الفروع و
معه تصحيح الفروع
كتاب الشركة
أقسام الشركة و
أحكامها
أقسام الشركة -
القسم الأول: المضاربة
...
كتاب 1 الشركة
لا تكره مشاركة كتابي إن ولي المسلم التصرف،
نص عليه، وقيل: ذمي، وكرهه الأزجي، كمجوسي، نص
عليه.
وتكره معاملة من ماله حلال وحرام يجهل، ذكره
جماعة، وعنه: يحرم، قطع به في المنتخب، وذكره
الأزجي قياس المذهب، ونقل جماعة إن غلب
الحرام، وقيل: أو جاوز ثلثه.
وإن خلط زيت حرام بمباح تصدق به، هذا مستهلك،
والنقد يتحرى، قاله أحمد، ذكره ابن عقيل
و2النوادر، ونقل أبو طالب في الزيت: أعجب إلي
يتصدق به، هذا غير الدراهم، ونقل الجماعة في
الدراهم تحرم إلا أن يكثر الحلال، واحتج بخبر
عدي في الصيد3، وعنه أيضا: إنما قلته في درهم
حرام مع آخر، وعنه: في عشرة فأقل لا تجحف به،
واختار الأصحاب لا يخرج قدر الحرام. وقال
شيخنا: ثم لا يتبين لي أن من الورع تركه، وفي
الخلاف في اشتباه الأواني الطاهرة بالنجسة
ظاهر مقالة أصحابنا يعني أبا بكر وأبا علي
النجاد وأبا إسحاق: يتحرى في عشرة
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ر": "باب".
2 في "ط": "في".
3 أخرج البخاري "2054" عن عدي قال: قلت يا
رسول الله، أرسل كلبي وأسمي، فأجد معه على
الصيد كلباً آخر لم أسم عليه، ولا أدري أيهما
أخذ؟ قال: "لا تأكل؛ إنما سميت على كلبك، ولم
تسم على الآخر".
(7/81)
طاهرة فيها
إناء نجس، لأنه قد نص على ذلك في الدراهم فيها
درهم حرام، فإن كانت عشرة أخرج قدر. الحرام
منها، وإن كانت أقل امتنع من جميعها.
قال: ويجب أن لا يكون هذا حدا، وإنما يكون
الاعتبار بما كثر عادة، وقيل له بعد ذلك: قد
قلتم إذا اختلط درهم حرام بدراهم يعزل قدر
الحرام ويتصرف في الباقي ; فقال: إن كان
للدرهم مالك معين لم يجز أن يتصرف في شيء منها
منفردا وإلا عزل قدر الحرام وتصرف في الباقي،
وكان الفرق بينهما أنه إذا كان معروفا فهو
شريك معه، فهو يتوصل إلى مقاسمته وإذا لم يكن
معروفا فأكثر ما فيه أنه مال للفقراء فيجوز له
أن يتصدق به، وقال بعد ذلك: قياس كلامه أنه لا
يتحرى في المسلوختين، لأنه قال في درهم غصب
اختلط بعشرة دراهم: يعزل قدر الحرام ويتصرف
فيما بقي، ولم يتحر في الدراهم، ومتى جهل قدره
تصدق بما يراه حراما، قاله أحمد، فدل أنه
يكفيه الظن. وقال ابن الجوزي: قال أحمد: "1لا
تبحث عن شيء ما لم تعلم فهو خير1"، وبأكل
الحلال تطمئن القلوب وتلين ويعتبر في الشركة
العاقدان كوكالة.
وأقسامها الصحيحة أربعة.
أحدها: المضاربة: وهي دفع ماله المعلوم، لا
صبرة نقد ولا أحد كيسين سواء إلى من يتجر فيه
بجزء من ربحه له أو لعبده أو أجنبي مع عمل منه
كنصف ربحه. وفي عيون المسائل: من أحد الشريكين
فيها عمل
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 -1 في الأصل: "لا يبحث عن شيء ما لم يعلم
فهو خبر".
(7/82)
بدن ومن الآخر
مال هو أعيان تتميز بالعمل عليها، ويكون العمل
عليها ببعض نمائها، فظاهره لا يعتبر حضور
المال وقت العقد، فإن قال: وربحه بيننا،
فنصفان، وإن قال: لك والأصح: أو لي ثلثه صح،
والباقي للآخر، وإن أتي معه بربع عشر الباقي
ونحوه صح، في الأصح، ولو اختلفا لمن المشروط
فللعامل، وإن قال: خذه فاتجر به والربح كله
لي، فإبضاع، وإن قال: لك، فقرض1، وإن قال: خذه
مضاربة وربحه لي أو قال: لك، فسدت ولا تصح هي
وشركة عنان2 بعرض، في ظاهر المذهب، وفي الصحة
بمغشوشة وفلوس نافقتين وقيل: أو لا وجهان. وفي
الترغيب: في فلوس نافقة روايتان "م 1".
ـــــــ
مسألة-1: قوله: "وفي الصحة بمغشوشة وفلوس
نافقتين وقيل: أو لا وجهان. وفي الترغيب: في
فلوس نافقة روايتان" انتهى. وأطلقهما في
الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب
والخلاصة، ذكروه في المضاربة، والكافي3
والمقنع4 والهادي والتلخيص والمحرر والنظم
والرعايتين والحاوي الصغير وشرح4 ابن منجا
والفائق وغيرهم، وأطلقهما في الشرح4 في
المغشوشة:
أحدهما: لا يصح، وهو الصحيح، صححه في التصحيح
وغيره، وجزم به في الوجيز وغيره، وقدمه ابن
رزين في شرحه وغيره، وقدمه في المغني5 والشرح6
في الفلوس وقالا: حكم المغشوش حكم المعروض7،
وقد قالا: لا
ـــــــ
1 في الأصل: "فعرض".
2 في الأصل: "أعنان".
3 3/330.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/14.
5 7/125.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/16
7 في "ط" و"ص": "المعروض".
(7/83)
ولا أثر هنا،
وفي الربا وغيرهما لغش1 يسير لمصلحته، كحبة
فضة ونحوها في دينار، ذكره الشيخ، وعنه: الصحة
بقيمة2 عرض وقت العقد. وفي مختصر ابن رزين:
يصح، وقيل في الأظهر يصح بمثلي، ويصح تعليقها،
والمنصوص: وبع هذا وما حصل من3 ثمنه فقد
ضاربتك به، لأضارب بديني على زيد فأقبضه،
ويصح: اقبضه وضارب به، وبوديعتي عندك واقبضها
من فلان وضارب بها، وضارب بعين مالي الذي
غصبته مني، وقيل: لا يزول ضمانه إلا بدفعه
ثمنا، ولا يعتبر قبض رأس المال، ويكفي
مباشرته، وقيل: يعتبر نطقه.
ـــــــ
يصح بالعروض، في ظاهر المذهب، نص عليه.
والوجه الثاني: يصح، اختاره ابن عبدوس في
تذكرته. وقال في الرعاية: قلت: إن علم قدر
الغش وجازت المعاملة صحت الشركة، وإلا فلا،
وإن قلنا الفلوس موزونة كأصلها أو أثمان صحت،
وإلا فلا انتهى.
قلت: الصواب الصحة فيها، وفي المغشوشة
المتعامل بها أولى بالصحة من الفلوس.
تنبيه 4: قوله: "نافقتين وقيل: أو لا" يعني
على هذا القول لا يشترط أن يكونا نافقتين، أما
المغشوشة فلم أر ذلك فيها صريحا إلا ما تقدم
من كلام ابن حمدان، والظاهر أن الذي قدمه مراد
الأصحاب، وأنه لا بد أن يكون متعاملا بها،
وأما الفلوس فما قدمه المصنف هو المذهب،
والقول بعدم اشتراط النفاق فيها هو ظاهر كلام
جماعة من الأصحاب، منهم الشيخ في المقنع5
وغيره، وحكاه في الشرح5 وغيره قولا كالمصنف.
ـــــــ
1 في "ر": كغش"، و"ب": بغش".
2 في "ب": "بقيمة".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 تقدم ص 83.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/14.
(7/84)
وتصح من مريض
ولو سمى لعامله أكثر من أجرة مثله، ويقدم بها
على الغرماء.
ومساقاة ومزارعة، قيل: مثلها، وقيل: من ثلثه،
كأجير "م2" ويصح فيهن شرط العامل عمل المالك
معه أو عبده. وقال الشيخ: مع علم عمله ودون
النصف، وقيل: لا يصح، وقيل: يصح في عبده،
كبهيمته، نقل أبو طالب فيمن أعطى رجلا مضاربة
على أن يخرج إلى الموصل فيوجه إليه1 بطعام
فيبيعه ثم يشتري به ويوجه إليه إلى الموصل
قال: لا بأس إذا كانوا تراضوا على الربح، ولا
يضر عمل المالك بلا شرط، نص عليه ولو قال رب
المال لرجل: اعمل معي، فما كان من ربح فبيننا،
صح، نقله أبو داود.
ويصح توقيتها، على الأصح، فلو قال: فإذا مضى
شهر2 فهو قرض3 فمضى وهو متاع فلا بأس إذا باعه
كان قرضا4، نقله مهنا.
ـــــــ
مسألة-2: قوله: "وتصح من مريض ولو سمى لعامله
أكثر من أجر مثله، ويقدم بها على الغرماء،
ومساقاة ومزارعة، قيل: مثلها، وقيل: من ثلثه،
كأجير" انتهى:
أحدهما: تحسب المحاباة في المساقاة والمزارعة
من الثلث، وهو الصحيح، جزم به في البلغة
والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم، قال في
القواعد الفقهية: أشهر الوجهين أنه يعتبر من
الثلث.
والوجه الثاني: هو كالمضاربة، جزم به في
الوجيز، وقدمه ابن رزين في شرحه، وأطلقهما في
المغني5 والشرح6.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 الأصل: "فرض".
4 الأصل: "فرضاً".
5 7/138.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/17.
(7/85)
ويصح: إذا
انقضت السنة فلا تشتر، وفيه احتمال.
وللمضارب أن يبيع ويقبض ويحيل ويؤجر وعكس ذلك،
ويرد بعيب للحظ، ولو رضي به شريكه ويقر به،
وفي التبصرة: ولو بعد فسخها، ويسافر به. وفيه
رواية صححها الأزجي: ويرهن ويرتهن ويقابل1، في
الأصح فيهن، بمجرد العقد، وعنه: بإذن2، وإن
سافر والغالب العطب ضمن، ذكره أبو الفرج،
وظاهر كلام غيره: وفيما3 ليس الغالب السلامة
ويأتي في المودع4، وذكر جماعة في ولي يتيم
يتجر موضع أمن، ويتوجه التسوية، ومتى لم
يعلما5 بخوفه أو بفلس مشتر لم يضمنا، ذكره
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في ط: "يقابل".
2 في "ط": "بإذ".
3 في "ط": "فيمن".
4 ص 212.
5 في الأصل: "يعلمها".
(7/86)
أبو يعلى
الصغير في شرائه من يعتق، ويتوجه الخلاف، وله
شراء معيب، بخلاف وكيل، ولا يبضع1، على الأصح.
وفي الإيداع وفي المبهج والزراعة2 روايتان "م
3".
ـــــــ
مسألة-3: قوله: "وفي الإيداع. وفي المبهج
والزراعة3 روايتان"، يعني هل له أن يودع أم
لا؟ وحكاهما جماعة وجهين، وأطلقهما في الهداية
والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة
والكافي4 والمقنع5 والتلخيص والرعايتين
والحاوي الصغير وغيرهم.
أحدهما: يجوز عند الحاجة، وهو الصحيح، قال في
المغني6 والشرح5: والصحيح أن الإيداع يجوز عند
الحاجة. قال الناظم7: وهو أولى، وصححه في
التصحيح وغيره، وجزم به في الوجيز وغيره، وهو
الصواب.
والرواية الثانية: ليس له ذلك، قال في المحرر
والفائق: ولا يملك الإيداع، في أصح الوجهين،
وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي قلت: وهو
ضعيف مع الحاجة.
ـــــــ
1 في الأصل: "يتبضع".
2 في "ر": المزارعة" وفي "ط": "الرعاية".
3 في النسخ الخطية: "الرعاية" والمثبت من
الفروع.
4 3/333.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/31-32.
6 7/130.
7 في "ط": "الناظمي".
(7/87)
ولو اشترى خمرا
جاهلا ضمن، ونقله ابن منصور، ولا يملك "1دفعه
مضاربة1"، نقله الجماعة، وفيه تخريج من
توكيله، ولا أجرة للثاني على
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 -1 في "ر": "لأن".
(7/88)
ربه، وعنه:
بلى، وقيل: على الأول مع جهله، كدفع غاصب وإن
مع علمه لا شيء له، وربحه لربه، وذكره جماعة
إن تعذر رده، و1إن كان شراؤه بعين المال،
وذكروا وجها: إن كان في ذمته أنه للثاني، ولا
خلطة بغيره، وعنه: يجوز بمال نفسه، نقله ابن
منصور ومهنا، لأنه مأمور، فيدخل فيما أذن فيه،
ذكره القاضي، ولا الاستدانة عليه، في المنصوص،
بأن يشتري بأكثر من المال، وكذا بثمن ليس معه
من جنسه، وجوزه الشيخ، كشرائه بفضة ومعه ذهب
أو عكسه، ولا أخذ سفتجة2 به ولا دفعها، فإن
قال: اعمل برأيك، ورأى مصلحة، جاز الكل، فلو
كان مضاربا بالنصف
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 معنى قوله: "أخذ سفتجة": أن يدفع إلى إنسان
شيئاً من مال الشركة، ويأخذ منه كتاباً إلى
موكله ببلد آخر، ليستوفي منه ذلك المال.
المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/30.
(7/89)
فدفعه لآخر
بالربع عمل بذلك، نص عليه، والأصح: ويجوز أخذ
سفتجة. وقال في المحرر: والاستدانة وعلى
الأصح: والزراعة. وقال ابن عقيل: وقرضه وقيل
وكذا مكاتبة رقيق وعتقه بمال وتزويجه،
والمذهب: لا، إلا بإذن، كتبرع1 ونحوه، نقل
حنبل: يتبرع ببعض الثمن لمصلحة.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ب": "تبرع".
(7/90)
فصل: و له أن يضارب لآخر فإن أضر بالأول حرم
...
فصل: وله أن يضارب لآخر فإن أضر بالأول حرم،
فإن خالف وربح رد نصيبه منه في شركة الأول، نص
على ذلك، واختار شيخنا لا يرده1،
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ب" و"ط": "يرد".
(7/90)
كعمله في ماله
أو إيجار نفسه. ونقل الأثرم: إذا اشترط النفقة
فقد صار أجيرا له ولا يضارب لغيره، قيل: فإن
كانت لا تشغله؟ قال: لا يعجبني، لا بد من شغل،
وعليه أن يتولى ما جرت العادة به، فإن فعله
بأجرة غرمها.
وله الاستئجار للنداء على المتاع وما العادة
جارية به، وليس له فعله ليأخذ أجرته بلا شرط،
على الأصح، وبذله خفارة وعشرا على المال. قال
أحمد: ما أنفق على المال فعلى المال، وقاله
شيخنا في البذل لمحارب ونحوه.
وإن عين لمضاربة بلدا أو متاعا. وقال في
الرعاية: عام الوجود، أو نقدا، أو من يبيع أو
يشتري منه. وفي المستوعب وغيره: أو جمعهما.
وذكر في المغني1: لا جمعهما، تعين. وللمضارب
النفقة بشرط فقط، نص عليه، كوكيل. وقال شيخنا:
أو عادة فإن شرطها مطلقة فله نفقة مثله
والكسوة، ونصه من المأكول فقط، وظاهره إلا أن
يطول سفره ويحتاج تجديدها2 فله، جزم به في
المغني3. ونقل حنبل: ينفق على معنى ما كان
ينفق على نفسه4 غير متعد ولا مضر بالمال، ولو
لقيه ببلد أذن في السفر
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 7/156-157.
2 في الأصل و"ر": "تحديدها".
3 7/149.
4 في "ب" و"ط": "لنفسه".
(7/91)
إليه وقد نض
فأخذه فله نفقة رجوعه، في وجه.
وله التسري بإذنه، في رواية في "الفصول"،
والمذهب أنه يملكها
ـــــــ
تنبيهان
الأول: قوله: "ولو لقيه ببلد1 أذن له في السفر
إليه وقد نض الثمن كله فقبضه منه فله نفقة
رجوعه في وجه" انتهى. ظاهر هذا أن المقدم: لا
نفقة له في رجوعه وهو كذلك، قدمه في المغني2
والشرح3 وشرح ابن رزين وغيرهم وجزم به في
الرعاية.
والوجه الثاني: له النفقة في رجوعه قلت: وهو
الصواب.
ـــــــ
1 في نسخ التصحيح " بموضع"، والمثبت من
الفروع.
2 7/150.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/80.
(7/92)
ويصير ثمنها
قرضا، ونقل يعقوب اعتبار تسمية ثمنها ويعزر
بوطئه، نقله ابن منصور.
ـــــــ
الثاني: قوله: "وله التسري بإذنه، وفي رواية
في الفصول، والمذهب أنه يملكها ويصير ثمنها
قرضا، ونقل يعقوب اعتبار تسمية ثمنها" انتهى.
اعلم: أن الصحيح من المذهب أنه لو أذن له في
التسري فاشترى جارية صح التسري وملكها وصار
ثمنها قرضا، نص عليه في رواية يعقوب بن بختان،
وعليه الأصحاب، وقطعوا به. وقال في الفصول.
فإن شرط المضارب أن يتسرى من مال المضاربة،
فقال في رواية الأثرم وإبراهيم بن الحارث.
يجوز أن يشتري المضارب جارية من المال إذا أذن
له. وقال في رواية يعقوب بن بختان: يجوز ذلك
ويكون دينا عليه، فأجاز له ذلك بشرط أن يكون
المال في ذمته، قال أبو بكر: اختياري ما نقله
يعقوب، فكأنه جعل المسألة على روايتين، واختار
هذه، قال شيخنا: وعندي أن المسألة رواية
واحدة، وأنه لا يجوز الشراء من مال المضاربة
إلا أن يجعل المال في ذمته، وعلى هذا يحمل1
قوله في رواية الأثرم، لأنه لو كان له ذلك
لاستباح البضع بغير ملك يمين ولا عقد نكاح
انتهى كلامه في الفصول، فنقل صاحب الفصول لا
ينافي المذهب، أكثر ما فيه أن الإمام أحمد
أطلق الرواية بالجواز إذا أذن له. وفي الرواية
الأخرى قال يجوز ويكون ثمنها دينا عليه، وقول
أبي بكر يحتمل ما قاله ابن عقيل من أنه جعل
المسألة على روايتين، وهو بعيد، ويحتمل أنه
أراد أن تكون رواية الأثرم وإبراهيم كرواية
يعقوب
ـــــــ
1 في "ص" و"ط": " كمل".
(7/93)
وقيل: يحد قبل
الربح، ذكره ابن رزين، وذكره غيره: إن ظهر ربح
عزر ويلزمه المهر وقيمتها إن أولدها، وإلا حد
عالما، ونصه: يعزر، ولا يطأ ربه الأمة ولو عدم
الربح. ونقل ابن هانئ أنه سئل: يشتري جارية أو
يكتسي ويأكل؟ قال: لا يجوز هذا إلا أن يقول:
كل شيء تأخذ من مضاربتك. ونقل ابن القاسم: إن
ضارب لآخر لم يجز، فإن أنفق على نفسه في طريقه
فعليهما بالحصص، وإن تلف بعض المال قبل تصرفه
ـــــــ
مبينة لروايتهما، وأن أبا بكر اختار الحمل،
وهو الصواب، وكلام القاضي يدل على ذلك، فابن
عقيل لم يثبت رواية مخالفة للحكم من قول أبي
بكر، بل1 قال: كأنه جعل المسألة على روايتين،
والمصنف أثبت رواية في الفصول بأن له التسري
بإذنه من غير أن يكون ثمنها في ذمته، وليس هذا
برواية، بل مجرد احتمال لكلام أبي بكر، ورواية
الأثرم وإبراهيم بن الحارث ويعقوب منقولات في
غير الفصول، فكون المصنف يخص الرواية بالفصول
إما من نقل الرواية أو من قول أبي بكر فيه نظر
فيما يظهر. والله أعلم. وقال شيخنا يمكن حمل
كلامه في رواية الأثرم2 على أنه أذن له في
التملك من مال المضاربة ما يشتري به جارية له،
فلا يثبت في ذمته الثمن، ويصير الثمن كالهبة،
وليس دخول الجارية في ملكه موقوفا على كون
المال في ذمته، وهذا ظاهر انتهى.
ـــــــ
1 ليست في "ح".
2 ليست في "ص" و"ط".
(7/94)
فباقيه رأس
المال
ـــــــ
...............................
(7/95)
وإن تلف أو
تعيب أو خسر
ـــــــ
...............................
(7/96)
أو نزل سعره
بعد التصرف ونقل حنبل: وقبله جبر الوضيعة من
ربح باقيه قبل قسمته ناضا أو تنضيضه مع
محاسبته، "1نص عليهما1". ونقل ابن منصور وحرب:
إذا احتسبا وعلما ما لهما، واحتج به في
الانتصار، وأنه يحتمل أن يستحق ربح ربحه. ونقل
حنبل: إذا حال حوله من يوم2 احتسبا زكاة
المضارب، لأنه علم ماله في المال، والوضيعة
بعد ذلك على رب المال وأحب3 أن لا يحاسب نفسه،
يكون معه رجل من قبل رب المال، كالوصي لا
يشتري من نفسه لنفسه يكون معه غيره. قال
الأزجي: لا يجوز أن يختص رب المال بحساب المال
ليس معه أحد، نقله حنبل، للتهمة، ولا تختص
المفاضلة بمكان العقد.
وفي "الترغيب": هل تستقر بمحاسبة دون قسمة
وقبض؟ فيه روايتان، وفيه "4في مضاربة4" فيخرج
مثله إذا نض، فلو كان مائة فخسر عشرة ثم أخذ
ربه عشرة نقص بها وقسطها5 مما خسر درهم وتسع،
ولو ربح في المائة عشرين فأخذها فقد أخذ سدسه،
فنقص رأس المال سدسه ستة عشر وثلثين، وقسطها
ثلاثة وثلث.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 -1 ليست في "ب".
2 ليست في الأصل.
3 في "ب": "واجب".
4 -4 ليست في الأصل و"ر".
5 في الأصل: "وخطها".
(7/97)
ومن الربح مهر
وثمرة وأجرة وأرش وكذا نتاج، ويتوجه وجه، وإن
دفع إليه ألفين في وقتين لم يخلطهما، نص عليه،
ويتوجه جوازه، وإن أذن قبل تصرفه في الأول أو
بعده وقد نض1 جاز.
ولو تلف المال ثم اشترى سلعة للمضاربة
فكفضولي، وإن اشتراها في الذمة ثم تلف المال
قبل نقد ثمنها أو تلف هو والسلعة فالثمن على
رب المال، ولرب السلعة مطالبة كل منهما
بالثمن، ويرجع به العامل، وإن أتلفه ثم نقد
الثمن من مال نفسه بلا إذن لم يرجع رب المال
عليه بشيء، وهو على المضاربة. لأنه لم يتعد
فيه، ذكره الأزجي قال: وإن أتلفه انفسخت، لأنه
لا يملكه ما لم يقبضه، ومن أتلفه ضمن الربح
للآخر، ثم إن كان تلفه بعد التصرف فالمضاربة
بحالها وإلا فهي في قدر ثمنها، ولو قتل العبد
فالأمر لرب المال، فإن عفا على مال فالمضاربة
بحالها كبذل2 البيع، والزيادة على قيمته ربح،
ويحتمل لرب المال، لعدم عمل من العامل، قال
الأزجي: وفيه نظر، كبيعه بعض السلع ومع ربح
القود إليهما.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ط": "نص".
2 في "ب": "كبدل".
(7/98)
فصل: و يحرم قسمة الربح و العقد باق إلا
باتفاقهما
...
فصل: ويحرم قسمة الربح والعقد باق إلا
باتفاقهما،
وأن يأخذ المضارب منه بلا إذن، نص عليه،
والمذهب: يملك حصته منه بظهوره، كالمالك،
وكمساقاة، في الأصح، وعنه: بالقسمة، اختاره
القاضي وغيره، لأنه لو اشترى بالمال عبدين كل
واحد يساويه فأعتقهما رب المال عتقا ولم يضمن
للعامل شيئا، ذكره الأزجي، مع أنه ذكر أنه لو
اشترى قريبه فعتق لزمه حصته من الربح كما لو
أتلفه، وعنه: بالمحاسبة والتنضيض والفسخ، فعلى
الأول لا يستقر لشرطه1 ورضاه بضمانه وفي عتق
من يعتق عليه وقيل: ولو لم يظهر ربح وجهان "م
4".
ـــــــ
مسألة-4: قوله: "وفي عتق من يعتق عليه وقيل:
"2ولو لم2" يظهر ربح وجهان" انتهى، وأطلقهما
في المغني3 والمقنع4 والخلاصة والشرح وغيرهم.
واعلم: أنه إذا اشترى من يعتق عليه بعد ظهور
الربح فهل يعتق عليه أم لا؟ في المسألة
طريقان:
أحدهما: وهو الصحيح أنه مبني على الملك
بالظهور وعدمه، وعليه أكثر الأصحاب، وقطع به
كثير، منهم القاضي في خلافه، وابنه أبو
الحسين، وأبو الفتوح الحلواني، وأبو الخطاب
وغيره، وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب
والتلخيص، والشيخ في المغني3 والشارح وابن
منجا، فإن قلنا يملك بالظهور عتق، على الصحيح
من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب منهم القاضي،
وقطع به في الهداية والمذهب والمستوعب
والتلخيص وغيرهم. قال
ـــــــ
1 في "ط": "كشرطه".
2 -2 في "ح": "ولمن".
3 7/152.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/88.
(7/99)
وإتلاف المال
كقسمه، فيغرم نصيبه، وكذا الأجنبي ويقبل قول
مضارب في أنه ربح أم لا، وكذا قدره، نقله ابن
منصور، وذكر الحلواني فيه روايات كعوض كتابة،
الثالثة يتحالفان، وجزم أبو محمد الجوزي بقول
رب المال.
ولو أقر به ثم ادعى تلفا أو خسارة قبل قوله،
وإن ادعى غلطا أو كذبا أو نسيانا لم يقبل،
كدعواه اقتراضا1 تمم به رأس المال بعد إقراره
به لرب المال، وعنه: يقبل، نقل أبو داود
ومهنا: إذا أقر بربح ثم قال: إنما كنت
ـــــــ
ابن رجب في قواعده: وهو أصح، وإن قلنا لا يملك
إلا بالقسمة لم يعتق، وإن قلنا يملكه بالظهور
عتق عليه قدر حصته وسرى إلى باقيه إن كان
موسرا وغرم قيمته، وإن كان معسرا لم يعتق عليه
إلا ما ملك انتهى. وقاله في المغني والشرح
والمستوعب والتلخيص وغيرهم، قلت: وهو مراد من
أطلق.
والطريق الثاني: لا يعتق مطلقا، أعني سواء ظهر
ربح وقلنا يملكه بالظهور أم لا؟ أو لم يظهر
ربح، وهو قول أبي بكر في التنبيه، فإن الملك
فيه غير تام، وصححه ابن رزين في نهايته.
تنبيه: ظهر مما تقدم أن الأصحاب متفقون إذا
ظهر ربح في هذه المسألة على أنها مبنية على أن
المضارب هل يملك حصته بالظهور أم لا؟ وهو قول
الجمهور، أو أنه لا يعتق مطلقا، وهو قول أبي
بكر، والمصنف قد أطلق الخلاف مع ظهور الربح في
عتقه، فإن قلنا هو مبني على ملك العامل حصته
بالظهور وعدمه كان في إطلاقه نظر ظاهر، إذ
الصحيح من المذهب أنه يملكها2 بالظهور،
والمصنف قد قال: المذهب يملكها بالظهور، وإن
قلنا إنه عائد إلى قول جمهور الأصحاب وقول أبي
بكر، وهو الظاهر، لأنه تابع الشيخ في المغني3
فيما يظهر، فاختيار أبي بكر لا يقاوم قول
جمهور
ـــــــ
1 في "ط": "افتراضا".
2 في "ط": " يملكه".
3 7/152.
(7/100)
أعطيك من رأس
مالك، يصدق، قال أبو بكر: وعليه العمل، وخرج
ببينة. ويضمن ثمنا مؤجلا مجحودا "1لا بينة
به1" لا حالا ، ولو قضى بالمضاربة دينه ثم
اتجر بوجهه2 وأعطى رب المال نصف الربح فنقل
صالح، أما الربح فأرجو إذا كان هذا متفضلا
عليه، ويقبل قول المالك بعد الربح فيما شرط
للمضارب، كقبوله في صفة خروجه عن يده، ونقل
حنبل قول3 مضاربة وأنه إن جاوز أجرة المثل رجع
إليها. وقال ابن عقيل: إلا ما يتغابن به،
وبينته أولى لأنه خارج، وقيل عكسه، ونقل مهنا
فيمن قال: دفعته مضاربة، قال: قرضا، ولهما
بينتان، فالربح بينهما نصفان، وهو معنى كلام
الأزجي. وقال: وعن أحمد في مثل هذا فيمن ادعى
ما في كيس وادعى آخر نصفه روايتان.
إحداهما أنه بينهما نصفين.
والثانية لأحدهما ربعه وللآخر ثلاثة أرباعه.
ولو طلب مضارب بيعا مع بقاء قراضه وفسخه فأبى
رب المال أجبر مع ربح، نص عليه، وقيل: أولا،
فعلى تقدير الخسارة يتجه منعه من ذلك ذكره
الأزجي ، ولو انفسخ مطلقا والمال عرض فاختار
المالك تقويمه
ـــــــ
الأصحاب حتى يطلق الخلاف من غير ترجيح، لكن
الشيخ قال: إن ظهر فيه ربح فوجهان مبنيان على
العامل متى يملك الربح، فإن قلنا يملكه
بالقسمة لم يعتق، وإن قلنا يملكه بالظهور
فوجهان، عدم العتق قول أبي بكر، والعتق قول
القاضي انتهى. والأصحاب تابعوا القاضي في هذه
المسألة، والله أعلم.
ـــــــ
1 -1 في "ب" و"ر": "إلا بينة".
2 في "ط": "بوجه".
3 في الأصل: قوله" قوله".
(7/101)
ودفع حصته
ملكه، نص عليه، ثم إن ارتفع السعر لم يطالبه
بقسطه، في الأصح، قال ابن عقيل: وإن قصد رب
المال الحيلة ليختص بالربح بأن كان العامل
اشترى خزا في الصيف ليربح في الشتاء أو يرجو
دخول موسم أو قفل وأن حقه يبقى في الربح، قال
الأزجي: أصل المذهب أن الحيل لا أثر لها، وإن
لم يختر لزم المضارب بيعه، وقيل: إن لم يكن
ربح أو أسقط حقه منه فلا، فإذا لم يلزمه ففي
استقراره بالفسخ وجهان "م 5".
وذكر الشيخ وغيره، يلزمه بقدر رأس المال ولو
كان رأس المال دراهم فصار دنانير أو بالعكس
فكعرض1، ذكره الأصحاب. وقال الأزجي: إن قلنا
هما2 شيء واحد وهو قيمة الأشياء لم يلزمه، ولا
فرق، لقيام كل واحد مقام الآخر، فعلى هذا يدور
الكلام، قال: ولو كان صحاحا فنض قراضه أو
مكسرة لزم العامل رده إلى الصحاح، فيبيعها
بصحاح أو بعرض، ثم يشتريها به، وإن كان دينا
لزمه تقاضيه مطلقا، نص عليه، وقيل:
ـــــــ
مسألة-5: قوله: "ولو انفسخ مطلقا والمال عرض
فاختار المالك تقويمه ودفع حصته ملكه، نص عليه
وإن لم يختر لزم المضارب بيعه، وقيل: إن لم
يكن ربح أو أسقط حقه منه3 فلا، فإذا لم يلزمه
ففي استقراره بالفسخ وجهان" انتهى. وأطلقهما
في الرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
أحدهما: يستقر، وهو ظاهر ما قطع به في المغني4
والشرح5 وغيرهما، وهو الصواب.
والوجه الثاني: لا يستقر بالفسخ.
ـــــــ
1 في الأصل: "فكرض".
2 في "ب": "هي".
3 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
4 7/147.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/131.
(7/102)
في قدره، ولا
يلزم وكيلا، وذكر أبو الفرج: يلزمه رده على
حاله إن فسخ بلا إذنه، قال: وكذا شريك، وليس
لرب المال شراء المال لنفسه أو من عبده
المأذون، وعنه: بلى، صححها الأزجي، كمكاتبه،
فعليها يأخذ بشفعة، وكذا مضارب مع ربح، والأصح
في المنصوص: وله الشراء من غير المضاربة، قال
أحمد: إن لم يبعه مرابحة فهو أعجب إلي.
ومن اشترى نصيب شريكه صح، إلا أن من علم مبلغ
شيء لم يبعه صبرة، وإلا جاز بكيله أو وزنه،
ونقل حنبل المنع في غير مكيل وموزون، وعلله في
النهاية بعدم التعيين فيهما وإن مات مضارب، نص
عليه،
ـــــــ
...............................
(7/103)
وعنه: غير فجأة
وجهل بقاء المضاربة فهو في تركته، عملا
بالأصل، ولأنه لما أخفاه ولم يعينه فكأنه
غاصب، فيتعلق بذمته، وقيل: كوديعة فهي1 في
تركته، في الأصح، وفيها في الترغيب: إلا2 أن
يموت فجأة، وزاد في التلخيص: أو بوصي3 إلى عدل
ويذكر جنسها، كقوله قميص فلم يوجد، وإن مات
وصي وجهل بقاء مال موليه فيتوجه كذلك، قال
شيخنا: هو في تركته ولو أراد المالك تقرير
وارثه فمضاربة مبتدأة، ولا يبيع عرضا بلا
إذنه، فيبيعه حاكم ويقسم الربح ووارث المالك
كهو فيتقرر ما لمضارب ويقدم على غريم ولا
يشتري وهو في بيع، واقتضاء دين كفسخها والمالك
حي، وإن أراد المضاربة والمال عوض4 فمضاربة
مبتدأة، وظاهر كلامه: يجوز ولو لم يعمل
المضارب، إلا أنه صرف الذهب بالورق فارتفع
الصرف استحق لما صرفها، نقله حنبل ولو دفع
عبده أو دابته إلى من يعمل بهما بجزء من
الأجرة أو ثوبا يخيطه أو غزلا ينسجه ونحوه5
بجزء من ربحه أو بجزء منه جاز، نص عليه، وعنه:
لا، اختاره ابن عقيل، ومثله حصاد زرعه وطحن
قمحه ورضاع رقيقه، وكذا بيع متاعه بجزء من
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ب" و"ط": "وهي".
2 ليست في الأصل.
3 في "ط": "الوصي".
4 في "ط": "عرض".
5 بعدها في الأصل"من".
(7/104)
ربحه. واستيفاء
مال بجزء مشاع منه ونحوه وكذا غزوه بدابة بجزء
من1 السهم، ونقل ابن هانئ، وأبو داود: يجوز،
وحمله القاضي على مدة1 معلومة، كأرض ببعض
الخارج، وهي مسألة قفيز الطحان.
وفي عيون المسائل: مسألة الدابة، وأنه يصح على
رواية المضاربة بالعروض وأنه ليس شركة نص
عليه، في رواية ابن أبي حرب، وأن مثله الفرس
بجزء من الغنيمة، ونقل مهنا في الحصاد هو أحب
إلي من المقاطعة، وعنه: وله معه جعل نقد معلوم
لعامل قال أبو داود: باب الرجل يكري دابته على
النصف وبالسهم: حدثنا إسحاق بن إبراهيم
الدمشقي أبو النضر2، حدثنا محمد بن شعيب،
أخبرني أبو زرعة يحيى بن أبي عمرو الشيباني،
عن عمرو بن عبد الله أنه حدثه عن واثلة بن
الأسقع قال: نادى رسول الله صلى الله عليه
وسلم في غزوة تبوك، فخرجت إلى أهلي فأقبلت3
وقد خرج أول صحابة رسول الله صلى الله عليه
وسلم فطفقت في المدينة أنادي من يحمل رجلا له
سهمه؟ فنادى شيخ من الأنصار: لنا سهمه على أن
نحمله عقبة وطعامه معنا. قلت: نعم. قال: فسر
على بركة الله. قال: فخرجت مع خير صاحب، حتى
أفاء الله علينا فأصابني قلائص فسقتهن حتى
أتيته. إلى أن. قال: إنما هي غنيمتك التي
شرطت. قال: خذ قلائصك يا ابن أخي فغير سهمك
أردنا4. عمرو تفرد عنه أبو زرعة ووثقه ابن
حبان، وقوله غير سهمك
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في الأصل و"ر": "أبو النصر".
3 ليست في النسخ الخطية، وفي "ط": "فقلت،
والمثبت من مصدر التخريج.
4 أخرجه أبو داود "2676.
(7/105)
أردنا قال
الخطابي: يشبه أن معناه إنما أردت مشاركتك في
الأجر.
وعنه: وله دفع دابته أو نخله لمن1 يقوم به
بجزء من نمائه، اختاره شيخنا، والمذهب لا،
لحصول نمائه بغير عمله، وبجزء منه يجوز مدة
معلومة، ونماؤه ملك لهما.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في الأصل: "لم".
(7/106)
فصل: الثاني شركة العنان
وهي: أن يشتركا بماليهما المعلومين بما يدل
على رضاهما بمصير كل واحد1 منهما لهما، ولو
اشتركا في مختلط بينهما شائعا صح إن علما قدر
ما لكل منهما.
ويغني لفظ الشركة على الأصح عن إذن صريح
بالتصرف، وهو المعمول عليه عند أصحابنا قاله
في الفصول.
ويعتبر حضور ماليهما لتقرير2 العمل. وتحقيق
الشركة إذن كمضاربة، قال3 أحمد: إنما تكون
المضاربة على شيء حاضر، وقيل: أو أحدهما، ولو
اختلفا جنسا وقدرا وصفة ليعملا فيه والأصح أو
أحدهما لكن بشرط أن يكون له أكثر من ربح ماله،
وبقدره إبضاع وبدونه لا يصح، وفيه وجه، ولا
يعتبر خلطهما، لأن مورد عقد الشركة ومحله
العمل، والمال تابع، لا العكس، والربح نتيجة4
مورد العقد قال والعمل يصير معلوما بإعلام
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 في "ر" "كتقدير" و"ط" "لتقرير".
3 في "ط": "قاله".
4 في "ب": "ينتجه".
(7/106)
الربح، ويتوجه:
"1أو لا1" كجعالة، وإن تلف أحدهما قبل الخلط
فمنهما كنمائه لصحة القسمة2 بالكلام، كخرص
ثمار، فكذا الشركة، احتج به أحمد، قاله3
شيخنا، وعنه: من ربه, ويقبل إقرار أحدهما بعين
ودين على المال قبل الفرقة بينهما4، في وجه.
وفي آخر. في نصيبه "م 6" وكذا
ـــــــ
مسألة-6: قوله في شركة العنان: "ويقبل إقرار
أحدهما: بعين ودين على المال قبل الفرقة
بينهما، في وجه5، وفي آخر في نصيبه" انتهى.
القول الأول اختاره القاضي في خصاله، وصححه
الناظم قلت وهو الصواب، وهل هو إلا وكيل في
حصة شريكه، وقد قال الأصحاب: يقبل إقرار
الوكيل في كل تصرف وكل فيه، وهذا كذلك.
والقول الثاني: هو الصحيح من المذهب وعليه
أكثر الأصحاب، وقطع به في الكافي6 والمغني7
والوجيز وغيرهم، وقدمه في الهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة والمقنع8 والشرح8
والرعايتين والحاوي الصغير وشرح ابن منجا وابن
رزين وغيرهم. وقال في المغني أيضا وغيره: وإن
أقر ببقية ثمن المبيع9 أو بجميعه أو بأجر
المنادي أو الحمال وأشباه هذا ينبغي أن يقبل،
لأن هذا من توابع التجارة فكان له ذلك، كتسليم
المبيع9 وأداء ثمنه انتهى.
ـــــــ
1 -1 في "ط": "لا أو"
2 في الأصل و"ب": "القسم".
3 في "ط": "قال".
4 ليست في الأصل.
5 في "ط": "وجهه".
6 3/334.
7 7/139.
8 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/4.
9 في "ط": "البيع".
(7/107)
مضارب "م 7"
وفي حبس غريم مع منع الآخر منه1 روايتان "م 8"
وله تأخير حقه من الدين، وقيل: وحق الآخر،
ويضمنه، وفي تقاسم دين في ذمم لا ذمة روايتان
"م 9".
ـــــــ
مسألة-7: قوله: "وكذا مضارب"، يعني: أن حكم
إقرار"2المضارب حكم إقرار أحد2" شريكي العنان
خلافا ومذهبا على ما تقدم، والصواب هنا أيضا
القبول، والصحيح من المذهب عدمه.
مسألة-8: قوله: "وفي حبس غريم مع3 منع الآخر
منه روايتان" انتهى. وأطلقهما أبو بكر في
التنبيه، نقله عنه في المستوعب.
إحداهما: له ذلك قلت: وهو الصواب، لأنه ربما
كان في تركه هلاك مال من أراد حبسه، وهو واضح
جدا، وأيضا فالذي يريد حبسه له عنده حق قطعا
فما المانع من حبسه؟.
والرواية الثانية ليس له ذلك قال، قال أبو بكر
وقد مثله بعض أصحابنا بالقاتل إذا طلب أحد
الوليين قتله ومنع منه الآخر لم يجز قتله حتى
يتفق عليه انتهى قلت: ليست هذه المسألة كمسألة
القتل لمن تأمله.
مسألة-9: قوله: "وفي تقاسم دين في ذمم لا ذمة
روايتان" انتهى. وأطلقهما في الهداية والمذهب
والمستوعب والمقنع4 وشرح ابن منجا والحاوي
الصغير والفائق وغيرهم:
إحداهما لا يصح، وهو الصحيح، قال في المغني5:
هذا الصحيح، وصححه في التصحيح، قال ابن رزين
في شرحه: لا يصح، في الأظهر، قال في
ـــــــ
1 في "ط": "من".
2 -2 ليست في "ط".
3 في "ط": "على".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/39.
5 7/191-192.
(7/108)
فإن تكافت
فقياس المذهب من الحوالة على ملء وجوبه، قاله
شيخنا. والشريك كمضارب فيما له وعليه، ويمنع
منه، ولا يصح شراؤه في حصته وفي حصة شريكه
تفريق الصفقة، ويتخرج الصحة من شراء رب المال
وإن عزل أحدهما الآخر تصرف المعزول في قدر
نصيبه، ولو قال: فسخت الشركة، انعزلا1، وعنه:
إن كان المال عرضا لم ينعزل كل منهما حتى ينض،
والمذهب الأول، لأنها وكالة، والربح يدخل
ضمنا، وحق المضارب أصلي وهل كل منهما أجير مع
صاحبه؟ فيه خلاف، فإن كان فما2 ادعي تلفه بسبب
خفي خرج على روايتين، قاله في الترغيب وإلا
قبل "م 10،11".
ـــــــ
تجريد العناية: لا يقسم، على الأشهر، وجزم به
في الوجيز وغيره، وقدمه في الخلاصة والشرح3.
والرواية الثانية: يصح، صححه الناظم، واختاره
الشيخ تقي الدين، وقدمه في الرعايتين..
مسألة-10 , 11 قوله: "وهل كل منهما أجير مع
صاحبه؟ فيه خلاف، فإن كان فما ادعي تلفه بسبب
خفي خرج على روايتين، قاله4 في الترغيب، وإلا
قبل" انتهى. فيه مسألتان:
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في الأصل: "فيما"، وفي "ر": "مما".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/39.
4 في "ط": "قال".
(7/109)
ويقبل قول رب
اليد1 أن ما بيده له، وقول منكر القسمة، وإن
علم عقوبة سلطان ببلد بأخذ مال فسافر فأخذه
ضمنه، لتعريضه للأخذ، ذكره في النوادر، وإن
استأجر أحدهما الآخر في ما لا يستحق أجرته إلا
بعمل فيه، كنقل طعام بنفسه أو غلامه أو دابته،
جاز، نقله الأكثر، كداره، وعنه: لا، لعدم
إمكان إيقاع العمل فيه، لعدم تمييز نصيبهما،
اختاره ابن عقيل، ويحرم على شريك في زرع فرك
شيء من سنبله يأكله بلا إذن، ويتوجه عكسه، ولو
كتب رب المال للجابي والسمسار ورقة ليسلمها
إلى الصيرفي المتسلم ماله وأمره أن لا يسلمه
حتى يقبض منه فخالف، ضمن، لتفريطه، ويصدق
الصيرفي مع يمينه، والورقة شاهدة له لأنه
ـــــــ
المسألة الأولى-10: ومسألة صاحب الترغيب قال
في الرعاية الكبرى: وكل منهما أمين الآخر
ووكيله، فإن ادعى هلاكه بسبب خفي صدق، في
الأصح، وإن ادعى هلاكه بسبب ظاهر لم يضمنه إذا
أقام بينة وحلف معها أنه هلك به انتهى، فصحح
أنه يصدق إذا ادعى أنه هلك بسبب خفي. وقال في
المغني والشرح وغيرهما: وتصرف كل واحد منهما
بحكم الملك في نصيبه والوكالة في نصيب شريكه
انتهى، وكذا قال في التلخيص. وقال أيضا: كل
واحد منهما أمين في حق صاحبه، فلا ضمان عليه
فيما تلف في يده من مال الشركة بغير تفريط منه
ولا تعد، وما يدعى هلاكه بسبب خفي يخرج على
تردد الأصحاب في كون كل واحد منهما أجيرا مع
صاحبه أم لا؟ فمن قال: هو أجير، خرج على
روايتين سبقتا، ومن قال: ليس بأجير، قبل قوله
مع خفاء السبب، لأن إقامة البينة عليه عسير،
وما يدعيه بسبب ظاهر، فلا ضمان عليه، ويكلف
إقامة البينة عليه، ثم القول قوله في هلاكه
بذلك السبب مع يمينه انتهى، فكلامه في التلخيص
ككلامه في الترغيب، كما نقله المصنف عنه،
والذي يظهر أن المسألتين من كلام صاحب
الترغيب، يدل عليه كلامه في التلخيص.
ـــــــ
1 في الأصل: "المال".
(7/110)
العادة، ذكره
شيخنا.
(7/111)
القسم الثالث و الرابع
...
الثالث شركة الوجوه:
وهي: أن يشتريا في ذممهما بجاههما شيئا
يشتركان في ربحه، عينا جنسه أو قدره أو وقته
أو لا، فلو قال كل منهما للآخر: ما اشتريت من
شيء فبيننا، صح، والملك بينهما على ما شرطا،
وهما كشريكي عنان. وهل ما يشتريه أحدهما
بينهما أم بالنية1 كوكيل؟ فيه وجهان، ويتوجه
في عنان مثله، وقطع جماعة بالنية "م12".
الرابع شركة الأبدان: وهي: أن يشتركا فيما
يتقبلان في ذممهما من عمل قال أحمد: الشركة
عندنا بالكلام واحتج بأن ابن مسعود وعمارا
وسعدا اشتركوا قالوا ما أصبنا من شيء2
فبيننا3. وما تقبله أحدهما ففي ضمانهما
ويلزمهما عمله، وذكره الشيخ احتمالا.
ـــــــ
مسألة-12: قوله في شركة الوجوه: "وهل ما
يشتريه أحدهما: بينهما أم بالنية كوكيل؟ فيه
وجهان، ويتوجه في عنان مثله، وقطع جماعة
بالنية" انتهى. قال في الرعاية الكبرى: وهما
في كل التصرف وما لهما وعليهما كشريكي العنان،
وقال في شريكي العنان: وكل واحد منهما أمين
الآخر ووكيله، وإن قال لما بيده هذا لي أو لنا
أو اشتريته منها لي أو لنا صدق مع يمينه، سواء
ربح أو خسر" انتهى. فدل كلامه أنه لا بد من
النية قلت: وهو الصواب، وكذلك هو الصواب في
شركة العنان، والله أعلم.
تنبيه: قوله في شركة الأبدان "وذكر الشيخ
احتمالا" انتهى، الاحتمال الذي ذكره المصنف عن
الشيخ إنما ذكره الشيخ عن القاضي لا عن نفسه،
فالاحتمال للقاضي لا للشيخ.
ـــــــ
1 في "ر": "البينة".
2 في "ب": "سبي".
3 أخرجه أبو داود "3388"، والنسائي 7/280،
وابن ماجه 2/768.
(7/111)
ويقبل إقراره
بما في يده عليهما، ويصح مع اختلاف الصنعة، في
الأصح.
والشركة والوكالة في تملك مباح، في الأصح،
كالاستئجار عليه، ولو مرض أحدهما والأصح أو
تركه بلا عذر فالكسب بينهما، وله مطالبته وله
مطالبته بمن يقوم مقامه، وإن اشتركا بدابتيهما
ليحملا عليهما ما تقبلا حمله في الذمة صح، وإن
اشتركا في أجرة عين الدابتين أو أنفسهما إجارة
خاصة لم يصح، في الأصح، وتصح شركة شهود، قاله
شيخنا، قال: وللشاهد أن يقيم. مقامه إن كان
على عمل في الذمة، وإن كان الجعل على شهادته
بعينه فالوجهان، وصح جوازه، وللحاكم إكراههم،
لأن له نظرا للعدالة وغيرها. وقال أيضا: إن
اشتركوا على أن كل ما حصله كل واحد بينهم،
بحيث إذا كتب أحدهم وشهد شاركه الآخر وإن لم
يعمل فهي شركة الأبدان، تجوز حيث تجوز
الوكالة، وأما حيث لا تجوز ففيه وجهان، كشركة
الدلالين، وموجب العقد المطلق التساوي في
العمل والأجر، وإن عمل واحد أكثر ولم يتبرع
طالب بالزيادة. ولو اشترك1 ثلاثة لواحد دابة
ولآخر رواية2 وثالث يعمل صح في قياس نصه،
اختاره الشيخ على شرطهم، وكذا أربعة، لواحد
دابة وآخر رحى ولثالث دكان ورابع يعمل، وعند
الأكثر فاسدتان وللعامل الأجرة، وعليه لرفقته
أجرة آلتهم، وقيل: إن قصد السقاء أخذ الماء
فلهم، ومن استأجر من الأربعة ما
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ط": "اشترى".
2 في "ط": " دابة"، والرواية: المزاده،
والبعير، والبعير، والبغل،والحمار يستقى عليه.
"القاموس": "روي".
(7/112)
ذكر صح،
والأجرة بقدر القيمة أو أرباعا، "1كتوزيع
المهر، وإن تقبل الأربعة الطحن في ذممهم صح،
والأجرة أرباعا1"، ويرجع كل واحد على رفقته2
لتفاوت قدر العمل بثلاثة أرباع أجر المثل، وإن
قال آجر3 عبدي وأجرته بيننا فله أجر مثله.
ولا تصح شركة الدلالين، قاله في الترغيب
وغيره، لأنه لا بد فيها من وكالة، وهي على هذا
الوجه لا تصح، كآجر دابتك والأجرة بيننا، وفي
الموجز: تصح. وقاله في المحرر إن قيل: للوكيل
التوكيل، وهو معنى المجرد. وقال شيخنا: وتسليم
الأموال إليهم مع العلم بالشركة إذن لهم.
قال: وإن باع كل واحد ما أخذ ولم يعط غيره
واشتركا في الكسب جاز، في أظهر الوجهين،
كالمباح، ولئلا تقع منازعة، ونقل أبو داود في
رجل يأخذ ثوبا يبيعه فيعطيه آخر يبيعه ويناصفه
الكراء: الكراء لبائعه إلا أن يكونا اشتركا
فيما أصابا وذكر الشيخ أن قياس المذهب في
الإجارة جوازه. وقال القاضي وأصحابه: إذا قال:
أنا أتقبل العمل وتعمله أنت والأجرة
ـــــــ
فائدة: "4قال أبو العباس عن رواية أبي داود
هذا نص منه على جواز اشتراك الدلالين، فإن بيع
الدلال وشراءه بمنزلة خياطة الخياط ونجارة
النجار وسائر الأجراء المشتركين، ولكل منهم أن
يستنيب وإن لم يكن للوكيل أن يوكل، وإنما مأخذ
المانعين كالقاضي ومن تبعه أن الدلالة من باب
الوكالة، وسائر الصناعات من باب الإجارة، وليس
الأمر كذلك. وقال أبو العباس أيضا: محل الخلاف
الاشتراك في الدلالة التي فيها عقد، فأما مجرد
النداء والعرض وإحضار الديون فلا خلاف فيه،
والله أعلم4".
ـــــــ
1 -1 ليست في "ط".
2 في الأصل: "رفيقه".
3 في الأصل: "آخر".
4 هذه الفائدة جاءت في هامش الأصل.
(7/113)
بيننا، جاز،
جعلا لضمان المتقبل كالمال، وليس لولي الأمر
المنع بمقتضى مذهب في شركة الأبدان والوجوه
والمساقاة والمزارعة ونحوها مما يسوغ فيه
الاجتهاد، قاله شيخنا.
(7/114)
فصل: و ربح كل شركة على ما شرطا
...
فصل: وربح كل شركة على ما شرطا
ولو تفاضلا وما لهما سواء، نص عليه. وقال
القاضي وابن عقيل في شركة الوجوه: على قدر
ملكيهما، لئلا يأخذ ربح ما لم يضمن، والوضيعة
على المال1، نص عليه، فإن شرطا لهما أو
لأحدهما ربحا مجهولا أو مثل ما شرط فلان لفلان
أو معلوما وزيادة درهم أو2 إلا درهما أو ربح
نصفه أو قدر معلوم أو سفرة أو عام أو أهملاه
فسد العقد، وإن شرط فاسدا لا يعود بجهالة ربح،
كوضيعة3 ماله أو بعضه على صاحبه، أو لزوم
العقد أو خدمة أو قرض أو مضاربة أخرى أو شرطه
لأجنبي أو إن أعجبه أخذه بثمنه أو الارتفاق
بالسلع فالمذهب صحة العقد، نص عليه وعنه: لا.
ولا ضمان في مضاربة فاسدة وإن اشتركا في كل ما
ثبت لهما أو عليهما4، فإن لم يدخل فيها كسب
نادر وغرامة كلقطة وضمان مال
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في الأصل و"ر": "الملك".
2 ليست في الأصل.
3 في "ط": "كوضعية".
4 بعدها في "ط": "وعليهما".
(7/114)
صح، وإن دخل
فيه1 فشركة مفاوضة فاسدة، نص عليه، وأطلق في
المحرر إن شرط أن يشتركا في كل ما ثبت لهما أو
عليهما كشرط فاسد، كما سبق، وذكره في الرعاية
قولا، وفي طريقة بعض أصحابنا: شركة المفاوضة
أن يقول: أنت شريك لي في كل ما يحصل لي بأي
جهة كانت من إرث وغيره، لنا فيها روايتان،
المنصور: لا يصح "2وذكر في المحرر أنه كشرط
فاسد2"، وإذا فسد فربح المضاربة للمالك،
وللعامل أجرة مثله، ولو خسر. وربح شركة عنان
ووجوه بقدر ملكيهما، وأجرة ما تقبلاه في
الأبدان بالسوية، ويرجع كل واحد على الآخر
"3في الثلاثة3"
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ليست في الأصل، و"ط".
2 -2 ليست في "ب".
3 -3 ليست في "ر".
(7/115)
بنصف أجرة
عمله، في الأصح، وعنه: إن فسد لا بجهالة الربح
وجب المسمى، وذكره شيخنا ظاهر المذهب.
وأطلق في الترغيب روايتين، وأوجب شيخنا "1في
الفاسدة1" نصيب المثل، فيجب من الربح جزء جرت2
به العادة في مثله، وأنه قياس مذهب أحمد،
لأنها عنده مشاركة لا من باب الإجارة، وإن
تعدى ضمن وربحه لربه، نقله الجماعة، واحتج
بخبر عروة، وهو المذهب عند أبي بكر والشيخ
وغيرهما.
وذكر جماعة: إن اشترى بعين المال ففضولي،
ونقله 3وهو أظهر، وذكر بعضهم: إن اشترى في
ذمته لرب المال ثم نقده وربح ثم أجازه فله
الأجرة، في رواية، وإن كان الشراء له4 فلا،
وعنه: له أجر مثله.
وفي المغني5: ما لم يحط بالربح، ونقله صالح،
وأنه كان يذهب
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في "ط": "جرب".
3 في "ط": "أبو داود".
4 ليست في "ب" و"ر".
5 7/163.
(7/116)
إلى أن الربح
لرب المال، ثم استحسن هذا بعد، وعنه: له الأقل
أو ما شرطه، وعنه: يتصدقان به، وذكر شيخنا:
ظاهر المذهب أنه بينهما، وفي بعض كلامه: إن
أجازه بقدر المال والعمل، وجعل مثله من اتجر
بمال الغير أو قام بعين فسخت1 أو زرع أرضا
فتبين هي أو بعضها لغيره أو الفلاح الأول
حرثها، وقال: كذا جعله عمر لما أقرض أبو موسى
لابنه2 وأخذه3 من بيت المال4.
وفي "الموجز" فيمن اتجر بمال غيره مع الربح5:
وله أجرة مثله، وعنه: يتصدق به وإن قال: اتجر
به في هذا الموضع، ضمن النقد، لأنه قرض، وفي
المنفعة احتمالان في الانتصار، وفي الفصول: لو
قال: اشتر به كذا، ولم يقل: وبعه، فعند شيخنا
مضاربة فاسدة، والأصح توكيل "م13".
ـــــــ
مسألة-13: قوله: "وإن قال: اتجر به في هذا
الموضع، ضمن النقد، لأنه قرض، وفي المنفعة
احتمالان في الانتصار. وفي الفصول لو قال:
اشتر به كذا، ولم يقل: وبعه، فعند شيخنا
مضاربة فاسدة، والأصح توكيل" انتهى. يعني إذا
خالف و تعدى هل يضمن المنفعة قلت: الصواب أنه
يضمن المنفعة أيضا، كالنقد، لتعديه، والله
أعلم.
قال في الرعاية الكبرى: وإن تعدى المضارب
الشرط أو فعل ما ليس له فعله أو ترك ما يلزمه
ضمن المال، ولا أجرة له، وربحه لربه، وعنه: له
أجرة المثل انتهى. فهذه ثلاث عشرة مسألة في
هذا الباب.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "نتجت" والمثبت من "ط".
2 في "ر": "لأنه".
3 في النسخ الخطية: "وحده"، والمثبت من "ط".
4 أخرجه البيهقي "السنن الكبرى" 6/110، من
حديث زيد بن أسلم عن أبيه.
5 بعدها في "ط": "و".
(7/117)
باب المساقاة و المزارعة
مدخل
...
باب المساقاة والمزارعة
يعتبر كون العاقد جائز التصرف، وتصح بلفظهما،
ومعناه على كل شجر معلوم له ثمر مأكول. وقال
الشيخ: مقصود لا كصنوبر، وقال: أو يقصد ورقه
أو زهره، بجزء مشاع معلوم من ثمره، وعنه: على
نخل وكرم فقط، وعلى الأصح: وعلى ثمر بدا ولم
يكمل بجزء منه. ومثله مزارعة، والمنصوص وعلى
شجر يغرسه ويعمل عليه حتى يثمر بجزء من ثمره،
وظاهر نصه: وبجزء منه ومنهما، كالمزارعة وهي
المغارسة
ـــــــ
...............................
(7/118)
والمناصبة،
واختاره أبو حفص العكبري والقاضي في تعليقه،
وشيخنا، وذكره ظاهر المذهب وقال: ولو كان
مغروسا ولو كان ناظر وقف، وأنه لا يجوز لناظر
بعده بيع نصيب الوقف من الشجر بلا حاجة، وأن
لحاكم الحكم بلزومها في محل النزاع فقط،
والحكم به من جهة عوض المثل ولو لم يقم به1
بينة، لأنه الأصل في العقود، ويتوجه اعتبار
بينة.
وقد قال شيخنا في الفتاوى المصرية: يجوز تصرفه
فيما بيده بالوقف وغيره حتى تقوم حجة شرعية
بأنه ليس ملكا له، لكن لا يحكم بالوقف، حتى
يثبت الملك.
ولو عملا في شجر بينهما نصفين وشرطا التفاضل
في ثمره صح، وقيل: لا، كمساقاة2 أحدهما الآخر
بنصفه ففي أجرته احتمالان "م 1".
ـــــــ
مسألة-1: قوله: "ولو عملا "3في شجر بينهما3"
نصفين وشرطا التفاضل في ثمره صح، وقيل: لا،
كمساقاة أحدهما: الآخر بنصفه ففي أجرته
احتمالان" انتهى. يعني إذا قلنا لا يصح
وأطلقهما في الرعاية الكبرى:
أحدهما: له الأجرة قياسا على المضاربة الفاسدة
وغيرها.
والقول الثاني: ليس له شيء، وهو ظاهر ما قدمه
الشيخ في المغني4 والشرح5 ونصراه فإنهما قالا:
ولو ساقى أحد الشريكين شريكه وجعل الثمرة
بينهما
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في "ب": "المساقاة"، وليست في "ر".
3 -3 في النسخ الخطية و"ط": شجرهما" والتصويب
من الفروع.
4 6/536.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/228.
(7/119)
وهي عقد جائز
فلا تفتقر إلى القبول لفظا، ويعتبر ضرب مدة
معلومة تكمل في مثلها الثمرة، فإن جعلاها إلى1
الجذاذ أو إدراكها فوجهان "م 2".
ـــــــ
نصفين المساقاة2 فاسدة، فإذا عمل في الشجر
بناء على هذا كانت الثمرة بينهما بحكم الملك
ولا يستحق شيئا بعمله لأنه تبرع به لرضاه
بالعمل بغير عوض. وذكر أصحابنا وجها له أجر
المثل، ورداه. قلت ما قدماه ونصراه هو الصواب
إلا أن يكون جاهلا فله أجر المثل والله أعلم.
وقالا: فأما إن ساقى شريكه على أن يعمل معا
ففاسدة والثمرة على قدر ملكيهما، فإن كان ل
أحدهما: فضل، فإن كان قد شرط فضل في مقابلة
عمله استحق ما فضل من أجر المثل، وإن لم يشترط
فليس له شيء إلا3 على الوجه الذي ذكره أصحابنا
انتهى.
مسألة-2: قوله: "ويعتبر ضرب مدة معلومة تكمل
في مثلها الثمرة، فإن جعلاها4 إلى الجذاذ أو
إدراكها فوجهان" انتهى. وأطلقهما في الرعاية
الكبرى:
أحدهما: لا يصح قلت: وهو الصواب هنا، بل الصحة
هنا أولى من المسألة الآتية بعدها، والمصنف قد
جعلها مثلها.
والوجه الثاني: لا يصح قلت: وهو ضعيف جدا،
وإطلاق المصنف الخلاف فيه نظر.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 في "ط": "المساقاة".
3 في "ط": "لا".
4 في "ح": "جعلها".
(7/120)
وكذا مدة
محتملة الكمال "م 3" فإن لم يصرح ففي أجرة
عمله وجهان "م4" وتنفسخ كوكالة، فمتى انفسخت
بعد ظهورها فللعامل حقه وعليه بقية
ـــــــ
مسألة-3: قوله: "وكذا مدة محتملة الكمال"
انتهى، يعني لو جعلا مدة قد تكمل فيها وقد لا
تكمل فهل يصح أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في
الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني1
والمقنع2 والشرح2 وشرح ابن منجا وغيرهم، وهما
احتمالان مطلقان في الفصول:
أحدهما: يصح، وهو الصحيح، صححه في التصحيح،
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وشرح ابن
رزين وغيرهم.
والوجه الثاني: لا يصح، قال الناظم: هذا أقوى،
وجزم به ابن رزين في نهايته ونظمها.
مسألة-4: قوله: "فإن لم يصح ففي أجرة عمله
وجهان" انتهى، وأطلقهما في الهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة والكافي3 والمقنع2 والهادي
والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم:
أحدهما: له الأجرة، وهو الصحيح، صححه في
التصحيح والنظم، وقطع به في الفصول، وقدمه في
المغني1 والشرح2 وشرح ابن رزين وغيرهم، ومال
إليه ابن منجا في شرحه.
ـــــــ
1 6/543-544.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
14/206-207.
3 3/370.
(7/121)
ما عليه من
العمل، وإن فسخها هو فلا شيء له، وإن فسخها
غيره فله أجرة عمله، كجعالة، لا كمضاربة،
وفيها في الانتصار، كمساقاة.
وقيل: لازم1، فتنعكس الأحكام، فلو مات العامل
أو هرب فوارثه كهو، فإن أبى استأجر حاكم من
التركة أو اقترض2 عليه إن هرب فإن تعذر فله
الفسخ، فإن فسخ وقد صلحت فله الشراء، وله
البيع هو عن3 نفسه، وحاكم عن عامل، وبقية
العمل عليهما، وإن لم يبع باع حاكم نصيب عامل
وما يلزمه يستأجر عنه، والباقي لوارثه، وإن لم
تصلح، ففي أجرته لميت وقيل وهارب وجهان "م 5"
ولا بيع4 إلا بشرط القطع،
ـــــــ
والوجه الثاني: لا أجرة له قلت: وهو ضعيف، وفي
إطلاق المصنف الخلاف نظر.
تنبيهان
الأول: عكس المصنف فوائد الخلاف فيما إذا قلنا
إنها عقد جائز ولازم، فجعل فوائد القول بأنها
جائزة للقول بأنها لازمة، وفوائد القول بأنها
لازمة للقول بأنها جائزة. والظاهر أنه من
الكاتب حين التبييض، لأجل تقديم وتأخير أو شيء
كان على الحاشية أو سبقه قلم من المصنف،
فليعلم ذلك، والله أعلم.
"5 مسألة-5- 5": الثاني: قوله: فيما إذا مات
العامل أو هرب: "إن6 لم تصلح ففي أجرته لميت
وقيل: وهارب، وجهان" انتهى. فجعل المصنف هنا
محل الخلاف فيما إذا لم تصلح، يعني إذا مات
العامل وأبى الورثة العمل وتعذر الاستئجار
ـــــــ
1 أي: عقد لازم.
2 في "ط": "افتراض".
3 في الأصل: "من".
4 في "ط": " يبيع".
5 -5 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
6 في النسخ الخطية: "فإن"، والمثبت من
"الفروع".
(7/122)
ولا يباع نصيب
عامل وحده، وفي شراء المالك له وجهان "م 6".
وإن عمل المالك أو استأجر أو اقترض بإذن حاكم
رجع، وإن عجز
ـــــــ
عليه وفسخ رب المال العقد فأطلق الخلاف فيما
إذا لم تصلح. والمعروف في المذهب أن محل
الخلاف فيما إذا لم تظهر لا فيما إذا لم تصلح،
وهو الصواب، فليعلم ذلك، ثم وجدت ابن نصر الله
في حواشي الفروع نبه على ما قلنا، فلله الحمد،
ويحتمل أن يؤول عدم الصلاح بعدم الظهور، وهو
خلاف الظاهر، إذا علم ذلك فنقول: إذا فسخ قبل
الظهور فهل للعامل الذي مات أجرة أم لا؟ أطلق
الخلاف فيه، و1أطلقه في الهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة والمغني2 والمقنع3 والهادي
والشرح3 وشرح ابن منجا والنظم والفائق وغيرهم:
أحدهما: له الأجرة، وهو الصحيح، صححه في
التصحيح، وجزم به الآدمي في منتخبه، وهو
الصواب.
والوجه الثاني: ليس له أجرة، قدمه في
الرعايتين.
وهذه مسألة 5: قد صححت.
مسألة-6: قوله: "ولا يباع نصيب العامل وحده،
وفي شراء المالك له وجهان" انتهى. وأطلقهما في
الفصول والمغني2 والشرح3 والفائق وغيرهم:
أحدهما: لا يصح، قدمه في الرعاية الكبرى.
والوجه الثاني: يصح قلت: وهو الصحيح من
المذهب، فإن المسألة مذكورة في باب بيع الأصول
والثمار4، وقد قال أكثر الأصحاب هناك: يجوز
بيع الثمرة قبل بدو صلاحها لصاحب الشجر، وجزم
بذلك في الرعاية الصغرى، واختاره في
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 6/546-547.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/210.
4 6/201.
(7/123)
عنها ونوى
الرجوع رجع، وإن قدر فالخلاف، وتنفسخ بموت
عامل إن كانت على العين ولو بان الشجر مستحقا
فله أجرة مثله على غاصبه.
واختار في التبصرة أنها جائزة من جهة عامل،
لازمة من جهة مالك، مأخوذ من إجارة.
وتصح المزارعة بجزء معلوم من الزرع إذا كان
البذر من رب الأرض ولو أنه العامل ويقر1
العمل2 من الآخر، وفي منع المزارعة رواية
حكاها أبو الخطاب في مسألة المساقاة.
وقال شيخنا: هي أحل من الإجارة، لاشتراكهما في
المغرم والمغنم، ولا تصح إن كان البذر من
العامل أو من غيره والأرض لهما أو منهما،
ـــــــ
الحاوي الكبير، وصححه في المستوعب والتلخيص
والرعاية الكبرى والحاوي الصغير وغيرهم، وظاهر
كلام الخرقي والشيخ في المقنع3 وغيرهما هناك
عدم الصحة، وأطلقهما المصنف هناك، وتقدم ذلك
هناك، فليعاود، والله أعلم.
ـــــــ
1 في "ب": "يقرأ".
2 في الأصل: "العامل".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 12/170.
(7/124)
وعنه: تصح،
اختاره الشيخ وأبو محمد الجوزي وشيخنا وغيرهم،
فإن رد على عامل كبذره فروايتان، في الواضح "م
7".
وإن كان من ثالث أو من أحدهما والأرض والعمل
من الآخر أو البقر من رابع ففي الصحة تخريج،
وذكره شيخنا رواية واختاره. وفي مختصر ابن
رزين أنه الأظهر، وفي الأربعة خبر مجاهد1،
وضعفه أحمد، لأنه2 جعل فيه الزرع لرب البذر،
والنبي صلى الله عليه وسلم جعله لرب الأرض،
بهذا ضعفه، وقيل لعبد الرحمن بن مهدي: لم يحدث
به يحيى بن سعيد، فقال: أحسن3، مثل هذا الحديث
لا يحدث به.
وإن كان من أحدهما الماء فقط فروايتان "م 8"،
واحتج للمنع بالنهي عن
ـــــــ
مسألة-7: قوله في المزارعة: فإن رد على عامل
كبذرة فروايتان، في الواضح" انتهى.
إحداهما: لا يصح، وهو الصواب قلت: وهو الذي
قطع به أكثر الأصحاب حيث اشترطوا ذلك.
والرواية الثانية: يصح
مسألة-8: قوله: "وإن كان من أحدهما: الماء
فروايتان" انتهى. وأطلقهما في الهداية والمذهب
ومسبوك الذهب والمستوعب والمقنع4 والهادي
والمحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير
ونهاية ابن رزين ونظمها وغيرهم.
ـــــــ
1 أخرج ابن شيبة في "مصنفه" 7/123، عن مجاهد
قال: اشترك رهط على عهد رسول الله صلى الله
عليه وسلم في زرع، فقال أحدهم: قبلي الأرض،
وقال الآخر: قبلي الفدان، وقال الآخر: البذر،
وقال الآخر: علي العمل...
2 في الأصل: "حصل".
3 في الأصل: "أحد".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/250.
(7/125)
بيع الماء1،
فدل على2 أنه إن جوزه جاز بيعه، ونقل الأكثر
الجواز، منهم حرب، وسأله3: من له شرب في قناة
هل يبيع ذلك الماء؟ فلم يرخص فيه، وقال: لا
يعجبني، واحتج بالنهي عن بيع الماء.
وهي كمساقاة في صحتهما4 بلفظ إجارة وجهان "م
9".
ـــــــ
إحداهما: لا يصح وهو الصحيح، اختاره القاضي في
المجرد وغيره، وصححه في التصحيح وتصحيح
المحرر، قال الشيخ في المغني5 والشارح: هذا
أصح، وقدمه في الخلاصة والكافي6 وشرح ابن رزين
والفائق وغيرهم.
والرواية الثانية: يصح، اختاره أبو بكر وابن
عبدوس في تذكرته.
مسألة-9: قوله: "وفي صحتهما"7 عني المساقاة
والمزارعة بلفظ إجارة وجهان" انتهى. وأطلقهما
في المذهب ومسبوك الذهب والمقنع8 والمذهب
الأحمد والنظم وشرح ابن منجا والرعايتين
والحاوي الصغير والفائق وغيرهم:
أحدهما: يصح، وهو الصحيح، اختاره الشيخ الموفق
والشارح وابن رزين في شرحه وقالوا: هذا أقيس،
واختاره ابن عبدوس في تذكرته، وصححه في
التصحيح، "9وجزم به في الوجيز9".
والوجه الثاني: لا يصح، قدمه في الهداية
والمستوعب والخلاصة،
ـــــــ
1 أخرج مسلم "1566"، من حديث جابر: أن النبي
صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع فضل الماء.
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 في "ب": "سالم".
4 في الأصل: "صحتها".
5 7/567.
6 3/276.
7 في النسخ الخطية: "صحتها"، والمثبت من "ط".
8 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/188.
9 -9 ليست في النسخ الخطية.
(7/126)
فصل: و على العامل ما فيه صلاح ثمر وزرع
...
فصل: وعلى العامل ما فيه صلاح ثمر وزرع،
كسقي وطريقة1 وتلقيح وتشميس وإصلاح مكانه وآلة
حرث وبقره. وقال ابن أبي موسى2 والشيخ: وبقر
دولاب، قال في الفنون: والفأس النحاس تقطع
الدغل فلا ينبت، وهو معنى في المحرر وغيره،
وقطع حشيش مضر، وعلى رب المال ما يحفظه كسد
حائط3 وحفر نهر وبئر ودولاب وشراء ما يلقح به
وماء.
وذكر ابن رزين روايتين في بقر حرث وسناية4 وما
يلقح به. والحصاد على العامل، نص عليه، وقيل:
عليهما، وفي الموجز فيه وفي دياس وتذرية وحفظه
ببيدره5 روايتا جذاذ، وهو عليهما على الأصح
بحصتهما، إلا أن يشترطه على العامل، نص عليه،
وأخذ منه صحة شرط كل واحد ما على الآخر أو
بعضه، لكن يعتبر ما يلزم كلا منهما معلوما.
وفي المغني6: وأن يعمل العامل أكثر العمل،
والأشهر يفسد الشرط، ففي العقد روايتان "م
10".
ـــــــ
والتلخيص والبلغة وشرح ابن رزين وغيرهم، وقيل:
إن صحت بلفظهما كانت إجارة.
مسألة-10: قوله فيما إذا شرط أحدهما ما عليه
على7 الآخر: والأشهر يفسد الشرط، ففي العقد
روايتان" انتهى. وأطلقهما في المستوعب
والرعايتين
ـــــــ
1 في "ط": "طريفة".
2 في الإرشاد ص 222.
3 في "ط": "حائطه".
4 سنا على الدابة سناية: سقى عليها. "المعجم
الوسيط": "سنا".
5 في "ط": "ببذره".
6 7/551.
7 في النسخ الخطية: "من".
(7/127)
وذكر أبو الفرج
تفسد بشرط خراج أو بعضه على عامل، ويكرهان
ليلا، نص عليه، واللقاط كحصاد. وفي الموجز
روايتان، وهو كمضارب في قبول ورد ومبطل للعقد
وجزء مشروط، وفي الموجز: إن اختلفا فيما شرطه
له صدق عامل. وفي أصح الروايتين، وإن خان
فمشرف يمنعه، فإن تعذر فعامل مكانه، وأجرتهما
من العامل وإن اتهم ففي المغني1: يحلف، وفي
غيره: للمالك ضم أمين بأجرة من نفسه. وفي
المنتخب: تسمع دعواه المجردة "م 11" قال: وإن
لم يقع النفع به لعدم بطشه أقيم
ـــــــ
والحاوي الصغير والنظم والفائق وغيرهم.
إحداهما: يفسد العقد أيضا، وهو الصحيح، جزم به
في المغني2 والشرح3، وقدمه ابن رزين في شرحه.
والرواية الثانية: لا يفسد، اختاره ابن عبدوس
في تذكرته، والنفس تميل إليه، وهو من جملة ما
إذا اقترن بالعقد شرط فاسد.
مسألة-11: قوله: "وإن اتهم" يعني العامل "ففي
المغني: يحلف، وفي غيره: للمالك ضم أمين بأجرة
من نفسه. وفي المنتخب: تسمع دعواه المجردة"
انتهى. قلت: الذي يظهر أنه لا تنافي بين ما
قاله في المغني وبين ما قاله غيره، فيحمل
كلامه في المغني على ما إذا اتهم بعد فراغ
العمل "4أو في أثنائه وادعي عليه4"، فيكون
القول قوله مع يمينه، وغيره لا يخالفه في ذلك،
بل يوافقه عليه، ويحمل كلام غيره على ما إذا
اتهم في أثناء العمل، فلذلك قال: للمالك ضم
أمين بأجرة، وليس في كلامه في المغني ما يمنع
ذلك، ولا في كلامهم ما ينفي اليمين إذا ادعي
عليه بعد فراغ العمل "4أو في أثنائه4"، هذا
ـــــــ
1 7/547.
2 7/551.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/222.
4 -4 ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".
(7/128)
مقامه أو ضم
إليه، وشرط أخذ مثل بذره واقتسام الباقي فاسد،
نص عليه "و" ويتوجه تخريج من المضاربة، وجوز
شيخنا أخذه أو بعضه بطريق القرض، قال: يلزم من
اعتبر البذر من رب الأرض، وإلا فقوله فاسد.
وقال أيضا: يجوز، كالمضاربة، وكاقتسامهما ما
يبقى بعد الكلف، "1ويعتبر معرفة جنس البذر ولو
تعدد، وقدره1".
وفي المغني2: أو تقدير المكان وتعيينه، وإن
شرط إن سقى سيحا أو زرعها شعيرا فالربع،
وبكلفة وحنطة فالنصف، لم يصح، كما زرعت من
شعير فلي ربعه، ومن حنطة فنصفه، أو زارعتك أو
ساقيتك هذا بالنصف على أن الآخر بالربع، وكنصف
هذا النوع وربع الآخر ويجهل العامل قدرهما،
ولك الخمسان إن لزمتك خسارة وإلا الربع، في
المنصوص فيها3.
وقيل: يصح، كـ: ما زرعت من شيء فلي نصفه.
وإن آجره الأرض وساقاه على الشجر فكجمع بيع
وإجارة، وإن كان
ـــــــ
ما يظهر، قال في المغني4 والشرح5: حكم العامل
حكم المضارب فيما يقبل قوله فيه وفيما يرد،
لأن رب المال ائتمنه، فأشبه المضارب، فإن اتهم
حلف، وإن ثبتت خيانته ضم إليه من يشارفه،
كالوصي" انتهى. وكذا قال في الرعايتين والحاوي
وغيرهم، وعلى تقدير التنافي القول الثاني:
أصوب مع يمين العامل إن اتهمه فيما عمله بغير
أمين، والله أعلم.
ـــــــ
1 -1 ليست في "ب".
2 7/566.
3 في "ط": "فيهما".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 7/547.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/219.
(7/129)
حيلة فذكر
القاضي في إبطال الحيل جوازه، والمذهب لا. ثم
إن كانت المساقاة في عقد ثان فهل تفسد أو هما؟
فيه وجهان "م 12".
وإن جمعهما في عقد فتفريق الصفقة وللمستأجر
فسخ الإجارة. وقال شيخنا: سواء صحت أو لا، فما
ذهب من الشجر ذهب ما يقابله من العوض.
ولا تجوز إجارة أرض وشجر فيها، قال أحمد: أخاف
أنه استأجر شجرا لم يثمر، وذكر أبو عبيد
تحريمه "ع" وجوزه ابن عقيل تبعا ولو كان الشجر
أكثر، لأن عمر رضي الله عنه ضمن حديقة أسيد بن
حضير لما مات ثلاث سنين لوفاء دينه1. رواه حرب
وغيره، ولأنه وضع الخراج على أرض الخراج ، وهو
أجرة، وقاله مالك بقدر الثلث، وجوز شيخنا
إجارة الشجر مفردا ويقوم عليها المستأجر
"2كأرض لزرع وإن ما استوفاه الموقوف عليه
والمستعير بلا عوض يستوفيه المستأجر2" بالعوض
بخلاف بيع السنين،
ـــــــ
مسألة-12: قوله: "وإن آجره الأرض وساقاه على
الشجر فكجمع بين بيع وإجارة، وإن كان حيلة
فذكر القاضي في إبطال الحيل جوازه، والمذهب
لا، ثم إن كانت المساقاة في عقد ثان فهل تفسد
أو هما؟ فيه وجهان" انتهى:
أحدهما: تفسد المساقاة وحدها، قدمه في الرعاية
الكبرى.
والوجه الثاني: يفسدان، وهو ظاهر ما جزم به في
المغني3 والشرح4، إذا فعلا ذلك حيلة على شراء
الثمرة قبل وجودها أو قبل بدو صلاحها فلا يصح،
سواء جمعا بين العقدين أو عقدا أحدهما: قبل
الآخر، وهو الصواب.
ـــــــ
1 رواه ابن أبي شيبة 7/321.
2 -2 ليست في الأصل و "ب"
3 7/562.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/240.
(7/130)
فإن تلفت
الثمرة فلا أجرة، وإن نقصت عن العادة فالفسخ
أو الأرش، لعدم المنفعة المقصودة بالعقد، وهو
كجائحة واشتراط عمل الآخر حتى يثمر ببعضه قال
شيخنا: والسياج على المالك، ويتبع في الكلف
السلطانية العرف ما لم يكن شرط، قال: وما طلب
من قرية من وظائف سلطانية ونحوها فعلى قدر
الأموال، وإن وضعت على الزرع فعلى ربه، وعلى
العقار على ربه ما لم يشرطه1 على مستأجر، وإن
وضع مطلقا فالعادة.
ومتى فسد العقد فالثمرة والبذر لربه وعليه
الأجرة، وكذا العشر، وإن صحت لزم المقطع عشر
نصيبه، ومن قال العشر كله على الفلاح فخلاف
الإجماع قاله شيخنا، وإن ألزموا الفلاح به
فمسألة الظفر. وقال شيخنا: الحق ظاهر، فيأخذه،
وقيل: إن شرط لأحدهما الثمرة ففي الأجرة
وجهان، وحكم بذرين منهما كمالي عنان.
وفي إيجار أرضه بطعام معلوم من جنس خارج منها
روايتان "م 13".
ـــــــ
مسألة-13: قوله: "وفي إيجار أرضه بطعام معلوم
من جنس خارج منها روايتان" انتهى. وأطلقهما في
المغني2 والشرح3.
إحداهما: يصح، وهو الصحيح، اختاره أبو
الخطاب4.
ـــــــ
1 في "ط": "يشرط".
2 7/570.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/256.
4 بعد في "ط": "قال أبو الخطاب".
(7/131)
وعنه: يكره،
وحمل القاضي الجواز على الذمة، والمنع على أنه
منه، ويجوز بغير جنسه، وعنه: ربما تهيبته ولا
يكره بنقد وعرض، ويجوز بجزء مشاع من الخارج،
نص عليه، اختاره الأكثر، وعنه: لا، اختاره أبو
الخطاب والشيخ، وعنه: يكره، فإن صح إجارة أو
مزارعة فلم يزرع نظر إلى معدل المغل، فيجب
القسط المسمى فيه، وإن فسدت وسميت إجارة فأجر
المثل، وقيل: قسط المثل، واختاره شيخنا.
وسأله ابن منصور: يشرط على الأكار أن يعمل له
في غير الحرث؟ قال: لا يجوز. وسأله الأثرم:
يشارطه على كراء البيوت وما أحدث من عمارة
فيها وفي الأرض فهو لرب الأرض ثم يخرج الأكار
من قبل نفسه هل يطيب لرب الأرض ما عمله؟ قال:
إذا شرط فأرجو أن لا بأس، قال شيخنا: لا يجوز
أن يشرط عليه شيئا مأكولا ولا غيره. وقال فيما
يؤخذ من نصيب الفلاح للمقطع: والعشر والدياسة
ونحو ذلك إن كانت لو دفعت
ـــــــ
قال في الفائق: وهو المختار وأظن أن الشيخ تقي
الدين اختاره، وقطع به ناظم المفردات وقال:
بنيتها على الصحيح الأشهر
وقدمه في المستوعب والرعاية الكبرى والحاوي
الصغير وغيرهم.
والرواية الثانية: لا يصح، اختاره القاضي
"1وابن عقيل في الفصول1" وصححه الناظم، قال
ابن رزين في شرحه: لا يصح. وفي الأظهر، وقطع
به في نهايته، ومال إليه شيخنا في حواشيه.
فهذه ثلاث عشرة مسألة في هذا الباب.
ـــــــ
1 -1 ليست في "ط".
(7/132)
مقاسمة قسمت أو
جرت بمقدار فأخذ قدره فلا بأس، قال: وهديته له
إنما هي بسبب الإقطاع، فينبغي أن يحسبها مما
له عنده أو لا يأخذها.
وما سقط من حب وقت حصاد فنبت عاما آخر فلرب
الأرض، نص عليه. وفي المبهج وجه: لهما، وفي
الرعاية: لرب الأرض مالكا أو مستأجرا أو
مستعيرا، وقيل: له حكم عارية، وقيل حكم غصب،
وكذا نص فيمن باع قصيلا1 فحصد وبقي يسير فصار
سنبلا فلرب الأرض. وفي المستوعب: لو أعاره
أرضا بيضاء ليجعل بها شوكا أو دواب فتناثر بها
حب أو نوى فلمستعير، وللمعير إجباره على قلعه
بدفع القيمة لنص أحمد على ذلك في الغاصب.
واللقاط مباح، قال في الرعاية: ويحرم منعه،
نقل المروذي: إنما هو بمنزلة المباح، ونقل حرب
فيمن حصد زرعه فسقط سنبل فلقطه قوم، يقاسمهم؟
قال: سبحان الله لا، ونقل حنبل إذا أخذ
السلطان حقه فعلى صاحبه أن يعطي المساكين مما
يصير له2 لقوله: {وَآتُوا حَقَّهُ}
[الأنعام:141] والحصاد أن لا يمنع الرجل،
ويكون ذلك بعلم صاحب الزرع، ونقل أيضا: لا
ينبغي أن يدخل مزرعة أحد إلا بإذنه، وقال: لم
ير بأسا بدخوله يأخذ كلأ وشوكا، لإباحته ظاهرا
وعرفا وعادة والله تعالى أعلم.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 القصيل: ما اقتصل أي: قطع من الزرع أخضر.
"القاموس": "قصل".
2 ليست في الأصل و"ر".
(7/133)
باب الإجارة
تعريف الإجارة و
بما تنعقد
...
باب الإجارة
وهي عقد لازم، نص عليه، على النفع، يؤخذ شيئا
فشيئا، وانتفاعه تابع له، وقد قيل: هي خلاف
القياس، والأصح لا، لأن من لم يخصص العلة1 لا
يتصور عنده مخالفة قياس صحيح، ومن خصصها فإنما
يكون الشيء خلاف القياس إذا كان المعنى
المقتضي للحكم موجودا فيه ويخلف الحكم عنه.
تنعقد بلفظها ومعناه إن2 أضافه إلى العين3،
وكذا إلى النفع، في الأصح، وفي لفظ البيع
وجهان "م 1".
ـــــــ
مسألة-1: قوله: "وفي لفظ البيع وجهان" انتهى،
وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب
والمستوعب والخلاصة والمغني4 والكافي5
والمقنع6 والهادي والمذهب الأحمد والتلخيص
والبلغة والشرح6 وشرح ابن منجا والرعايتين
والحاوي الصغير والفائق وشرح الخرقي للطوفي
والقواعد الفقهية والزركشي وغيرهم، قال في
التلخيص والفائق: وأما لفظ البيع فإن أضافه
إلى الدار لم يصح، وإن أضافه إلى المنفعة
فوجهان" انتهى. وهو مراد من أطلق.
أحدهما: يصح، وهو الصحيح، اختاره ابن عبدوس في
تذكرته، والشيخ تقي الدين فقال في قاعدة له في
تقرير القياس بعد إطلاق الوجهين: والتحقيق أن
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في الأصل"ذاته".
3 في الأصل: "الغير".
4 8/7.
5 3/379.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/263.
(7/134)
قال شيخنا:
بناء على أن هذه المعاوضة نوع من البيع أو
شبيه به. وفي التلخيص مضافا إلى النفع، نحو
بعتك نفع هذه الدار شهرا، وإلا لم يصح، نحو
بعتكها شهرا "1ومضافا إلى النفع وإلا لم يصح1"
ويشترط معرفة نفع كمبيع بعرف، كسكنى، فلا يعمل
فيها حدادة ولا قصارة ولا دابة، والأشهر: ولا
مخزنا للطعام.
قيل لأحمد: يجيء إليه زوار عليه أن يخبر صاحب
البيت بذلك؟ قال: ربما كثروا وأرى أن يخبر،
وقال: إذا كان يجيئه الفرد ليس عليه أن يخبره،
وذكر الأصحاب: له إسكان ضيف وزائر، واختار
صاحب الرعاية: يجب ذكر السكنى وصفتها وعدد من
يسكنها وصفتهم إن اختلفت الأجرة، وخدمة آدمي
شهرا أو شهرا للخدمة. وفي النوادر والرعاية:
يخدم ليلا ونهارا، وإن استأجره للعمل استحقه
ليلا وحمل معلوم إلى موضع معلوم، فلو كان
المحمول كتابا فوجد المحمول إليه غائبا فله
الأجر لذهابه ورده. وفي الرعاية وهو ظاهر
الترغيب إن وجده ميتا فالمسمى فقط ويرده، نقل
حرب: إن استأجر دابة أو وكيلا ليحمل له شيئا
من الكوفة فلما وصلها لم يبعث له وكيله بما
أراد فله الأجرة من هنا إلى
ـــــــ
المتعاقدين إن عرفا المقصود انعقدت بأي لفظ
كان من الألفاظ التي عرف بها المتعاقدان
مقصودهما، وهذا عام في جميع العقود، فإن
الشارع لم يحد حدا لألفاظ العقود، بل ذكرها
مطلقة انتهى. وكذا قال ابن القيم في إعلام
الموقعين، واختاره وقدمه ابن رزين في شرحه،
قال في إدراك الغاية: لا يصح بلفظ البيع، وفي
وجه فدل2 أن المقدم الصحة قلت: وهو الصواب.
والوجه الثاني: لا يصح، صححه في التصحيح
والنظم.
ـــــــ
1 -1 ليست في "ب" و"ر".
2 في "ط": "تدل"
(7/135)
ثم، قال أبو
بكر: هذا جواب على أحد القولين، والآخر: له
الأجرة في ذهابه ومجيئه، فإن جاء1 والوقت لم
يبلغه فالأجرة له، ويستخدمه بقية المدة.
ومعرفة مركوب كمبيع, وما يركب به, وكيفية
سيره, وقدم فيه2 في الترغيب: لا, وفي"3
ذكوريته وأنوثيته3" وجهان "م2".
وفي الموجز: يعتبر نوعه, وراكب كمبيع, وقيل:
برؤية, وقيل: لا يلزم4 ذكر توابعه العرفية,
كزاد وأثاث ونحوه, وله حمل ما نقص عن معلومه,
وقيل: لا بأكل معتاد وفاقاً لأحد قولي الشافعي
والترغيب وغيرهما2 ومعرفة حامل خزف أو زجاج
ونحوه, في الأصح, وقيل: مطلقا ويتوجه مثله ما
يدير دولابا ورحى, واعتبره في التبصرة ومعرفة
محمول, واكتفى ابن عقيل و"5الترغيب وغيرهما5"
بذكر وزنه مما شئت, ومعرفة أرض لحرث, ومعرفة
الأجرة, فهي في الذمة كثمن, والمعينة كمبيع.
ـــــــ
مسألة-2: قوله: "معرفة مركوب كمبيع وفي
ذكوريته وأنوثيته وجهان" انتهى. وأطلقهما في
الرعاية الكبرى:
أحدهما: لا يشترط، وهو الصحيح، قدمه في
المغني6 والكافي7 والشرح8 والفائق وغيرهم.
والوجه الثاني: يشترط معرفة ذلك، اختاره
القاضي في الخصال، وابن عقيل في
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 ليست في الأصل.
3 -3 في الأصل: "ذكورة وأنوثة".
4 ليست في "ب" و"ر".
5 -5 ليست في الأصل.
6 6/91.
7 3/387.
8 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/272.
(7/136)
وتصح بمنفعة1
وتصح في أجير وظئر بطعامهما وكسوتهما، وهما
عند التنازع كزوجة، نص عليه، وعنه: كمسكين في
كفارة، وعنه: المنع، وعنه: في أجير، وعنه: يصح
في دابة بعلفها.
ويستحب عند فطام إعطاؤها عبدا أو أمة مع
القدرة، وأوجبه أبو بكر، ولو اكترى لمدة غزاته
أو غيرها كل يوم بكذا جاز، "2وعنه: لا2". ولو
اكترى دارا كل شهر بكذا ونحو ذلك ففي صحة
العقد وقيل بعد الأول روايتان "م3" فإن صح
ففسخ بعد دخول الثاني وقال القاضي
ـــــــ
الفصول، واقتصر عليه في المستوعب، وقدمه ابن
رزين في شرحه.
مسألة-3: قوله: "ولو اكترى دارا كل شهر بكذا
ونحو ذلك ففي صحة العقد، وقيل بعد الأول
روايتان" انتهى. وأطلقهما في المغني3 والشرح4
والمحرر.
إحداهما: يصح، وهو الصحيح، نص عليه في رواية
ابن منصور، وعليه أكثر الأصحاب، قال الزركشي:
هو المنصوص، واختاره القاضي وعامة أصحابه
والشيخان انتهى، قال الناظم: يجوز في الأولى،
وصححه في تصحيح المحرر، وجزم به الخرقي وصاحب
الوجيز وغيرهما، وقدمه في الكافي5 والمقنع4
والرعاية الكبرى وشرح ابن رزين والفائق
وغيرهم.
والرواية الثانية: لا يصح، اختاره أبو بكر
وابن حامد وابن عقيل وغيرهم، قال في الكافي5:
وقال أبو بكر وجماعة6 من أصحابنا بالبطلان،
قال الشارح: والقياس
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "منفعة".
2 -2 ليست في "ب".
3 8/20.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/304.
5 3/391-392.
6 ليست في "ط".
(7/137)
والمحرر: إلى
تمام يوم. وقال الشيخ: أو قبله وقال أيضا،
ـــــــ
يقتضي عدم الصحة، لأن العقد تناول جميع
الأشهر، وذلك مجهول انتهى.
(7/138)
وأبو الخطاب
وشيخنا: بل قبله، وقال "1أي الشيخ1" أو ترك
التلبس به فلا أجرة. وفي الروضة: إن لم يفسخ
حتى دخل الشهر الثاني فهل له الفسخ؟ فيه
روايتان، ولو قال شهرا بكذا وما زاد بكذا صح
في الأول، وفي الثاني وجهان "م 4".
ـــــــ
مسألة-4: قوله: "ولو قال شهرا بكذا وما زاد
بكذا صح في الأول، وفي الثاني: وجهان" انتهى،
الظاهر أن في كلام المصنف نقصا في قوله "وما
زاد بكذا" فإن هذا2 الحكم لم يقله أحد من
الأصحاب، وإنما ذكروا الوجهين فيما إذا قال
آجرتك هذا الشهر بكذا وما بعده كل شهر بكذا،
كما قاله في المغني3 والشرح4 والرعاية وغيرهم،
فعلى هذا يقدر وما زاد فله بكل5 يوم أو شهر
كذا والله أعلم. إذا علم ذلك فأطلق الوجهين في
المغني3 والشرح وشرح ابن رزين وغيرهم:
أحدهما: يصح، وهو الصحيح، نص عليه، وهي شبيهة
بالمسألة التي قبلها، وأولى بالصحة، وقدمه في
الخلاصة والمقنع6 والرعاية والنظم والحاوي
الصغير والفائق وغيرهم وجزم به في الوجيز
وغيره، ونصره الشيخ الموفق والشارح وغيرهما.
ـــــــ
1 -1 ليست في الأصل و"ر".
2 في "ط": "هكذا".
3 8/22.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/308.
5 في "ط": "كل".
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/304.
(7/139)
ولو قال: إن
خطته اليوم أو روميا فبكذا، أو إن خطته غدا أو
فارسيا فبكذا، لم يصح، على الأصح وكذا إن
زرعتها براً1 فبخمسة وذرة بعشرة ونحوه.
وتجب الأجرة بالعقد، وله الوطء، ويتوجه فيه
قبل القبض رواية، وتستحق بتسليم العين أو
بفراغ عمل لما بيد مستأجر أو بذلها2 وعنه: قدر
ما سكن، وحمله القاضي على تركها لعذر، ومثله
تركه تتمة عمله، وفيه في الانتصار كقول
القاضي، وله الطلب بالتسليم، ولا يستقر إلا
بمضي
ـــــــ
والوجه الثاني: لا يصح، قال في الرعاية الكبرى
أيضا: وإن اكترى شهرا معينا بدرهم وما زاد
فبحسابه صح في الشهر الأول وحده، ويحتمل الصحة
فيما زاد من الشهور، وإن قال آجرتك هذا الشهر
بدرهم وما بعد كل شهر بدرهمين فوجهان، والقول
بعدم الصحة اختاره القاضي وتأول قول أحمد في
رواية أبي الحارث هو جائز على الزمن الأول لا
على الثاني، قال الشيخ الموفق: والظاهر عن
"3أحمد خلاف ذلك قال في الهداية3": الظاهر أن
قول القاضي رجع إلى ما فيه الإشكال، قال في
المستوعب: وعندي أن حكم هذه المسألة حكم ما
إذا آجره عينا لكل شهر بكذا، يعني التي تقدمت.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في "ط": " بدلها".
3 -3 في "ط": " عن أمر ذلك قال في البداية".
(7/140)
المدة، بلا
نزاع، فإن بذل تسليم عين لعمل في الذمة فوجهان
"م 5".
ويجوز تأجيلها، وقيل: إن لم يكن نفعا في الذمة
وقيل: ويجب قبضها في المجلس ولا تحل في أصح
قولي العلماء مؤجلة بموت وإن حل دين؛
ـــــــ
مسألة-5: قوله: "ولا يستقر إلا بمضي المدة بلا
نزاع، فإن بذل تسليم عين لعمل في الذمة
فوجهان" انتهى، قال الشيخ في المغني1. وإن بذل
تسليم عين وكانت الإجارة على عمل فقال أصحابنا
إذا مضت مدة يمكن الاستيفاء فيها استقر عليه2
الأجر وقال أبو حنيفة: لا أجر عليه، وهو أصح
عندي" انتهى، وكذا قال الشارح، ولم يختر ما
اختاره في المغني، "3وجزم في الكافي4 بما
اختاره في المغني أنه لا يستقر ببذل
التسليم3"، وقطع في الرعاية الكبرى بما قاله
الأصحاب، وقدمه ابن رزين وغيره، وهو الصحيح من
المذهب، وكان الأولى بالمصنف أن يفصح باختيار
الأصحاب إن لم يقدمه، والله أعلم.
ـــــــ
1 8/19.
2 ليست في "ط".
3 -3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 3/393.
(7/141)
لأن حلها مع
تأخير استيفاء المنفعة ظلم، قاله شيخنا، قال:
وليس لناظر وقف ونحوه تعجيلها كلها إلا لحاجة،
ولو شرطه لم يجز، لأن الموقوف عليه يأخذ ما لا
يستحقه الآن، كما يفرقون في الأرض المحتكرة
إذا بيعت وورثت، فإن الحكر من الانتقال يلزم
المشتري والوارث، وليس لهم أخذه من بائع وتركه
في أصح قوليهم.
ولا أجرة ببذل عين في إجارة فاسدة، فإن تسلمها
فأجرة المثل، لتلف المنفعة بيده، وعنه: إن لم
ينتفع فلا أجرة، وفي التعليق: يجب المسمى في
نكاح فاسد، فيجب أن نقول مثله في الإجارة،
وعلى أن القصد فيها العوض، فاعتبارها بالأعيان
أولى. وفي الروضة: هل يجب المسمى في الإجارة
أم أجرة المثل وهي الصحيحة؟ فيه روايتان.
ولو أعطى ثوبه قصارا أو خياطا بلا عقد إجارة
أو استعمل حمالا أو شاهدا ونحوه جاز، وله
الأجرة، في الأصح، وذكر الشيخ وغيره لمنتصب،
كتعريضه1 بها، وكدخول حمام وركوب سفينة ملاح.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في الأصل: و"ر": لتعريضه".
(7/142)
فصل: ما حرم بيعه فإجارته مثله،
إلا الحر والحرة، ويصرف بصره في النظر، نص
عليه، والوقف وأم الولد، ولا ينعقد إلا على
نفع مباح لغير ضرورة مقدور عليه يستوفى دون
الأجزاء، كإجارة دار يجعلها مسجدا أو كتاب
للنظر، وفي المصحف الخلاف، وفي الموجز روايتان
"م 6" وحلي وذكر جماعة فيه: يكره بجنسه، وعنه:
لا يصح، وقيل له: فثوب يلبسه؟ قال: لا بأس به،
لأنه لا ينقص، وحيوان، وقيل: حتى كلب لصيد
وحراسة، وشجر لنشر ثياب وقعود بظله، وبقر لحمل
وركوب وغنم لدياس زرع، وبيت في دار ولو أهمل
استطراقه، وآدمي لقود أو إراقة خمر، وعنه:
يكره فيها، ويحرم حملها لشرب، على الأصح،
ومثلها ميتة لطرح أو أكل وتحرم إجارة دار
لبيعه ونحوه، شرط في العقد أو لا، وغناء وفحل
لنزو، وفيه تخريج "وم" وكرهه أحمد لهما، زاد
حرب: جدا.
ـــــــ
مسألة-6: قوله: "وفي المصحف الخلاف. وفي
الموجز روايتان" انتهى. يعني بالخلاف الخلاف
الذي في بيعه، وقد أطلق الروايات في كتاب
البيع، وتقدم تحرير ذلك1، وأن الصحيح لا يصح،
هكذا هنا، فليراجع، وقد قال المصنف هناك:
وإجارته كبيعه، فحصل التكرار.
ولعله أراد بقوله "وفي الموجز روايتان"
إحداهما كبيعه والثانية ليس كبيعه، فيجوز، وإن
منعنا البيع لعدم رغبته عنه مطلقا.
ـــــــ
1 6/134-135.
(7/143)
قيل: فالذي
يعطى ولا يجد منه بدا؟ فكرهه. ونقل ابن
القاسم: وقيل له: ألا يكون مثل الحجام يعطى
وإن كان منهيا عنه؟ فقال: لم يبلغنا أن النبي
صلى الله عليه وسلم أعطى في مثل هذا شيئا كما
بلغنا في الحجام1، وحمله القاضي على ظاهره
وقال هذا مقتضى النظر ترك في الحجام، وحمل في
المغني2 كلام أحمد هذا على الورع لا التحريم.
قال شيخنا: ولو أنزاه على فرسه فنقص ضمن نقصه،
ونفع مغصوب وأرض سبخة لزرع، قال في الموجز:
وحمام لحمل الكتب لتعديه، وفيه احتمال، قال في
التبصرة: وهو أولى، وأنه تصح إجارة هر وفهد
وصقر معلم للصيد، مع أنه ذكر في بيعها الخلاف،
وشمع ليشعله وجعله شيخنا مثل كل شهر بدرهم،
فمثله في الأعيان نظير هذه المسألة في
المنافع، ومثله كلما أعتقت عبدا من عبيدك فعلي
ثمنه، فإنه يصح وإن لم يبين العدد والثمن، وهو
إذن في الانتفاع بعوض، واختار جوازه، وأنه ليس
بلازم بل حائز، كالجعالة، وكقوله ألق متاعك في
البحر وعلي ضمانه، فإنه جائز، أو من ألقى كذا
فله كذا ومن ألقى كذا فله كذا، وجواز إجارة
ماء قناة
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 أخرج البخاري "2279"، ومسلم "2208"، عن ابن
عباس قال: "احتجم النبي صلى الله عليه وسلم
وأعطى الحجام أجره، ولو علم كراهيته، لم
يعطه".
2 8/119.
(7/144)
مدة، وماء فائض
بركة رأياه وإجارة حيوان لأخذ لبنه قام به هو
أو ربه، فإن قام عليها المستأجر وعلفها
فكاستئجار الشجر، وإن علفها ربها ويأخذ
المشتري لبنا مقدرا فبيع محض، وإن كان يأخذ
اللبن مطلقا فبيع أيضا، وليس هذا بغرر، لأن
الغرر ما تردد بين الوجود والعدم، فهو من جنس
القمار الذي هو الميسر، وهو أكل المال
بالباطل، كبيع الآبق والشارد.
قال: والمنافع والفوائد تدخل في عقود التبرع
سواء كان الأصل محتبسا بالوقف أو غير محتبس،
كالعارية ونحوها، كما نص عليه الشارع في منيحة
الشاة، وهو عاريتها للانتفاع بلبنها، كما
يعيره الدابة لركوبها، ولأن هذا يحدث شيئا
فشيئا، فهو بالمنافع أشبه، فإلحاقه بها أولى،
ولأن المستوفى بعقد الإجارة على زرع الأرض هو
عين من الأعيان، وهو وما يحدثه من الحب بسقيه
وعمله، وكذا مستأجر الشاة للبنها مقصوده ما
يحدثه الله من لبنها بعلفها والقيام عليها،
فلا فرق بينهما، والآفات والموانع التي تعرض
للزرع أكثر من آفات اللبن، لأن الأصل في
العقود الجواز والصحة.
قال: وكظئر، ومثلها نفع بئر وفي المبهج وغيره
ماء بئر. وفي الفصول لا يستحق بالإجارة، لأنه
إنما يملك بحيازته. وفي الانتصار قال أصحابنا:
لو غار ماء دار مؤجرة فلا فسخ، لعدم دخوله في
الإجارة. وفي التبصرة: لا يملك عينا ولا
يستحقها بإجارة إلا نفع بئر في موضع مستأجر،
ولبن ظئر [فإنهما] يدخلان1 تبعا، وذكر صاحب
المحرر وغيره: إن قلنا يملك الماء لم يجز
مجهولا وإلا جاز. ويكون على أصل
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ط": " فيه خلاف".
(7/145)
الإباحة، وهل
المعقود عليه اللبن أو الحضانة أو يلزمه
أحدهما بعقده على الآخر واعتبار رؤية مرتضع؟
فيه وجهان "م 7،10".
ـــــــ
مسألة-7-10: قوله: "وهل المعقود عليه اللبن أو
الحضانة أو يلزمه أحدهما: بعقده على الآخر
واعتبار رؤية مرتضع؟ فيه وجهان" انتهى. يعني
في كل مسألة وجهان، وفيه مسائل:
المسألة الأولى-7: هل المعقود عليه في الرضاعة
اللبن أو الحضانة؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في
المغني1 والفائق:
أحدهما: المعقود عليه الحضانة، وهي خدمة
الولد، وحمله، ووضع الثدي في فيه، وأما اللبن
فيدخل تبعا، وهو الصحيح، قال في الرعاية
الكبرى: وقع العقد على المرضعة واللبن تبع
يستحق إتلافه بالرضاعة، وقدمه الشارح وابن
رزين في شرحه، قال ابن عقيل في الفصول: الصحيح
أن العقد وقع على المنفعة، ويكون اللبن تبعا.
وقال القاضي في الخصال: لبن المرضعة يدخل في
عقد الإجارة، وإن كان يهلك2 بالانتفاع لأنه
يدخل على سبيل التبع انتهى.
قلت: ويحتمله كلام صاحب المقنع، وغيره، "3وكذا
المصنف وغيره، حيث قالوا: يعقد على نفع العين
دون إجارائها إلا في الظئر، ونقع البئر يدخل
تبعاً3" وصرح به
ـــــــ
1 8/74.
2 في "ط": " تملك".
3 -3 ليست في "ط".
(7/146)
وقيل: الحضانة
تتبع للعرف، وقيل عكسه. ويعتبر محل رضاع، ورخص
أحمد في مسلمة ترضع طفلا لنصارى بأجرة، لا
لمجوسي، وسوى
ـــــــ
في المستوعب وغيره، حيث قال: ولا تستحق بعقد
الإجارة عين إلا في "1موضعين؛ لبن الظئر ونقع
البئر1"، فإنهما يدخلان تبعا، وكذا قال في
التبصرة كما حكاه المصنف عنه.
والوجه الثاني: العقد وقع على اللبن، قال
القاضي: وهو الأشبه، قال ابن رزين في شرحه:
وهو الأصح، لقوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ
لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق:6]
"2واختاره الشيخ تقي الدين2"، قال في الهدي:
والمقصود إنما هو اللبن، قوى ذلك بعشرة وجوه
ذكره في آخر الهدي، قال الناظم:
وفي الأجود3 المقصود بالعقد درها4 ...
والإرضاع لا حضن ومبدأ مقصد5
انتهى، وهو ظاهر ما قطع به في الكافي6 فإنه
قال: ولا يجوز عقد الإجارة على ما يذهب إجراؤه
بالانتفاع به "7إلا في الظئر7" يجوز الرضاع
لأن الضرورة تدعوه إليه وقوله وقولهم، إلا في
الظئر ونقع البئر يدخل تبعا يعود قوله تبعا
إلى نقع البئر لا إلى الظئر ومال إليه ابن
منجا في شرح المقنع، فعلى هذا يكون الاستثناء
لجواز هلاك العين في الإجارة في الظئر والله
أعلم.
المسألة الثانية-8-9: إذا عقد على أحدهما هل
يلزمها8 الآخر أم لا؟ أطلق الخلاف، وفيه
مسألتان.
ـــــــ
1 -1 في "ط": " موضع لبن الظئر وبقع السر".
2 -2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 في "ط": " الأجور".
4 في "ط" و"ح": " ردها".
5 في "ط": " يقصده".
6 3/383.
7 -7 في "ط": " لا في الطير".
8 في "ط": "يلزمها".
(7/147)
أبو بكر وغيره
بينهما، لاستواء البيع والإجارة. ومن أعطى
صيادا أجرة ليصيد
ـــــــ
المسألة الأولى-8: لو استؤجرت للرضاع وأطلق
فهل تلزمها الحضانة أم لا؟ أطلق الخلاف،
وأطلقه في المغني1 والشرح2 والنظم والرعايتين
والحاوي الصغير والفائق وغيرهم، وذكره القاضي
ومن بعده:
أحدهما: تلزمها الحضانة أيضا، قدمه في الرعاية
الكبرى في الفصل الأربعين من باب الإجارة.
والوجه الثاني: لا يلزمها سوى الرضاع، قدمه
ابن رزين في شرحه قلت: الصواب في ذلك الرجوع
إلى العرف والعادة، فيعمل بهما.
المسألة الثانية-9: وهي الثالثة لو استؤجرت
للحضانة فهل يدخل الرضاع أم لا؟ أطلق الخلاف،
وأطلقه في الرعاية الكبرى في موضع:
أحدهما: يلزمها الرضاع أيضا، قدمه في الرعاية
الكبرى في الفصل الأربعين.
والوجه الثاني: لا يلزمها، قال في "التلخيص":
لم يلزمها وجها واحدا انتهى. قلت: وهو أقوى في
هذه المسألة، والصواب الرجوع إلى العرف، وإن
دلت قرينة عمل بها.
المسألة الرابعة-10: هل تعتبر رؤية المرتضع
لصحة العقد أم تكفي صفته؟ أطلق الخلاف فيه:
أحدهما: تكفي صفته، وهو الصحيح، جزم به في
الرعايتين3 والفائق، وهو الصواب.
والوجه الثاني: تشترط رؤيته لصحة العقد، جزم
به في المذهب، وقدمه في المغني1 والشرح2 وشرح
ابن رزين والنظم، وهذا الصحيح، على ما
اصطلحناه، والله أعلم.
ـــــــ
1 8/73.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/283.
3 "ط": "الرعاية".
(7/148)
له سمكا ليختبر
بخته فقد استأجره ليعمل له بشبكته، قاله أبو
البقاء.
ومنع في المغني1 وغيره إجارة نقد أو شمع
للتجمل، وثوب لتغطية نعش، وما يسرع فساده،
كرياحين.
قال في الترغيب وغيره: وتفاحة للشم، بل عنبر،
لأنه المقصود منه، وظاهر كلام جماعة جوازه،
وتصح الإجارة لحجامة، كفصد، ويكره للحر
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 8/129.
(7/149)
أكله، وعنه
يحرم، واختار في التعليق: على سيده، وعنه: لا
يصح، اختاره القاضي والحلواني، وكذا أخذه بلا
شرط، وجوزه الحلواني وغيره لغير حر.
وتجوز إجارة مسلم لذمي في الذمة، قال ابن
الجوزي: على المنصوص، وفي مدة روايتان "م11"
لا لخدمة، على الأصح، وكذا إعارته ولا إجارة
مشاع مفردا، وعنه: بلى، اختاره العكبري وأبو
الخطاب، وقدمه في التبصرة، كشريكه، وفي طريقة
بعض أصحابنا ويتخرج لنا من عدم1 إجارة المشاع
أن لا يصح رهنه، وكذلك هبته، ويتوجه: ووقفه،
قال:
ـــــــ
مسألة-11: قوله: "وتجوز إجارة مسلم لذمي في
الذمة. وقال ابن الجوزي: على المنصوص، وفي مدة
روايتان" انتهى، يعني في جواز "2إجارته لعمل2"
غير الخدمة مدة معلومة، وأطلقهما الناظم.
إحداهما: يجوز، وهو الصحيح، صححه الشيخ في
المغني3 والشارح. وقال في المغني أيضا
المصراة4 هذا أولى وجزم به في المحرر والوجيز
وقدمه في الشرح5 والرعايتين والحاوي الصغير.
والرواية الثانية: لا يجوز ولا يصح.
ـــــــ
1 ليست في الأصل و"ر".
2 -2 في "ط": " إيجار تداخل".
3 8/135.
4 في "ط": " المعراة".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/336.
(7/150)
والصحيح صحة
رهنه وإجارته وهبته، ولا خلاف في صحة بيعه،
والمراد عند الأئمة الأربعة وإلا ففي بيعه
خلاف ذكره ابن حزم، وهو قول الحنفية في مشاع
من غرس.
وهذا التخريج خلاف نص أحمد في رواية سندي:
يجوز بيع المشاع ورهنه، ولا يجوز أن يؤجر، لأن
الإجارة للمنافع، ولا يقدر على الانتفاع، وهل
مثله إيجار حيوان ودار لاثنين وهما لواحد أو
يصح؟ فيه وجهان "م12".
وكذا وصية بمنفعه، ولا امرأة بلا إذن الزوج،
ولا يقبل قولها إنها ذات زوج أو إنها مؤجرة
قبل نكاح.
ـــــــ
"1 تنبيه : قوله بعد ذلك: لا لخدمة، على
الأصح، وكذا إعارته انتهى. فظاهر هذه العبارة
أنه لا يجوز إعارة عبد مسلم لذمي للخدمة، على
أصح الروايتين، وهو الصحيح، وقيل في العارية:
إعارة كل ذي نفع جائز منتفع به مع بقاء عينه
إلا البضع وما حرم استعماله لمحرم. وفي
التبصرة: وعبدا مسلما لكافر، ويتوجه كإجارة
انتهى. فقطع هنا: أن إعارته كإجارته، وظاهر ما
قدمه في العارية الجواز، وما منع إلا صاحب
التبصرة، ثم وجه من عنده أنه كالإجارة، فحصل
الخلل من وجهين فيما يظهر، والله أعلم1".
مسألة-12: قوله بعد ذكر حكم إجارة المشاع: وهل
مثله إيجار حيوان ودار لاثنين وهما لواحد أو
يصح؟ فيه وجهان" انتهى:
أحدهما: هو كإجارة المشاع، جزم به المغني2
والشرح3 والوجيز، وفرضها في الحيوان والدار
كالمصنف4، وفرضها في المغني2 والشرح3
ـــــــ
1 -1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 8/52.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/268.
4 ليست في "ط".
(7/151)
ويحرم على أذان
وإمامة صلاة وتعليم قرآن ونيابة حج، وفي حديث
وفقه وجهان "م13" وذكر شيخنا وجها: يجوز
لحاجة، واختاره، وعنه: مطلقا كأخذه بلا شرط،
نص عليه "وش" ومنع في إمامة وكذا مالك إلا في
إمامة تبعا لأذان.
وكجعالة1 وقال الشيخ: فيها وجهان، وهو ظاهر
الترغيب وغيره. وفي المنتخب: الجعل في حج
كأجرة، ونصه: الجواز على الرقية "و" لأنها
مداواة، ونقل حنبل: يكره للمؤذن أن يأخذ على
أذانه أجرا، قال شيخنا: وهو معنى كلام بعضهم،
من لم يجوزه لم يجوز إيقاعها على غير وجه
العبادة لله، كصلاة وصوم وقراءة، والاستئجار
يخرجها عن ذلك، ومن جوزه فلأنه نفع يصل إلى
المستأجر كسائر النفع، وجوز إيقاعها غير عبادة
في هذه الحال، لما فيها من النفع.
قال: وأما ما يؤخذ من بيت المال فليس عوضا
وأجرة، بل رزق
ـــــــ
الدار فقط، يعني إذا كانت لواحد وآجرها
لاثنين، وظاهر كلام المصنف إيجار الحيوان
والدار لاثنين.
والوجه الثاني: يصح هنا وإن منعنا الصحة في
المشاع.
قلت: وهو الصواب، وعليه العمل.
مسألة-13: قوله ويحرم على أذان وإمامة صلاة
وتعليم قرآن ونيابة حج، وفي حديث وفقه وجهان"
انتهى:
أحدهما: هما ملحقان بما قبلهما، فتحرم الإجارة
عليهما، جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة والمحرر وغيرهم، وقدمه في الرعايتين
والحاوي الصغير، وصححه الناظم.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
(7/152)
للإعانة على
الطاعة، فمن عمل منهم لله أثيب، وما1 يأخذه
رزق للإعانة على الطاعة، ويأتي ما يؤيده في
آخر الجهاد2، وقيل للقاضي: لو خرج الأذان عن
كونه قربة لم يقع صحيحا، وقد قلتم يقع به
الإجزاء دل على أنه قربة، فقال: الحكم3 بصحته
لا يدل على كونه قربة، كالعتق على مال يصح،
وليس بقربة، ثم فرق بينهما بين البناء
والخياطة بأنهما يقعان قربة وغير قربة،
والأذان شرطه أن يقع قربة، كالصلاة، ويجوز على
حساب وخط، وفي المبهج: لا مشاهرة.
وتحرم أجرة وجعالة على ما لا يتعدى نفعه، كصوم
وصلاة خلفه
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ليست في "ب".
2 10/330.
3 في الأصل: "الحاكم".
(7/153)
ويجوز الرزق
على متعد. وفي التذكرة: في غزو1 لا، كأخذ
الرزق في بناء ونحوه، ذكره في الخصال
والتلخيص، وذكره في التعليق، نقل صالح وغيره:
لا يعجبني أن يأخذ ما يحج به إلا أن يتبرع.
وقال شيخنا: المستحب أن يأخذ ليحج، لا أن يحج
ليأخذ، فمن يحب إبراء ذمة الميت أو رؤية
المشاعر يأخذ ليحج، ومثله كل رزق أخذ على عمل
صالح، ففرق2 بين من يقصد الدين، والدنيا
وسيلته، وعكسه، والأشبه أن عكسه ليس له في
الآخرة من خلاق، قال: وحجه عن غير ليستفضل3 ما
يوفي دينه الأفضل تركه، لم يفعله السلف،
ويتوجه فعله لحاجة، ونقل ابن ماهان فيمن عليه
دين وليس له ما يحج به أيحج عن غيره ليقضي
دينه؟ قال: نعم.
وفي الغنية: إن فرط فيه حتى افتقر فعليه
الخروج ببدنه مفلسا، فإن لم يقدر فعليه أن
يتكسب، فإن لم يقدر فليسأل الناس، وقيل للقاضي
وغيره: أخذ الأجرة لا يخرجه عن القربة، بدليل
الرزق، فقالوا: الرزق ليس في مقابلة العمل،
بدليل أنه لا يختص بزمن معلوم وأجرة معلومة،
وإنما يأخذه لأن له حقا في بيت المال، ولهذا
يستحقه الغني والفقير "4ولا يختص بزمن معلوم
وأجرة معلومة4".
وفي الفنون أن بعض أصحابنا قال: عبادات،
فاعتبر لها الإخلاص، فقال ابن عقيل: لو كانت
الأجرة قادحة في الإخلاص ما استحقت الغنائم
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في
2 في "ط": "فيفرق".
3 في "ط": " ليتفضل".
4 -4 ليست في الأصل.
(7/154)
وسلب القاتل،
وكذا أخذ مؤذنين وقضاة من بيت المال. وقال:
تجوز الأجرة على ذبح الأضحية والهدي بلا خلاف،
كتفرقة الصدقة ولحم الأضحية، والذي هو محض
القربة ما كان بالإهداء، فأما الذبح فهو تقريب
لها إلى الفقراء.
وتجوز إجارة العين مدة، ويشترط كونها معلومة
لا يظن عدمها فيها، وإن طالت، وقيل: إلى سنة،
وقيل: ثلاث، وقيل: ثلاثين، وظاهره: ولو ظن عدم
العاقد ولو مدة لا يظن فناء الدنيا فيها، وفي
طريقة بعض أصحابنا: في السلم الشرع يراعي
الظاهر، ألا ترى لو اشترط أجلا تفي به مدته
صح، ولو اشترط مئتين1 أو أكثر لم يصح، وسواء
وليت العقد أو لا، أو كانت مشغولة بإجارة أو
غيرها، وظن التسليم في وقته المستحق، أو لم
تكن، فإن كانت مرهونة وقت العقد فوجهان "م
14".
ـــــــ
والوجه الثاني: يصح هنا، وهو الصحيح اختاره
الشيخ موفق،والشارح، وغيرهما، وجزم به في
الكافي2 والوجيز وشرح ابن رزين وغيرهم.
مسألة-14: قوله: "وتجوز إجارة العين مدة وسواء
وليت العقد أو لا أو كانت مشغولة بإجارة أو
غيرها وظن التسليم في وقته المستحق، أو لم
تكن، فإن كانت مرهونة وقت العقد فوجهان"
انتهى. قال في الرعاية الكبرى: وإن أجره شيئا
مدة لا تلي العقد صح إن أمكن تسليمه في أولها،
سواء كان فارغا وقت العقد أو مؤجرا.
قلت: فإن كان ما آجره مرهونا وقت العقد لا وقت
التسليم المستحق بالأجرة احتمل وجهين انتهى.
قلت: الصواب أنه إن ظن تسليمها وقت الوجوب
صحت، وإلا فلا، وهو ظاهر
ـــــــ
1 في "ب" و"ر": "ما بين".
2 3/384.
(7/155)
وقولنا: وظن
التسليم، كذا قاله بعضهم، وفي الرعاية: إن
أمكن التسليم. وقال الشيخ وغيره لمن علل في
منع إجارة المضاف بأنه لا يمكن تسليمه في
الحال، كالعين المغصوبة، قالوا: إنما تشترط
القدرة على التسليم عند وجوبه، كالسلم فإنه لا
يشترط وجود القدرة عليه حال العقد، قالوا: ولا
فرق بين كونها مشغولة أو لا، لما ذكرنا.
ـــــــ
كلام كثير من الأصحاب، وداخل في عموم كلامهم،
ويعرف ذلك في هذه المسألة بحال الراهن، بأن
يكون قادرا أو باذلا مع القدرة على التحصيل
وقت الحلول، والله أعلم.
تنبيه: الظاهر أن المصنف تابع ابن حمدان في
رعايته في إطلاق الخلاف، والظاهر من كلام صاحب
الرعاية أن هذين الوجهين لم يسبق إليهما، بل
هو استنبطهما وخرجهما، وهو كالصريح في كلامه،
فإذن في إطلاق المصنف الخلاف نظر ظاهر، لأن
الأصحاب لم يختلفوا في الترجيح في هذه المسألة
حتى يطلق الخلاف فيها، بل ولا يعرف لهم كلام
فيها، ولم نر هذين الوجهين إلا لهذين الرجلين،
والله أعلم.
ويمكن الجواب بأن يقال: المقيس عليه والمشابه
لهذه المسألة اختلف الأصحاب في الترجيح فيها،
لأن المجتهد إذا خرج مسألة فلا بد من تخريجها
على أصل مشهور في المذهب، والله أعلم.
(7/156)
وكذا قال ابن
عقيل في الفنون أو في الفصول: لا يتصرف مالك
العقار في المنافع بإجارة ولا إعارة إلا بعد
انقضاء المدة واستيفاء المنافع المستحقة عليه
بعقد الإجارة، لأنه ما لم تنقض المدة له حق
الاستيفاء، فلا تصح تصرفات المالك في محبوس
بحق، لأنه يتعذر التسليم المستحق بالعقد،
فمراد الأصحاب متفق، وهو أنه تجوز إجارة
المؤجر، ويعتبر التسليم وقت وجوبه، وأنه لا
يجوز إيجاره لمن يقوم مقام المؤجر كما يفعله
بعض الناس.
وأفتى جماعة من أصحابنا وغيرهم في هذا الزمان
أن هذا لا يصح،
ـــــــ
ويمكن أن يكون المصنف اطلع على خلاف في المذهب
في هذه المسألة، واختلفوا في الترجيح، وهو
بعيد، والمعتمد عليه الأول.
(7/157)
وهذا واضح، ولم
أجد من كلامهم ما يخالف هذا، ومن العجب قول
بعضهم في هذا الزمان1 إن الذي يخطر بباله من
كلام أصحابنا أن هذه الإجارة تصح، كذا قال،
وقد قال شيخنا فيمن استأجر أرضا من جندي
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 بعدها في الأصل و"س" و"ط": "إن".
(7/158)
وغرسها قصبا ثم
انتقل الإقطاع عن الجندي: إن الجندي الثاني لا
يلزمه حكم الإجارة الأولى وإنه إن شاء أن
يؤجرها لمن له فيها القصب أو لغيره، وليس
لوكيل مطلق الإيجار مدة طويلة، بل العرف،
كسنتين ونحوهما، قاله شيخنا.
ولو قال: آجرتك شهرا، لم يصح، نص عليه، وعنه:
صحته، اختاره الشيخ، وابتداؤه من حين العقد،
ولو آجره في أثناء شهر سنة فشهر بالعدد
ثلاثين، نص عليه في نذر وصوم، وباقيها
بالأهلة، وعنه: الجميع بالعدد، وكذا ما
اعتبرت1 الأشهر فيه، كعدة، ونص عليهما في نذر،
وعند شيخنا:
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 هنا نهابة النسخ "ب".
(7/159)
إلى مثل تلك
الساعة.
ـــــــ
...............................
(7/160)
فصل: و الإجارة أقسام
...
فصل: والإجارة أقسام:
عين موصوفة في الذمة، فيشترط صفات سلم، ومتى
غصبت أو تلفت أو تعيبت لزمه بدلها، فإن تعذر
فللمكتري الفسخ، وتنفسخ بمضي المدة إن كانت
إلى مدة.
ـــــــ
...............................
(7/160)
وعين معينة،
فهي كمبيع، وتنفسخ بتعطيل نفعها ابتداء أو
دواما فيما بقي وقيل: وما مضى، ويسقط المسمى
على قيمة المنفعة، فيلزمه بحصته، نقل الأثرم
فيمن اكترى بعيرا بعينه فمات أو انهدمت الدار:
فهو عذر يعطيه بحساب ما ركب، وقيل: يلزمه
بحصته من المسمى، وعنه: لا فسخ بموت مرضع،
اختاره أبو بكر، وقيل: لا فسخ بهدم دار،
فيخير، وله الفسخ بعيب أو بانت معيبة، وهو ما
يظهر به تفاوت الأجرة إن لم يزل بلا ضرر
يلحقه، وقياس المذهب: أو الأرش. وقال شيخنا:
وإلا ورد ضعفه على أصل أحمد بين. قال في
الترغيب: ولو احتاجت الدار تجديدا فإن جدد
وإلا فسخ، وله إجباره على التجديد، وقيل: بلى،
وإن شرط عليه مدة تعطيلها، أو أن
ـــــــ
...............................
(7/161)
يأخذ بقدرها
المدة، أو شرط عليه النفقة، أو جعلها أجرة، لم
يصح ومتى أنفق بإذن على الشرط أو بنى1 رجع بما
قال مؤجر، ذكره الشيخ. وفي الترغيب وغيره في
الإذن مستأجر كإذن حاكم في نفقته على جمال هرب
مؤجرها، ولو غصبت وإجارتها لعمل فالفسخ أو
الصبر ومدة فالفسخ أو الإمضاء وأخذ أجرة مثلها
من صاحبها إن ضمنت منافع غصب، وإلا نفسخ، وفي
الانتصار: تنفسخ تلك المدة والأجرة للمؤجر
لاستيفاء المنفعة على ملكه، وأن مثله وطء
مزوجة وحدوث خوف عام، كغصب، لا2 خاص، ولو
غصبها المكري فلا شيء له مطلقا، نص عليه،
وقيل: كغصب غيره.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ط": " بناء".
2 ليست في الأصل.
(7/162)
الثالث: عقد
على منفعة في الذمة في شيء معين أو موصوف،
كخياطة1، ويشترط ضبطه بما لا يختلف2، ويلزمه
الشروع عقيب العقد، وإن ترك ما يلزمه قال
شيخنا: بلا عذر فتلف بسببه ضمن، وله
الاستنابة، فإن مرض أو هرب اكترى من "3يعمل
عمله3" فإن شرط مباشرته فلا ولا4 استنابة إذن.
نقل حرب فيمن دفع إلى خياط5 ثوبا ليخيطه فقطعه
ودفعه إلى خياط5
ـــــــ
.................................
ـــــــ
1 بعدها في الأصل: "مختلفة".
2 في "ط": "بناء".
3 -3 في "ب": "يعمله عليه".
4 في النسخ الخطية: "إلا"، والمثبت من "ط".
5 في "ط": "الخياط".
(7/163)
آخر قال: لا،
إن فعل ضمن، قال في المغني1: فإن اختلف القصد
فيه كنسج لم يلزمه، ولا المكتري قبوله، وإن
تعذر فله الفسخ.
وينفسخ العقد بتلف محل عمل معين، ويشترط تقدير
نفع بعمل أو مدة، فإن جمعهما2 مثل استأجرتك
لخياطة هذا الثوب3 اليوم لم يصح، وعنه: بلى،
كجعالة، وفيها وجه، قال في التبصرة: وإن اشترط
تعجيل العمل في اقتضاء ممكن فله شرطه، ولا فسخ
بموت، وعنه: بلى بموت مكتر لا قائم مقامه،
كبرء ضرس اكترى لقلعه، اختاره الشيخ، ولا بعذر
لمكتر كمكر.
ويصح بيع عين مؤجرة، في المنصوص، ولمشتر يجهله
الفسخ، ذكره الشيخ. وفي الرعاية: أو الأرش،
قال أحمد: هو عيب. وفي الانفساخ بشراء4 مستأجر
أو إرثه5 روايتان "م15".
ـــــــ
مسألة-15: قوله في شراء العين المأجورة: "وفي
الانفساخ بشراء مستأجر أو إرثه روايتان"
انتهى. وهما وجهان عند كثير من الأصحاب،
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والمغني6 والكافي7 والمقنع8 والهادي والتلخيص
والشرح8 والفائق وغيرهم:
ـــــــ
1 8/36.
2 في "ط": "جمعها".
3 ليست في الأصل.
4 في الأصل: "لشراء".
5 بعدها في "ب" و"ر" و"ط": "لها".
6 8/49.
7 3/401.
8 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
14/464-465.
(7/164)
ولو آجرها
لمؤجرها فإن قلنا لم تنفسخ صح، وإلا فلا.
ـــــــ
أحدهما: لا تنفسخ، وهو الصحيح، صححه في
التصحيح، قال في القاعدة الخامسة والثلاثين:
وهو الصحيح، اختاره القاضي وابن عقيل
والأكثرون، وجزم به في الوجيز وغيره، "1وقدمه
في الرعاية الكبرى وغيره1".
والرواية الثانية: تنفسخ، قال في القاعدة
الصغرى والحاوي الصغير: انفسخت الإجارة، على
الأصح، قال في الخلاصة: انفسخت، في الأصح.
ـــــــ
1-1 ليست في السنخ الخطية، والمثبت من "ط".
(7/165)
ولو آجر ولي
موليه أو ماله، وقيل: ولو مدة يعلم فيها
بلوغه، أو سيد عبدا ثم بلغ وعتق، أو الموقوف
عليه الوقف ثم مات، لم تنفسخ، وللبطن الثاني
حصته، كعزل الولي وناظر الوقف، وكملكه المطلق
ذكره الشيخ وغيره.
ـــــــ
...............................
(7/166)
وقيل: ينفسخ
فيرجع في الأجرة1 مستأجر على مؤجر قابض أو
ـــــــ
تنبيه: قوله: "ولو آجر...الموقوف عليه الوقف
ثم مات لم تنفسخ... وقيل تنفسخ" انتهى قدم
المصنف أن الإجارة لا تنفسخ إذا آجر الموقوف
عليه، وصححه في التصحيح والنظم، وجزم به في
الوجيز، وقدمه في الرعاية الكبرى وشرح ابن
رزين، قال القاضي في المجرد: هذا قياس المذهب.
والوجه الثاني: تنفسخ، جزم به القاضي في
خلافه، وأبو الحسين أيضا، وحكاه عن أبي إسحاق
بن شاقلا، واختاره ابن عقيل، وابن عبدوس في
تذكرته، والشيخ تقي الدين، وغيرهم، قال الشيخ
تقي الدين: هذا أصح الوجهين، قال القاضي: هذا
ظاهر كلام الإمام أحمد في رواية صالح، قال ابن
رجب في قواعده: وهو المذهب الصحيح ; لأن
الطبقة الثانية تستحق العين منافعها2 تلقيا عن
الواقف بانقراض الطبقة الأولى انتهى. وقدمه في
الرعاية الصغرى والحاوي الصغير. وقال ابن رجب
أيضا في قواعده: واعلم أن في ثبوت الوجه الأول
نظرا ; لأن القاضي إنما فرضه فيما إذا آجر
الموقوف عليه يكون النظر له مشروطا، وهذا محل
تردد، أعني إذا آجر بمقتضى النظر
ـــــــ
1 في "ر": "الأخير".
2 في "ط": " بمكانها".
(7/167)
ورثته، وقيل
فيها: تبطل، وقيل: يرجع العتيق على معتقه بحق
ما بقي، كما يلزمه نفقته إن لم يشترطها على
مستأجر، ويتوجه مثله فيما آجره ثم وقفه.
وتجوز إجارة الإقطاع كموقوف، قاله شيخنا قال
ولم يزل يؤجر من
ـــــــ
المشروط له هل يلحق بالناظر1 العام فلا ينفسخ
بموته أم لا؟ فإن من أصحابنا المتأخرين من
ألحقه بالناظر1 العام انتهى.
فقد ظهر لك أن الصحيح من المذهب الوجه الثاني،
وهو الانفساخ من جهة النقل والدليل وكثرة
الأصحاب وتحقيقهم، وأن الذي قدمه المصنف ليس
هو المذهب، والله أعلم.
وأطلق الخلاف في المسألة، في الهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة والمغني2 والكافي3
والمقنع4 والهادي والتلخيص والبلغة والشرح5
وشرح ابن منجا والفائق والزركشي وتجريد
العناية وغيرهم.
ـــــــ
1 في "ط": "بالنظر".
2 8/45/46.
3 3/401.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
14/344-346.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
14/346-347.
(7/168)
زمن الصحابة
إلى الآن، ولم أعلم عالما منع.
(7/169)
فصل: و يعتبر كون المنفعة للمستأجر
...
فصل: ويعتبر كون المنفعة للمستأجر،
فلو اكترى دابة لركوب المؤجر لم يصح، قاله
القاضي والأصحاب، وله الإعارة لقائم مقامه،
وفي ضمان مستعير وجهان "م 16".
ويعتبر كونه كراكب في طول وقصر، وقيل: لا،
كمعرفة بالركوب، في الأصح، فإن شرط استيفاءها
بنفسه صح العقد، في الأصح، وقيل: والشرط،
ومثله شرط زرع بر فقط، وله إجارتها، على
الأصح، وعنه: بإذنه ولو1 بزيادة2.
وعنه: إن جدد عمارة ولو قبل قبضها. وفيه وجه،
وقيل فيه من مؤجر.
ـــــــ
مسألة-16: قوله: "وله الإعارة لقائم مقامه،
وفي ضمان مستعير وجهان" انتهى:
أحدهما: لا يضمن، وهو الصحيح، قال في التلخيص:
ولا ضمان "3على المستعير3" من المستأجر، على
الأصح، واقتصر عليه في القواعد الفقهية، وقدمه
في الرعاية الكبرى في باب العارية، قلت:
فيعايا بها4.
والوجه الثاني: يضمن، وهو ظاهر كلام كثير من
الأصحاب.
تنبيه: قوله في إجارة المستأجر العين
المأجورة: "وله إجارتها، على الأصح ولو قبل
قبضها. وفيه وجه، "5وقيل فيه5" من مؤجر"
انتهى. فقدم المصنف أن
ـــــــ
1 في الأصل: "له".
2 بعدها في الأصل: "وعنه بإذنه".
3-3 في "ط": "لمستعير".
4 في "ط": "فيها يا بها".
5-5 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(7/169)
وإذا اكترى
أرضا لزرع ما شاء أو1 غرسه أو وغرسه صح، في
الأصح فيهما، كازرع ما شئت، وإن قال: لزرع،
فوجهان، وكذا الغراس "م17".
وإن أطلق وتصلح لزرع وغيره صح، في الأصح. وقال
شيخنا: إن أطلق، أو1 إن قال: انتفع بها بما
شئت، فله زرع وغرس وبناء، وإذا
ـــــــ
للمستأجر إجارة المأجور قبل قبضه مطلقا، وذكر
وجها بعدم الجواز مطلقا، وهذا الوجه جزم به في
الوجيز، وصححه في الرعايتين والحاوي الصغير
وغيرهما.
وقيل بالجواز للمؤجر دون غيره، وهذا القول
قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير وشرح ابن
رزين، واختاره القاضي، ذكره في الفصول،
وأطلقهن في المغني2 والشرح3، قالا: أصل
الوجهين بيع الطعام قبل قبضه هل يصح من بائعه
أم لا؟ والصحيح من المذهب عدم الجواز، وعليه
الأصحاب، فعلى هذا يكون المذهب عدم الجواز عند
الشيخ والشارح، كما جزم به في الوجيز، وصححه
في الرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم، وظاهر
كلام المصنف عدم البناء، وهو ظاهر كلام
الأكثر، والله أعلم. وهو الصواب، إلا أن يتوقف
المأجور على تميز، فالصواب عدم الجواز، كما
قاله الشيخ وغيره.
مسألة-17: قوله: "وإن اكترى أرضا لزرع ما شاء
أو غرسه أو وغرسه صح، في الأصح فيهما، كازرع
ما شئت وإن قال: لزرع، فوجهان، وكذا الغراس"
انتهى. فيه مسألتان الخلاف فيهما مطلق، مسألة
الزرع ومسألة الغرس والحكم واحد:
ـــــــ
1 في الأصل: "و".
2 8/55.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/340.
(7/170)
اكترى لزرع بر
فله زرع ما1 دونه ضررا من جنسه، كشعير وباقلا،
لا فوقه كقطن ودخن، فإن فعل فنصه لزوم المسمى،
مع تفاوتهما2 في أجر المثل، وأوجب أبو بكر
والشيخ أجر المثل خاصة، ومثله سلوك طريق أشق،
ويجوز مثلها، ومنعه الشيخ، ولو جاز المكان أو
زاد على المحمول فالمسمى مع أجر المثل للزائد،
وذكر القاضي فيهما3 قول أبي بكر، وتلزمه قيمة
الدابة إن تلفت، وقيل: نصفها، كسوط في حد، فإن
لم يكن له عليها شيء وهو بيد ربها بلا سبب منه
لم يضمن.
ـــــــ
أحدهما: يصح، وهو الصحيح، جزم به في المغني4
والشرح5 ونصراه، وجزم به ابن رزين في شرحه
أيضا، اختاره القاضي وابن عقيل، قال في
الرعاية الكبرى: وإن اكترى لزرع وأطلق زرع ما
شاء انتهى.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في الأصل: "تفاوتها".
3 في النسخ الخطية: "فيها"، والمثبت من "ط".
4 8/59.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/400.
(7/171)
ومن اكترى
زورقا فزواه مع زورق له فغرقا ضمن، لأنها
مخاطرة، لاحتياجها إلى المساواة ككفة الميزان،
كما لو اكترى ثورا لاستقاء ماء فجعله فدانا
لاستقاء الماء فتلف1 ضمن، وإن آجر أرضا بلا
ماء صح، فإن أطلق فاختار الشيخ الصحة مع علمه
بحالها، وقيل: لا، كظنه إمكان تحصيله "م18".
وإن ظن وجوده بالأمطار وزيادة الأنهار صح، جزم
به في المغني2 وغيره، كالعلم. وفي الترغيب
وجهان، ومتى زرع فغرق أو تلف أو لم ينبت فلا
خيار، وتلزمه الأجرة، نص عليه، وإن تعذر زرعها
لغرقها فله الخيار، وكذا لقلة ماء قبل زرعها
أو بعده، أو عابت بعرق3 يعيب به بعض الزرع
واختار شيخنا أو برد أو فأر أو عذر.
قال: فإن أمضى فله الأرش، كعيب الأعيان، وإن
فسخ فعليه القسط قبل القبض، ثم أجرة المثل إلى
كماله، قال: وما لم يرو من الأرض فلا أجرة له،
اتفاقا، وإن قال في الإجارة4 مقيلا أو مراحا5
أو أطلق، لأنه
ـــــــ
والوجه الثاني: لا يصح قلت: وهو قوي، وقدمه في
التلخيص.
مسألة-18: قوله: "وإن آجر أرضا بلا ماء صح فإن
أطلق فاختار الشيخ الصحة مع علمه بحالها،
وقيل: لا، كظنه إمكان تحصيله" انتهى. الصحيح
ما اختاره الشيخ وقدمه في الشرح6، وهو الصواب.
ـــــــ
1 في "ط": "فتلفت".
2 8/62.
3 في "ط": "بعزق".
4 في "ط": " الأجرة".
5 في الأصل: " مراعا".
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
14/403-404.
(7/172)
لا يرد عليه
عقد، كأرض البرية ومن اكترى لنسج أو خياطة أو
كحل ونحوه لزمه حبر وخيوط وكحل، كأرض لزرع،
وقيل: يلزم المستأجر، وقيل يتبع به1 العرف،
والمشي المعتاد قرب المنزل لا يلزم2 راكبا
ضعيفا أو امرأة، وفي غيرهما وجهان "م 19".
ويلزم رب الدابة ما يتوقف النفع عليه، كتوطئة
مركوب عادة، وزمامه ورحله وشد محمل ورفع وحط
وقائد وسائق، لا محمل ومظلة ووطاء فوق الرحل
وحبل قران بين المحملين.
قال في الترغيب: وعدل لقماش على مكر إن كانت
في الذمة. وفي المغني3: إن كانت على تسليم
الراكب البهيمة ليركبها لنفسه فالكل عليه، وأن
الدليل لا يلزم مكر، وقيل: بلى، في الذمة،
وجزم به في
ـــــــ
والوجه الثاني: لا يصح، جزم به ابن رزين في
شرحه.
مسألة-19: قوله: "والمشي المعتاد قرب المنزل
لا يلزم راكبا ضعيفا أو امرأة، وفي غيرها
وجهان" انتهى. وأطلقهما في المغني3 والشرح4:
أحدهما: لا يلزمه، وهو ظاهر كلام كثير من
الأصحاب، وقدمه ابن رزين في شرحه.
والوجه الثاني: يلزمه، قال في الرعاية الكبرى:
وإن جرت العادة بالنزول فيه لزم الراكب القوي
في5 الأقيس.
قلت: وهو قوي جدا، لغير ذوي الهيئات،
كالفلاحين والعرب والتركمان ونحوهم.
ـــــــ
1 ليست في الأصل و"ط".
2 في الأصل: "يلزمه".
3 8/93-94.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/424.
5 ليست في "ط".
(7/173)
عيون المسائل،
لأنه التزم أن يوصله، ويلزمه حبسها له لنزوله
لحاجة، وقال غير واحد: وسنة راتبة، وتبريك
بعير لشيخ وامرأة، وفيه لمرض طارئ وجهان
"م20".
ويلزم المكتري تفريغ الدار من فعله، كبالوعة
وقمامة، ويلزم المكري تسليمها منظفة، وتسليم
المفتاح، وهو أمانة مع مكتر.
ـــــــ
مسألة-20: قوله: "ويلزمه حبسها لنزوله لحاجة،
وقال غير واحد: وسنة راتبة، وتبريك بعير لشيخ
وامرأة، وفيه لمرض طارئ وجهان" انتهى.
أحدهما: يلزمه، وهو الصحيح. جزم به في المغني1
والشرح2 وشرح ابن رزين والرعاية الكبرى
وغيرهم.
والوجه الثاني: لا يلزمه، وهو ظاهر كلام
جماعة.
ـــــــ
1 8/93-94.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/424
(7/174)
فصل: من استؤجر مدة فأجير خاص
لا تضمن جنايته، في المنصوص، إلا أن يتعمد،
قال جماعة: أو يفرط ولا يستنيب، وله فعل
الصلاة في وقتها بسننها1 والعيد، وإن عمل
لغيره فأضر مستأجره فله قيمة ما فوته عليه،
وقيل: يرجع بقيمة ما عمله لغيره وقال القاضي:
بالأجر الذي أخذه من غير مستأجره ومن قدر نفعه
بعمل فأجير مشترك يضمن ما تلف بفعله كزلق حمال
أو سقط من دابته، وطباخ وخباز وحائك، في
المنصوص، واختار جماعة إن عمله في بيت ربه أو
يده عليه فلا، وما تلف بغير فعله ولا تعديه لا
يضمنه، في ظاهر المذهب، ولا أجرة له. وقال في
المحرر:
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ر": "بسنتها".
(7/174)
إلا ما عمله في
بيت ربه، وعنه: له أجرة بناء، وعنه: ومنقول
عمله في بيت ربه. وفي الفنون: له الأجرة
مطلقا، لأن وضعه النفع فيما عينه له كالتسليم
إليه، كدفعه إلى البائع غرارة1 وقال: ضع
الطعام فيها، فكاله فيها، كان ذلك قبضا، لأنها
كيده، ولهذا لو ادعيا طعاما في غرارة أحدهما
كان له، وإن استأجر مشترك خاصا فلكل حكم نفسه،
وإن استعان ولم يعمل فله الأجر2 لأجل ضمانه،
لا لتسليم العمل وإن أتلفه أو حبسه فلربه
قيمته غير معمول، ولا أجرة وقيمته معمولا،
ويلزمه أجرته، وتقدم قوله في صفة عمله ذكره
ابن رزين، ومثله تلف أجير مشترك، ذكره القاضي
وغيره. وقال أبو الخطاب: تلزمه قيمته موضع
تلفه وله أجرته إليه3، وكذا عمله غير صفة
شرطه، وذكر الشيخ: له المسمى إن زاد الطول
وحده ولم يضر الأصل، وإلا فوجهان، وإن نقصهما
أو أحدهما فقبل: بحصته منه، وقيل لا أجرة له4
ويضمن كنقص الأصل، وقيل: إن كان صبغه5 منه فله
حبسه، وإن كان من ربه أو قصره فوجهان وفي
المنثور: إن خاطه أو قصره وعزله6 فتلف بسرقة
أو نار فمن مالكه ولا أجرة، لأن الصنعة غير
متميزة، كقفيز من صبرة.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 الغرارة بالكسر: شبه العدل، والجمع غرائر
"المصباح".
2 في "ط": "الأجر".
3 ليست في الأصل.
4 ليست في "ر".
5 في الأصل: "صنعه".
6 في "ط": "غزله".
(7/175)
فإن أفلس
مستأجره ثم جاء بائعه يطلبه فللصانع1 حبسه،
وإن أخطأ قصار ودفعه إلى غير ربه ضمنه، فإن
قطع قابضه بلا علم غرم أرش قطعه، كدراهم
أنفقها، وعنه: لا، وله مطالبة القصار بثوبه،
فإن تلف ضمنه، وعنه: لا، كعجزه2 عن دفعه.
ولا ضمان على حجام ولا ختان ولا طبيب ولا
بيطار عرف حذقهم ولم تجن أيديهم، خاصا كان أو
مشتركا، لأن ما أذن فيه لا تضمن سرايته، كحد
وقود، لأنه لا يمكن أن يقال اقطع قطعا3 لا
يسري، ويمكن "4أن يقال دق4" دقا لا يخرقه،
ولأن الفصد ونحوه فساد في نفسه، لأنه جرح فقد
فعل ما أمر به، ثم ما يطرأ من فساد عاقبته
وصلاحها لا يكون مضافا إليه بل إلى الآمر،
والآمر أذن في قصارة سليمة فأتاه بمخرقة لم
يتناولها العقد، واختار في الفنون أن هذا في
المشترك، لأنه الغالب في5 هؤلاء، وأنه لو
استؤجر لحلق رءوس يوما فجنى عليها بجراحة لا
يضمن، كجنايته في قصارة وخياطة، ونجارة،
واختار صاحب الرعاية إن كان أحد هؤلاء6 خاصا
أو مشتركا فله حكمه، ويعتبر لعدم الضمان في
ذلك وفي
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في الأصل: "فلبائعه".
2 في "ط": " لعجزه".
3 ليست في "ر".
4-4 في الأصل: "دقه".
5 في النسخ الخطية: "من".
6 في الأصل: "أحدهما ولاء".
(7/176)
قطع سلعة1 ونحو
ذلك إذن مكلف أو ولي، وإلا ضمن، لعدم الإذن.
واختار في كتاب الهدي: لا يضمن، لأنه محسن،
وقال: هذا موضع نظر.
ولا راع لم يتعد بنوم وغيبتها عنه وغيره وإن
عقد في الرعي على معينة تعينت. وفي الأصح، فلا
يبدلها، ويبطل العقد فيما تلف.
وإن عقد على موصوف ذكر نوعه وكبره وصغره، وعند
القاضي: لا عدده، ويحمل على العادة، ولا
يلزمه2 رعي سخالها، وإن ضرب سلطان رعيته قدر
العادة، أو معلم صبيا أو والد ولده، أو زوج
امرأته، أو مكتر دابة، لم يضمن، في المنصوص،
نقله أبو طالب، وأبو بكر في الزوج، وسقوطه
بإذن سيده يحتمل وجهين "م 21" لا أبيه3.
ـــــــ
مسألة-21: قوله: "وإن ضرب سلطان رعيته قدر
العادة أو معلم صبيا أو والد ولده أو زوج
امرأته أو مكتر دابة لم يضمن، في المنصوص...
وسقوطه بإذن سيده4 يحتمل وجهين" انتهى. وكذا
قال في الرعاية الكبرى:
إحداهما5: لا يسقط، قلت وهو الصواب، لأن فيه
حقا لله تعالى لا يباح له فعله بإذن سيده، فهو
ممنوع منه متعد6 شرعا، وإن كان لسيده حق منعه
في المالية، والله أعلم.
والوجه الثاني: يسقط، وهو قوي، لإذن سيده،
لكنه مأثوم7 قطعا، مع عدم الجهل والله أعلم.
ـــــــ
1 السلعة: خراج كهيئة الغدة، تتحرك بالتحريك.
قال الأطباء: هي ورم غليظ غير ملتزق باللحم،
يتحرك عند تحريكه، وله غلاف، وتقبل التزيد
لأنها خارجة عن اللحم، ولهذا قال الفقهاء:
يجوز قطعها عند الأمن."المصباح": سلع.
2 في الأصل: "يلزم".
3 في الأصل: "لأبيه"، وفي "ر": "ابنه".
4 في النسخ الخطية: "عبده"، والمثبت من "ط".
5 في "ط": "والوجه الآخر".
6 ليست في "ط".
7 في "ط": " مأثور".
(7/177)
وقيل: إن أدب
ولده فقلع عينه ففيها وجهان، وإن ادعى إباق
العبد أو مرضه أو شرود الدابة أو موتها بعد
فراغ المدة أو فيها أو تلف المحمول قبل قوله،
وعنه: قول ربه، وقطع به في المغني1 في صورة
المرض إن جاء به صحيحا، وخرج في الترغيب في
دعواه التلف في المدة روايتين من دعوى راع تلف
شاة، واختار في المبهج لا تقبل دعوى هربه أول
المدة. وفي الترغيب: يقبل وأن فيه بعدها
روايتين، وله في تلف2 المحمول أجرة ما حمله،
ذكره في التبصرة، واختلافهما في قدر الأجرة
كالبيع، "3نص عليه3"، وكذا المدة وعلى
التخالف4 إن كان بعد المدة فأجرة المثل لتعذر
رد المنفعة، وفي أثنائها5 بالقسط.
وإن ادعى على صانع أنه فعل خلاف ما أمره به
فاختار الشيخ قبول قوله ولا أجرة، ونص أحمد:
قول صانعه، لئلا يغرم نقصه مجانا بمجرد قول
ربه بخلاف وكيل "م22" وله أجرة مثله، وعنه:
يعمل بظاهر الحال، وقيل:
ـــــــ
مسألة-22: قوله: "وإن ادعى على صانع أنه فعل
خلاف ما أمره به فاختار الشيخ قبول قوله، ولا
أجرة، ونص أحمد: قول صانعه، لئلا يغرم نقصه
مجانا بمجرد قول ربه، بخلاف وكيل" انتهى.
الصحيح من المذهب هو المنصوص عن الإمام أحمد،
وعليه أكثر الأصحاب، قال في التلخيص: القول
قول الأجير، في أصح الروايتين، قال الشيخ في
ـــــــ
1 8/143.
2 ليست في "ر".
3-3 ليست في "ر".
4 في النسخ الخطية: "التحالف"، والمثبت من
"ط".
5 في "ر": "إثباتها".
(7/178)
بالتخالف1. وفي
المحرر: إن ادعى على خياط أنه فصل2 خلاف ما
أمره قبل قوله، وإن اختلفا في صفة الانتفاع3
فللمؤجر الاعتراض، ذكره أبو الفرج، وإذا انقضت
رفع يده ولم يلزمه الرد، ومؤنته في الأصح
كمودع. وفي التعليق وأومأ إليه: بلى، بالطلب
كعارية، لا مؤنة العين، فعلى الأصح لا يضمن3
تالفا أمكنه رده. وفي الرعاية: يلزمه رده مع
القدرة بطلبه، وقيل: مطلقا، ويضمنه مع إمكانه،
قال: ومؤنته على ربه وقيل: عليه، قال في
التبصرة: يلزمه رده بالشرط، وإنه يلزم
المستعير مؤنة البهيمة عادة مدة كونها بيده.
ـــــــ
المقنع4: فالقول قول الخياط، نص عليه، فقطع
به، وكذا قطع به في الهداية والمذهب والخلاصة
والمحرر والوجيز وغيرهم، وقدمه في المستوعب
والمغني5 والشرح4 والفائق وشرح ابن رزين
وغيرهم، وما اختاره الشيخ رواية عن أحمد.
فهذه اثنتان وعشرون مسألة في هذا الباب.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "بالتحالف"، والمثبت من
"ط".
2 في الأصل: "فعل".
3 ليست في الأصل.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/496.
5 8/109.
(7/179)
باب الجعالة
وهي أن يجعل معلوما كأجرة، كمن رد عبدي أو بنى
لي هذا فله كذا أو مائة، لأنه في معنى
المعاوضة، لا تعليقا محضا، أو فأنت بريء من
المائة، لأن تعليق الإسقاط أقوى، واختار الشيخ
أو مجهولا لا يمنع التسليم، كربع الضالة لمن
يعمل له. وفي التلخيص أو الأجنبي قال: أو
يخبره أن ربه جعله، ويصدقه ربه، وإلا لم
يستحق.
ـــــــ
...............................
(7/180)
وقيل: ولو
للعامل، حتى مع جهالة عمل، ومدة، كرد عبد ولو
إلى وارثه ولقطة: وبناء حائط وإصابته بهذا
السهم، أو إن كان صوابه أكثر لا، وإن أخطأ
لزمه كذا، وفي شرح الحارثي: إن كان للعامل
استحق الجعل للوعد، ويتوجه أنه سهو على المذهب
وفي عيون المسائل في
ـــــــ
...............................
(7/181)
أنه يعتبر في
الكفارة وقت الوجوب لوجوب العتق أو لا،
للترتيب، وما يثبت في الذمة لا يجوز إسقاطه
إلا بدليل، ألا ترى أنه لو قال: إذا دخل زيد
الدار فأعطه درهما، فإذا دخل الدار ثبت له
الدرهم في ذمته، فلا يسقط، وقوله: من وجد
لقطتي كمن ردها، فمن فعله بعد علمه بقوله
ـــــــ
...............................
(7/182)
استحقه، كدين،
وإلا حرم.
نقل حرب في اللقطة: إن وجد بعد ما سمع النداء
فلا بأس أن يأخذ منه، وإلا ردها ولا جعل له،
وفي أثنائه يستحق حصة تمامه، والجماعة تقتسمه.
وفي التبصرة: إن عين عوضا ملكه بنفس العمل،
فلو تلف فله أجرة مثله.
وإن رده من نصف المسافة المعينة، أو قال: من
رد عبدي، فرد أحدهما فنصفه، وإن رده من أبعد
فالمسمى، ذكره في التلخيص.
ويقبل قول جاعله في قدره1 والمسافة كأصله وقيل
بالتحالف، ومع جهالته له أجرة مثله.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ط": "رده".
(7/183)
وقيل في آبق:
المقدر شرعا، ولا يستحق شيئا بلا شرط، اختاره
القاضي، ونصه فيمن خلص متاعا: يستحق أجر مثله،
بخلاف اللقطة. ويستحق برد آبق مطلقا لئلا يلحق
بدار الحرب أو يشتغل بالفساد دينارا أو اثني
عشر درهما، وعنه: أربعين درهما من خارج المصر،
وعنه: ومنه1 عشرة استقرت عليه الرواية، قاله
الخلال، وجزم به في عيون المسائل، وأن الرواية
الصحيحة من خارج المصر دينارا، أو2عشرة.
ونقل حرب: لا يستحقه إمام، لأنه ينبغي له رده
على ربه، وعنه: ولا غيره، اختار الشيخ، ويرجع
بنفقته ولو لم يستحق جعلا، كرده من غير باب
سماه أو هربه منه، نص عليه، وقيل: بنية رجوعه،
وفي جواز استخدامه بها روايتان في الموجز
والتبصرة "م1".
ومن وجد آبقا أخذه، وهو أمانة، ومن ادعاه
فصدقه العبد أخذه، ولنائب إمام بيعه لمصلحة،
فلو قال: كنت أعتقته، فوجهان "م2".
ـــــــ
مسألة-1: قوله في رد الآبق: "وفي جواز
استخدامه بها روايتان في الموجز، والتبصرة"
انتهى. قلت وحكاهما أبو الفتح الحلواني في
الكفاية أيضا، كالعبد المرهون، والصحيح من
المذهب أنه لا يجوز ذلك في العبد المرهون،
فكذا في هذا بطريق أولى وأحرى، قال الشيخ في
المغني3 وغيره: ليس له ذلك، في ظاهر المذهب،
يعني في العبد المرهون، وقدمه في الكافي4
والمصنف وغيرهما، وصحح في الرعاية الكبرى أن
له ذلك. والله أعلم.
مسألة-2: قوله، فيما إذا وجد آبقا: "ولنائب
الإمام بيعه لمصلحة، فلو قال" يعني
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في "ط": "و".
3 6/510.
4 3/203.
(7/184)
...............................
ـــــــ
سيده "كنت أعتقته، فوجهان" انتهى. وأطلقهما
الحارثي في شرحه في باب اللقطة:
أحدهما: يقبل قوله، وهو الصحيح، قدمه في
المغني1 والشرح2 وشرح ابن رزين والرعاية
الصغرى والكبرى القديمة والحاوي الصغير
وغيرهم، وهو الصواب.
والوجه الثاني: لا يقبل، وهو احتمال في المغني
والشرح قلت: وهو ضعيف فعليه يكون ثمنه لبيت
المال، والله أعلم، فهاتان مسألتان في هذا
الباب قد صححتا.
ـــــــ
1 8/330.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 16/183
(7/185)
باب السبق
يجوز بلا عوض، مطلقا. وقال الآمدي: بغير حمام،
وقيل: وطير، وكره أبو بكر الرمي عن قوس
فارسية.
يقال: رمى عن القوس و"1على القوس1" وبها لغة.
وفي كراهة اللعب غير معين على عدو وجهان "م1".
وفي الوسيلة: يكره الرقص واللعب كله ومجالس
الشعر، وذكر ابن عقيل وغيره: يكره لعبه
بأرجوحة ونحوها. وقال أيضا: لا يمكن القول
بكراهة اللعب، وفي النصيحة للآجري: من وثب
وثبة مزحا2 ولعبا بلا نفع فانقلب فذهب عقله
عصى وقضى الصلاة.
وذكر شيخنا: يجوز ما قد يكون فيه منفعة بلا
مضرة، وظاهر كلامه لا يجوز اللعب المعروف
بالطاب والنقيلة، وقال: كل فعل أفضى إلى
المحرم كثيرا حرمه الشارع إذا لم يكن فيه
مصلحة راجحة، لأنه يكون سببا للشر والفساد،
وقال: وما ألهى وشغل عما أمر الله به فهو منهي
عنه وإن لم يحرم جنسه، كبيع وتجارة وغيرهما.
ـــــــ
مسألة-1: قوله: "وفي كراهة لعب غير معين على
عدو وجهان" انتهى:
أحدهما: يكره قلت: وهو الصواب اللهم إلا أن
يكون له فيه قصد حسن، وذكر المصنف هنا أشياء
تدل على ما قلناه، قال في المستوعب: وكل ما
سمي لعبا مكروه إلا ما كان معينا على قتال
العدو، وذكره ابن عقيل، واقتصر عليه.
والوجه الثاني: لا يكره.
ـــــــ
1-1 ليست في "ر".
2 في "ط": "مرحاً".
(7/186)
ويستحب بآلة
حرب، قال جماعة: والثقاف، نقل أبو داود: لا
يعجبني أن يتعلم بسيف حديد بل بسيف خشب، لقوله
عليه الصلاة والسلام: "لا يشر أحدكم بحديد" 1
وإذا أراد به غيظ العدو لا التطرف فلا بأس،
وليس من اللهو تأديب فرسه وملاعبة أهله ورميه،
لأنه عليه الصلاة والسلام قال: "كل شيء يلهو
به ابن آدم باطل" ثم استثنى هذه الثلاث، رواه
أحمد وأبو داود والنسائي، والترمذي وحسنه، من
حديث عقبة2.
والمراد ما فيه مصلحة شرعية، ومنه ما في
الصحيحين3 من لعب الحبشة بدرقهم وحرابهم
وتوثبهم بذلك على هيئة الرقص في يوم عيد في
مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وستر النبي
صلى الله عليه وسلم عائشة وهي تنظر إليهم،
ودخل عمر فأهوى إلى الحصباء يحصبهم، فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: "دعهم يا عمر".
وقد يكون من هذا ما روي عن جعفر بن أبي طالب
رضي الله عنه أنه لما قدم ونظر إلى النبي صلى
الله عليه وسلم في فتح خيبر حجل يعني مشى على
رجل واحدة إعظاما لرسول الله صلى الله عليه
وسلم4، وقد يدل على أنه لا يحرم الرقص، ولا
ينفي الكراهة، مع أنه لا يصح.
قال البيهقي: وقد رواه من طريق الثوري عن أبي
الزبير عن جابر، وفي
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "7072"، بلفظ: "لا يشير أحدكم
على أخيه بالسلاح...." ومسلم "2617" بلفظ: "من
أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه...".
2 أخرجه أحمد في "مسنده" "17337"، وأبو داود
"2513"، والنسائي في "المجتبى" 6/28، والترمذي
"16337"، من حديث عقبة بن عامر.
3 البخاري "1901"، ومسلم "893"، من حديث أبي
هريرة.
4 أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 9/442" من
حديث جابر.
(7/187)
إسناده إلى
الثوري من لا يعرف. وقال بعض أصحابنا في كتابه
الهدي1: لو صح لم يكن حجة لمن جعله أصلا له في
الرقص، فإن هذا كان من عادة الحبشة تعظيما
لكبرائها، كضرب الجوك عن الترك، فجرى جعفر على
تلك الحالة، وفعلها مرة ثم تركها بسنة
الإسلام.
وقال الخطابي في حديث عقبة المذكور: في هذا
بيان أن جميع أنواع اللهو محظورة، وإنما
استثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه
الخلال من جملة ما حرم منها، لأن كل واحدة
منها إذا تأملتها وجدتها معينة على حق أو
ذريعة إليه، ويدخل في معناها ما كان من
المثاقفة بالسلاح والشد على الأقدام ونحوهما،
مما يرتاض به الإنسان فيقوى بذلك بدنه، ويتقوى
به على مجالدة العدو.
فأما سائر ما يتلهى به الباطلون من أنواع
اللهو وسائر ضروب اللعب، مما لا يستعان به في
حق، فمحظور كله، وكانت عائشة وجوار معها يلعبن
بالبنات، وهي اللعب، والنبي صلى الله عليه
وسلم يراهن، رواه أحمد والبخاري ومسلم2، وكانت
لها أرجوحة قبل أن تتزوج، رواه أبو داود
وغيره3، وإسناده جيد، وأظنه في الصحيح، فيرخص
فيه للصغار ما لا يرخص فيه للكبار، قاله
شيخنا. وفي خبر ابن عمر في زمارة الراعي4،
ويتوجه: وكذا
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 زاد المعاد 3/296.
2 أحمد "24298"، والبخاري "6130" ومسلم
"2440".
3 أبو داود "4933"، والبخاري "3894" ومسلم
"1422".
4 أخرج أبو داود "4924"، من حديث نافع: سمع
ابن عامر مزماراً، قال: فوضع إصبعيه على أذنيه
ونأى عن الطريق..." الحديث.
(7/188)
في العيد ونحوه
; لأن أبا بكر دخل على عائشة وعندها جاريتان
في أيام منى يدففان ويضربان ويغنيان ما تقاولت
به الأنصار يوم بعاث فانتهرهما أبو بكر وقال:
أبمزمار الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعهما
فإنها أيام عيد" 1.
وروى أحمد2 حدثنا مكي بن إبراهيم حدثنا الجعيد
عن يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد أن امرأة
جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال
لعائشة: "هذه قينة بني فلان، تحبين أن تغنيك؟"
قالت: نعم فأعطاها طبقا فغنتها، فقال: "قد نفخ
الشيطان في منخريها" إسناده صحيح، فيحمل على
غناء مباح.
ويحرم بعوض إلا في إبل وخيل وسهام، وذكر ابن
البنا وجها، وطير معدة لأخبار الأعداء، وقد
صارع النبي صلى الله عليه وسلم ركانة على شاة
فصرعه، فأخذها، ثم عاد مرارا، فأسلم، فرد
النبي عليه الصلاة والسلام غنمه، رواه أبو
داود في مراسيله3 عن موسى بن إسماعيل عن حماد
بن سلمة عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير.
قال البيهقي: مرسل جيد، وأنه متصل ضعيف ورواه
أبو الشيخ4: حدثنا إبراهيم بن علي، حدثنا ابن
المقري، حدثنا أبي حدثنا حماد عن عمرو عن سعيد
عن ابن عباس، قال شيخنا: إسناد جيد، وروى أبو
الشيخ السبق فيه من وجه آخر، فأراد النبي صلى
الله عليه وسلم إظهار الحق، وهذا وغيره مع
الكفار من جنس الجهاد، فهو في معنى الثلاثة
وجنسها جهاد.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "987.
2 في مسنده "15720".
3 برقم "308"، من حديث سعيد بن خبير.
4 ورواه أيضاً أبو داود "4078"، والترمذي
"1784".
(7/189)
وهي مذمومة إذا
أريد بها الفخر والظلم.
والصراع والسبق بالأقدام ونحوهما طاعة إذا قصد
به نصر الإسلام وأخذ السبق عليه أخذ بالحق،
فالمغالبة الجائزة تحل بالعوض إذا كانت مما
ينفع في الدين، كما في مراهنة أبي بكر1، اختار
ذلك شيخنا. وقال: إنه أحد الوجهين، معتمدا على
ما ذكره ابن البناء، وظاهره جواز الرهان في
العلم، وفاقا للحنفية، لقيام الدين بالجهاد
والعلم، ونقل حنبل السبق في ريش2 الحمام: ما
سمعنا، وكرهه.
وفي الروضة: يختص جواز السبق ثلاثة أنواع:
الحافر، فيعم كل ذي حافر.
والخف فيعم كل ذي خف.
والنصل، فيختص النشاب والنبل.
ولا يصح السبق والرمي في غير هذه الثلاثة مع
الجعل وعدمه، كذا قال، ولتعميمه وجه ويتوجه
عليه تعميم النصل، وذكر ابن عبد البر تحريم
الرهن في غير الثلاثة "ع" ويشترط كونه معلوما
مباحا، وهو تمليك بشرط سبقه، فلهذا قال في
الانتصار القياس لا يصح، وإن شرط أنه أو بعضه
لأصحابه أو غيرهم، أو قال: إن سبقتني فلك كذا
ولا أرمي أبدا، أو شهرا، بطل الشرط، وقيل:
والعقد، فلغير مخرجه بسبقه أجر مثله، وعند
شيخنا: يصح
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 أخرج الترمذي "3191" عن ابن عباس أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر في
مناحبة: {الم, غُلِبَتِ الرُّومُ} : "ألا
احتطت يا أبا بكر، فإن البضع ما بين الثلاث
إلى التسع" والنحب المراهنة.
2 في الأصل: "الريش".
(7/190)
شرطه للإسناد
وشراء قوس وكراء الحانوت وإطعام الجماعة، لأنه
مما يعين على الرمي، وتعيين المركوبين
بالرؤية، وتساويهما في ابتداء عدو، وانتهائه،
واتحادهما نوعا، وفيه تخريج من تساويهما في
الغنيمة.
قال في الترغيب: وتساويهما في النجابة والبطء
وتكافئهما وتعيين رماة يحسنونه، وإن عقدوا قبل
التعيين على أن يقتسموا بعد العقد بالتراضي
جاز، لا بقرعة، وإن بان بعض الحزب كثير
الإصابة أو عكسه، فادعى ظن خلافه، لم يقبل،
ويعتبر تساويهما في عدد رمي وإصابة وصفتها
وأحوال الرمي. وفي الترغيب: في عدد الرماة
وجهان "م 2".
وفي الموجز: والرمي متساويان، لا يكون بعضهم
صلبا، والآخر رخوا، ومسافة بقدر معتاد،
والمركوبين1 دون الراكبين وكذا القوسين، ولا
يعتبر تعيينهما بل جنسهما. وفي النوع وصحة شرط
ما لا يتعين
ـــــــ
مسألة-2: قوله: "ويعتبر تساويهما في عدد رمي
وإصابة وصفتها وأحوال الرمي، وذكر في الترغيب
في عدد الرماة وجهين" انتهى. وكذا قال في
البلغة، وأطلقهما في الرعايتين والحاوي
الصغير:
أحدهما: لا يشترط استواء عدد الرماة، وهو
الصحيح، صححه في النظم، وجزم به ابن عبدوس في
تذكرته، وهو ظاهر ما قدمه المصنف.
والوجه الثاني: يشترط، وهما احتمالان في
الرعاية الكبرى، واحتمال وجهين في الرعاية
الصغرى، والحاوي الصغير.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "والموقف"، والمثبت من
"ط".
(7/191)
وجهان "م3،4"
ويبدل منكسر مطلقا، ولا يصح في الأصح تناضلهما
على أن السبق لأبعدهما رميا.
ـــــــ
مسألة-3-4: قوله: "ولا يعتبر تعيينهما" يعني
القوسين "بل جنسهما، وفي النوع وصحة شرط ما لا
يتعين وجهان" انتهى، ذكر مسألتين.
المسألة الأولى-3: هل يشترط في القوسين أن
يكونا من نوع واحد أو يصح أن يكونا من نوعين
كقوس عربي وفارسي؟ أطلق الخلاف في ذلك، وأطلقه
في المغني1 والشرح2 والفائق:
أحدهما: يشترط، فلا يصح بين عربي وفارسي، وهو
الصحيح، جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة والمحرر والوجيز والمنور وغيرهم،
وقدمه في المقنع2 والنظم والرعايتين والحاوي
الصغير وشرح ابن منجا وغيرهم. قال الزركشي:
هذا المذهب، قال الشيخ والشارح: هذا قول غير
القاضي.
والوجه الثاني: لا يشترط، اختاره القاضي، وهو
احتمال في المقنع2.
المسألة الثانية-4: لو اشترطوا شرطا لا يتعين
بتعيينه، فيحتمل أن مراده لو شرطا تعيين قوسين
ونحوه هل يصح أم لا؟ ويحتمل أن مراده لو شرطا
شرطا لا يصح، مثل أن يشترطا3 أن السابق يطعم
السبق أصحابه أو غيرهم، لكن هذه المسألة لا
يصح الشرط فيها عند الأصحاب، وهل يصح العقد أم
لا؟ أطلق جماعة الخلاف فيها، والصواب أن مراده
المسألة الأولى، وهو ظاهر كلام المصنف، لكن لم
أرها، وقد ذكر الشيخ في المغني4 وتبعه الشارح:
لو عقد النضال جماعة ليتفاضلوا5 حزبين جاز عند
القاضي، وذكر احتمالا بعدم الجواز.
ـــــــ
1 13/418.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/14.
3 في النسخ الخطية: "يشرط"، والمثبت من "ط".
4 13/425.
5 في "ط": " ليتناضلوا".
(7/192)
زاد في
الترغيب: من غير تقدير، ويبدأ بالرمي من قرع،
وقدم القاضي: من له مزية ببذل السبق، واختار
في الترغيب يعتبر ذكر المبتدئ به، فإن كان
العوض من أحدهما أو غيرهما فسبق مخرجه أو جاءا
معا أخذه فقط، وهو كبقية ماله، قاله في
المنتخب وغيره، وإن سبق من لم يخرج أخذه،
ويحرم العوض منهما إلا بمحلل لا يخرج شيئا،
يكافئهما مركوبا ورميا بينهما، فإن سبقهما
أحرزهما وإن سبقاه فلا شيء له1 وأحدهما
يحرزهما، ومع المحلل سبق الآخر فقط لهما، نص
أحمد على معنى ذلك2 بالعدل ويكفي محلل واحد.
قال الآمدي: لا يجوز أكثر، لدفع الحاجة. وفي
الرعاية: وقيل: بل أكثر، واختار شيخنا لا
محلل، وأنه أولى بالعدل من كون السبق من
أحدهما وأبلغ في تحصيل مقصود كل منهما، وهو
بيان عجز الآخر وأن الميسر والقمار منه لم
يحرم لمجرد المخاطرة، بل لأنه أكل للمال
بالباطل أو للمخاطرة المتضمنة له، وضعف جماعة
خبر أبي هريرة في المحلل3، لأنه من رواية
سفيان بن حسين وسعيد بن بشير عن الزهري، وهما
ضعيفان فيه، ورواه أئمة أصحابه عنه عن ابن
المسيب، من قوله. وقال أيضا: إن سمح أحدهما
للآخر بالإعطاء فلا إثم، قال: ولو جعله
الأجنبي لأحدهما إن غلب دون الآخر لم يجز،
لأنه ظلم، ولو قال المخرج: من سبق أو صلى4،
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 بعدها في "ط" "بالعدل".
3 وقد أخرجه أبو داود "2579"، عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "من أدخل فرساً بين فرسين وهو لا يؤمن
أن يسبق، فليس بقمار..." الحديث.
4 يقال للفرس الذي يأتي ثانياً في الحلبة:
المصلي؛ وقد مر هذا التعريف في أول كتاب
الصلاة 1/401.
(7/193)
فله عشرة لم
يصح إذا كانا اثنين، فإن زادا، أو قال: ومن
صلى فله خمسة، صح، وكذا على الترتيب للأقرب
إلى السابق، وهي جعالة، فإن فضل أحدهما فله
الفسخ فقط.
وفي المذهب وغيره: يجوز على هذا فسخه وامتناعه
منه وزيادة عوضه، زاد غيره: وأخذه به رهنا أو
كفيلا، وقيل: لازم، فيمتنع ذلك، لكن تنفسخ
بموت المعينين. وفي الترغيب احتمال: لا يلزم
في حق المحلل، لأنه مغبوط، كمرتهن.
ووارث راكب كهو، ثم من أقامه حاكم، وإن قلنا
جائزة فوجهان "م5".
ـــــــ
مسألة-5: قوله: "ووارث راكب كهو ثم من أقامه
حاكم، وإن قلنا جائزة فوجهان" انتهى:
أحدهما: لا يكون الوارث كالميت في ذلك، وهو
الصحيح، وهو كالصريح المقطوع به في كلام1 كثير
من الأصحاب، لقطعهم بفسخها2 بموت أحد
المتعاقدين، على القول بأنها عقد جائز، كما
قطع به الشيخ في المقنع3 وغيره، وهو ظاهر
كلامه في الحاوي الصغير وغيره.
والوجه الثاني: وارثه كهو في ذلك، ثم الحاكم،
جزم به ابن عبدوس في تذكرته، وهو ظاهر كلامه
في الرعاية الصغرى والفائق، وهو كالصريح في
كلام صاحب البلغة، وصرح به في الكافي4، وقطع
به، لكن جعل الوارث بالخيرة في ذلك. وقال في
المستوعب: فإن مات أحد الراكبين قام وارثه
مقامه، فإن عدم الوارث استأجر الحاكم من ينوب
عنه" انتهى، فأطلق العبارة، فظاهره أنه
كالوارث على القول باللزوم والجواز، ولعل هذا
المذهب.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في "ط": " بفسخهما".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/31. وفي
"ط": "المغني".
4 3/433.
(7/194)
قال في
الترغيب: ولا يجب تسليم عوضه في الحال وإن
قلنا بلزومه، على الأصح، بخلاف أجره، بل يبدأ
بتسليم عمل. والسبق بالرأس في متماثل عنقه،
وفي مختلفه وإبل بكتف. وفي المحرر الكل
بالكتف،
وقيل: بالقدم، قال الشيخ: ولا تصح بأقدام
معلومة لأنه لا ينضبط. وفي الترغيب: الأول،
وزاد بالرأس في الخيل، قال: وكذا ابتداء
الموقف.
ويحرم جنبه مع فرسه أو وراءه فرسا1 يحرضه على
العدو، وجلبه، وهو أن يصيح به في وقت سباقه.
وفي مختصر ابن رزين يكرهان.
والسبق في الرمي بالإصابة المشروطة، وهي إما
مبادرة: بأن يجعلا السبق لمن سبق إصابتين من
عشرين رمية، مع تساويهما في الرمي، أو مفاضلة:
بأن يجعلاه لمن فضل الآخر بإصابتين من عشرين
رمية، ولا يصح شرط إصابة نادرة قاله في
المغني2 وغيره.
وفي الترغيب وغيره: يعتبر إصابة ممكنة، ويشترط
معرفة الغرض قدرا وصفة ولو وقع السهم موضعه
بعد أن أطارته الريح احتسب به، فإن شرط إصابة
مقيدة وشك فيما لو بقي موضعه فلا، وإن عرض ما
ـــــــ
تنبيه: جعل المصنف وغيره محل الخلاف على القول
بأنها عقد جائز، وهو مشكل، إذ العقود الجائزة
تنفسخ بموت أحد المتعاقدين3، ولعل الميت أحد
الراكبين لا المتعاقدين، قاله ابن نصر الله في
حواشيه.
فهذه خمس مسائل في هذا الباب.
ـــــــ
1 في الأصل: "قريباً".
2 13/420.
3 في النسخ الخطية: "المتعاقدين"، والمثبت من
"ط".
(7/195)
يمنع ككسر1 قوس
أو قطع [وتر] أو2 ريح شديدة لم يحتسب عليه،
وحكي وجه، والأشهر: ولا له.
ويكره مدح المصيب منهما وعيب المخطئ، وحرمه
ابن عقيل، ويتوجه: يجوز مدح المصيب ويكره عيب
غيره، ويتوجه في شيخ العلم وغيره مدح المصيب
من الطلبة وعيب غيره لذلك، والله أعلم.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "كسر".
2 ليست في الأصل.
(7/196)
باب العارية
شروط العارية
...
باب العارية
يعتبر كون المعير أهلا للتبرع شرعا، وأهلية
مستعير للتبرع له، ويتوجه في مال صغير كقرضه،
وتجوز إعارة ذي نفع جائز ينتفع به مع بقاء
عينه إلا البضع وما حرم استعماله لمحرم، وقيل:
وكلبا لصيد وفحلا لضراب، وقيل: وأمة شابة لغير
محرم أو امرأة، جزم به في التبصرة والكافي1.
والأشهر: يكره. وفي المغني2: إن خلا أو نظر،
وأنه لا بأس بشوهاء3 أو كبيرة، ويجوز لهما،
وقيل: يكره. وفي الترغيب: إلا البرزة وفي
التبصرة: وعبدا مسلما لكافر، ويتوجه كإجارة،
وقيل فيه بالكراهة وعدمها، وقيل: تجب أي
العارية مع غنى ربه، اختاره4 شيخنا.
ويكره أحد أبويه لخدمة وللمعير الرجوع، وعنه:
إن عين مدة تعينت،
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 3/490.
2 7/346.
3 الأصل: "شوهاء".
4 في "ط": "اختار".
(7/197)
وعنه: ومع
إطلاقه لا يرجع قبل انتفاعه، قال القاضي:
القبض شرط في لزومها، وقال: يحصل بها الملك مع
عدم قبضها. وفي مفردات أبي الوفاء في ضمان
المبيع المتعين بالعقد: الملك أبطأ حصولا
وأكثر شروطا من الضمان، لسقوط الضمان بإباحة
الطعام بتقديمه، وضمان المنفعة بعارية العين
ولا ملك، فإذا حصل بالتعيين هنا الإبطاء فأولى
حصول الأسرع، وهو الضمان.
وقال أبو الخطاب: لا يملك مكيلا وموزونا
بلفظها، ولو سلم ويكون قرضا فإنه يملك به
وبالقبض، وفي الانتصار لفظ العارية في الأثمان
قرض. وفي المغني1: إن استعارها للنفقة فقرض،
وقيل. لا يجوز، ونقل صالح منحة لبن هو
العارية، ومنحة ورق هو القرض، وذكر الأزجي
خلافا في صحة إعارة دراهم ودنانير للتجمل
والزينة، ولا رجوع لمعير سفينة لمتاع في اللجة
حتى ترسو، وحائط لخشب2 حتى يسقط فلا يردان بلا
إذنه، وفي الحائط احتمال: يرجع إن ضمن النقص،
وكذا أرض لدفن
ـــــــ
تنبيه: قوله: "ولا رجوع لمعير... حائط الخشب
حتى يسقط فلا يردان3". انتهى. الصحيح من
المذهب أنه ليس له رد الخشب مكانها إذا سقط،
كما قطع به المصنف، وجزم به في الهداية
والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع والمحرر
والشرح4 وشرح ابن منجا والرعايتين
ـــــــ
1 7/347.
2 في "ط": "الخشب".
3 في النسخ الخطية: "يرد"، والمثبت من "ط".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/73.
(7/198)
ميت حتى يبلى،
وقيل: ويصير رميما.
وقال ابن الجوزي: يخرج عظامه ويأخذ أرضه، ولا
أجرة في الكل، وإن أعاره أرضا لزرع لا يقصل
ويترك حتى يحصد ولغرس أو بناء وشرط قلعه عند
رجوعه أو في وقت قلعه فيه مجانا، وإلا فلرب
الأرض أخذه بقيمته أو قلعه، ويضمن نقصه، خلافا
للحلواني فيه، ولا يلزم المستعير تسوية الحفر،
قاله جماعة. وفي المستوعب: إلا مع شرط القلع،
وعند الشيخ: إلا مع إطلاقه، ويلزمه بشرطها،
ومثله غرس مشتر وبناؤه لفسخ بعيب أو فلس، وفيه
وجه: لا يأخذه ولا يقلعه، وقيل: إن أبى المفلس
والغرماء القلع ومشاركته بالنقص أو أبى دفع
قيمته رجع أيضا، والمبيع بعقد فاسد كمستعير
فقط "وش" ذكره صاحب المجرد والفصول والمغني في
الشروط في الرهن، لتضمنه إذنا، وصاحب المحرر،
ولا أجرة.
وفي المجرد: لو غارسه على أن الأرض والغرس
بينهما فله أيضا تبقيته بالأجرة، ويتوجه في
الفاسد وجه كغصب، لأنهم ألحقوه به في الضمان،
وفاقا لأبي يوسف ومحمد، ولا يقال لرب الأرض
قيمتها فقط
ـــــــ
والحاوي الصغير والنظم والفائق وغيرهم، قال
الحارثي: قاله المصنف يعني به الشيخ الموفق
والقاضي وابن عقيل، في آخرين من الأصحاب وقال
القاضي والمصنف يعني به صاحب المغني1 في الصلح
له إعادته إلى الحائط، قال: وهو الصحيح اللائق
بالمذهب، لأن السبب مستمر، فكان الاستحقاق
مستمرا انتهى. ولم يطلع المصنف على كلام
الحارثي "2أو لم يستحضره2"، فلذلك جزم بالحكم
تبعا لغيره، والله أعلم.
ـــــــ
1 7/346.
2-2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(7/199)
"هـ م"،
ومستأجر كمستعير، ولم يذكر جماعة فيه أخذه
بقيمته.
زاد في التلخيص: كما في عارية مؤقتة، ولم
يفرقوا بين كون المستأجر وقف ما بناه أو لا،
مع أنهم ذكروا استئجار دار يجعلها مسجدا، فإن
لم يترك بالأجرة فيتوجه أن لا1 يبطل بالوقوف
مطلقا، وتقدم في الصلح كلامه في الفنون. وهو
هنا أولى، وقال معناه شيخنا، فإنه قال فيمن
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ليست في "ط".
(7/200)
احتكر أرضا بنى
فيها مسجدا أو بنى وقفه عليه: متى فرغت المدة
وانهدم
ـــــــ
...............................
(7/201)
البناء زال حكم
الوقف وأخذوا أرضهم فانتفعوا بها، وما دام
البناء قائما فيها فعليه أجرة المثل، كوقف علو
ربع1 أو دار مسجدا، فإن وقف علو ذلك لا يسقط
حق ملاك السفل، كذا وقف البناء لا يسقط حق
ملاك الأرض، وإن شرط في إجارة "2بقاء غرس
فكإطلاقه، وقيل: تبطل ولو اكترى مدة لزرع ما
يتم فيها وشرط قلعه بعدها صح، وإن شرط2" بقاءه
ليتم أو سكت فسد، فإن زرع فأجرة مثله، وقيل:
يصح إن سكت
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 الربع: الدار حيث كانت، والجمع رباع وربوع
وأرباع. والمنزل، والنعش، وجماعة الناس.
"القاموس": "ربع".
2-2 ليست في الأصل.
(7/202)
فإذا تمت
والزرع باق فقيل كفراغها وفيها زرع بقاؤه
بتفريط مكتر فهو كغاصب، ولربه نقله، وذكر
القاضي أنه يلزمه، وقيل: كمبقى بلا تفريط
تركه1 بالأجرة "م1".
ـــــــ
مسألة-1: قوله: "وإن اكترى مدة لزرع ما يتم
فيها وشرط قلعه بعدها صح، وإن شرط بقاءه ليتم
أو سكت فسد، وإن زرع فأجرة مثله، وقيل يصح إن
سكت، فإذا تمت والزرع باق فقيل كفراغها وفيها
زرع بقاؤه بتفريط مكتر فهو كغاصب، ولربه نقله،
وذكر القاضي أنه يلزمه، وقيل: كمبقى بلا تفريط
تركه بالأجرة" انتهى، وهذان القولان على2
القول بالصحة فيما إذا سكت، وأطلقهما في
المغني3 والشرح4:
أحدهما: حكمه حكم الزرع المبقى بتفريط
المستأجر، قدمه في الرعاية الكبرى فقال: فإذا
فرغت المدة والزرع باق فهو كمفرط، وقيل: لا
انتهى. قلت: وما قدمه هو الصواب.
والوجه الثاني: هو كالمبقى بلا تفريط، فيترك
بالأجرة.
تنبيه: قوله: "وإن اكترى مدة لزرع ما يتم" قال
شيخنا كذا في النسخ، والذي يظهر أنه ما لا
يتم، بزيادة "لا" بعد "ما" دليل قوله وإن شرط
بقاءه ليتم، ويحتمل أن يكون لزرع منون، و "ما"
نافية، وقوله "تركه بالأجرة" هنا نقص، وتقديره
والله أعلم "يلزم تركه" "فيلزم" هو النقص.
ـــــــ
1 في الأصل و"ط": "يتركه".
2 في "ط": "في".
3 8/65-66.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
14/520-521.
(7/203)
وله أجرة مثله
في إجارة، وهنا قال الأكثر: له أجرة في زرع من
رجوعه، فخرجه بعضهم في غرس وبناء، وقيل:
وغيرهما، وجزم به في التبصرة في مسألة
السفينة، واختاره أبو محمد يوسف الجوزي فيما
سوى أرض للدفن، ولرب الأرض التصرف بما لا
يضرهما، ولربها1 دخولها لمصلحتها خاصة، وأيهما
طلب البيع ففي إجبار الآخر معه وجهان "م2" ولو
حمل سيل بذرا فنبت فلرب الأرض أجرة مثله، في
الأصح، وحمله غرسا كغرس شفيع، وقيل: فيه،
وقيل: وفي زرع كغاصب.
ـــــــ
مسألة-2: قوله: "ولرب الأرض التصرف بما لا
يضرهما، ولربها دخولها لمصلحتها خاصة، وأيهما
طلب البيع ففي إجبار الآخر معه وجهان" انتهى.
وأطلقهما في المحرر والفائق:
أحدهما: يجبر، جزم به في الوجيز وغيره، قال في
الرعايتين والحاوي الصغير أجبر، في أصح
الوجهين.
والوجه الثاني: لا يجبر، صححه في تصحيح المحرر
والنظم وتجريد العناية.
ـــــــ
1 في "ر": "ولربهها".
(7/204)
فصل: العارية المقبوضة مضمونة،
نص عليه لأن النفع غير مستحق. بخلاف عبد موصى
بنفعه، وقاسها جماعة على "1المقبوض على1" وجه
السوم، فدل على رواية مخرجة، وهو متجه، وذكر
الحارثي خلافا: لا يضمن، وذكره شيخنا عن بعض
أصحابنا، واختاره صاحب الهدي فيه وعنه: بلى إن
شرطه، اختاره أبو حفص وشيخنا، وعنه: إن لم
يشرط نفيه جزم به في
ـــــــ
......................................
ـــــــ
1-1 ليست في الأصل.
(7/204)
التبصرة
بقيمتها يوم التلف، ولا يضمن وقف بلا تفريط،
في ظاهر كلامه وأصحابه.
وإن تلفت أو جزؤها بانتفاع بمعروف أو الولد أو
الزيادة لم يضمن، في الأصح، وفي ولد مؤجرة
الوديعة الوجهان، ويصدق في عدم تعديه، ولا
يضمن رائض ووكيل، لأنه غير مستعير، ويستوفي
المنفعة كمستأجر، وليس له أن ينتفع إلا بمنفعة
معهودة، ويؤجر بإذن، وقيل: وبدونه إن عين مدة،
ولا يضمن مستأجر منه، في الأصح، والأجرة
لربها، وقيل: له، وفي جواز إعارة المستعير
وجهان أصلهما هل هي هبة منفعة أو إباحة؟ "م3"
ويتوجه عليهما تعليقها بشرط. وفي المنتخب:
يصح، قال في الترغيب: يكفي ما دل على الرضى من
قول أو فعل، فلو سمع من يقول أردت من
ـــــــ
مسألة -3: قوله: "وفي جواز إعارة المستعير
وجهان، أصلهما هل هي هبة منفعة أو إباحة"
انتهى. فنتكلم أولا على أصل الوجهين وبه1 يعرف
الصحيح منهما في جواز إعارة المستعير وعدمه،
فنقول: نفس الإعارة هل هي هبة منفعة أو إباحة
منفعة، فيه وجهان، وأطلقهما الناظم:
ـــــــ
1 في "ط": "فيه".
(7/205)
يعيرني كذا
فأعطاه كفى، لأنه إباحة لا عقد، وسهم فرس لغزو
له كحبيس ومستأجر، وعنه: لمالكه، وسهم فرس
مغصوب كصيد جارح1 ويعطي نفقة الحبيس، نقله أبو
طالب، ومن قال: ما أركبها إلا بأجرة قال ربها
ما
ـــــــ
أحدهما: هي إباحة منفعة، وهو الصحيح، اختاره
ابن عقيل، وابن حمدان في الرعاية الصغرى، وابن
عبدوس في تذكرته، قال الحارثي: وهو أمس
بالمذهب، واختاره غير واحد، انتهى. وجزم به في
المغني2 والتلخيص والشرح3 والفائق وغيرهم،
وقدمه في المستوعب والرعاية الكبرى.
والوجه الثاني: هي هبة منفعة، جزم به في
الهداية والخلاصة والكافي4 والمقنع5 والهادي
والمذهب الأحمد والوجيز وإدراك الغاية وشرح
ابن رزين وغيرهم وقدمه في الرعاية الصغرى
والحاوي الصغير، قال الحارثي: ويدخل على هذا
الوجه الوصية بالمنفعة، وليس بإعارة، وقال:
الفرق بين القولين أن الهبة تمليك يستفيد به
التصرف في الشيء، كما يستفيده فيه بعقد
المعاوضة، والإباحة رفع الحرج من تناول ما ليس
مملوكا له، فالتناول مستند إلى الإباحة، وفي
الأول مستند إلى الملك، وقال في تعليل الوجه
الأول: فإن المنفعة لو ملكت بمجرد الإعارة لا
يستقل المستعير بالإجارة والإعارة، كما في
الشفعة والمملوكة بعقد الإجارة، انتهى.
ـــــــ
1 في الأصل: "خارج".
2 7/340.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/370.
4 3/489.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/65.
(7/206)
آخذ لها أجرة
ولا عقد بينهما فعارية، ولو أركب دابته منقطعا
لله لم يضمن، وفيه وجه، وكذا رديف، وقيل: يضمن
نصف القيمة.
يقال: ردفته بكسر الدال أردفه1 بفتحها إذا
ركبت خلفه، وأردفته أنا، وأصله من ركوبه على
الردف، وهو العجز، ويقال ردف بكسر الراء وسكون
الدال ورديف.
ولو سلم شريك شريكه الدابة فتلفت بلا تفريط
ولا تعد، بأن ساقها
ـــــــ
إذا علمت ذلك فمن قال: هي إباحة منفعة، لم
يجوز له الإعارة، وهذا هو الصحيح كما تقدم،
ومن قال: هي هبة منفعة، أجاز للمستعير أن
يعير، والله أعلم.
قلت: ظاهر كلام كثير من الأصحاب عدم جواز
إعارتها على كلا2 الوجهين، ففي الهداية
والخلاصة والكافي3 والمقنع4 والهادي والمذهب
الأحمد وإدراك الغاية وشرح ابن رزين وغيرهم
أنها هبة منفعة، وقالوا ليس له أن يعير، وهو
الصواب، ولا يمتنع هبة شيء مخصوص وعدم التصرف
فيه، وصحح في النظم عدم الجواز أيضا مع إطلاقه
الخلاف في كونها هبة منفعة أو إباحة منفعة،
ولكن ظاهر كلامه في المغني5 والشرح4 الجواز
على القول بأنها هبة منفعة، وتابعها المصنف
على ذلك. وقال الحارثي: أصل هذا ما قدمنا من
أن الإعارة إباحة منفعة6، وقال عن الوجه
الثاني: يتفرع على رواية اللزوم في العارية
المؤقتة7، انتهى.
ـــــــ
1 في الأصل: "أردفه".
2 في "ط": "كلام".
3 3/492.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/95-97.
5 7/347، والذي في "المغني" التصريح بعدم
الجواز وبأنها منفعة لاهبة.
6 ليست في "ح".
7 ليست في "ط".
(7/207)
فوق العادة
ونحوه، لم يضمن، قاله شيخنا، ويتوجه كعارية إن
كان عارية وإلا لم يضمن وإن ردها إلى من عرف
بقبضها عادة كزوجة أو سائس خلافا للحلواني1
فيه برئ، وإلا فلا، كإصطبل مالكها وغلامه،
وخالف فيه صاحب الرعاية، وظاهر تقديم المستوعب
يبرأ بربها ووكيله فقط.
ـــــــ
قلت: قطع في القاعدة السابعة والثمانين بجواز
إعارة العين المعارة المؤقتة إذا قيل بلزومها
وملك المنفعة فيها، انتهى. فتلخص أن المصنف
تابع الشيخ في المغني2 على هذا البناء، وأن
ظاهر كلام أكثر الأصحاب منعوا من الإعارة ولم
يبنوا، وهو الصواب.
فهذه ثلاث مسائل قد صحت.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 لم أجد المسألة في مظانها في "المغني".
(7/208)
وإذا قال:
أعرتني، وآجرتني، قال: بل1 غصبتني، أو قال:
أعرتك، قال: آجرتني والبهيمة تالفة، أو اختلفا
في ردها قبل قول المالك، وكذا: أعرتني، قال:
أودعتك، صدق المالك، فيضمن ما انتفع، ولو قال:
آجرتك، قال: أعرتني عقيب العقد، قبل قول
القابض، فلا يغرم القيمة، وبعد مضي مدة لها
أجرة يقبل قول المالك، في الأصح في ماضيها،
وله أجرة المثل.
وقيل: المسمى، وقيل: أقلهما، وكذا لو ادعى أنه
زرع عارية وقال ربها إجارة ذكره شيخنا وكذا في
الأجرة: أعرتني أو2آجرتني، قال: غصبتني، وقيل:
إن قال: أودعتني، قال غصبتني، فوجهان والله
تعالى أعلم.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 في "ط": "و".
(7/209)
باب الوديعة
وهي وكالة في الحفظ، فيعتبر أركانها، وينفسخ
بموت وجنون وعزل، كوكالة، ويلزمه حفظها في حرز
مثلها عرفا، كسرقة، وإن عينه ربها فأحرزها
بمثله أو فوقه بلا حاجة كالبس الخاتم في خنصر
فلبسه في بنصر لا عكسه لم يضمن، وقيل: بلى،
وهو رواية في التبصرة، وقيل بمثله كدونه، وقيل
فيه: إن رده إليه فلا، وإن نهاه عن إخراجها
لزمه إخراجها عند الخوف، ويحرم لغيره، في
الأصح فيهما، وإن قال: لا تخرجها وإن خفت
عليها لم يضمن، وقيل إن وافقه أو خالفه ضمن،
كإخراجها لغير خوف، وإن ترك علف الدابة ضمن،
وقيل: لا كلا تعلفها، وإن حرم. وإن أمره به
لزمه، وقيل بقبوله، ويعتبر حاكم.
وفي المنتخب: لا وإن عين جيبه ضمن في كمه
ويده، لا عكسه، وإن عين كمه ففي يده أو عين
يده ففي كمه وجهان "م 1 و 2" وإن جاءه
ـــــــ
مسألة-1-2: قوله: "وإن عين كمه ففي يده أو عين
يده ففي كمه وجهان" انتهى. فيه مسألتان.
المسألة الأولى-1: لو قال: اتركها في كمك
فتركها في يده فتلفت فهل يضمن أم لا؟ أطلق
الخلاف، وأطلقه في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة والمغني1 والمقنع2 والهادي والتلخيص
والشرح والرعايتين والنظم والحاوي الصغير
والفائق وغيرهم:
ـــــــ
1 9/266.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 16/21.
(7/210)
بالسوق وأمره
بحفظها ببيته فتركها عنده إلى مضيه لمنزله
ضمن، وقيل: لا، وهو أظهر، ومتى أطلق، فتركها
بجيبه أو يده، أو شدها في كمه أو عضده وقيل:
من جانب الجيب أو ترك في كمه ثقيلا بلا شد، أو
تركها في وسطه وحرز عليه سراويل، لم يضمن.
وضمنه في الفصول في جيب وكم، على رواية أن
الطرار1 لا يقطع وذكر إن تركه في رأسه وغرزه
في عمامته أو تحت قلنسوته احتمل أنه حرز، وإن
دفعها إلى من يحفظ ماله أو مال ربها عادة،
كزوجة وخادم وفي الروضة: وولد ونحو ذلك، لم
يضمن، في
ـــــــ
أحدهما: لا يضمن، قال الحارثي: وهو الأظهر عند
القاضي وابن عقيل.
والوجه الثاني: يضمن، وهو الصحيح، صححه في
التصحيح، وقدمه في الكافي2، قال الحارثي:
وإليه ميل المصنف في كتابيه3، يعني به الشيخ
في المغني4 والكافي2، وقدمه في إدراك الغاية.
المسألة الثانية-2: عكسها ما لو قال اتركها في
يدك فتركها في كمه، حكمها حكم التي قبلها،
خلافا ومذهبا.
قلت: الصواب أن اليد أحرز من الكم في
المسألتين، والله أعلم.
وقال القاضي: اليد أحرز عند المغالبة، والكم
أحرز عند عدم المغالبة، فعلى هذا إن أمره
بتركها في يده فشدها في كمه في غير حال
المغالبة فلا ضمان عليه، وإن فعل ذلك عند
المغالبة ضمن.
ـــــــ
1 الطرار: الذي يقطع النفقات ويأخذها على غفلة
من أهلها. "المصباح".
2 3/481-482.
3 في "ط": "كتاب".
4 9/266.
(7/211)
المنصوص، كوكيل
ربها، وإن أراد سفرا لضرورة أو لا ولم ينه عنه
ولا خوف وفي المبهج والموجز: والغالب السلامة،
زاد في عيون المسائل والانتصار: كأب ووصي فله
السفر بها، نص عليه، لا لمستأجر لحفظ شيء سنة
لملكه، منافعه، وله "1ما أنفق عليه1" بنية
الرجوع، قاله القاضي، ويتوجه كنظائره، وقيل:
مع غيبة ربها أو وكيله إن كان أحرز، وإن
استويا فوجهان "م 3".
ويلزمه مؤنته، وفي مؤنة رد من بعد خلاف في
الانتصار "م 4". وإن لم يسافر بها أو حضرته
الوفاة سلمها أحدهما ثم حاكما، وفي لزومه
قبولها
ـــــــ
مسألة-3: قوله: "وإن أراد سفرا، فله السفر
بها، نص عليه، وله ما أنفق بنية الرجوع،.
وقيل: مع غيبة ربها أو وكيله إن كان أحرز، وإن
استويا فوجهان" انتهى. وأطلقهما في التلخيص
والرعايتين والنظم وشرح الحارثي والحاوي
الصغير والفائق وغيرهم:
أحدهما: لا يحملها معه، فإن فعل ضمن، وهو ظاهر
النص، وظاهر كلام كثير من الأصحاب، وهو
الصواب، قال في المبهج: لا يسافر بها إلا إذا
كان الغالب السلامة. انتهى، فظاهره أنه لا
يسافر بها مع استواء الأمرين.
والوجه الثاني: له السفر بها.
مسألة-4: قوله: "ويلزمه مؤنته، وفي مؤنة رد من
بعد خلاف في الانتصار" انتهى. قلت: ظاهر كلام
أكثر الأصحاب اللزوم، لأنهم لم يفرقوا بين
القريب والبعيد، بل أطلقوا، وهو ظاهر ما قدمه
المصنف.
ـــــــ
1-1 في "ر": "ما أنفقه".
(7/212)
وقبول مغصوب
ودين غائب وجهان "م 5".
وقيل: أو لثقة، وذكره الحلواني رواية، كتعذر
حاكم، في الأصح، وفي النوادر أطلق أحمد
الإيداع عند غيره لخوفه عليها، وحمله القاضي
على المقيم لا المسافر، وإن أودعها، بلا عذر
ضمنها وقراره عليه، فإن علم الثاني فعليه،
وعنه: لا يضمن الثاني إن جهل، اختاره شيخنا،
كمرتهن، في وجه. واختاره شيخنا، ويتوجه تخريج
رواية من توكيل الوكيل: له الإيداع بلا عذر،
فإن دفنها بمكان وأعلم ساكنه فكإيداعه، وإلا
ضمن، وإن تعدى فيها بانتفاعه أو أخذها لا
لإصلاحها كنفقة أو شهوة رؤيتها ثم ردها وفيهما
وجه أو كسر ختمها أو حله وفي الثلاثة رواية أو
جحدها ثم أقر، أو منعها بعد طلب طالبها شرعا
والتمكن ولو كان مستأجرا لها، وفي أجرة ما مضى
خلاف في الانتصار، ضمن وكذا إن خلطها بغير
متميز وإن تميز فلا، على الأصح، وظاهر نقل
البغوي: وإن لم يتميز، ولم يتأوله في النوادر،
وذكره الحلواني، ظاهر كلام الخرقي، وجزم به في
المنثور عن أحمد،
ـــــــ
مسألة-5: قوله: "وفي لزومه" أي الحاكم "قبولها
وقبول مغصوب ودين غائب وجهان" وكذا مال ضائع
انتهى، ذكر أربع مسائل يشبه بعضهن بعضا حكمهن
واحد، وأطلق الوجهين في الرعاية الكبرى:
أحدهما: يلزمه، وهو الصحيح، قال في التلخيص:
الأصح اللزوم في قبول الوديعة والمغصوب
والدين، وهو الصواب.
والوجه الثاني: لا يلزمه، وهو ضعيف، اللهم إلا
أن يكون هذا المال في يد ثقة قادر فإنه يضعف
اللزوم الحاكم، والله أعلم.
(7/213)
قال: لأنه خلطه
بماله، وجزم به1 في المبهج في الوكيل،
كوديعته، في أحد الوجهين "م 6" وإن لم يدر
أيهما ضاع ضمن2، نقله البغوي، وذكره جماعة.
وإن أخذ درهما ثم رده ضمنه، في الأصح، وعنه:
وغيره، وكذا
ـــــــ
مسألة-6: قوله: "وكذا إن خلطها بغير متميز"
يعني أنه يضمن بتعديه بخلطها بغير متميز "وإن
تميز فلا، على الأصح، وظاهر نقل البغوي: وإن
لم يتميز، ولم يتأوله في النوادر، وذكره
الحلواني ظاهر كلام الخرقي، وجزم به في
المنثور عن أحمد،. وجزم به في المبهج في
الوكيل، كوديعته في أحد الوجهين" انتهى.
"3يعني: إذا دعى4 في الوديعة بالخلط. والظاهر:
أنه أراد بقوله: كوديعته في أحد الوجهين3" إذا
خلط وديعة شخص بوديعته الأخرى خلطا لا يتميز
هل يضمن أم لا؟ أطلق الوجهين.
قال في الرعاية: وإن خلط إحدى وديعتي زيد
بالأخرى بلا إذنه وتعذر التمييز احتمل وجهين
انتهى. وقال بعد ذلك قلت: وإن أودعه كيسين
فخلطهما بلا إذن ضمن انتهى.
وظاهر كلامه في المغني5 والشرح6 أن يضمنهما،
فإنهما قالا: إذا خلط الوديعة بما لا يتميز من
ماله أو مال غيره ضمنها، وقالا لما نصرا هذا
القول: ولنا أنه خلطها بماله خلطا لا يتميز،
فوجب ضمانها انتهى. قلت وهو ظاهر كلام أكثر
الأصحاب حيث قالوا: إذا خلطها بماله على وجه
لا يتميز ضمنها.
والوجه الثاني: لا يضمنها، وقد ذكر الأصحاب في
تعليل ما إذا خلطها بماله على وجه لا يتميز:
ولأنه إذا خلطها بما لا يتميز فقد فوت على
نفسه إمكان ردها، والله أعلم.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 ليست في "ر".
3-3 ليست في "ط".
4 هكذا وردت في النسخ الخطية و"ط"، ولعل
الصواب والأقرب: "عدى" فهو مناسب للمعنى.
5 9/258.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 16/38.
(7/214)
إن رد بدله
متميزا، وعنه: أو غيره، وكذا إن أذن في أخذه
منها فرد بدله بلا إذنه، ومتى جدد له استئمانا
أو أبرأه بريء، في الأصح، كرده إليه، أو إن
خنت ثم تركت فأنت أميني، ذكره في الانتصار،
وفيه وجه: يضمن بنية التعدي، كملتقط، في أحد
الوجهين في الترغيب "م 7" وإن خرق فوق المسدود
فأرش الكيس، وإن قال استخدمه ففعل صار عارية،
وإن ادعى إذنه في دفعها لفلان وأنه دفع قبل،
في المنصوص، خلافا للأئمة ذكره صاحب المحرر
وقال: وافقوا إن أقر بإذنه، وقيل ذلك كوكالة
بقضاء دين، ولا يلزم المدعى عليه1 للمالك غير
اليمين ما لم يقر بالقبض، وذكر الأزجي إن
ادعى1 الرد إلى رسول موكل ومودع فأنكر الموكل
ضمن، لتعليق الدفع بثالث، ويحتمل: لا، وإن أقر
وقال قصرت لترك
ـــــــ
مسألة-7: قوله: "وفيه وجه: يضمن بنية التعدي
كملتقط، في أحد الوجهين في الترغيب" انتهى
وكذا قال في التلخيص:
أحدهما: لا يضمن اللقطة بنية التعدي فيها، كما
لا يضمن الوديعة بذلك، قال الحارثي: وهو
اختيار المصنف، يعني صاحب المقنع قلت: وهو
الصواب، قال الحارثي: وهو الصحيح انتهى.
والوجه الثاني: يضمن، قال في التلخيص: وهو
الأشبه بقول أصحابنا في التضمين بمجرد اعتقاد
الكتمان، ويخالف المودع فإنه مسلط من جهة
المالك انتهى.
قال في الرعاية الكبرى: فإن نوى الملتقط
اختزاله أو تملكه في الحال أو كتمه ضمنه ولم
يملكه، وإن عرفه بعد، وفيه احتمال انتهى.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(7/215)
الإشهاد احتمل
وجهين واتفق الأصحاب لو وكله بقضاء دينه فقضاه
في غيبته وترك الإشهاد ضمن، لأن مبنى الدين
على الضمان، ويحتمل إن أمكنه الإشهاد فتركه
ضمن، كذا قال، ولو قال: لم تودعني ثم ثبتت1 لم
يقبل دعوى رد وتلف، فإن أقام بينة بهما متقدما
جحوده لم تسمع، في المنصوص، وبعده تسمع برد،
والأصح وبتلف، ويقبل قوله فيهما في: ما لك
عندي شيء، ولو قال: لك وديعة، ثم ادعى ظن
البقاء، ثم علم تلفها، أو ادعى الرد إلى ربها
فأنكره ورثته فوجهان "م 8 و 9" ودعواه الرد
إليهم
ـــــــ
تنبيه: قوله: "وإن أقر وقال قصرت لترك الإشهاد
احتمل وجهين" انتهى، هذا من تتمة كلام الأزجي
وليس من الخلاف المطلق، لأنه قد قدم حكمها2،
والله أعلم.
مسألة-8-9: "ولو قال لك وديعة ثم ادعى ظن
البقاء ثم علم تلفها أو ادعى الرد إلى ربها
فأنكره ورثته فوجهان" انتهى، ذكر مسألتين:
المسألة الأولى-8: لو قال: لك وديعة ثم ادعى
ظن البقاء ثم علم تلفها فهل يقبل قوله أم لا؟
أطلق الخلاف فيه، وأطلقه في الرعاية الكبرى،
وهو ظاهر كلام الرعاية الصغرى:
أحدهما: يقبل قوله، اختاره القاضي قلت: وهو
الصواب.
والوجه الثاني: لا يقبل قوله، قدمه في المغني3
عند قول الخرقي، وإن قال: له عندي عشرة دراهم
ثم قال وديعة، وهو ظاهر ما جزم به ابن رزين،
وقدمه الشارح، ذكره في باب ما إذا وصل بإقراره
ما يغيره قلت: ويحتمل الرجوع إلى حال المودع
والرجوع إلى القرائن.
ـــــــ
1 بعدها في "ر": "ضمن".
2 في "ح" و"ط": "حكماً".
3 7/299.
(7/216)
أو دعوى ورثته
الرد إلى ربها تقبل ببينة.
ولو تلفت عند ورثته بعد إمكان ردها فقيل بعدم
الضمان، وقطع به في المحرر إن جهلها ربها "م
10". ويعمل بخط أبيه على كيس لفلان، في
ـــــــ
المسألة-9: الثانية لو ادعى الرد إلى ربها
"1فأنكر الورثة1" فهل يقبل قوله أم لا؟ أطلق
الخلاف:
أحدهما: يقبل قوله قلت: وهو الصواب، وقد قبلنا
قوله في الرد في حياة صاحبها فكذا بعد موته.
والوجه الثاني: لا يقبل إلا ببينة، جزم به في
الرعاية الكبرى، ويحتمل إلى الرجوع إلى حال
المودع.
مسألة-10: قوله: "ولو تلفت عند ورثته بعد
إمكان ردها فقيل بعدم الضمان وقطع به في
المحرر إن جهلها ربها" انتهى. وأطلقهما في
الفائق:
أحدهما: يضمن مطلقا، وهو الصحيح، صححه في
التصحيح والنظم وشرح الحارثي2، قال في القاعدة
الثالثة والأربعين: والمشهور الضمان، وجزم به
في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة
والهادي والوجيز وغيرهم، وقدمه في التلخيص
وقال: ذكره أكثر أصحابنا، وقدمه في الرعاية
الصغرى والحاوي الصغير.
والوجه الثاني: لا يضمنها، قال الحارثي: لا
أعلم أحدا ذكره إلا المصنف، يعني به الشيخ قلت
قد ذكره في التلخيص وغيره وأطلقهما في المغني3
والشرح4 والرعاية الكبرى وشرح ابن منجا
وغيرهم.
ـــــــ
1 ليست في "ح".
2 في "ط": "الحاوي".
3 9/270.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 16/60.
(7/217)
الأصح، كخطه
بدين له، فيحلف، وفي عكسه1 وجهان "م 11".
ـــــــ
وقيل: يضمنها إن لم يعلم بها صاحبها، جزم به
المحرر وتذكرة ابن عبدوس قال في الرعاية
الصغرى: وهو أولى.
تنبيه: ظهر من نقل ما تقدم في هذه المسألة أن
في إطلاق المصنف الخلاف نظرا، لكون الأصحاب
على الضمان مطلقا، أو مع جهل ربها، والقول
بعدم الضمان مطلقا لا نعلم أحدا اختاره ويقوي
ذلك قول الحارثي المتقدم، فما حصل اختلاف في
الترجيح بين الأصحاب في المسألة، والله أعلم.
مسألة-11: قوله: "ويعمل بخط أبيه على كيس
لفلان، في الأصح، كخطه بدين له، فيحلف، وفي
عكسه وجهان" انتهى. يعني إذا وجد خط أبيه بدين
عليه فهل يعمل بهذا الخط أم لا؟ أطلق الخلاف،
وأطلقه في الرعاية:
أحدهما: لا يعمل به ويكون تركة مقسومة، اختاره
القاضي في المجرد، وجزم به في الفصول والمذهب،
وقدمه في المغني2 والشرح3.
والوجه الثاني: يعمل به وبدفع إلى من هو مكتوب
باسمه، قال القاضي أبو الحسين: المذهب وجوب
الدفع إلى من هو مكتوب باسمه، وأومأ إليه،
وجزم به في المستوعب، وهو الذي ذكره القاضي في
الخلاف "4قاطعا به، ونصره4" وقدمه في التلخيص
وصححه في النظم، وهو المذهب عند الحارثي، فإنه
قال: والكتابة بالديون عليه كالكتابة الوديعة،
كما قدمنا، حكاه غير واحد منهم السامري وصاحب
التلخيص انتهى. قلت: وهو الصواب، والذي يظهر
أنه أولى من خطه بدين له.
تنبيه: "5قوله "كخطه بدين له فيحلف5" قال
الشيخ في المغني6
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "عليه"، والمثبت من "ط".
2 9/271.
3 16/63.
4-4 ليست في النسخ الخطية،والمثبت من "ط".
5-5 ليست في "ص".
6 14/131-132.
(7/218)
وأستاذ1 الدار
والكاتب ودفتره ونحوهما وكلاء كالأمير2 في
هذا، وإن استعمل كاتبا خائنا أو عاجزا أثم بما
أذهب من حقوق الناس، لتفريطه، ذكره شيخنا.
وإن طلب أحد المودعين نصيبه من مكيل أو موزون
ينقسم وهو معنى
ـــــــ
والشارح في أقسام المشهود به وغيرهما: يجوز أن
يحلف على ما لا يجوز الشهادة به، مثل أن يجد
بخطه دينا له على إنسان وهو يعرف أنه لا يكتب
إلا حقا، ولم يذكره، أو يجد في زورمانج3 أبيه
دينا له على إنسان ويعرف من أبيه الأمانة وأنه
لا يكتب إلا حقا فله أن يحلف عليه، ولا يجوز
أن يشهد به انتهى.
فقيد بكونه لا يكتب إلا حقا، وأنه لم يعرف من
أبيه إلا الأمانة ويتصور اليمين من الورثة في
هذه المسألة فيما إذا ادعوا عليه فأنكر ورد
اليمين، فلهم أن يحلفوا ويستحقوا ما كتب به
أبوهم، فيما يظهر، والله أعلم.
وكذا لو أقاموا شاهدا ويحلفون معه، أو أقر له
بمجهول أو قال لا أعلم قدره، فلهم أن يحلفوا
على قدر ما وجد مكتوبا من أبيهم، على قول.
ـــــــ
1 في "ط": "إسناد". وأستاذ الدار: لقب من
العصر المملوكي يعني: الأمير المسؤول عن رعاية
بيوت السلطان وقبض أمواله وصرفها في الوجوه
التي يراها،كأنه مدير القصر. "معجم المصطلحات
والألقاب التاريخية": 27.
2 في "ر": "كالأمين".
3 في "ط": "روزباع"، وروز نامج:
معربة:روزنامه: سجل الأمراء والملوك. كتاب
الأعمال. "المعجم الذهبي" للألتونجي ص302.
(7/219)
قول بعضهم: لا
ينقص بتفرقة لزمه دفعه، وحرمه القاضي إلا
بإذنه أو إذن حاكم، وفرض في التبصرة المسألة
في عين يمكن قسمتها، ويلزم المستودع مطالبة
غاصبها، وقيل: ليس له، ومثله مرتهن ومستأجر
ومضارب، وذكر الشيخ فيه مع حضور رب المال: لا
يلزمه، ولو سلم وديعة كرها لم يضمن.
وإن صادره سلطان لم يضمن، قاله أبو الخطاب،
وضمنه أبو الوفاء إن فرط، وإن أخذها منه قهرا
لم يضمن عند أبي الخطاب، وعند أبي الوفاء إن
ظن أخذها منه بإقراره كان دالا ويضمن، وفي
الخلاف والانتصار: يضمن المال بالدلالة، وهو
المودع. وفي فتاوى ابن الزاغوني: من صادره
سلطان ونادى بتهديد من له عنده وديعة فلم
يحملها إن لم يعينه "1أو عينه وتهدده ولم ينله
بعذاب أثم وضمن وإلا فلا "م 12 و 13" ومن أخر
ردها1" بعد طلبها بلا عذر ضمن، ويمهل لأكل
ونوم
ـــــــ
مسألة-12-13: قوله: "وإن صادره السلطان لم
يضمن، قاله أبو الخطاب، وضمنه أبو الوفاء إن
فرط، وإن أخذها منه قهرا لم يضمن عند أبي
الخطاب، وعند أبي الوفاء إن ظن أخذها منه
بإقراره كان دالا ويضمن، وفي الخلاف والانتصار
يضمن المال بالدلالة، وهو المودع. وفي فتاوى
ابن الزاغوني: من صادره سلطان ونادى بتهديد من
له عنده وديعة فلم يحملها إن لم يعينه أو عينه
وتهدده ولم ينله بعذاب أثم وضمن، وإلا فلا"
انتهى كلام المصنف، ذكر المصنف مسألتين.
مسألة-12: ما إذا صادره السلطان.
ومسألة-13: ما إذا أخذها منه قهرا، فما قاله
أبو الخطاب في الثانية قطع به في التلخيص
والفائق، قال في الرعاية الكبرى، وإن أخذها
منه قهرا أو دفعها إليه مكرها لم يضمن، وإن
سأله عنها ورى عنها، وإن ضاق النطق عنها جحدها
وتأول أو استثنى بقلبه، وكذا إن أحلف عليها،
وقيل: له جحدها وكتمها. انتهى.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
(7/220)
وهضم طعام
ونحوه بقدره. وفي الترغيب: إن أخر لكونه في
حمام أو على طعام إلى قضاء غرضه ضمن، وإن لم
يأثم على وجه، واختاره الأزجي، فقال: يجب الرد
بحسب العادة، إلا أن يكون تأخيره لعذر سببا
للتلف، فلم أر
ـــــــ
قال الحارثي: وإذا قيل التواعد ليس إكراها
فتوعده السلطان حتى سلم فجواب أبي الخطاب وابن
عقيل وابن الزاغوني وجوب الضمان ولا إثم، وفيه
بحث، وإذا قيل إنه إكراه فنادى السلطان إن من
لم يحمل وديعة فلان عمل به كذا وكذا فحملها من
غير مطالبة أثم وضمن، وبه أجاب أبو الخطاب
وابن عقيل في فتاويهما، وإن آل الأمر إلى
اليمين ولا بد حلف متأولا. وقال القاضي في
المجرد: له جحدها،
فعلى المذهب إن لم يحلف حتى أخذت منه وجب
الضمان، للتفريط، وإن حلف ولم يتأول أثم، وفي
وجوب الكفارة روايتان، حكاهما أبو الخطاب في
الفتاوى قلت: الصواب وجوب الكفارة مع إمكان
التأويل وقدرته عليه وعلمه بذلك ولم يفعله.
ثم وجدت المصنف قال في باب جامع الأيمان1:
يكفر، على الأصح، وإن أكره على اليمين بالطلاق
فأجاب أبو الخطاب بأنها لا تنعقد، كما لو أكره
على إيقاع الطلاق، قال الحارثي: وفيه بحث،
وحاصله إن كان الضرر الحاصل بالتغريم كثيرا
يوازي الضرر في صورة الإكراه فهو إكراه لا
يقع، وإلا وقع على المذهب انتهى كلام الحارثي.
وقال المصنف في باب جامع الأيمان2: وعند ابن
عقيل لا يسقط ضمان بخوفه من وقوع طلاق، بل
يضمن بدفعها اقتداء عن يمينه. وفي فتاوى ابن
الزاغوني: إن أبى اليمين بالطلاق أو غيره فصار
ذريعة إلى أخذها فكإقراره طائعا، وهو تفريط
عند سلطان جائر انتهى.
ـــــــ
1 11/9.
2 11/10.
(7/221)
نصا، ويقوى
عندي: يضمن، لأن التأخير إنما جاز بشرط سلامة
العاقبة، وإن أمره بالرد إلى وكيله فتمكن وأبى
ضمن، والأصح ولو لم يطلبها وكيله، وإن منعه أو
مطله بلا عذر ثم ادعى ردا أو تلفا لم يقبل إلا
ببينة، لخروجه عن الأمانة به، ومن أخر دفع مال
أمر بدفعه بلا عذر ضمن، وقيل: لا، واختاره أبو
المعالي، بناء على اختصاص الوجوب بأمر الشرع.
وإن قال: هذا وديعة اليوم لا غدا وبعده يعود
وديعة فقيل: لا وديعة، وقيل: بلى في اليوم،
وقيل: وبعد غد "م 14".
وإن أمره برده في غد وبعده1 تعين رده، ومن
استأمنه أمير على ماله فخشي من حاشيته إن
منعهم من عادتهم المتقدمة لزمه فعل ما يمكنه،
وهو أصلح للأمير من توليه غيره فيرتع معهم لا
سيما2 وللأخذ شبهة، ذكره شيخنا.
ـــــــ
مسألة-14: قوله: "وإن قال هذا وديعة اليوم لا
غدا وبعده يعود وديعة فقيل: لا وديعة، وقيل:
بلى في اليوم، وقيل: وبعد غد" انتهى. قال
القاضي في التعليق: هي وديعة على الدوام، نقله
الحارثي.
قلت: وهي قريبة مما إذا شرط في الخيار يوما له
ويوما لا، وقد أطلق المصنف فيها الخلاف،
وتكلمنا عليها في باب الخيار في البيع3.
فهذه أربع عشرة مسألة في هذا الباب.
ـــــــ
1 بعدها في "ر" "ط": "يعود".
2 ليست في الأصل
3 6/216.
(7/222)
باب الغصب
مدخل
...
باب الغصب
وهو استيلاء على حق غيره قهرا1 ظلما، كأم ولد
وعقار، وفيه رواية لا بدخوله فقط، وقيل: يعتبر
في غصب ما ينقل نقله2 وفي الترغيب إلا في
ركوبه دابة وجلوسه على فراش، ويرد كلبا يقتنى
لا قيمته. وفي الإفصاح: يضمنه ويرد خمر ذمي
مستورة، وعنه: وقيمتها، وقيل: ذمي. وقال في
الانتصار: لا يردها وأنه يلزم إراقتها إن حد3
وإلا لزم تركه، وعليهما يخرج تعزير مريقه،
ويأتي في أحكام الذمة4.
قال في عيون المسائل: لا نسلم أنهم يقرون على
شربه واقتنائه، لأن في رواية يجب الحد عليهم
بالشرب ولا يقرون، وإن سلمنا فإنا لا نعرض
لهم، فأما أن نقرهم فلا، ثم يبطل بالمجوس
يقرون على نكاح المحارم المجوس ولا يقضى عليهم
بمهر ونفقة وميراث، والمسلم يقر عند أبي حنيفة
ومالك على الخمر للتخليل وجلود الميتة للدباغ
والزيت النجس للاستصباح، ثم لا يضمن من أتلفه،
وقال هو والترغيب وغيرهما: يرد
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "و".
2 في "ط": "مثله".
3 في "ط": "حدوا".
4 10/319.
(7/223)
الخمر
المحترمة، ويرد ما تخلل بيده لا ما أريق فجمعه
آخر فتخلل، لزوال يده هنا، وسبق في إزالة
النجاسة1 أن الأشهر أن لنا خمرا محترمة، وفي
رد صيده أو أجرته أو هما أوجه "م 1 و 2".
ومثله فرس "م 3 و 4"..............
ـــــــ
مسألة-1-2: قوله: "وفي رد صيده أو أجرته أو
هما أوجه" انتهى، شمل كلامه مسألتين.
المسألة الأولى-1: إذا غصب جارحا وصاد به فهل
يرد الصيد على المغصوب منه الجارح أم لا؟ أطلق
الخلاف، وأطلقه في الرعاية:
أحدهما: يرده: فيكون لمالك الجارحة، وهو
الصحيح، قال الحارثي: هذا المذهب، قال في
تجريد العناية: فلربه، في الأظهر، وجزم به في
الوجيز وغيره، وقدمه في المغني2 والشرح3.
والوجه الثاني: الصيد للغاصب، وعليه الأجرة،
قال الحارثي: وهو قوي، وجزم به في التلخيص،
فعلى الأول هل يلزم الغاصب أيضا أجرة مدة
اصطياده أم لا؟ أطلق الخلاف وهي:
المسألة الثانية-2 وأطلقه في المغني2 والشرح3
والرعاية.
أحدهما: لا يلزمه، قدمه الحارثي وقال: هو
الصحيح، قال في تجريد العناية، ولا أجرة لربه
مدة اصطياده، في الأظهر.
والوجه الثاني: يلزمه قلت: وهو قوي، وهو قياس
قول صاحب التلخيص في صيد العبد.
مسألة-3-4: قوله: "ومثله فرس" انتهى. أطلق
الخلاف في صيد الفرس، هل هو لربها
ـــــــ
1 1/328.
2 7/390-391.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
15/163-164.
(7/224)
ويرد صيد عبد،
وفي أجرته الوجهان "م 5".
قيل: وكذا أحبولة، وجزم به غير واحد في كتب
الخلاف قالوا على قياس قوله: ربح الدراهم
لمالكها، ويسقط عمل الغاصب.
ـــــــ
أو للغاصب؟ وأطلقه في الرعاية:
أحدهما: هو لمالكها، وهو الصحيح، قال الحارثي:
هذا المذهب، قال في تجريد العناية: فلربه، في
الأظهر، وجزم به في الوجيز والرعاية وغيرهما،
وقدمه في المغني1 والشرح2
والوجه الثاني: هو للغاصب، وعليه الأجرة، وهو
احتمال في المغني1 والشرح2، قال الحارثي: وهو
قوي انتهى. وقال الشيخ تقي الدين: ويتوجه فيما
إذا غصب فرسا وكسب عليه مالا أن يجعل3 الكسب
بين الغاصب ومالك4 الدابة على قدر نفعهما، بأن
تقوم منفعة الراكب ومنفعة الفرس ثم يقسم الصيد
بينهما انتهى.
قلت: ويحتمل أن يجعل لرب الفرس الثلثان
وللغاصب الثلث، قياسا على الغنيمة، وقد يفرق
بينهما، والله أعلم.
تنبيه: شمل قوله ومثله فرس مسألتين: ما تقدم،
وتكلمنا عليه.
والمسألة الثانية-4: أجرته مدة اصطياده هل
تلزم الغاصب أم لا؟ أطلق الخلاف، وحكمها حكم
أجرة الجارح الذي صاد به، على ما تقدم، خلافا
ومذهبا، والله أعلم.
مسألة-5: قوله: "ويرد صيد عبد، وفي أجرته
الوجهان" انتهى. يعني بهما الوجهين المتقدمين
في الجارح والفرس، وقد علمت الصحيح من ذلك،
فكذا يكون الصحيح هنا، لكن قال في التلخيص:
ولا تدخل أجرته تحته إذا قلنا بضمان النافع
انتهى.
ـــــــ
1 13/102.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
15/163-164.
3 في "ط": "جعل".
4 في "ط": "ملاك".
(7/225)
وفي رد جلد
ميتة ولو دبغه غاصبه1 وجهان، وقيل: ولو طهر "م
6 و 7"
ـــــــ
مسألة-6-7: قوله: "وفي جلد ميتة ولو دبغه
غاصبه وجهان، وقيل ولو طهر" انتهى، فيه
المسألتان:
المسألة الأولى-6: إذا غصب جلد ميتة ولم يدبغه
غاصبه فهل يجب رده أم لا إذا قلنا لا يطهر؟
وهو محل الخلاف المطلق في كلام المصنف، وقد
قال في الرعاية الكبرى: وإن غصب جلد ميتة
فأوجه: الرد وعدمه والثالث: إن قلنا يطهر
بدبغه أو ينتفع به في يابس رده وإلا فلا، وإن
أتلفه فهدر، وإن دبغه وقلنا يطهر رده "2وقال
في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وفي رد جلد
لميتة وجهان، وإن دبغ فطهر، رده2" انتهى.
وأطلق الوجهين في رده مطلقا إذا غصبه في
الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع3
والهادي والفائق وغيرهم، لكن قال في المغني4
والشرح3 وشرح ابن منجا والحاوي5: الوجهان هنا
مبنيان على طهارته بالدبغ وعدمه، فإن قلنا
يطهر وجب رده، وإن قلنا لا يطهر لم يجب رده،
وقطعوا بذلك، وقدم هذه الطريقة في الكافي6
فقال: وإن غصب جلد ميتة ففي وجوب رده وجهان
مبنيان على طهارته بالدباغ، إن قلنا يطهر وجب
رده، وإن قلنا لا يطهر لا يجب رده ويحتمل أن
يجب إذا قلنا بجواز الانتفاع به في اليابسات،
ككلب الصيد انتهى. وقدم هذه الطريقة أيضا ابن
رزين في شرحه، فتلخص لنا أنا إذا قلنا يطهر
بالدبغ ودبغه رده على الصحيح من المذهب، وعليه
أكثر الأصحاب، وقطعوا به، وقدمه المصنف، وحكى
تبعا لصاحب الرعاية قولا بعدم
ـــــــ
1 في "ط": "عصبه".
2-2 ليست في "ط".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
15/121-122.
4 7/427.
5 في "ط": "الحارثي".
6 3/522.
(7/226)
قيل لأحمد في
رواية علي بن زكريا التمار الدابة إذا أصابها
إنسان ميتة يأخذ ذنبها؟ قال: إذا كانت قد
تركها صاحبها. احتج به في الخلاف على طهارة
شعرها.
ولا تثبت يد على بضع، فيصح تزويجها، ولا يضمن
نفعها1، خلافا لعيون المسائل في أمة حبسها،
كما يضمن بقية منافعها، وكذا في الانتصار،
وفيه: لو خلا بها لزمه مهر، واحتج بنكاح فاسد.
ولا يضمن حر وقيل كبير بغصبه، في الأصح، وفي
ثيابه التي لم ينزعها عنه وأجرته
ـــــــ
الرد، وهو احتمال للشيخ، على ما يأتي، وهو
ظاهر الوجه الذي في الهداية وغيرها، وأنه إذا
لم يدبغه هل يجب رده أم لا؟
أطلق الخلاف فيه وأطلقه في الهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة والمقنع2 والهادي والرعاية
الصغرى والحاوي الصغير والفائق وغيرهم، وأن
الصحيح من المذهب لا يجب رده، بناء على ما
بناه عليه في المغني3 والشرح2 وشرح ابن منجا
والحارثي وغيرهم.
وقطعوا به وقدمه في الكافي4 وشرح ابن رزين،
فإنهم قالوا، إن لم يطهر لم يجب رده، وكذا حكم
ما قبل الدبغ إذا لم يطهر بالدبغ5، والصواب
أنا إن قلنا يجوز الانتفاع به في اليابسات يجب
رده انتهى.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "نفعه".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
15/122-123.
3 7/427.
4 3/522.
5 ليست في "ط".
(7/227)
مدة حبسه
وإيجار المستأجر له وجهان "م 8-10" ولو
استخدمه كرها لزمته أجرته1 ولو منعه العمل ولو
عبدا فلا، ويتوجه بلى فيهما.
وفي الترغيب: في منفعة حر وجهان. وفي
الانتصار: لا تلزمه بإمساكه، لعدم تلفها تحت
يده، بخلاف العبد، وكذا في عيون المسائل: لا
يضمنه إذا أمسكه، لأن الحر في يد نفسه،
ومنافعه تلفت معه، كما لا يضمن نفسه وثوبه
الذي عليه، بخلاف العبد، فإن يد الغاصب ثابتة
عليه ومنفعته بمنزلته. ويلزمه رده "2إن بعده2"
ورد مغصوب بزيادته مطلقا.
ـــــــ
المسألة الثانية-7: إذا دبغه غاصبه وقلنا لا
يطهر، فهل يجب رده أم لا؟ أطلق الخلاف،
والصحيح من المذهب أنه لا يجب رده إلا إذا
قلنا ينتفع به في اليابسات، على ما تقدم من
التفصيل، وقد قال الحارثي: وإن كان الغاصب
دبغه ففي رده الوجهان المبينان أيضا، إن قيل
بالطهارة وجب رده3، لأنه مال4: فأشبه الخمر
المتخللة، وذكر الشيخ احتمالا بعدم الوجوب،
لصيرورته مالا بفعله، بخلاف الخمرة المتخللة،
فإنه لا فعل له فيها، وفي هذا الفرق بحث، فإن
قيل بعدم الطهارة لم يجب، لأنه لا ينتفع به
ولا قيمة له إلا أن يقال بالانتفاع به في
اليابسات، فتجب وإن كان قبل الدبغ انتهى.
مسألة-8-10: قوله: "ولا يضمن حر وقيل: كبير
بغصبه. وفي الأصح، وفي ثيابه التي لم ينزعها
عنه وأجرته مدة حبسه وإيجار المستأجر له
وجهان" انتهى، في هذه الجملة مسائل.
المسألة الأولى-8: هل يضمن الثياب التي عليه
أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2-2 ليست في "ر"، وفي الأصل: "إن تعد".
3 ليست في "ط".
4 في "ط": "قال".
(7/228)
وفي مسألة
الساجة تخريج في الانتصار "وهـ" فإن قال ربه
دعه
ـــــــ
المقنع1 والشرح1 وشرح ابن منجا والرعايتين
والنظم والحاوي الصغير وغيرهم، وكذا حكم
الحلية التي2 عليه.
أحدهما: يضمنها، وهو الصحيح، صححه في التصحيح
والفائق، قال الحارثي: وهو أصح قلت: وهو
الصواب.
والوجه الثاني: لا يضمنها، جزم به في المغني3
والوجيز.
المسألة الثانية-9: هل يجب عليه أجرته مدة
حبسه أم لا؟ أطلق الخلاف، وهما احتمالان
مطلقان في الهداية، وأطلق الخلاف أيضا في
المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة
والمغني3 والكافي4 والمقنع5 والهادي والمحرر
والشرح5 والرعايتين والحاوي الصغير والفائق
وغيرهم:
أحدهما: يلزمه، وهو الصحيح، صححه في التصحيح
وغيره، وجزم به في الوجيز وغيره، وقدمه ابن
رزين في شرحه وغيره قلت: وهو الصواب.
والوجه الثاني: لا يلزمه، صححه الناظم، قال
الحارثي: وهو الأصح، وعليه دل نصه انتهى.
المسألة الثالثة-10: حكم إيجار المستأجر له
حكم إجارته6 مدة حبسه، خلافا ومذهبا قلت بل
هنا أولى بلزوم الأجرة، والله أعلم. قال في
الرعاية الكبرى: وإن صح غصبه صح أن يؤجره
مستأجره، وإلا فله الفسخ انتهى.
وقال في التلخيص: ليس لمستأجر الحر أن يؤجره
من آخر إذا قلنا لا تثبت يد
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/124.
2 في النسخ الخطية: "يجب"،والمثبت من "ط".
3 7/429-430.
4 3/521.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
15/126-127.
6 في "ط": "إجارته".
(7/229)
وأعطني أجرة
رده إلى بلد غصبه لم يلزمه، فإن رقع به سفينة
لم تقلع في اللجة، وقيل: مع حيوان محترم أو
مال الغير، جزم به في عيون المسائل، وإن خاط
به جرح حيوان محترم وخيف ضرر آدمي، وقيل: تلفه
كغيره بقلعه، فالقيمة، فإن كان مأكولا لغاصبه
فأوجه، الثالث يذبح المعد للأكل "م 11" وإن
مات رده.
وقيل: ولو آدميا، قال ابن شهاب: الحيوان أكثر
حرمة من بقية المال،
ـــــــ
غيره عليه، وإنما هو يسلم نفسه، وإن قلنا تثبت
صح انتهى.
مسألة-11: قوله: "وإن خاط به جرح حيوان محترم
وخيف ضرر آدمي وقيل تلفه. فالقيمة، فإن كان
مأكولا لغاصبه فأوجه، الثالث: يذبح المعد
للأكل" انتهى. وأطلقهما1 الشارح:
أحدهما2: يذبح ويلزمه رده، وهو الصحيح، اختاره
القاضي وغيره، قاله الحارثي، وصححه في التصحيح
والنظم وغيرهما، وجزم به في الوجيز وغيره،
وقدمه في الفصول والكافي3 وغيرهما.
والوجه الثاني: لا يذبح ويرد قيمته، قدمه في
المستوعب والتلخيص والرعايتين والحاوي الصغير
وغيرهم. وأطلقهما في المقنع4 والهداية
والمذهب2 وشرح ابن منجا.
والوجه الثالث: إن كان معدا للأكل كبهيمة
الأنعام والدجاج ونحوها ذبح وإلا فلا، وهو
احتمال للشيخ الموفق، قال الحارثي: وهو حسن.
ـــــــ
1 في "ط": "أطلقهما".
2 ليست في "ط".
3 3/511-512.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/154.
(7/230)
ولهذا لا يجوز
منع مائه منه، وله قتله دفعا عن ماله، قيل: لا
عن نفسه. وإن بنى في الأرض أو غرس لزمه القلع.
وفي الرعاية قول: والتسوية والأرش والأجرة،
فإن كانت آلات البناء عن المغصوب فأجرتها
مبنية، وإلا أجرتها، فلو أجرها فالأجرة بقدر
قيمتها.
نقل ابن منصور فيمن يبني فيها ويؤجرها: الغلة
على النصف، ونصه: الثمرة لرب الأرض، وعليه
النفقة، واختار الشيخ: له، ونقل1 ابن منصور:
يكون شريكا بزيادة بناء، ولا يملك أحدهما
بقيمته، وفي البناء قول، ولا غرض صحيح في
نقضه، وذكر ابن عقيل رواية فيه: لا يلزمه
ويعطيه قيمته، ونقله ابن الحكم، وروى الخلال
فيه عن عائشة مرفوعا: "له ما نقص" 2 قال أبو
يعلى الصغير: هذا منعنا من القياس.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ط": "نقله".
2 لم أقف عليه بهذا اللفظ ولعله ما أخرجه
البيهقي في "السنن الكبرى" 6/91، وابن عدي في
"الكامل" 5/1669، بلفظ: "من بنى في رباع قوم
بإذنهم فله القيمة، ومن بنى بغير إذنهم فله
النقص".
(7/231)
ونقل جعفر
فيهما لرب الأرض أخذه، وجزم به ابن رزين وزاد:
وتركه بأجرة، وإن وهبها له، وفي القلع غرض
صحيح لم يجبر، وإلا فوجهان "م12" وإن زرع
وحصده فالأجرة.
ـــــــ
مسألة-12: قوله: "وإن وهبا1 له" يعني لو وهب
الغاصب لرب الأرض الغراس والبناء ليدفع عن
نفسه كلفة ذلك وفي القلع غرض صحيح لم يجبر،
وإلا فوجهان انتهى يعني وإن لم يكن فيه غرض
صحيح، وهما احتمالان مطلقان في المغني2
والشرح3 وشرح الحارثي، قال في الرعاية الكبرى:
وإن وهبها لرب الأرض لم يلزمه القبول إن أراد
القلع، وإلا احتمل وجهين" انتهى:
أحدهما: لا يجبر، وهو الصحيح، وقد قدم في
المغني2 والشرح3 وشرح ابن رزين وغيرهم في
نظيرتها في الصداق عدم اللزوم، فكذا هنا،
ويأتي أيضا هناك4.
والوجه الثاني: يجبر، إذ لا ضرر له، واختاره
القاضي في نظيرتها في الصداق، على ما يأتي:
ـــــــ
1 في "ط": "وهبها".
2 7/366.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
15/146-147.
4 8/302.
(7/232)
ونقل حرب: كما
لم يحصد، فيخير رب الأرض بين أخذه بنفقته،
وعنه: بقيمته زرعا، فله أجرة أرضه إلى تسليمه،
وذكر أبو يعلى الصغير: لا، نقله إبراهيم بن
الحارث ونقل مهنا: بأيهما شاء، ويزكيه إن أخذه
قبل وجوبها، وإلا فوجهان "م 13" وبين تركه إلى
حصاده بأجرته، وقيل: للغاصب بالأجرة، وقيل: له
قلعه إن ضمنه.
وقال شيخنا فيمن زرع بلا إذن شريكه والعادة
بأن من زرع فيها له نصيب معلوم ولربها نصيب:
قسم ما زرعه في نصيب شريكه، كذلك قال، ولو طلب
أحدهما من الآخر أن يزرع معه أو يهايئه1 "
فأبى فللأول الزرع في قدر حقه بلا أجرة، كدار
بينهما فيها بنيان سكن أحدهما عند امتناعه مما
يلزمه، واختار ابن عقيل وغيره أنه لرب2 الأرض،
كالحمل لرب الأم،
ـــــــ
مسألة-13: قوله: "ويزكيه إن أخذه قبل وجوبها3
وإلا فوجهان" انتهى. يعني وإن أخذه بعد
وجوبها، وأطلقهما في القواعد الفقهية:
أحدهما: يزكيه الغاصب قلت: وهذا الصحيح،
وقواعد المذهب تقتضيه، لأنه ملكه إلى حين أخذ
رب الأرض، على الصحيح من المذهب.
والوجه الثاني: يزكيه آخذه، وهو مقتضى
النصوص4، واختيار الخرقي وأبي بكر وابن أبي
موسى والحارثي وغيرهم، لأنهم اختاروا أن الزرع
من أصله لرب الأرض، ولكن المذهب الأول.
ـــــــ
1 في "ط": "بهائمه".
2 في "ط": "رب".
3 في النسخ الخطية: "وجوبه"، والمثبت من
"الفروع".
4 في النسخ الخطية: "المنصوص" والمثبت من "ط".
(7/233)
لكن المني لا
قيمة له، بخلاف البذر1، ذكره شيخنا، وهل
الرطبة ونحوها كزرع أو غرس؟ فيه احتمالان. م
14"
وإن حفر بئرا فله طمها لغرض صحيح، وقيل: لا،
وإن أبرأه2 ربها وقال الشيخ وغيره: أو منعه
فوجهان "م 15" وإن زال اسمه كنسج غزل،
ـــــــ
مسألة-14: قوله: "وهل الرطبة ونحوها كزرع أو
غرس؟ فيه احتمالان" انتهى وأطلقهما في المغني3
والشرح والفائق والقواعد الفقهية والزركشي
وغيره.
أحدهما: هو كالزرع، قدمه ابن رزين وقال: لأنه
زرع ليس له فرع قوي، فأشبه الحنطة، قال
الزركشي: ويدخل في عموم كلام الخرقي قلت وكلام
غيره.
والوجه الثاني: هو كالغراس، اختاره الناظم
فقال:
وكالغرس في الأقوى المكرر جزه
مسألة-15: قوله: "وإن حفر بئرا فله طمها لغرض
صحيح وقيل: لا، وإن أبرأه ربها وقال الشيخ
وغيره: أو منعه فوجهان" انتهى. وأطلقهما في
المغني4 والمقنع5 والمحرر والشرح5 وشرح ابن
منجا والحارثي وغيرهم:
أحدهما: لا يملك طمها، وهو الصحيح، نصره في
المغني4 والشرح5، وصححه في التصحيح، واختاره
أبو الخطاب وغيره، وقدمه ابن رزين في شرحه
وغيره.
ـــــــ
1 في الأصل: "النذر".
2 في "ط": "أبرأ".
3 7/379.
4 7/368.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
15/171-172.
(7/234)
وطحن حب ونجر
خشبة وضرب مطبوع وطين لبنا1 وذكر جماعة: أو
قصره أو ذبحه وشواه2 رده ونقصه، ولا شيء له،
وأخذ القاضي عدم ملكه من ذبح السارق له ثم
أخرجه، وعنه: يملكه بعوضه قبل تغييره، اختاره
أبو بكر، نقل ابن الحكم في جعل حديد سيوفا:
يقوم فيعطيه الثمن على القيمة حديث النبي عليه
الصلاة والسلام في الزرع: "أعطوه ثمن بذره" 3
وعنه: يخير المالك بينهما، وعنه: يصير شريكا
بزيادته، ذكر في المذهب والمستوعب أنه ظاهر
المذهب، وإن غصب حبا فزرعه أو بيضا فجعله تحت
دجاجة ففرخ أو نوى فغرسه وفي الانتصار أو غصنا
فصار شجرة رده ونقصه، ويتخرج فيه كما قبله.
ـــــــ
والوجه الثاني: يملكه، اختاره القاضي، وقال في
المستوعب وتبعه في التلخيص: وإن غصب دارا و4
حفر فيها بئرا فأراد الغاصب طمها لم يكن له
ذلك. وقال القاضي: له ذلك من غير رضى المالك.
وقال في الهداية: ليس له ذلك إذا أبرأه المالك
من ضمان ما تلف بها انتهى كلامه في المستوعب
والتلخيص، وأطلقهما في المذهب. وقال في
التلخيص: أصل الاختلاف بين القاضي وأبي الخطاب
هل الرضى الطارئ كالمقارن للحفر أم لا؟
والصحيح أنه كالمقارن انتهى. وقطع به في
الفصول. وقال في الرعايتين والحاوي الصغير
والفائق: فله طمها، مطلقا، وإن سخط ربها
"5فأوجه المنع5" والإثبات، والثالث: إن أبرأه
من ضمان ما يتلف بها6
ـــــــ
1 في "ط": "لبناء".
2 في الأصل: "سواه".
3 أخرجه أبو داود "3402"، والترمذي"1366ط"،
وابن ماجه "2466"، من حديث رافع ابن خديج ولكن
بلفظ: "من زرع في أرض قوم بغير إذنهم، فليس له
من الزرع شيء، وله نفقته".
4 في "ط": "أو".
5 في "ط": "فالوجه".
6 ليست في "ط".
(7/235)
فصل: و يلزمه ضمان نقصه
...
فصل: ويلزمه ضمان نقصه،
ولو بنبات لحية أمرد أو قطع ذنب حمار، وعنه:
يضمن رقيقا أو بعضه بمقدر "1ولو شعرا من حر1"
بمقدر من قيمته كجنايته عليه، وفيها رواية:
بما نقص، اختارها الخلال وصاحب المغني2
والترغيب وشيخنا، وأبو محمد الجوزي، والمذهب
يضمنه مطلقا بقيمته ما بلغت، ونقل حنبل: لا
يبلغ بهادية حر، وقيل: بأكثرهما، كغصبه
وجنايته عليه، على الأصح، وعنه في3 عين خيل
وبغل وحمار ربع قيمتها، نصره القاضي وأصحابه،
وخص في الروضة هذه الرواية بعين الفرس، وأن
عين غيرها بما نقص، وأحمد قاله في عين الدابة،
وكذا قاله عمر4، وإن لم يستقر نقصه كبر ابتل
وعفن فقيل:يلزمه5 أرشه، وقيل: بدله، وخيره في
الترغيب، وخبره في الهداية بين بدله أو يصبر
ليستقر فبأخذه وأرشه "م 16".
ـــــــ
وصح في وجه فلا، زاد في الكبرى رابعا: وهو إن
كان غرضه فيه صحيحا لدفع ضرر وخطر ونحوهما فله
ذلك، وإلا فلا، وخامسا: وهو إن ترك ترابها في
أرض غير ربها فلا، وقيل: بلى، لغرض صحيح
انتهى.
مسألة-16: قوله: "وإن لم يستقر نقصه كبر ابتل
وعفن، فقيل: أرشه، وقيل: بدله وخيره في
الترغيب، وخيره في الهداية بين بدله أو يصبر
ليستقر فيأخذه وأرشه" انتهى:
ـــــــ
1-1 في "ر": "سعيراً من خز".
2 7/370.
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" "18418" وابن
شيبة في "مصنفه" 9/275-276 عن شريح أن عمر كتب
إليه: في عين الدابة ربع ثمنها.
5 ليست في الأصل و"ط".
(7/236)
ولا يضمن نقص
سعر كسمين هزل فزادت قيمته وعنه: يلي، اختاره
ابن أبي موسى كعبد خصاه فزادت قيمته، وقيل: مع
تلفه، ولا مرضا عاد ببرء، ونصه: يضمن، كزيادة
في يده، على الأصح، فإن عاد مثلها من جنسها،
كسمن مرتين أو صنعة أخرى، وقيل: أو جنسين كسمن
وتعلم، فوجهان "م 17 و 18"، ويضمن جناية
المغصوب وإتلافه مال ربه، ولرب الجناية
ـــــــ
أحدهما: له أرش ما نقص من غير تخيير، اختاره
الشيخ في المغني1، وقدمه في الشرح2.
والوجه الثاني: له بدله كما في الهالك، قال
الحارثي، وهو قول القاضي وأصحابه: الشريف أبي
جعفر وابن عقيل والقاضي يعقوب بن إبراهيم
والشيرازي، وأبي الخطاب في رءوس المسائل،
والشريف الزيدي، واختاره ابن بكروس انتهى.
قال في التلخيص: قال القاضي في التعليق
الكبير: لصاحبها أن يضمنها النقصان إن كان قد
استقر، وإن لم يستقر وخيف الزيادة في الباقي
فله بدله، كما لو استهلكه، وكذا قال غيره من
الأصحاب.
والوجه الثالث: يخير بينهما، قاله في الترغيب.
والوجه الرابع: يخير بين أخذ مثله وبين تركه
حتى يستقر فساده فيأخذه وأرش نقصه، جزم به في
الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع3
وشرح ابن منجا والرعاية الصغرى والحاوي الصغير
والوجيز4 والفائق وغيرهم، وقدمه في الرعاية
الكبرى والنظم قال الشيخ الموفق: قول أبي
الخطاب في الهداية لا بأس به" انتهى، قلت وهو
أعدل الأقوال وأصحها.
مسألة 17-18: قوله: "فإن عاد مثلها من جنسها،
كسمن مرتين أو صنعة
ـــــــ
1 7/375-376.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
15/195-196.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/195.
4 ليست في "ط".
(7/237)
مطلقا القود،
وقيل: لا يضمن جنايته على سيده، لتعلقها
برقبته ، وإن خلطه "1بما لا1" يتميز كزيت ونقد
بمثلهما لزمه مثله منه.
ـــــــ
أخرى، فوجهان انتهى، فيه مسألتان.
المسألة الأولى-17: إذا عاد مثل الزيادة التي
ذهبت من جنسها، مثل أن كانت قيمته مائة فزادت
إلى ألف لسمن ونحوه، ثم هزل فعادت إلى مائة ثم
سمن فزادت إلى ألف، فهل يضمن الزيادة الأولى
أم لا؟ أطلق الخلاف فيه، وهما احتمالان للقاضي
في المجرد، وأطلقهما في الهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة والمغني2 والمقنع والتلخيص
والشرح3 والحاوي الصغير وغيرهم:
أحدهما: لا يضمنها، وهو الصحيح، قال الحارثي:
هذا المذهب، لنصه4 في الخلخال يكسر، قال:
يصلحه أحب إلي، وهو أحد صور المسألة، قال
الشيخ الموفق والشارح: هذا أقيس، وجزم به في
الوجيز وغيره، وصححه في التصحيح وغيره.
والوجه الثاني: يضمنها، قال في الرعايتين
والفائق: ضمنها، في أصح الوجهين، وقدمه ابن
رزين في شرحه.
المسألة الثانية-18: لو تعلم صنعة غير الصنعة
التي نسيها عند الغاصب، فهل يضمنها أم لا؟
أطلق الخلاف، والحكم كالمسألة التي قبلها
خلافا ومذهبا قلت: ويتوجه الضمان هنا وإن لم
يضمنه في التي قبلها.
تنبيه: قوله: "وإن خلطه بما لا يتميز كزيت
ونقد بمثلهما لزمه مثله منه" انتهى. أخل5
المصنف بقول6 كثير في المسألة وهو أنه يلزمه
مثله من حيث شاء، واختاره
ـــــــ
1 في "ط": "وإلا".
2 7/382.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/191.
4 في "ط": "كنصه".
5 في "ط": "أصل".
6 في "ط": "بقوله".
(7/238)
وفي الوسيلة:
والموجز: قسم ثمنهما بقدر قيمتهما، وإن خلطه
بخير منه أو بدونه أو غير جنسه فشريكان بقدر
حقهما، كاختلاطهما من غير غصب، نص عليه. وقال
القاضي: ما تعذر تمييزه كتالف، ونص في رواية
أبي الحارث في زيت بزيت على الشركة، فلو اختلط
درهم باثنين لآخر فتلف اثنان فما بقي بينهما
على ثلاثة أو نصفان، يتوجه وجهان "م 19"، وإن
صبغ ثوبا فشريكان بقدر قيمتهما وزيادة قيمة
أحدهما لمالكه، والنقص
ـــــــ
القاضي في المجرد وقال: هذا قياس المذهب وقول
المصنف1: وقال المصنف: وقال في الوسيلة
والموجز: يقسم بينهما بقدر قيمتها" انتهى.
قال الحارثي: وفيه وجه ثالث وهو الشركة، كما
في الأول، لكن يباع، ويقسم الثمن على الحصة،
كذا أطلق القاضي يعقوب في تعليقه، وأبو الخطاب
وابن بكروس وغيرهم في رءوس مسائلهم حتى قالوا
به2 في الدنانير والدراهم. وقاله ابن عقيل في
التذكرة، وأظنه قول القاضي في التعليق الكبير.
وقال الحارثي: وأما إجراء هذا الوجه في
الدنانير والدراهم فواه جدا، لأنها قيم
الأشياء، وقسمتها ممكنة، فأي فائدة في البيع؟
ورده برد حسن.
مسألة-19: قوله: "فلو اختلط درهم باثنين لآخر
فتلف اثنان فما بقي بينهما على ثلاثة أو
نصفان: يتوجه وجهان" انتهى. هذان الوجهان
وجههما المصنف من عنده، والأول قول أبي حنيفة،
والثاني: قول ابن شبرمة، حكاه ابن عقيل في
فنونه.
قلت: الصواب منهما أن يكون الباقي بينهما
نصفين، لأنه يحتمل أن يكون التالف لصاحب
الدرهمين، فيختص صاحب الدرهم به، ويحتمل أن
يكون التالف لهذا درهم، ولهذا درهم، فيختص
صاحب الدرهمين بالباقي، فتساويا، فكان بينهما
نصفان، ولا يحتمل غير ذلك.
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "وقال المصنف".
2 في النسخ الخطية: "إنه"، والمثبت من "ط".
(7/239)
على الغاصب1،
ويمنع طالب قلع الصبغ منهما، وقيل: لا، مع
ضمانه النقص، وعنه: لا يضمنه رب الثوب، كبناء،
ويلزمه قبول الصبغ هبة، كنسج غزل، وقيل: لا،
كمسامير سمر بها بابا، في الأصح، ويضمن مكيلا
و2 موزونا تلف أو أتلفه بمثله، وعنه: بقيمته،
ذكره القاضي، وذكر أيضا القيمة في نقرة وسبيكة
وعنب ورطب، كما فيه صناعة مباحة لا محرمة، فإن
تعذر فبقيمة مثله يوم تعذر، وعنه: يوم غصبه،
وقيل: أكثرهما إليه، وعنه: يوم تلفه وعنه: يوم
قبض بدله، وقيل: أكثرهما، وعنه: يوم المحاكمة،
وإن غرمها ثم قدر علي المثل لم يرد القيمة، في
الأصح، ويضمن غيره بقيمته يوم تلفه، نقله
الجماعة، عنه: يوم غصبه، "3وعنه: أكثرهما3"
وعنه:
ـــــــ
قلت: ويحتمل القرعة، وهو أولى من الوجهين،
لأنا متحققون أن الدراهم لواحد
ـــــــ
1 في "ط": "الناصب".
2 في "ط": "أو".
3-3 ليست في "ر".
(7/240)
في مغصوب
بمثله. وقاله ابن أبي موسى ذكر جماعة واختاره
شيخنا واحتج بعموم قوله: {فَآتُوا الَّذِينَ
ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا
أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 11] وعنه: ومع قيمته،
وعنه: غير حيوان بمثله، ذكره جماعة "1وعنه: لا
يبلغ بقيمة رقيق يوم أتلفه دية حر1" وفي
الواضح والموجز: فينقص عنه عشرة دراهم.
وفي الانتصار والمفردات: لو حكم حاكم بغير
المثل في المثلي وبغير القيمة في المقوم، لم
ينفذ حكمه، ولم يلزمه قبوله، ونقل ابن منصور
فيمن كسر خلخالا يصلحه ويعتبر القيمة ببلد
غصبه، وعنه: تلفه من غالبه، وجزم به في
الكافي2، لأنه موضع الضمان وإن نسج غزلا أو
عجن دقيقا فقيل: مثله، وقيل: أو القيمة "م 20"
ويقبل قول غاصبه في تلفه، في الأصح، فيطالبه
مالكه ببدله، وقيل: لا، لأنه لا يدعيه، ولا
قصاص في
ـــــــ
منهما لا يشاركه فيه غيره، وقد اشتبه علينا
فأخرجناه بالقرعة، كما في نظائره، وهو كثير،
ولم أره لأحد من الأصحاب، فمن الله به، فله
الحمد، والظاهر أن أبا حنيفة وابن شبرمة لم
يقولا بالقرعة، فلم يعرجا عليها.
مسألة-20: قوله: "وإن نسج غزلا أو عجن دقيقا
فقيل: مثله، وقيل: أو القيمة" انتهى القول
الأول جزم به في الفائق، وقدمه في الرعاية،
قال الحارثي: قال أبو بكر: هو للغاصب وعليه
عوضه قبل تغيره، والقول الثاني: قال في
التلخيص: هو أولى عندي انتهى، ويحتمله قول أبي
بكر المتقدم، بل هو ظاهره
ـــــــ
1-1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 3/513.
(7/241)
المال، مثل شق
ثوبه، ونقل إسماعيل وموسى: يخير، اختاره
شيخنا، ولو غصب جماعة مشاعا فرد واحد سهم واحد
إليه لم يجز له حتى يعطي شركاه، نص عليه، وكذا
إن صالحوه عنه بمال. نقله حرب، ويتوجه أنه بيع
المشاع، ولو زكاه ربه رجع بها.
وظاهر كلام أبي المعالي: لا، وهو أظهر،
واختاره صاحب الرعاية، كمنفعة، وإن أبق مغصوب
فلربه أخذ قيمته، للحيلولة، كمدبر، لا لفواته،
فلو رجع لزمه رده بزيادته وأخذ القيمة، لا
زيادة منفصلة. وفي عيون المسائل وغيرها: إنه
إذا أخذ القيمة لا يملكها، وإنما حصل بها
الانتفاع في مقابلة ما فوته الغاصب، فما اجتمع
البدل والمبدل، كقيمة المدبر عندهم وكأخذ بدل
ضوء عينيه ممن أذهبه، فإنه يتصرف فيه ثم عاد
الضوء رجع عليه، وعلمنا أنه لا يملكه، كما
يضمن شهود طلاق وعتق رجعوا للتفويت. وفي حبسه
ليرد القيمة عليه وجهان "م 21" وإن تخمر عصير
فقيل: قيمته، وقيل: مثله "م 22" وإن تخلل رده
ونقص قيمة1 العصير.
ـــــــ
مسألة-21: قوله: "وفي حبسه ليرد القيمة عليه
وجهان" انتهى وأطلقهما في الرعاية، قال في
التلخيص: وهل للغاصب حبس العين لاسترداد
القيمة؟ يحتمل وجهين، قال: وكذلك إذا اشترى
شراء فاسدا هل يحبس المشتري المبيع2 على رد
الثمن؟ والصحيح أنه لا يحبس، بل يدفعان إلى
عدل ليسلم إلى كل واحد ماله" انتهى قلت: وهو
الصواب، وفي المسألة الثانية أولى.
مسألة-22: قوله: "وإن تخمر عصير فقيل: قيمته،
وقيل: مثله" انتهى.
أحدهما: عليه قيمته، جزم به في الهداية
والمذهب ومسبوك الذهب
ـــــــ
1 بعدها في "ر": "العين".
2 في "ط": "البيع".
(7/242)
وفي عيون
المسائل: لا يلزمه قيمة العصير، لأن الخل
عينه، كحمل صار كبشا، وإن غلاه غرم أرش نقصه،
وكذا نقصه، ويحتمل: لا، لأنه ماء، وإن أولد
الأمة فسقط ميتا لم يضمنه، وقيل: بلى، قيل:
بقيمته لو كان حيا، وقيل بعشر قيمة أمة "م 23"
وما يصح إجارته يلزمه أجرة مثله، نص عليه، في
قضايا وفيها انتفاع، ونقل ابن الحكم: لا
مطلقا، وظاهر
ـــــــ
والمستوعب والخلاصة والمقنع1 والرعاية الصغرى
والحاوي الصغير وغيرهم. وقال الحارثي: وليس
بالجيد انتهى قلت وهو بعيد جدا، لأن له مثلا،
وقد بقي في حكم التالف.
والوجه الثاني: يلزمه مثله، وهو الصحيح من
المذهب، جزم به في المغني2 والشرح1 وشرح ابن
منجا والتلخيص والرعاية الكبرى والوجيز وتذكرة
ابن عبدوس وغيرهم وهو في بعض نسخ كالمقنع،
وقدمه الحارثي في شرحه وصاحب الفائق قلت: وفي
إطلاق المصنف الخلاف نظر ظاهر، بل "3الصواب
تقديم أخذ3" المثل والله أعلم.
مسألة-23: قوله: "وإن أولد الأمة فسقط ميتا لم
يضمنه، وقيل: بلى، قيل: بقيمته لو كان حيا،
وقيل بعشر قيمة أمه" انتهى. يعني على القول
بالضمان هل يضمنه بقيمته لو كان حيا أو بعشر
قيمة أمه؟ أطلق الخلاف، وأطلقه الحارثي في
شرحه،
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
15/275-276.
2 /401-402.
3-3 في "ط": " هو الصواب تقديم آخر".
(7/243)
المبهج التفرقة
و اختاره بعضهم، وجعله شيخنا ظاهر ما نقل عنه.
نقل1 ابن منصور: إن زرع بلا إذن عليه أجرة
الأرض بقدر ما استعملها إلى رده أو إتلافه أو
رد قيمته، وقيل: وبعدها مع بقائه، وظاهر
كلامهم يضمن رائحة مسك ونحوه، وخلافا للانتصار
لا نقدا لتجارة.
ـــــــ
وصاحب القواعد الأصولية.
القول الأول: اختاره القاضي أبو الحسين.
والقول الثاني: اختاره الشيخ الموفق، وهو
الصواب، ويحتمل الضمان بأكثر الأمرين، قال
الحارثي: وهو أقيس.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
(7/244)
فصل: و من أخذه من غاصبه و لم يعلم ضمنه
...
فصل: ومن أخذه من غاصبه ولم يعلم ضمنه،
كغاصبه، ويرجع عليه بما لم1 يلتزم ضمانه فيرجع
مودع ونحوه بقيمته ومنفعته، وكذا مرتهن ومتهب
في الأصح، ومستأجر بقيمته، وعكسه مشتر
ومستعير، ويأخذ مستأجر ومشتر1 من غاصب ما دفعا
إليه، ويأخذ مشتر نفقته وعمله من
ـــــــ
..............................
ـــــــ
1 في الأصل: "مستعير".
(7/244)
بائع غار قاله
شيخنا.
وفي الترغيب احتمال: يرجع مشتر1 بما زاد على
الثمن وفيه: لا يطالب بالزيادة الحاصلة قبل
قبضه2.
قال الشيخ في فتاويه: وإن أنفق على أطفال غاصب
وصيه مع علمه لم يرجع، وإلا رجع لأن الموصي
غره3، وإن أحبل مشتر أمة جاهلا فولده حر،
ويلزمه فداؤه على الأصح فيه يوم وضعه، وعنه:
يوم مطالبته بقيمته، وعنه: بمثله في قيمته
وعنه: بأيهما شاء وعنه: بمثله في صفاته4
تقريبا، اختاره الخرقي والقاضي وأصحابه، ويرجع
بنقص ولادة ومنفعة فائتة وفداء ولد، وذكر ابن
عقيل فيه رواية، وكذا مهر وأجرة نفع في بيع
وعارية وهبة وعنه: لا، لحصول نفع، اختاره
الخرقي وأبو بكر وابن عقيل، كقيمتها5 وبدل
أجزائها وأرش بكارة، وفيه رواية، وللمالك
تضمين الكل لغاصبه6، ويرجع غاصبه على
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في الأصل: "مستعير".
2 ليست في "ر".
3 في "ر": "غيره".
4 في "ط":"صفته".
5 في النسخ الخطية: "كقيمتها"، والمثبت من
"ط".
6 في "ر": "كغاصبه".
(7/245)
الآخذ بما لا
يرجع به الآخذ عليه لو ضمنه المالك، وإن علم
بالغصب فالقرار عليه.
وسأله مهنا عن عبد أذن له سيده في التجارة
فسلمه رجل مالا مضاربة بأمر السيد فسلمه العبد
رجلا ليشتريه من سيده به، قال: يرجع به صاحبه
على مشتريه، فقلت له: ذهب المال، قال: يكون
دينا على العبد، قلت: فيكون حرا؟ قال: نعم،
وظاهره لا يرجع إلا على من القرار عليه. ولو
قتلها غاصب بوطئه فالدية، نقله مهنا، ومن
اشترى عبدا فأعتقه فادعى مدع أن بائعه غصبه
منه لم يقبل أحدهما على الآخر، وإن صدقاه
استقر ضمانه على مشتر، وقيل: يبطل عتقه إن
صدقه معهما، ويرثه وارثه ثم مدع ولا ولاء.
ولو قلع غرس المشتري أو بناؤه لاستحقاق الأرض
رجع بالغرامة على البائع، وعنه: لربها قلعه إن
ضمن نقصه ثم يأخذه من البائع، ومن بنى فيما
يظنه ملكه جاز نقضه لتفريطه، ويرجع على من غره
ومن أخذ منه بحجة مطلقة ما اشتراه رد بائعه ما
قبضه، وقيل: إن سبق الملك الشراء، وإلا فلا،
وإن أطعمه لغير عالم بغصبه قال جماعة: أو
لدابته استقر ضمانه عليه، وقيل: إن قال هو لي،
وعنه: على آكله، كآكله بلا إذنه، وكعالم، وكذا
إن أطعمه لربه، وعنه لا يبرأ، وكذا إن أخذه
بهبة أو شراء أو صدقة، وعنه: يبرأ، جزم به
بعضهم، لعودها إلى ملكه، وإن أخذه وديعة
ونحوها لم يبرأ. وقال جماعة: بلى، كعارية، ولو
أباحه للغاصب فأكله قبل علمه،
ـــــــ
...............................
(7/246)
ضمن، ذكره في
الانتصار والظاهر أن مرادهم أن غير الطعام كهو
في ذلك، ولا فرق وقال في الفنون في مسألة
الطعام يبقى الضمان، بدليل ما لو قدم له شوكه
الذي غصبه منه فسجره وهو لا يعلم، لو اتجر
بالنقد فربحه لربه، نقله الجماعة.
واحتج بخبر عروة بن الجعد1 قال جماعة منهم
صاحب الفنون والترغيب وإن صح الشراء نقل حرب
في خبر عروة: إنما جاز لأن النبي
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 تقدم تخريجه 71.
(7/247)
صلى الله عليه
وسلم جوزه له، وعنه: يتصدق به، وكذا إن اشترى
في ذمته. وقال في المحرر: بنية نقده، وعنه:
ربحه له، وله الوطء، نقله المروذي، فعلى هذا
إن أراد التخلص من شبهة بيده اشترى في ذمته ثم
نقدها. وقاله القاضي وابن عقيل، وذكره أحمد.
وإن جهل ربه ونقل الأثرم وغيره أو علمه ويشق
دفعه إليه وهو يسير كحبة فسلمه إلى حاكم برئ،
وله الصدقة على الأصح به، وبشرط ضمانه
ـــــــ
...............................
(7/248)
ونقل المروذي:
يعجبني الصدقة به. وفي الغنية: عليه ذلك، ونقل
أيضا: على فقراء مكانه إن عرفه، لأن دية قتيل
يوجد عليهم، ونقل صالح، أو بقيمته، وله شراء
عرض بنقد. ولا تجوز محاباة قريب وغيره، نص
عليهما، وظاهر نقل حرب في الثانية الكراهة،
وهو ظاهر كلامهم في غير موضع، ولم يذكر
أصحابنا غير الصدقة، ونقل إبراهيم بن هانئ:
يتصدق أو يشتري به كراعا1 وسلاحا يوقف، وهو
مصلحة للمسلمين.
وسأله جعفر عمن بيده أرض أو كرم ليس أصله طيبا
ولا يعرف ربه، وقال: يوقفه على المساكين،
ومسألة المروذي عمن مات وكان يدخل في أمور
تكره فيريد بعض ولده التنزه، فقال: إذا أوقفها
على المساكين فأي شيء بقي عليه؟ واستحسن أن
يوقفها على المساكين، ويتوجه: على أفضل البر.
قال شيخنا: يصرف في المصالح، وقاله في وديعة
وغيرها. وقال: قاله العلماء، وأنه مذهبنا "و
هـ م"2 وهذا3 مراد أصحابنا، لأن الكل صدقة،
وقال شيخنا: من تصرف فيه بولاية شرعية لم
يضمن، وقال: ليس لصاحبه إذا عرف رد المعاوضة،
لثبوت الولاية عليها شرعا، للحاجة4، كمن مات
ولا ولي له ولا حاكم، مع أنه ذكر أن مذهب أحمد
وقف العقد للحاجة، لجهل المالك، ولغير حاجة
الروايتان، وقال فيمن اشترى مال مسلم من التتر
لما دخلوا الشام: إن لم يعرف صاحبه صرف في
المصالح،
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 الكراع: جماعة الخيل. "المصباح:."كرع".
2 في "ط": "رم".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 ليست في الأصل.
(7/249)
وأعطى مشتريه
ما اشتراه به، لأنه لم يصر لها إلا بنفقته وإن
لم يقصد ذلك، كما رجحته فيمن اتجر بمال غيره
وربح، ونص في وديعة تنتظر كمال مفقود وأن
جائزة الإمام أحب إليه من الصدقة.
قال القاضي: إن لم يعرف أن عينه مغصوب فله
قبوله، وسوى ابن عقيل وغيره بين وديعة وغصب،
وذكرهما الحلواني كرهن، وإن لم يبق درهم مباح
ففي النوادر يأكل عادته لا ما له عنه غنية،
كحلواء وفاكهة.
(7/250)
فصل: من أتلف محترما لمعصوم و مثله يضمنه ضمنه
...
فصل: من أتلف محترما لمعصوم ومثله يضمنه ضمنه،
فإن أكره فقيل: يضمن "1مكرهه، كدفعه1" مكرها،
لأنه ليس إتلافا، وقيل: المكره كمضطر "م 24"
ويرجع في الأصح مع جهله، وقيل: وعلمه، لإباحة
إتلافه ووجوبه، بخلاف قتل، ولم يختره، بخلاف
مضطر، وهل لربه طلب مكرهه؟
ـــــــ
مسألة-24: قوله: "ومن أتلف محترما لمعصوم
ومثله يضمنه ضمنه، فإن أكره فقيل: يضمن مكرهه.
وقيل: كمضطر" انتهى. وأطلقهما في القواعد.
القول بأن مكرهه يضمنه قطع به القاضي في كتابه
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وابن عقيل
في عمد الأدلة، قاله في القواعد، والقول بأنه
كالمضطر قال في الرعاية الكبرى: وإن أكره على
إتلافه ضمنه، يعني المباشر، وقطع به، والذي
يظهر أن هذا هو القول بأنه كمضطر2. وقال في
التلخيص: الضمان عليهما، واقتصر عليه الحارثي،
وهو احتمال للقاضي في بعض تعاليقه، فهذه ثلاثة
أقوال.
ـــــــ
1 في "ط": "مكروه كدفعه".
2 في "ط": "مضطر"
(7/250)
فيه وجهان "م
25" فإن طالبه رجع على المتلف إن لم يرجع عليه
وقيل: الضمان بينهما، ولا ضمان مع إذنه، وعين
ابن عقيل الوجه المأذون فيه مع غرض صحيح، وقال
في الفنون في المجلد التاسع عشر محتجا على أن
حرمة1 الحيوان آكد من المال: لو أذن في قتل
عبده فقتله لزمته كفارة لله تعالى وأثم، ولو
أذن في إتلاف ماله سقط الضمان والمأثم ولا
كفارة، وقال بعد هذا بنحو نصف كراسة في أثناء
كلام: يمنع من تصنيع الحب والبذر في الأرض
السبخة بما يقتضي أنه محل وفاق، وسبق أنه يحرم
في الأشهر دفن شيء مع الكفن.
وإن حل قيد عبد أو فتح قفصا عن طائر ثم ذهب
ضمنه2. وفي الفنون: إن كان الطير متألفا فلا
كذكاة متأنس3 ومتوحش، وإن
ـــــــ
مسألة-25: قوله: "وهل لربه طلب مكرهه؟ فيه
وجهان" انتهى، يعني هل لمالكه مطالبة مكرهه
إذا كان المكره بفتح الراء عالما4 وقلنا له
الرجوع عليه أم لا؟ قال في الرعاية الكبرى:
يحتمل وجهين انتهى:
أحدهما: له مطالبته قلت: وهو الصواب، ويؤيده
كلام القاضي المتقدم.
والوجه الثاني: ليس له مطالبته قلت: وهو ضعيف
جدا.
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 في "ط": "ضمن".
3 في "ط": "متأنس".
4 في "ط": "عاما".
(7/251)
دفع مبردا إلى
عبد فبرد قيده ففي تضمين دافعه وجهان "م 26"
ولا يضمن دافع مفتاح إلى لص.
قال شيخنا: من غرم1 بسبب كذب عليه عند2 ولي
أمر فله تغريم الكاذب.
ـــــــ
مسألة-26: قوله: "وإن دفع مبردا إلى عبد فبرد
قيده ففي تضمين دافعه وجهان" انتهى. وحكاهما
في الفصول والتلخيص والرعاية احتمالين،
وأطلقوهما، أحدهما: يضمن قلت: وهو الصواب، وهو
ظاهر ما قدمه الحارثي والوجه الثاني: لا يضمن
وهو ضعيف.
ـــــــ
1 في الأصل: "عزم".
2 في "ط": "عن".
(7/252)
وإن حل وعاء
فيه دهن جامد فذهب بريح ألقته أو شمس فوجهان
"م 27 و 28" وقيل: لا يضمنه بريح لأنه غير
مقصد، ولو حبس مالك
ـــــــ
مسألة 27-28: قوله: "وإن حل وعاء فيه دهن جامد
فذهب لريح ألقته أو شمس فوجهان" انتهى، ذكر
مسألتين.
(7/253)
دواب فتلفت لم
يضمن ذكره في الانتصار والمغني والترغيب،
ـــــــ
المسألة الأولى-27: إذا حل وعاء فيه دهن جامد
فذهب بريح ألقته فهل يضمن أم لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: يضمن، وهو الصحيح، قدمه في المغني1،
والكافي2 والشرح3 ونصراه، وشرح ابن رزين
وغيرهم.
والوجه الثاني: لا يضمن، قال القاضي: لا يضمن
ما ألقته الريح، وكذا قال أبو الخطاب وغيره،
قال الحارثي: وعن القاضي وابن عقيل: لا يضمن،
وقدمه في التلخيص.
قلت قطع في الفصول أنه لا يضمن في موضع،
واختار الضمان في آخر.
المسألة الثانية-28: لو ذاب بشمس هل يضمن أم
لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: يضمن وهو الصحيح. وقال الحارثي: وافق
على ذلك القاضي وصاحب التلخيص، وقدمه في
المغني1 والشرح3 والكافي2 ونصراه، وجزم به ابن
رزين.
ـــــــ
1 7/431-432.
2 3/523.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/302-303.
(7/254)
وقيل: بلى، قال
في الترغيب: أو فتح حرزا فجاء آخر فسرق، وعند
شيخنا يتوجه فيمن حبسه عن الانتفاع بملكه1 أن
يضمنه بالتسبب، وإن ربط دابة بطريق واسع وليست
يده عليها فروايتان "م 29" ويضمن بطريق ضيق
ولو بنفح2 برجل، نص عليه ومن ضربها إذن فرفسته
فمات ضمنه،
ـــــــ
والوجه الثاني: لا يضمن قال في الفائق: وقال
القاضي: لا يضمن، فلعل له قولين. وقال ابن
عقيل أيضا: لا يضمن: واختار في موضع آخر
الضمان.
مسألة-29: قوله: "وإن ربط دابة بطريق واسع
وليست يده عليها فروايتان" انتهى، وأطلقهما
في3 المستوعب والمغني4 والشرح5 والفائق
والزركشي والقواعد الأصولية وغيرهم.
إحداهما: يضمن، وهو ظاهر ما قطع به الشيخ في
المقنع5 والعمدة، وصاحب المذهب والخلاصة
وغيرهم، ولإطلاقهم الضمان، قال الحارثي: وكذا
أورده ابن أبي موسى وأبو الخطاب مطلقا، ونص
عليه أحمد انتهى. وقدمه في القاعدة الثانية
والثمانين وقال: هذا المنصوص، وذكر المنصوص6
في ذلك.
ـــــــ
1 في "ر": "مالكه".
2 نفحت الدابة برجلها: ضربت. "المصباح".
3 ليست في "ط".
4 7/433.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
15/303-304.
6 في "ط": "المنصوص".
(7/255)
ذكره في
الفنون، وتركه طينا فيها أو خشبة أو عمودا أو
حجرا أو كيس دراهم، نص عليه، وبإسناد خشبة إلى
حائط، وباقتناء كلب عقور، نص عليه، وفيه رواية
إلا لداخل بيته بلا إذنه. وفيه رواية نقل
حنبل: الكلب إذا كان موثقا لم يضمن ما عقر،
ويضمن باقتناء سنور تأكل فراخا عادة، مع علمه،
كالكلب، وله قتلها بأكل لحم ونحوه، كالفواسق.
وفي الفصول: حين أكله.
وفي الترغيب: وإن لم يندفع إلا به، كصائل، وإن
سقى ملكه أو أجج فيه نارا ضمن إن أفرط أو فرط،
والمراد: لا بطريان ريح، ولهذا [قال] في عيون
المسائل: لو أججها على سطح داره فهبت الريح
فأطارت الشرر1 لم يضمن، لأنه في ملكه، ولم
يفرط، وهبوط الريح ليس من فعله، بخلاف ما لو
أوقف دابته في طريق فبالت، أو رمى فيها قشر
بطيخ لأنه في
ـــــــ
والرواية الثانية: لا يضمن والحالة هذه، ذكره
القاضي في المجرد، وهو ظاهر ما جزم به في
الوجيز، وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير،
"2قال في القواعد: وأما الآمدي فحمل المنع على
حالة ضيق الطريق وسعته، والمذهب عنه الجواز مع
السعة وعدم الإضرار، رواية واحدة، ومن
المتأخرين من جعل المذهب المنع رواية واحدة،
وخالف بعض المتأخرين وقال: الربط عدوان بكل
حال انتهى2".
ـــــــ
1 في "ر": "التنور".
2-2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(7/256)
غير ملكه، فهو
مفرط، وظاهره: لا يضمن في الأولى مطلقا، وإن
حفر بئرا في سابلة لنفع المسلمين ولا ضرر لم
يضمن، وعلله أحمد بأنه نفع للمسلمين، وكموات،
وعنه: بإذن حاكم، وعنه: بلى، وكذا حكم البناء
فيها مساجد أو غيرها لنفع المسلمين.
نقل إسماعيل بن سعيد في المسجد: لا بأس به إذا
لم يضر بالطريق، ونقل عبد الله: أكره الصلاة
فيه. إلا أن يكون بإذن إمام، نقل المروذي: حكم
هذه المساجد التي بنيت في الطريق تهدم، وسأله
محمد بن يحيى الكحال: يزيد في المسجد من
الطريق؟ قال: لا يصلى فيه.
ونقل حنبل أنه سئل عن المساجد على الأنهار،
قال: أخشى أن يكون من الطريق، وسأله ابن
إبراهيم عن ساباط فوقه مسجد، أيصلى فيه؟ قال
لا يصلى فيه إذا كان من الطريق، وسئل عن
الصلاة على شط النهر والطريق أمامه، قال: أرجو
أن لا يكون به بأس، ولكن طريق مكة يعجبني أن
يتنحى عن الطريق ويصلي يمنة الطريق ونقل ابن
مشيش عن1 ساباط فوق
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "بناء".
(7/257)
مسجد: لا يصلى
فيه إذا كان من الطريق.
قال الشيخ: ويحتمل أن يعتبر إذن الإمام في
البناء لنفع المسلمين دون الحفر، لدعوي الحاجة
إلى الحفر لنفع الطريق وإصلاحها وإزالة الطين
والماء منها، فهو كتنقيتها، وحفر هدفة1 فيها،
وقلع حجر يضر بالمارة2، ووضع الحصى في حفرة
فيها ليملأها، وتسقيف ساقية فيها، ووضع حجر في
طين3 فيها ليطأ الناس عليه، فهذا كله مباح لا
يضمن ما تلف به، لا نعلم فيه خلافا، وكذا بناء
القناطر، ويحتمل أن يعتبر إذن الإمام فيها،
لأن مصلحته لا تعم.
وقال بعض أصحابنا في حفر البئر: ينبغي أن
يتقيد سقوط الضمان إذا حفرها في مكان مائل عن
القارعة وجعل عليه حاجزا يعلم به ليتوقى، وإن
حفره لنفسه ضمن ولو في فنائه وتصرف وارثه في
تركته، وإذن إمام فيه، لأنه ليس له أن يأذن
فيه، فدل أنه لا يجوز لوكيل بيت مال المسلمين
وغيره بيع شيء من طريق المسلمين النافذة، وأنه
ليس لحاكم أن يحكم بصحته. وقاله شيخنا، ويتوجه
جوازه للمصلحة، وجوز بعض أصحابنا حفر بئر
لنفسه في فنائه بإذنه، ذكره القاضي، قال
شيخنا: ومن لم يسد بئره سدا يمنع من التضرر
بها ضمن ما تلف بها، وكذا بسط حصير وتعليق
قنديل ونحوه بمسجد، والأكثر لا يضمن كوضعه حصى
فيه، والأصح وقعوده فيه وفي
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ط": "هدفه"، الهدفة: الربوة العالية.
2 في "ر": "الملك".
3 بعدها في "ط": "في طريق".
(7/258)
طريق واسع،
وفعل عبده بأمره كفعله أعتقه أو لا ويضمن
سلطان آمر وحده، وإن حفرها حر بأجرة أو لا
وثبت علمه أنها في ملك غيره نص عليه ضمن
الحافر، نصه: هما وإن جهل فالآمر وقيل:
الحافر، ويرجع إن مال حائطه إلى غير ملكه وعلم
به وليس في الترغيب: وعلم لم يضمن وقيل: بلى،
كبنائه مائلا كذلك، وعنه إن طالبه مستحق بنقضه
وأمكنه ضمن، ولا "1تضمن عاقلة1" ما لم يثبت
ببينة أنه ملكه، وإن أبرأه وألحق له فلا، وإن
طولب أحد المشتركين ففي حصته وجهان "م 30"،
ـــــــ
مسألة-30: قوله: "فيما إذا مال حائطه وإن طولب
أحد الشريكين ففي حصته وجهان" انتهى قال في
المغني2 والشرح3: احتمل وجهين:
ـــــــ
1-1 في الأصل: "يضمن عاقلة".
2 12/96.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/328.
(7/259)
ومثله خوف
سقوطه بتشققه عرضا، ويضمن بجناح ونحوه ولو بعد
بيع وقد طولب بنقضه، لحصوله1 بفعله. ولا يضمن
ولي فرط، بل موليه ذكره في المنتخب، ويتوجه
عكسه.
ـــــــ
أحدهما: يلزمه بحصته، وهو ظاهر ما جزم به
الناظم.
والوجه الثاني: لا يلزمه شيء.
ـــــــ
1 في "ط": "كحصوله".
(7/260)
فصل: و لا يضمن ما أتلفت البهيمة صيد حرم و
غيره
...
فصل: ولا يضمن ما أتلفت البهيمة صيد حرم
وغيره،
وأطلقه الأصحاب ويتوجه إلا الضارية1، ولعله
مرادهم، وقد قال شيخنا فيمن أمر رجلا بإمساكها
ضمنه إن لم يعلمه بها.
وفي الفصول: من أطلق كلبا عقورا أو دابة رفوسا
أو عضوضا على الناس وخلاه في طريقهم2 ومصاطبهم
ورحابهم فأتلف مالا أو نفسا ضمن، لتفريطه وكذا
إن كان له طائر جارح كالصقر والبازي فأفسد
طيور الناس وحيواناتهم. وفي الانتصار أن
البهيمة الصائلة يلزم مالكها وغيره إتلافها،
وكذا في عيون المسائل: إذا عرفت البهيمة
بالصول يجب على مالكها قتلها، وعلى الإمام
وعلى غير الإمام إذا صالت، على وجه المعروف،
ومن وجب قتله على وجه المعروف لم يضمن، كمرتد،
وإطلاق الأصحاب رحمهم الله بأنه لا يضمن ما
أتلفته بهيمة لا يد عليها ظاهرة ولو كانت
مغصوبة، لظاهر الخبر3.
ـــــــ
..........................................
ـــــــ
1 في "ط": "الضارية".
2 في "ط": "طريقه".
3 أخرج مالك في "الموطأ" 2/747-748 عن حرام بن
سعد؛ أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط رجل
فأفسدت فيه، فقضى رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وأن
ما أفسدت المواشي بالليل، ضامن على أهلها.
(7/260)
وعلل الأصحاب
المسألة بأنه لا تفريط من المالك، ولا ذمة لها
فيتعلق بها، ولا قصد فيتعلق برقبتها، بخلاف
الطفل الصغير والعبد، وتبين ذلك أنهم ذكروا
جناية العبد المغصوب، وأن الغاصب يضمنها،
قالوا: لأن جنايته تتعلق برقبته فضمنها، لأنه
نقص حصل في يد المغصوب، فهذا التخصيص وتعليله
يقتضي خلافه في البهيمة، وهذا فيه نظر.
ولهذا قال ابن عقيل في جنايات البهائم: لو نقب
لص وترك النقب فخرجت منه البهيمة ضمنها وضمن
ما تجني بإفلاتها وتخليها، وقد يحتمل إن جازها
وتركها بمكان ضمن لتعديه بتركها فيه، بخلاف ما
لو تركها بمكانها وقت الغصب، وفيه نظر، لهذا
قال الأصحاب في نقل التراب من الأرض المغصوبة:
إن أراده الغاصب وأبى المالك فللغاصب ذلك مع
غرض صحيح، مثل أن كان نقله إلى ملك نفسه،
فينقله لينتفع بالمكان، أو كان طرحه في طريق
فيضمن ما يتجدد به من جناية على آدمي أو بهيمة
ولا يملك ذلك بلا غرض صحيح، مثل أن كان نقله
إلى ملك المالك أو طرف الأرض التي حفرها،
ويفارق طم البئر، لأنه لا ينفك عن غرض لأنه
يسقط ضمان جناية الحفر، زاد ابن عقيل ولعله
معنى كلام بعضهم أو جناية العثر1 بالتراب.
ويضمن سائق وقائد وراكب متصرف فيها، وقيل: إن
اجتمعوا ضمن راكب، وقيل: وقائد جنايتها، وعنه:
حتى برجلها، ككبحها ونحوه، ولو لمصلحة،
وكوطئها بها.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ط": "الغير".
(7/261)
وظاهر نقل ابن
هانئ فيه: لا، نقل أبو طالب: لا يضمن ما أصابت
برجلها أو نفحت بها، لأنه لا1 يقدر على حبسها،
وهو ظاهر كلام جماعة وعنه: يضمن سائق جناية
رجلها، ولا ضمان بذنبها، في الأصح، جزم به في
الترغيب وغيره، ومن نفرها أو نخسها ضمن وحده,
ويضمن جناية ولدها، في المنصوص.
واختاره شيخنا إن فرط، نحو أن يعرفه شموسا2،
ويضمن ما أتلفت ليلا، نص عليه، جزم به جماعة،
عنه: من زرع وشجرة، وجزم به الشيخ وفي
"الواضح": والمال بموضع لا ينسب واضعه إلى
تفريط، إلا إن نقلت3 بغير اختياره، جزم به
جماعة وعنه: مطلقا، نقله ابن منصور وابن هانئ
والجماعة وجزم به الشيخ، ولا يضمن نهارا وقال
القاضي وجماعة: إلا أن ترسل بقرب ما تتلفه
عادة، ومن طرد دابة من مزرعته لم يضمن، إلا أن
يدخلها مزرعة غيره وإن اتصلت المزارع صبر
ليرجع على ربها، ولو قدر أن يخرجها وله منصرف
غير المزارع فتركها فهدر، والحطب على الدابة
إذا خرق ثوب آدمي بصير عاقل يجد منحرفا فهدر،
وكذا لو كان مستدبرا فصاح بها4 منبها له، وإلا
ضمنه، ذكره في الترغيب، ومن كسر أو أتلف آلة
لهو ولو مع صبي نص عليه أو كسر إناء
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 شمس الفرس شموساً وشماساً: منع ظهره،
"القاموس": "شمس".
3 في "ر": "تلفت".
4 في "ر" "ط": "به".
(7/262)
ذهب وفضة أو
إناء فيه خمر يؤمر بإراقتها قدر1 يريقها بدونه
"2أو عجز2"، نقله المروذي.
ونقل الأثرم وغيره: إن لم يقدر لم يضمن على
الأصح فيهن، كصليب وخنزير، وعنه3: يضمن غير
آلة لهو، وعنه: يضمن منها دفا.
ونقل مثنى: يكسره في مثل الميت، ولا يضمن
مخزنا للخمر، نقله ابن منصور، واختاره ابن بطة
وغيره، ونقل حنبل: بلى، وجزم به الشيخ، ولا
يضمن كتابا فيه أحاديث رديئة، نقله المروذي.
قال في الانتصار: فجعله كآلة لهو، ثم سلمه على
نصه في رواية المروذي.في ستر فيه تصاوير، ونص
على تخريق الثياب السود، فيتوجه فيهما روايتان
تخريجا، ولا حليا محرما على الرجال لم
يستعملوه يصلح للنساء.
واحتج في الفنون في آلة لهو بأنه يجوز إعدام
الآية من كتب المبتدعة، لأجل ما هي فيه،
وإهانة لما وضعت له ولو أمكن تمييزها.
وكمرتد يجوز بيعه، أنه يحتمل أن يضمن آلة لهو
يرغب في مادتها، كعود وداقورة، كإناء نقد.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ر": "قد".
2-2 ليست في "ط".
3 في "ر" و"ط": "به".
(7/263)
واحتج أيضا بأن
عثمان والصحابة أحرقت المصاحف1 ولم تغرم قيمة
المالية لأجل التأليف، واحتج به جماعة،
وبتحريقهم مصحف ابن مسعود2، وبتحريق عجل بني
إسرائيل.
وظاهر كلامهم أن الشطرنج منها، نقل أبو داود:
لا شيء عليه وقال شيخنا: ومن العقوبة المالية
إتلاف الثوبين المعصفرين كما في الصحيح3 في
حديث عبد الله بن عمرو، وإراقة عمر اللبن الذي
شيب بالماء للبيع4، وأن الصدقة بالمغشوش أولى
من إتلافه، وفي كتاب الهدي: تحريق أماكن
المعاصي وهدمها، كما حرق رسول الله صلى الله
عليه وسلم مسجد الضرار وأمر بهدمه5، فمشاهد
الشرك التي تدعو سدنتها إلى اتخاذ من فيها
أندادا من دون الله أحق بالهدم، ثم ذكر تحريق
عمر مكان الخمر، وتحريقه قصر سعد لما احتجب
فيه6، وهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
بتحريق تاركي حضور الجمعة والجماعة لولا ما
فيها من النساء والذرية7.
ومن وقع في محبرته مال غيره بتفريطه فلم يخرج
كسرت مجانا، وإن لم
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 أخرجه البخاري في "صحيحه" "4987.
2 انظر ما روي في ذلك في "كتاب المصاحف"، لابن
أبي داود السجستاني ص 13-15.
3 أخرجه مسلم في "صحيحه" "2077" "28".
4 أورده ابن عبد البر في "التمهيد" 6/155.
5 "زاد المعاد في هدي خير العباد" 3/571.
6 ذكر السيوطي في "الديباج" 2/294 أن عمر رضي
الله عنه حرق قصر سعد، وحانوت الخمار وغير
ذلك، واستمر عليه ولاة الأمور من بعده.
7 أخرجه أحمد برقم "8796".
(7/264)
يفرط ضمن رب
المال كسرها، فإن بذل ربها بدله ففي وجوب
قبوله وجهان "م 31".
وإن تلفت حامل أو حملها من ريح طبيخ علم ربه
ذلك عادة1 ضمن، وقيل: لا اختاره في الفنون،
لأن منهم من لا تتضرر به، وكريح دخان يتضرر به
صاحب سعال وضيق نفس ويتوجه فيه الخلاف. ومن غر
ـــــــ
مسألة-31: قوله: "ومن وقع في محبرته مال غيره
بتفريطه فلم يخرج كسرت مجانا، وإن يفرط ضمن رب
المال كسرها، فإن بذل رب المال بدله ففي وجوب
قبوله وجهان" انتهى، وأطلقهما في المحرر وشرح
الحارثي، وهما احتمالان مطلقان في الفصول:
أحدهما: يلزمه قبوله، اختاره صاحب التلخيص،
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير، وهو
الصواب، لأن الضرر لا يزال بالضرر.
والوجه الثاني: لا يلزمه.
1 تنبيه: قوله: "وإن تلفت حامل أو حملها من
ريح طبيخ علم ربه ذلك عادة ضمن، وقيل: لا،
واختاره في الفنون لأن منهن من لا تتضرر به،
وكريح دخان يتضرر به صاحب سعال وضيق نفس"
انتهى.
في قوله "اختاره في "الفنون" نظر، فإنه ذكر
هذا الكلام بعينه في أواخر كتاب الديات2 عن
الفنون، ولم يحك إلا احتمالين مطلقين من غير
اختيار، فقال: قال في الفنون: إن شمت حامل ريح
طبيخ فاضطرب جنينها فماتت أو مات فقال حنبلي
وشافعيان: وإن لم يعلموا بها فلا إثم ولا
ضمان، وإن علموا وكان عادة مستمرة الرائحة
تقتل احتمل الضمان، للإضرار، واحتمل لا، لعدم
تضرر بعض النساء، وكريح الدخان يتضرر بها صاحب
السعال وضيق النفس لا ضمان ولا إثم انتهى
ـــــــ
1 سقط هذا التنبيه من النسخ الخطية، وقد أثبت
من المطبوع.
2 9/380.
(7/265)
بكثرة ربح في
بلد وأمن طريق لم يضمن وذكره في عيون المسائل،
لأنه غير متحقق، لأنه يمكن الأمن بعد الفزع،
والعاقل لا يعول عليه، وإنما يخرج متكلا. وفي
الانتصار فيه أيضا في باب الغصب: هي مشكلة إلا
أنا نقول فرط في قنعه بقوله: ومن نوى جحد حق
عليه أو بيده في حياة ربه فثوابه له وإلا
فلورثته، نقله ابن الحكم، ومن ندم ورد بعد موت
المغصوب منه ما غصبه برئ من إثمه لا من إثم
الغصب، نقله حرب.
وعند شيخنا: له مطالبته، لتفويته الانتفاع به
حياته كما لو مات الغاصب فرده "1وارثه، نقله
حنبل، قال شيخنا: ولو حبسه عند وقت حاجته كمدة
شبابه ثم رده في مشيبه فتفويت تلك المنفعة ظلم
يفتقر إلى جزاء. وقال ابن عقيل وأظن والقاضي
أيضا معنى رواية حرب: "برئ من إثم ذلك" برئ من
إثم الغصب وبقي إثم ما أدخل على قلب مالكه من
ألم الغصب ومضرة المنع من ملكه مدة حياته1"،
فلا يزول إثم ذلك إلا بالتوبة، وذكر أبو يعلى
الصغير أن بالضمان والقضاء بلا توبة يزول حق
الآدمي ويبقى مجرد حق الله. نقل عبد الله فيمن
ادان على أن يؤديه فعجز: هذا أسهل من الذي
اختان وإن مات على عدمه، فهذا واجب عليه، قال
شيخنا: يرجى أن يقضيه الله عنه2. وقال جده: لا
يطالب به في الدنيا ولا الآخرة وقاله
ـــــــ
فليس في هذا الكلام ما يدل على اختياره، اللهم
إلا أن يكون اطلع له على مكان في الفنون آخر،
وهو بعيد والله أعلم، فهذه إحدى وثلاثون مسألة
في هذا الباب قد صححت ولله الحمد.
ـــــــ
1-1 ليست في "ط".
2 لفظ الجلالة ليس في "ر".
(7/266)
أبو يعلى
الصغير بما يقتضي أنه وفاق، وسبق كلام القاضي
في تأخير الصلاة1.
قال شيخنا: وللمظلوم الاستعانة بمخلوق فبخالقه
أولى، فله الدعاء "2بما آلمه2" بقدر ما موجبه
ألم ظلمه، لا على من شتمه أو أخذ ماله بالكفر
ولو كذب عليه لم يفتر عليه، بل يدعو الله بمن
يفتري عليه نظيره، وكذا إن أفسد عليه دينه.
قال: ومن ثبت دينه باختياره وتمكن منه فلم
يستوفه حتى مات طالب به ورثته وإن عجز هو
وورثته فالمطالبة له يوم القيامة. وفي الأشبه،
كما في المظالم للخبر: "من كانت له عند أخيه
مظلمة من دم أو مال" 3 لأنها لو انتقلت لما
استقر لمظلوم حق في الآخرة، والإرث مشروط
بالتمكين من الاستيفاء، كما أنه مشروط بالعلم
بالوارث، فلو مات من له عصبة بعيدة لا يعرف
نسبه لم يرثه في الدنيا ولا الآخرة، وهذا عام
في حق الله، والعبد مشروط بالتمكين من العلم
والقدرة، والمجهول والمعجوز عنه كالمعدوم، قال
عليه السلام لما تعذر رب اللقطة: "هي مال الله
يؤتيه من يشاء".
قال أحمد: الدعاء قصاص ومن دعا على من ظلمه
فما صبر، يريد أنه انتصر {وَلَمَنْ صَبَرَ
وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ
الْأُمُورِ} [الشورى:43] وأجره أعظم ويعزه
الله4 ولا يذله والله أعلم.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 1/416.
2 ليست في الأصل.
3 البخاري "2449"، وأحمد "10573"، والترمذي
"2419"، من حديث أبي هريرة.
4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(7/267)
باب الشفعة
مدخل
...
باب الشفعة
تثبت بملك الرقبة لا المنفعة، كنصف دار موصى
بها بنفعها فباع الورثة نصفها فلا شفعة للموصى
له، وذكر شيخنا وجها فيمن اكترى نصف حانوت
جاره: للمكتري الأول الشفعة من الثاني ويعتبر
ثبوته، فلا تكفي اليد وسبقه، وتثبت لشريك حتى
مكاتب.
وقيل: وموقوف عليه إن ملكه، واختاره في
الترغيب: وإن قلنا القسمة إفراز وجبت هي
والقسمة بينهما، فعلى هذا: الأصح يؤخذ بها
موقوف جاز بيعه، وإنما تثبت في عقار
ـــــــ
...............................
(7/268)
تجب قسمته،
وعنه: أو لا، اختاره ابن عقيل وأبو محمد
الجوزي وشيخنا، وعنه: وغيره، إلا في منقول
ينقسم، فعلى الأول يؤخذ غرس وبناء تبعا، وقيل:
وزرع وثمرة، وقيد الشيخ الثمرة بالظاهرة وأن
غيرها يدخل تبعا، مع أنه قال في المغني1: إن
اشتراه وفيه طلع لم يؤبر فأبره لم يأخذ الثمرة
بل الأرض والنخل بحصته كشقص وسيف.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 7/478.
(7/269)
وكذا ذكر غيره
إذا لم يدخل أخذ الأصل بحصته، وقيل: وتثبت
لجار، وحكاه القاضي يعقوب في التبصرة رواية،
واختاره شيخنا مع الشركة في الطريق، وسأله أبو
طالب: الشفعة لمن هي؟ قال: إذا كان طريقهما
واحدا شركا لم يقتسموا فإذا صرفت الطرق وعرفت
الحدود فلا شفعة.
وإن بيعت دار لها طريق في درب لا ينفذ فقيل:
لا شفعة فيه بالشركة فيه فقط، وقيل: بلى،
والأشهر: يجب إن كان للمشتري طريق غيره أو
أمكن فتح بابه إلى شارع "م 1".
وإن كان نصيب مشتر فوق حاجته ففي زائد وجهان
"م 2" وكذا دهليز
ـــــــ
مسألة-1: قوله: "وإن بيعت دار لها طريق في درب
لا ينفذ فقيل: لا شفعة فيه بالشركة فيه1 فقط،
وقيل: بلى، والأشهر: يجب إن كان للمشتري طريق
غيره أو أمكن فتح بابه إلى شارع" انتهى.
الأشهر هو الصحيح من المذهب، وجزم به في
التلخيص وغيره، وقدمه في المغني2 والشرح3
وغيرهما، "4صححه في الفائق وغيره4"، والقول
الأول وهو أنه لا شفعة في الطريق بالشركة في
الدرب فقط مال إليه الشيخ والشارح وذكراه
احتمالا. والقول الثاني: لم أطلع على من
اختاره.
مسألة-2: قوله: "وإن كان نصيب مشتر فوق حاجته
ففي زائد وجهان" انتهى وأطلقهما الحارثي في
شرحه.
أحدهما: تجب الشفعة في الزائد، اختاره القاضي
وابن عقيل.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 7/443.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/379.
4-4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(7/270)
جار وصحنه "م
3"، ولو ادعى كل منهما سبق شرائه فتحالفا أو
تعارضت بينتهما فلا شفعة، ولو قدم من لا يراها
لجار إلى حاكم لم يحلف، وإن أخرجه خرج، نص
عليه.
وقال: لا يعجبني الحلف على أمر اختلف فيه، قال
القاضي: لأن يمينه هنا على القطع، ومسائل
الاجتهاد ظنية، وحمله الشيخ على الورع، وأن
للمشتري الامتناع به من تسليم المبيع باطنا.
وقال شيخنا: توقف أحمد فيمن عامل حيلة ربوية
هل يحلف أنه ما عليه إلا رأس ماله: نقله حرب
ويثبت وفي شقص مبيع، وقيل: ولو مع خيار مجلس
وشرط، وقيل: شرط لمشتر ثبت قدر ثمنه بينة أو
إقرار، ويؤخذ بقول مشتر في جهله به وفي قدره
وفي أنه أحدث الغرس والبناء، ويقوم عرض موجود.
فإن قال ثمنه مائة وقام للبائع بينة بمائتين
أخذه الشفيع بمائة، فإن ادعى غلطا أو كذبا
فوجهان "م 4" بما استقر عليه العقد من ثمن
مثلي وقيمة غيره
ـــــــ
والوجه الثاني: لا شفعة فيه، قال الشيخ في
المغني1 والشارح: وهو الصحيح، وهو كما قالا.
مسألة-3: قوله: "وكذا دهليز جار وصحنه" انتهى.
وقاله أيضا الشيخ في المغني1 والشارح والحارثي
وغيرهم، وقد علمت الصحيح من ذلك "2في المقيس
عليه2".
مسألة-4: قوله: "فإن كان ثمنه مائة وقام
للبائع بينة بمائتين أخذه الشفيع بمائة فإن
ادعى غلطا أو كذبا فوجهان" انتهى. وأطلقهما في
الهداية، والمذهب
ـــــــ
1 7/443.
2-2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(7/271)
وقت لزومه، ولو
تعيب إن قدر عليه ثلاثة أيام، وعنه: يومين،
وعنه ما رأى حاكم، نقل صالح: للماء حصته "1من
الثمن1" وإلا لما اشتراها المشتري،
ـــــــ
والمستوعب والخلاصة والمغني2 والمقنع3
والتلخيص والشرح3 والفائق وغيرهم:
أحدهما: يقبل قول المشتري في الغلط ونحوه،
وقال القاضي: قياس المذهب عندي يقبل قوله، كما
لو أخبر في المرابحة ثم4 قال غلطت بل هنا
أولى، لأنه قد قامت بينة بكذبه، قال الحارثي:
هذا الأقوى، قال في الهداية بعد أن أطلق
الوجهين بناء على المخبر5 في المرابحة إذا قال
غلطت انتهى.
أكثر الأصحاب قبلوا قوله في دعواه الغلط في
المرابحة، وصحح قبول قوله هنا في التصحيح
والنظم، وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
والوجه الثاني: لا يقبل، جزم به في الكافي6
وغيره، وقدمه ابن رزين في شرحه وغيره، واختاره
ابن عقيل وغيره، وهو المذهب، على ما اصطلحناه،
ونقل أبو طالب في المرابحة: إن كان البائع
معروفا بالصدق قبل قوله وإلا فلا، قال
الحارثي: فيخرج مثله هنا، قال: ومن الأصحاب من
أبي الإلحاق بمسألة المرابحة، قال ابن عقيل:
عندي أن دعواه لا تقبل، لأن من مذهبنا أن
الذرائع محسومة، وهذا فتح باب الاستدراك لكل
قول يوجب حقا، ثم فرق بأن المرابحة كان فيها
أمينا حيث رجع إليه في الإخبار في الثمن، وليس
المشتري أميناً7 للشفيع، وإنما هو خصمه،
فافترقا. وقال في الرعاية الكبرى: وقيل
يتحالفان ويفسخ البيع ويأخذه بما حلف عليه
البائع لا المشتري انتهى.
ـــــــ
1-1 ليست في الأصل.
2 7/494.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/492.
4 ليست في "ط".
5 في "ط": "الخبر".
6 3/540.
7 في "ط": "ابنا".
(7/272)
ولا تسقط حصة
الماء من الثمن، وفي رجوع شفيع بأرش على مشتر
عفا عنه بائع وجهان "م 5" وإن دفع مكيلا بوزن
أخذ مثل كيله، كقرض.
واختار في الترغيب: يكفي وزنه، إذ المبذول في
مقابلة الشقص، وقدر الثمن معياره لا عوضه، وإن
أقام شفيع ومشتر بينة بثمنه احتمل تعارضهما
والقرعة، وقيل: بينة شفيع "م 6" ولو أنكر
الشراء1 حلف فإن
ـــــــ
مسألة-5: قوله: "وفي رجوع شفيع بأرش على مشتر
عفا عنه بائع وجهان" انتهى. قال في الرعاية
الكبرى: وإن عفا البائع عن الأرش فرجوع2
الشفيع به على المشتري يحتمل وجهين، وقلت: إن
رد البائع العوض قبل أخذ الشفيع الشقص فالشفيع
أولى به انتهى:
أحدهما: لا يرجع قلت: وهو الصواب، وهو ظاهر
كثير من الأصحاب حيث قالوا بأخذ الشفيع بالثمن
الذي استقر عليه العقد، ثم وجدته في المغني3
والشرح4 وشرح ابن رزين والحارثي قطعوا بذلك،
فلله الحمد.
والوجه الثاني: يرجع، والظاهر أن المصنف تابع
ابن حمدان في ذكر الخلاف، وإطلاقه5، وفيه نظر.
مسألة-6: قوله: "وإن أقام شفيع ومشتر بينة
بثمنه احتمل تعارضهما والقرعة، وقيل: بينة
شفيع" انتهى:
أحدهما: تقدم بينة الشفيع، وهو الصحيح. قال
القاضي وابنه أبو الحسين وأبو الخطاب وابن
عقيل والشريف أبو جعفر وأبو القاسم الزيدي
وصاحب
ـــــــ
1 في "ط": "المشتري".
2 في "ط": "من رجوع".
3 7/509.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/515.
5 في "ط": "أطلقه".
(7/273)
نكل أو أقام
الشفيع بينة أخذه ودفع ثمنه، فإن أصر ففي
بقائه بيده أو يأخذه حاكم الوجهان، وعند
القاضي يقال أقبضه أو أبرئه منه. وفي مختصر
ابن رزين: في إنكار مشتر وجه "م 7".
ـــــــ
المستوعب وغيرهم: تقدم بينة الشفيع، قال
الحارثي: ويقتضيه إطلاق الخرقي، المصنف هنا
يعني به الشيخ في المقنع1، وجزم به في الهداية
والمذهب والخلاصة والرعايتين والحاوي الصغير
وغيرهم.
والقول الثاني: يتعارضان وهو احتمال الشيخ في
المغني2، وقدمه ابن رزين في شرحه.
والقول الثالث: يستعملان بالقرعة، وهو احتمال
في المغني2 والشرح3، وأطلق الأقوال في المغني2
والشرح3، ووجه الحارثي قولا بأن القول قول
المشتري لأنه قال: قول الأصحاب مخالف لما
قالوه في بينة البائع والمشتري حيث قدموا بينة
البائع لأنه مدع بزيادة، وهذا بعينه موجود في
المشتري هنا، فيحتمل أن يقال فيه بمثل ذلك
انتهى.
مسألة-7: قوله ولو أنكر الشراء4 حلف، فإن نكل
أو أقام الشفيع بينة أخذه ودفع ثمنه، فإن أصر
ففي بقائه بيده أو يأخذه الحاكم الوجهان، وعند
القاضي يقال اقبضه أو أبرئه منه. وفي مختصر
ابن رزين. في إنكار مشتر وجه" انتهى.
قول القاضي اختاره ابن عقيل، وجزم به الناظم:
والقول بإبقاء الثمن في يده قدمه في الرعايتين
والحاوي الصغير، وهو قوي، فبقي في ذمته إلى أن
يختار أخذه، والقول بأن الحاكم يأخذه لا أعلم
من اختاره، وأطلق الأقوال في المغني5،
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/489.
2 7/489.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/490.
4 في "ط": "المشتري".
5 7/453.
(7/274)
ولو ادعى شراءه
لموليه ففي الشفعة وجهان "م 8".
وفي مختصر ابن رزين يأخذه بثمنه، فلو أعسر به
وثق، ويأخذ مليء أو من كفله مليء بمؤجل إلى
أجل، نص عليه وإن حل بموت شفيع أو
ـــــــ
والشرح1 وشرح الحارثي.
مسألة-8: قوله: "ولو ادعى شراءه2 لموليه ففي
الشفعة وجهان" انتهى قال في المغني3 والشرح4:
وإن قال اشتريته لابني الطفل أو لهذا الطفل
وله عليه ولاية لم تثبت الشفعة5 في أحد
الوجهين، لأن الملك ثبت للطفل، ولا تجب الشفعة
بإقرار الولي عليه، لأنه إيجاب حق في مال صغير
بإقرار وليه.
والثاني: تثبت، لأنه يملك الشراء له فصح
إقراره به "6كما يصح إقراره6" بعيب في مبيعه
انتهى.
قلت: الصواب وجوب الشفعة في ذلك، والتعليل
الأول ليس بقوي، وهو ظاهر ما قدمه المصنف في
كتاب الإقرار7. وقال في الرعاية الكبرى: وإن
قال اشتريته لابني الطفل فهو كالغائب، وقال في
الغائب: يأخذه الشفيع بإذن حاكم، والغائب على
حجته إذا قدم، وقبل: لا شفعة فيهما8 انتهى.
وقال في الكافي9: فهو كالغائب، في أحد
الوجهين. وقال في الغائب: أخذه الشفيع بإذن
الحاكم انتهى.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/512.
2 في "ط": "شراء".
3 7/491.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/498.
5 ليست في "ط".
6-6 ليست في "ط".
7 11/383.
8 في "ط": "فيها".
9 في "ط": "فيها".
(7/275)
مشتر فعلى
الميت، وإن مضى ثم علم فكحال "1ذكره في
الانتصار في حل دين مؤجل بموت1" ويملكه
بمطالبته، وقيل: وقبضه. وقال الشيخ: بلفظ
يقتضي أخذه، واعتبر ابن عقيل الحكم تارة ودفع
ثمنه ما لم يصبر مشتريه، ثم إن عجز فسخ، وقيل:
حاكم، وقيل: بان بطلانه، ولا يعتبر رؤيته قبل
تملكه إن صح بيع غائب.
وفي الرعاية: الأصح له التصرف فيه قبل قبضه
وتملكه، وفي الترغيب: له حبسه على ثمنه، لأن
الشفعة قهري، والبيع عن رضى، وتخالفه أيضا في
خيار شرط، وكذا خيار مجلس من جهة شفيع بعد2
نملكه، لنفوذ3 تصرفه قبل قبضه بعد تملكه كإرث،
وكذا اعتبار رؤية شقص، نظر إلى كونه قهريا أو
بيعا، ويتخرج في الكل كذلك نظرا إلى الجهتين،
وإن4 أبي مشتر قبضه من بائع أجبر.
وقال أبو الخطاب: قياس المذهب يأخذه شفيع من
بائع، ولو أقر البائع5 وحده بالبيع وجبت بما
قال البائع، كما لو اختلفا6 في ثمنه وتحالفا،
وعهدته عليه، وفي غيرها على7 مشتر، وقيل: لا
شفعة ولا
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1-1 ليست في الأصل و"ط".
2 بعدها في "ط": "أن".
3 في "ط": "ليعود".
4 في "ط": "فإن".
5 في "ط": "بالبائع".
6 في "ط": "اختلف".
7 ليست في الأصل.
(7/276)
تجب في منتقل
بلا عوض، وفي عوض غير مال كنكاح وخلع ودم عمد
روايتان "م 9".
ـــــــ
مسألة-9: قوله: "ولا تجب في منتقل" إليه "بلا
عوض"، وفيما جعل عوضه غير1 المال "كنكاح2
وخلع" وصلح عن "دم عمد3 راويتان" انتهى.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والمقنع والتلخيص والمحرر والرعاية الكبرى
والفائق وغيرهم، وظاهر الشرح4 الإطلاق، وذكر
جماعة الخلاف في وجهين.
أحداهما: لا شفعة في ذلك، وهو الصحيح، قال في
الكافي5: لا شفعة في، ظاهر المذهب، قال
الزركشي: هذا أشهر الوجهين عند القاضي وأكثر
أصحابه، قال ابن منجا في شرحه: هذا6 أولى. قال
الحارثي: أكثر الأصحاب قالوا بانتفاء الشفعة
منهم أبو بكر وابن أبي موسى وأبو علي7 ابن
شهاب والقاضي أبو الخطاب في رءوس المسائل وابن
عقيل والقاضي يعقوب والشريفان أبو جعفر وأبو
القاسم الزيدي وابن بكروس والمصنف، وهذا هو
المذهب، ولهذا قدمه في المتن انتهى.
وهو ظاهر كلام الخرقي، وصححه في التصحيح
والنظم، وجزم به في العمدة والوجيز والمنور
والحاوي الصغير وغيرهم، وقدمه في المغني8
والشرح9 وشرح الحارثي وغيرهم.
ـــــــ
1 في "ط": "عين".
2 في "ط": "كالنكاح".
3 ليست في النسخ الخطية.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/365.
5 3/530.
6 ليست في "ط".
7 في "ط": "أبو يعلى".
8 7/444-445.
9 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/367.
(7/277)
وعلى قياسه: ما
أخذه أجرة أو ثمنا في سلم أو عوضا في كتابة "م
10" فإن
ـــــــ
والرواية الثانية: فيه الشفعة، اختاره ابن
حامد، وأبو الخطاب في الانتصار، وابن حمدان في
الرعاية الكبرى1، وقدمه ابن رزين في شرحه.
مسألة-10: قوله: "وعلى قياسه ما أخذه أجرة أو
ثمنا في سلم أو عوضا في كتابة" انتهى.
يعني: أنه مثل الذي تقدم، وأن فيه الخلاف
المطلق، وقد علمت الصحيح من المذهب من ذلك،
فكذا يكون في هذا، وقطع بأنه مثله في الرعاية
الكبرى، قال في الكافي2: ومثله ما اشتراه
الذمي بخمر أو خنزير، قال الحارثي: وطرد
أصحابنا الوجهين في الشقص3 المجعول أجره في
الإجارة، ولكن نقول: الإجارة نوع من البيع،
فيبعد طرد الخلاف إذن، فالصحيح على أصلنا
جريان الشفعة قولا واحدا ولو كان الشقص جعلا
في جعالة فكذلك من غير فرق، وطرد صاحب التلخيص
وغيره من الأصحاب الخلاف أيضا في الشقص
المأخوذ عوضا عن نجوم الكتابة، ومنهم من قطع
بنفي الشفعة فيه، وهو القاضي يعقوب، ولا أعلم
لذلك وجها، وحكى بعض مشايخنا فيما قرأت عليه
طرد الوجهين أيضا في المجعول رأس مال في
السلم، وهو أيضا بعيد، فإن السلم نوع من البيع
انتهى كلام الحارثي. وهو الصواب، ثم قال: إذا
تقرر ما قلنا في المأخوذ عوضا عن نجوم الكتابة
فلو عجز المكاتب4 بعد الدفع هل تجب الشفعة
إذا؟ قال في التلخيص: يحتمل وجهين: أحدهما:
نعم.
والثاني: لا، وهو أولى. انتهى
ـــــــ
1 في "ط": "الصغرى".
2 3/530.
3 في "ط": "النقص".
4 في "ط": "الكاتب".
(7/278)
وجبت، فقيل:
يأخذه بقيمته، وقيل: بقيمة مقابله "م 11"، وإن
تحيل لإسقاطها لم تسقط، قال أحمد: لا يجوز شيء
من الحيل في إبطال ذلك ولا في إبطال حق مسلم،
ويحرم بعد وجوبها اتفاقا، قاله شيخنا، فلو
أظهر ثمنه مائة وكانت قيمته عشرين أو أبرأه من
ثمانين دفع إليه "1عشرين، ولو باعه بصبرة نقدا
وبجوهرة دفع مثله أو قيمته، فإن تعذر1" فقيمة
الشقص، وسأله ابن الحكم: دار بين اثنين باع
أحدهما نصف البناء لئلا يكون لأحد فيها شفعة،
قال: جائز قلت: فأراد المشتري قسمة البناء
وهدمه، قال: ليس ذلك له، يعطي نصف قيمته.
ـــــــ
مسألة-11: قوله: "وإن وجبت فقيل يأخذه بقيمته
وقيل بقيمة مقابله" انتهى، وأطلقهما في المحرر
والزركشي:
أحدهما: يأخذه بقيمته، وهو الصحيح، اختاره
القاضي وابن عقيل وابن عبدوس في تذكرته، وصاحب
الفائق، وغيرهم. وصححه الناظم وغيره، وجزم به
في الهداية وغيره وقدمه في الرعايتين والحاوي
الصغير.
والوجه الثاني: يأخذه بقيمة مقابله من مهر
ودية، وحكاه الشريف أبو جعفر عن ابن حامد.
وقال الشيخ في المقنع2: وقال غير القاضي:
يأخذه بالدية ومهر المثل، فظاهره أنه اختيار
غير القاضي من الأصحاب وفيه نظر.
ـــــــ
1-1 ليست في "ر".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/502.
(7/279)
فصل: و هي على الفور
...
فصل: وهي على الفور،
فتسقط بتركها بلا عذر، وإن أشهد وقت علمه فلا،
ثم إن أخر الطلب بعده مع إمكانه1 "2أو قدر على
إشهاد عدل أو مستوري الحال أو أخبراه فلم يطلب
تكذيبا2" أو قدر معذر على التوكيل فلم يفعله
أو نسي المطالبة أو البيع أو جهلها أو ظن
المشتري زيدا فبان
ـــــــ
.......................................
ـــــــ
1 في "ط": "إمكان".
2 ليست في الأصل.
(7/279)
غيره أو قال
بكم اشتريت أو اشتريت رخيصا أو جهلها حتى باع
حصته فوجهان، وكذا لو لم يشهد وبادر بمضي
معتاد "م 12-23".
ـــــــ
مسألة-12-23: قوله: "وهي على الفور فتسقط
بتركها بلا عذر، فإن أشهد وقت علمه فلا، ثم إن
أخر الطلب بعده مع إمكانه أو قدر على إشهاد
عدل أو مستوري الحال أو أخبراه فلم يطلب
تكذيبا أو قدر معذور على التوكيل فلم يفعله أو
نسي المطالبة أو البيع أو جهلها أو ظن المشتري
زيدا فبان غيره أو قال بكم اشتريت أو اشتريت
رخيصا أو جهلها حتى باع حصته1 فوجهان، وكذا لو
لم يشهد وبادر بمضي معتاد انتهى. اشتمل كلامه
على مسائل:
المسألة الأولى-12: إذا أخر الطلب مع إمكانه
وكان قد أشهد وقت علمه فهل تسقط الشفعة أم لا؟
أطلق الخلاف، وأطلقه في النظم والرعايتين
والفائق وشرح ابن منجا وغيرهم:
أحدهما: لا تسقط الشفعة2 بذلك، وهو الصحيح،
نصره الشيخ والشارح، وهو ظاهر كلام الخرقي،
جزم به في الوجيز وغيره، وقدمه في الهداية
والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة
والتلخيص وشرح الحارثي وقال: هذا المذهب.
والوجه الثاني: تسقط، إذا لم يكن عذر، اختاره
القاضي وابن عبدوس في تذكرته، وهو احتمال في
الهداية وغيرها.
تنبيه: حكى الشيخ في المغني3 ومن تبعه أن
السقوط قول القاضي، قال
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية.
2 ليست في "ط".
3 7/463.
(7/280)
والأصح: لا
يلزمه قطع حمام وطعام ونافلة، ونقل ابن منصور:
لا بد
ـــــــ
الحارثي: ولم يحكه أحد عن القاضي سواه والذي
عرفت من كلام القاضي خلافه، ونقل كلام القاضي
من كتبه ثم قال: والذي حكاه في المغني1 عنه
إنما قاله في المجرد إذا لم يكن أشهد على
الطلب وليس بالمسألة نبهت2 على ذلك أن يكون
أصلا لنقل الوجه الذي أراده انتهى.
المسألة الثانية-13: إذا قدر على إشهاد عدل
فلم يشهده فهل تسقط الشفعة أم لا؟ أطلق الخلاف
فيه، قال في المغني1 والشرح3: وإن وجد عدلا
فأشهده أو لم يشهده لم تسقط الشفعة، قال
الحارثي: وإن وجد عدلا واحدا ففي المغني1
إشهاده وترك إشهاده سواء، قال: وهو سهو، فإن
شهادة الواحد معمول بها مع يمين4 الطالب،
فيتعين اعتبارها انتهى.
قلت: وهو الصواب، فهذا المذهب، أعني أنها تثبت
بإشهاد عدل، وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز.
المسألة الثالثة-14: لو قدر على إشهاد مستوري
الحال فلم يشهدهما فهل تسقط الشفعة أم لا؟
أطلق الخلاف، وأطلقه في المغني1 والشرح3 وشرح
الحارثي.
قلت قواعد المذهب تقتضي أنها لا تسقط بعد5
إشهادهما، لأن وجودهما كعدمهما6 شهادة، لأن
شهادة مستوري الحال لا تقبل، على الصحيح من
المذهب فهي كالفاسقة بالنسبة إلى عدم القبول،
لكن لندرة وجود العدلين ظاهرا وباطنا ينبغي أن
يشهدهما ولو لم نقبلهما، ولا تبطل شفعته،
والله أعلم.
ـــــــ
1 7/463.
2 في "ط": "بنيت".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/398.
4 في "ط": "عين".
5 ليست في "ط".
6 بعدها في "ط": "شهادة".
(7/281)
من طلبه حين
يسمع حتى يعلم طلبه، ثم له أن يخاصم ولو بعد
أيام، وعنه:
ـــــــ
المسألة الرابعة-15: لو أخبره عدل واحد فلم
يصدقه فهل تسقط الشفعة أم لا؟ أطلق الخلاف،
وأطلقه في المحرر:
أحدهما: تسقط، وهو الصحيح، جزم به في الهداية
والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة
والمقنع1 والوجيز والمنور وغيرهم، وقدمه في
المغني2 والتلخيص والشرح3 والرعايتين والحاوي
الصغير والفائق وغيرهم، واختاره ابن عبدوس في
تذكرته وغيره.
والوجه الثاني: لا تسقط، ذكره الآدمي والمجد،
وصححه الناظم، وهما احتمالان للقاضي وابن عقيل
قال في التلخيص بناء على اختلاف الروايتين في
الجرح والتعديل، و4الرسالة هل يقبل فيها خبر
أم يحتاج إلى اثنين انتهى.
قلت: الذي ظهر أنهما ليسا مبنيين على ذلك،
والصحيح من المذهب هناك أنه لا يقبل إلا
اثنان، وهنا الصحيح أنه يقبل واحد، كما تقدم،
ويؤيده أن المصنف قال هناك: المذهب لا يقبل
إلا اثنان قدمه في المحرر، وهنا أطلق الخلاف
هو وصاحب المحرر، والله أعلم.
المسألة الخامسة-16: لو أخبره مستورا الحال
فلم يصدقهما فهل تسقط الشفعة أم لا؟ أطلق
الخلاف:
أحدهما: تسقط، قدمه في الفائق.
والوجه الثاني: لا تسقط، وهو ظاهر كلامه في
الوجيز قلت: الصواب أن الحكم هنا كالحكم في
إشهادهما، على ما تقدم.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/399.
2 7/456.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/402.
4 في "ط": "أو".
(7/282)
يختص بالمجلس،
اختاره الخرقي وابن حامد والقاضي وأصحابه،
وعنه:
ـــــــ
المسألة السادسة-17: لو قدر معذور على التوكيل
فلم يفعل فهل تسقط الشفعة بذلك أم لا؟ أطلق
الخلاف.
أحدهما: لا تسقط، وهو الصحيح، نصره صاحب
المغني1 والشرح2.
والوجه الثاني: تسقط، اختاره القاضي.
المسألة السابعة-18: لو نسي المطالبة أو البيع
أو جهلها3 فهل تسقط الشفعة أم لا؟ أطلق
الخلاف:
أحدهما: تسقط، وقال الشيخ في المغني4: إذا ترك
الطلب نسيانا أو البيع أو تركه جاهلا
باستحقاقه سقطت شفعته، وقدمه في الشرح5، وقاسه
هو والشيخ4 في المغني على الرد بالعيب، وفيه
نظر.
والوجه الثاني: لا تسقط قلت: وهو الصواب، قال
الحارثي: وهو الصحيح، قال: ويحسن بناء6 الخلاص
على الروايتين في خيار المعتقة تحت العبد إذا
أمكنته من الوطء جهلا بملكها الفسخ انتهى.
قلت: الصحيح من المذهب سقوط خيار المعتقة
بذلك.
المسألة الثامنة-19: لو أخر الطلب جهلا بأن
التأخير مسقط فإن كان مثله لا يجهله سقطت
لتقصيره، وإن كان مثله يجهله، فقال في
التلخيص: يحتمل وجهين انتهى:
أحدهما: لا تسقط، قال الحارثي: وهو الصحيح،
وجزم به في الرعاية والنظم والفائق وغيرهم،
وهو الصواب.
ـــــــ
1 7/463-464.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/405.
3 في "ح": "جهلهما".
4 7/458.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/405.
6 في "ط": "بنا".
(7/283)
على التراخي،
كخيار عيب، وتسقط بتكذيبه عدلين، لا بدلالته
في البيع، ورضاه به، وضمان ثمنه وتسليمه عليه.
ـــــــ
والوجه الثاني: تسقط.
تنبيه: قد يقال إن هذه المسألة لم تدخل في
كلام المصنف، بل هو الظاهر ولكن ذكرناها لمجرد
احتمال أنها داخلة في كلامه، ولا يضرنا ذلك.
والله أعلم.
المسألة التاسعة-20: ولو ظن أن المشتري زيد
فلم يطالب بها فبان غيره فهل تسقط الشفعة أم
لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في الرعاية الكبرى في
موضع فقال: يحتمل وجهين:
أحدهما: لا تسقط، وهو الصحيح، جزم به في
المغني1 والمقنع2 والشرح3 وشرح ابن منجا
والحارثي والتلخيص والرعاية الصغرى والفائق
وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم، والرعاية الكبرى في
موضع آخر.
والوجه الثاني: تسقط، ولم أر من اختاره.
تنبيه: في إطلاق المصنف الخلاف في هذه المسألة
نظر، مع قطع هؤلاء الجماعة بأحد القولين وعدم
اختيار أحد للقول الآخر فيما اطلعنا عليه من
الكتب.
المسألة العاشرة-21: لو قال4 بكم اشتريت أو
اشتريت رخيصا فهل تسقط الشفعة بذلك أم لا؟
أطلق الخلاف وأطلقه في التلخيص والرعاية
الكبرى:
أحدهما: تسقط قلت: وهو موافق لقواعد المذهب مع
علمه.
والوجه الثاني: لا تسقط.
المسألة الحادية عشرة-22: لو جهلها حتى باع
فهل تسقط شفعته أم لا؟ أطلق
ـــــــ
1 7/457.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/395.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/401.
4 في "ط": "قلت".
(7/284)
...............................
ـــــــ
الخلاف، وأطلقه في المقنع1 والتلخيص والرعاية
وشرح ابن منجا والفائق وغيرهم:
أحدهما: لا تسقط، وهو الصحيح، اختاره أبو
الخطاب، وابن عبدوس في تذكرته، قال الحارثي:
هذا أظهر الوجهين، وصححه في التصحيح والنظم،
وجزم به في الوجيز وغيره، وقدمه في الهداية
والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم.
والوجه الثاني: تسقط، اختاره القاضي2 في
المجرد.
المسألة الثانية عشرة-23: لو لم يشهد ولكن
بادر بمضي معتاد فهل تسقط الشفعة بذلك أم لا؟
أطلق الخلاف، وأطلقه في الهداية والمذهب
ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع3
والتلخيص والنظم والرعايتين والحاوي الصغير
والفائق والزركشي وغيرهم:
أحدهما: تسقط الشفعة، وهو الصحيح، وهو ظاهر
كلام الإمام أحمد في رواية أبي طالب واختاره
الخرقي وابن عبدوس في تذكرته، قال الحارثي:
عليه أكثر الأصحاب، وقدمه في شرحه والمغني4
والشرح5 ونصراه، وجزم به في العمدة والوجيز
وغيرهما.
والوجه الثاني: لا تسقط، بل هي باقية، قال
القاضي: إن سار عقب علمه إلى البلد الذي فيه
المشتري من غير إشهاد احتمل أن لا تبطل شفعته
انتهى. "6وقطع به في المحرر6" والمنور قلت:
وهو قوي.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/384.
2 ليست في "ط".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/390.
4 7/462.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/392.
6-6 ليست في النسخ الخطية.
(7/285)
والأصح: ولو
دعا بعده له في صفقته أو بالمغفرة و1 نحوه،
ولا بإسقاطها قبله، وفيه رواية ولا بتوكيله
فيه لأحدهما، في الأصح، وقيل: لوكيل بائع،
وقيل: عكسه، ومثله وصي وحاكم، حصته فوجهان ولو
ترك الولي شفعة2 موليه3 فنصه4:
ـــــــ
تنبيهان:
أحدهما: ظاهر ما حكاه المصنف من الخلاف في هذه
وجهين وكذا حكاهما صاحب الهداية والمقنع5
وغيرهما من الأصحاب. وقال الحارثي عن حكاية
الشيخ في المقنع5 لهما وجهين: إنما هما
راويتان، ثم قال: وأصل الوجهين في كلامه وكلام
أبي الخطاب احتمالان أوردهما القاضي في
المجرد، والاحتمالان إنما أوردهما في الإشهاد
على السير للطلب، وذلك مغاير للإشهاد على
الطلب حين العلم، ولهذا قال في المقنع3: ثم إن
أخر الطلب بعد الإشهاد عند إمكانه أي إمكان
السير للطلب مواجهة فلا يصح إثبات الخلاف،
وإذ6 الطلب الأول متلقى7 عن الخلاف في الطلب
الثاني. انتهى.
"8 الثاني: قوله: "وعنه يختص بالمجلس اختاره
الخرقي" انتهى ليس هذا باختيار الخرقي، بل
ظاهر كلامه وجوب المطالبة ساعة يعلم، فإنه
قال: ومن لم يطالب بالشفعة في وقت علمه بالبيع
فلا شفعة له8" انتهى.
ـــــــ
1 في "ط": "أو".
2 في "ر": "منفعة".
3 في "ط": "مواليه".
4 في الأصل: "قبضه".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/390.
6 في "ط": "إذا".
7 في النسخ الخطية: "مكتفي"، والمثبت من "ط".
8-8 ليست في "ح".
(7/286)
لا تسقط، وقيل
بلى، وقيل: مع عدم الحظ "م 24".
ولو أخذ بها ولاحظ لم يصح، على الأصح، وإلا
استقر أخذه.
ولو قسم المشتري على الشفيع لغيبته، فإن
للحاكم ذلك، في أحد الوجهين "م 25" أو
ـــــــ
مسألة-24: قوله: "ولو ترك الولي شفعة موليه
فنصه: لا تسقط، وقيل: بلى، وقيل: مع عدم الحظ"
انتهى:
أحدهما: لا تسقط مطلقا، وهو الصحيح، نص عليه،
وهو ظاهر كلام الخرقي، قال في المحرر: اختاره
الخرقي. وقال في الخلاصة: وإذا عفا ولي الصبي
عن شفعته لم تسقط انتهى.
وقدمه في المحرر والفائق، قال الحارثي: هذا
المذهب عندي وإن كان الأصحاب على خلافه، لنصه
في خصوص المسألة على ما بينا انتهى.
والوجه الثاني: تسقط مطلقا، وليس للولد الأخذ
بها إذا كبر، اختاره ابن بطة، وكان يفتي به،
نقله عنه أبو حفص، وجزم به في المنور.
والوجه الثالث: إن كان فيها حظ لم تسقط وإلا
سقطت، وعليه أكثر الأصحاب، قال الزركشي:
اختاره ابن حامد وتبعه القاضي وعامة أصحابه،
قال الحارثي: هذا ما قاله الأصحاب انتهى.
واختاره الشيخ تقي الدين وجزم به في الهداية
والمذهب والمستوعب والوجيز وغيرهم، وهو ظاهر
ما قدمه في المقنع1.
مسألة-25: قوله: "ولو قسم المشتري على الشفيع
لغيبته فإن للحاكم ذلك، في أحد الوجهين"
انتهى.
ظاهر ما قطع به في القاعدة الثالثة والعشرين
الجواز، ويأتي لفظه في باب القسمة2. وقال ابن
نصر الله في حواشي الفروع في هذه المسألة: جزم
به3 في
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/410.
2 11/237.
3 ليست في "ط".
(7/287)
قاسم1 وكيله أو
هو لإظهاره له زيادة ثمن أو هبة أو أنه اشتراه
لغيره ونحوه، ثم بنى وغرس، ثم علم الشفيع
بشفعته2، فهي باقية، ولربهما3 أخذهما4 وعند
ابن عقيل: مع عدم الضرر، وجزم به الآمدي
البغدادي، ولا يضمن نقصها بالقلع، في الأصح،
فإن أبي أخذه الشفيع بقيمته حين تقويمه، أو
قلعه5 وضمن نقصه من القيمة، وفي الانتصار: أو
أقره بأجرة، فإن أبي فلا شفعة، ونقل الجماعة:
له قيمة البناء ولا يقلعه.
ونقل سندي: أله قيمة البناء أم قيمة النقص؟
قال: لا، قيمة البناء، وقال: إنهم يقولون قيمة
النقص، وأنكره ورده وقال: ليس هذا كغاصب، ولا
أجرة له مدة بقاء زرع مشتر، في الأصح، وإن حفر
بئرا أخذها ولزمه أجرة مثلها، ولا يملك أخذ
بعض الشقص، فإن تلف بعضه أخذ باقيه بحصته من
ثمنه، فلو اشترى دارا بألف تساوي ألفين فباع
بابها أو هدمها فبقيت بألف أخذها بخمسمائة
بالقيمة من الثمن، نص عليه.
ـــــــ
المحرر بأن الحاكم يقسم على الغائب في قسمة
الإجبار، والقسمة هنا لا تكون إلا في قسمة
الإجبار انتهى.
قلت: وكذا قال في الرعايتين والوجيز والحاوي
وغيرهم، وقد أطلق المصنف الخلاف في باب القسمة
وجهين فيما إذا غاب ولي من ليس أهلا هل يقسمه
الحاكم أم لا؟ عن صاحب الترغيب، واقتصر عليه،
ويأتي تصحيح ذلك إن شاء الله تعالى.
ـــــــ
1 في "ر": "قسام".
2 في "ر": بشفيعه".
3 في الأصل: "لربها".
4 في "ر": "أحدهما".
5 في "ر": "علقه".
(7/288)
وقال ابن حامد:
وإن كان تلفه سماويا1 لزمه أخذه بجميعه، ولو
كان المبيع شقصا وسيفا فله أخذ الشقص بحصته
"2من الثمن2"، فيقسم ثمنهما على قيمتهما، نص
عليه، وقيل: لا شفعة.
ـــــــ
..............................
ـــــــ
1 في "ر": "مساوياً".
2-2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(7/289)
فصل: إذا تعدد المشتري فصفقتان له أخذ إحداهما،
وكذا إن تعدد العقد، فإن أخذ بثانيهما ففي
مشاركة المشتري فيه أوجه، الثالث إن عفا
الشفيع عن أولهما شاركه "م26".
ـــــــ
مسألة-26: قوله: "إذا تعدد المشتري فصفقتان له
أخذ إحداهما، وكذا إن تعدد العقد، فإن أخذ
بثانيهما ففي مشاركة المشتري فيه أوجه:
الثالث: إن عفا الشفيع عن أولهما شاركه"
انتهى، وأطلق الأوجه في المغني1 والمقنع2
والشرح2.
أحدها يشاركه المشتري في شفعته، وهو الصحيح،
صححه في التصحيح والنظم وشرح الحارثي وغيرهم،
وجزم به في المستوعب والتلخيص والرعايتين
والفائق وغيرهم، وقدمه ابن رزين في شرحه.
والوجه الثاني: لا يشاركه فيها، اختاره القاضي
وابن عقيل.
والوجه الثالث: إن عفا الشفيع عن الأول شاركه
في الثاني، وإن أخذ بهما جميعا لم يشاركه.
ـــــــ
1 7/504.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/429.
(7/289)
وإن تعدد
البائع أو المبيع فوجهان م 27، 28".
ـــــــ
مسألة-27-28: قوله: "وإن تعدد البائع أو
المبيع فوجهان" انتهى. شمل مسألتين:
المسألة الأولى-27: إذا تعدد البائع والمشتري
واحد بأن باع اثنان نصيبهما من واحد صفقة
واحدة، فهل للشفيع أخذ أحدهما أو لا1 يأخذ إلا
الكل أو يترك؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في المحرر
والرعاية الكبرى:
أحدهما: له أخذ أحدهما، وهو الصحيح، وعليه
أكثر الأصحاب. وقال الحارثي: عليه الأصحاب،
حتى القاضي في المجرد، لأنهما عقدان، لتوقف
نقل الملك عن كل واحد من البائعين على عقد،
فملك الاقتصار على أحدهما، كما لو كانا
متعاقبين أو المشتري اثنان، جزم به في الكافي2
والوجيز وغيرهما، وصححه في الخلاصة والمقنع3
وشرح ابن منجا وغيرهم، وقدمه في الهداية
والتلخيص، والمغني4 والشرح3 ونصراه، وغيرهم.
والوجه الثاني: ليس له إلا أخذ الكل أو الترك،
اختاره القاضي في الجامع الصغير ورءوس
المسائل، وذكر المصنف كلامه في الفنون.
المسألة الثانية-28: إذا تعدد المبيع بأن5 باع
شقصين6 من مكانين لواحد صفقة واحدة فهل له أخذ
أحدهما: بالشفعة أو ليس له إلا أخذ الجميع أو
الترك؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في المحرر
والرعاية:
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية.
2 3/535.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/436.
4 7/504.
5 في "ط": "فإن".
6 في "ح" و"ط": "شفعتين".
(7/290)
وقيل بتعدد
البائع، جزم به في الفنون، وقاسه على تعدد
المشتري بما يقتضي أنه محل وفاق، لأنه يثني
الإيجاب، وهنا يثنى القبول، بخلاف تعدد
الصفقة، فإنه لا يلزم تثنية العقد بالمعقود
عليه، وإن قبل نصفهما بنصف الثمن أو باعه كلا1
منهما بكذا فقبل أحدهما بثمنه ففي الصحة خلاف
في الانتصار "م29،30".
ـــــــ
أحدهما: له أخذ أحدهما، وهو الصحيح. وقال
الحارثي: هذا المذهب وجزم به في الوجيز ونظم
المفردات وغيرهما، وصححه في الخلاصة والمقنع2
وشرح ابن منجا وغيرهم، وقدمه في الهداية
والفصول والمذهب والمستوعب والكافي3، والمغني4
والشرح2 ونصراه، وغيرهم.
والوجه الثاني: ليس له إلا أخذ الكل أو الترك،
وهو احتمال في الهداية. وقال بعضهم: اختاره
القاضي في المجرد.
تنبيه: قد بان لك أن في إطلاق المصنف الخلاف
في هاتين المسألتين نظرا لاختيار جمهور
الأصحاب لأحدهما، وقوته ومن حيث المعنى، والله
أعلم.
مسألة-29-30: قوله: "وإن قبل نصفهما بنصف
الثمن أو باع كلا منهما بكذا فقبل أحدهما
بثمنه ففي الصحة خلاف في الانتصار" انتهى.
ذكره في رد أحد
ـــــــ
1 في "ر": "كل".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/436.
3 3/543.
4 3/534.
(7/291)
وإن قبل أحد
مشتريين نصفه بنصف ثمن صح، وجزم به ابن عقيل
في الفنون وغيره، لأنه قبل جميع ما أوجبه له1،
وكذا مشتر من بائعين، ويتوجه الوجه. ولو اشترى
وكيلهما من زيد شقصا أو باع ملكيهما فهل يعتبر
به أو بهما؟ فيه وجهان "م31،32"، فإن اجتمع
شفعاء فهي على قدر2
ـــــــ
المبيعين بالعيب والذي يظهر أن هذا الحكم في
صحة البيع هل يصح أم لا؟ وفيه مسألتان.
المسألة الأولى-29: لو أوجب البائع شقصين3 من
مكانين في البيع بثمن معين فقبل المشتري
نصفهما بنصف الثمن فهل يصح البيع أم لا؟ حكى
في الانتصار خلافا في ذلك.
قلت: الصواب عدم الصحة، فلا بد من إيجاب في
المجلس غير ما تقدم وقد قطع في الكافي4 في
الخلع فيما إذا قال: بعتك عبيدي الثلاثة بألف
فقال: قبلت5 واحدا بثلث الألف، أنه لا يصح،
وهذه قريبة منهما.
المسألة الثانية-30: لو باع شيئين3 صفقة واحدة
وكل واحد منهما بكذا فقبل أحدهما: بثمنه فهل
يصح البيع أم لا؟ حكى في الانتصار خلافا في
ذلك قلت: الصواب هنا الصحة.
مسألة-31-32: قوله: "ولو اشترى وكيلهما من زيد
شقصا أو باع ملكيهما فهل يعتبر به أو بهما؟
فيه وجهان" انتهى. وفيه مسألتان:
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 ليست في "ر".
3 في "ط": "شفعتين".
4 3/534.
5 ليست في "ط".
(7/292)
ملكهم، اختاره
الأكثر فدار بين ثلاثة، نصف وثلث وسدس، فباع
رب الثلث فالمسألة من ستة، فالثلث بينهما على
أربعة، لرب النصف ثلاثة، وللسدس واحد، وعلى
هذا فقس، وعنه: على عددهم، ولا يرجح أقرب ولا
قرابة، وإن عفا بعضهم أو غاب فلغيره أخذ كله
أو تركه فقط، نص عليه.
ـــــــ
المسألة الأولى-31: "إذا اشترى وكيل اثنين من
زيد شقصا "1أو باع ملكيهما، فهل يعتبر به أو
بهما؟ فيه وجهان" انتهى1".
المسألة الثانية-32: لو باع وكيلهما ملكيهما،
فهل الاعتبار بالوكيل في المسألتين أم
بالموكلين؟ أطلق الخلاف قلت: الصواب أن
الاعتبار بهما، لأن وكيلهما بمنزلتهما أشبه
بما لو باشر العقد، والله أعلم.
فإذا قلنا الاعتبار بالموكلين ففي المسألة
الأولى تعدد المشتري، وفي المسألة الثانية
تعدد البائع، وقد تقدم حكمهما في كلام المصنف
في الأولى وهنا في الثانية، قال في المغني2
والشرح3: لو كانت دار لثلاثة فوكل أحدهم شريكه
في بيع نصيبه فباعهما لرجل فلشريكهما الشفعة
فيهما، وهل له أخذ أحد النصيبين دون الآخر؟
فيه وجهان، وعللاهما، وهذه شبيهة بمسألة
المصنف الثانية. وقال في الرعاية الكبرى: وإن
اشترى وكيل اثنين من زيد شقصا في عقد فهل
يعتبر به أو بهما أو بوكيل المشتري؟ قلت:
يحتمل أوجها انتهى.
وهذه مسألة المصنف الأولى، وظاهر كلامه في
الرعاية أنه لم يجد في المسألة نقلا في
المذهب، فحينئذ في إطلاق المصنف الخلاف نظر،
ويحتمل أن يكون وجد نقلا واختلف الأصحاب في
الترجيح، وهو بعيد، وتقدم الجواب عن ذلك في
المقدمة4 فهذه اثنتان وثلاثون مسألة في هذا
الباب.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية.
2 7/507.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/431.
4 1/36.
(7/293)
ولا يؤخر بعض
ثمنه ليحضر الغائب، فإن أصر فلا شفعة، والغائب
على حقه، ولا يطالبه بما أخذه من غلته، ولو
كان المشتري شريكا أخذ بحصته، نص عليه، فإن
عفا ليلزم به1 غيره لم يصح، وتصرف مشتر بعد
طلب الشقص منه باطل، مطلقا، ويصح قبله، فإن
وقفه أو وهبه ونحوه وقيل: أو رهنه، سقطت. وقال
أبو بكر: لا، ويفسخ تصرفه وثمنه له حتى لو
جعله مسجدا.
وفي الفصول عنه: لا، لأنه شفيع وضعفه بوقف غصب
أو مريض مسجدا، وإن باعه ونحوه أخذه بثمن أي
البيعين شاء. وقال ابن أبي
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
(7/294)
موسى1: ممن هو
في يده، ويرجع من أخذه منه على بائعه بما
أعطاه، وإن آجره انفسخت من وقت أخذه، وقيل: بل
له الأجرة، وفيها في الكافي2 الخلاف في هبة،
وإن نمى بيده نماء متصلا كشجرة كبر وطلع لم
يؤبر تبعه في العقد والفسخ وإلا فهو لمشتر إلى
الجذاذ بلا أجرة لأن الشفيع كمشتر، وكذا زرعه
له إلى حصاده.
وقيل: بأجرة، فيتوجه تخريج في الثمرة، وإن فسخ
البيع بإقالة وفيه رواية، أو عيب في الشقص،
وفيه وجه، فللشفيع أخذه. وإن فسخ البائع لعيب
في ثمنه المعين فإن كان قبل الأخذ بالشفعة فلا
شفعة، وإلا استقرت، وللبائع إلزام المشتري
بقيمة شقصه، ويتراجع المشتري والشفيع في الأصح
بما بين القيمة والثمن، فيرجع دافع الأكثر
بالفضل.
ولا شفعة لكافر على مسلم، نص عليه، وقيل: ولا
لكافر على كافر والبائع مسلم، فإن تبايع
كافران بخمر شقصا فلا شفعة، في الأصح، كخنزير،
بناء على قولنا هل هي مال لهم والله أعلم.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في الإرشاد ص 226.
2 3/541.
(7/295)
باب إحياء الموات
وهي الأرض الدائرة1 التي لم يعلم أنها ملكت،
وكذا إن ملكها من لا حرمة له وباد، كحربي
وآثار الروم، وعلى الأصح، نقل أبو الصقر في
أرض بين قريتين ليس فيها مزارع ولا عيون
وأنهار تزعم كل قرية أنها لهم في حرمهم فإنها
ليست لهؤلاء ولا لهؤلاء حتى يعلم أنهم أحيوها،
فمن أحياها فله، ومعناه نقل ابن القاسم، وإن
ملكها من له حرمة أو شك فيه ولم يعلم لم تملك،
لأنها فيء، وعنه: بلى، وعنه: مع الشك فيه،
اختاره جماعة، وإن علم ولم يعقب أقطعه الإمام،
وعنه: يملكه محييه.
قال في التبصرة: ولا يملك مسلم بإحياء أرض
كفارة صولحوا عليها. ويملك المحيي بحيازته
بحائط منيع، نص عليه، وعنه: مع إجراء ماء أو
عمارته عرفا لما يريده له، قال في المغني2:
وإن لم ينصب بابا على بيت، ويملكه بغرس وإجراء
ماء، نص عليهما، أو منع ماء لا بحرث وزرع، قيل
لأحمد: فإن كرب3 حولها قال: لا يستحق ذلك حتى
يحيط ويملك4 بدون إذن إمام. وفيه وجه، وهو
رواية في الواضح، ويملك به ذمي، وفي المنصوص.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ط": "الدائرة".
2 8/178.
3 الكرب: إثارة الأرض للزرع. "القاموس":
"كرب".
4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(7/296)
وقال جماعة: لا
في دارنا، وقيل: ومثله حربي، ولا يملك به موات
بلده كفار صولحوا على أنها لهم، وفيه احتمال،
ولا ما قرب من عامر وتعلق بمصلحته، كطرقه
وفنائه ومسيل مائه ومرعاه ومحتطبه وحريمه، ولا
يقطعه إمام، لتعلق حقه به، وقيل: لملكه له،
فإن لم يتعلق ملك به أقطع، وعنه: لا. وإن وقع
في الطريق نزاع وقت الإحياء فلها سبعة أذرع،
للخبر1، ولا تغير بعد وضعها، لأنها للمسلمين،
نص عليه.
واختار ابن بطة أن الخبر في أرباب ملك مشترك
أرادوا قسمته واختلفوا في قدر حاجتهم. ولا
يملك ما نضب ماؤه. وفيه رواية، ولا معدن ظاهر،
كقار وملح، ولا باطن ظهر، كحديد، فإن لم يظهر
فكذلك، في ظاهر المذهب، ولا يقطعه إمام،
كظاهر، واختار الشيخ جوازه، وعن أسماء أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير نخلا.
إسناده جيد، رواه أبو داود2.
وقال الخطابي: النخل مال ظاهر كمعدن ظاهر،
فيشبه إنما أعطاه ذلك من الخمس الذي هو سهمه.
وله إقطاع موضع بقرب الساحل يصير ماؤه ملحا،
والأصح ويملكه محييه، ويملك المحيا بما فيه
حتى معدن جامد ظاهرا كان أو باطنا، وعنه: وجار
وكلأ، ويلزمه بذل فاضل مائه لبهائم غيره إن لم
تجد ماء مباحا ولم ينضر بها واعتبر القاضي
اتصاله بمرعى، ويلزمه لزرع غيره، على الأصح.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 أخرجه مسلم "1613"، من حديث أبي هريرة أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا اختلفتم
في الطريق، جعل عرضه سبع أذرع".
2 في "سننه" "3069".
(7/297)
وقال ابن عقيل:
لا لزرع نفسه، قال أحمد: إلا أن يؤذنه بالدخول
أو له فيه ماء السماء فيخاف عطشا فلا بأس أن
يمنعه، قال: وليس له أن يمنع فضل ماء ليمنع به
الكلأ واحتج بالخبر1.
وفي الروضة: يكره منعه فضل مائه ليسقي به،
للخبر2، ومتى لم يلزمه باعه بكيل أو وزن،
ويحرم مقدرا بمدة معلومة "م" أو بالري أو
جزافا، قاله القاضي وغيره، وقال: إن باع آصعا
معلومة من سائح جاز، كماء عين، لأنه معدوم،
وإن باع كل الماء لم يجز، لاختلاطه بغيره.
قال جماعة: من حفر بئرا بموات للسابلة فهو
كغيره في شرب وسقي وزرع، ويقدم آدمي ثم حيوان،
وإن حفرها فيه لارتفاقه كعادة من انتجع أرضا
فهو أحق ما أقام. وفي الأحكام السلطانية:
يلزمه بذل فاضله لشاربه3 فقط، وتبعه في
المستوعب والترغيب، وإن رحل فسابلة، فإن عاد
ففي اختصاصه وجهان "م 1" وإن حفرها تملكا أو
بملكه الحي
ـــــــ
مسألة-1: قوله: "وإن حفرها لارتفاقه كعادة من
انتجع أرضا فهو أحق ما أقام، وإن رحل فسابلة،
فإن عاد ففي اختصاصه وجهان" انتهى. وأطلقهما
في التلخيص وشرح الحارثي:
أحدهما: عدم الاختصاص فهو كغيره فيهما، اختاره
القاضي، في الأحكام السلطانية.
ـــــــ
1 أخرج البخاري "2353"، ومسلم "1566"، من حديث
أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "لا يمنع فضل الماء، ليمنع الكلأ" .
2 أخرج البخاري "2359، 2360" ومسلم "107"، من
حديث عبد الله بن الزبير أن رجلاً من الأنصار
خاصم الزبير عند النبي صلى الله عليه وسلم في
شراج الحرة، التي يسقون بها النخل، فقال
الأنصاري: سرح الماء يمر، فأبى عليه، فاختصما
عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: "اسق يا زبير، ثم أرسل
الماء إلى جارك" ...الحديث.
3 في الأصل: "لشاريه".
(7/298)
ملكها، في
الرعاية: في الأقيس. وفي الأحكام السلطانية:
إن احتاجت طيا فبعده، وتبعه في المستوعب.
وحريم البئر العادية نسبة إلى عاد، ولم يرد
عادا بعينها، وعند شيخنا هي التي أعيدت خمسون
ذراعا من كل جانب. والبدي النصف، نص عليه، نقل
حرب وغيره: العادية التي لم تزل وأنه ليس لأحد
دخوله، لأنه قد ملكه، ونقل ابن منصور: والعادي
القديمة وعنه: قدر الحاجة، وقيل: أكثرهما،
وذكر أبو محمد الجوزي: إن حفرها في موات
فحريمها خمسة وعشرين ذراعا من كل جانب، وإن
كانت كبيرة فخمسون، وحريم عين خمسمائة ذراع،
نص عليه، وعند جماعة: قدر الحاجة وحريم الشجر
مد1 أغصانها، ولو أذن لغيره في عمله في معدنه
والخارج له بغير عوض صح، لقول أحمد: بعه بكذا
فما زاد فلك.
وقال صاحب المحرر2: فيه نظر، لكونه هبة مجهول،
ولو قال: على أن يعطيهم ألفا مما لقي مناصفة
والبقية له، فنقل حرب أنه لم يرخص فيه،
ـــــــ
والوجه الثاني: هو أحق بها من غيره، فيختص
بها، اختاره أبو الخطاب في بعض تعاليقه، قال
السامري: رأيته بخط أبي الخطاب على نسخة
الأحكام السلطانية.
قال محفوظ يعني نفسه: الصحيح أنهم إذا عادوا
كانوا أحق بها، لأنها ملكهم بالإحياء، وعادتهم
أن يرحلوا كل سنة ثم يعودون، فلا يزول ملكهم
عنها بالرحيل انتهى.قلت: وهو الصواب، وقدمه في
الرعاية الكبرى والفائق قال في الرعاية الصغرى
والحاوي الصغير: فهم أولى بها، في أصح
الوجهين.
ـــــــ
1 في "ر": "قدر".
2 في "ر": "المحرر".
(7/299)
ولو قال: على
أن ما رزق الله بيننا، فوجهان "م 2". وموات
العنوة كغيره، وعنه: لا يملكه محييه ويقر بيده
بخراجه، كذمي أحياه، وعنه: على ذمي أحيا غير
عنوة عشر ثمره وزرعه، وفي ملك مسلم به موات
الحرم وعرفة وجهان "م 3".
ومن تحجر مواتا، كحفر بئر لم يصل ماؤها نقله
حرب أو سقي شجر مباح وإصلاحه ولم يركبه، أو
أقطع له، لم يملكه، وهو ووارثه أو من ينقله
ـــــــ
مسألة-2: قوله: "ولو أذن لغيره في عمله في
معدنه والخارج له بغير عوض صح ولو قال: على أن
يعطيهم ألفا مما لقي1 مناصفة والبقية له، فنقل
حرب أنه لم يرخص فيه، ولو قال: على أن ما رزق
الله بيننا، فوجهان" انتهى. وأطلقهما في
المغني2 والشرح3:
أحدهما: يصح، وهو الصحيح، قال الحارثي:
أظهرهما الصحة، قال القاضي: هذا قياس المذهب،
قال الحارثي: ولم يورد للقاضي سواه، وذكر فيه
نص أحمد إذا قال: صف4 لي هذا على أن لك "5ثلثه
أو ربعه5" أنه يصح انتهى. وقدمه ابن رزين في
شرحه.
والوجه الثاني: لا يصح، ومال إليه في المغني6.
إذا قال صف هذا على أن لك ثلاثة أو أربعة.
مسألة-3: قوله: "وفي ملك مسلم موات الحرم
وعرفة وجهان" انتهى. وأطلقهما في التلخيص
والرعاية.
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "أو".
2 8/158-159.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 16/102.
4 في "ط": "صرف".
5-5 في "ط": "ثلاثة أو أربعة".
6 8/158-159.
(7/300)
إليه أحق به،
ولا يبيعه، وقيل: يجوز، وإن ترك الإحياء أمر
به أو تركه، ويمهل بطلبه شهرين وثلاثة، فإن
بادر غيره فأحياه قبل مدة المهلة وذكر الشيخ:
أو قبلها ففي ملكه وجهان "م4".
ـــــــ
أحدهما: لا يملكه، وهو الصواب، وقال ابن نصر
الله في حواشيه: وهو الأظهر، قال الحارثي: وهو
الحق في موات عرفة. وقال في موات الحرم: فإن
قيل إنه عنوة ففيه ما مر في أرض العنوة، وإن
قيل صلح جاز إحياؤه، ومن شيوخنا من حكى احتمال
وجهين، وهما منقولان على ما ذكرنا انتهى،
والصحيح من المذهب أن الحرم فتح عنوة.
والوجه الثاني: يملك بالإحياء قلت: لو قيل
يملك بالإحياء ما لا يحتاج إليه الحاج ألبتة
إن وجد لكان له وجه، والله أعلم.
مسألة-4: قوله: "ويمهل بطلبه شهرين وثلاثة،
فإن بادر غيره فأحياه قبل مدة المهلة وذكر
الشيخ: أو قبلها ففي ملكه وجهان" انتهى.
وأطلقهما في الهداية والمستوعب والخلاصة
والمغني1 والكافي2 والمقنع3 والتلخيص والمحرر
والشرح3 وشرح ابن منجا، والحارثي والرعايتين
والحاوي الصغير والفائق والقواعد الفقهية
وغيرهم:
أحدهما: يملكه، صححه في التصحيح والمذهب
والنظم وغيرهم، وقطع به في الوجيز وغيره، وهو
ظاهر ما قدمه في تجريد العناية.
ـــــــ
1 8/153.
2 3/554.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 16/123.
(7/301)
ويتوجه مثله في
نزوله عن وظيفة لزيد، هل يتقرر غيره. وقال
شيخنا فيمن نزل عن وظيفة الإمامة لا يتعين
المنزول ويولي من إليه الولاية من يستحق
التولية شرعا. ومن أخذ مما حماه إمام عزر "ش"
في ظاهر كلامهم، لمخالفته، وله نظائر ولم
يذكروا ضمانا، فظاهره لا ضمان "وش" لبقاء
إباحته وإنما عزر للمخالفة، وما أقطعه1 إمام
لمن يحييه كمتحجر، ويسمى تملكا2، لمآله إليه،
وله إقطاع غير موات تمليكا وانتفاعا، للمصلحة،
وللإمام أن يحمي مواتا لدابة يحفظها أو غاز
وضعيف ما لم يضيق، ولإمام غيره نقضه، كهو،
وقيل: لا، كما حماه النبي صلى الله عليه
وسلم3، وفي ملكه بإحياء وجهان "م5".
ـــــــ
والوجه الثاني: يملكه، اختاره القاضي وابن
عقيل، وقال الناظم: هو بعيد.
تنبيه: قوله: "قبل مدة المهلة"، يحتمل أن يكون
هنا نقص، وتقديره قبل فراغ أو مضي مدة المهلة،
ولا بد من ذلك على هذا الاحتمال حتى يغاير قول
الشيخ. وقال شيخنا "4في حواشيه4": والذي يظهر
أنه قبل مدة المهلة من القول، فيكون هذا قولا،
وما ذكره الشيخ قولا.
و"مدة" منصوب على الظرف، فعلى هذا يكون قد
أطلق الخلاف، والمذهب غير قول الشيخ، وعلى
الأول يكون قدم حكما.
مسألة-5: قوله: "وللإمام أن يحمي مواتا ولإمام
غيره نقضه، كهو، وقيل: لا، كما حماه النبي صلى
الله عليه وسلم وفي ملكه بإحياء وجهان" انتهى.
وأطلقهما في المغني5 والرعاية:
ـــــــ
1 في "ط": "أقطاعه".
2 بعدها في "ر": و"ط": "و".
3 أخرج أحمد "6438"، من حديث ابن عمر أن النبي
صلى الله عليه وسلم حمى النقيع للخيل، قال
حماد: فقلت له: لخيله؟ قال: لا، لخيل
المسلمين.
4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
5 8/165.
(7/302)
مقامه1 أو مقام
سابق إلى معدن ففي إزالته وجهان "م7، 8".
ـــــــ
للسابق الجلوس على الأصح ما2 بقي قماشه، وعنه،
إلى الليل، وفي افتقاره إلى إذن وجهان" انتهى:
أحدهما: لا يفتقر إلى إذن، وهو الصحيح، وهو
ظاهر كلام كثير من الأصحاب، قال في القواعد:
هذا قول الأكثر، قال الحارثي: هذا المذهب، وهو
كالصريح المقطوع به في الرعاية الكبرى.
والوجه الثاني: يفتقر إلى إذن، هو رواية حكاها
في الأحكام السلطانية، نقله عنه في القاعدة
الثامنة والثمانين انتهى.
مسألة-7-8: قوله: "وله التظليل بغير بناء،
كبارية ونحوها، فإن طال مقامه أو مقام سابق
إلى معدن ففي إزالته وجهان" انتهى، ذكر
مسألتين:
المسألة الأولى-7: إذا طال مقامه في الجلوس
فهل يزال أم لا؟ أطلق الخلاف فيه، وأطلقه في
المذهب والكافي3 والمقنع4 والمغني والمحرر
والشرح وشرح ابن منجا والفائق وغيرهم:
أحدهما: لا يزال، صححه في التصحيح والنظم،
وجزم به في الوجيز، وهو ظاهر ما جزم به في
المنور. وقال الحارثي: وهو اللائق بأصول
الأصحاب حيث قالوا بالإقطاع انتهى.
والوجه الثاني: يزال، قال الحارثي: وهو
أظهرهما عندهم، قال في الخلاصة والرعاية
الصغرى والحاوي الصغير: منع، في الأصح، قال في
القواعد: وهو ظاهر كلام الإمام أحمد في رواية
حرب، وقدمه في الهداية والمستوعب
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 في النسخ الخطية: "لما"، والمثبت من "ط".
3 3/558.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 16/133.
(7/303)
مقامه1 أو مقام
سابق إلى معدن ففي إزالته وجهان "م7، 8".
ـــــــ
للسابق الجلوس على الأصح ما2 بقي قماشه، وعنه،
إلى الليل، وفي افتقاره إلى إذن وجهان" انتهى:
أحدهما: لا يفتقر إلى إذن، وهو الصحيح، وهو
ظاهر كلام كثير من الأصحاب، قال في القواعد:
هذا قول الأكثر، قال الحارثي: هذا المذهب، وهو
كالصريح المقطوع به في الرعاية الكبرى.
والوجه الثاني: يفتقر إلى إذن، هو رواية حكاها
في الأحكام السلطانية، نقله عنه في القاعدة
الثامنة والثمانين انتهى.
مسألة-7-8: قوله: "وله التظليل بغير بناء،
كبارية ونحوها، فإن طال مقامه أو مقام سابق
إلى معدن ففي إزالته وجهان" انتهى، ذكر
مسألتين:
المسألة الأولى-7: إذا طال مقامه في الجلوس
فهل يزال أم لا؟ أطلق الخلاف فيه، وأطلقه في
المذهب والكافي3 والمقنع4 والمغني والمحرر
والشرح وشرح ابن منجا والفائق وغيرهم:
أحدهما: لا يزال، صححه في التصحيح والنظم،
وجزم به في الوجيز، وهو ظاهر ما جزم به في
المنور. وقال الحارثي: وهو اللائق بأصول
الأصحاب حيث قالوا بالإقطاع انتهى.
والوجه الثاني: يزال، قال الحارثي: وهو
أظهرهما عندهم، قال في الخلاصة والرعاية
الصغرى والحاوي الصغير: منع، في الأصح، قال في
القواعد: وهو ظاهر كلام الإمام أحمد في رواية
حرب، وقدمه في الهداية والمستوعب
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 في النسخ الخطية: "لما"، والمثبت من "ط".
3 3/558.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 16/133.
(7/304)
...............................
ـــــــ
والتلخيص والرعاية الكبرى وشرح ابن رزين
وغيرهم، وهو الصحيح والصواب.
المسألة الثانية-8: إذا طال مقام السابق إلى
معدن فهل يزال أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في
المذهب والمغني1 والمقنع2 والكافي3 والمحرر
والشرح2 والرعاية الكبرى وشرح ابن منجا
والفائق وغيرهم:
أحدهما: لا يمنع ولا يزال، وهو الصحيح قال في
المستوعب والتلخيص: والصحيح أنه لا يمنع ما
دام أخذا قال الحارثي: أصحهما لا يمنع، وصححه
في التصحيح والنظم وغيرهم، وجزم به في الوجيز
وغيره.
والوجه الثاني4: يمنع، قدمه في الهداية
والرعاية الصغرى والحاوي الصغير، وهو الصواب،
وجزم به في الخلاصة، وقيل: يمنع مع ضيق
المكان. وقال الحارثي: قطع به ابن عقيل قلت:
وغير ابن عقيل وليس هذا داخلا في محل الخلاف
والله أعلم.
تنبيه: كثير من الأصحاب جعلوا حكم هذه المسألة
والتي قبلها حكما واحدا، وهو الذي قدمه
المصنف، وصرح به صاحب المستوعب، وابن منجا في
شرحه، وغيرهما. وقيل: يزال من المعدن دون
الجلوس، وهو الذي ذكره المصنف بعد هذا.
قلت: ويتوجه العكس، وهو ظاهر كلامه في
المستوعب والتلخيص، وعلى ما تقدم: فصححا أنه
لا يمنع من المعدن، وقدما أنه يمنع من إطالة
الجلوس، وقدم في الرعاية الكبرى أنه يمنع من
إطالة الجلوس، وأطلق الخلاف من منعه من
"5إطالة الجلوس، وجزم بالمنع5" من الإطالة في
المعدن، والله أعلم.
ـــــــ
1 8/160.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
16/136-137.
3 3/557.
4 بعدها في النسخ الخطية: "لا".
5 ليست في "ط".
(7/305)
وقيل في معدن:
من أخذ فوق حاجته منع، وقيل: لا، وقيل: إن
أخذه لتجارة هايأ إمام بينهما، لحاجة المهايأة
والقرعة وتقديم من يرى والقسمة "م 9" وفي
النصيحة: من عمل يومه في معدن ثم انصرف فجاء
غيره من الغد ليعمل فيه لم يملك منعه.
ـــــــ
مسألة-9: قوله: "لحاجة المهايأة والقرعة
وتقديم من يرى والقسمة" انتهى.
هذا الكلام معطوف على القول الذي قبله، وهو
قوله "وقيل: إن أخذه لتجارة هايأ الإمام
بينهما" إلا أنه ابتداء مسألة، يعني أن لبعض
الأصحاب طريقة، وهي إن أخذ
(7/306)
قال أحمد في
حوانيت السوق: يستأذن إلا من فتح بابه وجلس
للتجارة. سبق إلى معدن مباح أو منبوذ رغبة عنه
أو وجد عنبرة على الساحل ومن سبق إلى معدن
مباح أو منبوذ رغبة عنه أو وجد عنبرة على
الساحل فهو أحق بما أخذه وإن سبق اثنان
اقترعا، وقيل: يقدم الإمام، وقيل: بقسمة معدن،
وهو الأصح في منبوذ وكذا إلى الطريق، وجزم
الأدمي البغدادي بالقسمة، ولمن في أعلى ماء
مباح السقي إلى أن يصل إلى1 كعبه ثم يرسله إلى
من يليه، نص عليه، وإن كانت أرضه مستقلة سدها
إذا سقى حتى يصعد إلى الثاني، قاله في الترغيب
ويقدم أحد مستويين2
ـــــــ
لتجارة هايأ الإمام بينهما، وإن أخذ لحاجة
فأربعة أقوال: المهايأة والقرعة وتقدم من يرى
والقسمة قال القاضي: إن أخذ للتجارة هايأ
الإمام بينهما باليوم أو الساعة بحسب ما يرى،
وإن كان للحاجة فاحتمالات.
أحدهما: القرعة.
والثاني: ينصب من يأخذ لهما ثم يقسم.
والثالث: يقدم من يراه أحوج وأولى انتهى.
وقال في الرعاية الكبرى: وإن سبق أحدهما، قدم،
فإن أخذ فوق حاجته منع، وقيل: لا، وقيل: إن
أخذه لتجارة هايأ الإمام بينهما، وإن أخذه
لحاجة فأربعة أوجه: المهايأة والقرعة وتقديم
من يراه الإمام وأن ينصب من يأخذه ويقسمه
بينهما انتهى.
وهذه أوجه المصنف، وكذا قال في الكافي3 وغيره،
فالمصنف قدم في هذه المسألة حكما، وهو أنه من
أخذ فوق حاجته يمنع، ولكن تصحح على هذه
الطريقة أحد الأوجه، والصواب منها نصب الإمام
من يأخذه ويقسمه بينهما، وهو أعدل الأقوال،
والله أعلم.
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 في الأصل و"ط": "مستوين".
3 3/557.
(7/307)
بقرعة بقدر
حقه، وفي المنع من إحياء موات أقرب إلى أول
الماء وجهان "م 10".
ولا يسقى قبلهم، ومن سبق إلى قناة لا مالك لها
فسبق آخر إلى بعض أفواهها من فوق أو أسفل فلكل
منهما ما سبق إليه، ولمالك أرض منعه الدخول
بها، ولو كانت رسومها في أرضه وأنه لا يملك
تضييق مجرى قناة في أرضه خوف لص، لأنه
لصاحبها، نص على الكل.
وقال أبو بكر: إن لم يصل إلى عمارتها إلا في
الأرض فليس له منعه، يعني على رواية حنبل، وقد
ذكر إجبار عمر محمد بن مسلمة على إجراء الماء
ـــــــ
مسألة-10: قوله: "وفي المنع من إحياء موات
أقرب إلى أول الماء وجهان" انتهى. وأطلقهما في
المغني1 والشرح2 والفائق وغيرهم:
أحدهما: ليس لهم منعه من ذلك، قال الحارثي:
وهو أظهر، وجزم به في الكافي3 وغيره، وقدمه
ابن رزين في شرحه وغيره.
والوجه الثاني: لهم منعه، قال الحارثي: وهو
المفهوم من إيراد "المقنع" انتهى.
ـــــــ
1 8/169-170.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 16/144.
3 3/567-568.
(7/308)
في أرضه1 كلما2
كان على هذه الجهة3 وفيه ضرر يمنع صاحبه. فإن
أجاب وإلا أجبره السلطان، نقل المروذي في نهر
لضياع: أكره الأشجار عليه.
ونقل يعقوب فيمن غصب حقه من ماء مشترك: للبقية
أخذ حقهم، ونقل مثنى: من سد له الماء لجاهه
أفأسقي منه إذا لم يكن تركي له يرده على من
يسد عنه؟ فأجازه بقدر حاجتي. ومن ترك دابة
بمهلكة أو فلاة لعجزه أو انقطاعها ملكها
مستنقذها: وقيل، لا، كعبد، وترك متاع عجزا،
فيرجع بنفقة وأجرة متاع. وفي المنصوص، وفي
إلقائه خوف غرق وجهان "م 11" والله أعلم.
ـــــــ
مسألة-11: قوله: "ومن ترك دابة بمهلكة أو فلاة
لعجزه أو انقطاعها ملكها مستنقذها وقيل: لا،
كعبد، وترك متاع عجزا فيرجع بنفقة وأجرة متاع،
في المنصوص، وفي إلقائه خوف غرق وجهان" انتهى.
يعني إذا ألقى متاعه في البحر خوفا من الغرق
فهل ملكه باق عليه فلا يملكه عليه أم لا؟ أطلق
فيه الخلاف، وأطلقه4 في الحاوي الصغير:
أحدهما: ملكه باق عليه فلا يملكه من أخذه، قال
الحارثي5: نص أحمد في المتاع يقتضي أن ما
يلقيه ركاب السفينة مخافة الغرق باق على ملكه
انتهى.
ـــــــ
1 أخرجه مالك في "الموطأ".2/746.
2 في الأصل: "كلها".
3 في الأصل: "أو".
4 في "ط": "أطلقهما".
5 في "ط": "أحمد".
(7/309)
...............................
ـــــــ
والوجه الثاني: يملكه آخذه، وهو احتمال في
المغني1 والشرح2، ومالا إليه، ذكره في اللقطة،
وقدمه في الفائق والرعايتين، ذكر في آخر
اللقطة، وصححه الناظم قلت: وهو قوي، فهذه إحدى
عشرة مسألة في هذا الباب.
ـــــــ
1 8/347.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 16/200.
(7/310)
باب اللقطة
مدخل
...
باب اللقطة
يحرم التقاط ممتنع عن سبع صغير، كإبل وبقر، نص
عليهما، وبغال وكلب وظباء وطير وحمر أهلية،
وخالف الشيخ فيها وفي طير مستوحشة ويضمنه،
كغاصب، ونصه وقاله أبو بكر: يضمن ضالة مكتومة
بالقيمة مرتين، للخبر1، ويبرأ بدفعه إلى نائب
إمام أو بأمره برده مكانه، كجائز التقاطه،
وقيل: أو لم يأمره، وإن أنفق على أنه ملكه لم
يرجع، لتعديه، ذكره في المنتخب، ولا يبرأ من
أخذ من نائم شيئا إلا بتسليمه له، ولنائب إمام
أخذه للحفظ، ولا يلزمه تعريفه، ولا تكفي فيه
الصفة، ذكره الشيخ.
واختار الشيخ: ولغيره بموضع مخوف، وله التقاط
غيره من حيوان وغيره ممتنع بنفسه، كخشبة
كبيرة، وعنه: ونحو شاة، وعنه وعرض ذكرها أبو
الفرج إذا أمن نفسه وقوي عليه، وإلا فكغاصب،
والأفضل تركه، وقيل2 عكسه بمضيعة، وخرج وجوبه
إذن.
ـــــــ
تنبيه: قوله: "وله التقاط غيره من حيوان وغيره
غير ممتنع بنفسه، وعنه: ونحو شاة، وعنه: وعرض"
انتهى.
ظاهر هذا: أن المقدم ليس له التقاط نحو الشاة
كالفصلان والعجاجيل، وإلا فلا،
ـــــــ
1 أخرجه الإمام أحمد في مسنده "6683"، من حديث
عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رجلاً من
مزينة يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
الضالة من الإبل... وفيه قال: الحريسة التي
توجد في مراتعها؟ قال: "فيها ثمنها مرتين،
وضرب نكال..." الحديث.
2 في "ر": "وعنه".
(7/311)
ونقل حنبل: لا
يعرض لها، ولأحمد1 من حديث أبي ذر: "ولا تسألن
أحدا شيئا ولا تقبض أمانة ولا تقض بين اثنين"
ويفعل الحظ لمالكه، وله أكل حيوان وما يخشى
فساده بقيمته، قاله أصحابنا.
وفي المغني2 يقتضي قول أصحابنا لا يملك عرض
فلا يأكل، وله
ـــــــ
والعروض، وليس كذلك، بل المذهب جواز التقاط
ذلك، والظاهر أن هنا نقصا، وتقديره "وعنه: لا
نحو شاة، وعنه: وعرض" ليوافق ما قاله الأصحاب،
ويدل على ما صدره في أول المسألة بقوله: "غير
ممتنع بنفسه" و3قوله: "كخشبة كبيرة" يعني له
التقاطها، ولم يحك فيه خلافا وفيه نظر.
بل الصواب ما قاله المصنف وابن عقيل والشارح
والزركشي وجماعة: إن أحجار الطواحين الكبار
والقدور الضخمة والأخشاب الكبار ملحقة بالإبل
من أنها لا يجوز التقاطها، قالوا: بل هي أولى
من الإبل من وجوه، والعجب أن المصنف لم يذكر
ذلك ولا حكاه قولا، "4وهذا مما يدل على أن في
كلامه نقصا، وقوله قبل ذلك أول الباب5 يحرم
التقاط ممتنع عن سبع صغير... وخالف الشيخ...
في طير مستوحشة".
فكونه جعل كلام الشيخ قولا مؤخرا فيه نظر، بل
الأولى أن يكون هو المقدم لما يذكر. وفيه نظر
أيضا من وجه آخر، وهو أن الشيخ إنما ذكر ذلك
في الصيود المتوحشة التي إذا تركت رجعت إلى
الصحراء أو عجز عنها صاحبها فلم يخص الطير
بذلك بل بالصيود كلها، وعللها بعلل قوية جدا،
فقال: لأن تركها أضيع لها من سائر الأموال،
والمقصود حفظها لصاحبها لا حفظها في نفسها،
ولو كان المقصود حفظها في نفسها لما جاز
التقاط الأثمان، فإن الدينار دينار أينما كان
انتهى، وتبعه جماعة منهم الشارح والحارثي
وقطعوا به4".
ـــــــ
1 في "مسند" "21573".
2 8/340-341.
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4-4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
5 ص 311.
(7/312)
بيعه وحفظ
ثمنه، وهو كلقطة، ولم يذكر الأكثر تعريفه،
وعنه: يبيع كبيرا حاكم، وعنه: مع وجوده وفي
الترغيب: ولا يبيع بعض حيوان.
وأفتى أبو الخطاب وابن الزاغوني بأكله بمضيعة
بشرط ضمانه، وإلا لم يجز تعجيل ذبحه لأنه
يطلب. وقال أبو الحسين وابن عقيل: لا يتصرف
قبل الحول في شاة ونحوها بأكل وغيره، رواية
واحدة.
ونقل أبو طالب: يعرف الشاة، وذكره أبو بكر
وغيره، ويرجع بنحو نفقته بنيته على الأصح، قال
في المغني1: نص عليه فيمن عنده طائر يرجع
بعلفه ما لم يكن متطوعا.
وقال أبو بكر: هذا مع ترك التعدي، فإن تعدى لم
يحتسب له، ويلزمه تعريف الجميع، نص عليه،
نهارا حولا متواليا في أسبوع. وفي الترغيب
وغيره: ثم مرة كل أسبوع في شهر، ثم مرة في كل
شهر، وقيل: على العادة على الفور بالنداء
وأجرته عليه نص عليه وقيل: من ربها، وعند
الحلواني وابنه: منها، كما لو رأى تجفيف عنب
ونحوه واحتاج غرامة، وقيل: منها إن لم يملك،
وذكره في الفنون ظاهر كلام أصحابنا، في مجامع
الناس، ويكره في مسجد.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 8/340.
(7/313)
وفي عيون
المسائل: لا يجوز، واحتج بقوله عليه السلام
للرجل "لا ردها الله عليك" 1 وقاله ابن بطة في
إنشادها، ولا يصفه بل: من ضاع منه نفقة أو
شيء، وقيل: لقطة صحراء بقرية. ويملك اللقطة
بعد التعريف، نص عليه.
وذكره في عيون المسائل الصحيح في المذهب، عند
أبي الخطاب: إن اختاره، وهو رواية في الواضح،
وعنه: لا يملك نحو شاة، ونقل الجماعة: يملك
الأثمان فقط، اختاره الأكثر، وله الصدقة به
بشرط ضمانه، وعنه: لا، فيعرفه أبدا، نقله طاهر
بن محمد، اختاره أبو بكر، وله دفعه لحاكم.
وظاهر كلام جماعة: لا، وتتوجه الروايتان فيما
يأخذه السلطان من اللصوص إذا لم يعرف ربه،
ونقل صالح في اللقطة: يبيعه ويتصدق بثمنه بشرط
ضمانه، وأطلق بعضهم روايتين.
ونقل حنبل في صبي فرط وبلغ فإذا تصدق بها أجحف
بماله، تصدق
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 أخرجه مسلم"568" من حديث أبي هريرة.
(7/314)
بها متفرقة،
وعنه: لا تملك لقطة الحرم، اختاره شيخنا وغيره
من المتأخرين، وعنه: وغيرها، وعنه: يتملك فقير
من غير ذوي القربى، فإن أخر تعريفه بعضه سقط،
في المنصوص، كالتقاطه بنية تملكه، وفي الصدقة
به روايتا العروض، فإن أخره لعذر أو ضاعت
فعرفها الثاني مع علمه بالأول ولم يعلمه أو
أعلمه وقصد بتعريفها لنفسه فقيل: يملكه، وقيل:
لا "م 21" كأخذه ما لم يرد تعريفه، في الأصح
نوى تملكه أو كتمه أو لا وليس خوفه أن
ـــــــ
مسألة-1- 2: قوله: "فإن أخره أي التعريف لعذر
أو ضاعت فعرفها الثاني: مع علمه بالأول ولم
يعلمه أو أعلمه وقصد بتعريفها لنفسه فقيل:
يملكه، وقيل: لا" انتهى فيه مسألتان:
المسألة الأولى: إذا أخر التعريف عن الحول
الأول ثم عرفها فهل يملكها أم لا؟ أطلق فيه
الخلاف، وأطلقه في المغني1 والشرح2 وشرح
الحارثي والفائق وغيرهم.
أحدهما: يسقط التعريف ولا يملكها به، قدمه في
الرعايتين والحاوي الصغير وشرح ابن رزين.
والوجه الثاني: يملكها بهذا التعريف.
المسألة الثانية: إذا ضاعت اللقطة من الملتقط
الأول، ووجدها آخر فعرفها مع علمه بالأول ولم
يعلمه أو أعلمه بها وقصد بتعريفها لنفسه
وعرفها فهل يملكها بتعريفها أم لا؟ أطلق
الخلاف، وأطلقه في المغني3 والشرح4 والفائق:
ـــــــ
1 8/298.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 16/233.
3 8/316.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 16/210.
(7/315)
يأخذها سلطان
جائر أو يطالبه بأكثر عذرا في ترك تعريفها،
فإن أخر لم يملكها إلا بعده، ذكره أبو الخطاب
وابن الزاغوني، ومرادهم والله أعلم أنه ليس
عذرا حتى يملكها بلا تعريف، ولهذا جزم بأنه
يملكها بعده، وقد ذكروا أن خوفه على نفسه أو
ماله عذر في ترك الواجب.
وقال أبو الوفاء: تبقى بيده فإذا وجد أمنا
عرفها حولا، ولا يعرف ما لا تتبعه همة أوساط
الناس ولو كثر. وقال ابن الجوزي: همته كتمرة
وكسرة وشسع، قال في التبصرة: وصدقته به أولى،
وله أخذه والانتفاع به، نص عليه، وعنه: يلزمه
تعريفه، وقيل: مدة يظن طلب ربه له، وقيل: دون
نصاب سرقة، وقيل: دون قيراط، ولا يلزمه دفع
بدله، خلافا للتبصرة، وكلامهم فيه يحتمل
وجهين، وقيل لأحمد في التمرة يجدها أو يلقيها
عصفورا يأكلها؟ قال: لا، قال: أيطعمها صبيا أو
يتصدق؟ قال: لا يعرض لها، نقله أبو طالب
وغيره، واختاره عبد الوهاب الوراق1، وينتفع
بكلب مباح، وقيل: يعرفه سنة.
ـــــــ
أحدهما: يملكها، قدمه ابن رزين في شرحه.
والوجه الثاني: لا يملكها، قال الشيخ والشارح:
ويشبه هذا من تحجر مواتا إذا سبقه غيره إلى ما
تحجره فأحياه بغير إذنه انتهى. قلت: قد أطلق
المصنف الخلاف في هذه المسألة، وتقدم تصحيحها
في الباب الذي قبله.
ـــــــ
1 في الأصل: "الزراق".
(7/316)
فصل: لقطة فاسق كعدل،
وقيل: يضم إليه، وكذا ذمي، وقيل: تدفع لعدل،
ـــــــ
................................................
(7/316)
كتعذر حفظها
منه، وإذا عرف ولي سفيه وصبي وفي المنتخب
والتبصرة والترغيب: ومجنون ما التقطوه ملكوه،
ويلزم الولي حفظها وتعريفها وإن تلف بيد أحدهم
وفرط ضمن، نص عليه في صبي كإتلافه، وكعبد.
وفي المنتخب وغيره: لا، ومكاتب كحر، ولقطة
معتق بعضه بينهما، وقيل: تدخل هي وكسب نادر
كهدية في مهايأة1، ولعبد أن يلتقط ويعرف بلا
إذن سيده، في الأصح فيهما، لأنه فعل حسي،
كاحتطابه، فلم يمكن رده، وفي ملكه ما تقدم فإن
ملكه وأتلفه ففي ذمته، وإلا في رقبته، نص
عليه.
وفي زاد المسافر لأبي عبد الله: في ضمانه إذا
أتلف مالا قولان:
أحدهما: في رقبته كالجناية.
والثاني: في ذمته وبالأول أقول، ونقل ابن
منصور: جنايته في رقبته2 وإذا خرق3 ثوب رجل هو
دين عليه، وله إعلام سيده العدل، ولسيده العدل
أخذه وتركه ليعرفه ويحرم تصرفه فيها قبل معرفة
صفاتها، ويشهد عليها دون صفاتها، وعنه: يلزمه.
اختاره أبو بكر وابن أبي موسى، وقيل: عليهما
وكذا لقيط، وقيل:
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ط": "مهيأة".
2 في "ط": "رقته".
3 في الأصل: "حرق".
(7/317)
يلزمه: لئلا
يسترقه، فلو تركه فلا ولاية، ذكره في الترغيب،
ومن وصفه وقيل: وظن صدقه أخذه، ولو رجعت إليه
بفسخ أو شراء لا قبله بلا بينة ولا يمين نص
عليه وفي كلام أبي الفرج والتبصرة جاز الدفع
إليه.
ونقل ابن هانئ ويوسف بن موسى: لا بأس، وإن
وصفه أحد مدعيين حلف، ذكره أصحابنا، ومثله
وصفه مغصوبا ومسروقا، ذكره في عيون المسائل
والقاضي وأصحابه، على قياس قوله: إذا اختلف
المؤجر والمستأجر في دفن في الدار من وصفه فهو
له، وقيل: لا، كوديعة وعارية ورهن وغيره، لأن
اليد دليل الملك، ولا تتعذر البينة، ويقيم
بينة بالتقاط عبد.
وقيل: لا، فإن أقام آخر بينة أنه له أخذه من
واصفه، ويضمنه مع تلفه، وقيل: وله تضمين
الدافع بلا حاكم، ويتعين بدفع بدله إلى واصفه،
ويرجع عليه في الأولة1، ما لم يقر له بملكه،
ولو وصفه اثنان فقيل: يقسم، وقيل: يحلف من قرع
"م 3" ومتى وصفه بعد أخذ الأول فلا شيء
للثاني.
ـــــــ
مسألة-3: قوله: "ولو وصفه اثنان فقيل: يقسم،
وقيل: يحلف من قرع" انتهى، وأطلقهما في المذهب
والمقنع2 والفائق والقواعد في القاعدة الستين
بعد المائة وهي الأخيرة:
أحدهما: يقسم بينهما، صححه في التصحيح،
واختاره ابن عبدوس في تذكرته، وقدمه في
الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر
والرعايتين والنظم والحاوي الصغير والقواعد في
القاعدة الثامنة والتسعين، وغيرهم.
ـــــــ
1 في "ط": "الأول".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 16/259.
(7/318)
وقال أبو يعلى
الصغير: إن زاد في الصفة احتمل تخريجه على
بينة النتاج والنساج، فإن رجحنا به رجحنا هنا.
ويأخذ اللقطة ربها بزيادتها قبل ملكها، ولا
يضمن ملتقط إذن نقصها ولا هي إن تلفت أو ضاعت،
نص عليه كأمانة والمنفصلة له بعده، في الأصح.
وفي الترغيب روايتان، ويضمن قيمة اللقطة يوم
عرف ربها، وقيل: يوم تصرفه، وقيل: يوم غرم
بدلها، وعنه: لا يضمن قيمتها بعد ملكها، وقيل:
ولا يردها. ومؤنة الرد على ربها، ذكره في
التعليق والانتصار، لتبرعه.
ومعناه في منتهى الغاية في عدم سقوط الزكاة
بتلف المال قبل التمكن. وفي الترغيب والرعاية:
عليه، وضمانها بموته كوديعة، وقيل به بعد
الحول، ووارثه كهو، ومن أخذ متاعه وترك بدله
فلقطة، وهل يتصدق به بعد تعريفه أو يأخذ حقه
أو بإذن حاكم؟ فيه أوجه "م 4".
ـــــــ
والوجه الثاني: يقرع بينهما، فمن قرع حلف
وأخذها، وهذا الصحيح، قال الحارثي: والمذهب
القرعة، نص عليه، وذكره المصنف في كتابه، وبه
جزم القاضي وابن عقيل، كما لو تداعيا الوديعة،
قال الشارح: وهذا أشبه بأصولنا فيما إذا
تداعيا عينا في يد غيرهما انتهى.
وجزم به في الوجيز وغيره، وقدمه في الكافي1،
والمغني2 وصححه، وقدمه ابن رزين في شرحه وقال:
هذا أقيس، وهو الصواب.
مسألة-4: قوله: "ومن أخذ متاعه وترك بدله
فلقطة، وهل يتصدق به بعد تعريفه أو يأخذ حقه
أو بإذن حاكم؟ فيه أوجه" انتهى.
ـــــــ
1 3/451.
2 8/311.
(7/319)
وقيل: مع قرينة
سرقة لا يعرفه، وفيه الأوجه، ويتوجه جعل لقطة
موضع غير مأتي كركاز وإن وجد في حيوان نقدا أو
درة فلقطة لواجده نص عليه ونقل ابن منصور:
لبائع ادعاه إلا أن يدعي مشتر أنه أكله عنده
فله، وإن وجد درة غير مثقوبة1 في سمكة فلصياد،
لأن الظاهر ابتلاعها من معدنها والله أعلم.
ـــــــ
وأطلقهما في المغني2 والشرح3 وشرح الحارثي
والفائق وتجريد العناية. وقال الشيخ في
المغني4 وتابعه الشارح: القول يأخذ حقه بنفسه
أقرب إلى الرفق بالناس، قال الحارثي: وهذا
أقوى على أصل من يرى أن العقد لا يتوقف على
اللفظ، أما على التوقف فلا يكتفى بمثل هذا،
قال: وبالجملة فالأظهر الجواز، ورجحه المصنف،
يعني به الشيخ قلت: وهو الصواب وقيل: يتصدق به
بعد تعريفه وليس له أخذه، قدمه ابن رزين وقال:
نص عليه، والقول الثالث: يأخذه بإذن حاكم قلت:
وهو قوي موافق لقواعد الأصحاب، فهذه أربع
مسائل في هذا الباب قد صححت ولله الحمد.
ـــــــ
1 في "ر": "منقوبة".
2 8/319.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
16/214-215.
4 8/320.
(7/320)
باب اللقيط
وهو طفل منبوذ، وقيل: أو مميز حر مسلم في
أحكامه، وقيل إلا في قود، ومثله دعوى قاذف
رقه، وببلد كفر كافر، وقيل: مسلم وقيل: مع
وجود مسلم فيه، وما وجد فوقه أو مشدودا إليه
أو تحته ظاهرا فله، وفي مدفون عنده طريا أو
بقربه وجهان "م 1 و 2".
ـــــــ
مسألة-1: قوله: "وفي مدفون عنده طريا أو بقربه
وجهان" انتهى، فيه مسألتان:
المسألة الأولى: إذا وجده مدفونا عنده والدفن
طري فهل يكون للطفل أم لا؟ أطلق الخلاف،
وأطلقه في المذهب والمقنع1 والشرح وشرح ابن
منجا والحارثي والرعايتين والحاوي الصغير
والفائق وغيرهم:
أحدهما: يكون له، وهو الصحيح، صححه في
التصحيح، وقطع به ابن عقيل وصاحب الخلاصة
والمحرر، والوجيز والمنور وتذكرة ابن عبدوس
وغيرهم، وهو الصواب.
والوجه الثاني: لا يكون له، قدمه في الهداية
والمستوعب والكافي2 والتلخيص والنظم وشرح ابن
رزين وغيرهم، وذكر في الرعايتين والحاوي
الصغير والفائق وجها أنه له ولو لم يكن الدفن
طريا، وهو ظاهر كلام جماعة.
قلت: وهو بعيد جدا، ولعلهم اعتمدوا على إطلاق
بعض الأصحاب، ولم يذكره في المغني3 والشرح1
وشرح الحارثي والمصنف هنا4، وغيرهم، وهو
الصواب، ومراد من أطلق إذا كان طريا، والله
أعلم.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
16/286-289.
2 3/466.
3 8/356-357.
4 ليست في "ط".
(7/321)
وقيل: إن وجد
رقعة فيها أنه له فله، ينفق عليه حاضنه وهو
واجده، وعنه: بإذن حاكم، وكذا حفظه لماله، وإن
أنفق ففي رجوعه بنيته الخلاف "م 3".
ـــــــ
المسألة -2: إذا وجده مطروحا بقربه فهل يكون
له أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في المذهب
والكافي1 والمقنع2 وشرح ابن منجا والحارثي
والرعايتين والحاوي الصغير والنظم والفائق
وغيرهم:
أحدهما: يكون له، وهو الصحيح، صححه في المغني3
والشرح4 والفائق والتصحيح وغيرهم، وجزم به في
الخلاصة والمحرر والوجيز والمنور وغيرهم، وهو
الصواب.
والوجه الثاني: لا يكون له، قدمه في الهداية
والمستوعب والتلخيص وشرح ابن رزين وغيرهم،
واختاره ابن البنا وغيره، وهو ضعيف، ولنا قول
ثالث بالفرق بين الملقى قريبا منه وبين
المدفون عنده فالملقى قريبا له دون المدفون،
قاله القاضي في المجرد، وقطع به، قال الحارثي:
ويقتضيه إيراده في المغني3.
قلت: قدم في الكافي1 والنظم أنه لا يملك
المدفون، وأطلق الخلاف في الملقى، كما تقدم،
فدل كلامهما أن الملقى أقوى بالنسبة إلى ملكه
وأطلق الخلاف الشيخ والشارح في المدفون وصححا
في الملقى أنه له.
مسألة-3: قوله: "وإن أنفق ففي رجوعه بنيته
الخلاف" انتهى.
الظاهر أنه أراد بالخلاف الخلاف الذي فيمن أدى
حقا واجبا عن غيره، والصحيح من المذهب أنه
يرجع إذا نوى الرجوع، وعليه الأصحاب، وتقدم في
غير موضع أنه إذا
ـــــــ
1 3/466.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 16/287.
3 8/356-357.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 16/288.
(7/322)
ولا يلزمه،
واختار في الموجز والتبصرة: لا يرجع، وفيهما:
له أن ينفق عليه من الزكاة، وما حكي من أنه لا
يرجع مع إذن حاكم سهو، وإنما اعتبر في إنفاق
المودع من الوديعة على ولد ربها الغائب إذن
حاكم، لأنه يشترط عنده إثبات حاجته لعدم ماله
وعدم نفقة متروكة برسمه، ونقل إبراهيم بن هانئ
فيمن عنده وديعة غاب ربها1 فجاءت امرأته إلى
القاضي فقدمت صاحب الوديعة إلى القاضي فقضى
لها بالنفقة، ثم جاء الزوج فأنكر، قال ليس له
ذلك، إنما هذا حينئذ دافع حق.
وقد نقل أبو داود فيمن مات وله عند رجل مال
وخلف ورثة صغارا: ينفق عليهم؟ قال: نعم، قلت:
لا يضمن؟ قال: لا، قيل له: يقضي دينه؟ قال:
لا، النفقة على الصبيان ضرورة ومع عدم ماله
فمن بيت المال، لأنه وارثه فإن تعذر ففرض
كفاية على عالم به وللإمام قتل قاتله أو ديته
نص عليه، والأشهر ينتظر رشد مقطوع طرفه،
وللإمام العفو لنفقة مع فقره وجنونه ومع
أحدهما وجهان "م 4 و 5"، ولا يقر بيد فاسق،
وقيل: غير أمين،
ـــــــ
أنفق بنية الرجوع أنه يرجع، واختار في الموجز
والتبصرة أنه لا "2كما نقله المصنف، وقال في
القاعدة الخامسة والسبعين: ومنها: نفقة
اللقيط، خرجها بعض الأصحاب على الروايتين،
يعني اللتين فيمن أدى حقاً واجباً عن غيره
بنية الرجوع، قال: ومنهم من قال: يرجع2" هنا،
قولا واحدا، وإليه ميل صاحب المغني، لأن له
ولاية على اللقيط، ونص أحمد أنه يرجع بما
أنفقه على بيت المال انتهى.
مسألة-4-5: قوله: "وللإمام العفو لنفقة مع
فقره وجنونه، ومع أحدهما وجهان" انتهى شمل
مسألتين:
ـــــــ
1 في الأصل: "ربه".
2-2 ليست في "ط".
(7/323)
وفيه وجه
كلقطة، وقيل: ومثله سفيه. ولا رقيق، فإن أذن
سيده فهو نائبه ولا رجوع،
ـــــــ
المسألة الأولى-4: إذا كان فقيرا صغيرا فهل
يجوز للإمام العفو على مال أم لا؟ أطلق فيه
الخلاف، وأطلقه في الهداية والمذهب والخلاصة
والمقنع1 في باب الجنايات، وأطلقه في الرعاية
هناك:
أحدهما: ليس له ذلك، وهو ظاهر ما قطع به في
الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرهم
هنا، وبه جزم الشارح هنا وفي الفصول والمغني2.
والوجه الثاني: له ذلك، وهو الصحيح، صححه
القاضي والشيخ في المغني2 في باب العفو عن
القصاص، وصححه في الشرح3 في باب استيفاء
القصاص، وحكاه المصنف عن نص أحمد، وقطع به
الشيخ في المقنع1 في بعض النسخ.
المسألة الثانية-5: إذا كان مجنونا فهل للإمام
العفو على مال أم تنتظر إفاقته؟ أطلق الخلاف
فيه، وأطلقه في الرعاية الكبرى وشرح ابن منجا:
أحدهما: تنتظر إفاقته، قال الحارثي: هذا
المذهب، وقطع به الشارح، وهو ظاهر كلام الشيخ
في المقنع4.
والوجه الثاني: له العفو على مال، ذكره في
التلخيص وغيره، وجزم به في الفصول والمغني2،
وهو ظاهر ما قطع به في الوجيز قلت: الصواب إن
كانت إفاقته قريبة5 لم يصح العفو، وإلا صح،
والله أعلم.
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 25/146.
2 11/593-594.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 25/208.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 16/311.
5 في "ط": "قرينة".
(7/324)
ولا كافر،
واللقيط مسلم وهو كمسلم فيه، وقيل: يقدم مسلم
وفي بدوي منتقل في المواضع وجهان "م 6" ولا
واجد في الحضر ينقله، وقيل: إلى بدو1، ويجوز
عكسه.
وفي الترغيب: من وجد بفضاء خال نقله حيث شاء،
ويقدم موسر ومقيم وفي الترغيب: وبلدي، وقيل:
وكريم وظاهر عدالة على
ـــــــ
مسألة-6: قوله: "وفي بدوي منتقل إلى المواضع
وجهان" انتهى. وأطلقهما في الهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة والمغني2 والكافي3 والمحرر
والشرح4 والرعايتين والنظم والحاوي والصغير
والفائق وغيرهم:
أحدهما: لا يقر بيده، وهو الصحيح، قطع به في
المقنع4 والوجيز والمنور وشرح ابن منجا
وغيرهم، قال الحارثي: هذا أقوى.
والوجه الثاني: يقر بيده، قدمه ابن رزين في
شرحه.
ـــــــ
1 في "ط": "بدوي".
2 8/362-363.
3 3/468.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
16/297-298.
(7/325)
ضدهم، ويقرع مع
التساوي، وقيل: يسلمه حاكم أحدهما أو غيرهما،
ويقدم رب يد ولا بينة، وفي يمينه وجهان "م 7"
ويقرع في اليدين، وإن ادعى أنه أخذه منه قهرا
وسأل يمينه فيتوجه يمينه. وفي المنتخب: لا
كطلاق، ويقدم واصفه مع عدمهما.
وذكر القاضي والمبهج والمنتخب والوسيلة: لا
يقدم واصفه، وذكره في الفنون وعيون المسائل عن
أصحابنا لتأكده، لكونه دعوى نسب1، وللغنى
بالقافة وإلا سلمه حاكم من شاء، فلا مهايأة،
ولا تخيير للصبي، ومن أسقط حقه سقط، وقيل: لا
يسلمه حاكم، ويقرع، ومن أقام بينة بمجهول نسبه
بأنه له أو أنه ولد أمته وقالت في ملكه وقيل
أو لا فهو له، وكذا إن ادعى رقه وهو طفل أو
مجنون ليس بيد غيره بل يده وليس واجده، فهو
له، ولو أنكر بعد بلوغه ولو ادعى أجنبي نسبه
ثبت مع بقاء ملك سيده ولو مع بينة بنسبه.
قال في الترغيب وغيره: إلا أن يكون مدعيه
امرأة فتثبت حريته،
ـــــــ
مسألة-7: قوله: "ويقدم رب يد ولا بينة، وفي
يمينه وجهان" انتهى. وأطلقهما في الكافي2:
أحدهما: لا يحلف، وهو ظاهر كلامه في المقنع3
وغيره، واختاره ابن عقيل والقاضي وقال: هو
قياس المذهب، وقدمه ابن رزين في شرحه.
والوجه الثاني: يحلف، وهو الصحيح، اختاره أبو
الخطاب، ونصره المصنف والشارح، قال الحارثي:
هو الصحيح، قلت: وهو الصواب.
ـــــــ
1 في الأصل: "بسبب".
2 3/471.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 16/306.
(7/326)
وإن كان رجلا
غريبا فروايتان، وفي مميز وجهان، مأخذهما صحة
إسلامه "م 8 و 9" وإن أنكر بالغا عاقلا فلا1
ولو عاد أقر.
وفي الترغيب: إذا رأينا عبدا بيد رجل فادعى
أنه حر الأصل قبل،
ـــــــ
مسألة-8-9: قوله: "ولو ادعى أجنبي نسبه ثبت مع
بقاء ملك سيده ولو مع بينة وإن كان رجلا غريبا
فروايتان، وفي مميز وجهان، مأخذهما صحة إسلامه
انتهى. ذكر مسألتين:
المسألة الأولى-8: لو ادعى رجل غريب نسبه فهل
يثبت ويلحق به أم لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: يلحق به، قال في الرعاية الكبرى: وإن
أسلم حربي في دار حرب ثم هاجر إلينا أو دخل
دار الإسلام بأمان أو ذمة ثم أسلم وادعى نسب
لقيط في دار الإسلام ولم يكن عليه ولاء لحق
به" انتهى. قلت: وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب
حيث لم يفرقوا.
والرواية الثانية: لا يلحق به قلت: إن دلت
قرينة بذلك لحق به وإلا فلا.
المسألة الثانية-9: إذا ادعى رق مميز فقال أنا
حر فهل يقبل قول المميز أم لا؟ أطلق الخلاف
وقال: مأخذهما صحة إسلامه، والصحيح من المذهب
صحة إسلامه، وقدمه المصنف في باب المرتد،
وعليه أكثر الأصحاب، وقالوا: هذا المذهب، فيصح
إقراره هنا بالحرية، على الصحيح من المذهب،
وبناء على ما قال المصنف، ولنا هناك قول بعدم
صحة إسلامه، فكذا هنا، وأطلق الوجهين هنا في
الرعايتين والحاوي الصغير والفائق.
تنبيه: في كلام المصنف إضمار وتقديره "وفي
قبول قول مميز: إني حر وجهان" فاختصر ذلك
وقال: وفي مميز وجهان.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
(7/327)
أما مع سكوته
فيجوز، ويحتمل أن لا يجوز حتى يسأله فيقر، وإن
لم يسبق مناف قبل، وقيل في لقيط لا، اختاره
الشيخ، وإن كان تصرف ببيع ونكاح وغيره لم
يقبل، وعنه: بلى، وعنه: فيما عليه، ومتى كذبه
مدع سقط، ثم في صحة إقراره في حق نفسه لآخر
وجهان "م 10" وإن بلغ فقال: إنه كافر، فمرتد،
وقيل: يقر بجزية أو يلحق بمأمنه، والله أعلم.
ـــــــ
مسألة-10: قوله ومتى كذبه مدع سقط، ثم في صحة
إقراره في حق نفسه لآخر وجهان" انتهى.
قال الحارثي: ولو أقر بالرق لزيد فلم يصدقه
بطل إقراره، ثم إن أقر به لعمرو وقلنا بقبول
الإقرار في أصل المسألة ففي قبوله له وجهان،
ذكرهما القاضي وغيره:
أحدهما: يقبل، وهو اختيار المصنف، وهو يناقض
اختياره لعدم القبول في أصل المسألة.
والثاني: لا يقبل.
وقول الحارثي: وهو يناقض اختياره لعدم القبول
في أصل المسألة" ليس بسديد، فإن العالم يكون
له اختيار في مسألة ذات خلاف ويفرع على القول
الذي لم يختره، فيختار أيضا من ذلك المفرع
قولا بناء على ذلك القول، والفقهاء قاطبة على
ذلك، إذا علم فقدم الشارح قبول إقراره ثانيا،
ونصره كالشيخ في المغني1، وقدم ابن رزين عدم
القبول، وهو قوي فهذه عشر مسائل قد صححت في
هذا الباب.
ـــــــ
1 8/384-385.
(7/328)
باب الوقف
مدخل
...
باب الوقف
يصح بفعل دال عليه عرفا، كمن جعل أرضه مسجدا
أو مقبرة وأذن فيهما، نص عليه، قال شيخنا: أو
أذن فيه وأقام ونقله أبو طالب وجعفر وجماعة،
ولو نوى خلافه، نقله أبو طالب، وعنه: بقول
فقط، اختاره أبو محمد الجوزي.
وصريحه: وقفت أو حبست أو سبلت.
وكنايته: تصدقت أو حرمت أو أبدت، فيصح بكناية
بنية أو إقرانه أحد ألفاظه الخمسة بها أو
حكمه. وفي المغني1 وغيره: إذا جعل علو موضع أو
سفله مسجدا صح، وكذا وسطه ولم يذكر استطراقا،
كبيعه، فيتوجه منه الاكتفاء بلفظ يشعر
بالمقصود، وهو أظهر على أصلنا، فيصح: جعلت هذا
للمسجد أو فيه، ونحوه، وهو ظاهر نصوصه، وصحح
في رواية يعقوب وقف من قال قريتي التي بالثغر
لموالي الذين به ولأولادهم، وقاله شيخنا.
وقال: إذا قال واحد أو جماعة: جعلنا هذا
المكان مسجدا أو وقفا، صار مسجدا ووقفا بذلك
وإن لم يكملوا عمارته، وإذا قال كل منهم: جعلت
ملكي للمسجد أو في المسجد ونحو ذلك، صار بذلك
حقا للمسجد. وفي هذه المسألة قال شيخنا: ليس
له أن يستأجر الوقف زيادة على شرط الواقف، ولا
يغيره لمصلحة نفسه، بل إذا غيره لمصلحة نفسه
ألزم بإعادته
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 8/193.
(7/329)
إلى مثل ما كان
وبضمان ما فوته من غير منفعة، وعلى ولاة
الأمور إلزامه بما يجب عليه، فإن أبى عوقب
بحبس وضرب ونحوه، فإن المدين يعاقب بذلك، فكيف
بمن امتنع من فعل واجب مع تقدم ظلم.
فعلى الأول يكون تمليكا للمسجد ونحوه، وجزم به
الحارثي، أي للمسلمين لنفعهم به، وظاهر كلام
الشيخ وغيره، لا يملك، لأنهم ذكروا في الإقرار
له وجهين، كالحمل وقد يوافق هذا قول ابن
الجوزي وغيره: الموهوب له كل آدمي موجود. وفي
الترغيب وغيره: الموهوب له يعتبر كونه أهلا
للملك في الجملة.
فلا يصح لجدار ولا بهيمة، ويصح لعبد، والأول
أظهر، وهذا لا يخالفه، ويتوجه من الوقف على
حمل صحة الهبة وأولى، لصحتها لعبد،
ـــــــ
...............................
(7/330)
ولا يعتبر قبول
ناظره "ش" لتعذر1 القبول كحالة الوقف، وذكر
أبو الفرج أن أبدت صريح، وأن صدقة موقوفة أو
مؤبدة أو لا تباع كناية. ولا يصح في الذمة بل
في معين جائز بيعه دائم نفعه مع بقائه كإجارة،
ولو مشاع إذا قال كذا سهما من كذا سهم، قاله
أحمد.
ثم يتوجه أن المشاع لو وقفه مسجدا ثبت حكم
المسجد في الحال، فيمنع منه الجنب، ثم القسمة
متعينة هنا، لتعيينها طريقا للانتفاع
بالموقوف، وكذا ذكره ابن الصلاح. لا أم ولد
ورياحين وشمع، واعتبر أبو محمد
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في الأصل: "كتعذر".
(7/331)
الجوزي بقاء
متطاولا أدناه عمر الحيوان ولا قنديل نقد على
مسجد، فيزكيه ربه وقيل: يصح فيه فيكسر ويصرف
لمصلحته، وعنه: ولا حلي لتحل، وعنه: ولا
منقول، ونقل المروذي لا يجوز وقف سلاح، ذكره
أبو بكر، وفي نقد لتحل ووزن فقط وجهان "م1"
ونقل الجماعة: لا يصح، وإن أطلق بطل، وقيل:
يصح ويحمل عليهما، وكذا إجارته1 "م2".
ـــــــ
مسألة-1: قوله: "وفي نقد لتحل ووزن فقط وجهان"
انتهى:
أحدهما: لا يصح، وهو الصواب، قال المصنف هنا:
"ونقل الجماعة لا يصح" "2وهو الصحيح" وهو ظاهر
ما قدمه في المغني3 والشرح4، قال الحارثي: عدم
الصحة أصح.
والوجه الثاني: يصح، قياسا على الإجارة. وقال
في التلخيص: إن وقفها للزنة فقياس قولنا في
الإجارة أنه يصح.
مسألة-2: قوله: "وكذا إجارته، يعني أن فيه
الوجهين المطلقين إن أجرها للتحل أو الوزن:
أحدهما: يصح، وهو الصحيح من المذهب، جزم به في
الخلاصة والمغني5 والمقنع6 والتلخيص والشرح
وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوي الصغير
والفائق وغيرهم، قال في المحرر: وتجوز إجارة
النقد للوزن ونحوه. وقال في الهداية والمذهب
والمستوعب والوجيز وغيرهم: وتجوز إجارة نقد
للوزن، واقتصروا عليه، فظاهر كلامهم أنه لا
ـــــــ
1 في "ر": "تجارته".
2 ليست في "ط".
3 8/230.
4 16/373-384.
5 8/126.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/322.
(7/332)
وعند القاضي إن
أطلق فقرض. نقل جماعة فيمن وقف الدار ولم
يحدها قال: وإن لم يحدها إذا كانت معروفة. وفي
الوسيلة: يصح وقف المصحف، رواية واحدة: وفي
الجامع وقف الماء قال الفضل: سألته عن وقف
الماء فقال: إن كان شيئا استجازوه بينهم جاز،
وحمله القاضي وغيره على وقف مكانه. ولا يصح
إلا على معين يملك، لا على حربي
ـــــــ
يجوز للتحلي، اللهم إلا أن يقال خرج كلامهم
مخرج الغالب، لأن الغالب في النقد عدم التحلي
به.
والوجه الثاني: لا يجوز. إذا علمت ذلك ففي
إطلاق المصنف الخلاف نظر ظاهر كما ترى، اللهم
إلا أن يقال إن قوله "وكذا إجارته" لا يدل على
أن الخلاف مطلق، بل على أن فيه خلافا في
الجملة، وهو مخالف لمصطلحه في مسائل كثيرة.
(7/333)
ومرتد، وحمل
بناء على أنه تمليك إذن، وأنه لا يملك، وفيهما
نزاع، وصححه ابن عقيل والحارثي لحمل1 "و م"
كوصية له "و" وعبد وقيل: يصح له، وفي مكاتب
وجهان "م 3".
ـــــــ
مسألة-3: قوله: "وفي مكاتب وجهان" انتهى. يعني
هل يصح الوقف على المكاتب أم لا، وأطلق الخلاف
في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير، والفائق
وغيرهم:
أحدهما: لا يصح، وهو الصحيح، وعليه أكثر
الأصحاب، وقطع به في الفصول والمغني2 والتلخيص
والبلغة والمستوعب والشرح وشرح ابن رزين
وغيرهم.
ـــــــ
1 في الأصل: "كحمل".
2 8/236.
(7/334)
وفي وقف أحد
هذين، وعليه وجه، ومسجد، لجهالته، ومعدوم
أصلا، كـ: وقفته1 على من سيولد لي أو لفلان،
وصححه فيه في المغني2 "و م" لأنه يراد للدوام،
بخلاف الوصية، وفي الترغيب: هو منقطع الأول،
ولم يعتبر الحارثي أن يملك، لحصول معناه فيصح
لعبد وبهيمة ينفق عليهما، ولا على نفسه، وعنه:
يصح. ذكره في المذهب ظاهر المذهب، واختاره ابن
أبي موسى وابن عقيل وأبو المعالي وشيخنا،
ـــــــ
والوجه الثاني: يصح، اختاره الحارثي.
تنبيهان:
الأول: قوله3: "ولا" يصح الوقف "على نفسه
وعنه: يصح، ذكره في المذهب ظاهر المذهب،
واختاره ابن أبي موسى وابن عقيل وأبو المعالي
وشيخنا" انتهى.
فقوله: "اختاره ابن أبي موسى وابن عقيل" تابع
فيه للشيخ في المغني4 والشارح وفيه نظر، إذ
المجزوم به في الإرشاد عدم الصحة فإنه قال:
فإن وقف على نفسه فإذا مات كان على المساكين
كان باطلا ولم يكن وقفا صحيحا وكان باقيا على
ملك ربه فإذا توفي فهو للورثة" انتهى.
وكذلك المصحح في الفصول عدم الصحة فإنه قال:
واختلفت الرواية فيما إذا قال وقفت هذه الدار
على نفسي ثم على ولدي ثم على المساكين فروي عن
أحمد أن الوقف صحيح وفرع عليها ثم ذكر فصلا
فيه بعض فروع من المسألة ثم قال: وقد
ـــــــ
1 في الأصل: "كوقفيته"، و"ط": "كوقفه".
2 8/201-202.
3 في الصفحة 333.
4 8/194.
(7/335)
كشرط غلته له
أو لولده مدة حياته، في المنصوص، ومتى حكم به
حاكم حيث يجوز له الحكم فظاهر كلامهم ينفذ
حكمه ظاهرا، وأن فيه في الباطن الخلاف.
وفي "فتاوى أبي عمرو بن الصلاح" فيما إذا حكم
به حنفي وأنفذه شافعي للواقف نقضه إذا لم يكن
ذلك الصحيح في مذهب أبي حنيفة وإلا جاز له
نقضه في الباطن فقط، بخلاف صلاته بالمسجد وحده
حياته لعدم القربة والفائدة فيه، ذكره ابن
شهاب وغيره.
ـــــــ
روي عنه رواية أخرى: أنه باطل لا أعرفه، فعلى
هذه الرواية يكون على ملكه ولا يصير وقفا عليه
يجوز له التصرف فيه1 بسائر التصرفات من بيع،
وغيره وإذا مات انتقل إلى ورثته، وهذه
الرواية1 أصح وعلل ذلك بعلل جيدة، فهذا لفظ
ابن أبي موسى وابن عقيل في الفصول، ولم يذكر
المسألة في التذكرة، ففي نقل المصنف ومن تابعه
المصنف عنهما نظر ظاهر، وكلامه في الفصول في
أول المسألة موهم، لكونه ذكر كل رواية في فصل،
وذكر"2رواية الصحة في الفصل الأول؛ فالظاهر
أنه نظر في الأول ولم ينظر2" في الثاني: والله
أعلم، اللهم إلا أن يكون وجد في غير هذين
الكتابين وهو بعيد.
الثاني 3: قوله: "ويملكه الموقوف عليه وعنه:
ملك لله، فينظر فيه، ويزوجه حاكم وقيل لا
يزوجها ويلزمه بطلبهما مصروفة في مثلها"
انتهى.
هنا سقط بين قوله: "بطلبها" وقوله: "مصروفة"،
والمسألة مفروضة فيما إذا وطئ الأمة. وقال في
الرعاية الكبرى: فإن وطئ فلا حد ولا مهر وولده
حر إن أولدها وتصير أم ولد تعتق بموته وقيمتها
في تركته مصروفة في مثله انتهى.
ففي كلام المصنف نقص بمقدار هذا، والظاهر أنه
تابعه في ذلك، والله أعلم.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2-2 ليست في "ط".
3 سيأتي ص 343.
(7/336)
ولا يصح إلا
على بر، كقرائب من مسلم أو ذمي، نص عليه،
وكمساجد ونحوها، وقال جماعة منهم الشيخ: وإنما
صح وإن كان تمليكا لأنه على المسلمين، لأنه
يعود نفعه إليهم، والحج والغزو، وقيل: ومباح،
وقيل: ومكروه، لا كتابة توراة وإنجيل، ولا
كنيسة وبيعة، نص عليه.
وفيهما في الموجز رواية، كمار بهما. وفي
المنتخب والرعاية، ومار بها منهم، وقاله في
المغني1 في بناء بيت يسكنه المجتاز منهم، وفيه
وفي عيون المسائل والمغني1 وغيرهم: يصح على
أهل الذمة، كالمسلمين.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 8/236.
(7/337)
وصححه الحلواني
على فقرائهم، وصححه في الواضح "1من ذمي1"
عليهم وعلى بيعة وكنيسة، ووصية كوقف للكل،
وقيل: من كافر. وفي الانتصار: لو نذر الصدقة
على ذمية لزمه، وذكر في المذهب وغيره: يصح
للكل، وذكره جماعة رواية، وذكر القاضي صحتها
بحصر وقناديل.
ولا يعتبر في الوصية القربة، خلافا لشيخنا،
فلهذا قال: لو جعل الكفر أو الجهل شرطا في
الاستحقاق لم يصح، فلو وصى لأجهل الناس لم
يصح، وقال: لو حبس الذمي من مال نفسه شيئا على
معابدهم لم يجز للمسلمين الحكم بصحته، لأنه لا
يجوز لهم الحكم إلا بما أنزل الله، قال: ومما
أنزل الله أن لا يعاونوا على شيء من الكفر
والفسوق والعصيان، فكيف يعاونون بالحبس على
المواضع التي يكفرون فيها؟.
وعلل في المغني2 الوصية لمسجد بأنه قربة. وفي
الترغيب صحتها لعمارة قبور المشايخ والعلماء،
وفي التبصرة: إن أوصى لما لا معروف فيه ولا بر
ككنيسة أو كتب التوراة لم يصح، وأبطل ابن عقيل
وقف ستور لغير
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 8/236.
(7/338)
الكعبة، لأنه
بدعة، وصححه ابن الزاغوني، فيصرف لمصلحته، ذكر
ذلك ابن الصيرفي. وفي فتاوى ابن الزاغوني أنه
معصية لا ينعقد، وأفتى أبو الخطاب بصحته وينفق
ثمنها على عمارته ولا يستر، لأن الكعبة خصت
بذلك كالطواف1.
وشرط استحقاقه ما دام ذميا لاغ، وصححه في
الفنون، لأنه إذا وقفه على الذمة من أهله دون
المسلم لا يجوز شرطه لهم حال الكفر، وأي فرق؟
ويصح على الصوفية، قال شيخنا: فمن كان منهم
جماعا للمال ولم يتخلق بالأخلاق المحمودة ولا
تأدب بالآداب الشرعية غالبا أو فاسقا لم
يستحق، لا آداب وضعية، وإن كان قد يجوز للغني
مجرد السكنى، ولم يعتبر الحارثي الفقر، ويتوجه
احتمال: لا يصح عليهم، ولهذا قال الشافعي: ما
رأيت صوفيا عاقلا إلا سلما الخواص، وقال: لو
أن رجلا تصوف من أول النهار لم يأت الظهر إلا
وجدته أحمق.
ولا يصح معلقا بشرط، وفيه وجه، وكذا مؤقتا،
فإن صح فبعده كمنقطع، وقيل: يلغو توقيته.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ر" و"ط": "الطواف".
(7/339)
ويصح تعليقه
بموته من ثلثه، وقيل: لا، وإن شرط فاسدا كخيار
فيه وتحويله وتغيير شرط لم يصح، وخرج من البيع
صحته، ويلزم بإيجابه، وعنه: بإخراجه عن يده،
اختاره في الإرشاد1، فلو شرط نظره له سلمه ليد
غيره ثم ارتجعه.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ص 238-239.
(7/340)
ورأيت بعضهم
قال: قال القاضي في خلافه: ولا يختلف مذهبه
أنه إذا لم يكن يصرفه في مصارفه ولم يخرجه عن
يده أنه يقع باطلا وقيل: إذا كان على آدمي
معين اشترط قبوله، كهبة ووصية.
قال شيخنا: فأخذ ريعه قبول، وذكر صاحب النظم
في غير1 المعين احتمالا: يقبله نائب إمام. ولو
وقف على ثلاثة ثم على2 الفقراء فمات بعضهم أو
رد فنصيبه للباقي، فإن ماتوا أو ردوا
فللفقراء. وقال شيخنا: اختلف فيما إذا رد ثم
قبل هل يعود؟ وإن لم يقبل فقيل: كمنقطع
الابتداء وقيل: يصح، وهو أصح، كتعذر استحقاقه
لفوت وصف فيه.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في الأصل: "عين".
2 ليست في الأصل.
(7/341)
فصل: إذا وقف على جهة منقطعة و لم يزد صح
...
فصل: إذا وقف على جهة منقطعة ولم يزد 1 صح،
ويصرف بعدها إلى ورثته
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ر": "يرد".
(7/341)
نسبا بقدر
إرثهم منه، وعنه: إلى عصبته، وعليهما يكون
وقفا، وعنه: ملكا، وقيل: على فقرائهم، وعنه:
يصرف في المصالح، وعنه: للفقراء، اختاره
جماعة، وعليهما وقف، وعنه: يرجع إلى ملك واقفه
الحي، ونقل حرب أنه قبل ورثته لورثة الموقوف
عليه، ونقل المروذي: إن وقف على عبيده لم
يستقم، قلت: فيعتقهم قال: جائز فإن ماتوا ولهم
أولاد فلهم وإلا فللعصبة، فإن لم يكن بيع وفرق
على الفقراء، وكذا إن وقفه ولم يزد1.
وقال القاضي وأصحابه: في وجوه البر، وفي عيون
المسائل: فيها، وفي: تصدقت به لجماعة
المسلمين. وفي الروضة: وإن قال: وقفته، ولم
يزد، صح، في الصحيح عندنا، وإن وقف على جهة
باطلة ثم صحيحة،
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ر": "يرد".
(7/342)
صرف إليها،
وقيل: مع بقاء الباطلة، ومعرفة انقراضها مصرف
المنقطع، وخرج من تفريق الصفقة بطلان منقطع
وسطه أو أحد طرفيه أو هما.
ويملكه الموقوف عليه، فينظر فيه هو أو وليه،
وقيل: يضم إلى الفاسق أمين، ويزوجه إن لم
يشرطه لغيره1 ولا يتزوجه، ويفديه، وعنه: هو
ملك لله تعالى فينظر فيه ويزوجه حاكم ويتزوجه،
وجنايته في كسبه وقيل في بيت المال، وهو رواية
في التبصرة.
وقيل: لا يزوجها، ويلزمه بطلبها مصروفة في
مثلها وقيل: مصروفة للبطن الثاني إن تلقى
الوقف من واقفه، فدل على خلاف. وفي المجرد
والفصول والمغني2 وغيرها أن البطن الثاني
يتلقونه من واقفه3 لا من البطن الأول، فلهم
اليمين مع شاهدهم، لثبوت الوقف مع امتناع بعض
البطن الأول منها، وإن سرقه أو نماه فإن ملكه
المعين قطع، وإلا فلا، في الأصح فيهما، لا
بوقفه4 على غير معين.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ر": "كغيره".
2 8/197.
3 في الأصل: "الواقف".
4 في "ر" و"ط": "بوقف".
(7/343)
والأصح يخرج
المعين فطرته على الأولى، كعبد اشترى من غلة
الوقف لخدمة الوقف، لتمام التصرف فيه، ذكره
أبو المعالي، ويبطل بقتله قودا لا بقطعه، وإن
قتل فالظاهر لا قود، كعبد مشترك، ولا يعفو عن
قيمته، وإن قطع طرفه فللعبد القود، وإن عفا
فأرشه في مثله. وفي الترغيب احتمال: كنفعه،
كجناية بلا تلف طرف، ويعايا بها بمملوك لا
مالك له، وهو عبد وقف على خدمة الكعبة، قاله
ابن عقيل في المنثور، وعنه: لا يزول ملك
واقفه، فتلزمه الخصومة فيه ومراعاته، ولا يصح
عتق موقوف، ويتوجه عتق من علق عتقه بصفة، على
رواية يملكه واقفه وينظر حاكم فيما لا ينحصر
أو على مسجد ونحوه، وسأله المروذي في دار
موقوفة على المسلمين، إن تبرع رجل فقام بأمرها
وتصدق بغلتها على الفقراء؟ فقال: ما أحسن هذا
ومن شرط نظره له لم يعزله بلا شرط وإن شرطه1
لنفسه ثم لغيره أو فوضه إليه أو أسنده فوجهان
"م 4".
ـــــــ
مسألة-4: قوله: "ومن شرط نظره له لم يعزله بلا
شرط، وإن شرطه لنفسه ثم لغيره2 أو فوضه إليه
أو أسنده فوجهان" انتهى. يعني هل له عزله أم
لا؟:
ـــــــ
1 في الأصل: "شرط".
2 في الأصل: "أو غيره".
(7/344)
...............................
ـــــــ
أحدهما: له عزله، وهو الصحيح والصواب، قدمه في
الرعاية الكبرى فقال: فإن قال وقفت كذا بشرط
أن ينظر فيه زيد، أو على أن ينظر فيه أو قال
عقبه وجعلته ناظرا فيه أو جعل النظر له، صح،
ولم يملك عزله، وإن شرطه لنفسه ثم جعله لزيد
فقال: جعلت نظري له أو فوضت إليه ما أملكه من
النظر أو أسندته إليه، فله عزله، ويحتمل عدمه
انتهى.
وقال الحارثي: إذا كان الوقف على جهة لا
تنحصر، كالفقراء والمساكين، أو على مسجد أو
مدرسة أو قنطرة أو رباط ونحو ذلك، فالنظر
للحاكم، وجها واحدا. وللشافعية وجه أنه
للواقف، وبه قال هلال الرأي1 من الحنفية قال
الحارثي: وهو الأقوى، فعليه له نصب ناظر من
جهته ويكون نائبا عنه يملك عزله متى شاء،
لأصالة ولايته، فكان منصوبه نائبا عنه، كما في
الملك المطلق، وله2 الوصية بالنظر، لأصالة
الولاية إذا قيل بنظره له أن ينصب ويعزل أيضا
كذلك انتهى.
ـــــــ
1 هو هلال بن يحيى بن مسلم، الرأي، البصري،
وإنما لقب بالرأي لسعة علمه، وكثرة فقهه، أخذ
العلم عن أبي يوسف، وزفر. من مصنفاته: "أحكام
الوقف"، و"مصنف في الشروط". "ت245". "الجواهر
المضيئة" 3/572.
2 في "ط": "لو".
(7/345)
وللناظر
بالأصالة النصب والعزل، وكذا للناظر بالشرط إن
جاز للوكيل
ـــــــ
فصاحب الرعاية ذكر إذا شرطه لنفسه، ثم جعله
لغيره أو فوضه إليه أو أسنده. والحارثي ذكر
إذا كان النظر للواقف فله نصب غيره وعزله وقطع
به.
والوجه الثاني: ليس له عزله. وهو احتمال في
الرعاية كما تقدم.
تنبيه: قوله: "أو غيره"1 لم يظهر معناه،
والظاهر أن هنا نقصا، وتقديره وإن شرطه لنفسه
ثم جعله مثلا لزيد أو غيره فالنقص هو" ثم جعله
لفلان" ويؤيده كلامه في الرعاية، والله أعلم.
وأما إن جعلناه على ظاهره وقلنا هو معطوف على
قوله: "لنفسه"، فيكون تقدير الكلام: وإن شرطه
لغيره فهل له عزله؟ فيه وجهان فيرده قوله أول
المسألة:" ومن شرط نظره له لم يعزله" ولا
يتأتى عوده إلى الناظر بالشرط إذا كان غير
الواقف، لأنه يأتي في كلام المصنف بعد هذا،
والله أعلم.
ـــــــ
1 تقدم في 344، لكن جاءت في متن "الفروع"
بلفظ: "ثم لغيره".
(7/346)
التوكيل ولا
يوصي به، ومن شرطه له إن مات فعزل نفسه أو فسق
فكموته، لأن تخصيصه للغالب، ذكره شيخنا،
ويتوجه. لا، ولو قال: النظر1 بعده له2، فهل هو
كذلك أو المراد بعد نظره؟ يتوجه وجهان "م 5".
ـــــــ
مسألة-5: قوله: "ومن3 شرطه له إن مات فعزل
نفسه أو فسق فكموته، لأن تخصيصه للغالب، ذكره
شيخنا، ويتوجه: لا، ولو قال: النظر بعده له
فهل هو كذلك أو المراد بعد نظره؟ يتوجه وجهان"
انتهى.
قلت: الصواب أنها كالتي قبلها، فإن قوله:
"النظر بعده له" كقوله: "النظر بعد موته4 له"
والله أعلم.
ـــــــ
1 في الأصل: "الناظر".
2 ليست في "ط".
3 في "ط": "مع".
4 في "ط": "موت".
(7/347)
وللناظر
التقرير في الوظائف، ذكروه في ناظر المسجد،
وذكر في الأحكام السلطانية أنه يقرر في
الجوامع الكبار الإمام، ولا يتوقف الاستحقاق
على نصبه1 إلا بشرط، ولا نظر لغيره معه، أطلقه
الأصحاب،
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ط": "نصه".
(7/348)
وقاله شيخنا،
ويتوجه مع حضوره1، فيقرر حاكم في وظيفة خلت2
في غيبته، لما فيه من القيام بلفظ الواقف في
المباشرة ودوام نفعه.
فالظاهر أنه يريده، ولا حجة في تولية الأئمة
مع العبد، لمنعهم غيرهم التولية، فنظيره منع
الواقف التولية لغيبة الناظر، ولو سبق تولية
ناظر غائب قدمت، وللحاكم النظر العام، فيعترض
عليه إن فعل ما لا يسوغ، وله ضم أمين مع
تفريطه أو تهمته يحصل به المقصود، قاله شيخنا
وغيره، ومن ثبت فسقه أو أصر3 متصرفا بخلاف
الشرط الصحيح عالما بتحريمه قدح فيه، فإما أن
ينعزل أو يعزل أو يضم إليه أمين، على الخلاف
المشهور "م 6".
ـــــــ
مسألة-6: قوله: "وله ضم أمين مع تفريطه أو
تهمته يحصل به المقصود، قاله شيخنا وغيره، ومن
ثبت فسقه أو أصر متصرفا بخلاف الشرط الصحيح
عالما بتحريمه قدح فيه، فإما أن ينعزل أو
يعزل4 أو يضم إليه أمين، على الخلاف المشهور"
انتهى.
اعلم أنه يشترط في الناظر الإسلام، والتكليف،
والكفاية في التصرف، والخبرة
ـــــــ
1 في الأصل: "خصومة".
2 في الأصل: "حلت".
3 في "ر": "أضر".
4 في النسخ الخطية: "عزل"، والمثبت من "ط".
(7/349)
ثم إن صار هو
أو الوصي أهلا عاد كما لو صرح به، وكالموصوف،
ذكره شيخنا، قال: ومتى فرط سقط مما له بقدر ما
فوته من الواجب. وفي الأحكام السلطانية في
العامل يستحق ماله إن كان معلوما، فإن قصر
فترك
ـــــــ
به، والقوة عليه، ويضم إلى الضعيف قوي أمين،
ثم إن كان النظر للموقوف عليه وكانت توليته من
الحاكم أو الناظر فلا بد من شرط العدالة فيه،
قال الحارثي: بغير خلاف علمته، وإن كانت
توليته من الواقف وهو فاسق أو كان عدلا ففسق
فقال الشيخ والشارح وجماعة من الأصحاب: يصح،
ويضم إليه أمين، ويحتمل أن لا يصح تولية
الفاسق وينعزل إذا فسق، قال الحارثي: ومن
متأخري الأصحاب من قال بما ذكرنا في الفسق
الطارئ دون المقارن1 للولاية، والعكس أنسب،
فإن في حال المقارنة مسامحة لما يتوقع منه
بخلاف حالة الطريان انتهى.
وإن كان النظر للموقوف عليه إما يجعل الواقف
النظر له أو لكونه أحق بذلك "2عند عدم ناظر،
فهو بذلك؛2" رجلا كان أو امرأة عدلا كان أو
فاسقا، لأنه ينظر لنفسه، قدمه في المغني3
والشرح4، وقيل: يضم إلى الفاسق أمين والحالة
هذه، قال الحارثي: أما العدالة فلا تشترط،
ولكن يضم إلى الفاسق عدل، ذكره ابن أبي موسى
والسامري، وغيرهما5، لما فيه من العمل بالشرط
وحفظ الوقف انتهى.
قلت: وهو الصواب، وقد ذكر الأصحاب فيما إذا
أوصى إلى شخص وطرأ عليه الفسق هل يضم إليه
أمين أو ينعزل؟ قولين، قدم المصنف فيه الضم،
وإن كان أكثر الأصحاب على خلافه، وقد ذكر
المصنف في المسألة التي قبلها ما إذا شرط له
النظر بعد فلان ففسق فلان أنه كموته، فدل أنه
ينعزل.
ـــــــ
1 في "ط": "المقارنة".
2-2 ليست في "ط".
3 8/237.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
16/458-459.
5 في "ط": "غيرهم".
(7/350)
بعض العمل لم
يستحق ما قابله، وإن كان بجناية منه استحقه
ولا يستحق لزيادة، وإن كان مجهولا فأجرة مثله.
فإن كان مقدرا في الديوان وعمل به جماعة فهو
أجرة المثل وإن لم يسم له شيئا فقياس المذهب
إن كان مشهورا بأخذ الجاري على عمله فله جاري
مثله وإلا فلا شيء له، وله الأجرة من وقت نظره
فيه، وقاله شيخنا.
قال شيخنا: ومن أطلق النظر لحاكم شمل أي حاكم
كان، سواء كان
ـــــــ
...............................
(7/351)
مذهبه مذهب
حاكم البلد زمن الواقف أو لا، وإلا لم يكن له
نظر إذا انفرد، وهو باطل، اتفاقا، ولو فوضه
حاكم لم يجز لآخر نقضه، ولو ولى كل منهما شخصا
قدم ولي الأمر أحقهما، وقال شيخنا: لا يجوز
لواقف شرط النظر لذي مذهب معين دائما، ومن وقف
على مدرس وفقهاء فللناظر ثم للحاكم تقدير
أعطيتهم، فلو زاد النماء فهو لهم، والحكم
بتقديم مدرس أو غيره باطل، لم نعلم أحدا يعتد
به قال به ولا بما يشبهه، ولو نفذه حاكم1 لأنه
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ط"، "ب"، "ر": "حكام".
(7/352)
إنما يجوز أن
ينفذ حكم من هو أهل لحكمه مساغ، والضرورة وإن
ألجأت إلى تنفيذ حكم المقلد فإنما هو إذا وقف
على حد التقليد، ولم يتجاسر على قضية لو نزلت
على عمر رضي الله عنه لجمع لها أهل الشورى،
وبطلانه لمخالفته مقتضى الشرط وللعرف أيضا،
لأنه لا يقصد، ولأنه حكم في غير محل ولاية
الحكم، لأن النماء لم يخلق، وليس هذا كحكمه أن
مقتضى شرط الواقف كذا حيث ينفذ في حاضر
ومستقبل، لأن ذلك نظر في موجب عقد الوقف، وليس
التقدير من مقتضيات المطلق، وليس تقدير الناظر
أمرا حتما كتقدير الحاكم بحيث لا يجوز له أو
لغيره زيادته ونقصه للمصلحة.
وإن قيل إن المدرس لا يزداد ولا ينقص بزيادة
النماء ونقصه كان باطلا، لأنه لهم، والقياس
أنه يسوي بينهم ولو تفاوتوا في المنفعة،
كالإمام والجيش في المغنم، لا سيما عند من
يسوي في قسم الفيء، لكن دل العرف على التفضيل،
وإنما قدم القيم ونحوه لأن ما يأخذه أجرة،
ولهذا يحرم أخذه فوق أجرة مثله بلا شرط، ذكر
ذلك كله شيخنا، وجعل الإمام والمؤذن كالقيم،
بخلاف المدرس والمعيد والفقهاء فإنهم من جنس
واحد، وذكر بعضهم في مدرس وفقهاء ومتفقهة
وإمام وقيم ونحو ذلك يقسم بينهم بالسوية،
ويتوجه روايتا عامل زكاة الثمن أو الأجرة,
قال: ولو عطل مغل وقف مسجد سنة تقسطت الأجرة
المستقبلة عليها وعلى السنة الأخرى لتقوم
الوظيفة فيهما، فإنه خير من التعطيل، ولا ينقص
الإمام بسبب تعطل الزرع بعض العام.
فقد أدخل مغل سنة في سنة، وأفتى غير واحد منا
في زمننا فيما نقص عما
ـــــــ
...............................
(7/353)
قدره الواقف كل
شهر أنه يتمم مما بعد، وحكم به بعضهم بعد
سنين، ورأيت غير واحد لا يراه، وقال: ومن لم
يقم بوظيفته غيره من له الولاية لمن يقوم بها
إذا لم يتب الأول ويلتزم بالواجب.
ويجب أن يولى في الوظائف وإمامة المساجد الأحق
شرعا، وأن يعمل ما يقدر عليه من عمل واجب. وفي
الأحكام السلطانية ولاية الإمامة طريقها
الأولى لا الواجب1، بخلاف ولاية القضاء
والنقابة، لأنه لو تراضى الناس بإمام يصلي
فيهم صح، ولأن الجماعة في الصلاة سنة عند
كثير، ولا يجوز أن يؤم في المساجد السلطانية
وهي الجوامع إلا من ولاه السلطان، لئلا يفتات
عليه فيما وكل إليه.
وفي الرعاية: إن رضوا بغيره بلا عذر كره وصح
في المذهب، قال القاضي: وإن غاب من ولاه
فنائبه أحق، ثم من رضيه أهل المسجد، لتعذر
إذنه، وتقليد المؤذن إلى هذا الإمام ما لم
يصرف عنه، لأنه من سنة ما ولي القيام به2،
ويعمل برأيه واجتهاده في الصلاة، لا تجوز
معارضته فيه، وله أن يأخذ "3المؤذن بهما في
الوقت والأذان3"، وأقل ما يعتبر في هذا الإمام
العدالة والقراءة الواجبة والعلم بأحكام
الصلاة، وفي جواز كون الإمام في الجمعة عبدا
فيه4 روايتان، فدل أنه
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ر": "الوجوب".
2 ليست في "ط".
3-3 ليست في "ر".
4 ليست في الأصل و"ط".
(7/354)
إن جاز صحت
ولايته، فكذا العدالة وغيرها.
ـــــــ
تنبيهان
الأول: قوله:" وفي جواز أن كون الإمام في
الجمعة عبدا فيه روايتان، فدل أنه إن جاز صحت
ولايته فكذا العدالة وغيرها" انتهى.
إنما ذكر المصنف هذا هنا1 في معرض بحث، وإلا
فالصحيح من المذهب وعليه الأكثر أن العبد لا
يجوز أن يؤم في الجمعة، ولنا رواية بالجواز،
فذكر المصنف على هذا جواز ولايته للإمامة
وصحتها.
الثاني: قوله2: "وتقدم وجه يحرم الوضوء من
زمزم، فعلى نجاسة3 المنفصل واضح، وقيل:
لمخالفة شرط الواقف، وأنه لو سبل ماء للشرب في
كراهة الوضوء4 وتحريمه وجهان في فتاوى ابن
الزاغوني وغيرها" انتهى.
قلت قد تقدم ذلك محررا مستوفى في كتاب
الطهارة5 فإن المصنف هناك قال: وقد قيل إن سبب
النهي اختيار الواقف وشرطه، فعلى هذا اختلف
الأصحاب لو سبل ماء للشرب هل يجوز الوضوء مع
الكراهة أم يحرم؟ على وجهين" انتهى.
فهناك لم يعز الوجهين، "6بل قال: "اختلف
الأصحاب"، فنسبه إليهم6"، وهنا عزاهما إلى ابن
الزاغوني وغيره، وظاهر كلام المصنف هنا أن
المذهب لا يجوز، لأنه قدم أنه يتعين مصرف7
الوقف، وقال: نقله الجماعة، مع إطلاقه للخلاف
في كتاب الطهارة وتقدم التنبيه على هذا هناك،
والله أعلم.
ـــــــ
1 في "ط": "هو".
2 في الصفحة 361.
3 في "ح": "رواية".
4 في "ط": "الضوء"، و"ص": "الوصف به".
5 1/60-63.
6-6 ليست في "ح".
7 في "ط": "بصرف".
(7/355)
وقال شيخنا: قد
تجوز الصلاة خلف من لا تجوز توليته، وليس
للناس أن يولوا عليهم الفساق، وإن نفذ حكمه أو
صحت الصلاة خلفه. وقال أيضا: اتفق الأئمة على
كراهة الصلاة خلفه، واختلفوا في صحتها، لم
يتنازعوا أنه لا ينبغي توليته.
وما بناه أهل الشوارع والقبائل من المساجد
فالإمامة لمن رضوه، لا اعتراض للسلطان عليهم،
وليس لهم صرفه ما لم يتغير حاله، وليس له أن
يستنيب إن غاب، ولهم انتساخ كتاب الوقف
والسؤال عن حاله، واحتج شيخنا بمحاسبة النبي
صلى الله عليه وسلم عامله على الصدقة1، مع أن
له ولاية صرفها والمستحق غير معين، فهنا أولى،
ونصه: إذا كان متهما ولم يرضوا به،
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "1468"، ومسلم "983" "11"، من
حديث أبي هريرة.
(7/356)
ونصب المستوفي
الجامع للعمال المتفرقين هو بحسب الحاجة
والمصلحة، فإن لم تتم مصلحة قبض المال وصرفه
إلا به وجب.
وقد يستغني عنه لقلة1 العمال، ومباشرة الإمام
والمحاسبة بنفسه، كنصب الإمام للحاكم، ولهذا
كان عليه السلام في المدينة يباشر الحكم
واستيفاء الحساب بنفسه، ويولي مع البعد، ذكره
شيخنا.
وسجل كتاب الوقف من الوقف، كالعادة، ذكره
شيخنا، وولده من وطء شبهة قيمته على واطئه
مصروفة في مثله كقيمة أصله المتلف ومن زواج2
أو زنى وقف، وقيل: الولد وقيمته ملك له، كنفقة
ومهر، ويحرم وطؤه للأمة، وتصير أم ولد إن ملك
فيلزمه القيمة ونفقته منه مع عدم شرط، ثم نفقة
حيوان من موقوف عليه.
وقيل: في بيت المال، وتجب عمارته بحسب البطون،
ذكره شيخنا، وذكر غيره لا تجب، كالطلق، وتقدم
عمارته على أرباب الوظائف. وقال شيخنا: الجمع
بينهما حسب الإمكان، بل قد يجب، وللناظر
الاستدانة عليه بلا إذن حاكم، لمصلحة، كشرائه
للوقف نسيئة أو بنقد لم يعينه، ويتوجه في قرضه
مالا كولي.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ر": "لقدم".
2 في النسخ الخطية: "زوج".
(7/357)
فصل: و يرجع إلى شرطه في تقديم و تسوية
...
فصل: ويرجع إلى شرطه في تقديم وتسوية
وجمع وضد ذلك، واعتبار وصف
ـــــــ
...............................
(7/357)
وعدمه وعدم
إيجاره1 أو قدر المدة، واختار شيخنا لزوم
العمل بشرط مستحب خاصة، وذكره ظاهر المذهب،
ولأنه لا ينفعه ويعذر غيره، فبذل المال فيه
سفه ولا يجوز، وأيده الحارثي بنصه الآتي في
شرط أجرة للناظر2.
وقال شيخنا: ومن قدر له الواقف شيئا فله أكثر
إن استحقه بموجب الشرع، وقال: الشرط المكروه
باطل، اتفاقا، وقيل: لا يتعين طائفة وقف عليها
مسجدا أو مقبرة، كالصلاة فيه. وفي الانتصار:
يحتمل إن عين من يصلي فيه من أهل الحديث أو
يدرس العلم اختص، وإن سلم فلأنه لا يقع
التزاحم بإشاعته، ولو وقع فهو أفضل، لأن
الجماعة تراد له، وقيل: يمنع تسوية بين فقهاء
كمسابقة.
قال شيخنا: قول الفقهاء نصوصه كنصوص الشارع.
يعني في الفهم والدلالة، لا في وجوب العمل، مع
أن التحقيق أن لفظه ولفظ الموصي والحالف
والناذر وكل عاقد يحمل على عادته في خطابه
ولغته التي يتكلم بها وافقت لغة العرب أو لغة
الشارع أو لا، قال: ولا خلاف أن من وقف على
صلاة أو صيام أو قراءة أو جهاد غير شرعي ونحوه
لم يصح.
والخلاف في المباح، كما لو وقف على الأغنياء
لا يخرج مثله هنا لأنه بفعل لأنه مباح، ولا
يجوز اعتقاد غير المشروع مشروعا وقربة وطاعة،
...............................
ـــــــ
1 في "ر": "إيجار".
2 ص 360.
(7/358)
واتخاذه دينا،
والشروط إنما يلزم الوفاء بها إذا لم يفض1 ذلك
إلى الإخلال بالمقصود الشرعي، ولا تجوز
المحافظة على بعضها مع فوات المقصود بها، قال:
ومن شرط في القربات أن يقدم فيها الصنف
المفضول فقد شرط خلاف شرط الله، كشرطه في
الإمامة تقديم غير الأعلم، فكيف إذا شرط أن
يختص بالصنف المفضول؟
والناظر منفذ لما شرطه الواقف، ليس له أن
يبتدئ شروطا، وإن شرط أن لا ينزل فاسق وشرير
ومتجوه2 ونحوه عمل به، وإلا توجه أن لا يعتبر
في فقهاء ونحوهم، وفي إمام ومؤذن الخلاف، وهو
ظاهر كلامهم وكلام شيخنا في موضع. وقال أيضا:
لا يجوز أن ينزل فاسق في جهة دينية كمدرسة
وغيرها، مطلقا، لأنه يجب الإنكار عليه
وعقوبته، فكيف ينزل؟
وإن نزل مستحق تنزيلا شرعيا لم يجز صرفه بلا
موجب شرعي، وإن حكم حاكم بمحضر لوقف فيه شروط
ثم ظهر كتاب وقف غير ثابت وجب ثبوته والعمل به
إن أمكن.
وإن شرط للناظر3 إخراج من شاء منهم وإدخال من
شاء من غيرهم بطل، لمنافاته مقتضاه، لا قوله:
يعطي من شاء منهم ويمنع من شاء،
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في الأصل: "يقضي".
2 في الأصل: "منجوه"، والمتجوه: المتعظم أو
المتكلف الجاه وليس به ذلك. "تاج العروس":
"الجاه".
3 ليست في الأصل.
(7/359)
لتعليقه
استحقاقه بصفة، ذكره الشيخ.
وقال الحارثي: الفرق لا يتجه، وقال شيخنا: كل
متصرف بولاية إذا قيل يفعل ما شاء فإنما هو
لمصلحة شرعية: حتى لو صرح الواقف بفعل ما
يهواه وما يراه مطلقا فشرط باطل، لمخالفته
الشرع، وغايته أن يكون شرطا مباحا، وهو باطل
على الصحيح المشهور، حتى لو تساوى فعلان عمل
بالقرعة1، وإذا قيل هنا بالتخيير فله وجه.
قال: وعلى الناظر بيان المصلحة، فيعمل بما
ظهر، ومع الاشتباه إن كان عالما عادلا سوغ2 له
اجتهاده، قال: ولا أعلم خلافا أن من قسم شيئا
يلزمه أن يتحرى العدل ويتبع ما هو أرضى لله
ورسوله، استفاد القسمة بولاية، كإمام وحاكم،
أو بعقد كالناظر والوصي، ويتعين مصرفه، نقله
الجماعة.
وقيل: إن سبل ماء للشرب جاز الوضوء به، فشرب
ماء للوضوء يتوجه عليه وأولى. وقال الآجري في
الفرس الحبيس: لا يعيره ولا يؤجره إلا لنفع
الفرس، ولا ينبغي أن يركبه في حاجة إلا
لتأديبه وجمال للمسلمين ورفعة
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ر": "بالقربة".
2 في الأصل: "يسوغ" والمتجوه: المتعظم أو
المتكلف الجاه وليس به ذلك. "تاج العروس":
"الجاه".
(7/360)
لهم أو غيظة
للعدو، وتقدم وجه: يحرم الوضوء من زمزم، فعلى
نجاسة المنفصل واضح وقيل لمخالفة شرط الواقف
وأنه لو سبل ماء للشرب في كراهة الوضوء منه
وتحريمه وجهان في "فتاوى ابن الزاغوني"
وغيرها1، وعنه خروج بسط مسجد وحصره لمن ينتظر
الجنازة، وسئل عن التعليم بسهام الغزو فقال:
هذا منفعة للمسلمين، ثم قال: أخاف أن تكسر2،
وله ركوب الدابة لعلفها، نقله الشالنجي، وإن
شرط لناظره أجرة فكلفته عليه حتى تبقى أجرة
مثله، نص عليه، وقال الشيخ: من الوقف، وقيل
لشيخنا: فله العادة بلا شرط؟ فقال: ليس له إلا
ما يقابل عمله.
وما يأخذه الفقهاء من الوقف هل هو كإجارة، أو
جعالة واستحق ببعض العمل لأنه يوجب العقد
عرفا، أو هو كرزق من بيت المال؟ فيه أقوال،
قاله شيخنا واختار هو الأخير "م 7".
ـــــــ
مسألة-7: قوله: "وما يأخذه الفقهاء من الوقف
هل هو كإجارة أو"كـ "جعالة واستحق ببعض العمل
لأنه يوجب العقد عرفا ; أو هو كرزق من بيت
المال؟ فيه أقوال، قاله شيخنا واختار هو
الأخير" انتهى.
قال الشيخ تقي الدين: وما يؤخذ من بيت المال
فليس عوضا وأجرة، بل رزق
ـــــــ
1 تقدم التنبيه في الصفحة 355.
2 في الأصل: "تكثر".
(7/361)
قال: ومن أكل
المال بالباطل1 قوم لهم رواتب أضعاف حاجاتهم
وقوم لهم جهات معلومها كبير2 يأخذونه
ويستنيبون بيسير. وقال أيضا: النيابة في مثل
هذه الأعمال المشروطة جائز ولو عينه الواقف
إذا كان مثل مستنيبه، وقد يكون في ذلك مفسدة
راجحة كالأعمال المشروطة في الإجارة على عمل
في الذمة، ويلزم تعميم الموقوف عليه والتسوية
إن أمكن، كما لو أقر لهم، واحتج الشيخ بقوله
عز وجل: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ}
[النساء: 12] وفيه نظر، وعنه: وإن وصى في أهل
سكته وهم أهل دربه التفضيل لحاجة.
ـــــــ
للإعانة على الطاعة، وكذلك المال الموقوف على
أعمال البر، والموصى به أو المنذور له ليس
كالأجرة والجعل انتهى.
وقال القاضي في خلافه: ولا يقال إن منه ما
يؤخذ أجرة عن عمل كالتدريس ونحوه لأنا نقول
أولا لا نسلم أن ذلك أجرة محضة، بل هو رزق
وإعانة على العلم بهذه الأموال انتهى.
والظاهر أن الشيخ تقي الدين أخذ اختياره من
هذا، وهذا هو الصواب، "3واختار الشيخ حامد بن
أبي الحجر أنه كالإجارة، ذكره ولد المصنف في
الطبقات3".
تنبيه: قوله بعد ذلك: "النيابة في مثل هذه
الأعمال المشروطة جائزة ولو عينه الواقف إذا
كان مثل مستنيبه، وقد يكون في4 ذلك مفسدة
راجحة" انتهى.
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 ففي "ر": و"ط": "كثير".
3-3 ليست في "ح".
4 بعدها في "ح" و"ط": " مثل".
(7/362)
قال ابن عقيل:
وقياسه الاكتفاء بواحد ونقل يحيى بن زكريا
المروذي التسوية، ويعتبر سكناه وقت وصية، نص
عليه، وجزم به في المستوعب وغيره. وفي المغني:
أو طرأ إليه بعدها، وقيل: هما أهل المحلة
الذين طريقهم بدربه، وعنه: فيمن وصى، في فقراء
مكة ينظر أحوجهم، وإن لم يمكن1 ابتداء كفى
واحد وقيل ثلاثة، وقيل: في الواحد روايتان،
ولا يجوز في المنصوص إعطاء فقير أكثر من زكاة،
ولو وقف على أصنافها أو الفقراء والمساكين
اقتصر على صنف، كزكاة، وقيل: لا، قال في
الخلاف: وهو ظاهر كلام أحمد وقد سئل عن رجل
وصى بثلثه في أبواب البر: يجزأ ثلاثة أجزاء.
فعلى هذا الفرق أن الوصية يعتبر فيها لفظ
الموصي، وأوامر الله يعتبر
ـــــــ
قال ابن مغلي: صوابه إذا لم يكن في ذلك مفسدة
راجحة، كذا هو في فتاوى الشيخ" انتهى قلت: لو
قيل: وقد يكون في2 مثل ذلك مصلحة راجحة، لكان
أولى، ثم وجدت ابن نصر الله في حواشيه قال:
لعله مصلحة انتهى.
لكن المرجع في ذلك إلى ما قاله الشيخ تقي
الدين "3ثم وجدت الشيخ تقي الدين قال في بعض
فتاويه وبكل حال، فالاستخلاف في مثل هذه
الأعمال المشروطة جائز، ولو نهى الواقف عنه،
إذا كان النائب مثل المستنيب ولم يكن في ذلك
مفسدة راجحة3".
ـــــــ
1 في "ط": "يكن".
2 ليست في "ط".
3-3 ليست في "ص".
(7/363)
فيها المقصود،
بدلالة أن الموصي للمساكين لا يجوز العدول إلى
غيرهم، والإطعام في الكفارة يجوز صرفه إلى غير
المساكين وإن كانوا منصوصا عليهم، ولو قال:
أعتق عبدي لأنه أسود، لم يعتق غيره، وعكسه أمر
الله قال: وقد نص أحمد على هذا في الرجل يجعل
الشيء في الصدقة على المساكين هل يعطى منه في
السبيل؟ قال: لا، ويعطى المساكين كما1 أوصى
وقال القاضي عن القول الذي قبله: أومأ إليه في
رواية أحمد بن الحسين بن حسان فيمن وصى أن
يفرق في فقراء مكة هل يفرق على قوم دون قوم؟
فقال: ينظر إلى أحوجهم، قال: وظاهر هذا أنه
اعتبر الحاجة ولم يعتبر العدد، كذا قال
القاضي، مع أن النص في فقراء مكة وهم معينون،
وقيل لكل صنف ثمن، إن افتقر شمله، في الأصح،
وإن ذكر الفقراء أو المساكين أعطى الآخر. وفيه
وجه ذكره القاضي قد يعرى عن فائدة، فاعتبر
لفظه.
وفي "الأحكام السلطانية": يعمل والي المظالم
في وقف عام بديوان حاكم أو سلطنة أو كتاب قديم
يقع في النفس صحته.
ولو وقف على ولده أو ولد غيره ثم الفقراء
فالذكر كأنثى، نص عليه،
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 بعدها في الأصل: "لو".
(7/364)
ويأتي في
الهبة1، وفي شموله ولد بنيه الموجود وعنه: ومن
سيوجد وفي وصية قبل موت موص روايتان "م 5،8".
ـــــــ
مسألة-8- 9: قوله: "ولو وقف على ولده أو ولد
غيره ثم الفقراء فالذكر كأنثى، نص عليه وفي
شموله ولد بنيه الموجود وعنه: ومن سيوجد وفي
وصية قبل موت الموصي روايتان" انتهى، ذكر
مسألتين:
المسألة الأولى-8: هل يشمل ولد بنيه إذا وقف
على ولده أو ولد غيره أم لا؟ أطلق الروايتين،
وأطلقهما في المقنع2:
أحدهما: يشمله، وهو الصحيح من المذهب، نص عليه
في رواية المروذي ويوسف بن موسى ومحمد بن عبد
الله المنادي، قال الحارثي: المذهب دخولهم.
وقال الناظم: وهو أولى، وجزم به في الوجيز
وغيره، واختاره الخلال وأبو بكر عبد العزيز
وابن أبي موسى، والقاضي فيما علقه بخطه على
ظهر خلافه، والشيرازي، وغيرهم، وقدمه في
الرعايتين والحاوي الصغير وشرح الحارثي وابن
رزين والفائق، والقواعد الفقهية في القاعدة
الثالثة والخمسين بعد المائة، وغيرهم، وإليه
ميل الشيخ في المغني3 والشارح.
والرواية الثانية: لا يدخلون، قال الشيخ
الموفق في باب الوصايا والقاضي وابن عقيل: لا
يدخلون بدون قرينة، قال الشيخ أيضا والشارح:
اختاره القاضي وأصحابه.
تنبيه: قدم المصنف هنا أنه لا يشمل من سيوجد،
وهو إحدى الروايتين، وقدمه في الرعايتين
والفائق وقالا: نص عليه، والحاوي الصغير.
ـــــــ
1 ص 413.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 16/463.
3 8/195.
(7/365)
والأصح مرتبا،
كبطن بعد بطن، أو الأقرب فالأقرب، أو الأول
ونحوه، وقيل: يشمل ولد بناته ولو كان ولد فلان
قبيلة أو قال أولادي وأولادهم فلا ترتيب،
وسأله ابن هانئ عمن وقف شيئا فقال هذا لفلان
حياته ولولده. قال: وهو له حياته، فإذا مات
فلولده، ولو قال ولدي فإذا انقرض ولده
فالفقراء شمله، وقيل: لا، ولو وقف على ولد
ولده أو نسله أو ذريته أو عقبه ولا قرينة لم
يشمل ولد بناته، اختاره الأكثر كمن ينتسب إلي،
وعنه: بلى، وعنه: إن لم يقل لصلبي، وقيل: إن
قاله شمل ولد بنته
ـــــــ
والرواية الثانية وهي التي أخرها يشمله أيضا،
وهي الصحيحة، نص عليها في رواية المروذي ويوسف
بن موسى وابن المنادي كما تقدم، قال الحارثي:
هذا المذهب، قال الناظم: هذا أولى، وجزم به في
الوجيز وغيره، وقدمه الحارثي في "1شرحه وشرح
ابن منجا1" والقواعد الفقهية وغيرهم.
المسألة الثانية-9: حكم ما إذا أوصى لولد غيره
في دخول ولد بنيه الموجودين ومن سيوجد بعد
الوصية وقبل موت الموصي حكم ما تقدم في التي
قبلها خلافا ومذهبا.
"2 تنبيه : قد يقال: شملت الرواية التي ذكرها
بقوله: "وعنه ومن سيوجد" له من الأولاد بعد
الوقف، وفيه روايتان:
أحدهما: يشمله، فيستحق مع من كان موجودا،
اختاره ابن أبي موسى، وأفتى به ابن الزاغوني،
وهو ظاهر كلام القاضي وابن عقيل.
والرواية الثانية: لا يدخل معهم، قدمه في
الرعايتين والحاوي الصغير والنظم، وهو ظاهر ما
قدمه المصنف إن قلنا شمله كلامه، وهو
الظاهر2".
ـــــــ
1-1 في "ط": "شرح ابن منجا".
2-2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(7/366)
لصلبه فقط،
وعنه: يشملهم غير ولد ولده. وفي التبصرة، يشمل
في الذرية وأن الخلاف في ولد ولده.
وتجدد حق حمل بانفصاله من ثمر وزرع، كمشتر،
نقله المروذي، قطع به في المغني1. ونقل جعفر:
يستحق من زرع قبل بلوغه الحصاد، قطع به في
المبهج.
وفي المستوعب: يستحق قبل حصاده، وعند شيخنا:
الثمرة للموجود عند التأبير أو بدو الصلاح،
ويشبه الحمل إن قدم إلى ثغر موقوف عليه فيه2
أو خرج منه إلى بلد موقوف عليه فيه، نقله
يعقوب، وقياسه من نزل في مدرسة ونحوه، واختار3
شيخنا يستحق بحصته من مغله وإن من جعله كالولد
فقد أخطأ.
وإن لورثة إمام مسجد أجرة عمله في أرضه كما لو
كان الفلاح غيره، ولهم من مغله بقدر ما باشره
موروثهم من الإمامة4، وبنى فلان لذكورهم5، نص
عليه، فإن كانوا قبيلة شمل النساء، ولا يدخل
مولى بني
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 8/207.
2 ليست في "ط".
3 في "ر": واختاره".
4 في "ط": "الإمام".
5 في الأصل: "كذكورهم".
(7/367)
هاشم في الوصية
لهم، لأنه ليس منهم حقيقة1 "2كما أن المنعم
ليس عصبة المعتق والمجوسي ليس بأهل كتاب
حقيقة2"، فلا يشملهما الإطلاق، وكما لو وصى
لأنسابه لم يشمل المرضع والمرتضع.
فالأحكام قد تلحق وإن لم تلتحق بالحقيقة، ذكره
ابن عقيل وغيره، ولو قال: أولادي، ثم أولادهم
ثم الفقراء، فترتيب جملة، وقيل: أفراد. وفي
الانتصار إذا قوبل جمع بجمع اقتضى مقابلة
الفرد منه بالفرد من مقابلة لغة فعلى هذا
الأظهر استحقاق الولد وإن لم يستحق أبوه، قاله
شيخنا ومن ظن أن الوقف كالإرث فإن لم يكن
والده3 أخذ شيئا لم يأخذ هو فلم يقله أحد من
الأئمة، ولم يدر ما يقول، ولهذا لو انتفت4
الشروط في الطبقة الأولى أو بعضهم لم تحرم
الثانية مع وجود الشروط فيهم "ع" ولا فرق،
قاله شيخنا.
وقول الواقف من مات فنصيبه لولده يعم وما
استحقه وما يستحقه مع صفة الاستحقاق، استحقه
أولا تكثيرا للفائدة، ولصدق الإضافة بأدنى
ملابسة، ولأنه بعد موته لا يستحقه، ولأنه
المفهوم عند العامة الشارطين ويقصدونه، لأنه
يتيم لم يرث هو وأبوه من الجد، ولأن في صورة
الإجماع ينتقل مع وجوده المانع إلى ولده، ولكن
هنا هل يعتبر موت الوالد؟.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2-2 ليست في الأصل.
3 في "ط": "ولده".
4 في "ط": "اتبعت".
(7/368)
يتوجه الخلاف
وإن لم يتناول إلا ما استحقه فمفهوم خرج مخرج
الغالب، وقد تناوله الوقف على أولاده ثم
أولادهم، فعلى قول شيخنا إن قال1: بطنا بعد
بطن ونحوه فترتيب جملة، مع أنه محتمل، فإن زاد
على أنه إن توفي أحد من أولاد الموقوف عليه
ابتداء في حياة والده وله ولد ثم مات الأب عن
أولاده لصلبه وعن ولد ولده لصلبه2 الذي مات
أبوه قبل استحقاقه فله معهم ما لأبيه لو كان
حيا، فهو صريح في ترتيب الأفراد.
وقال أيضا فيما إذا قال بطنا بعد بطن ولم يزد
شيئا. هذه المسألة فيها نزاع، والأظهر أن نصيب
كل واحد ينتقل إلى ولده ثم إلى ولد ولده ولا
مشاركة.
وإن قال على أن نصيب الميت عن غير ولد لدرجته
والوقف مشترك بين البطون فهل هو لأهل الوقف أو
لبطنه منهم كالمرتب؟ فيه احتمالان "م 10" فإن
لم يوجد في درجته أحد فالحكم كما لو لم
ـــــــ
مسألة-10: قوله: "وإن قال على أن نصيب الميت
عن3 غير ولد لدرجته والوقف مشترك بين البطون،
فهل هو لأهل الوقف أو لبطنه4 منهم كالمرتب5؟
فيه احتمالان" انتهى. وأطلقهما في المغني6
والشرح7 والفائق والحاوي الصغير وغيرهم:
ـــــــ
1 في الأصل: "كان".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 في "ر": "ولده".
4 في "ط": "لبطن".
5 ليست في النسخ الخطية و"ط"، والمثبت من
"الفروع".
6 8/198-200.
7 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
16/470-473.
(7/369)
يذكر الشرط،
وإن كان الوقف على البطن الأول على أن نصيب
الميت منه عن غير ولد لدرجته فهل نصيبه لأهل
الوقف أو لبطنه؟ وإن كانوا من أهل الوقف، فيه
احتمالات "م 11".
ولا شيء لمن لا يستحق بحال، وقوله من مات عن
ولد فنصيبه لولده،
ـــــــ
أحدهما: يكون لأهل الوقف كلهم، فوجود هذا
الشرط كعدمه.
والوجه الثاني: يختص به البطن الذي هو منهم،
فيستوي فيه إخوته وبنو عمه وبنو بني عم أبيه،
لأنهم في القرب سواء، قدمه الناظم قلت: وهو
الصواب، حتى يبقى لهذا الشرط فائدة، والله
أعلم.
مسألة-11: قوله: "وإن كان الوقف على البطن
الأول على أن نصيب الميت منه عن غير ولد
لدرجته فهل نصيبه لأهل الوقف أو لبطنه؟ وإن
كانوا من أهل الوقف؟ فيه احتمالات1" انتهى،
وأطلقها في المغني2 والشرح3 والحاوي الصغير
والفائق وغيرهم.
أحدها: يعود نصيبه إلى أهل الوقف كلهم وإن
كانوا بطونا، وحكم به التقي سليمان، وهو
الصواب.
والقول الثاني: يختص به أهل بطنه، سواء كانوا
من أهل الوقف حالا أو قوة، مثل أن يكون البطن
الأول ثلاثة فمات أحدهما: عن ابن ثم مات
الثاني: عن ابنين فمات أحد الابنين وترك أخاه
وابن عمه وعمه وابنا لعمه الحي فيكون نصيبه
بين أخيه وابن عمه الميت وابن عمه الحي، ولا
يستحق العم الحي شيئا.
ـــــــ
1 في "ط": "احتمالان"
2 8/198-200
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
16/470-473.
(7/370)
يشمل الأصلي
والعائد، واختار شيخنا الأصلي، لأن والديهما
لو كانا حيين اشتركا في العائد، فكذا ولدهما.
ولو قال أولادي ثم أولادهم الذكور والإناث ثم
أولادهم الذكور من ولد الظهر فقط، ثم نسلهم
وعقبهم ثم الفقراء على أن من مات منهم وترك
ولدا وإن سفل فنصيبه له فمات أحد الطبقة
الأولى وترك بنتا فماتت ولها أولاد فقال
شيخنا: ما استحقته قبل موتها لهم، ويتوجه: لا
"م 12".
ـــــــ
والقول الثالث: يختص به1 أهل بطنه من أهل
الوقف المتناولين له في الحال، فعلى هذا يكون
لابن أخيه وابن عمه الذي مات أبوه، ولا شيء
لعمه الحي ولا لولده.
"2 فائدة : صورة النصيب العائد والأصلي، إذا
وقف على أولاده ثم على أولادهم أبدا على أن من
مات عن ولد فنصيبه لولده، ومن مات عن غير ولد
فنصيبه لمن في درجته، ثم مات بعض أولاده عن
غير ولد، فانتقل نصيبه إلى من في درجته من
إخوته، ثم مات ولد آخر عن ولد انتقل نصيب أبيه
الأصلي إلى ولده، وأما ما عاد إلى أبيه من
نصيب أخيه فهل يستحقه هذا الولد لأنه قد صار
من نصيبه؟ أم لا يستحقه الولد بل يستحقه بقية
الطبقة؟ لأن أباه إنما استحقه بمساواته للميت
في الدرجة، وابنه ليس بمساو للميت في الدرجة
فلا يستحقه ونصيب أبيه هو ما استحقه أبوه
بالإحالة دون هذا العائد، هذا فيه وجهان،
حكاهما أبو العباس رضي الله عنه. ورجح الثاني:
كما أشار إليه المصنف، لما ذكرنا، والله
أعلم2".
مسألة-12: قوله: "لو3 قال أولادي ثم أولادهم
الذكور والإناث ثم أولادهم الذكور من ولد
الظهر فقط ثم نسلهم وعقبهم ثم الفقراء على أن
من مات منهم وترك ولدا وإن سفل فنصيبه له فمات
أحد الطبقة الأولى وترك بنتا فماتت ولها
أولاد، فقال
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2-2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 في النسخ الخطية، و"ط": "إن"، والمثبت من
الفروع.
(7/371)
"1ولو قال1":
ومن مات عن غير ولد وإن سفل فنصيبه لإخوته ثم
نسلهم وعقبهم، عمن لم يعقب ومن أعقب ثم انقطع
عقبه، لأنه لا يقصد غيره، واللفظ يحتمله، فوجب
الحمل عليه قطعا، ذكره شيخنا، ويتوجه نفوذ حكم
بخلافه، ولو وقف على من عادته حضور الدرس أو
المسجد أو المبيت فيه ونحو ذلك.
فقد قيل للقاضي في اعتبار العادة في الحيض لو
كانت العادة معتبرة في ذلك لوجب أن لا يكفي،
تكرره مرتين ولا أكثر، لأنه لا يحصل بهذا
القدر عادة، ألا ترى أن من بات في الجامع
ليلتين لا يقال إن العادة بيتوتته في الجامع،
وإذا حضر مجلس الفقه مرتين لا يقال إن عادته
حضور مجلس الفقه، وكونه مأخوذا من العود لا
يوجب اعتبار الاشتقاق فيه، وإن كان مشتقا منه،
كما أن الدابة مشتقة من قولهم دب على الأرض
يدب، ولا يجوز أن يقال كل ما دب على الأرض
يسمى دابة، فقال القاضي: قد ثبت أن العادة
مأخوذة من المعاودة، وهذا المعنى يوجد
بالمرتين، "2ولا يوجد بالمرة2"، وأما
ـــــــ
شيخنا: ما استحقته قبل موتها لهم، ويتوجه: لا"
انتهى.
قلت: الذي يظهر ما وجهه المصنف وأن أولادها لا
يستحقون شيئا، لأن الواقف لم يعط من ولد الظهر
والبطن إلا الأولاد وأولاد الأولاد، ثم خص
أولاد الظهر بعدهما بالوقف، وأولاد هذه البنت
ليسوا من أولاد الظهر، وهي من الطبقة الثانية.
وقوله: "على أن من مات منهم وترك ولدا وإن
سفل3 فنصيبه له" يعني أن من كان من أهل الوقف
المذكور أولا، وأولادها ليسوا منهم، والله
أعلم.
ـــــــ
1-1 ليست في "ر".
2-2 ليست في "ط".
3 بعدها في "ط": "تصيبه".
(7/372)
من بات بمسجد
دفعتين فإنه يقال بأن معنى العادة وجد في حقه
وهو المعاودة، إلا أنه لم يطلق عليه ذلك لأنه
غلب عليه ما هو أظهر منه وهو البيتوتة في
غيره، وفي مسألتنا قد أجمعنا على اعتبار هذه
العادة الثانية دون ما قبلها، فكان الاعتبار
بالمعاودة، لوجود معنى الاسم فيه أولى، وكذلك
أيضا قولهم دابة لكل ما دب، لكن غلب على بعض
الحيوان، فتركنا الاشتقاق لأجله.
ولو وقف على ولده فلان وفلان وسكت عن الثالث
وعلى ولد ولده منع الثالث. وقال القاضي: لا،
ونقله حرب، وكذا ولدي فلان وفلان ثم الفقراء
هل يشمل ولد ولده؟ وقيل: يشمله.
ـــــــ
...............................
(7/373)
وإن تعقب شرط
جملا عاد إلى الكل. وفي المغني وجهان في أنت
حرام1 ووالله لا أكلمك إن شاء الله، واستثناء
كشرط، في المنصوص،
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ليست في "ط".
(7/374)
وقيل: والجمل
من جنس، وكذا مخصص من صفة وعطف بيان وتوكيد
وبدل ونحوه، والجار والمجرور، نحو: على أنه
"1وبشرط أنه1"، ونحوه كشرط، لتعلقه بفعل لا
باسم، وعموم كلامهم لا فرق بين العطف بواو
وفاء وثم، قاله شيخنا وذلك لما تقدم، ذكره ابن
عقيل وغيره.
وقرابته ولده وولد أبيه وجده وجد أبيه، وعنه:
وأكثر إلى الأب الأدنى، وعنه: ثلاثة آباء،
وعنه: يختص منهم من يصله، نقله ابن هانئ وغيره
وصححه القاضي وجماعة، ونقل صالح: إن وصل
أغنياءهم أعطوا وإلا الفقراء أولى، وأخذ منه
الحارثي عدم دخولهم في كل لفظ عام، وقيل: وكذا
قرابة أمه، وعنه: وإن وصلهم شملهم وإلا فلا،
ومثله قرابة غيره أو الفقهاء ويصل بعضهم، ذكره
القاضي، ونقل معناه عبد الله.
وابنه كأبيه في أقرب قرابته أو الأقرب إليه،
وأخوه لأبيه أو أبويه كجد أب، وقيل: يقدم ابنه
وأخوه، وقيل: يقدم جد وإخوة لأبيه كأمه إن
شمله قرابته، وكذا أبناؤهما ولأبويه أولى،
ويتوجه رواية: كأخيه لأبيه لسقوط الأمومة،
كنكاح، وجزم به في التبصرة، وأبوه أولى من ابن
ابنه. وفي الترغيب: ابن ابنه، وأن من قدم قدم
ولده إلا الجد يقدم على بني إخوته، وأخاه
لأبيه على ابن أخيه لأبويه، ويستوي جداه
وعماه، كأبويه، وقيل: يقدم جده وعمه لأبيه،
وإن قال: لجماعة أو لجمع من الأقرب إليه
فثلاثة، ويتمم بما بعد الدرجة الأولى، ويشمل
أهل الدرجة ولو كثروا، ويتوجه في
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1-1 ليست في الأصل.
(7/375)
جماعة اثنان،
لأنه لفظ مفرد، وقد قال صاحب المحرر: أقل
الجمع فيما له تثنية خاصة ثلاثة. وفي البلغة:
يجب حضور واحد الرجم، عند أصحابنا، وعندي
اثنان، لأن الطائفة الجماعة، وأقلها اثنان
ويتوجه وجه في لفظ الجمع اثنان، وذكره جماعة
"ع".
وقال في كشف المشكل1 في الخبر التاسع من مسند
عمر في قوله: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}
[التحريم:4] أي زاغت عن الحق وعدلت، وإنما قال
قلوبكما لأن كل اثنين فما فوقهما جماعة.
قال سيبويه: العرب تقول وضعا رحالهما، يريدون
رحلي راحلتيهما، ولفظ النساء ثلاثة، على ظاهر
ما سبق، وسبق كلام صاحب المحرر. وفي عيون
المسائل وغيرهم فيما إذا ظاهر من أربع نسوة
وقد احتج بالآية قال: والنساء إنما يكن فوق
الثلاثة، كذا قال.
وأهل بيته وآله2 وقومه ونساؤه كقرابته، وقيل:
كذي رحمه، وهم قرابة أبويه أو ولده، وذكر
القاضي مجاوزته لأب رابع، وأن ولده ليس
بقرابته، ونقل صالح: يختص من يصله من قبل أبيه
وأمه ولو جاوز أربعة آباء، وأن القرابة تعطي
أربعة آباء فمن دون.
واختار أبو محمد الجوزي أن قومه وأهل بيته
كقرابة أبويه، وأن
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ذكره ابن رجب بعنوان: "الكشف لمشكل
الصحيحين"، وقال: إنه أربع مجلدات.منه نسخة
مخطوطة في جاريت برقم "1450" ينظر: "مؤلفات
ابن الجوزي". ص190.
2 ليست في "ر".
(7/376)
القرابة قرابة
أبيه إلى أربعة آباء وعنه: أزواجه من أهله ومن
أهل بيته، ذكرها شيخنا، وقال: في دخولهن في
آله وأهل بيته روايتان، واختار الدخول، وأنه
قول الشريف.
ولفظ أهل بيته يضارع آله، وأن الشخص يدخل
فيهما لا في أهله، لأنه ممن يؤهل بيته لا
نفسه، وظاهر الوسيلة أن لفظ الأهل كالقرابة،
وظاهر الواضح أنهم نساؤه، وعترته عشيرته،
وقيل: ذريته، وقيل: ولده وولده، وقيل: قرابته
كآله وأهل الوقف المتناول، وعصبته وارثه بها
مطلقا، وقيل: فيها وفي قرابته الأقرب.
والعزب والأيم غير المتزوج، وقيل: العزب لرجل،
والأيم لامرأة. وفي التبصرة: الأيامى النساء
البلغ، ومن فارقت زوجها أرملة، وقيل: وكذا
الرجل1 أرمل. وفي تعليق القاضي: الصغيرة لا
تسمى أيما ولا أرملة عرفا، وإنما ذلك صفة
للبالغ، والثيوبة زوال البكارة، قاله الشيخ.
وقال ابن عقيل بزوجية من رجل وامرأة وإخوته
وعمومته لذكر، وأنثى كعانس وبكر، ويتوجه وجه،
وتناوله لبعيد كولد ولد2 وقال
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ر": "الرجل".
2 في "ط": "رجل".
(7/377)
ابن الجوزي:
يقال رجل أيم وامرأة أيم ورجل أرمل وامرأة
أرملة، ورجل بكر وامرأة بكر إذا لم يتزوجا،
ورجل ثيب وامرأة ثيب1 إذا كانا قد تزوجا.
قال: والقوم للرجال دون النساء، قال تعالى:
{لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ} [الحجرات:
11] الآية "و ش" سموا قوما لقيامهم بالأمور،
ولم يزد على ذلك.
والرهط: لغة ما دون العشرة من الرجال خاصة،
ولا واحد من لفظه والجمع أرهط وأرهاط وأراهط
وأراهيط. وقال في كشف المشكل: الرهط ما بين
الثلاثة إلى العشرة، وكذا قال: النفر من ثلاثة
إلى عشرة، ومواليه من فوق ومن تحت.
وقال ابن حامد: من فوق، ومتى عدم مواليه فقيل:
لعصبة مواليه، وقيل: لوارثه بولاء، وقيل:
منقطع "م 13" ولا شيء لموالي عصبته إلا مع عدم
مواليه ابتداء.
ـــــــ
مسألة-13: قوله: "ومواليه من فوق ومن تحت.
وقال ابن حامد: من فوق ومتى عدم مواليه فقيل:
لعصبة مواليه، وقيل: لوارثه بولاء، وقيل:
منقطع" انتهى.
أحدها: يكون لعصبة مواليه، قدمه في الرعايتين.
ـــــــ
1 في "ر": "ثيبة".
(7/378)
وجيرانه أربعون
دارا من كل جانب، وعنه: مستدار أربعين، وعنه:
ثلاثين ونقل ابن منصور: ينبغي أن لا يعطي إلا
الجار الملاصق، وقيل: العرف. ولو وقف على أهل
قريته أو قرابته أو إخوته لم يشمل مخالف دينه
بلا قرينة، وقيل: يشمل وقف الكافر والمسلم،
كشموله كافرا مخالفا دينه إن ورثه.
والعلماء حملة الشرع، وقيل: من تفسير وحديث
وفقه ولو أغنياء، وهل يختص من يصله كقرابته؟
وأهل الحديث من عرفه، وذكر ابن رزين فقهاء
ومتفقهة كعلماء، ولو حفظ أربعين حديثا، لا
بمجرد السماع والقراء الآن حفاظه.
والصبي والغلام من لم يبلغ، ومثله اليتيم بلا
أب، ولو جهل بقاء أبيه فالأصل بقاؤه، في ظاهر
كلامهم. وقال شيخنا: يعطى من ليس له ببلد
الإسلام أب يعرف، قال: ولا يعطى كافر، فدل أنه
لا يعطى من وقف عام، وهو ظاهر كلامهم في
مواضع، ويتوجه وجه، قال ابن عقيل: قال1
ـــــــ
والقول الثاني: لوارثه بالولاء، وهو أعم "2من
القول الأول2".
والقول الثالث: يكون كمنقطع الآخر قلت: وهو
الصواب، وقطع به في الرعاية الكبرى، بعد3 عصبة
الموالي وقيل: هو لموالي العصبة، قدمه في
الحاوي الصغير والفائق، قال الشريف أبو جعفر:
وهو لموالي أبيه، واقتصر عليه الشارح.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2-2 ليست في "ط".
3 في "ط": "وفي".
(7/379)
بعضهم: ولا
يشمل ولد الزنا، لأن اليتم1 انكسار يدخل على
القلب بفقد الأب، قال أحمد فيمن بلغ: خرج من
حد اليتم1.
ويتوجه أن أعقل الناس الزهاد. قال ابن الجوزي:
ليس من الزهد ترك ما يقيم النفس ويصلح أمرها
ويعينها على طريق الآخرة، فإنه زهد الجهال
وإنما هو ترك فضول العيش وما ليس بضرورة في
بقاء النفس، وعلى هذا كان النبي صلى الله عليه
وسلم وأصحابه.
قال شيخنا: الإسراف في المباح هو مجاوزة الحد،
وهو من العدوان المحرم، وترك فضولها من الزهد
المباح، والامتناع منه مطلقا كمن يمتنع من
اللحم أو الخبز أو الماء أو لبس الكتان والقطن
أو النساء فهذا جهل وضلال، والله أمر بأكل
الطيب والشكر له، والطيب: ما ينفع ويعين على
الخير، وحرم الخبيث، وهو ما يضر في دينه.
والشاب والفتى من بلغ إلى ثلاثين وقيل وخمسة،
والكهل منها إلى خمسين، والشيخ منها إلى
سبعين. وفي الكافي والترغيب: إلى آخر العمر،
ثم الهرم.
وأبواب البر القرب، وأفضلها الغزو، يبدأ به،
نص عليه، ويتوجه ما تقدم في أفضل الأعمال،
والرقاب والغارمون وفي سبيل الله وابن السبيل
مصارف الزكاة، فتعطى في فداء الأسرى لمن
يفديهم.
قال شيخنا: أو يوفى ما استدين فيهم، لأن النبي
صلى الله عليه وسلم كان تارة يستدين
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ط": "اليتيم".
(7/380)
لأهل الزكاة ثم
يصرفها لأهل الدين1، فعلم أن الصرف وفاء
كالصرف أداء قال: ويعطي من صار مستحقا قبل
قسمة المال كزكاة. وذكر القاضي والترغيب أن:
ضع ثلثي حيث أراك الله أو في سبيل الله: البر
والقربة لفقير ومسكين، وجوبا، والأصح: لا،
كفقراء قرابته، مع أن قريبا لا يرثه2 أحق،
فيبدأ بهم، نص عليه.
قال شيخنا: ولهذا في وجوب وصيته لهم الخلاف،
فدل أن مسألتنا كهي. وقال أحمد في الماء الذي
يسقى في السبيل: يجوز للأغنياء الشرب3 منه.
قيل لأحمد: أوصى بمال في السبيل فدفع إلى
قرابة له في الثغر يغزو به ولعل في الثغر أشجع
منه ولو لم يكن قريبا لم يعط المال كله
أيأخذه؟ فلم ير بأخذه بأسا، قيل له: بعث بمال
لقرابة له بالثغر يغزو به ترى له يرده أو
يقبله؟ قال: القرابة غير البعيد، وإذا بعث
إليه بمال وقد كان أشرفت نفسه فلا بأس برده،
وكأنه اختار رده، قيل له: أوصى لفلان بكذا
يشتري به فرسا يغزو به ويدفع بقيته إليه فغزا
ثم مات، قال: هو له يورث عنه.
وسبيل الخير لمن أخذ من زكاة لحاجة، ذكره في
المجرد. وقال أبو الوفاء: يعم فيدخل فيه
الغارم للإصلاح، قالا4: ويجوز لغني قريب ويشمل
جمع مذكر سالم كالمسلمين، وضميره الأنثى،
وقيل: لا، كعكسه.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "1468"، ومسلم "983" "11"، من
حديث أبي هريرة.
2 في الأصل: "يرث".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 في "ط": "قال".
(7/381)
والأشراف أهل
بيت النبي عليه السلام، ذكره شيخنا، قال: وأهل
العراق كانوا لا يسمون شريفا إلا من كان من
بني العباس، وكثير من أهل الشام وغيرهم لا
يسمون إلا من كان علويا، قال: ولم يعلق عليه
الشارع حكما في الكتاب والسنة ليتلقى حده من
جهته.
والشريف في اللغة خلاف الوضيع والضعيف، وهو
الرياسة والسلطان، ولما كان أهل بيت النبي صلى
الله عليه وسلم أحق البيوت بالتشريف صار من
كان من أهل البيت شريفا، فلو وصى لبني هاشم لم
يدخل مواليهم، نص عليه، في رواية ابن منصور
وحنبل.
قال في الخلاف: لأن الوصية يعتبر فيها لفظ1
الموصي، ولفظ صاحب الشريعة يعتبر فيه المعنى،
ولهذا لو حلف لا أكلت من السكر2 لأنه حلو لم
يعم غيره من الحلاوات، وكذلك لو قال: عبدي حر
لأنه أسود لم يعتق غيره من العبيد، ولو قال
الله: حرمت المسكر3 لأنه حلو عم جميع
الحلاوات، وكذلك إذا قال اعتق عبدك لأنه أسود
عم. والوصية كالوقف في جميع ذلك، نقل جماعة
فيمن أوصى بصدقة طعاما هل يجوز للوصي دفع
قيمته؟ قال: لا إلا ما أوصى، وجعله في
الانتصار وفاقا، قال أحمد: والوصايا ينتهى
فيها إلى ما أوصى به الموصي.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في النسخ الخطية: "المسكر"، والمثبت من "ط".
3 في الأصل و"ط": "السكر".
(7/382)
ونقل صالح وابن
هانئ فيمن وصى في مرضه فقال: صيرت داري هذه
لولد أخي وولد أختي على أن يسكنوها ينفذ في
ثلثه على ما سمى، ونص فيمن أوصى بصدقة في
أبواب بغداد يفعل، ونص فيمن قال اعتقوا رقبة
ولو كافرة لا يعتق إلا مسلم، ونص فيمن أوصى
بكفارات غداء وعشاء أعجب إلي كما أوصى.
ولو أوصى في المساكين لم يجز في غزو وغيره، بل
يعطى المساكين كما أوصى، نص عليه. وفي
الوسيلة: من أوصى لرجل بخدمة عبده أو سكنى
داره فله إيجارهما، أومأ إليه.
ونقل حرب فيمن وصى لأجنبي وله قرابة"1لا
يرثه1" محتاج يرد إلى قرابته، وذكر شيخنا
رواية: له ثلثها، وللموصى له ثلثاها، ونقل
صالح وأبو طالب والجماعة الأول، كما وصى،
واحتج بأن النبي عليه السلام أجاز وصية الذي
أعتق2.
والأصح دخول وارثه في وصيته لقرابته، خلافا
للمستوعب، ومن لم يجز من الورثة بطل في نصيبه،
ولو وصى بعتق أمة فأنثى، والعبد ذكر، وقيل: أو
أنثى، وفي خنثى غير مشكل وجهان "م 14"، ولو
أوصى بأضحية أنثى أو ذكر فضحوا بغيره خيرا
منه3 جاز، وعلله ابن عقيل بزيادة خير في
المخرج.
ـــــــ
مسألة-14: قوله: "ولو وصى بعتق أمة فأنثى،
والعبد ذكر، وقيل: أو أنثى، وفي خنثى غير مشكل
وجهان" انتهى.
ـــــــ
1-1 في الأصل: "لا قرابة".
2 أخرجه مسلم "1668" "57"
3 في "ط": "من".
(7/383)
فصل: و يحرم بيعه
...
فصل: ويحرم بيعه،
وكذا المناقلة نقله علي بن سعيد لا يستبدل به
ولا يبيعه إلا أن يكون بحال لا ينتفع به، ونقل
أبو طالب لا يغير عن حاله ولا يباع إلا أن لا
ينتفع منه بشيء وقاله الأصحاب، وجوزهما شيخنا
لمصلحة، وأنه قياس الهدي1، وذكره وجها في
المناقلة وأومأ إليه أحمد، ونقل
ـــــــ
قلت: الصواب أن الخنثى غير المشكل يعطى حكم ما
حكمنا عليه به، إن حكمنا بأنه أنثى كان أنثى،
وإن حكمنا بأنه ذكر كان ذكرا، فيصح إعطاؤه في
الوصية بالحكم الذي حكمنا عليه به، وهو في حكم
من لم يكن خنثى من الذكور أو الإناث، والذي
ينبغي أن يكون محل الخلاف الذي ذكره المصنف في
الخنثى المشكل لا في الخنثى غير المشكل، "2وإن
كان الخلاف مفرعا على القول بجواز أنثى عن
عبد، فخنثى بطريق أولى2":
أحدهما: لا يجزئ عتقه فيما إذا وصى بعتق أمة
أو عبد قلت: وهو الصواب، لأن ذمته قد اشتغلت
بمعين، وهذا ليس بمعين، فلا تبرأ ذمته إلا
بمتحقق، ثم "2وجدت الحارثي قطع بأنه لا يدخل
في مطلق بعبد2" انتهى.
والوجه الثاني: يجزئ.
فائدة جليلة: قوله: "ويليه حاكم، وقيل: ناظره"
انتهى.
ما قدمه المصنف جزم به الحلواني في التبصرة،
واختاره الحارثي في شرحه، وقواه شيخنا البعلي
في حواشي الفروع، وهو كما قال.
واعلم: أن الوقف حيث أجزنا بيعه وأردناه،3 فمن
يلي بيعه لا يخلو إما4 أن يكون
ـــــــ
1 المراد ما يهدي للكعبة إذا مات بالطريق.
2-2 ليست في "ح".
3 في "ط": "وأردنا".
4 ليست في "ط".
(7/384)
صالح: نقل
المسجد لمنفعة للناس، ونصه1: تجديد بنائه
لمصلحته، وعنه برضى جيرانه، وعنه يجوز شراء
دور مكة لمصلحة عامة، فيتوجه هنا مثله قال
شيخنا: جوز جمهور العلماء تغيير صورته لمصلحة،
كجعل الدور حوانيت والحكورة المشهورة، ولا فرق
بين بناء ببناء وعرصة بعرصة وقال فيمن وقف
كروما على الفقراء يحصل على جيرانها به ضرر:
يعوض عنه بما لا ضرر فيه على الجيران، ويعود
الأول ملكا والثاني وقفا.
ويجوز نقض منارته وجعلها في حائطه لتحصينه، نص
عليه، ونقل أبو داود أنه سئل عن مسجد فيه
خشبتان لهما ثمن تشعث وخافوا سقوطه،
ـــــــ
على سبيل الخيرات، كالمساجد والقناطر والمدارس
والفقراء والمساكين ونحو ذلك،
ـــــــ
1 في "ط": "نصحه".
(7/385)
أتباعان1 وينفق
على المسجد، ويبدل مكانهما جذعين؟ قال: ما أرى
به بأسا، واحتج بدواب الحبس التي لا ينتفع بها
تباع ويجعل ثمنها في الحبس، قال في الفنون2:
لا بأس بتغيير حجارة الكعبة إن عرض لها مرمة،
لأن كل عصر احتاجت فيه إليه قد فعل، ولم يظهر
نكير ولو تعيبت الآلة لم يجز، كالحجر الأسود
لا يجوز نقله، ولا يقوم غيره3 مقامه، ولا
ينتقل النسك معه، كآي القرآن لا يجوز نقلها عن
سورة هي فيها، لأنها لم توضع إلا بنص النبي
صلى الله عليه وسلم بقوله: "ضعوها في سورة
كذا" 4.
قال: وقال العلماء: مواضع الآي من كتاب الله
كنفس الآي، ولهذا حسم النبي صلى الله عليه
وسلم مادة التغيير في إدخال الحجر إلى البيت5،
ويكره نقل حجارتها عند عمارتها إلى غيرها، كما
لا يجوز صرف تراب المساجد لبناء في غيرها
بطريق الأولى، قال: ولا يجوز أن تعلى أبنيتها
زيادة على ما وجد من علوها وأنه يكره الصك
فيها وفي أبنيتها إلا بقدر الحاجة ويتوجه جواز
البناء على قواعد إبراهيم عليه السلام، لأن
النبي عليه السلام لولا المعارض في زمنه
لفعله، كما في خبر عائشة5، قال ابن هبيرة فيه:
يدل على جواز تأخير الصواب لأجل قالة الناس،
ورأى مالك والشافعي تركه أولى لئلا يصير ملعبة
للملوك وكل وقف تعطل نفعه المطلوب منه بخراب
أو غيره ولو
ـــــــ
أو على غير ذلك، فإن كان على سبيل الخيرات
فالصحيح من المذهب أن الذي يلي بيعه
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "اتباعاً"، والمثبت من
"ط".
2 في "ط": "العيون".
3 في "ط": "غير".
4 أخرجه أبو داود "786"، والترمذي
"3086"،والنسائي "8007".
5 تقدم تخريجه 3/192.
(7/386)
بضيق مسجد، نص
عليه، أو خربت محلته، نقله عبد الله بيع، ذكره
جماعة. نقل جماعة: لا يباع إلا أن لا ينتفع
منه بشيء لا يرد شيئا. وفي المغني1: إلا أن
يقل فلا يعد نفعا، وقيل: أو أكثر نفعه، نقله
مهنا في فرس كبر وضعف أو ذهبت عينه، فقلت: دار
أو ضيعة ضعفوا أن يقوموا عليها؟ قال: لا بأس
ببيعها إذا كان أنفع لمن ينفق عليه منها،
وقيل: أو خيف تعطل نفعه، جزم به في الرعاية،
وقيل: أو أكثره قريبا.
سأله الميموني: يباع إذا عطب إذا فسد؟ قال: إي
والله يباع إذا كان يخاف عليه التلف والفساد،
والنقص. باعوه وردوه في مثله، وسأله الشالنجي:
إن أخذ من الوقف شيئا فعتق في يده وتغير عن
حاله، قال: يحول إلى مثله.
وكذا في التلخيص والترغيب والبلغة: لو أشرف
على كسر أو هدم وعلم أنه لو أخر لم ينتفع به
بيع، وقولهم "بيع" أي يجوز نقله، وذكره جماعة،
ويتوجه أن ما قالوه للاستثناء مما لا يجوز،
وإنما يجب
ـــــــ
الحاكم، وعليه أكثر الأصحاب، وقطع به كثير
منهم، منهم صاحب الرعاية في كتاب
ـــــــ
1 8/223.
(7/387)
لأن الولي
يلزمه فعل المصلحة، وهو ظاهر رواية الميموني
وغيرها.
قال القاضي وأصحابه والشيخ: ولأنه استبقاء
للوقف بمعناه، فوجب كإيلاد أمة موقوفة أو
قتلها وكذا قال شيخنا، ومع الحاجة يجب بالمثل،
وبلا حاجة يجوز بخير منه، لظهور المصلحة، ولا
يجوز بمثله، لفوات التعيين بلا حاجة. وفي
المغني1: ولو أمكن بيع بعضه ليعمر به بقيته
بيع، وإلا بيع جميعه، ولم أجده لأحد قبله.
والمراد مع اتحاد الواقف، كالجهة، ثم إن أراد
عينين كدارين فظاهر، وكذا عينا واحدة ولم تنقص
القيمة بالتشقيص2، فإن نقصت توجه البيع في
قياس المذهب كبيع وصي لدين أو حاجة صغير، بل
هذا أسهل، لجواز تغيير صفاته لمصلحة وبيعه على
قول، ولو شرط عدمه بيع، وشرطه إذن فاسد، في
المنصوص، نقله حرب، وعلله بأنه ضرورة ومنفعة
ـــــــ
الوقف، والحارثي، والزركشي في كتاب الجهاد،
وقال: نص عليه، وغيرهم، وقدمه المصنف وغيره.
ـــــــ
1 8/221.
2 في "ق": "الآخر".
(7/388)
لهم، و يتوجه
على تعليله لو شرط عدمه عند تعطله. ويليه
حاكم، وقيل: ناظره.
ـــــــ
وقيل: يليه الناظر الخاص عليه إن كان، جزم به
في الرعاية الكبرى في كتاب البيع قلت: وهو
قوي، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب، وإن كان
الوقف على غير ذلك فهل يليه الناظر الخاص أو
الموقوف عليه أو الحاكم؟ فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: يليه الناظر الخاص، وهو الصحيح من
المذهب، قال الزركشي: إذا تعطل
(7/389)
.............................................
ـــــــ
الوقف فإن الناظر فيه يبيعه ويشتري بثمنه ما
فيه منفعة ترد على أهل الوقف، نص عليه، وعليه
الأصحاب انتهى، قال في الفائق: ويتولى البيع
ناظره الخاص، حكاه غير واحد انتهى.
وجزم به في التلخيص والمحرر فقال: يبيعه
الناظر فيه. وقال في التلخيص: يكون البائع
الإمام أو نائبه، نص عليه، وكذلك المشتري
بثمنه، وهذا إذا لم يكن للوقف ناظر انتهى.
وقدمه الناظم فقال:
وناظره شرعا يلي عقد بيعه ... وقيل: إن تعين
مالك النفع يعقد1
وقدمه في الرعاية الكبرى فقال: فلناظره الخاص
بيعه، ومع عدمه2 يفعل ذلك الموقوف عليه، قلت:
إن قلنا يملكه، وإلا فلا، وقيل: بل يفعله
مطلقا الإمام أو نائبه كالوقف على سبيل
الخيرات انتهى. وقدمه الحارثي وقال: حكاه غير
واحد انتهى.
والقول الثاني: يليه الموقوف عليه. وهو ظاهر
ما جزم به في الهداية فقال: فإن تعطلت منفعته
فالموقوف عليه بالخيار بين النفقة عليه وبين
بيعه وصرف ثمنه في مثله انتهى.
ـــــــ
1 في "ح": "يعقده"، و"ط": "لعقد" وانظر "عقد
الفرائد" 1/522.
2 في "ط": "عمده".
(7/390)
...............................
ـــــــ
وكذا قال ابن عقيل في الفصول، وابن البناء في
الخصال، وابن الجوزي في المذهب ومسبوك الذهب،
والسامري في المستوعب، وأبو المعالي بن المنجى
في الخلاصة، وابن أبي المجد1 في مصنفه، وقدمه
في الرعاية الصغرى فقال: وما تعطل نفعه فلمن
وقف عليه بيعه، قلت: إن ملكه، وقيل: بل لناظره
بيعه بشرط" انتهى، قدمه في الحاوي الصغير.
ـــــــ
1 في "ط": "المنجد".
(7/391)
...............................
ـــــــ
والقول الثالث: يليه الحاكم، جزم به الحلواني
في التبصرة فقال: وإذا خرب الوقف ولم يرد شيئا
أو خرب المسجد وما حوله ولم ينتفع به فلإمام
بيعه وصرف ثمنه في مثله انتهى.
وقدمه المصنف، واختاره الحارثي في شرحه، ونصره
شيخنا في حواشيه، وقواه بأدلة كثيرة، وهو كما
قال، ولكن الأول أن الحاكم لا يستبد به دون
ناظره الخاص، والله أعلم.
وهذا مما1 حكمنا بأن المذهب خلاف ما قدمه
المصنف، فعلى المذهب لو عدم الناظر الخاص
فقيل: يليه الحاكم، جزم به صاحب التلخيص
والحارثي، وقدمه في الرعاية الكبرى في كتاب
البيع، وذكره نص أحمد، وهو ظاهر ما قطع به
المصنف ; وهو الصحيح من المذهب، وقيل: يليه
الموقوف عليه مطلقا، قدمه في الرعاية الكبرى
في كتاب الوقف، وهو ظاهر ما قطع به الزركشي
وحكاه عن الأصحاب، قلت: وهو ظاهر كلام أكثر
الأصحاب، حيث أطلقوا أن الموقوف عليه يبيعه،
كما تقدم، وأطلقهما في الفائق، وقيل: يليه
الموقوف2 عليه إن قلنا يملكه، وإلا فلا،
اختاره في الرعايتين، وجزم به في الفائق قلت:
ولعله مراد من أطلق، أعني أن محل القول بأنه
يليه إذا قلنا يملكه.
تنبيه: تلخص لنا مما تقدم طرق فيمن يلي البيع،
لأن الوقف لا يخلو إما أن يكون
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 في "ط": "الوقوف".
(7/392)
...............................
ـــــــ
على سبيل الخيرات أو لا، فإن كان الوقف عليها
فللأصحاب طريقان:
أحدهما: يليه الحاكم، قولا واحدا، وهو قول
الأكثر.
والثاني: يليه الناظر الخاص، وهي طريقته في
الرعاية الكبرى في كتاب البيع، وهو ظاهر كلام
جماعة كثيرة.
وإن كان على غير1 سبل الخيرات ففيه طرق:
أحدها 2: يليه الناظر، قولا واحدا، وهي طريقة
المجد في محرره، والزركشي وعزاه إلى نص أحمد
واختيار الأصحاب.
الثاني: يليه الموقوف عليه، قولا واحدا، وهو
ظاهر ما قطع به في الهداية والفصول وعقود ابن
البناء والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب
والخلاصة وغيرهم.
الثالث: يليه الحاكم، قولا واحدا، وهي طريقة
الحلواني في التبصرة.
الرابع: يليه الناظر الخاص إن كان، فإن لم يكن
فالحاكم، قولا واحدا، وهي طريقته في التلخيص.
الخامس: هل يليه الناظر3 الخاص وهو المقدم أو
الموقوف عليه؟ فيه وجهان. وهي طريقة الناظم.
السادس: هل يليه الموقوف عليه وهو المقدم أو
إن قلنا يملكه؟ وهو المختار، أو الناظر؟ على
ثلاثة أقوال، وهو طريقة الرعاية الصغرى.
السابع: هل يليه الموقوف عليه وهو المقدم؟ أو
الناظر؟ فيه وجهان، وهي طريقته في الحاوي
الصغير.
ـــــــ
1 ليست في "ح".
2 في "ص": "أحدهما".
3 ليست في "ط".
(7/393)
ومصرفه في مثله
أو بعض مثله قال أحمد، وقاله في التلخيص
وغيره، كجهته واقتصر في المغني1 على ظاهر
الخرقي أو نفع غيره، ونقل أبو داود في الحبيس:
أو ينفق ثمنه على الدواب الحبس ويصير حكم
المسجد للثاني فقط، وعنه: لا يباع مسجد، فتنقل
آلته لمسجد آخر اختاره أبو محمد الجوزي، وعنه:
ولا يباع غيره، اختاره
ـــــــ
الثامن: طريقته في الرعاية الكبرى وهي: هل
يليه الناظر الخاص إن كان وهو المقدم؟ أو
الحاكم؟ حكاه في كتاب الوقف، فيه قولان، فإن
لم يكن ناظر خاص فهل يليه الحاكم؟ وهو المقدم
في كتاب البيع وذكره نص أحمد، أو الموقوف
عليه؟ وهو المقدم في كتاب الوقف أو إن قلنا
يملكه، واختاره، فيه ثلاثة أقوال.
التاسع: هل يليه الحاكم مطلقا؟، وهو المقدم،
أو الموقوف عليه؟ فيه وجهان، وهي طريقة
المصنف.
العاشر: يليه الناظر الخاص إن كان، فإن لم يكن
فهل يليه الحاكم؟ أو الموقوف عليه إن قلنا
يملكه؟ على وجهين مطلقين، وهي طريقة صاحب
الفائق.
فهذه اثنتا عشرة طريقة، ثنتان2 فيما هو على
سبيل الخيرات، وعشر في غيرها. وإنما أطلت في
ذلك لحاجة الناس إليها وتقديم المصنف شيئا وإن
كان قويا لكن المذهب خلافه والله أعلم
ـــــــ
1 8/220.
2 في النسخ الخطية: "كجبهة"، والمثبت من
"الفروع".
(7/394)
الشريف وأبو
الخطاب، لكن ينقل إليه، نقل جعفر فيمن جعل
خانا في السبيل وبنى بجنبه مسجدا فضاق أيزاد
منه في المسجد؟ قال: لا. قيل: فإن ترك ليس
ينزل فيه قد عطل، قال: يترك على ما صير له،
ولا يجوز نقله مع إمكان عمارته دون الأولى
بحسب النماء، قاله في الفنون وإن جماعة أفتوا
بخلافه وغلطهم، وله بيع بعضها وصرفها في
عمارته، نص عليه.
ومن وقف على ثغر فاحتل صرف في ثغر مثله، ذكره
الشيخ، ونقل حرب فيمن وقف على قنطرة فانحرف
الماء: يرصد لعله يرجع. وفي رفع مسجد أراد
أكثر أهله رفعه وجعل تحت سفله سقاية وحانوتا
وجهان، وجوازه ظاهر كلامه "م 15".
ـــــــ
مسألة-15: قوله: "وفي رفع مسجد أراد أكثر أهله
رفعه وجعل تحت1 سفله سقاية وحانوتا وجهان،
وجوازه ظاهر كلامه" انتهى:
أحدهما: يجوز فعل ذلك، وهو ظاهر كلام الإمام
أحمد، واختاره القاضي، نقله الزركشي في
الجهاد، وقدمه في الرعاية فقال: فإن أراد أهل
مسجد رفعه عن
ـــــــ
1 ليست في النسخ و"ط"، والمثبت من "الفروع".
(7/395)
وما فضل عن
حاجة مسجد جاز صرفه لمثله وفقير، نص عليه،
وعنه: لا، وعنه: بلى لمثله. اختاره شيخنا.
وقال أيضا: وفي سائر المصالح وبناء مساكن
لمستحق ريعه القائم بمصلحته، قال: وإن علم أن
ريعه يفضل عنه دائما وجب صرفه، لأن بقاءه فساد
وإعطاءه فوق ما قدره الواقف، لأن تقديره لا
يمنع استحقاقه، كغير مسجده، وقال: ومثله وقف
غيره، وكلام غيره معناه، قال: ولا يجوز لغير
الناظر صرف الفاضل.
ويحرم غرس شجرة في مسجد، وتقلع، قال أحمد:
غرست بغير حق، ظالم غرس فيما لا يملك وفي
الإرشاد1 والمبهج: يكره، وإن وقف
ـــــــ
الأرض وجعل سفله سقاية وحوانيت روعي أكثرهم،
نص عليه" انتهى. قال ابن نصر الله في حواشيه:
وهو الصواب.
والوجه الثاني: لا يجوز فعل ذلك، اختاره ابن
حامد، وأول كلام الإمام أحمد، وصححه الشيخ
الموفق والشارح، قال في الرعاية الكبرى: وقيل:
نص أحمد في مسجد أراد أهله إنشاء كذلك، وهو
أولى انتهى.
فاختار تأويل كلام الإمام أحمد، ورد بعض محققي
الأصحاب هذا التأويل من وجوه كثيرة، وهو كما
قال.
ـــــــ
1 ص 242.
(7/396)
وهي فيه وعين
مصرفها اتبع وإلا كمنقطع، وذكر جماعة: في
مصالحه، وإن فضل فلجاره أكلها، نص عليه، قال
جماعة: ولغيره، وقيل: للفقير منهم، وقيل:
مطلقا، وإن بنى أو غرس ناظر في وقف توجه أنه
له إن أشهد، وإلا للوقف.
ويتوجه في أجنبي: للوقف بنيته. وقال شيخنا: يد
الوقف ثابتة على المتصل به ما لم تأت حجة تدفع
موجبها، كمعرفة كون الغارس غرسه بماله بحكم
إجارة وإعارة أو غصب "م 16".
ويد المستأجر على المنفعة، فليس له دعوى
البناء بلا حجة، ويد أهل عرصة مشتركة ثابتة
على ما فيها بحكم الاشتراك، وإلا مع بينة
باختصاصه ببناء ونحوه وتحليته بذهب وفضة "و ش"
وقيل: يكره، "و م".
وللحنفية الكراهة والإباحة والندب، قالوا:
ويضمن متولي الوقف، واحتجوا بتذهيب الوليد
للكعبة لما بعث إلى واليها خالد القسري، ويحرم
حفر بئر فيه ولا تغطى بالمغتسل، لأنه للموتى
وتطم نقل ذلك المروذي.
ـــــــ
مسألة-16: قوله: "وإن بنى أو غرس ناظر في وقف
توجه أنه له إن أشهد، وإلا للوقف، ويتوجه في
أجنبي للوقف1 بنيته وقال شيخنا: يد الواقف
ثابتة على المتصل به ما لم تأت حجة تدفع
موجبها، كمعرفة كون الغارس غرسه بماله بحكم
إجارة أو إعارة أو غصب" انتهى. قلت: الصواب أن
حكمه حكم الغاصب ما لم يأت بحجة تدل على خلاف
ذلك.
ـــــــ
1 ليست في النسخ، والمثبت من "ط".
(7/397)
وفي الرعاية في
إحياء الموات أن أحمد لم يكره حفرها فيه ثم
قال: قلت: بلى إن كره الوضوء فيه. وفي صحة بيع
فيه "و" وتحريمه "خ" وعمل صنعة كخياطة، نفع
المسجد أو لا، روايتان "م 17 - 19".
ـــــــ
مسألة-17-19: قوله: "وفي صحة بيع فيه" يعني
المسجد "وتحريمه، وعمل صنعة كخياطة، نفع
المسجد أو لا، روايتان" انتهى، فيه مسائل:
المسألة الأولى – 17: هل يصح البيع في المسجد
أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في الآداب الكبرى،
"1وقال في الرعاية الكبرى1": وفي صحتهما
وجهان، مع التحريم:
إحداهما لا يصح: قال ابن تميم: ذكر القاضي في
موضع بطلان البيع، قال ابن أبي المجد في كتابه
قبل الخيار في البيع: ويحرم البيع والشراء في
المسجد، للخبر2، ولا يصحان، في الأصح فيهما
انتهى.
قلت: قواعد المذهب تقتضي عدم الصحة قال ابن
هبيرة: منع الإمام أحمد صحته وجوازه، وهو ظاهر
ما قدمه المصنف في آخر الاعتكاف3، لأنه قدم
عدم الجواز، ثم قال وقيل: إن حرم ففي صحته
وجهان انتهى، وهو طريقته في الرعاية.
والرواية الثانية: يصح، وهو قوي، جزم به في
المغني4 والشرح5 وشرح ابن رزين وغيرهم قبيل
باب السلم، ولكن قطعوا بالكراهة، وصححوا
البيع.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف هنا في الصحة وعدمها
أنه سواء قلنا يكره أو يحرم، وهذا بعيد جدا
على القول بالكراهة، ويحتمل أنه بنى الخلاف
على الخلاف في التحريم والكراهة، فإن قلنا
يحرم لم يصح، وإلا صح، هذا ظاهر كلامه في
الاعتكاف، فإنه هناك قدم التحريم ثم قال:
وقيل: إن حرم ففي صحته وجهان انتهى.
ـــــــ
1 ليست في "ح".
2 تقدم تخريجه 5/194.
3 5/194.
4 6/383.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/302.
(7/398)
...............................
ـــــــ
ومحل الخلاف عند صاحب الرعاية على القول
بالتحريم، وهو الصواب. وهو كالصريح في كلام
ابن أبي المجد.
المسألة الثانية-18: هل يحرم البيع والشراء
فيه أم لا؟ أطلق الخلاف.
إحداهما: يحرم، وهو الصحيح، نص عليه في رواية
حنبل، وجزم به القاضي وابنه أبو الحسين وصاحب
الوسيلة والإفصاح، والمجد في شرحه، والشارح في
باب الاعتكاف، وغيرهم قال ابن هبيرة: منع
الإمام أحمد جوازه، وقدمه في الرعاية الكبرى
ومختصر ابن تميم والمصنف في باب الاعتكاف1،
وهذه من جملة المسائل التي قدم المصنف فيها
حكما في مكان وأطلق الخلاف في آخر.
والرواية الثانية: يكره، جزم به في الفصول
والمستوعب والمغني2 والشرح3 في آخر كتاب
البيع، وشرح ابن رزين، قال الشيخ في المغني2
قبل كتاب السلم بيسير: ويكره البيع والشراء في
المسجد وقال في الرعاية الكبرى في باب مواضع
الصلاة واجتناب النجاسة: ويسن أن يصان المسجد
عن "4البيع والشراء فيه. نص عليه.
المسألة الثالثة: -19: هل يجوز فيه عمل الصنعة
كالخياطة ونحوها أم لا يجوز؟ أطلق الخلاف فيه:
إحداهما: لا يحرم. قال في الرعاية الكبرى: يسن
أن يصان المسجد عن4" عمل صنعة. نص عليه، وإن
نفعه5 صانعها بكنس أو رش أو غيره ذكره في باب
مواضع الصلاة وقال ابن تميم: ويجنب المسجد عمل
الصنعة وإن كان الصانع يخدمه6، قال
ـــــــ
1 5/194.
2 6/383.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/203.
4-4 ليست في "ط".
5 في "ط": "نقصه".
6 في "ط": "يحرمه".
(7/399)
...............................
ـــــــ
في الآداب: ويسن أن يصان المسجد عن كل عمل
صنعة، نص عليه. وقال في المستوعب وغيره: سواء
كان الصانع يراعي المسجد بكنس أو رش ونحوه أو
لم يكن انتهى. قال حرب: سئل الإمام أحمد عن
العمل في المسجد نحو الخياطة وغيره، فكأنه
كراهة ليس بذلك التشديد. وقال المروذي: سألته
عن الرجل يكتب بالأجرة فيه قال: أما الخياط
وشبهه فلا يعجبني، إنما بني لذكر الله تعالى،
وقال في رواية الأثرم: ما يعجبني مثل الخياط
والإسكاف وشبهه، وسهل في الكتابة، قال
الحارثي: خص الكتابة لأنه نوع تحصيل علم، فهي
في معنى الدارسة، وهذا يوجب التقييد بما لا
يكون تكسبا، وإليه أشار بقوله: فليس ذلك كل
يوم انتهى، وظاهر ما نقل الأثرم وقد قطع
المصنف في باب الاعتكاف أنه لا يجوز للمعتكف
أن يتكسب بالصنعة التسهيل في الكتابة مطلقا
انتهى. قلت: الصواب عدم التحريم والله أعلم،
"1وقد قطع المصنف في باب الاعتكاف2 أنه يجوز
للمعتكف أن يتكسب بالصنعة1" في المسجد وإن
احتاج الخياطة للبسه فالصحيح الجواز وهو ظاهر
كلام المصنف هناك إطلاق الخلاف وقد ذكرته.
والرواية الثانية: يحرم، وهو ظاهر ما اختاره
ابن بطة. قال صالح لأبيه: تكره الخياطين في
المساجد؟ قال: إي لعمري شديدا، وكذا روى ابن
منصور. وقال في الآداب: وهذا يقتضي التحريم،
ورواية حرب الكراهة، فهاتان روايتان، وذكر ابن
عقيل أنه يكره في المساجد العمل والصنائع
كالخياطة والخرز والحلج والتجارة3 وما شاكل
ذلك إذا كثر، ولا يكره إذا قل، كرقع ثوبه وخصف
نعله انتهى. قلت: هو أعدل الأقوال والله أعلم.
ـــــــ
1-1 جاءت هذه الفقرة في "ط": بعد قوله: "وظاهر
ما نقل الأثرم".
2 5/195.
3 في "ط": "النجارة".
(7/400)
وتحريم إقامة
حد به وجهان، وكرهه أحمد "م 20".
واتخاذه طريقا ووضع النعش فيه لا النسخ، وأومأ
إذا لم يتكسب به، وقاله بعضهم ويتوجه مثله
تعليم الكتابة فيه1 بلا ضرر له. وفي النوادر:
لا يجوز.
وأفتى في الفنون بإخراجهم، واستثنى فقيها يدري
ما يصان عنه فقيرا، قال: وقد قال النبي عليه
السلام: "لا يبقى في المسجد خوخة إلا سدت إلا
ـــــــ
مسألة-20: قوله: "و2 تحريم إقامة حد فيه
وجهان، وكرهه أحمد" انتهى.
نقل حنبل: لا أحب أن يضرب فيه الحد ولا يقام
حد، لعله يكون منه شيء انتهى.
قال ابن تميم قبيل صلاة المريض: ولا يجوز أن
يقام في المسجد حد. وقال في الرعاية الكبرى في
باب مواضع الصلاة: ويسن أن يصان عن إقامة حد
فيه، وكذا قال في الصغرى. وقال في الحاوي
الكبير: ويجنب المسجد إقامة الحدود، وكذا قال
في المستوعب. وقال في المقنع3 في كتاب الحدود:
ولا تقام الحدود في المساجد، وكذا قال في
المحرر والوجيز والمنور وغيرهم، وذكر ابن عقيل
في الفصول أنه لا تجوز إقامة الحدود في
المساجد، وقد قال في رواية ابن منصور: لا تقام
الحدود في المساجد انتهى.
قلت: الصواب التحريم، للنهي عن ذلك4، والله
أعلم.
فهذه عشرون مسألة في هذا الباب.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 بعدها في النسخ الخطية و"ط": "في"، والمثبت
من "الفروع".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 26/183.
4 في أحاديث كثيرة منها: ما أخرجه الترمذي
"1401"، وابن ماجه "2599"، عن ابن عباس النبي
صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقام الحدود في
المساجد".
(7/401)
خوخة أبي بكر"
1 وإنما خصه لسابقته، وتقدم هذا المعنى، وقالت
عائشة: أسلمت امرأة سوداء لبعض العرب، وكان
لها حفش في المسجد، أي بيت صغير، وكانت تأتينا
فتحدث عندنا، رواه البخاري2.
نقل حنبل: لا أحب أن يضرب فيه أحد ولا يقام3
حد، لعله يكون منه شيء، ومنع شيخنا اتخاذه
طريقا، قال: والاتخاذ والاستئجار كبيع وشراء
وقعود صانع وفاعل فيه لمن يكتريه4، كبضاعة
لمشتر لا يجوز.
قال عبد الله: سألت أبي عن الرجل يخيط في
المسجد قال: لا ينبغي له أن يتخذ المسجد معاشا
ولا مقيلا ولا مبيتا، إنما بنيت المساجد لذكر
الله والصلاة، وسأله أبو طالب عن المسجد يكون
في طريق قريب منه أمر فيه؟ قال: لا يتخذ طريقا
مثل أهل الكوفة يمرون فيه، قلت: فإن كان يوم
مطر يمر فيه؟ قال: إذا كان ضرورة يضطر إليه
مثل المطر نعم، ويكره فيه كثرة حديث لاغ "و"
ودنيا، ونقل حنبل: مسجده عليه السلام خاصة لا
ينشد فيه شعر ولا يمر فيه بلحم، كرامة للنبي
صلى الله عليه وسلم، ولا أرى لرجل إذا دخل
المسجد إلا أن يلزم نفسه الذكر والتسبيح، فإن
المساجد إنما بنيت لذكر الله والصلاة ويكره
رفع صوت "و" بغير علم ونحوه "م" ولو احتيج
إليه "هـ"، ونوم غير معتكف، ونصه: وما لا
يستدام كمريض وضيف ومجتاز، وعنه: منع
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 أخرجه البخاري "3904"، من حديث أبي سعيد
الخدري بلفظ: "لا يبقين في المسجد إلا خوخة
أبي بكر".
2 في صحيحه "3835".
3 بعدها في "ط": "فيه".
4 في "ط": "يكثر به".
(7/402)
مستدام وعنه:
يجوز "و ش"، وعنه يكره مقيلا ومبيتا، ومنعهما
شيخنا لغني. وفي المبسوط للحنفية: يكره إلا
لمعتكف. وفي المحيط: للحاجة إلى حفظ متاع
المسجد، ويباح أن يغلق أبوابه لئلا يدخله من
يكره دخوله إليه، نص عليه. وهو من أغلق الباب
فهو مغلق، وغلق فهو مغلوق لغة رديئة.
وكرهه الحنفية، واختار مشايخهم كقولنا ونص
أحمد، قال أحمد: يخرج المعبر لا القصاص، وقال:
يعجبني قاص إذا كان صدوقا، وما أحوج الناس
إليه ونقل حنبل: أما هؤلاء الذين أحدثوا من
وضع الأخبار فلا أراه، ولو قلت إنه يسمعهم
الجاهل فلعله ينتفع، وكره منعهم.
ونقل ابن هانئ: ما أنفعهم للعامة وإن كان عامة
حديثهم كذبا. وقال إبراهيم الحربي: حدثني شجاع
بن مخلد قال: لقيني بشر بن الحارث وأنا أريد
مجلس منصور بن عمار، فقال لي: وأنت أيضا يا
شجاع ارجع، فرجعت، قال إبراهيم: لو كان في هذا
خير لسبق إليه الثوري ووكيع وأحمد وبشر.
وفي الغنية: قبل صلاة الجمعة لا يستحب له حضور
القاص، لأن القصص بدعة، وكان ابن عمر وغيره من
الصحابة يخرجونهم من الجامع1 إلا أن يكون من
أهل المعرفة واليقين فحضور مجلسه أفضل
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 8/747" أن
رجلاً قاصاً جلس في مجلس ابن عمر، فقال له: قم
من مجلسنا، فأبى أن يقوم، فأرسل ابن عمر إلى
صاحب الشرط: أقم القاص، فبعث إليه، فأقامه.
(7/403)
من صلاته. فأما
قراءتهم للتوراة ونحوها فنقل ابن هانئ أنه سئل
عنه فقال1: هذه مسألة مسلم؟ وغضب، وظاهره
الإنكار، وحرمه ابن بطة والقاضي وذكر أن2 ابن
هرمز من أصحابنا كان يفعله فأنكر عليه ابن
بطة.
ومن جعل سفل بيته مسجدا انتفع بسطحه، ونقل
حنبل3 لا، وأنه لو جعل السطح مسجدا انتفع
بأسفله، لأن السطح لا يحتاج إلى أسفل.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ط": "قال".
2 ليست في "ر".
3 في "ر": "حرب".
(7/404)
باب الهبة
مدخل
...
باب الهبة
وهي تبرع الحي بما يعد هبة عرفا، وفي المستوعب
والمغني1 في الصداق لا تصح إلا بلفظ الهبة
والعفو والتمليك. وفي الرعاية في عفو وجهان.
وفي المذهب ألفاظها: وهبت وأعطيت وملكت. وفي
الانتصار أطعمتكه كوهبتكه، وكان عليه السلام
يقبل الهدية ويثيب عليها2، وفي الغنية: يكره
رد الهدية وإن قلت. ويكافئه أو يدعو له،
ويتوجه: إن لم يجد دعا له، كما رواه أحمد
وغيره، ولأحمد3 من حديث ابن مسعود: "لا تردوا
الهدية".
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 10/164.
2 أخرجه البخاري "2582"، من حديث عائشة.
3 في "مسنده" "3838"، من حديث عبد الله بن
مسعود.
(7/405)
وحكى أحمد في
رواية مثنى عن وهب قال: ترك المكافأة من
التطفيف، وقاله مقاتل، وكذا اختار شيخنا في رد
الرافضي أن من العدل الواجب مكافأة من له يد
أو نعمة ليجزيه بها، وظاهر كلامهم تقبل هدية
المسلم والكافر، وذكروه في الغنيمة.
ونقل ابن منصور في المشرك: أليس يقال إن النبي
صلى الله عليه وسلم رد وقبل؟ وقد رواهما
أحمد1. وقال ابن الجوزي: فيها ثلاثة أقوال2:
أحدها: أن أخبار3 القبول أثبت.
والثاني: أنها ناسخة.
والثالث: قبل من أهل الكتاب، وقبوله من أهل
الشرك ضعيف أو منسوخ.
وقيل: الهبة تقتضي عوضا وقيل: مع عرف، فلو
أعطاه ليعاوضه أو ليقضي له حاجة فلم يف
فكالشرط واختاره شيخنا.
وإن شرطه معلوما صحت، كعارية.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في مسند "8714"، عن أبي هريرة عن النبي صلى
الله عليه وسلم: أنه كان يقبل الهدية، ولا
يقبل الصدقة.
2 في "ر" و"ط": "أوجه".
3 في "ط": "اختيار".
(7/406)
وقيل: بقيمتها
بيعا وعنه: هبة، وقيل: لا يصح، كنفي ثمن،
وكمجهول، وعنه: يصح فيه، ذكره شيخنا ظاهر
المذهب، ويرضيه، فإن لم يرض ردها بزيادة ونقص،
نص عليه، فإن تلفت فقيمتها يومه، ولا يجوز أن
يكافئه بالشكر والثناء، نص عليه، فإن ادعى
ربها شرط العوض أو البيع فأنكره فوجهان "م 1".
ـــــــ
مسألة-1: قوله: "فإن ادعى ربها شرط العوض أو
البيع فأنكره1 فوجهان" انتهى.
قال في الرعاية الكبرى: وإن ادعى الواهب أنه
شرط العوض فأنكره المتهب أو قال: وهبتني ما
بيدي فقال: بل بعتكه، فأيهما يصدق إذا حلف؟
فيه وجهان. قلت الهبة من الآدمي2 تقتضي عوضا
هو القيمة إذا قبله، فإن مات رجع إن شاء
انتهى.
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 في "ط": "الأدنى".
(7/407)
وتصح هبة جائز
بيعه خاصة، نص عليه، قال أحمد: ما جاز بيعه
جاز فيه الصدقة والهبة والرهن، وقال إذا وقف
أو وصى بأرض مشاعة احتاج أن يحدها كلها، وكذا
البيع والصدقة هو عندي واحد.
وهبة مجهول تعذر علمه كصلح، وقال في الكافي1:
وكلب ونجاسة يباح نفعها، نقل حنبل فيمن أهدى
إلى رجل كلب صيد: ترى له أن يثيب عليه؟ قال:
هذا خلاف الثمن، هذا عوض من شيء، فأما الثمن
فلا، وقيل: وجلد ميتة، وقيل: ومجهول عند متهب،
وغير مقدور، كوصية.
ويتوجه منه2 هبة معدوم وغيره ونقل ابن أبي
عبدة: سئل عن الصدقة بثلث دار غائبة على رجل
مشاعة، وحد الدار وهي معروفة، قال: جائز، ليس
كما يقول هؤلاء: لا يجوز حتى يعرف الدار، ونقل
حرب: إذا قال ثلث ضيعتي لفلان بلا قسمة جاز
إذا كانت تعرف، ولا معلقة بشرط غير الموت، ولا
مؤقتة، خلافا للحارثي فيهما، إلا في العمري،
كقوله:
ـــــــ
وقطع في الكافي3 بأن القول قول المنكر في
المسألة الأولى، قلت: الصواب أنه لا يقبل قول
واحد منهما على الآخر في المسألة الأخيرة، فلا
يصح البيع ولا الهبة، هذا ما يظهر، والقول قول
المنكر في المسألة الأولى، كما قال في
الكافي3، وقدمه الحارثي في شرحه وصححه، وقال:
حكاه في الكافي3 وغير واحد.
ـــــــ
1 3/596.
2 ليست في الأصل.
3 3/599.
(7/408)
أعمرتك أو
أعطيتك أو جعلته لك عمرك أو عمري أو ما بقيت
أو حياتك، فيصح ويصير للمعمر ولورثته بعده،
كتصريحه1، ونقل يعقوب وابن هانئ: من يعمر
الجارية أيطأ؟ قال: لا أراه، وحمله القاضي على
الورع، لأن بعضهم جعلها تمليك المنافع، وروى
سعيد: حدثنا هشيم حدثنا حميد حدثنا الحسن أن
رجلا أعمر فرسا حياته، فخاصمه بعد ذلك إلى
النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عليه السلام:
"من ملك شيئا حياته فهو لورثته بعده" 2
والإنسان إنما يملك الشيء عمره، فقد وقته بما
هو مؤقت به في الحقيقة، فصار كالمطلق، قال في
المغني3: والنهي إذا كان صحة المنهي عنه ضررا
على مرتكبه لم تمنع صحته، كطلاق الحائض، وصحة
العمرى ضرر، لزوال ملكه بلا عوض.
وإن شرط رجوعه إليه إن مات قبله أو إلى غيره
فهي4 الرقبى أو رجوعه مطلقا إليه أو إلى ورثته
فسد الشرط، ذكره الشيخ ظاهر المذهب، وعنه:
صحته كالعقد، على الأصح، قال أحمد: حديث النبي
عليه السلام: "العمرى والرقبى لمن وهبت له" 5
والحديث الآخر: "من ملك شيئا حياته فلورثته
بعد موته" نقله أحمد والترمذي6. وسكناه أو
غلته أو خدمته لك أو منحتكه عارية، نقله
الجماعة.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ر": "لتصريحه".
2 أخرجه ابن شيبة في "مصنفه" 9/187، والبيهقي
في السنن الكبرى 6/175.
3 8/82 وفي "ر": "المبهج".
4 في الأصل و"ط": "فهو".
5 أخرجه البخاري "2625"، ومسلم "1625" "25"،
من حديث جابر بن عبد الله.
6 لم أقف عليه عند أحمد والترمذي،وقد أخرجه
عبد الرزاق في "مصنفه" 9/187، وابن أبي شيبة
في "مصنفه" 7/141.
(7/409)
ونقل أبو طالب:
إذا قال هو وقف على فلان فإذا مات فلولدي أو
لفلان فكما [لو] قال، إذا مات فهو لولده أو
لمن أوصى له الواقف ليس يملك منه شيئا، إنما
هو لمن وقفه يضعه حيث شاء، مثل السكنى،
والسكنى متى شاء رجع فيه، ونقل حنبل في الرقبى
والوقف: إذا مات فهو لورثته بخلاف السكنى
ونقل: العمرى والرقبى والوقف معنى واحد إذا لم
يكن منه شرط لم يرجع إلى ورثة المعمر، وإن شرط
في وقفه أنه له حياته رجع، وإن جعله له حياته
وبعد موته فهو لورثة الذي أعمره وإلا رجع إلى
ورثة الأول ويقدم إذا وقفت1 الوقف.
وتصح بالعقد، وهل يملكها به؟ فيه وجهان. وفي
الانتصار روايتان "م 2" وعليهما يخرج النماء
وذكره جماعة إن اتصل القبض, ويلزم
ـــــــ
مسألة-2: قوله: "وتصح بالعقد، وهل يملكها به؟
فيه وجهان وفي الانتصار في نقل الملك بعقد
فاسد روايتان" انتهى:
أحدهما: يملكها به، وهو الصحيح، اختاره الشيخ
الموفق ومن تابعه، قال في التلخيص: وليس القبض
بركن فيها، واختاره أبو الخطاب في موضع من
الانتصار، "2قال في القواعد: كثير من الأصحاب
يجعل القبض معتبرا للزومها واستمرارها لا
لانعقادها وإنشائها، وممن صرح بذلك صاحب
المغني، وأبو الخطاب في انتصاره، وصاحب
التلخيص، وغيرهم انتهى2".
ـــــــ
1 في "ط": "وقف".
2-2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(7/410)
بقبضها بإذن
واهب، وعنه: متميز بالعقد، اختاره الأكثر.
وقال ابن عقيل: هو المذهب، ويعتبر، إذن واهب
فيه. وفي الترغيب: في صحة قبضه بلا إذنه
روايتان.
ويلزم في كل ما بيد متهب بالعقد، وعنه: يعتبر
مضي زمن يتأتى قبضها فيه، وعنه: وإذنه فيه1
ويصح رجوعه في إذنه أو فيها قبل قبضها، وعنه:
لا، ويبطل إذنه بموت أحدهما، ووارث واهب يقوم
مقامه، وقيل: يبطل العقد، كمتهب، في الأصح،
ويقبض أب لطفل من نفسه.
والأصح: لا يحتاج قبولا، وفي قبض ولي غيره من
نفسه روايتا شرائه وبيعه له من نفسه. وقال في
المجرد يعتبر لقبض المشاع إذن الشريك فيه،
ـــــــ
والوجه الثاني: لا يملكها بمجرد العقد بل
يتوقف الملك على القبض، قدمه في الرعايتين
والنظم والحاوي الصغير وغيرهم، وقطع به في
المحرر، قال في الكافي2: لا يثبت الملك
للموهوب له في المكيل والموزون إلا بقبضه،
وفيما عداه روايتان. وقال المجد في شرحه:
مذهبنا أن الملك في الموهوب لا يثبت بدون
القبض، وفرع عليه إذا دخل وقت الغروب من ليلة
الفطر والعبد موهوب لم يقبض ثم قبض وقلنا
يعتبر في هبته القبض ففطرته على الواهب، وكذا
صرح ابن عقيل أن القبض ركن من أركان الهبة،
كالإيجاب في غيرها، وكلام الخرقي يدل عليه،
قاله في القاعدة التاسعة والأربعين، وقيل: يقع
الملك مراعى، فإن وجد القبض تبينا أنه كان
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 3/597.
(7/411)
فيكون نصفه
مقبوضا تملكا ونصف الشريك أمانة. قال في
الفنون: بل عارية يضمنه "م 3".
ـــــــ
للموهوب بقبوله، وإلا فهو للواهب، وحكي عن ابن
حامد، وفرع عليه حكم الفطرة.
مسألة-3: قوله: "قال في المجرد: يعتبر لقبض
المشاع إذن الشريك فيه، فيكون نصفه مقبوضا
تملكا، ونصف الشريك أمانة، قال في الفنون1: بل
عارية يضمنه" انتهى. ما قاله في المجرد قطع به
الرعايتين والحاوي الصغير. وقال في القاعدة
الثالثة والأربعين في المجرد والفصول: يكون
نصف الشريك وديعة عنده، فزاد على المصنف ابن
عقيل في الفصول قلت: وهو الصواب إن لم
يستعمله، ويشكل على هذا قول الأصحاب إنه لا
يقبضه، إلا بإذن الشريك، فإن كان مرادهم هنا
ذلك فيقوى كونه أمانة، "2لأنه قبضه بإذنه فهو
أمانة2"، وإن كان مرادهم حيث قبضه "2أعني بعد
الشركة أو يكون انتقل إليهما معا بإرث أو غيره
ثم أخذه أحدهما من غير إذن2" فيقوى الضمان،
حيث لم يأذن له، والله أعلم.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "الفصول"، والمثبت من
"الفروع".
2-2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(7/412)
فصل: يجب التعديل في عطية أولاده،
وقيل: لصلبه، وذكر الحارثي: لا ولد بنيه
وبناته وعنه لا في نفقة كشيء تافه، نص عليه،
وقال أبو يعلى
ـــــــ
..........................................
(7/412)
الصغير: كشيء
يسير، وعنه: بلى مع تساوي فقر أو غنى بقدر
إرثهم منه. وفي شرح القاضي: وهذا مستحب كتسوية
في وجه بين أب وأم وأخ وأخت، ذكره في الواضح،
وعنه: المستحب ذكر كأنثى، كنفقة، واختاره في
الفنون، قال أحمد في رواية أبي طالب: لا ينبغي
أن يفضل أحدا من ولده في طعام وغيره وكان
يقال: يعدل بينهم في القبل، فدخل فيه نظر وقف
واحتج به الحارثي على وجوبه مع وجوب النفقة
لبعضهم، والأصح هنا: لا، ومثلهم بقية أقاربه،
نص عليه، واختاره الأكثر، خلافا للشيخ وغيره،
وزعم الحارثي أنه المذهب، وأنه عليه المتقدمون
كالخرقي وأبي بكر وابن أبي موسى، وهو سهو، قال
الشيخ في تعليل قوله لا تمكنه التسوية بالرجوع
وقال عن القول الأول: إن خالف فعليه أن يرجع
أو يعمهم بالنحلة، ونقل حرب في ذمي نحل بعض
ولده فمات المنحول وترك ابنا له كيف حاله في
هذا المال؟ قال: لا بأس به لأن هذا كان في
الشرك.
وإن خص بعضهم أو فضله وقيل: لغير معنى فيه سوى
برجوع، لم يذكر أحمد غيره في رواية الخرقي
وأبي بكر والأشهر: وكذا بإعطاء ونص عليه،
وعنه: لا في مرضه، ونقل الميموني وغيره: لا
ينفذ. وقال أبو الفرج وغيره: يؤمر برده، وإن
مات قبله تبينا لزومه، ذكره القاضي وغيره،
وعنه: لورثته الرجوع، اختاره ابن بطة وأبو حفص
وشيخنا. وحكي عنه بطلانها، اختاره الحارثي.
وقال أبو يعلى الصغير: قولهم لو حرم لفسد،
والتحريم
ـــــــ
...............................
(7/413)
يقتضي الفساد
في رواية لا في أخرى، بدليل قوله في الصلاة في
دار غصب، فدل أنه على الخلاف، وذكر ابن عقيل
في الصحة روايتين وله التخصيص بإذن، ذكره
الحارثي، وله تملكه بلا حيلة، قدمه الحارثي،
ونقل ابن هانئ: لا يعجبني أن يأكل منه شيئا.
ولا يكره قسم حي ماله بين أولاده، نقله
الأكثر، وعنه: بلى، ونقل ابن الحكم: لا
يعجبني، فإن حدث ولد سوى ندبا، قدمه بعضهم،
وقيل: وجوبا، قال أحمد: أعجب إلي أن يسوي،
اقتصر عليه في المغني1، وتستحب التسوية: ذكر
كأنثى في وقف، ونقل ابن الحكم: لا بأس، قيل:
فإن فضل؟ قال: لا يعجبني على وجه الأثرة إلا
لعيال بقدرهم وقيل: بل كهبة، وقيل: وبمنعها،
واختاره في الانتصار والحارثي.
ولو وقف ثلثه في مرضه على الوارث أو وصى
بوقفه2 فعنه: كهبة، فيصح بالإجارة3، وعنه: لا،
إن قيل هبة، وعنه: يلزم في ثلثه، وهي أشهر "م
4" فعليها لو سوى بين ابنه وبنته في دار لا
يملك غيرها فردا فثلثها
ـــــــ
مسألة-4: قوله: "ولو وقف ثلثه في مرضه على
الوراث أو أوصى بوقفه فعنه: كهبة فيصح
بالإجازة، وعنه: لا، وإن قيل هبة، وعنه: تلزم
في ثلثه، وهي أشهر" انتهى.
الرواية الثالثة: هي الصحيحة من المذهب، قال
المصنف هنا: هي أشهر، قال الزركشي: هي أشهر
الروايتين وأنصهما، واختيار القاضي في التعليق
وغيره وأكثر الأصحاب انتهى.
ـــــــ
1 8/259.
2 في الأصل: "بعتقه".
3 في "ر" و"ط": "بالإجارة".
(7/414)
وقف بينهما
بالسوية، وثلثاها ميراث، وإن رد ابنه فله ثلثا
الثلثين إرثا ولبنته ثلثهما وقفا، وإن ردت
فلها ثلث الثلثين إرثا ولابنه نصفهما وقفا
وسدسها إرثا، لرد الموقوف عليه، وكذا له1 لو
رد التسوية ولبنته ثلثهما وقفا، وعلى الأولى
عملك في الدار كثلثيها على الثانية، ولا يصح
وقف زائد على ثلثه على أجنبي، جزم به الشيخ
وغيره، وأطلق بعضهم وجهين.
ولا يصح رجوع واهب في هبته، نص عليه، كالقيمة،
وعنه: ولو أبا وعنه، فيه: يرجع إن لم يتعلق به
حق أو رغبة، كتزويج وفلس، أو ما يمنع تصرف
المتهب مؤبدا أو موقتا، فإن زال المانع رجع
إلا أن يرجع مجددا، وفيه بفسخ وجهان "م 5".
ـــــــ
قال ابن منجا والحارثي في شرحيهما: هذا
المذهب، وجزم به في المنور ونظم المفردات،
وقدمه في المقنع2 والمحرر والرعايتين والحاوي
الصغير والفائق وغيرهم، وعنه: لا يصح مطلقا،
اختاره الشيخ الموفق، قال في المقنع3: وقياس
المذهب أنه لا يجوز، واختاره أبو حفص العكبري،
قاله القاضي، نقله الزركشي، واختاره ابن عقيل
أيضا، وعنه رواية أخرى: أنه كالهبة، فيصح
بالإجازة، قال في الرعاية: لو وقف الثلث في
مرضه على وارث أو وصى أن يوقف عليه صح ولزم،
نص عليه، وعنه: لا يصح، وعنه: إن أجيز صح وإلا
بطل، كالزائد على الثلث، ثم قال: قلت: إن قلنا
هو لله صح، وإلا فلا.
مسألة-5: قوله في رجوع الأب في الهبة لولده:
وفيه بفسخ وجهان" انتهى.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والخلاصة والمقنع3 والمحرر والشرح3 وشرح ابن
منجا والحارثي والنظم والرعايتين
ـــــــ
1 ليست في الأصل و"ط".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/74.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/81-84.
(7/415)
وقيل: إن وهب
ولديه فاشترى أحدهما1 من الآخر ففي رجوعه في
الكل وجهان، وإن أسقط حقه من الرجوع فاحتمالان
في الانتصار "م 6"، وفي زيادة متصلة، روايتان
"م 7"، وفي رجوع امرأة فيما وهبته زوجها
ـــــــ
والحاوي الصغير والفائق والقواعد الفقهية
وتجريد العناية وغيرهم:
أحدهما: له الرجوع، وهو الصحيح، جزم به في
الكافي2 والوجيز والمنور وغيرهم، واختاره ابن
عبدوس في تذكرته وغيره3.
والوجه الثاني: لا يرجع، صححه4 في التصحيح،
وقطع به القاضي وابن عقيل، قاله الحارثي،
وقدمه ابن رزين في شرحه، وهذا في الإقالة إذا
قلنا هي فسخ أما إذا قلنا إنها بيع فيمتنع حقه
من الرجوع، قاله في فوائد القواعد، وهو ظاهر
كلام المصنف وغيره:
مسألة-6: قوله: "وإن أسقط حقه من الرجوع
فاحتمالان في الانتصار" انتهى. قال القاضي محب
الدين بن نصر الله في حواشي الفروع: أظهرهما
لا يسقط لثبوته له بالشرع، كإسقاط الولي حقه
من ولاية النكاح، وقد يترجح سقوطه، لأن الحق
فيه مجرد حقه، بخلاف ولاية النكاح، فإنه حق
عليه لله وللمرأة، ولهذا يأثم بعضله، وهذا
أوجه" انتهى. قلت: وهو الصواب، وليس كإسقاط
الولي حقه من ولاية النكاح، ويأتي نظيرتها في
الحضانة5.
مسألة-7: قوله: "وفي زيادة متصلة روايتان"
انتهى. وأطلقهما في الهداية والمذهب ومسبوك
الذهب والمستوعب والخلاصة والمغني6،
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "أحد"، والمثبت من "ط".
2 3/600.
3 ليست في "ط".
4 في "ص" و"ط": "صحح".
5 9/300.
6 6/266.
(7/416)
بمسألته وقيل:
أو لا، روايتان "م 8".
وقيل: ترجع: إن وهبته لدفع ضرر فلم يندفع، أو
عوض أو شرط فلم
ـــــــ
والكافي1 والمقنع2 والمحرر والشرح2 والنظم
والحاوي الصغير والقواعد الفقهية وتجريد
العناية، قال في الرعايتين والفائق: وفي منع
المتصلة صورة ومعنى روايتان، زاد في الكبرى:
كسمن وكبر وحبل وتعلم صنعة انتهى.
إحداهما: يمنع وهو الصحيح، نصره الشيخ الموفق
والشارح، وصححه في التصحيح، قال في القاعدة
الحادية والثمانين بعد إطلاق الروايتين:
والمنصوص عن أحمد في رواية ابن منصور امتناع
الرجوع" انتهى. وهو الصواب.
والرواية الثانية: لا يمنع، اختاره القاضي
وأصحابه، قال الحارثي ونص عليه في رواية حنبل.
وقال في الكافي3: الخلاف هنا كالخلاف في
الرجوع على المفلس، وقدم في المفلس عدم
الرجوع، واختاره ابن عبدوس في تذكرته فقال:
ويشارك المتهب بالمتصلة. وقال في القواعد على
القول بجواز الرجوع: لا شيء على الأب للزيادة
انتهى.
فاختلفا لمن تكون الزيادة على القول بجواز
الرجوع.
مسألة-8: قوله: "وفي رجوع امرأة فيما وهبته
زوجها بمسألته وقيل: أو لا، روايتان" انتهى.
وأطلقهما في المغني والمحرر وشرح ابن منجا
والرعاية الكبرى وغيرهم:
إحداهما: لها الرجوع، نص عليه في رواية عبد
الله، وجزم به في المنور
ـــــــ
1 3/600.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/91-94.
3 3/601.
(7/417)
يحصل، ولو قال
هي طالق ثلاثا إن لم تبرئني فأبرأته صح، وهل
ترجع؟ ثالثها ترجع إن طلقها، ذكره شيخنا وغيره
"م 9"، وإن اختلفا في حدوث
ـــــــ
ومنتخب الآدمي وقواعد ابن رجب في القاعدة
الخمسين بعد المائة، قال في الرعاية الصغرى:
وترجع المرأة بما وهبت زوجها بمسألته، على
الأصح، واختاره ابن عبدوس في تذكرته.
والرواية الثانية: ليس لها الرجوع، وهو ظاهر
كلام الخرقي وكثير من الأصحاب، وبه قطع القاضي
في الجامع الصغير، والشيخ في الكافي1، وابن
أبي موسى وأبو الخطاب وغيرهم، واختاره أبو بكر
والحارثي في شرحه وغيرهما، وقدمه في الفصول
والمقنع2 والنظم والحاوي الصغير وشرح ابن رزين
"3وقال: إنه أظهر3"، وغيرهم.
قلت: الصواب عدم الرجوع إن لم يحصل لها منه
ضرر من طلاق وغيره، وإلا فلها الرجوع، والله
أعلم.
تنبيه: قوله: "بمسألته وقيل أو لا". فقدم أنها
لا ترجع إذا وهبته بغير مسألته وهو المذهب،
اختاره أبو بكر وغيره، وقاله القاضي في كتاب
الوجهين، وصاحب التلخيص، وغيرهما، وقيل: لها
الرجوع أيضا، وهو رواية عن أحمد، وأطلقهما في
المغني4 والشرح2 والرعاية الكبرى.
مسألة-9: قوله: "وإن قال هي طالق ثلاثا إن لم
تبرئني فأبرأته صح، وهل ترجع؟ ثالثها ترجع إن
طلقها، ذكره شيخنا وغيره" انتهى.
قلت: هذه المسألة داخلة في أحكام المسألة
المتقدمة، ولكن رجوعها هنا آكد وأولى، والله
أعلم.
ـــــــ
1 3/599.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/101.
3 ليست في "ح".
4 8/278.
(7/418)
زيادة فوجهان
"م 10".
والمنفصلة لابن، وقيل: لأب، ولا تمنع الرجوع،
كنقصه1، وفيها في الموجز رواية، وإن وهبه2
متهب لابنه ففي رجوع أبيه وعدمه ورجوعه إن رجع
ابنه احتمالان "م 11 و 12".
ـــــــ
مسألة-10: قوله وإن اختلفا في حدوث زيادة
فوجهان" انتهى:
أحدهما: القول قول من يمنعها، وهو الصواب،
لموافقة دعواه الأصل.
والوجه الثاني: القول قول الولد في حدوثها،
وهو بعيد.
مسألة-11-12: قوله: "وإن وهبه متهب لابنه ففي
رجوع أبيه وعدمه ورجوعه إن رجع ابنه احتمالان"
انتهى، يعني في كل مسألة احتمالان، إذا علم
ذلك فذكر مسألتين.
المسألة الأولى- 11: إذا وهبه3 المتهب لابنه
ولم يرجع فهل يرجع الجد أم لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: لا يملك الجد الرجوع، وهو الصحيح من
المذهب، قطع به في المغني4 والمقنع5 وشرحه5
وشرح ابن منجا والشارح والمحرر والوجيز وشرح
ابن رزين وغيرهم، وقدمه في الهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة والتلخيص والرعايتين
والحاوي الصغير وشرح الحارثي والفائق وغيرهم،
وهو ظاهر كلام غيرهم، لاقتصارهم على الأب.
والوجه الثاني: له الرجوع، وهو احتمال لأبي
الخطاب، قال في التلخيص: وهو بعيد قال
الحارثي: وهو كما قال، وأبو الخطاب وهم انتهى.
ـــــــ
1 في "ر": "كنقضه".
2 في الأصل: "وهب".
3 في "ط": "وهب".
4 8/265.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/81-83.
(7/419)
وفي مختصر ابن
رزين: يرجع جد، في وجه، ورجوعه بقوله، علم
الولد أو لا، ونقل أبو طالب: لا يجوز عتقها
حتى يرجع فيها ويردها إليه، إذا قبضها أعتقها،
فظاهره اعتبار قبضه وأنه يكفي، وذكر جماعة في
قبضه مع قرينة وجهين وكذا بيعه وعتقه ولا
ينفذ، وليس الوطء بمجرده رجوعا، وله أن يتملك
خلافا لابن عقيل من مال ولده مطلقا، ما لم
يضره، نص عليه، وعنه: ما لم يجحف به، جزم به
في الكافي1، وفيه: وما لم يعطه ولدا
ـــــــ
تنبيه: قد ظهر لك بما تقدم أن في إطلاق المصنف
الخلاف نظرا ظاهرا.
المسألة الثانية-12: إذا رجع الابن في هبته
التي وهبها أبوه له فهل للأب الرجوع فيما رجع
إلى ولده أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في
المغني2 والشرح3:
أحدهما: يرجع، وهو الصحيح، جزم به في الهداية
والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع4
والرعايتين والحاوي الصغير وشرح ابن منجا
والحارثي والفائق والوجيز وغيرهم، وقدمه ابن
رزين في شرحه.
والوجه الثاني: لا يرجع، وهو احتمال في
الهداية، وفيه قوة.
تنبيه: قد لاح لك أيضا مما تقدم أن في إطلاق
المصنف الخلاف نظرا، والله أعلم.
ـــــــ
1 3/602.
2 8/265.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/97.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/98.
(7/420)
آخر، ونقله
الشالنجي، واحتج بأنه حين أخذه صار له فيعدل
بينهما، وعنه: له تملكه كله، وقيل: بل ما
احتاجه، وسأله ابن منصور وغيره: يأكل من مال
ابنه؟ قال: نعم إلا أن يفسده فله القوت، ولا
يصح تصرفه فيه1 قبل تملكه، على الأصح وقال
شيخنا: ويقدح في أهليته لأجل الأذى سيما
بالحبس. وفي الموجز: لا يملك إحضاره مجلس حكم،
فإن حضر فادعى عليه فأقر أو قامت بينة لم
يحبس، ويملكه بقبضه، نص عليه، مع قول أو نية،
ويتوجه: أو قرينة. وفي المبهج في تصرفه في غير
مكيل وموزون روايتان، بناء على حصول ملكه قبل
قبضه، ويصح بعده، ولو أراد أخذه مع غناه فليس
له أن يأبى عليه، نقل الأثرم: ولو كنت أنا
لجبرته على دفعه إليه، وعلى حديث النبي عليه
السلام: "أنت ومالك لأبيك" 2 وهل يثبت لولده
في ذمته دين أو قيمة متلف أو غيره؟ فيه وجهان
ونصه: لا، "م 13".
ـــــــ
مسألة-13: قوله: "وهل يثبت لولده في ذمته دين
أو قيمة متلف أو غيره؟ فيها وجهان، ونصه: لا"
انتهى. وأطلقهما في الشرح3 والرعاية الكبرى
والفائق وغيرهم:
أحدهما: يثبت في ذمته لولده الدين ونحوه، وهو
الصحيح، وهو ظاهر كلامه في المقنع3 والمحرر
والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم، وقدمه
في المغني4، قال الحارثي: ومن الأصحاب من يقول
بثبوت الدين وانتفاء المطالبة،
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 اخرجه أبو داود "3530"، وابن ماجه "2292"،
من حديث عمرو بن العاص.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/91.
4 8/274.
(7/421)
وإن ثبت ففي
ملكه إبراء نفسه نظر، قاله القاضي، وذكر غيره
لا يملكه، كإبرائه لغريمه "م 14" وقبضه منه،
لأن الولد لم يملكه. ولو أقر بقبض دين ابنه
فأنكر رجع على غريمه، وهو على الأب "1نقله
مهنا1" فظاهره لا يرجع إن أقر الابن، وليس له
طلبه، ومثله وارثه، وفيه وجه.
وفي الانتصار فيمن قتل ابنه إن قلنا الدية
لوارث طالبه، وإلا فلا، وإن المباح يحرم
إتلافه عبثا ولا يضمنه، فإن مات ففي أخذه عين2
ماله
ـــــــ
منهم القاضي وأبو الخطاب وابن عقيل والمصنف"
انتهى.
واختاره المجد في شرحه، وقدمه المصنف أيضا
فيما إذا أولد أمة ابنه أنه يثبت قيمتها في
ذمته، ذكره في باب أمهات الأولاد3.
والوجه الثاني: لا يثبت، وهو ظاهر ما قدمه في
الكافي4، قال الحارثي: وهو الأصح، وجزم به أبو
بكر وابن البنا، وهو المنصوص عن أحمد، وتأول
بعضهم النص.
قلت: قال الشيخ في المغني5: يحتمل أن يحمل
النص عن أحمد وهو قوله: "إذا مات الأب بطل دين
الابن، وقوله: "من أخذ من مهر ابنته شيئا
فأنفقه ليس عليه شيء ولا يؤخذ من بعده، على أن
أخذه له وإنفاقه إياه دليل على قصد التملك.
انتهى.
مسألة-14: قوله: "وإن ثبت ففي ملكه إبراء نفسه
نظر، قاله القاضي، وذكر غيره لا يملكه،
كإبرائه لغريمه" انتهى.
قال الشيخ تقي الدين: يملك الأب إسقاط دين
الابن عن نفسه انتهى. قلت: الصواب عدم الملك
لذلك، كما قاله غير القاضي، وهو ظاهر كلام
كثير من الأصحاب أيضا.
ـــــــ
1-1 ليست في الأصل.
2 في الأصل: "من".
3 8/145.
4 3/603.
5 8/274.
(7/422)
وقال في
المبهج: أو بعضه ولم ينقد ثمنه روايتان "م 15"
وما قضاه في مرضه أو وصى بقضائه فمن رأس ماله،
وإلا لم يسقط بموته، ونصه: يسقط، كحبسه به،
فلا يثبت، كحياته، ويطلبه بنفقته. وفي
الرعاية. وعين في يده، نقل ابن الحكم: ما حازه
لا يأخذه حيا ولا ميتا وإن كان بعينه إذا حازه
لنفسه. ونقل أبو داود فيمن أعطى بعض ولده مالا
ليسوي بينهم ثم اقترضه ثم مات قال: ما وجدوه
بعينه فهو مالهم عليه، وما استهلكه فلا يكون
للولد على أبيهم دين، وكان قال1 قبل ذلك: يسقط
عن الميت دين ولده، والأم كأب في تسوية فقط،
نص عليه. وفي الإفصاح
ـــــــ
مسألة-15: قوله: "فإن مات ففي أخذ عين ماله
وقال في المبهج: أو بعضه ولم ينقد ثمنه
روايتان" انتهى. وأطلقهما في المبهج والرعاية
الكبرى وشرح الحارثي والفائق:
إحداهما: له الأخذ، وهو الصحيح، وقد قدم الشيخ
في المغني2 أن الأب إذا مات يرجع الابن في
تركته بدينه، لأنه لم يسقط عن الأب، وإنما
تأخرت المطالبة" انتهى. قلت: إذا كان في الدين
ففي العين بطريق أولى وأحرى، قال في الكافي :
قاله بعض أصحابنا، وهذا إذا صار إلى الأب بغير
تمليك ولا عقد معاوضة، فأما إن صار إليه بنوع
من ذلك فليس له الأخذ، قولا واحدا، والله
أعلم.
والرواية الثانية: ليس له أخذه، وهو ظاهر ما
قدمه في الكافي3، فيحتمل أن تكون هذه الرواية
على القول بعدم الثبوت، وهو بعيد.
فهذه خمس عشرة مسألة قد صححت.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 8/275.
3 3/603.
(7/423)
والواضح
وغيرهما: ورجوع، وهو ظاهر كلام الخرقي، قاله
في الموجز، واختاره القاضي يعقوب والشيخ،
وقيل: وتملك، ونصوصه: لا تتملك ولا تتصدق،
قال: وهي أحق بالبر منه، ويتوجه رواية مخرجة
ومن رواية ثبوت ولاية لجد وإجباره أن يكون كأب
في كل شيء ما لم يخالف "ع" كالعمريتين1.
وهدية كهبة، وكذا صدقة، ونقل المروذي وحنبل:
لا رجوع. وفي عيون المسائل والمستوعب وغيرهما
لا يعتبر في الهدية قبول، للعرف، بخلاف الهبة.
ووعاء هدية كهي، مع عرف، ومن أهدى ليهدى إليه
أكثر فنقل صالح أن أباه ذكر قول الضحاك: لا
بأس به لغير النبي عليه السلام، ونقل أبو
الحارث فيمن سأله2 الحاجة فسعى معه فيها فيهدي
له قال: إن كان شيء من البر وطلب الثواب كرهته
له، ونقل صالح فيمن رد الوديعة فيهدي له: إن
علم أنه لأداء أمانته لم يقبل، إلا أن يكافئه.
ونقل يعقوب: لا ينبغي للخاطب إذا خطب لقوم أن
يقبل لهم هدية، فهاتان روايتان، واختار شيخنا
التحريم، قال: وهو المنقول عن السلف والأئمة
الأكابر، قال: ورخص فيه بعض المتأخرين، جعله
من باب الجعالة.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 وهي أن يفرض للأم ثلث الباقي بعد فرض
الزوجين، في زوج وأبوين وزوجة وأبوين، وتسمى
هاتان المسألتين العمريتين، لقضاء عمر رضي
الله عنه فيهما، وسيوردهما المصنف في كتاب
الفرائض.
2 في "ر" و"ط": "سأل".
(7/424)
وقال أبو داود:
"باب الهدية للحاجة" ثم روي من رواية القاسم
وحديثه حسن عن أبي أمامة مرفوعا: "من شفع
لأخيه شفاعة فأهدى له هدية فقد أتى بابا عظيما
من أبواب1 الربا" 2.
وكان الزجاج3 أدب القاسم بن عبيد الله فلما
تولى الوزارة كان وظيفته عرض القصص وقضاء
الأشغال ويشارط ويأخذ ما أمكنه، قال ابن
الجوزي في المنتظم: يجب على الولاة إيصال قصص
أهل الحوائج، فإقامة من يأخذ الجعل على هذا
حرام، فإن كان الزجاج لا يعلم ما في هذا فهو
جهل، وإلا فحكايته في غاية القبح، فنعوذ بالله
من قلة الفقه. ويتوجه احتمال، ولعله ظاهر كلام
ابن الجوزي: إن وجب عليه حرم وإلا فلا، والله
سبحانه وتعالى أعلم.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 أخرجه أبو داود "3541"، من حديث أبي أمامة.
3 هو: إسحاق، إبراهيم بن محمد بن السرى الزجاج
البغدادي، نحوي زمانه، لزم المبرد، وكان يعطيه
من عمل الزجاج كل يوم درهما، فنصحه وعلمه. من
مصنفاته: "معاني القرآن"، "الإنسان" وأعضاؤه"،
"العروض" وغيرهما. "ت311هـ" "السير" 14/360.
(7/425)
|