الفروع و
معه تصحيح الفروع كتاب الوصايا
أحكام الوصايا و
أقسامها
...
كتاب الوصايا
تصح مطلقة ومقيدة من مكلف، قال في الكافي1:
ما2 لم يعاين الموت "و ش" قال: لأنه لا قول
له، والوصية قول، ولنا خلاف، هل تقبل التوبة
ما لم يعاين الملك أو ما دام مكلفا أو ما لم
يغرغر؟ فيه أقوال "م 1".
ـــــــ
مسألة-1: قوله: "ولنا خلاف هل تقبل التوبة ما
لم يعاين الملك أو ما دام مكلفا أو ما لم
يغرغر؟ فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: تقبل ما لم يغرغر، لما روى الإمام أحمد
والترمذي وابن حبان3 في صحيحه من حديث ابن عمر
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله
تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" قال ابن
رجب في كتاب اللطائف: فمن تاب قبل أن يغرغر
قبلت توبته، وقدمه، لأن الروح تفارق القلب عند
الغرغرة فلا يبقى له نية ولا قصد.
والقول الثاني: تقبل ما لم يعاين الملك، وهو
قول الحسن ومجاهد وغيرهما. وقد خرج ابن ماجه4
عن أبي موسى قال: سألت النبي صلى الله عليه
وسلم: متى تنقطع معرفة العبد من الناس؟ قال:
"إذا عاين" يعني الملك، وروى ابن أبي الدنيا
بإسناده عن علي قال: "لا يزال العبد في مهلة5
من التوبة ما لم يأته ملك الموت يقبض روحه،
فإذا نزل ملك الموت فلا توبة حينئذ" وبإسناده
عن ابن عمر قال: "التوبة مبسوطة ما لم ينزل
سلطان الموت6". وروى في كتاب الموت6 عن أبي
موسى قال: "إذا عاين الميت الملك ذهبت
المعرفة". وعن مجاهد نحوه، وقدمه ابن حمدان في
آداب "الرعايتين"،
ـــــــ
1 4/12.
2 ليست في "ر" و"ط"، وعبارة مطبوع "الكافي":
"ومن عاين الموت لا تصح وصيته".
3 أحمد "6160"، والترمذي "3537"، وابن حبان
"628"
4 في "سننه" "1453"
5 في "ط": "مثلة".
6 لم أقف عليه.
(7/429)
وفي مسلم
وغيره1: يا رسول الله؟ أي الصدقة أفضل؟ قال:
"أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل
الغنى حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا
ولفلان كذا ألا وقد كان لفلان" معنى بلغت
الحلقوم بلغت الروح، قال في شرح مسلم2 إما من
عنده أو حكاية عن الخطابي: والمراد قاربت بلوغ
الحلقوم، إذ لو بلغته حقيقة لم تصح وصيته ولا
صدقته ولا شيء من تصرفاته، باتفاق الفقهاء.
وقيل: غير سفيه، ومن بالغ عشرا، في المنصوص،
وفي مميز روايتان "م 2".
ـــــــ
و"نهاية المبتدين في أصول الدين"، والمصنف في
"الآداب الكبرى" و"الوسطى"، والشيخ عبد الله
كتيلة في كتاب "العدة".
والقول الثالث: تقبل توبته ما دام مكلفا، وهو
قوي، والصواب قبولها ما دام عقله ثابتا وإلا
فلا.
وقد ذكر المصنف في أول الباب3 الذي يلي هذا ما
يتعلق بمن تحقق أنه يموت سريعا، وتأتي هذه
الأقوال استطرادا في كتاب الجنايات، والأقوال
الثلاثة قريب بعضها من بعض وقد ذكرها ابن
حمدان وغيره.
مسألة-2: قوله وفي مميز روايتان" انتهى.
يعني إذا لم يجاوز العشر، وأطلقهما أبو بكر
عبد العزيز وصاحب المستوعب والمقنع4 والحاوي
الصغير والفائق وتجريد العناية وغيرهم.
إحداهما: لا يصح، وهو ظاهر كلام الخرقي وصاحب
الوجيز، وصححه في
ـــــــ
1 مسلم "1032" "92"، والبخاري "1419".
2 أي: الإمام النووي 7/123.
3 ص443.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/197.
(7/430)
لا من معتقل
لسانه بإشارة مفهومة، نص عليه، كقادر، ويتوجه
فيه وجه، وقيل: بلى، كأخرس، وكذا إقراره،
ونصه: يصح بخطه الثابت بإقرار ورثة أو بينة،
وعكسه ختمها والإشهاد عليها، فيخرج فيهما1
روايتان. ونقل
ـــــــ
التصحيح، قال ابن أبي موسى: لا تصح وصية
الغلام لدون عشر ولا إجازته، قولا واحدا،
واختاره أبو بكر، وقدمه في المحرر والرعايتين
والنظم و"شرح ابن رزين" وغيرهم، وجزم به في
المنور ومنتخب الآدمي، واختاره ابن عبدوس في
"تذكرته"، قال الحارثي وتبعه في "القواعد
الأصولية": هذا الأشهر.
والرواية الثانية: يصح، وهو الصحيح، قال
القاضي وأبو الخطاب: تصح وصية الصبي إذا عقل.
قال الشيخ في العمدة2: وتصح الوصية من الصبي
إذا عقل، وقطع به البعلي، وهو الصواب، وصححه
في الخلاصة، وقدمه في المذهب والكافي3 وإدراك
الغاية وغيرهم، قال الحارثي: لم أجد هذه
منصوصة عن أحمد.
ـــــــ
1 في "ط": "فيها".
2 العدة شرح العمدة 1/441 وجاء في "ط":
"العدة"، و"العدة" لبهاء الدين عبد الرحمن بن
إبراهيم المقدسي "ت624".
3 4/12-13.
(7/431)
أبو داود فيمن
كتب وصيته وأشهد عليها ومعه إخوة فقال وصيتي
على مثل وصيتك: ليس ذا بشيء، ونقل أيضا: ما
أدري، ثم قال للسائل: من ورثه؟ قال: أنا، قال:
فأنفذها.
ـــــــ
...............................
(7/432)
وتتوجه الصحة
مع علمه ما فيها، وإلا فالروايتان. وتصح ممن
لا وارث له، وقيل: ومع ذي رحم بماله، وعنه:
بثلثه، فعلى الأولى لو ورثه زوج أو زوجة ورد
بطلت بقدر فرضه من ثلثيه، فيأخذ الوصي الثلث
ثم ذو الفرض من ثلثيه ثم يتمم الوصية منهما،
وقيل: لا يتمم كوارث بفرض ورد، وعليها: بيت
المال جهة مصلحة لا وارث، ولو وصى أحدهما
لآخر1 فله على الأولى كله إرثا ووصية، وقيل:
لا تصح الوصية، وعلى الثانية ثلثه وصية ثم
فرضه والبقية لبيت المال.
وتستحب مع غناه عرفا. وقال الشيخ مع فضله عن
غنى ورثته بخمسه، وقيل: بثلثه. وفي "الإفصاح"
يستحب بدونه، وذكر جماعة: بخمسه لمتوسط، وذكر
جماعة أنه من ملك فوق ألف: إلى ثلثه، ونقل أبو
طالب إن لم يكن له مال كثير ألفان أو ثلاثة
أوصى بالخمس ولم يضيق على ورثته2 وإن كان مال
كثير فبالربع أو الثلث، ونقل ابن منصور: دون
ألف فقير لا يوصي بشيء.
قال أصحابنا: فقير، ويكره لفقير، قال جماعة:
وارثه محتاج، قال في التبصرة: رواه ابن منصور.
وأطلق في "الغنية" استحباب الوصية بالثلث
لقريب3 فقير لا يرث، فإن كان غنيا فلمسكين4
وعالم ودين قطعه عن
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ط": "الآخر".
2 في النسخ الخطية: "ورثة"، والمثبت من "ط".
3 في "ر": "كقريب".
4 في "ر": "فكمسكين".
(7/433)
السبب القدر،
وضيق الورع عليهم الحركة فيه، وانقلب السبب
عندهم فتركوه، ووثقوا بالحق وانساقت1 أقسامهم
إليه بلا تبعة ولا عقوبة، طوبى لمن أنالهم أو
خدمهم أو أمن على دعائهم أو أحسن القول فيهم،
لأنهم أهل الله وخاصته، فهل يدخل على الملك
إلا بخاصته؟.
وكذا قيد في "المغني"2 استحبابها لقريب بفقره،
مع أن دليله يعم، وعنه: تجب لقريب لا يرثه
"3اختاره أبو بكر3" وفي "التبصرة عنه:
وللمساكين ووجوه البر، وسبق قبل الفصل الآخر
في الوقف4 ما يتعلق بهذا، ولا يجوز لوارثه
بثلثه ولا بأكثر منه لغيره، نص عليه.
وفي "التبصرة": يكره، وعنه: في صحته من كل
ماله، نقله 5حنبل،
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ط": "اشتاقت".
2 8/394.
3-3 ليست في الأصل.
4 ص 383.
5 في الأصل: "نقل".
(7/434)
ويصح على الأصح
بإجازة الورثة لهما بعد موت الموصي، كالرد،
وعنه: وقبله في مرضه1 خرجها القاضي أبو حازم
من إذن الشفيع في الشراء، ذكره في "النوادر"،
واختاره صاحب "الرعاية" وشيخنا، وهي تنفيذ
لصحتها بلفظها وبقوله أمضيت، فلا يرجع مجيز
والد، وولاؤه للموصي، ويلزم بغير قبوله وقبضه
ولو من سفيه ومفلس، ومع كونه وقفا على مجيزه،
ومع جهالة المجاز، ويزاحم بمجاز لثلثه للذي لم
يجاوزه لقصده تفضيله، كجمله الزائد لثالث،
وكوصية بمائة وبمائتين2 وثلاثمائة،
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في الأصل: "مرضها".
2 ليست في "ر".
(7/435)
فنصف وثلث من
خمسة، لرب النصف ثلاثة، وللآخر سهمان، نقله
أبو الحارث.
أجازوا أو ردوا، بخلاف وصيته بماله وبمثله
لواحد وبماله لآخر إن سلم، لعدم تصور صحة
الزائد، والنصف يصح إن أجازوا، وقياس المذهب
يقسم المال مع الإجازة، والثلث مع الرد ثلثان
وثلث، ويأتي في عمل الوصايا1، وعنه: هبة
مبتدأة، وأطلقها أبو الفرج، وخصها في الانتصار
بالوارث، فينعكس الحكم ولا يزاحم بمجاوز
لثلثه، لبطلانه.
وإجازته في مرضه من رأس المال في احتمال في
الانتصار وقال غيره: من ثلثه، كمحاباة صحيح في
بيع خيار ثم مرض زمنه وأذن في قبض هبة، لا
خدمته، لأنها ليست مالا متروكا، ومن أجازها
بجزء مشاع وقال: ظننت قلة المال، قبل، لأنه
الأصل، وحلف ورجع بزائد على ظنه، وقيل: لا،
كما لو كان المجاز عينا أو مبلغا مقدرا وظن
بقية المال كثيرا وفيه وجه، قال شيخنا: وإن
قال ظننت قيمته ألفا فبان أكثر قبل، وليس
نقضا2 للحكم بصحة الإجازة ببينة أو إقرار،
قال: وإن أجاز وقال: أردت أصل الوصية، قبل،
وله الرجوع في وصيته، نحو فسخت، أو هو لورثتي،
أو ما أوصيت به لزيد فلعمرو، نص عليه، ولو
أوصى به لعمرو ولم يرجع
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ص 483.
2 في الأصل: "نقصاً".
(7/436)
فبينهما، وقيل:
للثاني، ونقل الأثرم يؤخذ بآخر الوصية.
وفي التبصرة: للأول، وأيهما مات فهو للآخر،
وإن وصى بثلثه ثم بثلثه لآخر فمتغايران، وفي
الرد يقسم الثلث بينهما. ولو رهنه أو كاتبه أو
دبره أو أوجبه في بيع أو هبة فلم يقبل أو عرضه
لبيع أو رهن أو وصى ببيعه أو هبته أو خلطه بما
لا يتميز أو أزال اسمه أو زال هو أو بعضه
فرجوع، كبيع وهبة، وقيل: لا، كإيجاره وتزويجه
ولبسه وسكناه، وكوصيته بثلث ماله فيتلف أو
يبيعه ثم يملك مالا، وإن جحده أو خلط بصرة
موصى بقفيز منها بغيرها بخير وقيل: مطلقا، أو
عمل الثوب قميصا أو1 الخبز فتيتا أو نسجه أو
ضرب النقرة2 أو ذبح الشاة أو بنى أو غرس
فوجهان "م 3 - 5".
ـــــــ
مسألة-3-5: قوله: "وإن جحده أو خلط صبرة موص
بقفيز منها بغيرها بخير، وقيل: مطلقا، أو عمل
الثوب قميصا أو الخبز فتيتا أو نسجه أو ضرب
النقرة أو ذبح الشاة أو بنى أو غرس فوجهان"
انتهى في هذه الجملة مسائل:
المسألة الأولى-3: إذا جحد الوصية فهل يكون
رجوعا أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في المغني3
والمقنع4 والشرح5 والرعايتين والحاوي الصغير
وشرح ابن منجا والحارثي وغيرهم:
ـــــــ
1 في الأصل: "و".
2 النقرة: القطعة المذابة من الذهب والفضة.
"القاموس": "نقر".
3 8/480.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/263.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
17/263-364.
(7/437)
وذكرهما ابن
رزين في وطئه.
ـــــــ
أحدهما: ليس برجوع، وهو الصحيح، صححه في
التصحيح وغيره، وبه قطع في الهداية والمذهب
والمستوعب والخلاصة والوجيز وغيرهم، وقدمه في
الكافي1، وهو الصواب.
الوجه الثاني: هو رجوع، صححه الناظم، وقيد
الخلاف بما إذا علم، والظاهر أنه مراد من
أطلق.
المسألة الثانية-4: إذا خلط الصبرة الموصى
بقفيز منها بغيرها بخير منها فهل يكون ذلك
رجوعا أم لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: لا يكون رجوعا. وهو الصحيح، قال في
الهداية: فإن أوصى بطعام فخلطه بغيره لم يكن
رجوعا، وبه قطع في المذهب والمستوعب والكافي2
والمقنع3 والمحرر وشرح ابن منجا وغيرهم، وقدمه
في المغني4 والشرح3 "5وشرح ابن رزين5" وشرح
الحارثي، وصححه في الخلاصة، "6ولكن لم
يقيدوه6" بالخيرية، بل أطلقوا، فشمل الخيرية
وغيرها، وصرح به في المغني4 والشرح3 وشرح ابن
رزين والحاوي فقالوا: سواء كان دونه أو مثله
أو خيرا منه.
والوجه الثاني: يكون رجوعا، اختاره صاحب
التلخيص7 والرعايتين والحاوي، ويأتي كلامهما،
قال الحارثي: وهو مفهوم إيراد القاضي في
المجرد
ـــــــ
1 4/58.
2 4/59.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
17/267-268.
4 8/469.
5-5 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
6-6 في "ط": " ولم يقيده أكثرهم".
7 في "ط": "البلغة".
(7/438)
...............................
ـــــــ
انتهى. وصرحوا بالخيرية، وصححه الناظم فيما
إذا "1لم يتمزوا في موضع آخر إذا1" خلطه
بمثله، وأطلقهما في القاعدة الثانية والعشرين
وقال: هما مبنيان على أن الخلط هل هو استهلاك
أو اشتراك، فإن قلنا هو اشتراك لم يكن رجوعا
وإلا كان رجوعا" انتهى.
قلت: الصحيح من المذهب أن الخلط اشتراك، فيكون
موافقا لما قاله في المغني2 والكافي3 والمقنع4
والمحرر وغيرهم، فلا يكون رجوعا. وقال في
الرعايتين والحاوي الصغير: وإن وصى بقفيز منها
ثم خلط بخير منها فقد رجع وإلا فلا، وزاد في
الكبرى: قلت: إن خلطها بأردأ منها صفة فقد
رجع، وإن خلطها بمثلها في الصفة فلا انتهى.
"5وقال في البلغة: ولو أوصى له بقفيز من صبرة
ثم خلطها بغيرها لم يكن رجوعا إلا أن يخلطها
بخير منها فيكون رجوعا انتهى5".
تنبيه: تلخص أن صاحب الهداية والمذهب والخلاصة
والمغني والكافي والمقنع والمحرر والشرح
"5وابن رزين5" وابن منجا والحارثي وغيرهم
قالوا: لم يكن ذلك رجوعا، ولم يقيده البعض
بالخيرية ولا عدمها، وقيده البعض كما تقدم،
والإطلاق موافق للقول الثاني: الذي ذكره
المصنف بالنسبة إلى التقييد وعدمه، وقيده صاحب
التلخيص6 والرعايتين والحاوي وغيرهم بالخيرية،
وهو موافق لما قدمه المصنف لكن7 في تقديم
المصنف الخيرية على الإطلاق، مع أن الذين
أطلقوا أكثر الأصحاب والذين قيدوا أقل، وهو
صاحب التلخيص6 وتبعه
ـــــــ
1-1 ليست في "ط".
2 8/469.
3 4/59.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
17/267-268.
5-5 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
6 في "ط": "البلغة".
7 ليست في "ط".
(7/439)
...............................
ـــــــ
ابن حمدان وصاحب الحاوي نظر1 والله أعلم.
بل الأولى له أن يجعل محل الخلاف المطلق مع
الإطلاق ويقدمه، ويجعل التقيد بالخيرية طريقة
مؤخره2 عكس ما عمل، والظاهر أنه تابع صاحب
التلخيص وترجح عنده فقدمه:
المسألة الثالثة-5: إذا عمل الثوب قميصا
والخبز فتيتا أو نسج الغزل أو ضرب النقرة أو
ذبح الشاة أو بنى أو غرس فهل يكون ذلك رجوعا
أم لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه في الرعايتين
والحاوي والفائق، وأطلقه في الكافي3 والنظم في
البناء والغراس:
أحدهما: يكون رجوعا، وهو الصحيح، واختاره
الشيخ الموفق والشارح، وصححه في التصحيح فيما
إذا جعل الخبز فتيتا ونسج الغزل4 ونحوه مما
ذكره المقنع5، وجزم به في الوجيز، وصححه في
النظم في غير البناء والغرس، وقدمه في الكافي6
في7 غيرهما، وصححه الحارثي فيهما، وصحح في
المحرر فيما إذا أزال اسمه فطحن الحب ونسج
الغزل أنه رجوع.
والوجه الثاني: لا يكون رجوعا، اختاره أبو
الخطاب، وقدمه في "الهداية" و"المذهب"
و"المستوعب" وغيرهم، قال في "الخلاصة": لا
يكون رجوعا، في الأصح.
ـــــــ
1 في "ط": "شيء".
2 في "ط": "يؤخر".
3 4/59.
4 في "ح": "الثوب".
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
17/264-265.
6 4/59.
7 في "ط": "و".
(7/440)
وإن بنى فيها
وارث وخرجت من ثلثه فقيل: يرجع بقيمة البناء،
وقيل: لا "م 6" ويضمن ما نقضها1. وإن جهل
الوصية فله قيمته غير مقلوع، وإن زاد فيه
عمارة ففي أخذها وجهان "م 7".
ـــــــ
مسألة-6: قوله وإن بنى فيها وارث وخرجت من
ثلثه فقيل: يرجع بقيمة البناء، وقيل: لا.
انتهى:
أحدهما: يرجع على الموصى له بقيمة البناء،
قدمه في الرعاية الكبرى قلت: الصواب أنه باق
على ملك الوارث ولا يلزم الموصى له دفع قيمة
البناء، هذا إذا لم يعلم الوارث أنه يخرج من
الثلث فإن كان يعلم فهو قريب من التصرف في ملك
غيره بغير إذنه، والله أعلم.
والوجه الثاني: لا يرجع وعليه أرش ما نقص من
الدار عما كانت عليه قبل عمارته، قلت: الذي
ينبغي أنه يرجع عليه بالأرش، قولا واحدا، ولذا
لم يذكره2 المصنف، وإنما محل الخلاف في الرجوع
بقيمة بناء، والله أعلم.
مسألة-7: قوله: "وإن زاد فيه عمارة يعني
الموصي ففي أخذها وجهان انتهى. وأطلقهما في
الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني3
والمقنع4 والشرح5 وشرح ابن منجا والحارثي
والقواعد الفقهية وغيرهم:
أحدهما: يأخذه الموصى له، قدمه في الرعايتين
والحاوي الصغير.
والوجه الثاني: يأخذه الورثة، صححه في التصحيح
والنظم، وهو الصواب فهذه سبع مسائل في هذا
الباب.
ـــــــ
1 في "ط": "نقضها".
2 في "ص" و"ط": "يذكر".
3 8/469.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/269.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
17/692-270.
(7/441)
قال في
التبصرة: لا يأخذ نماء منفصلا، وفي متصل
وجهان، وهي كبيع فيما يتبع العين، ونقل ابن
صدقة1 فيمن وصى بكرم وفيه حمل2 فهو للموصى له،
ونقل غيره: إن كان يوم وصى به له فيه حمل2 فهو
له. قال في عيون المسائل: ولا يلزم الوارث سقي
ثمرة موصى بها، لأنه لم يضمن تسليم هذه الثمرة
إلى الموصى له، بخلاف البيع، وإن قال إن قدم
زيد فله وصية عمرو فقدم في حياته وقيل وبعدها
فله والله أعلم.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ر": "منصور". وابن صدقة هو: أحمد بن
محمد بن عبد الله البغدادي، الحافظ، المتقن
الفقيه. حدث عن أحمد بن حنبل بمسائل، ومسائله
مدونة، وكان موصوفاً بالإتقان والتثبت،
"ت293". "السير" 14/83.
2 في "ط": "جمل".
(7/442)
باب تبرع
المريض
مدخل
...
باب تبرع المريض
تبرعه في مرض موته المخوف وقال في الانتصار في
التيمم: أو غير مخوف بنحو هبة ومحاباة، وقيل:
وكتابة، كوصية. واختلف فيها كلام أبي الخطاب،
وكذا وصيته بكتابته، وإطلاقها بقيمته، وخرج
ابن عقيل والحلواني من مفلس رواية: ينفذ عتقه،
ولو علق صحيح عتق عبده فوجد شرطه في مرضه فمن
ثلثه، في الأصح.
والمخوف: كبرسام1، ووجع قلب ورئة، وإسهال لا
يستمسك أو معه دم، وفي المغني2: أو زحير، وحمى
مطبقة وقولنج، وهيجان صفراء أو بلغم، ورعاف أو
قيام دائم، وابتداء فالج، وما قاله طبيبان
عدلان، وقيل: أو واحد، لعدم.
وذكر ابن رزين المخوف عرفا أو بقول عدلين،
والمرض الممتد، كسل وجذام. فإن قطع صاحبه
وعنه: أو لا فمن ثلثه، والحاضر التحام قتال أو
هيجان بحر، أو وقوع طاعون، أو هو أسير من
عادته القتل، وعنه: أو لا، أو قدم ليقتل أو
حبس له، كمريض، وعنه: لا، والحامل عند الطلق،
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 البرسام: علة يهذى فيها. "القاموس":
"البرسام".
2 8/489-490.
(7/443)
نص عليه، وعنه،
لنصف سنة، كمريض، حتى تنجو من نفاسها، والأشهر
مع ألم لا بعد مضغة. وفي المغني1: إلا مع ألم،
وحكم من ذبح أو أبينت حشوته وهي أمعاؤه لا
خرقها وقطعها فقط، ذكره الشيخ وغيره كميت في
حكمه، ذكره الشيخ وغيره في الحركة في الطفل،
وفي الجناية، وقال هنا: لا حكم لعطيته ولا
لكلامه، ومراده أنه كميت.
وذكر الشيخ أيضا في فتاويه إن خرجت حشوته ولم
تبن "2ثم مات ولده، ورثه وإن أبينت2" فالظاهر
يرثه، لأن الموت زهوق النفس وخروج الروح ولم
يوجد، ولأن الطفل يرث ويورث بمجرد استهلاله،
وإن كان لا يدل على حياة أثبت من حياة هذا3.
وظاهر هذا من الشيخ أن من ذبح ليس كميت مع
بقاء روحه، ويأتي في الجناية4 في أن قطع حشوته
أو مريئه أو ودجيه قتل، ومن جرح موحيا5
فكمريض، مع ثبات عقله. وفي الرعاية: إن فسد
عقله وقيل: أو لا لم يصح. وفي الترغيب: من قطع
بموته كقطع حشوته وغريق ومعاين كميت.
وهذا يوافق ما ذكره هو وغيره في الجناية،
وسيأتي4، ويصح معاوضة مريض بثمن مثله، وعنه مع
وارث بإجازة، اختاره في الانتصار، لفوات
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 8/492.
2-2 ليست في الأصل.
3 ليست في الأصل.
4 9/313-314.
5 في "ر": "موجباً"، والجرح الموحي: المسرع
للموت.
(7/444)
حقه من المعين.
وقال شيخنا فيمن أجر الموقوف لأجنبي كفضولي،
ومثلها وصيته لكل وارث بمعين بقدر حقه، ويصح
وقفه كذلك بالإجازة1 لأنه تحبيس ولا يحصل من
الإرث.
ويتوجه الخلاف في جملة كهبة، ولو كان الوارث
واحدا في التي قبلها صح وهنا يعتبر إجازته ولا
يؤثر إلا بعد موت الواقف، فلو مات الموقوف
عليه قبله ثم مات لواقف والوقف منجز صح في
ثلثه، على الأشهر، وهل لمريضة تزوجت بدون
مهرها نقصه؟ فيه وجهان وجزم به في الترغيب ليس
لها، كإجارتها نفسها بمحاباة "م 1" ويتوجه
فيها كمهر وزيادة مريض على مهر المثل من ثلثه،
نص عليه، وعنه: لا يستحقها، صححها ابن عقيل
وغيره، قال أحمد: كوصية لوارث.
ـــــــ
مسألة-1: قوله: "وهل لمريضة تزوجت بدون مهرها
نقصه؟ فيه وجهان، جزم في الترغيب: ليس لها،
كإجارتها نفسها بمحاباة" انتهى. قال في
"الرعاية الكبرى": ومن تزوج مريضة بدون مهر
مثلها فهل لها ما نقص؟ قلت: يحتمل وجهين"
انتهى: وهما الوجهان اللذان ذكرهما المصنف،
فإذن في إطلاق المصنف نظر، لأن الوجهين اللذين
ذكرهما ابن حمدان إنما ذكرهما تخريجا من عنده
لا أنهما للأصحاب.
ـــــــ
1 في الأصل: "بالإجارة".
(7/445)
قال في
الانتصار: له لبس ناعم وأكل طيب لحاجته، وإن
فعله لتفويت الورثة منع، وفيه: يمنعه إلا بقدر
حاجته وعادته، وسلمه أيضا، لأنه لا يستدرك،
كإتلافه، وجزم به الحلواني وغيره وابن شهاب،
قال: لأن حق وارثه لم يتعلق بعين ماله، ولو
قضى بعض غرمائه وتفي تركته ببقية دينه صح،
ونصه: مطلقا، ولا يبطل تبرعه بإقراره بدين في
المنصوص، ولو باع من أجنبي بمحاباة عبدا قيمته
ثلاثون بعشرة فلم يجز الورثة فله ثلثه بالعشرة
وثلثه بالمحاباة، لنسبتهما1 من قيمته، فصح2
بقدر النسبة، وعنه: يصح في نصفه بنصف ثمنه
لنسبة الثلث من المحاباة فصح بقدر النسبة.
اختاره في "المغني"3 و"المحرر"4، ولا شيء
للمشتري سوى الخيار، وعنه: يصح البيع بقية
قيمته عشرة أو يفسخ، ولو كان وارثا صح البيع
على الأصح في ثلثه، ولا محاباة، وعلى الثالثة
يدفع بقية قيمته عشرين أو يفسخ، ولو أفضى إلى
إقالة في سلم بزيادة أو بأفضل تعينت الوسطى،
كبيعه قفيز حنطة قيمته ثلاثون بقفير حنطة
قيمته عشرة، أو سلفه عشرة في قفيز حنطة ثم
أقاله وقيمته ثلاثون في مرضه، ولو حابى أجنبيا
أخذ شفيعه الوارث بالشفعة، في الأصح.
ـــــــ
"5إذا علم ذلك فالصواب ليس لها إلا ما سمى،
كما قاله في الترغيب، والله أعلم5".
ـــــــ
1 في "ر": "لنسبتها".
2 في "ر": "فيصح".
3 8/498.
4 ليست في "ر".
5-5 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(7/446)
فصل: من وهب أو وصى لوارث فصار غير وارث عند
الموت صحت،
وعكسه بعكسه اعتبارا بالموت فلو وهب مريض ماله
لزوجته ولا يملك غيره فماتت قبله عملت بالجبر،
لقطع الدور، فتقول: صحت هبته في شيء، ورجع
إليه بإرثه نصفه، يبقى لورثته المال إلا نصف
شيء يعدل شيئين، اجبر المال بنصف شيء وقابل
وابسط الشيئين ونصفا خمسة، فالشيء الذي صحت
فيه الهبة خمسا المال، فلورثته أربعة أخماس
ماله، ولورثتها خمسه.1
ولو أعتق ذا رحم أو أعتق أمة وتزوجها عتق
وترثه، في المنصوص،
ـــــــ
"2 تنبيه : قوله ومن وهب أو وصى لوارث فصار
غير وارث عند الموت صحت، وعكسه بعكسه اعتبارا
بالموت" انتهى، ناقض المصنف هذا في كتاب
الإقرار فقال: وإن أقر لوارث فصار عند الموت
أجنبيا أو عكسه اعتبر بحال الإقرار لا الموت،
على الأصح، فيصح في الثانية دون الأولى، ثم
قال: "وكذا الحكم إن أعطاه وهو غير وارث ثم
صار وارثا، ذكره في الترغيب وغيره" انتهى.
فجعل العطية كالإقرار، فاعتبر حالة الإقرار،
وجعل الهبة وهي نوع من العطية في باب تبرع
المريض كالوصية، فاعتبر الموت، وهذا المعتمد
عليه، وكان الأولى والأحرى للمصنف أن يذكر
كلام صاحب الترغيب وغيره في باب تبرع المريض
عقب المسألة، ليعلم أن فيها خلافا، لا يقطع في
مكان بشيء ويقطع بضده في غيره، والله أعلم2".
ـــــــ
1 في "ط": "خمسة".
2 ليست في النسخ الخطية،والمثبت من "ط".
(7/447)
وكذا لو اشترى
من يعتق عليه، وعنه: من رأس ماله، ويرثه،
اختاره جماعة، وقيل: لا تصح من مديون وقيل بلى
ويباع، فعلى الأول لو اشترى أباه ولا يملك
غيره وترك ابنا عتق ثلثه على الميت وولاؤه له،
وورث بثلثه الحر ثلث سدس بقيته من نفسه ولا
ولاء عليه، وبقية ثلثيه يرثها الابن يعتق عليه
وله ولاؤه، ويصح ظاهرا، ويحرم تزويجه أمته
المعتقة حتى تبرأ، ولو أعتق أمة قيمتها مائة
وله مائتان ونكحها بمائة مهر مثلها، صح عتقه
ونكاحه1، وقيل: ولها المهر، وفي إرثها
الوجهان، ويحرم وطء متهب حتى يبرأ أو يموت.
وفي "الخلاف": له التصرف، وفي "الانتصار":
والوطء. ولو أقر أنه أعتق في صحته ذا رحم2 أو
ملك من يعتق عليه بهبة أو وصية فمن رأس ماله،
وورثا، في المنصوص فيهما، فلو اشترى ابنه
بخمسمائة ويساوي ألفا فقدر المحاباة من رأس
ماله، ولو اشترى من يعتق على وارثه صح وعتق
على وارثه، وإن دبر ابن عمه عتق، والمنصوص: لا
يرث، وإن قال: أنت حر في آخر حياتي عتق.
والأشهر: يرث، وليس عتقه وصية له، فهو وصية
لوارث، ولو علق عتق عبده بموت قريبه لم يرثه،
ذكره جماعة قال القاضي: لأنه لا حق له فيه،
ويتوجه الخلاف، ولو ادعى الهبة أو العتق في
الصحة فأنكر الورثة قبل قولهم، نقله مهنا في
العتق، ولو قال وهبتني زمن كذا صحيحا فأنكروا
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ط": "نكاحها".
2 في "ر": "رحمه".
(7/448)
قبل قوله. ولو
كان مهرها عشرة آلاف فقالت في مرضها ما لي
عليه إلا ستة فالقضاء ما قضت، نقله ابن
إبراهيم.
(7/449)
فصل: إذا عجز ثلثه عن عطايا و وصايا بدئ
بالعطايا الأول فالأول
...
فصل: إذا عجز ثلثه 1 عن عطايا ووصايا بدئ
بالعطايا الأول فالأول
ثم بالوصايا متقدمها ومتأخرها سواء، فلو تبرع
بثلثه ثم اشترى أباه صح ولم يعتق عليه إذا
قلنا يعتق من ثلثه، ويعتق على وارثه ولم يرث،
وعنه: ويقسم2 بين الكل بالحصص مطلقا، وعنه:
يقدم العتق.
وتخالف العطية الوصية في أنه لا يملك الرجوع
فيها، ويقبلها عند وجودها، ويثبت ملكه من
حينها، فإذا خرجت من ثلثه عند موته تبينا
ثبوته، وإلا فله منها3 بحسب خروجه. ونماؤها
يتبعها. فلو أعتق في مرضه عبدا لا يملك غيره
فكسب قبل موته مثل قيمته دخله الدور.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 في "ط": "ويقسم".
3 في الأصل: "منه".
(7/449)
فنقول أبدا عتق
منه شيء وللورثة شيئان مثلا ما عتق منه، وله
من كسبه الذي استحقه بجزئه الحر شيء، لأنه هنا
مثله، فصار العبد وقيمته يعدل "1أربعة أشياء،
فالشيء إذن نصف العبد، فيعتق نصفه، وله نصف
كسبه، وللورثة نصفهما.
والعطية كالوصية إلا في1" أربعة أشياء
المذكورة. ويخرج وصيه ثم وارثه لا حاكم في
المنصوص ثم حاكم الواجب، كحج وغيره، ومثله
وصية بعتق في كفارة تخيير من رأس ماله، وتبرعه
من ثلث باقيه، ونقل ابن إبراهيم في حج لم يوص
به وزكاة وكفارة2 من الثلث.
ونقل عنه: من كله مع علم ورثته، ونقل عنه في
زكاة: من كله مع صدقة، وعنه: تقدم الزكاة على
الحج.
ونقل ابن صدقة فيمن أوصت3 في مرضها لزوجها
بمهرها: هذه وصية لوارث لا تجوز إلا بإجازة
الورثة، قيل فأوصت وهي صحيحة؟ قال: إن كانت
صحيحة جاز، قال الله: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ}
[النساء: 4] فإن أخرجه من لا ولاية له من ماله
بإذن أجزأ، وإلا فوجهان "م 2".
ـــــــ
مسألة-2: قوله: "فإن أخرجه من لا ولاية له من
ماله بإذن أجزأ وإلا فوجهان" انتهى. قد قال
المصنف أولا: "ويخرج وصيه ثم وارثه... ثم حاكم
الواجب كحج وغيره" فالمخرج للواجب على الميت
إنما هو هؤلاء الثلاثة على الترتيب، فلو أخرج
الواجب عليه أجنبي بإذن من له ولاية الإخراج
جاز، وإن أخرجه بغير إذنه وهي مسألة
ـــــــ
1-1 ليست في الأصل.
2 ليست في الأصل، وجاء محلها عبارة: "لم يوص
به".
3 في "ط": "أوصته".
(7/450)
وفي الخلاف وقد
قيل له1: لا يجوز له2 إخراج الزكاة حيا بلا
أمره فكذا بعد موته كالأجنبي فقال: لا نسلم أن
الأجنبي لا يجوز إخراج الزكاة عنه بعد موته،
لقوله في رواية حنبل: لا يعجبني يأخذ دراهم
ليحج بها إلا أن يكون متبرعا بحج عن أبيه وأمه
وأخيه، وإن سلمنا ذلك فالمعنى في الأجنبي أنه
لا يخلف الميت، بخلاف الوارث، فإن قال أدوا
الواجب من ثلثي وقيل: أو قال: حجوا أو تصدقوا
بدئ به، فإن نفذ ثلثه سقط تبرعه، وقيل:
يتزاحمان فيه، وباقي الواجب من ثلثيه، وقيل:
من رأس ماله، فيدخله الدور، فلو كان المال
ثلاثين والتبرع عشرة والواجب عشرة جعلت تتمة
الواجب شيئا يكن الثلث عشرة إلا ثلث شيء بين
الواجب والتبرع، للواجب خمسة إلا سدس شيء،
فاضمم الشيء إليه يكن
ـــــــ
المصنف فهل يجزئ أم لا؟ أطلق فيه الوجهين، قال
في الرعايتين والحاوي الصغير: فإن أخرج أجنبي
من ماله عن ميت زكاة تلزمه بإذن وصيه أو وارثه
أجزأته، وإلا فوجهان، وكذا لو أخرجها الوارث
ثم وصي بإخراجها ولم يعلمه، وكذا الحج
والكفارة ونحوهما انتهى. والظاهر أن المصنف
تابع ابن حمدان في ذلك.
قلت: أما إذا مات وعليه حج جاز أن يحج عنه
بإذن وليه، ويجوز بغير إذنه، على الصحيح، وهو
ظاهر ما قدمه المصنف في باب حكم قضاء الصوم3
اختاره "4ابن عقيل في فصوله، والمجد في شرحه،
وهي آخر مسألة بيضها فيه، وبه قطع في الفائق،
وقيل: لا يصح4"، اختاره أبو الخطاب في
الانتصار، وهذه المسألة إن لم تدخل في كلام
المصنف فهي شبيهة بما قال، والصواب الإجراء،
والله أعلم.
ـــــــ
1 ليست في "ط".
2 ليست في "ر".
3 5/72-73.
4-4 ليست في "ص".
(7/451)
الشيء خمسة
وخمسة أسداس شيء، يعدل الواجب عشرة، فيكون
الشيء ستة، وللتبرع أربعة، وإن شئت خذ حصة
الواجب من الثلث "1ثم انسب كلا من حصة التبرع
والورثة من الباقي، فخذ منهم تتمة الواجب1"
بقدر النسبة، أو انسب تتمته من الباقي وخذ
بقدرها. قال في الروضة: ومن مات بطريق مكة
لزمه أن يوصي بحجة الإسلام، كذا قال، ويتوجه:
يلزمه أن يعلم بما عليه من واجب.
ـــــــ
ويأتي في باب الولاية2 ما يشابه ذلك، وقد أطلق
المصنف الخلاف فيه أيضا.
ـــــــ
1-1 ليست في "ر".
2 8/67.
(7/452)
فصل: إذا أعتق مريض بعض عبد بقيته له أو لغيره
أو دبره أو وصى بعتقه وثلثه يحتمل كله عتق
كله، ويدفع قيمة حق شريكه، وعنه: يسرى في
المنجز خاصة، وعنه: لا سراية، ولو مات قبل
سيده عتق بقدر ثلثه، وقيل: كله، لأن رد الورثة
هنا لا فائدة لهم فيه، وينبني عليه إذا وهب
عبدا وأقبضه فمات ثم مات السيد، فمؤنة تجهيزه
بحسب ذلك، قاله في الترغيب وغيره، قالوا: ولو
قال أعتقت ثلثهم أقرع، ولو قال أعتقت الثلث من
كل واحد واحد1 منهم فكما قال، ولا قرعة.
ولو أعتق عبدين لا يملك غيرهما فلم يجز الورثة
عتق واحد بقرعة، وتتمة الثلث من الباقي، وإلا
عتق منه بقدر الثلث، فيضرب قيمة من قرع في
ثلاثة ثم ينسب قيمتها مما بلغ، فيعتق منه
بنسبته، وإن استغرقها دين عليه،
ـــــــ
................................................
ـــــــ
1 ليست في "ر".
(7/452)
بيعا، وعنه:
يعتق الثلث، فإن التزم وارثه وبقضائه فوجهان
"م 3".
ولو أعتق أحدهما بعينه وتساوت قيمتها وخلف
ابنين فقال أحدهما: أبي أعتق هذا، وقال الآخر
بل أعتق1 هذا عتق ثلثهما، ولكل ابن سدس الذي
عينه ونصف الآخر، وكذا لو عين الأصغر عتق
أحدهما وأطلقه الأكبر وخرجت القرعة لغير
المعين، ولو خرجت للمعين عتق ثلثاه فقط.
ولو أعتق ثلاثة أعبد فمات أحدهم قبله أقرع
بينهم، كعتقه أحدهم فإن خرجت للميت مات حرا
وتتم الثلث بقرعة بين الباقين، وإن خرجت
لأحدهما فهما تركته فيعتق ثلث قيمتها. وقال
الشيخ: يقرع بين الحيين ويسقط حكم الميت، كعتق
أحد عبديه غير معين فمات أحدهما تعين العتق في
الثاني، ذكرها القاضي وغيره، وإن قال: إن
أعتقت سالما فغانم
ـــــــ
مسألة-3: قوله: "ولو أعتق عبدين لا يملك
غيرهما فظهر عليه دين يستغرقهما بيعا فإن
التزم وارثه بقضائه فوجهان" انتهى.
يعني: ففي نفوذ عتقهما وجهان ومحلهما إذا كان
الوارث غنيا فيما يظهر، وأطلقهما في الرعاية
الكبرى والفائق والمغني2 والشرح3 وقالا4: وقيل
أصل الوجهين إذا تصرف الورثة في التركة ببيع
أو غيره وعلى الميت دين فقضى الدين هل ينفذ؟
فيه وجهان انتهى، وحكى5 الوجهين في الكافي6
احتمالين:
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 14/394-395.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/115.
4 في "ص": "قال".
5 بعدها في "ط": "أصل".
6 4/154.
(7/453)
حر قدم سالم،
ولو زاد وقت عتقي له لئلا يرقان والله أعلم.
ـــــــ
أحدهما: ينفذ عتقهما، وهو الصواب، لتشوف
الشارع إليه، وأيضا لو كان على الميت دين وقضى
من عين ما خلف يصح واستحق الورثة ذلك، على
الصحيح من المذهب.
والوجه الثاني: لا ينفذ عتقهما، قدمه ابن
رزين، وقد ذكر ابن رجب في الفائدة الثانية
عشرة على القول بأن التركة تنتقل إليهم وهو
الصحيح: لو تصرفوا فيها نفذ على الصحيح، وعلى
القول بعدم النفوذ ينفذ العتق خاصة، وحكى
القاضي في المجرد في نفوذ عتقهم مع عدم العلم
بالدين وجهين، وأنه لا ينفذ مع العلم، وجعل
صاحب الكافي1 مأخذهما أن حقوق الغرماء
المتعلقة بالتركة هل يملك الورثة إسقاطهما
بالتزامهم الأداء من عندهم أم لا؟ انتهى. وهذه
مسألة المصنف.
فهذه ثلاث مسائل في هذا الباب.
ـــــــ
1 4/153.
(7/454)
باب الموصى له
لمن تصح الوصية
...
باب الموصى له
تصح لمن يصح تمليكه ولأهل الذمة، وذكره القاضي
وغيره، والمذهب: ولحربي، كالهبة "ع" وفي
المنتخب: يصح لأهل الذمة ودار حرب، نقله ابن
منصور، ولمكاتبه ولمدبره، ويقدم عتقه على
وصيته لعبده1 القن بمشاع. وقال القاضي: يعتق
بعضه ويملك منها بقدره، ولأم ولده، كوصيته أن
ثلث قريته وقف عليها ما دامت على ولدها، نقله
المروذي، وإن شرط عدم تزويجها ففعلت وأخذت
الوصية ثم تزوجت فقيل: تبطل، وقيل: لا "م 1"
كوصية بعتق أمته على شرطه، ولعبده بمعين،
كمشاع، فعنه:
ـــــــ
مسألة-1: قوله في الوصية لأم الولد: "وإن شرط
عدم تزويجها ففعلت وأخذت الوصية ثم تزوجت
فقيل: تبطل، وقيل: لا" انتهى. وأطلقهما في
المغني2 والشرح3 والرعاية الكبرى:
أحدهما: تبطل، قدمه ابن رزين في شرحه، وهو
قول، الخرقي إذا وصى لعبده بجزء من ماله، قال
في بدائع الفوائد قبل آخره بقريب من كراسين:
قال في رواية أبي الحارث: ولو دفع إليها مالا
يعني إلى زوجته على أن لا تتزوج بعد موته
فتزوجت ترد المال إلى ورثته" انتهى.
قال المصنف في باب الشروط في النكاح4: وإن
أعطته مالا على أن لا يتزوج عليها رده إذا
تزوج، ولو دفع إليها مالا على أن لا تتزوج بعد
موته. فتزوجت ردته إلى ورثته، نقله أبو
الحارث" انتهى. فقياس هذا النص أن أم ولده ترد
ما أخذت من الوصية إذا تزوجت، وتبطل الوصية
بردها، واختاره الحارثي، وهو الصواب.
ـــــــ
1 في "ط": "كعبده".
2 8/519.
3 17/283.
4 8/229.
(7/455)
كما له، وعنه:
يشتري1 ويعتق، والمذهب: لا يصح "م 2".
وعنه: منعها "2كقن زمنها2"، ذكره ابن عقيل.
وتصح وصيته له بنفسه أو برقبته، ويعتق بقبوله
إن خرج من ثلثه، وإلا بقدره، ويصح لعبد إن
ملك. وفي الواضح: أو لا، وهي لسيده ما لم يكن
حرا وقت موت موص، وإن عتق بعده وقبل قبوله
فالخلاف، ولا يصح لعبد وارثه وقاتله ما لم يصر
حرا وقت نقل الملك، ويصح لمكاتب وارثه، ولحمل
علم وجوده حين الوصية،
ـــــــ
والقول الثاني: لا تبطل، كوصيته بعتق أمته على
أن لا تتزوج فمات فقالت لا أتزوج عتقت. فإذا
تزوجت لم يبطل عتقها، قولا واحدا عند الأكثر،
قال الحارثي: ويحتمل أن ترد إلى الرق، قال:
وهو الأظهر، ونصره.
قلت: ويحتمل أن تبقى على الحرية ويؤخذ منها
قيمتها، مراعاة للحقين، ولم أره، والله أعلم.
مسألة-2: قوله: "و تصح لعبده بمعين، كمشاع،
فعنه: كما له، وعنه: يشتري ويعتق، والمذهب: لا
يصح" انتهى. المذهب عدم الصحة، بلا إشكال،
وحكي عنه أنه يصح، وصرح بهذه الرواية ابن أبي
موسى فمن بعده، فعلى هذه الرواية هل3 يكون كما
له أو يشتري من الوصية ويعتق؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: يشتري من الوصية ويعتق وما بقي فهو
له، وهو الصحيح، جزم به في "الكافي"4 وغيره،
وقدمه في الرعاية وغيره.
والرواية الثانية: يكون كما له.
ـــــــ
1 في "ر": "يسري"
2-2 في "ر": "لقن ذمتها".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 4/15.
(7/456)
بأن تأتي به
"1لدون ستة1" أشهر من الوصية حيا، فإن أتت به
لأكثر ولا وطء فوجهان، ما لم تجاوز أكثر مدة
الحمل "م 3".
وكذا لو وصى به، وإن قال إن كان في بطنك ذكر
فله كذا وإن كان أنثى فكذا فكانا فلهما ما
شرط، ولو كان قال إن كان ما في بطنك فلا، لأن
أحدهما بعض حملها لا كله، وقيل: يصح لمن تحمل،
ولو وصى بثلثه لأحد هذين أو قال لجاري أو
قريبي2 فلان باسم مشترك لم يصح، وعنه يصح،
كقوله أعطوا ثلثي أحدهما، في الأصح، فقيل:
ـــــــ
مسألة-3: قوله: "و يصح... لحمل علم وجوده حين
الوصية، بأن تأتي به لدون ستة أشهر من الوصية
حيا، فإن أتت به لأكثر ولا وطء فوجهان، ما لم
يجاوز مدة أكثر الحمل" انتهى.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والمقنع3 وشرح ابن منجا والفائق وغيرهم:
أحدهما: تصح الوصية له إذا وضعته لأقل من أربع
سنين، وهو الصحيح، قال في الوجيز: وتصح لحمل
تحقق وجوده قبلها، وصححه في التصحيح، وقطع به
في المغني4 والكافي5 والشرح3، وهو عجيب منه،
إذا الكتاب الذي شرحه حكى الخلاف فيه، وأطلقه،
وعذره أنه تابع الشيخ في المغني4 وذهل عن كلام
المتن، وقدمه في الخلاصة.
ـــــــ
1 في "ر": "لستة".
2 في "ر": "قريتي".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/292.
4 8/492.
5 4/14.
(7/457)
يعينه الورثة،
وقيل: بقرعة "م 4".
ـــــــ
والوجه الثاني: لا تصح الوصية له، لأنه مشكوك
في وجوده، ولا يلزم من لحوق النسب صحة الوصية.
مسألة-4: قوله: "ولو وصى بثلثه لأحد هذين أو
قال لجاري أو قريبي فلان باسم مشترك لم يصح،
وعنه: تصح، كقوله أعطوا ثلثي أحدهما، في الأصح
فقيل: يعينه الورثة، وقيل: بقرعة" انتهى.
وأطلقهما في القواعد الأصولية:
أحدهما: يعينه الورثة، وقطع به في الرعاية
الكبرى.
(7/458)
وجزم ابن رزين
بصحتها لمجهول ومعدوم وبهما، وجزم الشيخ في
فتاويه في الصورة الأولى بأنه لا يصح، واحتج
به على أنه لا يصح رجوعه عن إحداهما، فعلى
الأولى لو قال عبدي غانم حر بعد موتي وله
مائة، وله عبدان بهذا الاسم، عتق أحدهما
بقرعة، ولا شيء له، نقله يعقوب وحنبل، وعلى
الثانية هي له "1من ثلثه1"، اختاره أبو بكر،
ولو وصى ببيع عبده لزيد "2أو لعمرو أو2"
لأحدهما صح، لا مطلقا، ولو وصى له بخدمة عبده
سنة ثم هو حر فوهبه الخدمة أو رد عتق منجزا،
وذكر الشيخ لا، وإن قتل الوصي الموصي ولو خطأ
بطلت، ولا تبطل وصيته له بعد جرحه، وقال
جماعة: فيهما روايتان، ومثلها التدبير، فإن
جعل عتقا بصفة فوجهان "م 5".
ـــــــ
والقول الثاني: "3يعين القرعة3"، قطع به ابن
رجب في قواعده، وهو الصواب.
مسألة-5: قوله: "وإن قتل الوصي الموصي ولو خطأ
بطلت، ولا تبطل وصيته له بعد جرحه، وقال
جماعة: فيهما روايتان، ومثلها التدبير فإن جعل
عتقا نصفه فوجهان" انتهى الكلام عن الوجهين.
قال في فوائد القواعد: إذا قتل المدبر سيده
ففيه طريقان:
أحدهما: بناؤه على الروايتين "4 إن قلنا: هو
عتق بصفة، عتق، وإن قلنا: وصية، لم يعتق. وهي
طريقة ابن عقيل وغيره.
والطريقة الثانية: لا يعتق على الروايتين4"
وهي، طريقة القاضي، لأنه لم يعلقه على موته
بقتله إياه" انتهى.
ـــــــ
1-1 ليست في "ر".
2-2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3-3 في "ط": "تعين القرعة".
4-4 ليست في "ط".
(7/459)
وتصح لمسجد،
ويصرف في مصلحته، فلو قال: إن مت فبيتي للمسجد
أو فأعطوه مائة من مالي له توجه صحته، وتصح
بمصحف ليقرأ فيه، ويوضع بجامع أو موضع حريز،
نص عليه. و تصح1 لفرس حبيس ما لم يرد تمليكه،
فإن مات فالبقية للورثة لا لفرس حبيس، في
المنصوص، كوصيته بعتق عبد زيد فتعذر، أو بشراء
عبد بألف أو عبد زيد بها، في المنصوص فيه،
فاشتروه بدونها، ولو وصى بعتق نسمة بألف
فأعتقوا نسمة بخمسمائة لزمهم عتق2 أخرى
بخمسمائة، في الأصح، ذكره في الترغيب، وإن قال
أربعة بكذا جاز الفضل بينهم3 ما لم يسم ثمنا
معلوما، نص عليه.
ـــــــ
قلت: وهذا الثاني هو الصواب، ولكن قد يقال:
ليست هذه عين مسألة المصنف. وقال في المحرر:
إذا قتل الموصى له الموصي بعد وصيته بطلت،
وكذلك التدبير. وقال في الرعايتين والحاوي:
ومن قتل من وصى له بشيء أو من دبره بطلا،
فقدما ذلك وأطلقا.
قلت: الصحيح من المذهب عدم العتق، والقول
بعتقه ضعيف، والله أعلم.
وقال في المغني4 والشرح5: وإذا مات السيد بعد
جنايته وقبل استيفائها عتق على كل حال، سواء
كانت موجبة للمال أو للقصاص، لأن صفة العتق
وجدت فيه، فأشبه ما لو باشره انتهى.
ولكن قد يقال إن الجناية على غير سيده في هذه
الصورة.
فهذه خمس مسائل.
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في "ر": "عن".
3 في الأصل: "بينهما" وفي "ر": "بينها".
4 14/438.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 19/186.
(7/460)
ولو وصى بعتقه
ووصية فأعتقه سيده أخذ العبد الوصية، نقل صالح
معناه، ولو وصى بعتق عبد بألف اشترى بثلثه إن
لم يخرج، ولو وصى بشراء فرس للغزو بمعين
وبمائة نفقة له فاشترى بأقل منه فباقيه نفقة
لا إرث، في المنصوص، وتصح لفرس زيد وإن لم
يقبله، ويصرفه في علفه.
ولو وصى بشيء لزيد وبشيء للفقراء أو جيرانه
وزيد منهم لم يشاركهم، نص عليهما، ولقرابته
وللفقراء: لقريب فقير سهمان، ذكره أبو
المعالي، ويتوجه تخريج حكم كل صورة إلى الأخرى
ولو وصى له وللفقراء بثلثه فنصفان، كله ولله،
وقيل فيه: كله له.
وقيل في الأولى كأحدهم، كله وإخوته، في وجه،
ولو وصى لحي وميت فنصفه للحي، وقيل: كله مع
علمه بموته إن لم يقل: بينهما، كالمنصوص في:
له ولجبريل أو الحائط، وله وللرسول فنصف
الرسول في المصالح.
ـــــــ
...............................
(7/461)
فصل: لا قبول و لا رد لموصى له في حياة الموصي
...
فصل: لا قبول ولا رد لموصى له في حياة الموصي،
ولا رد بعد قبوله. وفيه
ـــــــ
...............................
(7/461)
وجه فيما كيل
أو وزن، وقيل: وغيره، وإن لم يقبل فكمتحجر
مواتا. ويبطل بموته قبل الموصي أو1 رده بعده،
وإن مات بعده قبل قبوله ورده فوارثه كهو، وعنه
تبطل، نصره القاضي وأصحابه، وإن طلبه وارث
بأحدهما وأبى2 حكم عليه برد، وقيل: ينتقل بلا
قبول، كخيار، وقبول الوصية كهبة.
قال أحمد: هما واحد، وذكر الحلواني عن
أصحابنا: يملكها بلا قبوله، كميراث. وفي
المغني3: وطؤه قبول، كرجعة وبيع خيار، ومتى رد
أو قال لا أقبله فتركة4 وليس له تخصيص أحد،
ونصيب من لم يقبل ممن يمكن تعميمهم للورثة،
ويملكه الوصي، ونماء منفصل منذ قبله، وذكر
الشيخ أنه المذهب، ونصره القاضي وأصحابه فهو
قبله للورثة فيزكوه، وقيل: للميت، وقيل منذ
مات الموصي فيزكيه، وعنه: نتبينه إذا قبله،
وعليه والذي قبله لو قبله وارثه كان ملكا
لموروثه، ويثبت حكمه، وتبطل بتلفه قبل قبوله،
مطلقا.
وإن تلف غيره فللوصي كله، ذكره الشيخ، وقال
غيره: ثلثه إن ملكه
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ر" و"ط": "و".
2 في النسخ الخطية "إنما"، والمثبت من "ط".
3 8/422.
4 في الأصل: "فتركه".
(7/462)
بقبوله، ويقوم
بسعره وقت الموت، ذكره جماعة. وقال في
"المجرد"1 على أقل صفاته إلى القبول على
الأخير، وعلى أنه للورثة أو للميت يوم القبول
سعرا وصفة.
وفي الترغيب وغيره: وقت الموت، وأنه يعتبر
قيمة تركه2 الأقل من موت إلى قبض وارث، ويحتمل
وقت موت، وإن لم يكن له غيره إلا مال غائب أو
دين أخذ ثلث المعين. وفي الأصح، ومن بقيته
بقدر ثلث ما يحصل إلى كماله، ومثله المدبر،
ذكره أصحابنا.
وفي الترغيب: فيه نظر، فإنه يلزم من تنجيز عتق
ثلثه تسليم ثلثيه إلى الورثة وتسليطهم عليهما
مع توقع عتقهما بحضور المال، وهذا سهو منه،
قال: وكذا إذا كان الدين على أحد أخوي الميت
ولا مال له غيره، فهل يبرأ عن نصيب نفسه قبل
تسليم نصيب أخيه؟ على الوجهين.
والنماء المتصل يتبع العين، وإن تلف بعض العبد
المعين فله بقيته، وقيل: ثلثها، كثلث ثلاثة
أعبد استحق منهم اثنان، وقيل: له الباقي أيضا،
ولو وصى له بثلث صبرة مكيل أو موزون فتلف
ثلثاها فله الباقي، وقيل: ثلثه.
ومن أوصى بعتق عبد بعينه لم يعتق حتى يعتقه
وارثه، فإن أبى فحاكم، وكسبه بين الموت والعتق
إرث، وذكر جماعة: له، ويتوجه مثله في موصى
بوقفه. وفي الروضة: الموصي بعتقه ليس بمدبر،
وله حكم المدبر في كل أحكامه والله أعلم.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 في "ر": "المحرر".
2 في "ر": "تركة".
(7/463)
باب الموصى به
أحكام الموصى به
...
باب الموصى به
يعتبر إمكانه، وفي الترغيب وغيره: واختصاصه
به، فلو وصى بمال غيره لم يصح ولو ملكه بعد،
وتصح بما يعجز عن تسليمه، وبإناء ذهب وفضة،
وبزوجته، ووقت فسخ النكاح فيه الخلاف، وبما
تحمل شجرته أبدا أو إلى مدة، ولا يلزم الوارث
السقي، لأنه لم يضمن تسليمها، بخلاف مشتر فإن
تحصل شيء فله وإلا بطلت، ومثله بمائة لا
يملكها إذن.
وفي الروضة: إن وصى بما تحمل هذه الأمة أو هذه
النخلة، لأنه وصية بمعدوم، والأشهر: وبحمل
أمته، ويأخذ قيمته، نص عليه، قيل: يدفع أجرة
حضانة، وإن لم يحصل شيء بطلت، وبمباح نفعه
كزيت نجس، وله ثلثه، وقيل: كله مع أقل مال له
غيره، وكذا كلب الصيد،
ـــــــ
...............................
(7/464)
وحفظ ماشية
وزرع، وقيل: وبيوت، والأصح وتربية صغير
لأحدهما1، وإن لم يصد به أو يصيد إن احتاجه،
أو لحفظ ماشية وزرع إن حصل فخلاف "م 1".
وفي الواضح: الكلب ليس مما يملكه، وفي طريقة
بعض أصحابنا: إنما يصح لملك اليد الثابت له،
كخمر تخلل، ولو مات من في يده خمر ورث عنه،
فلهذا يورث الكلب، نظرا إلى اليد حسا، وتصح
بمجهول كعبد وشاة2 ويعطى ما يقع عليه اسمه
لغة، وقيل: عرفا، واختاره
ـــــــ
مسألة-1: قوله: "وبمباح نفعه ككلب صيد وحفظ
ماشية وزرع، وقيل: وبيوت، والأصح وتربية صغير
لأحدها، وإن لم يصد به أو يصيد إن احتاجه أو
لحفظ ماشية وزروع إن حصل فخلاف" انتهى، وذكر
الخلاف في المغني3 والشرح4 احتمالين مطلقين في
كتاب البيع:
أحدهما: تجوز، قدمه في الكافي وشرح ابن رزين،
وهو الصواب، في غير المسألة الأولى، وجعل في
الرعاية الكبرى الكلب الكبير الذي لا يصيد به
لهوا5 كالجرو الصغير، وأطلق الخلاف فيه، وجزم
بالكراهة في آداب الرعايتين قلت: الجواز من
غير أن يصيد ولا أعده للصيد بعيد، ويدل عليه
الحديث6.
ـــــــ
1 في الأصل: "لأحدهما".
2 ليست في الأصل.
3 6/358.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 11/48.
5 في "ط": "بل الهواء".
6 أخرج البخاري "5480"، ومسلم "1574" "56"
واللفظ له من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: "من اتخذ كلباً إلا كلب زرع أو
غنم أو صيد، ينقص من أجره كل يوم قيراط".
(7/465)
الشيخ، فشاة
عندة أنثى كبيرة، وبعير وثور عنده للذكر، وجزم
به في التبصرة، وفي الخلاف الشاة اسم لجنس
الغنم يتناول الصغار والكبار، وقد قال أبو
حنيفة: لو حلف لا أكلت لحم شاة فأكل لحم جدي
حنث. وقال أيضا: الشاة اسم للأنثى، فقيل له:
بل للأنثى والذكر، فقال: هذا خلاف اللغة.
والدابة خيل وبغال وحمير، فتقيد يمين من حلف
لا يركب دابة بها وفي الترغيب وجه في وصية
بدابة يعتبر عرف البلد، وحصان وجمل ذكر، وناقة
وبقرة أنثى. وفي التمهيد في الحقيقة العرفية:
الدابة للفرس عرفا، والإطلاق ينصرف إليه وقاله
في الفنون عن أصولي، يعني نفسه، قال: لنوع قوة
في الدبيب، لأنه ذو كر وفر، وإن قال من عبيدي
فعنه: يعينه الورثة، وعنه: القرعة "م 2".
ـــــــ
والقول الثاني: يحرم، وهو أقوى فيما لم يرد
الصيد به ألبتة.
مسألة-2: قوله: "وإن قال من عبيدي، فعنه:
يعينه الورثة، وعنه: القرعة" انتهى. وأطلقهما
في المذهب:
أحدهما: يعطيه الورثة ما شاءوا، وهو الصحيح من
المذهب، نص عليه في رواية ابن منصور، واختاره
القاضي وأبو الخطاب والشريف أبو جعفر في
خلافيهما، والشيرازي والشيخ الموفق وابن عبدوس
في تذكرته، وغيرهم، وصححه الناظم،
(7/466)
وفي "التبصرة"
هما في لفظ احتمل معنيين، قال: ويحتمل حمله
على ظاهرهما، وقوله أعتقوا عبدا فمجزئ عن
كفارة، ونقل صالح بثمن وسط، وأحد عبيدي كوصية،
وقيل مجزئ عن كفارة، ونقل ابن منصور القرعة
هنا، وجزم به ابن مقيل وغيره، وقال في
المستوعب: للعبيد تعيين عتق أحدهم، فإن هلكوا
إلا واحدا تعين وصية، وقيل: بقرعة، وإن لم
يملكه بطلت، وقيل: يشتري، كعبد من مالي،
وكالمنصوص في أعطوه مائة من أحد كيسي فلم يوجد
فيهما شيء، وإن ملكه قبل موته فوجهان "م 3".
وإن قتلوا1 بعد موته غرم قاتله له قيمة واحد
بقرعة واختيار الورثة، وإن وصى بكلب أو2 طبل
فله المباح، وإلا لم يصح، ولو وصى له بقوس وله
أقواس ولا قرينة فله قوس نشاب، وقيل: ووترها،
جزم به في "الترغيب"، وقيل: كأحد عبيده، وقيل:
غير قوس بندق، وقيل: ما يرمى به عادة.
ـــــــ
وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
والرواية الثانية: يعطي واحدا بالقرعة، اختاره
الخرقي وابن أبي موسى وصاحب المحرر وغيرهم.
مسألة-3: قوله: "وإن لم يملكه بطلت، وقيل:
يشتري وإن ملكه قبل موته فوجهان" انتهى. يعني
إذا أوصى له بعبد ولم يملكه ثم ملكه قبل موته،
وأطلقهما في الشرح3 وشرح الحارثي والفائق:
أحدهما: يصح، وهو الصحيح، جزم به في الحاوي
الصغير، وقدمه في الرعايتين. والوجه الثاني:
لا يصح، كمن وصى لعمرو بعبد ثم ملكه.
ـــــــ
1 في الأصل: "قبلوا".
2 في الأصل: "و".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/354.
(7/467)
ولو وصى من لا
حج عليه أن يحج عنه بألف صرف من ثلثه مئونة1
حجة بعد حجة2 راكبا أو راجلا، نص عليه، حتى
ينفذ، وعنه: مئونة حجة وبقيته إرث، ونقل ابن
إبراهيم بعد حجه للحج أو سبيل الله، فإن لم
يكف الألف أو البقية فمن حيث يبلغ، وعنه: يعان
به في حجة، وعنه: يخير وإن قال حجة بألف فكله
لمن يحج عينه أو لا، وقيل: البقية إرث، جزم به
في التبصرة، وإن أبى المعين الحج فقيل: يبطل،
وقيل: في حقه "م 4" كقوله بيعوا عبدي لفلان3
وتصدقوا بثمنه، فلم يقبل4، وكما لو لم
ـــــــ
مسألة-4: قوله: "وإن أبى المعين الحج فقيل:
تبطل، وقيل. في حقه" انتهى:
أحدهما: تبطل الوصية من أصلها، وهو احتمال في
المغني5 والشرح6 والرعاية، وهو ظاهر ما جزم به
في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة،
والمقنع، في إحدى نسختيه، وجزم به في المحرر
والمنور، وصححه الحارثي.
والوجه الثاني: تبطل في حقه لا غير ويحج عنه
بأقل ما يمكن من نفقة أو أجرة والبقية للورثة،
وهذا هو الصحيح من المذهب، وعليه أكثر
الأصحاب، وفي بعض نسخ المقنع6: لم يعطه وبطلت
الوصية في حقه، وبه قطع في الكافي7 والرعاية
الصغرى والحاوي الصغير والنظم والوجيز وغيرهم،
وقدمه في الرعاية الكبرى والفائق، والمغني8
والشرح6،
ـــــــ
1 ليست في الأصل.
2 في "ر": "أخرى"، و"ط": "أدرى".
3 بعدها في "ر": "بألف".
4 في "ر": "يقبله".
5 8/547.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/319.
7 4/55.
8 8/546.
(7/468)
يقدر الموصى له
بفرس في السبيل على الخروج، نقله أبو طالب،
ويحج غيره بأقل ما يمكن نفقة أو أجرة، والبقية
للورثة، كالفرض، وكقوله حجوا عني، وله تأخيره
لعذر، و لو قاله من عليه حج صرفت الألف كما
سبق، وحسب من الثلث الفاضل عن نفقة المثل أو
أجرة مثله للفرض. وفي الفصول: من وصى أن يحج
عنه بكذا لم يستحق ما عين زائدا على النفقة،
لأنه بمثابة جعالة، واختاره، ولا يجوز في
الحج، ومن أوصى أن يحج عنه بالنفقة صح، واختار
أبو محمد الجوزي إن وصى بألف يحج بها صرف في
كل حجة قدر نفقته حتى ينفد1، ولو قال: حجوا
عني بألف، فما فضل للورثة، ولو قال: يحج عني
زيد بألف، فما فضل وصية له إن حج، ولا يعطي
إلى أيام الحج، قاله أحمد، نقل أبو طالب:
اشترى به متاعا يتجر به؟ قال: لا يجوز2، قد
خالف، لم يقل اتجر به. ولا يصح أن يحج
ـــــــ
ونصراه، وذكر في النظم قولا: إن بقية الألف
لذي حج.
تنبيه: محل الخلاف إذا كان الموصي قد حج حجة
الإسلام، أما إذا لم يكن الموصي قد حج حجة
الإسلام فإن غير3 المعين يقام بنفقة المثل
والبقية للورثة، قولا واحدا، وقد صرح بذلك
المصنف بعد هذا، والله أعلم.
ـــــــ
1 في النسخ الخطية: "لينفذ"، والمثبت من "ط".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
3 في "ط": "عين".
(7/469)
وصي بإخراجها،
نص عليه، قال: لأنه منفذ، كقوله: تصدق عني
به1، لا يأخذ منه، وكما لا يحج على دابة موصى
بها في السبيل ولا يحج وارث، نص عليه، واختار
جماعة: بلى إن عينه، ما لم يزد على نفقته. وفي
"الفصول": إن لم يعينه جاز، وقيل له في رواية
أبي داود: وصى أن يحج عنه، قال: لا، لأنه كأنه
وصية لوارث، ولو وصى بحجج2 نفلا ففي صحة صرفها
في عام وجهان "م 5".
ـــــــ
مسألة-5: قوله: "ولو وصى بحجج نفلا ففي صحة
صرفها في عام واحد وجهان" انتهى:
أحدهما: يجوز صرف ذلك في عام واحد، وهو
الصحيح، اختاره القاضي وابن عقيل والسامري،
نقله عنهم الحارثي وقال: وهو أولى، وصححه ابن
نصر الله في حواشيه، وقال: إلا أن تقوم قرينة
على خلاف ذلك، قال في الوجيز: وإن وصى بثلاث
حجج إلى ثلاثة في عام واحد صح، وأحرم النائب
بالفرض أولا إن كان عليه فرض" انتهى.
والوجه الثاني: لا يجوز، قدمه في الرعاية
فقال: لو وصى بثلاث حجج لم يكن له أن يصرفها
إلى ثلاثة يحجون عنه في عام واحد، ويحتمل أن
يصح إن كانت نفلا انتهى.
وقال المصنف في باب حكم قضاء الصوم3: وحكى
أحمد عن طاوس جواز صوم جماعة عنه في يوم واحد،
ويجزئ عن عدتهم من الأيام، قال: وهو أظهر،
واختاره المجد، قال: فدل ذلك أن من أوصى
بثلاث4 حجج جاز صرفها إلى ثلاثة
ـــــــ
1 ليست في "ر".
2 في "ر": "الحج".
3 5/73-74.
4 في "ط": "بثلاثة".
(7/470)
ولو وصى بدفن
كتب العلم لم تدفن، قاله أحمد، وقال: ما
يعجبني، ونقل الأثرم: لا بأس، ونقل غيره: تحسب
من ثلثه، وعنه الوقف، قال الخلال: الأحوط
دفنها، ولو وصى بإحراق ثلث ماله صح وصرف في
تجمير الكعبة وتنوير المساجد، ذكره ابن عقيل.
قال هو أو ابن الجوزي: وفي التراب يصرف في
تكفين الموتى، وفي الماء يصرف في عمل سفن
للجهاد، وقال ابن الجوزي إما من عنده أو حكاية
عن الشافعي ولم يخالفه لو: أن رجلا وصى بكتبه
من العلم لآخر وكان فيها كتب الكلام لم تدخل
في الوصية، لأنه ليس من العلم.
ـــــــ
يحجون عنه في سنة واحدة، وجزم ابن عقيل بأنه
لا يجوز، لأن نائبه مثله وذكره في الرعاية
قولا، ولم يذكر قبله ما يخالفه، ذكره في فصل
استنابة المعضوب من باب الإحرام، وهو قياس ما
ذكره القاضي في الصوم" انتهى كلام المصنف ولم
يستحضر تلك الحال ما ذكره في الرعاية في باب
الموصى به، ونقل عن ابن عقيل خلاف ما نقله عنه
الحارثي، ولعل له قولين، والله أعلم.
(7/471)
فصل: إذا وصى بثلثه عم،
وعنه: يعم المتجدد مع علمه به أو قوله: بثلثي
يوم أموت، وديته1 مطلقا له، كصيد وقع بعد موته
في أحبولة نصبها، خلافا للانتصار وغيره، وإن
تلف بها شيء فيتوجه في ضمان الميت الخلاف،
وسبق في الغصب2 ضمانه ببئر حفرها في فنائه.
والظاهر أن هذا قاله من قال يملك صيدا وقع بعد
موته في أحبولة
ـــــــ
....................................
ـــــــ
1 في الأصل: "دينه".
2 ص258.
(7/471)
نصبها، وإلا
فلا فرق، قال أحمد: قضى النبي عليه السلام أن
الدية ميراث1. وعنه: هي لورثته، قال: لأنها
إنما تجب بعد موته.
ولو وصى بمنفعة أمته أبدا و2 لآخر برقبتها أو
بقائها تركة صح، ولمالك رقبتها بيعها، كعتقها،
وقيل: وعن كفارته كعبد مؤجر، فيبقى انتفاع رب
الوصية بحاله، وقيل: يتبع3 لمالك نفعها، وقيل:
لا، وفي كتابتها الخلاف وله قيمتها وولدها
وقيمته من وطء شبهة، وقيل: هن
ـــــــ
تنبيه: قوله: "فيمن أوصى بمنفعة أمته أبدا:
ولمالك رقبتها بيعها كعتقها، وقيل: وعن
كفارته: فيبقى انتفاع رب الوصية بمنفعتها
بحاله، وقيل: يتبع4 لمالك نفعها، وقيل: لا5،
وفي كتابتها الخلاف" انتهى.
ـــــــ
1 أخرج أحمد في "مسنده "791"، من حديث عمرو بن
العاص، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى
أن العقل ميراث بين ورثة القتيل، على فرائضهم.
2 في "ط": "أو".
3 في "ط": "ببيع".
4 في "ط": " يبيع".
5 ليست في "ط".
(7/472)
بمنزلتها،
وعليهما تخرج لو لم يقتص1 من قاتلها وعفا2 هل
يلزمه القيمة؟ وإن جنت سلمها هو أو فداها
مسلوبة، ولا يطأ.
وفي الترغيب وجهان، ولمالك نفعها خدمتها حضرا
وسفرا وإجارتها وإعارتها، وقيمة المنفعة على
وارثها إن قتلها قاله في الانتصار. وفي
التبصرة: إن قتلت فرقبة بثمنها مقامها، ويحتمل
أنه لمالك النفع، قال: وهو أولى، وقيل: يجد
بوطئه وولده قن، وتزويجها إليهما، ويجب
بطلبهما3 ووليها مالك الرقبة، وقيل: هما.
ـــــــ
الظاهر: أنه أراد بالخلاف الخلاف الذي في جواز
بيعها. والصحيح من المذهب جواز بيعها، وقدمه
المصنف، فكذلك الكتابة على هذا القول، فعلى
هذا لا تكون هذه المسألة من المسائل التي أطلق
فيها الخلاف من وجهين، والله أعلم.
ـــــــ
1 في "ط": "يقبض".
2 ليست في الأصل.
3 في الأصل: "بطلبه"، و"ط".: "بطلبها".
(7/473)
وفي مهرها
ونفقتها وجهان "م 6 و 7".
ـــــــ
مسألة-6-7: قوله: "وفي مهرها ونفقتها وجهان
انتهى ذكر مسألتين.
المسألة الأولى-6: مهرها هل يكون لمالك نفعها
أو رقبتها، أطلق الخلاف فيه، وظاهر "الشرح"1
إطلاق الخلاف، وكذا ابن منجا في شرحه:
أحدهما: لمالك الرقبة، وهو الصحيح، على ما
اصطلحناه، اختاره ابن عقيل والشيخ الموفق،
وجزم به في الوجيز وغيره، وقدمه في الرعايتين
والحاوي الصغير.
والوجه الثاني: لمالك نفعها، وهو المذهب، وعند
أكثر الأصحاب، قال الشيخ في المغني2 والمقنع1
وغيرهما: وقال أصحابنا: وهو لمالك نفعها، وجزم
به في المنور وغيره، وقدمه في المحرر وغيره،
وصححه في النظم وشرح الحارثي وغيرهما، قال في
الفائق: هذا قول الجمهور.
المسألة الثانية-7: نفقتها هل تجب على مالك
نفعها أو رقبتها؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: تجب على مالك الرقبة، وهو الذي ذكره
الشريف أبو جعفر مذهبا لأحمد، وبه قطع أبو
الخطاب في رءوس المسائل، وابن بكروس3 وصاحب
الوجيز وغيرهم، وقدمه في الرعايتين والحاوي
الصغير والفائق وغيرهم.
والوجه الثاني: تجب على مالك المنفعة، وهو
الصحيح، صححه في التصحيح، واختاره الشيخ
الموفق والشارح، وجزم به في المنور ومنتخب
الآدمي، وقدمه في
ـــــــ
1 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/368.
2 8/462.
3 هو: علي بن محمد بن المبارك، أبو الحسن
الحنبلي، له مصنفات منها"رؤوس المسائل"
و"الأعلام". "ت576". "شذرات الذهب" 4/256.
"ذيل طبقات الحنابلة" 1/348.
(7/474)
ونفعها بعد
الوصي لورثته، قطع به في الانتصار وأنه يحتمل
مثله في هبة نفع داره وسكناها شهرا وتسليمها،
وقيل: لورثة الموصي، وهل يعتبر خروج ثمنها من
ثلثه؟ أو ما قيمتها بنفعها وبدونه؟ فيه وجهان
"م 8".
ـــــــ
الخلاصة و"المحرر" و"النظم" و"تجريد العناية"
وغيرهم، وقيل: يكون في كسبها فإن عدم ففي بيت
المال، قال الشيخ في "المغني"1 والشارح: فإن
لم يكن لها كسب فقيل في بيت المال، قال
الحارثي: هو قول الأصحاب. وقال الشيخ والشارح
عن القول بكونه في كسبها: هو راجع إلى إيجابها
على صاحب المنفعة انتهى.
ولهذا والله أعلم لم يذكر المصنف إلا وجهين،
وأكثر الأصحاب ذكر ثلاثة أوجه، وأطلقها2 في
الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب
والكافي3 والمقنع4 وشرح ابن منجا وغيرهم.
مسألة-8: قوله: "وهل يعتبر خروج ثمنها من
ثلثه؟ أو ما قيمتها بنفعها وبدونه؟ فيه وجهان"
انتهى
أطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب
والمغني5 والمقنع6 والشرح6 وشرح ابن منجا
وغيرهم.
أحدهما: يعتبر جميعها من الثلث، وهو الصحيح،
وهو ظاهر كلامه في الوجيز، وصححه في التصحيح،
وقدمه في "الرعايتين" و"الحاوي الصغير"
و"الفائق" و"شرح الحارثي" وغيرهم.
ـــــــ
1 8/461.
2 في "ط": "أطلقهما".
3 4/52.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/373.
5 8/459.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف
17/364-465.
(7/475)
وإن وصى بنفعها
وقتا فقيل كذلك، وقيل: يعتبر وحده من ثلثه،
لإمكان تقويمه مفردا "م 9".
ويصح بيعها، ويصح بمال الكتابة والولاء لسيده،
وبالمكاتب وهو كمشتريه، ويصح به لزيد وبدينه
لعمرو، ويعتق بأدائه ويملكه زيد بعجزه، فتبطل
وصية عمرو مطلقا فيما بقي، وإن قال ضعوا نجما
فما شاء وارثه، وإن قال أكثر ما عليه ومثل
نصفه وضع فوق نصفه وفوق ربعه، وإن قال ما شاء
فالكل، وقيل: لا، كما شاء من مالها، وفي
الخلاف فيمن مات وعليه زكاة أن الوصية لا تصح
بمال الكتابة والعقل، لأنه غير مستقر، وإن وصى
بكفارة أيمان فأقله ثلاثة، نقله حنبل والله
أعلم.
ـــــــ
والوجه الثاني: تقوم بمنفعتها ثم تقوم مسلوبة
المنفعة، فيعتبر مما بينهما، اختاره1 القاضي،
وقدمه في الخلاصة والنظم.
مسألة-9: قوله: "وإن وصى بنفعها وقتا فقيل
كذلك، وقيل: يعتبر وحده من ثلثه، لإمكان
تقويمه منفردا" انتهى.
وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب:
أحدهما: حكمها حكم المنفعة على التأبيد، وهو
المسألة التي قبلها، وعليه الأكثر، منهم
القاضي، وقدمه في الخلاصة والنظم والرعايتين
والحاوي الصغير والفائق وشرح الحارثي وغيرهم
من الأصحاب.
والوجه الثاني: إن وصى بمنفعته على التأبيد
اعتبرت قيمة الرقبة بمنافعها من الثلث، لأن
عبدا لا منفعة له لا قيمة له، وإن كانت الوصية
بمدة معلومة اعتبرت المنفعة فقط من الثلث،
اختاره في المستوعب فقال: هذا الصحيح عندي.
فهذه تسع مسائل في هذا الباب.
ـــــــ
1 في "ط": "اختاره".
(7/476)
باب عمل
الوصايا
مدخل
...
باب عمل الوصايا
إذا أوصى له بمثل نصيب وارث عينه فله مثل1
نصيبه مضموما إلى المسألة. وفي الفصول احتمال
ولو لم يرثه موص بمثل نصيبه لمانع، وإن لم
يعينه فله كأقلهم نصيبا مضموما، فمع ابن نصف،
ومع زوجة تسع، وكذا وصيته بنصيبه، لأنه أمكن
تصحيح كلامه بحمله على الأصل، وهو اعتباره،
فنحمله على المجاز، ولأنه لو وصى بماله صح، مع
تضمنه الوصية بنصيب الورثة، وقيل: لا يصح،
لأنه وصى بحقه كداره وبما يأخذه من إرثه.
وإنما تصح في التولية بعتكه بما اشتريته به،
للعرف، فيتوجه الخلاف في بعتكه بما باع به
فلان عبده ويعلمانه، وقالوا: يصح، وظاهره يصح
البيع ولو كان الثمن عرضا، وذكر بعضهم لا،
لاستدعاء التولية المثل، وإن قال كأعظمهم فله
مثله، ذكره في الترغيب، وإن وصى بمثل نصيب
ولده وله ابن وبنت فله مثل نصيب بنت، ونقله
ابن الحكم.
وبمثل نصيب وارث لو كان، فله مثل نصيبه لو كان
موجودا، فمع ابنين الربع، ومع أربعة السدس،
فصحح مسألة عدم الوارث ثم وجوده، ثم اضرب
إحداهما في الأخرى، ثم اقسم ما ارتفع على
مسألة وجوده، فما خرج أضفه، إلى ما ارتفع، وهو
للموصى له، واقسم ما ارتفع بين الورثة وكذا
العمل لو وصى بمثل نصيب وارث إلا بمثل نصيب
وارث لو كان، فلو خلف خمسة بنين ووصى بمثل
نصيب أحدهم إلا بمثل نصيب ابن سادس
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ليست في "ط".
(7/477)
لو1 كان، فاضرب
مسألة عدمه خمسة، في مسألة وجوده ستة، يكن
ثلاثين، فاقسمه على مسألة2 الوجود، لكل واحد
خمسة، وعلى العدم لكل واحد ستة، فقد وصى بستة
واستثنى خمسة، فله سهم يضاف إلى الثلاثين ذكره
أبو الخطاب، ومعناه للشيخ و"المحرر" وغيرهما،
وفي بعض نسخ "المقنع"3 المقروءة أربعة بنين
وصى بمثل نصيب أحدهم إلا بمثل نصيب ابن سادس
لو كان، قاله صاحب "النظم".
وأن على هذا يصح أنه وصى بالخمس إلا السدس،
كذا قال، مع قوله في النسخ المعروفة: أربعة
أوصى بمثل نصيب خامس لو كان إلا بمثل نصيب2
سادس لو كان، على قياس ما ذكروا أوصى له4
بالسدس إلا السبع، فيكون له سهمان من اثنين
وأربعين وكذا قال الحارثي إنه قياس ما ذكروه،
وإن قولهم أوصى بالخمس إلا السدس صحيح،
باعتبار أن له نصيب الخامس المقدر غير مضموم،
وإن النصيب المستثنى هو السدس،
ـــــــ
تنبيهان
"5الأول قوله: "أوصى له بالسدس إلا السبع
فيكون له سهمان من اثنين وأربعين" انتهى.
فقوله "له سهمان "6من اثنين وأربعين6" سبقة
قلم والصواب سهم مزاد على اثنين وأربعين، أو
يقال له سهمان مزادان على أربعة وثمانين فإنها
تصح من ذلك5".
ـــــــ
1 في "ط": "له".
2 ليست في "ر".
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/412.
4 ليست في الأصل
5-5 ليست في "ح".
6-6 ليست في "ط".
(7/478)
وهو طريقة
الشافعية، وما قاله الحارثي صحيح، يؤيده أن في
نسخة مقروءة على الشيخ: أربعة، أوصى بمثل نصيب
أحدهم إلا بمثل نصيب ابن خامس لو كان، فقد
أوصى له بالخمس إلا السدس.
ويوافق هذا قول ابن رزين في ابنين ووصى بمثل
نصيب ثالث لو كان الربع1، وإلا مثل نصيب رابع
لو كان سهم من أحد وعشرين.
ولو وصى بضعف نصيب ابنه فمثلاه، وبضعفيه2
بثلاثة أمثاله وبثلاثة أضعافه أربعة أمثاله.
وقال الشيخ: ضعفاه مثلاه وثلاثة أضعافه ثلاثة
أمثاله.
ولو وصى بحظ أو قسط أو نصيب أو جزء أو شيء
أعطاه وارثه ما يتمول، وبثلثه إلا حظا أعطى ما
يصح استثناؤه، وبسهم من ماله فهو سدسه، ولو
كان عائلا مضموما إليه، نقله ابن منصور، وقيل:
سدسه كله، أطلقه في رواية حرب، وأطلقه في
"المحرر" و"الروضة"، وعنه: له سهم مما تصح منه
المسألة مضموما إليها، اختاره الخرقي، وعنه:
له مثل أقلهم مضموما إليها، اختاره الخلال
وصاحبه. وقال القاضي وجماعة: عليهما لا يزاد
على السدس. وقال الشيخ: إن صح في لغة أو أثر
أنه السدس فكسدس موصى به، وإلا فكجزء.
ـــــــ
الثاني: قوله: فيما إذا أوصى بسهم من ماله
"وعنه: له سهم مما تصح منه المسألة مضموما
إليها اختاره الخرقي" ليست هذه الرواية
باختيار الخرقي، وإنما هي رواية مؤخرة ذكرها
وقدم ما قدمه المصنف فقال: فإذا أوصى له بسهم
من ماله أعطى السدس وقد روي عن أبي عبد الله
رواية أخرى: يعطي سهما مما تصح منه الفريضة"
انتهى.
ـــــــ
1 في "ر": "الثلث".
2 ليست في "ط".
(7/479)
فصل: و إن وصى بجزء معلوم
...
فصل: وإن وصى بجزء معلوم
كثلث فخذه من مخرجه واقسم البقية على مسألة
الورثة، فإن لم يصح ضربت المسألة أو وفقها
للبقية في المخرج، فتصح مما بلغ، ثم ما للوصي
مضروب في مسألة الورثة أو وقفها أو ما لكل
وارث في بقية المخرج بعد الوصية أو في وقفه،
وكذا إن وصى بأجزاء تعبر الثلث وأجيزت، وإن
ردت أخذتها من مخرجها فجعلتها ثلث المال، فإذا
وصى بنصف وربع وله ابنان فأجازا صحت من
ثمانية، وإن ردا جعلت الثلث ثلاثة وللابنين
ستة وإن أجازا لأحدهما ضربت مسألة الإجازة في
مسألة الرد تكن1 اثنين وسبعين.
للمجاز له سهم من مسألته في الأخرى، وكذا من
رد عليه، والباقي للابنين وإن أجاز ابن لهما
ورد الآخر فله سهمه من الإجازة في مسألة الرد،
ولمن رد سهمه من الرد في الإجازة والباقي
للوصيين على ثلاثة، وإن أجاز واحد لواحد أو كل
واحد لواحد فاعمل مسألة الرد وخذ من المجيز
لمن أجاز له ما يدفعه بإجازتها له، فإن انكسر
فابسط الكل من جنسه، ولو عبرت الوصايا المال
فكمسألة عائلة، نص عليه، فنصف وثلثان من سبعة
فالمال يقسم مع الإجارة عليها والثلث مع الرد،
ومال2 ونصفه من ثلاثة، نص عليه، وجزم به
الأكثر، وفي الترغيب وجه فيمن وصى بماله
لوارثه ولآخر بثلثه وأجيز فللأجنبي ثلثه، ومع
الرد هل
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 ليست في "ر".
(7/480)
الثلث بينهما
على ثلاثة أو أربعة أو للأجنبي؟ فيه الخلاف.
ولو وصى لزيد بماله ولعمرو بثلثه وله ابنان
فأجازا فالمال أرباعا، لزيد نصف وربع، ولعمرو
ربع، وإن ردا فالثلث كذلك ولكل ابن أربعة.
وإن أجازا لزيد فلعمرو ربع الثلث والبقية
لزيد، أعطى له وصيته أو الممكن منها، وقيل:
ثلاثة أرباعه، كالإجازة لهما، وإن أجازا لعمرو
فله تتمة الثلث، وقيل: تتمة الربع، ولزيد
ثلاثة أرباع الثلث، وإن أجاز ابن لهما أخذا ما
معه أرباعا، وإن أجاز لزيد أخذ ما معه، وقيل:
ثلاثة أرباعه، وإن أجاز لعمرو أخذ نصف تتمة
الثلث، وقيل: نصف تتمة الربع، وقيل: الثلث أو
الربع.
(7/481)
فصل: وإن وصى لزيد بعبد قيمته مائة و لعمرو
بثلث ماله ...الخ
...
فصل: وإن وصى لزيد بعبد قيمته مائة ولعمرو
بثلث ماله
وماله غير العبد مائتان فلزيد ثلاثة أرباع
العبد، ولعمرو ربعه وثلث المائتين، ومع الرد
لزيد نصفه، ولعمرو سدسه وسدس المائتين. وطريقه
أن تعطي كل واحد مما وصى له بقدر نسبة الثلث
إلى مجموعهما، وقيل: يقسم الثلث بينهما على
حسب1 ما لهما في الإجارة، اختاره الشيخ: لزيد
ربع العبد وخمسه، ولعمرو عشرة ونصف عشره وخمس
المائتين.
وطريقه أن تنسب الثلث إلى الحاصل لهما مع
الإجازة، فتعطي كل واحد بقدر النسبة. ولو وصى
بثلثه لزيد وبمائة لعمرو وبتمام ثلث آخر عليها
لبكر وثلثه مائة بطلت وصية بكر والثلث بينهما،
وإن جاوز المائة فأجيز،
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 ليست في "ر".
(7/481)
نفذ، وإن رد
فلكل نصف1 وصيته، في اختيار الشيخ.
وقيل: إن جاوز مائتين فلزيد نصف وصيته، ولعمرو
مائة، ولبكر نصف الزائد، وإن جاوز مائة فلزيد
نصف وصيته، وبقية الثلث لعمرو مع معادته ببكر،
وقيل: تبطل وصية بكر هنا "م 1".
ولو وصى له بعبد ولآخر بتمام الثلث فهلك العبد
قبل الموصي ألقيت قيمته من ثلث التركة بعد
تقويمها بدونه، ثم البقية للتمام، ولو وصى
لوارث وغيره بثلثيه اشتركا مع الإجازة ومع
الرد على الوارث الآخر2 الثلث،
ـــــــ
مسألة-1: قوله: "ولو وصى بثلثه لزيد، وبمائة
لعمرو، وبتمام ثلث آخر عليها3 لبكر وثلثه مائة
بطلت وصية بكر والثلث بينهما، وإن جاوز المائة
فأجيز نفذ، وإن رد فلكل نصف وصيته، في اختيار
الشيخ، وقيل إن جاوز مائتين فلزيد نصف وصيته،
ولعمرو مائة، ولبكر نصف الزائد، وإن جاوز مائة
فلزيد نصف وصيته، وبقية الثلث لعمرو مع
معاودته ببكر، وقيل: تبطل وصية بكر هنا"
انتهى.
ما اختاره الشيخ هو الصحيح، قطع به في الوجيز
وغيره، وقدمه في المحرر4 والنظم والرعايتين
والحاوي الصغير والفائق وغيرهم.
والقول الثاني: اختاره القاضي، قال الحارثي:
والأصح ما قال القاضي، "5وصححه المحرر فيما
إذا جاوز الثلث مائتين5".
والقول الثالث: اختاره المجد في محرره،
"5فوافق المجد القاضي فيما إذا جاوز الثلث
مائتين، وخالفه فيما إذا جاوز المائة،
فأبطلها5".
ـــــــ
1 في الأصل: "نصفه".
2 في "ط": "للآخر".
3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
4 ليست في "ط".
5-5 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(7/482)
وقيل: نصفه
كوصيته لهما بثلثيه والرد على الوارث، وإن
ردوا ما جاوز الثلث1 لا وصيته عينا فالثلث
بينهما، وقيل: للآخر، وقيل: له السدس، وإن
أجيز للوارث فله الثلث، وكذا الأجنبي، وقيل:
السدس.
ـــــــ
.........................................
ـــــــ
1 بعدها في "ط": "و".
(7/483)
فصل: وإن وصى لزيد بثلث ماله و لعمرو بمثل
نصيب أحد ابنيه
...
فصل: وإن وصى لزيد بثلث ماله ولعمرو بمثل نصيب
أحد ابنيه
فقيل: لكل منهما الثلث مع الإجازة،
كانفرادهما، والسدس مع الرد، وتصح من ستة،
وقيل: لعمرو كابن بعد إخراج الثلث "م 2".
وهو ثلث الباقي تسعان، وفي الرد لهما الثلث
على الخمسة، وإن كانت وصية زيد بثلث باقي
المال فعلى الأول لعمرو الثلث، ولزيد ثلث
الباقي مع
ـــــــ
مسألة-2: قوله: "وإن وصى لزيد بثلث ماله
ولعمرو بمثل نصيب أحد ابنيه فقيل لكل منهما
الثلث مع الإجازة، كانفرادهما، والسدس مع
الرد، وتصح من ستة، وقيل لعمرو كابن بعد إخراج
الثلث" انتهى. وأطلقهما في المغني1 والكافي2
والمقنع3 والمحرر والشرح4 وغيرهم:
أحدهما: لصاحب النصيب ثلث المال عند الإجازة،
وعند الرد يقسم الثلث بين الوصيين نصفين، وهو
الصحيح، قال في الهداية: هذا قياس المذهب
عندي، وقطع به في الوجيز وغيره، وقدمه في
الرعايتين والحاوي الصغير.
والقول الثاني: لصاحب النصيب مثل ما يحصل لابن
وهو ثلث الباقي وذلك التسعان عند الإجازة،
وعند الرد يقسم الثلث بينهما على خمسة، وهو
احتمال في
ـــــــ
1 8/433.
2 4/39.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/440.
(7/483)
الإجازة، ومع
الرد الثلث على خمسة، وعلى الثاني فيه دور،
لتوقف معرفة كل من ثلث الباقي ونصيب ابن على
الآخر، فاجعل المال ثلاثة أسهم ونصيبا،
فالنصيب لعمرو، ولزيد ثلث الباقي سهم، ولكل
ابن سهم فهو النصيب.
وبالباب تضرب مخرج كل وصية في الأخرى تكن
تسعة، ألق منها دائما واحدا من مخرج الوصية
بالجبر1 فالنصيب سهمان، وتصح من ثمانية، وإن
شئت قلت للابنين سهمان، ثم تقول: هذا مال ذهب
ثلثه فزد عليه مثل نصفه فيصير ثلاثة، ثم زد
مثل نصيب ابن لوصيه النصيب فيصير أربعة
وبالجبر خذ مالا وألق منه نصيبا وثلث باقيه
يبقى ثلث مال إلا ثلثي نصيب يعدل نصيبين، اجبر
وقابل وابسط من جنس الكسر، ثم اقلب فاجعل
المال ثمانية والنصيب اثنين.
وإن وصى له بمثل نصيب أحد بنيه الثلاثة إلا
ربع المال فمخرج الكسر أربعة، زده ربعه يصير
خمسة ; فهو النصيب، وزد على عدد البنين واحدا،
واضربه في مخرج الكسر يصر ستة عشر، فللموصى له
سهم، وإن شئت قلت فضل كل ابن بربع، فلكل ابن
ربع يبقى ربع اقسمه بينه وبينهم، فله نصف ثمن
سهم من ستة عشر.
ـــــــ
الهداية، وقدمه في المستوعب، قال الحارثي:
وهذا أصح بلا مرية، وهو كما قال: والتفريع
الذي ذكره المصنف بعد ذلك على هذين القولين
وهي مسألة واحدة، ففي هذا الباب ثلاث مسائل.
ـــــــ
1 في الأصل: "بالجزء".
(7/484)
ولو قال إلا
ربع الباقي بعد النصيب، فالباقي بعده مال إلا
نصيبا، زده ربعه، اجبر وقابل فيصير مالا وربعا
وأربعة أنصباء وربعا، ابسط من جنس الكسر يصير
خمسة أموال وسبعة عشر "1نصيبا، فاجعل المال
سبعة عشر1"، والنصيب خمسة، فالوصية اثنان، ولو
قال إلا ربع الباقي بعد الوصية فالباقي بعدها
أنصباء بنيه ثلاثة، فألق ربعها من نصيب الوصي
يبقى ربعه هو الوصية، زده على أنصباء الورثة2
وابسطها أرباعا، فله سهم من ثلاثة عشر.
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1-1 ليست في "ر".
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(7/485)
باب الموصى إليه
تصح الوصية إلى رشيد عدل ولو رقيق بإذن سيده،
وعنه: تصح إلى مميز، وعنه مراهق، ومثله سفيه،
وإلى فاسق ويضم إليه أمين إن أمكن الحفظ به،
وذكرها جماعة في فسق طارئ فقط، وقيل: عكسه.
ـــــــ
تنبيه: قوله: "وإلى فاسق ويضم إليه أمين "1إن
أمكن الحفظ به، وذكرها2 جماعة في فسق طارئ
فقط، وقيل عكسه" انتهى.
ظاهر هذه العبارة أن الفاسق تصح الوصية إليه
ويضم إليه أمين1"، والخلاف إنما هو في الطريان
وعدمه، واعلم أن الصحيح من المذهب أنها لا تصح
إلى فاسق، وعليه أكثر الأصحاب، منهم القاضي
وعامة أصحابه، كالشريف وأبي الخطاب في
خلافيهما، والشيرازي وابن عقيل في التذكرة،
وابن البنا وغيرهم، واختاره ابن عبدوس في
تذكرته، وجزم به في الوجيز وغيره، وقدمه في
الهداية والخلاصة والكافي3 والمحرر والنظم
والحاوي الصغير وغيرهم، ونصره الشيخ الموفق
والشارح وغيرهما، وعنه: تصح إلى فاسق ويضم
إليه أمين، قاله الخرقي وابن أبي موسى، وقدمه
في الفائق، وهو الذي قاله المصنف، قال القاضي:
هذه الرواية محمولة على من طرأ فسقه بعد
الوصية، وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب،
والذي يظهر لي أن في كلام المصنف نقصا، وهو:"
وعنه: وإلى فاسق" فلفظة" وعنه" سقطت من
الكاتب، ويدل على ذلك قوله: "وذكرها جماعة في
ـــــــ
1-1 ليست في "ص".
2 في "ح": "ذكر"
3 4/61.
(7/486)
وتصح إلى عاجز،
خلافا للترغيب، ويضم إليه أمين، واختار ابن
عقيل إبداله، وفي الكافي1: للحاكم إبداله، ولا
نظر لحاكم مع وصي خاص كاف. قال شيخنا فيمن وصى
إليه بإخراج حجه: ولاية الدفع والتعيين للناظر
الخاص ع وإنما للولي العام الاعتراض لعدم
أهليته أو فعله محرما، فظاهره: لا نظر ولا ضم
مع وصي متهم، وهو ظاهر كلام جماعة، وتقدم
كلامه في ناظر الوقف. ونقل ابن منصور إذا كان
الوصي متهما: لم يخرج من يده ويجعل معه آخر،
ونقل يوسف بن موسى: إن كان متهما ضم إليه رجل
يرضاه أهل الوقف بعلم ما جرى، ولا تنزع الوصية
منه، وترجمه الخلال: هل للورثة ضم أمين مع
الوصي2 المتهم؟ ثم إن ضمه بأجرة من الوصية
توجه جوازه، ومن الوصي فيه نظر، بخلاف ضمه مع
الفسق. وفي عيون المسائل: في ابتداء الحجر على
رشيد بذر ماله أنه مال يخشى ضياعه في غير
وجهه، فجاز للحاكم حفظه، كما لو وجد مال غيره
في مضيعة، أو3 رأى الحاكم الوصي يبذر مال
اليتيم.
ويعتبر إسلامه، فإن كان الموصي كافرا فوجهان
"م 1".
ـــــــ
فسق طارئ" فالضمير في قوله: "وذكرها" عائد إلى
الرواية، وهو واضح، فعلى هذا يكون المذهب كما
قلنا، وهو عدم الصحة، ولله الحمد، ثم وجدت
شيخنا قال. إنه عطف على مميز، والتقدير وعنه:
يصح إلى مميز وإلى فاسق" وهو حسن، لكن خلل بين
ذلك المراهق والسفيه.
مسألة-1: قوله: "فإن كان الموصي كافرا فوجهان"
انتهى.
يعني هل تصح وصية الكافر "4إلى كافر4" أم لا؟
أطلق الخلاف، وأطلقه في
ـــــــ
1 4/63.
2 في الأصل:"الموصي".
3 في النسخ الخطية "و".
4-4 ليست في "ص".
(7/487)
وتعتبر الشروط
عند الموت والوصية، وقيل: وبينهما، وقيل: يكفي
عند الموت، وقيل: وعند الوصية ويضم أمين. ومن
وصى إلى واحد ثم إلى آخر ولم يعزل الأول
اشتركا، نص على ذلك، ولا ينفرد أحدهما بتصرف
ـــــــ
"الفصول" و"المغني"1 و"الكافي"2 و"البلغة"
و"المحرر" و"الشرح3" و"النظم" و"الرعايتين"
و"الحاوي الصغير" و الزركشي وغيرهم:
أحدهما: يصح إذا كان عدلا، وهو الصحيح، قطع به
في المقنع3 والوجيز وتذكرة ابن عبدوس ومنتخب
الآدمي وغيرهم4، وقدمه ابن منجا في شرحه وابن
رزين. وقال الحارثي: وهو أظهر، واختاره
القاضي، قال المجد: وجدته بخطه" انتهى.
والوجه الثاني: لا يصح، قال في المستوعب: ولا
تصح الوصية إلى كافر. وقال في المذهب: ولا تصح
إلا5 إلى مسلم، وكذا هو ظاهر كلامه في الهداية
وغيره.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف والمجد وجماعة أن
الخلاف جار فيه ولو كان غير عدل، والظاهر أنهم
أرادوا العدل، كما صرح به جماعة، والذي يظهر
أن حكمه حكم المسلم، فحيث اشتراطنا العدالة في
المسلم ففي الكافر بطريق أولى، وإن لم نشترطها
في المسلم فيحتمل الاشتراط في الكافر، وهو
أولى، ويحتمل عدمه، وأما أن نشترط العدالة في
المسلم ولم نشترطها في الكافر فبعيد جدا، بل
لا يصح.
ـــــــ
1 8/553.
2 4/61.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/493.
4 في "ط": "وغيره".
5 ليست في "ط".
(7/488)
لم يجعله له،
نص عليه، قيل له: فإن أخذ بعض المال دونه وقال
لا أدفعه إليك، فقال: إنما عليه الجهد،
فليجتهد فيما ظهر له، وما غاب عنه فليس عليه،
قيل: فيرفع أمرهما إلى الحاكم ويبرأ منها؟
قال: نعم. ومن وجد منه ما يوجب عزله قال
الشيخ: أو غاب لزم ضم أمين، فإن وجد منهما ففي
الاكتفاء بواحد وجهان "م 2".
وإن حدث عجز لضعف أو علة أو كثرة عمل ونحوه
فقيل: يضم
ـــــــ
مسألة-2: قوله: "ومن وجد منه ما يوجب عزله قال
الشيخ: أو غاب لزم1 ضم أمين، فإن وجد منهما
ففي الاكتفاء بواحد وجهان" انتهى.
يعني لو وجد منهما ما يوجب عزلهما، وأطلقهما
في الكافي2 والمغني3 والشرح4 والحاوي الصغير
والزركشي وغيرهم، قال في الفائق: ولو ماتا5
جاز إقامة واحد، في أصح الروايتين، قال في
الرعاية الكبرى: وإن وجد منهما ما يوجب عزلهما
جاز أن يقيم الحاكم بدلها واحدا، في الأصح.
وقال في الصغرى: وإن ماتا جاز أن يقيم الحاكم
بدلهما6 واحدا، في الأصح، قال ابن رزين: فإن
تغير حالهما فله نصب واحد، وقيل: لا ينصب إلا
اثنين" انتهى.
إذا علم ذلك فالصحيح جواز الاكتفاء بواحد، قال
ابن نصر الله في حواشيه: أظهر الوجهين يكفي
واحد" انتهى.
والقول الآخر لا بد من اثنين قلت: وهو قوي،
هذا إذا لم تكن قرينة تدل على الاكتفاء بواحد
أو لزوم اثنين فيما يظهر، والله أعلم.
ـــــــ
1 ليست في "ص"، وفي "ح": "لزمه"، والمثبت من
"ط".
2 4/63.
3 8/559.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/475.
5 في "ط": "مات".
6 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
(7/489)
أمينا، وقيل:
له ذلك "م 3" وإن كان لكل منهما الصرف ولا عجز
لم يجز. قال في الأحكام السلطانية في العامل:
فإن كان فيه ناظر قبله فإن كان مما1 يصح فيه
الاشتراك فإن لم يجر2 به عرف كان عزلا للأول،
وإلا فلا. ولو وصى إليه إلى أن يبلغ أو يحضر
فلان أو إن مات ففلان صح، ويصير الثاني وصيا
عند الشرط، ذكره الأصحاب، أو هو وصي سنة ثم
عمر، وللخبر: "أميركم زيد" 3. والوصية
كالتأمير.
ويتوجه: لا، لأن الوصية استنابة بعد الموت،
فهي كالوكالة في الحياة، ولهذا هل للموصي أن
يوصي ويعزل من وصى إليه؟ ولا يصح إلا4 في
معلوم، وللموصي عزله وغير ذلك كالوكيل، فلهذا
لا يعارض ذلك ما ذكره القاضي وجماعة: إذا قال
الخليفة: الإمام بعدي فلان فإن مات فلان في
حياتي أو تغير حاله فالخليفة فلان صح، وكذا في
الثالث والرابع.
ـــــــ
مسألة-3: قوله: "وإن حدث عجز لضعف أو علة أو
كثرة عمل ونحوه فقيل: يضم أمينا، وقيل: له
ذلك" انتهى.
القول الأول: وهو وجوب ضم أمين هو الصحيح، جزم
به في المغني5 والشرح6، قال ابن رزين في شرحه:
متى عجز العدل عن النظر لعلة ونحوها ضم إليه
أمين ولم ينعزل، إجماعا انتهى.
والقول الثاني: له ضم أمين، من غير إيجاب.
ـــــــ
1 بعدها في "ر": "لا".
2 في "ط": "يجز".
3 أخرج البخاري "4261" عن عبد الله بن عمر رضي
الله عنهما قال: أمر رسول الله صلى الله عليه
وسلم في غزوة مؤتة زيد بن حارثة، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: "إن قتل زيد فجعفر،
وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة..." الحديث.
4 ليست في الأصل.
5 8/556.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/479.
(7/490)
وإن قال: فلان
ولي عهدي، فإن ولي ثم مات ففلان بعده، لم يصح
للثاني، وعللوه بأنه إذا ولي وصار إماما حصل
التصرف والنظر والاختيار إليه، فكان العهد
إليه فيمن يراه، وفي التي قبلها جعل العهد إلى
غيره عند موته وتغير صفاته في الحالة التي لم
تثبت للمعهود إليه إمامة.
وظاهر هذا أنه لو علق ولي الأمر ولاية حكم أو
وظيفة بشرط شغورها أو بشرط فوجد الشرط بعد موت
ولي الأمر والقيام مقامه أن ولايته تبطل، وأن
النظر والاختيار لمن قام مقامه، يؤيده أن
الأصحاب اعتبروا ولاية الحكم بالوكالة في
مسائل، وأنه لو علق عتقا أو غيره بشرط بطل
بموته، قالوا: لزوال ملكه، فتبطل تصرفاته، قال
في المغني1 وغيره: ولأن إطلاق الشرط يقتضي
الحياة، ولهذا لو علق عتقا منجزا بشرط فوجد
بعد موت المعلق لم يعتق، إذا بطل العتق وغيره
مع أن فيه حقا لله، ولهذا لو اتفقا على إبطال
الشرط بطل2 فها هنا أولى، وقد يقال: ظاهر هذا
أنه لو قال لعبده عمرو إن قمت فأنت وعبدي زيد
حران فباعه ثم قام أو قال: إن قمت فأنت طالق
وعبدي زيد حر فأبانها ثم قامت أنه لا يعتق
زيد. وقال صاحب "الرعاية": يحتمل عتقه وعدمه.
وللوصي قبولها حياة الموصي وبعد موته ويعتبر
قبولها، وله عزل نفسه فيهما. وفي المحرر: إذا
وجد حاكما، ونقله الأثرم وحنبل، وعنه: لا بعد
موته، وعنه: ولا قبله إذا لم يعلم، قيل لأحمد:
إن قبلها ثم غير فيها الموصي؟
ـــــــ
...............................
ـــــــ
1 14/414.
2 ليست في النسخ الخطية.
(7/491)
قال: لا يلزمه
قبولها إذا غير فيها، وما أنفقه وصي متبرع
بمعروف في ثبوتها من يتيم، ذكره شيخنا.
ولا تصح وصية إلا في معلوم يملكه الموصي،
كالوكالة، كقضاء دينه، وتفرقة ثلثه، والنظر
لصغاره، وحد قذفه يستوفيه لنفسه لا للموصى له،
لا باستيفاء دينه مع رشد وارثه. وفي الانتصار
منع وتسليم في وكالة عامة، كبيع ماله وصرفه في
كذا وتصرفه في مال أطفاله بكل قليل وكثير، وأن
الوصية تصح كالأب للمصلحة، كمضاربة، يؤيد ما
ذكره في رواية الميموني فيمن أوصى إليه في شيء
لا يتجاوزه.
فإن أوصى إليه في تركته وأن يقوم مقامه فهذا
وصي في جميع أمره، يبيع ويشتري إذا كان نظرا
لهم، وإن وصاه بتفرقة ثلثه أو قضاء دينه فأبى
الورثة أو جحدوا وتعذر ثبوته ففي جواز قضائه
باطنا وتكميل ثلثه من بقية ماله روايتان "م 4
و 5".
ـــــــ
مسألة-4-5: قوله: "وإن وصاه بتفرقة ثلثه أو
قضاء دينه فأبى الورثة أو جحدوا وتعذر ثبوته
ففي جواز قضائه باطنا وتكميل ثلثه من بقية
ماله روايتان" انتهى. وأطلقهما في الفائق، فيه
مسألتان:
المسألة الأولى-4: إذا وصى بقضاء دينه وأبى
الورثة أو جحدوا وتعذر ثبوته فهل يسوغ قضاؤه
باطنا أم لا؟ أطلق الخلاف:
أحدهما: يسوغ، وهو الصحيح، وبه قطع في الوجيز
وغيره، وقدمه في الخلاصة والمغني1 والمقنع2
والشرح2 والرعايتين والحاوي الصغير والفائق
وغيرهم، قال ابن منجا في شرحه: هذا المذهب،
ـــــــ
1 8/562.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/490.
(7/492)
وقيل له في
رواية أبي داود مع عدم البينة في الدين: أيحل
له إن لم ينفذه؟ قال: لا، فإن فرقه ثم ظهر دين
مستغرق أو جهل موصى له فتصدق هو أو حاكم به ثم
ثبت لم يضمن، على الأصح، وفي حبس البقية
ليعطوه ما عندهم أو يعطيهم ويطالبهم بالثلث
روايتان "م 6" ومع بينة في لزوم قضائه بلا
ـــــــ
وعنه: لا يقضيه بغير علمهم إلا ببينة، وعنه:
يقضيه إن أذن فيه حاكم، قال في الهداية
والمستوعب: اختاره أبو بكر.
المسألة الثانية-5: إذا أوصى بتفرقة ثلثه وأبى
الورثة إخراج ثلث ما بأيديهم أو جحدوا وتعذر
ثبوته فهل يكمل الثلث مما في يده أو يخرج ثلث
ما في يده فقط؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في
المغني1 والمحرر والشرح2 والنظم وغيرهم:
أحدهما: يخرجه كله مما في يده، وهو الصحيح،
وبه قطع في الوجيز وغيره، وقدمه في الهداية
والمستوعب والخلاصة والمقنع2 والرعايتين
والحاوي الصغير وشرح ابن رزين والفائق وغيرهم.
والرواية الثانية: يخرج ثلث من في يده، قال
الشيخ وتبعه الشارح: ويمكن حمل الروايتين على
اختلاف حالين، فالأولى محمولة على ما إذا كان
المال جنسا واحدا، والثانية محمولة على ما إذا
كان المال أجناسا، فإن الوصية تتعلق بثلث كل
جنس، وذكره في الرعاية قولا.
مسألة-6: قوله: "وفي حبس البقية ليعطوه ما
عندهم أو يعطيهم ويطالبهم بالثلث الروايتان"
انتهى:
أحدهما: يحبس البقية عنده ليعطوه ما عندهم،
وهو الصحيح، وعليه الأكثر قال3 في الفصول،
ونصر شيخنا المنصور عندنا4، وهو أن يحبس
الباقي بعد إخراج
ـــــــ
1 8/562.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/488.
3 ليست في "ط".
4 ليست في "ص".
(7/493)
حاكم وقال
الشيخ: في جوازه روايتان، ما لم يوافقه وارثه
المكلف "م 7" وفي براءة المدين باطنا بقضائه
دينا يعلمه على الميت الروايتان "م 8".
ـــــــ
ثلث ما في يده، فإن أخرجوه وإلا رده إليهم"
انتهى.
والرواية الثانية: يعطيهم ويطالبهم "1بالثلث،
اختاره أبو بكر في "التنبيه" فقال فيه: لا
يحبس الباقي بل يسلمه إليهم ويطالبهم1" بثلث
ما في أيديهم انتهى.
تنبيه: قطع المصنف هذه المسألة عن المسألة
الأولى، وأطلق الخلاف، ولم أره لغيره، بل الذي
حكاه الأصحاب ثلاث روايات: تكميل الثلث مما في
يده، وإخراج ثلث ما في يده، ويحبس الباقي
ليخرجوا ثلث ما بأيديهم، وما اختاره أبو بكر
وما قاله صحيح لا يخرج عما قالوه.
مسألة-7: قوله: "ومع وجود البينة في لزوم
قضائه بلا حاكم روايتان، وعند الشيخ هما في
الجواز دون اللزوم إذا لم يوافقه الوارث
المكلف" انتهى. وأطلقهما في المغني2 والشرح3
والرعاية والنظم والفائق وغيرهم:
إحداهما: لا يشترط الحاكم، بل تكفي الشهادة
عند الموصى إليه، وهو الصحيح، قال ابن أبي
المجد: لزمه قضاؤه بدون حضور حاكم، على الأصح،
وقدمه ابن رزين في شرحه.
والرواية الثانية: لا بد من شهادة البينة عند
الحاكم، وهو الأحوط.
مسألة-8: قوله: "وفي براءة المدين باطنا
بقضائه دينا يعلمه على الميت الروايتان"
انتهى.
يعني إذا كان للميت دين على شخص وعليه دين
لآخر فهل يجوز لمن عليه الدين أن يدفع إلى من
له الدين على الميت إذا كان يعلم ويبرأ باطنا
أم لا؟ ذكر الروايتين
ـــــــ
1-1 ليست في "ط".
2 8/563.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/492.
(7/494)
قيل له: وصي
جعله الورثة ببيت وأغلقوا عليه ولم يخرجوه حتى
أشهد لهم وخرج منها، قال: لا يجوز له يجد1
جهده ولا يدفعها إليهم، قيل له في رواية أبي
داود: توفي وترك ورثة وغرماء، قال: لا يدفع
المال إليهم حتى يحضر الغرماء.
وللمدين دفع الدين الموصى به لمعين إليه وإلى
وصي الميت وإن لم يوص به، ولا يقبضه عينا،
وإلى الوارث والوصي، وقيل: أو للوصي، وإن صرف
أجنبي الموصى به لمعين وقيل: أو لغيره في
جهته، لم يضمنه. وإن وصاه بإعطاء مدع دينا
بيمينه نقده من رأس ماله، قاله شيخنا، ونقل
ابن هانئ، ببينة، ونقله عبد الله، ونقل: يقبل
مع صدق المدعي، ونقل صالح: أنه أوصى أن
لفوران2 علي نحو خمسين دينارا وهو يصدق فيما
قال يقضي من غلة الدار ثم يعطي ولد صالح كل
ذكر وأنثى عشرة دراهم "3عشرة دراهم3"4. ونقل
ابن هانئ5 فيمن وصاه بدفع مهر امرأته: لم
ـــــــ
بالتعريف، وهما المذكورتان فيما إذا جحد
الورثة دينا يعلمه الموصى إليه، قاله في
المحرر وغيره، وأطلقهما، وقد علمت الصحيح
منهما.
والصواب البراءة منه باطنا، وقدمه في الرعاية
وغيره.
والرواية الثانية: لا يبرأ بالدفع إلى من له
الدين على الميت، قدمه ابن رزين في شرحه، وهو
قوي، والأولى أن ينظر إن كان ثم من يدفع إلى
من له الدين من الموصى
ـــــــ
1 في الأصل: "بجهده".
2 في "ط": "لفوزان"، وفوران هو: أبو مات محمد
عبد الله بن محمد بن المهاجر، كان من أصحاب
أحمد الذين يقدمهم، ويأنس بهم، ويستقرض منهم،
مات أبو عبد الله وله عنده خمسون ديناراً،
فأوصى أن يعطى من غلته فلم يأخذها فوران بعد
موته وأحله منها. "المنهج الأحمد" 1/223.
3-3 ليست في "ر".
4 هذا بعض ما أوصى به الإمام أحمد، ينظر:
"محنة الإمام أحمد" للمقدسي صفحة 196
بتحقيقنا.
5 في "ر": "صالح".
(7/495)
يدفعه مع غيبة
الورثة. وإذا قال: ضع ثلثي حيث شئت أو أعطه أو
تصدق به على من شئت، لم يبح له، في المنصوص،
وقيل: مع عدم قرينة، وكذا ولده ووارثه غنيا أو
فقيرا، نص عليه، وأباحه صاحب المغني والمحرر،
وذكر جماعة منع ابنه، وذكر آخرون: وأبيه، ولم
يزيدوا، وذكر ابن رزين في منع من يمونه وجها،
ولو قال: تصدق من مالي احتمل ما تناوله الاسم
واحتمل ما قل وكثر، لأنه لو أراد معينا عينه،
ذكرها في التمهيد في الزيادة على أقل الواجب
"م 9".
ومن أوصي إليه بحفر بئر بطريق مكة أو في
السبيل، فقال: لا أقدر، فقال الموصي: افعل ما
ترى، لم يجز حفرها بدار قوم لا بئر لهم، لما
فيه من تخصيصهم، نقله ابن هانئ، ولو أمره
ببناء مسجد فلم يجد عرصة لم يجز شراء عرصة
يزيدها في مسجد صغير، نص عليه، ولو قال: تدفع
هذا إلى يتامى فلان فإقرار بقرينة وإلا وصية،
ذكره شيخنا، وللوصي بيع عقار لورثة كبار أبوا
بيعه الواجب أو غابوا أو لهم ولصغار وللصغار
حاجة وفي بيع بعضه ضرر، نص عليه، وقيل: يبيع
بقدر دين ووصية1 وحصة صغار،
ـــــــ
إليه أو الورثة لم يكن له الدفع، وإلا جاز
وبرئ باطنا.
مسألة-9: قوله: "ولو قال تصدق من مالي احتمل
ما تناوله الاسم واحتمل ما قل وكثر، لأنه لو
أراد معينا عينه، ذكرها في التمهيد في الزيادة
على أقل الواجب" انتهى.
قلت: الصواب الرجوع في ذلك إلى القرائن والعرف
عند انتفاء ذلك.
القول الثاني: أقوى، والأحوط القول الأول.
ـــــــ
1 في "ط": "وصيته".
(7/496)
قيل لأحمد: بيع
الوصي الدور على الصغار يجوز؟ قال: إذا كانت
نظرا لهم لا على كبار يؤنس منهم رشد، هو كالأب
في كل شيء إلا في النكاح، قيل له: وإن لم يكن
أثبت وصيته عند القاضي؟ قال: إذا كانت له
بينة.
ومن مات ببرية ولا حاكم ولا وصي فلمسلم حوز
تركته وبيع ما يراه، وقيل: إلا الإماء، ويكفنه
منها ثم من عنده، ويرجع عليها أو على من تلزمه
نفقته إن نواه ولا حاكم، فإن تعذر إذنه أو
أباها رجع، وقيل: فيه وجهان، كإمكانه ولم
يستأذنه أو لم ينو مع إذنه "م 10 و 11" والله
أعلم.
ـــــــ
مسألة-10-11: قوله: "ومن مات ببرية ولا حاكم
ولا وصي فلمسلم حوز تركته وبيع ما يراه ويكفنه
منها ثم من عنده، ويرجع عليها أو على من تلزمه
نفقته إن نواه ولا حاكم، فإن تعذر إذنه أو
أباها رجع، وقيل: فيه وجهان، كإمكانه ولم
يستأذنه أو لم ينو مع إذنه" انتهى. أطلق
الخلاف في المقيس عليه، وشمل مسألتين:
المسألة الأولى-10: إذا أمكنه استئذان حاكم
ولم يستأذنه فهل يرجع بما تكلف عليه من كفن
وغيره إذا نوى الرجوع أم لا؟ أطلق الخلاف فيه:
أحدهما: يرجع إذا نوى الرجوع قلت: وهو الصواب،
وقواعد المذهب تقتضيه، بل هو أولى ممن أدى حقا
واجبا عن غيره.
والوجه الثاني: لا يرجع إذا لم يستأذن الحاكم
مع إمكانه.
المسألة الثانية-11: إذا استأذن الحاكم في صرف
ذلك فصرفه ولم ينو الرجوع فهل له الرجوع بذلك
أم لا؟ أطلق الخلاف.
أحدهما: يرجع ويكفي إذن الحاكم، وهو الصواب.
والوجه الثاني: لا يرجع، وهو قوي، وهي شبيهة
بما إذا أدى حقا واجبا عن غيره ولم ينو الرجوع
ولا التبرع، وإنما ذهل عن ذلك، وفيها خلاف،
والصحيح من المذهب عدم الرجوع، لكن إذن الحاكم
هنا يقوي الرجوع.
فهذه إحدى عشرة مسألة في هذا الباب.
(7/497)
|