي
صحة اشتراط بذر تبعا وجهان, وقيل: إن ذكر قدره
ووصفه صح, انتهى.
ـــــــ
1 6/143.
(6/197)
بقي أصله
فكشجر, وإلا كزرع, عند القاضي, وعند ابن عقيل:
لا يدخل "م 3" وأطلق في عيون المسائل أن البذر
لا يدخل, لأنه مودع.
ـــــــ
"أحدهما" يصح مطلقا, اختاره القاضي في المجرد
"قلت": وهو الصواب, لأنه دخل تبعا, كالحمل
وكالنابت من الزرع أو باعه مع الأرض, وهو ظاهر
ما جزم به في الرعاية الكبرى, وقطع به المغني1
والشرح2.
والوجه الثاني لا يصح مطلقا, اختاره ابن عقيل.
والوجه الثالث, إن ذكر قدره ووصفه صح وإلا
فلا, وهو احتمال لابن عقيل.
"مسألة 3" قوله: والبذر إن بقي أصله فكشجر,
وإلا كزرع عند القاضي, وعند ابن عقيل: لا
يدخل, انتهى. وكذا3 قال في الفائق, وأطلقهما
في التلخيص. قول القاضي هو الصحيح, جزم به
الشيخ في المغني1 والشارح وابن رزين في شرحه,
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير, وقول ابن
عقيل لا أعلم من اختاره غيره.
ـــــــ
1 6/141.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/149.
3 في "ح": "ولذا".
(6/198)
وقال في المبهج
في بذر وزرع لم يبد صلاحه: قيل: يتبع الأرض,
وقيل: لا, ويؤخذ البائع بأخذه إن لم يستأجر
الأرض, وإن ظن المشتري دخوله أو ادعى الجهل به
ومثله يجهل فله الفسخ. وقصب سكر كزرع, وقيل
كفارسي, فعروقه لمشتر, وهو كثمرة, ويتوجه مثله
جوز, ويصح شرط بائع ما لمشتر ولو قبل تأبير
"م" ولبعضه خلافا لابن القاسم المالكي, وله
تبقيته إلى جذاذه ما لم يشرط قطعه, ولكل واحد
السقي من ماله لمصلحته وقيل: لحاجة, وإن ضر
صاحبه, ويقبل قول البائع في بدو الثمرة,
ويتوجه وجه من واهب ادعى شرط ثواب.
وما بدا من ثمرة نوع وقيل: وجنس قدمه في
التبصرة من بستان لبائع, وما لم يبد لمشتر, نص
عليه. وفي الانتصار رواية: كله للبائع, اختاره
ابن حامد وغيره, كشجرة. فلو أبر الكل إلا نخلة
فأفردها بالبيع ففي أيهما له وجهان "م 4"
ـــــــ
"مسألة 4" قوله: فلو أبر الكل إلا نخلة
فأفردها بالبيع ففي أيهما له وجهان, انتهى.
"أحدهما" تكون ثمرة هذه النخلة للمشتري, لأنها
لم تؤبر, وما لم يؤبر يكون للمشتري, ولا يكون
تبعا للذي أبر وهو الصحيح من المذهب, وهو ظاهر
كلام الأصحاب ممن لم يصرح بذلك, قال في
الرعاية الكبرى: وإن أبر بعضه فباع ما لم يؤبر
وحده فهو للمشتري, وقيل: بل للبائع انتهى.
وقال في المغني1 والشرح2: ولو أبر بعض الحائط
فأفرد بالبيع ما لم يؤبر فللمبيع حكم نفسه,
ولا
ـــــــ
1 6/133.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/159.
(6/199)
وفي الواضح:
فيما لم يبد من ثمرة شجرة لمشتر, وذكره أبو
الخطاب ظاهر كلام أبي بكر, كحدوث طلع بعد
تأبيرها أو بعضها, ذكره الشيخ, لأنه لا
اشتباه, لبعد ما بينهما, وظاهر كلام غيره: لا
فرق, وقيل: ما ثمرته في نوره ثم يتناثر عنه
كتفاح وسفرجل قال الشيخ: وعنب أو ثمرته في
قشرته, كجوز ولوز يمتنع دخوله بتناثر نوره
وتشقق قشره الأعلى كالطلع, لا بظهوره, وجزم به
في عيون المسائل في جوز ولوز ; وقال: ولا يلزم
الرمان والموز والحنطة في سنبلها والباقلا في
قشره لا يتبع الأصل, لأنه لا غاية لظهوره,
وطلع الفحال يراد للتلقيح, كالإناث, وقيل:
للبائع لأكله قبل ظهوره, وما خرج من أكمامه
كورد ونرجس وبنفسج كالثمرة والورق للمشتري,
وقيل: ورق التوت المقصود كثمره, ويجوز بيع
الكثر, وهو الطلع, نص عليه.
ولا يجوز بيع ثمر قبل بدو صلاحه, ورطبة1 وزرع
قبل اشتداده, نص عليه, إلا بشرط القطع في
الحال, وعنه: أو العزم, إلا أن يبيعه بأصله
ـــــــ
يتبع غيره. وخرج القاضي وجها أنه يتبع للذي
أبر, فلا يدخل في البيع, بل يكون للبائع, كما
لو باعها بعد أن تؤبر, ورد هذا التخريج في
المغني2, وقدم ابن رزين أنه للمشتري. وقال عن
القول بأنه للبائع: ليس بشيء.
والوجه الثاني" لا يدخل في المبيع ويكون
للبائع, وهو تخريج القاضي "قلت": وهو ضعيف,
وإطلاق المصنف فيه شيء, والله أعلم.
ـــــــ
1 في "ر" و "ط": "رطبه".
2 6/133.
(6/200)
وقيل: لا,
كبيعه لمالك الأصل, في أحد الوجهين "م 5 و 6"
وقيل: إطلاقه كشرط, قدمه في الروضة.
ـــــــ
"المسألة 5 و 6" قوله: ولا يجوز بيع ثمر قبل
بدو صلاحه, ورطبة وزرع قبل اشتداده, نص عليه,
إلا بشرط القطع في الحال... إلا أن يبيعه
بأصله, وقيل: لا, كبيعه لمالك الأصل, في أحد
الوجهين, انتهى. يعني إذا باع ذلك لمالك الأصل
من غير شرط القطع وفيه مسألتان :
(6/201)
والحصاد
واللقاط على المشتري, ويصح شرطه على البائع
خلافا
ـــــــ
"المسألة الأولى 5" بيع الثمرة قبل بدو صلاحها
لمالك الأصل من غير شرط القطع هل يصح أم لا؟
أطلق الخلاف, وأطلقه في المغني1 والمحرر
والشرح2 والفائق الزركشي.
"أحدهما" يصح, وهو الصحيح3 من المذهب, صححه في
المستوعب والتلخيص والرعاية الكبرى والحاوي
الصغير وغيرهم, واختاره في الحاوي الكبير وجزم
به في الرعاية الصغرى.
والوجه الثاني: لا يصح, وهو ظاهر كلام الخرقي
وصاحب المقنع وجماعة.
"المسألة الثانية 6" بيع الزرع ونحوه قبل
اشتداد حبه لمالك الأرض من غير اشتراط القطع
هل يصح أم لا؟ أطلق فيه الخلاف, وأطلقه في
المغني4 والمحرر والشرح5 والفائق والزركشي.
أحدهما: يصح, وهو الصحيح3, اختاره أبو الخطاب
وصاحب الحاوي الكبير وابن عبدوس في تذكرته,
وصححه في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
والوجه الثاني لا يصح, قدمه في الرعاية
الكبرى, وهو ظاهر كلامه في المقنع6 وغيره. قد
جعل المصنف المسألتين على حد واحد, وكذا أكثر
الأصحاب, وابن حمدان في الرعاية الكبرى قدم
هنا ما صحح خلافه في التي قبلها.
ـــــــ
1 6/150.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/180.
3 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
4 6/151.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/181.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/170.
(6/202)
للخرقي. قال
القاضي: ولم أجد بقوله في رواية. وقال في
الروضة: ليس له وجه, وفي الإرشاد1: في صحته
روايتان, فإن بطل ففي2 العقد روايتان "*" وكذا
الجذاذ,
ولا يجوز بيع مزارع لغير رب المال, وكذا له من
غير شرط القطع, وسأله ابن منصور: يبيع الزرع؟
قال: لا يجوز حتى يبدو صلاحه, وكذا نقل: لا
يبيع3 عمله قبل ظهور زرع لم يجب له شيء. وقال
القاضي: قياس المذهب جوازه ويكون شريكا
بعمارته, قال شيخنا: لو تقايلا الإجارة أو
فسخاها بحق فله قيمة حرثه, وإن أخر القطع مع
شرطه حتى صلح الثمر وطالت الجزة واشتد الحب
فسد العقد, في ظاهر المذهب, وهو والزيادة
ـــــــ
"*" تنبيه : قوله: والحصاد واللقاط على
المشتري, ويصح شرطه على البائع, خلافا للخرقي.
وفي الإرشاد1 في صحته روايتان, فإن بطل ففي
العقد روايتان,انتهى.
اعلم أن الخلاف في الصورتين ذكره الإرشاد
فقال: فإن باعه رطبة واشترط على البائع جزها
لم يجز, وقيل: وإذا قلنا لا يجوز هذا الشرط
فهل يصح البيع ويبطل الشرط؟ أو يبطل البيع
لبطلان الشرط؟ على روايتين, انتهى. فحكى في
الأول قولين, وفي الثاني روايتين, واعلم أن
الصحيح من المذهب على قول الخرقي يصح البيع,
وعليه الأصحاب, وصاحب الإرشاد حكى رواية بعد
الصحة, فليس الخلاف هنا من الخلاف المطلق الذي
اصطلح عليه المصنف, وإنما حكى الخلاف على صفته
في الإرشاد1.
ـــــــ
1 ص 204.
2 بعدها في "ط": "بطلان".
3 في الأصل: "لا يتبع".
(6/203)
للبائع, وعنه:
لهما, فتقوم الثمرة وقت العقد وبعد الزيادة,
وعنه: لا يفسد, والزيادة لهما. وقال القاضي:
للمشتري, وعنه: يتصدقان بها على الروايتين
وجوبا, وقيل: ندبا, وعنه: يفسد إن أخره عمدا
بلا عذر, وعنه: يفسد لقصد حيلة, ذكرها
جماعة.وكذا لو اشترى رطبا عرية فأتمر ويتوجه
تقييد الصحة بالمساواة, وحيث بطل البيع زكاه
البائع, وحيث صح فإن اتفقا على التبقية جاز
وزكاه المشتري, وإن قلنا الزيادة بينهما
فعليهما إن بلغ نصيب كل منهما نصابا, وإلا
انبنى على الخلطة في غير الماشية, وإن اتفقا
على القطع أو طلبه البائع فسخنا البيع "هـ ر"
لأن إلزام البائع بالتبقية يضر بنخله, وتمكين
المشتري من القطع يضر بالفقراء, ويعود ملكا
للبائع ويزكيه, وفي إلزام المشتري بالتبقية إن
بذلها البائع وجهان:
أحدهما: نعم, لأنه خير مما شرطه له,
والثاني: لا, لأنه قد يكون له غرض صحيح "م 7"
ـــــــ
"مسألة 7" قوله: فيما إذا باع ثمرا قبل صلاحه
بشرط القطع وأخره حتى صلح وقلنا يصح البيع:
وإن اتفقا على القطع أو طلبه البائع فسخنا
البيع, وفي التزام المشتري بالتبقية إن بذلها
البائع وجهان: أحدهما نعم, لأنه خير مما شرطه
له. والثاني لا, لأنه قد يكون له غرض صحيح,
انتهى.
"أحدهما" يلزمه قبوله, لما علله به المصنف,
وهو الصحيح, جزم به في الرعاية الكبرى.
والوجه الثاني: لا يلزمه, لما علله به المصنف
"قلت": والصواب أن ينظر في ذلك, فإن كان
للمشتري غرض صحيح في قطعه لم يلزم بالتبقية,
لأن حقه مقدم, وإلا ألزم, لمراعاة حق الفقراء.
وفي تعليل المصنف ما يؤيد هذا, والله أعلم.
(6/204)
هذا كله إذا
قلنا الواجب فيما يقطع قبل كماله لحاجة عشره
رطبا, فأما إن قلنا يخرج يابسا فلا يفسخ البيع
في المسألتين, ذكره في منتهى الغاية, وإن
اختلط بغيره فلم يتميز فكمبيع اختلط بغيره لا
يفسد, في ظاهر المذهب.
وإن أخر قطع خشب, مع شرطه فزاد فقيل: الزيادة
للبائع وقيل: الكل, وقيل: للمشتري, وعليه
الأجرة, ونقل ابن منصور: الزيادة لهما, اختاره
البرمكي "م 8".
ـــــــ
"مسألة 8" قوله: فإن أخر قطع خشب مع شرطه فزاد
فقيل: الزيادة للبائع, وقيل: الكل وقيل:
للمشتري وعليه الأجرة, ونقل ابن منصور:
الزيادة لهما, اختاره البرمكي, انتهى. قدم في
الفائق أن البيع لازم والزيادة للبائع فقال:
ولو اشترى خشبا ليقطعه فتركه فنما وغلظ
فالزيادة لصاحب الأرض, نص عليه. واختاره
البرمكي. وقال ابن بطة: هي لصاحب الخشب,
انتهى. فنسب إلى البرمكي أن الزيادة لصاحب
الأرض, وأنه المنصوص, وهو مخالف لكلام المصنف,
وقد نقل ابن رجب الاشتراك في الزيادة عن
البرمكي, كما قال المصنف, والقول بأن الكل
للبائع, اختاره أبو الحسن الخرزي فقال: ينفسخ
العقد والكل للبائع. والقول بأن الكل للمشتري
اختاره
(6/205)
.................
ـــــــ
ابن بطة. وقال في الفائق بعد قول الخرزي: قلت:
ويتخرج الاشتراك, فوافق ما نقله المصنف عن
الإمام أحمد في رواية ابن منصور.
تنبيه: تلخص مما تقدم في انفساخ العقد قولان:
الانفساخ اختاره الخرزي, وعدمه وهو الصحيح نص
عليه واختاره ابن بطة وأبو حفص البرمكي, وهو
ظاهر ما قدمه في الفائق, فعلى الأول الكل
للبائع, وعلى الثاني اختلف في الزيادة على
أقوال:
أحدها: الاشتراك فيها, وهو الصحيح, نص عليه,
واختاره البرمكي.
والثاني: هي للمشتري, اختاره ابن بطة,
والثالث: هي للبائع, وهو ظاهر ما قدمه في
الفائق ونسبه إلى النص, واختيار البرمكي, قال
الشيخ شمس الدين بن عبد الدائم تلميذ صاحب
الفائق: الزيادة لصاحب الأرض, نص عليه,
واختاره أبو حفص العكبري, ذكره في تعليقته,
فالظاهر أن صاحب الفائق حصل منه سبق قلم في
قوله البرمكي, وإنما هو العكبري, وأما البرمكي
فإنه اختار الاشتراك في الزيادة, ذكره في
القاعدة الحادية والثمانين المصنف, والله
أعلم.
(6/206)
فصل: وإذا طاب أكل الثمر وظهر نضجه جاز بيعه
بشرط التبقية
و1مطلقا. وفي الترغيب وقال بظهور مبادئ
الحلاوة, ويلزم البائع سقيه مطلقا, ولمشتريه,
تعجيل قطعه, وله بيعه قبل جذه, لأنه وجد من
القبض ما يمكن, فكفى للحاجة المبيحة لبيع
الثمر بعد بدو صلاحه, وعنه: لا, اختاره
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 ليست في "ب".
(6/207)
أبو بكر وإذا
بدا صلاح بعض نوع ونقل حنبل: غلب. وقاله
القاضي وغيره في شجره بيع جميعه, وعلى الأصح:
وبستان, وعنه: وما قاربه, وأطلق في الروضة في
البساتين روايتين, وعنه: الجنس كالنوع واختار
شيخنا: وبقية الأجناس التي تباع جملة عادة.
وإن أفرد بالبيع ما لم يصلح منه لم يصح, وفيه
وجه, وما تلف من ثمر. وقال القاضي: يستبقى بعد
بدو صلاحه إلى وقت.
وقال في الكافي1 والمحرر: وزرع "و م" مع أنه
إنما يباع بعد تتمة صلاحه, فلهذا قال ابن
عقيل: فإذا تركه فرط فضمنه في أحد الاحتمالين.
وفيه نظر, وفي الروضة وغيرها: إن اشتراه بعد
بدو صلاحه وهو اشتداد حبه فلو تركه إلى حين
حصاده وفي عيون المسائل: إذا أتلف2 الباقلاء
والحنطة في سنبلها فلنا وجهان, الأقوى يرجع
بذلك على البائع كمسألتنا, ونقل حنبل إنما
الجوائح في النخل بأمر سماوي,
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 3/112.
2 في النسخ الخطية: "تلف", والمثبت من "ط".
(6/208)
وقيل: ولص
ونحوه قبل قطعه, وعنه: قدر الثلث, جزم به في
الروضة, قيل: قيمة, وقيل: ثمنا, وقيل: قدرا "م
9" بعد قبض المشتري وتسليمه فمن ضمان البائع,
لأنه لم يحصل قبض تام, لأن عليه المؤنة, إلى
تتمة صلاحه كمدة الإجارة, واحتج ابن عقيل
وغيره بأنها غير مقبوضة, لأنها لو تلفت بعطش
ضمنها البائع, والمقبوض لا يبقى بعد قبضه ضمان
على بائعه ولأن القبض بحسب العادة ولهذا لو
باع مكيلا ليلا فكاله ليلا لم يكن كيله قبضا,
ويوضع من الثمن بقدر التالف, نقله أبو طالب,
وأبطل في النهاية العقد كتلف الكل, ولا جائحة
في مشترى مع أصله,
وكذا إن فات وقت أخذه. وقال القاضي: ظاهر
كلامه وضعها عنه, واختار شيخنا ثبوتها في زرع
مستأجر وحانوت نقص نفعه عن العادة, وأنه
ـــــــ
"مسألة 9" قوله في الجائحة: وعنه: قدر الثلث.
قيل: قيمة, وقيل: ثمنا, وقيل: قدرا, انتهى
"أحدها" يعتبر قدر ثلث الثمرة, وهو الصحيح,
قدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والمغني1
والتلخيص والبلغة والشرح2 والرعايتين
والحاويين وشرح ابن رزين وغيرهم.
"والوجه الثاني" يعتبر قدر الثلث بالقيمة,
قدمه في المحرر والنظم وتجريد العناية وغيرهم,
وأطلقهما في الفائق والزركشي.
"الوجه الثالث" يعتبر قدر ثلث الثمن,
فهذه تسع مسائل قد فتح الله تصحيحها.
ـــــــ
1 6/179.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/198.
(6/209)
خلاف ما رواه
عن أحمد, وحكم به أبو الفضل بن حمزة في حمام.
وقال شيخنا أيضا: قياس نصوصه وأصوله إذا عطل
نفع الأرض بآفة انفسخت فيما بقي كانهدام الدار
ونحوه وأنه لا جائحة فيما تلف من زرعه, لأن
المؤجر لم يبعه إياه, ولا ينازع في هذا من
فهمه.
وإن أتلفه آدمي فسيأتي في إتلاف المكيل قبل
قبضه1, وجزم في الروضة هنا بأنه من مال
المشتري, لأنه يمكنه أن يتبع الآدمي بالغرم.
قال ابن عقيل وغيره: المسألة أخذت شبها من
المتميز وغيره فعملنا بهما فضمناها: البائع
بالجائحة والمشتري إذا أتلفها آدمي.
وما له أصل يتكرر حمله كقثاء فكالشجر, وثمره
كثمره, فيما تقدم, ذكره جماعة, لكن لا يؤخر
البائع اللقطة الظاهرة, ذكره في الترغيب
وغيره, وإن تعيب فالفسخ أو الأرش, وقيل: لا
يباع إلا لقطة لقطة, كثمر لم يبد صلاحه, ذكره
شيخنا, وجوزه مطلقا تبعا لما بدا كثمر, وصلاح
قثاء وخيار ونحوه أكله عادة. وعند القاضي:
تناهى عظمه.
ومن باع عبدا شمل لباسه المعتاد فقط, إلا
بشرط, وقياس قول الشيخ في مزارع القرية أو
قرينة, واختار في شراء أمة من غنيمة يتبعها ما
عليها, مع علمهما به, ونقل الجماعة لا, فإن
شرط المشتري ما له فإن قصده اعتبر علمه وشروط
المبيع وإلا فلا, واختاره الشيخ وذكره نص أحمد
والخرقي, وذكره في المنتخب عن أصحابنا, نقل
صالح وأبو الحارث واقتصر عليه في زاد المسافر
إذا كان إنما قصد العبد كان المال قل أو كثر
تبعا له.
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 ص 282.
(6/210)
وقال القاضي:
إن قيل: يملك لم يعتبر, وإلا اعتبر, قطع به في
المحرر وزاد: إلا إذا كان قصده العبد فلا, وله
الفسخ بعيب ماله, كهو, وقيل: لا, ومقود دابة
ونعلها ونحوهما يدخل في مطلق بيع, كلبس عبد,
وفي الترغيب: وأولى.
ـــــــ
.................
(6/211)
باب الخيار
مدخل
...
باب الخيار
لا يثبت خيار المجلس إلا في بيع غير كتابة
وصلح بمعناه وإجارة, وقيل: لا تلي مدتها
العقد, وعلى الأصح: وما يشترط فيه قبض, كصرف
وسلم. وفي الأصح: وقسمة, وقيل: ومساقاة
ومزارعة وسبق, ولمحيل وشفيع أخذ بها.
وفي شراء من يعتق عليه وجهان "م 1" والأصح لا
يثبت فيما تولاه واحد كأب, وفي طريقة بعض
أصحابنا رواية: لا يثبت خيار مجلس في بيع وعقد
معاوضة.
ـــــــ
"مسألة 1" قوله: وفي شراء من يعتق عليه وجهان,
انتهى. يعني هل يثبت فيه خيار المجلس أم لا؟
وأطلقها في التلخيص والبلغة والرعايتين
والحاويين والفائق وتجريد العناية. وغيرهم.
"أحدهما" لا خيار له, وهو الصحيح, قال الأزجي
في نهايته: الظاهر في المذهب عدم ثبوت الخيار
في شراء من يعتق عليه, وجزم به ابن عبدوس في
تذكرته والزركشي "قلت": وهو الصواب
"والوجه الثاني" يثبت له الخيار كغيره, وهو
ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
(6/212)
ولكل من
البيعين, الخيار ما لم يتفرقا بأبدانهما عرفا,
ولو كرها أو
ـــــــ
"تنبيه" إذا قلنا لا يثبت للمشتري فهل يثبت
للبائع أم لا؟ فقيل: لا يثبت له أيضا, "قلت"
وهو قوي, مراعاة للعتق, وقيل: يثبت له الخيار
وإن لم يثبت للمشتري, قاله في الرعاية, وهو
ظاهر كلام المصنف, فإن ظاهره اختصاص ذلك
بالمشتري, فعلى هذا يكون الصحيح من المذهب
الاختصاص. وقال الزركشي: وفي سقوط حق صاحبه
وجهان, انتهى.
"*" تنبيه : قوله: ولو كرها, عائد إلى عدم
التفرق, أي أكره على عدم التفرق, وأما الإكراه
على التفرق فهي التي ذكر فيها المصنف الخلاف
وأطلقه, ونبه عليه شيخنا "قلت": الذي يظهر أن
قوله ولو كرها عائد إلى التفرق لا إلى عدم
التفرق كما قاله شيخنا, ويقويه قوله ما لم
يتفرقا بأبدانهما عرفا, والعرف إنما يكون في
التفرق لا في عدم التفرق, وأيضا فإني لم أطلع
على كلام أحد من الأصحاب نص على ما إذا أكره
على عدم التفرق, بل عموم كلامهم ذلك, وإنما
حكوا الخلاف في الإكراه على التفرق. إذا علم
ذلك فيكون المصنف تابع صاحب المغني, فقطع بأنه
إذا أكرها معا بطل خيارهما, وإذا أكره أحدهما
بطل خيار صاحبه, وفي بطلان خيار المكره وجهان,
وهذا والله أعلم مراد المصنف, وموافق للنقل,
ويكون قوله, "ولو كرها" عائدا إلى المفهوم,
والتقدير فلو تفرقا عرفا ولو كرها لم يكن لهما
الخيار. بقي هذه الطريقة التي تبع بها
(6/213)
تساوقا بالمشي
أو في سفينة, ولهذا لو أقبضه في الصرف وقال:
امش معي لأعطيك ولم يتفرقا جاز, نقله حرب, وفي
بقاء خيار المكره وجهان "م 2"
ـــــــ
صاحب المغني, هل هي المذهب أم لا؟ وعنده أنها
المذهب, والذي يظهر أن الصحيح أن الإكراه لا
يبطل خيار المجلس, سواء كان الإكراه لهما أو
لأحدهما, كما تقدم.
"مسألة 2" قوله: ولكل من البيعين الخيار ما لم
يتفرقا بأبدانهما عرفا ولو كرها وفي بقاء خيار
المكره وجهان, انتهى. اعلم أن للأصحاب في حصول
الفرقة بالإكراه طريقين:
"أحدهما" وهي طريقة الأكثر منهم الشيخ في
الكافي1 قال الزركشي وهو أجود أن الخلاف جار
فيما إذا أكرها معا أو أحدهما, فقيل تحصل
الفرقة به مطلقا, وهو ظاهر كلام جماعة, وهو
احتمال في المغني2 والشرح3, وقدمه الزركشي
وشرح ابن رزين, وقيل: لا يحصل به مطلقا, وهو
الصحيح, اختاره القاضي, وجزم به في الفصول
والمستوعب والحاويين, وصححه في الرعاية
الكبرى, فعلى هذا القول يبقى الخيار في مجلس
زال عنهما الإكراه فيه حتى يفارقاه, وأطلقهما
في الكافي والفائق. قال في المغني والشرح فيما
إذا أكره أحدهما: احتمل بطلان الخيار. وقال
القاضي: لا ينقطع الخيار, وفيه وجه ثالث: إن
أمكنه ولم يتكلم بطل خياره, وإلا فلا, وهو
احتمال في التلخيص.
الطريق الثاني" إن حصل الإكراه لهما انقطع
خيارهما قولا واحدا, وإن حصل لأحدهما فالخلاف,
وهي طريقة الشيخ في المغني2 والشارح, وهو ظاهر
كلام المصنف, إذا علم ذلك فقد عرفت الصحيح من
الوجوه المتقدمة, فكذا الصحيح هنا, والله
أعلم.
ـــــــ
1 3/68.
2 6/13-14.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/279.
(6/214)
وينقطع بموته
لا بجنونه, ولا يثبت لوليه خيار, وهو على
خياره بإفاقته. وفي الشرح1: إن خرس ولم تفهم
إشارته أو جن أو أغمي عليه فوليه مقامه.
ويسقط خيار من قال لصاحبه: اختر, على الأصح,
وتحرم الفرقة خشية الاستقالة على الأصح, فإن
أسقطاه سقط, وعنه: لا, نصره القاضي وأصحابه,
وعنه في العقد, ويسقط بعده.
ويصح شرط الخيار في العقد مدة معلومة, وعنه:
ومطلقا, فتبقى إلى قطعها وإن شرطه حيلة ليربح
فيما أقرضه لم يجز, نص عليه. ولا يثبت إلا في
بيع وصلح بمعناه وقسمة. وقال ابن عقيل: إن كان
رد وأنه يحتمل دخوله في سلم رواية واحدة لعدم
اعتبار قبضهما, وإجارة, وقيل: ولو وليت مدتها
العقد.
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/279.
(6/215)
وقال ابن حامد:
وضمان وكفالة, وقاله ابن الجوزي. وفي الروضة:
يثبت كخيار المجلس, وقال شيخنا: يجوز في كل
العقود.وإن شرطاه إلى الغد سقط بأوله, وعنه
آخره, وإلى الظهر إلى الزوال, كالغدو, وقيل:
الغروب كالعشاء. والعشي والعشية من الزوال
وذكرهما الجوهري من الغروب إلى العتمة,
كالعشاء, وأن قوما زعموا أن العشاء من الزوال
إلى طلوع الفجر, والمساء والغبوق من الغروب,
والغدوة والغداة من الفجر إلى طلوع الشمس,
كالصبوح, والصباح خلاف المساء, والإصباح نقيض
الإمساء, وظاهر اللغة أن البكرة كالغدوة
والآصال من العصر إلى الغروب وذكر الآجري
وغيره في الصلاة على الميت: إن صلى من الفجر
إلى الزوال قال: أصبح عبدك فلان, ومن الزوال
إلى آخر النهار قال: أمسى عبدك فلان. وسبق
الظرف في المواقيت, ويتوجه تقديم العرف في
الأصح. وإن شرطاه يوما1 ويوما لا, فقيل يبطل,
وقيل: يصح, وقيل في اليوم الأول "م 3" وإن
شرطاه أو أجلا في سلم أو بيع إلى حصاد لم
ـــــــ
"مسألة 3" قوله في خيار الشرط: وإن شرطاه يوما
ويوما لا, فقيل: يبطل, وقيل: يصح, وقيل: في
اليوم الأول, انتهى.
القول الأول: احتمال في المغني, وهو قوي
ـــــــ
1 بعدها في "ر" و "ط": "نعم".
(6/216)
يصح, على
الأصح, كشرطه مبهما في أحد العبدين. وفي
الترغيب: وفي أحدهما بعينه يخرج على تفريق
الصفقة في الجمع بين مختلفي الحكم, وأوله منذ
العقد, وقيل: التفرق. وإن شرطه لغيره وله صح,
وإن أطلق فوجهان "م 4"
ـــــــ
"والقول الثاني" قدمه في الرعاية الكبرى.
"والقول الثالث" أصح, واختاره ابن عقيل, وجزم
به ابن الجوزي في المذهب, وقدمه في الفائق
وشرح ابن رزين, وأطلق الأول والثالث في
الكافي1, وهو ظاهر المغني2 والشرح3, وتأتي
نظيرتها في آخر الوديعة4.
"مسألة 4" قوله: وإن شرطه لغيره وله صح, وإن
أطلق فوجهان, انتهى. يعني إذا شرطه لغيره
وأطلق, لا شرطه لنفسه معه ولا نفاه, وأطلقهما
في الخلاصة والمحرر والنظم والفائق:
أحدهما: يصح, وهو الصحيح, اختاره الشيخ في
المغني5 والشارح, قال في الفائق: اختاره الشيخ
وغيره, انتهى. وجزم به في التلخيص والحاوي
الكبير,
ـــــــ
1 3/73.
2 6/44.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/298.
4 7/222.
5 6/40.
(6/217)
وإن قال: دوني,
لم يصح, وظاهر كلامه: يصح, اختاره الشيخ,
ويكون توكيلا لأحدهما في الفسخ, وقيل: للموكل
إن شرطه لنفسه
ـــــــ
وهو ظاهر ما جزم به في المنور وتجريد العناية,
وصححه في تصحيح المحرر, وقدمه في الرعايتين
والحاوي الصغير
والوجه الثاني: لا يصح, اختاره القاضي في
المجرد, وجزم به في الكافي1.
ـــــــ
1 3/70.
(6/218)
وجعله وكيلا,
ويلزم بمضي مدته, في الأصح, وله الفسخ, وأطلقه
ـــــــ
.................
(6/219)
الأصحاب, ونقل
أبو طالب: يرد الثمن, وجزم به شيخنا, كالشفيع,
ويتخرج من عزل الوكيل لا فسخ في غيبته حتى
يبلغه في المدة. والملك في مدة الخيارين
للمشتري, في ظاهر المذهب, فيعتق قريبه وينفسخ
نكاحه ويخرج فطرته, قال أبو الخطاب وغيره:
ويأخذ بالشفعة, وعنه: إن فسخ أحدهما فالنماء
المنفصل وعنه: وكسبه للبائع, كرواية الملك له,
وقيل: هما لمشتر إن ضمنه.
والحمل وقت العقد مبيع, وعنه: نماء, فترد الأم
بعيب بالثمن كله, قطع به في الوسيلة, فعلى
الأول هل هو كأحد عينين أو تبع للأم لا حكم
له؟ فيه روايتان ذكره في المنتخب في الصداق "م
5"
ـــــــ
"مسألة 5" قوله: والحمل وقت العقد مبيع, فعليه
هل هو كأحد عينين أو تبع للأم لا حكم له؟ فيه
روايتان ذكرهما في المنتخب في الصداق, انتهى.
يعني المنتخب الذي لوالد الشيرازي.
"إحداهما" هو كأحد عينين, صرح به القاضي في
المجرد, فقال في أثناء الفلس: فإن كانت حين
البيع حاملا ثم فلس المشتري فله الرجوع فيها
وفي ولدها, لأنها إذا كانت حاملا حين البيع
فقد باع عينين: وقد رجع فيهما, انتهى. "قلت":
وهو الصواب,
(6/220)
وتصرف البائع
في المبيع محرم لا ينفذ, أطلقه جماعة, وقيل:
إلا إن قيل الملك له والخيار له. وقال في
المغني1: أو لهما. وليس فسخا, على الأصح,
كإنكاره شرط الخيار, قاله في الترغيب وغيره,
وتصرف المشتري محرم لا ينفذ, وعنه: بلى, كما
لو كان الخيار له, على الأصح, وعنه: موقوف,
وفي طريقة بعض أصحابنا: له التصرف ويكون رضا
بلزومه, وإن سلم فلأنه منع نفسه منه, قال:
وإذا قلنا بالملك قلنا بانتقال الثمن إلى
البائع, وقال غيره. وفي تصرفه مع البائع
روايتان, بناء على دلالة التصرف على الرضى
"م6" "*" وتصرف المالك منهما بإذن
ـــــــ
وقال في أول القاعدة الرابعة والثمانين: قال
القاضي وابن عقيل وغيرهما: والصحيح من المذهب
أن للحمل حكما
"والرواية الثانية" هو تبع للأم لا حكم له,
قال في القاعدة الرابعة والثمانين: ورود
العقود على الحامل كالبيع والهبة والوصية
والصداق, قال القاضي وابن عقيل: إن قلنا للحمل
حكم فهو داخل في العقد ويأخذ قسطا من العوض,
وإن قلنا لا حكم له لم يأخذ قسطا, وكان بعد
وضعه كالنماء المنفصل, ومالا إلى أنه لا حكم
له, قالا: وقياس المذهب يقتضي أن حكمه حكم
الأجزاء لا حكم الولد المنفصل, فيجب رده مع
العين وإن قلنا لا حكم له وهو الأصح انتهى.
"مسألة 6" قوله: وفي تصرف مع البائع روايتان,
بناء على دلالة التصرف على الرضى, انتهى:
إحداهما ينفذ, وهو الصحيح, جزم به في المحرر
والمنور ومنتخب الآدمي والحاويين والفائق
وغيرهم, وهو ظاهر كلامه في المغني1 والشرح2
وشرح ابن رزين.
ـــــــ
1 6/19-20.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/311.
(6/221)
وتصرف وكيلهما
نافذ في الأصح فيهما, وبالعتق, وقيل والوقف,
وقيل: إن دل التصرف على الرضى.
وتصرف المشتري ووطؤه ولمسه بشهوة وسومه إمضاء,
قال أحمد: وجب عليه حين عرضه, وعنه: لا,
كتقبيل الجارية ولم يمنعها, وقيل: بشهوة, في
المنصوص. وفي استخدامه, وقيل: لا لتجربة
روايتان "م 7"
ـــــــ
والرواية الثانية لا ينفذ "قلت": وهو ظاهر
كلام أكثر الأصحاب, وقدمه في الرعاية, وللقاضي
في المحرر احتمالان.
"تنبيه" قوله: "بناء على دلالة التصرف على
الرضا" اعلم أن الصحيح أن التصرف من البائع
أوالمشتري دليل على الرضا, واختاره الشيخ في
المغني1 والشارح وغيرهما, وقدموه وصححوه في
مسائل.
"مسألة 7" قوله: وفي استخدامه وقيل: لا لتجربة
روايتان, انتهى. وأطلقهما في المذهب ومسبوك
الذهب والمحرر والشرح2 والرعاية الكبرى:
ـــــــ
1 6/19-20.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/317.
(6/222)
.................
ـــــــ
"إحداهما" لا يبطل خياره, قال الشيخ في
المقنع1: لا يبطل خياره في أصح الروايتين,
وصححه في النظم وشرح ابن منجى, وقدمه في
الحاوي الكبير.
"والرواية الثانية" يبطل خياره, قال في
الخلاصة والحاوي الصغير: بطل خياره, على
الأصح, وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي,
وقدمه في الهداية والمستوعب والتلخيص والرعاية
الصغرى, وغيرهم, قال في الوجيز: وإن استخدم
المبيع للاستعلام لم يبطل خياره, فدل كلامه
أنه لو استخدمه لغير الاستعلام أنه يبطل,
وعبارة جماعة من الأصحاب كذلك.
"تنبيه" أدخل المصنف في الروايتين ما إذا
استخدمه للتجربة, وكذلك صاحب
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/317.
(6/223)
.................
ـــــــ
الرعاية الصغرى والفائق, وهو ظاهر كلامه في
التلخيص والمحرر, وكذلك القاضي في المجرد,
وذكر عدم البطلان في استخدامه للتجربة قولا
مؤخرا والمقدم خلافه صاحب الرعاية الصغرى
والفائق والمصنف, وهو بعيد جدا, قال في
الحاويين: وما كان على وجه التجربة للمبيع,
كركوب الدابة لينظر سيرها, أو الطحن عليها
ليعلم قدر طحنها, أو استخدام الجارية في الغسل
والطبخ والخبز, لا يبطل الخيار, رواية واحدة.
وقال في الرعاية الكبرى: وله تجربته واختباره
بركوب وطحن وحلب وغيرها. انتهى. وتقدم كلامه
في الوجيز. وقال في المنور ومنتخب الآدمي:
وتصرفه بكل حال رضا إلا لتجربة, وقال الشارح:
فأما ما يستعلم به البيع, كركوب الدابة ليختبر
فراهتها, والطحن على الرحى ليعلم قدره, ونحو
ذلك, فلا يدل على الرضا, ولا يبطل به الخيار,
انتهى. وقال في المقنع1: وليس لواحد منهما
التصرف إلا بما تحصل به تجربة المبيع, وجعل في
الكافي2, محل الخلاف في غير تجربة المبيع,
وقطع في تجربة المبيع أنه لا يبطل, "قلت":
الصواب أن الاستخدام للتجربة والاختبار يستوي
فيه الآدمي وغيره, ولا تشمله الرواية المطلقة,
ومنشأ هذا القول أن حربا نقل عن الإمام أحمد
أن الجارية إذا غسلت رأسه أو غمزت رجله أو
طبخت يبطل خياره, فقال الشيخ والشارح: يمكن أن
يقال: ما قصد به من الاستخدام تجربة المبيع لا
يبطل الخيار, كركوب الدابة ليعلم سيرها, وما
لا يقصد به ذلك يبطل, كركوب الدابة لحاجته,
انتهى. وهذا هو الصواب, بل الغالب لا يكون
الخيار إلا للتروي ولمعرفة المبيع, وذلك لا
يحصل إلا بالتجربة, والمقصود أن إدخال المصنف
الاستخدام للتجربة في الروايتين مع إطلاقهما
فيه نظر, والرواية على إطلاقها لا تقاوم
الرواية الأخرى, بل الصواب أن محل الروايتين
المطلقتين في غير الاستخدام للتجربة, وأن
الاستخدام للتجربة لا يبطل خياره وإن قيل فيه
قول المصنف, والله أعلم.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/310.
2 3/72.
(6/224)
وإن تلف عنده
فهل يبطل خيار البائع, كخياره في الأشهر؟ فيه
روايتان "م 8" فإن بطل أو أمضى فالثمن, وإن
فسخ أحدهما فمثله أو قيمته يوم التلف وقبل
القبض. أصل الوجهين انتقال الملك.
وإن باع عبدا بجارية فمات العبد ووجد بها عيبا
فله ردها ويرجع بقيمة العبد, وفرق بأن هنا تلف
بعض المبيع, وفي مسألة الخلاف: كله. وفي
الروضة: يرجع بقيمة العبد على رواية, وإن قلنا
يبطل خياره رجع بأرش عيبها.
وخيار المجلس لا يورث, نص عليه, وقيل: كالشرط,
وفي خيار صاحبه وجهان "م 9"
ـــــــ
"مسألة 8" قوله: وإن تلف عنده فهل يبطل خيار
البائع كخياره في الأشهر؟ فيه روايتان, انتهى.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والمغني1 والهادي والحاوي الكبير والزركشي
وغيرهم: "إحداهما" لا يبطل وله الفسخ والرجوع
بالقيمة أو مثله إن كان مثليا, اختاره القاضي
وابن عقيل, وحكاه في الفصول في موضوع عن
الأصحاب, وقدمه في الخلاصة والكافي2
والرعايتين والحاوي الصغير. "والرواية
الثانية" يبطل, وهو الصحيح, اختاره الخرقي
وأبو بكر وغيرهما, وقدمه في المقنع3 والمحرر
والنظم والفائق وغيرهم, وجزم به في المنور
ومنتخب الآدمي.
"مسألة 9" قوله: وخيار المجلس لا يورث, نص
عليه كالشرط, وفي خيار صاحبه وجهان, انتهى.
وأطلقهما في الكافي2 والشرح4:
ـــــــ
1 6/18.
2 3/77.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/322.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/333.
(6/225)
وخيار الشرط
والشفعة وحد القذف لا يورث إلا بمطالبة الميت,
نص عليه, كخيار الرجوع في هبة ولده, ولأن معنى
الخيار تخيره بين فسخ وإمضاء, وهو صفة ذاتية
كالاختيار, فلم يورث, كعلمه وقدرته, قال في
عيون المسائل: ولهذا لا تصح المصالحة على
الخيار بمال, ولو أخذ قسطا من المال لصح الصلح
عليه بالمال, كخيار المجبرة والصغيرة
والمعتقة, وقيل: لا يبطل, وذكر في عيون
المسائل في مسألة حل الدين بالموت رواية
كالحي, نقله ابن منصور, كخيار قبول الوصية له,
وإلا حل. وفي الانتصار رواية: لا يورث حد قذف
ولو طلبه مقذوف كحد زنا.
ومن باع بشرط فمات مشتر لزم, إلا أن تقوم بينة
أنه رده, نقله ابن منصور. وإن علق عتق عبده
ببيعه فباعه عتق, نص عليه, كالتدبير, ولم
ينتقل الملك. وتردد فيه شيخنا وقال: وعلى قياس
المسألة تعليق طلاق وعتق بسبب يزيل ملكه عن
الزوجة والعبد, وقيل: يعتق في موضع يحكم له
بالملك.
ـــــــ
"أحدهما" يبطل, وهو الصحيح, قدمه في المغني1
وشرح ابن رزين.
"والوجه الثاني" لا يبطل وهو احتمال في المغني
"قلت": وهي قريبة من مسألة شراء من يعتق عليه
إذا قلنا لا خيار له, فهل يثبت خيار للبائع,
على ما تقدم قريبا, والله أعلم.
فهذه تسع مسائل قد صححت بحمد الله تعالى.
ـــــــ
1 6/29.
(6/226)
باب خيار
التدليس والغبن
مدخل
...
باب خيار التدليس
والغبن
يثبت بكل تدليس يزيد به الثمن, كتسويد الشعر
وتجعيده, وتحمير الوجه وجمع ماء الرحى, واللبن
في ضرع بهيمة الأنعام, وإن حصل بلا تدليس
فوجهان "م 1" وقيل: وكذا تسويد كف عبد أو
ثوبه, وعلف شاة, ومتى علم التصرية خير ثلاثة
أيام منذ علم, وقيل: بعدها على الفور: يخير
مطلقا, ما لم يرض, كبقية التدليس, بين إمساكها
وفي التنبيه والمبهج والترغيب ومال إليه صاحب
الروضة: مع الأرش, ونقله ابن هانئ وغيره وردها
مع صاع تمر سليم ولو زادت
ـــــــ
"مسألة 1" قوله: وإن حصل بلا تدليس فوجهان,
انتهى:
"أحدهما" لا خيار له, وهو ظاهر كلام جماعة.
"والوجه الثاني" يثبت كفعله, وهو الصحيح,
اختاره القاضي, واقتصر, عليه في الفائق, وقطع
به الكافي1, وقدمه في الرعاية الكبرى وشرح ابن
رزين.
ـــــــ
1 3/120.
(6/227)
قيمته, نص عليه
إن حلبها, وقيل: إن ردها بها, وقيل: أو قمح,
فإن تعذر التمر فقيمته موضع العقد, قال الشيخ:
كعين أتلفها, عليه قيمتها, فظاهره ما يأتي من
الخلاف, ويقبل رد اللبن بحاله بدل التمر,
كردها به قبل الحلب, وقد أقر له بالتصرية,
وقيل: ولو تغير, وقيل: لا, مطلقا, ولا خيار إن
زال العيب أو صار لبنها عادة, نص عليه في شراء
أمة مزوجة فطلقت, قال في الفصول: لا رجعيا,
وإن في طلاق بائن فيه عدة احتمالين,
ـــــــ
"قلت": الصواب أنه لا خيار له في حمرة الخجل
أو التعب, وله الخيار إذا حصل التدليس من غير
قصد, كتسويد شعرها لشيء حصل فيه ونحو ذلك,
وذكر في المغني1 والشرح2 احتمالا بعدم الخيار
في حمرة الخجل والتعب, ومالا إليه, وقطعا
بثبوت الخيار في غيرهما, وهو الصواب
ـــــــ
1 6/223-224.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/350.
(6/228)
وترد المصراة
من أمة وأتان, في الأصح, مجانا, لأنه لا يعتاض
عنه عادة, كذا قالوا, وليس بمانع.
ويحرم كتم العيب, ذكره الترمذي عن العلماء,
وذكر أبو الخطاب: يكره. وفي التبصرة: هو نص
أحمد ويصح, وعنه: لا, نقل حنبل: بيعه مردود,
اختاره أبو بكر وكذا لو أعلمه به ولم يعلما
قدر عيبه ذكره شيخنا, وأنه يجوز عقابه بإتلافه
والتصدق به, وقال: أفتى به طائفة من أصحابنا
سأله أبو داود: أتيت صيرفيا بدينار فقال: له
وضيعة, فأتيت به آخر فأخذه, على أن أبينه له؟
قال: لا ليس عليك.وقيل لأحمد فيمن يدخل بشيء
إلى بلاد إن كان مغشوشا اشتروه وإلا فلا, قال:
إن كانوا يأخذونه لأنفسهم ويعلمون غشه فجائز,
وإن كنت لا تأمن أن يصير إلى من لا يعرفه فلا,
نقله ابن القاسم, ويتوجه إن ظن معرفته لشهرته
جاز. وإذا علم مبلغ شيء فباعه صبرة لجاهل
بقدره فعنه: يكره, فيقع لازما, وعنه: يحرم,
فله الرد "م 2" وقاله القاضي وأصحابه, ما لم
يعلم البائع بقدره.
ـــــــ
"مسألة 2" : قوله: وإن علم مبلغ شيء فباعه
صبرة لجاهل بقدره فعنه: يكره, فيقع لازما,
وعنه يحرم فله الرد, انتهى:
"إحداهما" يكره, اختارها القاضي في المجرد
وصاحب الفائق.
(6/229)
وقال أبو بكر
وابن أبي موسى: يبطل. قدمه في الترغيب وغيره,
ومثله علم المشتري وحده, كما لم يفرقوا في
الغبن بين البائع والمشتري, وقدم ابن عقيل في
مفرداته: لا, لأن المغلب في العلم البائع,
بدليل العيب لو علمه المشتري وحده جاز, ومع
علمها يصح. وفي الرعاية وجهان وهو ظاهر
الترغيب وغيره, وذكرهما جماعة في المكيل, نقل
الميموني: إذا عرفا كيله فلا أحب أن يشتريه
حتى يكتاله, نقل المروذي وابن حسان1 التحريم.
ونقل حنبل فيمن بينهما كر طعام فأراد أحدهما
شراء نصيب الآخر: يجوز ولا يسمى كيلا, فإن
سماه كال, وإن تلقى الركبان والمنصوص: ولو لم
يقصد فاشتري منهم وغبنوا, وعنه: أو لا, أو
ـــــــ
"والرواية الثانية" يحرم, وهو الصحيح, نص
عليه, اختاره الخرقي وأبو بكر في التنبيه,
وابن عبدوس وغيرهم, قال الزركشي: هذا منصوص
أحمد, وعليه الأصحاب, انتهى. وقدمه في
المستوعب والمغني2 والشرح3 وغيرهم, وهو ظاهر
كلامه في المحرر والرعاية وغيرهما.
ـــــــ
1 في "ط": "وابن حبان".
2 6/234.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/364.
(6/230)
باعهم, فلهم
الخيار. وعنه: يبطل, اختاره أبو بكر.ولمن
زايده من لا يريد شراء ليغره إذا غبن, وقيل:
بمواطأة البائع, وهو النجش, وعنه: يبطل,
اختاره أبو بكر, كما لو نجش البائع أو واطأ,
في أحد الوجهين "م 3" وعنه: يقع لازما, فلا
فسخ من غير رضا, ذكرها في الانتصار في الفاسد
هل ينقل الملك؟ وإن أخبر بأكثر من الثمن فله
الخيار. وفي الإيضاح: يبطل مع علمه, وقولهم في
النجش: ليغر المشتري, لم يحتجوا لتوقف الخيار
عليه. وفيه نظر, وأطلقوا الخيار فيما إذا أخبر
بأكثر من الثمن, لكن قال بعضهم: لأنه في معنى
النجش, فيكون القيد مرادا, ويشبه ما إذا خرج
ولم يقصد التلقي, وسبق المنصوص الخيار, ويثبت
على الأصح لمسترسل
ـــــــ
"مسألة 3" قوله في النجش: وعنه يبطل النجش
اختاره أبو بكر, كما لو نجش البائع أو واطأ,
في أحد الوجهين, انتهى. وأطلقهما في الفائق:
"أحدهما" لا يبطل البيع, وهو الصحيح, وهو ظاهر
كلام أكثر الأصحاب وهو كالصريح في المغني1
والشرح, وقدمه الزركشي وقال: هذا المشهور.
"والوجه الثاني" يبطل البيع, قال في الرعايتين
والحاويين: وعنه: لا يصح بيع النجش, كما لو
زاد فيها البائع أو واطأ عليه, قال في الرعاية
الكبرى: أو زاد زيد بإذنه, في أصح الوجهين,
انتهى. وجزم به في المنور وتذكرة ابن عبدوس,
وقدمه في المحرر.
ـــــــ
1 6/305.
(6/231)
جاهل بالقيمة
إذا غبن وفي المذهب: أو جهلها لعجلته, وعنه:
ولمسترسل إلى البائع لم يماسكه, اختاره شيخنا,
وذكره المذهب. وفي الانتصار له الفسخ ما لم
يعلمه أنه غال وأنه مغبون فيه, قال أحمد: اشتر
وماكس, قال: والمساومة أسهل من بيع المرابحة,
لأنه أمانة ولا يأمن الهوى, ونص أحمد: الغبن
عادة, وقيل: الثلث, وقيل: السدس, والغبن محرم,
نص عليه, ذكره أبو يعلى الصغير, وحرمه في
الفنون, وأن أحمد قال: أكرهه, وفي مفرداته
يتخرج البطلان بالغبن, لقوله: النهي يدل
ـــــــ
.................
(6/232)
على الفساد.وهل
غبن أحدهما في مهر مثله كبيع أو لا فسخ؟ فيه
احتمالان في التعليق والانتصار. وفي عيون
المسائل منع وتسليم, ثم فرق وقال: لهذا لا يرد
الصداق عندهم. وفي وجه لنا: بعيب يسير ويرد
المبيع بذلك "م 4"
ويحرم تغرير مشتر بأن يسومه كثيرا ليبذل قريبه
ذكره شيخنا. قال: وإن دلس مستأجر على مؤجر
وغيره حتى استأجره بدون القيمة فله أجرة
المثل. وفي مفردات أبي الوفاء في المسألة
الأولى كقوله وأنه كالغش والتدليس سواء, ثم
سلم أنه لا يحرم, ونصه: من قال عند العقد لا
خلابة
ـــــــ
"مسألة 4" قوله: وهل غبن أحدهما في مهر مثله
كبيع أو لا فسخ؟ فيه احتمالان في التعليق
والانتصار. وفي عيون المسائل منع وتسليم, ثم
فرق وقال: ولهذا لا يرد الصداق عندهم. وفي وجه
لنا: بعيب يسير, ويرد المبيع بذلك, انتهى.
"قلت": الصواب أنه لا غبن في ذلك, وهو ظاهر
كلام الأصحاب, والله أعلم: والقول بثبوت الغبن
قياسا على البيع.
(6/233)
فله الخيار إن
خلبه خلافا للشيخ وغيره, لخبر حبان1 أنه عليه
الصلاة والسلام قال له: "إذا بايعت فقل: لا
خلابة, ولك الخيار ثلاثا" 2 وفي عيون المسائل
وغيرها أنه خاص به, ولهذا جعل له الخيار بلا
شرط, كذا قالوا.وهل للإمام جعل علامة تنفي
الغبن عمن يغبن كثيرا؟ فيه احتمالان "م 5"
والله أعلم.
ـــــــ
"مسألة 5" قوله: وهل للإمام جعل علامة تنفي
الغبن عمن يغبن كثيرا؟ فيه احتمالان:
"أحدهما" له فعل ذلك "قلت": وهو الصواب. ويكون
مقتديا بصاحب الشريعة عليه من الله أفضل
الصلاة والسلام, قال في المغني3 ومن تبعه: فإن
قال أحد المتعاقدين عند العقد لا خلابة, فقال
أحمد: أرى ذلك جائزا وله الخيار إن كان خلبه,
وإن لم يكن خلبه فليس له خيار, ويحتمل أن لا
يكون له خيار ويكون خاصا بالذي قال له النبي
صلى الله عليه وسلم, انتهى.
والاحتمال الثاني يكون ذلك خاصا بالنبي صلى
الله عليه وسلم, ومال إليه الشيخ في المغني,
كما تقدم, فهذه خمس مسائل في هذا الباب.
ـــــــ
1 في "ب": "حيان". وهو حبان بن منقذ بن عمرو
الأنصاري الخزرجي, له صحبة شهد أحدا وما بعدها
وتوفي في خلافة عثمان "اسد الغابة" 1/437.
2 أخرجه ابن ماجه في سننه "2355" عن محمد بن
يحيى بن حبان قال: هو جدي منقذ بن
عمرو...الحديث.
والحاكم في المستدرك 2/22 عن ابن عمر قال: كان
حبان بن منقذ رجلا ضعيفا... الحديث. وأخرج
البخاري "2117", ومسلم "1533" "48", عن عبد
الله بن عمر: أن رجلا ذكر للنبي صلى الله عليه
وسلم أنه يخدع في البيوع فقال "إذا بايعت فقل
لا خلابة" .
3 6/45-47.
(6/234)
باب خيار العيب
مدخل
...
باب خيار العيب
وهو ما نقص قيمة المبيع عادة, وفي الترغيب
وغيره: نقيصة يقتضي العرف سلامة المبيع عنها
غالبا, كزنا بالغ عشرا, نص عليه, وشربه وسرقته
وإباقه وبوله في فراشه, وقيل: من بول كبير
وتكرر وفي الواضح: بالغ, وقيل: ومميز, وجزم به
في المحرر في الكل, وجزم به غيره وزاد: وتكرر,
وحمق, نص عليه وقال: إن شريحا كان يرد من
الحمق الشديد "هـ"
قال الأصحاب: والحمق من الكبير وهو ارتكاب
الخطإ على بصيرة.
وفي المغني1 وغيره: وحمق شديد واستطالة على
الناس, وكذا في عيون المسائل: إن بان العبد
طويل اللسان على الناس أو أحمق ملك الرد, نص
عليه, لأنه ربما احتاج أن يؤدب, وربما تكرر
منه فيصير كالزنا, ولأن الأحمق قد يضع الشيء
في غير موضعه. واعتبر القاضي وغيره العادة,
وخصاء وبخر وبرص وأصبع زائدة وكلف2 وعور وحول
وخرس وطرش وقرع, وتحريم عام, كمجوسية, وحمل
أمة دون بهيمة, وكون ثوب غير جديد ما لم يبن
أثر استعماله, ذكره في الواضح, وعدم ختان في
عبد كبير للخوف عليه. وقال الشيخ: ليس من بلد
الكفر,
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 6/237.
2 بالتحريك: شيء يعلو الوجه كالسمسم, أو هو
كدرة تعلو الوجه. "القاموس": "كلف".
(6/235)
وفي الثيوبة
ومعرفة الغناء والكفر وجهان "م 1 و 2" وقيل:
وفسق باعتقاد أو فعل, وتغفيل وليس عجمة لسان
وفأفاء وتمتام وقرابة وإرث وألثغ وعدم حيض -
في المنصوص عليه - عيبا. ويتوجه مثله عقيم فيه
ولهذا قيل للقاضي في الحامل: هل يختص العقم
بمنع الحمل ولا يمنع الحيض؟ فقال: لا نسلم
هذا, ومتى حكمنا أنها عقيم لم يصح الحيض منها:
وفي الانتصار: ليس عيبا مع بقاء القيمة.
ـــــــ
مسألة 1-2 : قوله: وفي الثيوبة ومعرفة الغناء
والكفر وجهان, انتهى. ذكر مسألتين:
"المسألة الأولى" هل الثيوبة عيب أم لا؟ أطلق
الخلاف.
"أحدهما" ليس بعيب, وهو الصحيح, وعليه أكثر
الأصحاب منهم القاضي وغيره, وجزم به في
الكافي1 وغيره, وقدمه في المغني2 والشرح3
والحاوي الكبير وغيرهم
"والوجه الثاني" هي عيب, قال ابن عقيل: إن
ظهرت ثيبا مع إطلاق العقد فهو عيب "قلت": وهذا
ضعيف
"المسألة الثانية" هل معرفة الغناء وظهور
الرقيق كافرا عيب أم لا؟ أطلق الخلاف.
"أحدهما" ليس بعيب, وهو الصحيح, على ما
اصطلحناه, جزم به في الكافي4 والمغني5 والشرح6
والرعاية وغيرهم.
ـــــــ
1 3/130
2 6/237
3 المقنع مع الشرح الكبير وافنصاف 11/372.
4 3/131.
5 6/237-238.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/373.
(6/236)
وفي الترغيب
وغيره: كون الدار ينزلها الجند عيب, وعبارة
القاضي: وجدها بمنزلة قد نزلها الجند, قالا:
أو اشترى قرية فوجد فيها سبعا أو حية عظيمة
تنقص الثمن. وقال ابن الزاغوني: وجدها كان
السلطان نزلها ليس عيبا, من جهة أنه ظلم يمنع
منه الدين وتحسم مادته سياسة العدل, وتجويز
عوده متوهم, ونقص القيمة به عادة إن غبن لذلك
الثلث وكان مستسلما فله الفسخ للغبن لا للعيب,
وأجاب أبو الخطاب: لا يجوز الفسخ لهذا الأمر
المتردد, وظاهر كلامهم: وبق ونحوه غير معتاد
بالدار, وقاله جماعة في زمننا, وقرع شديد من
كبير, وهو متجه, وكونه أعسر, والمراد لا يعمل
باليمين عملها المعتاد. وإلا فزيادة خير. وفي
المغني1: ليس بعيب, لعمله بإحدى يديه, خلافا
لشريح, قال شيخنا: والجار السوء عيب.
فمتى اشترى شيئا فبان معيبا وقال في الانتصار
أو عالما عيبه ولم يرض أمسكه, والمذهب: له
أرشه, وعنه: إن تعذر رده, اختاره شيخنا, لأنه
معاوضة عن الجزء الفائت فلا يلزم, قال: وكذا
يقال في نظائره كالصفقة إذا تفرقت,
وهل يأخذه من عين الثمن أو حيث شاء البائع؟
فيه احتمالان "م 3"
ـــــــ
"والوجه الثاني" هو عيب "قلت": وهو الصواب,
قال ابن عقيل: الغناء الأمة عيب, وكذا الكفر.
"مسألة 3" قوله: فمن اشترى شيئا فبان معيبا,.
ولم يعلم به أمسكه, والمذهب له أرشه, وهل
يأخذه من عين الثمن أو حيث شاء البائع؟ فيه
احتمالان,
ـــــــ
1 6/238.
(6/237)
وفي الانتصار
ومفردات أبي يعلى الصغير: لا فسخ بعيب يسير,
كصداع وحمى يسيرة, وآيات في المصحف, للعادة,
كغبن يسير, ولو من ولي, قال أبو يعلى: ووكيل,
وقال في ولي ووكيل: لو كثر الغبن بطل. وقال
أيضا: يوجب الرجوع عليهما, وذكر أيضا الفسخ
بعيب
ـــــــ
انتهى. وأطلقهما في التلخيص والرعاية والزركشي
وغيرهم.
"أحدهما" يأخذه من عين الثمن مع بقائه, لأنه
فسخ أو إسقاط, قاله القاضي في موضع من خلافه
"قلت": وهو الصواب.
"والوجه الثاني" يأخذه من حيث شاء البائع,
وقاله القاضي أيضا في موضع من خلافه "قلت":
وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب, وصححه ابن نصر
الله في حواشي الفروع في باب الإجارة, فقال:
لا يجب كونه من عين الثمن في الأصح, قال في
القاعدة التاسعة والخمسين: اختلف الأصحاب في
أخذ أرش العيب, فمنهم من يقول: هو فسخ العقد
في مقدار العيب والرجوع بقسطه من الثمن, ومنهم
من يقول: هو عوض عن الجزء الفائت, ومنهم من
قال: هو إسقاط جزء من الثمن في مقابلة الجزء
الفائت الذي تعذر تسليمه, وكل من هذه الأقوال
الثلاثة قاله القاضي في موضع من خلافه, وينبني
على الخلاف في أن الأرش فسخ أو إسقاط لجزء من
الثمن أو معاوضة أنه إن كان فسخا أو إسقاطا لم
يرجع إلا بقدره من الثمن, ويستحق جزءا من عين
الثمن مع بقائه, بخلاف ما إذا قلنا إنه
معاوضة, انتهى.
"قلت": قد صرح الشيخ الموفق والشارح وغيرهما
أن الأرش عوض عن الجزء الفائت من المبيع, وقال
في القاعدة المذكورة: إذا قلنا: هو عوض عن
الجزء الفائت, فهل هو عوض عن الجزء نفسه أو عن
قيمته؟ ذهب القاضي في خلافه إلى أنه عوض عن
القيمة, وذهب ابن عقيل في فنونه وابن البنا
إلى أنه عوض عن العين الفائتة وينبني على ذلك
جواز المصالحة عنه بأكثر من قيمته فإن قلنا:
المضمون العين, فله المصالحة عنها بما شاء,
وإن قلنا: القيمة, لم يجز أن يصالح عنها بأكثر
من جنسها, انتهى
(6/238)
يسير, وأن
المهر مثله, في وجه, وأن له الفسخ بغبن يسير,
كدرهم في عشرة بالشرط. وفي مفردات أبي الوفاء
وغيره أيضا: لا فسخ بعيب أو غبن يسير وأن
الكثير يمنع الرشد ويوجب السفه والرجوع على
ولي ووكيل, وإن شرط الخيار له الفسخ غبن أم لم
يغبن
قال أحمد في ذلك: من اشترى مصحفا فوجده ينقص
الآية والآيتين ليس هذا عيبا, لا يخلو المصحف
من هذا. وفي جامع القاضي بعد هذا النص قال
لأنه كغبن يسير, قال: وأجود من هذا أنه لا
يسلم عادة من ذلك, كيسير التراب والعقد في
البر. وقال ابن الزاغوني: لا يسقط شيء من أجرة
الناسخ بعيب يسير, وإلا فلا أجرة لما وضعه في
غير مكانه, وعليه نسخه في مكانه, ويلزمه قيمة
ما أتلفه بذلك من الكاغد, وأطلق أبو الخطاب:
لا يستحق الأجرة, بل يلزمه عوضه وغرامة
الكاغد. وفي الروضة وغيرها: يسير عيب مبيع
كالكثير, وهو نسبة قدر النقص إلى قيمته صحيحا,
فيرجع من ثمنه بنسبته, وله رده وأخذ ثمنه
المعقود عليه بلا رضا وحضور الآخر, وعليه
مؤنته. ولا يرد نماء منفصلا إلا لعذر, كولد
أمة, وقيل: يجوز, بيعها1 دون ولد حر, وعند
الشيخ: أو دون حمل
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 في النسخ الخطية و "ط": "كبيعها" والتصويب
من حاشية ابن قندس.
(6/239)
حر, وعنه: يرد
النماء من عينه, وعنه: مطلقا, قال ابن عقيل:
ومثله المتصل. وفي المغني1 فيه في مسألة صبغه
ونسجه: له أرشه إن رده,"*"
ـــــــ
"*" تنبيه : قوله: في النماء المتصل: وفي
المغني في مسألة صبغه ونسجه له أرشه إن رده,
كذا في النسخة. وصوابه "له أرشه لا رده" صرح
به في المغني, نبه عليه شيخنا, وهو واضح,
والمعنى يساعده.
ـــــــ
1 6/254.
(6/240)
وعنه لا رد ولا
أرش لمشتر وهبه بائع ثمنا أو أبرأه منه, كمهر,
في رواية, وخيار العيب كخلف في الصفة. قال
شيخنا: وعلى المذهب يجبر المشتري على رده أو
أرشه, لتضرر البائع بالتأخير.وإن عاب المبيع
عنده ثم علم عيبه, كقطع ثوب ووطء بكر, فعنه:
له الأرش, ونقل الجماعة قال
ـــــــ
.................
(6/241)
في الترغيب:
وعليه الأصحاب ورده مع أرش نقصه الحادث عنده
"م 4"
ـــــــ
"مسألة 4" قوله: وإن عاب المبيع عنده ثم علم
عيبه كقطع ثوب ووطء بكر, فعنه: له الأرش, ونقل
الجماعة قال في الترغيب: عليه الأصحاب ورده مع
أرش نقصه الحادث عنده, انتهى. وأطلقهما في
المذهب والكافي1 والشرح2 وغيرهم.
ـــــــ
1 3/123-124.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/386.
(6/242)
ولو أمكن عوده,
وفيه رواية: كزواله قبل رده.وإن زال بعده ففي
رجوع مشتر على بائع بما دفعه إليه احتمالان "م
5" ونصه: له رده بلا أرش إذا دلس
ـــــــ
"إحداهما" يتعين له الأرش, قال ابن أبي موسى1:
هذه الصحيحة عن الإمام أحمد, قال ابن منجى في
شرحه: هذا الصحيح من المذهب وجزم به في الوجيز
والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم, وقدمه في
المقنع2 والمحرر والنظم وغيرهم, واختاره أبو
بكر وابن أبي موسى وأبو الخطاب في خلافه
وغيرهم.
والرواية الثانية" هو مخير بين أخذ الأرش وبين
رده وأرش العيب الحادث عنده ويأخذ الثمن, نقله
الجماعة, قال في التلخيص والترغيب: عليها
الأصحاب, زاد في التلخيص: وهي المشهورة, قال
الزركشي: هي أشهرهما, واختارها أبو الخطاب في
الانتصار والقاضي أبو الحسين, ونصرها الشيخ في
المغني3, ومال إليها الشارح وصححها القاضي في
الروايتين, واختارها الخرقي فيما إذا لم يدلس
العيب, وجزم به في الخلاصة, وقدمه في الهداية
والمستوعب والرعايتين والحاوي والفائق وقال:
هذا المذهب "قلت": وهو الصواب
"مسألة 5" قوله: وإن زال بعده يعني بعد رده
ففي رجوع مشتر على بائع بما دفعه إليه
احتمالان, انتهى. "أحدهما" ليس له الرجوع
"قلت": وهو الصواب, أشبه ما لو زاد البيع, وهو
ظاهر
ـــــــ
1 الإرشاد ص 200
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/386.
3 6/250-251.
(6/243)
البائع العيب,
نقله حنبل وابن القاسم, وله رد ثيب وطئها, على
الأصح, مجانا, ولهذا له بيعها مرابحة بلا
إخبار, قاله في الانتصار, وعنه: بمهر مثلها,
والعيب بعد العقد قبل قبض المشتري كالعيب قبله
فيما ضمانه على البائع. وقال جماعة: لا أرش
إلا أن يتلفه آدمي فيأخذه منه, والعيب بعد
القبض من مشتر.وعنه: عهدة الحيوان ثلاثة أيام,
وعنه: سنة1.
ـــــــ
كلام كثير من الأصحاب.
والاحتمال الثاني له الرجوع.
ـــــــ
1 في "ط": "ستة".
(6/244)
وقال في
المبهج: وبعدها, والمذهب لا عهدة, قال أحمد:
لا يصح فيه حديث.وإن زال ملكه عنه غير عالم
بعيبه فله الأرش ويقبل قوله في قيمته, ذكره في
المنتخب.وعنه, إن أعتقه في واجب وحكي مطلقا,
قال جماعة: ولم يمنع عيبه الإجزاء صرفه في
الرقاب, ويحتمل لا أرش, كقريب عتق, لأن القصد
عتقه, ويتخرج من خيار الشرط أن يفسخ ويغرم
القيمة, وعنه: لا أرش له لما باعه, فإن رد
عليه فله رده أو أرشه, أو إن أخذ منه أرشه فله
الأرش,
ـــــــ
.................
(6/245)
ولو باعه مشتر
لبائعه له فله رده على البائع الثاني, ثم
للثاني رده عليه, وفائدته اختلاف الثمنين,
ويحتمل هنا لا رد, وإن فعله عالما بعيبه أو
تصرف فيه بما يدل على الرضا أو عرضه للبيع أو
استغله فلا, ذكره ابن أبي موسى1 والقاضي,
واختلف كلام ابن عقيل, وعنه: له الأرش, وهو
أظهر, لأنه وإن دل على الرضا فمع الأرش
كإمساكه2, اختاره الشيخ. قال: وهو قياس
المذهب, وقدمه في المستوعب, قال: وذكر في
التنبيه ما يدل عليه, فقال: والاستخدام
والركوب لا يمنع أرش العيب إذا ظهر قبل ذلك أو
بعده, وأحمد في رواية حنبل إنما نص أنه يمنع
الرد فدل على أنه لا يمنع الأرش وإن احتلب
المبيع ونحو ذلك لم يمنع الرد لأنه ملكه فله
أخذه, قال في عيون المسائل: أو ركبها لسقيها
أو علفها. وقال في المغني3: إن استخدم لا
للاختبار بطل رده بالكثير, وإلا فلا. قيل
لأحمد: إن هؤلاء يقولون: إذا اشترى عبدا فبان
معيبا فاستخدمه بأن يقول: ناولني الثوب, بطل
خياره. فأنكر ذلك وقال: من يقول هذا؟ أو: من
أين أخذوا هذا؟ ليس هذا برضا حتى يكون شيء
يبين ويطول. قال: وقد نقل عنه في بطلان خيار
الشرط بالاستخدام روايتان, فكذا يخرج هنا, وإن
باع بعضه فله أرش الباقي, وعنه: ورده بقسطه,
اختاره الخرقي, وفي أرش المبيع الروايتان, ونص
أحمد: لا شيء للبائع مع تدليسه, وله الفسخ في
ربوي بجنسه مطلقا, للضرورة. وعنه: له الأرش,
وقيل: من
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 الإرشاد ص 200.
2 بعدها إلى قوله: "روايتان" يأتي في "ر" بعد.
قوله: "فكذا يخرج هنا".
3 6/249.
(6/246)
غير جنسه على
مد عجوة. وفي المنتخب: يفسخ العقد بينهما
ويأخذ الجيد ربه ويدفع الرديء. وإن صبغه أو
نسجه فالأرش, وعنه: والرد, ويكون شريكا بقيمة
الزيادة, ولا يجبر البائع على بذل عوضها على
الأصح, ولا المشتري على قبوله, في الأصح.
وإن اشترى ما لا يعلم عيبه إلا بكسره ولمكسوره
قيمة كجوز الهند, فعنه: له الأرش, وعنه: له
رده: وخيره الخرقي بينهما "م 6" وفي رد أرش
ـــــــ
"مسألة 6" قوله: وإن اشترى ما لم يعلم عيبه
إلا بكسره, ولمكسوره قيمة كجوز الهند, فعنه:
له الأرش, وعنه: له رده, وخيره الخرقي بينهما,
انتهى.
"إحداهن" هو مخير بين رده ورد ما نقص وأخذ
الثمن وبين أخذ الأرش, وهو الصحيح, اختاره
الخرقي والشيخ الموفق والشارح وصاحب الفائق,
قال الزركشي: هذا أعدل الأقوال, وجزم به
الوجيز وغيره, وقدمه في الهداية والخلاصة
والتلخيص والمحرر والشرح1 والنظم وشرح ابن
رزين وإدراك الغاية وغيرهم. والرواية الثانية:
يتعين له الأرش قال ابن منجا في شرحه: هذا
المذهب, وقدمه في المقنع2 والرعايتين
والحاويين, وهي وجه في المذهب, وتخريج في
الهداية
والرواية الثالثة: له رده, ولم أرها لغيره
بهذه الصفة, وقيل: يتعين له الأرش إذا زاد في
الكسر على قدر الاستعلام, وإن لم يزد خير, وهو
رواية في الشرح1 وغيره, وعنه ليس له رد ولا
أرش في ذلك كله إلا أن يشترط البائع سلامته,
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/410.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/409.
(6/247)
الكسر المستعلم
به والرد إن زاد على قدر الاستعلام وجهان "م 7
و 8" وإن لم يكن لمكسوره قيمة, كبيض دجاج, رجع
بالثمن, وعنه: لا شيء له مطلقا إلا مع شرط
سلامته. وإن اشتريا شيئا فبان معيبا فرضي
أحدهما فللآخر رد نصيبه, كشرطهما الخيار, على
الأصح, وكشراء واحد من اثنين, وعنه: لا, كما
لو ورثاه, وقياس الأول للحاضر منهما نقد نصف
ـــــــ
وأطلقهن في المذهب.
"مسألة 7 و 8" قوله: وفي رد أرش الكسر
المستعلم به والرد إن زاد على قدر الاستعلام
وجهان فيه مسألتان:
"المسألة الأولى" إذا كسره كسرا لا يمكن
استعلامه بدونه فهل يرد أرشه أم لا؟ أطلق
الخلاف فيه. "أحدهما" يرد أرش الكسر, وهو
الصحيح, وهو ظاهر ما جزم به الخرقي وغيره,
وجزم به في الوجيز والرعاية الصغرى والحاويين
وغيرهم, وقدمه في التلخيص والبلغة والرعاية
الكبرى وشرح ابن رزين والمغني1 والشرح2
ونصراه, وهو ظاهر ما قاله المجد في محرره,
والشيخ في مقنعه2 وغيرهما.
"والوجه الثاني" له الرد بلا أرش قال القاضي:
عندي له الرد بلا إرش عليه لكسره, لأنه حصل
بطريق استعلام العيب, والبائع سلط عليه,
انتهى. وقيل: يخرج على الروايتين فيما إذا غاب
عند المشتري, على ما تقدم, ذكره في التلخيص
والبلغة وغيره.
ـــــــ
1 6/252-253.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/410.
(6/248)
ثمنه وقبض
نصفه, وإن نقد كله قبض نصفه, وفي رجوعه
الروايتان, ذكره في الوسيلة وغيرها, وعلى
الأول لو قال: بعتكما, فقال أحدهما: قبلت,
جاز, وإن سلمنا فلملاقاة فعله ملك غيره, وهنا
لاقى فعله ملك نفسه, ذكره بعضهم في طريقته
وقال: ليست الشركة عيبا, وإن سلمنا فشركة
المشتريين زالت بالرد وشركة البائع مع المشتري
حكم الرد, وحكم الشيء
ـــــــ
"المسألة الثانية" إذا كسره كسرا يمكن
استعلامه بدونه فهل له الرد أم لا؟ أطلق
الخلاف.
واعلم أن الحكم هذا كالحكم فيما إذا غاب عنده,
على ما تقدم خلافا ومذهبا, قطع به في الرعاية
الكبرى وغيره, وقد علمت المذهب فيما تقدم فكذا
في هذه. قال الشيخ الموفق والشارح وابن رزين
وغيرهم: حكمه حكم الذي قبله عند الخرقي
والقاضي, والمشتري مخير بين رده وأرش الكسر,
وأخذ الثمن, وبين أخذ أرش العيب, وهذه إحدى
الروايتين.
والرواية الثانية: ليس له رده ولا أرش العيب.
على ما تقدم, انتهى. قال الزركشي: حكمه حكم ما
إذا غاب عند المشتري, على ما تقدم, نعم على
قول القاضي في الذي قبله هل يلزمه أرش الكسر
أم لا يلزمه إلا الزائد على استعلام المبيع؟
على تردد, انتهى.
"قلت": يشبه ما قال الزركشي ما قاله الأصحاب
فيما إذا وكله في بيع شيء فباعه بدون ثمن
المثل أو بأنقص مما قدره له وقلنا يصح ويضمن
النقص, فإن في قدره وجهين: هل هو بين ما باع
به وثمن المثل؟ أو بين ما يتغابن به الناس وما
لا يتغابنون؟ على ما ذكروه في الوكالة, وتقدم1
نظيرها في زكاة الزرع والثمر فيما إذا ادعى
غلط الخارص وفحش.
ـــــــ
1 4/101.
(6/249)
لا يسبقه,
كالمعلول لا يسبق علته, والرد وضع سببا لنقل
الملك, فلا عبرة بحصول الشركة به ضرورة, كفوات
الزوجية بقتل منكوحة الغير.
وإن اشترى شيئين أو طعاما في وعاءين ذكره في
الترغيب وغيره صفقة, فوجدهما أو أحدهما معيبا
وأبى الأرش, فعنه: يردهما, وعنه: وأحدهما
بقسطه من ثمنه, وعنه: يتعين وقال القاضي في
المعيبين: ولا يملك رد صحيح مفردا ولا رد1 بعض
شيء "م 9 و 10"
ـــــــ
"مسألة 9 و 10" قوله: وإن اشترى شيئين وطعاما
في وعاءين ذكره في الترغيب وغيره صفقة فوجدهما
أو أحدهما معيبا وأبى الأرش فعنه: يردهما
وعنه: وأحدهما بقسطه من ثمنه, وعنه: يتعين.
وقال القاضي في المعيبين ولا يملك رد صحيح
مفردا ولا رد بعض شيء, انتهى اشتمل كلامه على
مسألتين:
"المسألة الأولى" إذا اشترى شيئين صفقة واحدة
فوجدهما معيبين وأبى الأرش فهل له رد أحدهما
وأخذ أرش الآخر أو أنه ليس له إلا ردهما؟ أطلق
الخلاف فيه. إحداهما ليس له رد أحدهما, وهو
الصحيح, قطع به في المقنع2 والوجيز وتذكرة ابن
عبدوس ومنتخب الآدمي وغيرهم, واختاره القاضي
وغيره, وقدمه في الشرح3 وشرح ابن منجا والنظم
والرعايتين والحاويين وغيرهم, وهو الصواب.
والرواية الثانية له رد أحدهما بقسطه من
الثمن.
"المسألة الثانية" إذا وجد أحدهما معيبا فهل
له ردهما أو أحدهما أم ليس له إلا ردهما أم
ليس له إلا رد العيب؟ أطلق الخلاف.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية و "ط": "يرد".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/419.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/421.
(6/250)
وإن حرم
التفريق كأخوين, أو نقص كمصراعي باب تعين
ردهما, ومثله بيع جان له ولد صغير يباعان
وقيمة الولد لمولاه, وإن تلف أحدهما قبل قول
المشتري في قيمته, في الأصح. وإن اختلفا عند
من حدث العيب, فعنه: يقبل قول المشتري بيمينه
على البت, وعنه: البائع بيمينه بحسب جوابه "م
11"
ـــــــ
إحداهن: ليس له إلا ردهما. وليس له رد العيب
وحده, قدمه في الهداية والخلاصة والهادي
والمحرر والرعايتين والنظم والفائق وغيرهم,
وجزم به في الفروق الزريرانية.
والرواية الثانية: له رد العيب وحده وردهما
معا, قال في المحرر: وهو الصحيح, قال في
الفائق: وهو الأصح, واختاره ابن عبدوس في
تذكرته.
والرواية الثالثة ليس له إلا رد المعيب فقط,
جزم به في الوجيز والمنور ومنتخب الآدمي, قال
ابن منجى في شرحه: هذا المذهب, وقدمه في
المقنع1, وهذه الرواية هي التي عناها المصنف
بقوله: "وعنه يتعين ", وأطلق الأولى والثانية2
في المغني3 والمذهب والكافي4 والشرح, والله
أعلم.
"مسألة 11" قوله: وإن اختلفا عند من حدث
العيب, فعنه: يقبل قول المشتري بيمينه على
البت, وعنه: البائع بيمينه بحسب جوابه, انتهى.
وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب والمغني5
والكافي6 والمقنع7 والتلخيص والبلغة والشرح8
وشرح ابن منجا والرعاية الكبرى والفائق
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/421.
2 في النسخ الخطية: "الثالثة" والمثبت من "ط".
3 6/244-245.
4 3/127.
5 3/251.
6 3/149.
7 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/423
8 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/423-
425..
(6/251)
وعنه: على
العلم. وفي الإيضاح: يتحالفان, وإن لم يحتمل
إلا قول أحدهما قبل, وقيل: بيمينه, وإن خرج من
يده إلى يد غيره لم يجز أن يرده, نقله مهنا,
ـــــــ
والقواعد الفقهية والزركشي وغيرهم.
إحداهما يقبل قول المشتري, صححه في التصحيح
والنظم, قال في إدراك الغاية: يقبل قول
المشتري, في الأظهر, وقطع به الخرقي وصاحب
الوجيز ونظم المفردات وغيرهم, وقدمه في
الهداية والمستوعب والخلاصة وشرح ابن رزين
والرعاية الصغرى والحاويين.
والرواية الثانية: القول قول البائع, وهي
أنصفهما, واختارها القاضي في الروايتين وأبو
الخطاب في الهداية, وابن عبدوس في تذكرته,
وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي, وقدمه في
المحرر. وقال في القواعد الفقهية: وفرق بعضهم
أن يكون المبيع عينا معينة أو في الذمة, فإن
كان في الذمة فالقول قول القابض, وجها واحدا,
لأن الأصل اشتغال ذمة البائع, ولم تثبت
براءتها, انتهى
(6/252)
ويقبل قول
البائع إن المبيع ليس المردود 1قال في المغني2
هنا إن جاء ليرد السلعة بخيار فأنكر البائع
أنها سلعته فحكى ابن المنذر عن أحمد أن القول
قول المشتري, وهو قول الثوري وإسحاق وأصحاب
الرأي, لأنهما اتفقا على استحقاق فسخ العقد
والرد في العيب بخلافه 1
ويقبل قول المشتري في خيار الشرط, نص عليهما,
وقول المشتري في
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية, والمثبت من "ط".
2 6/252, وتحرفت في "ط" إلى: "الأضحى",
والتصويب من حاشية ابن قندس.
(6/253)
ثمن معين
بالعقد, وفي أيهما يقبل قوله في ثابت في الذمة
من ثمن مبيع أو قرض أو غيره وجهان "م 12"
ولبائع عبد بأمة ردها بعيب وأخذه عبده أو
قيمته لعتق مشتر
ـــــــ
"مسألة 12" قوله: ويقبل قول المشتري في ثمن
معين بالعقد, وفي أيهما يقبل قوله في ثابت من
ثمن مبيع أو قرض أو غيره وجهان, انتهى, يعني
إذا باع سلعة بنقد أو غيره معين حال العقد,
وقبضه البائع, ثم أحضره وبه عيب, وادعى أنه
الذي دفعه إليه المشتري, وأنكر المشتري كونه
الذي دفعه إليه, ولا بينة لواحد منهما, ففي
هذه الصورة القول قول المشتري مع يمينه, لأن
الأصل براءة ذمته وعدم وقوع العقد على هذا
العيب, وهو الذي قطع به المصنف هنا. وإن كان
الثمن في الذمة ثم نقده المشتري, أو قبضه من
قرض أو سلم أو غير ذلك, مما هو في ذمته, ثم
اختلفا كذلك ولا بينة, فهل القول قول الدافع
أو القابض؟ أطلق الخلاف, وأطلقه في الرعاية
الكبرى في آخر باب القرض.
(6/254)
.................
ـــــــ
"أحدهما" القول قول البائع, وهو القابض ومن في
معناه, مع يمينه, وهو الصحيح, لأن القول في
الدعاوى قول من الظاهر معه, والظاهر مع
البائع, لأنه ثبت له في ذمة المشتري ما انعقد
عليه العقد معيب, ولم يقبل قوله في براءة
ذمته, جزم به السامري والزريراني في فروقيهما,
وصححه في الحاوي الكبير في باب أحكام القبض في
أثناء الفصل الرابع, وصححه في الحاوي الصغير
في باب السلم. وقال في الرعاية الكبرى: قبل
القرض بفصل: ولو قال المسلم: هذا الذي أقبضتني
وهو معيب, فأنكر أنه هذا, قدم قول القابض,
انتهى
(6/255)
.................
ـــــــ
والوجه الثاني" القول قول المشتري ومن في
معناه, وهو الدافع, لأنه قد أقبض في الظاهر ما
عليه.
"تنبيه" هذا الذي ذكره المصنف في هذه المسألة
من المتفق عليه. والمختلف فيه طريقة السامري
والزريراني في فروقيهما, وابن حمدان في
الرعاية الكبرى, وصاحب الحاويين وغيرهم.
وقال ابن رجب في الفائدة السادسة: لو باعه
سلعة بنقد معين ثم أتاه به فقال: هذا الثمن
وقد خرج معيبا, وأنكر المشتري, ففيه طريقان:
"أحدهما" إن قلنا النقود تتعين بالتعيين
فالقول قول المشتري, وهو الدافع, لأنه يدعي
عليه استحقاق الرد, والأصل عدمه, وإن قلنا لا
تتعين فوجهان:
"أحدهما" القول قول المشتري أيضا, لأنه أقبض
في الظاهر ما عليه.
"والثاني" قول القابض لأن الثمن في ذمته,
والأصل اشتغالها به, إلا أن تثبت براءتها منه,
وهي طريقته في المستوعب.
"والطريق الثاني" إن قلنا النقود لا تتعين,
فالقول قول البائع وجها واحدا, لأنه ثبت
اشتغال ذمة المشتري بالثمن, ولم تثبت براءتها
منه, وإن قلنا تتعين فوجهان مخرجان مما إذا
ادعى كل من المتبايعين أن العيب حدث عنده في
السلعة:
"أحدهما" القول قول البائع, لأنه يدعي سلامة
العقد, والأصل عدمه, ويدعي عليه ثبوت الفسخ
والأصل عدمه
"والثاني" القول قول القابض, لأنه منكر
التسليم, والأصل عدمه, وهي طريقة القاضي في
تعاليقه, وجزم صاحب المغني والمحرر بأن القول
قول البائع إذا أنكر أن يكون المبيع في الذمة
أو معينا, نظرا إلى أنه يدعي عليه استحقاق
الرد, والأصل عدمه. وذكر الأصحاب
(6/256)
.................
ـــــــ
مثل ذلك في مسائل الصرف. وفرق السامري في
فروقه بين أن يكون المردود بعيب وقع عليه
معينا, فيكون القول قول البائع, وبين أن يكون
في الذمة, فيكون القول قول المشتري, لما تقدم,
وهذا فيما إذا أنكر المدعى عليه العيب أن ماله
كان معيبا. أما إن اعترف بالعيب, فقد فسخ
صاحبه وأنكر أن يكون هذا هو المعين, فالقول
قول من هو في يده, صرح به في التفليس, في
المغني, معللا بأنه قبل استحقاق ما ادعى عليه
الآخر, والأصل معه, ويشهد له أن المبيع في يده
الخيار إذا رده المشتري بالخيار فأنكر البائع
أن يكون هو المبيع, فالقول قول المشتري, حكاه
ابن المنذر عن أحمد, لاتفاقهما على استحقاق
الفسخ بالخيار, وقد ينبني على ذلك أن المبيع
بعد الفسخ بعيب ونحوه هل هو أمانة في يد
المشتري أو مضمون عليه؟ فيه خلاف, وقد يكون
مأخذه أنه أمانة عنده. ومن الأصحاب من علل بأن
الأصل براءة ذمة البائع مما يدعى عليه, فهو
كما لو أقر بعين ثم أحضرها فأنكر المعتزلة أن
تكون هي المقر بها, فإن القول قول المقر مع
يمينه, انتهى كلامه في الفوائد.
فهذه اثنتا عشرة مسألة قد صححت.
(6/257)
باب الخيار في
البيع بتخيير الثمن والإقالة
مدخل
...
باب الخيار في
البيع بتخيير الثمن والإقالة
يثبت في التولية, ك: وليتكه أو بعتكه, برأس
ماله أو برقمه المعلوم.
والشركة: بيع بعضه بقسطه, نحو أشركتك في ثلثه
ونحوه. وأشركتك ينصرف إلى نصفه, وقيل: لا يصح.
فعلى الأول إن قاله الآخر عالما"*" بشركة
الأول فله نصف نصيبه الربع, وإن لم يعلم
فالأصح يصح, فيأخذ نصيبه, وقيل: نصفه, وقيل:
ونصف نصيب شريكه إن أجيز, ولو قال أشركاني
فأشركاه معا ففي أخذه نصفه أو ثلثه احتمالان
"م 1" فلو شركه أحدهما فنصف نصيبه أو ثلثه.
والمرابحة بيعه بثمنه وربح معلوم, وإن قال:
على أن أربح في كل عشرة درهما, كره, في
المنصوص. نقله الجماعة, واحتج بكراهة ابن عمر
ـــــــ
"*" تنبيه : قوله: "فعلى الأول إن قاله الآخر
عالما" كذا في النسخ وصوابه 1إن قاله لآخر1
عالم, أو قاله آخر والسياق يدل عليه.
"مسألة 1" قوله: وإن قال أشركاني فأشركاه معا
ففي أخذه نصفه أو ثلثه احتمالان, انتهى.
"أحدهما" له الثلث, وهو الصحيح, صححه الشيخ في
المغني2 والشارح, وقدمه في الرعايتين والفائق.
"والاحتمال الثاني" له النصف, قدمه ابن رزين
في شرحه.
ـــــــ
1 في "ص": "أقاله الآخر". وفي "ح": "إن قاله
الآخر".
2 6/195.
(6/258)
وابن عباس,
ونقل أبو النضر: هو الربا, واقتصر عليه في زاد
المسافر, ونقل أحمد بن هاشم. كأنه دراهم
بدراهم لا يصح. وفي الرعاية: إن جهل مشتر ثمنه
عند عقد لم يصح.
والمواضعة: عكسها, ويكره فيها ما يكره فيها,
ولو قال: الثمن مائة, بعتك به, ووضيعة درهم من
كل عشرة حط من الثمن عشرة فيلزمه تسعون, وقيل:
من أحد عشر, كعن كل, ولكل. وقيل: تسعون وتسعة
أعشار درهم, وحكاه الأزجي رواية,
ويعتبر للأربعة علمهما برأس المال, ومتى بان
الثمن أقل حط الزيادة, ويحط في المرابحة
قسطها, وينقصه في المواضعة, أو بان مؤجلا أخذ
به مؤجلا, ولا خيار فيهن, نص عليه, اختاره
الأكثر, وعنه: بلى, وعنه: في مؤجل يأخذ به
حالا أو يفسخ.
وإن ادعى البائع الغلط وأن الثمن أكثر مما
أخبر, فعنه: يقبل قوله,
ـــــــ
.................
(6/259)
اختاره الخرقي
والقاضي وأصحابه, فيخير مشتر, وله يمين بائع
أنه لم يعلم وقت البيع أن شراءها أكثر, وعنه:
قول معروف يصدق, وعنه: ببينة, وعنه: لا "م 2"
ولا يحلف مشتر بدعوى بائع عليه علم الغلط,
وخالف الشيخ, وإن باع بدون ثمنها عالما به
لزمه, وخرجه الأزجي على التي قبلها.
وإن اشتراه ممن ترد شهادته له أو ممن حاباه أو
أراد بيع الصفقة بقسطها من الثمن قيمة بين في
تخيير الثمن, فإن كتم فللمشتري الخيار, وعنه:
يجوز بيع نصيبه مما اشترياه واقتسماه مرابحة
مطلقا, وعنه عكسه.
ـــــــ
"مسألة 2" قوله: وإن ادعى البائع الغلط, وأن
الثمن أكثر مما أخبر, فعنه: يقبل قوله,
اختاره, الخرقي والقاضي وأصحابه, فيخير
المشتري. وعنه: قول معروف بصدق, وعنه: ببينة,
وعنه: لا, انتهى. وأطلقهن الزركشي.
"إحداهن" يقبل قول البائع, وعليه أكثر
الأصحاب, منهم الخرقي والقاضي وأصحابه, وقدمه
في الهداية والمستوعب والخلاصة والتلخيص
والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق ونظم
المفردات وغيرهم, واختاره ابن عبدوس في
تذكرته. قال ابن رزين في شرحه: وهو القياس.
وجزم به في المنور وغيره.
"والرواية الثانية" يقبل قول معروف بالصدق,
وإلا فلا "قلت": وهو قوي جدا, ويعرف ذلك
بالقرائن. "والرواية الثالثة" لا يقبل قوله
إلا ببينة. اختاره الشيخ الموفق والشارح,
وقدماه ونصراه وحمل كلام الخرقي عليه, وقدمه
ابن رزين في شرحه.
"والرواية الرابعة" لا يقبل قوله وإن قام
ببينة حتى يصدقه المشتري, ولأنه أقر بالثمن,
وتعلق به حق الغير, فلا يقبل رجوعه وإن أقام
ببينة لإقرارها بكذبها.
(6/260)
وهل يخبر بأرش
العيب أو يحطه من الثمن ويخبر بالباقي؟ فيه
وجهان "م 3", وكذا أرش جناية عليه "م 4",
وقيل: لا يحطها. وإن أخذ نماء أو
ـــــــ
"مسألة 3" قوله: وهل يخبر بأرش العيب أو يحطه
من الثمن ويخبر بالباقي؟ فيه وجهان, انتهى.
وأطلقهما الشارح:
أحدهما" يخبر بأرش العيب, يعني يخبر بذلك على
وجهه, وهو الصحيح, على ما اصطلحناه, اختاره
القاضي, وقدمه في الكافي1 والمغني2 وقال: هو
أولى, وجزم به في المحرر والمنور والفصول.
"والوجه الثاني" يحطه من الثمن ويخبر بالباقي.
وعليه الأكثر, وجزم به في الهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة والمقنع3 والهادي والتلخيص
والرعايتين والحاويين والوجيز والفائق وغيرهم
وصححه ابن نصر الله في حواشي الفروع
"مسألة 4" قوله وكذا أرش جناية عليه يعني فيه
أرش جناية عليه, يعني فيه الوجهان المتقدمان
مطلقا وأطلقهما في الهداية والمستوعب والتلخيص
والشرح3 والرعايتين والحاويين وغيرهم
أحدهما: يخبر بذلك على وجهه وهو بذلك على
وجهه, وهو الصحيح على المصطلح اختاره القاضي
وغيره وقدمه في الكافي1 وقال هو أولى وقدمه في
المغني2 وانتصر له وجزم به في الفصول والمحرر
المنور. "والوجه الثاني" يحطه من رأس المال
ويخبر بالباقي, اختاره أبو الخطاب, قاله
ـــــــ
1 3/136
2 6/269.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/451.
(6/261)
استخدم أو وطئ
لم يجب بيانه, وفيه رواية كنقصه, وفي رخصه
احتمال: يبينه ; وإن اشتراه بعشرة وقصره لا
بنفسه بعشرة أخبر به. ولا يجوز: تحصل بعشرين,
في الأصح, ومثله أجرة متاعه وكيله ووزنه, قال
الأزجي: وعلف الدابة, وذكر الشيخ: لا, قال
أحمد: إذا بين فلا بأس, ولا يقومه ثم يبيعه
مرابحة, وبيع المساومة أسهل منه, لأن عليه أن
يبين. وإن اشتراه بعشرة ثم باعه بخمسة عشر ثم
اشتراه بعشرة أخبر بعشرة أو بالحال, ونصه: يحط
الربح من الثمن الثاني ويخبر أنه عليه بما بقي
"*" فإن لم يبق شيء أخبر بالحال.
وإن اشتراه بخمسة عشر ثم باعه بعشرة ثم اشتراه
بأي ثمن كان بين ولم يضم خسارة إلى ثمن ثان.
ولو اشترى بثمن لرغبة تخصه كحاجة إلى إرضاع
لزمه أن يخبر بالحال, ويصير كالشراء بثمن غال
لأجل الموسم الذي كان حال الشراء, ذكره في
الفنون. ولو اشترى ثيابا وأمره بدفعها إلى
ـــــــ
الشارح, وصححه في المذهب ومسبوك الذهب, وجزم
به الشيخ في المقنع1 والهادي والوجيز وغيرهم,
وقدمه في الخلاصة وغيره.
"تنبيهات"
"*" الأول: قوله: وإن اشتراه بعشرة ثم باعه
بخمسة عشر ثم اشتراه بعشرة أخبر بعشرة أو
بالحال, ونصه: يحط الربح من الثمن الثاني
ويخبر أنه عليه بما بقي. انتهى.
ما قدمه المصنف اختاره الشيخ الموفق والشارح,
وهو الصواب, ولكن المنصوص وهو الصحيح من
المذهب وعليه جمهور الأصحاب. قال في المقنع2
وغيره: اختاره أصحابنا.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/451.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/458.
(6/262)
قصار وأن يرقم
ثمنها عليها لم يجز بيعها مرابحة حتى يرقمها
بنفسه, لأنه لا يعلم ما صنع القصار, ذكره في
المستوعب, ويتوجه عكسه, وزيادة الثمن أو
المثمن ونقصه
وقال بعض أصحابنا في طريقته: وأجل أو خيار زمن
الخيارين يلحق, وقيل: لا, وبعدهما لا, على
الأصح, كالخيار والأجل. وهبة مشتر لوكيل باعه
كزيادة, ومثله عكسه, وإن باعا شيئا مرابحة
فثمنه بحسب ملكهما, كمساومة, ونقل ابن هانئ
وحنبل: على رأس ماليهما وخرج أبو بكر مثله في
مساومة كشركة اختلاط, وعنه: لكل واحد رأس ماله
والربح نصفان.
والإقالة فسخ , فتجوز قبل القبض, ولا استبراء
قبله "*" وبعد نداء الجمعة, لا من وارثه, ولا
يلزم إعادة كيل ووزن, ولا شفعة, ويعتبر مثل
الثمن, وعنه: بيع, اختاره أبو بكر في التنبيه
فينعكس ذلك إلا مثل الثمن في وجه "*" وفي
الانتصار: وقبل قبضه, لعدم تعلق غيره به,
وفيه: يصح في احتمال
ـــــــ
"*" الثاني : 1قوله: والإقالة فسخ فتجوز قبل
القبض ولا استبراء قبله. أي قبل القبض, نظرا
لأن الصحيح من المذهب أنه لو باع أمته أو
وهبها ونحوه ثم عادت إليه بفسخ يجب استبراؤها,
حيث انتقل الملك, ولو قبل القبض, وقد قدمه
المصنف في باب الاستبراء1"2 فقال: ولا استبراء
بفسخ "1ولم ينتقل الملك, وإلا لزم, وعنه: إن
قبضت منه", انتهى. فالذي قطع به المصنف هنا
ليس هو المذهب, بل المذهب كما قلنا, وحمله على
القول بأنه لم ينتقل الملك بعد, والله أعلم
"*" الثالث1 : قوله, بعد أن قدم أنها فسخ:
وعنه: بيع, اختاره في التنبيه,
ـــــــ
1 ليست في "ح".
2 قبل المسألة "4" بأربعة أسطر.
(6/263)
بإضافتها إلى
جزء كاليد إن قيل فسخ, ويصح مع تلف الثمن. وفي
تلف المثمن إن قيل فسخ وجهان "م 5" وفارق الرد
بالعيب لأنه يعتمد مردودا.
ـــــــ
فينعكس ذلك إلا مثل الثمن في وجه, انتهى. ظاهر
هذا أن المقدم إذا قلنا إنها بيع تجوز بزيادة
على مثل الثمن, وهو أحد الوجهين, وصححه القاضي
في الروايتين. "والوجه الثاني" لا يصح إلا
بمثل الثمن, صححه الشيخ الموفق والشارح وصاحب
المستوعب والحاوي الكبير والفائق, وهو مذهب
القاضي في خلافه. قال في القواعد الفقهية: وهو
ظاهر ما نقله ابن منصور.
"مسألة 5" قوله في الإقالة: ويصح مع تلف
الثمن, وفي تلف المثمن إن قيل فسخ وجهان,
انتهى, وأطلقهما في الرعاية الكبرى قال في
التلخيص: إذا كان المبيع تالفا ففي جواز
الإقالة مع كونها فسخا وجهان, أصلهما
الروايتان إذا تلف المبيع في يده الخيار,
انتهى. يعني هل يبطل الخيار أم لا؟ والصحيح
أنه يبطل بالتلف, قال ابن رجب في الفوائد: لو
تلفت السلعة فقيل: لا تصح الإقالة, على
الروايتين, وهي طريقة القاضي في خلافه, والشيخ
في المغني1, وقيل إن قيل هي فسخ صحت وإلا لم
تصح. قال القاضي في موضع من خلافه: هو قياس
المذهب. وفي التلخيص وجهان, انتهى. وقال في
القاعدة التاسعة والخمسين. وقال القاضي في
موضع آخر: قياس المذهب صحتها بعد التلف إذا
قلنا هي فسخ. وتابعه أبو الخطاب في انتصاره,
وابن عقيل في نظرياته, انتهى. وقال في الرعاية
الصغرى: قلت: وتصح مع تلف الثمن مع بقاء
المثمن. فتلخص أنها تصح مع تلف المثمن إذا
قلنا هي فسخ عند أبي الخطاب في انتصاره, وابن
عقيل في نظرياته. وقال القاضي في موضع
ـــــــ
1 6/17-18.
(6/264)
وفي المستوعب
والرعاية على أنها فسخ النماء للبائع مع
ذكرهما أن نماء المعيب للمشتري, وفي تعليق
القاضي والمغني1 وغيرهما أن الإقالة "2فسخ
للعقد2" من حينه, وهذا أظهر, وإن قال: أقلني.
ثم غاب فأقاله, لم يصح, لاعتبار رضاه, وقدم في
الانتصار: يصح على الفور.
ـــــــ
من خلافه: إنه قياس المذهب. وعند القاضي في
موضع آخر والشيخ في المغني: لا تصح. واختاره
ابن حمدان. فهذه خمس مسائل في هذا الباب.
ـــــــ
1 6/198.
2 في الأصل: "رفع العقد".
(6/265)
وقال ابن عقيل
وغيره في غزل وكيل: الإقالة لما افتقرت إلى
الرضا وقفت1 على العلم, ومؤنة الرد في
الانتصار لا تلزم مشتريا, وتبقى بيده أمانة,
كوديعة. وفي التعليق: يضمنه, فيتوجه: تلزمه
المؤنة, وقطع به في الرعاية في معيب, وفي
ضمانه النقص خلاف في المغني2, وإن قيل الإقالة
بيع يتوجه على مشتر والله أعلم
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 في "ب": و "ر": "وقعت".
2 6/199.
(6/266)
باب الخيار
لاختلاف المتبايعين
مدخل
...
باب الخيار
لاختلاف المتبايعين
إذا اختلفا في قدر الثمن تحالفا, نقله
الجماعة, لأن كلا منهما مدع ومنكر صورة, وكذا
حكما, لسماع بينة كل منهما,
قال في عيون المسائل: ولا تسمع إلا بينة
المدعي, باتفاقنا, فيحلف البائع أنه ما باعه
إلا بكذا, ثم المشتري أنه ما اشتراه إلا بكذا,
والأشهر يذكر كل منهما إثباتا ونفيا, يبدأ
بالنفي, وعنه: الإثبات, ثم لكل منهما الفسخ,
وقيل: يفسخه حاكم ما لم يرض الآخر.
ومن نكل - قال بعضهم: أو نكل مشتر عن إثبات -
قضي عليه, وعنه: يقبل قول بائع مع يمينه,
وذكره في الترغيب المنصوص, كاختلافهما بعد
قبضه, وفسخ العقد, في المنصوص وعنه مشتر, ونقل
أبو داود: قول البائع أو يترادان, قيل: فإن
أقام كل منهما بينة؟ قال: كذلك, وإذا فسخ
العقد انفسخ ظاهرا وباطنا, وقيل: مع ظلم
البائع ظاهرا, وقيل: وباطنا في حق المظلوم.
ومن مات فوارثه بمنزلته, وإن كان المبيع تالفا
فعنه: يقبل قول المشتري, وعنه: يتحالفان "م 1"
ويغرم المشتري القيمة,
ـــــــ
"مسألة 1" قوله: وإن كان المبيع تالفا فعنه:
يقبل قول المشتري, وعنه: يتحالفان, انتهى.
وأطلقهما في الهداية والفصول والمذهب
والمستوعب والخلاصة والكافي1 والمغني2 والشرح3
والحاوي الكبير والقواعد الفقهية وغيرهم.
ـــــــ
1 3/147.
2 6/282.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
11/468-469.
(6/267)
ويقبل قوله
فيما نقله محمد بن العباس وفي قدره وصفته, وإن
تعيب
ـــــــ
"إحداهما" يتحالفان, وهو الصحيح, قال في
التلخيص: أصح الروايتين التحالف, قال الزركشي:
هو اختيار الأكثرين, قال ابن منجى في شرحه:
هذا أولى, وجزم به الخرقي وصاحب الوجيز وتذكرة
ابن عبدوس والمنور وغيرهم, ونصره الشيخ في
المغني1, وقدمه في المقنع2 والمحرر والمذهب
الأحمد والرعايتين والنظم والفائق وإدراك
الغاية وغيرهم.
"والرواية الثانية" لا يتحالفان, والقول قول
المشتري, اختاره أبو بكر, قال الزركشي: هي
أتقنهما.
"تنبيه" قال الشيخ في المغني3 والشارح ومن
تابعهما: ينبغي أن لا يشرع التحالف ولا الفسخ
فيما إذا كانت قيمة السلعة مساوية للثمن الذي
ادعاه المشتري, ويكون القول قول المشتري مع
يمينه, لأنه لا فائدة في ذلك, لأن الحاصل به
الرجوع إلى ما ادعاه المشتري, وإن كان القيمة
أقل فلا فائدة للبائع في الفسخ, فيحتمل أن لا4
يشرع له اليمين ولا الفسخ, لأن ذلك ضرر عليه
من غير فائدة, ويحتمل أن يشرع لتحصيل الفائدة
للمشتري, انتهى.
ـــــــ
1 6/282.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
11/468-469.
3 6/283.
4 ليست في "ط".
(6/268)
ضم أرشه إليه,
وكذا كل غارم, وقيل: ولو وصفه بعيب, كما لو
ثبت العيب فادعى غاصبه تقدمه على غصبه, في
الأصح, وذكر أبو محمد الجوزي في كتابه الطريق
الأقرب: يقبل قول المغصوب منه في صفته وفي
رده. وفي مختصر ابن رزين: يقدم قول معير
فيهما, مع أنه ذكر هو وغيره: يصدق غاصب في
قيمة وصفة وتلف, وعمل شيخنا بالاجتهاد في قيمة
المتلف, فتخرص الصبرة, واعتبر في مزارع أتلف
مغل سنتين1 بالسنين المعتدلة, وفي ربح مضارب
بشراء رفقته من نوع متاعه وبيعهم في مثل سعره.
وإن اختلفا في صفة الثمن أخذ نقد البلد ثم
غالبه, وعنه: الوسط, اختاره أبو الخطاب, وعنه:
الأقل "*"
ـــــــ
"تنبيهان":
"*" الأول : قوله: وإن اختلفا في صفة الثمن
أخذ نقد البلد ثم غالبه, وعنه: الوسط, اختاره
أبو الخطاب, وعنه: الأقل, انتهى. قال ابن نصر
الله: في حكايته ثلاث روايات نظر فيما إذا
اجتمعت النقود واختلفت قيمتها, بل متى كان
بعضها أغلب رواجا تعين إذا لم نقل بالتحالف,
وإن استوت في الرواج أخذ الوسط, أي في
ـــــــ
1 في "ط": "سنتين".
(6/269)
قال القاضي
وغيره: ويتحالفان "*" وإن اختلفا في شرط صحيح
أو فاسد
ـــــــ
القيمة, وعنه: الأقل, أي قيمة, انتهى. ما قاله
المحشي موافق لما قاله في المحرر والرعايتين
والحاوي وغيرهم, لكن صرح به في الهداية
والمذهب والمستوعب والكافي1 والنظم وغيرهم
بأنه إذا كان في البلد نقود مختلفة رجع إلى
أوسطها, قال في المغني2 وغيره: نص عليه,
فالظاهر أن المصنف حكى الرواية من هنا, لكن
قال في المغني2 لما ذكر النص: يحتمل أنه أراد
إذا كان هو الأغلب والمعاملة به أكثر, ويحتمل
أنه ردهما إليه مع التساوي, انتهى. إذا علم
ذلك فيحتمل ما قاله في الهداية وغيره: إجراء
على ظاهره, فيكون موافقا لما قاله المصنف,
ويحتمل أنه أراد إذا لم يكن فيها نقد غالب,
فيكون موافقا لما قاله في المحرر وغيره.
"*" الثاني : قوله: قال القاضي وغيره
ويتحالفان قال ابن نصر الله: ظاهر هذه
ـــــــ
1 3/148
2 6/284-285.
(6/270)
أو قدر ذلك
فعنه: التحالف, وعنه: قول منكره, كمفسد للعقد
"م 2 - 4"
ـــــــ
العبارة تحالفهما مع الرجوع إلى الغالب أو
الوسط أو الأقل, ولم أجد بذلك قائلا, ولا هو
قول القاضي, فإن كل من يقول بالرجوع إلى شيء
من النقود لا يرى التحالف, بل اليمين على من
أخذ بقوله, انتهى. وهو ظاهر عبارة المصنف,
والذي يظهر أن في كلامه نقصا وزيادة, وتقديره:
"وقال القاضي: يتحالفان "قالوا: وفي قوله:
"ويتحالفان" زيادة1 ونقص قبل2 "الواو, وهذا
عين الصواب. وهو مذهب القاضي, والله أعلم.
وبهذا يزول الإشكال
"مسألة 2" قوله: وإن اختلفا في شرط صحيح أو
فاسد أو قدر ذلك فعنه: التحالف, وعنه: قول
منكره كمفسد للعقد, انتهى ذكر مسائل.
"المسألة الأولى" إذا اختلفا في شرط صحيح فهل
القول قول من ينفيه أو يتحالفان؟ أطلق الخلاف,
وأطلقه في المذهب ومسبوك الذهب والكافي3
والتلخيص والبلغة والشرح4 والنظم والفائق
وغيرهم "إحداهما" يتحالفان, وجزم به ابن عبدوس
في تذكرته, وقدمه في الهداية والمستوعب
والخلاصة والمغني5 والمحرر والرعايتين
ـــــــ
1 في "ح": "زائدة", وفي "ط": "الواو زائدة".
2 بعدها في "ح" و "ط": "قال".
3 3/148.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/479.
5 6/285.
(6/271)
نص عليه, في
دعوى عبد عدم الإذن ودعوى الصغر. وفيه وجه.
وفي
ـــــــ
والحاويين وشرح ابن رزين ونهايته ونظمها
وإدراك الغاية, وهو المذهب على ما اصطلحناه.
"والرواية الثانية" القول قول من ينفيه, قال
ابن منجا في شرحه: هذا المذهب, قال في تجريد
العناية: يقدم قول من ينفي أجلا وشرطا, على
الأظهر, وجزم به في الفصول والمذهب الأحمد
والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم, وقدمه
في المقنع والهادي "قلت": وهو الصواب
"المسألة الثانية" إذا اختلفا في شرط فاسد غير
مبطل للعقد فهل يتحالفان أو القول قول من
ينفيه؟ أطلق الخلاف
"أحدهما" القول قول من ينفيه, وهو الصحيح وهو
ظاهر كلام أكثر الأصحاب,
وقدمه في المقنع1, وجزم به وقدمه ابن رزين في
شرحه, وقطع به الشارح أو قدمه,
والرواية الثانية يتحالفان
"المسألة الثالثة" قوله: أو قدر ذلك, لعل
مراده قدر الأجل, لكنه لم يذكر مسألة الأجل
ولم يذكر سوى هذا, والذي يظهر لي أن لفظ "أو
أجل" سقط من الكاتب بعد قوله "أو فاسد" ويدل
عليه قوله "أو قدر ذلك" وهذا ظاهر جدا ومما
يؤيده ذكر الشيخ في المغني2 والشارح ذلك
عقيبه, والله أعلم. إذا علمت ذلك فاعلم أنهما
إذا اختلفا في أجل أو قدره كان الحكم كما لو
اختلفا في شرط صحيح, على ما تقدم, وإن كانت
الإشارة راجعة إلى الشرط الصحيح وهو ظاهر
العبارة فيمكن حمله على ما قلناه
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/480.
2 6/285.
(6/272)
الانتصار: في
مد عجوة لو اختلفا في صحته وفساده قبل قول
البائع مدعي فساده.وإن اختلفا في قدر المبيع
فنصه: قول بائع, وقيل: بتحالفهما, وذكره ابن
عقيل رواية وصححها, كثمنه, وقدمه في التبصرة
وغيرها, وفي عينه قيل كذلك, نقل ابن منصور:
قول البائع, وقيل: بالتحالف "م 5 و 6"
ـــــــ
"مسألة 5 و 6" قوله: وإن اختلفا في قدر المبيع
فنصه: قول البائع, وقيل: يتحالفان, وفي عينه
قيل كذلك, نقل ابن منصور قول البائع, وقيل
بالتحالف, انتهى, ذكر مسألتين:
"المسألة الأولى" إذا اختلفا في قدر المبيع
فهل القول قول البائع أو يتحالفان؟ ظاهر كلامه
إطلاق الخلاف "أحدهما" القول قول البائع, وهو
الصحيح من المذهب, نص عليه وعليه أكثر
الأصحاب, وجزم به في الهداية والفصول والمذهب,
مسبوك الذهب والخلاصة والمغني1 والمقنع2
والهادي والوجيز وإدراك الغاية والمنور
وغيرهم, وقدمه في المستوعب والتلخيص والبلغة
والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم
"والقول الثاني" يتحالفان, اختاره القاضي
وذكره ابن عقيل رواية وصححها, وقدمه في
التبصرة وغيرها. قال الشارح: هذا أقيس وأولى
إن شاء الله تعالى. وقال في
ـــــــ
1 6/283-284.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
11/482-483.
(6/273)
ثم ما ادعاه
البائع مبيعا إن كان بيد المشتري ففي المنتخب:
لا يرد إليه. وفي المغني1: يرد, كما لو2 لم
يدعه, قال: ولا يطلبه2 البائع إن بذل ثمنه "م
7"
ـــــــ
التلخيص هذا أقيس, قال في المجرد في باب
المزارعة وفي باب الدعاوى والبينات: إذا اختلف
المتبايعان في قدر البيع تحالفا, ذكره عنه في
التلخيص.
"المسألة الثانية" إذا اختلفا في عينه بأن
قال: بعتني هذا؟ قال: بل هذا, فهل هي كالمسألة
الأولى أو يتحالفان؟ أطلق الخلاف فيه.
"أحدهما" يتحالفان هنا وإن لم نقل به في التي
قبلها, وهي طريقة الشيخ في المقنع3 والهادي
وصاحب الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب
والخلاصة والتلخيص والبلغة والشرح3 وإدراك
الغاية والحاوي الكبير وغيرهم.
"والقول الثاني" وهو أن حكمها حكم المسألة
التي قبلها هو الطريق الثاني, وهو المنصوص عن
الإمام أحمد, وهي طريقة صاحب المحرر والنظم
وتذكرة ابن عبدوس وتجريد العناية وغيرهم,
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير
"مسألة 7" قوله: ثم ما ادعاه البائع مبيعا
يعني إذا قلنا بالتحالف وتحالفا فما ادعاه
البائع مبيعا إن كان بيد المشتري ففي المنتخب
لا يرد. وفي المغني1 يرد
ـــــــ
1 6/284
2 بعدها في "ط": "البائع".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
11/483-484.
(6/274)
وإلا فسخ, وإن
أنكر المشتري بيع الأمة لم يطأها البائع هي
ملك لذلك, نقله جعفر,
قال أبو بكر: لا يبطل البيع بجحوده, ويأتي في
الوكالة خلاف خرجه في النهاية من الطلاق, ولو
ادعى البيع ودفع ثمنها قال بل زوجتك وقبضت
المهر فقد اتفقا على إباحة الفرج له, ويقبل
دعوى النكاح بيمينه, وذكر أبو بكر قولا تقبل
دعواه البيع بيمينه, ويأتي عكسها في أوائل
عشرة النساء, وذكرها الشيخ1 أواخر إذا وصل
بإقراره ما يغيره.وإن تشاحا في التسليم والثمن
عين جعل بينهما عدل يقبض منهما ويسلم المبيع
ثم الثمن, وقيل: معا, ونقله ابن منصور, وقيل:
أيهما تلزمه البداءة يحتمل وجهين, وعنه:
البائع, وإن كان دينا فنصه: لا يحبس المبيع
على قبض ثمنه حالا أو مؤجلا, وخالف الشيخ,
واختاره في الانتصار "م 8" وإن كان
ـــــــ
كما لو لم يدعه, قال: ولا يطلبه إن بذل ثمنه,
انتهى, ما قاله في المغني2 هو الصحيح, وجزم به
الشارح "قلت" وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب وقال
في الرعاية الكبرى: لو قال بعتك هذا العبد
بألف فقال المشتري: لا بل هذا الثوب, وتحالفا,
والعبد بيد بائعه, لم يأخذ منه البائع إلا أن
يتعذر ثمنه فيفسخ البيع ويأخذه ويقر الثوب
بيده ويرد المشتري إليه إن كان عنده "قلت" وإن
كان البائع قبض الثمن وتعذر رده إلى المشتري
فله أخذ العبد به, انتهى.
"مسألة 8" قوله: وإن كان دينا فنصه: لا يحبس
المبيع على قبض ثمنه حالا أو مؤجلا وخالف
الشيخ, واختاره في الانتصار, انتهى المنصوص هو
المذهب وعليه الأكثر, وتابع الشيخ جماعة على
ما اختاره.
ـــــــ
1 في المغني 7/278.
2 6/284.
(6/275)
عرضا بعرض لا
يجب تسليم البائع, بلا خلاف في المذهب. وفي
الانتصار: يثبت شرعا لا شرطا, وفيه: يضمن
نفعه, ومن سلمه قال. إن دخل في ضمان مشتر,
والأصح المنع. وإذا ظهر عسر مشتر قال شيخنا:
أو مطله فله خيار الفسخ, كمفلس وكمبيع نقل
الشالنجي: لا يكون مفلسا إلا أن يفلسه القاضي
أو يبين أمره في الناس, وطلب البائع ما باع
فله ذلك. وفي الانتصار وغيره: إن قبضه ثم أفلس
فله الفسخ, نص عليه, وذكر شروط المفلس, قال:
وإن قارن الإفلاس العقد ولم يعلم لم يصح, وإن
سلم فهو كالكتابة لا يمنع صحتها, وله الفسخ
دواما, فلو اشترى حال الحجر لم يصح, وإن سلم
فربما حدث به قدرة ولم تدخل تحت الحجر لعدم
تعلق حقهم بها, وإن غيب ماله مسافة قصر, وقيل:
ودونها, وقيل: فيها, يحجر عليه, فله الفسخ,
وإن أحضر نصف ثمنه فقيل: يأخذ المبيع, وقيل:
نصفه "م 9" وقيل: لا يستحق مطالبة بثمن ومثمن
مع خيار شرط, ومثله المؤجر
ـــــــ
"مسألة 9" قوله: وإن أحضر نصف ثمنه فقيل: يأخذ
المبيع, "1وقيل: نصفه, انتهى. قال في الرعاية
الكبرى: لو أحضر نصف الثمن فهل يأخذ المبيع1"
كله؟ أو نصفه؟ أو لا يأخذ شيئا حتى يزن
الباقي؟ أو يفسخ البيع ويرد ما أخذه؟ يحتمل
أوجها, انتهى
ـــــــ
1 ليست في "ح".
(6/276)
بالنقد في
الحال, وله الفسخ للخلف في الصفة
ـــــــ
"قلت": أخذ المبيع كله فيه ضرر على البائع,
وأخذ النصف فيه أيضا ضرر بالتشقيص, فالأظهر
إذن أنه لا يأخذ شيئا من البائع حتى يكمل
الثمن, وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب, وهو
بالخيرة في دفع نصف الثمن الذي معه إن شاء
دفعه إلى البائع وإن شاء أبقاه حتى يكمله,
والله أعلم. وعلى القول بالأخذ أخذ النصف أصح
من أخذ الكل, لأنه أقل ضررا, والله أعلم.
"تنبيه" في كلام المصنف نظر من وجهين:
"أحدهما" إطلاق الخلاف, والخلاف إنما هو من
ابن حمدان, فليس هنا اختلاف ترجيح حتى يطلق
الخلاف, وقد تقدم الجواب عن ذلك في المقدمة1.
"الثاني" أنه لم يستوعب الخلاف الذي ذكره ابن
حمدان, بل ترك ما هو أصح مما ذكره فيما يظهر,
والله أعلم
فهذه تسع مسائل في هذا الباب
ـــــــ
1 1/37
(6/277)
باب التصرف في
المبيع وتلفه
مدخل
...
باب التصرف في
المبيع وتلفه
من اشترى شيئا بكيل أو وزن, نقله جماعة وعنه:
المطعوم منهما وعنه: المطعوم, وظاهر المذهب:
أو عدد, والمشهور: أو ذرع ملكه بالعقد "و"
وذكره شيخنا "ع" وفي الانتصار رواية لا في
مسألة نقل الملك زمن الخيار, نقل ابن منصور:
ملك البائع فيه قائم حتى يوفيه المشتري,
والأول نقله ابن مشيش وغيره, ويلزم بالعقد,
وقيل: في قفيز من صبرة ورطل من زبرة يقبضه.
وفي الروضة: يلزم البيع بكيله ووزنه, ولهذا
نقول: لكل منهما الفسخ بغير اختيار الآخر ما
لم يكيلا أو يزنا, كذا قال. فيتجه إذا في نقل
الملك روايتا الخيار, قال: ولا يحيل به
قبله.وإن غير مكيل وموزون كهما, في رواية,
ولا يتصرف فيه ولا بإجارة قبل قبضه, وعنه:
يجوز من بائعه, وفي رهنه وهبته بلا عوض بعد
قبض ثمنه وجهان "م 1" ويصح عتقه, قولا واحدا
ـــــــ
"مسألة 1" قوله: وفي رهنه وهبته بلا عوض بعد
قبض ثمنه وجهان, انتهى. يعني إذا كان مكيلا أو
موزونا أو معدودا أو مذروعا ولم يقبضه فهل يصح
رهنه وهبته بلا عوض بعد قبض ثمنه أم لا؟ أطلق
الخلاف:
أحدهما" لا يصح, وهو "1الصحيح, جزم به في
المغني2 والشرح3 وشرح ابن رزين وغيرهم. وقال
في الكافي4 في الهبة: ولا يجوز هبة المبيع قبل
قبضه, وهو ظاهر كلامه في المحرر1", وظاهر
كلامه في المقنع3 في الرهن حيث
ـــــــ
1 ليست في "ح".
2 6/24.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 2/174.
4 3/596.
(6/278)
, وذكره شيخنا
"ع" قال أبو يعلى الصغير: والوصية به والخلع
عليه, قال بعضهم في طريقته: وتزويجه, وجوز
شيخنا التولية والشركة, وخرجه من بيع دين,
وجوز التصرف بغير بيع وبيعه لبائعه, ويجعل علة
النهي توالي الضمانين, بل عجزه عن تسليمه,
لسعي بائعه في فسخه مع الربح أو أداه إن لم
يسع لدينه. وإن قبضه جزافا لعلمهما قدره جاز,
وفي المكيل روايتان "م 2" ذكره في المحرر,
وذكر جماعة فيمن شاهد كيله قبل شرائه روايتين
في شرائه بلا كيل ثان, وخصهما في التلخيص
بالمجلس وإلا لم يجز. و أن الموزون مثله, ونقل
حرب وغيره: إن لم يحضر هذا المشتري الكيل
ـــــــ
قال: ويجوز رهن المبيع غير المكيل والموزون
قبل قبضه, قال في التلخيص: ذكر القاضي وابن
عقيل أنه لا يصح رهنه. وقال في القاعدة
الثانية والخمسين: قال القاضي في المجرد وابن
عقيل: لا يجوز رهنه ولا هبته ولا إجارته قبل
القبض كالبيع, وقطع في الحاوي الكبير أنه لا
يصح رهنه ولا هبته, وهو ظاهر كلامه في
الرعايتين في هذا الباب.
"والوجه الثاني" يصح فيهما, اختاره القاضي
والشيخ تقي الدين. وقال في التلخيص أيضا وذكره
القاضي وابن عقيل في موضع آخر: إن كان الثمن
قد قبض صح رهنه. ونقل في القواعد أن القاضي
وابن عقيل ذكرا في الرهن: أن الأصحاب قالوا:
يصح رهنه قبل قبضه, انتهى. وقدم في الرعاية
الصغرى والحاوي الصغير والنظم وغيرهم صحة
رهنه, وصححه في الرعاية الكبرى, وذكروا ذلك في
باب الرهن, وللأصحاب وجه آخر بجواز رهنه على
غير ثمنه, نقله في القواعد وغيره:
"مسألة 2" قوله: وإن قبضه جزافا لعلمهما قدره
جاز, وفي المكيل روايتان, انتهى ذكره في
المحرر, وذكر جماعة فيمن شاهد كيله قبل شرائه
روايتين في شرائه بلا كيل ثان, وخصهما في
التلخيص بالمجلس, وإلا لم يجز, وأن الموزون
مثله, انتهى. وقال في الرعاية الصغرى والنظم
كما قال في المحرر, وزاد: وقيل: إن رأى كيله
(6/279)
فلا إلا بكيل.
وقال في الانتصار: ويفرغه من المكيال ثم
يكيله, وإن أعلمه بكيله ثم باعه به لم يجز,
نقله الجماعة, وكذا جزافا, ذكره الشيخ وغيره,
والمبيع بصفة أو رؤية سابقة كذلك, وما عداه
كعبد وصبرة وشبهها فالمذهب يجوز تصرفه فيه,
كأخذه شفعة, وعنه: إن لم يكن صبرة مكيل أو
موزون, نصره القاضي وأصحابه, وذكر شيخنا ظاهر
المذهب, وعنه: إن لم يكن مطعوما, وفي طريقة
بعض أصحابنا رواية يجوز في
ـــــــ
في المجلس. انتهى. وقال في الحاوي الصغير: وإن
تقابضا مكيلا أو موزونا جزافا لعلمهما قدره
جاز. وعنه في المكيل لا يجوز قبضه جزافا,
انتهى. فقدم الجواز في المكيل أيضا. وقال في
الحاوي الكبير: وإن اشترى طعاما مكايلة لا
صبرة وكان قد شهد كيله قبل العقد فهل يصح قبضه
بذلك الكيل؟ على روايتين, نص عليهما, انتهى.
وقال في الرعاية الكبرى: وإن اشترى شيئا شاهد
كيله فهل يصح قبضه بذلك الكيل ويكفي؟ على
روايتين, وعنه: إن رأى كيله في المجلس, انتهى.
"قلت": ظاهر كلام كثير من الأصحاب أنه لا يكفي
ذلك, ولا بد من كيل ثان, وقد قال الأصحاب فيما
إذا كان لرجل سلم وعليه سلم من جنسه: لو قال
أنا أقبضه لنفسي وخذه بالكيل الذي تشاهده فهل
يجوز؟ على روايتين, وهو فرد من أفراد مسألة
المصنف, وأطلقهما في مسألة السلم في المغني1
والمقنع2 والشرح وشرح ابن منجى وابن رزين
والرعايتين والحاوي الصغير والزركشي في الرهن
وغيرهم, وجزم في الوجيز وتذكرة ابن عبدوس
بالصحة, وصححه في التصحيح, وصحح الناظم عدم
الصحة, واختاره أبو بكر والقاضي, ويأتي في آخر
باب السلم3 إذا قبضه جزافا هل تكون يده يد
أمانة أو يضمنه؟ وقد أطلق الخلاف المصنف هناك.
ـــــــ
1 6/206.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/307.
3 ص 333.
(6/280)
"1العقار فقط,
وعنه: لا, مطلقا, ولو ضمنه, اختاره ابن عقيل
وشيخنا وجعلها طريقة الخرقي وغيره, وأن عليه
تدل أصول أحمد, لتصرف المشتري في الثمرة
والمستأجر في العين, مع أنه لا يضمنهما وعكسه
كالصبرة المعينة كما لو شرط قبضه, لصحته كسلم
وصرف, وفيه في الانتصار: إن تميز له الشراء
بعينه ويأمر البائع بقبضه في المجلس. وفي
الترغيب: المتعينان بالصرف قيل من صور
المسألة, وقيل: لا, لقوله: "إلا هاء وهاء"2,
وما لم يجز تصرفه فيه إذا تلف أو بعضه قبل
قبضه1"
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 ليست في "ب".
2 والحديث بتمامه كما في البخاري "2134",
ومسلم "1586", عن عمر: أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: "الورق بالذهب ربا إلا هاء
وهاء والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء والتمر
بالتمر ربا, إلا هاء وهاء" . واللفظ لمسلم.
(6/281)
"1من البائع,
وينفسخ العقد فيه, وهل يخير المشتري في باقيه
أو ينفسخ؟ فيه روايتا تفريق الصفقة.
وإن أتلفه بائعه أو غيره فللمشتري الفسخ وأخذ
ثمنه, وله الإمضاء ومطالبة المتلف ببدله, ففي
المكيل والموزون بمثله, نقله الشالنجي, وقال
جماعة: بقيمته, ومرادهم إلا المحرر ببدله,
وقيل: إن أتلفه بائعه انفسخ. ولو باع ما
اشتراه بطعام أو أخذ بالشفعة ثم تلف الطعام
قبل قبضه غرم المشتري الأول للبائع قيمة
المبيع وأخذ من الشفيع مثل الطعام, وما جاز
تصرفه فيه من ضمانه إذا لم يمنعه البائع, نص
عليه, فظاهره تمكن من قبضه أولا, وجزم به في
المستوعب وغيره. وقال شيخنا: إذا تمكن من
قبضه. وقال: ظاهر المذهب الفرق بين ما تمكن من
قبضه وغيره ليس هو الفرق بين المقبوض وغيره,
كذا قال ولم أجد الأصحاب ذكروه, وقد قال صاحب
المحرر في أن الزكاة لا تسقط قبل التمكن: إنها
دين لا يؤثر في سقوطه استهلاك المال, فلا يسقط
بتلفه, كبعد التمكن, وكدين الرهن وغيره, وعكسه
ثمن المبيع الهالك قبل القبض ونفقة الأقارب.
وقال الشيخ فيها: ما وجب في الذمة لم يشترط في
ضمانه إمكان الأداء كثمن المبيع, وذكر القاضي
في تصرفه في صبرة المكيل مع ضمانه لها
روايتين, وأنه لو اشترى بكيل وقبضه بلا كيل
ضمنه مع منع تصرفه, وفي طريقة بعض أصحابنا أنه
نصر جواز التصرف في المتعين, قال: ولا ينفسخ
بتلفه1" قبل قبضه, وإن سلمنا فلأنه عقد
معاوضة, تسليم
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 ليست في "ب".
(6/282)
بإزاء تسليم,
ولو أفلس بالثمن ثبت الفسخ,
"1قال: والزوائد الحادثة قبل قبضه لا يتقسط
الثمن عليها, وإن سلمنا فبقدر1" حدوثها قبيل
العقد
قال: ولا نسلم رده بتعيبه بعيب قبل قبضه وإن
سلمنا فلأنه مقابلة تسليم بتسليم. وفي الترغيب
وغيره: لو تلف بعضه لم ينفسخ في بقيته ولو
ضمنه البائع, لاستقراره, والثمن الذي ليس في
الذمة كالمثمن, وإلا فله أخذ بدله, لاستقراره.
وقال الشيخ في فتاواه: اشترى شاة بدينار
فبلعته إن قلنا يتعين الدينار بالتعيين وينفسخ
العقد بتلفه قبل قبضه انفسخ هنا, وإن لم نقل
بأحدهما لم ينفسخ, وكل عوض ملك بعقد ينفسخ
بهلاكه, كبيع, وجوز شيخنا البيع وغيره, لعدم
قصد الربح,
وما لا ينفسخ بهلاكه كنكاح وخلع وعتق وصلح عن
دم عمد قيل: كبيع, لكن يجب بتلفه مثله أو
قيمته ولا فسخ, واختار شيخنا لهما فسخ نكاح,
لفوت بعض المقصود, كعيب مبيع,
وقيل: له التصرف قبل قبضه فيما لا ينفسخ "م 3"
فيضمنه. وفي
ـــــــ
"مسألة 3" قوله: وما لا ينفسخ بهلاكه كنكاح
وخلع وعتق وصلح عن دم عمد قيل: كبيع, وقيل: له
التصرف قبل قبضه فيما لا ينفسخ, انتهى.
القول الأول اختاره القاضي في المجرد, وجزم به
في المحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير
والنظم وغيرهم
"والقول الثاني" هو الصحيح, جزم به في المغني2
والشرح وشرح ابن رزين والحاوي الكبير وغيرهم,
وقدمه في الرعاية الكبرى والفائق. وقال أبو
الخطاب: لا يجوز التصرف في المهر غير المتعين,
ورده في المغني2 وغيره.
ـــــــ
1 ليست في "ب".
2 6/191.
(6/283)
المستوعب
والتلخيص: بل ضمانه كبيع. وإن تعين ملكه في
موروث أو وصية أو غنيمة لم يعتبر قبضه, ذكره
شيخنا, بلا خوف, لعدم ضمانه بعقد معاوضة,
كمبيع مقبوض, وكوديعة ونحوها, وقيل: وصية,
وقيل: وإرث كبيع. وفي الإفصاح عن أحمد: منع
بيع الطعام قبل قبضه في إرث وغيره. وفي
الانتصار منع تصرفه في غنيمة قبل قبضها "ع"
ويأتي حكم قرض وعارية كوديعة, ويضمنها مستعير.
وقبض ما ينقل بنقله, وما يتناول بتناوله,
والعقار ونحوه بتخليته, قال في المغني1
والترغيب وغيرهما: مع عدم المانع, وما قدر
بكيل وغيره بتوفيته نص عليه, بحضور المستحق أو
نائبه, ونصه: زلزلة المكيل مكروهة ويصح
استنابة من عليه الحق للمستحق وقيل: لا قبضه,
قال القاضي وأصحابه ظرفه كيده,
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 8/247.
(6/284)
بدليل تنازعهما
ما فيه, وقيل: لا "و ش" ونص أحمد: صحة قبض
وكيل من نفسه لنفسه,
وفي الترغيب وغيره وعليه الجمهور: ومتى قبضه
مشتر فوجده زائدا ما لا يتغابن به أعلمه, ونقل
المروذي: برده, وإن قبضه مصدقا لبائعه في كيله
أو وزنه برئ عن عهدته, ولا يتصرف فيه, لفساده,
وفيه في قدر حقه فأقل وجهان "م 4" وإن لم
يصدقه قبل قوله في قدره. ومؤنة توفية العوضين
ـــــــ
"مسألة 4" قوله: وإن قبضه مصدقا لبائعه في
كيله أو وزنه برئ عن عهدته, ولا يتصرف فيه
لفساده, وفيه في قدر حقه فأقل وجهان, انتهى.
وأطلقهما في المغني1 والكافي2 والشرح3, قال في
الرعاية الكبرى: وما انفرد بائعه
ـــــــ
1 6/423.
2 3/167.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/313.
(6/285)
على باذله. وفي
النهاية: أجرة نقله بعد قبض البائع له عليه
"*" ومؤنة
ـــــــ
فيه بكيله أو وزنه فحضر المشتري ونقله مصدقا
له في ذلك لم يتصرف فيه بهذا القبض قبل
اعتباره, ويقبل قوله فيما يدعيه من نقصه,
انتهى. قال في الحاوي الكبير: ولو كان له في
ذمته عشرة أقفزة أو اشتراها منه فكالها له
وأفردها بغير حضور المستحق فلما جاء قال خذ
هذا حقك فقبضها بذلك مصدقا له فالقبض فاسد,
ذكره القاضي في المجرد, وعلله بأنه جزاف ما
استحق قبضه كيلا, ولسنا نريد بقولنا القبض
فاسد بمعنى أنه لا تبرأ ذمة الدافع عما دفعه,
وإنما نريد أن القول قول القابض فيما يدعيه من
نقصانه, وأنه لا يصح تصرفه فيه بذلك القبض,
انتهى. وقدم ابن رزين صحة التصرف فيه بقدر حقه
عند كلام الخرقي في الصبرة.
"*" تنبيه : قوله: وفي النهاية أجرة نقله بعد
قبض البائع له عليه, قال
(6/286)
المتعين على
المشتري إذا قلنا كمقبوض, وأطلق الشيخ وغيره,
قال: لأنه لم يتعلق به حق توفية, نص عليه, ولا
يضمن النقاد خطأ, في المنصوص. وإتلاف المشتري
وقيل: عمدا قبض, لا غصبه. وفي الانتصار خلاف
إن قبله هل يصير قابضا أم ينفسخ ويغرم قيمته؟
وكذا متهب بإذنه هل يصير قابضا؟ وفيه في غصب
عقار: ولو استولى وأحال بينه وبين بائعه صار
قابضا, ويصح قبضه بغير رضا البائع, وحرمه في
الانتصار في غير متعين, وغصب بائع ثمنا أو بلا
إذنه ليس قبضا إلا مع المقاصة, وعنه: قبض الكل
بتخليته وتمييزه, نصره القاضي وغيره.
ويحرم تعاطيهما بيعا فاسدا, فلا يملك به, لأنه
نعمة ولا ينفذ تصرفه, وخرج فيه أبو الخطاب من
طلاق في نكاح فاسد, وهو كمغصوب. وقال ابن عقيل
وغيره: كمقبوض للسوم, ومنه خرج ابن الزاغوني:
لا يضمنه, وذكروا في ضمانه روايتين, نقل أبو
طالب وحرب وغيرهما عدمه, فإن قبضه بثمن مستقر
ضمنه به إن صح بيع معاطاة.
وقد نقل حرب وغيره فيمن قال بعني هذا فقال خذه
بما شئت
ـــــــ
ابن نصر الله: لعله: بعد بذل البائع له, وما
قال ظاهر1 في أن نقله على المشتري إذا بذله
البائع له, ولكن المنقول في النهاية وتعليق
القاضي: أجرة نقده "بالدال" فاختلطت مع الهاء,
فظن الناسخ أنها لام, والصواب نقده. فإن عند
القاضي وصاحب النهاية أن أجرة النقد إن كان
قبل قبض البائع فهي على المشتري, وإن كان بعده
فهي على البائع, وقد صرح بذلك في التعليق
وعلله, وبذلك يصح كلام المصنف وينتظم1.
ـــــــ
1 ليست في "ح".
(6/287)
فأخذه فمات
بيده قال: هو من مال بائعه, لأنه ملكه حتى
يقطع ثمنه, ونقل حنبل: إذا ضاع من المشتري ولم
يقطع ثمنه أو قطع ثمنه لزمه, ونقل ابن مشيش,
فيمن قال بعينه فقال خذه بما شئت فأخذه فمات
بيده: يضمنه ربه هذا بعد لم يملكه "م 5"
ـــــــ
"مسألة 5" قوله: وذكروا في ضمانه روايتين يعني
في ضمان المقبوض على وجه السوم نقل حرب وأبو
طالب وغيرهما عدمه, فإن قبضه بثمن مستقر ضمنه
به, إن صح بيع معاطاة, وقد نقل حرب وغيره فيمن
قال بعني هذا فقال خذه بما شئت فأخذه فمات
بيده قال: هو من مال بائعه, لأنه ملكه حتى
يقطع ثمنه. ونقل حنبل: إذا ضاع من المشتري ولم
يقطع ثمنه أو قطع ثمنه لزمه. ونقل ابن مشيش
فيمن قال بعنيه1 هذا فقال خذه بما شئت فأخذه
فمات بيده: يضمنه ربه هذا بعد لم يملكه. انتهى
كلام المصنف.
قال في القواعد الفقهية: من الأصحاب من حكى في
ضمانه روايتين, سواء أخذ بتقدير الثمن أو
بدونه, وهي طريقة القاضي وابن عقيل, وصحح
الضمان لأنه مقبوض على وجه البدل والعوض, فهو
كمقبوض بعقد فاسد, انتهى. "قلت": ذكر كثير من
الأصحاب في المقبوض على وجه السوم ثلاثة صور:
"الأولى" أن يساوم إنسانا في ثوب أو نحوه
ويقطع ثمنه ثم يقبضه ليريه أهله فإن رضوه وإلا
رده فيتلف, ففي هذه الصورة يضمن إن صح بيع
المعاطاة, والصحيح من المذهب صحة بيع
المعاطاة, وقطع بالضمان في هذه الصورة في
المستوعب والرعايتين والحاويين والفائق
وغيرهم, وهو ظاهر كلام المصنف هنا. قال ابن
أبي موسى2: يضمنه بغير خلاف. قال ابن رجب:
وهذا يدل على أنه يجري فيه الخلاف إذا قلنا
إنه لم ينعقد البيع بذلك. وفي كلام أحمد إيماء
إلى ذلك.
"الثانية" لو ساومه وأخذه ليريه أهله إن رضوه
وإلا رده من غير قطع ثمنه فيتلف
ـــــــ
1 في النسخ الخطية و "ط": "بعني هذا" والمثبت
من "الفروع".
2 الإرشاد ص 195.
(6/288)
قال صاحب
المحرر: يدل على أنه أمانة وأنه يخرج مثله في
بيع خيار على قولنا لا يملكه. وقال تضمينه
منافعه كزيادة وأولى, وسوم إجارة كبيع في
الانتصار "م 6" وولده كهو, لا ولد جانية
وضامنة وشاهدة وموصى بها وحق جائز وضامنه1.
وفيه في الانتصار إن أذن لأمته فيه سرى,
"2وفي طريقة بعض أصحابنا وولد موصى بعتقها
لعدم تعلق الحكم بها, وإنما المخاطب الموصى
إليه2", ويضمنه بعقد فاسد بقيمته, قال شيخنا:
قد تراضوا بالبدل الذي هو القيمة, كما تراضوا
في مهر المثل, أو
ـــــــ
ففي ضمانه روايتان, وأطلقهما في المستوعب
والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم:
"إحداهما" يضمنه القابض, وهو الصحيح, جزم به
في الوجيز في باب الضمان. قال ابن أبي موسى3:
فهو مضمون, بغير خلاف, نقل عن الإمام أحمد: هو
من ضمان قابضه كالعارية.
"والرواية الثانية" لا يضمنه. قال في
الحاويين: نقل ابن منصور وغيره: هو من ضمان
المالك كالرهن وما يقبضه الأجير.
"الثالثة" لو أخذه بإذن ربه ليريه أهله إن
رضوه اشتراه وإلا رده فتلف من غير تفريط لم
يضمن, قال ابن أبي موسى4: هذا أظهر عنه, وقدمه
في المستوعب والرعايتين والحاويين والفائق
فقال: لا ضمان عليه, في أظهر الروايتين,
انتهى. وعنه: يضمنه بقيمته.
"مسألة 6" قوله: وسوم إجارة كبيع في الانتصار,
انتهى. قد علمت حكم المقبوض على وجه السوم في
البيع, فكذا يكون في الإجارة على ما قاله في
الانتصار
ـــــــ
1 في "ب": "ضمانه".
2 ليست في "ب".
3 الإرشاد ص 195.
4 الإرشاد ص 196.
(6/289)
حيث يجب المثل
أو القيمة على شيء مسمى, فيجب ذلك المسمى, لأن
الحق لهما, فالفساد يظهر أثره في الحل وعدمه
فقط, كما لا يظهر أثره في أصل الضمان, فإذا
استويا فيه فكذا في قدره, وهذه نكتة حسنة,
وذكر أبو بكر يضمنه بالمسمى لا القيمة كنكاح
وخلع, حكاه القاضي في الكفاية وفي الفصول:
يضمنه بالثمن, والأصح بقيمته, كمغصوب, وفيه في
أجرة المثل في مضاربة فاسدة أنها كبيع فاسد
إذا لم يستحق فيه المسمى استحق ثمن المثل وهو
القيمة, كذا تجب قيمة المثل لهذه المنفعة. وفي
المغني1 في تصرف العبد والمستوعب أو مثله يوم
تلفه, وخرج القاضي وغيره فيه وفي عارية
كمغصوب. وقاله في الوسيلة, وقيل: له حبسه على
قبض ثمنه, وفي ضمان زيادته وجهان "م 7"
ـــــــ
ولم يخالفه المصنف, ولا نقل غيره عن غيره.
"مسألة 7" قوله في المقبوض بعقد فاسد: وفي
ضمان زيادته وجهان, انتهى.
وأطلقهما في المحرر والنظم والقواعد الفقهية.
"2أحدهما: يضمنها وهو الصحيح. قال في الرعاية
الكبرى وله مطلقا نماؤه المتصل والمنفصل2"
وأجرته مدة قبضه بيد المشتري وأرش نقصه, وقيل:
هو أجرته, وزيادة مضمونة أو أمانة على وجهين,
انتهى وقال في الصغرى ونماؤه وأجرته وأرش نقصه
لمالكه. وقيل: عليه أجرة المثل, لنفعه, وضمانه
إن تلف بقيمته, وزيادته أمانة, انتهى. وقدم في
الزبدة الضمان أيضا, وصححه في تصحيح المحرر.
والوجه الثاني لا يضمنها.
فهذه سبع مسائل قد صححت.
ـــــــ
1 6/328.
2 ليست في "ص" و "ط".
(6/290)
وفي المغني1
والترغيب وغيرهما: إن سقط الجنين ميتا فهدر.
وقاله القاضي, وعند أبي الوفاء يضمنه, ويضمنه
ضاربه, ومتى ضربه أجنبي فللبائع من الغرة قيمة
الولد والبقية لورثته.والله تعالى أعلم.
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 6/329.
(6/291)
باب الربا
مدخل
...
باب الربا
وهو محرم مطلقا, نص عليه, كدار البغي, لأنه لا
يد للإمام عليهما, قال في عيون المسائل:
والباغي مع العادل كالمسلم مع الحربي, لأن كلا
منهما لا يضمن مال صاحبه بالإتلاف, فهي كدار
حرب, كذا قال.
وفي المستوعب في الجهاد والمحرر: إلا بين مسلم
وحربي لا أمان بينهما, ونقله الميموني, وهو
ظاهر كلام الخرقي في دار حرب, ولم يقيدها في
التبصرة وغيرها بعدم الأمان وفي الموجز رواية:
لا يحرم في دار حرب, وأقرها شيخنا على ظاهرها,
و"1عنه: لا ربا بينه وبين مكاتبه, كعبده, فعلى
المنع فلو زاد الأجل والدين جاز, في احتمال1".
وفي الانتصار في حديث الرقبة2: مال كافر مصالح
مباح بطيب نفسه, والحربي يباح أخذه على أي
وجه, وقال: كل شرط يعتبر في معاملة المسلمين
يعتبر في معاملة ذمي ومستأمن, والمذهب: لا
يحرم ربا الفضل إلا في بيع كل مكيل أو موزون
بجنسه, قال أحمد: قياسا على الذهب والفضة
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 ليست في "ب" و "ر".
2 أخرج البخاري "2276" ومسلم "2201" "65", عن
أبي سعيد الخدري: أن ناسا من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم كانوا في سفر فمروا بحي من
أحياء العرب فاستضافوهم فلم يضيفوهم فقالوا
لهم: هل فيكم من راق؟ فإن سيد الحي لديغ أو
مصاب فقال رجل منهم: نعم. فأتاه فرقاه بفاتحة
الكتاب فبرأ الرجل فأعطى قطيعا من غنم فأبى أن
يقبلها وقال: حتى أذكر ذلك للنبي صلى الله
عليه وسلم فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر
ذلك له فقال: يارسول الله والله ما رقيت إلا
بفاتحة الكتاب فتبسم وقال: "وما أدراك أنها
رقية" ثم قال: "خذوا مهم واضربوا لي بسهم
معكم" .
(6/292)
وإن قلا, كتمرة
بتمرة أو بتمرتين, لأنه مال يجوز بيعه, ويحنث
من حلف لا يبيع مكيلا به فيكال, وإن خالف
عادة, كموزون, فالعلة على المذهب كونه مكيل
جنس.
وقال بعضهم: الكيل بمجرده علة, والجنس شرط فيه
وقال: أو اتصافه بكونه مكيل جنس هو العلة,
وفعل الكيال شرط, أو نقول: الكيل أمارة,
والحكم على المذهب إيجاب المماثلة, مع أن
الأصل إباحة بيع الأموال الربوية بعضها ببعض
مطلقا و"1التحريم لعارض, وعلى رواية الطعم
الحكم تحريم بيع هذه الأموال بعضها ببعض
مطلقا1" إلا مع وجود التساوي, للحاجة,
وعلى المذهب: يجوز استلام النقدين في الموزون,
وبه أبطلت العلة, لأن كل شيئين شملهما إحدى
علتي ربا الفضل يحرم النساء فيهما, وفي طريقة
بعض أصحابنا: يحرم سلمهما فيه, فلا يصح, وإن
صح فللحاجة, وأجاب القاضي وغيره بأن القياس
المنع, وإنما جاز للمشقة, ولها تأثير,
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
(6/293)
ولاختلاف
معانيها لأن أحدهما ثمن والآخر مثمن,
ولاختلافهما في صفة الوزن, لأنه يتسامح بهذا
دون هذا, فحصلا في حكم الجنسين من هذا الوجه.
وعنه: في النقدين والمطعوم للآدمي, وعنه:
فيهما ومطعوم مكيل أو موزون, اختاره الشيخ
وشيخنا, فعليهما العلة في النقدين الثمنية,
وهي علة قاصرة لا يصلح التعليل بها في اختيار
الأكثر, ونقضت طردا بالفلوس, لأنها أثمان,
وعكسا بالحلي, وأجيب لعدم النقدية الغالبة,
قال في الانتصار: ثم يجب أن يقولوا إذا نفقت1
حتى لا يتعامل إلا بها أن فيها الربا, لكونها
ثمنا غالبا. وقال في التمهيد: إن من فوائدها
أنه ربما حدث جنس آخر يجعل ثمنا, فتكون تلك
علته, فتباع بيضة ببيضة وببيضتين, وخيارة
وبطيخة ورمانة بمثلها, ونحوه, نص عليه, قال:
لأنه ليس مكيلا ولا موزونا, ونقل مهنا وغيره
أنه كره بيضة ببيضة وقال: لا يصلح إلا وزنا
بوزن, لأنه طعام, وجوز شيخنا بيع المصوغ
المباح بقيمته حالا, وكذا نساء ما لم يقصد
كونها ثمنا. وما خرج عن القوت "*" بالصنعة
كنشا فليس بربوي, وإلا فجنس بنفسه, فيباع خبز
بهريسة, وجوز بيع موزون ربوي بالتحري, للحاجة
"و م" ورجح ابن عقيل أخيرا قصره على الأعيان
الستة, لخفاء العلة. ولا ربا في ماء, في
الأصح, لإباحته أصلا, وعدم تموله عادة, وعلى
المذهب فيما لا يوزن لصناعة
ـــــــ
"*" تنبيه : قوله عن كلام شيخه: "وإنما خرج عن
القوت "صوابه" وما خرج عن
ـــــــ
1 في "ط": "اتفقت".
(6/294)
روايتان "م 1"
وقال القاضي: يحرم مع قصد وزنه. وعليها يخرج
بيع فلس بفلسين, وفيه روايتان منصوصتان "م 2 و
3" وإن جاز وكانت نافقة فوجهان,
ـــــــ
القوت "وهو في الاختيارات كذلك.
"مسألة 1" قوله: وعلى المذهب فيما لا يوزن
لصناعته روايتان, انتهى. وأطلقهما في المذهب
والفائق. وأطلقهما في التلخيص فيما لا يقصد
وزنه, انتهى. وذلك مثل المعمول من الذهب
والفضة والصفر والحديد والرصاص والقطن والكتان
والصوف والحرير ونحوه كالخواتم والأصطال
والإبر والسكاكين والثياب والأكسية ونحوها.
"إحداهما" يجوز التفاضل, وهو الصحيح, اختاره
الشيخ الموفق والشارح والشيخ تقي الدين
وغيرهم, وقدمه ابن رزين في شرحه.
"والرواية الثانية" لا يجوز, اختاره ابن عقيل
في الفصول, وقدمه في المستوعب والرعايتين
والحاويين. قال الزركشي: اختاره جماعة منهم
ابن عقيل وغيره "قلت": وهو ظاهر كلام كثير من
الأصحاب. وقال القاضي في التعليق والجامع
الصغير: ما قصد وزنه كالأسطال ونحوها لا يجوز
التفاضل فيه, وجزم به في التلخيص. قال
الزركشي: وهو قول جماعة, وهو أوجه, وقاله في
الكافي1 في الموزون.
"مسألة 2" قوله بعد ذكر المسألة المتقدمة:
وعليها يخرج بيع فلس بفلسين, وفيه روايتان
منصوصتان, انتهى. وأطلقهما في التلخيص.
"إحداهما" لا يجوز التفاضل, نص عليه في رواية
جماعة, وقدمه في المستوعب والحاوي الكبير.
"والرواية الثانية" يجوز, وهذه هي الصحيحة على
تخريج المصنف, فإنه خرجها على التي قبلها: وقد
صححنا هنا الصحة, فعلى هذه الرواية إذا كانت
نافقة فوجهان.
ـــــــ
1 3/81.
(6/295)
وكذا الزكاة م
4" ولم يوجبها "م" ووافقه "هـ" في كاسدة,
والروايتان في السلم فيها, نقل أبو طالب
الجواز, وعلي بن سعيد المنع, وحنبل يكره "م 5"
ـــــــ
وهي: "مسألة 3" وأطلقهما في التلخيص.
"أحدهما" لا يجوز, جزم به أبو الخطاب في
خلافه, وقدمه في المستوعب والحاوي الكبير.
"والوجه الثاني" يجوز, قال الزركشي: قال
القاضي في الجامع وابن عقيل والشيرازي وصاحب
المستوعب والتلخيص وغيرهم: سواء كانت نافقة أو
كاسدة, بيعت بأعيانها أو بغير أعيانها, انتهى.
"مسألة 4" قوله: وكذا الزكاة. يعني إذا كانت
نافقة هل تلحق بالأثمان في وجوب الزكاة فيها
أم لا؟ قال المجد: فيها الزكاة إذا كانت
أثمانا رائجة, أو للتجارة وبلغت قيمتها نصابا,
في قياس المذهب, انتهى. وقال في الحاوي
الكبير: والفلوس عرض فتزكى إذا بلغت قيمتها
نصابا وهي نافقة. وقال في الحاوي الصغير:
والفلوس ثمن في وجه فلا تزكى, وقيل: سلعة
فتزكى إذا بلغت قيمتها نصابا وهي رائجة. وقال
ابن تميم: ولا زكاة في فلوس, وفيه وجه يجب إذا
بلغت قيمتها نصابا وكانت رائجة. وقال في
الرعاية الصغرى: والفلوس ثمن فلا تزكى. وقيل:
بل سلعة فتزكى إذا بلغت قيمتها نصابا وهي
رائجة. وكذا قال في الكبرى ثم قال: وقيل في
وجوب الزكاة في الفلوس إذا بلغت قيمتها نصابا
وجهان أشهرهما عدمه لأنهما أثمان "قلت":
ويحتمل الوجوب أيضا, وإن قلنا هي عروض فلا إلا
أن تكون للتجارة فلا تزكى, انتهى, ويأتي كلام
الأصحاب في المسألة الآتية بعدها.
"مسألة 5" قوله: والروايتان في السلم فيها,
نقل أبو طالب الجواز, وعلي بن سعيد المنع,
وحنبل يكره, انتهى. وأطلقهما في الرعاية
الكبرى ثم قال: قلت: هذا إن قلنا هي سلعة.
انتهى. اختار ابن عقيل في باب الشركة أن
الفلوس عروض بكل حال, واختاره علي بن ثابت
الطالباني من الأصحاب, ذكره عنه ابن رجب في
(6/296)
ونقل يعقوب
وابن أبي حرب: الفلوس بالدراهم يدا بيد ونسيئة
إن أراد به فضلا لا يجوز.
ويحرم بيع مكيل بجنسه إلا كيلا حالة العقد,
وموزون بجنسه إلا وزنا, نقله الجماعة, ويجوز
في وجه جزافا بغير جنسه, وهو أظهر كمكيل
بموزون جزافا, نص عليه, ونصه: لا, اختاره
جماعة "م 6" واحتج بخبر فضالة1
ـــــــ
الطبقات في ترجمته, وهي قبل ترجمة الشيخ
الموفق بيسير, فعليه يجوز السلم فيها, وصرح به
ابن الطالباني, واختاره وتأول رواية المنع
"قلت": جزم في الحاوي الكبير أنها عرض أيضا.
وقال أبو الخطاب في خلافه الصغير وغيره:
الفلوس النافقة أثمان, وهو قول أكثر الأصحاب,
قاله ابن رجب, واختاره الشيرازي في المبهج
أنها أثمان بكل حال, فعلى هذا حكمها حكم
الأثمان في جواز السلم فيها وعدمه, وتوقف
الشيخ الموفق في جواز السلم فيها فقال: أنا
متوقف عن الفتيا في هذه المسألة, نقله ابن رجب
في طبقاته "قلت": الصحيح من المذهب جواز السلم
فيها, لأنها إما عرض وإما ثمن, لا تخرج عن
ذلك. "2فإن قلنا: إنها عرض جاز السلم فيها وإن
قلنا إنها ثمن فالصحيح من المذهب جواز السلم
في الأثمان2", والذي يظهر أن محل الخلاف
المذكور إذا قلنا بعدم صحة السلم في الأثمان,
والله أعلم.
"مسألة 6" قوله: ويحرم بيع مكيل بجنسه إلا
كيلا حالة العقد وموزون بجنسه إلا وزنا, نقله
الجماعة, ويجوز في وجه جزافا بغير جنسه, وهو
أظهر, كمكيل بموزون جزافا, نص عليه, ونصه: لا,
اختاره جماعة, انتهى. يعني إذا باع مكيلا
بمكيل, أو موزونا بموزون, جزافا, واختلف
الجنس, فأطلق المصنف فيه وجها ونصا. فالوجه
ـــــــ
1 أخرج أبو داود "3351", عن فضالة بن عبيد
قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم عام خيبر
بقلادة فيها ذهب وخرز ابتاعها رجل بتسعة
دنانير أو بسبعة دنانير قال النبي صلى الله
عليه وسلم "لا حتى تميز بينه وبينه" , فقال:
إنما أردت الحجارة. فقال النبي صلى الله عليه
وسلم: "لا, حتى تميز بينهمما" .
2 ليست في "ص" و "ط".
(6/297)
وبما لو بان
مستحقا رجع1 واحتج القاضي وأصحابه بنهيه عليه
الصلاة والسلام في خبر جابر عن بيع الصبر
بالصبر من الطعام2 لا يدري ما كيل هذا وما كيل
هذا, قال ابن عقيل: لا وجه للتعليق بالتفاضل,
فلم يبق إلا أن المجازفة في الطعام جعل طريقا
بالخبر, كالنسيئة والمصارفة والمساواة, فتصير
طرق الربا عندنا أربعة.
وإن باع صبرة بجنسها وعلما كيلهما وتساويهما
صح, وإن باعها3 بها مثلا بمثل, فكيلتا فكانتا
سواء, صح,
واختار شيخنا في الاعتصام بالكتاب والسنة ما
ذكره عن مالك أنه
الذي قال المصنف عنه إنه أظهر اختاره ابن عقيل
والشيخ الموفق والمجد وصاحب التلخيص وابن منجى
في شرحه وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم, وجزم به
في المقنع4 والوجيز ونهاية ابن رزين والمنور
وغيرهم, وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة
والشرح4 والرعاية الكبرى والفائق وغيرهم.
والمنصوص في رواية الحسن بن ثواب وغيره لا
يجوز ذلك جزافا, اختاره جماعة, منهم أبو بكر
وابن أبي موسى, والقاضي في المجرد والخلاف,
والشريف أبو جعفر وغيرهم. قال ابن أبي موسى5:
لا خير فيما يكال بما يكال جزافا, ولا فيما
يوزن بما يوزن جزافا, اتفقت الأجناس أو
اختلفت, قال في الرعاية الكبرى: وقيل: يحرم
وهو أظهر, وجزم به ناظم المفردات "قلت":
المنصوص هو المذهب, لأن صاحب المذهب نص على
ذلك, وإن كان اختار كثير من الأصحاب الجواز,
وأطلقهما في المذهب والرعاية الصغرى والحاويين
وغيرهم.
ـــــــ
1 في الأصل و "ر": "ثم يرجع", وفي "ب": "بم
يرجع".
2 أخرج مسلم "1530" "42" عن جابر بن عبد الله
قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع
الصبرة من التمر لا يعلم مكيلتها بالكيل
المسمى من التمر.
3 في "ط": "تبايعها".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/25.
5 الإرشاد ص 187.
(6/298)
يجوز بيع
الموزونات الربوية بالتحري, للحاجة,
ومرد الكيل عرف المدينة, والوزن عرف مكة زمن
النبي صلى الله عليه وسلم, فإن تعذر فعرفه
بموضعه, وقيل: إلى شبهه هناك, وقيل: الوزن,
والمائع مكيل, زاد في الرعاية: وفي اللبن
وجهان, وأن الزبد مكيل, وأن في السمن وجهين,
وجعل في الروضة العسل موزونا, قال في النهاية
والترغيب وغيرهما: ويجوز التعامل بكيل لم
يعهد.
والجنس: ما شمل أنواعا, كتمر وبر وشعير وملح,
نص عليه, قال في الطريق الأقرب: والأبازير
جنس, وفروع الأجناس أجناس, كأدقة وأدهان وخلول
وألبان ولحمان, وعنه: اللبن, وخل تمر, وخل
عنب, واللحم, جنس وخرج منها في النهاية أن
الأدهان المائعة جنس, وأن الفاكهة كتفاح
وسفرجل جنس. وعنه: اللحم ثلاثة, لحم أنعام
وطير ودواب الماء. وعنه: ورابع لحم وحش,
واللحم والكبد والقلب ونحوها أجناس, وقيل:
الرءوس من جنس اللحم, وقيل: لا,
وفي عيون المسائل: لا يجوز بيع لحم بشحم
متفاضلا, لأنه لا ينفك عنه, ولهذا من حلف لا
يأكل لحما فأكل شحما حنث, كذا قال, وفي الشحم
والألية وجهان "م 7"
ـــــــ
"مسألة 7" قوله: وفي الشحم والألية وجهان,
انتهى, يعني هل هما جنسان أو جنس واحد.
"أحدهما" هما جنسان, وهو الصحيح, اختاره
القاضي وغيره, قال الزركشي: وهو المشهور عند
الأصحاب, وجزم به في التلخيص والمحرر والرعاية
الصغرى والحاويين وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم,
وقدمه في الرعاية الكبرى.
"والوجه الثاني" هما جنس واحد, وهو ظاهر ما
قدمه الناظم, واختاره الشيخ
(6/299)
ويحرم بيع
اللحم بحيوان. وقال شيخنا: مقصود اللحم من
جنسه ومن غير جنسه مأكول, وقيل: وغيره وجهان
"م 8" قال شيخنا: يحرم به نسيئة عند جمهور
الفقهاء.
ـــــــ
الموفق وقال: ظاهر كلام الخرقي أن كل ما هو
أبيض في الحيوان يذوب بالإذابة ويصير دهنا فهو
جنس واحد, قال: وهو الصحيح, وقدمه ابن رزين في
شرحه وقال عن الأول: ليس بشيء.
"مسألة 8" قوله: ويحرم بيع لحم بحيوان, من
جنسه ومن غير جنسه مأكول, وقيل: وغيره وجهان,
انتهى. وأطلقهما في البداية والمذهب ومسبوك
الذهب والمستوعب والمغني1 والمقنع2 والخلاصة
والمذهب الأحمد والتلخيص والبلغة والمحرر
والشرح2 والنظم والفائق وغيرهم.
"أحدهما" لا يجوز, قال الزركشي: هو ظاهر كلام
الإمام أحمد والخرقي وأبي بكر وابن أبي موسى,
والقاضي في تعليقه وجامعه الصغير, وأبي الخطاب
في خلافه الصغير, وغيرهم, انتهى وصححه في
التصحيح, وجزم به في الوجيز, وقدمه في
الرعايتين والحاويين وشرح ابن رزين وقال: هو
ظاهر كلامه, واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
"والوجه الثاني" يجوز, قال الشيخ والشارح:
اختاره القاضي, انتهى. وجزم به في المنور
ومنتخب الآدمي, وصححه في تصحيح المحرر وقال:
صححه المجد
ـــــــ
1 6/90.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/40.
(6/300)
ويجوز بيع رطب
وعنب بمثله, نص عليه, خلافا لأبي حفص وابن
شهاب, كما لو لم يصر تمرا أو زبيبا, ودقيقه
بدقيقه إن استويا في النعومة, خلافا لما قدمه
في التبصرة, ويباع كيلا كسويق بمثله, وقيل:
وزنا, وخبز بمثله,
قال في المبهج: لا فطير بخمير, ولحم بمثله, نص
عليه, ومنع منه
ـــــــ
في شرحه "قلت" وهو الصواب, ويأتي كلامه1 في
الكافي2 والشرح3.
تنبيهان:
"الأول" قال الزركشي وبعض المتأخرين: بنى
القولين على الخلاف في اللحم هل هو جنس أو
أجناس, وصرح أبو الخطاب أنهما على القول بأنه
أجناس وهو الصواب, انتهى.
قلت: وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب حيث قالوا:
وفي بيعه بغير جنسه, ولكن قال في الكافي2: وإن
باع الحيوان بلحم مأكول غير أصله وقلنا هما
أصل واحد لم يجز, وإلا جاز. وقال في المغني4:
احتج من منعه بعموم الأخبار وبأن اللحم كله
جنس واحد, ومن أجازه قال: مال الربا بيع بغير
أصله ولا جنسه فجاز, كما لو باعه بالأثمان,
انتهى. وقال في إدراك الغاية: وعنه: اللحم
أجناس باختلاف أصوله, فلا يصح بيعه بحيوان من
جنسه, وفي غيره وجه, فبني الخلاف على القول
بأن اللحم أجناس. وقال الشارح: والظاهر أن
الخلاف مبني على الاختلاف في اللحم, فإن قلنا
إنه جنس واحد لم يجز, وإن قلنا إنه أجناس جاز
بيعه بغير جنسه, انتهى.
"الثاني" قوله: "وقيل: وغير مأكول ". هذا
القول جزم به ابن عقيل في التذكرة وصاحب
المستوعب وغيرهما
ـــــــ
1 أي: بعد قليل.
2 3/91.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/40- 42.
4 6/91.
(6/301)
الخرقي رطبا,
ويعتبر نزع عظمه, في الأصح, كتصفية عسل, لأن
الشمع مقصود, وإلا فمد عجوة, والنوى في التمر
غير مقصود, فهو كخبز بخبز وخل بخل, وإن كان في
كل منهما ملح وماء لكنه غير مقصود. وفي زبد
بسمن وجهان, وذكر ابن عقيل روايتين "م 9"
ويجوزان بمخيض. في ظاهر المذهب, وفي الأصح
عصيره بجنسه ولو مطبوخين, وقيل: إن استويا في
عمل نار وبتفله الخالي منه وإلا فمد عجوة,
ونحو خل ودبس بمثلهما, لا نوع بآخر, ولا خل
عنب بخل زبيب, لأن في أحدهما ماء.
ـــــــ
"مسألة 9" قوله: وفي زبد بسمن وجهان, وذكر ابن
عقيل روايتين, انتهى.
وأطلق الوجهين في المستوعب وقال: ذكرهما ابن
عقيل خلاف ما نقل المصنف عنه, ويمكن أنه
ذكرهما تارة وجهين وتارة روايتين.
"أحدهما" لا يصح, وهو الصحيح, قدمه في المغني1
والشرح2, وجزم به في الكافي3, وقدمه في
الرعاية الكبرى وشرح ابن رزين.
"والوجه الثاني" يصح, اختاره القاضي, ورده في
المغني1. قال في المحرر: وعندي أنه جائز.
واقتصر عليه وصححه في النظم, وهو ظاهر كلامه
في المذهب وغيره.
ـــــــ
1 6/90.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/50.
3 6/79.
(6/302)
ويحرم بيع حب
جيد بمسوس, ذكره ابن عقيل وغيره, لنقص الكيل
بخلوه من طعام, بل يصح بخفيف مع نقص الطعم,
لكونه ملأ الكيل, قال: وعفنه بسليمه يحتمل
كذلك, وإن سلمنا فالعفنة في نقصان الأكل طرأ
عليها, ويحرم حب بدقيقه أو أحدهما بسويقه,
وعنه: يجوز وزنا, وعلل أحمد المنع بأن أصله
كيل فيتوجه من الجواز بيع مكيل وزنا وموزون
كيلا, اختاره شيخنا, وكذا نصوصه في خبز بحبه
ودقيقه, ونقل ابن القاسم وغيره المنع, لأن فيه
ماء, وعلله ابن شهاب بأنهما إذا صارا خبزا كان
أكثر من هذا, وجزم بالجواز في الأول, وأنه لا
يناقض أصلنا, لأن الدقيق موزون, كالحيوان
عددا, فإذا ذبح صار وزنا,
ويحرم نيئه بمطبوخه وأصله بعصيره, كزيتون
بزبيب, وفيه نقل مهنا: يكره, وخالصه أو مشوبه
بمشوبه على مد عجوة, ورطبه بيابسه, ومزابنة
إلا
ـــــــ
.................
(6/303)
في العرايا وهو
بيع الرطب, وعنه الموهوب لبائعه, اختاره
الخرقي وغيره في نخله بمآله يابسا بتمر مثله,
وعنه: بتمر مثل رطبه كيلا يقضيه به بائعه قبل
تفرقهما وقبض مشتر بالتخلية فيما دون خمسة
أوسق, وعنه: وفيها لفقير محتاج إلى أكل الرطب.
وقال في التنبيه والمحرر: أو أكل الثمر, وقيل:
وتعتبر حاجة بائع إلى بيعها, وجوز ابن عقيل
بيعها لواهبها, لئلا يدخل رب العرية حائطه,
ولغيره لحاجة 1أكل, ويحتمله كلام أحمد. وفي
جوازها في بقية التمر وجهان "م 10" وقيل: يجوز
في عنب, وجوزها شيخنا في الزرع.
ـــــــ
"مسألة 10" قوله في العرية: وفي جوازها في
بقية الثمر وجهان, انتهى. وأطلقهما في الهداية
والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة
والكافي2 والمقنع3 والتلخيص والبلغة
والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم.
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "غيره".
2 3/96.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/74.
(6/304)
وتحرم
المحاقلة, وهي بيع الحب المشتد ولم يقيده
جماعة بمشتد في سنبله بجنسه. وفي بيعه بمكيل
غير جنسه وجهان "م 11" ويصح بغير مكيل, وخص
الشيخ وغيره الخلاف بالحب.
وبيع ربوي بجنسه, ومعه أو معهما من غير
جنسهما, كمد عجوة ودرهم
ـــــــ
"أحدهما" لا يصح ولا يجوز, وهو الصحيح, اختاره
ابن حامد وابن عقيل والشيخ الموفق والشارح
وغيرهم, وصححه في التصحيح والنظم, وجزم به في
المحرر وتذكرة ابن عبدوس, وهو ظاهر كلام
الخرقي وصاحب الوجيز والمنور وغيرهم, وقدمه في
المغني1 والشرح2.
والوجه "الثاني" يصح ويجوز: قاله القاضي, وهو
مقتضى اختيار الشيخ تقي الدين, وقدمه ابن رزين
في شرحه "قلت": وهو الصواب عند من اعتاده.
"مسألة 11" قوله وتحرم المحاقلة وهي بيع الحب
المشتد, في سنبله بجنسه, وفي بيعه بمكيل غير
جنسه وجهان, انتهى, وأطلقهما في الهداية
والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمقنع3
والمحرر والشرح3 والرعايتين والحاويين والفائق
وغيرهم.
"أحدهما" يصح, وهو الصحيح, صححه في التصحيح
والتلخيص والنظم وغيرهم, وهو ظاهر ما صححه في
البلغة, وجزم به في المنور, وقطع به أيضا في
المغني4 في باب الربا عند مسألة: والبر
والشعير جنسان. "والوجه الثاني" لا يصح, وهو
ظاهر كلامه في الوجيز, فإنه قال: ولا يجوز بيع
المحاقلة. واقتصر عليه.
ـــــــ
1 6/128.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/74.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/60.
4 6/79.
(6/305)
بمثلهما أو
بدرهمين أو بمدين, فإن علم بعد العقد تساوي
القيمة أو معه لكونهما من شجرة ونقد واحد
فاحتمالان "م 12" وعنه: يجوز إن لم يكن المفرد
مثل الذي معه غيره فأقل, اختاره شيخنا في
موضع, وعنه: يجوز إن لم يكن الذي معه مقصودا,
كالسيف المحلى, اختاره شيخنا, وذكره ظاهر
المذهب, وأنه يجوز فضة لا يقصد غشها بخالصة
مثلا بمثل, فإن كانت الحلية من غير جنس الثمن
جاز, وعنه: لا.
وفي الإرشاد1: هي أظهرهما, لأنه لو استحق وتلف
لم يدر بم يرجع, ولو باع برا بشعير فيه من
جنسه بقصد تحصيله منع, على الأصح,
ـــــــ
"مسألة 12" قوله وبيع ربوي بجنسه, ومعه أو
معهما من غير جنسهما, كمد عجوة ودرهم بمثلهما
أو بدرهمين أو بمدين, فإن علم بعد العقد تساوي
القيمة أو معه لكونهما من شجرة ونقد واحد
فاحتمالان, انتهى. هذان الاحتمالان ذكرهما
القاضي في خلافه, وأطلقهما ابن رجب في
قواعده.انتهى
"أحدهما" لا يصح "قلت": وهو ظاهر كلام
الأصحاب, لإطلاقهم المنع, وصححه أبو الخطاب في
الانتصار. وقال في الرعاية الكبرى: وعنه: يجوز
إن زاد المفرد أو استويا قدرا ومعهما. غيرهما
من ربوي أو غيره. قال المصنف: وأخبر بعضهم
وأهمل بعضهم التساوي. وفيه نظر, انتهى.
والاحتمال الثاني يصح, وذكرهما في القواعد
وجهين وقال:
أحدهما: الجواز لتحقق التساوي.
الثاني: المنع, لجواز أن يعيب أحدهما قبل
العقد فتنقص قيمته وحده, انتهى
والذي يظهر على هذا التعليل أن الجواز أقيس
وتعليل الثاني ضعيف.
ـــــــ
1 ص 189.
(6/306)
وإلا فلا, وكذا
تراب يظهر أثره.وفي بيع شاة ذات لبن أو صوف
بمثلها, أو لبن شاة فيها لبن, أو درهم فيه
نحاس بنحاس, أو بمثله. أو نوى بتمر فيه نواه,
ونحوه, روايتان "م 13" وإن باع نوعي جنس
مختلفي القيمة بنوع منه أو نوعين, فقيل: كمد
عجوة, وعنه: في النقد, وعنه: يجوز, اختاره
صاحب
ـــــــ
"مسألة 13" قوله: وفي بيع ذات لبن أو صوف
بمثلها, أو لبن بشاة فيها لبن أو درهم فيه
نحاس بنحاس, أو بمثله أو نوى بتمر فيه نوى,
ونحوه, روايتان, انتهى وأطلقهما في النوى بتمر
فيه نوى, واللبن بشاة ذات لبن, والصوف بنعجة
عليها صوف في البداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والكافي1 والمقنع2
والرعايتين والحاويين والنظم وغيرهم.
"إحداهما" يجوز ويصح وهو الصحيح, جزم به في
الوجيز وغيره وصححه في التصحيح وغيره, في بعض
الصور, واختاره ابن حامد وابن أبي موسى
والقاضي في المجرد والشارح وغيرهم, وقدمه في
بعض الصور في المحرر وشرح ابن رزين, قال في
الكافي1: ويجوز بيع شاة ذات صوف بمثلها وجها
واحدا "قلت": وهذا مما لا3 شك فيه, وكذا بيع
شاة ذات لبن بمثلها
والرواية "الثانية" لا يجوز, اختاره أبو بكر
والقاضي في خلافه, وقدمه في الهادي. وقال, ابن
عبدوس في تذكرته: يجوز بيع اللبن والصوف بشاة
ذات لبن أو صوف, ولا يجوز بيع نوى بتمر بنواه,
قال الشارح على رواية الجواز: يجوز بيع ذلك
متفاضلا أو متساويا انتهى. وقال في القواعد
الفقهية: ولعل المنع يتنزل على ما إذا كان
الربوي مقصودا, والجواز على عدم القصد, وقد
صرح باعتبار عدم القصد ابن عقيل وغيره, ويشهد
له تعليل الأصحاب كلهم الجواز بأنه تابع غير
مقصود, "قلت": وهو الصواب.
ـــــــ
1 3/88-89.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/85.
3 ليست في "ط".
(6/307)
التنبيه
والمغني والترغيب وغيرهم "م 14"
ويشترط في بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا
الفضل ليس أحدهما نقدا الحلول والقبض في
المجلس, نص عليه, فيحرم مدبر بمثله بجنسه أو
شعير ونحوه نسيئة, وكذا إن صرف الفلوس النافقة
بنقد, ونقل ابن منصور: لا اختاره ابن عقيل
وشيخنا, وذكره رواية.
ـــــــ
"تنبيه" في إطلاق المصنف في بيع ذات اللبن
والصوف بمثلهما نظر, إذ المذهب الصحة في ذلك,
كما جزم به في الكافي1 في الثانية, والقول
بعدم الصحة فيهما ضعيف جدا, فيما يظهر, لأن
ذلك يدخل تبعا, ويدخل في عموم قولهم: يجوز بيع
الحيوان بالحيوان
"مسألة 14" قوله: وإن باع نوعي جنس مختلفي
القيمة بنوع منه أو نوعين, فقيل: كمد عجوة,
وعنه: في النقد, وعنه: يجوز, اختاره صاحب
التنبيه والمغني والترغيب وغيرهم, انتهى.
وأطلقهن في القواعد الفقهية.
"رواية" الجواز هي الصحيحة, اختارها أبو بكر
في التنبيه وصاحب المغني والترغيب وغيرهم, كما
قال المصنف, قال في التلخيص: وهو الأقوى عندي,
وصححه الناظم, وجزم به في الوجيز وغيره, وقدمه
في الشرح2 والفائق.
والقول بأنها كمد عجوة اختاره القاضي, قال في
القواعد الفقهية: وهي طريقة القاضي وأصحابه.
وجزم به في الخلاصة والمنور وتذكرة ابن عبدوس
وغيرهم, وقدمه في المحرر وغيره, وأطلقهما في
المستوعب والكافي3 والرعاية الصغرى والحاويين,
قال في الرعاية الكبرى: وجهان, وقيل: روايتان.
ورواية أنها كمد عجوة في النقود لا في غيرها,
لم أطلع على من اختارها.
ـــــــ
1 3/89.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإ،صاف 12/82
3 3/8.
(6/308)
ولا يشترط قبض
مكيل بموزون, على الأصح, وفي النساء روايتان
"م 15"
وذكرهما جماعة فيما إذا اختلفا في العلة, أو
كان أحدهما غير ربوي.
وما جاز تفاضله كثياب وحيوان يجوز النساء فيه
لأمر النبي عليه الصلاة والسلام ابن العاص
بابتياع بعير ببعيرين وثلاثة نسيئة لينفذ
جيشا1, قال في الانتصار: فإن قيل: لعله ابتاع
على بيت المال لا في ذمته, لأنه قضاه من
الصدقة, قلنا: إنما ابتاع في ذمته, وللإمام
ذلك للمصلحة, ويقضيه من بيت المال,
وكذا أجاب ابن عقيل: المال لا يثبت في مال,
والدين لا يثبت إلا في الذمم, ومتى أطلقت
الأعواض تعلقت بالذمم, ولو عينت الديون في
ـــــــ
"مسألة 15" قوله: ولا يشترط قبض مكيل بموزون,
على الأصح, وفي النساء روايتان, انتهى.
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمغني2 والكافي3 والمقنع4 والهادي والمستوعب
والتلخيص والبلغة والشرح4 وشرح ابن منجا وابن
رزين والرعايتين والحاويين والزركشي وغيرهم.
"إحداهما" يجوز, وهو الصحيح, صححه في الخلاصة
والنظم وغيرهما, وجزم به في المنور وتذكرة ابن
عبدوس وغيرهما, وقدمه في المحرر والفائق
وغيرهما
"والرواية الثانية" لا يجوز, قطع به الخرقي
وصاحب الوجيز, وصححه في التصحيح.
ـــــــ
1 أخرجه أبو داود "3357"
2 6/62.
3 3/79.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/99.
(6/309)
أعيان أموال لم
يصح, فكيف إذا أطلقت؟ فعلى هذا قال بعض
أصحابنا: الجنس شرط محض, فلم يؤثر قياسا على
كل شرط, كالإحصان مع الزنا, وعنه: يحرم. فعلة
النساء المالية, وعنه: يحرم إن بيع بجنسه,
فالجنس أحد وصفي العلة, فأثر, وعنه: متفاضلا,
اختاره شيخنا, ومتى حرم, فإن كان مع أحدهما
نقد, فإن كان وحده نسيئة جاز, وإن كان نقدا
والعوضان أو أحدهما نسيئة لم يجز, نص عليه.
وفي الواضح رواية يحرم ربا فضل, لأنه ذريعة
إلى قرض جر منفعة.
ـــــــ
.................
(6/310)
فصل: وإن تصارفا ذهبا بفضة عينا بعين
ولو بوزن متقدم أو خبر صاحبه فوجد أحدهما عيبا
من غير جنسه بطل, قال الشيخ. كقوله: بعتك هذا
البغل فإذا هو حمار, وعنه: يصح لازما, وعنه:
له رده وأخذ البدل, وإن كان من جنسه ففي
الواضح وغيره: بطل, وهو ظاهر نقل جعفر وابن
الحكم, والأشهر: له قبوله وأخذ أرش العيب في
المجلس, وكذا بعده إن جعلا أرشه من غير جنس
الثمن, لأنه لا يعتبر قبضه, كبيع بر بشعير
فيجد أحدهما عيبا فيأخذ أرشه درهما بعد
التفرق, وله رده ولا بدل له, لأنه يأخذ ما لم
يشتره, إلا على رواية: لا تتعين النقود.
ونقل الأكثر: له رده وبدله, ولم يفرق في
العيب,
وإن تصارف ذلك بغير عينه صح, لأن المجلس كحالة
العقد, فإن وجد أحدهما عيبا فله بدله, وله
الرضا بعيب من جنسه, فإن تفرقا والعيب من جنسه
وذكر جماعة: أو غيره فعنه: له بدله, لأنه بدل
عن الأول,
(6/310)
كالمسلم فيه,
فليس له الفسخ إن بذل له, وله أخذ أرش بعد
التفرق وعنه: ليس له بدله, فيفسخ أو يمسك في
الجميع, ولا أرش بعد الفرقة "م 16" ويعتبر
ـــــــ
"مسألة 16" قوله في الصرف: وإن تصارفا ذلك
بغير عينه صح. فإن وجد أحدهما عيبا فله بدله,
وله الرضا بعيب من جنسه, فإن تفرقا والعيب من
جنسه وذكر جماعة: أو غيره فعنه: له بدله,. وله
أخذ الأرش بعد التفرق, وعنه: ليس له بدله,
فيفسخ أو يمسك في الجميع, ولا أرش بعد
التفرقة, انتهى. "إحداهما" ليس له بدله,
"1فيفسخ أو يمسك في الجميع ولا أرش2 بعد
التفرقة1", قدمه في الرعاية.
والرواية الثانية له بدله, 1وليس له الفسخ1,
وله أخذ الأرش 3بعد التفرق3"
واعلم أن الصرف إذا وقع في الذمة وتفرقا ثم
وجد أحدهما ما قبضه معيبا من جنسه فالصرف
صحيح, ثم هو مخير بين الرد والإمساك, فإن
اختار الرد فهل يبطل العقد أم لا؟ فيه
روايتان, وأطلقهما في المقنع4 والشرح4 وشرح
ابن منجى والزركشي وغيرهم.
"إحداهما" لا يبطل, وهو الصحيح, اختاره الخرقي
والخلال والقاضي وأصحابه وغيرهم, وجزم به في
الوجيز, وهو ظاهر ما جزم به في المحرر, فعلى
هذه الراوية له البدل في مجلس الرد, فإن تفرقا
قبله بطل العقد.
"والرواية الثانية" يبطل العقد, اختاره أبو
بكر, وإن اختار الإمساك فله ذلك بلا ريب, لكن
إن طلب معه الأرش فله ذلك في الجنسين, على
الروايتين, قال الزركشي: هذا هو المحقق. وقال
أيضا: وقال أبو محمد: له الأرش, على الرواية
الثانية لا الأولى, انتهى.
ـــــــ
1 ليست في "ح".
2 في "ص": "والأرش".
3 في "ح": "أو يفسخ".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/127.
(6/311)
قبض البدل في
مجلس الرد.وإن تصارفا ما يجب فيه التماثل
فكذلك, وقيل: وفي الأرش, وهو سهو, ويحتمل أن
يبطل كل عقد صرف إن تخايرا قبل القبض في
المجلس.
وفي مفردات أبي الوفاء: يحتمل أن يحصل التعيين
قبضا في الصرف, وأنه لا يعتبر فيه غير التسليط
بالقول مع تعيين الثمنين, وإن سلمنا فلأنه
اختص بشروط. وله التوكيل في قبض في صرف ونحوه
ما دام موكله بالمجلس, لتعلقه بعينه. وفي
نهاية الأزجي: إن مات الموكل بالمجلس هل يقوم
وارثه في قبض حتى يبقى العقد؟ الصحيح لا يبقى,
فيتوجه منه تخريج في الوكيل. ويجوز اقتضاء نقد
من آخر, على الأصح, إن حضر أحدهما, والآخر في
الذمة مستقر بسعر يومه, نص عليه, لخبر ابن عمر
في بيع الإبل بالبقيع1, ولأنه قضاء, فكان
بالمثل, لكن هنا بالقيمة, لتعذر المثل, وهل
يشترط حلوله؟ على وجهين "م 17" وإن كانا في
ذمتيهما فاصطرفا, فنصه: لا يصح, وخالفه شيخنا
ـــــــ
"مسألة 17" قوله في المقاصة: وهل يشترط حلوله؟
على وجهين, انتهى. وأطلقهما ابن رزين في شرحه,
والزركشي, قال ابن رزين: توقف الإمام أحمد.
أحدهما لا يشترط, وهو الصحيح, صححه في المغني2
والشرح3 والنظم والرعاية الكبرى وغيرهم.
والوجه "الثاني" يشترط, قال في الوجيز: حالا.
فهذه سبع عشرة مسألة.
ـــــــ
1 أخرجه أبو داود "3345" والترمذي "1242"
والنسائي "4586" وابن ماجه "2262".
2 6/108.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/123.
(6/312)
ومن وكل غريمه
في بيع سلعة وأخذ دينه من ثمنها فباع بغير جنس
ما عليه, فنصه: لا يأخذ, ويتوجه كشراء وكيل من
نفسه. ومن عليه دينار فبعث إلى غريمه دينارا
وتتمته دراهم. أو أرسل إلى من له عليه دراهم,
فقال للرسول: خذ حقك منه دنانير, فقال الذي
أرسل إليه: خذ صحاحا بالدنانير, لم يجز, لأنه
لم يوكله في الصرف, نص عليه, ولهذا لو بعث
المدين مع الرسول بغير نقد عليه رهنا أو قضاء,
فذهب, فمن الباعث. ومتى صارفه فله الشراء منه
من جنس ما أخذ منه بلا مواطأة, وعنه: يكره في
المجلس, ومنعه ابن أبي موسى إلا أن يمضي
ليصارف غيره فلم يستقم, ونقل الأثرم وغيره: ما
يعجبني إلا أن يمضي فلم يجد, ونقل حرب وغيره:
من غيره أعجب إلي.
وإن شرط شرطا في صرف, نحو إن خرج رديئا رددته,
فقال أحمد:
ـــــــ
.................
(6/313)
لا يجوز, وقال:
مكروه. ونقل المروذي وأبو الحارث: إن تصارفا
فخرج في الدراهم رديء له ما لم يشترط والدراهم
تتعين بالتعيين في العقد, فلا تبدل, وإن بانت
مغصوبة بطل, ومعيبة من جنسها له الرد, ومن
غيره يبطل, وعنه: لا يتعين, فتبدل مع غصب
وعيب,
وإن نذر صدقة بدرهم بعينه لم يتعين, ذكره
القاضي وحفيده. وفي الانتصار: يتعين, فلو تصدق
به بلا أمره لم يضمنه, ويضمنه على الأول, وسلم
الحنفية التعيين في هبة وصدقة ووصية ونذر,
قالوا: لأن التعيين في ذلك حكم القبض, وفي
غيره الثمن حكم العقد يأتي عقبه.
وتجوز معاملة بمغشوش جنسه لمن يعرفه, وكرهه
أبو المعالي لغيره, ويجوز بغير جنسه, على
الأصح, وهما في ضربه, وجوز أبو المعالي
المعاملة إن اشتهر قدره, وإن جهل وغشه مقصود
يجوز معينا إن مازج لا في الذمة, وغير المقصود
باطنا يجوز معينا إن لم يمازج,
قال شيخنا: الكيمياء غش, وهي تشبيه المصنوع من
ذهب أو فضة أو غيره بالمخلوق, باطلة في العقل,
محرمة بلا نزاع بين علماء المسلمين, ثبت على
الروباص1 أو لا, ويقترن بها كثيرا السيمياء,
التي هي من السحر والزجاج مصنوع لا مخلوق. ومن
طلب زيادة2 المال بما حرمه الله
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 ما يستخرج به غش النقد "تكملة المعاجم
العربية" لدروزي 1/564. وينظر: "كشف القناع"
2/230- 231.
2 في الأصل: "جمع".
(6/314)
عوقب بنقيضه,
كالمرابي, وهي أشد تحريما منه, ولو كانت حقا
مباحا لوجب فيها خمس أو زكاة, ولم يوجب عالم
فيها شيئا. والقول بأن قارون علمها باطل, ولم
يذكرها ويعملها إلا فيلسوف أو اتحادي أو ملك
ظالم.
ولو باع شيئا نسيئة أو بثمن لم يقبضه, في ظاهر
كلامه, وذكره القاضي وأصحابه والأكثر, ثم
اشتراه بأقل مما باعه, قال أبو الخطاب والشيخ:
نقدا, ولم يقله أحمد والأكثر, ولو بعد حل
أجله, نقله ابن القاسم وسندي, بطل الثاني "1نص
عليه وذكره الأكثر, لم يجز استحسانا, وكذا في
كلام القاضي وأصحابه القياس صحة البيع,
ومرادهم أن القياس خولف لدليل1" إلا أن يتغير
في نفسه أو بقبض ثمنه أو بغير جنس ثمنه.
وفي الانتصار وجه: بعرض, اختاره الشيخ, أو
يشتريه بمثل ثمنه, أو من غير مشتريه, لا من
وكيله, وسأله المروذي: إن وجده مع آخر يبيعه
بالسوق أيشتريه بأقل؟ قال: لا, لعله دفعه ذاك
إليه يبيعه. وتوقف في رواية مهنا فيما إذا نقص
في نفسه, وحمله في الخلاف على أن نقصه أقل من
النقص الذي اشتراه به, فتكون علة المنع باقية,
وهذه مسألة العينة, وعند أبي الخطاب: يجوز
قياسا, وكذا في الترغيب: لم يجز استحسانا,
وكذا في كلام القاضي وأصحابه: القياس صحة
البيع, ومرادهم أن القياس خولف لدليل راجح,
فلا خلاف إذا في المسألة, وذكر شيخنا أنه يصح
الأول إذا كان بتاتا بلا مواطأة, وإلا بطلا,
وأنه قول أحمد "و هـ م"
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
(6/315)
ويتوجه أن مراد
من أطلق هذا, إلا أنه قال في الانتصار إذا قصد
بالأول الثاني يحرم, وربما قلنا ببطلانه. وقال
أيضا يحتمل1 إذا قصدا أن لا يصحا, وإن سلم
فالبيع الأول خلا عن ذريعة الربا. وأجاب عن
قول عائشة رضي الله عنها: بئس ما شريت وبئس ما
اشتريت2. أنه للتأكيد.
قال أحمد رضي الله عنه فيمن فعلها: لا يعجبني
أن يكتب عنه الحديث. وحمله القاضي وغيره على
الورع, لأنه مما يسوغ فيه الاجتهاد, مع أنه
ذكر عن قول عائشة رضي الله عنها: إن زيد بن
أرقم أبطل جهاده, أنها أوعدت عليه. ومسائل
الخلاف لا يلحق فيها الوعيد,
وعكس العينة مثلها, نقله حرب, ونقل أبو داود:
يجوز بلا حيلة, ونقل المروذي فيمن يبيع الشيء
بم يجده يباع أيشتريه بأقل مما باعه بالنقد
قال: لا, ولكن بأكثر لا بأس, ولو احتاج إلى
نقد فاشترى ما يساوي مائة بمائتين فلا بأس, نص
عليه, وهي التورق, وعنه: يكره, وحرمه شيخنا.
نقل أبو داود: إن كان لا يريد بيع المتاع الذي
يشتريه منك هو أهون فإن كان يريد بيعه فهو
العينة, وإن باعه منه لم يجز, وهي العينة, نص
عليه, وكره أحمد رضي الله عنه أن لا يبيع
الرجل إلا نسيئة, مع جوازه, ومن باع غريمه
بزيادة ليصبر عليه لم يجز, ولو باع ربويا
نسيئة حرم أخذه عن ثمنه ما لا يباع به نسيئة,
لأنه بيع دين بدين, قاله أحمد, وجوزه شيخنا
لحاجة, واختاره الشيخ مطلقا, وقال: قياس مسألة
العينة أخذ غير جنسه.
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 في "ط": "يحرم".
2 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 5/330.
(6/316)
ويحرم قطع درهم
وقطعة ودينار وكسره ولو بصياغة, وإعطاء سائل
إلا الرديء, نص عليه. واحتج بنهيه عليه السلام
عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من
بأس1, وهو خبر ضعيف, وبأنه فساد في الأرض,
وعنه: كراهة التنزية, قاله القاضي, وعنه: لا
يعجبني, قال: والبأس أن يختلف في درهم أو
دينار هل هو رديء أو جيد فيكسر لهذا المعنى,
واحتج بأن ابن مسعود رضي الله عنه كان يكسر
الزيوف وهو على بيت المال2. وقال أبو المعالي:
يكره كتابة القرآن على الدراهم عند الضرب. وقد
نهى عليه الصلاة والسلام عن الكسر, لما عليها
من أسماء الله تعالى, فيتناثر عند الكسر, قال:
ويكره نثرها على الراكب, لوقوعها تحت أرجل
الدواب, كذلك قال: ولم يضرب النبي صلى الله
عليه وسلم ولا الخلفاء الأربعة الدراهم وإنما
ضربت على عهد الحجاج, قاله أحمد. قال أحمد
فيمن معه دينار, فقيل له: هو رديء أو جيد,
فجاء به رجلا فاشتراه على أنه رديء: لا بأس به
وقال في الوزن بحب الشعير, قد يتفاضل: يعير ثم
يوزن به.
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 أخرجه ابن ماجه "2263".
2 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 7/217.
(6/317)
باب السلم
والتصرف في الدين
مدخل
...
باب السلم والتصرف
في الدين
يصح بلفظه ولفظ السلف والبيع بشروط:
أحدها ضبط صفاته, كمكيل وموزون, والمذهب:
ومزروع, وفيه رواية وعلى الأصح: وحيوان آدمي
وغيره, وفي معدود كفواكه وبقول وجلود ورءوس
وبيض روايتان "م 1 - 3" السلم في الثياب
المنسوجة من نوعين وفيما خلطه مقصود متميز
كثياب
ـــــــ
"مسألة 1" قوله: وفي معدود كفواكه وبقول وجلود
ورءوس وبيض روايتان, انتهى, ذكر مسائل:
"المسألة الأولى" هل يصح السلم في الفواكه
والبقول أم لا؟ أطلق الخلاف, وأطلقه في
الإرشاد1 والهداية وعقود ابن البنا والمذهب
ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني2 والكافي3
والمقنع والهادي والتلخيص والبلغة والمحرر
والشرح4 والنظم والفائق وغيرهم.
"إحداهما" لا يصح, وهو الصحيح, صححه في
التصحيح, قال في الرعاية الكبرى: ولا يصح في
معدود مختلف, على الأصح, قال أبو الخطاب: لا
أرى السلم في الرمان والبيض, وجزم به في
الوجيز, وقدمه في الخلاصة وشرح ابن رزين
والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم.
"والرواية الثانية" يصح, جزم به ابن عبدوس في
تذكرته, وصححه في تصحيح المحرر.
"المسألة الثانية 2" هل يصح السلم في البيض أم
لا؟ أطلق الخلاف, والحكم فيه
ـــــــ
1 ص 207.
2 6/489.
3 3/157.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/220.
(6/318)
منسوجة من
نوعين وخفاف ونشاب ونبل ورماح, وقيل: وقسي
وجهان "م 4 و 5" لا جوهر ونحوه ويصح في جبن
وخل وتمر ولبن وخبز
ـــــــ
كالحكم في الفواكه والبقول خلافا ومذهبا,
وتقدم كلام أبو الخطاب وغيره.
"المسألة الثالثة 3" هل يصح السلم في الجلود
والرءوس ونحوها أم لا يصح؟ أطلق الخلاف,
وأطلقه في المغني1 والكافي2 والمقنع3 والتلخيص
والبلغة والمحرر والشرح4 والفائق والزركشي
وغيرهم.
"إحداهما" لا يصح, وهو الصحيح, جزم به في
الوجيز, وصححه في التصحيح والرعاية الكبرى,
وقدمه ابن رزين في شرحه, وهو ظاهر ما قدمه في
الرعاية الصغرى والحاوي الصغير.
والرواية الثانية: يصح, اختاره ابن عبدوس في
تذكرته, قال الناظم: وهو أولى, وقدمه في
التلخيص في مكان آخر, وجزم به القاضي يعقوب في
التبصرة, وصححه في تصحيح المحرر.
"مسألة 4, 5" قوله: وفيما خلطه مقصود متميز
كثياب منسوجة من نوعين وخفاف ونشاب ونبل
ورماح, وقيل: وقسي وجهان, انتهى. مسألتان:
"المسألة الأولى" هل يصح السلم في الثياب
المنسوجة من نوعين أم لا؟ أطلق الخلاف, وأطلقه
في الهداية والمستوعب والمقنع والهادي
والتلخيص والمحرر والرعايتين والحاويين
والفائق والزركشي وغيرهم. "إحداهما" يصح, وهو
الصحيح, قطع به في المغني5 والوجيز وغيرهما,
ـــــــ
1 6/390.
2 3/157.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/224.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
12/226-227.
5 6/388.
(6/319)
ولحم ولو مع
عظمه, ويعتبر موضع لحم من الحيوان كلحم فخذ أو
جنب, نقله الجماعة. ونقل أبو داود: السلم فيه
لا بأس به, ويسمى ماعز غث أو سمين. ويصح في
شحم, قيل لأحمد: إنه يختلف, قال: كل سلف
يختلف, وسكنجبين1 ونحوها, لأن خلطه لمصلحته,
ولبن2 فيه ماء يسير ودهن بنفسج وورد ونحوها.
وفي عيون المسائل: لا في لبن حامض, لأنه عيب
ولا ينضبط, ولا ما خلطه3 مالا4 ينفعه كما في
لبن ومش5 في ذهب, أو لا يتميز كنقد مغشوش
ومعاجين وند6 وغالية7, وفيها في الانتصار منع
وتسليم, وحيوان حامل وأمة وولدها, لندرة
جمعهما الصفة, وقيل: ولحم مطبوخ ومشوي. وفي
طريقة بعض أصحابنا في لؤلؤ ونحوه وخلفات8
ومعاجين منع في الكل, ثم تسليم
ـــــــ
وصححه في التصحيح وتصحيح المحرر والكافي9
والشرح10 وغيرهم, وقدمه في النظم وشرح ابن
رزين وغيرهما.
والوجه "الثاني" لا يصح, اختاره القاضي وابن
عبدوس في تذكرته.
"المسألة الثانية 5" هل يصح السلم في الخفاف
والنشاب والنبل المريش
ـــــــ
1 هو شراب مركب من خل وعسل ويراد به كل حامض
وحلو: "معجم الألفاظ الفارسية المعربة" ص 62.
2 في النسخ الخطية: "ولأن".
3 في الأصل: "خالفه".
4 ليست في "ب" و "ر".
5 في النسخ الخطية: "ومس" والمثبت من "ط",
والمش: الخلط حتى يذوب "القاموس": "مشش".
6 هو عود يتبخر به "المصباح": "ندد".
7 أخلاط من الطيب. "المصباح": "غلا".
8 هي الحوامل من الإبل. "المصباح": "خلف".
9 3/157.
10 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/224.
(6/320)
في اللؤلؤ, ثم
تسليم في الكل.وفي شهد وعقيق وآنية مختلفة
الرأس والوسط وجهان "م 6 - 8"
ـــــــ
والرماح أم لا يصح؟ أطلق الخلاف فيه. واعلم أن
حكم ذلك حكم الثياب المنسوجة من نوعين, على
الصحيح من المذهب, كما قاله المصنف. وقاله
المجد وغيره, وقدم في المغني1 والشرح2 وشرح
ابن رزين وغيرهم الصحة هنا أيضا, وهو الصحيح
كما تقدم في التي قبلها.
"مسألة 6" قوله: وفي شهد وعقيق وآنية مختلفة
الرأس والوسط وجهان, انتهى ذكر مسائل:
"المسألة الأولى" هل يصح السلم في الشهد أم
لا؟ أطلق الخلاف فيه, وأطلقه في الرعاية
الكبرى. "أحدهما" يصح, وهو الصحيح جزم به في
الرعاية الصغرى والحاويين والنظم وتذكرة ابن
عبدوس وغيرهم, وصححه في التلخيص
"والوجه الثاني" لا يصح.
"المسألة الثانية 7" هل يصح السلم في العقيق
أم لا؟ أطلق الخلاف فيه
"أحدهما" لا يصح, وهو الصحيح, وعليه الأكثر,
وجزم به في المغني3 والكافي4 والشرح وشرح ابن
رزين وغيرهم, وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
"والوجه الثاني" يصح السلم فيهما.
"المسألة الثالثة 8" هل يصح في الآنية
المختلفة الرءوس والأوساط أم لا يصح؟ أطلق
الخلاف, وأطلقه في الهداية والمذهب والمستوعب
ـــــــ
1 6/387.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/228
3 6/386.
4 3/155.
(6/321)
الثاني" ذكر ما
يختلف به ثمنه غالبا, كقدره ونوعه وبلده
وحداثته وجودته وضدهما, ويذكر في الأصح ما
يميز مختلف النوع, وسن الحيوان وذكورته
وأنوثته وسمنه وهزاله, وراعيا أو معلوفا, وهل
الآلة أحبولة أو كلب أو فهد أو صقر. وعند
الشيخ: لا يشترط هذا, لأنه يسير, قال: وإذا لم
يعتبر في الرقيق ذكر سمن وهزال ونحوهما مما
يتباين به الثمن فهذا أولى, والطول بالشبر
معتبر في الرقيق. وفي الترغيب: فإن كان رجلا
ذكر طويلا أو ربعا أو قصيرا. وفي ذكر الكحل
والدعج1 والبكارة والثيوبة ونحوها وجهان "م 9"
وفي عيون المسائل: يعتبر ذكر الوزن في الطير
ـــــــ
والخلاصة والكافي2 والمقنع3 والهادي والتلخيص
والشرح3 وشرح ابن منجى والنظم والحاوي الكبير
والفائق والزركشي وغيرهم.
"أحدهما" لا يصح, وهو الصحيح, جزم به في مسبوك
الذهب والوجيز وإدراك الغاية وغيرهم, واختاره
ابن عبدوس في تذكرته, وقدمه في المغني4 وشرح
ابن رزين.
"والوجه الثاني" يصح, صححه في التصحيح, فعلى
هذا الوجه يضبط بارتفاع حائطه ودور أسفله
وأعلاه
"مسألة 9" قوله: وفي ذكر الكحل والدعج
والبكارة والثيوبة ونحوها وجهان انتهى
وأطلقهما في البلغة, قال في الرعاية الكبرى:
وفي اشتراط ذكر الكحل والدعج وثقل الأرداف
ووضاءة الوجه, وكون الحاجبين مقرونين والشعر
سبطا أو جعدا أو أشقر, أو أسود, والعين زرقاء,
والأنف أقنى, في صحة السلم وجهان, انتهى.
ـــــــ
1 الدعج محركة: سواد العينين مع سعتهما.
2 3/155.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/226.
4 6/386.
(6/322)
كالكركي والبط,
لأن القصد لحمه وينزل الوصف على أقل درجة. وفي
الترغيب: ولا بد من ذكره بلغة يفهمها غيرها
ليرجع إليهم عند التنازع.
قال في عيون المسائل: ويذكر في العسل المكان
بلدي جبلي, والزمان ربيعي خريفي, واللون, لا
قدمه وحداثته. ولا يصح شرط الأجود, وفي الأردأ
وجهان "م 10" وله أخذ نوع آخر من جنسه, كدون
ـــــــ
"أحدهما" يعتبر ذكر ذلك, وعليه أكثر الأصحاب,
قال في التلخيص: قاله غير القاضي من أصحابنا,
قال الشيخ في المغني1 والشارح ومن تبعهما,
ويذكر الثيوبة والبكارة, ولا يحتاج إلى ذكر
الجعودة والسبوطة, انتهى. واختار الاشتراط في
الجميع صاحب المستوعب.
"والوجه الثاني" لا يعتبر ذكر ذلك, ويصح السلم
بدون ذكره, اختاره القاضي في المجرد والخصال.
"مسألة 10" قوله: ولا يصح شرط الأجود, وفي
الأردأ وجهان. انتهى. وأطلقهما في الهداية
والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمغني2
والكافي3 والمقنع4 والهادي والمحرر والشرح4
وشرح ابن منجا والنظم والرعايتين والحاويين
والفائق وغيرهم.
"أحدهما" يصح. وجزم به في المنور ومنتخب
الآدمي, وصححه في التلخيص والبلغة والزركشي
وغيرهم, قال في التلخيص: لأن طلب الأردأ من
الأردأ عناد فلا يثور فيه نزاع.
"والوجه الثاني" لا يصح, جزم به في الوجيز
وتذكرة ابن عبدوس, وصححه
ـــــــ
1 6/394.
2 6/292.
3 3/162.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/249.
(6/323)
شرطه من نوعه.
وقال القاضي وغيره: يلزمه. وعنه: يحرم, كغير
جنسه, نقله جماعة. ونقل فيه جماعة: يأخذ أدنى,
كشعير عن بر بقدر كيله, ولا يربح مرتين, واحتج
بابن عباس1, وبأنه أقل من حقه, ويلزمه أخذ
أجود من نوعه, في الأصح كشرطه ولو تضرر, وقيل:
يحرم. وحكى رواية, نقل صالح وعبد الله: لا
يأخذ فوق صفته بل دونها, ويجوز دفع عوض زيادة
القدر لا الجودة ولا الرداءة. وإن وجد عيبا
فله أرشه أو رده.
"الثالث" ذكر قدره بالذرع في المذروع. وقال
شيخنا فيمن أسلف دراهم إلى أجل على غلة بحكم
أنه إذا حل دفع الغلة بأنقص مما تساوي بخمسة
دراهم: هذا سلف بناقص عن السعر بشيء مقدر, فهو
بمنزلة أن يبيعه بسعر ما يبيع الناس أو بزيادة
درهم في الغرارة أو نقص درهم فيها.
وفي البيع بالسعر قولان في مذهب أحمد, الأظهر
جوازه, لأنه لا خطر ولا غرر, ولأن قيمة المثل
التي تراضيا بها 2أولى من قيمة مثل لم يتراضيا
بها2, ومن قال إن مثل ذلك لا يلزم فإذا تراضيا
به جاز.
وفي صحة السلم في مكيل وزنا و في موزون كيلا
روايتان منصوصتان "م 11" فإن شرط مكيال رجل أو
ميزانه أو ذراعه وليس لها
ـــــــ
في التصحيح وتصحيح المحرر, وقدمه ابن رزين في
شرحه وتجريد العناية, وهو الصواب.
"مسألة 11" قوله: وفي صحة السلم في مكيل وزنا
وموزون كيلا روايتان,
ـــــــ
1 أورد ابن الضويان في منار السبيل 1/346-347.
عن ابن عباس أنه قال: إذا أسلمت في شيء إلى
أجل فإن أخذت ما أسلفت فيه وإلا فخذ عرضا أنقص
منه ولا تربح مرتين وعزاه إلى سعيد "الإرواء"
5/223.
2 ليست في "ر".
(6/324)
عرف لم يصح,
كقوله: في مثل هذا الثوب, وإلا صح, ولا يتعين
في الأصح وفي فساد العقد وجهان "م 12" وأطلق
أبو الخطاب روايتين في صحة عقد بتعيين مكيال,
ويسلم في معدود غير حيوان يتقارب عددا. وعنه:
وزنا, مطلقا
ـــــــ
منصوصتان, انتهى. وأطلقهما في الكافي1 والمحرر
والرعاية الكبرى وغيرهم.
"إحداهما" لا يصح, وهو الصحيح. نص عليه, وعليه
أكثر الأصحاب, قال الزركشي: هذا المشهور
والمختار للعامة, انتهى. "قلت": منهم ابن أبي
موسى والقاضي وجزم به في المقنع2 والهادي
والخلاصة والمذهب الأحمد والبلغة ونظم
المفردات وغيرهم, وقدمه في الهداية والمستوعب
والتلخيص والرعاية الصغرى والزبدة والحاويين
وإدراك الغاية والفائق وغيرهم, وصححه في تصحيح
المحرر.
والرواية الثانية يصح, زادها الشارح في متن
المقنع2, واختارها هو والشيخ الموفق وابن
عبدوس في تذكرته, وجزم به في الوجهين والمنور
ومنتخب الآدمي وغيرهم, ويحتمله كلام الخرقي.
"مسألة 12" قوله: فإن شرط مكيال رجل أو ميزانه
أو ذراعه وليس لها عرف لم يصح, وإلا صح. ولا
يتعين في الأصح, وفي فساد العقد وجهان, انتهى
وأطلقهما في التلخيص والزركشي.
أحدهما: يصح, وهو الصحيح, جزم به في الرعاية
الكبرى, وهو ظاهر كلام الشيخ الموفق والشارح
وابن رزين, وهو الصواب.
"والوجه الثاني" لا يصح.
ـــــــ
1 3/158.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/252.
(6/325)
وعنه: عكسه.
"الرابع" ذكر أجل معلوم. نقله الجماعة له وقع
في الثمن عادة, قاله أصحابنا كشهر, وليس هذا
في كلام أحمد, واحتج الأصحاب بأن الأصل أنه لا
يجوز السلم, لأنه باع مجهولا لا يملكه يتعذر
تسليمه, فرخص فيه لحاجة المفلس, ولا حاجة مع
القدرة, وهذا إنما يدل على اعتبار الأجل في
الجملة, مع أنه قال في عيون المسائل: هو معتمد
المسألة وسرها. وفي الواضح: قدره أصحابنا
بشهر. وفي الانتصار رواية: يصح حالا, من نقل
أبي طالب: أهل المدينة يقولون: لا يحتاج إلى
أجل, وهو قياس, ولكن إلى أجل أحب إلي, وهي مع
بقية النصوص تدل على الأجل القريب. وحملها
القاضي وغيره على الأول, كذا قال. والأول
أظهر, لإطلاق الأمر بالأجل. وقيل: لا يصح في
شهر كذا وتأجيله بشهر رومي ونيروز ونحوه,
وقيل: يصح توقيته بجمادى, وينزل على الأول,
ولو قال: إلى شهر رمضان, حل بأوله.
ـــــــ
.................
(6/326)
وإن أسلم في
شيء يأخذه كل يوم جزءا معلوما صح, نص عليه,
وقيل: إن بين قسط كل أجل وثمنه. وإن أسلم ثمنا
في جنسين لم يصح حتى يبين ثمن كل جنس, نقله
الجماعة. وفيه رواية, ومثله ثمنين في جنس,
نقله أبو داود, وقيل: يجوز, فيرجع إن تعذر
بقسطهما. وإن أتاه بالسلم أو غيره قبل محله
ولا ضرر في أخذه1 لزمه, نقله الجماعة. ونقل
بكر وحنبل في دين الكتابة: لا يلزمه, وذكرها
جماعة, لأنه قد يعجز فيرق, ولأن بقاء في ملكه
حق له لم يرض بزواله. وذكر في المذهب فيه
يلزمه مع ضرر في ظاهر المذهب, وأطلقه فيه أحمد
والخرقي وأبو بكر. وفي الروضة في المسلم فيه
إن كان مما يتلف أو يتغير قديمه أو حديثه لزمه
قبضه وإلا فلا, وجزم القاضي وابن عقيل والشيخ
وغيرهم أنه إذا كان مما يتلف أو يتغير قديمه
أو حديثه لا يلزمه قبضه, للضرر, ويتوجه تخرج
رواية: لا يلزمه في غير دين الكتابة أو أولى,
ولهذا في لزومه فيه مع ضرر
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 في "ط": "قبضه".
(6/327)
خلاف, يؤيده
أنهم قاسوا اللزوم على لزومه أخذ زيادة في
الصفة, وسبق فيه خلاف, وإن أبى برئ, ذكره
الشيخ في المكفول به, والمشهور: يرفعه إلى
حاكم فينوب عنه في قبضه ويحكم بعتقه, نقل حرب:
إن أبى مولاه الأخذ ما أعلم زاده إلا خيرا.
وقال فيه1 حديث يروى, قلت: حديث عثمان؟ قال:
نعم, قال له: ضعها في بيت المال, وخلى سبيله2.
ويقبل قول المسلم إليه في مكان تسليمه, نقله
حرب, وقدر أجله, والأصح: وحلوله.قال أبو بكر:
نقل حرب: إذا اختلفا في أجله قبل قول المسلم
إليه.
"الخامس" غلبة المسلم فيه في محله, وإن عدم
حين العقد أو عين ناحية تبعد فيها آفة, فإن
أسلم في نتاج من فحل فلان أو من غنيه ونحوه أو
في ثمرة بستان بعينه أو زرعه لم يصح,
ونقل أبو طالب وحنبل: يصح إن بدا صلاحه أو
استحصد, واحتج بابن عمر3, وقاله أبو بكر: إن
أمن عليها الجائحة. وفي الروضة: إن كانت
الثمرة موجودة, فعنه: يصح السلم فيها, وعنه:
لا, وأن عليها يشترط عدمه عند العقد, وإن تعذر
أو بعضه وقيل: أو انقطع وتحقق بقاؤه فله الصبر
أو فسخ الكل أو البعض, ويأخذ الثمن الموجود أو
بدله, وقيل: ينفسخ بالتعذر, وقيل: إن تعذر
بعضه فسخ الكل أو صبر.
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "في" والمثبت من "ط".
2 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 10/335.
3 أورد ابن الضويان في "منار السبيل" عن ابن
عمر 1/343, أنه كان يبايع إلى العطاء وقال عنه
الألباني: لم أقف عليه "الإرواء" 5/217.
(6/328)
"السادس" قبض
الثمن قبل التفرق, نص عليه, وهل يشترط معرفة
قدره وصفته أم تكفي مشاهدته؟ على وجهين "م 13"
ويقع العقد بقيمة مثلي, لأنه قد يضمنه بأقل أو
أكثر, وهو ربا, ذكره في الانتصار و هو ظاهر
كلام غيره بمثله, وكذا الأجرة. ويصح إسلام
عرض1 في عرض أو في ثمن, على
ـــــــ
"مسألة 13" قوله في قبض الثمن: وهل يشترط
معرفة قدره وصفته أو تكفي مشاهدته؟ على وجهين,
انتهى. وأطلقهما في المغني2 والمقنع3 والمحرر
والفائق.
"أحدهما" يشترط, وهو الصحيح, جزم به في
الهداية والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص
والوجيز وغيرهم, وصححه في التصحيح والنظم,
وقدمه في الكافي4 والرعايتين والحاويين
وغيرهم, واختاره القاضي وغيره.
والوجه الثاني لا يشترط, وتكفي مشاهدته, وهو
ظاهر كلام الخرقي, لأنه لم يذكره في شروط
السلم, وإليه ميل الشيخ والشارح, وقطع به في
التلخيص واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
ـــــــ
1 في "ر": "عوض".
2 6/411.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/282.
4 3/163.
(6/329)
الأصح, قال أبو
الخطاب: وبالمنافع كمسألتنا ويسلم في الذمة
ولا يصح في عين كذا أو شجرة نابتة. وفي
الواضح: إن كانت حاضرة فبيع بلفظ سلم فيقبض
ثمنه فيه,
وذكر في التبصرة الإيجاب والقبول من الشرط.
ويجب الوفاء موضع العقد, نص عليه, وله أخذه في
غيره إن رضيا لا مع أجرة حمله إليه, قال
القاضي: كأخذ بدل السلم, ويصح شرطه فيه وفي
غيره, وعنه: لا, وعنه: لا في غيره, فإن لم
يصلح للوفاء كبر أو بحر اشترط ذكره. وقال
القاضي: لا. ويوفي بأقربه له1
وتصح الإقالة في السلم لا له1 مع الغريم لا
الضامن, وعنه: لا, ذكرها ابن عقيل وابن
الزاغوني وصاحب الروضة, وفي بعضه روايتان "م
14" ولا يشترط قبض الثمن أو بدله إن تعذر في
مجلس الإقالة, خلافا لأبي الخطاب
ـــــــ
"مسألة 14" قوله: وتصح الإقالة في السلم. وفي
بعضه روايتان, انتهى. وأطلقهما في الهداية
والمذهب والمغني2 والمقنع3 والهادي والمحرر
والشرح3 وشرح ابن منجا والرعاية الصغرى
والحاويين وغيرهم. "إحداهما" يجوز, وهو
الصحيح, وجزم به في العمدة والوجيز والمنور
وغيرهم وصححه في التصحيح والكافي4 والنظم
والفائق وغيرهم,
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
2 6/417.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/200.
4 3/168.
(6/330)
وغيره. وفي
المغني1: لا يشترط في ثمن, لأنه ليس بعوض
ويلزم رد الثمن الموجود فإن أخذ بدله ثمنا وهو
ثمن فصرف, وإلا فبيع, يجوز التفرق قبل القبض.
ـــــــ
اختاره ابن عبدوس في تذكرته, وهو ظاهر ما
اختاره أبو بكر وابن أبي موسى.
والرواية "الثانية" لا يجوز ولا يصح, صححه في
التلخيص, وقدمه في المستوعب والخلاصة والرعاية
الكبرى وغيرهم.
ـــــــ
1 6/417.
(6/331)
فصل: يصح بيع الدين المستقر من الغريم لا من
غيره
وفي رهنه عند مدين يحق له روايتان في الانتصار
"م 15" وعنه: يصح منهما. قاله شيخنا, نص
ـــــــ
"مسألة 15" قوله يصح بيع الدين المستقر من
الغريم لا من غيره, وفي رهنه عند مدين بحق له
روايتان في الانتصار, ذكرهما في المشاع,
"قلت": الصواب صحة رهنه عند مدين, وهو الذي
عليه الدين, وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب
حيث قالوا: يجوز رهن ما يصح بيعه, والله أعلم.
وقال في الرعاية الكبرى في أثناء باب الرهن:
فصل, ولا يصح رهن دين بحال.
(6/331)
عليه في مواضع,
وعنه: لا, اختاره الخلال, وذكره في عيون
المسائل عن صاحبه, كدين السلم. وفي المبهج
وغيره رواية: يصح فيه, اختارها شيخنا وأنه قول
ابن عباس, لكن بقدر القيمة فقط لئلا يربح فيما
لم يضمن, قال: وكذا ذكره أحمد في بدل القرض
وغيره, ولأنه مبيع, وجواز التصرف ليس ملازما
للضمان, في ظاهر مذهب أحمد, وكالثمن, لكن منعه
أحمد بمكيل أو موزون, ولم يفرق ابن عباس,
وأحمد تبعه فيحمل كلامه على التنزيه أو إذا
أخر قبض ما يعتبر قبضه في ربا النسيئة, وهذا
الثاني أشبه بنصوصه وأصوله, وهو موجب الدليل,
لأنه لا محذور, ولأن بيعه إنما هو من بائعه,
فلا قبض, لأنه لا فائدة في قبضه منه ثم رده
إليه, ونقل حرب وغيره: أنه كره لمقرض بر أن
يأخذ بثمنه شعيرا إلا مثل كيله. وفي دين
الكتابة مع أنه غير مستقر وجهان "م 16" لا رأس
مال سلم بعد فسخه, في المنصوص, وإن باعه بدين
لم يجز, ويشترط قبضه في المجلس إن باعه بما لا
يباع به نسيئة أو بموصوف في الذمة, وإلا فلا,
وقيل: بلى.
ولا تصح هبة دين لغير غريم, ونقل حرب يصح "و
م" وأطلق شيخنا روايتين فيه وفي بيعه من غيره.
ـــــــ
"مسألة 16" قوله: وفي دين الكتابة مع أنه غير
مستقر وجهان, انتهى وأطلقهما في المحرر
والرعاية الصغرى والنظم.
"أحدهما" لا يصح "قلت": وهو الصحيح, وهو ظاهر
كلام أكثر الأصحاب, وقدمه في الرعاية الكبرى
في باب القبض والضمان من البيوع, وصححه في
تصحيح المحرر وقال: جزم به في الهداية, وأقره
في شرحها, ولم يزد, انتهى.
والوجه "الثاني" يصح, وهو ظاهر كلامه في
المنور.
(6/332)
ومن قبض دينا
جزافا قبل قوله في قدره مع يمينه, ويده قيل:
يد أمانة, وقيل: يضمنه لمالكه, لأنه قبضه على
أنه عوض عما له "م 17" وفي طريقة
ـــــــ
"مسألة 17" قوله: ومن قبض دينا جزافا قبل قوله
في قدره مع يمينه, ويده قيل: يد أمانة, وقيل:
يضمنه لمالكه, لأنه قبضه على أنه عوض عما له,
انتهى.
"أحدهما" لا يضمنه, وقد اختاره بعض الأصحاب في
طريقته كما حكاه عند المصنف.
"والوجه الثاني" يضمنه, لما علله به المصنف,
وهو ظاهر كلامه في الكافي1 في تعليله, وهو
الصواب. وقال في التلخيص في مسألة الكيس وتبعه
في الرعاية الكبرى: ولو قال خذ من هذا الكيس
قدر حقك ففعل لم يكن قابضا حقه قبل وزنه,
وبعده وجهان, ومع عدم الصحة يكون كالمقبوض
للسوم, والكيس وبقيته في يده أمانة, كالوكيل,
انتهى. فحكم بأن قدر حقه مع عدم الصحة
كالمقبوض على وجه السوم, وأن الزائد في يده
أمانة, وهو تفصيل حسن, والمصنف أطلق من غير
تفصيل.
تنبيه: محل الخلاف قبل أن يزنه أو بعده إن
قلنا لا يصح قبضه, وظاهر كلام المصنف: والزائد
على قدر حقه أيضا.
ـــــــ
1 3/167.
(6/333)
بعض أصحابنا في
ضمان الرهن لو دفع إليه عينا وقال خذ حقك منها
تعلق حقه بها ولا يضمنها بتلفها. قال: ومن قبض
دينه ثم بان لا دين له ضمنه ش" قال: ولو اشترى
به عينا ثم بان أن1 لا دين له بطل البيع "هـ"
قال: ولو أقر بأخذ مال غيره لم يبادر إلى
إيجاب ضمانه حتى يفسر صفته أعدوانا أم مباحا,
وإن بادرنا فلأن الأصل فيه عدم1 صفة
العدوانية, كاليد دليل الملك إلى أن يقوم دليل
عدمه,
وفي جواز تصرفه في قدر حقه قبل اعتباره وجهان
"م 18"
ـــــــ
"مسألة 18" قوله: وفي جواز تصرفه في قدر حقه
قبل اعتباره وجهان, انتهى. وأطلقهما في
المغني2 والكافي3 والشرح4, وتقدم لفظه في
التلخيص ومن تبعه
"أحدهما" يجوز ويصح التصرف في قدر حقه منه,
قدمه ابن رزين في شرحه عند كلام الخرقي في
الصبرة. والوجه "الثاني" لا يصح تصرفه فيه
والحالة هذه, واختاره القاضي في المجرد,
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
2 6/423.
3 3/167.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/313.
(6/334)
وإن قبضه بما
قدره ثم ادعى ما يغلظ بمثله فوجهان "م 19" قال
جماعة:
ـــــــ
وهو ظاهر كلامه في الرعاية الكبرى, ولكن ذكروا
ذلك فيما إذا ذكر من هو في ذمته أنه كاله في
غيبته, وهي فرد من أفراد هذه المسألة فيما
يظهر, وتقدم لفظ القاضي وابن حمدان في باب
التصرف في البيع, واقتصر في الحاوي الكبير على
كلام القاضي في المجرد هناك, والمصنف قد أطلق
الخلاف هناك في باب التصرف في المبيع1,
فالظاهر أن في كلامه نوع تكرار, والله أعلم.
"مسألة 19" قوله وإن قبضه بما قدره ثم ادعى
بما يغلظ بمثله فوجهان, انتهى. وأطلقهما في
الهداية والمذهب والمستوعب والمغني2 والكافي3
والمقنع والهادي والمذهب الأحمد والتلخيص
والمحرر والشرح4 وشرح ابن منجى والفائق
وغيرهم.
"أحدهما" لا يقبل قوله, صححه في التصحيح, قال
في الخلاصة: لم يقبل في الأصح, قال في تجريد
العناية: لم يقبل قوله في الأظهر, وجزم به في
الوجيز وقدمه في الرعاية الكبرى
ـــــــ
1 ص 278.
2 6/205.
3 3/167
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/314.
(6/335)
وإن وجد زيادة
فمضمونة في يده وقد تقدم والمذهب من أذن
لغريمه في الصدقة بدينه عنه أو صرفه أو
المضاربة لم يصح ولم يبرأ, وعنه: يصح, بناه
القاضي على شرائه من نفسه, وبناه في النهاية
على قبضه من نفسه لموكله, وفيهما روايتان "م
20" وكذا: اعزله وضارب به, ونقل ابن
ـــــــ
"والوجه الثاني" يقبل قوله إذا ادعى غلطا
ممكنا عرفا, صححه في الرعاية الصغرى والحاوي
الصغير والنظم وتصحيح المحرر وغيرهم, وجزم به
في تذكرة ابن عبدوس ومنتخب الآدمي, وقدمه في
إدراك الغاية وغيره "قلت": والنفس تميل إلى
ذلك مع صدقه وأمانته, والله أعلم.
"مسألة 20" قوله: والمذهب من أذن لغريمه في
الصدقة بدينه عنه1 أو صرفه أو المضاربة2 لم
يصح ولم يبرأ, وعنه: يصح, بناه القاضي على
شرائه من نفسه, وبناه في النهاية على قبضه من
نفسه لموكله, وفيهما روايتان, انتهى. الظاهر
أنه أراد بشرائه من نفسه شراءه للغير من نفسه
فيما إذا وكله في الشراء فاشترى من نفسه,
والصحيح من المذهب في هذه المسألة أنه لا يصح
شراؤه من نفسه لموكله, وقد قدمه المصنف في باب
الوكالة3. وفيه رواية: يصح, فبناه القاضي
عليها, وأما مسألة قبضه من نفسه لموكله,
فالصحيح من المذهب صحة استنابة من عليه الحق
للمستحق في القبض. قال في التلخيص: صح, في
أظهر الوجهين, وقدمه المصنف في باب التصرف في
المبيع4,
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
2 بعدها في النسخ الخطية: "به".
3 7/52
4 ص 284.
(6/336)
منصور: لا
يجعله مضاربة, إلا أن يقول ادفعه إلى زيد ثم
يدفعه إليك.ولو قال لغريمه: أسلف ألفا في ذمتك
في طعام, ففعل, ثم أذن له في قضائه بالثمن
الذي له عليه, فقد اشترى لغيره بمال ذلك
الغير, ووكله في قضاء دينه بما له عليه من
الدين, وإن قال: أعط فلانا كذا, صح وكان قرضا,
وذكر في المجموع والوسيلة فيه روايتي قضاء دين
غيره بغير إذنه, وظاهر التبصرة: يلزمه إن قال:
عني فقط, وإن قاله لغير غريمه صح إن قال: عني,
وإلا فلا, ونصر الشريف: يصح, وجزم به
الحلواني.
وإن دفع نقدا لغريمه وقال: اشتر لك به مثل ما
لك علي, لم يصح, لأنه فضولي, ويتوجه في صحته
الروايتان بعدها, وإن قال: لي, صح, ثم إن قال:
اقبضه لنفسك, لم يصح لنفسه, وله روايتان "م
21" وإن قال: لي, ثم
ـــــــ
ولكن لم يحك فيها هو وغيره إلا قولين, وقدمه
في الرعاية وغيره, فبناه في النهاية عليها أو
أعلم ذلك, فظاهر كلام المصنف إطلاق الخلاف في
إلحاق المسائل التي ذكرها على رواية الصحة
بالشراء من نفسه لموكله أو يقبضه من نفسه
لموكله.
"أحدهما" يلحق بقبضه من نفسه لموكله, وهو الذي
قاله في النهاية "قلت": وهو الأظهر.
والقول الآخر يلحق بشرائه من نفسه لغيره, وهو
الذي قاله القاضي
"مسألة 21" قوله: وإن دفع نقدا لغريمه وقال:
اشتر لك مثل ما لك علي صح. ثم إن قال: اقبضه
لنفسك, لم يصح لنفسه, وله, روايتان, انتهى.
"أحدهما" يصح قبضه لموكله, وهو الصواب, قال في
الرعاية الكبرى, وإن قال: اشتر لي بهذه
الدراهم قدر حقك واقبضه لي ثم اقبضه لنفسك,
صار للأمر, وفي قبضه من نفسه الوجهان, والنص
أنه يصح قبض الوكيل من نفسه لنفسه, وهو أشهر
وأظهر,
(6/337)
: لك, صح, على
الأصح. ومن ثبت له على غريمه مثل ما له عليه
قدرا وصفة وحالا ومؤجلا "1لا حالا ومؤجلا ذكره
في المنتخب والمغني في وطء المكاتبة, وذكره في
المغني أيضا في مسألة الظفر1" تساقطا, أو قدر
الأقل, وعنه: برضاهما, وعنه: أو أحدهما, وعنه:
لا, كما لو كان أحدهما دين سلم. وفي الفروع:
أو كانا من غير الأثمان وفي المغني: من عليها
دين من جنس واجب نفقتها لم يحتسب به مع
عسرتها, لأن قضاء الدين فيما فضل.
ومن أراد قضاء دين عن غيره فلم يقبله ربه أو
أعسر بنفقة زوجته فبذلها أجنبي لم يجبرا وفيه
احتمال:
ـــــــ
انتهى. ذكره في باب القبض والضمان. وقال في
أواخر السلم: وإن قال: اشتر لي بهذا المال مثل
ما لك علي من الطعام, ثم قال: خذه لنفسك, صح
الشراء دون القبض لنفسه, انتهى. فهذه مسألة
المصنف, وظاهره صحة القبض للموكل, وهو صحيح.
والرواية "الثانية" لا يصح قبضه لموكله, والذي
يظهر أن محل الخلاف فيما إذا وكله في الشراء
فقط, مع قبضه لنفسه, أو يكون أولا وكله في
الشراء, فإذا قال له بعد ذلك: اقبضه لنفسك, لم
يصح, وهل يملك قبضه لموكله؟ فيه الخلاف الذي
ذكره, وهو ظاهر عبارته, وهو أولى, فعلى هذا
يكون الأظهر أنه لا يصح قبضه لموكله, والله
أعلم.
ـــــــ
1 ليست في "ر".
(6/338)
كوكيله
وكتمليكه الزوج والمديون, ومتى نوى مديون وفاء
دينه, وإلا فمتبرع. وإن وفاه حاكم قهرا كفت
نيته إن قضاه من مديون, وفي لزوم رب دين نية
قبض دينه وجهان "م 22"
وإن رد بدل عين نوى, ذكره في الفنون, وإن أبرأ
من دينه أو أجله أو أسقطه أو تركه أو وهبه أو
ملكه أو تصدق به عليه أو عفا عنه برئ ولو لم
يقبله "م" في المنصوص, ولو رده المبرأ "هـ"
وعلله الأصحاب بأنه إسقاط حق, كالقود والشفعة
وحد القذف والخيار والعتق والطلاق, لا تمليك
كهبة العين, ويأتي في المغني1 في إبرائها له
من المهر, هل هو إسقاط أو تمليك؟ فيتوجه منه
احتمال: لا يصح به, وإن صح اعتبر قبوله, وفي
الموجز والإيضاح: لا تصح هبة إلا في عين. وفي
المغني: إن حلف لا يهبه فأبرأه لم يحنث, لأن
الهبة تمليك عين, قال الحارثي: تصح بلفظ الهبة
والعطية مع اقتضائهما وجود معين, وهو منتف
لإفادتهما لمعنى الإسقاط هنا, قال: ولهذا لو
وهبه دينه هبة حقيقة
ـــــــ
"مسألة 22" قوله: وفي لزوم رب دين نية قبض
دينه وجهان, انتهى يعني إذا قضاه أجنبي وظاهر
عبارته أنه الحاكم إذا قضى عنه قهرا
"أحدهما" لا يلزمه نية قبض دينه "قلت": وهو
الصواب, كما لو قبضه من الأصيل, وهو ظاهر كلام
كثير من الأصحاب.
"والوجه الثاني" يلزمه ولم يظهر لي وجه هذا
الوجه, والذي يظهر أنه ضعيف
ـــــــ
1 10/164.
(6/339)
لم يصح لانتفاء
معنى الإسقاط وانتفاء شرط الهبة, ومن هنا
امتنع هبته لغير من عليه, وامتنع إجزاؤه عن
الزكاة لانتفاء حقيقة الملك.
وفي الانتصار: إن أبرأ مريض من دينه وهو كل
ملكه ففي براءته من ثلثه قبل دفع ثلثيه منع
وتسليم, وتصح مع 1جهل المبرئ, وعنه: إن لم
يعرفه المبرأ, زاد في المحرر: وظن المبرئ جهله
به, وعنه: إن تعذر علمه2 به صح وإلا فلا ولو
جهلاه, وعنه: لا يصح, كبراءة من عيب3, ذكرها
أبو الخطاب وأبو الوفاء "4كما لو كتمه ربه
خوفا من أنه لو علمه لم يبرئه4", ومن صور
المجهول الإبراء من أحدهما وأبرأ أحدهما, قاله
الحلواني, وأنه يصح, ويؤخذ بالبيان, كطلاقه
وعتقه إحداهما, يعني ثم يقرع على المذهب وفي
"4صحة الإبراء من شيء لا يعتقده وجهان4" "م
23"
ـــــــ
"مسألة 23" قوله: وفي صحة الإبراء من شيء لا
يعتقده وجهان, انتهى. قال الشيخ الموفق ومن
تابعه: قال أصحابنا: لو أبرأه من مائة وهو
يعتقد أن لا شيء عليه
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "من" والمثبت من "ط".
2 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
3 ليست في "ط".
4 ليست في "ب".
(6/340)
ولا يصح تعليقه
بشرط, نص عليه فيمن قال: إن مت فأنت في حل,
لأنه إن كان تمليكا فكتعليق الهبة, وإلا فقد
يقال: هو تمليك من وجه, والتعليق مشروع في
الإسقاط المحض فقط "و هـ" وذكره بعض أصحابنا
في طريقته وزاد: وتنافيه الجهالة, فإن ضم
التاء فوصية, وجعل أحمد رجلا في حل من غيبته
بشرط أن لا يعود, وقال: ما أحسن الشرط, فيتوجه
فيهما روايتان, وأخذ صاحب النوادر من شرطه أن
لا يعود رواية في صحة الإبراء بشرط, وذكر
الحلواني صحة الإبراء بشرط, واحتج بنصه
المذكور هنا أنه وصية
ـــــــ
وكان له عليه مائة ففي صحة البراءة وجهان,
انتهى. وأطلقهما في القواعد الفقهية.
"أحدهما" لا يصح, صححه في النظم
"والوجه الثاني" يصح, وهو قياس الأصل الذي
بناه الشيخ الموفق وغيره عليه.
"تنبيه" قال الشيخ الموفق: أصل الوجهين لو باع
مالا لمورثه يعتقد أنه حي وكان قد مات وانتقل
ملكه إليه, فهل يصح البيع؟ فيه وجهان, انتهى,
وأدخلها في القواعد في جملة من تصرف في شيء
يظن أنه لا يملكه فتبين أنه كان يملكه "قلت":
الصحيح في هذه المسألة صحة البيع, صححه في
التلخيص وغيره, وقدمه في المغني1 في باب الرهن
وغيره, وقد أطلق المصنف الخلاف في هذه المسألة
في كتاب البيع, وتقدم تصحيح ذلك هناك. وقال
القاضي: أصل الوجهين من باشر امرأة بالطلاق
يظنها أجنبية فبانت امرأته, أو واجه بالعتق من
يعتقدها حرة فبانت أمته, انتهى, وقد أطلق أيضا
المصنف الخلاف في هذه المسألة على ما يأتي في
باب الشك في الطلاق2, وأن الصحيح أنه لا يقع
ـــــــ
1 8/252.
2 9/130.
(6/341)
وأن ابن شهاب
والقاضي قالا: لا يصح على غير موت المبرئ, وأن
الأول أصح, لأنه إسقاط, فقيل: التعليق كقود
وأرش جناية وخيار شرط, قال: وحد قذف كذا قال:
قال ولا يصح الإبراء منه, قبل وجوبه, ذكره
الأصحاب, لقوله: لا طلاق ولا عتق فيما لا
يملك1. والإبراء في معناهما, وجزم جماعة بأنه
تمليك, واحتجوا بأن الشرع نزل الدين منزلة
العين الموجودة في الحيز2 بدليل, وبأنه غير
قابل للتعليق.ولا يصح مع إبهام المحل كأبرأت
أحد غريمي, ومنع بعضهم أنه إسقاط.وأنه لا يصح
بلفظ الإسقاط, وإن سلمنا فكأنه ملكه إياه ثم
سقط, إذ لا يتصور أن يملك على نفسه لنفسه,
وصار كقوله لعبده: ملكتك نفسك, ومنع أيضا أنه
لا يعتبر قبوله, وإن سلمنا فلأنه ليس مالا
بالنسبة إلى من هو عليه, وقال: العفو عن دم
العمد تمليك أيضا. وفي مسلم3 أن أبا اليسر
الصحابي قال لغريمه: إن وجدت قضاء فاقض وإلا
فأنت في حل, وأعلم به الوليد بن عبادة بن
الصامت وابنه عبادة وهما تابعيان فلم ينكراه
وهذا متجه, واختاره شيخنا.
وما قبضه من دين مشترك بإرث أو إتلاف قال
شيخنا: أو ضريبة سبب استحقاقها واحد - فلشريكه
الأخذ من الغريم, وله الأخذ منه, جزم به
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 أخرجه أبو داود "2190" والترمذي "1181" وابن
ماجه "2047" من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن
جده.
2 في "ب" و "ر" و "ط": "الخبر".
3 في صحيحه "3006" "74".
(6/342)
الأكثر, وعنه:
لا, كما لو تلف المقبوض في يد قابضه تعين حقه
ولم يرجع على الغريم, لعدم تعديه, لأنه قدر
حقه, وإنما شاركه لثبوته مشتركا, مع أنهم
ذكروا لو أخرجه القابض برهن أو قضاء دين فله
أخذه من يده, كمقبوض بعقد فاسد, فيتوجه منه
تعديه في التي قبلها, ويضمنه, وهو وجه في
النظر واختاره شيخنا, ويتوجه من عدم تعديه صحة
تصرفه, وفي التفرقة نظر ظاهر, وإن كان القبض
بإذن شريكه أو بعد تأجيل شريكه حقه, أو كان
الدين بعقد, فوجهان, ونصه في شريكين وليا عقد
مداينة لأحدهما أخذ نصيبه "م 24 - 26"
ـــــــ
مسألة 24 - 26 قوله: وما قبضه من دين مشترك
بإرث أو إتلاف فلشريكه الأخذ من الغريم, وله
الأخذ منه فإن كان القبض بإذن شريكه أو بعد
تأجيل شريكه حقه, أو كان الدين بعقد, فوجهان,
ونصه في شريكين وليا عقد مداينة لأحدهما أخذ
نصيبه, انتهى. ثلاث مسائل يشبه بعضهن بعضا:
"المسألة الأولى" إذا كان الدين بعقد, هل حكمه
حكم الميراث ونحوه أو لا يشاركه فيما قبضه؟
أطلق الخلاف, وأطلقه في المحرر والنظم
والرعايتين والحاويين.
أحدهما: "1هو كالميراث ونحوه وهو الصحيح قال
الشيخ في المغني2 والشارح: هذا ظاهر المذهب
وقال في الفائق: وإن كان بعقد فلشريكه حصته
على أصح الروايتين.
والوجه الثاني: لا يشاركه فيما قبضه.
المسألة الثانية : لو أجل أحدهما حقه فهل
يشارك من لم يؤجل كالميراث ونحوه أم لا؟ أطلق
الخلاف:
أحدهما: هو كالميراث ونحوه فله الرجوع وهو
الصحيح قال في المغني1"2
ـــــــ
1 ليست في "ص" و "ط".
2 7/189.
(6/343)
و في الترغيب
في دين من ثمن مبيع أو قرض أو غيره وجهان "م
27" فأما الميراث فيشاركه, لأنه لا يتجزأ
أصله, ولو أبرأ منه صح في نصيبه, ولو صالح
بعرض أخذ نصيبه من دينه فقط ذكره القاضي,
وللغريم التخصيص مع تعدد سبب الاستحقاق قال
شيخنا لكن ليس لأحدهما إكراهه على تقديمه. قال
أحمد رضي الله عنه الدين أوله هم وآخره حزن1,
قال بعضهم: كان
ـــــــ
"2الشرح3: والأولى أن له الرجوع.
والوجه الثاني: لا يشاركه فيما قبضه ذكره
القاضي نقله عنه في المغني4
المسألة الثالثة- 26 : لو قبضه بإذن شريكه فهل
للآخر أن يشاركه فيما قبض أم لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما:2" ليس له ذلك, وهو الصحيح. قال في
المحرر والرعايتين والحاويين والفائق: وإن
قبضه بإذنه فلا يخاض في الأصح, واختاره
الناظم, وجزم به ابن عبدوس في تذكرته. وهو
الصواب.
"والوجه الثاني" يشاركه كالميراث.
"مسألة 27" قوله وفي دين من ثمن مبيع أو قرض
أو غيره وجهان, انتهى. "قلت": الذي يظهر أنه
كالدين الذي بعقد, بل هو من جملته, فإن ثمن
المبيع من عقد, وكذا القرض, ففي كلامه نوع
تكرار فيما يظهر, والله أعلم. ثم رأيته في بعض
النسخ حكي ذلك عن صاحب الترغيب, فيزول
الإشكال, وغالبها ليس فيها ذلك, والصواب جعله
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: جرب والمثبت من "ط".
2 ليست في "ص" و"ط".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/152.
4 7/192.
(6/344)
يقال: الدين هم
بالليل وذل بالنهار وإذا أراد الله أن يذل
عبدا جعل في عنقه دينا, وكان يقال: الأذلاء
أربعة: النمام والكذاب والفقير والمديان, وكان
يقال: لا هم إلا هم الدين, ولا وجع إلا وجع
العين.
قال ابن عبد البر وقد روي هذا القول عن النبي
صلى الله عليه وسلم من وجه ضعيف1.
وقال جعفر بن محمد: المستدين تاجر الله في
أرضه. وقال2 عمر بن عبد العزيز: الدين وقر3
طالما حمله الكرام.
ولو تبارآ ولأحدهما على الآخر دين بمكتوب
فادعى استثناءه بقلبه ولم يبرئه منه قبل
ولخصمه تحليفه, ذكره شيخنا, وتتوجه الروايتان
في مخالفة النية للعام بأيهما يعمل والله
أعلم.
ـــــــ
من كلام صاحب الترغيب إذا علمت ذلك فقد علمت
الصحيح من مسألة ما إذا كان الدين بعقد فكذا,
أي هذه, فهذه سبع وعشرون مسألة قد صححت في هذا
الباب.
ـــــــ
1 أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات 2/153.
2 بعدها في الأصل: محمد.
3 في النسخ الخطية: وقد والمثبت من "ط".
(6/345)
باب القرض
مدخل
...
باب القرض
وهو مستحب, نص عليه, يصح فيما يصح السلم فيه
وفي غيره من عين يصح بيعها ورقيق وجهان1 "م 1
و 2" وقيل: عبد لا جارية, وقيل
ـــــــ
"مسألة 1 و 2" قوله: يصح فيما يصح السلم فيه
وفي غيره من عين يصح بيعها ورقيق وجهان,
انتهى. يعني في غير ما يصح السلم فيه ويصح
بيعه كالجواهر والرقيق ونحوهما, فشمل كلامه
مسألتين:
"المسألة الأولى" هل يصح قرض كل عين يصح بيعها
ولا يصح السلم فيها كالجواهر ونحوها أم لا؟
أطلق الخلاف, وأطلقه في المذهب والمستوعب
والكافي2 والمغني3 والمقنع4 والتلخيص والمحرر
والشرح وشرح ابن منجى والحاويين والفائق
وغيرهم.
"أحدهما" يصح قرضه, اختاره القاضي في المجرد
وغيره, وجزم به في الوجيز وتجريد العناية
وغيرهما, وصححه في التصحيح وتصحيح المحرر
وغيرهما, فعلى هذا الوجه يرد المقترض القيمة.
"والوجه الثاني" لا يصح, جزم به في المنور
ومنتخب الآدمي وتذكرة ابن عبدوس والمذهب
الأحمد, وصححه في النظم, وقدمه في الخلاصة
وشرح ابن رزين والرعايتين وغيرهم, واختاره أبو
الخطاب في الهداية, قال في التلخيص: أصل
الوجهين هل يرد في المتقومات القيمة أو المثل؟
على روايتين يأتيان. وقال في المغني: ويمكن
بناء الخلاف على الوجهين في الواجب في بدل غير
المكيل والموزون, فإن قلنا: الواجب رد المثل,
لم يجز قرض
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
2 3/172
3 6/432.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/325.
(6/346)
في غير مباحة
للمقترض وجهان ومعرفة قدره بمقدر معروف ووصفه
شرط, وسأله أبو الصقر: عين بين أقوام لهم
نوائب في أيام يقترض الماء من نوبة صاحب
الخميس ليسقى به ليرد عليه يوم السبت؟ قال:
إذا كان محدودا يعرف كم يخرج منه لا بأس وإلا
أكرهه.
ـــــــ
الجواهر وما لا يثبت في الذمة سلما, لتعذر رد
مثلها, وإن قلنا: الواجب رد القيمة, جاز قرضه,
لإمكان رد القيمة, انتهى.
"المسألة الثانية" هل يصح قرض الرقيق إذا قلنا
لا يصح السلم فيه أم لا؟ أطلق الخلاف فيه,
وأطلقه في الهداية والمذهب والكافي والمغني
والمقنع والهادي والتلخيص والمحرر والشرح وشرح
ابن منجى وغيرهم. "أحدهما" لا يصح, صححه في
التصحيح, قال في تجريد العناية: لا يصح قرض
آدمي في الأظهر, واختاره القاضي وغيره, وجزم
به في المذهب الأحمد والوجيز ونهاية ابن رزين
وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الآدمي والمنور
وغيرهم, وقدمه في المستوعب والخلاصة والنظم
والرعايتين والزبدة والحاويين وشرح ابن رزين
وغيرهم.
"والوجه الثاني" يصح مطلقا, قال ابن عقيل في
العمد: أجود المذاهب عندي وأصحها مذهب ذا وهو
جواز قرض الآدمي ذكوره وإناثه. انتهى وقيل:
يصح في عبد لا جارية, وهو احتمال في المغني,
قال ابن عقيل في موضع: ولهذا منعنا من قرض
الإماء وإن صح قرض سائر الأموال لأجل ما فيه
من استباحة الأبضاع. انتهى
(6/347)
ويتم بقبوله,
قال جماعة: ويملك, وقيل: ويثبت ملكه بقبضه,
كهبة, وله الشراء به من مقرضه, نقله
مهنا.ويلزم مكيل وموزون بقبضه, وفي غيره
روايتان "م 3" ومن شأنه أن يصادف ذمة لا على
ما يحدث, ذكره في
ـــــــ
وقدمه في النظم, وأطلقهما في الشرح1 والفائق,
وقيل: يصح في الأمة إذا كانت غير مباحة
للمقترض, قال في الرعاية الكبرى: وقيل: يصح
قرض الأمة لمحرمها, وجزم أنه لا يصح لغير
محرمها.
"مسألة 3" قوله: ويلزم مكيل وموزون بقبضه, وفي
غيره روايتان, انتهى.
"قلت": حكم المعدود والمذروع حكم المكيل
والموزون, حيث صححنا قرضه, وهو عجيب من المصنف
كونه لم يذكرها.
"إحداهما" لا يلزم إلا بقبضه أيضا كالمكيل
والموزون "قلت": وهو قياس الرواية الصحيحة
التي في الهبة, فإن صاحب الخلاصة والمحرر
والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والفائق
والمصنف والحارثي وغيرهم قدموا في الهبة أنها
لا تلزم إلا بالقبض, وجزم به في الوجيز وغيره,
واختاره القاضي وابن عبدوس في تذكرته, وهو
المذهب عند ابن أبي موسى وابن منجى وغيرهم
فكذا يكون هنا, والله أعلم.
وقد قال أكثر الأصحاب: إن المقترض يملكه
بالقبض, فظاهره أنه لا يلزم قبل القبض, وأنه
يكون جائزا لا2 لازما, وهذا هو الصحيح.
"والرواية الثانية" لا يشترط في لزومه قبضه,
بل حيث تميز لزم, وهو قياس الرواية التي في
الهبة"3 وعلى الرواية التي في الهبة:
الأكثر3", قاله المصنف. وقال الحارثي وصاحب
الفائق: اختاره القاضي وأصحابه, قال ابن عقيل:
هذا المذهب, وقدمه في
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/328.
2 ليست في "ط".
3 ليست في "ط".
(6/348)
الانتصار وأنه
لا يجوز قرض المنافع, وفي الموجز: يصح قرض
حيوان وثوب لبيت المال ولآحاد المسلمين, ولا
يلزمه رد عينه, بل يثبت بدله في ذمته حالا ولو
أجله, وخالف شيخنا وذكره وجها, ويحرم تأجيله,
في الأصح, قطع به أبو الخطاب وغيره, قال أحمد:
القرض حال1
ـــــــ
المغني2 وشرح ابن رزين, فكذا يكون في القرض,
وقد قال في التلخيص والرعاية في باب القبض
والضمان: يجوز التصرف في القرض إذا كان
معينا3, فظاهره اللزوم في المتميز, ولم أر من
صرح بالروايتين في القرض غير المصنف, وقد قال
في القاعدة التاسعة والأربعين: القرض والصدقة
والزكاة وغيرهما فيه طريقان.
"أحدهما" لا يملك إلا بالقبض, رواية واحدة,
وهي طريقة المجرد والمبهج, ونص عليه في مواضع.
"والثانية" لا يملك المبهم بدون القبض, بخلاف
المعين فإنه يملك فيه بالعقد, وهي طريقة
القاضي في خلافه, وابن عقيل في مفرداته
والحلواني وابنه, إلا أنهما حكيا في المعين
روايتين كالهبة, انتهى. فظاهر كلام من يقول لا
يملك إلا بالقبض أنه لا يلزم إلا بالقبض,
ويحتمل قول من يقول يلزم بالعقد اللزوم وعدمه.
وقال في القاعدة المذكورة قبل ذلك: واعلم أن
كثيرا من الأصحاب يجعل القبض في هذه العقود
معتبرا للزومها واستمرارها, وصرح به صاحب
المغني4 والتلخيص وأبو الخطاب في انتصاره
وغيرهم, فهذا موافق لما قلنا. والله أعلم.
ـــــــ
1 في "ط": مال.
2 6/434.
3 في "ط": يقينا.
4 6/434
(6/349)
وينبغي أن يفي
بوعده, وإن رده بعينه لزمه قبول المثلي وقيل:
وغيره, فإن كان فلوسا أو مكسرة فحرمها السلطان
وقيل و لو1 لم يتعاملوا بها فله القيمة من غير
جنسه وقت العقد, نص عليه, وقيل: وقت فسدت,
والخلاف فيما إذا كان ثمنا,
وقيل: يوم الخصومة, وقيل: إن رخصت فله القيمة,
كاختلاف المكان, ونصه: يرد مثله, وإن شرط رده
بعينه أو باع درهما بدرهم هو
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
(6/350)
دفعه إليه لم
يصح "1قاله في الانتصار فيما لا يدخله ربا
الفضل, لأنه يفضي أن يجد البائع والمقرض عيبا
بالدرهم فيطالبان المشتري والمستقرض فيطالبا
بها, فيكون كل منها مطالبا ومطالبا, ولا
يجوز1"
ويرد المثل في المثلي مطلقا فإن أعوزه فقيمته
إذن ويرد قيمة جوهر ونحوه يوم قبضه, وفيما
عداهما وجهان "م 4" وإن اقترض خبزا أو خميرا
ـــــــ
"مسألة 4" قوله: ويرد المثل في المثلي مطلقا,
فإن أعوزه فقيمته إذن2 ويرد قيمة جوهر ونحوه
يوم قبضه وفيما عداهما وجهان, انتهى. يعني من
المعدود والمذروع والحيوان ونحوه, وأطلقهما في
الهداية والمستوعب والمذهب والكافي3 والمغني4
والمقنع5 والمحرر والشرح5 والنظم والحاويين
والفائق وتجريد العناية وغيرهم.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في "ط": أداء".
3 3/173.
4 6/435.
5 المقنع مع الشرح والإنصاف 12/338.
(6/351)
عددا ورد عددا
بلا قصد زيادة جاز, نقله الجماعة. وعنه: لا.
ويحرم شرط وقرض جر نفعا, كتعجيل نقد ليرخص
عليه في السعر, وكاستخدامه واستئجاره منه,
نقله الجماعة, وفي فساد القرض
ـــــــ
"أحدهما" يرد القيمة, اختاره الأكثر, وقطع به
في المذهب الأحمد والوجيز ونهاية ابن رزين
وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب الآدمي وتسهيل
البعلي, وصححه في التصحيح, وقدمه في الخلاصة
والهادي والرعايتين والزبدة وشرح ابن رزين
وغيرهم.
"والوجه الثاني" يجب رد مثله من جنسه بصفاته,
وإليه ميله في الكافي1 والمغني2 والشرح3, وهو
ظاهر كلامه في العمدة "قلت": ويعضده كون النبي
صلى الله عليه وسلم استسلف بكرا فرد خيرا منه
ولم يعطه القيمة4, والله أعلم.
"*" تنبيه : قوله: ويحرم شرط وقرض جر نفعا
انتهى, قال شيخنا: كذا في النسخ, والذي يظهر
"شرط قرض" بالإضافة وحذف الواو, انتهى. والذي
يظهر أن
ـــــــ
1 3/173.
2 6/435.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/339.
4 أخرجه مسلم "1600" من حديث أبي رافع والبكر:
الفتى من الإبل "القاموس": بكر.
(6/352)
روايتان "م 5"
وإن فعله بلا شرط ولا مواطأة نص عليه أو أعطى
أجود أو هدية بعد الوفاء جاز, على الأصح, وحرم
الحلواني أخذ أجود مع العادة, وإن فعله قبله
بلا عادة سابقة حرم, على الأصح, إلا أن ينوي
احتسابه من دينه أو مكافأته, نص عليه,
وكذا غريمه, فلو استضافه حسب له ما أكله, نص
عليه, ويتوجه: لا, وظاهر كلامهم أنه في
الدعوات كغيره, وقيل علمه أن المقترض يزيده
شيئا كشرطه, وقيل: لا "م 6"
ـــــــ
الدين في الأصل أولى, وأن مراده بالشرط غير
الذي جر نفعا كما إذا نافاه ونحوه, وعلى قول
شيخنا لا تفي العبارة بما قال.
"مسألة 5" قوله: ويحرم شرط وقرض جر نفعا,
كتعجيل نقد ليرخص عليه في السعر, وكاستخدامه
واستئجاره منه, نقله الجماعة, وفي فساد القرض
روايتان, انتهى. وأطلقهما في المستوعب
والتلخيص والرعايتين والحاويين.
"إحداهما" يفسد, جزم به ابن عبدوس في تذكرته.
"الرواية الثانية" لا يفسد "قلت": وهو الصواب,
وهي من جملة المسائل التي قارنها شرط فاسد,
وهو ظاهر كلامه في المغني1 والشرح2, بل أكثر
الأصحاب لأنهم قالوا: يحرم ذلك, ولم يتعرضوا
لفساد العقد.
"مسألة 6" قوله: وقيل علمه أن المقترض يزيده
شيئا كشرطه وقيل: لا, انتهى إن كانت النسخ
بالواو في قوله, وقيل علمه, فيكون المقدم عند
المصنف خلاف ذلك, إذ الإتيان بواو يقتضي تقدم
شيء, ولكن يرده قوله بعده, وقيل: لا. فيكون في
العبارة نوع خفاء, ويحتمل أن يكون هذا كله
طريقة, وأن المقدم التحريم
ـــــــ
1 6/436.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/342.
(6/353)
وإن قضاه صحاحا
عن مكسرة أقل لعلة الفضل لم يجز, وإلا جاز, نص
عليه, وشرط نقص كشرط زيادة, وقيل: لا, ويتوجه
أنه فيما لا ربا فيه.
ـــــــ
مطلقا, وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب, ولصاحب
الرعاية عبارات كثيرة تشبه هذه العبارة, وإن
كانت النسخ بالفاء فيكون الخلاف مطلقا, ويكون
كلامه الأول مخصوصا بغير هذه المسألة, وكذا إن
كانت الواو زائدة, وعلى كل تقدير نذكر الصحيح
من القولين فنقول:
"القول الأول" اختاره القاضي, وقطع به في
الحاوي الصغير, وقدمه في الرعايتين, وهو قياس
المسائل التي قبلها.
"والقول الثاني" هو الصحيح, اختاره الشيخ
الموفق والشارح وصاحب الحاوي الكبير, وقالوا:
لأنه عليه أفضل الصلاة والسلام كان معروفا
بحسن الوفاء, فهل يسوغ لأحد أن يقول إن إقراضه
مكروه؟ وعللوه بتعاليل جيدة, وقدمه ابن رزين
في شرحه, وصححه الناظم, وهو الصواب,
وأطلقهما في الفائق, وقيل: إن زاده مرة في
الوفاء فزيادة مرة ثانية محرمة ذكره في النظم,
قال ابن أبي موسى: إن زاد مرة لم يجز أن يأخذ
في المرة الثانية, قولا واحدا, انتهى.
(6/354)
وفي قرض غريمه
ليرهنه بهما روايتان "م 7". وكذا شرط القضاء
في بلد آخر "م 8" وفي المغني1: إن لم يكن
لحمله مؤنة وإلا حرم. وعنه: أكرهه
ـــــــ
"مسألة 7" قوله: وفي قرض غريمه ليرهنه بهما
روايتان, انتهى. وأطلقهما في المستوعب
والمغني2 والرعاية الكبرى, قال في الحاوي
الكبير: لو قال صاحب الحق أعطني رهنا وأعطيك
مالا تعمل فيه وتقضيني, جاز, وكذا قال في
الرعاية الكبرى وجزم به في موضع آخر.
إذا علم ذلك فرواية البطلان نقلها حنبل,
ورواية الجواز نقلها مهنا, وقدم ابن رزين في
شرحه في باب الرهن عدم الصحة, لأنه يجر نفعا
"قلت": الصواب أنه إن كان لا يقدر أن يتوصل
إلى حقه إلا بذلك ساغ وإلا فلا, والله أعلم.
"مسألة 8" قوله وكذا شرط القضاء في بلد آخر,
يعني هل يجوز هذا الشرط أم لا؟ وأطلقهما في
المغني2 والكافي3 والشرح4 وشرح ابن منجا
وغيرهم
"إحداهما" لا يجوز ولا يصح, هو الصحيح, جزم به
في الوجيز وغيره وقدمه في الهداية والمستوعب
والمقنع4 والرعايتين والحاويين
ـــــــ
1 6/437.
2 6/436-437.
3 3/175.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/342
(6/355)
إن كان لبيع
وعنه: لا بأس على وجه المعروف, وإن كان لينتفع
بالدراهم ويؤخر دفعها لم يصح1, أو قال: أقرضني
ألفا أو ادفع إلي أرضك أزرعها بالثلث.
ولو أقرض غريمه ليوفيه كل وقت شيئا جاز, نقله
مهنا, ونقل حنبل: يكره. وإن أقرض أكاره في
شراء بقر أو بذر, أو قال: أقرضني ألفا أو ادفع
إلي أرضك أزرعها بالثلث بلا شرط, حرم عند
أحمد, وجوزه الشيخ, وكرهه في الترغيب في
الأولة, ولو أمره ببذره وأنه في ذمته كالمعتاد
ففاسد, له
ـــــــ
وشرح ابن رزين وغيرهم
"والرواية الثانية" يجوز هذا الشرط, وهو
احتمال في المقنع2 واختاره الشيخ تقي الدين
وصححه في النظم والفائق, وهو ظاهر كلام ابن
أبي موسى, قلت: وفيه قوة واختار الشيخ الموفق
الجواز فيما إذا لم يكن لحمله مؤنة, وعدمه
فيما لحمله مؤنة. فهذه ثمان مسائل قد صححت,
ولله الحمد والمنة.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: يصلح والمثبت من "ط".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/343.
(6/356)
تسمية المثل,
ولو تلف لم يضمنه, لأنه أمانة, ذكره شيخنا.
ولو أقرض من له عليه بر ما يشتريه به يوفيه
إياه فقال سفيان: مكروه, أمر بين, قال أحمد:
جود. وفي المستوعب: يكره, وفي المغني1: يجوز.
ولو جعل جعلا على اقتراضه له بجاهه صح, لأنه
في مقابلة ما بذله من جاهه فقط لا كفالته عنه,
نص عليهما, لأنه ضامن, فيكون قرضا جر نفعا
ومنع الأزجي. ولو اقترض ببلد فطلب منه في غيره
بدله لزمه, إلا ما لحمله مؤنة وقيمته في بلد
القرض أنقص فيلزمه إذا قيمته فيه فقط, وذكر
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 6/438.
(6/357)
الشيخ أن ما
لحمله مؤنة فطلب ببلد آخر لا يلزمه, لأنه لا
يلزمه حمله إليه, وذكر هو وغيره في الأثمان:
يلزمه. وفي المستوعب: الأثمان مما لا مؤنة
لحمله فيلزمه, فإن بذله1 له المقترض ولا مؤنة
لحمله لزم قبوله مع أمن البلد والطريق, وبدل
المغصوب التالف2 ذكر مثله, قال أحمد: ما
يعجبني أن يستقرض ولا يعلمه بحاله إلا ما يقدر
أن يؤديه3.
وكره الشراء بدين ولا وفاء عنده إلا اليسير,
وما أحب أن يقترض بجاهه لإخوانه.
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 بعدها في "ط": ما
2 بعدها في "ر" و "ط": ذكره.
3 لبست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
(6/358)
باب الرهن
مدخل
...
باب الرهن
يصح ممن يصح بيعه, قال في الترغيب وغيره: وصح
تبرعه لأنه تبرع. وفي المستوعب وغيره: لولي
رهنه عند أمين لمصلحة, كحل دين عليه مع الحق
وبعده, واختار أبو الخطاب: وقبله, وأنه يحتمله
كلام أحمد قاله في الانتصار لا معلقا بشرط,
بكل دين واجب أو مآله إليه, ونفع إجارة في
الذمة.
ولا يصح بمسلم فيه, ونقل حنبل: يصح, وفيه برأس
مال سلم روايتان في الترغيب "م 1" وغيره
ـــــــ
"مسألة 1" قوله: ولا يصح بمسلم فيه, ونقل
حنبل: يصح, وفيه برأس مال سلم روايتان في
الترغيب, انتهى. وكذا قال في التلخيص.
(6/359)
وفي عين مضمونة
كعارية, وقيل: وجعل قبل العمل ودية قبل الحول
وجهان, كدين كتابة, وفيه في الموجز روايتان,
"م 2 - 4"
ـــــــ
"إحداهما" لا يجوز ولا يصح, قدمه في المستوعب
والرعايتين والحاويين وعزاه في المجد في شرحه
إلى اختيار القاضي في المجرد في الرهن, نقله
في تصحيح المحرر.
والرواية "الثانية" يصح, صححه في الرعاية
الكبرى في آخر باب السلم, وقال في باب الرهن:
ويصح الرهن برأس مال السلم, على الأصح. وقال
في الوجيز: ويجوز شرط الرهن والضمان في السلم
والقرض "قلت" وهذا هو الصواب.
"مسألة 2" قوله: وفي عين مضمونة كعارية, وقيل:
وجعل قبل العمل, ودية قبل الحول, وجهان كدين
كتابة وفيه في الموجز روايتان, انتهى. ذكر
المصنف مسائل:
"المسألة الأولى" هل يصح الرهن على العين
المضمونة كالعارية والمغصوب والمقبوض على وجه
السوم ونحوه أم لا؟ أطلق الخلاف, وأطلقه في
المغني1 والشرح2 والفائق وغيرهم.
"أحدهما" لا يصح, قال في الكافي3: هذا قياس
المذهب, وقدمه في الرعاية الكبرى, قال في
الفائق: وعليه يخرج الرهن على عواري الكتب
الموقوفة ونحوها, انتهى.
"والوجه الثاني" يصح الرهن على ذلك, قال
القاضي: هذا قياس المذهب "قلت": وهو أولى.
"المسألة الثانية 3" الرهن على الدية قبل
الحول, يعني التي على العاقلة فيحتمل قول
المصنف ودية قبل الحول, أنه معطوف على قوله
"كعارية" فيكون قد أطلق الخلاف فيها أيضا,
ويرده كونه أدخل بينهما مسألة قدم فيها حكما,
ويحتمل أن يكون
ـــــــ
1 6/453.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/407.
3 3/180.
(6/360)
ولا يصح بعهدة
مبيع وعين ومنفعتها. وتصح عين يجوز بيعها,
وقيل:
ـــــــ
معطوفا على قوله "وجعل" وهو الصواب, فيكون قد
قدم فيهما حكما مثل حكم الجعل قبل العمل, وهو
عدم الصحة, ولكن لأجل الاحتمال الأول نذكر
المسألة والصحيح من المذهب فيها فنقول: ذكر
الأصحاب فيها قولين:
"أحدهما" لا يصح أخذ الرهن على ذلك, وهو
الصحيح من المذهب, جزم به في الكافي والنظم
والرعاية الصغرى والحاويين وتذكرة ابن عبدوس
وغيرهم, وقدمه في المغني1 والشرح2 وشرح ابن
رزين والرعاية الكبرى والفائق وغيرهم, وهذا
مما يقوي أنه معطوف على قوله "وجعل" ويؤيده أن
الشيخ في المغني1 والشارح جعلا حكم الجعل
والدية واحد.
"والقول الثاني" يصح, وهو احتمال في المغني1
والشرح2. وقال في الرعاية: وقيل يصح إن صح
الرهن بدين قبل وجوبه, انتهى.
"المسألة الثالثة 4" دين الكتابة هل يصح أخذ
الرهن عليه أم لا؟ أطلق الوجهين فيه, وحكاهما
في الموجز روايتين, وأطلقهما, في المحرر وشرحه
والنظم والرعايتين والزبدة والحاويين والفائق
وغيرهم.
"أحدهما" لا يصح أخذ الرهن عليه, وهو الصحيح,
جزم به ابن عقيل في التذكرة, والشيرازي في
الإيضاح, والشيخ الموفق في المغني1 والكافي3,
والمجد في شرحه, قاله في تصحيح المحرر
والشارح, وابن رزين في شرحه, وابن عبدوس في
تذكرته, وغيرهم, وصححه في تصحيح المحرر.
والوجه الثاني يصح, ولم أطلع على من اختاره
"قلت": في إطلاق المصنف في هذه المسألة الخلاف
نظر. والظاهر أنه تابع المجد في محرره, أو
نقول: قوله
ـــــــ
1 6/425.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/319.
3 3/180.
(6/361)
غير مكاتب, فإن
صح مكن من الكسب كما كان, وما أداه رهن معه
. وإن رهن ذمي عند مسلم خمرا بيد ذمي لم يصح,
فإن باعه الوكيل حل ويقبضه أو يبرئ, أومأ
إليه.
ويحرم رهن مال يتيم لفاسق, ومثله المكاتب
والمأذون له, ذكره في الترغيب وغيره, ويتوجه:
إن خرج بفسقه عن الأمانة وإلا لم يحرم, وأن
الكافر في رهنه منه وتوكيله فيه مثله وأولى,
بدليل عامل الزكاة, واللقطة.
وفي ثمر وزرع قبل بدو1 صلاحه بشرط التبقية
وعبد مسلم ومصحف لكافر في يد مسلم وجهان "م 5
و 7"
ـــــــ
"كدين كتابة" لا يقتضي إطلاق الخلاف, وإنما هو
حكاية خلاف من غير إطلاقه, وهو بعيد, وقيل:
جاز أن يعجز الكاتب نفسه لم يصح وإلا صح.
"مسألة 5 - 7" قوله: وفي ثمر وزرع قبل بدو1
صلاحه بشرط التبقية وعبد مسلم ومصحف لكافر
وجهان, انتهى, في ذلك مسائل:
"المسألة الأولى 5" هل يصح رهن الثمر والزرع
قبل صلاحه بشرط التبقية أم لا؟ أطلق الخلاف,
وأطلقه في المغني2 والمقنع3 والشرح3 والرعاية
الصغرى والحاويين والنظم والفائق وغيرهم.
"أحدهما" يصح, وهو الصحيح, جزم به في الخلاصة
والمحرر والوجيز وتذكرة ابن عبدوس ونظم
المفردات وغيرهم, واختاره القاضي وغيره, وصححه
في التصحيح وشرح ابن منجا وغيرهما.
"والوجه الثاني" لا يصح, قال في الرعاية
الكبرى: وإن رهنها قبل بدو صلاحها
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
2 6/461.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
12/377-378.
(6/362)
وما يفسد قبل
الأجل إن صح رهنه في المنصوص بيع وجعل ثمنه
ـــــــ
بدين مؤجل صح, في الأصح, إن شرط القطع لا
الترك, وكذا الخلاف إن أطلقا, فتباع إذن على
القطع, ويكون الثمر رهنا, وإن رهنا بدين حال
بشرط القطع صح, وتباع لذلك, انتهى. "قلت":
ويحتمل صحته بمؤجل يحل عند جواز بيعه. ولم
أره.
"المسألة الثانية 6" هل يصح رهن العبد المسلم
لكافر أم لا؟ أطلق الخلاف, وأطلقه في المذهب
والفائق. "أحدهما" لا يصح, جزم به في الهادي
وغيره, وقدمه في الخلاصة والكافي1 والمقنع2
والرعايتين والحاويين والنظم وغيرهم, واختاره
القاضي وغيره.
"والوجه الثاني" يصح بشرط أن يكون بيد مسلم
عدل, اختاره أبو الخطاب, والشيخ الموفق في
المغني3, والشارح والشيخ تقي الدين وقال:
اختاره طائفة من أصحابنا, وجزم به ابن عبدوس
في تذكرته. وقال في المحرر: ويصح في كل عين
يجوز بيعها, وكذا قال في التلخيص والوجيز
وغيرهما "قلت": وهو الصواب والصحيح من المذهب.
"المسألة الثالثة"-7 : هل يصح رهن المصحف
لكافر أم لا ; أطلق الخلاف.
"أحدهما" يصح, صححه في الرعاية الكبرى "قلت":
وهو الصواب, ويكون بيد عدل مسلم إن جوزنا
بيعه, وهو ظاهر كلامه في التلخيص والمحرر
وغيرهم, كما تقدم في التي قبلها.
"والوجه الثاني" لا يصح رهنه, وهو المذهب على
ما اصطلحناه, جزم به في الكافي والفائق, وهو
ظاهر ما قدمه في الرعاية الصغرى والحاويين,
فإنهما
ـــــــ
1 3/193.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/382.
3 6/470.
(6/363)
رهنا, نقل أبو
طالب فيمن رهن وغاب وخاف المرتهن فساده أو
ذهابه فليأت السلطان حتى يبيعه, كما أرسل ابن
سيرين إلى إياس بن معاوية يأذن له في بيعه,
فإذا باعه حفظه حتى يجيء صاحبه فيدفعه إليه
بأسره, حتى يكون صاحبه يقضيه ما عليه.
وإن لم يرض المرتهن والشريك في المشاع بيد
أحدهما أو غيرهما, عدله الحاكم, وهل يؤجره؟
فيه وجهان "م 8"
وإن رهن حصته من معين فيه "*" يمكن قسمته
فوجهان كبيعه "م 9 - 10"
ـــــــ
قدما عدم الصحة في رهن العبد المسلم لكافر ثم
قالا وكذا المصحف إن جاز بيعه.
"مسألة 8" قوله: وإن لم يرض المرتهن والشريك
في المشاع بيد أحدهما. أو غيرهما عدله الحاكم,
وهو يؤجره؟ فيه وجهان, انتهى. يعني هل للحاكم
إجارته كما له أن يجعله عند عدل والحالة هذه؟
أطلق الخلاف.
"أحدهما" له إجارته, وهو الصحيح من المذهب,
جزم به في التلخيص والرعاية الصغرى والحاويين
والوجيز وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم.
"والوجه الثاني" ليس له ذلك, وهو قوي, لأنا
إنما أجزنا للحاكم التعديل لكون كل واحد منهما
له حق فيه, وقد حصل لهما التنازع, وأما
الإجارة فمحض1 حق الراهن, لكن يقال في الأول:
زاده الحاكم خيرا, لأنه عدله بإجارة, والله
أعلم.
مسألة 9-10 قوله: وإن رهن حصته من معين فيه
يمكن, قسمته فوجهان كبيعه, انتهى. فيه
مسألتان:
المسألة الأولى-9 إذا كان له نصف دار مثلا
مشاعا مشتملة على بيوت وتنقسم فرهن نصيبه من
بيت منها, فهل يصح أم لا؟ أطلق الخلاف فيه.
ـــــــ
1 في "ط": فيحصل.
(6/364)
وفي الانتصار:
لا يصح بيعه, نص عليه. وإن اقتسما فوقع لغيره
فهل
ـــــــ
"أحدهما" يصح, وهو الصحيح, قدمه في المغني1
والشرح2 ونصراه, وصححه في الفائق, وقدمه ابن
رزين في شرحه.
"والوجه الثاني" لا يصح, وهو احتمال للقاضي,
وجزم به في التخليص لغير الشريك, وحكى في
الشريك احتمالين عن القاضي في المجرد, قال في
الرعاية: ولا يصح رهن حقه من معين من دار
مشتركة تنقسم. وفيه احتمال, وإن رهنه عند
شريكه فاحتمالان, وإن لم ينقسم صح, وقيل: إن
لزم الرهن بالعقد صح وإلا فلا, انتهى.
"تنبيه" قوله: "من معين فيه لعله" في مشاع
"قاله ابن نصر الله, وليس كما قال, وإنما هو
كما قال المصنف, وقد مثلنا صورته, وكلامه قبل
ذلك يدل عليه, وقاله في المغني وغيره, وقول
ابن نصر الله: قوله. وفي الانتصار لا يصح
بيعه, نص عليه. أي المشاع ليس كذلك, وإنما
مراده بيع هذه الحصة من هذا البيت قبل القسمة.
"المسألة الثانية 10" بيع نصيبه من بيت منها
والحالة ما تقدم هل يصح أم لا؟ أطلق الخلاف:
"أحدهما" يصح, وهو الصحيح من المذهب, وجزم به
في المغني1 والشرح2 وشرح ابن رزين وغيرهم.
ـــــــ
1 6/456.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/371.
(6/365)
يلزمه بذله أو
رهنه لشريكه فيه "*" وجهان "م 11"
ـــــــ
"والوجه الثاني" لا يصح قال في الانتصار: لا
يصح بيعه, نص عليه, انتهى. "قلت": لعل الخلاف
في الرهن مبني على صحة بيعه وعدمها, وهو ظاهر
كلام المصنف.
تنبيهات
"*" الأول: يحتمل أنه أراد بقوله "أو رهنه
لشريكه" رهن ما وقع له من القسمة عند شريكه,
ويبقى ما كان مرهونا عند المرتهن كما كان قبل
القسمة, كما تقدم, وهو بعيد في المعنى, ولم
أجده مذكورا, والعبارة لا تساعده, وقد قطع
الشيخ في المغني1 والشارح بأن الراهن ممنوع من
القسمة في هذه المسألة, والله أعلم.
قال ابن نصر الله: أي هل يلزم الغير الذي وقع
له المعين المرهون أن يبذله لشريكه ليرهنه كما
كان أو يرهنه هو لشريكه, انتهى, وهو ظاهر
عبارة المصنف, وقوله: "يلزمه بذله" بالذال
المعجمة, فعلى هذا يكون "2في كلام المصنف
إضمار تقديره: فهل يلزمه بذله أو رهنه لشريكه
أم لا يلزمه شيء من ذلك, فعلى هذا يكون2"
الصحيح من الوجهين عدم اللزوم, وقد وافق شيخنا
في حواشيه له على الثاني ووافقنا على الأول.
"مسألة 11" قوله: فإن اقتسما يعني في المسألة
التي قبلها, وقلنا يصح فوقع لغيره فهل يلزمه
بذله أو رهنه لشريكه؟ فيه وجهان, انتهى. يعني
إذا وقع المرهون لشريك الراهن في القسمة فهل
يلزم الراهن بذله ليكون رهنا أم لا؟ أطلق
الخلاف.
ـــــــ
1 6/456.
2 ليست في "ص".
(6/366)
ويصح رهن أمة
دون ولدها, وعكسه, ويباعان. وشرط خلوة محرمة
فاسد وحده واستئجار شيء ليرهنه ورهن المعار
بإذن ربه بين الدين أو لا, وله الرجو قبل
إقباضه, كقبل العقد, وقدم في التلخيص: لا,
كبعده, خلافا للانتصار فيه, فإن بيع رجع
بقيمته أو بمثله لا بما بيع, نص عليه, وقطع في
المحرر واختاره في الترغيب بأكثرهما"*",
ـــــــ
"أحدهما" يلزمه بدله يكون رهنا مكانه, لكونه
انتقل إلى ملك الشريك. "قلت": وهو الصواب,
أشبه ما لو بان مستحقا, وهو ظاهر كلام القاضي.
"والوجه الثاني" يرهن ما صار له عند الشريك
على ما بيد المرتهن ويبقى الرهن على حاله.
"*" الثاني: قوله: ويصح استئجار شيء ليرهنه
ورهن المعار بإذن ربه. فإن بيع رجع بقيمته أو
بمثله لا بما بيع, نص عليه, وقطع في المحرر
واختاره في الترغيب
(6/367)
ويضمنه مستعير
فقط, ويتوجه الوجه في مستأجر من مستعير, ولا
يلزم إلا في حق الراهن إذا قبضه, ذكره الشيخ
وغيره: المذهب المرتهن أو من اتفقا عليه.
ويحرم نقله عنه مع بقاء حاله إلا باتفاقهما,
ويضمنه مرتهن بغصبه في الأصح يزول برده, وأن
نيابته باقية ولا يزول برده من سفر"*", وصفة
قبضه كمبيع, ويعتبر فيه إذن ولي أمر, وعنه:
لورثته إقباضه منه وثم غريم لم يأذن. ويبطل
إذنه بنحو إغماء وخرس, فإن رهنه ما في يده ولو
غصبا فكهبته إياه, ويزول ضمانه, فإن أخذه
الراهن بإذن المرتهن ولو نيابة له وفي
الانتصار احتمال: ولو غصبا زال لزومه, فإن رده
إليه عاد, وإن أجره أو أعاره من المرتهن أو
غيره بإذنه فلزومه باق, اختاره في
ـــــــ
بأكثرها, انتهى. هذا القول الثاني هو الصواب,
وقطع به في المنور وغيره, واختاره ابن عبدوس
في تذكرته, وغيره, وصححه في الرعاية الكبرى,
قال ابن نصر الله في حواشي الفروع: وهو الصواب
قطعا, وهو كما قال, وبأي شيء يستحق الراهن
الزائد وهو ملك غيره؟
"*" الثالث " قوله: ولا يزول برده من سفر,
انتهى. لا معنى للسفر هنا, وصوابه برده من
نفسه, أي إذا كان الرهن بيده فتعدى فيه ثم زال
تعديه لا يزول ضمانه بذلك, صرح به في الرعاية,
نبه عليه ابن نصر الله.
(6/368)
المغني1
والمحرر وفي الانتصار هو المذهب, كالمرتهن,
وعنه: لا, نصره القاضي, وقطع به جماعة, فإن
استأجره المرتهن عاد بمضيها, ولو سكنه بأجرته
بلا إذنه فلا رهن, نص عليهما. ونقل ابن منصور
إن أكراه بإذن الراهن أو له فإذا رجع صار رهنا
والكراء للراهن, وأنه لو قال: البسه, لم يجز
إذا كان يأخذ القضاء, وعنه. رهن المعين يلزم
بالعقد, وهو المذهب عند ابن عقيل وغيره, وفي
التعليق: هو قول أصحابنا, فمتى أبى الراهن
تقبيضه أجبر, وذكر جماعة: لا يصح الرهن إلا
مقبوضا. وإن وهبه أو رهنه ونحوه بإذن المرتهن
صح وبطل الرهن, وإن زاد دين الرهن لم يجز,
لأنه رهن مرهون. وقال القاضي وغيره: كالزيادة
في الثمن. وتجوز زيادة الرهن توثقة, وفي
الروضة: لا تجوز تقوية الرهن بشيء آخر بعد عقد
الرهن, ولا بأس بالزيادة في الدين على الرهن
الأول, كذا قال.
وإن باعه بإذن بعد حل الدين أو بشرط رهن ثمنه
مكانه صح وصار رهنا, في الأصح "2وبدونهما يبطل
الرهن, وقيل: لا, ويشترط تعجيل دينه المؤجل من
ثمنه لا يصح البيع وهو رهن, وقيل: يصح ويكون
الثمن رهنا في الأصح2"
وذكر الشيخ صحة الشرط, وذكره في الترغيب, وأن
الثواب في الهبة كذلك.
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 6/45.
2 ليست في "ب".
(6/369)
وله الرجوع
فيما أذن فيه قبل وقوعه, فلو ادعى أنه رجع قبل
البيع أو تصرف الراهن جاهلا برجوعه فوجهان "م
12 - 13"
وكل شرط وافق مقتضاه لم يؤثر, وإن لم يقتضه أو
نافاه, نحو كون منافعه له, أو1 إن جاءه بحقه
في محله وإلا فهو له أو لا يقبضه, فهو
ـــــــ
"مسألة 12" قوله: وله الرجوع فيما إذا أذن فيه
قبل وقوعه, فلو ادعى أنه رجع قبل البيع أو
تصرف الراهن جاهلا برجوعه فوجهان, انتهى. ذكر
مسألتين:
"المسألة الأولى" لو أذن المرتهن للراهن في
البيع ثم رجع جاز, لكن لو ادعى أنه رجع قبل
البيع فهل يقبل قوله أم لا؟ أطلق الخلاف فيه,
وأطلقه في الرعاية الكبرى.
"أحدهما" يقبل قوله, اختاره القاضي, واقتصر
عليه في المغني.2
والوجه الثاني لا يقبل "قلت" وهو الصواب, لأن
الأصل عدمه وقد تعلق به حق ثالث, ثم وجدت
الشيخ تقي الدين اختار مثل ذلك, ذكره المصنف
عنه في الوكالة فقال: قال شيخنا: لو باع أو
تصرف فادعى أنه عزله قبله لم يقبل, انتهى. ثم
وجدته في الفصول, قطع بما قاله الشيخ تقي
الدين.
"المسألة الثانية 13" إذا ثبت رجوعه وتصرف
الراهن جاهلا فهل يصح أم لا؟ أطلق الخلاف فيه,
وأطلقه في المحرر والرعايتين والحاويين والنظم
والفائق والمغني3, والكافي4 والشرح5 وقالا:
بناء على تصرف الوكيل بعد عزله قبل علمه,
انتهى. وهو الصواب. والصحيح من المذهب أنه
ينعزل, فكذا هنا, فلا يصح تصرف الراهن على
الصحيح عند من بناه, والمصنف قد أطلق الخلاف
في الوكالة أيضا, لكن قال: اختار الأكثر
الانعزال, على ما يأتي هناك, ويكفينا تصحيح
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "و" والمثبت من "ط".
2 6/530.
3 6/531.
4 2/199.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/445-
446.
(6/370)
فاسد, وفي
العقد روايتا بيع "*" وقيل: إن نقص حق المرتهن
فسد وإلا فالروايتان وقيل إن سقط به دين الرهن
فسد وإلا فالرويتان إلا جعل.
ـــــــ
من بناه على الوكالة, لكن الذي اخترناه في
الوكالة أنه لا ينعزل قبل علمه.
"*" تنبيه : قوله: "وكل شرط وافق مقتضاه لم
يؤثر, وإن لم يقتضه أو نافاه, نحو كون منافعه
له, وإن جاءه بحقه في محله وإلا فهو له أو لا
يقبضه, فهو فاسد. وفي العقد روايتا بيع,
انتهى. أحال المصنف هذه المسألة على مسألة
البيع, يعني فيما إذا شرط فيه ما لم يقتضه أو
نافاه, وقد قدم في باب الشروط في البيع الصحة1
فقال: صح العقد فقط, نص عليه, واختاره الشيخ
وغيره, وعنه لا, نصره القاضي وأصحابه, انتهى,
فيكون المذهب هنا الصحة, وليس هذا من الخلاف
المطلق. إذا علم ذلك فقد أطلق الخلاف هنا صاحب
الهداية والمذهب والخلاصة والمقنع2 والهادي
والتلخيص والحاويين والفائق وغيرهم.
"إحداهما" لا يصح, جزم به في الوجيز وغيره,
وصححه في التصحيح.
"والرواية الثانية" يصح, وهي المذهب, على ما
قاله المصنف, ونصره أبو الخطاب في رءوس
المسائل فيما إذا شرط ما ينافيه, وقطع به ابن
عبدوس في تذكرته, وقدمه في الرعايتين وغيره.
وقال في المغني3 والشرح4: فقال القاضي: يحتمل
أن يفسد الرهن. وقيل: إن شرطا الرهن مؤقتا, أو
رهنه يوما ويوما لا, فسد الرهن, وهل يفسد
بسائرها؟ على وجهين, بناء على الشروط الفاسدة
في البيع, ونصر أبو الخطاب في رءوس المسائل
صحته, انتهى, وقول المصنف بعد ذلك "وقيل: إن
نقص حق المرتهن فسد وإلا فالروايتان, وقيل: إن
سقط به دين الرهن فسد وإلا فالروايتان ".
انتهى. مراده بالروايتين الروايتان المتقدمتان
اللتان في أصل المسألة. وأحالهما على
ـــــــ
1 ص 192.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/464.
3 6/506- 507.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/467.
(6/371)
الأمة في يد
أجنبي عزب, لأنه لا ضرر. وفي الفصول احتمال:
يبطل, بخلاف البيع, لأنه القياس ثم إذا بطل
وكان في بيع ففي بطلانه لأخذه حظا من الثمن أم
لا, لانفراده عنه, كمهر في نكاح, احتمالان "م
14"
ـــــــ
البيع فذكر في محل الروايتين ثلاث طرق
"مسألة 14" قول المصنف بعد ذكر المسألة التي
فيها ذكر الخلاف كله ثم إذا بطل وكان في بيع
ففي بطلانه لأخذه حظا من الثمن أم لا,
لانفراده عنه, كمهر في نكاح احتمالان, انتهى,
يعني إذا باعه شيئا بشرط رهن, وشرط في الرهن
ما لم يقتصه أو نافاه, وقلنا يبطل, فهل يبطل
البيع أم لا؟ أطلق احتمالين, هذا ما يظهر من
كلامه.
أحدهما: لا يبطل "قلت": وهو ظاهر كلام
الأصحاب.
الثاني: يبطل, لما علله به المصنف, وهو
الصواب, ثم رأيته في الفصول ذكر الاحتمالين,
فظهر أن كلام المصنف هذا والذي قبله من كلامه
في الفصول, فإنه قال: وكل موضع قلنا الرهن
باطل فإن كان الرهن بحق مستقر بطل الرهن وألحق
بحاله, وإن كان الرهن في بيع فإذا بطل الرهن
فهل يبطل البيع؟ يحتمل أن لا يبطل, لأن عقد
الرهن ينفرد عن البيع. ويحتمل أن1يبطل البيع,
لأنه قد أخذ حظا من الثمن, وذلك القدر الناقص
مجهول, والمجهول إذا أضيف إلى معلوم أو حط منه
جهل الكل, وجهالة الثمن تفسد البيع, انتهى.
ـــــــ
1بعدها في "ص" و "ط": "لا".
(6/372)
فصل: ويحرم
عتقه, على الأصح
فإن أعتقه أو أقر به فكذبه وقيل: أو وقفه1,
وقيل: أو أقر ببيعه أو غصبه أو جنايته وهو
موسر, كإقراره بنسب مطلقا, أو أحبل الأمة بلا
إذن المرتهن في وطئه, والقول قوله وقول وارثه
في إذنه فيه أو ضربه بلا إذنه فيه لزمته قيمته
رهنا, وقيل إن أقر بطل
ـــــــ
1 في "ط": وافقته.
(6/372)
مجانا, وفي
طريقة بعض أصحابنا: يصح بيع الراهن له "و هـ"
ويلزمه, ويقف لزومه في حق المرتهن كبيع
الخيار. وإن ادعى الراهن أن الولد منه وأمكن,
وأقر مرتهن بإذنه وبوطئه وأنها ولدته قبل
قوله, وإلا فلا, وعنه لا يصح عتق معسر, اختاره
أبو محمد الجوزي, وقيل: وغيره, وذكره في
المبهج رواية.
وفي طريقة بعض أصحابنا: إن كان معسرا استسعى
العبد بقدر قيمته تجعل رهنا, وقيل: إن أقر
بعتقه لم يقبل كعبد بيع, وكإقراره على مكاتبه
أنه كان جنى بيع أو أنه1 باعه أو أعتقه فيعتق
كإبرائه, ذكره في المنتخب, وإن لم تحبل فأرش
البكر فقط. كجنايته, وإن أقر بوطء بعد لزومه
قبل في حقه ويحتمل وحق مرتهن,
ولا يصح تصرفه بغير عتقه ولو بكتابة. ولا
ينتفع به بلا إذن, قيل له في رواية ابن منصور:
أله أن يطأ؟ قال: لا, والله. وقال القاضي: له
تزويج الأمة دون تسليمها, وقاله أبو بكر,
وذكره عن أحمد.
وفي غرسه الأرض والدين مؤجل احتمالان "م 15"
ولا يمنع من سقي شجرة وتلقيح وإنزاء فحل على
إناث قطع به في2 المذهب وقدمه في التبصرة
مرهونة
ـــــــ
"مسألة 15" قوله: وفي غرسه الأرض والدين مؤجل
احتمالان, انتهى. يعني هل يسوغ للمرتهن منع
الراهن من ذلك أم لا؟
"أحدهما" ليس له ذلك "قلت": وهو الصواب
والاحتمال "الثاني" له منعه, لأنه تصرف في
الجملة.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
2 ليست في "ط".
(6/373)
ومداواة وفصد
ونحوه, بل من قطع سلعة فيها خطر. ويمنع من
ختانه إلا مع دين مؤجل يبرأ قبل أجله. قال
الشيخ: وللمرتهن مداواة ماشية للمصلحة فيتوجه:
وكذا غيرها. وفي الترغيب وغيره: يمنع من1 كل
تصرف قولا وفعلا. ونماؤه والأصح ولو صوفا
ولبنا وكسبه ومهره وأرش جناية عليه رهن
فإن أوجبت الجناية قصاصا أو جنى على سيده
فاقتص بلا إذن المرتهن لزم سيده أو وارثه
أرشها في المنصوص, رهنا, وهل لوارثه العفو على
مال كأجنبي مجني عليه أم لا كموروثه؟ في
الأصح, فيه وجهان "م 16" وقيل: يقتص بإذن,
وحكاه ابن رزين رواية.
وإن عفا سيد عن مال واختار الشيخ: لا يصح,
والأشهر يصح في
ـــــــ
"مسألة 16" قوله: وهل لوارثه العفو على مال
كأجنبي مجني عليه, أم لا, كموروثه, في الأصح
فيه وجهان, انتهى, يعني إذا كانت الجناية على
النفس وكان المجني عليه هو السيد, وأطلقهما في
الكافي2. "أحدهما" ليس لهم العفو على مال, لأن
العبد مال لهم, وهم مهتمون في إسقاط حق
المرتهن, وهذا هو الصحيح, قدمه في المغني3
والشرح4 وشرح ابن رزين وغيرهم.
"والوجه الثاني" لهم ذلك, ذكره القاضي, لأن
الجناية حصلت في ملك غيرهم قبل أن تصل إليهم,
أشبه ما لو جني على أجنبي, قال في الرعاية
الكبرى: وإن عفوا عنه على مال صح في الأصح,
وبقي رهنا, انتهى.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 3/206.
3 6/493.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/509.
(6/374)
حقه فيرهن
الجاني بدله, فإذا انفك استرده, وإن استوفى
الدين من البدل ففي رجوعه على عاف احتمالان "م
17"
وإن أسقط مرتهن أرشا أو أبرأ منه لم يسقط, وهل
يسقط حقه؟ فيه وجهان "م 18" ومؤنته وأجرة
مخزنة وكفنه ورده من إباقه على مالكه نص عليه
فإن أنفق المرتهن عليه بنية الرجوع فلا شيء له
"*" وحكى
ـــــــ
"مسألة 17" قوله: وإن عفا سيد عن مال واختار
الشيخ: لا يصح, والأشهر يصح في حقه فيرهن
الجاني بدله, فإذا انفك استرده, وإن استوفى
الدين من البدل ففي رجوعه على عاف احتملان,
انتهى. وأطلقهما في المغني1 والشرح2 والفائق
والزركشي.
"أحدهما" يرجع الجاني وهو المعفو عنه على
العافي وهو الراهن, لأن ماله ذهب في قضاء دين
العافي, وهو الصواب, وهو ظاهر ما جزم به في
الحاوي الكبير, وقدمه ابن رزين في شرحه.
"والوجه الثاني" لا يرجع عليه, لأنه لم يوجد
منه في حق الجاني ما يقتضي وجوب الضمان, وإن
استوفى بسبب كان منه حال ملكه فأشبه ما لو جنى
إنسان على عبده ثم رهنه لغيره فتلف بالجناية
السابقة.
"مسألة 18" قوله: فإن أسقط مرتهن أرشا أو أبرأ
منه لم يسقط, وهل يسقط حقه؟ فيه وجهان, انتهى,
وأطلقهما في المغني3 والشرح2 والفائق
"أحدهما" يسقط حقه, اختاره القاضي
"والوجه الثاني" لا يسقط "قلت" وهو الصواب,
لأنه أسقط وأبرأ من شيء لا يملكه.
"*" تنبيه : قوله في صدر المسألة: فإن أنفق
المرتهن عليه بنية الرجوع فلا شيء
ـــــــ
1 6/493.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/519.
3 6/498.
(6/375)
جماعة رواية
كإذنه أو إذن حاكم, فإن تعذر رجع إن أشهد
بالأقل مما أنفق أو نفقة مثله, وإلا فروايتان
"م 19"
ـــــــ
له1 يعني إذا قدر على إذن الراهن أو الحاكم,
ومحل الخلاف فيما إذا تعذر الإذن ولم يشهد, مع
أن ظاهر كلام صاحب القواعد المتقدم أنه لا
يشترط استئذان الحاكم في ذلك, وصرح به في
المسألة الآتية, وأنه قول الأكثرين, وهذا خلاف
ما قدمه المصنف في صدر المسألة, والله أعلم.
"مسألة 19" قوله: فإن أنفق المرتهن عليه بنية
الرجوع فلا شيء له وحكى جماعة رواية: كإذنه
وإذن الحاكم, فإن تعذر رجع إن أشهد بالأقل مما
أنفق أو نفقة مثله, وإلا فروايتان, انتهى,
يعني إذا تعذر إذن الراهن أو إذن الحاكم ولم
يشهد, فهل يرجع بما أنفق إذا نوى الرجوع أم
لا؟ أطلق الخلاف.
"إحداهما" يرجع, وهو الصحيح, صححه في المغني2
وغيره, وعليه أكثر الأصحاب, وهو ظاهر ما جزم
به في المحرر والرعاية الكبرى وغيرهما, قال في
القاعدة الخامسة والسبعين, وإذا أنفق المرتهن
على الرهن بإطعام أو كسوة إذا كان عبدا أو
حيوانا ففيه طريقان, أشهرهما أنه على
الروايتين, يعني اللتين فيمن أدى حقا واجبا عن
غيره, كما قدمه, قال: كذلك قال القاضي في
المجرد والروايتين
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "عليه" والمثبت من "ط".
2 6/511.
(6/376)
وكذا حكم حيوان
مؤجر أو مودع "م 20 - 21" ولو عمر في دار
ارتهنها
ـــــــ
وأبو الخطاب وابن عقيل والأكثرون: المذهب عند
الأصحاب الرجوع, ونص عليه في رواية أبي الحارث
"والطريق الثاني" أنه يرجع, رواية واحدة,
انتهى.
والرواية "الثانية" لا يرجع.
"مسألة 20 - 21" قوله: وكذا حكم حيوان مؤجر أو
مودع. يعني لا ينفق إلا بإذن ربه إن قدر, فإن
تعذر فإذن الحاكم, فإن تعذر ولم يشهد فالخلاف
المتقدم, وهو مطلق, وقد ذكر مسألتين:
"المسألة الأولى" الإنفاق على الحيوان المؤجر,
وقد علمت الصحيح من المذهب في المسألة التي
قبلها, فكذا هذه. وقد قال في القواعد: إذا
أنفق عليها بغير إذن حاكم ففي الرجوع
الروايتان, يعني بهما اللتين فيمن أدى حقا
واجبا عن غيره.
(6/377)
رجع بآلته
وقيل: وبما يحفظ به مالية الدار, وأطلق في
النوادر: يرجع, وقاله شيخنا فيمن عمر وقفا
بالمعروف ليأخذ عوضه أخذه من مغله.
وله أن يركب ويحلب حيوانا, على الأصح, بقدر
نفقته, وذكر جماعة: مع غيبة ربه, ولا ينهكه,
نص عليه, ونقل حنبل ويستخدم العبد, وبإذن
الراهن يجوز إن كان بغير قرض, نص عليهما. وفي
المنتخب: أو جهلت المنفعة, وكره أحمد أكل
الثمرة بإذنه, ونقل حنبل: لا يسكنه إلا بإذنه,
وله
ـــــــ
وقال: الصحيح من المذهب الرجوع فيمن أدى حقا
واجبا, وقال هناد: مقتضى طريقة القاضي أنه
يرجع رواية واحدة, قال: ثم إن الأكثرين
اعتبروا هنا استئذان الحاكم بخلاف ما ذكروه في
الرهن, واعتبروه أيضا في المودع واللقطة. وفي
المغني إشارة إلى التسوية بين الكل في عدم
الاعتبار, وأن الإنفاق بدون إذنه يخرج على
الحلاف في قضاء الدين, ولذلك اعتبروا الإشهاد
على نية الرجوع. وفي المغني1 وغيره وجه آخر
أنه لا يعتبر, وهو الصحيح, انتهى. فتلخص أن
الصحيح من المذهب الرجوع.
"المسألة الثانية" الإنفاق على الحيوان
المودع, وقد علمت الصحيح من المذهب في مسألة
الأصل. وقال في القواعد أيضا: وإذا أنفق على
المستودع ناويا للرجوع فإن تعذر استئذان مالكه
رجع, وإن لم يتعذر فطريقان:
"أحدهما" أنه على الروايتين في قضاء الدين,
وأولى, لأن للحيوان حرمة في نفسه, فوجب تقديمه
على قضاء الديون أحيانا, وهي طريقة صاحب
المغني.
"والطريقة الثانية" لا يرجع, قولا واحدا, وهي
طريقة المحرر متابعة لأبي الخطاب, انتهى. وهذه
الطريقة هي الصحيحة عند المصنف, وقد تقدم كلام
صاحب القواعد في التي قبلها, وأن أكثر الأصحاب
اعتبروا استئذان الحاكم في الحيوان المودع
والمؤجر, والصحيح من المذهب الرجوع في مسألة
المصنف, والله أعلم.
ـــــــ
1 6/513.
(6/378)
أجرة مثله.وإذا
حل الحق والمرتهن أو العدل وكيل في بيعه باعه,
نص عليه, وفي قيمته وجهان "م 22" بإذن مرتهن,
وقيل: وراهن, بأغلب نقد البلد, فإن تساوت
فقيل: بالأحظ, وقيل: بجنس الدين "م 23"
ـــــــ
"مسألة 22" قوله: وإذا حل الحق والمرتهن أو
العدل وكيل في بيعه باعه, نص عليه, وفي قيمته
وجهان, انتهى. يعني إذا جنى على الرهن وأخذت
قيمته فجعلت رهنا مكانه هل للمرتهن أو العدل
بيعه كأصله أم لا؟ أطلق الخلاف.
"أحدهما" له بيعه "قلت": وهو الصواب, كأصله,
ثم وجدت الشيخ في المغني1 والشارح نقلا عن
القاضي أنه قال: قياس المذهب له بيعه, واقتصر
عليه وقطع به ابن رزين في شرحه.
"والوجه الثاني" لا يبيعه إلا بإذن متجدد, وله
قوة.
"تنبيه" حمل شيخنا البعلي مسألة المصنف على
بيع الرهن بقيمته لا بما أخذ من القيمة عوضا
عن الرهن كما قلنا. وقال: فلو لم يحصل من
يشتريه لم يبعه في أحد الوجهين, بل يترك حتى
يحصل له راغب يشتريه بقيمته قال: والمسألة
قريبة من بيع مال المفلس من أنه لا يباع إلا
بثمنه المستقر, انتهى. "قلت": ما قلناه أولى,
والظاهر أنه لم يطلع على النقل في المسألة,
وما قاله فيه عسر, لاحتمال أن لا يوجد من
يشتريه بذلك, فيحصل الضرر, والضرر لا يزال
بالضرر, بل يباع بالسعر الواقع في ذلك الوقت
إذا وجد من يشتري, والله أعلم.
"مسألة 23" قوله: بأغلب نقد البلد, فإن تساوت
فقيل: بالأحظ, وقيل
ـــــــ
1 6/474.
(6/379)
وإن لم يكن أو
عزله الراهن, وصح عزله في المنصوص, لم يبعه,
ويأمره الحاكم بالوفاء أو البيع, فإن امتنع
حبسه أو عزر. فإن أصر باعه عليه, نص عليه وعنه
وثمنه بيد العدل أمانة, ولا يصدق عليهما في
تسليمه للمرتهن, فيرجع على راهنه, وهو على
العدل, وقيل: يصدق على راهنه, وقيل: عليهما في
حق نفسه, ولا ينفك بعضه حتى يقضي الدين
ـــــــ
بجنس الدين انتهى, 1وأطلقهما في الشرح2
أحدهما يباع بجنس الدين3, وهو الصحيح وعليه
الأكثر, وجزم به في الهداية والمذهب والخلاصة
والمقنع والمحرر والوجيز وتذكرة ابن عبدوس
والفائق والرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم,
"والوجه الثاني" لا يباع إلا بالأحظ, اختاره
القاضي واقتصر عليه في المغني "قلت": وهو
الصواب. وقال ابن رزين في شرحه: فإن تساوت
النقود باعه بجنس الحق لأنه أحظ, انتهى. كذا
قال, ولعله أراد بالأحظية بالنسبة إلى
المرتهن, أو أراد: إذا لم يحصل زيادة في غير
جنس الحق, فإن كان أراد هذا الأخير فهو متفق
عليه.
ـــــــ
1 ليست في "ص". وفي "ط": "الوجه الأول بجنس
الدين"
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
12/452-453.
3 6/475.
(6/380)
كله, تلف بعضه
أو لا, نص عليه وإن رهنه عند اثنين فوفى
أحدهما أو رهنه اثنان شيئا فوفاه أحدهما انفك
في نصيبه, كتعدد العقد, وقيل: لا, ونقله مهنا
في الثانية,
وإذا قضى بعض دينه أو أبرئ منه وببعضه رهن أو
كفيل فعما نواه, فإذا طلق فإلى أيهما شاء,
وقيل: بالحصص.وإذا اختلفا في قدر الرهن, نحو
رهنتك هذا, قال: والآخر, قبل قول الراهن كقدر
الحق وعين الرهن, لأنه لا ظاهر ولا عادة,
وعنه: في المشروط يتحالفان, وذكر أبو محمد
الجوزي: يقبل قول المدعى عليه, وإن ادعى أنه
قبضه منه قبل قوله إن كان بيده, فلو قال:
رهنتنيه, وقال الراهن: غصبتنيه أو وديعة أو
عارية, فوجهان "م 24" وإن ادعى الراهن تلفه
بعد قبض المرتهن فلا خيار له في البيع قبل قول
المرتهن. وإن قال في المشروط: رهنتك عصيرا
ـــــــ
"مسألة 24" قوله: فلو قال رهنتنيه. وقال
الراهن: غصبتنيه أو وديعة أو عارية فوجهان,
انتهى. وأطلقهما في الرعاية الكبرى وأطلقهما1
في الفائق في الأولى, فذكر ثلاث مسائل يشبه
بعضهن بعضا.
"أحدهما" القول قول الراهن, وهو الصحيح, جزم
به في الحاويين, وجزم به في الرعاية الصغرى في
الوديعة والعارية, وقدمه في الغصب, وقدمه في
الفائق في
ـــــــ
1 ليست في "ط".
(6/381)
قال خمرا, قبل
قول الراهن, وعنه: المرتهن, وجعلها القاضي
كخلف في حدوث عيب, وإن قال: أرسلت زيدا لترهنه
بعشرين وقبضها, فصدقه, قبل قول الراهن بعشرة.
ـــــــ
الوديعة والعارية, وجزم به في المغني1 والشرح2
وشرح ابن رزين في العارية والغصب, وقطع به في
التلخيص في الوديعة.
"الوجه الثاني" القول قول المرتهن. قال في
التلخيص: الأقوى أن القول قول المرتهن في أنه
رهن وليس بغصب, انتهى. "قلت" وهو الصواب إن
كان له عليه من الدين ما يرهن عليه, لأن
بقرينه الدين يقوي قوله في الرهن, والأصل عدم
الغصب, والعارية الوديعة, وإن كان الأصل أيضا
عدم الرهينة, لكن يتقوى جانبها بوجود الدين
على الراهن, والله أعلم.
ـــــــ
1 7/358.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/483.
(6/382)
فصل: والرهن بيد المرتهن أمانة
ولو قبل عقد الرهن, نقله ابن منصور, كبعد
الوفاء, وإن تعدى فكوديعة, وفي بقاء الرهينة
لأنه يجمع أمانة واستيثاقا فيبقى أحدهما وجهان
"م 25" ولا يسقط بتلفه شيء من دينه, نص عليه
ـــــــ
"مسألة 25" قوله: والرهن بيد المرتهن أمانة,
فإن تعدى فكوديعة, وفي بقاء الرهينة لأنه يجمع
أمانة واستيثاقا فيبقى إحداهما وجهان, انتهى.
(6/382)
كدفع عبد يبيعه
ويأخذ حقه من ثمنه وكحبس عين مؤجرة بعد الفسخ
على الأجرة, بخلاف حبس البائع المتميز على
ثمنه, فإنه يسقط في إحدى الروايتين بتلفه,
لأنه عوضه, والرهن ليس بعوض الدين, لأن الدين
لا يسقط بتفاسخهما, ذكره في الانتصار وعيون
المسائل "م 26" وقال: العلة الجامعة أنها عين
محبوسة في يده بعقد على استيفاء دين له عليه,
ولم يقيد المبيع بالمتميز,
ويقبل قوله في التلف, وقيل: والرد, وقال أحمد
في مرتهن ادعى
ـــــــ
"أحدهما" بقاء الرهنية "قلت": وهو الصواب, وهو
ظاهر كلام الشيخ في المقنع1 وكثير من الأصحاب
قياسا على تعديه في الوكالة, على ما يأتي. وقد
قال ابن رجب في قواعده: لو تعدى المرتهن فيه
زال ائتمانه وبقي مضمونا عليه ولم تبطل
توثقته. وحكى ابن عقيل في نظرياته احتمالا
ببطلان الرهن, وفيه بعد, لأنه عقد لازم, وحق
للمرتهن على الراهن, انتهى.
"والوجه الثاني" زوال الرهينة, وهو الاحتمال
الذي ذكره ابن عقيل.
"مسألة 26" قوله: ولا يسقط بتلفه شيء من دينه,
نص عليه, بخلاف حبس البائع المتميز على ثمنه,
فإنه يسقط في إحدى الروايتين بتلفه, لأنه عوض,
والرهن ليس بعوض, لأن الدين لا يسقط
بتفاسخهما, ذكره في الانتصار وعيون المسائل,
انتهى.
"إحداهما" يسقط حقه بتلف البيع المتميز
المحبوس على ثمنه, وهي قريبة من حبس الصانع
الثوب على الأجرة, والصحيح من المذهب فيها
الضمان, فكذا في مسألتنا, والله أعلم.
"والرواية الثانية" لا يسقط حقه بتلف ذلك
"قلت": وهو قوي
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/436.
(6/383)
ضياعه: إن
اتهمه أحلفه وإلا لم يحلفه, وكذا إن ادعاه
بحادث ظاهر وشهدت بينة بالحادث قبل قوله فيه,
وكذا وكيل أو وصي بجعل ومضارب, وفيه في الموجز
روايتان في رد. والأصح: وأجير ومستأجر, ويقبل
قول وكيل ووصي متبرعين, ومودع في الرد مع
يمينه وفيهما وجه, وجزم به القاضي1 في قوله
تعالى: {فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِم} [النساء: 6]
ذكره ابن الجوزي, ولم يخالفه, والتلف مع يمينه
وفيهما رواية, إذا ثبت الحادث الظاهر ولو
باستفاضة2, وكذا حاكم. وفي التذكرة: إن من قبل
قوله من الأمناء في الرد لم يحلف. وفي الرهن
رواية: يضمنه كما لو أعاره أو ملكه غيره أو
استعمله, نص عليه, وفي وصي رواية في الرد,
ذكره القاضي, وكذا مودع ذكره في الوسيلة,
وعنه: إن قبضها ببينة, وذكره في الروضة عن بعض
أصحابنا, وعنه: أو تلفت من بين ماله, وفي
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
2 في "ط": "باستعاضة".
(6/384)
وكيل قول, وهو
قياس هذه الرواية,
ولا ضمان بشرط, وعنه: "المسلمون على شروطهم"
وعقد فاسد كصحيح في ضمان وعدمه, ومن طلب منه
الرد وقبل قوله فهل له تأخيره ليشهد؟ فيه
وجهان إن حلف, وإلا فلا, وفيه احتمال "م 27"
وكذا مستعير ونحوه لا حجة عليه, وإلا أخر "م
28" كدين بحجة, ذكره أصحابنا, ولا
ـــــــ
"مسألة 27" قوله: ومن طلب منه الرد وقبل قوله
فهل له تأخيره ليشهد؟ فيه وجهان إن حلف وإلا
فلا, وفيه احتمال, انتهى. أطلق الوجهين في
الرعاية الصغرى والحاويين. وقال في الرعاية
الكبرى في الوكالة: وكل أمين يقبل قوله في
الرد وطلب منه فهل له تأخيره حتى يشهد عليه؟
فيه وجهان إن قلنا يحلف, وإلا لم يؤخره لذلك,
وفيه احتمال, والظاهر أن المصنف تابعه.
"أحدهما" ليس له التأخير, وهو الصحيح, وقطع به
في المغني1 والشرح2 وشرح ابن رزين وغيرهم,
ذكروه في باب الوكالة, واختاره ابن عقيل في
الفصول. "والوجه الثاني" له التأخير حتى يشهد,
"قلت": وهو قوي, خصوصا في هذه الأزمنة,
ومحلهما إذا قبلنا قوله بيمينه, كما قاله
المصنف وغيره.
"مسألة 28" قوله: وكذا مستعير ونحوه لا حجة
عليه, وإلا أخر, انتهى. اعلم أن الصحيح من
المذهب أن حكم هذه المسألة حكم التي قبلها,
خلافا ومذهبا, وقد علمت الصحيح فيها, فكذا في
هذه, وقطع به في المغني1 والشرح2 والرعاية
الصغرى والحاويين وغيرهم, كالمصنف. وقال في
الرعاية الكبرى:
ـــــــ
1 7/228.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/568.
(6/385)
يلزمه دفع
الوثيقة بل الإشهاد بأخذه, قال في الترغيب:
ولا يجوز لحاكم إلزامه لأنه ربما خرج ما قبضه
مستحقا فيحتاج إلى حجة بحقه, وكذا تسليم بائع
كتاب ابتياعه إلى مشتر, وذكر الأزجي: لا يلزمه
دفعه حتى يزيل الوثيقة, ولا يلزم رب الحق
الاحتياط بالإشهاد, وعنه: في الوديعة يدفعها
ببينة إذا قبضها ببينة, قال القاضي: ليس هذا
للوجوب, كالرهن والضمين, وكالإشهاد في البيع
مع ورود النص به. وقال ابن عقيل: حمله على
ظاهره للوجوب أشبه, ويكون دلالة على أن أحمد
أوجب الشهادة في كل ما ورد به النص قال:
والأول أشبه.
وإن جنى الرهن فله بيعه في الجناية أو تسليمه
ويبطل الرهن أو فداؤه, وهو رهن, وإن نقص الأرش
عن قيمته فهل يباع بقدره أو كله والفاضل عن
الأرش رهن1؟ فيه وجهان "م 29"
ـــــــ
لا يؤخره, ثم قال: قلت: بلى.
"مسألة 29" قوله: وإن جنى الرهن فله بيعه في
الجناية أو تسليمه, ويبطل الرهن, أو فداؤه وهو
رهن, فإن نقص الأرش عن قيمته فهل يباع بقدره
أو كله والفاضل عن الأرش رهن به؟ فيه وجهان,
انتهى. وأطلقهما في الهداية والمذهب والتلخيص
والفائق والزركشي وغيرهم.
"أحدهما" يباع بقدره وباقيه رهن, وهو الصحيح
قال ابن منجى في شرحه: هذا المذهب, وجزم به في
الكافي2 والوجيز وغيرهما, وقدمه في الخلاصة
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "به".
2 3/205.
(6/386)
وإن فداه
المرتهن بلا إذن ونوى الرجوع فروايتان "م 30"
ـــــــ
والمغني1 والمقنع2 والشرح2 والرعايتين
والحاويين وشرح ابن رزين وغيرهم. قال في
المغني وغيره: 3بيع منه3 بقدر أرش الجناية,
وباقيه رهن, إلا أن يتعذر بيع بعضه فيباع الكل
ويجعل بقية الثمن رهنا, انتهى. والظاهر أن هذا
متفق عليه.
"والوجه الثاني" يباع جميعه ويكون باقي ثمنه
رهنا, وهو احتمال في الحاويين, وجزم به في
المنور, وقدمه في المحرر. وقال ابن عبدوس في
تذكرته: يباع بقدر الجناية, فإن نقصت قيمته
بالتشقيص بيع كله, انتهى. "قلت": وهذا هو
الصواب, ولعله مراد الجماعة, ومحل الجماعة,
ومحل الخلاف في غير ذلك, والله أعلم.
"مسألة 30" قوله: وإن فداه المرتهن بلا إذن
ونوى الرجوع, فروايتان, انتهى. إذا اختار
المرتهن فداه أو فداه بغير إذن الراهن أو نوى
الرجوع فهل له الرجوع أم لا؟ أطلق الخلاف,
وأطلقه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة
والمغني4 والمقنع5 والتلخيص والشرح5
والرعايتين والحاويين والفائق والزركشي
وغيرهم.
ـــــــ
1 6/490-491.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/501.
3 في "ط": "بيعه".
4 6/491.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/506.
(6/387)
وإن شرط كونه
رهنا بفدائه مع دينه الأول ففي جوازه وجهان "م
31" وإن جني عليه فالخصم سيده فإن أخره لغيبة
أو عذر أو غيره فالمرتهن, ولو وطئ المرتهن
المرهونة حد, وفيه رواية لا1 والمذهب يحد,
قاله القاضي, ورق ولده, فإن كان مثله يجهل
الحظر وادعاه فلا يفدي ولده إن
ـــــــ
إحداهما: يرجع, قاله أبو الخطاب والشيخ الموفق
والشارح وصاحب المستوعب والتلخيص والحاويين
والزركشي وغيرهم بعد أن أطلقوا الخلاف بناء
على من قضى دين غيره بغير إذنه, انتهى.
والصحيح من المذهب2 أن من قضى دين غيره بغير
إذنه ناويا للرجوع, له الرجوع, فكذا في هذه
المسألة عند هؤلاء والرواية الثانية لا يرجع,
وهو الصحيح, قطع به القاضي والشريف وأبو
الخطاب في خلافيهما, وصاحب المحرر والوجيز,
وابن عبدوس في تذكرته, وغيرهم, وصححه في
التصحيح والنظم وغيرهما, قال في القواعد: أكثر
الأصحاب القاضي وابن عقيل وأبو الخطاب وغيرهم
قالوا: إن لم يتعذر استئذانه فلا رجوع, انتهى.
"قلت": وهو الصواب.
"مسألة 31" قوله: وإن شرط كونه رهنا بفدائه مع
دينه الأول ففي جوازه وجهان, انتهى. وأطلقهما
في المغني3 والشرح4.
أحدهما لا يصح, وهو الصحيح, قدمه في الكافي5
والرعاية الكبرى, وهو الصواب,
والوجه الثاني يصح, اختاره القاضي, قال في
الفائق: جاز, في أصح الوجهين, وقدمه الزركشي.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من (ط).
2 ليست في "ط".
3 6/491-492.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف12/ 507.
5 3/ 206
(6/388)
وطئ بلا إذن
الراهن, وإلا فوجهان "م 32" ويجب المهر, وقيل:
ومع إذنه لمكرهة وكمفوضة, والفرق أنه في
عقد.وله بيع ما جهل ربه1 إن أيس من معرفته
والصدقة به بشرط ضمانه, نص عليه, وفي إذن حاكم
في بيعه مع القدرة وأخذ حقه من ثمنه مع عدمه
روايتان كشراء وكيل "م 33 - 35"
ـــــــ
"مسألة 32" قوله ولو وطئ المرتهن المرهونة حد.
فإن كان مثله يجهل الحظر وادعاه فلا يفدي
ولده, إن وطئ بلا إذن الراهن, وإلا فوجهان,
انتهى. يعني إذا وطئ بإذن الراهن مع جهله فهل
يفدي ولده أم لا؟ أطلق الخلاف, وأطلقه في
المحرر والرعاية الصغرى والحاويين والنظم
والفائق وغيرهم. أحدهما لا يلزمه فداؤه, وهو
الصحيح, قال أبو المعالي في النهاية: هذا
الصحيح, واختاره القاضي في الخلاف, وهو ظاهر
كلامه في الكافي2, وقطع به في الهداية والفصول
والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع3 والتلخيص
والوجيز وغيرهم, وقدمه في الشرح3 وشرح ابن
منجى.
والوجه الثاني يفديه بقيمته, اختاره ابن عقيل,
وقدمه في المغني4, وصححه في الرعاية الكبرى.
"مسألة 33 - 35" قوله: وله بيع ما جهل ربه إن
أيس من معرفته والصدقة به بشرط ضمانه, نص
عليه, وفي إذن حاكم في بيعه مع القدرة وأخذ
حقه من ثمنه مع عدمه روايتان, كشراء وكيل,
انتهى. ذكر المصنف ثلاث مسائل:
"المسألة الأولى 33" إذا قلنا له بيعه فهل
يبيعه من غير إذن حاكم مع القدرة عليه أم لا
بد من إذنه؟ أطلق الخلاف.
"المسألة الثانية 34" هل له أخذ حقه من ثمنه
إذا عجز عن إذن الحاكم أم لا؟
ـــــــ
1 في "ط": به.
2 3/200.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/526
4 6/488-489.
(6/389)
.................
ـــــــ
أطلق الخلاف.
"المسألة الثالثة 35" المسألة المقيس عليها
وهي شراء الوكيل.
إذا علم ذلك فظاهر كلامه في المغني1 والشرح2
إطلاق الخلاف في المسألتين الأوليين. وقال في
الفائق: لا يستوفي حقه من الثمن, نص عليه,
وعنه: بلى, ولو باعها الحاكم ووفاه جاز,
انتهى. وقدم في الرعاية الكبرى: ليس له بيعه
بغير إذن حاكم, انتهى. وقد ذكر كثير من
الأصحاب إذا جهل بذاك الودائع جواز التصديق
بها دون إذن حاكم, قال الحارثي: وكذا الرهون,
وذكر نصوصا في ذلك, قلت: الصواب استئذان
الحاكم في بيعه إن كان أمينا, وقد ذكر في
الرعايتين وغيره أن الحاكم ينظر في أموال
الغياب. وقال المصنف في باب الدعاوى في آخر
الفصل الثاني: 3ذكر الأصحاب أن الحاكم يقضي عن
الغائب ويبيع ما له, انتهى. والصواب أيضا أن
الحاكم إذا عدم يجوز له أخذ قدر حقه من ثمنه,
والله أعلم. وأما مسألة شراء الوكيل فلم يظهر
لي صورتها, فلعله أراد إذا وكله في شراء شيء
أو بيعه ويأخذ حقه منه فيقبض من نفسه لنفسه
وقد تقدمت هذه المسألة في كلام المصنف في باب
التصرف في المبيع وتلفه4, وقدم صحة قبضه من
نفسه لنفسه, وأنه منصوص الإمام أحمد, قال في
الرعاية الكبرى: وهو أشهر وأظهر, فإن كان
مراده هذا ففي إطلاقه الخلاف نظر ظاهر, أو
يقال: لم يطلق الخلاف في هذه المسألة وإنما
أخبر أن فيها روايتين, أو يكون مراده إذا وكله
في الشراء فاشترى من نفسه لموكله, فإن كان
أراد ذلك فالمذهب أنه لا يصح شراؤه لموكله من
نفسه, والصورة الأولى أولى, والله أعلم.
فهذه خمس وثلاثون مسألة في هذا الباب قد أطلق
فيها الخلاف, وصححنا ما يسر الله تصحيحه منها.
ـــــــ
1 6/534
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/528.
3 11/257
4 ص 285.
(6/390)
باب الضمان
مدخل
...
باب الضمان
وهو التزام من يصح تبرعه ويعتبر رضاه فقط, أو
مفلس, وفيه رواية في التبصرة, فيتوجه عليها
عدم تصرفه في ذمته, وقيل: وسفيه, ويتبع1 بعد
فك حجره, وعنه: ومميز وعنه وعبد, فيطالبه بعد
عتقه, وفي مكاتب وجهان "م 1" ما وجب على غيره
مع بقائه, وقد لا يبقى, وهو دين الميت, وعنه:
المفلس في الرواية. وما قد يجب بلفظ ضمين
وكفيل وقبيل وحميل
ـــــــ
"مسألة 1" قوله: وفي مكاتب وجهان, انتهى. يعني
هل يصح ضمان المكاتب لغيره أم لا, وأطلقهما في
التلخيص والنظم والرعاية الصغرى والفائق
وغيرهم
"أحدهما" لا يصح, قال في المحرر وغيره: ولا
يصح إلا من جائز تبرعه سوى المفلس المحجور
عليه, انتهى. وكذا قال غيره. وقال في الرعاية
الكبرى: ومن صح تصرفه بنفسه وتبرعه بماله صح
ضمانه, فظاهر كلام هؤلاء عدم صحة الضمان منه,
وهو الصواب إن لم يأذن له سيده, وهو الذي قدمه
في المغني2 والشرح3
ـــــــ
1 في الأصل: "ويبيع".
2 7/81.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/19.
(6/391)
وصبي وزعيم,
ونحوه لا أؤدي أو أحضر, ويتوجه: بل بالتزامه,
وهو ظاهر كلام جماعة في مسائل, كظاهر كلامهم
في النذر, وقوله في الانتصار فيمن لا يستطيع
الحج بنفسه أو ماله: إذا بذل له لا يلزمه لأنه
وعد لا يلزم, بخلاف الضمان فإنه أتى فيه بلفظ
الالتزام, وهو قوله: ضمنت لك ما عليه, أو ما
عليه علي, فلهذا لزمه, فنظيره هنا: لله علي أن
أحج عنك إن أمرتني, فإذا أمر لزمه.
وقال شيخنا: قياس المذهب بكل لفظ فهم منه
الضمان عرفا,
ـــــــ
وشرح ابن رزين.
"والوجه الثاني" يصح. قال في
الحاويين:"1وغيره: ومن صح تصرفه بنفسه صح
ضمانه انتهى فظاهر هذا الصحة لأن تصرفه يصح
بنفسه قال ابن رزين1" ويتبع به بعد العتق
كالقن. وقيل: يصح بإذن سيده, وهذا الصحيح من
المذهب, جزم به في الكافي2 وغيره, وقدم في
المغني3 والشرح4 وشرح ابن رزين وغيرهم عدم
الصحة بدون إذن سيده. وأطلقوا الوجهين إذا كان
بإذن سيده.
"تنبيه" الذي يظهر أن محل الخلاف الذي ذكره
المصنف في غير المأذون له5, أما المأذون له
فإنه يصح ضمانه, على الصحيح من المذهب, فإن
الصحيح من المذهب صحة ضمان العبد القن بإذن
سيده. فالمكاتب بطريق أولى, أو يقال: لما
تعلقت به شائبة الحرية لم نصحح الضمان وإن أذن
له سيده, لاحتمال أن يكون ذلك سبب عجزه, بخلاف
القن, والله أعلم..
ـــــــ
1 ليست في "ص" و "ط".
2 3/299.
3 7/81.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/19.
5 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
(6/392)
ويثبت في
ذمتهما لمنعه الزكاة عليهما وصحة هبته لهما,
ولأن الكفيل لو قال: التزمت وتكفلت بالمطالبة
دون أصل الدين لم يصح "و" وفي الانتصار وغيره
لا ذمة ضامن, لأن شيئا لا يشغل محلين, ولربه
مطالبتهما معا وأحدهما, ذكره شيخنا, وغيره
المذهب "و هـ ش" حياة وموتا, قال أحمد: يأخذ
من شاء بحقه, فإن برئ المديون برئ ضامنه, ولا
عكس.ولو ارتد ضامن ولحق هو أو ذمي بدار حرب
"هـ", ولو اقترض أو غصب ذمي من ذمي خمرا فنصه
لا شيء له بإسلام أحدهما, وعنه: إن لم يسلم هو
فله قيمتها, وقيل: أو يوكل ذميا يشتريها, ولو
أسلم ضامنها برئ وحده, ولو أسلمه فيها فله أرش
ماله, وإن أبرئ أحد ضامنيه برئ وحده وإن ضمن
أحدهما صاحبه لم يصح, بل أخذ كفيلين بالآخر,
فلو سلمه أحدهما برئ وبرئ كفيله به لا من
إحضار مكفول به.
ويصح ضمان مفلس و مجنون, فلو مات لم يطالب في
الدارين, ذكره في الانتصار, ودين ميت وضامن
وكفيل, فيبرأ الثاني بإبراء الأول, ولا عكس,
وإن قضى الدين الضامن الأول رجع على المضمون
عنه, وإن قضاه الثاني رجع على الأول, ثم رجع
الأول على المضمون عنه
(6/393)
إذا كان واحد
أذن, وإلا ففي الرجوع روايتان "م 2" وكل دين
صح أخذ
ـــــــ
"مسألة 2" قوله: وإن قضى الدين الضامن الأول
رجع على المضمون عنه, وإن قضاه الثاني رجع على
الأول, ثم رجع الأول على المضمون عنه إذا كان
واحد أذن, وإلا ففي الرجوع روايتان, انتهى,
وأطلقهما في الفصول والمغني1 والشرح2. وقال في
الرعاية الكبرى: فإن كان الأول ضمن بلا إذن,
والثاني ضمن بإذن, رجع الثاني على الأول, ولم
يرجع الأول على أحد, على الأظهر, انتهى.
أحدهما: له الرجوع عليه, وهو الصحيح من
المذهب, قدمه ابن رزين وغيره "قلت": الصواب أن
هذه المسألة من جملة مسائل من أدى حقا واجبا
عن غيره.
والصحيح من المذهب أن من أدى حقا واجبا عن
غيره ناويا للرجوع كان له الرجوع سواء أذن له
المدفوع عنه أم لا؟ وعليه أكثر الأصحاب, ونص
عليه وقدمه المصنف وقال: اختاره الأصحاب, ولو
كان غير ضامن فرجوع الضامن بغير إذنه أولى,
فيحتمل أن مراد المصنف فيما إذا لم ينو
الرجوع, وهو بعيد,"3لأنه إذا لم ينو الرجوع3
فإن نوى التبرع لم يرجع قولا واحدا. وإن أطلق
ذاهلا عن النية وعدمها فالمصنف قد قدم أنه لا
يرجع, فانتفى كونه لم ينو أو ذهل, فما بقي إلا
أنه نوى الرجوع,
ـــــــ
1 7/92.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/48.
3 ليست في "ط".
(6/394)
رهن به وعلى
الأصح: وضمان عين مضمونة, وعنه: ودين كتابة
ضمنها حر أو عبد. وقال القاضي: حر لسعة تصرفه,
لا أمانة كوديعة,
قال في عيون المسائل: لأنه لا يلزمه إحضارها,
وإنما على المالك أن يقصد الموضع فيقبضها,
وعنه صحته, حمله على تعديه, كتصريحه به.ويصح
ضمان عهدة بيع و هو ثمنه لأحد المتبايعين عن
الآخر, وفي دخول نقض بناء المشتري في ضمانها
ورجوعه بالدرك مع. اعترافه بصحة البيع وقيام
بينة ببطلانه وجهان "م 3, 4"
ـــــــ
والصحيح من المذهب أنه إذا نوى الرجوع كان له
الرجوع, وعليه أكثر الأصحاب, فعلى هذا يكون في
إطلاق المصنف الخلاف في هذه المسألة نظر,
وعذره أنه لم يبيضه, والظاهر أنه تابع الشيخ
في المغني1 في إطلاق الخلاف. وقد حررت مسألة
من أدى حقا واجبا عن غيره في هذا المكان من
الإنصاف2 تحريرا شافيا, ولله الحمد والمنة.
"تنبيه" ظاهر كلام المصنف أن محل الخلاف فيما
إذا لم يأذن أحد في الضمان, وهو متجه, لكن
المنقول في المغني1 والشرح3 وغيرهما أن محله
إذا أذن واحد, ولهذا قال شيخنا في حواشيه:
ولعله "إذا كان كل واحد أذن" فسقطت لفظة "كل"
من الكاتب فهذه الصورة لا خلاف فيها, وقوله:
"وإلا ففي الرجوع روايتان إذا أذن أحد" وهو
موافق لما في المغني1 وغيره.
"مسألة 3, 4" قوله: وفي دخول نقض بناء المشتري
في ضمانها أي العهدة ورجوعه بالدرك مع اعترافه
بصحة البيع وقيام بينة ببطلانه وجهان, انتهى.
فيه مسألتان:
ـــــــ
1 7/89.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/42-49.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإ،صاف 13/48.
(6/395)
وإن باع بشرط
ضمان دركه إلا من زيد ثم ضمن دركه منه أيضا لم
يعد صحيحا, ذكره في الانتصار.ويصح ضمان نقص
صنجة ويرجع بقوله مع يمينه, وقيل: ببينة في حق
الضامن, وضمان ما لم يجب. وفي المغني1 في
الرهن قبل وجوبه احتمال, وله إبطاله قبل
وجوبه, في الأصح ويصح ألق متاعك في البحر وأنا
ضامنه, وإن قال: وأنا وركبان السفينة ضامنون
وأطلق, ضمن وحده بالحصة. وفي الترغيب وجهان
بها أو الجميع, وإن رضوا لزمهم, ويتوجه
الوجهان. وإن قالوا: ضمناه لك, فبالحصة, وإن
قال: كل واحد منا ضامنه
ـــــــ
"المسألة الأولى" هل يدخل في ضمان ضامن العهدة
نقض بناء المشتري, أعني إذا بنى ونقضه المستحق
فإن الأنقاض للمشتري ويرجع بقيمة2 التالف على
البائع, فهل يدخل هذا في ضمان العهدة أم لا؟
أطلق الخلاف, وأطلقه في التلخيص والفائق.
"أحدهما" يدخل ذلك في ضمانهما3 وهو ظاهر ما
قطع به في الفصول وقدمه في الرعايتين
والحاويين, وهو الصواب.
"والوجه الثاني" لا يدخل, وهو ظاهر كلامه في
المغني4 والشرح5, فإنهما لم يضمناه إلا إذا
ضمن ما يحدث في المبيع من بناء وغراس.
"المسألة الثانية" هل يرجع بالدرك مع اعترافه
بصحة البيع وقيام بينة ببطلانه أم لا؟ أطلق
الخلاف فيه:
ـــــــ
1 7/107-108.
2 في "ط":"ببقية".
3 في "ط": "ضمانهما".
4 7/79.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/33-34.
(6/396)
لك, فالجميع,
وكذا ضمانهم ما عليه من الدين, ومن قضى كله أو
حصته رجع على المضمون عنه فقط, لأنه أصل منهم
لا ضامن عن الضامن الآخر, وما أعطيت فلانا
علي1 ونحوه ولا قرينة قبل منه, وقيل: للواجب,
ومنه ضمان السوق, وهو أن يضمن ما يلزم التاجر
من دين وما يقبضه من عين مضمونة, قاله شيخنا
قال: ويجوز كتابته.
ـــــــ
"أحدهما" ليس له الرجوع لاعترافه بصحة البيع
"قلت": وهو الصواب, لاعتقاده
ـــــــ
1 ليست في "ط".
(6/397)
والشهادة به
لمن لم ير جوازه, لأنه محل اجتهاد. وإن جهل
الحق أو ربه أو غريمه صح إن آل إلى العلم,
وقيل: يعتبر معرفة ربه, وقيل: وغريمه,
ولا تصح كفالته بعض الدين, وصححه أبو الخطاب,
ويفسره وكذا قال في عيون المسائل: لا نعرف
الرواية فيه عن إمامنا, فيمنع, وقد سلمه بعض
الأصحاب لجهالته حالا ومآلا واختار شيخنا صحة
ضمان حارس ونحوه وتجار حرب ما يذهب من البلد
أو البحر, وأن غايته ضمان ما لم يجب. وضمان
المجهول كضمان السوق, وهو أن يضمن الضامن ما
يجب على التجار للناس من الديون, وهو جائز عند
أكثر العلماء كمالك وأبي حنيفة وأحمد, لقوله
تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ
وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72]
ولأن الطائفة الواحدة الممتنعة من أهل الحرب
التي ينصر بعضها
ـــــــ
كذب البينة ظاهرا, ثم وجدته في الرعاية الكبرى
قال: أصحهما لا يرجع.
(6/398)
بعضا تجري مجرى
الشخص الواحد في معاهدتهم, فإذا شرطوا على أن
تجارهم يدخلون دار الإسلام بشرط أن يأخذوا
للمسلمين شيئا وما أخذوه كانوا ضامنين له
والمضمون يؤخذ من أموال التجار جاز ذلك كما
تجوز نظائره, لهذا لما قال الأسير العقيلي
للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد, علام
أخذتني وسابقة الحاج يعني ناقته قال: "بجريرة
حلفائك من ثقيف" 1, فأسر النبي صلى الله عليه
وسلم هذا العقيلي وحبسه لينال بذلك من حلفائه
مقصوده, قال: ويجب على ولي الأمر إذا أخذوا
مالا لتجار المسلمين أن يطالبهم بما ضمنوه
ويحبسهم على ذلك, كالحقوق الواجبة..
ويصح ضمان حال مؤجلا, نص عليه, ويصح عكسه, في
الأصح مؤجلا, وقيل: حالا وللضامن مطالبة
المديون بتخليصه, في الأصح إذا طولب, وقيل: أو
لا إذا ضمنه بإذنه, وقيل أو لا, وإذا قضى عنه
بنية رجوعه وقيل: أو أطلق, وهو ظاهر نقل ابن
منصور, قال: هل ملكه شيئا؟ إنما ضمن عنه,
كالأسير يشتريه, أليس كلهم قال يرجع؟ وإن لم
يأمره أو أحال به رجع بالأقل مما قضى, أو قدر
دينه, مطلقا, نص عليه, اختاره الأصحاب, لإطلاق
الآية {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} [الطلاق: من
الآية6] وأبو حنيفة يقول به في الأم, لكونها
أحق برضاعه, وكإذنه في ضمانه أو قضائه, وعنه:
لا, اختاره أبو محمد الجوزي. وقال ابن عقيل:
يظهر فيها كذبح أضحية غيره بلا إذنه في منع
الضمان والرجوع, لأن القضاء هنا إبراء, كتحصيل
ـــــــ
والوجه الثاني: له الرجوع, لقيام البينة
بذلك..
ـــــــ
1 أخرجه مسلم "1641" "2", من حديث عمران بن
حصين.
(6/399)
الإجزاء بالذبح
ولو تعيب مضمون - أطلقه شيخنا, وقيده أيضا
بقادر فأمسك الضامن وغرم شيئا بسبب ذلك وأنفقه
في حبس رجع به على المضمون, قاله شيخنا ولا
يرجع بمؤجل قبل أجله حتى يحل, ولا مع إنكار
الآخرين القضاء, لتصرفه بالشرع, فيتصرف
بالمصلحة, والوكيل يتبع لفظ الأمر ويرجع مع
تصديق رب الدين, في الأصح, ومع تصديق المديون
إن قضى بإشهاد, والأصح أو بحضرته, وإلا فلا,
وفي رجوعه بشاهد ميت أو غائب وشهادة عبيد
والرد بفسق باطن احتمالان "م 5". وفي شاهد
ودعواه موتهم وأنكر الإشهاد وجهان "م 6 - 7".
وإن قضى الضامن
ـــــــ
"مسألة 5" قوله: ويرجع مع تصديق رب الدين, في
الأصح, ومع تصديق المديون إن قضى بإشهاد,
والأصح: أو بحضرته, وإلا فلا, وفي رجوعه بشاهد
ميت أو غائب وشهادة عبيد والرد بفسق باطن
احتمالان, انتهى. ذكر أربع مسائل حكمهن واحد,
وأطلقهن في المغني1 والشرح2 والنظم في
الجميع3. قال في التلخيص والرعاية الكبرى: ولو
أشهد فماتوا أو غابوا رجع, انتهى.
"قلت": الصواب الرجوع مع موت الشهود وغيبتهم
إذا صدقه المضمون عنه على ذلك دون غيرهم.
والظاهر أن المصنف أراد إذا كان شاهدا واحدا
ومات أو غاب, وقلنا يقبل ويرجع بشهادته إذا
كان حاضرا, والمصنف تابع الشيخ في المغني.1
"مسألة 6, 7" قوله وفي شاهد ودعواه موتهم
فأنكر الإشهاد, وجهان, انتهى, فيه مسألتان.
ـــــــ
1 7/94.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/51.
3 في "ط": "الجمع".
(6/400)
ثانيا ففي
رجوعه بالأول للبراءة به باطنا أو الثاني
احتمالان "م 8". وإذا قال
ـــــــ
المسألة الأولى-6 : إذا أشهد شاهدا واحدا فهل
له الرجوع أم لا؟ أطلق الخلاف, وهما احتمالان
مطلقان في المغني1 والشرح2 وقالا: إذا ردت
شهادته لكونه واحدا.
"أحدهما" لا رجوع له بذلك ولا يكفي, قطع به في
التلخيص والرعايتين والحاويين.
"والوجه الثاني" يكفي ذلك ويرجع عليه, واختاره
في الرعاية الكبرى "قلت": وهو الصواب, ويحلف,
وينبغي أن يكون هذا المذهب, لأن من قواعد
المذهب قبول شهادة الشاهد الواحد مع اليمين في
المال وما يقصد به المال, وهنا كذلك, فعلى هذا
في إطلاق المصنف شيء.
"المسألة الثانية 7" لو ادعى أنه أشهد وماتوا
وأنكر المضمون عنه الإشهاد فهل يقبل قول
الضامن ويرجع أم لا؟ أطلق الخلاف. قال في
التلخيص: ولو ادعى موت الشهود وأنكر الرجوع
عليه فوجهان, انتهى. وأطلقهما في الرعاية
الكبرى
"أحدهما" يرجع, إذ الاحتراز عنه متعذر.
"والوجه الثاني" لا يرجع, لأن الأصل عدم
الإشهاد, والمضمون عنه يدعيه
"قلت": الصواب في هذه الأزمنة الرجوع إلى
القرائن من صدق المدعي وغيره.
"مسألة 8" قوله: وإن قضى الضامن ثانيا ففي
رجوعه بالأول للبراءة منه باطنا أو الثاني
احتمالان, انتهى, وأطلقهما في الكافي3 ونظم
الزوائد.
"أحدهما" يرجع بما قضاه ثانيا, وهو الصحيح,
قدمه في المغني1 والشرح2 وقالا: هذا أرجح,
وقدمه ابن رزين في شرحه
ـــــــ
1 7/94.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإ،صاف 13/52.
3 3/303.
(6/401)
المضمون له
للضامن برئت إلي من الدين وقيل: أو لم يقل:
إلي فهو مقر بقبضه, لا أبرأتك, وقوله له:
وهبتك الحق تمليك له, فيرجع على المديون,
وقيل: إبراء, فلا.
فصل وتصح كفالته برضاه بإحضار من لزمه حق, حضر
أو غاب, وقيل: بإذنه معين, وقيل: وأحد هذين,
واحتجوا بقوله: {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ} ,
[يوسف: 66] الآية, فإن قيل: لم يثبت على
المكفول به1 هنا شيء, قيل: بل عليه حق, لأنه
إذا دعا ولده لزمته الإجابة, وقيل: لا تنعقد
بحميل وقبيل, وعين مضمونة كضمانها. وقال أبو
الخطاب: وإحضار وديعة وكفالة بزكاة وأمانة,
لنصه فيمن قال: ادفع ثوبك إلى هذا الرفاء2
فأنا ضامنه لا يضمن حتى يثبت
ـــــــ
والاحتمال الثاني يرجع بما قضاه أولا.
وهذان الاحتمالان طريقة موجزة3 في الرعاية
الكبرى, والذي قدمه فيها أنه يرجع عليه مرة
واحدة, وكأنه تبع عبارة من أطلقها, وإلا فلا
منافاة بين ما قدمه وبين الثاني, لأن كلام من
أطلق محتمل لهما, والتحقيق ما قاله المصنف
والشيخ وغيرهما, وليس في كلام صاحب الرعاية
فائدة والله أعلم..
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
2 الرفاء: الخياط.
3 في "ح" و "ط": "مؤخرة".
(6/402)
أنه دفعه إليه,
ويلزمه الحضور معه إن كفله بإذنه أو طولب به,
وقيل: بهما وإلا فلا
وإن كفل بجزء شائع من إنسان أو عضو وقيل: لا
تبقى الحياة معه, وقيل: وجهه فقط فوجهان "م 9
- 11" ولا تصح ببدن من عليه حد أو قود,
ـــــــ
"مسألة 9 - 11" قوله: وإن كفل بجزء شائع "1من
إنسان1" أو عضو وقيل: لا تبقى الحياة معه,
وقيل: وجهه فقط فوجهان, انتهى, ذكر ثلاث
مسائل.
مسألة الكفالة بالجزء الشائع ومسألة الكفالة
بعضو, ومسألة الكفالة بوجهه.
"أما مسألة 9" الكفالة بالجزء الشائع فهل يصح
أو لا؟ أطلق الخلاف, وأطلقه في المقنع2
والمحرر والفائق وغيرهم.
"أحدهما" يصح, وهو الصحيح, اختاره أبو الخطاب
وغيره, وصححه في التصحيح والمغني3 وغيرهما,
قال في تجريد العناية: هذا الأظهر, وجزم به
ابن عبدوس في تذكرته, وقدمه في الهداية
والمذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص
والرعايتين والحاويين وغيرهم.
"والوجه الثاني" لا يصح, اختاره القاضي.
"4وأما مسألة 10" الكفالة بعضو غير الوجه فهل
تصح أم لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه في المقنع1
والمحرر والفائق وغيرهم
"أحدهما" تصح, وهو الصحيح, اختاره أبو الخطاب
وغيره, وجزم به ابن عبدوس في تذكرته وغيره,
صححه في التصحيح وغيره قال في تجريد العناية:
هذا الأظهر, وقدمه في الهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة4"
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية و "ط" والمثبت من
الفروع.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/65.
3 7/97.
4 ليست في "ح".
(6/403)
أو
بزوجة,......................................
ـــــــ
"1والتلخيص والرعايتين والحاويين وغيرهم.
"والوجه الثاني" لا يصح, قال القاضي: لا تصح
ببعض البدن, انتهى. وقيل: إن كانت الحياة تبقى
معه كاليد والرجل ونحوهما لم تصح, وإن كانت لا
تبقى كرأسه وكبده ونحوهما صح, جزم به في
الوجيز وغيره, وقدمه في المغني2 والشرح3
وغيرهما,
قال في الكافي: قال غير القاضي: إن كفل بعضو
لا تبقى الحياة بدونه كالرأس والقلب والظهر
صح, وإن كان بغيرها كاليد والرجل فوجهان,
انتهى1".
"وأما مسألة 11" الكفالة بالوجه فقط فالصحيح
من المذهب صحتها, وقطع به الأكثر, منهم صاحب
المغني والكافي والمحرر والشرح والرعايتين
والحاويين والفائق وإدراك الغاية والمنور
وغيرهم. قال ابن منجى في شرحه: وهو الظاهر.
وقيل: لا تصح. قال القاضي: لا تصح ببعض البدن,
ولم أر من صرح بهذا القول, وكلام المصنف إنما
هو الكفالة به دون غيره, فلذلك قال: فقط.
"تنبيه" ظاهر كلام المصنف إطلاق الخلاف في
المسائل الثلاث, وفيه نظر, لا سيما مسألة
الوجه فقط, إذ القول بعدم الصحة فيه ضعيف جدا,
فما اختلف الترجيح حتى يطلق الخلاف فيه,
والأحسن في العبارة والله أعلم أن يقول: وإن
كفل بجزء شائع فوجهان, ويصح بعضو. وقيل: لا
تبقى الحياة معه, وقيل: وجهه فقط, والله أعلم.
ـــــــ
1 ليست في "ح".
2 7/97.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/65.
(6/404)
أو شاهد.وفي
صحة تعليق ضمان وكفالة بغير سبب الحق
وتوقيتهما وجهان "م 12 و 13".
ـــــــ
"مسألة 12 و 13" قوله وفي صحة تعليق ضمان
وكفالة بغير سبب الحق وتوقيتهما وجهان, انتهى.
ذكر مسألتين.
"المسألة الأولى 12" لو علق الضمان أو الكفالة
بغير سبب الحق فهل يصح أم لا؟ أطلق الخلاف,
وأطلقه في المذهب والفائق, وظاهر كلامه في
المغني1 والشرح2 إطلاق الخلاف أيضا.
"أحدهما" يصح, وهو الصحيح, اختاره أبو الخطاب
والشريف أبو جعفر وغيرهما, وجزم به في الوجيز
والمنور وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم, وقدمه في
الهداية والمستوعب والخلاصة والتلخيص والمحرر
والرعايتين والحاويين وغيرهم, ونقل مهنا الصحة
في كفيل به, وجزم3 في الرعاية الكبرى بصحة
تعليق الكفالة على شرط وتوقيتها في باب
الكفالة.
"والوجه الثاني" لا يصح, اختاره القاضي في
الجامع.
"المسألة الثانية 13" توقيت الضمان والكفالة
هل يصح أم لا؟ أطلق الخلاف, واعلم أن حكم
توقيتهما حكم تعليقهما بغير سبب الحق خلافا
ومذهبا, لكن قال في الرعاية الكبرى في مسألة
التوقيت, ويحتمل عدم الصحة, وهو أقيس, لأنه
وعد مع تقديمه الصحة في تعليقهما, والله أعلم.
ـــــــ
1 7/103.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/68.
3 بعدها في "ط" "به".
(6/405)
فلو تكفل به
على أنه إن لم يأت به فهو ضامن لغيره أو كفيل
به أو كفله شهرا فوجهان "م 14" ونقل مهنا
الصحة في كفيل به, وإن قال: أبرئ الكفيل وأنا
كفيل فسد الشرط, في الأصح, فيفسد العقد,
ويتوجه وجه, ومتى أحضره قال في المستوعب, ولم
يكن حائل برئ, نص عليه, وعنه: ويبرأ منه,
وقيل: إن امتنع أشهد, وقيل: إن لم يجد حاكما,
وكذا قبل أجله, ولا ضرر, ويتعين مكان العقد,
وقيل: مع ضرر, وقيل: يبرأ ببقية البلد, وعنه:
وغيره وفيه سلطان, اختاره القاضي وأصحابه.
قال شيخنا: إن كان المكفول في حبس الشرع فسلمه
إليه فيه برئ, ولا يلزمه إحضاره منه إليه عند
أحد من الأئمة, "1ويمكنه الحاكم من إخراجه
ليحاكم غريمه ثم يرده, هذا مذهب الأئمة1,
كمالك وأحمد وغيرهما, وفي طريقة
ـــــــ
"تنبيه" لعل في كلام المصنف نقصا وتقديره "وفي
صحة تعليق ضمان وكفالة بشرط", فقوله "بشرط"
نقص كما قاله غيره, والتعليق لا يكون إلا بشرط
هنا. وقوله بغير سبب الحق مثال تعليقهما بسبب
الحق, العهدة والدرك, وما لم يجب ولم يوجد
سببه, وقوله: إن أقرضت فلانا كذا فضمانها علي
أو ما أعطيته فأنا ضامنه, فهذا تعلق بشرط,
لكنه سبب للحق, فذلك يصح.
"مسألة 14" قوله: فلو تكفل به على أنه إن لم
يأت به فهو ضامن لغيره أو كفيل به أو كفله
شهرا فوجهان, انتهى, وهما مبنيان على الوجهين
المتقدمين في تعليقهما وتوقيتهما لكن قال
الشيخ والشارح هنا: قول القاضي, وهو عدم الصحة
أقيس وقدمه ابن رزين, واختار الشريف أبو جعفر
وأبو الخطاب في الانتصار وغيرهما
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
(6/406)
بعض أصحابنا:
فإن قيل دلالته عليه وإعلامه بمكانه لا يعد
تسليما, قلنا: بل يعد, ولهذا إذا دل على الصيد
محرما كفر, وإذا تعذر إحضاره مع بقائه أو غاب
نص عليهما ومضى زمن يمكنه رده, أو مضى زمن
عينه لإحضاره الدين لزمه الدين أو عوض العين,
وفي المبهج وجه, كشرط البراءة منه. وقال ابن
عقيل: قياس المذهب لا يلزمه إن امتنع بسلطان,
وألحق به معسر ومحبوس, ونحوهما, لاستواء
المعنى, والسجان كالكفيل, قاله شيخنا. ومتى
أدى ما لزمه ثم قدر على المكفول فظاهر كلامهم
أنه في رجوعه عليه كضامن, وأنه لا يسلمه إلى
المكفول له ثم يسترد ما أداه, بخلاف مغصوب
تعذر إحضاره مع بقائه, لامتناع بيعه.
وإن مات المكفول به في المنصوص أو تلفت العين
بفعل الله تعالى في أحد الوجهين قبل ذلك, أو
سلم نفسه, برئ الكفيل "م 15" لا بموت الكفيل
ـــــــ
الصحة, وهو الصحيح, كما تقدم, وقدم في
الرعايتين والحاويين وغيرهما الصحة في المسألة
الأولى.
"مسألة 15" قوله: وإن مات المكفول به في
المنصوص أو تلفت العين بفعل الله في أحد
الوجهين قبل ذلك, أو سلم نفسه برئ الكفيل,
انتهى. إذا تلفت العين المكفولة بفعل الله
تعالى كالمغصوب والعواري ونحوهما فهل يبرأ
الكفيل كما لو مات أو لا يبرأ؟ أطلق الخلاف.
"أحدهما" يبرأ, وهو الصحيح, جزم به في الهداية
والمذهب
(6/407)
أو المكفول له,
وفي طريقة بعض أصحابنا وقولهم تبطل بموت
الكفيل أو المكفول, فدل أنها غير لازمة, بخلاف
الكفيل بالدين,
قلنا: وكذا إذا مات الكفيل بالدين بطلت
الكفالة, فهما سيان. ومن كفل أو ضمن ثم قال لم
يكن عليه حق صدق خصمه, وفي يمينه وجهان "م
16". ومن كفله اثنان فسلمه أحدهما في المنصوص
أو كفل
ـــــــ
والمستوعب والخلاصة والكافي1 والمقنع2 والمحرر
والرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم, وقدمه في
المغني3 والشرح2 ونصراه. "والوجه الثاني" لا
يبرأ. وقال في الرعاية الكبرى: فإن سلمها وإلا
ضمن عوضها, وقيل: إلا أن تتلف بفعل الله تعالى
فلا يضمنها, وفيه احتمال, انتهى..
"مسألة 16" قوله: وإن كفل أو ضمن ثم قال: لم
يكن عليه حق, صدق خصمه, وفي يمينه وجهان,
انتهى. وكذا قال في الرعاية, وأطلقهما في
الكافي4 وقال: مضى5 توجيههما في الرهن يعني
إذا أقر بالرهن ثم ادعى أنه لم يقبضه. وأطلق
الخلاف أيضا هناك.
أحدهما: عليه اليمين, وهو الصحيح, قدمه في
المغني6 والشرح7
ـــــــ
1 3/306
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/75.
3 7/105
4 3/308.
5 في "ط": "معنى".
6 7/106.
7 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/75-77.
(6/408)
لهما فأبرأه
أحدهما بقي حق الآخر ومن عليهما مائة فضمن كل
منهما الآخر فقضاه أحدهما نصفها أو أبرأه منه
ولا نية, فقيل: إن شاء صرفه إلى الأصل أو
الضمان, وقيل بينهما نصفان "م 17". وإن أحال
عليهما
ـــــــ
وقالا: هذا أولى.
"والوجه الثاني" لا يمين عليه, وهو احتمال في
المغني1 والشرح2
"مسألة 17" قوله: ومن عليهما مائة فضمن كل
منهما الآخر فقضاه أحدهما نصفها أو أبرأه منه
ولا نية فقيل: إن شاء صرفه إلى الأصل أو
الضمان, وقيل: بينهما نصفان, انتهى. هما
احتمالان مطلقان في الفصول والمغني3 والشرح4
والظاهر أن المصنف تابع صاحب المغني, واعلم
أنه لو قضى بعض دينه أو أبرئ منه وببعضه رهن
أو ضمين كان عما نواه الدافع أو المبرئ من
القسمين, والقول قوله في النية. وإن أطلق ولم
ينو شيئا صرفه إلى أيهما شاء, على الصحيح من
المذهب, قدمه في المحرر والرعايتين والحاويين
والفائق والمصنف في هذا الكتاب وغيرهم, وقطع
به في المغني5 والكافي6 والشرح7 وغيرهما,
وقيل: يوزع بينهما بالحصص. ومسألة المصنف هنا
مثل هذه, بل هي فرد من أفرادها, فإن أحد
الضامنين إذا قضى نصفها داخل في كلام الأصحاب
في هذه المسألة وكذلك لو أبرأه
ـــــــ
1 7/106
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/75-77.
3 7/91.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/46.
5 7/93
6 3/295.
7 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/48-49.
(6/409)
ليقبض من أيهما
شاء صح, وذكر ابن الجوزي وجها: لا كحوالته على
اثنين له على كل منهما مائة, وإن أبرأ أحدهما
من المائة بقي على الآخر خمسون أصالة. وإن ضمن
ثالث عن أحدهما المائة بأمره وقضاها رجع عليه
بها, وهل له أن يرجع بها على الآخر؟ فيه
روايتان "م 18"
وإن ضمن معرفته أخذ به, نقله أبو طالب. ومتى
أحال رب الحق أو أحيل أو زال العقد برئ
الكفيل, وبطل الرهن
ـــــــ
المضمون له من نصفها وأطلق كان له صرفه إلى ما
أراد, وهو داخل في كلام الأصحاب في هذه
المسألة, فإذن في إطلاق المصنف في هذه المسألة
نظر واضح, ولعله لم يتذكر أصل المسألة التي
ذكرها هو وغيره, فتابع الشيخ في المغني1 هنا,
ولم يذكر ذلك, والله أعلم.
والمصنف لم يبيض هذا الجزء, ولعل بين هذه
المسألة وبين تلك فرقا لم يحرره, فإن صاحب
المغني2 ذكر هنا احتمالين, وقطع هناك, لكن
صاحب المغني لم يشترط في كتابه ما اشترطه
المصنف, والله أعلم.
"مسألة 18" قوله: وإن ضمن ثالث عن أحدهما
المائة بأمره وقضاها رجع عليه بها, وهل له أن
يرجع بها على الآخر؟ فيه روايتان, انتهى
ـــــــ
1 7/93.
2 7/108.
(6/410)
ويثبت لوارثه,
ذكره في الانتصار. وفي الرعاية في الصورة
الأولى احتمال وجهين في بقاء الضمان, ونقل
مهنا فيها يبرأ وأنه إن عجز مكاتب رق وسقط
الضمان, وذكر القاضي أنه لو أقاله في سلم به
رهن حبسه برأس ماله, جعله أصلا لحبس رهن بمهر
المثل بالمتعة.
ـــــــ
"قلت": الصواب أن له الرجوع على الآخر أيضا,
لأنه أدى حقا واجبا عليه ونوى الرجوع, فهذه
المسألة قريبة من مسألة ذكرها المصنف قريبا,
وأطلق فيها الخلاف, وهي ما إذا ضمن الضامن آخر
فإنه قال: وإن قضاه الثاني رجع على الأول ثم
رجع الأول على المضمون عنه إذا كان واحد أذن,
وإلا ففي الرجوع روايتان, وذكرنا هناك أن
الصحيح له الرجوع, وأن في إطلاق المصنف الخلاف
شيئا, على الصحيح, فكذا هذه,
هذا ما يظهر لي, بل هي من جملة المسألة لأن
الضامن الثالث ضامن عنه خمسين بالأصالة, فهو
ضامن أول, وخمسين بالضمان هو فيها ضامن ثان,
فهي كتلك المسألة بالنسبة إلى الخمسين التي
ضمنها الشريك. فهذه ثمان عشرة مسألة قد أطلق
فيها الخلاف.
(6/411)
باب الحوالة
مدخل
...
باب الحوالة
تصح بلفظها أو بمعناها الخاص برضا المحيل بشرط
المقاصة وعلم المال, وفي مذروع ومعدود وجهان
"م 1" واستقرار المحال عليه, نص عليه, وقيل:
والمحال به, جزم به الحلواني. فلا يصحان في
دين سلم وفي رأس ماله بعد فسخه وجهان "م 2"
ـــــــ
"مسألة 1" قوله تصح بلفظها أو معناها الخاص
برضا المحيل بشرط المقاصة وعلم المال, وفي
مذروع ومعدود وجهان, انتهى. يعني يشترط علم
المال وأن يكون فيما يصح فيه السلم من
المثليات, ففي غير المثلي من المذروع والمعدود
الوجهان, وأطلقهما في المغني1 والشرح2 والفائق
والزركشي, قال في الرعايتين والحاويين: إنما
يصح في دين معلوم يصح السلم فيه. وأطلقا في
إبل الدية الوجهين.
"أحدهما" يصح في المذروع والمعدود. قال القاضي
في المجرد: تجوز الحوالة بكل ما صح السلم فيه,
وهو ما يضبط بالصفات, سواء كان له مثل كالحبوب
والأدهان والثمار, أو لا مثل له كالحيوان
والثياب. وقد أومأ إليه أحمد في رواية الأثرم,
قال الناظم: يصح فيما فيه السلم, وقدمه ابن
رزين في شرحه.
"والوجه الثاني" لا تصح الحوالة بذلك. وقد قال
أبو الخطاب: لا تصح الحوالة في الإبل. قال
الشيخ في المغني1 والشارح: ويحتمل أن يخرج
هذان الوجهان على الخلاف فيما يقضى به قرض هذه
الأموال, انتهى. "قلت": قد أطلق المصنف الخلاف
في مسألة القرض, وصححناها هناك3, فليراجع..
"مسألة 2" قوله: فلا يصحان في دين سلم, وفي
رأس ماله بعد فسخه وجهان,
ـــــــ
1 7/59.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/101.
3 ص 347.
(6/412)
وفي طريقة
بعضهم في لحوق الزيادة المسلم فيه منزل
كموجود, لصحة الإبراء منه والحوالة عليه وبه.
ولا يصح على دين كتابة ولو حل في المنصوص,
ومهر وأجرة بالعقد, وفيهن بها وجهان "م 3".
ومتى رضي
ـــــــ
انتهى. وأطلقهما في المحرر وشرحه والرعايتين
والحاويين والنظم والفائق والزركشي وغيرهم.
"أحدهما" لا يصح. قال في الرعاية الكبرى في
باب القبض والضمان في البيع: ولا يصح التصرف
مع المديون وعليه بحال في دين مستقر قبل قبضه,
وكذا رأس مال السلم بعد فسخه مع استقراره
أيضا. وقيل يصح تصرفه, انتهى. فقدم عدم صحة
تصرفه.
"والوجه الثاني" يصح "قلت": وهو الصواب, وهو
ظاهر كلام كثير من الأصحاب, ثم وجدته في تصحيح
المحرر قال: وهو أصح, على ما يظهر لي, قال:
ومستندي عموم عبارات الأصحاب أو جمهورهم, لأن
بعضهم يشترط في الدين أن يكون مستقرا, وهذا
مستقر, وبعضهم يقول: يصح في كل دين عدا كذا,
ولم يذكروا1 هذا في المستثنى, وهذا دين, فصحت
الحوالة به وعليه على العبارتين, انتهى.
"مسألة 3" قوله: ولا يصح على دين كتابة, ومهر
وأجرة بالعقد, وفيهن بها وجهان, انتهى,
وأطلقهما في الرعايتين وأطلقهما في الحاويين
والفائق في الحوالة بدين الكتابة والمهر. قال
في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب
والخلاصة وغيرهم: يشترط لصحتها أن يكون بدين
مستقر وعلى دين مستقر. وقال
ـــــــ
1 في "ط": "يذكر".
(6/413)
المحتال برئ
محيله,
ـــــــ
في الحاويين: ولا تصح إلا بدين معلوم يصح
السلم فيه مستقر على مستقر. وقال في
الرعايتين: إن ما يصح بدين معلوم يصح السلم
فيه مستقر, في الأشهر, على دين مستقر. وقال في
الفائق: ويختص صحتها بدين يصح السلم فيه,
ويشترط استقراره في أصح الوجهين على مستقر.
وقال في التلخيص: لا تصح الحوالة بغير مستقر
ولا غير مستقر, فلا تصح في مدة الخيار, على
ظاهر كلام أبي الخطاب وقال القاضي وابن عقيل:
تصح حوالة المكاتب لسيده بدين الكتابة على من
له عليه دين ويبرأ العبد ويعتق ويبقى الدين في
ذمة المحال عليه للسيد, انتهى. وقال الزركشي
تبعا لصاحب المحرر: الديون أربعة أقسام: دين
سلم, ودين كتابة, وما عداهما وهو قسمان: مستقر
وغير مستقر, كثمن البيع في مدة الخيار ونحوه,
فلا تصح الحوالة بدين السلم ولا عليه, وتصح
بدين الكتابة على الصحيح دون الحوالة عليه,
ويصحان في سائر الديون مستقرها وغير مستقرها.
وقيل: لا تصح على غير مستقر بحال, وإليه ذهب.
(6/414)
وكذا إن رضي
وجهله أو ظنه مليئا فبان مفلسا, نص عليه,
وعنه: يرجع, كشرطها, وكما لو بان مفلسا بلا
رضا, وإن لم يرض أجبر على الأصح على قبولها
على مليء بماله, وقوله وبدينه فقط, ويبرأ بها
محيله ولو أفلس المحال عليه أو جحد أو مات,
نقله الجماعة, وعنه: إذا أجبره
ـــــــ
أبو محمد وجماعة من الأصحاب. وقيل: ولا بما
ليس بمستقر, وهذا اختيار القاضي في المجرد,
وتبعه أبو الخطاب والسامري, انتهى.
وقال في المقنع1: يشترط أن يحيل على دين
مستقر, فإن أحال على مال الكتابة أو السلم أو
الصداق قبل الدخول لم يصح, وإن أحال المكاتب
سيده أو الزوج امرأته صح, انتهى. وقال في
الكافي2: يشترط أن يحيل على دين مستقر, ولا
يعتبر استقرار المحال به, فلو أحال الزوج
زوجته قبل الدخول بصداقها, أو أحال المشتري
البائع بثمن المبيع في مدة الخيار, أو أحال
المكاتب سيده بنجم قد حل, صح في ذلك, وإن
أحالت الزوجة أو البائع أو السيد والحالة ما
تقدم لم يصح, انتهى, ملخصا, وكذا قال الشارح
وغيره فتلخص أن الصحيح أنه يشترط لصحة الحوالة
أن تكون على دين مستقر"3وقدمه المصنف قبل ذلك
وقال: نص عليه3", ولا يشترط استقرار المحال
به, كما هو مختار الشيخ الموفق وغيره, وتقدم
كلام القاضي وابن عقيل الذي في التلخيص, وكلام
صاحب المحرر والزركشي, "3وهو ظاهر ما قدمه
المصنف قبل ذلك3", وإن كان اختيار كثير من
الأصحاب اشتراط استقرار المحال عليه والمحال
به, كالقاضي في المجرد والحلواني وأبي الخطاب
وابن الجوزي والسامري والفخر بن تيمية وأبي
المعالي وابن حمدان وصاحب الحاويين والفائق
وغيرهم, وتلخص مما تقدم أن في المسألة عدة
طرق, والله أعلم.
ـــــــ
1 في "ط": "عوضا".
2 تقدم مكان هذا التنبيهات في ص 413.
3 في "ص" و "ط": "الجهالة".
(6/415)
حاكم, فيتوجه
قبله مطالبة محيله, وذكر أبو حازم وابنه أبو
يعلى: لا, كتعيينه كيسا فيريد غيره,
قال أبو يعلى: والوكالة في الإيفاء يحرم
امتناعه ولا يسقط حقه بها بل مطالبته, ولا
يعتبر رضا المحال عليه, ومتى صحت فرضيا بخير
منه أو بدونه أو تعجيله أو تأجيله أو عوضه
جاز, ذكره الشيخ, وذكر في الترغيب الأولى
فظاهره منع عوضه, ونقل سندي فيمن أحاله عليه
بدينار فأعطاه عشرين درهما لا ينبغي إلا ما
أعطاه
وإذا أحيل على المشتري بثمن المبيع أو أحال به
فلم يقبض حتى فسخ البيع بخيار أو غيره لم تبطل
الحوالة, كأخذ البائع بحقه عرضا1, وقيل:
ـــــــ
"تنبيهات"2
"الأول" أخل المصنف رحمه الله بقوله في المهر
والأجرة بالعقد, فإن فيهما قولا كبيرا بجواز
الحوالة3 عليهما, قدمه في المحرر والزركشي
وغيرهما, وجزم المصنف بغيره تبعا لجماعة.
"الثاني" في إطلاقه الخلاف مع تقديمه أولا
اشتراط استقرار المحال عليه دون المحال به
نظر.
"الثالث" قول المصنف "وفيهن بها وجهان" صوابه
"وفيها بهن وجهان" يعني وفي الحوالة بدين
الكتابة والمهر والأجرة وجهان, والله أعلم.
ـــــــ
1 في "ط": "عوضا".
2 تقدم مكان هذه التنبيهات في ص 413.
3 في "ص" و "ط": "الجهالة".
(6/416)
بلى, كما لو
بان باطلا, ببينة أو اتفاقهما, فعلى هذا في
بطلان إذن المشتري للبائع وجهان "م 4" وأبطل
القاضي الحوالة به لا عليه, لتعلق الحق بثالث,
ـــــــ
"مسألة 4" قوله: وإذا أحيل على المشتري بثمن
المبيع أو أحال به فلم يقبض حتى فسخ البيع
بخيار أو غيره لم تبطل الحوالة, وقيل: بلى,
فعلى هذا في بطلان إذن المشتري للبائع وجهان,
انتهى. أطلق الخلاف على القول بالبطلان:
"أحدهما" يبطل, قدمه في الرعاية الكبرى.
"والوجه الثاني" لا يبطل, وهو الصحيح. وقال في
التلخيص: فعلى وجه بطلان الحوالة لا يجوز له
القبض, فإن فعل احتمل أن لا يقع عن المشتري,
لأن الحوالة انفسخت فبطل الإذن الذي كان
ضمنها. واحتمل أن يقع عنه, لأن الفسخ ورد على
خصوص جهة الحوالة دون ما تضمنه الإذن, فيضاهي
تردد الفقهاء في الأمر, إذا فسخ الوجوب هل
يبقى الجواز؟ والأصح عند أصحابنا بقاؤه, وإذا
صلى الفرض قبل وقتها انعقد نفلا, انتهى. قال
شيخنا في حواشيه: هذا يرجع إلى قاعدة, وهي إذا
بطل الوصف هل يبطل الأصل أم لا؟ ويرجع إلى
قاعدة, وهي إذا بطل الخصوص هل يبطل العموم؟
فيه خلاف, ذكرها في القواعد الأصولية, انتهى.
(6/417)
وكذا إن انفسخ
النكاح بعد الحوالة بين الزوجين وإن اتفقا على
قوله: أحلتك أو أحلتك بديني وقال أحدهما
المراد به الوكالة, فقيل: يقبل قوله, وقيل:
مدعي الحوالة, كقوله أحلتك بدينك "م 5 و
6".وإن قال زيد لعمرو: أحلتني بديني على بكر
واختلفا في جريان لفظ الحوالة فقيل
ـــــــ
"مسألة 5 و 6" قوله: وإن اتفقا على قول أحلتك
أو أحلتك بديني. وقال أحدهما المراد به
الوكالة, فقيل: يقبل قوله, وقيل: مدعي
الحوالة, كقوله أحلتك بدينك, انتهى. فيه
مسألتان:
"المسألة الأولى 5" إذا اتفقا على قوله أحلتك,
وقال أحدهما: المراد به الوكالة, وأنكر الآخر,
ففي أيهما يقبل قوله؟ وجهان, وأطلقها في
المغني1 والكافي2 والمقنع3 وشرح ابن منجا
والنظم والحاويين وغيرهم. "أحدهما" القول قول
مدعي الوكالة, وهو الصحيح, جزم به في الوجيز
والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم, وصححه في
التصحيح, وقدمه في المحرر والرعايتين.
"والوجه الثاني" القول قول مدعي الحوالة, صححه
في التلخيص والفائق وتجريد العناية وغيرهم
"قلت": وهو الصواب.
"المسألة الثانية 6" لو اتفقا على قوله أحلتك
بديني, وقال أحدهما: المراد به
ـــــــ
1 7/68.
2 3/292.
3 بعدها في "د": "وإن".
(6/418)
يصدق عمرو, جزم
به جماعة, فلا يقبض زيد من بكر, لعزله
بالإنكار, وفي طلب1 دينه من عمرو وجهان لأن
دعواه الحوالة براءة, وما قبضه وهو قائم لعمرو
أخذه, في الأصح, والتالف من عمرو, وقيل يصدق
زيد
ـــــــ
الوكالة, ففي أيهما يقبل قوله؟ وجهان, والحكم
هنا كالحكم في التي قبلها, كما قال المصنف,
خلافا ومذهبا, وقد علمت الصحيح في التي قبلها,
فكذا يكون فيها, لكن قدم في الرعاية الكبرى
هنا: أن القول قول مدعي الحوالة, وفيه قوة..
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "زيد".
(6/419)
فيأخذ من بكر
"م 7, 8"
ـــــــ
"مسألة 7 و 8" قوله: فإن قال زيد لعمرو:
أحلتني بديني على بكر, واختلفا في جريان لفظ
الحوالة, فقيل: يصدق عمرو, جزم به جماعة, فلا
يقبض زيد من بكر, لعزله بالإنكار, وفي طلب
دينه من عمرو وجهان, لأن دعوى الحوالة براءة
وما قبضه وهو قائم لعمرو أخذه في الأصح
والتالف من عمرو, وقيل: يصدق زيد فيأخذ من
بكر, انتهى ذكر مسألتين.
مسألة الأولى-7 : إذا اختلفا في جريان لفظ
الحوالة ومعناه هل جرى بينهما لفظ الحوالة أو
غيره بدليل عكسها, وهي المسألة الآتية وبدليل
المسألة الرابعة التي تقدم الكلام عليها, نبه
عليه شيخنا, فإذا قال المحيل وهو عمرو للمحتال
وهو زيد: إنما وكلتك في القبض لي بلفظ
الوكالة. وقال زيد: بل أحلتني بديني على فلان
وهو بكر, فهل القول قول المحيل وهو عمرو, أو
قول المحتال وهو زيد؟ فيه وجهان, أطلقهما
المصنف, وأطلقهما في المغني1 والشرح2.
"أحدهما" القول قول المحيل وهو عمرو, قدمه في
الرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم, قال
المصنف هنا: جزم به جماعة.
"والوجه الثاني" القول قول مدعي الحوالة وهو
زيد, لأن الظاهر معه, قدمه ابن رزين في شرحه,
فعلى القول الأول يحلف المحيل ويبقى حقه في
ذمة المحال عليه, قاله في المغني1 والشرح2.
وقال المصنف هنا تبعا لصاحب الرعاية الكبرى:
لا يقبض المحتال وهو زيد من المحال عليه وهو
بكر, لعزله بالإنكار, وفي طلب دينه من عمرو
وهو المحيل وجهان, وهي:
"المسألة الثانية 8" وأطلقهما في الرعايتين
والحاويين والفائق.
"أحدهما" له طلبه منه, لإنكاره الحوالة, وهو
الصحيح, صححه في المغني3
ـــــــ
1 7/65.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
13/113-114.
3 7/66.
(6/420)
ولو قال زيد:
وكلتني, وقال عمرو: أحلتك, فمن رجح في الأولى
قول عمرو رجح هنا قول زيد, ومن رجح في الأولى
قول زيد رجح هنا قول عمرو "م 9" وإن اتفقا على
قوله أحلتك أو أحلتك بديني, وقال أحدهما
المراد به الوكالة فقيل: يقبل قوله, وقيل:
مدعي الحوالة كقوله أحلتك بدينك. قال شيخنا:
والحوالة على ماله في الديوان إذن في
الاستيفاء فقط,
ـــــــ
والشرح1, وهو الصواب.
"والوجه الثاني" ليس له طلبه, لأن دعوى
الحوالة براءة وهو مدعيها.
مسألة 9 قوله: ولو قال زيد: وكلتني, وقال
عمرو: أحلتك, فمن رجح في الأولى قول عمرو رجح
هنا قول زيد, ومن رجح في الأولى قول زيد رجح
هنا قول عمرو, انتهى. فالمصنف قد أطلق الخلاف
في المسألة الأولى, وكذا يكون في هذه, لكن
الترجيح يختلف, لأنها عكسها, والله أعلم. وما
قاله صحيح, فقد قطع في الرعاية الصغرى وقدمه
في الحاويين والفائق: أن القول في هذه المسألة
قول مدعي الوكالة, وهو زيد, وفي التي قبلها
رجحوا قول عمر, والله أعلم.
وتبع المصنف في هذه العبارة ابن حمدان في
الرعاية الكبرى فإنه قال: ولو قال زيد:
وكلتني, وقال عمرو: أحلتك, فمن رجح في الأول
قول عمرو رجح هنا قول زيد, فإذا حلف قبل القبض
أنه وكيل رجع على عمرو, وفي رجوع عمرو على بكر
وجهان, وإن كان قبضه فقد ملكه, وإن كان تلف
بلا تفريط لم يضمنه ويرجع بدينه على عمرو, ومن
رجح في الأول قول زيد رجح هنا قول عمرو, فلا
يرجع عليه, وإذا حلف أنه أحاله قبض زيد من بكر
بالوكالة على قوله, وبالحوالة على قول عمرو,
وبرئت ذمتهما, انتهى. فهذه تسع مسائل قد أطلق
فيها الخلاف في هذا الباب..
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/114
(6/421)
وللمحتال
الرجوع ومطالبة محيله وإحالة من لا دين عليه
على من دينه عليه وكالة, ومن لا دين عليه على
مثله وكالة في اقتراض1, وكذا مدين على بريء
فلا يصارفه2, نص عليه. وفي الموجز والتبصرة إن
رضي البريء بالحوالة صار ضامنا يلزمه الأداء.
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 في "ر" و "ط": "افتراض".
2 في الأصل و "ر" و "ط": "يصادفه".
(6/422)
باب الصلح وحكم
الجوار
مدخل
...
باب الصلح وحكم
الجوار
إذا أقر له بدين أو عين فوهب أو أسقط بعضه
وطلب باقيه صح, لا بلفظ الصلح, على الأصح,
لأنه هضم للحق, خلافا لظاهر الموجز والتبصرة,
أو جعله شرطا في الأصح, كما لو منعه المديون
حقه بدونه, ويصح ممن لا يصح تبرعه مع إنكار
ولا بينة, وكذا من ولي, وقيل: لا. قطع به في
الترغيب, ويصح عما ادعى على موليه وبه بينة,
وقيل: أو لا. ولو صالح عن المؤجل ببعضه حالا
لم يصح, نقله الجماعة. وفي الإرشاد1 والمبهج
رواية اختارها شيخنا, لبراءة الذمة هنا, وكدين
الكتابة, جزم به الأصحاب, ونقله ابن منصور,
قال: ليس بينه وبين سيده ربا, فدل أنه إنما
جوزه على هذا الأصل, والأشهر عكسه, ونقل ابن
ثواب فيمن قال لرجل أعطاه دراهم بربح إلى أجل:
عجل لي وأضع عنك, قال: من أخذ دراهمه بعينها
فلا بأس, وكره أكثر. وسأله أبو طالب عن هذه
الصورة, فقال: كذا يقول ابن عباس: ما له يضع
منه ما شاء2. قلت: ما تقول أنت؟ قال: قول ابن
عمر: هو ربا3.
ولو وضع بعض الحال وأجل باقيه صح الإسقاط,
وعنه: لا, كالتأجيل على الأصح, لأنه وعد, وكذا
لو صالحه عن مئة
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 ص 266.
2 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 14362.
3 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" 14468,
والبخاري في التاريخ الكبير 3/328.
(6/423)
صحاح بخمسين
مكسرة هل هو إبراء من الخمسين ووعد في
الأخرى؟.
ولو صالح عن حق كدية خطإ وقيمة متلف غير مثلي
بأكثر منه من جنسه لم يصح, وصححه شيخنا وأنه
قياس قول أحمد, كعرض وكالمثلي, ويخرج على ذلك
تأجيل القيمة, قاله القاضي وغيره,
وذكر الشيخ: إن صالح عن المائة الثانية بالتلف
بمائة مؤجلة رواية: يصح, وذكر شيخنا رواية
بتأجيل الحال في المعاوضة لا التبرع "و هـ",
والظاهر أنها الرواية المذكورة.
ولو صالحه عن بيت أقر به على سكناه سنة أو
بناء غرفة له فوقه, أو ادعى رق مكلف, أو زوجية
امرأة, فأقرا1 له بعوض, لم يصح, وإن بذلته
الزوجة أو طلقها ثلاثا فدفعت له مالا ليقر به
"*" فقيل يجوز كبذل المدعى رقه, وفي إنابتها
به في المسألة الأولى وجهان وقيل: لا. "م 1 و
2". ولو قال: أقر بديني وخذ مائة, صح إقراره,
لا
ـــــــ
"تنبيه" قوله: "وإن بذلته الزوجة ليقر به" في
فهمه غموض, والمعنى ليقر لها أنها غير زوجة,
ولا يفهم هذا المعنى من كلامه إلا بتقدير,
والله أعلم.
"مسألة 1 - 2" قوله: ولو ادعى زوجية امرأة
فأقرا2 له بعوض لم يصح, وإن بذلته الزوجة أو
طلقها ثلاثا فدفعت له مالا ليقر به فقيل:
يجوز, كبذل المدعى رقه, وفي إبانتها به في
المسألة الأولى3 وجهان, وقيل: لا, انتهى. ذكر
مسألتين:
ـــــــ
1 في "ط": "فأقره".
2 في النسخ الخطية و"ط": "فأقرت" والمثبت من
"الفروع"
3 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
(6/424)
الصلح,
والمصالحة بنقد عن نقد صرف, وبعرض, أو عنه
بنقد أو عرض بيع, ويصح بلفظ الصلح على ظاهر
كلامه في المجرد والفصول.
ـــــــ
"المسألة الأولى" إذا ادعى زوجية امرأة فأقرت
له بعوض لم يصح, وإن بذلت الزوجة العوض ليقر
لها بأنها غير زوجته أو ليقر لها بالطلاق فهل
يجوز أم لا؟ أطلق الخلاف. والأحسن في العبارة,
"فهل يصح أم لا "؟ وأطلقه في المغني1 والشرح2
والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم.
أحدهما: يصح, وهو الصحيح, جزم به في الوجيز
وغيره, وقدمه في الكافي3 وغيره, وصححه في
النظم وغيره.
"والوجه الثاني" لا يصح, قدمه ابن رزين في
شرحه, وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة والمقنع2 والتلخيص وغيرهم,
لأنهم قطعوا بالصحة في دفع المدعى عليه
العبودية مالا صلحا عن دعواه, ولم يذكروا دفع
المرأة إليه.
"المسألة الثانية 2" إذا بذلت المرأة للزوج
مالا ليقر4 بأنها غير زوجته ويكف نفسه عنها
ففعل وقلنا يصح, فهل تبين بذلك أم لا؟ أطلق
الخلاف فيه, وهما احتمالان مطلقان في المغني1
والشرح2.
"أحدهما" تبين منه بأخذ العوض عما يستحقه من
نكاحها فكان خلعا, كما لو أقرت بالزوجية
فخالعها. "والوجه الثاني" لا تبين بذلك, لأنه
لم يوجد من الزوج طلاق ولا خلع "قلت": وهو
ـــــــ
1 7/29.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
13/136-137.
3 3/271-272.
4 ليست في "ط".
(6/425)
وقاله في
الترغيب, وعن دين يجوز بغير جنسه مطلقا, ويحرم
بجنسه بأكثر أو بأقل على سبيل المعاوضة, وبشيء
في الذمة يحرم التفرق قبل القبض, وبمنفعة
كسكنى وخدمة إجارة.وذكر صاحب التعليق والمحرر:
لو صالح الورثة من وصى له بخدمة أو سكنى أو
حمل أمته "م" بدراهم مسماة جاز لا بيعا "و هـ
م". ولو صالح عن عيب مبيع بشيء صح ويرجع به إن
زال العيب فلو صالحت عنه المرأة بتزويجها صح,
وأرشه
ـــــــ
الصواب, وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب, وهو قوي
جدا. وإطلاق المصنف الخلاف فيه شيء.
(6/426)
مهرها "1ورجعت
إن زال بأرشه لا بمهرها1".
ويصح الصلح عن مجهول يتعذر علمه بمعلوم, نص
عليه, بنقد ونسيئة, فإن لم يتعذر كبراءة من
مجهول, وجزم صاحب المحرر وغيره بالمنع, لعدم
الحاجة, كالبيع, وهو ظاهر نصوصه, وظاهر ما جزم
به في الإرشاد2 وغيره "و م" وخرج في التعليق
والانتصار وغيرهما في صلح المجهول والإنكار من
البراءة من المجهول عدم الصحة, وخرجه في
التبصرة من الإبراء من عيب لم يعلما به, وقيل:
لا يصح عن أعيان مجهولة, لكونه إبراء, وهي لا
تقبله, وفي الترغيب: هو ظاهر كلامه.
ولو ادعى عليه حق فسكت أو أنكر وهو يجهله ثم
صالح بمال صح, وهو
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
2 ص 265.
(6/427)
للمدعي بيع
يؤخذ منه بشفعة ويرد معيبه ويفسخ الصلح, فإن
صالح ببعض عين المدعي فهو فيه كمنكر, وفيه
خلاف, وهو للآخر إبراء, فلا شفعة ولا رد, وفي
الإرشاد1: يصح هذا الصلح بنقد ونسيئة, لأن
المدعي ملجئ إلى التأخير بتأخير خصمه, قال في
الترغيب: وظاهره لا يثبت فيه أحكام البيع إلا
فيما يختص بالبائع من شفعة عليه وأخذ زيادة مع
اتحاد الجنس, واقتصر صاحب المحرر على قول
"2أحمد: إذا صالحه على بعض حقه بتأخير جاز,
وعلى قول2" ابن أبي موسى: الصلح جائز بالنقد
والنسيئة "م" ومعناه ذكر أبو بكر فإنه قال
الصلح بالنسيئة, ثم ذكر رواية منها: يستقيم أن
يكون صلحا بتأخير, فإذا أخذه منه لم يطالبه
بالبقية, وإن كذب أحدهما فحرام عليه ما أخذ,
ولا يشهد له إن علم ظلمه, نقله المروذي.ولو
صالح عن المنكر أجنبي والمدعى دين صح, وإن كان
عينا ولم يذكر أن المنكر وكله فوجهان "م 3".
ـــــــ
"مسألة 3" قوله: ولو صالح عن المنكر أجنبي
والمدعى دين صح, وإن كان عينا ولم يذكر أن
المنكر وكله فوجهان, انتهى.
"أحدهما" يصح, وهو الصحيح, وهو ظاهر كلامه في
المقنع3 والوجيز وغيرهما, وجزم به في المغني4
والكافي5 والشرح3 وشرح ابن منجا وغيرهم, وقدمه
في الرعايتين والفائق.
"والوجه الثاني" لا يصح, جزم به في الفصول
والمحرر والحاويين, وهو
ـــــــ
1 ص 265.
2 ليست في "ر".
3 المقني مع الشرح الكبير والإنصاف 13/155.
4 7/8.
5 3/268.
(6/428)
ويرجع مع
الإذن, وفيه بنية رجوع وجهان "م 4". ولو قال:
صالحني عن الملك الذي تدعيه, ففي كونه مقرا به
وجهان "م 5".
ولو صالح الأجنبي ليكون الحق له مع تصديقه
للمدعي فهو شراء دين أو مغصوب, تقدم بيانه1.
ويصح الصلح عن قود, ولم يفرقوا بين إقرار
ـــــــ
ظاهر ما جزم به ابن رزين في نهايته, وقدمه في
النظم.
"مسألة 4" قوله: ويرجع مع الإذن, وفيه بنية
رجوع وجهان, انتهى وأطلقهما في الهداية
والمذهب والمستوعب والتلخيص والرعاية الصغرى
والحاوي الكبير وغيرهم.
"أحدهما" لا يرجع, وهو الصحيح, صححه في
الخلاصة والمقنع2 وشرح ابن منجى قال في
الرعاية الكبرى: أظهرهما لا يرجع, واختاره في
الحاوي الكبير, وهو ظاهر ما جزم به في الحاوي
الصغير فإنه قال: ورجع إن كان إذن. وجزم به في
المحرر والوجيز, وقدمه في الشرح2 والنظم
والفائق وغيرهم. "والوجه الثاني" يرجع. قال
الشيخ الموفق ومن تبعه: خرجه القاضي وأبو
الخطاب, على الروايتين فيما إذا قضى دينه
الثابت3 بغير إذنه, قال الشيخ وغيره: وهذا
التخريج لا يصح, وفرق بينهما, قال في الفائق:
هذا التخريج باطل, انتهى. فقد لاح لك من هذا
أن إطلاق المصنف الخلاف فيه شيء.
"مسألة 5" قوله: ولو قال صالحني عن الملك الذي
تدعيه, ففي كونه مقرا به وجهان, انتهى. قال في
الرعاية الكبرى: من عنده, قلت: وإن قال صالحني
عن الملك الذي تدعيه فهل يكون مقرا؟ يحتمل
وجهين, فالظاهر والله أعلم أن المصنف تابع
صاحب الرعاية, فحينئذ يبقى في إطلاقه نظر ظاهر
على مصطلحه, خصوصا ولم
ـــــــ
1 ص 428.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/155.
3 في "ط": "النائب".
(6/429)
وإنكار, قال في
المجرد: يجوز عن قود وسكنى دار وعيب وإن لم
يجز بيع ذلك, لأنه لقطع الخصومة. وقاله في
الفصول في فصول صلح الإنكار, وأن القود له بدل
هو الدية كالمال, وذكره صاحب المحرر في فصول
الإنكار قال إن أرادا بيعها من الغير صح, ومنه
قياس المذهب جوازه "و م" فإنه معنى الصلح بلفظ
البيع, وأنه يتخرج فيه كالإجارة بلفظ البيع,
وأنه صرح أصحابنا بصحة الصلح عن المجهول بلفظ
البيع في صبرة أتلفها جهلا كيلها, ذكره
القاضي, والمنع قول أبي حنيفة ويصح بما يثبت
مهرا, ويصح بفوق دية. وفي الترغيب: لا يصح على
جنس الدية إن قيل موجبه أحد شيئين, ولم يختر
الوالي شيئا إلا بعد تعيين الجنس من إبل أو
غنم, حذرا من الربا, وظاهر كلامهم يصح حالا
ومؤجلا, وذكره صاحب المحرر وفي المفردات
مصالحته بفوق دية ليست من ثلثه,
ومع جهالته تجب دية أو أرش الجرح, ومع خروجه
مستحقا أو حرا قيمته, لأنه ليس بيع.
ولو صالح عن دار1 فبان عوضه مستحقا رجع
ـــــــ
يعزه إلى صاحب الرعاية كما يفعله به وبغيره,
ويحتمل أن يكون اطلع على هذا الخلاف من غير
صاحب الرعاية, وأنهم اختلفوا في الترجيح,
فأطلقه, وهو بعيد لا سيما وصاحب الرعاية قد
صرح أنه هو خرج الوجهين, ولم نر هذه المسألة
في غير
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "أو عبد".
(6/430)
....................................................
ـــــــ
هذين الكتابين, والله أعلم, وعلى كل تقدير
الصواب أنه لا يكون مقرا بذلك.
(6/431)
.................
ـــــــ
.................
(6/432)
بها, وقيل:
بقيمته مع إنكار, لأنه فيه بيع."*" ولا يصح
صلح بعوض عن
ـــــــ
"*" تنبيه : قوله: ولو صالح عن دار فبان عوضه
مستحقا رجع بها, وقيل: بقيمته مع إنكار لأنه
فيه1 بيع, انتهى, ظاهر عبارته إدخال صلح
الإنكار في ذلك, وأنه يرجع بالدار فيه على
المقدم عنده, وليس الأمر كذلك وإنما محل
الرجوع بالدار في صلح الإقرار لا غير, وأما
صلح الإنكار فإنما يرجع إذا بان عوضه مستحقا
بالدعوى أو بقيمة2 المستحق, وهو اختياره في
الرعاية الكبرى, نبه عليه شيخنا في حواشيه
وأطنب فيها
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في "ط": "بقية".
(6/433)
خيار, ولا عن
حد قذف, لأنه لا يدخله العوض, أو لأنه حق لله
وشفعة. نقل ابن منصور: الشفعة لا تباع ولا
توهب, وفي سقوطها به وجهان "م 6 و 7"
ـــــــ
"مسألة 6 و 7" قوله: ولا يصح الصلح عن,...
شفعة... وفي سقوطها به "1وجهان,
انتهى.وأطلقهما في المحرر والفائق:
أحدهما: تسقط, وهو الصحيح وعليه أكثر الأصحاب
وجزم به1" في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة والمغني2 والمقنع3 والتلخيص والشرح3
والوجيز والمنور وغيرهم, قال في الرعايتين:
وتسقط الشفعة, في الأصح, قال في الحاويين:
وتسقط, في أصح الوجهين.
والوجه الثاني لا تسقط, اختاره القاضي وابن
عقيل, قال في تجريد العناية: وتسقط في وجه.
"*" تنبيه : الموجود في النسخ "وفي سقوطها"
بإفراد الضمير, المؤنث في سقوطها فيحتمل أنه
عائد إلى الشفعة. وقال شيخنا في حواشيه: ظاهره
أنه عائد إلى الثلاثة, وهي الخيار وحد القذف
والشفعة, وهو كما قال, لكن لم نطلع على مسألة
ـــــــ
1 ليست في "ص", وفي "ط": الوجه الأول: تسقط
قاله.
2 7/31.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/164.
(6/434)
ولا عن/ شهادة
أو سارقا أو شاربا1 ليطلقه..
ـــــــ
الخيار, وهي قياس الشفعة. ويحتمل أن يكون "وفي
سقوطهما" بالتثنية, كما في المحرر وغيره,
فيعود الضمير إلى حد القذف والشفعة. وفي
الرعاية الكبرى: وتسقط الشفعة في الأصح, وكذا
الخلاف في سقوط حد القذف, فدل كلام هؤلاء أن
حد القذف كالشفعة. ويدل عليه أن المصنف لم يحك
خلافا فيه على تقدير أن يكون الضمير مفردا, مع
أن الخلاف فيه مشهور أكثر من الشفعة, إذا علم
ذلك ففي سقوط الحد وجهان, وأطلقهما في الخلاصة
والمقنع2 والمحرر والفائق وغيرهم, بناهما3 في
الهداية والمذهب والمستوعب والمغني4 والتلخيص
والشرح2 وشرح ابن منجى والرعاية الصغرى
والحاوي وغيرهم على أن حد القذف حق لله أو
للآدمي. وفيه روايتان, فإن قلنا: لله, لم
يسقط, وإلا سقط. والصحيح أنه حق للآدمي, وعليه
الأصحاب, قاله الزركشي وغيره, وقدمه المصنف
وغيره هناك, فيسقط هنا على الصحيح, وصححه في
التصحيح, وقدمه في التلخيص. قال في الرعاية
الكبرى: وتسقط الشفعة, في الأصح, وكذا الخلاف
في سقوط حد القذف. وقيل: إن جعل حق آدمي سقط
وإلا وجب, انتهى. "5والمصنف قال لأنه لا يدخله
العوض, أو لأنه حق لله, فظاهر هذا أن محل
الحكم إذا قلنا إنه غير حق آدمي5".
"وهذه مسألة 7" أخرى قد صححت أيضا, وعلى تقدير
تثنية الضمير أو جمعه في كلام المصنف, وأن
الخلاف مبني على أن حد القذف هل هو حق لله أو
للآدمي؟ يكون
ـــــــ
1 أي: أو صالح سارقا أو شاربا.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/164.
3 في "ط": "بناها".
4 7/31.
5 ليست في "ح".
(6/435)
فصل: من صولح بعوض على إجراء ماء معلوم في
ملكه صح
ويحرم بلا إذنه, كتضرره أو أرضه, وعنه: لا,
قيل: لضرورة, وقيل: حاجة ولو مع, حفر "م 8"
وأطلقهما ابن عقيل في حفر بئر أو إجراء نهر أو
قناة, نقل أبو الصقر: إذا أساح عينا تحت أرض
فانتهى حفره إلى أرض لرجل أو دار فليس له منعه
من ظهر الأرض ولا بطنها إذا لم يكن عليه مضرة,
وفيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم "لا
يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبه في جداره" 1 هذا
للجار القريب لا يمنع, ومتى صالحه بعوض فإن
كان مع بقاء ملكه عليه
ـــــــ
في إطلاقه الخلاف فيه نظر ظاهر, 2إذ هو قد
قدم2 في القذف أنه حق للآدمي..
مسألة 8" قوله: ومن صولح بعوض على إجراء ماء
معلوم في ملكه صح, ويحرم بلا إذنه كتضرره, أو
أرضه, وعنه: لا, فقيل: لضرورة, وقيل: حاجة ولو
مع حفر, انتهى. يعني إذا قلنا لا يحرم فهل
المجوز لذلك الضرورة أو الحاجة؟ أطلق الخلاف.
"أحدهما" لا يجوز إلا لضرورة, وهو الصحيح, وهو
ظاهر ما قطع به في المغني3 والشرح4 والحاوي
الكبير, وقدمه في الفائق.
والوجه الثاني: يجوز ذلك للحاجة, وهو ظاهر ما
قطع به في الرعايتين والحاوي الصغير, فإنهما
إنما حكيا الروايتين مع الحاجة..
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "2463" ومسلم "1604" 136" من
حديث أبي هريرة.
2 في "ط": "وهو قدم".
3 7/27.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/169.
(6/436)
فإجارة, وإلا
فبيع, ولا يعتبر بيان عمقه, ويعلم قدر الماء
بتقدير الساقية, وماء مطر برؤية ما يزول عنه
الماء أو مساحته, ويعتبر فيه تقدير ما يجري
فيه الماء لا قدر المدة, للحاجة, كالنكاح.
ولمستأجر ومستعير الصلح على ساقية محفورة لا
على ماء المطر على سطح, وفيه على أرض بلا ضرر
احتمالان "م 9" ولا يحدث ساقية في وقف, ذكره
القاضي وابن عقيل, وقالا: لأنه لا يملكها,
كالمؤجرة,
ـــــــ
مسألة 9" قوله: ولمستأجر ومستعير الصلح على
ساقية محفورة لا على ماء المطر على سطح, وفيه
على الأرض بلا ضرر احتمالان, انتهى. يعني هل
للمستأجر والمستعير أن يصالحا غيرهما على
إجراء ماء سطح يمر في أرضيهما المستأجرة
والمستعارة مدة الإجارة والإعارة أم لا؟ أطلق
الخلاف, وأطلقه في المغني1 والشرح2 والحاوي
الكبير.
"أحدهما" لا يجوز "قلت": وهو الصواب, لأنه
يجعل لصاحب السطح رسما في ملك غيره, فربما
ادعى استحقاق ذلك بعد تطاول المدة, ثم رأيت
ابن رزين في شرحه قدم ذلك, بل الذي يظهر أن
الإجارة والإعارة لم تقع على ذلك ألبتة3 ولا
تناولاها والظاهر أن محلهما في الإعارة
المؤقتة لا في مطلق الإعارة. "والاحتمال
الثاني" يجوز, لأنهما مالكان المنافع في هذه
المدة, وهو ظاهر كلام جماعة, وهو بعيد,
والظاهر أن المصنف تابعه في المغني1 "قلت":
ويحتمل الجواز
ـــــــ
1 7/27.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/170.
3 ليست في "ط".
(6/437)
وجوزه الشيخ,
لأنها له, وله التصرف ما لم ينتقل, الملك, فدل
أن الباب والخوخة والكوة ونحو ذلك لا يجوز في
مؤجرة, وفي موقوفة الخلاف, أو يجوز قولا
واحدا, وهو أولى, لأن تعليل الشيخ لو لم يكن
مسلما لم يفد, وظاهره لا يعتبر المصلحة وإذن
الحاكم, بل عدم الضرر وأن إذنه يعتبر لدفع
الخلاف, ويأتي كلام ابن عقيل في الوقف1, وفيه
إذنه فيه لمصلحة المأذون الممتاز بأمر شرعي,
فلمصلحة الموقوف أو الموقوف عليه أولى, وهو
معنى نصه في تجديده لمصلحة, وذكره شيخنا عن
أكثر العلماء في تغيير صفاته لمصلحة,
كالحكورة2, وعمله3 حكام أصحابنا بالشام, حتى
صاحب الشرح في الجامع المظفري4, وقد زاد عمر
وعثمان في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم,
وغيرا بناءه, ثم عمر بن عبد العزيز وزاد فيه
أبوابا, ثم المهدي ثم المأمون, نقل أبو داود
فيمن أدخل بيتا في المسجد أله أن يرجع فيه؟
قال: لا إذا أذن, قال الحارثي بعد ذكر رواية
البخاري وغيره5 الزيادة في مسجده عليه السلام
وخبر عائشة "لولا أن قومك حديثو عهد" قال: إذا
ثبت ما ذكرنا فيطرد في سائر الأوقاف بالأولى
والأحرى.
. وإن صولح على سقي أرضه من نهره أو عينه يوما
ونحوه حرم لعدم
ـــــــ
في الإجارة دون الإعارة, ولعل محل الخلاف في
الإعارة إذا كانت مدة وقلنا يتعين بتعينها,
وإلا فالجواز ضعيف جدا..
ـــــــ
1 7/386.
2 أرض تحبس لزرع الأشجار قرب الدور "المعجم
الوسيط": "حكر".
3 في "ط": "عليه".
4 هو جامع الحنابلة بسفح قاسيون بدمشق.
5 أخرجه البخاري "1584", ومسلم "1333" "398".
(6/438)
ملكه, وقيل:
لا, للحاجة, وكسبهم منهما تبعا. وإن صولح على
ممر في ملكه أو فتح باب في حائط أو وضع خشب
عليه أو علو بيت ليبني عليه والأصح أو إذا بنى
وكان ذلك معلوما صح. وفي المغني1 في وضع خشب
أو بناء معلوم يجوز إجارة مدة معلومة, ويجوز
صلحا أبدا, ومتى زال فله إعادته مطلقا, ورجع
بأجرة مدة زواله عنه, والصلح على زواله أو عدم
عوده, قال في الفنون في أصل المسألة, فإذا
فرغت المدة يحتمل أنه ليس لرب الجدار مطالبته
بقلع خشبه, قال: وهو الأشبه, لإعارته2 لذلك
لما فيه من الخروج عن حكم العرف, لأن العرف
وضعها للأبد وهو كإعادة الأرض للدفن لما كان
يراد, لإحالة الأرض للأجسام لم يملك الرجوع
قبل ذلك, ثم إما أن يتركه بعد المدة بحكم لعرف
بأجرة مثله إلى حين نفاذ الخشب لأنه العرف
فيه, كالزرع إلى حصاده, للعرف, أو يجدد إجارة
بأجرة المثل, وهي المستحقة بالدوام بلا عقد,
لئلا يفضي إلى تمليك المؤجر ما يفضي إلى
القلع, وهو زيادة للأجرة, فيلجئه إلى القلع,
كما لو غاب المستأجر فإنه يتركه بأجرة المثل,
لأن العرف يقضي عليه, لأنه يعلم أنها لا
تستأجر لذلك إلا للتأبيد, ومع التساكت3 له
أجرة المثل.
وإن حصل غصن شجرته في هواء غيره لزمه إزالته
فإن أبى فله إزالته بلا حكم, قاله أصحابنا,
وقيل لأحمد: يقطعه هو؟ قال: لا, يقول لصاحبه
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 7/38.
2 في "ط": "كإعادته.
3 في "ر": "التشاجر".
(6/439)
حتى يقطع. وفي
إجباره وضمان ما تلف به وجواز صلحه بعوض وفي
التبصرة: مع معرفة قدر الزيادة بالأذرع وقيل:
مع يبسه أو جعل الثمرة بينهما أو له, وجهان "م
10 - 13" قال أحمد في جعل الثمرة بينهما: لا
أدري.
ـــــــ
مسألة 10-13: قوله: وإن حصل غصن شجرته في هواء
غيره لزمه إزالته, فإن أبى فله إزالته بلا
حكم, وفي إجباره وضمان ما تلف, به وجواز صلحه1
بعوض, وقيل مع يبسه أو2 جعل الثمرة بينهما أو
له, وجهان. انتهى, فيه مسائل:
"المسألة الأولى 10" إذا امتنع من إزالة ذلك
فهل يجبر على الإزالة أم لا؟ أطلق الخلاف,
وأطلقه في النظم والفائق.
"أحدهما" لا يجبر, وهو الصحيح, قدمه في
المغني3 والشرح4 وشرح ابن رزين وغيرهم, وهو
ظاهر كلامه في الرعاية والحاوي, فعلى هذا
يكتفى بإزالة صاحب الهواء.
"والوجه الثاني" يجبر, وهو احتمال في المغني3
والشرح4, وقطع به في فصول "قلت": وهو الصواب.
"المسألة الثانية 11" هل يضمن ما تلف به أم
لا؟ أطلق الخلاف.
"أحدهما" يضمن ما تلف به, وهو الصحيح. قال
الشيخ في المغني والشارح وابن رزين في شرحه:
ويضمن ما تلف به إن أمر بإزالته فلم يفعل, وهو
الصواب.
"والوجه الثاني" لا يضمن "قلت": وهو ضعيف.
"المسألة الثالثة 12" لو صالحه عن ذلك بعوض
فهل يصح أم لا؟ أطلق الخلاف, وأطلقه في
المغني3 والمحرر والشرح4
ـــــــ
1 في النسخ الخطية و "ط": "صلح" والمثبت من
الفروع
2 في النسخ الخطية و "ط": والمثبت من الفروع
3 7/78- 19
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/18-19.
(6/440)
وقال في رواية
عبد الله عن مكحول مرفوعا: فصاحبها بالخيار
بين قطع ما ظلل أو أكل ثمرها1. وعرقها في أرضه
كغصن, وقيل عنه: وتضرر وصلح من مال حائطه أو
زلق من خشبه إلى ملك غيره كغصن, وهو ظاهر
رواية يعقوب. وفي المبهج في الأطعمة ثمرة غصن
في هواء طريق عام للمسلمين.
ـــــــ
. "أحدهما" لا يصح, جزم به في الهداية والمذهب
ومسبوك الذهب والخلاصة والمقنع2 ونهاية ابن
رزين وغيرهم, وقدمه في الرعاية الكبرى.
"والوجه الثاني" يصح. قال الشيخ في المغني3:
اللائق بمذهبنا صحته, واختاره ابن حامد وابن
عقيل في الفصول, وجزم به في المنور, وقدمه ابن
رزين في شرحه, 4واختار/ القاضي أنه4 لا يصح
إذا كان الغصن على مجرد الهواء, وظاهر كلامه
في الفصول: أن محل هذا الخلاف.
"المسألة الرابعة 13" لو جعل الثمرة بينهما أو
له هل يصح أم لا؟ فيه وجهان, وكلام المصنف في
قوله: "وجعل الثمرة بينهما أو له" يحتمل أن
يكون معطوفا على المسائل التي أطلق فيها
الخلاف, وهو الظاهر. ويحتمل أن يكون معطوفا
على قوله "وقيل: مع يبسه" لكنه بعيد, بل لا
يصح. إذا علمت ذلك فقد أطلق الخلاف في المغني
3والشرح2.
"أحدهما" لو اتفقا على ذلك جاز, وهو الصحيح,
جزم به في المقنع والوجيز وتذكرة ابن عبدوس
والرعاية الصغرى والحاويين وغيرهم, وقدمه في
الفائق وشرح ابن منجى. قال في الرعاية الكبرى:
جاز, في الأصح.
ـــــــ
1 أخرجه أحمد في مسنده "16067"
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/179.
3 791-20
4 في النسخ الخطية "واختاره القاضي و" والمثبت
من "ط" وينظر: الإنصاف 13/179.
(6/441)
ويحرم إخراج
جناح أو ميزاب ونحوه إلى درب نافذ, فيضمن ما
تلف به, وحكي عنه: يجوز بلا ضرر, ذكره في شرح
العمدة, وفي سقوط نصف الضمان بتآكل أصله وجهان
"م 14" وجوزه الأكثر بإذن إمام. وفي الترغيب:
وأمكن عبور محمل, وقيل: ورمح قائما بيد فارس,
وقيل: وكذا دكان, مع أنهم لم يجوزوا حفر البئر
والبناء, وكأنه لما فيهما من الدوام, ويتوجه
من هذا الوجه تخريج, ويحرم إلى هواء جاره أو
درب مشترك, ويصح صلحه عن معلومه بعوض, في
الأصح
ويحرم فتح باب في ظهر داره في درب مشترك إلا
لغير الاستطراق, في المنصوص فيهما, ويصح صلحه
عنه, ويجوز في درب نافذ, ويجوز نقل بابه في
درب مشترك إلى أوله بلا ضرر. وفي الترغيب,
وقيل: لا محاذيا لباب غيره, ويحرم
ـــــــ
"والوجه الثاني" لا يصح. قال الإمام أحمد في
جعل الثمرة بينهما: لا أدري, واقتصر عليه في
الفصول. وقال الشيخ في المغني1 بعد أن حكى
الخلاف: والذي يقوى عندي أن ذلك إباحة لا
صلح..
"مسألة 14" قوله: ويحرم إخراج جناح, ونحوه إلى
درب نافذ, ويضمن ما تلف به, وفي سقوط نصف
الضمان بتأكل أصله وجهان, انتهى "أحدهما" لا
يسقط شيء بل يضمن الكل, وهو الصحيح. قال الشيخ
في المغني والشارح في كتاب الغصب لمن قال من
أصحاب الشافعي إنه لا يضمن إلا النصف لأنه
إخراج يضمن به البعض فضمن به الكل, لأنه
المعهود في الضمان, انتهى. وقال الحارثي: قال
الأصحاب وبأن النصف2 عدوان فأوجب كل الضمان,
انتهى. فظاهر كلام هؤلاء أنه يضمن الجميع وهو
الصواب
ـــــــ
1 7/19-2
2 في "ص": "النصب" وفي "" الغصب"
(6/442)
إلى صدره, في
المنصوص, بلا إذن من فوقه, وقيل: وأسفل منه,
وتكون إعارة في الأشبه, وجوزه ابن أبي موسى إن
سد الأول, وهو ظاهر نقل يعقوب,
ويحرم تصرفه في جدار لجار أو لهما حتى بضرب
وتد ولو بسترة, ذكره جماعة, وحمل القاضي نصه
يلزم الشريك النفقة مع شريكه على السترة على
سترة قديمة فانهدمت, واختار في المستوعب
وجوبها مطلقا على نصه, وله وضع خشب, في
المنصوص, بلا ضرر, نص عليه, لضرورة.
وفي المغني1: لحاجة, نص عليه, ولم يعتبر ابن
عقيل الحاجة, وأطلقه أحمد أيضا والمحرر
وغيرهما, كعدمها دواما, بخلاف خوف سقوطه,
ولربه هدمه لغرض صحيح, ومن له حق ماء يجري على
سطح جاره لم يجز لجاره تعلية سطحه ليمنع الماء
ولا له تعليته لكثرة ضرره ذكره ابن عقيل
وغيره, وله الاستناد إليه أو إسناد قماشه. وفي
النهاية: في منعه احتمالان, وله الجلوس في ظله
ونظره في ضوء سراجه
, نقل المروذي: يستأذنه أعجب إلي, فإن منعه
حاكمه, ونقل جعفر: يضعه ولا يستأذنه؟ قال: نعم
إيش يستأذنه؟ قال شيخنا: العين والمنفعة التي
لا قيمة لها عادة لا يصح أن يرد عليها عقد بيع
وإجارة, اتفاقا كمسألتنا, وهل جدار مسجد كجار
أو يمنع؟ فيه روايتان, وقيل:
ـــــــ
والوجه الثاني" أنه لا يضمن إلا النصف..
ـــــــ
1 7/35
(6/443)
وجهان لأن
القياس ترك للخبر1, وهو في مالك2 معين, فمنعه
في جدار جاره أولى, واختار أبو محمد الجوزي
أنه لا يضع "م 15"
ـــــــ
"مسألة 15" قوله: وهل جدار المسجد كجار أو
يمنع؟ فيه روايتان, وقيل: وجهان, واختار أبو
محمد الجوزي أنه لا يضع, انتهى. وأطلقهما في
الكافي3 والتلخيص والمحرر والشرح4 والفائق
وغيرهم.
إحداهما" المنع منه, وإن جوزناه في حائط
الجار, اختاره أبو بكر وأبو محمد الجوزي, كما
قال المصنف, وصححه في الرعايتين, وجزم به في
الخلاصة وغيره, وقدمه في المذهب وغيره.
"والرواية الثانية" حكمه حكم جدار الجار, وهو
ظاهر ما قدمه الشيخ في كتاب المقنع4
والحاويين, وهو المذهب عند ابن منجا, وجزم به
في المنور, واختاره في الفصول وقال: بل هو
أولى من جدار الجار بالوضع عليه..
ـــــــ
1 تقدم في الصفحة 441.
2 في الأصل و "ر" و "ط": "مالك".
3 3/280.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/202.
(6/444)
ومتى وجده أو
بناه أو مسيل مائه في حق غيره فالظاهر وضعه
بحق, وله أخذ عوض عنه. وإن انهدم جدارهما وطلب
أحدهما أن يعمر معه الآخر أجبر عليه اختاره
أصحابنا كنقضه عند خوف سقوطه, وعنه: لا,
اختاره الشيخ وأبو محمد الجوزي وغيرهما, كبناء
حاجز بين ملكيهما, لكن لشريكه بناؤه, فإن بناه
بآلته فليس له منعه من1 الانتفاع به قبل أخذه
نصف قيمة تأليفه, في الأشهر, كما ليس له نقضه,
وإن بناه بغيرها فله منعه من غير رسم طرح خشب
حتى يدفع نصف قيمة حقه,
وعنه: ما يخصه لغرامة لأنه نائبه معنى, ويلزمه
قبولها, فيمتنع إذن نقضه على الأول, وعلى
الثانية لو نقضه لأنه2 غير نائبه وله طلب
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية.
2 في النسخ الخطية: "لا".
(6/445)
نفقته مع إذن,
وفيه بنية رجوع على الأولى الخلاف.وإن بنيا
جدارا بينهما نصفين والنفقة كذلك على أن ثلثه
لواحد وثلثيه1 لآخر وأن كلا منهما يحمله ما
احتاج لم يصح, ولو وصفا الحمل فالوجهان "م 16"
ـــــــ
"*" تنبيه : قوله: وفيه بنية رجوع على الأولى
الخلاف, انتهى يعني الخلاف الذي فيمن أدى حقا
واجبا عن غيره, والمذهب الرجوع, ومعنى المسألة
إذا قلنا يجبر على البناء مع شريكه, وهو
المذهب, وامتنع وتعذر إجباره, أو أخذ شيء من
ماله كذلك وعمر الشريك ونوى الرجوع, صرح به في
المغني2 والشرح3 وغيرهما.
"مسألة 16" قوله: وإن بنيا جدارا بينهما نصفين
والنفقة كذلك على أن ثلثه لواحد وثلثيه لآخر,
وأن كلا منهما يحمله ما احتاج, لم يصح, ولو
وصفا الحمل فالوجهان, انتهى. وأطلقهما في
الرعاية الكبرى. "أحدهما" لا يصح, وهو الصحيح,
قال في المغني4 والشرح5 في هذه المسألة: لو
اتفقا على أن يحمله كل منهما ما شاء لم يجز,
لجهالة الحمل, وإن اتفقا على أن يكون بينهما
نصفين جاز, انتهى.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية "وثلثاه" والمثبت من "ط".
2 7/47.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/213.
4 7/49.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/218.
(6/446)
وكذا بئر وقناة
لهما ونحوهما وماء معدن جار على ما كان
مطلقا.ولو اتفقا على بناء حائط بستان فبنى
أحدهما, فما تلف من الثمرة بسبب إهمال الآخر
ضمن نصيب شريكه, قاله شيخنا, وسأله حرب: قوم
لهم في قناة حق فعجزوا عنها فأعطوها رجلا
ليعمرها لهم وله منها الثلث أو الربع؟ قال:
أرجو أن لا بأس, وتتوجه الروايتان, وإن أخذها
أو أخذ قرية قوم على أن ينفق عليها كذا وكذا
ويأخذها كذا وكذا, فقال: لا أدري. وإن هدم
أحدهما جدارهما لزمته إعادته, وقيل: لحاجة
فقط.
وفي إجبار الممتنع لبناء السفل بطلب الآخر
روايات, الثالثة يجبر صاحبه وينفرد به "م 17 و
18" وعنه: يشاركه صاحب العلو فيما يحمله, ومن
له طبقة ثالثة
ـــــــ
"والوجه الثاني" يصح, وهو ضعيف.
"تنبيه" لم يظهر لي عود هذين الوجهين إلى أي
مسألة, فإنه أتى بهما معرفين.
مسألة 17 و 18" قوله: وفي إجبار الممتنع لبناء
السفل بطلب الآخر روايات, الثالثة يجبر صاحبه
وينفرد به, انتهى في ضمن هذا الكلام مسألتان.
"المسألة الأولى 17" هل يجبر الممتنع من بناء
السفل بطلب الآخر أم لا؟ أطلق الخلاف, وأطلقه
في الفصول والمستوعب والمغني والمحرر
(6/447)
في اشتراك
الثلاثة في بناء السفل, ثم الاثنان في الوسط
الروايتان "م 19 و 20"
ـــــــ
والشرح1 وغيرهم.
"إحداهما" يجبر, وهو الصحيح. قال في التلخيص
والبلغة والرعايتين والفائق: أجبر, في أصح
الروايتين. واختاره ابن عبدوس في تذكرته, وجزم
به في الحاويين, وقدمه في القواعد الفقهية
وشرح ابن رزين. "الرواية الثانية" لا يجبر.
"المسألة الثانية 18" إذا قلنا يجبر, وهو
الصحيح من المذهب, فهل ينفرد بالبناء أو
يشاركه صاحب العلو؟ ظاهر كلامه إطلاق الخلاف,
"2وأطلقهما في المستوعب والتلخيص والفائق
والقواعد الفقهية2".
إحداهما" ينفرد, وهو الصحيح, جزم به في
المغني3 والشرح1, وقدمه في المحرر والرعايتين
والحاويين وغيرهم, واختاره ابن عقيل في
الفصول.
"والرواية الثانية" يشاركه صاحب العلو فيما
يحمله ويجبر عليه إذا امتنع, قال ابن عقيل في
الفصول: وهو المنصوص. إذا علمت ذلك فيكون
تقدير الكلام: وفي إجبار الممتنع لبناء السفل
بطلب الآخر روايات. "إحداهن" لا يجبر.
"والثانية" يجبر ويشاركه صاحب العلو ويجبر إن
امتنع "والثالثة" يجبر صاحب السفل وينفرد به.
هذا ما ظهر لي, فإذا جمعت الروايات وجعلتها
مسألة واحدة كانت ثلاثا, وإذا جعلتها مسألتين
كانت أربع روايات, والله أعلم.
"مسألة 19 و 20" قوله: ومن له طبقة ثالثة في
اشتراك الثلاثة في بناء السفل ثم الاثنان في
الوسط الروايتان, يعني بهما اللتين تقدمتا
قريبا حكما ومذهبا, وقد
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/215.
2 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
3 7/48.
(6/448)
فإن بنى رب
العلو ففي منعه رب السفل الانتفاع بالعرصة قبل
أخذ القيمة احتمالان "م 21" ويلزم الأعلى بناء
سترة تمنع مشارفة الأسفل, نقله ابن منصور.
وقيل: ويشاركه, كاستوائهما.
ومن أحدث في ملكه ما يضر بجاره كحمام وكنيف
ورحى وتنور فله منعه, كابتداء إحيائه,
بإجماعنا, ذكره القاضي وغيره, وكدق وسقي يتعدى
إليه, بخلاف طبخه في داره وخبزه, لأنه يسير,
وعنه: ليس له منعه, كتعلية داره, في ظاهر ما
ذكره الشيخ, ولو أفضى إلى سد الفضاء عن جاره,
قاله شيخنا, وقد احتج أحمد بالخبر "لا ضرر ولا
ضرار" 1 فيتوجه منه
ـــــــ
علمت الصحيح منهما, فهذه كذلك وفي ضمنها
مسألتان.
"مسألة 19" اشتراك الثلاثة.
"مسألة 20" اشتراك الاثنين. وحكمهما واحد.
"مسألة 21" قوله: وإن بنى رب العلو ففي منعه
رب السفل الانتفاع بالعرصة قبل أخذ القيمة
احتمالان, انتهى. وهما مطلقان في المغني2
والشرح3.
"أحدهما" له منعه من ذلك "قلت": وهو الصواب,
قال في الرعاية الكبرى: وإن عمره صاحب العلو
فله في الأصح منع صاحب السفل من سكناه قبل وزن
ما عليه من الغرامة, وقال فيما إذا كانوا
ثلاثة, واحد فوق واحد. وإن قلنا لا ; يجبر
صاحب السفل فلصاحب العلو بناؤه ومنع صاحب
السفل من الانتفاع به قبل وزن القيمة أو
بعضها, "4انتهى قد يقال ظاهره: أن له منعه
الانتفاع بالعرصة4".
ـــــــ
1 أخرجه بن ماجه "2341", من حديث ابن عباس.
2 7/48.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/215.
4 ليست في النسخ الخطية والمثبت من"ط".
(6/449)
منعه, وروى أبو
حفص العكبري في الأدب عن أبي هريرة مرفوعا "من
حق الجار على الجار أن لا يرفع البنيان على
جاره ليسد عليه الريح" 1 قال شيخنا: وليس له
منعه خوفا من نقص أجرة ملكه, بلا نزاع, كذا
قال. وفي الفنون: من أحدث في داره دباغ الجلود
أو عمل الصحناة2, هل يمنع؟ يحتمل المنع على ما
ذكره بعض أئمة الشافعية, 3وهو أنه لا يختص ضرر
البدن, بل يتعدى إلى الإضرار بالعقار بنقصان
أجرة الدور, وفيها أيضا: هل له أن يحدث قناة
في ملكه تنز إلى حيطان الناس؟ جوزه قوم من
الشافعية3. وقال ابن عقيل: لا يجوز, لأنه لو
أوقد نارا في يوم ريح في ملكه لم يجز, لئلا
يفضي إلى حملها إلى ملك4 غيره, فكذا هنا.
قال الخلال وصاحبه: ومن له نخلة في أرض رجل
فلحق رب الأرض من دخوله ضرر, روى حنبل أن سمرة
كان له نخل في حائط أنصاري, فآذاه بدخوله,
فشكاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم, فقال
لسمرة "بعه" فأبى, فقال "ناقله" فأبى, فقال
"هبه لي ولك مثله في الجنة" فأبى, فقال "أنت
مضار اذهب فاقلع نخله" 5
ـــــــ
"والاحتمال الثاني" ليس له ذلك, ويحتمله كلامه
في الرعاية, فهذه إحدى وعشرون مسألة قد صححت.
ـــــــ
1 لم نقف عليه من حديث أبي هريرة وقد رواه
الطبراني 19 "1014", عن معاوية بن حيدة في
حديث طويل وفيه "ولا ترفع بنائه فتسد عليه
الريح" .الحديث.
2 إدام يتخذ من السمك الصغار. "القاموس":
"صحن"
3 ليست في الأصل.
4 ليست في "ط".
5 أخرجه أبو داود "3636".
(6/450)
قال أحمد: كلما
كان على هذه الجهة وفيه ضرر يمنع منه وإلا
أجبره السلطان, ولا يضر بأخيه إذا كان مرفقا
له, وقاله شيخنا محتجا بهذا الخبر, وهو من
حديث أبي جعفر الباقر عن سمرة منقطع لأن أبا
جعفر ولد سنة ست وخمسين ومات سمرة سنة ثمان أو
تسع وخمسين, ورواه أبو داود من حديث أبي جعفر
عن سمرة وظاهر كلام الأصحاب: لا, قال شيخنا:
الضرار محرم بالكتاب والسنة, ومعلوم أن
المشاقة والمضارة مبناها على القصد والإرادة
أو على فعل ضرر لا يحتاج إليه فمتى قصد
الإضرار ولو بالمباح أو فعل الإضرار من غير
استحقاق فهو مضار وأما إذا فعل الضرر المستحق
للحاجة إليه والانتفاع به لا لقصد الإضرار
فليس بمضار ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم
في حديث النخلة التي كانت تضر صاحب الحديقة
لما طلب من صاحبها المعاوضة عنها بعدة طرق فلم
يفعل, فقال "إنما أنت مضار" 1 ثم أمر بقلعها,
قال: فدل ذلك على أن الضرار محرم لا يجوز
تمكين صاحبه منه, والله أعلم..
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 تقدم في الصفحة السابقة.
(6/451)
باب التفليس
مدخل
...
باب التفليس
الفلس: لغة العدم, والمفلس المعدم, ومنه الخبر
المشهور "من تعدون المفلس فيكم؟"1 ومنه قوله
"أفلس بالحجة إذا عدمها"
وشرعا: من لزمه أكثر مما له يحرم طلب وحجر
وملازمة بدين حال عجز عن وفاء بعضه, للآية,
وكذا بمؤجل, فإن أراد سفرا يحل قبل مدته وعلى
الأصح وبعدها, كجهاد وأمر مخوف. وفي الواضح:
وحج فلغريمه منعه
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 أخرجه مسلم "2581" "59" بنحوه من حديث أبي
هريرة.
(6/452)
حتى يأتي برهن
أو كفيل مليء ولا يملك تحليله وقال شيخنا: وله
منع عاجز حتى يقيم كفيلا ببدنه وهو متجه, ومن
ماله قدر1 دينه الحال لم يحجر عليه, ويتعين
دفعه بطلبه.
قال جماعة منهم صاحب المغني والمحرر في وجوب
زكاة الفطر على المدين: يجب أداء الدين عند
طلبه, والمراد كما قال صاحب المحرر يجب إذن
على الفور, وقيل: وقبله, ويهمل بقدر ذلك,
اتفاقا, لكن إن خاف غريمه منه احتاط عليه
بملازمته أو كفيل أو ترسيم عليه, قاله شيخنا:
وكذا لو طلب تمكينه منه محبوس أو موكل فيه,
وإن أبى حبس, وليس لحاكم إخراجه حتى يتبين2 له
أمره أو يبرئه غريمه, وإن لم يبرئه وصح عند
الحاكم أمره أخرجه, ولم يسعه حبسه, نقل ذلك
حنبل, فإن أصر ضرب, ذكره في المنتخب وغيره,
وكذا قال في الفصول3
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 في "ط": "يقدر".
2 في "ط": "يتعين".
3 في "ط": "في المنصوص".
(6/453)
وغيره: يحبسه,
فإن أبى عزره, قال: ويكرر حبسه وتعزيره حتى
يقضيه, كقولنا فيمن أسلم على أكثر من أربع,
قال شيخنا: نص عليه الأئمة من أصحاب مالك
والشافعي/ وأحمد وغيرهم, ولا أعلم فيه نزاعا,
لكن لا يزاد كل يوم على أكثر من التعزير إن
قيل: يتقدر وللحاكم أن يبيع عليه ويقضيه.
وقال شيخنا: ولا يلزمه, وذكر جماعة أنه يحبس,
وإن لم يقضه باع حاكم وقضاه, وظاهره: يجب, نقل
حرب إذا تقاعد بحقوق الناس يباع عليه ويقضى.
ومن طلب منه دين حال يقدر عليه بلا سفر لم
يترخص, في الأصح, وإن لم يطلبه أو يحل في سفره
فقيل: له السفر والقصر والترخص, لكي لا يحبس
قبل طلبه1 كحبس الحاكم, وقيل: لا, إلا أن
يوكل, لئلا يمنع به واجبا, وقيل: إن سافر وكيل
في القضاء قبله لم يترخص "م 1". وقد قال
ـــــــ
"مسألة 1" قوله: ومن طلب منه دين حال يقدر
عليه بلا سفر لم يترخص, في الأصح, وإن لم يطلب
أو يحل في سفره فقيل: له السفر والقصر والترخص
لئلا يحبس قبل طلبه كحبس الحاكم, وقيل: لا,
إلا أن يوكل لئلا يمنع به واجبا, وقيل: إن
سافر وكيل في القضاء قبله لم يترخص, انتهى.
"أحدهما" له السفر والقصر والترخص, لما قال
المصنف, وهو ظاهر كلام جماعة من الأصحاب.
"والقول الثاني" ليس له ذلك إلا أن يوكل في
قضائه, لما قاله المصنف "قلت" وهو الصواب, وهو
ظاهر ما قطع به في الرعاية الكبرى في أنه لا2
يسافر, ذكر هذين
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "ظلمه".
2 ليست في "ط".
(6/454)
ابن هبيرة في
الإفصاح في حديث أبي موسى من إفراد البخاري:
الحبس على الدين من الأمور المحدثة, وأول من
حبس على الدين شريح القاضي, ومضت السنة في عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر
وعثمان وعلي رضي الله عنهم أنه لا يحبس على
الديون ولكن يتلازم الخصمان, فأما الحبس الذي
هو الآن على الدين لا أعرف أنه يجوز عند أحد
من المسلمين, وذلك أنه يجمع الجمع الكثير
بموضع يضيق عنهم غير متمكنين من الوضوء
والصلاة, وربما رأى بعضهم عورة بعض, وإن كانوا
في الصيف آذاهم الحر, وفي الشتاء آذاهم القر,
وربما يحبس أحدهم السنة والسنتين والثلاث,
وربما يتحقق القاضي أن ذلك المحبوس لا جدة له,
وأن أصل حبسه كان على طريق الحيلة من أن ذلك
الكاتب
ـــــــ
الوجهين ابن عقيل, وأطلقهما في القاعدة
الثالثة والخمسين, وأطلقهما ابن تميم في باب
قصر الصلاة, وكذا ابن حمدان في رعايته "قلت":
ويحتمل بناء الخلاف في مسألة ما إذا لم يطالبه
على وجوب الدفع قبل الطلب,"1 فإن قلنا: يجب لم
يكن له الترخص وإلا ترخص والصحيح من المذهب
أنه لا يجب الدفع قبل الطلب1" وقدمه المصنف
وغيره.
"والقول الثالث" إن سافر وكيل في القضاء قبله
لم يترخص.
"تنبيه" الذي يظهر أن هذا القول الآخر ليس
متعلقا بالقولين اللذين قبله وإنما هذا القول
من مفهوم مسألة قدم فيها حكما, وهو أنه إذا
سافر ووكل من يقضي ما عليه من الدين وسافر
الوكيل قبل القضاء فهل يترخص أم لا؟ قدم أنه
يترخص, بدليل هذا القول الذي ذكره, والله
أعلم..
ـــــــ
1 ليست في "ط".
(6/455)
للحجة عليه كتب
ما لم يعلم لجهله فأسجل1 فيه عليه بما لا يعرف
معناه من إقراره بالملاءة, وأنه قد حكم به
عليه حاكم من حكام المسلمين, وهذا أمر لم يكن,
وأنه قد وكل فلانا المدير2 وغير ذلك مما لم
يعرف المشهود عليه ما المقصود به, فإن الله
تعالى يقول {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ
بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282] وقال
{وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ}
[البقرة: 282] وقال {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ
بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282] فهذا كله مما قد
حدث في الإسلام, ولقد حرصت مرارا على فك ذلك
فحال دونه ما قد اعتاده الناس منه, وأنا في
إزالته حريص. هذا كلامه. ولا عذر بفوت رفقة
ومرض ونحوه, ذكره في الانتصار. قال شيخنا: من
أقر بالقدرة فادعى إعسارا وأمكن عادة قبل,
وليس له إثباته عند غير من حبسه بلا إذنه, فدل
أن حاكما لا يثبت بسبب نقض حكم3 حاكم آخر
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 في الأصل و "ر": "فاستحل".
2 في الأصل: "المدير" وفي "ب": "المدين".
3 ليست في النسخ الخطية.
(6/456)
وينقضه بل من
حكم, ويوافقه قوله في المغني1 وغيره في
الأعذار: إن كان قادح فبينه عندي, وحكم القاضي
جمال الدين الزواوي المالكي بإراقة دم شمس
الدين محمد بن جمال الدين الباجربقي2 وإن تاب
وأسلم, ثم بعد مدة حكم القاضي تقي الدين
سليمان المقدسي بحقن دمه بعد أن ثبت عنده
ببينة عداوة بينه وبين من شهد عليه, ونفذ حكمه
القاضي شمس الدين الأذرعي, فقال الزواوي: أنا
مقيم على حكمي, فاختفى الباجربقي لأجل اختلاف
الحكام.
ويقضى دين الغريم بمال له فيه شبهة, ذكره أبو
طالب المكي وغيره عن أحمد, قال شيخنا: لأنه
لا3 تبقى شبهة بترك واجب, وكل الخلق عليهم
واجبات من نفقة نفسه وقريبه وقضاء دينهم وغير
ذلك, فترك ذلك ظلم محقق, وفعله بشبهة غير
محقق, فكيف يتورع عن ظلم محتمل بظلم محقق؟
ولهذا قال سعيد بن المسيب: لا خير فيمن لا يحب
المال يعبد به ربه ويؤدي به أمانته, ويصون به
نفسه, ويستغني به عن الخلق.
ومن مطل غريمه حتى أحوجه إلى الشكاية فما غرمه
بسبب ذلك لزم المماطل, ونقل ابن الحكم: لا أرى
بيع السواد في حج ولا غيره. وإن ادعى الإعسار
حلف وخلي.
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 14/70.
2 هو: تقي الدين محمد بن عبد الرحيم بن عمر
رأس فرقة ضالة تدعى الباجربقية. أهله من
باجربق, من قرى بين النهرين, صنف كتابا سماه:
"اللمعة" أو "الملحمة". "ت 724هـ" "الأعلام"
6/200.
3 ليست في "ط".
(6/457)
وفي الترغيب:
يحبس, إلى ظهور إعساره. وفي البلغة: إلى أن
يثبت, وظاهر الخرقي أنه كمن عرف بمال أو دينه
عن عوض أخذه, كبيع وقرض, فيحبس, إلا أن يقيم
بينة بتلف ماله, ويحلف معها, في الأصح, أو
ببينة خبيرة بباطنه بعسرته, ولم يحلف, في
الأصح, لئلا يكون مكذبا للبينة, وذكر ابن أبي
موسى1 عن بعض أصحابنا: يحلف مع بينته أنه
معسر, لأنها تشهد بالظاهر.
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 في الإرشاد ص 335-336.
(6/458)
وفي الترغيب:
إن حلف أنه قادر حبسه, وإلا حلف المنكر عليهما
وخلي, نقل حنبل: يحبس إن علم له ما يقضي.
وفي المستوعب: إن عرف بمال أو أقر أنه مليء به
وحلف غريمه أنه لا يعلم عسرته حبس.
وفي المغني1: إذا حلف أنه ذو مال حبس.
وفي الكافي2: يحلف أنه لا يعلم عسرته, وظاهر
كلام جماعة لا يحلف إلا أن يدعي المطلوب تلفا
أو إعسارا أو يسأل سؤاله فتكون دعوى مستقلة,
فإن كان له ببقاء ماله أو قدرته بينة فلا
كلام, وإلا فيمينه بحسب جوابه, كسائر الدعاوى,
وهذا أظهر, وهو مرادهم, لأنه ادعى الإعسار
وأنه يعلم ذلك فأنكره, ومتى لزمته اليمين
فطلبها فنكل لم يحبس, ذكره ابن عقيل وغيره,
وإن لم يحلفه فلا وجه لعدم حبسه..
قال شيخنا فيما إذا كان المدعي امرأة على
زوجها: فإذا حبس لم يسقط من حقوقه عليها شيء
قبل الحبس يستحقها عليها بعد الحبس, كحبسه في
دين غيرها, فله إلزامها ملازمة بيته ولا يدخل
إليه أحد بلا إذنه, فإن خاف3 أن تخرج منه بلا
إذنه فله أن يسكنها حيث لا يمكنها الخروج, كما
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 6/585.
2 3/228.
3 في "ط": "خالف".
(6/459)
لو سافر عنها
أو حبسه غيرها, ولا يجب حبسه في مكان معين, بل
المقصود تعويقه عن التصرف حتى يؤدي ذلك, فيجوز
حبسه في دار ولو في دار نفسه, بحيث لا يمكن من
الخروج. ويجوز أن يحبس وترسم هي عليه إذا حصل
المقصود بذلك بحيث يمنعه من الخروج, وهذا أشبه
بالسنة, فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر
الغريم بملازمة غريمه وقال له "ما فعل أسيرك"
1 وإنما المرسم وكيل الغريم في الملازمة, فإذا
لم يكن للزوج من يحفظ امرأته غير2 نفسه, وأمكن
أن يحبسهما في بيت واحد, فتمنعه هي من الخروج,
ويمنعها هو من الخروج, فعل ذلك, فإن له عليها
حبسها في منزله, ولها عليه حبسه في دينها,
وحقه عليها أوكد, فإن حق نفسه في المبيت ثابت
ظاهرا وباطنا, بخلاف حبسها له فإنه بتقدير
إعساره, لا يكون حبسه مستحقا في نفس الأمر إذ
حبس العاجز لا يجوز, لقوله تعالى: {وَإِنْ
كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى
مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] ولأن حبسها له
عقوبة حتى يؤدي الواجب عليه, وحبسه لها حق
يثبت بموجب العقد, وليس بعقوبة, بل حقه عليها
كحق المالك على المملوك, ولهذا كان النكاح
بمنزلة الرق والأسر للمرأة. قال عمر رضي الله
عنه: النكاح رق, فلينظر أحدكم عند من يرق
كريمته3.
وقال زيد بن ثابت: الزوج سيد في كتاب الله
وقرأ قوله: {وَأَلْفَيَا
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 أخرجه ابن ماجه "2428".
2 في "ط": "عن".
3 لم نقف عليه عن عمر وأخرجه العراقي في
"المغني عن حمل الأسفار" 2/43 عن عائشة.
(6/460)
سَيِّدَهَا
لَدَى الْبَابِ} 1 [يوسف:25] وقال النبي صلى
الله عليه وسلم "اتقوا الله في النساء فإنهن
عوان عندكم" 2 والعاني: الأسير, وإذا كان كذلك
ظهر أن ما يستحقه عليها من الحبس أعظم مما
تستحقه عليه, إذ غاية الغريم أن يكون كالأسير,
ولأنه يملك مع حبسها في منزله الاستمتاع بها
متى شاء, فحبسه لها دائما يستوفي في حبسها ما
يستحقه عليها, وحبسها له عارض إلى أن يوفيها
حقها. والحبس الذي يصلح لتوفية الحق مثل
المالك لأمته, بخلاف الحبس إلى أن يستوفى
الحق, فإنه من جنس حبس الحر للحر, ولهذا لا
يملك الغريم منع المحبوس من تصرف يوفي به
الحق, ولا يمنعه من حوائجه إذا احتاج الخروج
من الحبس مع ملازمته له, وليس على المحبوس أن
يقبل ما يبذله له الغريم مما عليه منة فيه.
ويملك الرجل منع امرأته من الخروج مطلقا إذا
قام بما لها عليه, وليس لها أن تمتنع من قبول
ذلك, وبهذا وغيره يتبين أن له أن يلزمها
ويمنعها من الخروج أكثر مما لها أن تلزمه
وتمنعه من الخروج من حبسه, فإذا لم يكن له من
يقوم مقامه في ذلك لم يجز أن يمنع من
ملازمتها, وهذا حرام بلا ريب.
ولا ينازع أحد من أهل العلم أن حبس الرجل إذا
توجه تتمكن معه امرأته من الخروج من منزله,
وإسقاط حقه عليها حرام لا يحل لأحد من
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 ينظر: "تفسيرالطبري" 16/51.
2 أخرجه الترمذي "1163", وابن ماجه "3055".
(6/461)
ولاة الأمور
والحكام فعل ذلك, حرة عفيفة كانت أو فاجرة,
فإن ما يفضي إلى تمكينها من الخروج إسقاط
لحقه, وذلك لا يجوز لا سيما وذلك مظنة
لمضارتها له أو فعلها للفواحش إلى أن قال:
فرعاية مثل هذا من أعظم المصالح التي لا يجوز
إهمالها, قال: وهي إنما تملك ملازمته,
وملازمته تحصل بأن تكون هي وهو في مكان واحد,
ولو طلب منها الاستمتاع في الحبس فعليها أن
توفيه ذلك, لأنه حق عليها, وإنما المقصود
بالحبس أو الملازمة أن الغريم يلازمه حتى
يوفيه حقه, ولو لازمه في داره جاز, فإن قيل:
فهذا يفضي إلى أن يمطلها ولا يوفي, فالجواب:
أن تعويقه عن التصرف هو الحبس, وهو كاف في
المقصود إذا لم يظهر امتناعه عن أداء الواجبات
فإن ظهر أنه قادر وامتنع ظلما, عوقب بأعظم من
الحبس بضرب مرة بعد مرة حتى يؤدي, كما نص على
ذلك أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم, لأن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مطل الغني
ظلم" 1 والظالم يستحق العقوبة, فإن العقوبة
تستحق على ترك واجب أو فعل محرم, ولقوله صلى
الله عليه وسلم "لي الواجد يحل عرضه وعقوبته"
2 ومع هذا لا يسقط حقه الذي على امرأته, بل
يملك حبسها في منزله.
وأما تمكين مثل هذا يعني الممتنع عن الوفاء
ظلما من فضل الأكل والنكاح فهذا محل اجتهاد,
فإنه من نوع التعزير, فإن رأى الحاكم أن يعزره
به كان له ذلك, إذ التعزير لا يختص بنوع معين,
وإنما يرجع فيه إلى اجتهاد
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "2287", ومسلم "1564".
2 أخرجه أبو داود "3628", والنسائي "234",
وابن ماجه "3627".
(6/462)
ولي الأمر في
تنوعه وقدره إذا لم يتعد حدود الله, ولكن
المحبوسون على حقوق النساء ليسوا من هذا
الضرب, فإن لم يحصل المقصود بحبسهما جميعا إما
لعجز أحدهما عن حفظ الآخر أو لشر يحدث بينهما
ونحو ذلك, وأمكن أن تسكن في موضع لا تخرج منه,
وهو ينفق عليها, مثل أن يسكنها في رباط نساء
أو بين نسوة مأمونات فعل ذلك, ففي الجملة لا
يجوز "1حبسه لها1" وتذهب حيث شاءت, باتفاق
العلماء, بل لا بد من الجمع بين الحقين ورعاية
المصلحتين, لا سيما إذا كان ذهابها مظنة
للفاحشة, فإن ذلك يصير حقا لله يجب على ولي
الأمر رعايته وإن لم يطلبه الزوج.
وفي إنظار المعسر فضل عظيم, وأبلغ الأخبار
فيه2 عن بريدة مرفوعا "من أنظر معسرا فله بكل
يوم مثله صدقة قبل أن يحل فإذا حل الدين
فأنظره فله بكل يوم مثليه صدقة" 3 رواه أحمد:
حدثنا عفان حدثنا عبد الوارث حدثنا محمد بن
جحادة عن سليمان بن بريدة عن أبيه, فذكره,
إسناد جيد ورواه ابن ماجه وأبو يعلى الموصلي
من حديث الأعمش عن نفيع أبي داود وهو متروك عن
بريدة.
وإن قامت بينة بمعين له فأنكر ولم يقر به
لأحد, أو قال: لزيد, فكذبه, قضي منه, وإن صدقه
فوجهان "م 2" ولا يثبت الملك للمدين, لأنه
ـــــــ
"مسألة 2" قوله: وإن قامت بينة بمعين له فأنكر
ولم يقر به لأحد, أو قال: لزيد, وكذبه, قضي
منه, وإن صدقه فوجهان, انتهى.
ـــــــ
1 في "ب" و "ر" و "ط": "حبسها له".
2 ليست في النسخ الخطية.
3 أخرجه أحمد "23046" وابن ماجه "2418".
(6/463)
لا يدعيه.
وظاهر هذا أن البينة هنا لا يعتبر لها تقدم
دعوى, وإن كانت له بينة قدمت لإقرار رب اليد.
وفي المنتخب: بينة المدعي, لأنها خارجة..
ويحرم أن يحلف معسر لا حق عليه وبتأول نص
عليه, ومن سأل عن غريب وظن إعساره شهد. وإن
وفى ماله ببعض دينه لزم الحجر عليه بطلب
غرمائه, والأصح: أو بعضهم.
وفي الترغيب: إن زاد دينه على المال وقيل: أو
هو من الحاكم. وتصرفه قبل الحجر نافذ, نص
عليه, مع أنه يحرم إن أضر بغريمه, ذكره الآدمي
البغدادي. وقيل: لا ينفذ, ذكره شيخنا واختاره,
وذكره أيضا1 رواية. وسأله جعفر: من عليه دين
أيتصدق بشيء؟ قال: الشيء اليسير, وقضاء دينه
أوجب عليه.
وعنه: له منع ابنه من تصرفه في ماله بما
يضره.ونقل حنبل فيمن تصدق
ـــــــ
"أحدهما" يكون لزيد, جزم به في المغني2
والشرح3 وشرح ابن رزين والنظم وغيرهم, وصححه
ابن نصر الله في حواشيه, ويحلف. قال في
الرعاية الكبرى: فإن أقر به لزيد مضاربة قبل
قوله بيمينه إن صدقه زيد أو كان غائبا.
"والوجه الثاني" لا يكون له, وهو قوي, والصواب
أن يرجع في ذلك إلى القرائن خوفا من التهمة.
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "في أفراد من الفتاوى"
2 6/584.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/344.
(6/464)
وأبواه فقيران:
رد عليهما, إلا لمن دونهما, للخبر1, ولا يصح
بعده, نص عليه, إلا في ذمته, وعنه: وعتق
كتدبير, اختاره أبو بكر.
وفي المستوعب: وصدقة بيسير. وإن أقر بعين قبل
على نفسه, ونقل موسى بن سعيد إن تصرف قبل طلب
رب العين لها جاز, لا بعده.
وإن باع ماله لغريم بكل الدين فوجهان "م 3".
ومن دينه ثمن مبيع وجده ولو هزل, وقيل: ونسي
صنعة وقيل: أو صار الحب زرعا وعكسه, أو النوى
شجرا, ولو باعه بعد حجره جاهلا به, وقيل: أو
عالما, فله أخذه بحقه, لتعيينه كوديعة, وقيل:
بحاكم, بناء على تسويغ الاجتهاد,
ـــــــ
"مسألة 3" قوله في المحجور عليه: وإن باع ماله
لغريم بكل الدين فوجهان, انتهى. قال في
الرعاية الكبرى: فإن باع ماله لغرمائه أو
بعضهم بكل الدين احتمل وجهين, انتهى.
"أحدهما" لا يصح "قلت": وهو الصواب, وهو ظاهر
كلام جماعة, لاحتمال ظهور غريم آخر, وللجهل
بالثمن.
"والوجه الثاني" يصح بيع ذلك, لرضاهما به
"قلت": يتوجه الصحة إن علم الدين, وإلا فلا.
ـــــــ
1 هو قوله صلى الله عليه وسلم: "وابدأ بمن
تعول" أخرجه البخاري "1426" ومسلم "1034" "95"
من حديث أبي هريرة.
(6/465)
متراخيا, وقيل:
فورا.
وفي الترغيب والرعاية: وعلى الأصح أو مات
البائع ولو مع بذل غريم ثمنه, نص عليه. وإن
قال المفلس: إنما لك ثمنه فأنا أبيعه وأعطيك,
فربه أحق به, نقله أبو الحارث.
وإن مات المفلس, أو برئ من بعض ثمنه, أو زال
ملكه عن بعضه بتلف أو غيره, وعنه: ولو أنه
عينان, أو تعلق به حق شفعة, في الأصح, وقيل:
مع طلبه, أو جناية أو رهن, أو تغير بما يزيل
اسمه, أو خلطه بما لا يتميز, أو وطئ البكر,
وفيه وجه, وقيل: أو الثيب, أو صبغه, أو قصره,
في وجه فيهما, كنقصه بهما, في الأصح, فهو أسوة
الغرماء.
وفي الموجز: إن أحدث صنعة كنسج غزل وعمل الدهن
صابونا فروايتان.
ـــــــ
.................
(6/466)
وفي التبصرة:
لا يأخذه, وعنه: بلى, قال: ويشاركه المفلس في
الزيادة.. ولو أفلس بعد رجوعه إلى ملكه,
"1فقيل: لا يرجع, وقيل: بلى إن رجع بفسخ,
وقيل: مطلقا1", فلو اشتراها ثم باعها ثم
اشتراها, فقيل: البائع الأول, لسبقه, وقيل:
يقرع "م 4 و 5" ويأخذه بزيادة منفصلة ومتصلة,
نص عليه. وقال جماعة: المنفصلة للمفلس,
والمتصلة تمنع. وفي الإرشاد2 والموجز: تمنع
متصلة, وفي منفصلة روايتان, وهما في التبصرة.
وعند ابن أبي موسى يمنع الولد الرجوع في
"3ولد, و3"
ـــــــ
"مسألة 4 و 5" قوله: ولو4 أفلس بعد رجوعه إلى
ملكه, فقيل: لا يرجع, وقيل: بلى إن رجع بفسخ,
وقيل: مطلقا, فلو اشتراها ثم باعها ثم اشتراها
فقيل: البائع الأول, لسبقه, وقيل: يقرع,
انتهى. ذكر مسألتين.
"المسألة الأولى 4" إذا أفلس بعد رجوع السلعة
إلى ملكه, فهل له بها الرجوع أم لا؟ أو يرجع
إن رجعت إليه بفسخ وإلا فلا؟ أطلق الخلاف,
وأطلقه في المغني5 والشرح6 والقواعد الفقهية
والزركشي, وأطلق الأول والأخير في الكافي7
والتلخيص والرعايتين والحاويين والفائق
وغيرهم.
"أحدهما" له الرجوع. قال الناظم:
عاد الرجوع على القوي,
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 ص 261.
3 ليست في "ب" و "ط".
4 في النسخ الخطية و "ط" "إن", والمثيت من
"الفروع".
5 6/563.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/274.
7 3/240.
(6/467)
إن كان حملا
عند البيع وكذا عند الرجوع فوجهان "م 6 و 7"
والأصح:
ـــــــ
وقدمه ابن رزين في شرحه. قال في التلخيص: هو
كعود الموهوب إلى الابن بعد زواله هل للأب
الرجوع أم لا؟ انتهى. "قلت": الصحيح أن له
الرجوع في مسألة الهبة.
"والوجه الثاني" ليس له الرجوع مطلقا, لأنه
زال عن ملكه.
"والوجه الثالث" له الرجوع إن عادت السلعة
إليه بفسخ, كالإقالة والرد بالعيب والخيار
ونحوه, وإن عادت إليه بسبب جديد كبيع1 وهبة
وإرث ووصية ونحوه لم يرجع, وهو قوي.
"المسألة الثانية 5" إذا قلنا له الرجوع
فاشتراها ثم باعها ثم اشتراها فهل يختص بها
البائع الأول لسبقه أو يقرع بينه وبين البائع
الثاني؟ أطلق الخلاف.
"أحدهما" يختص بها البائع الأول لسبقه.
"والوجه الثاني" يقرع بينهما, وهو أقوى من
الأول. "قلت": ويحتمل أن يختص بها البائع
الثاني ويكون القول بالرجوح مخصوصا بغير
البيع..
"مسألة 6 و 7" قوله: وإن كان حملا عند البيع
وكذا عند الرجوع فوجهان. انتهى, شمل مسألتين.
"مسألة 6" ما إذا كانت حاملا عند البيع.
"ومسألة 7" ما إذا حدث حمل ووجد عند الرجوع.
والذي يظهر أن مبنى الوجهين على أن الزيادة
المتصلة تمنع الرجوع, والمنفصلة لا تمنع, وهو
المذهب فيهما, فعلى هذا هل يلحق الحمل
بالمتصلة أو المنفصلة؟ أطلق الوجهين, فمن
ألحقه بالمتصلة منع الرجوع ومن ألحقه
بالمنفصلة لم يمنع, والظاهر أن مراده إذا كانت
حاملا عند البيع منفصلا عند الرجوع في الأولى,
وفي الثانية إذا كانت حائلا عند البيع
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "وبيع".
(6/468)
له الرجوع قبل
قلع غرس أو بناء, فيضمن غريم نقصا حصل به,
ويسوي
ـــــــ
حاملا عند الرجوع, لا أنها تكون حاملا عند
البيع متصلا عند الرجوع. قال في التلخيص
والرعاية الكبرى: إن كان حملا عند البيع
والرجوع لم يمنع الرجوع, كالسمن, وإن كان حملا
عند البيع منفصلا عند الرجوع فوجهان. وقال في
الرعاية الصغرى والحاويين: والحمل كالسمن, فإن
كان منفصلا عند الرجوع فوجهان.
وقال في الكبرى وإن كانت حائلا عند البيع
حاملا عند الرجوع فوجهان, ومع الرجوع لا أرش,
انتهى. وقال في التلخيص: وإن كانت حائلا عند
البيع حاملا عند الرجوع فهو كالسمن. والأظهر
أنه يتبع في الرجوع كما يتبع في البيع, انتهى.
وقطع في الفصول أنه لو أفلس المشتري وهي حامل
كان له الرجوع, وكذا قطع: لو كانت حاملا حين
البيع أن له الرجوع. وقال الشيخ الموفق
والشارح: لو اشتراها حاملا وأفلس وهي حامل فله
الرجوع فيها إلا أن يكون الحمل قد زاد بكبر
وكثرت قيمتها بسببه فيكون من الزيادة المتصلة,
وإن أفلس بعد وضعها فقال القاضي: له الرجوع
فيهما بكل حال من غير تفصيل. قال الشيخ:
والصحيح أنا إن قلنا لا حكم للحمل فهو زيادة
منفصلة, وإن قلنا له حكم, وهو الصحيح, فإن كان
هو والأم قد زادا بالوضع فزيادة متصلة, وإن لم
يزيدا جاز الرجوع فيهما, وإن زاد أحدهما دون
الآخر خرج على الروايتين فيما إذا كان المبيع
عينين تلف بعض أحدهما, وإن كانت عند البيع
حائلا وحاملا عند الرجوع وزادت قيمتها فزيادة
متصلة, وإن أفلس بعد الوضع فزيادة منفصلة.
وقال القاضي: وإن وجدها حاملا انبنى على أن
الحمل هل له حكم فيكون زيادة منفصلة يتربص به
حتى تضع, أو لا حكم له فزيادة متصلة, انتهى
كلام الشيخ ملخصا, وقد اختار القاضي في
المجرد: أن الحامل في المبيع وغيره كأحد
عينين, فنلخص أن ابن حمدان في الرعاية الكبرى
أطلق الخلاف في المسألتين, وأن صاحب التلخيص
جعل الحمل عند الرجوع كالسمن. واختار أنه يتبع
في الرجوع, وأما قوله في الرعاية الصغرى
والحاويين: إن الحمل كالسمن, فمرادهم والله
أعلم
(6/469)
حفرا, وإن أبى
قلعه فللبائع في الأصح أخذه وقلعه وضمان نقصه,
وإن أبى فلا رجوع ويرجع عند القاضي في أرض,
وهل يباع الغرس مفردا أو الجميع ويقسم الثمن
على القيمة؟ فيه وجهان "م 8" ولو كان ثمنه
مؤجلا أخذه عند الأجل, وقيل: في الحال, وقيل:
يباع.ومن وجد عين قرضه أو غيره فكمبيع, وكذا
عينا مؤجرة, وقيل: ولو مضى بعض المدة وكذا مكر
نفسه. ورجوع البائع فسخ للمبيع لا يحتاج إلى
معرفة المبيع ولا إلى القدرة على تسليمه, فلو
رجع فيمن أبق صح وصار له, فإن قدر أخذه, وإن
تلف فمن ماله وإن بان تلفه حين استرجعه بطل
استرجاعه. وإن رجع في مبيع اشتبه بغيره قدم
تعيين المفلس, لإنكاره دعوى استحقاق البائع,
وإن مات بائع مدينا فمشتر أحق بطعام وغيره,
ولو قبل قبضه, نص عليه.
ـــــــ
إذا تجدد بعد البيع, سواء بقي حملا إلى الرجوع
أو لا, فشمل مسألة المصنف الثانية, وكلام
المصنف فيما إذا كان حملا عند البيع ومولودا
عند الرجوع في المسألة الأولى, واختار القاضي
في هذه المسألة أن له الرجوع فيهما مطلقا, وأن
الشيخ فصل التفصيل المتقدم.
"مسألة 8" قوله: وهل يباع الغرس مفردا أو
الجميع ويقسم الثمن على القيمة؟ فيه وجهان,
انتهى, وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والتلخيص والحاويين والفائق وغيرهم, وظاهر
المغني1 والشرح2 إطلاق الخلاف أيضا.
أحدهما" يباع الجميع, قدمه في الخلاصة
والرعاية الصغرى.
"والوجه الثاني" يباع الغراس مفردا, قدمه في
الرعاية الكبرى.
ـــــــ
1 6/557.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/297.
(6/470)
فصل: يلزم الحاكم قسمة ماله على الغرماء إذا
كان من جنس الدين
وإلا باعه "1على الفور1", لأن ذمته لم تخرب
بخلاف الميت بلا إذنه, ولا يباع إلا بثمن مثله
المستقر في وقته أو أكثر ذكره شيخنا وغيره
ويستحب إحضاره وغرمائه وبيع كل شيء في سوقه,
ويبيع أولا أقله بقاء وأكثره كلفة, ونفقته
أدنى نفقة مثله2 وكسوته وعياله من ماله حتى
يقسم, ذكر3 الشيخ إن لم يكن ذا كسب, ويترك لهم
ما لا بد منه كمسكن لا سعة فيه وخادم ليسا
نفيسين, نص على ذلك, ولا عين مال غريم وآلة
حرفة, وما يتجر به إن عدمها, ونص عليه. وفي
الموجز والتبصرة: وفرس يحتاج ركوبها. وفي
الروضة: ودابة يحتاجها, ونقل عبد الله: يباع
الكل إلا المسكن وما يواريه من ثياب, وخادما
يحتاجه,
وأجرة المنادي ونحوه, ولا متبرع من الثمن,
وقيل: من بيت المال مع
ـــــــ
.................
1 ليست في النسخ الخطية, والمثبت من "ط".
2 ليست في الأصل.
3 في "ب" و "ر" و "ط": "وذكره".
(6/471)
إمكانه, وإن
عينا مناديا غير1 ثقة رده, بخلاف بيع المرهون,
فإن اختلف تعيينهما ضمهما إن تبرعا, وإلا قدم
من شاء, ويقدم المرتهن برهن لازم, ولم يقيده
جماعة كالمحرر والوجيز باللزوم وعنه: إذا مات
الراهن أو أفلس فالمرتهن أحق به, ولم يعتبر
وجود قبضه بعد موته أو قبله. وفي الرعاية:
يختص بثمن الرهن, وعلى الأصح, وذكرهما ابن
عقيل وغيره في صورة الموت, لعدم رضاه بذمته,
بخلاف موت بائع وجد متاعه والمجني عليه عنده
بثمنه, ويشارك المرتهن بالفضل, وصاحب العين أو
مستأجرها يأخذها ويقسم الباقي بقدر ديون
غرمائه, ولا يلزمهم بيان أن لا غريم سواهم,
ويلزم الورثة بينة تشهد: لا نعلم له وارثا
سواهم, ذكره في الترغيب والفصول وغيرها, لئلا
يأخذ أحدهم ما لا حق له فيه. ثم إن ظهر غريم
لم2 ينقض ويرجع على كل واحد "3بقدر حصته3"
وفي المغني: قسمة بان الخطأ فيها كقسمه أرضا
أو ميراثا ثم بان شريك أو وارث,
قال الأزجي: فلو كان له ألف اقتسمها غريماه
نصفين ثم ظهر ثالث دينه كدين أحدهما رجع على
كل واحد بثلث ما قبضه, وإن كان أحدهما قد أتلف
ما قبضه فظاهر المذهب أن الثالث يأخذ من الآخر
ثلث ما قبضه من غير زيادة, وأصل هذا ما لو أقر
أحد الوارثين بوارث, فإنه يأخذ ما في يده
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 في "ط": "غيره".
2 في "ط": "له".
3 في النسخ الخطية: "بحصته", والمثبت من "ط".
(6/472)
إذا كان ابنا
وهما ابنان, كذا قال: وظاهر كلامهم يرجع على
من أتلف ما قبضه "1بحصته, ويتوجه كمفقود رجع
بعد قسمة ماله وتلفه. وفي فتاوى1" الشيخ: لو
وصل مال الغائب فأقام رجل بينة عليه2 أن له
عليه دينا, وأقام آخر بينة "3أن له عليه دينا
أيضا3" إن طالبا جميعا اشتركا, وإن طالب
أحدهما اختص به, لاختصاصه بما يوجب التسليم
وعدم تعلق الدين بماله, ومراده: ولم يطالب
أصلا, وإلا شاركه, ما لم يقبضه, ولا مشاركة
فيه بما ادانه بعد حجره, وذكر في المبهج في
جاهل به وجهين, أو أقر به, وعنه: بلى إن أضاف
إلى إقراره قبل الحجر أو ادانه4 عامل قبل
قراضه: قاله شيخنا,
ونكوله كإقراره, ويشاركهم المجني عليه قبل
حجره وبعده.
ولا يحل دين بفلس ولا موت إذا وثق الورثة
الأقل من تركة أو دين, فيختص به الحال, وعنه:
يحل, فيشارك به, وقيل على الأول في موته
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
3 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
4 في الأصل: "أدى به".
(6/473)
هل في تركه
حصته ليأخذه إذا حل دينه؟ أو يختص به الحال؟
أو يرجع عليه إذا حل؟ يحتمل أوجها, وعنه: يحل
بموت ولو قتله ربه لا بفلس, وعنه: بلى إن عدم
التوثيق, وعنه: لا يحل بهما, اختاره أبو محمد
الجوزي كدينه وفي التلخيص: وكذا في حله بجنون
وفي الانتصار يتعلق بذمتهم وذكره عن أصحابنا
في الحوالة, فإن كانت ملية وإلا وثقوا. ولو
ورثه بيت المال احتمل انتقاله, ويضمن الإمام
للغرماء, واحتمل حله, وذكرهما في عيون
المسائل, وذكرهما في التعليق, لعدم وارث معين
"م 9" ولهذا للإمام أن يقطع الأراضي وإن كانت
لجميع المسلمين, ولو كانت لواحد معين لم يجز.
وفي الفنون: لو تعلق بالأعيان لما استحق من
طرأ حقه بوقوعه في بئر حفرها لميت حال الحياة,
كالرهن, ولما سقط الحق بالبراءة.
ـــــــ
"مسألة 9" قوله ولو ورثه بيت المال احتمل
انتقاله, ويضمن الإمام للغرماء واحتمل حله,
وذكرهما في عيون المسائل, وذكرهما في التعليق,
لعدم وارث معين, انتهى.
"أحدهما" يحل. قال القاضي في المجرد وابن عقيل
والشيخ في المغني: إذا لم يكن وارث حل الدين ;
لأن الأصل يستحقه الوارث وقد عدم هنا, وقدمه
في القواعد الفقهية "قلت": وهو عين الصواب في
هذه الأزمنة.
"والاحتمال الثاني" انتقاله إلى بيت المال,
ويضمن الإمام للغرماء إلى أن يحل الدين, وهذا
كالمتعذر في هذا الزمان, فالاعتماد على القول
الأول..
(6/474)
وفي الانتصار
الصحيح أنه في ذمة ميت والتركة رهن.
وفي الترغيب: الدين وإن قل يمنعه من التصرف
نظرا له.وإن ضمنه ضامن وحل على أحدهما لم يحل
على الآخر, وهل للضامن مطالبة رب الحق بقبضه
من تركة المضمون عنه بعد موته أو يبرئه؟ فيه
وجهان "م 10". وإن أبى مفلس أو وارث الحلف مع
شاهده لم يحلف الغرماء, ويلزم إجبار محترف على
الكسب فيما يليق بمثله لبقية دينه, كوقف وأم
ولد, في الأصح, لا في لزوم حج وكفارة, وعنه:
لا يجوز, كقبول هبة وصدقة ووصية وتزويج حتى أم
ولد وخلع ورد مبيع وإمضائه. وفيه وجه مع
الأحظ, وأخذ دية عن قود, فعلى الأولى يبقى
الحجر ببقاء دينه إلى الوفاء
ـــــــ
"مسألة 10" قوله: وإن ضمنه ضامن وحل على
أحدهما لم يحل على غيره وهل للضامن مطالبة رب
الحق بقبضه من تركة المضمون عنه بعد موته أو
يبرئه؟ فيه وجهان, انتهى.
"أحدهما" له ذلك "قلت": وهو الصواب.
"والوجه الثاني" ليس له ذلك, وهو ظاهر كلام
أكثر الأصحاب في باب الضمان. وفي هذه المسألة
على القول الأول نوع شبه بمسألة السلم
والكتابة والدين إذا أتى أصحابه بالحق قبل
محله إلى ربه, ولا ضرر عليه في قبضه, فهذه عشر
مسائل في هذا الباب.
(6/475)
ولو طلبوا
إعادته لما بقي بعد فك الحاكم لم يجبهم, وإذا
أعيد وقد ادان شارك غرماء الحجر الثاني الأول,
ولو فلسه القاضي ثم ادان لم يحبس, لأن أمره قد
وضح, نقله حنبل, وإن عفا مطلقا أو مجانا وجبت1
على موجب العمد أحد شيئين وإلا سقطت.
وفي الترغيب: اختار الأكثر: لا يصح مجانا,
والخلاف في سفيه ووارث مع ديون مستغرقة,
ومريض, ويصح منه في ثلثه, ولا يصح عفوهم عن
الدية, في الأصح, وقيل: للمفلس العفو مجانا,
نص عليه, ولا يجوز ملازمته. وفي الموجز
والتبصرة: والإشراف على تصرفه والله سبحانه
وتعالى أعلم
ـــــــ
.................
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية, والمثبت من "ط".
(6/476)
المجلد السابع
تابع لكتاب البيوع
باب الحجر
مدخل
...
باب الحجر
وهو لغة: المنع، وشرعا المنع من التصرف بحجر
على صغير ومجنون وسفيه لحظهم، ومن دفع إليهم
ماله بيعا أو قرضا رجع بعينه وإن أتلفوه لم
يضمنوا، وقيل: مجنون، وقيل: يضمن سفيه جهل
حجره، ويلزمهم أرش جناية وضمان ما لم يدفع
إليهم، ومن أعطوه مالا ضمنه حتى يأخذه وليه،
وإن أخذه ليحفظه لم يضمنه، في الأصح، وكذا إن
أخذ مغصوبا ليحفظه لربه، وإن أودعهم أو أعارهم
أو عبدا مالا فأتلفوه أو تلف بتفريط سفيه
وعبد، فقيل: بالضمان وعدمه، وضمان عبد، وقيل:
وسفيه "م 1 و 2" وإن تم
ـــــــ
مسألة 1-2: قوله "وإن أودعهم أو أعارهم" يعني
الصغير والمجنون والسفيه أو عبدا مالا
فأتلفوه، أو تلف بتفريط سفيه وعبد، فقيل:
بالضمان وعدمه، وضمان عبد، وقيل: وسفيه،
انتهى. اشتمل كلامه على مسألتين:
المسألة الأولى -1: إذا أودع الصبي أو المجنون
أو السفيه أو العبد مالا فأتلفوه فهل يضمنونه
أم لا؟ أم يضمن العبد وحده؟ أم هو والسفيه؟
ذكر فيه أقوالا، أطلق الخلاف. أما الصبي إذا
أتلف الوديعة فهل يضمنها أم لا؟ أطلق الخلاف،
وأطلقه في المحرر والفائق في هذا الباب،
وأطلقه في باب الوديعة في الهداية والمذهب
والمستوعب والتلخيص والرعايتين والحاوي الصغير
وغيرهم:
أحدهما: لا يضمن، قدمه في الخلاصة والمقنع1.
قال في الفصول: وهو أصح عندي. قال في الهداية
والمستوعب والتلخيص: قال غير القاضي من
أصحابنا: لا يضمن. قال الحارثي: قال ابن حامد:
قياس المذهب لا يضمن، وإليه صار القاضي أخيرا،
ذكره عنه ولده أبو الحسين، ولم يذكر القاضي في
رءوس المسائل سواه، واختاره القاضي أبو الحسين
وأبو الحسن بن بكروس. قال ابن عقيل: وهو أصح
ـــــــ
1 المقنع مع الشرع الكبير والإنصاف 16/46.
(7/5)
لصغير خمس عشرة
سنة أو أنزل أو نبت شعر خشن حول قبله، نقله
ـــــــ
عندي، انتهى.
والوجه الثاني: يضمن، اختاره القاضي في
الخلاف، واختاره أيضا الشيخ الموفق والشارح،
قال الحارثي: واختاره أبو علي بن شهاب، ولم
يورد الشريفان أبو جعفر والزيدي وأبو المواهب
الحسين بن محمد العكبري والقاسم بن الحسين
الحداد سواه، انتهى. وصححه الناظم، وقدمه في
الفصول في موضع، وهذا الصحيح من المذهب على ما
اصطلحناه.
تنبيهات:
الأول: ألحق المصنف السفيه بالصغير، وكذلك
الشيخ الموفق والشارح والمجد وابن حمدان
وجماعة، وقدم في الرعاية الكبرى في هذا الباب
أن إتلاف السفيه الوديعة هدر، وقطع القاضي في
المجرد بأنه كالبالغ الرشيد، وكذلك صاحب
التلخيص، قال الحارثي: وإلحاقه بالرشيد أقرب،
انتهى. قلت: وهو الصواب.
الثاني: ألحق المصنف أيضا العبد بالصغير،
وكذلك صاحب المحرر والرعايتين، واختاره
القاضي، والذي قطع به في الهداية والمذهب
والخلاصة والمقنع1 وشرح ابن منجا وغيرهم وقدمه
في المستوعب والتلخيص، قال الحارثي: به قال
الأكثر أبو الخطاب وابن عقيل وأبو الحسين
والشريفان أبو جعفر والزيدي وابن بكروس
وغيرهم: إن العبد يضمن إذا أتلف الوديعة،
واختاره الحارثي، ورد غيره.
الثالث: المجنون كالصغير فيما تقدم من
الأحكام، قاله الأصحاب.
الرابع: العارية كالوديعة، قاله المصنف والشيخ
الموفق والشارح وغيرهم.
المسألة الثانية-2: إذا تلف ما تقدم ذكره من
الوديعة والعارية ونحوهما بتفريط العبد
والسفيه فهل يضمنان أم لا؟ أطلق الخلاف.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرع الكبير والإنصاف 16/48.
(7/6)
الجماعة، وحكي
فيه رواية، أو عقل مجنون ورشدا بلا حكم، فك
حجرهما بلا حكم، نص عليه، وفيه وجه، وقيل في
صغير، وسواء رشده الولي أو لا، قال شيخنا: وإن
نوزع في الرشد فشهد شاهدان قبل، لأنه قد يعلم
بالاستفاضة، ومع عدمها له اليمين على وليه أنه
لا يعلم رشده، ولو تبرع وهو تحت الحجر فقامت
بينة برشده نفذ، وتزيد جارية بحيض،
ـــــــ
أحدهما: لا يضمنان، وهو الصحيح، قطع به في
الرعايتين والحاوي الصغير، وهو احتمال في
المغني1 والشرح2 في السفيه، وقطع به في الفائق
في السفيه.
والوجه الثاني: يضمنان، واختاره القاضي في
السفيه.
ـــــــ
1 6/611
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/349.
(7/7)
وعنه: لا يحكم
ببلوغها بغيره، ونقلها جماعة، قال أبو بكر: هي
قول أول، وحملها دليل إنزالها، وقدره أقل مدة
حمل، ولا ينفك قبل ذلك، وعنه: يعتبر لرشدها
أيضا تزوجها وتلد أو تقيم سنة مع زوج، واختاره
جماعة، فلو لم تتزوج فقيل: يدوم، وقيل ما لم
تعنس "م 3".
والرشد: إصلاح المال، وقال ابن عقيل: والدين،
وهو الأليق بمذهبنا، قال في التلخيص ونص عليه
وقيل: ودواما، وهو أن يتصرف مرارا فلا يغبن
غالبا، ولا يصرفه في حرام أو غير فائدة، قال
ابن عقيل وجماعة: ظاهر كلام أحمد أن التبذير
والإسراف ما أخرجه في الحرام، لقوله1: "لو أن
الدنيا لقمة فوضعها الرجل في في أخيه لم يكن
إسرافا" قال في النهاية: أو صدقة تضر بعياله،
أو كان وحده ولم يثق بإيمانه عائلته وقال
شيخنا: أو مباح2 قدرا زائدا على المصلحة. وقال
القاضي: يجب إنكار صرفه في
ـــــــ
مسألة-3: قوله: "وعنه: يعتبر لرشدها تزوجها
وتلد وتقيم سنة مع زوج، واختاره جماعة، فلو لم
تتزوج فقيل: يدوم وقيل3: ما لم تعنس"، انتهى:
أحدهما: يدوم الحجر عليها، وهو احتمال للشيخ
وغيره، وهو قوي، بل هو ظاهر الرواية، وجزم به
في الفصول.
والقول الثاني: يدوم ما لم تعنس. قال القاضي:
عندي أنها إذا لم تتزوج يدفع إليها ما لها إذا
عنست وبرزت للرجال قلت: وهو الصواب، واقتصر
عليه في الكافي4.
ـــــــ
1 بعدها في "ط" صلى الله عليه وسلم والضمير
هنا يعود للإمام، وقد ذكر هذا القول إبراهيم
بن مفلح في "المقصد الأرشد" 1/266، عن إسماعيل
بن العلاء قال: دعاني الكوذاني رزق الله بن
موسى، فقدم إلينا طعاماً، وكان في القوم أحمد
بن حنبل ويحيى بن معين، وأبو خيثمة وجماعة،
فقدم لهم لوزينج أنفق عليه ثلاثين درهماً،
فقال أبو خيثمة: هذا إسراف. قال أحمد: لا، لو
أن الدنيا تكون في مقدار لقمة ثم أخذ امرؤ
مسلم فوضعها في فم أخيه المسلم لما كان
مسرفاً، قال: فقال يحيى: صدقت يا أبا عبد
الله.
2 أي: أو صرفه في مباح.
3 ليست في "ط".
4 3/258-259.
(7/8)
المحرم، فإن
أسرف في إنفاقه في الملاذ أو الشهوات فإن لم
يخف الفقر لم يكن مسرفا، وإلا فهو من السرف
المنهي عنه، قال ابن الجوزي: في التبذير
قولان:
أحدهما: أنه إنفاق المال في غير حق، قاله ابن
مسعود وابن عباس ومجاهد1. قال الزجاج: في غير
طاعة.
والثاني: الإسراف المتلف للمال {إِنَّ
الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ
الشَّيَاطِينِ} [الإسراء: 27] لأنهم يوافقونهم
فيما يدعونهم إليه ويشاركونهم في معصية الله
{وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً}
[الإسراء: 27] أي: جاحدا لنعمه، قال: وهذا
يتضمن أن المسرف كفور للنعمة: ولا يدفع إليه
ماله حتى يختبر بما يليق به ويؤنس رشده، قال
أحمد إذا أنس منه رشدا أعطاه ماله وإلا لم
يعطه. ذكره أبو يعلى الصغير قول الجماعة، وأن
الغلام بالبلوغ يملك النكاح لنفسه، ونقل
البغوي أن وصيا سأله أن اليتيم يريد ماله وهو
مفسد ورفعني إلى الوالي وأبلغ قال: إن لم تقدر
له على حيلة فأعطه.
وزمن الاختبار قبل البلوغ، وقيل: لا، للجارية،
لنقص خبرتها بالخفر، وعنه: بعده، فيهما، وبيع
الاختبار وشراؤه صحيح.
ـــــــ
..............................................
ـــــــ
1 في "زاد المسير" 5/27-28.
(7/9)
فصل: و ولي صغير و مجنون أب رشيد
...
فصل: .وولي صغير ومجنون أب رشيد،
قيل: عدل، وقيل: ومستور "م 4" ثم وصيه ولو
بجعل وثم متبرع، ذكره في الخلاف كذلك مع ثبوت
ولايته،
ـــــــ
.مسألة-4: قوله "وولي صغير ومجنون أب رشيد،
قيل: عدل، وقيل: ومستور،" انتهى:
(7/9)
نقل ابن منصور:
لا يقبض للصبي إلا الأب أو وصي وقاض، وعنه:
يلي الجد ففي تقديمه على وصيه وجهان "م
5".وقال شيخنا لو وصى من فسقه ظاهر إلى عدل
وجب إنفاذه، كحاكم فاسق حكم بعدل وكصحة وصية
الفاسق بثلثه "ع".
ثم حاكم، ومرادهم فيه الصفات المعتبرة وإلا
أمين يقوم به، اختاره شيخنا رحمه الله وقال في
حاكم عاجز كالعدم، نقل ابن الحكم فيمن عنده
مال يطالبه الورثة: فيخاف من أمره: ترى أن
يخبر الحاكم ويدفعه إليه؟ قال: أما حكامنا
هؤلاء اليوم فلا أرى أن يتقدم إلى أحد منهم
ولا يدفع إليه شيئا، ترجمه الخلال: الرجل بيده
مال فيموت وله أولاد صغار.
ـــــــ
أحدهما: يكفي مستور الحال، وهو الصحيح، قال في
المحرر والنظم والرعايتين والحاويين والفائق
وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم: وليهما الأب ما لم
يعلم فسقه، فظاهره الاكتفاء بمستور الحال قلت:
وهو الصواب. وأطلق في المغني1 والمقنع2
والوجيز وغيرهم: ولاية الأب.
والقول الثاني: تشترط العدالة ظاهرا وباطنا.
قال في المنور: وولي الصبي والمجنون الأب ثم
الوصي العدلان. وقال في الكافي3: ومن شرط ثبوت
الولاية العدالة، بلا خلاف، فظاهره العدالة
ظاهرا وباطنا.
مسألة-5: قوله: "وعنه: يلي الجد، ففي تقديمه
على وصيه وجهان"، انتهى وأطلقهما في المحرر
والنظم والفائق:
أحدهما: يقدم على الوصي، كالأب، وهو الصحيح،
قدمه في الرعايتين والحاويين، وهو الصواب.
ـــــــ
1 6/612.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/368.
3 3/251.
(7/10)
ونقل أبو طالب:
إن كان القاضي جهميا زوج والي البلد، ونقل
مهنا إن مات المودع وله صبي فكأنه أوسع أن
يدفع المستودع إلى رجل مستور ينفق عليه، وقاله
الحارثي، وحمله القاضي على عدم الحاكم، ونقل
أبو داود: لا يرد على المرأة شيئا تعطى
نصيبها، فإن لم يكن عصبة فليتصدق به، فظاهره
حاكم أو غيره، ونقل أيضا فيمن عليه مال فادعى
رجل أنه قرابته لا يعطيه إلا ببينة، فقال: لا
بينة، كيف أصنع؟ قال: إن كان قاضيكم لا بأس به
فأعطه، قال: لا قاضي لنا، قال: إن لم تخف تبعة
من وارث فتصدق به. وسأله الأثرم عمن له على
رجل شيء فمات وله ورثة صغار كيف أصنع فقال: إن
كان لهم وصي. فإن لم يكن إن كانت لهم أم مشفقة
دفع إليها.
وفي إيلاء كافر عدل في دينه مال ولده الكافر
وجهان "م 6" وإذا سفه بعد رشده لزم الحاكم
الحجر عليه، نقله الجماعة، وهو وليه، وقيل: أو
أبوه، وقيل: وليه الأول، كبلوغه سفيها. وفي
الانتصار: يلي على أبويه المجنونين، ونقل
المروذي: أرى أن يحجر الابن على الأب إذا أسرف
يضعه في الفساد وشراء المغنيات.
وقيل: إن زال الحجر برشده بلا حكم عاد بالسفه
ويستحب إظهار حجر سفيه، وفلس، ويفتقر زوالهما
وقيل: سفه إلى حكم، في الأصح،
ـــــــ
والوجه الثاني: يقدم الوصي عليه.
مسألة-6: قوله: "وفي إيلاء كافر عدل في دينه
مال ولده الكافر وجهان"، انتهى، وأطلقهما في
المحرر والنظم:
أحدهما: يليه، وهو الصحيح. قال في الحاويين
والفائق: ويلي الكافر العدل في دينه مال ولده،
على أصح الوجهين، وقدمه في الرعايتين، وصححه
في تصحيح المحرر، وهو الصواب.
(7/11)
كابتدائهما،
وفي سفه وجه ابتداء. وفي الانتصار نقله
المروذي وأنه أومأ إليه في حجر فلس، ويحرم
تصرفه لموليه إلا بما فيه حظه، فيلزمه قبول
وصية له بقريب يعتق عليه، فإن لزمته نفقته
حرم.
وله بيع عقاره لمصلحة، وقيل: بل لضرورة أو
غبطة، وقيل بزيادة الثلث فأكثر في ثمنه، ولو
قامت بينة أن ما باعه قيمته مائة وخمسون،
فباعه الولي وحكم حاكم بصحته، ثم قامت بينة أن
قيمته وقت بيعه مائتان، فيتوجه فيها كنظيرها
في أول باب تعارض البينتين.
وله تزويج رقيقه، على الأصح، وعنه لخوف فساد،
وعنه: لا يزوج أمة لتأكد حاجته إليها، وهبته
بعوض، قاله القاضي وأصحابه، وكتابته، وفيها في
الترغيب لغير حاكم، وعتقه بمال، وعنه: ومجانا
لمصلحة، اختاره أبو بكر بأن تساوي أمته وولدها
مائة وأحدهما مائة، وإذنه في تجارة والسفر
بماله، خلافا للمجرد والمغني1 والكافي2.
ـــــــ
والوجه الثاني: لا يليه، وإنما يليه الحاكم.
وقال القاضي: لا يلي مال موليته على قياس
قولنا: لا يباشر عقدها لمسلم.
تنبيهان
أحدهما: قوله: "وله... السفر بماله خلافا
للمجرد والمغني والكافي"، انتهى. ظاهره سواء
سافر به لتجارة أو غيرها، وليس كذلك، بل السفر
للتجارة يجوز بلا نزاع في المواضع الآتية، قطع
به في المغني والكافي2 والشرح3 وشرح ابن رزين
وغيرهم، ومحل الخلاف إذا سافر به لغير تجارة،
فهذا الذي خالف فيه في المغني والكافي
وغيرهما، وكلامه مطلق وليس بمراد.
ـــــــ
1 14/477.
2 3/255.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/373.
(7/12)
وله بيعه نساء
وقرضه، على الأصح فيها لمصلحته، جزم به
ـــــــ
والثاني: قوله بعد ذكر أحكام وديعة مال الصغير
ونحوه1: "وظاهر كلام الأكثر يجوز إيداعه،
لقولهم: يتصرف بالمصلحة، وقد يراه مصلحة،
ولهذا جاز مع إمكان قرضه أن يملكه الشريك، في
إحدى الروايتين، دون القرض، لأنه تبرع،
الوديعة استنابة في حفظ"، انتهى، معنى كلام
المصنف أنه يستدل على جواز إيداع المولى مال
الصغير وإن لم يجز قرضه، بدليل ما قال
الأصحاب: إن الشريك في شركة العنان يملك إيداع
المال المشترك، وفي إحدى الروايتين، ولا يجوز
له قرضه، فذكره للروايتين هنا إنما هو على
سبيل الاستشهاد لجواز إيداع مال الصغير وعدم
جواز قرضه، والمصنف قد أطلق الروايتين في باب
الشركة في جواز إيداع مال الشركة على ما يأتي
هناك2 محررا مصححا، لأنه محل التصحيح لا هنا،
والله أعلم.
ـــــــ
1 في الصفحة 14.
2 ص87.
(7/13)
في المحرر
والوجيز وغيرهما. وفي المغني1 يقرضه لحاجة سفر
أو خوف عليه أو غيرهما، وقيل برهن، 2 وفي
"المذهب" وغيره يقرضه برهن، وسياق كلامهم
لحظه. وفي الترغيب: في قرضه برهن2 زاد في
المستوعب وإشهاد روايتان.
وله إيداعه مع إمكان قرضه، ذكره في المغني1،
وظاهره متى جاز قرضه جاز إيداعه، وظاهر كلام
الأكثر يجوز إيداعه، لقولهم يتصرف بالمصلحة،
وقد يراه مصلحة، ولهذا جاز مع إمكان قرضه، أنه
يملكه الشريك في إحدى الروايتين، دون القرض،
لأنه تبرع، الوديعة استنابة في حفظ، لا سيما
إن جاز للوكيل التوكيل، فلهذا يتوجه في المودع
رواية، ويتوجه أيضا في قرض الشريك رواية.
وفي الكافي3: لا يودعه إلا لحاجة، و أنه4
يقرضه لحظه بلا رهن، وأنه إن سافر أودعه،
وقرضه أولى، ولا يقرضه لمودة ومكافأة، نص
عليه، وله في شراء عقار به ودفعه مضاربة على
الأصح وببعض ربحه وقيل: بأجرة مثله، وعند ابن
عقيل بأقلهما، وإن اتجر بنفسه فلا أجرة له، في
الأصح، وتعليمه الخط وما ينفعه ومداواته بأجرة
"5 بلا إذن حاكم، نص عليه، وتعتبر5" المصلحة
في جميع ذلك، وحمله بأجرة ليشهد الجماعة، قاله
في الفصول والمجرد، وإذنه في تصدقه بيسير،
قاله في المذهب،
ـــــــ
..................................
ـــــــ
1 7/130.
2 ليست في "ر".
3 3/254-255.
4 ليست في النسخ الخطية والمثبت م "ط".
5 ليست في "ب".
(7/14)
والتضحية له،
على الأصح، مع كثرة ماله، ويحرم صدقته منها.
وفي الانتصار عن أحمد: تجب الأضحية، لقوله:
للوصي التضحية عن اليتيم من ماله، فدل أنها
كزكاة وفطرة، وإلا لما جاز، كصدقة. وعلل في
الفصول عدم التضحية بالتبرع، وله الإذن لصغيرة
في لعب بلعب غير مصورة، وشراؤها بمالها، نص
عليهما، وقيل: بماله، وإن لم يمكن الولي تخليص
حق موليه إلا برفعه إلى وال يظلمه، فقد يقال:
يرفعه، لأنه هو الذي جر الظلم إلى نفسه، كما
لو لم يمكن رد المغصوب إلا بكلفة عظيمة. وقد
يقال: لا، لما فيه من تسليط الوالي الظالم على
ظلم غير مستحق، مضرته أكثر من منفعة عدله،
ذكره شيخنا "م 7".
قال: ولو مات من يتجر ليتيمه، ولنفسه بماله
وقد اشترى شيئا لم يعرف لمن هو لم يقسم بينهما
"هـ" ولم يوقف الأمر حتى يصطلحا "ش" بل مذهب
الإمام أحمد رضي الله عنه يقرع، فمن قرع حلف
وأخذ، وينفق عليه بمعروف ولو أفسدها دفعها
يوما بيوم، فلو أفسدها أطعمه معاينة، ولو أفسد
كسوته ستر عورته فقط في بيت إن لم يمكن التحيل
ولو بتهديد، ومتى أراه الناس ألبسه، فإذا عاد
نزع عنه. وسأله مهنا: المجنون يقيد بالحديد
إذا خافوا عليه؟ قال: نعم، ويقبل قوله فيهما
ما لم تخالفه عادة وعرف، في مصلحة وتلف لا قول
وارثه ويحلف غير حاكم، على الأصح.
ـــــــ
مسألة-7: قوله: "وإن لم يمكن الوالي تخليص حق
موليه إلا برفعه إلى وال يظلمه فقد يقال:
يرفعه، لأنه هو الذي جر الظلم إلى نفسه كما لو
لم يكن رد المغصوب إلا بكلفة عظيمة، وقد يقال:
لا، لما فيه من تسليط الوالي الظالم على ظلم
غير مستحق، مضرته أكثر من منفعة عدله، ذكره
شيخنا"، انتهى. قلت: الصواب رفعه في هذه
الأزمنة، وهذا مما لا شك فيه الآن، والله
أعلم.
(7/15)
وله تزويج سفيه
بلا إذنه، في الأصح، وفي إجباره وجهان "م 8".
وإن أذن له ففي لزومه تعيين المرأة وجهان "م
9" ويتقيد بمهر المثل، ويحتمل لزومه زيادة إذن
فيها، كتزويجه بها، في أحد الوجهين، والثاني:
تبطل هي للنهي عنها، فلا تلزم أحدا "م 10".
ـــــــ
مسألة-8: قوله: "وله تزويج سفيه بلا إذنه، في
الأصح، وفي إجباره وجهان"، انتهى. وأطلقهما في
البلغة والرعايتين والحاوي الصغير في النكاح:
أحدهما: ليس له إجباره قلت: وهو ظاهر كلام
كثير من الأصحاب.
والوجه الثاني: له ذلك قلت: وهو الصواب إن كان
في ذلك مصلحة، وإلا فلا، قال في المغني1
والشرح2. قال أصحابنا: لو زوجه بغير إذنه صح،
لأنه عقد معاوضة، فملكه الولي، كالبيع، ولأنه
محجوز عليه أشبه الصغير والمجنون، ويحتمل أن
لا يملك تزويجه بغير إذنه، لأنه يملك الطلاق،
فلم يجبر على النكاح، كالرشيد والعبد الكبير،
ومالا إلى هذا الاحتمال ونصراه، فتلخص أن
الأكثر سوغوا إجباره على ذلك إذا رآه مصلحة،
وأن الشيخ ومن تابعه نصروا عدم الإجبار، والله
أعلم.
مسألة-9: قوله: "وإن أذن له ففي لزومه تعيين
المرأة وجهان" انتهى:
أحدهما: لا يلزم تعيينها، بل هو مخير، وهو
الصحيح، قال في المغني1 والشرح2: الولي مخير
بين أن يعين له المرأة أو يأذن له مطلقا،
ونصراه، وهو الصواب، وكذا قال ابن رزين في
شرحه، وقطعوا به.
والوجه الثاني: يلزمه تعيين المرأة له وهو قوي
قلت: ينبغي أن تقيد المسألة بما إذا تزوج من
تقاربه في الكلفة ونحوها، ولعله مراد الأصحاب،
ويدل على ذلك قول المصنف بعد ذلك: "ويتقيد
بمهر المثل".
مسألة-10: قوله: ويتقيد بمهر المثل، ويحتمل
لزومه زيادة إذن فيها لتزويجه بها
ـــــــ
1 9/419-420.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
20/153-154.
(7/16)
وإن عضله
استقل، وإن علمه يطلق اشترى له أمة. وفي إجبار
السفيه الخلاف، ذكره في الترغيب في تفويض
البضع "م 11".
وإن تزوج بلا إذنه لحاجة صح، وإلا فلا، في
الأصح فيهما. ويكفر بصوم، كمفلس. وقيل: إن لم
يصح عتقه. وإن فك حجره قبل تكفيره وقدر أعتق،
ويستقل بما لا يتعلق بالمال مقصوده.
ولا يحل للولي من مال موليه إلا الأقل من أجرة
مثله أو كفايته. وفي الإيضاح: إذا قدره حاكم،
وللشافعية في اعتباره وجهان مع فقره. وقال ابن
عقيل: أو غناه، وحكاه رواية. وقال ابن رزين:
يأكل فقير ومن يمنعه عن معاشه بمعروف، ولا
يلزمه عوضه بيساره، على الأصح. وخرج أبو
الخطاب وغيره مثله في ناظر وقف، ونصه فيه:
يأكل بمعروف. وعنه أيضا: إذا اشترط، قيل له:
فيقضي دينه؟ قال: ما سمعت. قال شيخنا. لا يقدم
بمعلومه بلا شرط إلا أن يأخذ1 أجرة عمله مع
فقره، كوصي اليتيم. وفرق القاضي بين الوصي
والوكيل بأنه لا يمكنه موافقته على الأجرة،
والوكيل
ـــــــ
في أحد الوجهين: والثاني: تبطل هي للنهي عنها،
فلا تلزم أحدا، انتهى:
أحدهما: ليس له تزويجه بزيادة على مهر المثل،
وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
والوجه الثاني: له ذلك إذا رآه مصلحة، وما هو
ببعيد.
مسألة-11: قوله: "وفي إجبار السفيه الخلاف،
ذكره في الترغيب في تفويض البضع"، انتهى.
الظاهر أن مراده بالإجبار هنا إجباره على
التسري2، لأنه ذكره عقيبه، ولأنه ذكر إجباره
على النكاح قبل ذلك وأطلق الخلاف، فأحال
الخلاف على الأول، والله أعلم.
ـــــــ
1 في الأصل: "يأكل".
2 في النسخ: "الشراء"، والمثبت من "ط".
(7/17)
يمكنه. ونقل
حنبل في الولي والوصي يقومان بأمره: يأكلان
بالمعروف، كأنهما كالأجير والوكيل، قال: وظاهر
هذا النفقة للوكيل.
ولا يحجر حاكم على مقتر على نفسه وعياله
واختار الأزجي: بلى. قال الأزجي: في الإقرار
لحمل1: إذا خرج أجبر المقر على دفع المال إلى
الولي ويبرأ. لأنه قائم مقامه شرعا. وقال
أيضا: الحمل لا يثبت له حقا من ناحية التصرف،
فلم يصح الإقرار له، فدل أنه لا ولي لحمل في
مال. وقال الشيخ: إن خرج ميتا وكان عزاه إلى
إرث أو وصية عادت إلى ورثة الموصي وموروث
الطفل. وقد أفتى أبو الخطاب وأبو الوفاء وابن
الزاغوني في مدين مات: أنه إذا ثبت دينه
فللحاكم بطلب ربه بيع عقاره بقدر دينه ويكتب
أنه باعه في دينه الثابت عنده، ولا يعوقه
الحمل.
ولرشيدة التبرع من مالها بدون إذن زوج. وعنه:
لا، صححها في عيون المسائل. وعنه: بزيادة على
الثلث، نصره القاضي وأصحابه، ولامرأته ونحوها
الصدقة من بيته بيسير، للأخبار الصحيحة
الخاصة2، ولأنه العرف، والمراد إلا أن يضطرب
العرف ويشك في رضاه، أو يكون بخيلا ويشك في
رضاه فلا يجوز، وعنه: لا، نقله أبو طالب، كهو،
وكمن يطعمها بفرض ولا تعلم رضاه، ولم يفرق
أحمد.
ـــــــ
..................................
ـــــــ
1 في الأصل: "بمحمل"، وفي "ر": "يحمل".
2 منها ما أخرجه مسلم "1000" "45" عن زينب
امرأة عبد الله قالت: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: "تصدقن، يا معشر النساء، ولو من
حليكن".
(7/18)
فصل: من أذن لعبده أو موليه في تجارة صح
وانفك حجره في قدره،
ـــــــ
..................................
(7/18)
كوكيل ووصي في
نوع، وتزويج معين، وبيع عين ماله، والعقد
الأول. وفي طريقة بعض أصحابنا منع فك حجره،
لأنه لو انفك لما تصور عوده ولما اعتبر علم
العبد بإذنه له كما لو أعتقه، ولكان: فككت
عنك، مطلقا في التصرف، لأنه أتى بالمقتضى،
كقوله: ملكتك، بدل: بعتك. وفي الانتصار رواية:
إن أذن لعبده في نوع ولم ينه عن غيره ملكه
وظاهر كلامهم أنه كمضارب في البيع نسيئة
وغيره. ونقل مهنا فيه: للسيد فداؤه، وإلا
فللبائع أخذ العبد حتى يأخذ حقه منه، ويتعلق
دينه نقله الجماعة وقاله جماعة. وفي الوسيلة:
قدر قيمته، ونقله مهنا بمأذون فيه وغيره، نقله
أبو طالب وغيره بذمة سيده لأنه تصرف لغيره،
ولهذا له الحجر عليه بعد.
ـــــــ
..................................
(7/19)
وتصرفه في بيع
خيار يفسخ إمضاء بذمة سيده لأنه تصرف وثبوت
الملك له، وينعزل وكيله بعزل سيد لمأذون كوكيل
ومضارب، لا كصبي ومكاتب، ومرتهن "1أذن لراهن1"
في بيع. وعنه: برقبته، كجنايته. وعنه: بهما.
وفي الوسيلة رواية: بذمته. ونقل صالح وعبد
الله: يؤخذ السيد بما ادان لما أذن له فيه
فقط. ونقل ابن منصور: إذا ادان فعلى سيده،
وإذا جنى فعلى سيده. وفي الروضة. إن أذن له
مطلقا لزمه كلما ادان، وإن قيده بنوع لم يذكر
فيه استدانة فبرقبته، كغير المأذون، وإن باعه
سيده شيئا لم يصح. وقيل: بلى. وقيل وعليه دين
قدر قيمته، وإن لم يأذن له لم يصح تصرفه، ولو
رآه يتجر فسكت كتزويجه وبيعه ماله، ويتعلق
دينه برقبته، نقله الجماعة. وعنه بذمته، فعلى
المذهب إن أعتقه فعلى مولاه، نقله أبو طالب،
وإن أذن له في كل تجارة لم يتوكل لغيره،
وتوكيله كوكيل، ولا يؤجر نفسه وفي عبيده
وبهائمه خلاف في الانتصار "م 12".
واختصائه2 ونحوه لا يتصرف فيه، ولا يتعلق به
دينه، وفي صحة شراء من يعتق على سيده وامرأته
وزوج ربة المال وجهان. م 13 - 15".
ـــــــ
مسألة-12: قوله في تصرفات الرقيق: "ولا يؤجر
نفسه، وفي عبيده وبهائمه خلاف، في الانتصار"،
انتهى. والصواب الجواز إن رآه مصلحة، وإلا فلا
; والله أعلم.
مسألة-13-15: قوله في أحكام الرقيق: وفي صحة
شراء من يعتق على سيده وامرأته وزوج ربة المال
وجهان، انتهى. شمل كلامه مسائل:
ـــــــ
1 في الأصل و"ر": "دون الراهن".
2 في "ر": "واحتضانه".
(7/20)
...............................
ـــــــ
المسألة الأولى-13: إذا اشترى من يعتق على
سيده فهل يصح أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في
المغني1 و"2الشرح3 في أحكام المضاربة،
و"المحرر" "والرعاية الصفرى" و"الحاويين"
والفائق2" وغيرهم:
أحدهما: يصح، قال في الرعاية الكبرى. صح، في
الأصح، واختاره أبو الخطاب، فقطع به في
الهداية ورءوس المسائل، وأقره في شرح الهداية
عليه، قاله في تصحيح المحرر، وقطع به أيضا في
المذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم، وقدمه ابن
رزين في شرحه في باب المضاربة.
والوجه الثاني: لا يصح، اختاره القاضي، وصححه
في النظم، و"2تصحيح الحرر2" وهو الصواب.
المسألة الثانية-14: إذا اشترى امرأة سيده فهل
يصح أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في الرعاية
الكبرى فقال في باب الكتابة: وإن اشترى زوجته
انفسخ نكاحها، وإن اشترى زوجة سيده احتمل
وجهين، وأطلقهما في المغني4 والشرح5 في أحكام
المضاربة وقالا: حكمها كالتي قبلها قلت:
الصواب هنا صحة الشراء.
المسألة الثالثة-15: لو اشترى زوج صاحبة المال
فهل يصح أم لا؟ أطلق الخلاف وظاهره أنه اشترى
بمال سيدته زوجها، وأطلقه في المغني6 والشرح5،
وشرح ابن رزين7 وحكم هذه المسألة والتي قبلها
حكم المسألة الأولى، قاله في المغني4، وتبعه
الشارح وابن رزين، وقد علمت الصحيح في
ـــــــ
1 7/154.
2 ليست في "ط".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/88.
4 7/153.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/86
6 7/154.
7 ليست في "ط".
(7/21)
فإن صح وعليه
دين فقيل: يعتق، وقيل: يباع فيه "م 16" ومثله
مضارب "م 17".
ـــــــ
المسألة الأولى فكذا في هاتين المسألتين.
تنبيه: كلام المصنف وحكايته الخلاف في أن
المشتري هو العبد المأذون له، وهو ظاهر كلام
صاحب الهداية والمذهب والخلاصة والمغني1
والشرح2 وغيرهم في المسألة الثانية وأن الذي
اشتراها زوجة سيده، وأما صاحب المستوعب، فإنه
صرح في المسألة الثانية والثالثة أن المشتري
هو المضارب، وقد ذكر المصنف بعد هذه مسألة
المضارب، وأن الأشهر فيها كمن نذر عتقه.
مسألة-16: قوله: فإن صح وعليه دين فقيل: يعتق،
وقيل: يباع فيه، انتهى. يعني، إذا صح الشراء
في المسائل التي قبل هذه وكان عليه دين فهل
يعتق أو يباع؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: يعتق، قال في المغني3 والشرح4 وشرح
ابن رزين: إذا اشترى المأذون له من يعتق على
رب المال بإذنه صح وعتق، فإن كان على المأذون
له دين يستغرق قيمته وما في يده وقلنا يتعلق
الدين برقبته فعليه دفع قيمة5 العبد الذي عتق
إلى الغرماء، لأنه الذي أتلفه عليهم بالعتق،
انتهى. فظاهر هذا أنه يعتق ولا يباع في الدين،
وحكموا بأن الدين على المأذون له لا على
السيد.
والوجه الثاني: لا يعتق، ويباع في الدين، قال
في الرعاية الكبرى: وإذا اشترى من يعتق على
سيده بلا إذنه صح، في الأصح، وعتق، وإن كان
عليه دين بيع فيه، ويحتمل عتقه مطلقا، انتهى.
فقدم أنه يباع فيه.
مسألة-17: قوله: "ومثله مضارب"، يعني أن فيه
الخلاف والأحكام التي في العبد
ـــــــ
1 7/153.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/86
3 7/153-154.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/87-88.
5 ليست في "ط".
(7/22)
والأشهر يصح،
كمن نذر عتقه وشرائه من حلف لا يملكه. ويضمن
ـــــــ
المأذون له إذا اشترى من يعتق على رب المال أو
اشترى زوجته أو زوج صاحبة المال. واعلم أن
المضارب إذا اشترى من يعتق على رب المال بغير
إذنه فهل يصح أم لا؟ أطلق الخلاف على هذه
الطريقة:
أحدهما: يصح، نص عليه، وهو الصحيح من المذهب،
وعليه أكثر الأصحاب، منهم أبو بكر والقاضي،
وقطع به في الهداية والفصول والمذهب ومسبوك
الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والتلخيص
والوجيز وغيرهم، وقدمه في الكافي1 والمغني2
والمقنع3 والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم،
وصححه في النظم وغيره، قال القاضي: ظاهر كلام
الإمام أحمد صحة الشراء.
والوجه الثاني: لا يصح، وهو تخريج في الكافي1
واحتمال في المقنع3، وأطلق احتمالين في
المغني4 والشرح5.
تنبيهان
الأول: قوله: والأشهر كمن نذر عتقه وشراءه من
حلف لا يملكه، انتهى. يعني أن هذه المسألة كما
لو اشترى المضارب من نذر رب المال عتقه أو حلف
لا يملكه، فاشتراه العامل، وقد قطع القاضي
والشيخ في المغني2 والشارح وغيرهم بصحة شراء
المضارب من نذر رب المال عتقه، "6ويعتق على رب
المال، قال في التلخيص: لو اشترى من يعتق على
رب المال بالرحم صح وعتق، نص عليه، كما لو
صادف من كان المالك نذر عتقه6"، أو علق عتقه
قبل الملك عليه، وقلنا بصحة التعليق. وقال في
ـــــــ
1 3/347-348.
2 7/152.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/83-84.
4 7/152-153.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/87-88.
6 ليست في "ص".
(7/23)
مضارب، في
الأصح، وقيل: مع علمه، جزم به في عيون
المسائل، قال: لأن الأصول قد فرقت بين العلم
وعدمه في باب الضمان كالمعذور، وكمن رمى إلى
صف المشركين، وكمن وطئ في عقد فاسد، فإنه إن
علم بالفساد لزمه بكل وطأة مهر، وإن لم يعلم
فمهر واحد.
ويضمن ثمنه، وعنه: قيمته، ففي الحط عنه قسطه
منها وجهان "م 18"،
ـــــــ
الرعاية الكبرى: ويحتمل أن لا يصح الشراء إلا
ما نذر رب المال عتقه أو علقه على شرائه،
وقلنا: يصح التعليق، انتهى. وأما مسألة شراء
من حلف لا يملكه فلم أرها، وقد حكم المصنف
بأنها مثل من نذر عتقه، ولعله أراد ما قاله في
التلخيص والرعاية.
الثاني: دخل في كلام المصنف لأجل تمثيله لو
اشترى المضارب زوجة رب المال أو زوج صاحبة
المال، وهو كذلك، وقد صرح به في المغني1
والشرح2 وشرح ابن رزين والرعاية والفصول
وغيرهم، وقطعوا بالصحة، وقد قال المصنف بعد
ذلك: وقالوا يصح شراؤه زوجا وزوجة، لعدم إتلاف
مال المضاربة. وفي الوسيلة الخلاف، انتهى. فإن
مراد المصنف بقوله "ومثله مضارب" يعني في شراء
من يعتق عليه، لا في شراء زوجة رب المال أو
زوج ربة المال. وقال في الفصول في ما إذا
اشترى المضارب زوج ربة المال هي مثل ما إذا
اشترى من يعتق على رب المال بالرحم ولكن
يفارقها أنه لا يضمن شيئا إذا اشترى زوج ربة
المال، والله أعلم.
مسألة-18: قوله: "ويضمن ثمنه، وعنه: قيمته،
ففي الحط عنه قسطه منها وجهان" انتهى، ذكر
هذين الوجهين أبو بكر، قال في الرعاية الكبرى:
وهل يسقط عن العامل قسطه منها؟ على وجهين:
أحدهما: يحط عن العامل قسطه منها، اختاره في
التلخيص. فقال: وهل يحط عن المضارب قسطه منها؟
على وجهين، والأصح أنه يحط، انتهى، وجزم به في
ـــــــ
1 7/153.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/86.
(7/24)
وقيل: يصح
موقوفا، وقالوا: يصح شراؤه زوجا وزوجة لعدم
إتلاف مال المضاربة، وفي الوسيلة الخلاف.
ولا يبطل إذنه بإباقه، في الأصح، كتدبير
واستيلاد، وفيه بكتابة وحرية وأسر خلاف في
الانتصار وفي الموجز والتبصرة: يزول ملكه
بحرية وغيرها، كحجر على سيده "م 19" وليس
إباقه فرقة، نص عليه، وله هدية مأكول وإعارة
دابة وعمل دعوة ونحوه بلا سرف، ومنعه الأزجي،
كهبة نقد وكسوة، ونكاحه، وكمكاتب، في الأصح،
ذكره الشيخ، وجوزه له في الموجز، وفيه في
الترغيب: لا يتوسع فيه.
ولغير المأذون الصدقة من قوته بما لا يضره.
وعنه: لا، ويأتي في الوليمة1: هل للشريك
الصدقة؟ وما كسبه عبد غير مكاتب فلسيده، وفي
ملكه
ـــــــ
المغني2 والشرح3 وشرح ابن رزين وغيرهم.
والوجه الثاني: لا يحط عنه.
مسألة-19: قوله: "ولا يبطل إذنه بإباقه، في
الأصح، كتدبير واستيلاد، وفيه بكتابة وحرية
وأسر خلاف في الانتصار. وفي الموجز والتبصرة
يزول ملكه بحرية وغيرها، كحجر على سيده"
انتهى. ذكر ثلاث مسائل حكمها واحد عنده،
والصواب عدم بطلان إذنه بذلك، ومسألة الحرية
قريبة من مسألة الحرية في الوكالة، والصحيح
فيها أنه لا يبطل، فكذا هذه، على ما يأتي في
الوكالة4.
ـــــــ
1 8/322.
2 7/154.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/88.
4 ص36.
(7/25)
بتمليك سيده
وقيل: وغيره روايتان، فإن لم يملك واختاره
الأصحاب فهو لسيده "م 20" يعتقه ولا يتسرى
منه، ولا به، ولا يكفر.
وإن ملك واختاره أبو بكر وأبو إسحاق وابن عقيل
انعكس ذلك. وجوز أبو بكر وأبو إسحاق تسرية
عليهما. ونقل أبو داود وجعفر: يتسرى من مال
سيده بإذنه؟ قال. نعم. ونقل الجماعة: لا يتسرى
بلا إذنه، وله التسري بإذن ورثة مفقود، نص
عليه، ذكره الخلال، ويتوجه: لا. وفي الانتصار:
ـــــــ
مسألة-20: قوله: "وفي ملكه بتمليك سيده، وقيل:
وغيره، روايتان، فإن لم يملك واختاره الأصحاب
فهو لسيده" انتهى. وأطلق الروايتين في التلخيص
والشرح1 ومجمع البحرين والحاوي الكبير وغيرهم.
إحداهما: لا يملك، قال المصنف هنا: "اختاره
الأصحاب"2 قلت: منهم الخرقي وأبو بكر والقاضي،
قاله في القواعد الفقهية وغيره، قال في
التلخيص في هذا الباب: هذا الذي عليه الفتوى،
قال في القواعد الأصولية: هذه الرواية أشهر
عند الأصحاب.
والرواية الثانية: يملك بالتمليك، اختاره أبو
بكر وأبو إسحاق بن شاقلا وابن عقيل، قاله
المصنف، وصححها الشيخ في المغني3، قال في
القواعد الأصولية: وهي أظهر، قال في الحاوي
الصغير والفائق: ويملك بتمليك سيده وغيره، في
أصح الروايتين. وقال في الرعايتين: لو ملك ملك
في الأقيس انتهى. وجزم به في المنور وغيره،
وقدمه في المحرر وغيره.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 6/302-303.
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 6/259-260
(7/26)
إن ملك اشترى
منه واقترض وقضى وغرم ما أتلفه برضاه، ولا
يطالبه، كالأب، وإن تسرى بإذنه لم يصح رجوعه،
نقله الجماعة، قال:
ـــــــ
تنبيهان
الأول: في كلام المصنف نظر من وجوه:
أحدها: إطلاقه للخلاف، مع قوله عن إحدى
الروايتين "اختاره الأصحاب " فما اختلف
الترجيح حتى يطلق الخلاف، لأن الأصحاب اختاروا
إحداهما على زعمه، وتقدم الجواب عن ذلك في
المقدمة.
الثاني: كونه قال "اختاره الأصحاب " مع اختيار
هؤلاء الجماعة للرواية الثانية، ولعله أراد
المتقدمين، لكن أبو بكر وابن شاقلا من أعظم
المتقدمين، والظاهر أنه أراد أن يقول واختاره
أكثر الأصحاب فسبق القلم فسقطت لفظة "أكثر "
أو وقع ذلك من الكاتب.
الثالث: قوله "اختاره أبو بكر " والذي نقله في
المغني1 والشرح2 والقواعد الفقهية وغيرهم أن
أبا بكر إنما اختار أنه لا يملك، لا أنه اختار
أنه يملك، وصرح بذلك عنه في المغني1 والشرح2
وذكرا3 لفظه، ولعل له اختيارين، لكن لم نر
أحدا من الأصحاب عزا ذلك إليه.
ـــــــ
1 6/259-260.
2 6/302-303.
3 في "ط": "ذكر".
(7/27)
كنكاح، وقيل:
لا. وحكى رواية، ولو باعه وله سرية لم يفرق
بينهما، كامرأته، وهي ملك لسيده، نقله حرب.
ويكفر بإطعام بإذنه. وقيل: ولو لم يملك، وفيه
بعتق روايتان "م 21" فإن جاز وأطلق ففي عتقه
نفسه وجهان "م 22" وليس لسيده منعه التكفير
بصوم
ـــــــ
التنبيه 1 الثاني: قوله "بتمليك سيده وقيل:
وغيره" فقدم أن محل الروايتين في تمليك سيده
له، وأنه لا يملك من غير جهته، واختاره في
التلخيص، وقدمه في الرعايتين.
والقول الثاني: جزم به في الحاويين والفائق،
قال في التلخيص: وأصحابنا لم يقيدوا
الروايتين2 بتمليك السيد، بل ذكروهما مطلقا في
ملك العبد إذا ملك، قال في الفوائد3: عليه
كلام الأكثرين.
مسألة-21: قوله: "ويكفر بإطعام بإذنه، وقيل:
ولو لم يملك، وفيه بعتق روايتان" انتهى.
وأطلقهما في الرعايتين والحاوي الصغير في كتاب
الظهار، والقواعد الفقهية والأصولية:
إحداهما: يجوز تكفيره بالعتق، اختاره أبو بكر،
ومال إليه الشيخ والشارح وغيرهما، قال في
التلخيص: وعلى رواية أنه يملك بتمليكه يكفر
بالعتق انتهى.
والرواية الثانية لا يجوز.
مسألة-22: قوله: "فإن جاز وأطلق ففي عتقه نفسه
وجهان" انتهى. وأطلقهما في المغني4 والشرح5
والقواعد الأصولية والفقهية والرعايتين
والحاوي الصغير في كفارة الظهار:
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 في "ط": "الرعايتين".
3 ليست في "ط".
4 13/530.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 27/541.
(7/28)
نص عليه. وقيل:
إن حلف بإذنه، وكذا النذر، وله التنفل به بلا
مضرة، وله معاملة عبد ولو لم يثبت كونه مأذونا
له، خلافا للنهاية. نقل مهنا فيمن اشترى من
عبد ثوبا فوجد به عيبا فقال العبد: أنا غير
مأذون لي في التجارة، قال: لا يقبل منه، إنما
أراد أن يدفع عن نفسه. ونقل حنبل: إن حجر على
عبده فمن بايعه بعد علمه لم يكن له شيء، لأنه
المتلف. ونقل مهنا فيمن قدم ومعه متاع يبيعه
فاشتراه الناس منه، فقال: أنا غير مأذون لي في
التجارة، قال: هو عليه في ثمنه، كان مأذونا له
أو غير مأذون، ولو أنكر السيد إذنه فيتوجه
الخلاف.
وقال شيخنا: إن علم بتصرفه لم يقبل ولو قدر
صدقة، فتسليطه عدوان منه فيضمن. وفي طريقة بعض
أصحابنا: التجار أتلفوا أموالهم1 لما لم
يسألوا المولى، إذ الأصل في حق العبد الحجر،
وسكت بناء على الأصل وهو الحجر، فلم يغرهم، بل
البائع اغتر لما قدم ولم يسأل.
فإن قيل: يؤدي إلى تلف أموالهم لثبوتها في
ذمته، ولهذا منعنا من ثبوت الحجر الخاص بعد
الإذن الشائع، لأنه تغرير، قيل: هذا نظر إلى
الحكم والمصالح، والحكم إنما ينبني على
الأسباب، وإلا أدى إلى إطراحها.
ويثبت الحجر الخاص وإن لم يعلم، وكذا نقول في
حق أهل قباء، وإن
ـــــــ
أحدهما: يجوز ويجزئ قلت: وهو الصواب، قال
الزركشي: جاز ذلك على مقتضى قول أبي بكر.
والوجه الثاني: لا تجزئه.
ـــــــ
1 في "ط": "مواليهم".
(7/29)
سلمنا فلأنه
يثبت الإطلاق شائعا، فكذا الحجر، ولهذا بنى
أهل قباء على صلاتهم1.
وهو المطالب بالثمن بخلاف الوكيل لتمحض
نيابته، وإن تلف نقد اشترى بعينه بطل، وإلا
لزم السيد، ففي دفع العبد له بلا إذن جديد
خلاف، ذكر ذلك في النهاية، وظاهر كلام الأكثر
لا يطالب بثمن، كوكيل.
ولا يعامل صغير إلا في مثل ما يعامل به مثله،
نص عليه. ونقل الأثرم: لا في نحو خمسة دراهم،
وللمعتق بعضه وطء أمة ملكها بجزئه الحر،
والأصح بلا إذن والله أعلم.
ـــــــ
فهذه اثنتان وعشرون مسألة قد أطلق فيها
الخلاف، وصحح أكثرها.
ـــــــ
1 تقدم تخريجه 2/130.
(7/30)
باب الوكالة
ممن تصح الوكالة
...
باب الوكالة
تصح ممن يصح تصرفه بنفسه وإلا فلا فلو وكله في
بيع ما سيملكه أو طلاق من يتزوجها لم يصح، إذ
الطلاق لا يملكه في الحال، ذكره الأزجي، وذكر
غيره إن قال: إن تزوجت هذه فقد وكلتك في
طلاقها، وإن اشتريت هذا العبد فقد وكلتك في
عتقه، صح، إن قلنا يصح تعليقهما على ملكهما،
وإلا فلا، وقيل: بلى.
فلا يصح توكيل فاسق في إيجاب نكاح، إلا على
رواية، وفي قبوله وجهان "م 1".
ـــــــ
مسألة-1: قوله: "فلا يصح توكيل فاسق في إيجاب
نكاح إلا على رواية، وفي قبوله وجهان" انتهى.
وأطلقهما في الرعاية الصغرى والحاويين والفائق
والرعاية الكبرى في النكاح.
أحدهما: يصح قبوله النكاح لغيره بالوكالة، وهو
الصحيح، واختاره أبو الخطاب وابن عقيل، وابن
عبدوس في تذكرته، قال الشيخ الموفق والشارح:
وهو القياس، وقدمه في المغني1 والكافي2، قال
ابن نصر الله في حواشيه: أصحهما3 يصح.
والوجه الثاني: لا يصح، اختاره الأكثر، منهم
القاضي، قال في التلخيص: اختاره أصحابنا إلا
ابن عقيل، وقدمه في الرعاية الكبرى وشرح ابن
رزين، وصححه الناظم وغيره، قال في الوجيز: ولا
يوكل فاسق في نكاح. انتهى. وهذه المسألة
بعينها ذكرها المصنف في باب أركان النكاح4،
فحصل التكرار.
تنبيه: قوله: "5إلا على رواية" يعني بها:
رواية عدم اشتراط عدالة الوالي5".
ـــــــ
1 7/197.
2 3/312.
3 في "ط": "أصحهما".
4 8/193.
5 ليست في "ط".
(7/31)
ووكالة مميز في
طلاق وغيره مبني على صحته منه، وفيه في
الرعاية روايتان لنفسه أو غيره بلا إذن، وفيه
في المذهب لنفسه روايتان، ويصح توكيل عبد غيره
بإذن، وفيه في نكاح بلا إذن وجهان "م 2".
وهما في سفيه "م 3" ولا يعتبر إذنه فيما يملكه
وحده، كطلاق، كسفيه،.
ـــــــ
"1على ما يأتي في باب أركان النكاح "2" "1".
مسألة-2: قوله: "ويصح توكيل عبد غيره3 بإذن،
وفيه في نكاح بلا إذن وجهان" انتهى. وأطلقهما
في الرعاية الصغرى والحاويين والرعاية الكبرى
في النكاح، والفائق في صحة قبوله النكاح:
أحدهما: لا يصح التوكيل في الإيجاب ولا
القبول، قال الشارح: ولا يجوز توكيل العبد
بغير إذن سيده، وهو ظاهر كلامه في الكافي4
والمقنع5 والوجيز، وجزم به في التلخيص، وقدمه
في الرعاية الكبرى والقواعد الأصولية.
والوجه الثاني: يصحان منه، اختاره ابن عبدوس
في تذكرته، وقيل: يصح القبول دون الإيجاب، وهو
ظاهر كلامه في المغني6.
مسألة-3: قوله: "وهما في سفيه" انتهى.
وأطلقهما في الرعاية الصغرى والحاويين
والرعاية الكبرى في النكاح:
أحدهما: يصح أن يكون وكيلا في الإيجاب
والقبول، اختاره ابن عقيل في تذكرته.
والوجه الثاني: لا يصح فيهما، قدمه في الرعاية
الكبرى، وصححه الناظم، وجزم
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 8/185.
3 ليست في النسخ الخطية.
4 3/313.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/462.
6 7/197.
(7/32)
وهل يصح أن
يوكل إنسان عبدا في شراء نفسه من سيده بإذنه
وقيل: أو لا؟ روايتان "م 4".
ـــــــ
به في الهداية والمستوعب والمغني1 والشرح2
وشرح ابن رزين وغيرهم، وقيل: يصح في قبول
النكاح دون إيجابه، قال في الرعاية الكبرى:
قلت: إن قلنا يتزوج السفيه بغير إذن وليه فله
أن يوكل ويتوكل في إيجابه وقبوله، وإلا فلا،
وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب.
مسألة-4: قوله وهل يصح أن يوكل إنسان عبدا في
شراء نفسه من سيده بإذنه، وقيل: أو لا؟
روايتان" انتهى. وكذا حكاهما في المغني3
والشرح4 والفائق وغيرهم، وهما وجهان في
الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع
والتلخيص والرعايتين والحاويين وغيرهم،
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والمقنع4 والتلخيص والشرح4 والحاوي
الكبير والفائق وغيرهم.
إحداهما: يصح، وهو الصحيح، جزم به في الكافي5
والوجيز وغيرهما، وصححه في التصحيح والنظم
وغيرهما، واختاره الشيخ والشارح وابن عبدوس في
تذكرته وغيرهم، قال في الرعاية الكبرى: صح، في
الأصح، قال في القواعد الأصولية، الصحيح
الصحة، وقدمه في الرعاية الصغرى والحاوي
الصغير والمغني وشرح ابن رزين والخلاصة
وغيرهم.
والرواية الثانية: لا يصح.
ـــــــ
1 7/197.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/469.
3 7/231.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/463.
5 3/324.
(7/33)
وكذا "1توكيله
في شراء عبد من سيده غير نفسه1" "م 5".
"1وفي المغني2: ولا يتوكل مكاتب بلا جعل إلا
بإذن، ويصح أن يتوكل1" واجد للطول في قبول
نكاح أمة لمباح له، وغني لفقير في قبول زكاة،
لأن سلبهما القدرة تنزيه، ويوكل مفلس ويتوكل
فيما يصح منه، ويوكل مكاتب، ويعتبر تعيين
الوكيل، قاله القاضي وأصحابه في "3مسألة: تصدق
بالدين الذي عليك3" وفي الانتصار: لو وكل زيدا
وهو لا يعرفه أو لم يعرف موكله لم يصح.
وتصح بكل قول يفيد الإذن، نص عليه، ونقل جعفر:
إذا قال: بع هذا، ليس بشيء، حتى يقول: قد
وكلتك، وتأوله القاضي على التأكيد، لنصه على
انعقاد البيع باللفظ والمعاطاة، كذا الوكالة.
وقال ابن عقيل: هذا دأب
ـــــــ
مسألة-5: وقوله: "وكذا توكيله في شراء عبد من
سيده غير نفسه" انتهى. قال في الرعاية الكبرى:
احتمل وجهين:
إحداهما: يصح، وهو الصحيح، جزم به في الكافي4
وغيره، وقدمه في المغني5 وغيره، ونصره، قال في
الوجيز: ومن وكل عبد غيره بإذن سيده صح،
فظاهره دخول هذه المسألة، وهو ظاهر بحسب6
الشارح.
والرواية الثانية: لا يصح، قدمه ابن رزين
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 7/198.
3 ليست في الأصل و"ر".
4 3/324.
5 7/231-232.
6 في "ط": "بحسب".
(7/34)
شيخنا أن يحمل
نادر كلام أحمد رضي الله عنه على أظهره ويصرفه
عن ظاهره، والواجب أن يقال: كل لفظ رواية
ونصحح الصحيح، قال الأزجي: ينبغي أن يعول في
المذهب على هذا، لئلا يصير المذهب رواية
واحدة.
ودل كلام القاضي على انعقادها بفعل دال كبيع،
وهو ظاهر كلام الشيخ فيمن دفع ثوبه إلى قصار
أو خياط، وهو أظهر، وكالقبول، موقتة ومعلقة
بشرط، نص عليه، كوصية وإباحة أكل وقضاء
وإمارة، وكتعليق تصرف.
وفي عيون المسائل في تعليق وقف بشرط: لا يصح
تعليق توكيل، لأنه علقه بصفة وأنه يصح تعليق
تصرف، وقيل: لا تعليق فسخها فورا وتراخيا
بقول، والأصح: وفعل دال فيما لا تدخله نيابة،
كظهار ولعان ويمين،
ـــــــ
...............................
(7/35)
وشهادة وعبادة
بدنية محضة، ومعصية، ويصح: أخرج زكاة مالي من
مالك.
وهي عقد جائز، كشركة وجعالة، تبطل بفسخ
أحدهما، فإن كان قال: كلما عزلتك فقد وكلتك،
انعزل بكلما وكلتك فقد عزلتك، فقط، وهي
الوكالة الدورية، وهو فسخ معلق بشرط، وبموته
وحجر سفه وجنون، وفيه وجه، وإقراره على موكله
بقبض ما وكل فيه، ولو كان وكيلا في خصومة،
وكذا شركة ومضاربة.
ولا تبطل وكالة بإغماء وطلاق، ولا بسكر، فإن
فسق به بطلت فيما ينافيه، وحرية عبد غيره.
وفي جحدها من أحدهما، وقيل: عمدا، وبيع عبده
وحريته، وبيع
ـــــــ
...............................
(7/36)
عبد غيره وتعدي
وكيل، كلبس ثوب، وجهان "م 6 - 10".
ـــــــ
مسألة-6-10: قوله: "وفي جحدها من أحدهما،
وقيل: عمدا، وبيع عبده وحريته، وبيع عبد غيره،
وتعدي وكيل، كلبس ثوبه، وجهان" انتهى. اشتمل
كلامه على مسائل أطلق فيها الخلاف:
المسألة الأولى-6: لو جحد الموكل أو الوكيل
الوكالة1 فهل هو عزل أم لا؟ أطلق الخلاف،
وأطلقه في المحرر والنظم والرعايتين والحاويين
والفائق وغيرهم:
أحدهما: تبطل الوكالة، اختاره ابن عبدوس فيما
إذا جحد التوكيل.
والوجه الثاني: لا تبطل، جزم به في الوجيز،
وهو ظاهر ما قطع به في التلخيص، وقيل: تبطل إن
تعمد الجحد، وإلا فلا، وهو قوي، وعند المصنف
أن الخلاف المطلق جار فيه وفي غيره، وهذا
القول طريقة.
المسألة الثانية-7: لو وكل عبده ثم أعتقه فهل
تبطل الوكالة أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في
الهداية والمذهب والمستوعب والمقنع2 والهادي
والنظم والرعاية الصغرى والحاويين وشرح ابن
منجا وغيرهم:
أحدهما: لا تبطل، وهو الصحيح، صححه في المغني3
والشرح4 والتصحيح وغيرهم، وجزم به في الوجيز
وغيره، وقدمه في الكافي وشرح ابن رزين والفائق
وغيرهم.
والوجه الثاني: تبطل، قدمه في الرعاية الكبرى.
المسألة الثالثة-8: لو وكل عبده ثم باعه
فالحكم فيها كالتي قبلها خلافا ومذهبا،
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/472.
3 7/236-237.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/473.
(7/37)
...............................
ـــــــ
قاله الشيخ الموفق والشارح والمصنف وغيرهم
قلت: يتوجه أن تبطل فيما إذا باعه دون ما إذا
أعتقه. وقال في الرعاية الكبرى: قلت: أو وهبه
أو كاتبه، يعني أنه كبيعه، وقدم البطلان هنا
كما قدم في التي قبلها.
المسألة الرابعة-9: لو وكل عبد غيره فباعه
سيده فهل تبطل الوكالة أم لا؟ أطلق الخلاف،
والحكم فيها كالحكم في بيع عبده بعد توكيله،
خلافا ومذهبا، قاله الشيخ أيضا والشارح
والمصنف وغيرهم.
"1فائدة: لو عبد غيره بإذن سيده ثم عتق، لم
ينعزل. قاله في الرعاية الكبرى وجزم به في
المغني2 وغيره. قلت: يتوجه البطلان.ولم يذكر
المصنف هذه المسألة1".
المسألة الخامسة-10: لو تعدى الوكيل فلبس
الثوب ونحوه، فهل تبطل الوكالة وينعزل أم لا؟
أطلق الخلاف، وأطلقه في المحرر والرعاية
الكبرى والحاوي الصغير والفائق وغيرهم:
أحدهما: لا تبطل بذلك، وهو الصحيح، جزم به في
الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة
والمغني2 والكافي3 والمقنع4 والتلخيص والشرح
وشرح ابن منجا وابن رزين والوجيز وغيرهم،
واختاره ابن عبدوس في تذكرته، قال في القاعدة
الخامسة والأربعين: والمشهور أنها لا تنفسخ،
قال في الرعاية الصغرى: نفذ تصرفه، في الأصح"
انتهى. وذلك لأن الوكالة إذن في التصرف مع
الاستئمان، فإذا زال أحدهما: لم يزل الآخر.
والوجه الثاني: تبطل الوكالة، حكاه ابن عقيل
في نظرياته وغيره، وجزم به
ـــــــ
1-1 ليست في "ط".
2 7/236-237.
3 3/322.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/467.
(7/38)
وبالردة فيه
الخلاف وكذا توكيله "م 11 - 14" وإن لم يبطل
بتعديه،
ـــــــ
القاضي في خلافه. وقال في المستوعب ومن تابعه:
أطلق أبو الخطاب القول بأنها لا تبطل بتعدي
الوكيل فيما وكل فيه. وهذا فيه تفصيل، وملخصه
أنه إن أتلف بتعديه "1عين ما1" وكل فيه بطلت
الوكالة، وإن كان"1عين ما1" تعدى فيه باقية لم
تبطل انتهى، وهو ظاهر كلام الشيخ في المغني2
والشارح والمصنف وغيرهم قلت: وهو مراد أبي
الخطاب وغيره، والذي يظهر أن هذا محل وفاق.
وقال في القاعدة الخامسة والأربعين: وظاهر
كلام كثير من الأصحاب أن المخالفة من الوكيل
تقتضي فساد الوكالة لا بطلانها، فيفسد العقد
ويصير متصرفا بمجرد الإذن انتهى.
مسألة-11-14: قوله: "وبالردة فيه الخلاف، وكذا
توكيله" انتهى. اشتمل كلامه على أربع مسائل:
المسألة الأولى-11: هل تبطل الوكالة بردة
الوكيل أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في الهداية
والمذهب والخلاصة والمقنع3 والنظم والرعايتين
والحاويين والفائق وغيرهم:
أحدهما: لا تبطل، وهو الصحيح، صححه في المغني4
والشرح3 والتصحيح وغيرهم، وجزم به في الكافي5
والوجيز وغيرهما، قال في الفصول والمستوعب
والتلخيص وغيرهم: لا تبطل الوكالة بردة الوكيل
وإن لحق بدار الحرب، وقدمه ابن رزين.
والوجه الثاني: تبطل.
المسألة الثانية-12: هل تبطل بردة الموكل أم
لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه من
ـــــــ
1-1 في "ط": "عما".
2 7/236.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 31/472.
4 7/237.
5 5/322.
(7/39)
صار ضامنا،
فإذا تصرف كما قال وكله برئ بقبضه العوض، فإن
رد بعيب صار مضمونا.
ـــــــ
تقدم في المسألة التي قبلها:
أحدهما: تبطل، وهو الصحيح، قال في الفصول
والمستوعب والتلخيص وغيرهم: هل ينعزل الوكيل
بردة الموكل؟ على وجهين، أصلهما هل ينقطع ملكه
وتصرفه أو يكون موقوفا. انتهى، قال في المغني1
والشرح2 وشرح ابن رزين وغيرهم: لو ارتد الموكل
لم تبطل الوكالة فيما له التصرف فيه، فأما
الوكيل في ماله فينبني على تصرف نفسه، فإن
قلنا يصح تصرفه لم يبطل توكيله "3وإن قلنا: هو
موقوف، فوكالته موقوفة،وإن قلنا: يبطل تصرفه،
بطل توكليه3" انتهى.
والوجه الثاني: لا يبطل، بناء على صحة تصرف
الموكل بعد ردته، والصحيح من المذهب منعه من
التصرف.
المسألة الثالثة-13: لو وكله ثم ارتدا معا فهل
تبطل أم لا؟ أطلق الخلاف، واعلم أن كلا منهما
يعطى حكمه لو انفرد بالردة4 كما تقدم.
المسألة الرابعة-14: توكيله في ردته هل يصح أم
لا؟ أطلق الخلاف، هذا ظاهر عبارته، فعلى هذا
يكون الخلاف فيه مبنيا على صحة تصرفه حال ردته
وعدمها، قال في المغني1 والشرح2 وشرح ابن رزين
وغيرهم بعد5 إن حكوا الخلاف في ارتداد الموكل5
كما تقدم، وإن وكل في حال ردته ففيه الوجوه
الثلاثة" انتهى. والصحيح من المذهب أنه لا
يصح.
تنبيه: يحتمل أن يكون مراده بقوله "وبالردة
فيه الخلاف وكذا توكيله"
ـــــــ
1 7/237.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/473.
3 -3 ليست في "ط".
4 في "ط": " بالارتداد".
5 ليست في "ط".
(7/40)
ويبطل بتلف
العين، ودفعه عوضا لم يؤمر به، واقتراضه
كتلفه، ولو عزل عوضه وهل ينعزل قبل علمه
بعزله؟ اختاره الأكثر: وذكر شيخنا: أنه أشهر
أم لا يصح؟ فيه روايتان "م 15" وينبني عليهما
تضمينه. قال: شيخنا:
ـــــــ
الخلاف الذي تقدم قريبا في كلامه، وأطلقه، وهو
ظاهر عبارته، لكن يشكل على هذا كون الأصحاب
جعلوا المسألة الثانية والثالثة مبنيتان على
تصرف المرتد، والمذهب أنه ممنوع منه1، قدمه
المصنف وغيره في بابه، واختاره الشيخ الموفق
وغيره. وقال ابن منجا: إن المذهب الوقف،
فحينئذ يبقى في إطلاقه الخلاف نظر ظاهر، لكونه
قدم في باب المرتد منعه من التصرف، وأطلق
الخلاف هنا، ويحتمل أن يريد بقوله الخلاف،
الخلاف الذي في تصرف المرتد، وهو الصواب،
ويقويه كلامه في المغني2 وغيره، لما ذكروا ذلك
وأحالوه على صحة تصرفه وعدمها، وأيضا لو أراد
الخلاف الذي قبله لقال: "وكذا الردة وتوكيله"
لكن يرد على هذا المسألة الأولى، فإنها ليست
مبنية على ذلك، فيما يظهر، لأنهم لم يذكروها،
أو يقال: هي داخلة في ذلك، لأنه إذا كان
ممنوعا من التصرف في ماله فغيره بطريق أولى،
فعلى ما اخترناه إنما قصد حكاية الخلاف وإحالة
الصحيح على الأصل، كما هي عادته، "3لا أنه3"
قصد إطلاق الخلاف، وهذا أيضا صحيح، والله
أعلم.
مسألة-15: قوله: "وهل ينعزل قبل علمه بعزله؟
اختاره الأكثر، وذكر شيخنا أنه أشهر، أم لا
يصح4؟ فيه روايتان" انتهى. وأطلقهما في
الهداية والمستوعب والمغني5 والكافي6 والمقنع7
والتلخيص والمحرر والشرح7،
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 7/237.
3 -3 في النسخ الخطية: "لأنه".
4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
5 7/238-239.
6 3/321.
7 13/477-478.
(7/41)
لا يضمن، لأنه
لم يفرط، وقال في تضمين مشتر لم يعلم الأجرة:
نزاع في مذهب أحمد رضي الله عنه. واختار أنه
لا يضمن، وإذا ضمن رجع على الغار، في ظاهر
مذهبه، وذكر وجها: ينعزل بالموت لا بالعزل. "و
هـ م" قال شيخنا. لو باع أو تصرف فادعى أنه
عزله قبله لم يقبل، فلو أقام به بينة ببلد آخر
وحكم به حاكم فإن لم ينعزل قبل العلم صح
تصرفه، وإلا كان حكما على الغائب.
ولو حكم قبل هذا الحكم بالصحة حاكم لا يرى
عزله قبل العلم، فإن كان قد بلغه ذلك نفذ
والحكم الناقض له مردود، وإلا وجوده كعدمه،
ـــــــ
والرعاية الكبرى والفائق وشرح ابن رزين وشرح
المجد وشرح المحرر وغيرهم.
إحداهما: ينعزل، وهو الصحيح، وهو ظاهر كلام
الخرقي، قال في المذهب ومسبوك الذهب: انعزل،
في أصح الروايتين، وصححه في الخلاصة، واختاره
أبو الخطاب والشريف وابن عقيل وغيرهم، قال
المصنف هنا: اختاره الأكثر، قال القاضي: هذا
أشبه بأصول المذهب، وقياس لقولنا إذا كان
الخيار لهما كان لأحدهما الفسخ من غير حضور
الآخر، وجزم به في الوجيز والمنور ونهاية ابن
رزين وغيرهم.
الرواية الثانية: لا ينعزل، نص عليها في رواية
ابن منصور وجعفر بن محمد وأبي الحارث، وصححه
في النظم، وقدمه في الرعاية الصغرى والحاويين،
قلت: وهو الصواب. وقال القاضي: محل الروايتين
فيما إذا كان الموكل فيه باقيا في ملك الموكل،
أما إن أخرجه عن ملكه بعتق أو بيع انفسخت
الوكالة، وجزم به، قلت: وهو قوي.
(7/42)
والحاكم الثاني
إذا لم يعلم بأن العزل قبل العلم، أو علم ولم
يره، أو رآه ولم ير نقض الحكم المتقدم، فحكمه
كعدمه.
وقبض الثمن من وكيله دليل بقاء وكالته، وأنه
قول أكثر العلماء، ويتوجه خلاف، ولا ينعزل
مودع قبل علمه، خلافا لأبي الخطاب فما بيده،
أمانة وأن مثله مضارب. ومن قيل له: اشتر كذا
بيننا1، فقال: نعم، ثم قال لآخر: نعم، فقد عزل
نفسه، فيكون له وللثاني، ويبطل في طلاق زوجته
بوطئه، على الأصح، وفيه بقبلة خلاف، كرجعة،
وعتق عبد بتدبيره وكتابته ودلالة
رجوعه.....................
ـــــــ
تنبيهات:
الأول قوله: "وتبطل في طلاق زوجته بوطئه، على
الأصح، وفيه بقبلة خلاف، كرجعة وعتق عبد
بتدبيره وكتابته ودلالة2 رجوعه" انتهى. أحال
المصنف الخلاف في القبلة في إبطال الوكالة على
الخلاف في القبلة في حصول الرجعة بها، والصحيح
من المذهب عدم حصول الرجعة بها، فكذا الصحيح
من المذهب لا تبطل الوكالة في طلاقها
بتقبيلها، والذي يظهر أن قوله: "وعتق عبد
بتدبيره" إلى آخره معطوف على قوله: "3في طلاق
زوجته من قوله "وتبطل في طلاق زوجته بوطئه على
الأصح" لا على قوله3" "كرجعة " إذ الصحيح من
المذهب بطلان الوكالة في العتق بالتدبير
والكتابة،
ـــــــ
1 في "ط": "بيتا".
2 في "ط": "كفالة".
3 -3 ليست في "ط".
(7/43)
لا ببيعه فاسدا
أو سكناه، وله التوكيل إن جعله له، وعنه:
مطلقا، كما لا يباشره مثله أو يعجز عنه.
وقيل. في زائد عن عمله، أو قيل له: اصنع أو
تصرف كيف شئت، وفيه وجه، ولعل ظاهر ما سبق
يستنيب نائبا في الحج لمرض، "هـ ش" ويتعين
أمين إلا مع تعيين موكل، وإن منعه فلا، وكذا
حاكم ووصي ومضارب وولي في نكاح غير مجبر, وقيل
يجوز: ووكل عنك وكيل وكيله،
ـــــــ
وكذلك دلالة الحال على رجوعه، وتقديره وتبطل
الوكالة في طلاق زوجته بوطئه وعتق عبده
بتدبيره، يعني تبطل الوكالة في عتق عبده
بتدبيره على الأصح، كالوطء، والله أعلم.
الثاني: قول المصنف هنا: "وله التوكيل إن جعله
له، وعنه: مطلقا، ثم قوله: "وكذا حاكم ووصي
ومضارب وولي في نكاح1 في غير مجبر" انتهى،
ظاهر ما قدمه أن
ـــــــ
1 بعدها في النسخ الخطية و"ط": "في".
(7/44)
وقيل: ووكل
عني، وإن أطلق فوجهان "م 16" والأصح: له عزل
وكيل وكيله.
ـــــــ
الولي غير المجبر لا يوكل إلا بإذن، وقد قال
في أركان النكاح1: "ووكيله كهو وقيل: لا يوكل
غير مجبر بلا إذن إلا حاكم" انتهى. فقدم هناك
أن له الوكالة إذا كان غير مجبر من غير إذن،
فحصل التناقض، والمعتمد على ما قاله في باب
أركان النكاح، وهو المذهب، وعليه أكثر
الأصحاب، وقد حررت ذلك في الإنصاف2.
الثالث: قوله: "وولي في نكاح غير مجبر" الأحسن
في العبارة أن يقول: وولي غير مجبر في نكاح
فالظاهر أن في كلامه تقديما وتأخيرا وزيادة
مسألة-16: قوله: "ووكل عنك وكيل وكيله. وقيل:
ووكل عني وإن أطلق ذلك فوجهان" انتهى. يعني
إذا قال: وكل، ولم يقل: عنك، ولا: عني، فهل
يكون وكيل الموكل أو وكيل الوكيل؟ أطلق
الخلاف، وأطلقه في التلخيص والرعاية:
أحدهما: يكون وكيلا للموكل، وهو الصحيح، جزم
به في المغني3 والكافي4 والشرح5 وشرح ابن
رزين، وقواعد ابن رجب في القاعدة الحادية
والستين، وهو الصواب.
ـــــــ
1 8/192.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
20/302-304.
3 7/209-210.
4 3/321.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/461.
(7/45)
وكذا: أوص إلى
من يكون وصيا لي، وذكر الأزجي احتمالا: لا
يصح، لعدم إذن الموصي حين إمضاء الوصية، ولا
يوصي الوكيل مطلقا، وعلى ما في التعليق
والمغني1 وغيرهما، وإن استناب حاكم من غير أهل
مذهبه إن كان لكونه أرجح فقد أحسن، وإلا لم
تصح الاستنابة، ذكره شيخنا رضي الله عنه.
ويتوجه أنه يجوز الاستنابة إذا لم يمنع إن جاز
له الحكم، وهو مبني على تقليد غير إمامه، وإلا
انبنى على أنه هل له أن يستنيب فيما لا يملكه،
كتوكيل2 مسلم ذميا في شراء خمر، وأنه نائب
المستنيب أو الأول؟.
ـــــــ
والوجه الثاني: يكون وكيلا للوكيل قلت: وهو
بعيد.
ـــــــ
1 7/209-210.
2 في الأصل: "كتولي".
(7/46)
ويجوز التوكيل
في الخصومة، يروى عن علي1، نقله حرب وليس
لوكيل في2 خصومة قبض ولا إقرار على موكله،
مطلقا نص عليه، كإقراره عليه بقود وقذف،
وكالولي، ولهذا لا يصح منهما يمين. وإن أذن له
ففيه منع وتسليم "م 17" وله إثبات وكالته مع
غيبة موكله، في الأصح، وإن قال:
ـــــــ
مسألة-17: قوله: "وليس لوكيل في خصومة قبض ولا
إقرار على موكله، مطلقا، نص عليه، كإقراره
عليه بقود وقذف، وكالولي ولهذا لا يصح منهما3
يمين، وإن أذن له ففيه منع وتسليم" انتهى، ليس
هذا المنع والتسليم عائدا إلى الإقرار على
الموكل إذا
ـــــــ
1 أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 6/81، عن
عبد الله بن جعفر قال: كان علي بن أبي طالب،
رضي الله عنه يكره الخصومة، فكان إذا كانت
خصومة، وكل فيه عقيل بن أبي طالب، فلما كبر
عقيل، وكلني.
2 ليست في "ط".
3 في "ط": " فيهما".
(7/47)
أجب خصمي عني،
احتمل كخصومة، واحتمل بطلانها "م 18" ولا يصح
ممن علم ظلم موكله في الخصومة، قاله في
الفنون.
فظاهره: يصح إذا لم يعلم، فلو ظن ظلمه جاز،
ويتوجه المنع، ومع الشك يتوجه احتمالان، ولعل
الجواز أولى، كالظن، فإن الجواز فيه ظاهر وإن
لم يجز الحكم مع الريبة في البينة. وقال
القاضي في قوله تعالى: {وَلا تَكُنْ
لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً} [النساء: 105] تدل
على أنه لا يجوز لأحد أن يخاصم عن غيره في
إثبات حق أو نفيه وهو غير عالم بحقيقة أمره،
وكذا في المغني1 في الصلح عن المنكر يشترط أن
يعلم صدق المدعي، فلا يحل دعوى ما لم يعلم
ثبوته2.
ـــــــ
أذن له، لأن المسألة ذكرها المصنف وتكلمنا
عليها، على ما يأتي3. والظاهر أنه أراد اليمين
إذا أذن له فيها، ولكن المذهب وعليه الأصحاب
أنه لا يصح التوكيل في اليمين، وقطع به المصنف
وغيره
مسألة-18: قوله: "وإن قال: أجب خصمي عني،
احتمل" أنها "كخصومة،
ـــــــ
1 7/9.
2 بعدها في "ب": "وإن وكل اثنين، لم ينفرد
واحد بلا بلا إذن، وقيل: إن وكل في خصومة،
انفرد؛ للعرف. "وه".
3 كذا في النسخ الخطية، والمثبت من "الفروع".
(7/48)
وجزم ابن البنا
في تعليقه أنه وكيل في القبض، "1لأنه مأمور
بقطع الخصومة، ولا تنقطع إلا به وإن وكله في
القبض1" ففي خصومة وجهان "م 19" وفي الوسيلة:
لا يجوز إقرار الوكيل على موكله بحال، نص
ـــــــ
واحتمل بطلانها" انتهى. قلت: الصواب في ذلك
الرجوع إلى القرائن، فإن دلت على شيء كان،
وإلا فهي إلى الخصومة أقرب.
مسألة-19: قوله: "وإن وكله في القبض ففي خصومة
وجهان" انتهى. وأطلقهما في المغني2 والكافي3
والمقنع4 والمحرر وشرحه والفائق وغيرهم:
أحدهما: يكون وكيلا في الخصومة، وهو الصحيح،
جزم به في الوجيز وغيره، وصححه في التصحيح
وتصحيح المحرر والرعايتين والحاويين والنظم
وغيرهم، وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة وغيرهم، وإليه ميل صاحب المغني2
والشرح4.
والوجه الثاني: لا يكون وكيلا في الخصومة،
وقال الشيخ الموفق والشارح: ويحتمل إن كان
الموكل عالما بجحد من عليه الحق أو مطله كان
توكيلا في تثبيته والخصومة فيه، لعلمه بوقوف
القبض عليه، وإلا فلا انتهى. وهو قوي جدا، بل
هو الصواب، ويزاد في ذلك الرجوع إلى القرائن
والعرف، والله أعلم.
ـــــــ
1 -1 ليست في الأصل.
2 7/211.
3 3/314.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/529.
(7/49)
عليه، ويقبل
إقراره بعيب فيما باعه، نص عليه. وفي المنتخب
واختاره الشيخ: لا، فلا يرده على موكله، وإن
رد بنكوله ففي رده على موكله وجهان "م 20"
"1وإن وكل اثنين لم ينفرد واحد بلا إذن، وقيل:
إن وكلهما في خصومة انفرد، للعرف1".
ـــــــ
مسألة-20: قوله: "وإن رد بنكوله ففي رده على
موكله وجهان" انتهى. يعني إذا باع شيئا بطريق
الوكالة فادعى عليه بعيب وقلنا يقبل إقراره
وتوجهت عليه اليمين ونكل عنها ورد عليه لنكوله
فهل يرد على الموكل؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: يرد على موكله قلت: وهو الصواب.
والوجه الثاني: لا يرد عليه بل على الوكيل2.
ـــــــ
1 ليست في "ب".
2 في "ط": "الموكل".
(7/50)
فصل: و يقبل إقراره بكل تصرف وكل فيه
...
فصل: ويقبل إقراره بكل تصرف وكل فيه،
وعنه: قول موكله في النكاح، لاعتبار البينة
فيه، اختاره القاضي وغيره، وذكره في الترغيب
عن أصحابنا
ـــــــ
................................................
(7/50)
كأصل الوكالة،
ويحلف مع تصرفه لو باشره شرعت اليمين فيه، فلا
يقبل قوله في دفع المال إلى غير ربه،
وإطلاقهم: ولا في صرفه في وجوه عينت له من
أجرة لزمته، وذكره الآمدي البغدادي، وعلى هذه
الرواية لا يلزم وكيله نصف مهر إلا بشرط،
"1لتعلق حقوق العقد بالموكل، وعنه: يلزمه،
كضمان وكيل في الشراء بالثمن وفرق الشيخ بأنه
مقصود البائع، والعادة تعجيله وأخذه ممن تولى
الشراء1"، ومثله إنكار موكله وكالته، فلا
يحلف، نص عليه، 1"ومثله الوكيل في الاقتراض
ويلزم موكله طلاقها"1، في المنصوص، وقيل: إن
قال: بعته، أو قال: وقبضت ثمنه قبل قول موكله،
ويعتبر لصحة عقد نكاح فقط تسمية موكل، ذكره في
الانتصار والمنتخب والمغني2.
ولو أنكر موكله وكالته في بيع وصدق بائع بها
"3لزم وكيله, في ظاهر كلام الشيخ, وظاهر كلام
غيره كمهر, أو لا يلزمه3" لعدم تفريطه هنا
بترك البينة, وهو أظهر "م 21" وليس لوكيل في
بيع تقليبه على مشتر إلا بحضرته,
ـــــــ
تنبيه: قوله: "ويعتبر لصحة عقد نكاح فقط تسمية
موكل، ذكره في الانتصار والمنتخب والمغني"
انتهى. سيأتي في أركان النكاح4 أن المصنف أطلق
الخلاف في هذه المسألة وعزاه إلى الترغيب،
ويأتي تحريرها هناك.
مسألة-21: قوله: "ولو أنكر موكله وكالته في
بيع وصدق بائع بها لزم وكيله، في ظاهر كلام
الشيخ، وظاهر كلام غيره كمهر، أو لا يلزمه،
لعدم تفريطه هنا بترك البينة، وهو أظهر. انتهى
قلت: الصواب ما قال المصنف أنه أظهر.
ـــــــ
1 ليست في "ب".
2 7/210.
3 ليست في "ط".
4 8/192.
(7/51)
وإلا ضمن, ذكره
في النوادر, ويتوجه العرف, ولا بيعه ببلد آخر,
في الأصح فيضمن, ويصح ومع مؤنة نقل: لا, ذكره
في الانتصار, ولا1 قبض ثمنه.
وإن تعذر قبضه لم يلزمه شيء, كظهور مبيعه
مستحقا أو معيبا كحاكم وأمينة. وقال صاحب
المغني2 والمحرر: يملكه بقرينة, وقيل: مطلقا,
فلا يسلمه قبله, وكذا وكيل في شراء في قبض
مبيع, وإن أخر تسليم ثمنه بلا عذر ضمنه, في
المنصوص, وحقوق العقد متعلقة بموكل, لأنه لا
يعتق قريب وكيل عليه. وقال الشيخ: إن اشترى
وكيل في شراء في الذمة فكضامن.
وقال شيخنا فيمن وكل في بيع أو شراء أو
استئجار، فإن لم يسم موكله في العقد فضامن،
وإلا فروايتان، وأن ظاهر المذهب يضمنه، "و هـ
ش" قال: ومثله الوكيل في الإقراض، وليس له
البيع من نفسه، ويجوز بإذنه وتولية طرفيه، في
الأصح فيهما، كأب الصغير.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في الأصل: "وإلا".
2 7/252.
(7/52)
وكذا توكيله في
بيعه وآخر في شرائه، ومثله نكاح ودعوى. وقال
الأزجي في الدعوى: الذي يقع الاعتماد عليه: لا
يصح، للتضاد، وفي ولده ووالده. ومكاتبه وجهان
"م 22" وذكر الأزجي الخلاف في الأخوة
والأقارب،
ـــــــ
مسألة-22: قوله: "وفي ولده ووالده ومكاتبه
وجهان" انتهى. وهما احتمالان مطلقان في
الهداية، وأطلقهما في المذهب والمستوعب
والمقنع1 والتلخيص والمحرر والرعاية الصغرى
والحاويين والفائق وشرح ابن منجا وغيرهم.
أحدهما: لا يصح، فهو كشراء الوكيل من نفسه،
وهو الصحيح، صححه في التصحيح، وجزم به في
المغني2 والكافي3 والوجيز والمنور
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
13/489-490.
2 7/230.
3 3/323.
(7/53)
عنه: يبيع من
نفسه إذا زاد ثمنه في النداء، وقيل: أو وكل
بائعا، وهو ظاهر رواية حنبل، وقيل: هما، وذكر
الأزجي احتمالا: لا يعتبران، لأن دينه وأمانته
تحمله على الحق، وربما زاد، وكذا شراؤه له من
نفسه.
وكذا حاكم وأمينه وناظر ووصي ومضارب، ولعبده
وغريمه عتق نفسه وإبرائها بوكالته الخاصة لا
بالعامة. وفيه قول، وهو معنى ما جزم به
الأزجي، "1كبيع وكيل من نفسه، وفرق الأزجي1"
بينه وبين تصدق به، بأن. إطلاقه ينصرف إلى
إعطاء الغير، لأنه من التفعل، وتوكيل زوجة في
طلاق كعبده في عتق ولا يجوز له شراء معيب، فإن
فعل عالما لزمه ما لم يرضه موكله ولم يرده ولا
يرده موكله.
ـــــــ
ومنتخب الآدمي وغيرهم، وقدمه في الخلاصة
والرعاية الكبرى وغيرهما. قال المجد في شرحه.
اختاره القاضي وابن عقيل، نقله في تصحيح
المحرر.
والوجه الثاني: يصح هنا وإن منعنا صحة البيع
والشراء من الوكيل نفسه أو من نفسه.
وقال في الكافي2 والمغني3 والشرح4 هنا الوجهان
مبنيان على الروايتين في أصل المسألة وحكاه في
المغني والشرح عن الأصحاب قلت: الصواب أن محل
الخلاف على القول بعدم الصحة من الوكيل لنفسه
أو من نفسه. أما على القول بالصحة فهنا بطريق
أولى وأحرى، وعلى القول بعدم الصحة فهو محل
الخلاف هنا، هذا ما يظهر، وهو كالصريح في كلام
كثير من الأصحاب، منهم الشيخ في المقنع4.
ـــــــ
1 -1ليست في الأصل.
2 3/323.
3 7/320.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
13/489-490.
(7/54)
وإن اشتراه
بعين المال ففضولي، وإن جهل عيبه لم يضمنه،
وله رده قبل إعلام موكله، وأخذ سليم إلا في
شراء معين، ففي رده وجهان "م 23" فإن ملكه فله
شراؤه إن علم عيبه قبله، وإن أسقط خياره فحضر
موكله ورضي به لزمه، وإلا فله رده. وفي
المغني1: على وجه، وإن أنكر البائع أن الشراء
وقع له لزم الوكيل، وقيل: الموكل، وله أرشه
فيه2 وذكر الأزجي: إن جهل عيبه وقد اشترى بعين
المال فهل يقع عن الموكل؟ فيه خلاف، وقال: إذا
اشتراه. مع علمه بالعيب فهل يقع عن الموكل؟
لأن العيب إنما يخاف منه نقص المالية، فإذا
كان مساويا للثمن فالظاهر أنه يرضى به، أم لا
يقع عن الموكل؟ فيه وجهان، فإن ادعى بائعه علم
موكله
ـــــــ
مسألة-23: قوله: "وأما إن جهل عيبه3 لم يضمنه،
وله رده قبل إعلام موكله، وأخذ سليم إلا في
شراء معين، ففي رده وجهان" انتهى. وأطلقهما في
الهداية والمذهب والمستوعب والمغني4 والمقنع5
والتلخيص والبلغة والمحرر والشرح5 وشرح ابن
منجا والفائق وغيرهم:
أحدهما: له الرد، وهو الصحيح، صححه في التصحيح
وتصحيح المحرر والنظم وغيرهم، وجزم به في
الوجيز وغيره، وقدمه في الرعايتين والحاويين
وشرح ابن رزين وغيرهم.
والوجه الثاني: ليس له الرد، قال في
الرعايتين: هذا أولى، قال في تجريد العناية:
لا يرده، في الأظهر، وقدمه في الخلاصة قلت:
وهو الصواب.
ـــــــ
1 7/253-254.
2 ليست في النسخ الخطية.
3 في "ط": "عينه".
4 7/252.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
13/515-516.
(7/55)
الغائب بعيبه
ورضاه حلف الوكيل أنه لا يعلم ذلك، ورده وأخذ
حقه في الحال، وقيل: يقف على حلف موكله.
وكذا قول غريم لوكيل غائب في قبض حقه: أبرأني
موكلك، أو: قبضه. ويحكم ببينة إن حكم على غائب
وإن حضر1 الموكل وصدق البائع فهل يصح الرد؟
فيه وجهان "م 24".
وفي النهاية: يطرد فيه2 روايتان منصوصتان، وفي
استيفاء حد3 وقود وسائر حق مع غيبة موكل وحضور
وكيله، وحكاهما غيره في قود وحد قذف، اختارها
ابن بطة، ورضاء موكل غائب بمعيب "4عزله عن
رده4"،
ـــــــ
مسألة-24: قوله: "وإن حضر الموكل وصدق البائع
فهل يصح الرد؟ فيه وجهان" انتهى. وأطلقهما في
الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع5
والتلخيص والشرح5 وشرح ابن منجا والفائق
وغيرهم:
أحدهما: لا يصح الرد، وهو باق للموكل، صححه في
التصحيح، وقدمه في المغني6 والرعايتين
والحاويين.
والوجه الثاني: يصح، فيجدد الموكل العقد، صححه
في النظم، وجزم به في الوجيز. قال الشيخ
الموفق والشارح: يصح الرد بناء على أن الوكيل
لا ينعزل قبل علمه" انتهى قلت: الصواب إن كان
الرد قبل الإخبار انبنى على عزل الوكيل قبل
علمه وعدمه، وإن كان بعد الإخبار لم يصح الرد،
والله أعلم.
ـــــــ
1 بعدها في "ر" و"ط": " الغائب".
2 ليست في "ب" و"ر" "ط".
3 في الأصل "حق".
4 -4 في "ط": "عزله رده".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
13/512-513.
6 7/253-254.
(7/56)
ولا يصح. بيعه
نساء ولا بغير نقد البلد أو غالبه، كنفع وعرض.
وفيه احتمال، وهو رواية في الموجز، وكما لو
وكله في شراء ثلج في الصيف، وفحم في الشتاء
فخالف، ذكره أبو الخطاب وغيره، وعنه: بلى،
كقوله: كيف شئت، كمضارب، على الأصح.
وذكر ابن رزين يبيع وكيل حالا بنقد مصره وغيره
لا نساء وفي الانتصار يحتمل يلزمه النقد أو ما
نقص وإن ادعيا إذنا فيهما أو اختلفا في صفتهما
أو في الشراء بكذا قبل قولهما، نص عليه في
المضارب، وعلله أحمد بأنه ليس هنا شيء يريد أن
يأخذه، واختاره الشيخ فيه.
وقيل: لا، فيهما، فإن كان الوكيل كاذبا في
دعواه حل وإلا اشتراه ممن هو له باطنا ليحل،
فإن قال: بعتكه إن كان لي، أو: إن كنت أذنت في
شرائه بكذا، فقيل: يصح، لعلمهما وجود الشرط،
كبعتك هذه الأمة إن كانت أمة، وكذا كل شرط
علما وجوده لا يوجب وقوف البيع ولا شكا فيه،
وقيل: لا يصح، لتعليقه بشرط "م 25" وفي
الفصول: أصل هذا إن كان غدا
ـــــــ
مسألة-25: قوله فيما إذا قلنا: القول قول
الوكيل والمضارب في أنه أذن لهما في البيع
نساء: "لو قال: بعتكه إن1 كان لي، أو إن كنت
أذنت في شرائه بكذا، فقيل: يصح، لعلمهما وجود
الشرط، كبعتك هذه الأمة إن كانت أمة، وكذا كل
شرط علما وجوده لا يوجب وقوف البيع" فلا يؤثر
"شكا فيه، وقيل: لا يصح، لتعليقه بشرط".
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(7/57)
من رمضان ففرض.
وإلا فنفل.
وإن لم يبع أذن حاكم له في بيعه أو باع له أو
لغيره، قال في المجرد والفصول: ولا يستوفيه من
تحت يده كسائر الحقوق، قال الأزجي: وقيل:
يبيعه ويأخذ ما غرمه من ثمنه "1وإن لم يبع باع
حاكم1" وفي الترغيب: الصحيح لا يحل، وهل يقر
بيده أو يأخذه حاكم كمال ضائع؟ على وجهين.
وإن كذب البائع الوكيل في أن الشراء لغيره أو
بمال غيره صدق، فإن ادعى الوكيل علمه حلف ولزم
الوكيل، وذكر الأزجي: إن كان الشراء في الذمة
وادعى أنه يبتاع بمال الوكالة فصدقه البائع أو
كذبه فقيل: يبطل، كما لو كان الثمن معينا،
وكقوله: قبلت النكاح لفلان الغائب فينكر
الوكالة، وقيل: يصح، فإذا حلف الموكل: ما أذن
له، لزم الوكيل، "1وفي التبصرة: كل التصرفات
كالبيع نساء1" ، وبيعهما بدون ثمن المثل نقصا2
وشراؤهما بأكثر قيل: كفضولي، نص عليه، فإن
تلف. فضمن
ـــــــ
انتهى، وأطلقهما في المغني3 والشرح4 والقواعد
الفقهية، وظاهر الكافي5 إطلاق الخلاف:
أحدهما: لا يصح، اختاره القاضي، وقدمه في
الرعاية الكبرى.
والقول الثاني: يصح، وهو احتمال في الكافي5،
ومال إليه هو وصاحب القواعد قلت: وهو الصواب،
وذكر المصنف كلامه في الفصول.
ـــــــ
1 -1 ليست في "ب".
2 ليست في الأصل و"ر".
3 7/204.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/493.
5 3/313.
(7/58)
الوكيل رجع على
مشتر لتلفه عنده وقيل: يصح، ونص عليه مع ضمانه
زيادة ونقصا، قيل: لا يغبن به، وقيل: مطلقا "م
26 و 27" وعلى الصحة لا يضمن عبد لسيده وصبي
لنفسه، ويحتمل فيه: يبطل، وهو أظهر. ويصح
البيع بأكثر، وقيل: من جنس المعين، ولا يلزمه
الفسخ، لزيادة مدة خيار، وفيه وجه.
ـــــــ
مسألة-26-27: قوله: "وبيعهما بدون ثمن المثل
نقصا وشراؤهما بأكثر قيل: كفضولي، نص عليه،
فإن تلف فضمنه الوكيل رجع على المشتري، كتلفه
عنده، وقيل: يصح، ونص عليه مع ضمانه زيادة
ونقصا، وقيل: لا يغبن عادة، وقيل: مطلقا"
انتهى، ذكر مسألتين:
المسألة الأولى-26: إذا باع بدون ثمن المثل
نقصا أو اشترى بأكثر منه زيادة فهل
(7/59)
...............................
ـــــــ
هو كفضولي أو يصح؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: يصح، وهو الصحيح، نص عليه، وعليه أكثر
الأصحاب، منهم الخرقي، والقاضي في الخلاف،
وغيرهما. قال ابن منجا في شرحه: هذا المذهب،
وجزم به في الوجيز وغيره، وقدمه في الهداية
والمذهب ومسبوك الذهب والخلاصة والمحرر والنظم
والرعايتين والحاويين والفائق ونظم المفردات
وقال: قاله الأكثر وغيرهم، وقدمه في المستوعب
والمقنع1 في المسألة الأولى.
والقول الآخر: هو كفضولي. والصحيح في تصرف
الفضولي أنه لا يصح. قال في المحرر والفائق:
ويتخرج أنه كتصرف الفضولي انتهى. وعن أحمد
رواية في أصل المسألة: أنه لا يصح، نص عليها،
وصححها القاضي في المجرد، وابن عقيل، وجزم به
في التلخيص وقال: إنه الذي يقتضيه أصول
المذهب، وجزم به في المستوعب والمقنع1 في
المسألة الثانية، واختاره الشيخ الموفق وغيره،
وقدمه في المغني2 والشرح3 وشرح ابن رزين
وغيرهم قلت وهذه الرواية تنزع إلى تصرف
الفضولي، وأطلقهما في الكافي4.
تنبيه: سوى المصنف بين ما إذا باع بدون ثمن
المثل نقصا وبين ما إذا اشترى بأكثر منه
زيادة، وهو صحيح، وعليه أكثر الأصحاب، وهو
الصحيح، وذهب بعضهم إلى عدم الصحة في مسألة ما
إذا اشترى بأكثر من ثمن المثل، وقطع به في
المستوعب وشرح ابن رزين، وهو ظاهر كلام الشيخ
في المقنع1 حيث قدم في المسألة الأولى الصحة،
وقطع في المسألة الثانية بعدمها. وقد ذكر
الزركشي في المسألتين ثلاثة أقوال: الثالث:
الفرق، كما تقدم.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/439.
2 7/247.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
13/493-494.
4 3/316.
(7/60)
وهل للوكيل
البيع أو الشراء بشرط خيار له؟ وقيل: مطلقا،
وتزكية بينة
ـــــــ
المسألة الثانية-27: إذا قلنا بالصحة فإنه
يضمن الزيادة والنقص، وأطلق في قدره الخلاف،
وأطلقه في المغني1 والكافي2 والشرح3 والفائق
وغيرهم:
أحدهما: هو قدر ما بين ما باع به وثمن المثل،
وهو الصحيح. قال الشيخ في المغني4 والشارح:
هذا أقيس، واختاره ابن عقيل، نقله عنه في
القواعد الفقهية، وقدمه ابن رزين في شرحه
والرعاية الكبرى.
والقول الثاني: هو قدر ما بين ما يتغابن به
الناس وما لا يتغابنون، واختار الشيخ تقي
الدين: أنه لا يضمن شيئا إذا لم يفرط، وهو
الصواب.
ـــــــ
1 7/247.
2 3/317.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
13/493-494.
4 7/247-248.
(7/61)
خصمه،
والمخاصمة في ثمن مبيع بان مستحقا؟ فيه وجهان
"م 28 - 30" وإن
ـــــــ
مسألة 28-30: قوله: "وهل للوكيل البيع أو
الشراء بشرط الخيار له؟ وقيل: مطلقا وتزكية
بينة خصمه والمخاصمة في ثمن مبيع بان مستحقا؟
فيه وجهان" انتهى. شمل كلامه مسائل أطلق فيها
الخلاف:
المسألة الأولى-28: هل للوكيل البيع أو الشراء
بشرط الخيار له أم لا؟ أطلق الخلاف. قال في
الرعاية: ومن وكل في بيع لم يشترط للمشتري
خيارا، وإن وكل في شراء لم يشترط الخيار
للبائع، وهل له شرطه لنفسه أو لموكله؟ يحتمل
وجهين انتهى وظاهر كلامه في المحرر والرعاية
الكبرى: في خيار الشرط صحة ذلك ويكون للموكل.
وقال القاضي في المجرد: وإن شرطه لنفسه دون
موكله أو شرطه لأجنبي لم يصح. وقال في الرعاية
أيضا: إن شرطه في العقد وأطلق فهو لموكله، كما
لو قال: له، وإن قال: لي، فهو لهما، وإن قال:
لي وحدي، أو شرطه لغيرهما؟ لم يصح، وقيل:
يحتمل أن يصح شرطه لغيرهما إن قلنا للوكيل
التوكيل. وفيه نظر انتهى. وقد ذكر المصنف هذا
بعد هذه المسألة قلت: الصواب أنه إن رأى في
شرطه الخيار مصلحة كان له ذلك، وإلا فلا،
والله أعلم.
المسألة الثانية-29: هل يسوغ للوكيل تزكية
بينة خصمه أم لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: يسوغ قلت: وهو الصواب، بل هو أولى من
الأجنبية، وهي قريبة من تعديل الخصم لبينة
خصمه، على ما يأتي في المسألة الثامنة من باب
طريق الحكم ووصفه.
والوجه الثاني: لا يسوغ له ذلك.
المسألة الثالثة-30: هل يسوغ للوكيل في البيع
المخاصمة في ثمن مبيع بان مستحقا أم لا؟ أطلق
الخلاف:
أحدهما: لا يسوغ له.
والوجه الثاني: يسوغ قلت: وهو أقوى من الأول،
والصواب في ذلك الرجوع إلى
(7/62)
شرط الخيار
فلموكله. وإن شرط لنفسه فلهما، ولا يصح له1
فقط، ويختص بخيار المجلس، ويختص به موكله إن
حضره وحجر عليه فيه، وصحة توكيل في إقرار وصلح
وبيع ما استعمله، مع أنه يضمنه إن تلف ولا
يضمن ثمنه ولزوم فسخه لزيادة في المجلس وبيعه
ثانيا إن فسخ وبيع بدله وجهان.
وفي طريقة بعضهم وذكره في المحرر: توكيله في
إقرار إقرار "م31،36"،
ـــــــ
القرائن، فإن دلت قرينة على ذلك كبعده عن
موكله ونحوه ساغ، والله أعلم. وللشيخ الموفق
تعاليل مثل ذلك في مسائل الوكالة.
مسألة 31-36: قوله: "وفي صحة توكيل2 في إقرار
وصلح وبيع ما استعمله مع أنه يضمنه إن تلف3
ولا يضمن ثمنه، ولزوم فسخه لزيادة في المجلس
وبيعه ثانيا إن فسخ وبيع بدله وجهان. وفي
طريقة بعضهم وذكره في المحرر توكيله4 في إقرار
إقرار" انتهى، ذكر مسائل:
المسألة الأولى-31: هل يصح التوكيل في الإقرار
أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في الرعاية
الكبرى. قال في الإرشاد5 ولو جعل إليه أن يقر
عليه جاز إقراره عليه، في أحد الوجهين" انتهى:
أحدهما: يصح، وهو الصحيح، وبه قطع في الهداية
والفصول والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني6
والكافي7 والشرح8
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 يأتي على هذا الفرق بين عبارة المتن وعبارة
الشرح في التنبيه الأول في ص66.
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 في النسخ الخطية: "توكله".
5 ص367.
6 7/200.
7 3/310.
8 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/449.
(7/63)
وذكر الأزجي:
يعتبر تعيين ما يقر به وإلا رجع في تفسيره إلى
الموكل. قال: ولا خلاف أن وكيل الخصومة يملك
الطعن في الشهود ومدافعتهم
ـــــــ
وشرح ابن رزين وغيرهم، ونصره في المغني1
وغيره، وقدمه في التلخيص. قال في المغني
وغيره. لأنه إثبات حق في الذمة بالقول، فجاز
التوكيل فيه، كالبيع. انتهى.
والوجه الثاني: لا يصح، وهو ظاهر كلام جماعة
يأتي ذكرهم في التنبيه الخامس.
المسألة الثانية-32: هل يصح التوكيل في الصلح
أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في الرعاية
الكبرى، وظاهر الإرشاد إطلاق الخلاف، وتبعه في
التلخيص.
أحدهما: يصح، وهو الصحيح، وبه قطع في الفصول
والمغني2 والشرح3 وشرح ابن رزين والزركشي
وغيرهم. قال في المغني2 والشرح3: لا نعلم فيه
خلافا. قال ابن رزين. يصح إجماعا، وعللوه بأنه
في معنى البيع في الحاجة إلى التوكيل فيه"
انتهى. قلت بل هو أولى.
والوجه الثاني: لا يصح.
المسألة الثالثة-33: هل يصح بيع ما استعمله أم
لا؟ أطلق الخلاف. والظاهر أنه أراد إذا وكله
في بيع4 شيء فتعدى فيه باستعماله ثم أراد بيعه
فهل يصح أم لا؟.
أحدهما: يصح، وهو الصحيح، لأن الوكالة إذن في
التصرف مع الاستئمان، فإذا زال أحدهما: لم يزل
الآخر. وقد أطلق المصنف قبل ذلك في عزل الوكيل
إذا تعدى وجهين، وذكرنا أن الصحيح عدم العزل،
وذكرنا من اختار كل قول، فليعاود5.
والوجه الثاني: لا يصح.
ـــــــ
1 7/200.
2 7/198-199.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/444.
4 ليست في النسخ الخطية.
5 ص 36-37.
(7/64)
وسماع البينة
لضرورة المخاصمة1، ويلزمه طلب الحظ لموكله.
ـــــــ
المسألة الرابعة-34: هل يلزم الوكيل فسخ العقد
لزيادة حصلت في المجلس أم لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: لا يلزمه، وهو الصحيح، قدمه في
المغني2 والشرح3 وشرح ابن رزين والرعاية
الكبرى وغيرهم وقالوا: لأن الزيادة ممنوع منها
منهي عنها، فلا يلزم الرجوع إليها، ولأن
المزايد قد لا يثبت على الزيادة، فلا يلزم
الفسخ بالشك انتهى.
والوجه الثاني: يلزمه قال في الرعاية: قلت:
ويحتمل لزومه إن صح بيعه على بيع أخيه. وقال
في المغني2 والشرح3: ويحتمل أن يلزمه لأنها
زيادة في الثمن أمكن تحصيلها، فأشبه ما لو
جاءته قبل البيع، والنهي يتوجه إلى الذي زاد
لا إلى الوكيل" انتهى. قلت: والنفس تميل إليه.
المسألة الخامسة-35: هل يصح بيع الوكيل له
ثانيا إن فسخ العقد مثل أن يظهر فيما باعه ما
يوجب الرد فيرد عليه أو يفسخ المشتري العقد في
مدة الخيار ونحوه أم لا؟ أو يفسخ المشتري
العقد في مدة الخيار ونحوه؟ أطلق الخلاف.
أحدهما: يصح قلت: وهو الصواب، لأن العادة
جارية بذلك.
والوجه الثاني: لا يصح قلت: وهو ضعيف.
المسألة السادسة-36: هل للوكيل بيع بدله أم
لا؟ أطلق الخلاف والظاهر أنه أراد لو أتلف
متلف ما وكل فيه وأخذ بدله:
أحدهما: له ذلك ويصح.
ـــــــ
1 في "ط": "المخاصم".
2 7/248.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/497.
(7/65)
وفي طريقة
بعضهم: دليل العرف في إبطال بيعه بدون ثمن
المثل
ـــــــ
والوجه الثاني: لا يصح، والصواب الرجوع في ذلك
إلى القرائن، فإن دلت على شيء عمل به وإلا فلا
يصح، وتقدم نظير ذلك في الرهن1 فيما إذا جنى
على الرهن وأخذ قيمته هل للمرتهن أو العدل
المأذون له بيعه أم لا؟ أطلق الخلاف هناك
وذكرنا أن الشيخ في المغني2 والشارح نقلا عن
القاضي أنه قال: قياس المذهب أنه له بيعه،
واقتصرا عليه، وقطع به ابن رزين.
تنبيهات
الأول 3: قوله: "وفي صحة توكيل" الموجود في
النسخ القديمة "وصحة توكيل" بإسقاط لفظة "في"
ووجد على الهامش "الظاهر أن هنا لفظة في" ونبه
عليه أيضا ابن نصر الله، وهو الصواب والظاهر
أنه تابعه في الرعاية الكبرى فإنه قال: وفي
صحة التوكيل في الإقرار والصلح وجهان انتهى.
وقول المصنف: "ولا يضمن" الموجود في النسخ
القديمة "لا يضمن" بإسقاط "الواو" ومكانها
بياض، وكتب على الهامش: الظاهر أن في هذا
البياض واوا وهو كما قال، ونبه عليه أيضا ابن
نصر الله.
الثاني 3: في إطلاق المصنف الخلاف في الإقرار
والصلح نظر، مع قطع هؤلاء الجماعة بالصحة، لا
سيما في الصلح. وقد قال في المغني4 وغيره: لا
نعلم فيه خلافا. وقال ابن رزين: يصح فيه
إجماعا.
الثالث 3: الظاهر أن مراده بقوله: "وبيع ما
استعمله" إذا تعدى باستعماله هل يصح بيعه بعد
ذلك أم لا؟ فإن كان هذا مراده فقد قال في
أوائل الباب: وفي تعدي وكيل كلبس ثوب وجهان،
فحصل منه تكرار فيما يظهر.
ـــــــ
1 6/379.
2 6/474.
3 تقدم مكانه في المتن ص63.
4 7/198-199.
(7/66)
ضعيف، لأنه
بالطبع يرغب في بيعه بفوق ثمن المثل، ومع هذا
لو قدر الوكيل على بيعه بزيادة فباع بالمثل
لزم البيع الموكل بلا خلاف، فبطلت قرينة العرف
إذا، كذا قال، ويشبه هذا من وكل في الصدقة
بمال هل له دفعه
ـــــــ
الرابع1 : قوله: "ولزوم فسخه لزيادة في المجلس
وجهان" مع قوله قبل ذلك بيسير "ولا يلزمه
الفسخ لزيادة مدة خيار. وفيه وجه" فقدم عدم
اللزوم، ولعله أراد بهذه خيار الشرط، وبتلك
خيار المجلس، لكن ظاهر تعليله في المغني2
وغيره شمول الخيارين، وهو الصواب، ولم نر من
فرق بينهما. قال في المغني3 والشرح4 وشرح ابن
رزين: وإن باع بثمن المثل فحضر من يزيد في مدة
الخيار. وكذا قال في الرعاية الكبرى، ولم نر
المسألة في غير هذه الكتب والله أعلم.
الخامس: ظاهر كلام المصنف أن المقدم أن
التوكيل في الإقرار ليس بإقرار وهو ظاهر كلام
من قال بصحة التوكيل فيه، وقد قاسوه على
البيع، وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الكبرى
فإنه قال: وفي صحة التوكيل في الإقرار وجهان،
وقيل: التوكيل في الإقرار إقرار انتهى. ولنا
قول إن التوكيل فيه إقرار، وهو الذي قاله
الفخر في طريقته، وبه قطع في المحرر والحاويين
والفائق وغيرهم. قال في الرعاية الصغرى:
والتوكيل في الإقرار إقرار، في الأصح انتهى.
قلت: الظاهر أن محل هذا الخلاف على القول بعدم
صحة التوكيل فيه. أما على القول بالصحة فلا
يكون التوكيل فيه إقرارا، قولا واحدا، أو
يقال: القولان مبنيان على القولين هناك إذا
قلنا: يصح التوكيل، لم يكن إقرارا، وإن قلنا:
لا يصح، كان إقرارا، والله أعلم.
ـــــــ
1 تقدم ص63.
2 6/248.
3 7/247.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
13/496.497.
(7/67)
إلى مستحق غيره
أحق؟ ويتوجه الفرق، لأن القصد غالبا مع
الإطلاق الصدقة على مستحق لا طلب الأحق، هنا
بالعكس، ونصر هذا في طريقته إبطال البيع في
بيعه بدون ثمن المثل واحتج عليه بثبوت الشفعة
تثبت بما هو بيع من وجه، ولهذا يثبت بإقرار
البائع وحده بالبيع، وهذا سهو.
وفي النوادر تنازعا في كتاب وبينهما عارف
فحكماه فوكالة بإقرار معلقة بشرط فتصح، لا
حكم.
ـــــــ
...............................
(7/68)
فصل: و لا يصح توكيله في كل قليل و كثير
...
فصل: ولا يصح توكيله في كل قليل وكثير
زاد الأزجي: باتفاق الأصحاب وأن مثله وكلتك في
شراء ما شئت من المتاع الفلاني، وأنه إن قال:
وكلتك بما إلي من التصرفات احتمل البطلان،
واحتمل الصحة. كما لو نص على الإفراد، وقيل:
يصح في كل قليل وكثير، كبيع ماله أو المطالبة
بحقوقه أو الإبراء أو ما شاء منه.
قال المروذي: بعث. بي أبو عبد الله في حاجة،
وقال: كل شيء تقوله على لساني فأنا قلته،
وظاهر كلامهم في بع من مالي ما شئت، له بيع كل
ماله، وذكر الأزجي في بع من عبيدي من شئت أن
من للتبعيض، فلا يبيعهم إلا واحدا ولا الكل،
لاستعمال هذا في الأقل غالبا، وقال: وهذا
ينبني على الأصل وهو استثناء الأكثر، كذا قال،
ويأتي في آخر الموصى إليه1: تصدق من مالي، وفي
طريقة بعضهم إن وكله في أحد شيئين لا بعينه
كطلاق وعتق إحداهما لم يصح، لجهالة الوكالة.
وإن قال: اشتر عبدا أو ما شئت.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ص496.
(7/68)
فعنه: يصح،
وقيل: إن ذكر نوعه، وعنه: وقدر ثمنه، وقيل:
أقله وأكثره "م 37" والإطلاق يقتضي شراء عبد.
مسلم، عند ابن عقيل، لجعله الكفر عيبا. وإن
أمره بشراء في ذمته ثم ينقد ثمنه فاشترى بعينه
صح، في
ـــــــ
مسألة-37: قوله: "وإن قال اشتر عبدا أو ما
شئت، فعنه: يصح، وقيل: إن ذكر نوعه، وعنه:
وقدر ثمنه، وقيل: أقله وأكثره" انتهى. الصحيح
من المذهب أنه لا يصح ذلك حتى يذكر النوع وقدر
الثمن، اختاره القاضي وغيره، قاله في التلخيص،
قال ابن منجا في شرحه: هذا المذهب، وقطع به في
الوجيز وغيره، وصححه في النظم وغيره، وقدمه في
الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع
والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم، وعنه
يصح، قال في المقنع1 وغيره: وعنه: ما يدل على
أنه يصح، وهو ظاهر ما اختاره الشيخ الموفق
والشارح. قال أبو الخطاب: ويحتمل أن يجوز،
بناء على ما قاله الإمام أحمد في رجلين، قال
كل واحد منهم لصاحبه: ما اشتريت من شيء فهو
بيني وبينك: إنه جائز، وأعجبه، وقال: هذا
توكيل في كل شيء، وكذا قال ابن أبي موسى: إذا
أطلق وكالته جاز تصرفه في سائر حقوقه، وجاز
بيعه عليه وابتياعه له، وكان خصما فيما يدعيه
لموكله ويدعي عليه بعد2 ثبوت وكالته عنه
انتهى. وقيل: يكفي ذكر النوع، اختاره القاضي،
نقله الشيخ والشارح، واختاره ابن عقيل في
الفصول، قال في الرعاية: وقيل: يكفي ذكر النوع
أو قدر الثمن انتهى.
تنبيه: قوله بعد المسألة: "والإطلاق يقتضي
شراء عبد مسلم عند ابن عقيل، لجعله الكفر
عيبا" انتهى. ظاهره: أن غير ابن عقيل يجوز
شراء الكافر لكونه ليس بعيب عنده، وهو كذلك،
إلا أن تدل قرينة فيتعين شراء مسلم.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/527.
2 ليست في "ط".
(7/69)
الأصح، وإن
أمره بعكسه فخالفه لم يلزمه، وإن أطلق جاز،
وليس له العقد مع فقير وقاطع طريق إلا أن
يأمره، نقله الأثرم، ويتعين مكان عينه لغرض
ومشتر، وقال الشيخ. إلا مع قرينة.
وإن أمره بشراء بكذا حالا أو1 لا يبيع بكذا
نساء فخالف في حلول وتأجيل صح، في الأصح،
وقيل: إن لم يتضرر وإن أمره ببيعه بدرهم فباع
بدينار فوجهان "م38" وبدرهم وعرض فالأصح لا
يبطل في زائد بحصته، وإن اختلط الدرهم بآخر،
له عمل بظنه. ويقبل قوله حكما، ذكره
ـــــــ
مسألة-38: قوله: "وإن أمره ببيعه بدرهم فباعه
بدينار فوجهان" انتهى. وأطلقهما في الهداية
والمستوعب والكافي2 والمقنع3 والتلخيص
والرعايتين والحاويين وغيرهم:
أحدهما: يصح، وهو الصحيح، صححه في المذهب
ومسبوك الذهب والنظم والتصحيح والقواعد
الفقهية وغيرهم، وجزم به في الوجيز وغيره،
وقدمه في الشرح3 والفائق وغيرهما.
والوجه الثاني: لا يصح، اختاره القاضي، وهو
ظاهر ما قدمه في المغني، وظاهر ما اختاره ابن
عبدوس في تذكرته.
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "لا".
2 3/315.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
13/498-499.
(7/70)
القاضي وإن
قال: اشتر هذا بمائة، صح بأقل، نقله ابن
منصور، بخلاف لا تشتره إلا بها، لأنه صريح،
وإن قال بمائة لا بخمسين ففيما دون الخمسين
وجهان "م 39".
وإن قال اشتر عبدا بدينار فاشترى ما يساويه
بأقل أو اثنين أحدهما يساويه أو كل منهما،.
صح، وإلا فلا، وفي الصورة الأخيرة رواية في
المبهج: فضولي وإن بقي ما يساويه ففي بيع
الآخر وجهان "م 40".
ـــــــ
مسألة 39: قوله: "وإن قال بمائة لا بخمسين
ففيما دون الخمسين وجهان" انتهى. قال في
الكافي1 والرعاية الكبرى: وإن قال اشتره بمائة
ولا تشتره بخمسين فله شراؤه بما فوق الخمسين،
لأنه باق على دلالة العرف انتهى. فدل كل2
منهما على أنه لا يشتريه بدون الخمسين، وقطع
به في الفصول، وهو الصواب، لأنه منهي عنه
بطريق أولى. وقال في المغني3 والشرح4: فإن
اشتراه بما دون الخمسين جاز، في أحد الوجهين
والثاني: لا يجوز" انتهى. وقدم ابن رزين
الصحة.
مسألة-40: قوله: "وإن قال اشتر عبدا بدينار
فاشترى ما يساويه بأقل أو اثنين أحدهما:
يساويه أو كل منهما، صح، وإلا فلا. وفي الصورة
الأخيرة رواية في المبهج، كفضولي وإن بقي5 ما
يساويه فوجهان" انتهى وأطلقهما في المغني6
والشرح7 والفائق وغيرهم:
ـــــــ
1 3/316.
2 في النسخ الخطية "ط": "بقي" والتصويب من
الفروع.
3 7/250.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/509.
5 في النسخ الخطية و"ط": "بقي" والتصويب من
الفروع.
6 7/250-251.
7 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
13/506-507.
(7/71)
وفي عيون
المسائل. إن ساوى كل منهما نصف دينار صح
للموكل لا للوكيل، وإن كان كل واحد لا يساوي
نصف دينار فروايتان: إحداهما يصح، ويقف على
إجازة الموكل، لخبر عروة1.
وإن أمره ببيع فاسد كشرطه على وكيل في بيع أن
لا يسلم المبيع لم تصح الوكالة.
ووكيله في خلع بمحرم كهو، فلو خالع بمباح صح
بقيمته2، وإن أمر ببيع عبد فباع بعضه بثمن كله
صح، وله3 بيع بقيته، في الأصح، وإلا لم يصح،
إن "4لم يبع4" بقيته وقيل: يصح، وقيل عكسه.
ـــــــ
أحدهما: يصح بيعه إن كانت الباقية تساوي
الدينار. قال الشيخ والشارح: وهو ظاهر كلام
الإمام أحمد لأنه أخذ بحديث عروة5. قال في
القواعد: وهو المنصوص، وقدمه في الرعاية
الكبرى قلت: وهو الصواب.
والوجه الثاني: لا يصح بيعه مطلقا، لأنه باع
مال موكله بغير إذنه، وقيل: يصح مطلقا، ذكره
ابن رزين وقدمه قلت، ويحتمل أن هذا ظاهر حديث
عروة لا القول الأول، لأنه لم يذكر في الحديث
أن الشاة التي أتى بها عروة تساوي دينارا،
وإنما أتى بدينار وشاة، وقطع به ابن رزين في
شرحه، ولكن يرده كونه وكله في شراء شاة
بدينار، والله أعلم. والمصنف رحمه الله تابع
الشيخ في المغني6 وكذلك ابن حمدان. وقال في
الفائدة العشرين من القواعد: لو باع أحدهما:
بدون إذنه ففيه طريقان:
ـــــــ
1 تقدم تخريجه ص71.
2 في "ط": "تعتمته".
3 في "ط": "ولو".
4 -4 في الأصل: "بيع".
5 أخرج البخاري "3642" عن عروة: أن النبي صلى
الله عليه وسلم أعطاه ديناراً يشتري له به
شاة، فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينار
وجاءه بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه.
وكان لو اشترى التراب لربح فيه.
6 7/251.
(7/72)
ويصح بيع أحد
عبدين وبعض صبرة لم يؤمر بالبيع صفقة، وإن
أمره بشراء عبد لم يصح شراء اثنين معا، ويصح
شراء واحد ممن أمر بهما، قاله في الانتصار
"1وإن وكل في1" قبض درهم أو دينار لم يصارف،
وإن أخذ رهنا أساء ولم يضمنه، قاله أحمد، وإن
عين قبضه من زيد تعين أو وكيله، وإن قال حقي
الذي قبله أو عليه فمنه أو من وارثه، وإن قال
اقبضه اليوم لم يقبضه غدا، ولوكيله في شراء
حنطة أو طعام شراء بر فقط، للعادة، ذكره
القاضي وغيره، لا دقيقه "ه".
وفي المنتخب: يشتري خبز بر مع وجوده، للعادة،
ومن أمر بدفع ثوب إلى قصار معين فدفعه ونسيه
لم يضمنه، وإن أطلق المالك فدفعه إلى من لا
يعرف عينه ولا اسمه ولا دكانه ضمنه، لتفريطه،
ذكره ابن الزاغوني، وأطلق أبو الخطاب إذا دفعه
إليه لم يضمن إذا اشتبه عليه، وإن وكل مودعا
أو غيره في قضاء دين ولم يؤمر بإشهاد وقيل:
وتمكن منه فقضاه بدونه ضمن، ويتوجه احتمال إن
كذبه، وعنه: لا، مطلقا، اختاره ابن عقيل،
كقضائه بحضرته ووكيل في إيداع، في الأصح
فيهما، وذكره القاضي في الثانية رواية، وإن
قال: أشهدت فماتوا، أو أذنت فيه بلا بينة، أو
قضيت بحضرتك، صدق الموكل، للأصل، ويتوجه في
الأولى لا، وأن في الثانية الخلاف، كما هو
ظاهر كلام بعضهم.
ويجوز توكيله بجعل معلوم أياما معلومة، أو
يعطيه من الألف شيئا
ـــــــ
أحدهما: يخرج على تصرف الفضولي.
والثاني: أنه صحيح، وجها واحدا، وهو المنصوص"
انتهى.
ـــــــ
1 -1 ليست في "ط".
(7/73)
معلوما، لا من
كل ثوب كذا لم يصفه1 ولم يقدر ثمنه، في ظاهر
كلامه، وله أجر مثله وإن عين الثياب المعينة
في بيع أو شراء من معين ففي الصحة خلاف "م 41"
وبعه2 "3بكذا فما زاد لك، قال أحمد: هل هذا
إلا كالمضاربة، واحتج أحمد بأنه يروى عن ابن
عباس رضي الله عنهما3"4 ويستحقه ببيعه نسيئة
إن صح، وهل يستحقه قبل تسليم ثمنه؟ يتوجه
الخلاف.
ـــــــ
مسألة-41: قوله: "ويجوز التوكيل بجعل معلوم
أياما معلومة أو يعطيه من الألف شيئا معلوما،
لا من كل ثوب كذا لم يصفه، ولم يقدر ثمنه، وإن
عين الثياب المعينة في بيع أو شراء من معين
ففي الصحة خلاف" انتهى:
أحدهما: يصح قلت: وهو الصواب.
والقول الآخر لا يصح.
ـــــــ
1 في الأصل: "يقبضه".
2 ليست في "ط".
3 وردت هذه العبارة في النسخة "ب" بعد قوله:
"بأجرة مثله".
4 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" "15020" وابن
أبي شيبة في "مصنفه" 6/105.
(7/74)
وفي المغني1:
يستحقه ما لم يشترطه عليه "م 42".
ويفسد بجعل مجهول.
ويصح تصرفه بالإذن بأجرة مثله وإن ادعى وكالة
في قبض حق لم يلزمه تقبيضه مع تصديقه، ولا
الحلف مع تكذيبه، كدعوى وصية، وعكسه
ـــــــ
مسألة-42: قوله: "وبعه بكذا فما زاد لك"
صحيح... "ويستحقه ببيعه نسيئة إن صح، وهل
يستحقه قبل تسليم ثمنه؟ يتوجه الخلاف. وفي
المغني1: يستحقه ما لم يشترط عليه". قال في
الرعاية الكبرى: وله الجعل بالبيع قبل قبض
الثمن إلا أن يشترطه انتهى، وقاله في الكافي2
وغيره قلت الصواب الاستحقاق إلا إذا قلنا له
قبض الثمن بقول الموكل أو بقرينة فلا يستحقه
حتى يتسلم3 الثمن، والله أعلم.
تنبيه: لعل مراده بالخلاف الخلاف في وقت ملك
المضارب حصته من الربح هل هو بالظهور؟ وهو
المذهب، أو بالقسمة؟ وقال شيخنا: يحتمل أن
تكون من مسألة الوكيل هل يقبض الثمن؟ واقتصر
عليه. وفي قبضه ثلاثة أقوال ذكرها المصنف وقدم
عدم الجواز.
ـــــــ
1 7/204-205.
2 3/322-323.
3 في "ط": "يسلم"
(7/75)
دعواه موت رب
الحق وأنه وارثه وحده وصدقه وإن ادعى. أنه
محتال فأولى الوجهين كالوكالة "م 43" وتقبل
بينة المحال عليه على المحيل، فلا يطالبه
وتعاد لغائب محتال بعد دعواه، فيقضى بها له
إذن ومتى أنكر رب الحق الوكالة حلف ورجع على
الدافع إن كان دينا، وهو على الوكيل مع بقائه
أو تعديه، وإن كان عينا أخذها. ولا يرجع من
ضمنه بها على الآخر، ومتى لم يصدق الدافع
الوكيل رجع عليه، ذكره شيخنا "و" قال: ومجرد
ـــــــ
مسألة-43: قوله: "وإن ادعى أنه محتال فأولى
الوجهين أنه كالوكالة" انتهى، هذا الوجه الذي
قال إنه أولى الوجهين هو الصحيح. قال الشيخ في
المغني1 والشارح: هذا الوجه أشبه وأولى، وجزم
به الآدمي في منتخبه، وقدمه ابن رزين في شرحه
وذكر ابن مصنف المحرر في شرح الهداية لوالده:
أن عدم لزوم الدفع اختيار القاضي، نقله عنه في
تصحيح المحرر، وولد المجد له زوائد على شرح
الهداية التي لوالده، والظاهر أن هذا منها.
قال الشيخ في المغني1: لأن العلة في جواز منع
الوكيل كون الدافع لا يبرأ. وهي موجودة هنا،
والعلة في وجوب الدفع إلى الوارث كونه مستحقا،
والدفع إليه يبرئ، وهو مختلف هنا، فإلحاقه
بالوكيل أولى. انتهى.
والوجه الثاني: يجب الدفع إليه مع التصديق
واليمين مع الإنكار، وصححه في التصحيح وتصحيح
المحرر والنظم. قال في الرعايتين: لزمه ذلك،
في الأصح، واختاره ابن عبدوس في تذكرته، وجزم
به في الوجيز وغيره، وقدمه في تجريد العناية،
وأطلقهما في الهداية وعقود ابن البنا والمذهب
ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني1
والمقنع2 والهادي والتلخيص والبلغة والمحرر
والحاويين والفائق ونهاية ابن رزين ونظمها
وإدراك الغاية وغيرهم.
ـــــــ
1 7/227.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 13/567.
(7/76)
التسليم ليس
تصديقا قال: وإن صدقه ضمن أيضا، وفي أحد
القولين في مذهب أحمد، بل نصه "و م" لأنه متى
لم يتبين صدقه فقد غره، نقل مهنا فيمن بعث
رجلا إلى من له عنده دراهم أو ثياب يأخذ1
درهما أو ثوبا فأخذ أكثر الضمان على الباعث،
ويرجع على الرسول، وهو ظاهر كلام أبي بكر.
ومن أخبر بتوكيل وظن صدقه تصرف وضمن في ظاهر
قوله. وقال الأزجي: إذا تصرف بناء على هذا
الخبر فهل يضمن؟ فيه وجهان، ذكرهما القاضي في
الخلاف، بناء على صحة الوكالة وعدمها، وإسقاط
التهمة في شهادته لنفسه، والأصل في هذا قبول
الهدية إذا ظن2 صدقه وأذن الغلام في دخوله
بناء على ظنه.
ولو شهد بالوكالة اثنان ثم قال أحدهما قد عزله
لم تثبت الوكالة، ويتوجه: بلى، كقوله بعد حكم
الحاكم بصحتها، وكقول واحد غيرهما، ولو أقاما
الشهادة حسبة بلا دعوى الوكيل فشهدا عند حاكم
أن فلانا الغائب وكل هذا. الرجل في كذا فإن
اعترف أو قال ما علمت هذا وأنا أتصرف عنه ثبتت
وكالته، وعكسه ما أعلم صدقها، وإن أطلق قيل
فسر، ومن قصد بيان تعليق الحكم بالوصف رتبه
عليه ولم يتعرض لجميع شروطه وموانعه3، لأنه
عسر إذ القصد بيان اقتضاء السبب للحكم فلو
قال: أعط هذا للفقراء أو نحوهم استأذنه في
عدوه وفاسق.
ـــــــ
فهذه ثلاث وأربعون مسألة الخلاف فيها مطلق.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في "ط": "ضمن".
3 في "ط": "مواثقه".
(7/77)
ولو قال: إلا
أن يكون أحدهم كذا وكذا عد لكنة وعيا، ولو
قال: من سرق منهم فاقطعه1 حسن أن يراجعه فيمن
سعى له في مصلحة عظيمة، وإن لم يحسن التقييد
منه، وكذا قول الطبيب: اشربه للإسهال فعرض ضعف
شديد أو إسهال، ذكر ذلك شيخنا.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في ب: "فأطعمه".
(7/78)
|